شرح الزرقاني
على موطأ الإمام مالك [كِتَاب الْفَرَائِضِ] [بَاب مِيرَاثِ
الصُّلْبِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب
الْفَرَائِضِ بَاب مِيرَاثِ الصُّلْبِ
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ
الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ أَنَّ
مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ أَوْ وَالِدَتِهِمْ
أَنَّهُ إِذَا تُوُفِّيَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ وَتَرَكَا
وَلَدًا رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً
فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ
بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ بُدِئَ
بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ
ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ
وَمَنْزِلَةُ وَلَدِ الْأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ
يَكُنْ وَلَدٌ كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ
كَذُكُورِهِمْ وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ يَرِثُونَ
كَمَا يَرِثُونَ وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ فَإِنْ
اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ وَوَلَدُ الْابْنِ وَكَانَ
فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ
مَعَهُ لِأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الْابْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ
فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ
فَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الْابْنِ مَعَهُنَّ
إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الْابْنِ ذَكَرٌ هُوَ
مِنْ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ أَوْ هُوَ أَطْرَفُ
مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ هُوَ
بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ
الْأَبْنَاءِ فَضْلًا إِنْ فَضَلَ فَيَقْتَسِمُونَهُ
بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَإِنْ
لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ إِلَّا ابْنَةً
وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِابْنَةِ ابْنِهِ
وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ
الْأَبْنَاءِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ الْمُتَوَفَّى
بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ السُّدُسُ فَإِنْ كَانَ مَعَ
بَنَاتِ الْابْنِ ذَكَرٌ هُوَ مِنْ الْمُتَوَفَّى
بِمَنْزِلَتِهِنَّ فَلَا فَرِيضَةَ وَلَا سُدُسَ لَهُنَّ
وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ
الْفَرَائِضِ فَضْلٌ كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ
الذَّكَرِ وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ فَوْقَهُ
مِنْ بَنَاتِ الْأَبْنَاءِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ
شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي
كِتَابِهِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ
نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11]
قَالَ مَالِكٌ الْأَطْرَفُ هُوَ الْأَبْعَدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
27 - كِتَابُ الْفَرَائِضِ
أَيْ مَسَائِلِ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ جَمْعُ فَرِيضَةٍ
بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ أَيْ مُقَدَّرَةٍ لِمَا فِيهَا مِنَ
السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ فَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا،
وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ وَشَرْعًا نَصِيبُ مَا
قُدِّرَ لِلْوَارِثِ، ثُمَّ قِيلَ لِلْعِلْمِ بِمَسَائِلِ
الْمِيرَاثِ عِلْمُ الْفَرَائِضِ وَالْعَالَمِ بِهِ
فَرَضِيٌّ، وَفِي الْحَدِيثِ: " «أَفَرْضُكُمْ زَيْدٌ» "
أَيْ أَعْلَمُكُمْ بِهَذَا النَّوْعِ.
1 - بَابُ مِيرَاثِ الصُّلْبِ
- (مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ أَنَّ مِيرَاثَ
الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ أَوْ وَالِدَتِهِمْ أَنَّهُ
إِذَا تُوُفِّيَ الْأَبُ أَوِ الْأُمُّ وَتَرَكَا وَلَدًا
رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذِّكْرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ) فَفَضْلُهُ وَاخْتِصَاصُهُ بِلُزُومِ مَا
لَا يَلْزَمُ الْأُنْثَى مِنَ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ أَيْ
لِلذِّكْرِ مِنْهُمْ أَيْ مِنْ أَوْلَادِكُمْ، فَحَذَفَ
الرَّاجِعَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ كَقَوْلِهِمْ:
السَّمْنُ مَنَوَانِ بِدِرْهَمٍ.
وَبَدَأَ يَذْكُرُ مِيرَاثَ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ
تَعَلُّقَ الْإِنْسَانِ بِوَلَدِهِ أَشَدُّ
التَّعَلُّقَاتِ، وَبَدَأَ بِحَظِّ الذَّكَرِ، وَلَمْ
يَقُلْ: لِلْأُنْثَيَيْنِ مِثْلُ حَظِّ الذَّكَرِ، أَوِ
الْأُنْثَى نِصْفُ حَظِّ الذَّكَرِ لِفَضْلِهِ كَمَا
ضُوعِفَ حَظُّهُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا
يُوَرِّثُونَ الذُّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ وَهُوَ
السَّبَبُ لِوُرُودِ الْآيَةِ، فَقِيلَ: كَفَى لِلذُّكُورِ
أَنْ ضُوعِفَ لَهُمْ نَصِيبُ الْإِنَاثِ فَلَا يُتَمَادَى
فِي حَظِّهِمْ حَتَّى يُحْرَمُوا مَعَ إِدْلَائِهِنَّ مِنَ
الْقَرَابَةِ بِمِثْلِ مَا يُدْلُونَ بِهِ، وَالْمُرَادُ
بِهِ حَالُ الِاجْتِمَاعِ، أَيْ إِذَا اجْتَمَعَ ذَكَرٌ
وَأُنْثَيَانِ كَانَ لَهُ سَهْمَانِ كَمَا أَنَّ لَهُمَا
سَهْمَيْنِ، وَأَمَّا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ فَالِابْنُ
يَأْخُذُ الْمَالَ كُلَّهُ وَالْأُنْثَيَانِ يَأْخُذَانِ
الثُّلُثَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْبَعَهُ
حُكْمَ الِانْفِرَادِ بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً}
[النساء: 11] خُلَّصًا بِمَعْنَى
(3/153)
بَنَاتٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ ابْنٌ. {فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11] خَبَرٌ ثَانٍ لِـ " كُنَّ "
أَوْ صِفَةٌ لِنِسَاءٍ أَيْ نِسَاءً زَائِدَاتٍ عَلَى
اثْنَتَيْنِ {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11]
الْمَيِّتُ وَكَذَا الِاثْنَتَانِ لِأَنَّهُ
لِلْأُخْتَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَهُمَا
الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] [سُورَةُ
النِّسَاءِ: الْآيَةُ 176] فَالْبِنْتَانِ أَوْلَى،
وَلِأَنَّ الْبِنْتَ تَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ مَعَ الذَّكَرِ
أَوْلَى، وَفَوْقَ قِيلِ صِلَةٌ وَقِيلَ لِدَفْعِ
تَوَهُّمِ زِيَادَةِ النَّصِيبِ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ
لَمَّا فُهِمَ اسْتِحْقَاقُ الثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ
مِنْ جَعْلِ الثُّلُثِ لِلْوَاحِدَةِ مَعَ الذَّكَرِ.
{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً} [النساء: 11] مُنْفَرِدَةً
{فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ
الْمَالَ كُلَّهُ لِلذَّكَرِ إِذَا انْفَرَدَ لِأَنَّهُ
جَعَلَ لَهُ مِثْلَ حَظِّهِمَا، وَقَدْ جَعَلَ لِلْأُنْثَى
النِّصْفَ إِذَا انْفَرَدَتْ فَلِلذَّكَرِ الْمُنْفَرِدِ
ضِعْفُ النِّصْفِ وَهُوَ الْكُلُّ.
(فَإِنْ شَرِكَهُمْ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالرَّاءِ
الْخَفِيفَةِ الْمَكْسُورَةِ (أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ
مُسَمَّاةٍ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ
لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ
11] وَكَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ (وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ
بُدِئَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ
بَعْدَهَا هَمْزَةٌ (بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ ثُمَّ
كَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ
مَوَارِيثِهِمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
(وَمَنْزِلَةُ وَلَدِ الْأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ
يَكُنْ وَلَدٌ كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ
كَذُكُورِهِمْ وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ يَرِثُونَ
كَمَا يَرِثُونَ وَيَحْجُبُونَ) مَنْ دُونَهُمْ فِي
الطَّبَقَةِ (كَمَا يَحْجُبُونَ) أَيِ الْأَوْلَادُ مَنْ
دُونَهُمْ وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ: (فَإِنِ
اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ وَوَلَدُ الِابْنِ وَكَانَ
فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ
لِأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الِابْنِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ
بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»
" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ
الثَّلَاثَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَوْلَى مِنَ
الْوَلْيِ بِسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْقُرْبُ أَيْ
لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ
ذَكَرًا.
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ
وَكَانَتِ ابْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ
الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ فَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِبَنَاتِ
الِابْنِ مَعَهُنَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ
الِابْنِ ذَكَرٌ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى
بِمَنْزِلَتِهِنَّ) مِنَ الْمَيِّتِ أَوْ هُوَ (أَطْرَفُ)
بِالطَّاءِ وَالرَّاءِ وَالْفَاءِ أَبْعَدُ (مِنْهُنَّ
(3/154)
فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ هُوَ
بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ
الْأَبْنَاءِ فَضْلًا) مَفْعُولُ يَرُدُّ (إِنْ فَضَلَ)
كَبَنَاتٍ وَزَوْجَةٍ (فَيَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ
نَصِيبُهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ) كَبَنَاتٍ
وَأَبَوَيْنِ (فَلَا شَيْءَ) لَهُمْ لِاسْتِغْرَاقِ
الْفُرُوضِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ
إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) بِنَصِّ
الْقُرْآنِ (وَلِابْنَةِ ابْنِهِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ مِمَّنْ هُوَ
مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ السُّدُسُ)
تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَالْأَرْبَعَةُ: " سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ
وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ
وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ،
فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي
مُوسَى فَقَالَ: {قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ
الْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: 56] ، «أَقْضِي فِيهَا بِمَا
قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ
وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» ، فَأُخْبِرَ أَبُو مُوسَى
بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا
دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ " وَلَا خِلَافَ بَيْنِ
الْفُقَهَاءِ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَفِي
جَوَابِ أَبِي مُوسَى إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ رَجَعَ عَمَّا
قَالَهُ أَوَّلًا بِاجْتِهَادِهِ.
(فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ ذَكَرٌ هُوَ مِنَ
الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ فَلَا فَرِيضَةَ وَلَا
سُدُسَ وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ
الْفَرَائِضِ فَضْلٌ كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ
الذَّكَرِ وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ) مِنَ
الْمُتَوَفَّى (وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الْأَبْنَاءِ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَيْسَ لِمَنْ
هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ
شَيْءٌ) مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ (فَلَا شَيْءَ لَهُمْ
وَذَلِكَ) أَيْ دَلِيلُهُ كُلُّهُ (أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: {يُوصِيكُمْ}
[النساء: 11] يَأْمُرُكُمْ {اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}
[النساء: 11] بِمَا ذَكَرَ {لِلذَّكَرِ} [النساء: 11]
مِنْهُمْ {مِثْلُ حَظِّ} [النساء: 11] نَصِيبِ
{الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] إِذَا اجْتَمَعَتَا مَعَهُ
فَلَهُ نِصْفُ الْمَالِ وَلَهُمَا النِّصْفُ، فَإِنْ كَانَ
مَعَهُ وَاحِدَةٌ فَلَهَا الثُّلُثُ وَلَهُ الثُّلُثَانِ
وَإِذَا انْفَرَدَ حَازَ الْمَالَ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ
كَمَا أَشَارَ لَهُ الْإِمَامُ عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ
الِابْنِ فِي لَفْظِ أَوْلَادٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى
إِرْثِهِمْ دُونَ أَوْلَادِ الْبِنْتِ.
{فَإِنْ كُنَّ} [النساء: 11] أَيِ الْأَوْلَادُ {نِسَاءً}
[النساء: 11] فَقَطْ {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ
ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] الْمَيِّتُ {وَإِنْ
كَانَتْ وَاحِدَةً} [النساء: 11] بِالنَّصْبِ
(3/155)
وَالرَّفْعِ {فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:
11] وَلَا ذِكْرَ لِلْبِنْتَيْنِ فِي الْآيَةِ فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهُمَا النِّصْفُ لِأَنَّهُ تَعَالَى
شَرَطَ فِي إِعْطَاءِ الْبَنَاتِ الثُّلُثَيْنِ أَنْ
يَكُنَّ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُمَا
الثُّلُثَانِ فَقِيلَ بِالسُّنَّةِ وَقِيلَ بِالْقِيَاسِ
عَلَى الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ; لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ
فَصَاعِدًا مِنْهُمْ سَوَاءٌ فَكَذَلِكَ الْبَنَاتُ،
وَقِيلَ عَلَى الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ تَعَالَى
جَعَلَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ النِّصْفَ
وَلِلثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ كَمَا فِي آخِرِ
السُّورَةِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: بَلْ بِالْقُرْآنِ
لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْبِنْتِ مَعَ الذَّكَرِ الثُّلُثَ
فَمَعَ الْأُنْثَى آكَدُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذِكْرِهِ
وَاحْتِيجَ إِلَى ذِكْرِ مَا فَوْقَ الْأُنْثَيَيْنِ،
وَقِيلَ الْمَعْنَى فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً اثْنَتَيْنِ
فَمَا فَوْقَهُمَا كَقَوْلِهِمْ: رَاكِبُ النَّاقَةِ
طَلِيحَانِ، أَيِ النَّاقَةُ وَرَاكِبُهَا.
قَالَ ابْنُ الْعُرْسِ: وَفِي الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ
يَقُولُ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْوَاحِدَةِ
النِّصْفَ وَلِمَا فَوْقَ الثُّلُثَيْنِ فَلَمْ تَجُزِ
الزِّيَادَةُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " «عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ فِي
بَنِي سَلَمَةَ مَاشِيَيْنِ فَوَجَدَنِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أَعْقِلُ شَيْئًا فَدَعَا
بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ
فَقُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي مَالِي؟
فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] »
[سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 11] وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ
وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَنْ
جَابِرٍ قَالَ: " «جَاءَتِ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ
الرَّبِيعِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ
ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ فِي أُحُدٍ
وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا وَلَا يُنْكَحَانِ
إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ، فَقَالَ: يَقْضِي اللَّهُ فِي
ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَأَرْسَلَ إِلَى
عَمِّهِمَا فَقَالَ: اعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ
وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ» " قَالَ
الْحَافِظُ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي تَقَدُّمِ نُزُولِهَا،
وَبِهِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ فِي
قِصَّةِ جَابِرٍ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ بِنْتَيْ
سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ إِذْ
لَا مَانِعَ أَنْ تَنْزِلَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا،
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ أَوَّلِهَا فِي قِصَّةِ
الْبِنْتَيْنِ وَآخِرِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَإِنْ كَانَ
رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] فِي قِصَّةِ
جَابِرٍ، وَيَكُونُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَنَزَلَتْ:
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]
[سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 11] أَيْ ذِكْرُ
الْكَلَالَةِ الْمُتَّصِلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ. انْتَهَى.
(قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَطْرَفُ هُوَ الْأَبْعَدُ.)
(3/156)
[بَاب مِيرَاثِ الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ
وَالْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا]
قَالَ مَالِكٌ وَمِيرَاثُ الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ
إِذَا لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ مِنْهُ
أَوْ مِنْ غَيْرِهِ النِّصْفُ فَإِنْ تَرَكَتْ وَلَدًا
أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى
فَلِزَوْجِهَا الرُّبُعُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصِي
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا
إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ الرُّبُعُ
فَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ
أَوْ أُنْثَى فَلِامْرَأَتِهِ الثُّمُنُ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَذَلِكَ أَنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ
{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ
فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ
يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ
لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ
بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:
12]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2 - بَابُ مِيرَاثِ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ
وَالْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا
(قَالَ مَالِكٌ: وَمِيرَاثُ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ
إِذَا لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ مِنْهُ
أَوْ مِنْ
(3/156)
غَيْرِهِ النِّصْفُ فَإِنْ تَرَكَتْ
وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ) وَإِنْ نَزَلَ (ذَكَرًا كَانَ
أَوْ أُنْثَى فَلِزَوْجِهَا الرُّبُعُ) وَدُخُولُ وَلَدِ
الِابْنِ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ لِأَنَّ لَفْظَ وَلَدٍ
يَشْمَلُهُ بِنَاءً عَلَى إِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي
حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (مِنْ بَعْدِ) تَنْفِيذِ
(وَصِيَّةٍ تُوصِي بِهَا) الْمَرْأَةُ (أَوْ) قَضَاءِ
(دَيْنٍ) عَلَيْهَا، وَتَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى
الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَخَّرَةً عَنْهُ
لِلِاهْتِمَامِ بِهَا (وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ مِنْ
زَوْجِهَا إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ)
وَإِنْ نَزَلَ (الرُّبُعُ فَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ
وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَلِامْرَأَتِهِ
الثُّمُنُ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ
دَيْنٍ} [النساء: 11] ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا
تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] أَيْ زَوْجَاتُكُمْ
{إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ
وَلَدٌ} [النساء: 12] مِنْكُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِكُمْ
وَلَوْ أُنْثَى {فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ
بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ}
[النساء: 12] أَيِ الزَّوْجَاتِ تَعَدَّدْنَ أَوْ لَا
{الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ
وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12]
مِنْهُنَّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِنَّ وَلَوْ أُنْثَى
{فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]
وَدَخَلَ وَلَدُ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ فِيهِمَا
لِشُمُولِ اللَّفْظِ لَهُ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ وَفِيهِ
مَشْرُوعِيَّةُ الْوَصِيَّةِ، وَاسْتَدَلَّ بِتَقْدِيمِهَا
فِي الذِّكْرِ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى الدَّيْنِ
فِي التَّرِكَةِ، وَأَجَابَ مَنْ أَخَّرَهَا بِأَنَّهَا
قُدِّمَتْ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ بِهَا، وَاسْتَدَلَّ
بِعُمُومِهَا مَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ بِمَا قَلَّ أَوْ
كَثُرَ وَلَوِ اسْتَغْرَقَ الْمَالَ، وَمَنْ أَجَازَهَا
لِلْوَارِثِ وَالْكَافِرِ حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ
ذِمِّيًّا، وَمَنْ قَالَ إِنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ
انْتِقَالَ التَّرِكَةِ إِلَى مِلْكِ الْوَارِثِ، وَمَنْ
قَالَ دَيْنُ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ مُقَدَّمٌ عَلَى
الْمِيرَاثِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: دَيْنٍ، كَذَا فِي
الْإِكْلِيلِ فِي اسْتِنْبَاطِ التَّأْوِيلِ.
(3/157)
[بَاب مِيرَاثِ الْأَبِ وَالْأُمِّ مِنْ
وَلَدِهِمَا]
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ مِيرَاثَ
الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ
الْمُتَوَفَّى وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا
فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأَبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً فَإِنْ
لَمْ يَتْرُكْ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ
ذَكَرًا فَإِنَّهُ يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَ الْأَبَ مِنْ
أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ
فَضَلَ مِنْ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ كَانَ
لِلْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمْ السُّدُسُ فَمَا
فَوْقَهُ فُرِضَ لِلْأَبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً وَمِيرَاثُ
الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا إِذَا تُوُفِّيَ ابْنُهَا أَوْ
ابْنَتُهَا فَتَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا أَوْ وَلَدَ
ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ تَرَكَ مِنْ
الْإِخْوَةِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ
إِنَاثًا مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ أَوْ مِنْ أَبٍ أَوْ مِنْ
أُمٍّ فَالسُّدُسُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ
الْمُتَوَفَّى وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ وَلَا اثْنَيْنِ
مِنْ الْإِخْوَةِ فَصَاعِدًا فَإِنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ
كَامِلًا إِلَّا فِي فَرِيضَتَيْنِ فَقَطْ وَإِحْدَى
الْفَرِيضَتَيْنِ أَنْ يُتَوَفَّى رَجُلٌ وَيَتْرُكَ
امْرَأَتَهُ وَأَبَوَيْهِ فَلِامْرَأَتِهِ الرُّبُعُ
وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ وَهُوَ الرُّبُعُ
مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْأُخْرَى أَنْ تُتَوَفَّى
امْرَأَةٌ وَتَتْرُكَ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا فَيَكُونُ
لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلِأُمِّهَا الثُّلُثُ مِمَّا
بَقِيَ وَهُوَ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَذَلِكَ
أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ
{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}
[النساء: 11] فَمَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْإِخْوَةَ
اثْنَانِ فَصَاعِدًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3 - بَابُ مِيرَاثِ الْأَبِ وَالْأُمِّ مِنْ وَلَدِهِمَا
(قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ
(3/157)
أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا)
الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ (أَنَّ مِيرَاثَ الْأَبِ مِنِ
ابْنِهِ وَابْنَتِهِ) فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ (أَنَّهُ
إِنْ تَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ)
وَإِنْ سَفُلَ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (ذَكَرًا
فَإِنَّهُ يَفْرِضُ لِلْأَبِ السُّدُسَ فَرِيضَةً)
وَالْبَاقِي لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ أَوِ ابْنِهِ وَإِنْ
نَزَلَ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى فَلِلْأَبِ
السُّدُسُ فَرِيضَةً وَالْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي
لِلْأَبِ تَعْصِيبًا.
(وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا وَلَا وَلَدَ
ابْنٍ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَ الْأَبَ
مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ،
فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ
كَانَ لِلْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمُ السُّدُسُ
فَمَا فَوْقَهُ فُرِضَ لِلْأَبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً)
يُعَالُ لَهُ بِهَا وَذَلِكَ فِي الْمِنْبَرِيَّةِ
زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ فَلِلزَّوْجَةِ
الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ
سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ
فَيُعَالُ فِيهَا بِمِثْلِ ثُمُنِهَا فَتَصِيرُ سَبْعًا
وَعِشْرِينَ وَيُنَقَّصُ كُلُّ وَاحِدٍ تُسْعَ مَالِهِ
لِأَنَّ الْأَبَ لَا يُنَقَّصُ عَنِ السُّدُسِ.
(وَمِيرَاثُ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا إِذَا تُوُفِّيَ
ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا فَتَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا
أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ تَرَكَ
مِنَ الْإِخْوَةِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ذُكُورًا كَانُوا
أَوْ إِنَاثًا مِنْ أُمٍّ وَأَبٍ) أَيْ أَشِقَّاءُ (وَمِنْ
أَبٍ) فَقَطْ (أَوْ مِنْ أُمٍّ) فَقَطْ (فَالسُّدُسُ
لَهَا) فَرِيضَةً وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى
وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ وَلَا اثْنَيْنِ مِنَ
الْإِخْوَةِ فَإِنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ كَامِلًا إِلَّا
فِي فَرِيضَتَيْنِ فَقَطْ يُقَالُ لَهُمَا الْغَرَّاوَانِ
لِأَنَّ الْأُمَّ غُرَّتْ بِإِعْطَائِهَا الثُّلُثَ
لَفْظًا لَا حَقِيقَةً.
(وَإِحْدَى الْفَرِيضَتَيْنِ أَنْ يُتَوَفَّى رَجُلٌ
وَيَتْرُكَ امْرَأَتَهُ وَأَبَوَيْهِ فَلِامْرَأَتِهِ
الرُّبُعُ وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، مِمَّا بَقِيَ وَهُوَ
الرُّبُعُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَالنِّصْفُ لِلْأَبِ
(وَالْأُخْرَى) ثَانِيَةُ الْفَرِيضَتَيْنِ (أَنْ
تُتَوَفَّى امْرَأَةٌ وَتَتْرُكَ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا
فَيَكُونُ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلِأُمِّهَا الثُّلُثُ
مِمَّا بَقِيَ وَهُوَ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)
وَالثُّلُثُ لِلْأَبِ
(3/158)
(وَ) دَلِيلُ (ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ:
{وَلِأَبَوَيْهِ} [النساء: 11] أَيِ الْمَيِّتِ {لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11] بَدَلٌ مِنْ
أَبَوَيْهِ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ، وَفَائِدَةُ هَذَا
الْبَدَلِ إِفَادَةُ أَنَّهُمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ،
إِذْ لَوْ قِيلَ لِأَبَوَيْهِ السُّدُسُ لَكَانَ ظَاهِرُهُ
اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ، وَلَوْ قِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
أَبَوَيْهِ السُّدُسُ لَذَهَبَتْ فَائِدَةُ التَّأْكِيدِ
وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَعْدَ الْإِجْمَالِ، وَلَوْ قِيلَ
لِأَبَوَيْهِ السُّدُسَانِ لِأَوْهَمَ قِسْمَةَ
السُّدُسَيْنِ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوِيَّةِ وَعَلَى
خِلَافِهَا {مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}
[النساء: 11] ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَوِ ابْنُ ابْنٍ
بِالشُّمُولِ أَوِ الْإِجْمَاعِ {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: 11] أَبُوهُ
وَأُمُّهُ فَغَلَّبَ الذَّكَرَ {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}
[النساء: 11] مِمَّا تَرَكَ، وَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ ابْنُ
عَبَّاسٍ فَقَالَ: تَأْخُذُهُ كَامِلًا فِي مَسْأَلَةِ
زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ فَيَزِيدُ
مِيرَاثُهَا عَلَى الْأَبِ، أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ
وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أَرْسَلَ
ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَتَجِدُ فِي
كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ؟ فَقَالَ:
إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ تَقُولُ بِرَأْيِكَ وَأَنَا رَجُلٌ
أَقُولُ بِرَأْيِي، لَكِنَّ رَأْيَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا
لَوْ أَخَذَتِ الثُّلُثَ الْحَقِيقِيَّ فِيهِمَا لَأَدَّى
إِلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْأَبَ أَقْوَى فِي
الْإِرْثِ مِنَ الْأُمِّ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ ضِعْفَ
حَظِّهَا إِذَا انْفَرَدَ، فَلَوْ أَخَذَتْ فِي زَوْجٍ
وَأَبَوَيْنِ الثُّلُثَ الْحَقِيقِيَّ فَيَنْقَلِبُ
الْحُكْمُ إِلَى أَنَّ لِلْأُنْثَى مِثْلُ حَظِّ
الذَّكَرَيْنِ وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ فِي اجْتِمَاعِ
ذَكَرٍ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَخُصَّ
عُمُومُ الْآيَةِ بِالْقَوَاعِدِ لِأَنَّهَا مِنَ
الْقَوَاطِعِ.
{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] ذُكُورٌ أَوْ
إِنَاثٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ {فَلِأُمِّهِ
السُّدُسُ} [النساء: 11] مِمَّا تَرَكَ (فَمَضَتِ
السُّنَّةُ أَنَّ الْإِخْوَةَ اثْنَانِ) وَبِهِ قَالَ
الْجُمْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَحْجُبُهَا
إِلَّا ثَلَاثَةٌ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: إِنَّ
الْأَخَوَيْنِ لَا يَرُدَّانِ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ
إِخْوَةٌ} [النساء: 11] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 11]
فَالْأَخَوَانِ لَيْسَا بِلِسَانِ قَوْمِكَ إِخْوَةٌ،
فَقَالَ عُثْمَانُ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُغَيِّرَ مَا
كَانَ قَبْلِي وَمَضَى فِي الْأَمْصَارِ وَتَوَارَثَ بِهِ
النَّاسُ، وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ أَيْضًا مَنْ قَالَ لَا
يَحْجُبُهَا الْأَخَوَاتُ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِخْوَةِ
خَاصٌّ بِالذُّكُورِ كَالْبِنْتَيْنِ، وَالْجُمْهُورُ
عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَيْضًا.
(3/159)
[بَاب مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ]
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ
وَلَا مَعَ وَلَدِ الْأَبْنَاءِ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ
إِنَاثًا شَيْئًا وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ وَلَا مَعَ
الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ شَيْئًا وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ
فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ
السُّدُسُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنْ كَانَا
اثْنَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي
الثُّلُثِ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ
{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ
شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] فَكَانَ الذَّكَرُ
وَالْأُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4 - بَابُ مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ
(قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
عِنْدَنَا أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ
الْوَلَدِ وَلَا مَعَ
(3/159)
وَلَدِ الِابْنِ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ
إِنَاثًا شَيْئًا) مَفْعُولُ يَرِثُونَ (وَلَا يَرِثُونَ
مَعَ الْأَبِ وَلَا مَعَ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ شَيْئًا
وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ
مِنَ السِّتَّةِ (يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ السُّدُسُ
ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ
{فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ} [النساء: 12] ثَلَاثَةً {فَهُمْ
شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] يَقْتَسِمُونَهُ
بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ) نَصِيبِ
(الْأُنْثَى، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
يَقُولُ فِي كِتَابِهِ) الْعَزِيزِ {وَإِنْ كَانَ}
[النساء: 12] الْمَيِّتُ {رَجُلٌ يُورَثُ} [النساء: 12]
مِنْهُ صِفَةٌ لِرَجُلٍ {كَلَالَةً} [النساء: 12] خَبَرُ
كَانَ، أَيْ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ مُورَثٌ مِنْهُ
كَلَالَةً، أَوْ يُورَثُ خَبَرُ كَانَ وَ (كَلَالَةً)
حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُورَثُ أَيْ وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَا
وَالِدَ عَلَى الْأَشْهَرِ فِي مَعْنَى الْكَلَالَةِ
وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْكَلَالِ
وَهُوَ ذَهَابُ الْقُوَّةِ مِنَ الْإِعْيَاءِ {أَوِ
امْرَأَةٌ} [النساء: 12] عَطْفٌ عَلَى رَجُلٍ {وَلَهُ أَخٌ
أَوْ أُخْتٌ} [النساء: 12] أَيْ مِنْ أُمٍّ كَمَا قَرَأَ
بِهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ {فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
السُّدُسُ} [النساء: 12] ، {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ
ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]
لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهِيَ لَا
تَرِثُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ (فَكَأَنَّهُ الذَّكَرُ
وَالْأُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ
النَّصَّ عَلَى الشَّرِكَةِ صَرِيحٌ فِي التَّسْوِيَةِ
وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ فِي غَيْرِهِمْ.
(3/160)
[بَاب مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ]
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ
الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئًا وَلَا مَعَ وَلَدِ الْابْنِ
الذَّكَرِ شَيْئًا وَلَا مَعَ الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا
وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ
مَا لَمْ يَتْرُكْ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ مَا
فَضَلَ مِنْ الْمَالِ يَكُونُونَ فِيهِ عَصَبَةً يُبْدَأُ
بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَضْلٌ كَانَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ
لَهُمْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْمُتَوَفَّى أَبًا
وَلَا جَدًّا أَبَا أَبٍ وَلَا وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ
ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ
الْوَاحِدَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ فَإِنْ
كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنْ
الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فُرِضَ لَهُمَا
الثُّلُثَانِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ذَكَرٌ فَلَا
فَرِيضَةَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَخَوَاتِ وَاحِدَةً كَانَتْ
أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ
بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَمَا
فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ
لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَاشْتَرَكُوا فِيهَا
مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ
هِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا
وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَإِخْوَتَهَا
لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ
وَلِأُمِّهَا السُّدُسُ وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا
الثُّلُثُ فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ
فَيَشْتَرِكُ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي هَذِهِ
الْفَرِيضَةِ مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ
فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى مِنْ أَجْلِ
أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ
وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالْأُمِّ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ كَانَ
رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ
أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي
الثُّلُثِ} [النساء: 12] فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا فِي هَذِهِ
الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ
الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5 - بَابُ مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
(قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
عِنْدَنَا أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) أَيِ
الْأَشِقَّاءَ (لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ
شَيْئًا وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ الذَّكَرِ شَيْئًا
وَلَا مَعَ الْأَبِ دِنْيَا) بِكَسْرِ الدَّالِّ
وَإِسْكَانِ النُّونِ
(3/160)
بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ أَيْ قُرْبًا،
احْتِرَازًا مِنَ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ (شَيْئًا وَهُمْ
يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ مَا
لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ مَا فَضَلَ
مِنَ الْمَالِ) مَفْعُولُ يَرِثُونَ (يَكُونُونَ فِيهِ
عَصَبَةً يُبْدَأُ بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ
مُسَمَّاةٍ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ) زِيَادَةٌ عَلَى الْفَرِيضَةِ
(كَانَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) أَيِ
الْأَشِقَّاءِ (يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى كِتَابِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا،
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ) لِأَنَّهُمْ
عَصَبَةٌ يُسْقَطُونَ بِاسْتِغْرَاقِ ذَوِي الْفُرُوضِ
السِّهَامَ (قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى
أَبًا وَلَا جَدًّا أَبَا أَبٍ وَلَا ابْنًا وَلَا وَلَدَ
ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يُفْرَضُ
لِلْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ،
فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ
الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فُرِضَ لَهُمَا
الثُّلُثَانِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ذَكَرٌ فَلَا
فَرِيضَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَخَوَاتِ وَاحِدَةً كَانَتْ
أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ)
فِي الْمِيرَاثِ (بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ فَيُعْطَوْنَ
فَرَائِضَهُمْ فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ
كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ
وَاحِدَةٍ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ) أَيِ الْأَشِقَّاءِ
(فِيهَا شَيْءٌ) لِاسْتِغْرَاقِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ
لِلسِّهَامِ (فَاشْتَرَكُوا مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِيهَا)
لِأَنَّ الْأُمَّ تَجْمَعُهُمْ (وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ)
الْمُلَقَّبَةُ بِالْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ (هِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ
زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا
وَإِخْوَتَهَا لِأَبِيهَا وَأُمَّهَا فَكَانَ لِزَوْجِهَا
النِّصْفُ) إِذْ لَا وَلَدَ يَحْجُبُهُ
(3/161)
عَنْهُ (وَلِأُمِّهَا السُّدُسُ
وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا الثُّلُثُ فَلَمْ يَفْضُلْ
شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ) لِلْأَشِقَّاءِ فَيَشْتَرِكُ بَنُو
الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ مَعَ بَنِي
الْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا
إِخْوَةَ الشَّخْصِ (الْمُتَوَفَّى) وَهُوَ الْمَرْأَةُ
(لِأُمِّهِ وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالْأُمِّ) فَمَا
زَادَهُمُ الْأَبُ إِلَّا قُرْبًا (وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ
يُورَثُ} [النساء: 12] صِفَةٌ وَالْخَبَرُ {كَلَالَةً}
[النساء: 12] أَيْ لَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ {أَوِ
امْرَأَةٌ} [النساء: 12] تُورَثُ كَلَالَةً (وَلَهُ) أَيْ
لِلْمَوْرُوثِ كَلَالَةً {أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء: 12]
أَيْ مِنْ أُمٍّ وَقَرَأَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ
{فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12]
مِمَّا تَرَكَ {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ}
[النساء: 12] أَيْ مِنْ وَاحِدٍ {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي
الثُّلُثِ} [النساء: 12] يَسْتَوِي فِيهِ ذَكَرُهُمْ
وَأُنْثَاهُمْ (فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا) أَيِ الْأَشِقَّاءُ
(فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ) مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ
(لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ)
فَلِذَا اشْتَرَكُوا فِي الثُّلُثِ.
(3/162)
[بَاب مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ]
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ
مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ
كَمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ سَوَاءٌ
ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ
إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُشَرَّكُونَ مَعَ بَنِي الْأُمِّ
فِي الْفَرِيضَةِ الَّتِي شَرَّكَهُمْ فِيهَا بَنُو
الْأَبِ وَالْأُمِّ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ وِلَادَةِ
الْأُمِّ الَّتِي جَمَعَتْ أُولَئِكَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ
اجْتَمَعَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةُ
لِلْأَبِ فَكَانَ فِي بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ ذَكَرٌ
فَلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي الْأَبِ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ إِلَّا امْرَأَةً
وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْإِنَاثِ لَا
ذَكَرَ مَعَهُنَّ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ
الْوَاحِدَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ وَيُفْرَضُ
لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ السُّدُسُ تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ
فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ ذَكَرٌ فَلَا
فَرِيضَةَ لَهُنَّ وَيُبْدَأُ بِأَهْلِ الْفَرَائِضِ
الْمُسَمَّاةِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ
الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ امْرَأَتَيْنِ أَوْ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْإِنَاثِ فُرِضَ لَهُنَّ
الثُّلُثَانِ وَلَا مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلْأَخَوَاتِ
لِلْأَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ
فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ بُدِئَ بِمَنْ
شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ فَأُعْطُوا
فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ
بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ
لَهُمْ وَلِبَنِي الْأُمِّ مَعَ بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ
وَمَعَ بَنِي الْأَبِ لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ
وَلِلْاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَى هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ
سَوَاءٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6 - بَابُ مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
(قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
عِنْدَنَا أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ إِذَا لَمْ
يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ)
أَيِ الْأَشِقَّاءِ (كَمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
سَوَاءٌ ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ
كَأُنْثَاهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُشَرَّكُونَ مَعَ
بَنِي الْأُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ الَّتِي شَرَكَهُمْ
فِيهَا بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ) وَهِيَ السَّابِقَةُ
فَوْقَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ (لِأَنَّهُمْ) أَيِ
الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ (خَرَجُوا مِنْ وِلَادَةِ الْأُمِّ)
أَيْ إِنَّهَا لَمْ تَلِدْهُمُ الْأُمُّ (الَّتِي جَمَعَتْ
أُولَئِكَ) أَيِ الْأَشِقَّاءَ إِذِ الْأُمُّ مُخْتَلِفَةٌ
فَلَمْ يَجْتَمِعُوا فِي الْوِلَادَةِ
(3/162)
فَيُسْقَطُونَ (قَالَ مَالِكٌ) مُوَضِّحًا
لِمَا حُكِيَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ: (فَإِنِ اجْتَمَعَ
الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ
فَكَانَ فِي بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ ذَكَرٌ فَلَا
مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي الْأَبِ) لِتَقْدِيمِ
الْأَشِقَّاءِ عَلَيْهِمْ لِإِدْلَائِهِمْ بِجِهَتَيْنِ
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ إِلَّا
امْرَأَةً وَاحِدَةً وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ
الْإِنَاثِ) اثْنَتَانِ (لَا ذَكَرَ مَعَهُنَّ فَإِنَّهُ
يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ، لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
النِّصْفُ وَيُفْرَضُ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ السُّدُسُ
تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَخَوَاتِ
لِلْأَبِ ذَكَرٌ فَلَا فَرِيضَةَ لَهُنَّ وَيُبْدَأُ
بِأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ فَيُعْطَوْنَ
فَرَائِضَهُمْ) فَإِنْ كَانَتْ شَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ
أُعْطِيَتِ النِّصْفَ، وَاثْنَتَانِ فَأَكْثَرُ
الثُّلُثَيْنِ (فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ
بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ
لَهُمْ) كَمَا فِي الْمُشْتَرَكَةِ السَّابِقَةِ (فَإِنْ
كَانَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ امْرَأَتَيْنِ أَوْ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْإِنَاثِ فُرِضَ لَهُنَّ
الثُّلُثَانِ) كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَتَا
اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}
[النساء: 176] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 176] (وَلَا
مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ
أَخٌ لِأَبٍ بُدِئَ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ
مُسَمَّاةٍ فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ
بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ) لِأَنَّهُمْ
عَصَبَةٌ يَسْقُطُونَ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ
(وَلِبَنِي الْأُمِّ مَعَ بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَمَعَ
بَنِي الْأَبِ لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ وَلِلِاثْنَيْنِ
الثُّلُثُ، لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى
هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ)
لِوِرَاثَتِهِمْ بِالْأُمِّ.
(3/163)
[بَاب مِيرَاثِ الْجَدِّ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي
سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ
عَنْ الْجَدِّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنْ الْجَدِّ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ يَقْضِي
فِيهِ إِلَّا الْأُمَرَاءُ يَعْنِي الْخُلَفَاءَ وَقَدْ
حَضَرْتُ الْخَلِيفَتَيْنِ قَبْلَكَ يُعْطِيَانِهِ
النِّصْفَ مَعَ الْأَخِ الْوَاحِدِ وَالثُّلُثَ مَعَ
الْاثْنَيْنِ فَإِنْ كَثُرَتْ الْإِخْوَةُ لَمْ
يُنَقِّصُوهُ مِنْ الثُّلُثِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1095 - 1072
(3/163)
7 - بَابُ مِيرَاثِ الْجَدِّ
- (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الْأَنْصَارِيِّ
(أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي
سُفْيَانَ) صَخْرَ بْنَ حَرْبٍ الْأُمَوِيَّ (كَتَبَ إِلَى
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي قَالَ فِيهِ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "
«أَفَرْضُكُمْ زَيْدٌ» " (يَسْأَلُهُ عَنِ الْجَدِّ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِنَّكَ كَتَبْتَ
إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الْجَدِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ،
وَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَقْضِي فِيهِ إِلَّا
الْأُمَرَاءُ) يَعْنِي الْخُلَفَاءَ (وَقَدْ حَضَرْتُ
الْخَلِيفَتَيْنِ قَبْلَكَ) يَعْنِي عُمَرَ وَعُثْمَانَ
(يُعْطِيَانِهِ النِّصْفَ مَعَ الْأَخِ الْوَاحِدِ
وَالثُّلُثَ مَعَ الِاثْنَيْنِ فَإِنْ كَثُرَتِ
الْإِخْوَةُ لَمْ يُنَقِّصُوهُ مِنَ الثُّلُثِ) وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: " أَنَّ عُمَرَ قَضَى
أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ
وَالْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ مَا كَانَتِ الْمُقَاسَمَةُ
خَيْرًا لَهُ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ كَثُرَتِ الْإِخْوَةُ
أَعْطَى لِلْجَدِّ الثُّلُثَ " وَفِي فَوَائِدِ أَبِي
جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُبَيْدَةَ
بْنِ عَمْرٍو قَالَ: " حَفِظْتُ عَنْ عُمَرَ فِي الْجَدِّ
مِائَةَ قَضِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ " وَاسْتَبْعَدَهُ
بَعْضُهُمْ، وَتَأَوَّلَهُ الرَّازِيُّ صَاحِبُ
الْمُسْنَدِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالِ مَنْ يَرِثُ مَعَ
الْجَدِّ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ أَخٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ
أَوْ أُخْتٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ، وَرُدَّ بِمَا
رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ
عَمْرٍو قَالَ: إِنِّي لَأَحْفَظُ عَنْ عُمَرَ فِي
الْجَدِّ مِائَةَ قَضِيَّةٍ، كُلُّهَا يَنْقُضُ بَعْضُهَا
بَعْضًا.
(3/164)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ
شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ فَرَضَ لِلْجَدِّ الَّذِي يَفْرِضُ النَّاسُ
لَهُ الْيَوْمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1096 - 1073 - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
قَبِيصَةَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ
وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ
مَفْتُوحَةٍ فَهَاءٍ (بْنِ ذُؤَيْبٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ
مُصَغَّرٌ، الْخُزَاعِيِّ الْمَدَنِيِّ نَزِيلِ دِمَشْقَ
مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ وَلَهُ رُؤْيَةٌ مَاتَ سَنَةَ
بِضْعٍ وَثَمَانِينَ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
فَرَضَ لِلْجَدِّ الَّذِي
(3/164)
يَفْرِضُ لَهُ النَّاسُ الْيَوْمَ) مِنْ
مُقَاسَمَةِ الْأَخِ الْوَاحِدِ بِالنِّصْفِ، فَإِنْ
زَادُوا فَلَهُ الثُّلُثُ.
(3/165)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ
بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ
فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ
الثُّلُثَ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ لَا يَرِثُ مَعَ
الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا وَهُوَ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ
الْوَلَدِ الذَّكَرِ وَمَعَ ابْنِ الْابْنِ الذَّكَرِ
السُّدُسُ فَرِيضَةً وَهُوَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَا لَمْ
يَتْرُكْ الْمُتَوَفَّى أُمًّا أَوْ أُخْتًا لِأَبِيهِ
يُبَدَّأُ بِأَحَدٍ إِنْ شَرَّكَهُ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ
السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ فُرِضَ لِلْجَدِّ السُّدُسُ
فَرِيضَةً قَالَ مَالِكٌ وَالْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ إِذَا شَرَّكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ
مُسَمَّاةٍ يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ مِنْ أَهْلِ
الْفَرَائِضِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ فَمَا بَقِيَ
بَعْدَ ذَلِكَ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ مِنْ شَيْءٍ
فَإِنَّهُ يُنْظَرُ أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِحَظِّ
الْجَدِّ أُعْطِيَهُ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ لَهُ
وَلِلْإِخْوَةِ أَوْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنْ
الْإِخْوَةِ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ وَلَهُمْ يُقَاسِمُهُمْ
بِمِثْلِ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ أَوْ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ
الْمَالِ كُلِّهِ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ لِحَظِّ
الْجَدِّ أُعْطِيَهُ الْجَدُّ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ
ذَلِكَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ
وَاحِدَةٍ تَكُونُ قِسْمَتُهُمْ فِيهَا عَلَى غَيْرِ
ذَلِكَ وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ
وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَهَا لِأُمِّهَا
وَأَبِيهَا وَجَدَّهَا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ
الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ لِلْأُمِّ
وَالْأَبِ النِّصْفُ ثُمَّ يُجْمَعُ سُدُسُ الْجَدِّ
وَنِصْفُ الْأُخْتِ فَيُقْسَمُ أَثْلَاثًا لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَيَكُونُ لِلْجَدِّ
ثُلُثَاهُ وَلِلْأُخْتِ ثُلُثُهُ قَالَ مَالِكٌ وَمِيرَاثُ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ
مَعَهُمْ إِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَمِيرَاثِ الْإِخْوَةِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ سَوَاءٌ ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ
وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ فَإِذَا اجْتَمَعَ
الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ
فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يُعَادُّونَ
الْجَدَّ بِإِخْوَتِهِمْ لِأَبِيهِمْ فَيَمْنَعُونَهُ
بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ بِعَدَدِهِمْ وَلَا
يُعَادُّونَهُ بِالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ لَوْ
لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجَدِّ غَيْرُهُمْ لَمْ يَرِثُوا
مَعَهُ شَيْئًا وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ فَمَا
حَصَلَ لِلْإِخْوَةِ مِنْ بَعْدِ حَظِّ الْجَدِّ فَإِنَّهُ
يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ دُونَ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَلَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
مَعَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ امْرَأَةً وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً
وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تُعَادُّ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهَا
لِأَبِيهَا مَا كَانُوا فَمَا حَصَلَ لَهُمْ وَلَهَا مِنْ
شَيْءٍ كَانَ لَهَا دُونَهُمْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ
تَسْتَكْمِلَ فَرِيضَتَهَا وَفَرِيضَتُهَا النِّصْفُ مِنْ
رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا يُحَازُ
لَهَا وَلِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا فَضْلٌ عَنْ نِصْفِ
رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ فَهُوَ لِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ
يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1096 - 1074 - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ
بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ
ثَابِتٍ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ الثُّلُثَ) وَلِعَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: "
كَانَ زَيْدٌ يُشْرِكُ الْجَدَّ مَعَ الْإِخْوَةِ إِلَى
الثُّلُثِ فَإِذَا بَلَغَ الثُّلُثَ أَعْطَاهُ
وَلِلْإِخْوَةِ مَا بَقِيَ ".
(قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ
عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ لَا يَرِثُ مَعَ
الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا) لِإِدْلَائِهِ بِهِ (وَهُوَ
يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ وَمَعَ ابْنِ
الِابْنِ الذَّكَرِ السُّدُسُ فَرِيضَةً) كَالْأَبِ وَمَعَ
بِنْتٍ أَوْ بِنْتَيِ ابْنٍ وَإِنْ سَفُلَ السُّدُسُ
فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا.
فَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ
أَنَّ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا
مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ وَلَكِنْ
خَلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ» ، فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ
أَبًا.
(وَهُوَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَتْرُكِ
الْمُتَوَفَّى أُمًّا أَوْ أُخْتًا لِأَبِيهِ يُبْدَأُ
بِأَحَدٍ إِنْ شَرَّكَهُ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ
فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ
السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ فُرِضَ لِلْجَدِّ السُّدُسُ
فَرِيضَةً) لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (قَالَ مَالِكٌ
وَالْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ إِذَا
شَرَّكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ يُبْدَأُ
بِمَنْ شَرَّكَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَيُعْطَوْنَ
فَرَائِضَهُمْ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْجَدِّ
وَالْإِخْوَةِ مِنْ
(3/165)
شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ أَيُّ ذَلِكَ
أَفْضَلُ لِحَظِّ الْجَدِّ أُعْطِيَهُ) الْجَدُّ،
وَبَيَّنَ الْأَفْضَلَ بِقَوْلِهِ: (الثُّلُثُ مِمَّا
بَقِيَ لَهُ وَلِلْإِخْوَةِ أَوْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ
رَجُلٍ مِنَ الْإِخْوَةِ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ وَلَهُمْ
يُقَاسِمُهُمْ بِمِثْلِ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ أَوِ السُّدُسُ
مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ، أَيُّ ذَلِكَ كَانَ
أَفْضَلَ لِحَظِّ الْجَدِّ أُعْطِيَهُ الْجَدُّ، وَكَأَنَّ
مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا فِي
فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ) تُسَمَّى الْأَكْدَرِيَّةَ
وَبِالْغَرَّاءِ (تَكُونُ قِسْمَتُهُمْ فِيهَا عَلَى
غَيْرِ ذَلِكَ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ امْرَأَةٌ
تَوَفَّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَهَا
لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا) أَيْ شَقِيقَتَهَا وَمِثْلُهَا
الْأُخْتُ لِلْأَبِ (وَجَدَّهَا، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ
وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ) فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ
وَعَالَتْ إِلَى تِسْعَةٍ (ثُمَّ يُجْمَعُ سُدُسُ الْجَدِّ
وَنِصْفُ الْأُخْتِ) الشَّقِيقَةِ أَوِ الَّتِي لِلْأَبِ
(فَتُقَسَّمُ أَثْلَاثًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ فَيَكُونُ لِلْجَدِّ ثُلُثَاهُ
وَلِلْأُخْتِ ثُلُثُهُ) وَالْأَرْبَعَةُ لَا تَنْقَسِمُ
عَلَى ثَلَاثَةٍ وَلَا تَوَافُقَ، فَتُضْرَبُ
الْمَسْأَلَةُ بِعَوْلِهَا تِسْعَةً فِي ثَلَاثَةٍ،
فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ،
وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ،
وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ.
(وَمِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ إِذَا
لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ إِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَمِيرَاثِ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ سَوَاءٌ ذَكَرُهُمْ
كَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، فَإِذَا
اجْتَمَعَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةُ
لِلْأَبِ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
يُعَادُّونَ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهِمْ لِأَبِيهِمْ
فَيَمْنَعُونَهُ بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ
بِعَدَدِهِمْ) ثُمَّ يَحْجُبُونَهُمْ، وَعَبَّرَ
بِالْمُفَاعَلَةِ لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَهُ
(3/166)
عَلَى الْجَدِّ وَهُوَ يُسْقِطُ عَدَدَهُمْ
وَيُعَدُّ الشَّقَائِقُ خَاصَّةً فَحَصَلَ مِنْهُ عَدٌّ
لَكِنْ لِلشَّقِيقِ دُونَ مَنْ لِلْأَبِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَفَرَّدَ زَيْدٌ مِنْ
بَيْنِ الصَّحَابَةِ فِي مُعَادَّتِهِ الْجَدَّ
بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ
وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ
بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ
الْإِخْوَةَ مِنَ الْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ
الْأَشِقَّاءِ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُمْ
لِأَنَّهُ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ.
قَالَ: وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ
فَقَالَ: إِنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا
تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِكَ. انْتَهَى.
(وَلَا يُعَادُّونَ بِالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ
لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجَدِّ غَيْرُهُمْ لَمْ يَرِثُوا
مَعَهُ شَيْئًا وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ، فَمَا
حَصَلَ لِلْإِخْوَةِ مِنْ بَعْدِ حَظِّ الْجَدِّ فَإِنَّهُ
يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ دُونَ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ، وَلَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ
لِلْأَبِ مَعَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِخْوَةُ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ امْرَأَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَتِ
امْرَأَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تُعَادُّ الْجَدَّ
بِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا مَا كَانُوا، فَمَا حَصَلَ لَهَا
وَلَهُمْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ لَهَا دُونَهُمْ مَا بَيْنَهَا
وَبَيْنَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ فَرِيضَتَهَا، وَفَرِيضَتُهَا
النِّصْفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَإِنْ كَانَ
فِيمَا يُحَازُ لَهَا وَلِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا فَضْلٌ
عَنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ) الَّذِي اخْتَصَّتْ
بِهِ (فَهُوَ لِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا
شَيْءَ لَهُمْ) لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ.
(3/167)
[بَاب مِيرَاثِ الْجَدَّةِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ
بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَتْ الْجَدَّةُ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ «تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ
لَهَا أَبُو بَكْرٍ مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ
وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى
أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ
بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ
مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ
الْمُغِيرَةُ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ
ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا مَا
لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ
الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا
بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ
السُّدُسُ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا
وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
8 - بَابُ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ
1098 - 1075 - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) مُحَمَّدِ
بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
إِسْحَاقَ بْنِ
(3/167)
خَرَشَةَ) بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا
رَاءٌ مَفْتُوحَاتٌ، الْعَامِرِيِّ الْمَدَنِيِّ،
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ ابْنُ
عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْرِفُ عُثْمَانَ هَذَا بِأَكْثَرَ
مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ
وَحَسْبُكَ بِرِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ (عَنْ
قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ) الْخُزَاعِيِّ يُكَنَّى أَبَا
إِسْحَاقَ وَيُقَالُ أَبَا سَعِيدٍ، وُلِدَ يَوْمَ
الْفَتْحِ وَقِيلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَأُتِيَ بِهِ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا
وُلِدَ وَدَعَا لَهُ.
وَقِيلَ: وُلِدَ أَوَّلَ سَنَةِ الْهِجْرَةِ
وَتَعَقَّبُوهُ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي الصَّحَابَةِ، وَقَالَ
ابْنُ قَانِعٍ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ
وَعُثْمَانَ وَبِلَالٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَغَيْرِهِمْ.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالزَّهْرِيُّ
وَمَكْحُولٌ وَغَيْرُهُمْ، وَعَدَّهُ أَبُو الزِّنَادِ فِي
فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ، وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ
وَثَمَانِينَ. وَقِيلَ قَبْلَهَا وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَثَمَانِينَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رَوَى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ
وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ
هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ لَمْ
يُدْخِلُوا بَيْنَهُمَا أَحَدًا، وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ
مَالِكٌ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو أُوَيْسٍ.
انْتَهَى.
وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ: الصَّوَابُ
حَدِيثُ مَالِكٍ (أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّةُ)
أُمُّ الْأُمِّ (إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا) مِنْ وَلَدِ بِنْتِهَا (فَقَالَ
لَهَا أَبُو بَكْرٍ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ،
وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا، فَارْجِعِي حَتَّى
أَسْأَلَ النَّاسَ) عَنْ ذَلِكَ (فَسَأَلَ النَّاسَ)
بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ كَمَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ (فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ
شُعْبَةَ) بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، أَسْلَمَ قَبْلَ
الْحُدَيْبِيَةِ وَوَلِيَ إِمَارَةَ الْبَصْرَةِ ثُمَّ
الْكُوفَةِ وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ عَلَى الصَّحِيحِ
(حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟) مُرِيدًا زِيَادَةَ التَّثَبُّثِ
وَالِاسْتِظْهَارِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَفُشُوِّ الْحَدِيثِ
لَا عَدَمَ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ (فَقَامَ مُحَمَّدُ
بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ) أَكْبَرُ مَنِ اسْمُهُ
مُحَمَّدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكَانَ مِنَ الْفُضَلَاءِ
مَاتَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ (فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ
الْمُغِيرَةُ فَأَنْفَذَهُ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (لَهَا
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ
الْأُخْرَى) أُمٌّ لِأَبٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ
(إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا
فَقَالَ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
شَيْءٌ، وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ) مِنَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَخَلِيفَتِهِ (إِلَّا لِغَيْرِكِ) أَيْ أُمِّ الْأُمِّ
(وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا)
(3/168)
حَتَّى أَقِيسَ (وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ
السُّدُسُ فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا)
بِالسَّوِيَّةِ (وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ) أَيِ
انْفَرَدَتْ (فَهُوَ لَهَا) وَفِيهِ أَنَّ الصِّدِّيقَ
لَمْ يَكُنْ لَهُ قَاضٍ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ وَلَا
خِلَافَ فِيهِ، وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّ أَوَّلَ
مَنِ اسْتَقْضَى عُمَرُ فَبَعَثَ شُرَيْحًا إِلَى
الْكُوفَةِ قَاضِيًا، وَبَعَثَ كَعْبَ بْنَ سَوْرٍ إِلَى
الْبَصْرَةِ قَاضِيًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: أَوَّلُ مَنِ اسْتَقْضَى مُعَاوِيَةُ
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ
طَرِيقِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ.
(3/169)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ
قَالَ أَتَتْ الْجَدَّتَانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي
مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ
الْأَنْصَارِ أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ
وَهُوَ حَيٌّ كَانَ إِيَّاهَا يَرِثُ فَجَعَلَ أَبُو
بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1099 - 1076 - (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ) بْنِ
قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ (عَنِ الْقَاسِمِ
بْنِ مُحَمَّدِ) بْنِ الصِّدِّيقِ (أَنَّهُ قَالَ: أَتَتِ
الْجَدَّتَانِ) أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ (إِلَى
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ
السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ) لِأَنَّهَا
الَّتِي أَعْطَاهُ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ
أَخْبَرَنِي حَارِثَةُ كَمَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ
(أَمَا) بِالْفَتْحِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ (إِنَّكَ تَتْرُكُ
الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ كَانَ إِيَّاهَا
يَرِثُ) لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهَا وَتُعْطِي مَنْ لَوْ
مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَرِثْهَا لِأَنَّهُ ابْنُ
بِنْتِهَا.
وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ أَعْطَيْتَ الَّتِي
لَوْ أَنَّهَا مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا (فَجَعَلَ أَبُو
بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ
عُمَرَ فَقَالَ: مَا كَانَ الْقَضَاءُ إِلَّا لِغَيْرِكَ.
زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا
عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْنَادٍ
مُرْسَلٍ، ثُمَّ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ
يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
«عَنْ عُبَادَةَ أَنَّ مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى
لِلْجَدَّتَيْنِ مِنَ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمَا السُّدُسَ
سَوَاءٌ» ، قَالَ: وَإِسْحَاقُ عَنْ عُبَادَةَ مُرْسَلٌ
أَيْ مُنْقَطِعٌ.
(3/169)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ
رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ لَا
يَفْرِضُ إِلَّا لِلْجَدَّتَيْنِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ
الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ
فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَا تَرِثُ
مَعَ الْأُمِّ دِنْيَا شَيْئًا وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ
يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً وَأَنَّ الْجَدَّةَ
أُمَّ الْأَبِ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ وَلَا مَعَ
الْأَبِ شَيْئًا وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ
لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً فَإِذَا اجْتَمَعَتْ
الْجَدَّتَانِ أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ وَلَيْسَ
لِلْمُتَوَفَّى دُونَهُمَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ قَالَ مَالِكٌ
فَإِنِّي سَمِعْتُ أَنَّ أُمَّ الْأُمِّ إِنْ كَانَتْ
أَقْعَدَهُمَا كَانَ لَهَا السُّدُسُ دُونَ أُمِّ الْأَبِ
وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْأَبِ أَقْعَدَهُمَا أَوْ كَانَتَا
فِي الْقُعْدَدِ مِنْ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ
فَإِنَّ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ مَالِكٌ
وَلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ الْجَدَّاتِ إِلَّا
لِلْجَدَّتَيْنِ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ
الْجَدَّةَ ثُمَّ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى
أَتَاهُ الثَّبَتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ
فَأَنْفَذَهُ لَهَا ثُمَّ أَتَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى
إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهَا مَا أَنَا
بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا
فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ
لَهَا قَالَ مَالِكٌ ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ
غَيْرَ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ إِلَى
الْيَوْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1100 - 1077 - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ)
أَخِي يَحْيَى (أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ لَا
يَفْرِضُ إِلَّا لِلْجَدَّتَيْنِ) أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ
الْأَبِ.
(3/169)
(قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ
الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ
دِنْيَا شَيْئًا) لِإِدْلَائِهَا بِهَا فَحَجَبَتْهَا
(وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ
فَرِيضَةً وَأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأَبِ لَا تَرِثُ
مَعَ الْأُمِّ) لِأَنَّهَا تُسْقِطُهَا (وَلَا مَعَ
الْأَبِ شَيْئًا) لِأَنَّهَا أَدْلَتْ بِهِ (وَهِيَ فِيمَا
سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً) إِذَا
انْفَرَدَتْ (فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْجَدَّتَانِ أُمُّ
الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى
دُونَهُمَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَنَّ
أُمَّ الْأُمِّ إِذَا كَانَتْ أَقْعَدُهُمَا)
أَقْرَبُهُمَا لِلْمُتَوَفَّى (لَهَا السُّدُسُ دُونَ
أُمِّ الْأَبِ) أَيِ الْأُمِّ الَّتِي مِنْ جِهَتِهِ
وَهِيَ أُمُّ أُمِّهِ (فَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْأَبِ
أَقْعَدَهُمَا) أَقْرَبَهُمَا وَالْبُعْدَى إِنَّمَا هِيَ
الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ
(أَوْ كَانَتَا فِي الْقُعْدَدِ) بِضَمِّ الْقَافِ (مِنَ
الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ السُّدُسَ
بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا مِيرَاثَ
لِأَحَدٍ مِنَ الْجَدَّاتِ إِلَّا لِلْجَدَّتَيْنِ) أُمِّ
الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ وَإِنْ عَلَيَا فَإِحْدَاهُمَا
مَنْ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرٌ
أَصْلًا، وَالثَّانِيَةُ مَنْ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ذَكَرٌ
هُوَ الْأَبُ فَقَطْ، فَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أُمِّهِ
وَإِنْ عَلَتْ تَرِثُهَا، وَأَمَّا أُمُّ جَدِّهِ
لِأُمِّهِ فَلَا تَرِثُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا أُمُّ
جَدِّهِ لِأَبِيهِ فَلَا تَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ
بِقَوْلِ: (لِأَنَّهُ بَلَغَنِي) فِي الْحَدِيثِ الَّذِي
أَسْنَدَهُ قَرِيبًا وَهَذَا مِمَّا يُعْطِيكَ أَنَّهُ
يُطْلِقُ الْبَلَاغَ عَلَى الصَّحِيحِ ( «أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ
الْجَدَّةَ ثُمَّ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ» ) فِي خِلَافَتِهِ
(عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَاهُ الثَّبَتُ) بِفَتْحِ
الْمُوَحَّدَةِ ( «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ» ) أُمَّ
الْأُمِّ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ (فَأَنْفَذَ لَهَا
ثُمَّ أَتَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى) أُمُّ الْأَبِ (إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
(3/170)
فَقَالَ لَهَا: مَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي
الْفَرَائِضِ شَيْئًا فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ
بَيْنَكُمَا أَيَّتُكُمَا خَلَتِ) انْفَرَدَتْ (بِهِ
فَهُوَ لَهَا، قَالَ مَالِكٌ: ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ
أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ
الْإِسْلَامُ إِلَى الْيَوْمِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ:
مِثْلُهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ
تَوْرِيثُ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ
مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُمْ لِأُمِّ الْجَدِّ لِلْأَبِ.
(3/171)
[بَاب مِيرَاثِ الْكَلَالَةِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «سَأَلَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
الْكَلَالَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ
الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ آخِرَ سُورَةِ
النِّسَاءِ» قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ
وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا أَنَّ الْكَلَالَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَمَّا
الْآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ
النِّسَاءِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
فِيهَا {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ
امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] فَهَذِهِ
الْكَلَالَةُ الَّتِي لَا يَرِثُ فِيهَا الْإِخْوَةُ
لِلْأُمِّ حَتَّى لَا يَكُونَ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ
وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ
الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي
الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ
وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا
اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ
كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ
تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء:
176] قَالَ مَالِكٌ فَهَذِهِ الْكَلَالَةُ الَّتِي تَكُونُ
فِيهَا الْإِخْوَةُ عَصَبَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ
فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي الْكَلَالَةِ فَالْجَدُّ
يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ
مِنْهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ ذُكُورِ وَلَدِ
الْمُتَوَفَّى السُّدُسَ وَالْإِخْوَةُ لَا يَرِثُونَ مَعَ
ذُكُورِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى شَيْئًا وَكَيْفَ لَا
يَكُونُ كَأَحَدِهِمْ وَهُوَ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ
وَلَدِ الْمُتَوَفَّى فَكَيْفَ لَا يَأْخُذُ الثُّلُثَ
مَعَ الْإِخْوَةِ وَبَنُو الْأُمِّ يَأْخُذُونَ مَعَهُمْ
الثُّلُثَ فَالْجَدُّ هُوَ الَّذِي حَجَبَ الْإِخْوَةَ
لِلْأُمِّ وَمَنَعَهُمْ مَكَانُهُ الْمِيرَاثَ فَهُوَ
أَوْلَى بِالَّذِي كَانَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ سَقَطُوا مِنْ
أَجْلِهِ وَلَوْ أَنَّ الْجَدَّ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ
الثُّلُثَ أَخَذَهُ بَنُو الْأُمِّ فَإِنَّمَا أَخَذَ مَا
لَمْ يَكُنْ يَرْجِعُ إِلَى الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَكَانَ
الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ هُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ الثُّلُثِ
مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَكَانَ الْجَدُّ هُوَ أَوْلَى
بِذَلِكَ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
9 - بَابُ مِيرَاثِ الْكَلَالَةِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: هِيَ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ
أَبٌ وَلَا ابْنٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
قَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ
التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ: مَا رَأَيْتُهُمْ إِلَّا
تَوَاطَئُوا عَلَى ذَلِكَ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهِيَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ
النَّسَبُ أَيْ تَعَطَّفَ النَّسَبُ عَلَيْهِ، وَزَادَ
غَيْرُهُ: كَأَنَّهُ أَخَذَ طَرَفَيْهِ مِنْ جِهَةِ
الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِمَا أَحَدٌ
وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ قَالُوا: وَهُوَ مَأْخُوذٌ
مِنَ الْإِكْلِيلِ كَأَنَّ الْوَرَثَةَ أَحَاطُوا بِهِ
وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَا ابْنٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ كَلَّ
يَكِلُّ، يُقَالُ كَلَّتِ النَّسَبُ إِذَا تَبَاعَدَتْ
وَطَالَ انْتِسَابُهَا، وَقِيلَ: الْكَلَالَةُ مَنْ سِوَى
الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: مَنْ سِوَى
الْوَالِدِ، وَقِيلَ: هُمُ الْإِخْوَةُ، وَقِيلَ: مِنَ
الْأُمِّ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّي الَّذِي لَا وَالِدَ لَهُ
كَلَالَةً، وَسُمِّيَ الْوَارِثُ كَلَالَةً، وَسُمِّيَ
الْإِرْثُ كَلَالَةً.
وَعَنْ عَطَاءٍ: هِيَ الْمَالُ، وَقِيلَ: الْفَرِيضَةُ،
وَقِيلَ: الْوَرَثَةُ وَالْمَالُ، وَقِيلَ: بَنُو الْعَمِّ
وَنَحْوُهُمْ، وَقِيلَ: الْعَصَبَةُ وَإِنْ بَعُدُوا،
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ فِيهَا
صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَقُلْ فِي
الْكَلَالَةِ شَيْئًا.
1101 - 1078 - (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) مُرْسَلٌ عِنْدَ يَحْيَى
وَالْأَكْثَرِ، وَوَصَلَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ
الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ ( «سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
- عَنِ الْكَلَالَةِ» ) لِأَنَّهَا وَرَدَتْ بِلَفْظِهَا
مَرَّتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ، وَاخْتَلَفَتِ الْوَرَثَةُ
فَفِي أَوَّلِ النِّسَاءِ: لِإِخْوَةٍ لِلْأُمِّ، وَفِي
آخِرِهَا أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ.
(3/171)
( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -:
يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي
الصَّيْفِ آخِرَ سُورَةِ النِّسَاءِ» ) كَذَا لِيَحْيَى،
فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ.
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكَلَالَةِ
آيَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا فِي الشِّتَاءِ وَهِيَ فِي
أَوَّلِ النِّسَاءِ، وَالْأُخْرَى فِي الصَّيْفِ وَهِيَ
الَّتِي فِي آخِرِهَا.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ: " «مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ
مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ، وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي
شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ حَتَّى طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ
فِي صَدْرِي وَقَالَ: يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ
الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ النِّسَاءِ؟» ".
وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا
قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَلَالَةُ؟ قَالَ:
أَمَا سَمِعْتَ الْآيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ:
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي
الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] » [سُورَةُ النِّسَاءِ:
الْآيَةُ 176] وَفِيهِ فَضْلُ عُمَرَ عِنْدَهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ مِمَّنْ
يَسْتَنْبِطُ الْمَعَانِيَ مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ
رَدَّ ذَلِكَ إِلَى نَظَرِهِ وَاسْتِنْبَاطِهِ بِقَوْلِهِ
يَكْفِيكَ. . . إِلَخْ، إِذْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَا
يَدْرِي ذَلِكَ لَلَزِمَهُ إِيضَاحُهُ لَهُ، فَطَعَنَ
بَعْضُ الْمُلْحِدَةِ عَلَى عُمَرَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ
مِمَّا بَانَ بِهِ جَهْلُهُمْ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا الْمُجْتَمَعُ
عَلَيْهِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ
الْكَلَالَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي
أُنْزِلَتْ فِي أَوَّلِ النِّسَاءِ) فِي الشِّتَاءِ مِنْ
قَوْلِهِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}
[النساء: 11] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 11] (إِلَى
قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ
يُورَثُ} [النساء: 12] صِفَةٌ وَالْخَبَرُ (كَلَالَةً)
أَوْ " يُورَثُ " خَبَرٌ وَ " كَلَالَةً " حَالٌ مِنْ
ضَمِيرِهِ {أَوِ امْرَأَةٌ} [النساء: 12] تُورَثُ
كَلَالَةً {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء: 12] مِنْ
أُمٍّ كَمَا قَرَأَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ أَبِي
وَقَّاصٍ (فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) مِمَّا
تَرَكَ {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ} [النساء:
12] اثْنَيْنِ {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء:
12] يَسْتَوِي فِيهِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ (فَهَذِهِ
الْكَلَالَةُ الَّتِي لَا يَرِثُ فِيهَا الْإِخْوَةُ
لِلْأُمِّ حَتَّى لَا يَكُونَ) يُوجَدَ (وَلَدٌ وَلَا
وَالِدٌ) لِلْمَيِّتِ (وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي
آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ) وَهِيَ الصَّيْفِيَّةُ (قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء:
176] أَيْ يَسْتَخْبِرُونَكَ فِي
(3/172)
الْكَلَالَةِ، وَالِاسْتِفْتَاءُ طَلَبُ
الْفَتْوَى، يُقَالُ اسْتَفْتَيْتُ الرَّجُلَ فِي
الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَانِي فَتْوَى وَفُتْيَا وَهُمَا
اسْمَانِ وُضِعَا مَوْضِعَ الْإِفْتَاءِ، وَيُقَالُ
أَفْتَيْتُ فُلَانًا فِي رُؤْيَا رَآهَا قَالَ تَعَالَى:
{يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ
بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} [يوسف: 46] [سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةُ
46] وَمَعْنَى الْإِفْتَاءِ إِظْهَارُ الْمُشْكَلِ {قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]
مُتَعَلِّقٌ بِـ " يُفْتِيكُمْ " عَلَى إِعْمَالِ
الثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَصْرِيِّينَ وَلَوْ
أَعْمَلَ الْأَوَّلَ لَأَضْمَرَ فِي الثَّانِي، وَلَهُ
نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا
كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] [سُورَةُ الْحَاقَّةِ: الْآيَةُ
19] وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «قَالَ رَجُلٌ: " يَا رَسُولَ
اللَّهِ مَا الْكَلَالَةُ؟ قَالَ: مَنْ لَمْ يَتْرُكْ
وَلَدًا وَلَا وَالِدًا فَوَرَثَتُهُ كَلَالَةٌ» " {إِنِ
امْرُؤٌ} [النساء: 176] مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ
{هَلَكَ} [النساء: 176] مَاتَ {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}
[النساء: 176] رُفِعَ عَلَى الصِّفَةِ أَيْ هَلَكَ امْرُؤٌ
غَيْرُ ذِي وَلَدٍ أَيِ ابْنٍ، وَإِنْ وَقَعَ وَلَدٌ عَلَى
الْأُنْثَى لِأَنَّ الِابْنَ يُسْقِطُ الْأُخْتَ وَلَا
تُسْقِطُهَا الْبِنْتُ {وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: 176]
شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}
[النساء: 176] الْمَيِّتُ وَالْفَاءُ جَوَابُ إِنْ.
{وَهُوَ يَرِثُهَا} [النساء: 176] جُمْلَةٌ
اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ
دَالَّةٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ وَلَيْسَتْ جَوَابًا
خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَأَبِي زَيْدٍ، وَالضَّمِيرَانِ
عَائِدَانِ عَلَى لَفْظِ (امْرُؤٌ وَأُخْتٌ) دُونَ
مَعْنَاهُمَا فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:
وَكُلُّ أُنَاسٍ قَارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ وَنَحْنُ
خَلَعْنَا قَيْدَهُ فَهُوَ سَارِبُ
وَالْهَالِكُ لَا يَرِثُ فَالْمَعْنَى وَامْرُؤٌ آخَرُ
غَيْرُ الْهَالِكِ يَرِثُ أُخْتًا لَهُ أُخْرَى. {إِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] ذَكَرٌ فَإِنْ
كَانَ فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى
فَلِلْأَخِ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ الْبَنَاتِ وَهَذَا فِي
الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ لِلْأَبِ، فَإِنْ كَانَ
لِأُمٍّ فَفَرْضُهُ السُّدُسُ كَمَا فِي أَوَّلِ
السُّورَةِ {فَإِنْ كَانَتَا} [النساء: 176] أَيِ
الْأُخْتَانِ {اثْنَتَيْنِ} [النساء: 176] أَيْ فَصَاعِدًا
لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ، وَقَدْ كَانَ لَهُ
أَخَوَاتٌ {فَلَهُمَا} [النساء: 176] أَوْ لَهُنَّ
{الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] الْمَيِّتُ
{وَإِنْ كَانُوا} [النساء: 176] أَيِ الْوَرَثَةُ
بِالْأُخُوَّةِ {إِخْوَةً} [النساء: 176] وَأَخَوَاتٍ
فَغَلَّبَ الْمُذَكَّرَ {رِجَالًا وَنِسَاءً} [النساء:
176] ذُكُورًا وَإِنَاثًا {فَلِلذَّكَرِ} [النساء: 176]
مِنْهُمْ {مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176]
حَذَفَ " مِنْهُمْ " لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ
{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ} [النساء: 176] شَرَائِعَ
دِينِكُمْ {أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] مَفْعُولٌ
لِأَجْلِهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ كَرَاهَةَ أَنْ
تَضِلُّوا فِي حُكْمِهَا كَذَا قَدَّرَ الْمُبَرِّدُ،
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: " لَا " مَحْذُوفَةٌ
بَعْدَ " أَنْ "، وَالتَّقْدِيرُ لِئَلَّا تَضِلُّوا،
قَالُوا: وَحَذْفُ " لَا " سَائِغٌ ذَائِعٌ.
{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176]
يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ بِكُنْهِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا
وَبَعْدَهُ وَمِنْهُ الْمِيرَاثُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْبَرَاءِ: آخِرُ آيَةٍ
نَزَلَتْ خَاتِمَةُ النِّسَاءِ: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ
فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] [سُورَةُ النِّسَاءِ:
الْآيَةُ 176] أَيْ مِنَ الْفَرَائِضِ.
(3/173)
(قَالَ مَالِكٌ: فَهَذِهِ الْكَلَالَةُ
الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْإِخْوَةُ عَصَبَةً إِذَا لَمْ
يَكُنْ وَلَدٌ) ذَكَرٌ (فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي
الْكَلَالَةِ فَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ
لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُمْ وَذَلِكَ) أَيْ
بَيَانُ أَوْلَوِيَّتِهِ (أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ ذُكُورِ
وَلَدِ الْمُتَوَفَّى السُّدُسَ) بِاتِّفَاقٍ كَالْأَبِ
(وَالْإِخْوَةُ لَا يَرِثُونَ مَعَ ذُكُورِ وَلَدِ
الْمُتَوَفَّى شَيْئًا) بَلْ يُسْقِطُونَهُمْ (وَكَيْفَ
لَا يَكُونُ) الْجَدُّ (كَأَحَدِهِمْ) أَيِ الْإِخْوَةِ
(وَهُوَ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى
فَكَيْفَ لَا يَأْخُذُ الثُّلُثَ مَعَ الْإِخْوَةِ)
الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ (وَبَنُو الْأُمِّ يَأْخُذُونَ
مَعَهُمُ الثُّلُثَ، فَالْجَدُّ هُوَ الَّذِي حَجَبَ
الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ وَمَنَعَهُمْ مَكَانُهُ)
بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ، أَيْ وُجُودُهُ (الْمِيرَاثَ)
مَفْعُولٌ (فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (بِالَّذِي كَانَ
لَهُمْ) لَوْ لَمْ يَكُنِ الْجَدُّ (لِأَنَّهُمْ سَقَطُوا
مِنْ أَجْلِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْجَدَّ لَمْ يَأْخُذْ
ذَلِكَ الثُّلُثَ أَخَذَهُ بَنُو الْأُمِّ فَإِنَّمَا
أَخَذَ مَا لَمْ يَكُنْ يَرْجِعُ إِلَى إِخْوَةٍ لِلْأَبِ)
لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ (وَكَانَ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ
هُمْ أَوْلَى) أَحَقُّ (بِذَلِكَ الثُّلُثِ مِنَ
الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَكَانَ الْجَدُّ هُوَ أَوْلَى بِهِ
مِنَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ) وَلَفْظُ أَوْلَى فِي هَذِهِ
الْأَلْفَاظِ لَيْسَتْ لِلتَّفْضِيلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ
لَهُمْ لَا يُشَارَكُونَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ
بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي مَقَامِ
الِاسْتِدْلَالِ.
(3/174)
[بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَمَّةِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيِّ
أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ كَانَ
قَدِيمًا يُقَالُ لَهُ ابْنُ مِرْسَى أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ
جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَمَّا صَلَّى
الظُّهْرَ قَالَ يَا يَرْفَا هَلُمَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ
لِكِتَابٍ كَتَبَهُ فِي شَأْنِ الْعَمَّةِ فَنَسْأَلَ
عَنْهَا وَنَسْتَخْبِرَ عَنْهَا فَأَتَاهُ بِهِ يَرْفَا
فَدَعَا بِتَوْرٍ أَوْ قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَمَحَا ذَلِكَ
الْكِتَابَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ
وَارِثَةً أَقَرَّكِ لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
10 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَمَّةِ
1102 - 1079 - (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) بِالْمُهْمَلَةِ
وَالزَّايِ
(3/174)
الْأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيِّ
الْمَدَنِيِّ قَاضِيهَا (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيِّ) بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ
الرَّاءِ وَبِالْقَافِ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ (أَنَّهُ
أَخْبَرَهُ عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ كَانَ قَدِيمًا
يُقَالُ لَهُ ابْنُ مِرْسِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ
وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ
أُخْرَى (أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ قَالَ)
لِحَاجِبِهِ وَمَوْلَاهُ (يَا يَرْفَا) بِفَتْحِ
التَّحْتِيَّةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ،
آخِرُهُ أَلِفٌ، مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ
وَحَجَّ مَعَ عُمَرَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ تَقَدَّمَ
فِي الصَّلَاةِ (هَلُمَّ) أَحْضِرْ (ذَلِكَ الْكِتَابَ
لِكِتَابٍ كَتَبَهُ فِي شَأْنِ الْعَمَّةِ فَنَسْأَلَ) فِي
جَوَابِ الْأَمْرِ (عَنْهَا وَنَسْتَخْبِرَ) بِمُوَحَّدَةٍ
مِنَ الِاسْتِخْبَارِ (فِيهَا) النَّاسَ (فَأَتَى بِهِ
يَرْفَا) وَكَأَنَّهُ بَعْدَمَا أَتَاهُ تَغَيَّرَ مَا
كَانَ رَآهُ مِنْ سُؤَالِ النَّاسِ فَصَمَّمَ عَلَى
مَحْوِهِ (فَدَعَا بِتَوْرٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ،
إِنَاءٌ يُشْبِهُ الطَّشْتَ (أَوْ قَدَحٍ) بِالشَّكِّ أَوِ
الْمُرَادُ طَلَبُ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُمَا (فِيهِ مَاءٌ
فَمَحَا ذَلِكَ الْكِتَابَ) ثُمَّ قَالَ: (لَوْ رَضِيَكِ
اللَّهُ وَارِثَةً أَقَرَّكِ) أَثْبَتَكِ فِي كِتَابِهِ
كَمَا أَقَرَّ النِّسَاءَ الْوَارِثَاتِ فِيهِ (لَوْ
رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ) أَعَادَهُ لِلتَّأْكِيدِ،
وَقِيلَ: أَقَرَّكِ حَتَّى أَسْأَلَ وَأَسْتَخْبِرَ.
(3/175)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ
كَثِيرًا يَقُولُ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ
عَجَبًا لِلْعَمَّةِ تُورَثُ وَلَا تَرِثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1103 - 1080 - (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ
بْنِ حَزْمٍ) نَسَبَهُ لِجَدِّهِ لِشُهْرَتِهِ (أَنَّهُ
سَمِعَ أَبَاهُ كَثِيرًا يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ يَقُولُ عَجَبًا لِلْعَمَّةِ تُورَثُ) أَيْ
يَرِثُهَا أَبْنَاءُ أَخِيهَا (وَلَا تَرِثُ) مِنْهُمْ
شَيْئًا.
(3/175)
[بَاب مِيرَاثِ وِلَايَةِ الْعَصَبَةِ]
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فِي وِلَايَةِ
الْعَصَبَةِ أَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى
بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ
أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ وَبَنُو الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى
مِنْ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ وَبَنُو الْأَخِ لِلْأَبِ
أَوْلَى مِنْ بَنِي ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
وَبَنُو ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ
أَخِي الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْعَمُّ أَخُو
الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ أَخِي
الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِلْأَبِ
أَوْلَى مِنْ بَنِي الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ وَابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ عَمِّ
الْأَبِ أَخِي أَبِي الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ قَالَ
مَالِكٌ وَكُلُّ شَيْءٍ سُئِلْتَ عَنْهُ مِنْ مِيرَاثِ
الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُ عَلَى نَحْوِ هَذَا انْسُبْ
الْمُتَوَفَّى وَمَنْ يُنَازِعُ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ
عَصَبَتِهِ فَإِنْ وَجَدْتَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَلْقَى
الْمُتَوَفَّى إِلَى أَبٍ لَا يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ
إِلَى أَبٍ دُونَهُ فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ لِلَّذِي
يَلْقَاهُ إِلَى الْأَبِ الْأَدْنَى دُونَ مَنْ يَلْقَاهُ
إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ كُلَّهُمْ
يَلْقَوْنَهُ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمْ جَمِيعًا
فَانْظُرْ أَقْعَدَهُمْ فِي النَّسَبِ فَإِنْ كَانَ ابْنَ
أَبٍ فَقَطْ فَاجْعَلْ الْمِيرَاثَ لَهُ دُونَ
الْأَطْرَافِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ أَبٍ وَأُمٍّ وَإِنْ
وَجَدْتَهُمْ مُسْتَوِينَ يَنْتَسِبُونَ مِنْ عَدَدِ
الْآبَاءِ إِلَى عَدَدٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَلْقَوْا نَسَبَ
الْمُتَوَفَّى جَمِيعًا وَكَانُوا كُلُّهُمْ جَمِيعًا
بَنِي أَبٍ أَوْ بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ فَاجْعَلْ الْمِيرَاثَ
بَيْنَهُمْ سَوَاءً وَإِنْ كَانَ وَالِدُ بَعْضِهِمْ أَخَا
وَالِدِ الْمُتَوَفَّى لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَكَانَ مَنْ
سِوَاهُ مِنْهُمْ إِنَّمَا هُوَ أَخُو أَبِي الْمُتَوَفَّى
لِأَبِيهِ فَقَطْ فَإِنَّ الْمِيرَاثَ لِبَنِي أَخِي
الْمُتَوَفَّى لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ بَنِي الْأَخِ
لِلْأَبِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَالَ {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75] قَالَ مَالِكٌ وَالْجَدُّ
أَبُو الْأَبِ أَوْلَى مِنْ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ وَأَوْلَى مِنْ الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ بِالْمِيرَاثِ وَابْنُ الْأَخِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ بِوَلَاءِ
الْمَوَالِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
11 - بَابُ مِيرَاثِ وِلَايَةِ الْعَصَبَةِ
- (مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ
(3/175)
أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ
الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنَ
الْأَخِ لِلْأَبِ) لِأَنَّهُ يُدْلِي بِجِهَتَيْنِ
(وَالْأَخُ لِلْأَبِ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ بَنِي
الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ
لِلْمَيِّتِ (وَبَنُو الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى
مِنْ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ) لِإِدْلَائِهِمَا
بِجِهَتَيْنِ مَعَ اسْتِوَاءِ الدَّرَجَةِ.
(وَبَنُو الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ بَنِي ابْنِ
الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ
(وَبَنُو ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ
أَخِي الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) لِقُرْبِهِمْ
(وَالْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى
مِنَ الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ)
لِإِدْلَائِهِ بِالْجِهَتَيْنِ.
(وَالْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ بَنِي
الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) لِأَنَّهُ
أَقْرَبُ (وَابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ عَمِّ
الْأَبِ أَخِي أَبِي الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) أَيِ
الشَّقِيقِ الْقُرْبِ الْأَوَّلِ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ
تَقْدِيمَ الشَّقِيقِ إِنَّمَا هُوَ مَعَ التَّسَاوِي،
فَإِنْ كَانَ الَّذِي لِلْأَبِ أَقْرَبُ قُدِّمَ كَمَا
أَشَارَ إِلَيْهِ حَيْثُ (قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ شَيْءٍ
سُئِلْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ لِلْخِطَابِ (عَنْهُ مِنْ
مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُ عَلَى نَحْوِ هَذَا) أَيْ
مِثْلُهُ (انْسُبِ الْمُتَوَفَّى وَمَنْ يُنَازِعُ فِي
وِلَايَتِهِ مِنْ عَصَبَتِهِ، فَإِنْ وَجَدْتَ أَحَدًا
مِنْهُمْ يَلْقَى الْمُتَوَفَّى إِلَى أَبٍ لَا يَلْقَاهُ
أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى أَبٍ دُونَهُ فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ
لِلَّذِي يَلْقَاهُ إِلَى الْأَبِ الْأَدْنَى دُونَ مَنْ
يَلْقَاهُ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ) وَأَفَادَ بِهَذَا أَيْضًا
أَنَّ أَوْلَى فِي كَلَامِهِ كُلَّهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ
يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ لَا الْمُشَارَكَةُ (فَإِنْ
وَجَدْتَهُمْ كُلَّهُمْ يَلْقَوْنَهُ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ
يَجْمَعُهُمْ جَمِيعًا فَانْظُرْ أَقْعَدَهُمْ)
أَقْرَبَهُمْ (فِي النَّسَبِ فَإِنْ كَانَ) الْأَقْعَدُ
(ابْنَ أَبٍ فَقَطْ فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ لَهُ دُونَ
الْأَطْرَافِ) أَيِ الْأَبْعَدِ (وَإِنْ كَانَ ابْنَ أَبٍ
وَأُمٍّ) مُبَالَغَةٌ فَلَا شَيْءَ لِلْأَبْعَدِ
(3/176)
الشَّقِيقِ مَعَ الْأَقْرَبِ الَّذِي
لِأَبٍ (فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ مُسْتَوِينَ يَنْتَسِبُونَ
مِنَ الْآبَاءِ إِلَى عَدَدٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَلْقَوْا
نَسَبَ الْمُتَوَفَّى جَمِيعًا وَكَانُوا كُلُّهُمْ
جَمِيعًا بَنِي أَبٍ أَوْ بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ) مَعًا
(فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ سَوَاءً وَإِنْ كَانَ
وَالِدُ بَعْضِهِمْ أَخَا وَالِدِ الْمُتَوَفَّى لِلْأَبِ
وَالْأُمِّ وَكَانَ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ إِنَّمَا هُوَ
أَخُو أَبِي الْمُتَوَفَّى لِأَبِيهِ فَقَطْ فَإِنَّ
الْمِيرَاثَ لِبَنِي أَخِي الْمُتَوَفَّى لِأَبِيهِ
وَأُمِّهِ) لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالْجِهَتَيْنِ (دُونَ
بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ) لِإِدْلَائِهِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ
(وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ:
{وَأُولُو الْأَرْحَامِ} [الأنفال: 75] ذَوُو
الْقُرَابَاتِ {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ
اللَّهِ} [الأنفال: 75] اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ {إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75] وَمِنْهُ
حِكْمَةُ الْمِيرَاثِ، وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهَا
فِي أَنَّهُمْ أَوْلَى فِي الْإِرْثِ مِنَ التَّوَارُثِ
بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ
الَّتِي قَبْلَهَا لَكِنَّ الْإِمَامَ اسْتَدَلَّ
بِعُمُومِ لَفْظِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا.
(قَالَ مَالِكٌ: وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ أَوْلَى مِنْ
بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَأَوْلَى مِنَ
الْعَمِّ أَخُو الْأَبِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
بِالْمِيرَاثِ) فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ فَيَمْنَعُهُمُ
الْمِيرَاثَ (وَابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى
مِنَ الْجَدِّ بِوَلَاءِ الْمَوَالِي) فَيُقَدَّمُ عَلَى
الْجَدِّ.
(3/177)
[بَاب مَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ]
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ ابْنَ
الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْجَدَّ أَبَا الْأُمِّ وَالْعَمَّ
أَخَا الْأَبِ لِلْأُمِّ وَالْخَالَ وَالْجَدَّةَ أُمَّ
أَبِي الْأُمِّ وَابْنَةَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
وَالْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ لَا يَرِثُونَ بِأَرْحَامِهِمْ
شَيْئًا قَالَ وَإِنَّهُ لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ هِيَ
أَبْعَدُ نَسَبًا مِنْ الْمُتَوَفَّى مِمَّنْ سُمِّيَ فِي
هَذَا الْكِتَابِ بِرَحِمِهَا شَيْئًا وَإِنَّهُ لَا
يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ النِّسَاءِ شَيْئًا إِلَّا حَيْثُ
سُمِّينَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
فِي كِتَابِهِ مِيرَاثَ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا
وَمِيرَاثَ الْبَنَاتِ مِنْ أَبِيهِنَّ وَمِيرَاثَ
الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ
وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ وَوَرِثَتْ الْجَدَّةُ
بِالَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِيهَا وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مَنْ أَعْتَقَتْ
هِيَ نَفْسُهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَالَ فِي كِتَابِهِ {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
12 - بَابُ مَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ
- (مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا
اخْتِلَافَ فِيهِ) تَأْكِيدٌ لِسَابِقِهِ (وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ
ابْنَ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْجَدَّ أَبَا الْأُمِّ
وَالْعَمَّ أَخَا الْأَبِ لِلْأُمِّ وَالْخَالَ
وَالْجَدَّةَ
(3/177)
أُمَّ أَبِي الْأُمِّ وَابْنَةَ الْأَخِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ لَا
يَرِثُونَ بِأَرْحَامِهِمْ شَيْئًا) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ
وَارِثٌ غَيْرَهُمْ، بَلْ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ
(وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ امْرَأَةً هِيَ أَبْعَدُ نَسَبًا
مِنَ الْمُتَوَفَّى مِمَّنْ سُمِّيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ)
يَعْنِي الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ (بِرَحِمِهَا
شَيْئًا وَإِنَّهُ لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ
شَيْئًا إِلَّا حَيْثُ سُمِّينَ) فِي الْكِتَابِ أَوِ
السُّنَّةِ (وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِيرَاثَ الْأُمِّ مِنْ
وَلَدِهَا) السُّدُسَ أَوِ الثُّلُثَ (وَمِيرَاثَ
الْبَنَاتِ مِنْ أَبِيهِنَّ) وَمِثْلُهُنَّ بَنَاتُ
الِابْنِ (وَمِيرَاثَ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا)
الرُّبُعَ أَوِ الثُّمُنَ (وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ)
فِي قَوْلِهِ: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}
[النساء: 176] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 176]
الْآيَةَ (وَمِيرَاثَ الْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ) فِي آيَةِ
الشِّتَاءِ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ
امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] [سُورَةُ النِّسَاءِ:
الْآيَةُ 11] الْآيَةَ. فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسُ نِسْوَةٍ
الْوَارِثَاتُ بِنَصِّ الْكِتَابِ بِإِدْخَالِ بَنَاتِ
الِابْنِ فِي الْبَنَاتِ حَيْثُ لَا بَنَاتَ (وَوَرِثَتِ
الْجَدَّةُ بِالَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا) أَنَّهُ أَعْطَاهَا
السُّدُسَ (وَ) السَّابِعَةُ (الْمَرْأَةُ تَرِثُ مَنْ
أَعْتَقَتْ هِيَ نَفْسُهَا) بِالرَّفْعِ تَأْكِيدٌ
(لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي
كِتَابِهِ: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}
[الأحزاب: 5] وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَوَالِي الْأُنْثَى
الْمُعْتِقَةُ.
(3/178)
[بَاب مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ
«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
13 - بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ
1104 - 1081 - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) مُحَمَّدِ
بْنِ مُسْلِمٍ (عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ)
بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ،
ثِقَةٌ ثَبْتٌ عَابِدٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ، قَالَ
الزُّهْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ قُرَشِيًّا
(3/178)
أَفْضَلَ مِنْهُ، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ
وَتِسْعِينَ.
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ
عَفَّانَ) الْأُمَوِيِّ كَذَا قَالَ مَالِكٌ عُمَرُ
بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ
يَقُولُونَ عَمْرٌو بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَلِابْنِ
الْقَاسِمِ عَمْرٌو بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَلِيَحْيَى بْنِ
بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ بِالشَّكِّ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ
أَوْ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالثَّالِثُ عَنْ مَالِكٍ
عُمَرُ بِضَمِّهَا كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَالْأَكْثَرُ،
وَذَكَرَ ابْنُ مَهْدِيٍّ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَهُ:
تُرَانِي لَا أَعْرِفُ عُمَرَ مِنْ عَمْرٍو هَذِهِ دَارُ
عُمَرَ وَهَذِهِ دَارُ عَمْرٍو، وَلَا خِلَافَ أَنَّ
عُثْمَانَ لَهُ ابْنَانِ عُمَرُ وَعَمْرٌو وَإِنَّمَا
الْخِلَافُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَأَصْحَابُ ابْنِ
شِهَابٍ يَقُولُونَ عَمْرٌو إِلَّا مَالِكًا فَقَالَ
عُمَرُ، وَرَاجَعَهُ الشَّافِعِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ
فَقَالَ هُوَ عُمَرُ وَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ وَقَالَ: كَانَ
لِعُثْمَانَ ابْنٌ اسْمُهُ عُمَرُ هَذِهِ دَارُهُ،
وَمَالِكٌ لَا يَكَادُ يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ حِفْظًا
وَإِتْقَانًا، لَكِنَّ الْغَلَطَ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ
أَحَدٌ وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى أَنْ يُسَلَّمَ لَهَا،
وَأَبَى الْمُحَدِّثُونَ أَنْ يَكُونَ إِلَّا عَمْرٌو
بِالْوَاوِ، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِي: قِيلَ لِابْنِ
عُيَيْنَةَ مَالِكٌ يَقُولُ عُمَرُ فَقَالَ: لَقَدْ
سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ كَذَا وَكَذَا مُرَّةً
وَتَفَقَّدْتُهُ مِنْهُ فَمَا قَالَ إِلَّا عَمْرٌو،
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ خَالَفَ مَالِكٌ النَّاسَ
قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَكَذَا حَكَمَ مُسْلِمٌ
وَغَيْرُهُ عَلَى مَالِكٍ بِالْوَهْمِ فِيهِ، وَرَوَى
أَبُو الْفَضْلِ السُّلَيْمَانِيُّ عَنْ مَعْنِ بْنِ
عِيسَى قُلْتُ لِمَالِكٍ: النَّاسُ يَقُولُونَ إِنَّكَ
تُخْطِئُ فِي أَسَامِي الرِّجَالِ تَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ
الصُّنَابِحِيُّ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ،
وَتَقُولُ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو،
وَتَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ وَإِنَّمَا هُوَ
مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ مَالِكٌ: هَكَذَا حَفِظْنَا
وَهَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِي وَنَحْنُ نُخْطِئُ وَمَنْ
يَسْلَمُ مِنَ الْخَطَأِ؟ وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ
ذَلِكَ مِثَالًا لِلْمُنْكَرِ، وَتَعَقَّبَهُ
الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَفَرُّدِ
مَالِكٍ مِنْ بَيْنِ الثِّقَاتِ بِاسْمِ هَذَا الرَّاوِي
مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثِقَةٌ نَكَارَةُ الْمَتْنِ
وَلَا شُذُوذُهُ، بَلِ الْمَتْنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ
صَحِيحٌ، غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ السَّنَدُ مُنْكَرًا أَوْ
شَاذًّا لِمُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ
وَالنَّكَارَةُ تَقَعُ فِي كُلٍّ مِنَ السَّنَدِ
وَالْمَتْنِ. (عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) الْحِبِّ ابْنِ
الْحِبِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ( «أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا
يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» ) وَلَا الْكَافِرُ
الْمُسْلِمَ هَكَذَا بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ عِنْدَ جَمِيعِ
أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فَاخْتَصَرَهُ مَالِكٌ كَأَنَّهُ
قَصَدَ إِلَى النُّكْتَةِ الَّتِي لِلْقَوْلِ فِيهَا
مَدْخَلٌ فَقَطَعَ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مِنْ صَحِيحِ
الْأَثَرِ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ
وَمُعَاوِيَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَطَائِفَةً
ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ الْكَافِرَ لَا
عَكْسَهُ كَمَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ وَلَا يَنْكِحُونَ
نِسَاءَنَا، وَأَمَّا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرْثُ
الْمُسْلِمَ فَلَا دَخْلَ لِلْقَوْلِ فِيهِ لِلْإِجْمَاعِ
عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَمَعْلُومٌ
أَنَّ الْقِيَاسَ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ فَاسِدُ
الِاعْتِبَارِ، وَقَدِ احْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْإِسْلَامُ
يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» " وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ
تَفْضِيلُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ
لِلْإِرْثِ فَلَا يُتْرَكُ النَّصُّ الصَّرِيحُ لِذَلِكَ،
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَالَّذِي عَلَيْهِ سَائِرُ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ
أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ كَمَا أَنَّ
الْكَافِرَ لَا يَرِثُ
(3/179)
الْمُسْلِمَ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ،
فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِيمَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ
كِتَابَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ ذَلِكَ
فَالسُّنَّةُ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَا
يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» " بِنَقْلِ الْأَئِمَّةِ
الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَهُ مَحْجُوجٌ
بِهِ.
(3/180)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ
شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا
طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ قَالَ
فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنْ الشِّعْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1105 - 1082 - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ
بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ)
الْمُلَقَّبِ بِزَيْنِ الْعَابِدِينَ الْمَدْفُونِ
بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ عَمِّهِ الْحَسَنِ وَجَدَّتِهِ
فَاطِمَةَ وَمَا يُذْكَرُ مِنْ مَشْهَدِهِ لَمْ يَصِحَّ
(أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ)
عَبْدَ مَنَافٍ، أَوِ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ وَاحِدٌ
وَشَذَّ مَنْ قَالَ اسْمُهُ عِمْرَانُ بَلْ هُوَ قَوْلٌ
بَاطِلٌ (عَقِيلٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ
الصَّحَابِيُّ، تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى الْفَتْحِ
وَقِيلَ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهَاجَرَ فِي
أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ (وَطَالِبٌ) الَّذِي يُكَنَّى
بِهِ، وَمَاتَ كَافِرًا قَبْلَ بَدْرٍ لِأَنَّهُمَا كَانَا
كَافِرَيْنِ وَقْتَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ (وَلَمْ يَرِثْهُ
عَلِيٌّ) وَلَا جَعْفَرٌ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ
كَمَا جَاءَ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ طُرُقِ
الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.
(قَالَ) عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: (فَلِذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ
الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ (تَرَكْنَا نَصِيبَنَا)
أَيْ حِصَّةَ جَدِّهِمْ عَلِيٍّ مِنْ أَبِيهِ أَبِي
طَالِبٍ (مِنَ الشِّعْبِ) بِكَسْرٍ فَإِسْكَانٍ، كَانَ
مَنْزِلُ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرَ مَسَاكِنِهِمْ، كَانَ
لِهَاشِمٍ ثُمَّ صَارَ لِابْنِهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فَقَسَّمَهُ عَبْدُ الْمُطَّلَبِ بَيْنَ بَنِيهِ حِينَ
ضَعُفَ بَصَرُهُ وَصَارَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَظُّ أَبِيهِ، كَذَا قَالَ صَاحِبُ
الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَاتَ
فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَلَعَلَّ أَعْمَامَ الْمُصْطَفَى
جَعَلُوا لَهُ حَظَّ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَيَكُونُ
ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْ أَعْمَامِهِ، أَوْ أَنَّ عَبْدَ
الْمُطَّلِبِ قَسَّمَهُ فِي حَيَاةِ عَبْدِ اللَّهِ
فَلَمَّا مَاتَ صَارَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَظُّ أَبِيهِ، وَهَذَا عَلَى
تَسْلِيمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَافِقُونَ شَرْعَنَا
وَإِلَّا فَلَا إِشْكَالَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا
يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ أَوَائِلِ
الْإِسْلَامِ لِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ،
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْهِجْرَةَ لَمَّا وَقَعَتِ
اسْتَوْلَى عَقِيلٌ وَطَالِبٌ عَلَى مَا خَلَّفَهُ أَبُو
طَالِبٍ وَكَانَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَا خَلَّفَهُ أَبُو
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِأَنَّهُ شَقِيقُهُ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ فَلَمَّا
مَاتَ أَبُو طَالِبٍ ثُمَّ وَقَعَتِ الْهِجْرَةُ وَلَمْ
يُسْلِمْ طَالِبٌ وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُ عَقِيلٍ
اسْتَوْلَيَا عَلَى مَا خَلَّفَ أَبُو طَالِبٍ وَمَاتَ
طَالِبٌ قَبْلَ بَدْرٍ وَتَأَخَّرَ عَقِيلٌ، فَلَمَّا
تَقَرَّرَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ بِتَرْكِ تَوْرِيثِ
الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَافِرِ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِيَدِ
عَقِيلٍ وَكَانَ عَقِيلٌ قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدُّورَ
كُلَّهَا وَأَقَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَقِيلًا عَلَى مَا يَخُصُّهُ هُوَ تَفْضِيلًا عَلَيْهِ
أَوِ اسْتِمَالَةً تَأْلِيفًا أَوْ تَصْحِيحًا
لِتَصَرُّفَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا تُصَحَّحُ
أَنْكِحَتُهُمْ.
وَحَكَى الْفَاكِهِيُّ أَنَّ الدَّارَ لَمْ تَزَلْ بِيَدِ
أَوْلَادِ عَقِيلٍ حَتَّى بَاعُوهَا لِمُحَمَّدِ بْنِ
يُوسُفَ أَخِي الْحَجَّاجِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ.
(3/180)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّةً لَهُ
يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ وَأَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ وَقَالَ لَهُ مَنْ يَرِثُهَا فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا ثُمَّ
أَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ أَتُرَانِي نَسِيتُ مَا قَالَ لَكَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1106 - 1083
(3/180)
- (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ
الْأَشْعَثِ) بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ الْكُوفِيَّ،
ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَوَهِمَ مَنْ ذَكَرَهُ
فِي الصَّحَابَةِ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ
(أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ
نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ
الْأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
وَقَالَ لَهُ: مَنْ يَرِثُهَا؟ قَالَ عُمَرُ: يَرِثُهَا
أَهْلُ دِينِهَا) وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الْعُرْسِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ
عُمَرَ خِلَافَ مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: أَهْلُ الشِّرْكِ
نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَا، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ فَلَعَلَّ عُمَرَ رَجَعَ عَنْ هَذَا إِلَى مَا
قَبْلَهُ.
(ثُمَّ أَتَى عُثْمَانَ) فِي خِلَافَتِهِ (فَسَأَلَهُ عَنْ
ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَتُرَانِي نَسِيتُ مَا
قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرِثُهَا أَهْلُ
دِينِهَا؟) وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ بَعْدَ
الْمَرْفُوعِ الْإِشَارَةُ لِبَقَاءِ الْعَمَلِ بِهِ فَلَا
يَطْرُقُهُ احْتِمَالُ نَسْخٍ، وَتَابَعَ مَالِكًا فِي
رِوَايَةِ هَذَا الْأَثَرِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ
عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ
كَمَا فِي التَّمْهِيدِ.
(3/181)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّ
نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
هَلَكَ قَالَ إِسْمَعِيلُ فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1107 - 1084 - (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ)
الْأَنْصَارِيِّ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ)
مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيِّ شَيْخِ مَالِكٍ رَوَى عَنْهُ
هُنَا بِوَاسِطَةٍ (أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ:
فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ
مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا
يَرِثُ الْكَافِرَ.
(3/181)
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ الثِّقَةِ
عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعََ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ
يَقُولُ أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ
أَحَدًا مِنْ الْأَعَاجِمِ إِلَّا أَحَدًا وُلِدَ فِي
الْعَرَبِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ
مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ
فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ وَتَرِثُهُ إِنْ
مَاتَ مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ مَالِكٌ
الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالسُّنَّةُ
الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ
عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّهُ لَا يَرِثُ
الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ وَلَا
رَحِمٍ وَلَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ قَالَ
مَالِكٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ إِذَا لَمْ
يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ أَحَدًا
عَنْ مِيرَاثِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1107 - 1085 - (مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: أَبَى) أَيِ
امْتَنَعَ
(3/181)
(عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ
أَحَدًا مِنَ الْأَعَاجِمِ إِلَّا أَحَدًا وُلِدَ فِي
الْعَرَبِ) بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْقَرَابَةِ وَإِقْرَارِ
بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَأَمَّا إِذَا عُرِفَ ذَلِكَ
وَثَبَتَ بِعُدُولٍ مُسْلِمِينَ فَذَلِكَ كَالْوِلَادَةِ
فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ، قَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَرْضِ
الْعَدُوِّ فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ
وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ
مِيرَاثُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ) السُّدُسُ أَوِ
الثُّلُثُ (وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا
وَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَالَّذِي
أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّهُ
لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ وَلَا
وَلَاءٍ) أَيْ عِتْقٍ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أُخِذَ
مَالُهُ بِالْمِلْكِ لَا الْإِرْثِ (وَلَا رَحِمَ) عَمَلًا
بِعُمُومِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ (وَلَا
يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ مِيرَاثِهِ) لِأَنَّ مَنْ لَا
يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا كَمَا (قَالَ مَالِكٌ
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ إِذَا لَمْ يَكُنْ
دُونَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ أَحَدًا عَنْ
مِيرَاثِهِ) إِذْ لَا مَعْنَى لِحَجْبِ مَنْ لَا يَرِثُ.
(3/182)
[بَاب مَنْ جُهِلَ أَمْرُهُ بِالْقَتْلِ
أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ
عُلَمَائِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ قُتِلَ
يَوْمَ الْجَمَلِ وَيَوْمَ صِفِّينَ وَيَوْمَ الْحَرَّةِ
ثُمَّ كَانَ يَوْمَ قُدَيْدٍ فَلَمْ يُوَرَّثْ أَحَدٌ مِنْ
صَاحِبِهِ شَيْئًا إِلَّا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ
قَبْلَ صَاحِبِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ
فِيهِ وَلَا شَكَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِبَلَدِنَا وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي كُلِّ
مُتَوَارِثَيْنِ هَلَكَا بِغَرَقٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِ
ذَلِكَ مِنْ الْمَوْتِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا
مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ لَمْ يَرِثْ أَحَدٌ مِنْهُمَا مِنْ
صَاحِبِهِ شَيْئًا وَكَانَ مِيرَاثُهُمَا لِمَنْ بَقِيَ
مِنْ وَرَثَتِهِمَا يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَرَثَتُهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا
يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ أَحَدٌ أَحَدًا بِالشَّكِّ وَلَا
يَرِثُ أَحَدٌ أَحَدًا إِلَّا بِالْيَقِينِ مِنْ الْعِلْمِ
وَالشُّهَدَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَهْلَكُ هُوَ
وَمَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهُ فَيَقُولُ بَنُو
الرَّجُلِ الْعَرَبِيِّ قَدْ وَرِثَهُ أَبُونَا فَلَيْسَ
ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَرِثُوهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا
شَهَادَةٍ إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا يَرِثُهُ
أَوْلَى النَّاسِ بِهِ مِنْ الْأَحْيَاءِ قَالَ مَالِكٌ
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْأَخَوَانِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
يَمُوتَانِ وَلِأَحَدِهِمَا وَلَدٌ وَالْآخَرُ لَا وَلَدَ
لَهُ وَلَهُمَا أَخٌ لِأَبِيهِمَا فَلَا يُعْلَمُ
أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَمِيرَاثُ الَّذِي لَا
وَلَدَ لَهُ لِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَلَيْسَ لِبَنِي أَخِيهِ
لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَمِنْ ذَلِكَ
أَيْضًا أَنْ تَهْلَكَ الْعَمَّةُ وَابْنُ أَخِيهَا أَوْ
ابْنَةُ الْأَخِ وَعَمُّهَا فَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا
مَاتَ قَبْلُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ
قَبْلُ لَمْ يَرِثْ الْعَمُّ مِنْ ابْنَةِ أَخِيهِ شَيْئًا
وَلَا يَرِثُ ابْنُ الْأَخِ مِنْ عَمَّتِهِ شَيْئًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
14 - بَابُ مَنْ جُهِلَ أَمْرُهُ بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرِ
ذَلِكَ.
1109 - 1086 - (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ
أَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ)
يَوْمَ الْخَمِيسِ عَاشِرَ جُمَادَى الْأُولَى وَقِيلَ:
خَامِسَ عَشْرَةَ سَنَةَ
(3/182)
سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، أُضِيفَ إِلَى
الْجَمَلِ الَّذِي رَكِبَتْهُ عَائِشَةُ فِي مَسِيرِهَا
إِلَى الْبَصْرَةِ وَاسْمُهُ عَسْكَرٌ، اشْتَرَاهُ لَهَا
يَعْلَى بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الصَّحَابِيُّ بِمِائَتَيْ
دِرْهَمٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ،
وَخَرَجَتْ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فِي ثَلَاثَةِ
آلَافٍ، مِنْهُمْ أَلْفٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَمَكَّةَ تَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَلَبِ قَتَلَةِ
عُثْمَانَ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمُ انْضَمُّوا إِلَى
عَسْكَرِ عَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ رِضًى مِنْهُ لَكِنَّهُ
خَشِيَ الْفِتْنَةَ لِكَثْرَتِهِمْ وَتَغَلُّبِهِمْ،
فَخَرَجَ عَلِيٌّ إِلَيْهِمْ فَرَاسَلُوهُ فِي ذَلِكَ
فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ
دَعْوَى مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ
بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ مَقْتَلَةٌ
عَظِيمَةٌ مِنِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إِلَى الْعَصْرِ
قُتِلَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ ثَمَانِيَةُ
آلَافٍ وَقِيلَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَمِنْ أَصْحَابِ
عَلِيٍّ نَحْوُ أَلْفٍ، وَقُطِعَ عَلَى خِطَامِ الْجَمَلِ
نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ كَفًّا مُعْظَمُهُمْ مِنْ بَنِي
ضَبَّةَ، كُلَّمَا قُطِعْتُ يَدُ رَجُلٍ أَخَذَ الْخِطَامَ
آخَرُ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
نَحْنُ بَنِي ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلْ ... نُنَازِعُ
الْمَوْتَ إِذَا الْمَوْتُ نَزَلْ
وَالْمَوْتُ أَحْلَى عِنْدَنَا مِنَ الْعَسَلْ
وَكَانُوا قَدْ أَلْبَسُوهُ الْأَدْرَاعَ إِلَى أَنْ
عُقِرَ، فَانْهَزَمُوا فَأَمَرَ عَلِيٌّ بِحَمْلِ
الْهَوْدَجِ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى فَاحْتَمَلَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ الصِّدِّيقِ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ
وَجَهَّزَ عَلِيٌّ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَ أَخَاهَا
مُحَمَّدًا مَعَهَا وَشَيَّعَهَا عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ
مِيلًا وَسَرَّحَ بَنِيهِ مَعَهَا يَوْمًا.
(وَيَوْمَ صِفِّينَ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ
وَالْفَاءِ الشَّدِيدَةِ مَوْضِعٌ قُرْبَ الرَّقَّةِ
بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ كَانَتْ بِهِ الْوَقْعَةُ الْعُظْمَى
بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ غُرَّةَ صَفَرٍ سَنَةَ
سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَمِنْ ثَمَّ احْتَرَزَ النَّاسُ
السَّفَرَ فِي صَفَرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا بَايَعَهُ
أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانِ
وَامْتَنَعَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ فَكَتَبَ
إِلَيْهِ عَلِيٌّ مَعَ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ بِالدُّخُولِ
فِي الطَّاعَةِ فَأَبَى فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فِي
أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا، فِيهِمْ
تِسْعُونَ بَدْرِيًّا وَسَبْعُمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ
بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ سَائِرِ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ فِي
أَهْلِ الشَّامِ فِي خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا لَيْسَ
فِيهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا النُّعْمَانُ بْنُ
بَشِيرٍ وَمَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْتَقَى
الْجَمْعَانِ بِصِفِّينَ وَدَامَتِ الْحَرْبُ مِائَةَ
يَوْمٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ سَبْعُونَ أَلْفًا وَمِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ
عِشْرُونَ أَلْفًا، وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ
أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ
أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَآلَ الْأَمْرُ فِي
مُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى طَلَبِ التَّحْكِيمِ،
ثُمَّ رَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى الْعِرَاقِ فَخَرَجَتْ
عَلَيْهِ الْحَرُورِيَّةُ فَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ
وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَايَعَ ابْنَهُ الْحَسَنَ
أَرْبَعُونَ أَلْفًا عَلَى الْمَوْتِ، وَخَرَجَ
بِالْعَسَاكِرِ لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ وَخَرَجَ
إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَوَقَعَ بَيْنَهُمُ الصُّلْحُ كَمَا
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ
ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ
بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ".
(وَيَوْمَ الْحَرَّةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ، أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ
كَأَنَّهَا أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ
كَانَتْ بِهِ الْوَقْعَةُ بَيْنَ أَهْلِهَا وَبَيْنَ
عَسْكَرِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ سَبْعٌ
وَعِشْرُونَ أَلْفَ فَارِسٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ
رَاجِلٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ بِسَبَبِ خَلْعِ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ يَزِيدَ، وَوَلَّوْا عَلَى
(3/183)
قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ
وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ
وَأَخْرَجُوا عَامِلَ يَزِيدَ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، فَأَبَاحَ
مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ أَمِيرُ جَيْشِ يَزِيدَ
الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقْتُلُونَ
وَيَأْخُذُونَ النَّهْبَ، وَوَقَعُوا عَلَى النِّسَاءِ
حَتَّى قِيلَ حَمَلَتْ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ أَلْفُ
امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ وَافْتُضَّ فِيهَا أَلْفُ
عَذْرَاءَ، وَبَلَغَتِ الْقَتْلَى مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ
سَبْعَمِائَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ، وَمِنَ
الْمَوَالِي وَغَيْرِهِمْ مِنْ نِسَاءٍ وَصِبْيَانَ
وَعَبِيدٍ عَشَرَةَ آلَافٍ، وَقِيلَ: قُتِلَ مِنَ
الْقُرَّاءِ سَبْعُمِائَةٍ، ثُمَّ أَخَذَ عُقْبَةُ
عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لِيَزِيدَ عَلَى أَنَّهُمْ
عَبِيدُهُ إِنْ شَاءَ عَتَقَ وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ
هَذِهِ الْوَقْعَةَ لَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ
الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى قِتَالِ ابْنِ
الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ فَمَاتَ بِقُدَيْدٍ، وَاسْتَخْلَفَ
عَلَى الْجَيْشِ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ بِعَهْدِ يَزِيدَ
إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَنَزَلَ مَكَّةَ وَحَاصَرَهَا وَرَمَى
الْكَعْبَةَ بِالْمَنْجَنِيقِ فَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِ
يَزِيدَ فَرَحَلَ بِالْجَيْشِ إِلَى الشَّامِ.
(ثُمَّ كَانَ يَوْمُ قُدَيْدٍ) بِضَمِّ الْقَافِ مُصَغَّرٌ
مَوْضِعٌ قُرْبَ مَكَّةَ (فَلَمْ يُوَرَّثْ أَحَدٌ مِنْ
صَاحِبِهِ شَيْئًا إِلَّا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ
قَبْلَ صَاحِبِهِ) إِذْ لَا إِرْثَ بِالشَّكِّ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا
اخْتِلَافَ فِيهِ وَلَا شَكَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا) الْمَدِينَةِ (وَكَذَلِكَ
الْعَمَلُ فِي كُلِّ مُتَوَارِثَيْنِ هَلَكَا بِغَرَقٍ
أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْتِ) كَهَدْمٍ
(إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ
لَمْ يَرْثِ أَحَدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا
وَكَانَ مِيرَاثُهُمَا لِمَنْ بَقِيَ مِنْ وَرَثَتِهِمَا
يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ مِنَ
الْأَحْيَاءِ) الْمَوْجُودِينَ بَعْدَهُ.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي) لَا يَصِحُّ (أَنْ يَرِثَ
أَحَدٌ أَحَدًا بِالشَّكِّ وَلَا يَرِثُ أَحَدٌ أَحَدًا
إِلَّا بِالْيَقِينِ مِنَ الْعِلْمِ وَالشُّهَدَاءِ،
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَهْلِكُ هُوَ وَمَوْلَاهُ
الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهُ فَيَقُولُ بَنُو الرَّجُلِ
الْعَرَبِيِّ) أَيِ الَّذِي أَعْتَقَ (قَدْ وَرِثَهُ
أَبُونَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَرِثُوهُ) بَدَلٌ
مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَنُكْتَتُهُ وَصْفُهُ بِقَوْلِهِ
(بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا شَهَادَةٍ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ)
بَلْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ (وَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى
النَّاسِ بِهِ مِنَ الْأَحْيَاءِ) أَيْ أَقْرَبُهُمْ
إِلَيْهِ.
(3/184)
(وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْأَخَوَانِ
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يَمُوتَانِ وَلِأَحَدِهِمَا وَلَدٌ
وَالْآخِرُ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَهُمَا أَخٌ لِأَبِيهِمَا
فَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ الْآخَرِ
فَمِيرَاثُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ لِأَخِيهِ لِأَبِيهِ
وَلَيْسَ لِبَنِي أَخِيهِ وَأُمِّهِ شَيْءٌ) لِتَقْدِيمِ
الْأَخِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ (وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ
تَهْلِكَ الْعَمَّةُ وَابْنُ أَخِيهَا أَوِ ابْنَةُ
الْأَخِ وَعَمُّهَا فَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ
قَبْلُ لَمْ يَرِثِ الْعَمُّ مِنِ ابْنَةِ أَخِيهِ
شَيْئًا) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَلَا يَرِثُ الْأَخُ
مِنْ عَمَّتِهِ شَيْئًا) فِي الثَّانِيَةِ.
(3/185)
[بَاب مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ
وَوَلَدِ الزِّنَا]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ
عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ فِي وَلَدِ
الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا إِنَّهُ إِذَا مَاتَ
وَرِثَتْهُ أُمُّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَيَرِثُ
الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ إِنْ كَانَتْ مَوْلَاةً
وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا وَوَرِثَ
إِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَكَانَ مَا بَقِيَ
لِلْمُسْلِمِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
15 - بَابُ مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدِ
الزِّنَى
الْمُلَاعَنَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ
وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ اللِّعَانُ
بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا.
1087 - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ
الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ
وَوَلَدِ الزِّنَى: إِنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ
أُمُّهُ حَقَّهَا) بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ وَرِثَتْهُ (فِي
كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) السُّدُسَ أَوِ الثُّلُثَ
(وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ) السُّدُسَ
لِلْوَاحِدِ وَالثُّلُثَ لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا
(وَتَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ إِنْ كَانَتْ
مَوْلَاةً) أَيْ مُعْتَقَةً (وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً)
أَيْ حُرَّةً أَصْلِيَّةً (وَرِثَتْ حَقَّهَا وَوَرِثَ
إِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَكَانَ مَا بَقِيَ
لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَيْتِ الْمَالِ.
(3/185)
قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ
وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1088 -
(3/185)
- (قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ
أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا) وَهُوَ قَوْلُ
جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرِ فُقَهَاءِ
الْأَمْصَارِ، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ مُرْسَلِ
مَكْحُولٍ وَمِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: " «جَعَلَ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيرَاثَ ابْنِ
الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ وَلِوَرَثَتِهَا مِنْ بَعْدِهَا»
" وَعِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَحَسَّنَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَنْ وَائِلَةَ
رَفَعَهُ: " «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ:
عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ
فِيهِ» "، وَفِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ رُوبَةَ بِضَمِّ
الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَمُوَحَّدَةٍ، مُخْتَلَفٌ
فِيهِ وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَيَأْتِي فِي
اللِّعَانِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، ثُمَّ جَرَتِ
السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ
مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدِ احْتَجَّ
الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ مَالِكٍ الْآتِي فِي
اللِّعَانِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «أَنَّ
رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَفَى مِنْ
وَلَدِهَا فَفَرَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ
بِالْمَرْأَةِ» ". وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
بِالصَّوَابِ.
(3/186)
|