شرح السيوطي على مسلم

 [916] لقنوا مَوْتَاكُم المُرَاد من حَضَره الْمَوْت جَمِيعًا بِهَذَا الْإِسْنَاد أَي عَن عمَارَة بن غزيَّة الَّذِي سبق فِي الْإِسْنَاد الأول وحذفه لوضوحه عِنْد أهل الصَّنْعَة

(3/7)


[918] اللَّهُمَّ أجرني بِالْقصرِ عِنْد أَكثر أهل اللُّغَة من آجره الله أعطَاهُ أجره وَحكي الْمَدّ وأخلف بِهَمْزَة الْقطع وَكسر اللَّام بالغيرة بِفَتْح الْغَيْن أجره الله بِالْقصرِ على الْأَشْهر عزم الله لي أَي خلق لي عزما وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل لِأَن فعل الله تَعَالَى لَا يُسمى عزما من حَيْثُ أَن حَقِيقَة الْعَزْم فِيهِ حُدُوث رَأْي لم يكن وَهُوَ سُبْحَانَهُ منزه عَن هَذَا

(3/9)


[920] شقّ بَصَره بِفَتْح الشين وَرفع بَصَره فَاعِلا وَرُوِيَ بِنصب بَصَره وَهُوَ صَحِيح أَيْضا قَالَ صَاحب الْأَفْعَال شقّ بصر الْمَيِّت وشق الْمَيِّت بَصَره وَمَعْنَاهُ شخص وَقَالَ بن السّكيت يُقَال شقّ بصر الْمَيِّت وَلَا يُقَال شقّ الْمَيِّت بَصَره وَهُوَ الَّذِي حَضَره الْمَوْت وَصَارَ ينظر إِلَى الشَّيْء لَا يرْتَد إِلَيْهِ طرفه إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ إِذا خرج الرّوح من الْجَسَد تبعه الْبَصَر نَاظرا أَيْن يذهب قلت وَفِي فهم هَذَا دقة فَإِنَّهُ قد يُقَال إِن الْبَصَر يبصر مَا دَامَت الرّوح فِي الْبدن فَإِذا فَارقه تعطل الإبصار كَمَا يتعطل الإحساس وَالَّذِي ظهر لي بعد النّظر ثَلَاثِينَ سنة أَن يُجَاب بِأحد أَمريْن أَحدهمَا أَن ذَلِك بعد خُرُوج الرّوح من أَكثر الْبدن وَهِي بعد بَاقِيَة فِي الرَّأْس والعينين فَإِذا خرج من الْفَم أَكْثَرهَا وَلم ينْتَه كلهَا نظر الْبَصَر إِلَى الْقدر الَّذِي خرج وَقد ورد أَن الرّوح على مِثَال الْبدن وَقدر أَعْضَائِهِ فَإِذا خرج بقيتها من الرَّأْس وَالْعين سكن النّظر فَيكون قَوْله إِذا قبض مَعْنَاهُ إِذا شرع فِي قَبضه وَلم ينْتَه قَبضه الثَّانِي أَن يحمل على ذكره كثير من أَن الرّوح لَهَا اتِّصَال بِالْبدنِ وَإِن كَانَت خَارِجَة فَيرى وَيسمع وَيعلم وَيرد السَّلَام وَيكون هَذَا الحَدِيث من أقوى الْأَدِلَّة على ذَلِك وَالله أعلم بِمُرَاد نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الرّوح لُغَتَانِ التَّذْكِير والتأنيث واخلفه فِي عقبه قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال لمن ذهب لَهُ مَال أَو ولد أَو زوج أَو شَيْء يتَوَقَّع حُصُول مثله أخلف الله عَلَيْك مثله فَإِن ذهب مَا لَا يتَوَقَّع كوالد أَو عَم أَو أَخ لمن لَا يجد لَهُ وَلَا وَالِد يُقَال لَهُ خلف الله عَلَيْك بِغَيْر ألف أَي كَانَ الله خَليفَة مِنْهُ عَلَيْك

(3/11)


[921] شخص بَصَره بِفَتْح الْخَاء أَي ارْتَفع وَلم يرْتَد يتبع بصر نَفسه المُرَاد بِالنَّفسِ هُنَا الرّوح قَالَ القَاضِي وَفِيه أَن الْمَوْت لَيْسَ بإفناء وَلَا إعدام وَإِنَّمَا هُوَ انْتِقَال وَتغَير حَال وإعدام للجسد دون الرّوح إِلَّا مَا اسْتثْنِي من عَجِيب الذَّنب وَفِيه حجَّة لمن يَقُول النَّفس وَالروح بِمَعْنى

(3/12)


[922] غَرِيب فِي أَرض غَرِيبَة مَعْنَاهُ أَنه من أهل مَكَّة وَمَات بِالْمَدِينَةِ من الصَّعِيد المُرَاد بِهِ عوالي الْمَدِينَة تسعدني أَي تساعدني فِي الْبكاء وَالنوح

(3/13)


[924] غشية بِفَتْح الْغَيْن وَكسر الشين وَتَخْفِيف الْيَاء وَفِي البُخَارِيّ فِي غاشية وَفِيه قَولَانِ أَحدهمَا من يَغْشَاهُ من أَهله وَالثَّانِي مَا يَغْشَاهُ من كرب الْمَوْت

(3/14)


[926] الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى مَعْنَاهُ الصَّبْر الْكَامِل الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْأجر الجزيل لِكَثْرَة الْمَشَقَّة فِيهِ وأصل الصدم الضَّرْب فِي شَيْء صلب ثمَّ اسْتعْمل مجَازًا فِي كل مَكْرُوه حصل بَغْتَة

(3/15)


[927] ان الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ تَأَوَّلَه الْجُمْهُور على أَن من أوصى بِأَن يبكى عَلَيْهِ ويناح بعد مَوته وَكَانَ من عَادَة الْعَرَب الْوَصِيَّة بِهِ قَالَ واجمعوا على أَن المرد بالبكاء الْبكاء بِصَوْت ونياحة لَا بِمُجَرَّد دمع الْعين يعذب فِي قَبره بِمَا نيح عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ ضبطناه بِمَا نيح عَلَيْهِ وَمَا ينح عَلَيْهِ بِإِثْبَات الْيَاء الجارة وحذفها وهما صَحِيحَانِ وَفِي رِوَايَة بِإِثْبَات فِي قَبره وَفِي رِوَايَة بحذفها بحياله أَي بحذائه من يبكى عَلَيْهِ يعذب كَذَا فِي الْأُصُول يبكي بِالْيَاءِ وَهُوَ لُغَة على حد قَوْله ألم يَأْتِيك والأنباء تنمى فَذكرت ذَلِك لمُوسَى بن طَلْحَة الْقَائِل فَذكرت عبد الْملك بن عُمَيْر عولت يُقَال عول عَلَيْهِ وأعول لُغَتَانِ وَهُوَ الْبكاء بِصَوْت

(3/16)


[929] فأرسلها عبد الله مُرْسلَة أَي أطلق رِوَايَته وَلم يقيدها بِيَهُودِيٍّ كَمَا قيدته عَائِشَة وَلَا بِوَصِيَّة كَمَا قَيده آخَرُونَ وَلَا يُقَال بِبَعْض بكاء أَهله كَمَا رَوَاهُ بن عمر
[932] وَهل بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْهَاء وَفتحهَا أَي غلط وَنسي

(3/18)


[935] شقّ الْبَاب تَفْسِير ل الصائر وَهُوَ بِفَتْح الشين فاحث بِضَم الثَّاء وَكسرهَا أرْغم الله أَنْفك أَي ألصقه بالرغام وَهُوَ التُّرَاب وَهُوَ إِشَارَة إِلَى إذلاله وإهانته من العناء بِالْمدِّ الْمَشَقَّة والتعب من العي بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة أَي التَّعَب كالعناء قَالَ القَاضِي وَوَقع عِنْد بَعضهم الغي بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَصْحِيف وَعند آخَرين العناء كالرواية الأولى وَيَردهُ أَن مُسلما روى الأولى أَيْضا ثمَّ روى الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَقَالَ إِنَّهَا بِنَحْوِ الأولى إِلَّا فِي هَذَا اللَّفْظ فَتعين أَن يكون خِلَافه
[937] إِلَّا آل فلَان قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على الترخيص لأم عَطِيَّة فِي آل فلَان خَاصَّة وَلَا تحل النِّيَاحَة لغَيْرهَا وَلَا لَهَا فِي غير آل فلَان وللشارع أَن يخص من الْعُمُوم مَا شَاءَ

(3/20)


[938] وَلم يعزم علينا أَي وَلم يحتم علينا فَهِيَ كَرَاهَة وتنزيه لَا نهي عَزِيمَة وَتَحْرِيم

(3/21)


[939] وَنحن نغسل ابْنَته هِيَ زَيْنَب وَقيل أم كُلْثُوم إِن رأيتن ذَلِك بِكَسْر الْكَاف خطابا لأم عَطِيَّة حقوه بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا إزَاره وأصل الحقو معقد الْإِزَار وَسمي بِهِ الْإِزَار مجَازًا لِأَنَّهُ يشد فِيهِ أشعرنها إِيَّاه أَي اجعلنه شعارا لَهَا وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَإِنَّمَا أَمر بذلك تبركا بِهِ
[938] مشطناها بتَخْفِيف الشين ثَلَاثَة قُرُون أَي ضفائر قرنيها ضفيرتين ناصيتها ضفيرة

(3/22)


[940] فَوَجَبَ أجرنا على الله أَي ثَبت بوعده الصَّادِق لم يَأْكُل من أجره شَيْئا أَي لم يُوسع عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَلم يعجل لَهُ شَيْء من جَزَاء عمله نمرة هِيَ كسَاء الْإِذْخر بِكَسْر الْهمزَة وَالْخَاء حشيش مَعْرُوف طيب الرَّائِحَة أينعت أَي أدْركْت ونضجت يهدبها بِفَتْح أَوله وَكسر الدَّال وَضمّهَا أَي يجتنيها اسْتِعَارَة لما فتح الله عَلَيْهِم من الدُّنْيَا

(3/24)


[941] سحُولِيَّة بِفَتْح السِّين أشهر من ضمهَا منسوبة إِلَى سحول مَدِينَة بِالْيمن من كُرْسُف أَي قطن لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة أَي لم يكن مَعَ الثَّلَاثَة غَيرهَا وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة مَعْنَاهُ لَيْسَ الْقَمِيص والعمامة من جملَة الثَّلَاثَة وَإِنَّمَا هما زائدتان عَلَيْهَا أما الْحلَّة قَالَ أهل اللُّغَة لَا تكون الْحلَّة إِلَّا ثَوْبَيْنِ إِزَار ورداء شبه بِضَم الشين وَكسر الْبَاء الْمُشَدّدَة أَي اشْتبهَ عَلَيْهِم فِي حلَّة يمنية قَالَ النَّوَوِيّ ضبطت هَذِه اللَّفْظَة على ثَلَاثَة أوجه حَكَاهَا القَاضِي يمنية بِفَتْح أَوله منسوبة إِلَى الْيمن ويمانية كَذَلِك ويمنة بِضَم الْيَاء وَإِسْكَان الْمِيم وَهِي أشهر وعَلى هَذَا حلَّة مُضَافَة لَهَا وَهِي ضرب من برود الْيمن سحول بِالْفَتْح وَالضَّم وَالضَّم أشهر جمع سحل وَهُوَ الثَّوْب الْقطن يَمَانِية بتَخْفِيف الْيَاء فِي الْأَفْصَح لِأَن الْألف بدل من إِحْدَى يائي النّسَب فَلَا يَجْتَمِعَانِ

(3/25)


[942] سجي غطي جَمِيع بدنه حبرَة بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ضرب من برود الْيمن

(3/26)


[943] غير طائل أَي خَفِيف غير كَامِل السّتْر حَتَّى يصلى عَلَيْهِ بِفَتْح اللَّام فليحسن كَفنه ضبط بِفَتْح الْفَاء وسكونها وَالْفَتْح أظهر زَاد الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده من حَدِيث جَابر أَيْضا فَإِنَّهُم يتباهون ويتزاورون فِي قُبُورهم وللترمذي وَابْن ماجة مثله من حَدِيث أبي قَتَادَة

(3/27)


[944] فشر تضعونه عَن رِقَابكُمْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا بعيدَة عَن الرَّحْمَة وَلَا مصلحَة لكم فِي مصاحبتها

(3/28)


[945] فَلهُ قيراطان أَي تَمام قيراطين فَيكون قِيرَاط للصَّلَاة وقيراط للدفن والقيراط مِقْدَار من الثَّوَاب مَعْلُوم عِنْد الله تَعَالَى وَلَا يلْزم أَن يكون هُوَ الْمَذْكُور فِيمَن اقتنى كَلْبا نقص أجره كل يَوْم قِيرَاط بل ذَلِك قدر مَعْلُوم يجوز أَن يكون مثل هَذَا أَو أقل أَو أَكثر ضيعنا قراريط فِي كثير من الْأُصُول فِي قراريط بِزِيَادَة فِي على تضمين ضيعنا معنى فرطنا وَفِي حَدِيث عبد الْأَعْلَى حَتَّى يفرغ مِنْهَا ضبط بِضَم الْيَاء وَفتح الرَّاء وَعَكسه أَكثر علينا أَبُو هُرَيْرَة مَعْنَاهُ أَنه خَافَ لِكَثْرَة رواياته أَنه اشْتبهَ عَلَيْهِ الْأَمر فِي ذَلِك وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ حَدِيث بِحَدِيث لَا أَنه نسبه إِلَى رِوَايَة مَا لم يسمع بن قسيط بِضَم الْقَاف وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْيَاء من حَصْبَاء الْمَسْجِد بِالْبَاء وَالْمدّ فَرمى بن عمر بالحصى مَقْصُور جمع حَصَاة كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَفِي بَعْضهَا عَكسه وَالْأول من حَصى الْمَسْجِد وَالثَّانِي بالحصباء

(3/31)


[947] فَحدثت بِهِ شُعَيْب بن الحبحاب قَائِل ذَلِك سَلام بن أبي مُطِيع

(3/32)


[949] فَأثْنى عَلَيْهَا خيرا بِالنّصب على نزع الْجَار وبالرفع نَائِب الْفَاعِل وَكَذَا فَأثْنى عَلَيْهَا شرا رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ فَمن أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه لمن أثنى عَلَيْهِ أهل الْفضل وَكَانَ ثناؤهم مطابقا لأفعاله وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَيْسَ مُرَاد الحَدِيث وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار أَنه على عُمُومه وإطلاقه وَإِن كل مُسلم مَاتَ فألهم الله النَّاس أَو معظمهم الثَّنَاء عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك دَلِيلا على أَنه من أهل الْجنَّة سَوَاء كَانَت أَفعاله تَقْتَضِي ذَلِك أم لَا وَيكون فِي الثَّانِي دَلِيلا على أَن الله سُبْحَانَهُ قد شَاءَ الْمَغْفِرَة لَهُ وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا قَالَ النَّوَوِيّ كَيفَ مكنوا من الثَّنَاء بِالشَّرِّ مَعَ النَّهْي عَن سبّ الْأَمْوَات فَالْجَوَاب أَن النَّهْي عَن سبّ الْأَمْوَات فِي غير الْمُنَافِق وَسَائِر الْكفَّار وَفِي غير المتظاهر بفسق وبدعة جَاءَ فِي

(3/33)


[950] مستريح ومستراح مِنْهُ أَي أَن الْمَوْتَى قِسْمَانِ 1 الْمُؤمن يستريح من نصب الدُّنْيَا أَي تعبها 2 والفاجر يستريح مِنْهُ الْعباد أَي من أَذَاهُ وظلمه وارتكابه للمنكرات فَإِن أنكروها قاسوا مشقة من ذَلِك وَرُبمَا نالهم ضَرَره وَإِن سكتوا عَنهُ أثموا والبلاد وَالشَّجر وَالدَّوَاب لِأَنَّهَا تمنع الْقطر بمعصيته وَلِأَنَّهُ يغصبها ويمنعها حَقّهَا من الشّرْب وَنَحْوه

(3/34)


[952] سليم بن حَيَّان بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ سليم بِفَتْح السِّين غَيره أَصْحَمَة بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الصَّاد وَفتح الْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ مَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّة النَّجَاشِيّ هُوَ لقب لكل من ملك الْحَبَشَة فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا قَالَ القَاضِي روى بن أبي خَيْثَمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكبر أَرْبعا وخمسا وستا وَسبعا وثمانيا حَتَّى مَاتَ النَّجَاشِيّ فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَثَبت على ذَلِك حَتَّى توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(3/35)


[954] إِلَى قبر رطب أَي جَدِيد ترابه رطب لم تطل مدَّته فييبس من شهده بن عَبَّاس هُوَ بدل من من
[956] تقم الْمَسْجِد أَي تكنسه آذنتموني أَي أعلمتموني فصلى عَلَيْهَا فِي رِوَايَة أخرجهَا أَبُو الشَّيْخ الْأَصْبَهَانِيّ زِيَادَة أَنه سَأَلَهَا أَي الْعَمَل وجدت أفضل فَذكر أَنَّهَا أَجَابَتْهُ قُم الْمَسْجِد
[957] كبر على جَنَازَة خمْسا قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَنْسُوخ

(3/36)


[958] إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَنْسُوخ عِنْد الْجُمْهُور ثمَّ اخْتَار عدم نسخه وَأَنه مُسْتَحبّ حَتَّى تخلفكم بِضَم التَّاء وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة أَي تصيروا وَرَاءَهَا أَو تُوضَع ذهب بعض من قَالَ بالنسخ فِي الصُّورَة الأولى إِلَى أَنه غير مَنْسُوخ فِي الثَّانِيَة وَأَنه يسْتَحبّ لمن شيعها أَن لَا يقْعد حَتَّى تُوضَع وَقَالَ النّسخ إِنَّمَا هُوَ فِي قيام من مرت فَليقمْ حِين يَرَاهَا قَالَ النَّوَوِيّ ظَاهره أَنه يقوم بِمُجَرَّد الرُّؤْيَة قبل أَن تصل إِلَيْهِ

(3/37)


[961] إِنَّهَا من أهل الأَرْض أَي من أهل الذِّمَّة وقه فتْنَة الْقَبْر قلت يحْتَمل أَن يكون على حذف مُضَاف أَي شَرّ فتْنَة الْقَبْر إِذْ لَا يكون دَعَا لَهُ بِرَفْع السُّؤَال عَنهُ من أَصله لكَونه من الْقَوْم الَّذين لَا يسْأَلُون كالصديقين وَالشُّهَدَاء وَمن مَاتَ مِنْهُم يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة وَنَحْوهم

(3/39)


[965] معرورى بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء عري قَالَ أهل اللُّغَة اعروريت الْفرس إِذا ركبته عريا فَهُوَ معرورى قَالُوا وَلم يَأْتِ افعوعل معدى إِلَّا هَذَا واحلوليت الشَّيْء بن الدحداح بمهملات وَيُقَال أَبُو الدحداح وَأَبُو الدحداحة قَالَ بن عبد الْبر لَا يعرف اسْمه فعقله رجل أَي أمْسكهُ لَهُ وحبسه يتوقص أَي يتوثب عذق بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة الْغُصْن من النَّخْلَة
[966] الحدوا بِهَمْزَة وصل وَفتح الْحَاء وَيجوز قطعهَا وَكسر الْحَاء يُقَال لحد يلْحد وألحد يلْحد إِذا حفر اللَّحْد

(3/40)


[967] جعل فِي قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطيفة حَمْرَاء هِيَ كسَاء لَهُ خمل قَالَ وَكِيع هَذَا خَاص بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه بن سعد فِي طبقاته وَأَبُو التياح ذكره مَعَ أبي جَمْرَة مَعَ أَنه لم يذكر فِي الْإِسْنَاد لِأَنَّهُمَا مَاتَا فِي سنة وَاحِدَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة بسرخس بِفَتْح السِّين وَالرَّاء وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَيُقَال أَيْضا بِإِسْكَان الرَّاء وَفتح الْخَاء مَدِينَة بخراسان
[968] ثُمَامَة هُوَ أَبُو عَليّ الْهَمدَانِي بن شفي بِضَم الشين وَفتح الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء برودس بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو وَكسر الدَّال الْمُهْملَة ثمَّ سين مُعْجمَة جَزِيرَة بِأَرْض الرّوم وَيُقَال بِفَتْح الرَّاء وبفتح الدَّال وبإعجام الدَّال وبإعجام الشين أَربع رِوَايَات

(3/41)


[969] أبي الْهياج بِفَتْح الْهَاء وَتَشْديد الْيَاء

(3/42)


[970] يجصص أَي يبيض بالجص تقصيص الْقُبُور بقاف وصادين مهملتين وَهُوَ التجصيص والقصة بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة الجص
[973] سُهَيْل وأخيه اسْمه سهل وَلَهُمَا أَخ ثَالِث اسْمه صَفْوَان وأبوهم وهب بن ربيعَة الْقرشِي الفِهري وَكَانَت وَفَاة سُهَيْل سنة تسع من الْهِجْرَة

(3/43)


[974] البقيع بِالْمُوَحَّدَةِ بِلَا حلاف دَار قوم بِالنّصب على النداء أَي يَا أهل دَار وَقيل على الِاخْتِصَاص وَيجوز جَرّه على الْبَدَل من ضمير عَلَيْكُم إِن شَاءَ الله هُوَ للتبرك وَقيل عَائِد إِلَى تِلْكَ التربة بِعَينهَا الْغَرْقَد مَا عظم من العوسج وَكَانَ كثيرا فِي البقيع فأضيف إِلَيْهِ ريث بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء ومثلثة أَي قدر رويدا أَي قَلِيلا لطيفا لِئَلَّا ينبهها أجافه بِالْجِيم أَي أغلقه وتقنعت إزَارِي أَي لبسته فَقَامَ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دُعَاء الْقَائِم أكمل من دُعَاء الْجَالِس فِي الْقُبُور فأحضر أَي عدا يَا عائش مرخم يجوز فِيهِ فتح الشين وَضمّهَا حَشا بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الشين الْمُعْجَمَة مَقْصُور ذَات حَشا أَي ربو وارتفاع نفس وتواتره رابية مُرْتَفعَة الْبَطن لَا شَيْء فِي بعض الْأُصُول لَا بِي شَيْء بياء الْجَرّ وَرفع شَيْء وَفِي بَعْضهَا لأي شَيْء على الِاسْتِفْهَام السوَاد أَي الشَّخْص فلهدني بِفَتْح الْهَاء وَالدَّال الْمُهْملَة وَرُوِيَ بالزاي وهما متقاربان وَهُوَ الدّفع بِجَمِيعِ الْكَفّ فِي الصَّدْر نعم هُوَ من تَتِمَّة كَلَام عَائِشَة صدقت نَفسهَا

(3/46)


[976] حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد عَن يزِيد بن كيسَان عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ زار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبر أمه الحَدِيث قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث وجد فِي رِوَايَة أبي الْعَلَاء بن ماهان لأهل الْمغرب وَلم يُوجد فِي رِوَايَات بِلَادنَا من جِهَة عبد الغافر الْفَارِسِي وَلكنه يُوجد فِي أَكثر الْأُصُول فِي آخر كتاب الْجَنَائِز ويضبب عَلَيْهِ وَرُبمَا كتب فِي الْحَاشِيَة وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قلت قد ذكر بن شاهين فِي كتاب النَّاسِخ والمنسوخ أَن هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه مَنْسُوخ بِحَدِيث إحيائها حَتَّى آمَنت بِهِ وردهَا الله وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع ولي فِي الْمَسْأَلَة سبع مؤلفات

(3/47)


[978] بمشاقص بسهام عراض وَاحِدهَا مشقص بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْقَاف فَلم يصل عَلَيْهِ هَذَا خَاص بِهِ كَمَا ترك الصَّلَاة فِي أول الْأَمر على من عَلَيْهِ دين وَأمر الصَّحَابَة فصلوا عَلَيْهِ

(3/51)


[979] أوسق جمع وسق بِفَتْح الْوَاو أشهر من كسرهَا وَهُوَ فِي اللُّغَة الْحمل وَالْمرَاد بِهِ سِتُّونَ صَاعا خمس ذود بِالْإِضَافَة وَرُوِيَ بتنوين خمس وذود بدل مِنْهُ والذود من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَإِنَّمَا يُقَال فِي الْوَاحِد بعير وَرُوِيَ خَمْسَة ذود لِأَنَّهُ يُطلق على الْمُذكر والمؤنث أواقي بِالْيَاءِ فِي الرِّوَايَة الأولى وبحذفها فِي بَاقِي الرِّوَايَات وَكِلَاهُمَا جمع أُوقِيَّة بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء قَالَ النَّوَوِيّ أجمع أهل الحَدِيث وَالْفِقْه واللغة على ان الْأُوقِيَّة الشَّرْعِيَّة أَرْبَعُونَ درهما وَهِي أُوقِيَّة الْحجاز أوساق جمع وسق بِكَسْر الْوَاو ك حمل وأحمال من تمر بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة وَإِسْكَان الْمِيم غير أَنه قَالَ بدل التَّمْر ثَمَر يَعْنِي بِالْمُثَلثَةِ وَفتح الْمِيم

(3/52)


[980] الْوَرق بِكَسْر الرَّاء وسكونها الْفضة كلهَا مضروبها وَغَيره وَقيل هِيَ حَقِيقَة فِي الْمَضْرُوب دَرَاهِم وَلَا يُطلق على غير الدَّرَاهِم إِلَّا مجَازًا
[981] الْغَيْم الْمَطَر العشور ضبط بِضَم الْعين جمع عشر وَبِفَتْحِهَا اسْم للمخرج من ذَلِك بالسانية هِيَ الْبَعِير الَّذِي يستقى بِهِ المَاء من الْبِئْر

(3/53)


[983] منع بن جميل أَي الزَّكَاة ينقم بِكَسْر الْقَاف أفْصح من ضمهَا وأعتاده هِيَ آلَة الْحَرْب من السِّلَاح وَالدَّوَاب وَغَيرهَا الْوَاحِد عتاد بِفَتْح الْعين فَهِيَ عَليّ وَمثلهَا مَعهَا فِي حَدِيث عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ إِنَّا تعجلنا مِنْهُ صَدَقَة عَاميْنِ صنو أَبِيه أَي مثل أَبِيه الْفطر

(3/54)


[984] فرض زَكَاة الْفطر أَي أوجب وألزم وَقيل قدر من الْمُسلمين قَالَ التِّرْمِذِيّ وَغَيره هَذِه اللَّفْظَة انْفَرد بهَا مَالك دون سَائِر أَصْحَاب نَافِع قَالَ النَّوَوِيّ وَلَيْسَ كَذَلِك بل وَافقه فِيهَا ثقتان الضَّحَّاك بن عُثْمَان فِي مُسلم وَعمر بن نَافِع فِي البُخَارِيّ
[985] بن أبي ذُبَاب بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وبالباء الْمُوَحدَة

(3/55)


[987] كلما بردت فِي بعض النّسخ ردَّتْ حلبها بِفَتْح اللَّام وَحكي إسكانها بطح لَهَا أَي ألقِي بقاع هُوَ المستوي من الأَرْض قرقر بِفَتْح القافين المستوي من الأَرْض الْوَاسِع كلما مر عَلَيْهِ أولاها رد عَلَيْهِ أخراها قَالُوا هُوَ تَغْيِير وتصحيف وَالصَّوَاب مَا فِي الرِّوَايَة بعْدهَا كلما مر عَلَيْهِ أخراها رد عَلَيْهِ أولاها فَيرى سَبيله بِضَم يَاء يرى وَفتحهَا وَرفع سَبيله ونصبه عقصاء هِيَ ملتوية القرنين جلحاء هِيَ الَّتِي لَا قرن لَهَا عضباء هِيَ الَّتِي انْكَسَرَ قرنها الدَّاخِل تنطحه بِكَسْر الطَّاء أفْصح من فتحهَا وَلَا صَاحب بقر هَذَا أصح الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي زَكَاة الْبَقر بأظلافها جمع ظلف وَهُوَ للبقر وَالْغنم كالخف للبعير والقدم للآدمي والحافر للْفرس والبغل وَالْحمار الَّتِي هِيَ لَهُ وزر فِي بعض النّسخ الَّذِي وَهُوَ أفْصح وَأشهر ونواء بِكَسْر النُّون وَالْمدّ أَي مناوأة ومعاداة ربطها فِي سَبِيل الله أَي أعدهَا للْجِهَاد طولهَا بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْوَاو الْحَبل الَّذِي ترْبط فِيهِ فاستنت أَي جرت شرفا بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء العالي من الأَرْض وَقيل المُرَاد هُنَا طلقا الفاذة أَي القليلة النظير الجامعة أَي الْعَامَّة المتناولة لكل خير ومعروف كنز هُوَ ك شَيْء مَجْمُوع بعضه على بعض سَوَاء كَانَ فِي بطن الأَرْض أَو على ظهرهَا فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فسر فِي الحَدِيث بِالْأَجْرِ والمغنم أشرا بِفَتْح الْهمزَة والشين المرح واللجاج

(3/60)


[988] أَكثر مَا كَانَت بِالْمُثَلثَةِ مثل لَهُ شجاعا أَي نصب أَو صير بِمَعْنى أَن مَاله يصير على صُورَة الشجاع جماء هِيَ الَّتِي لَا قُرُون لَهَا وَمَا حَقّهَا قَالَ إطراق فَحلهَا إِلَى آخِره قَالَ الْمَازرِيّ يحمل على أَن يكون هَذَا الْحق فِي مَوضِع يتَعَيَّن فِيهِ الْمُوَاسَاة وَقَالَ القَاضِي هَذِه الْأَلْفَاظ صَرِيحَة فِي أَن هَذَا الْحق غير الزَّكَاة قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قبل وجوب الزَّكَاة ومنيحتها هُوَ ان يمنحه نَاقَة أَو بقرة أَو شَاة ينْتَفع بلبنها ووبرها وصوفها وشعرها زَمَانا ثمَّ يردهَا

(3/62)


[989] من المصدقين بتَخْفِيف الصَّاد هم السعاة الْعَامِلُونَ على الصَّدقَات أرضوا مصدقيكم مَعْنَاهُ ببذل الْوَاجِب وملاطفتهم وَترك مشاقتهم

(3/63)


[990] فَلم أتقار أَي لم يمكنني الْقَرار والثبات نفدت قَالَ النَّوَوِيّ ضبطناه بِالدَّال الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة وَفتح الْفَاء

(3/64)


[94] لَغطا بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وسكونها أَي جلبة وصوتا غير مَفْهُوم إِلَّا من أعطَاهُ الله خيرا أَي مَالا فنفح بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي ضرب يَده بالعطاء يَمِينه وشماله وَبَين يَدَيْهِ ووراءه أَي فعل جَمِيع وُجُوه المكارم وَالْخَيْر وَعمل فِيهِ خيرا أَي طَاعَة فِي الْحرَّة هِيَ الأَرْض الملبسة حِجَارَة سَوْدَاء

(3/66)


[992] مَلأ هم الْأَشْرَاف أخشن الثِّيَاب إِلَى آخِره هُوَ بِالْخَاءِ والشين المعجمتين فِي الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة من الخشونة عِنْد الْجُمْهُور وَعند بن الْحذاء فِي الْأَخير خَاصَّة حسن الْوَجْه من الْحسن وَرَوَاهُ الْقَابِسِيّ فِي البُخَارِيّ حسن الشّعْر وَالثيَاب والهيئة فَقَامَ عَلَيْهِم أَي وقف بشر الكانزين هَذَا على مَذْهَب أبي ذَر فِي الْكَنْز أَنه كل مَا فضل عَن حَاجَة الْإِنْسَان وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن الْكَنْز المَال الَّذِي لم تُؤَد زَكَاته وَمَا أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ بكنز سَوَاء كثر أم قل برضف هِيَ الْحِجَارَة المحماة يحمى يُوقد ثدي أحدهم فِيهِ جَوَاز اسْتِعْمَال الثدي فِي الرجل وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد جُمْهُور أهل اللُّغَة من نغض كَتفيهِ بِضَم النُّون وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وضاد مُعْجمَة الْعظم الرَّقِيق على طرف الْكَتف وَقيل هُوَ أَعلَى الْكَتف يتزلزل أَي يَتَحَرَّك قَالَ القَاضِي قيل إِنَّه بِسَبَب نضجه يَتَحَرَّك لكَونه تهرأ قَالَ وَالصَّوَاب أَن التحرك والتزلزل إِنَّمَا هُوَ للرضف أَي يَتَحَرَّك من نغض كتفه حَتَّى يخرج من حلمة ثديه لَا تعتريهم أَي لَا تأتيهم وَلَا تطلب مِنْهُم يُقَال اعتريته إِذا أَتَيْته تطلب مِنْهُ حَاجَة خُلَيْد بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام وَإِسْكَان الْيَاء العصري بِفَتْح الْعين وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ

(3/68)


[993] وَقَالَ بن نمير ملآن قَالُوا هُوَ غلط مِنْهُ وضبطوه بِوَجْهَيْنِ إسكان اللَّام ثمَّ همزَة وَفتح اللَّام بِلَا همز سحاء ضبط بِوَجْهَيْنِ بِالتَّنْوِينِ على الْمصدر وَهُوَ الْأَصَح الْأَشْهر وبالمد على الْوَصْف ووزنه فعلاء صفة لليد والسح الصب الدَّائِم لَا يغيضها أَي لَا ينقصها اللَّيْل وَالنَّهَار منصوبان على الظّرْف فِي الرِّوَايَة الأولى وَضبط فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن رَافع بذلك وبالرفع على أَنه فَاعل وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْض ضبط بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الْأَشْهر وَالْأَكْثَر وَمَعْنَاهُ الْمَوْت وَقيل تقتير الرزق على من يَشَاء وبالفاء وَالْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت وَمَعْنَاهُ الْإِحْسَان وَالعطَاء والرزق الْوَاسِع وَقيل الْمَوْت لُغَة فِي الْفَيْض يُقَال فاضت نَفسه وأفاضت إِذا مَاتَ قَالَ الْمَازرِيّ وَهَذَا مِمَّا يتَأَوَّل لِأَن الْيَمين إِذا كَانَت بِمَعْنى الْمُنَاسبَة ل الشمَال لَا يُوصف بهَا الْبَارِي سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ مقدس عَن التجسيم وَالْحَد وَإِنَّمَا خاطبهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يفهمونه وَأَرَادَ الْإِخْبَار بِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا ينقصهُ الْإِنْفَاق وَلَا يمسك خشيَة الإملاق وَعبر عَن توالي النعم وسح الْيَمين لِأَن الْبَاذِل منا يفعل ذَلِك بِيَمِينِهِ قلت وَهَذَا يُسمى فِي فن الْبَيَان بالاستعارة التمثيلية يرفع ويخفض قيل هُوَ عبارَة عَن توسيع الرزق وتقتيره على من يَشَاء وَقيل هُوَ عبارَة عَن تصاريف الْمَقَادِير فِي الْخلق بِالْعِزَّةِ والذل
[996] الْجرْمِي بِالْجِيم قهرمان بِفَتْح الْقَاف وَإِسْكَان الْهَاء وَفتح الرَّاء الخازن والقائم بحوائج الْإِنْسَان وَهُوَ بِمَعْنى الْوَكِيل وَهُوَ بِلِسَان الْفرس

(3/70)


[997] فضل بِكَسْر الضَّاد وَفتحهَا

(3/71)


[998] بيرحا ضبط بِفَتْح الرَّاء وَضمّهَا مَعَ كسر الْيَاء وبفتح الْبَاء وَالرَّاء حَائِط يُسمى بِهَذَا الِاسْم وَلَيْسَ اسْم بِئْر وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة بريحا بِفَتْح الْبَاء وَكسر الرَّاء وَفِي أبي دَاوُد بأريحاء وَأكْثر رواياتهم فِي هَذَا الْحَرْف بِالْقصرِ وَرُوِيَ بِالْمدِّ بخ بِإِسْكَان الْخَاء وتنوينها مَكْسُورَة وَحكي كسرهَا بِلَا تَنْوِين وَحكي تشديدها وَرُوِيَ بِالرَّفْع وَمَعْنَاهُ تَعْظِيم الْأَمر وتفخيمه مَال رابح ضبط بِالْمُوَحَّدَةِ من الرِّبْح وبالمثناة تَحت أَي رابح عَلَيْك أجره ونفعه فِي الْآخِرَة

(3/72)


[999] لَو أعطيتهَا أخوالك كَذَا فِي الْأُصُول بِالْأُمِّ وَفِي البُخَارِيّ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ أخواتك بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوق قَالَ القَاضِي وَلَعَلَّه أصح بِدَلِيل رِوَايَة الْمُوَطَّأ أعطيتهَا أختك قَالَ النَّوَوِيّ الْجَمِيع صَحِيح

(3/73)


[1000] وَلَو من حليكن بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام مُفردا يَجْزِي بِفَتْح الْيَاء أَي يَكْفِي فَذكرت ذَلِك لإِبْرَاهِيم قَالَ النَّوَوِيّ قَائِل ذَلِك الْأَعْمَش ومقصوده أَنه رَوَاهُ عَن شيخين شَقِيق وَأبي عُبَيْدَة

(3/74)


[1002] يحتسبها قَالَ النَّوَوِيّ طَرِيقه فِي الاحتساب أَن يتَذَكَّر أَنه يجب عَلَيْهِ الْإِنْفَاق على الزَّوْجَة والأطفال والمملوك وَنَحْوهم مِمَّن تجب نَفَقَته على حسب أَحْوَالهم وَاخْتِلَاف الْعلمَاء فيهم وَأَن غَيرهم مِمَّن ينْفق عَلَيْهِ مَنْدُوب إِلَى الْإِنْفَاق عَلَيْهِم فينفق بنيه أَدَاء مَا أَمر بِهِ

(3/75)


[1003] قدمت عَليّ أُمِّي اسْمهَا قيلة وَقيل قتيلة بنت عبد الْعُزَّى العامرية القرشية وَهِي راغبة قيل مَعْنَاهُ راغبة عَن الْإِسْلَام كارهة لَهُ وَقيل طامعة فِيمَا أعطيتهَا حريصة عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد قدمت عَليّ أُمِّي راغبة فِي عهد قُرَيْش وَهِي راغمة مُشركَة فَالْأولى راغبة بِالْبَاء أَي طامعة طالبة صلتي وَالثَّانيَِة بِالْمِيم أَي كارهة لِلْإِسْلَامِ ساخطة وَاخْتلف فِي إسْلَامهَا وَالْأَكْثَر أَنَّهَا مَاتَت مُشركَة
[1004] افتلتت نَفسهَا بِالْفَاءِ مَبْنِيا للْمَفْعُول أَي مَاتَت فلتة أَي فَجْأَة ونفسها يرْوى بِالرَّفْع نَائِب الْفَاعِل وَبِالنَّصبِ مفعول ثَان وبإسقاط الْجَار وَالْأول هُوَ الْمُضمر الْقَائِم مقَام الْفَاعِل وَرَوَاهُ بن قُتَيْبَة اقتلتت بِالْقَافِ قَالَ وَهِي كلمة تقال لمن مَاتَ فَجْأَة وَيُقَال أَيْضا لمن قَتله الْحبّ والعشق أفلها أجر إِن تَصَدَّقت عَنْهَا الرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِكَسْر الْهمزَة من إِن على الشّرطِيَّة وَلَا يَصح قَول من فتحهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ عَمَّا لم يَفْعَله

(3/76)


[1005] كل مَعْرُوف صَدَقَة أَي كل مَا يفعل من أَعمال الْبر وَالْخَيْر كَانَ ثَوَابه كثواب من تصدق بِالْمَالِ

(3/77)


[1006] الدُّثُور بِضَم الدَّال جمع دثر بِفَتْحِهَا وَهُوَ المَال الْكثير مَا تصدقُونَ الرِّوَايَة بتَشْديد الصَّاد وَالدَّال جَمِيعًا وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة بِرَفْع صَدَقَة على الِاسْتِئْنَاف ونصبها عطفا على أَن بِكُل تَسْبِيحَة صَدَقَة وَكَذَا مَا بعده قَالَ القَاضِي يحمل تَسْمِيَتهَا صَدَقَة أَن لَهَا أجرا كَمَا للصدقة أجر وَأَن هَذِه الطَّاعَات تماثل الصَّدقَات فِي الأجور فسماها صَدَقَة على طَرِيق الْمُقَابلَة وتجنيس الْكَلَام وَقيل مَعْنَاهُ أَنَّهَا صَدَقَة على نَفسه وَأمر بِالْمَعْرُوفِ نكره إِشَارَة إِلَى ثُبُوت حكم الصَّدَقَة فِي كل فَرد من أَفْرَاد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَفِي بضع أحدكُم صَدَقَة هُوَ بِضَم الْبَاء قَالَ النَّوَوِيّ يُطلق على الْجِمَاع وعَلى الْفرج نَفسه وَكِلَاهُمَا يَصح إِرَادَته هُنَا أَيَأتِي أحدكُم شَهْوَته وَيكون لَهُ فِيهَا أجر قَالَ الْقُرْطُبِيّ اسْتِفْهَام من استبعد حُصُول أجر بِفعل مستلذ يحث الطَّبْع عَلَيْهِ وَكَأن هَذَا الاستبعاد إِنَّمَا وَقع من تصفح الْأَكْثَر من الشَّرِيعَة وَهُوَ أَن الأجور إِنَّمَا تحصل فِي الْعِبَادَات الشاقة على النُّفُوس الْمُخَالفَة لَهَا أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام أَكَانَ عَلَيْهِ وزر فَكَذَلِك إِذا وَضعهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أجر زَاد الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان أتحتسبون بِالشَّرِّ وَلَا يحتسبون بِالْخَيرِ قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي الحَدِيث جَوَاز الْقيَاس وَهُوَ مَذْهَب الْعلمَاء كَافَّة إِلَّا الظَّاهِرِيَّة وَأما الْمَنْقُول عَن التَّابِعين وَنَحْوهم من ذمّ الْقيَاس فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ الْقيَاس الَّذِي يعتمده الْفُقَهَاء والمجتهدون قَالَ وَهَذَا الْقيَاس الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ قِيَاس الْعَكْس قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَحَاصِله رَاجع إِلَى إِعْطَاء كل وَاحِد من المتقابلين مَا يُقَابل بِهِ الآخر من الذوات وَالْأَحْكَام

(3/78)


[1007] إِنَّه خلق قَالَ الْقُرْطُبِيّ الضَّمِير فِي إِنَّه ضمير الشَّأْن وَالْأَمر مفصل بِفَتْح الْمِيم وَكسر الصَّاد قَالَ الْقُرْطُبِيّ والمفاصل الْعِظَام الَّتِي ينْفَصل بَعْضهَا من بعض وَقد سَمَّاهَا سلاميات قَالَ ومقصود الحَدِيث أَن الْعِظَام الَّتِي فِي الْإِنْسَان أصل وجوده وَبهَا حُصُول مَنَافِعه إِذْ لَا تتأتى الحركات والسكنات إِلَّا بهَا والأعصاب رباطات واللحوم والجلود حافظات وممكنات فَهِيَ إِذا أعظم نعم الله على الْإِنْسَان وَحقّ الْمُنعم عَلَيْهِ أَن يُقَابل كل نعْمَة مِنْهَا بشكر يَخُصهَا وَهِي أَن يُعْطي صَدَقَة كَمَا أعطي مَنْفَعَة لَكِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لطف وخفف بِأَن جعل التسبيحة الْوَاحِدَة كالعطية وَكَذَلِكَ التحميدة وَغَيرهَا من أَعمال الْبر وأقواله وَإِن قل مقدارها وَأتم تَمام الْفضل أَن اكْتفى من ذَلِك كُله بِرَكْعَتَيْنِ فِي الضُّحَى عدد تِلْكَ السِّتين والثلاثمائة السلامى قَالَ الْقُرْطُبِيّ كَذَا وَقعت الرِّوَايَة وَصَوَابه فِي الْعَرَبيَّة وثلاثمائة السلامى لِأَنَّهُ لَا يجمع بَين الْإِضَافَة وَالْألف وَاللَّام وَقَالَ النَّوَوِيّ وَقع هُنَا إِضَافَة ثَلَاث إِلَى مائَة مَعَ تَعْرِيف الأول وتنكير الثَّانِي وَالْمَعْرُوف لأهل الْعَرَبيَّة عَكسه وَهُوَ تنكير الأول وتعريف الثَّانِي وَقد سبق جَوَابه فِي كتاب الْإِيمَان زحزح باعد يمشي قَالَ النَّوَوِيّ وَقع لأكْثر رُوَاة كتاب مُسلم الأول يمشي بِفَتْح الْيَاء وبالشين الْمُعْجَمَة وَالثَّانِي بضَمهَا وبالسين الْمُهْملَة ولبعضهم عَكسه وَكِلَاهُمَا صَحِيح وَأما قَوْله بعده فِي رِوَايَة الدَّارمِيّ وَقَالَ فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمئِذٍ فبالمهملة لَا غير وَأما قَوْله بعد فِي حَدِيث أبي بكر بن نَافِع وَقَالَ فَإِنَّهُ يمشي يَوْمئِذٍ فبالمعجمة باتفاقهم

(3/80)


[1008] على كل مُسلم صَدَقَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ هُوَ هُنَا مُطلق وَقد قيد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة بقوله فِي كل يَوْم قَالَ فَظَاهر هَذَا اللَّفْظ الْوُجُوب وَلَكِن خففه الله تَعَالَى حَيْثُ جعل مَا خف من المندوبات مسْقطًا لَهُ لطفا مِنْهُ ذَا الْحَاجة صَاحبهَا الملهوف الْمُضْطَر إِلَيْهَا الَّذِي قد شغله همه بحاجته عَن كل مَا سواهَا يمسك عَن الشَّرّ فَإِنَّهَا صَدَقَة أَي على نَفسه كَمَا فِي رِوَايَة أُخْرَى وَالْمرَاد أَنه إِذا أمسك عَن الشَّرّ لله تَعَالَى كَانَ لَهُ أجر على ذَلِك كَمَا أَن للمتصدق بِالْمَالِ أجرا
[1009] تعدل بَين الْإِثْنَيْنِ أَي تصلح بَينهمَا بِالْعَدْلِ

(3/81)


[1010] بن أبي مزرد بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة واسْمه عبد الرَّحْمَن بن يسَار اللَّهُمَّ أعْط منفقا خلفا قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا يعم الْوَاجِبَات والمندوبات اللَّهُمَّ أعْط ممسكا تلفا قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي الممسك عَن النَّفَقَات الْوَاجِبَات وَأما الممسك عَن المندوبات فقد لَا يسْتَحق هَذَا الدُّعَاء اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يغلب عَلَيْهِ الْبُخْل بهَا وَإِن قلت كالحبة واللقمة فَهَذَا قد يتَنَاوَلهُ هَذَا الدُّعَاء لِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون كَذَلِك لغَلَبَة صفة الْبُخْل المذمومة عَلَيْهِ وَقل مَا يكون كَذَلِك إِلَّا وَيبْخَل بِكَثِير من الْوَاجِبَات أَو لَا يطيب نفسا بهَا

(3/82)


[1012] وَيرى الرجل بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت يلذن بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي يستترن ويحترزن من الملاذ الَّذِي هُوَ الستْرَة قَالَ النَّوَوِيّ أَي ينتمين إِلَيْهِ ليقوم بحوائجهن ويذب عَنْهُن وَفِي رِوَايَة بن براد وَترى الرجل بِفَتْح الْمُثَنَّاة فَوق

(3/83)


[157] حَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجا وأنهارا قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ وَالله أعلم أَنهم يتركونها ويعرضون عَنْهَا فَتبقى مُهْملَة لَا تزرع وَلَا يسقى من مياهها وَذَلِكَ لقلَّة الرِّجَال وَكَثْرَة الحروب وتراكم الْفِتَن وَقرب السَّاعَة وَقلة الآمال وَعدم الْفَرَاغ لذَلِك والاهتمام بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وتنصرف دواعي الْعَرَب عَن مُقْتَضى عَادَتهم من انتجاع الْغَيْث والارتحال عَن المواطن للحروب والغارات وَمن عزة النُّفُوس الْعَرَبيَّة الْكَرِيمَة الأبية إِلَى أَن يتقاعدوا عَن ذَلِك فيشتغلوا بغراسة الأَرْض وعمارتها وإجراء مياهها كَمَا قد شوهد فِي كثير من بِلَادهمْ وأحوالهم حَتَّى يهم رب المَال قَالَ النَّوَوِيّ ضبط بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا وَهُوَ الأجود وَالْأَشْهر بِضَم الْيَاء وَكسر الْهَاء وَيكون رب المَال مَنْصُوبًا مَفْعُولا وَالْفَاعِل من يقبله أَي يخزنه ويهتم لَهُ وَالثَّانِي بِفَتْح الْيَاء وَضم الْهَاء وَيكون رب المَال مَرْفُوعا فَاعِلا أَي يهم رب المَال بِمن يقبل صدقته أَي يَقْصِدهُ لَا أرب لَا حَاجَة

(3/84)


[1013] مُحَمَّد بن يزِيد الرِّفَاعِي مَنْسُوب إِلَى جده رِفَاعَة أفلاذ أكبادها قَالَ بن السّكيت الفلذة الْقطعَة من كبد الْبَعِير وَقَالَ غَيره هِيَ الْقطعَة من اللَّحْم قَالَ النَّوَوِيّ وَمعنى الحَدِيث التَّشْبِيه أَي تخرج مَا فِي جوفها من الْقطع المدفونة فِيهَا أَمْثَال الأسطوان بِضَم الْهمزَة والطاء جمع أسطوانة وَهِي السارية والعمود

(3/85)


[1014] إِلَّا الطّيب أَي الْحَلَال أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ وَإِن كَانَت تَمْرَة فتربوا فِي كف الرَّحْمَن قَالَ الْمَازرِيّ قد ذكرنَا اسْتِحَالَة الْجَارِحَة على الله تَعَالَى وَهَذَا الحَدِيث وَشبهه عبر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا اعتادوا فِي خطابهم ليفهموا فكنى هُنَا عَن قبُول الصَّدَقَة بأخذها بالكف وَعَن تَضْعِيف أجرهَا بالتربية قَالَ القَاضِي لما كَانَ الشَّيْء الَّذِي يُرْضِي يتلَقَّى بِالْيَمِينِ وَيُؤْخَذ بهَا اسْتعْمل فِي مثل هَذَا واستعير للقبول وَالرِّضَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر إِذا مَا راية رفعت لمجد تلقاها عرابة بِالْيَمِينِ قَالَ وَقيل عبر بِالْيَمِينِ هُنَا عَن جِهَة الْقبُول وَالرِّضَا إِذْ الشمَال بضده فِي هَذَا قَالَ وَقيل المُرَاد بكف الرَّحْمَن هُنَا وب يَمِينه كف الَّذِي يدْفع إِلَيْهِ الصَّدَقَة وأضافه إِلَى اله تَعَالَى إِضَافَة ملك واختصاص لوضع هَذِه الصدقه فِيهَا لله تَعَالَى وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل أَن يكون الْكَفّ عبارَة عَن كفة الْمِيزَان الَّذِي يُوزن فِيهِ الْأَعْمَال فَيكون من بَاب حذف الْمُضَاف كَأَنَّهُ قَالَ فتربوا فِي كفة ميزَان الرَّحْمَن قَالَ وَيجوز أَن يكون مصدر كف كفا وَيكون مَعْنَاهُ الْحِفْظ والصيانة فَكَأَنَّهُ قَالَ تِلْكَ الصَّدَقَة فِي حفظ الله وكلئه فَلَا ينقص ثَوَابهَا وَلَا يبطل جزاؤها حَتَّى تكون أعظم من الْجَبَل قيل هُوَ على ظَاهره وَأَن ذَاتهَا تعظم ويبارك الله فِيهَا ويزيدها من فَضله حَتَّى تثقل فِي الْمِيزَان وَقيل المُرَاد بذلك تَعْظِيم أجرهَا وتضعيف ثَوَابهَا فلوه فِيهِ لُغَتَانِ أشهرها فتح الْفَاء وَضم اللَّام وَتَشْديد الْوَاو وَالثَّانيَِة كسر الْفَاء وَسُكُون اللَّام وَتَخْفِيف الْوَاو وَهُوَ الْمهْر سمي بذلك لِأَنَّهُ فَلَا عَن أمه أَي فصل وعزل وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الفلو فِي الْإِبِل كَالصَّبِيِّ فِي الرِّجَال أَو فَصِيله وَهُوَ ولد النَّاقة إِذا فصل من رضَاع أمه ك جريح وقتيل بِمَعْنى مَجْرُوح ومقتول أَو قلوصة بِفَتْح الْقَاف وَضم اللَّام النَّاقة الْفتية وَلَا تطلق على الذّكر

(3/88)


[1015] إِن الله طيب قَالَ القَاضِي هُوَ صفة لله بِمَعْنى المنزه عَن النقائص فَهُوَ بِمَعْنى القدوس زَاد الْقُرْطُبِيّ وَقيل طيب الثَّنَاء ومستلذ الْأَسْمَاء عِنْد العارفين بهَا قَالَ وعَلى هَذَا ف طيب من أَسْمَائِهِ الْحسنى ومعدود فِي جُمْلَتهَا الْمَأْخُوذَة من السّنة ك الْجَمِيل والنظيف على قَول من رَوَاهُ وَإِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمر الْمُؤمنِينَ بِمَا أَمر بِهِ الْمُرْسلين قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي سوى بَينهم فِي الْخطاب بِوُجُوب أكل الْحَلَال يُطِيل السّفر قَالَ النَّوَوِيّ أَي فِي وُجُوه الطَّاعَات كحج وزيارة مُسْتَحبَّة وصلَة رحم وَغير ذَلِك قَالَ الْقُرْطُبِيّ إِلَّا أَن قَوْله أَشْعَث أغبر يدل على الْمحرم قَالَ والشعث فِي الشّعْر والغبرة فِي سَائِر الْجَسَد يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء أَي عِنْد الدُّعَاء قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا يدل على مَشْرُوعِيَّة مد الْيَدَيْنِ عِنْده وغذي بِضَم الْغَيْن وَتَخْفِيف الذَّال الْمَكْسُورَة فَأنى يُسْتَجَاب لذَلِك قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي كَيفَ على جِهَة الاستبعاد وَمَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ أَهلا لإجابة دُعَائِهِ وَلَكِن يجوز أَن يستجيب الله لَهُ فضلا وكرما

(3/89)


[1016] بشق تَمْرَة بِكَسْر الشين نصفهَا وجانبها ترجمان بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا الْمعبر عَن لِسَان بِلِسَان أَيمن مِنْهُ قَالَ الْقُرْطُبِيّ بِالنّصب على الظّرْف وَكَذَا أشأم مِنْهُ وَيَعْنِي بهما يَمِينه وشماله مَأْخُوذَة من الْيَد الْيُمْنَى والشؤمى فَاتَّقُوا النَّار أَي اجعلوا بَيْنكُم وَبَينهَا وقاية من الصَّدقَات وأعمال الْبر وَلَو بِكَلِمَة طيبَة قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ أَنَّهَا سَبَب للنجاة من النَّار وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي فِيهَا تطييب قلب إِنْسَان إِذا كَانَت مُبَاحَة أَو طَاعَة وأشاح بالشين الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة قَالَ الْخَلِيل أشاح بِوَجْهِهِ عَن الشَّيْء نحاه عَنهُ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا هُوَ مَعْنَاهُ فِي الحَدِيث قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ المشيح الحذر والجاد فِي الْأَمر وَقيل الْمقبل وَقيل الهارب وَقيل الْمقبل إِلَيْك الْمَانِع لما وَرَاء ظَهره قَالَ فأشاح يحْتَمل هَذِه الْمعَانِي أَي حذر النَّار كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا أَو جد فِي الْإِيضَاح بإيقانها أَو أقبل إِلَيْك خطابا أَو أعرض كالهارب

(3/91)


[1017] مجتابي النمار بِكَسْر النُّون جمع نمرة بِفَتْحِهَا وَهِي ثِيَاب صوف فِيهَا تنمير أَي خرقوها وقوروا وَسطهَا فتمعر بِالْعينِ الْمُهْملَة أَي تغير كومين ضبط بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا قَالَ بن سراج هُوَ بِالضَّمِّ اسْم لما كوم وبالفتح الْمرة الْوَاحِدَة والكومة الصُّبْرَة والكوم الْعَظِيم من كل شَيْء والكوم الْمَكَان الْمُرْتَفع كالرابية قَالَ الشارحون وَالْفَتْح هُنَا أولى لِأَنَّهُ شبه مَا اجْتمع هُنَاكَ بالكوم الَّذِي هُوَ الرابية يَتَهَلَّل أَي يستبشر فَرحا وسرورا كَأَنَّهُ مذْهبه ضَبطه الْجُمْهُور بذال مُعْجمَة وَفتح الْهَاء وباء مُوَحدَة فَقيل مَعْنَاهُ فضَّة مذهبَة وَهُوَ أبلغ فِي حسن الْوَجْه وإشراقه كَمَا قَالَ الشَّاعِر كَأَنَّهَا فضَّة قد مَسهَا ذهب وَقيل مَعْنَاهُ كَأَنَّهُ آلَة مذهبَة كَمَا يذهب من الْجُلُود والسروج والأقداح وَغير ذَلِك وَيجْعَل طرائق يَتْلُو بَعْضهَا بَعْضًا وَضَبطه الْحميدِي بدال مُهْملَة وَضم الْهَاء وَنون وَقَالَ المدهن الْإِنَاء الَّذِي يدهن فِيهِ وَهُوَ أَيْضا اسْم للنقرة فِي الْجَبَل يستنقع فِيهَا مَاء الْمَطَر فَشبه وَجهه الْكَرِيم بصفاء هَذَا المَاء وبصفاء الدّهن والمدهن قَالَ القَاضِي وَغَيره هَذَا تَصْحِيف وَالصَّوَاب الأول
[1018] نحامل على ظُهُورنَا أَي نحمل عَلَيْهَا بِأُجْرَة

(3/94)


[1019] بعس بِضَم الْعين وَتَشْديد السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ الْقدح الْكَبِير الضخم وَرُوِيَ بعسا بِفَتْح الْعين وَكسرهَا وسين مُهْملَة وَفسّر ب الْعس الْكَبِير وَرُوِيَ بعشا بشين مُعْجمَة وَمد قَالَ القَاضِي وَهَذِه لأكْثر رَوَاهُ مُسلم
[1020] من منح منيحة بِفَتْح الْمِيم وياء وَفِي بعض النّسخ منحة بِحَذْف الْيَاء وَالْمِيم الْمَكْسُورَة قَالَ النَّوَوِيّ قد تكون المنيحة عَطِيَّة الرَّقَبَة بمنافعها وَهِي الْهِبَة وَقد تكون عَطِيَّة اللَّبن أَو الثَّمر مُدَّة والرقبة بَاقِيَة على ملك صَاحبهَا فيردها إِلَيْهِ إِذا انْقَضى اللَّبن أَو الثَّمر الْمَأْذُون فِيهِ صبوحها وغبوقها بِالنّصب على الظّرْف وَقيل بِالْجَرِّ على الْبَدَل من صَدَقَة والصبوح بِفَتْح الصَّاد الشّرْب أول النَّهَار والغبوق بِفَتْح الْغَيْن الشّرْب أول اللَّيْل

(3/95)


[1021] حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ وَقَالَ بن جريج كَذَا فِي الْأُصُول بِالْوَاو لِأَن بن عُيَيْنَة قَالَ لعَمْرو قَالَ بن جريج كَذَا فَإِذا روى عَمْرو الثَّانِي من تِلْكَ الْأَحَادِيث أَتَى بِالْوَاو لِأَن بن عُيَيْنَة قَالَ فِي الثَّانِي وَقَالَ بن جريج كَذَا مثل الْمُنفق والمتصدق قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول وَقَالَ القَاضِي وَغَيره وَهُوَ وهم وَصَوَابه مثل الْبَخِيل والمتصدق كَمَا فِي سَائِر الرِّوَايَات قَالَ وَفِي بعض الْأُصُول والمصدق بِحَذْف التَّاء وَتَشْديد الصَّاد كَمثل رجل قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول كلهَا بِالْإِفْرَادِ وَالظَّاهِر أَنه تَغْيِير من بعض الروَاة وَصَوَابه كَمثل رجلَيْنِ جبتان أَو جنتان الأول بِالْبَاء وَالثَّانِي بالنُّون وَفِي بعض الْأُصُول عَكسه من لدن ثديهما كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول بِضَم الثَّاء وَتَشْديد الْيَاء على الْجمع وَفِي بَعْضهَا ثدييهما بالتثنية سبغت عَلَيْهِ أَي كملت وَرُوِيَ اتسعت من السعَة أَو مرت كَذَا فِي النّسخ بالراء وَصَوَابه مدت بِالدَّال بِمَعْنى سبغت وَقد يَصح مرت على نَحْو هَذَا الْمَعْنى قلصت تقبضت وانضمت وَأخذت كل حَلقَة موضعهَا حَتَّى تجن بنانه وَتَعْفُو أَثَره قَالَ القَاضِي هَذَا وهم من الروَاة لِأَن هَذِه الْجُمْلَة إِنَّمَا هِيَ فِي الْمُتَصَدّق لَا فِي الْبَخِيل وَمعنى يجن بنانه بِالْجِيم وَالنُّون تستر أنامله وَوهم بَعضهم فَرَوَاهُ تحز بِالْحَاء وَالزَّاي وَوهم آخر فَرَوَاهُ ثِيَابه بِالْبَاء والمثلثة جمع ثوب وَمعنى وَتَعْفُو أَثَره يمحو أثر مَشْيه بسبوغها وكمالها وَهُوَ تَمْثِيل لنماء المَال بِالصَّدَقَةِ والإنفاق والبخيل بضد ذَلِك وَقيل هُوَ تَمْثِيل لِكَثْرَة الْجُود وَالْبخل وَأَن الْمُعْطِي إِذا أعْطى انبسطت يَدَاهُ بالعطاء وتعود ذَلِك وَإِذا أمسك صَار ذَلِك عَادَة لَهُ وَقيل معنى يمحو أَثَره تذْهب بخطاياه وَنَحْوهَا وَقيل ضرب الْمثل عَادَة بهما لِأَن الْمُنفق يستر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عوراته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كستر هَذِه الْجُبَّة لَابسهَا والبخيل كمن لبس جُبَّة إِلَى ثدييه فَبَقيَ مكشوفا بَادِي الْعَوْرَة مفتضحا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة جنتان من حَدِيد تَثْنِيَة جنَّة وَهِي الدرْع فَلَو رَأَيْته بِفَتْح التَّاء وَلَا توسع بِفَتْح التَّاء وَأَصله تتوسع
[1023] أحد المتصدقين بِفَتْح الْقَاف على التَّثْنِيَة أَي لَهُ أجر متصدق قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَيصِح أَن يُقَال على الْجمع وَإِن لم يرو أَي أَنه من جملَة المتصدقين

(3/98)


[1024] وللخازن مثل ذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَن لَهُ مُشَاركَة فِي الْأجر وَلَا يلْزم أَن يكون مثل الْمُتَصَدّق سَوَاء بل يكون مثله وَقد يكون أقل وَقد يكون أَكثر فَلَو أعْطى الْمَالِك لخازنه مائَة دِرْهَم ليوصلها إِلَى فَقير على بَاب دَاره فأجر الْمَالِك أَكثر أَو أعْطى رغيفا ليوصله إِلَى من فِي مَسَافَة بعيدَة فأجر الخازن أَكثر من غير أَن ينتقص من أُجُورهم شَيْئا قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول بِالنّصب على إِضْمَار الْفَاعِل أَي ينتقص الله أَو الزَّوْج من أجر الْمَرْأَة والخازن وَجمع ضميرهما على هَذَا مجَازًا

(3/100)


[1025] آبي اللَّحْم بِهَمْزَة ممدودة اسْمه عبد الله وَقيل الْحُوَيْرِث وَقيل خلف صَحَابِيّ اسْتشْهد يَوْم حنين لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُل اللَّحْم وَقيل لَا يَأْكُل مَا ذبح للأصنام وَقيل لما ضرب عَبده على دفع اللَّحْم سمي بذلك وَرجحه الْقُرْطُبِيّ وَالْأَجْر بَيْنكُمَا قَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الْأجر الَّذِي لأَحَدهمَا يزدحمان فِيهِ بل مَعْنَاهُ أَن هَذِه الصَّدَقَة يَتَرَتَّب على جُمْلَتهَا ثَوَاب على قدر المَال وَالْعَمَل فَيكون ذَلِك مقسوما بَينهمَا لهَذَا نصيب بِمَالِه وَلِهَذَا نصيب بِعَمَلِهِ نِصْفَانِ قَالَ النَّوَوِيّ أَي قِسْمَانِ وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر كَمَا قَالَ الشَّاعِر إِذا مت كَانَ النَّاس نِصْفَانِ شامت وَآخر مثن بِالَّذِي كنت أصنع قَالَ وَأَشَارَ القَاضِي إِلَى أَنه يحْتَمل أَن يكون سَوَاء لِأَن الْأجر فضل من الله تَعَالَى وَلَا يدْرك بِقِيَاس وَلَا هُوَ بِحَسب الْأَعْمَال وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يَشَاء قَالَ وَالْمُخْتَار الأول

(3/101)


[1026] لَا تصم الْمَرْأَة وبعلها شَاهد أَي مُقيم فِي الْبَلَد وَالْمرَاد صَوْم التَّطَوُّع وَالنَّهْي للتَّحْرِيم صرح بِهِ أَصْحَابنَا وَلَا تَأذن فِي بَيته وَهُوَ شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ علته أَن ذَلِك يشوش على الزَّوْج مَقْصُوده وخلوته بهَا قَالَ وَبِهَذَا تظهر الْمُنَاسبَة بَين هَذَا النَّهْي وَبَين النَّهْي عَن الصَّوْم قَالَ وَقَالَ بعض الْأَئِمَّة هُوَ مُعَلل بِأَن الْبَيْت ملك الزَّوْج وإذنها فِي دُخُوله تصرف فِيمَا لَا تملك قَالَ وَهَذَا فِيهِ بعد إِذْ لَو كَانَ مُعَللا بذلك لاستوى حُضُور الزَّوْج وغيبته وَمَا أنفقت من كَسبه قَالَ الْقُرْطُبِيّ مَحْمُول على الطَّعَام وَنَحْوه من غير أمره قَالَ النَّوَوِيّ أَي الصَّرِيح فِي ذَلِك الْقدر الْمعِين وَيكون مَعهَا إِذن عَام سَابق متناول لهَذَا الْقدر وَغَيره صَرِيحًا أَو عرفا قَالَ وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل

(3/102)


[1027] من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي بعض طرق الحَدِيث قيل وَمَا زوجان قَالَ فرسَان أَو عَبْدَانِ أَو بعيران وَقَالَ بن عَرَفَة كل شَيْء قرن بمصاحبة فَهُوَ زوج وَقيل وَيحْتَمل أَن مثل يكون الحَدِيث فِي جَمِيع أَعمال الْبر من صَلَاتَيْنِ أَو صِيَام يَوْمَيْنِ أَو شفع صَدَقَة بِأُخْرَى وَيدل على قَوْله فِي بَقِيَّة الحَدِيث فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة وَمن كَانَ من أهل الصّيام وَالزَّوْج الصِّنْف وَمِنْه وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة فِي سَبِيل الله هُوَ عَام فِي جَمِيع وُجُوه الْخَيْر وَقيل مَخْصُوص بِالْجِهَادِ هَذَا خير قيل هُوَ اسْم أَي ثَوَاب وغبطة وَقيل أفعل تَفْضِيل أَي هَذَا فِيمَا نعتقد خير لَك من غَيره من الْأَبْوَاب لِكَثْرَة ثَوَابه ونعيمة فَيُقَال فَادْخُلْ مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا بُد من تَقْدِير مَا ذَكرْنَاهُ أَن كل مُنَاد يعْتَقد أَن ذَلِك الْبَاب أفضل من غَيره فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة إِلَى آخِره أَي من المكثرين للتطوع من ذَلِك النَّوْع بِحَيْثُ كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ فِي عمله وَلَيْسَ المُرَاد الْوَاجِبَات لِاسْتِوَاء النَّاس فِيهَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ من بَاب الريان سمي بذلك على جِهَة مُقَابلَة العطشان لِأَنَّهُ جوزي على عطشه بِالريِّ الدَّائِم فِي الْجنَّة الَّتِي يدْخل إِلَيْهَا من ذَلِك الْبَاب فَهَل يدعى أحد من تِلْكَ الْأَبْوَاب كلهَا أَي هَل يحصل لأحد الْإِكْثَار من تطوعات الْبر كلهَا مَا يتأهل بِهِ للدُّعَاء من كل الْأَبْوَاب وَذكر فِي الحَدِيث من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية أَرْبَعَة بَاب الصَّلَاة وَبَاب الصَّدَقَة وَبَاب الصّيام وَبَاب الْجِهَاد قَالَ القَاضِي وَجَاء ذكر بَقِيَّة الْأَبْوَاب فِي أَحَادِيث أخر بَاب التَّوْبَة وَبَاب الكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَبَاب الراضين وَالْبَاب الْأَيْمن الَّذِي يدْخل مِنْهُ من لَا حِسَاب عَلَيْهِ أَي فل بِضَم اللَّام مرخم فلَان وَقيل لُغَة فِيهِ لَا توى بِفَتْح الْمُثَنَّاة فَوق مَقْصُور لَا هَلَاك

(3/104)


[1029] انفحي بِفَتْح الْفَاء وحاء مُهْملَة أَي أعطي انضحي بِكَسْر الضَّاد أَي أعطي أَيْضا وَهُوَ أبلغ من انفحي وَلَا تحصي أَي لَا تمنعي وَقيل لَا تعديه فتستكثريه فَيكون سَببا لانْقِطَاع إنفاقك فيحصي الله عَلَيْك هُوَ من المشاكلة على حد ومكروا ومكر الله ارضخي أَي أعطي بِغَيْر تَقْدِير وَلَا توعي فيوعي الله عَلَيْك أَي لَا تمسكي المَال فِي الْوِعَاء فَيمسك الله فَضله وثوابه عَنْك وَفِي رِوَايَة وَلَا توكي فيوكي عَلَيْك أَي لَا تربطي والوكاء الْخَيط الَّذِي يشد بِهِ
[1030] يَا نسَاء المسلمات ضبط بِنصب نسَاء وجر المسلمات على الْإِضَافَة من إِضَافَة الْأَعَمّ إِلَى الْأَخَص كمسجد الْجَامِع على تَقْدِير يَا نسَاء الْأَنْفس المسلمات وَقيل تَقْدِيره يَا فاضلات المسلمات كَمَا يُقَال هَؤُلَاءِ رجال الْقَوْم أَي سادتهم وأفاضلهم وبرفع نسَاء وَالْمُسلمَات مَعًا على النداء أَو الصّفة أَي يَا أيتها النِّسَاء المسلمات وبرفع نسَاء وَكسر المسلمات على انه مَنْصُوب على الصّفة على الْموضع كَمَا يُقَال يَا زيد الْعَاقِل بِرَفْع الْعَاقِل ونصبه لَا تحقرن جَارة لجارتها وَلَو فرسن شَاة بِكَسْر الْفَاء وَالسِّين الظلْف وَأَصله فِي الْإِبِل وَهُوَ فِيهَا كالقدم فِي الْإِنْسَان وَيُطلق على كل الْغنم اسْتِعَارَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا النَّهْي عَن الاحتقار نهي للمطيعة أَن لَا تمْتَنع من إهداء الْقَلِيل لجارتها لاستقلاله وَقيل هُوَ نهي للمعطاة عَن الاحتقار

(3/106)


[1031] فِي ظله أَي ظلّ عَرْشه كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة أُخْرَى يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد يَوْم الْقِيَامَة إِذا قَامَ النَّاس لرب الْعَالمين وَقربت الشَّمْس من الرُّءُوس وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم حرهَا وَأَخذهم الْعرق وَلَا ظلّ هُنَاكَ لشَيْء إِلَّا الْعَرْش وَقد يُرَاد بِهِ ظلّ الْجنَّة وَهُوَ نعيمها والكون فِيهَا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى وندخلهم ظلا ظليلا قَالَ القَاضِي وَقَالَ بن دِينَار المُرَاد بالظل هُنَا الْكَرَامَة والكنف والأمن من المكاره فِي ذَلِك الْوَقْت وَلَيْسَ المُرَاد ظلّ الشَّمْس وَمَا قَالَه مَعْلُوم فِي اللِّسَان يُقَال فلَان فِي ظلّ فلَان أَي فِي كنفه وحمايته وَهَذَا أولى الْأَقْوَال وَتَكون إِضَافَته إِلَى الْعَرْش لِأَنَّهُ مَكَان التَّقْرِيب والكرامة وَإِلَّا فالشمس وَسَائِر الْعَالم تَحت الْعَرْش وَفِي ظله الإِمَام الْعَادِل قَالُوا هُوَ كل من إِلَيْهِ نظر فِي شَيْء من أُمُور الْمُسلمين وَبَدَأَ بِهِ لِكَثْرَة حفاظه وَعُمُوم نَفعه وشاب نَشأ بِعبَادة الله كَذَا فِي الْأُصُول بِالْبَاء وَهِي للمصاحبة أَي نَشأ متلبسا بهَا مصاحبا لَهَا قَالَه النَّوَوِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَيحْتَمل أَن يكون بِمَعْنى فِي كَمَا فِي غير مُسلم نَشأ فِي عبَادَة الله كَمَا وَردت فِي بِمَعْنى الب فِي قَوْله يَأْتِيهم الله فِي ظلل قَالَ وَنَشَأ ثَبت وابتدأ أَي لم تكن لَهُ صبوة قلبه مُعَلّق كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَفِي بَعْضهَا مُتَعَلق بِالتَّاءِ فِي الْمَسَاجِد فِي غير هَذِه الرِّوَايَة بالمساجد أَي شَدِيد الْحبّ لَهَا والملازمة للْجَمَاعَة فِيهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ دوَام الْقعُود فِيهَا اجْتمعَا عَلَيْهِ وتفرقا عَلَيْهِ مَعْنَاهُ اجْتمعَا على حب الله وافترقا على حب الله أَي كَانَ سَبَب اجْتِمَاعهمَا حب الله واستمرا على ذَلِك حَتَّى تفَرقا من مجلسهما وهما صادقان فِي حب كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه لله تَعَالَى حَال اجْتِمَاعهمَا وافتراقهما دَعَتْهُ امْرَأَة أَي عرضت نَفسهَا عَلَيْهِ للزنى بهَا وَقيل النِّكَاح فخاف الْعَجز عَن الْقيام بِحَقِّهَا لِأَن الْخَوْف من الله شغله عَن لذات الدُّنْيَا وشهواتها ذَات منصب أَي نسب وَحسب وَشرف فَقَالَ إِنِّي أَخَاف الله قَالَ القَاضِي يحْتَمل قَول ذَلِك بِلِسَانِهِ وَيحْتَمل قَوْله فِي قلبه ليزجر نَفسه لَا تعلم يَمِينه مَا تنْفق شِمَاله كَذَا وَقع فِي جَمِيع رِوَايَات مُسلم وَالْمَعْرُوف فِي غَيره لَا تعلم شِمَاله مَا تنْفق يَمِينه وَهُوَ وَجه الْكَلَام لِأَن الْمَعْرُوف فِي النَّفَقَة أَن محلهَا الْيَمين قَالَ القَاضِي وَيُشبه أَن يكون الْوَهم فِيهَا من النَّاقِل عَن مُسلم لَا من مُسلم بِدَلِيل إِدْخَاله بعده حَدِيث مَالك وَقَالَ بِمثل حَدِيث عبيد وَبَين الْخلاف فِيهِ فِي قَوْله وَقَالَ رجل مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ إِذا خرج مِنْهُ حَتَّى يعود فَلَو كَانَ مَا رَوَاهُ مُخَالفا لرِوَايَة مَالك لنبه عَلَيْهِ كَمَا نبه على هَذَا قَالَ الْعلمَاء وَهَذَا فِي صَدَقَة التَّطَوُّع أما الزَّكَاة الْوَاجِبَة فإعلانها أفضل وَضرب الْمثل بِالْيَمِينِ وَالشمَال لقربهما وملازمتهما وَالْمعْنَى لَو قدرت الشمَال رجلا متيقظا لما علم صدقه الْيَمين لمبالغته فِي الْإخْفَاء وَقيل المُرَاد من عَن يَمِينه وشماله من النَّاس قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَقد سمعنَا من بعض الْمَشَايِخ أَن ذَلِك أَن يتَصَدَّق على الضَّعِيف فِي صُورَة المُشْتَرِي مِنْهُ فَيدْفَع لَهُ درهما مثلا فِي شَيْء يُسَاوِي نصف دِرْهَم فالصورة مبايعة والحقيقة صَدَقَة قَالَ وَهُوَ اعْتِبَار حسن ذكر الله خَالِيا قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي من الْخلق وَمن الِالْتِفَات إِلَى غير الله فَفَاضَتْ عَيناهُ قَالَ الْقُرْطُبِيّ فيض الْعين بكاؤها وَهُوَ على حسب حَال الذاكر وبحسب مَا ينْكَشف لَهُ من أَوْصَافه تَعَالَى فَإِن انْكَشَفَ لَهُ غَضَبه وَسخطه فبكاؤه عَن خوف وَإِن انْكَشَفَ جماله وجلاله فبكاؤه عَن محبَّة وشوق وَهَكَذَا يَتلون الذاكر بتلون مَا يذكر من الْأَسْمَاء وَالصِّفَات قَالَ وَهَذَا الحَدِيث جدير بِأَن يمعن فِيهِ النّظر ويستخرج مَا فِيهِ من العبر

(3/110)


[1032] وَأَنت صَحِيح شحيح فِيهِ الجناس اللَّاحِق قَالَ الْخطابِيّ الشُّح أَعم من الْبُخْل وَكَأن الشُّح جنس وَالْبخل نوع وَأكْثر مَا يُقَال الْبُخْل فِي أَفْرَاد الْأُمُور وَالشح عَام كالوصف اللَّازِم وَمَا هُوَ من قبل الطَّبْع قَالَ فَمَعْنَى الحَدِيث أَن الشُّح غَالب فِي حَال الصِّحَّة فَإِذا سمح فِيهَا وَتصدق كَانَ أصدق فِي نِيَّته وَأعظم لأجره بِخِلَاف من أشرف على الْمَوْت وأيس من الْحَيَاة وَرَأى مصير المَال لغيره فَإِن صدقته حِينَئِذٍ نَاقِصَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَال الصِّحَّة وَالشح ورجاء الْبَقَاء وَخَوف الْفقر وَعبر الْقُرْطُبِيّ عَن معنى كَلَام الْخطابِيّ بقوله الشُّح الْمَنْع مُطلقًا يعم منع المَال وَغَيره وَالْبخل بِالْمَالِ فَهُوَ نوع مِنْهُ وَتَأمل الْغنى بِضَم الْمِيم أَي تطمع بِهِ حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم أَي الرّوح وَإِن لم يجر لَهَا ذكر لدلَالَة الْحَال عَلَيْهَا والحلقوم الْحلق وَالْمرَاد قاربت بُلُوغه إِذْ لَو بلغته حَقِيقَة لم تصح وَصيته وَلَا صدقته وَلَا شَيْء من تَصَرُّفَاته بِاتِّفَاق الْفُقَهَاء قَالَه النَّوَوِيّ أَلا وَقد كَانَ لفُلَان قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بِهِ الْوَارِث وَقَالَ غَيره المُرَاد بِهِ سبق الْقَضَاء للْمُوصى بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ الْأَظْهر وَقَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى أَنه خرج عَن تصرفه وَكَمَال ملكه واستقلاله بِمَا شَاءَ من التَّصَرُّف وَلَيْسَ لَهُ فِي وَصيته كَبِير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَدَقَة الصَّحِيح الشحيح أما استفتاح وَأَبِيك هِيَ لَفْظَة تجْرِي على اللِّسَان من غير تعمد فَلَا تكون يَمِينا وَلَا مَنْهِيّا عَنْهَا لَتُنَبَّأَنَّهُ أَي لتخبرن بِهِ حَتَّى تعلمه

(3/112)


[1033] يذكر الصَّدَقَة وَالتَّعَفُّف عَن الْمَسْأَلَة أَي يحض الْغَنِيّ عَن الصَّدَقَة وَالْفَقِير على التعفف وَالْيَد الْعليا المنفقة والسفلى السائلة قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا نَص يدْفع تعسف من تعسف فِي تَأْوِيله غير أَنه وَقع فِي بعض طرقه عِنْد أبي دَاوُد بدل المنفقة المتعففة قَالَ وَقَالَ أَكْثَرهم المنفقة

(3/113)


[1034] خير الصَّدَقَة عَن ظهر غنى أَي مَا أبقت بعْدهَا عَنى يعتمده صَاحبهَا ويستظهر بِهِ ع مَصَالِحه قَالَه الْخطابِيّ وَجزم بِهِ النَّوَوِيّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي مَا كَانَ بعد الْقيام بِحُقُوق النَّفس وَحُقُوق الْعِيَال قَالَ رجل لَهُ دِرْهَمَانِ فَتصدق بِأَحَدِهِمَا وَرجل لَهُ مَال كثير فَأخذ من عرض مَاله مائَة ألف فَتصدق بهَا قَالَ وعَلى مَا أولنا بِهِ الْغنى يرْتَفع التَّعَارُض قَالَ وَبَيَانه أَن الْغنى يَعْنِي بِهِ فِي الحَدِيث حُصُول مَا يدْفع بِهِ الْحَاجَات الضرورية كَالْأَكْلِ عِنْد الْجُوع المشوش الَّذِي لاصبر عَلَيْهِ وَستر الْعَوْرَة وَالْحَاجة إِلَى مَا يدْفع عَن نَفسه الْأَذَى وَمَا هَذَا سَبيله لَا يجوز الإيثار بِهِ وَلَا التَّصَدُّق بل يحرم فَإِذا سَقَطت هَذِه الْوَاجِبَات صَحَّ الإيثار وَكَانَت صدقته هِيَ الْأَفْضَل لأجل مَا يحملهُ من مضض الْحَاجة وَشدَّة الْمَشَقَّة

(3/114)


[1035] خضرَة حلوة قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي رَوْضَة خضراء أَو شَجَرَة ناعمة غضة مستحلاة الطّعْم وَقَالَ النَّوَوِيّ شبهه فِي الرَّغْبَة فِيهِ والميل إِلَيْهِ وحرص النُّفُوس عَلَيْهِ بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة فَإِن الْأَخْضَر مَرْغُوب فِيهِ على انْفِرَاده فاجتماعهما أَشد وَفِيه إِشَارَة إِلَى عدم بَقَائِهِ لِأَن الخضروات لَا تبقى وَلَا ترَاد للبقاء فَمن أَخذه بِطيب نفس هُوَ عَائِد إِلَى الْآخِذ أَي بِغَيْر سُؤال وَلَا تطلع وَلَا حرص وَقيل إِلَى الدَّافِع أَي أَخذه مِمَّن يَدْفَعهُ منشرحا بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ لَا بسؤال اضطره إِلَيْهِ أَو نَحوه مِمَّا لَا تطيب مَعَه نفس الدَّافِع بورك لَهُ فِيهِ أَي انْتفع بِهِ فِي الدُّنْيَا بالتنمية وَفِي الْآخِرَة بِأَجْر النَّفَقَة قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَمن أَخذه بإشراف نفس بشين مُعْجمَة وَهُوَ تطلعها إِلَيْهِ وحرصها وتشوفها وطمعها فِيهِ لم يُبَارك لَهُ فِيهِ أَي لم ينْتَفع بِهِ إِذْ لَا يجد لَذَّة نَفَقَته وَلَا ثَوَاب صدقته بل يتعب بجمعه ويدمر بِمَنْعه وَلَا يصل إِلَى شَيْء من نَفعه وَكَانَ كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع قيل هُوَ الَّذِي بِهِ دَاء لَا يشْبع بِسَبَبِهِ وَقيل يحْتَمل تشبيهه بالبهيمة الراعية

(3/115)


[1036] إِنَّك إِن تبذل بِفَتْح همزَة أَن قَالَه النَّوَوِيّ قلت فَهِيَ ناصبة للمضارع وَهِي ومنصوبها فِي تَأْوِيل الْمصدر وَفِي مَحل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر خير على حد وَأَن تَصُومُوا خير لكم الْفضل قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي بِهِ الْفَاضِل عَن الكفاف وَأَن تمسكه شَرّ لَك قَالَ النَّوَوِيّ لِأَنَّهُ إِذا أمْسكهُ عَن الْوَاجِب اسْتحق الْعقَاب عَلَيْهِ أَو عَن الْمَنْدُوب فقد نقص ثَوَابه وفوت مصلحَة نَفسه فِي آخرته وَذَلِكَ شَرّ وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَقَالَ إِنَّه نَظِير حَدِيث وَشر صُفُوف الرِّجَال آخرهَا وَالْمعْنَى أَنه أقل ثَوابًا وَأَقُول الَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا الحَدِيث أَنه من المنسوخات وَأَنه ورد على سنَن قَوْله تَعَالَى ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو وَقَوله خُذ الْعَفو أَي الْفضل ثمَّ إِن الْآيَة نسخت بِالزَّكَاةِ كَمَا ورد النَّص عَلَيْهِ فنسخ مَعهَا كل حَدِيث ورد على سننها وَلَا تلام على كفاف أَي قدر الْحَاجة قَالَ الْقُرْطُبِيّ يفهم مِنْهُ بِحكم دَلِيل الْخطاب أَن مَا زَاد على الكفاف يتَعَرَّض صَاحبه للوم قلت وَلذَا يتَعَيَّن الحكم عَلَيْهِ بالنسخ

(3/116)


[1037] عَن عبد الله بن عَامر هُوَ أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة الْيحصبِي بِفَتْح الصَّاد وَضمّهَا مَنْسُوب إِلَى بني يحصب إيَّاكُمْ وَأَحَادِيث أهل الْكتاب قَالَه لما اشْتهر فِي زَمَنه من التحدث عَن أهل الْكتاب إِنَّمَا أَنا خَازِن أَي وَالْمَالِك الْمُعْطِي حَقِيقَة هُوَ الله تَعَالَى

(3/117)


[1038] لَا تلحفوا أَي لَا تلحوا

(3/118)


[1039] فَمَا الْمِسْكِين كَذَا فِي الْأُصُول لِأَن مَا تَأتي لصفات من يعقل قَالَ الَّذِي لَا يجد إِلَى آخِره أَي الأحق باسم الْمِسْكِين هُوَ هَذَا على حد قَوْله لَيْسَ الشَّديد بالصرعة وَإِنَّمَا الشَّديد الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب وَهُوَ نوع بديعي يُسمى تَحْويل الْموضع إِلَى غَيره

(3/119)


[1040] وَلَيْسَ فِي وَجهه مزعة لحم بِضَم الْمِيم وَسُكُون الزَّاي أَي قِطْعَة قيل هُوَ على ظَاهره فَيَجِيء وَجهه عظم لَا لحم عَلَيْهِ عُقُوبَة لَهُ حِين سَأَلَ بِوَجْهِهِ كَمَا جَاءَت الْأَحَادِيث بالعقوبات فِي الْأَعْضَاء الَّتِي كَانَت بهَا الْمعاصِي وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن إِتْيَانه يَوْم الْقِيَامَة ذليلا سَاقِطا لَا وَجه لَهُ عِنْد الله قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا فِيمَن سَأَلَ لغير ضَرُورَة سؤالا مَنْهِيّا عَنهُ وَكثر مِنْهُ
[1041] تكثرا أَي استكثارا مِنْهَا من غير ضَرُورَة وَلَا حَاجَة يسْأَل جمرا قَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ أَنه يُعَاقب بالنَّار قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون على ظَاهره وَأَن الَّذِي يَأْخُذهُ يصير جمرا يكوى بِهِ كَمَا ثَبت فِي مَانع الزَّكَاة فليستقل أَو ليستكثر قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا أَمر على وجهة التهديد أَو على وجهة الْإِخْبَار عَن مآل حَاله وَمَعْنَاهُ أَنه يُعَاقب على الْقَلِيل من ذَلِك وَالْكثير

(3/120)


[1042] فيحطب قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول بِغَيْر تَاء بَين الْحَاء والطاء

(3/121)


[1043] يسْقط سَوط أحدهم فَمَا يسْأَل أحدا أَن يناوله إِيَّاه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ التَّمَسُّك بِالْعُمُومِ لأَنهم نهوا عَن السُّؤَال فَحَمَلُوهُ على عُمُومه

(3/122)


[1044] بن رياب بِكَسْر الرَّاء ومثناة تَحت ثمَّ ألف ثمَّ مُوَحدَة حمالَة بِفَتْح الْحَاء مَا لزم الْإِنْسَان تحمله من غرم أَو دِيَة وَكَانَت الْعَرَب إِذا وَقعت بَينهم ثائرة اقْتَضَت غرما فِي دِيَة أَو غَيرهَا قَامَ أحدهم فتبرع بِالْتِزَام ذَلِك وَالْقِيَام بِهِ حَتَّى ترْتَفع تِلْكَ الثائرة جَائِحَة مَا اجتاحت المَال وأتلفته إتلافا ظَاهرا كالسيل والمطر والحرق والسرق وَغَلَبَة الْعَدو قواما بِكَسْر الْقَاف مَا يقوم بِهِ الْعَيْش سداد بِكَسْر السِّين مَا يسد بِهِ الشَّيْء كسداد القارورة حَتَّى يقوم ثَلَاثَة قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا فِي جَمِيع النّسخ بِالْمِيم أَي يقوم بِهَذَا الْأَمر وَيقدر بعده فَيَقُولُونَ وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَيَقُول بِاللَّامِ من القَوْل فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير من ذَوي الحجى بِالْقصرِ أَي الْعقل من قومه لأَنهم من أهل الْخِبْرَة بباطنه وَاشْتِرَاط الثَّلَاثَة فِي بَيِّنَة الاعسار قَالَ بِهِ بعض أَصْحَابنَا لظَاهِر هَذَا الحَدِيث الْجُمْهُور اكتفوا فِيهِ بعدلين وحملوا الحَدِيث على الِاسْتِحْبَاب فاقة أَي فقر فَمَا سواهن عَائِد على الْحَالَات الثَّلَاث لَا على لفظ الثَّلَاثَة فَإِنَّهُمَا للمذكور فِي الْمَسْأَلَة يَا قبيصَة سحت قَالَ الْقُرْطُبِيّ روايتنا فِيهِ سحت بِالرَّفْع على أَنه خبر الْمُبْتَدَأ الَّذِي هُوَ مَا الموصولة وَوَقع لبَعْضهِم سحتا بِالنّصب وَلَيْسَ وَجهه بَينا وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي جَمِيع النّسخ سحتا بِالنّصب وَفِيه إِضْمَار أَي اعتقده سحتا أَو يُؤْكَل سحتا وَهُوَ بِسُكُون الْحَاء وَضمّهَا الْحَرَام لِأَنَّهُ يسحت ويمحق

(3/124)


[1045] غير مشرف هُوَ المتطلع إِلَى الشَّيْء الْحَرِيص عَلَيْهِ ومالا فَلَا تتبعه نَفسك مَا لم يُوجد فِيهِ هَذَا الشَّرْط لَا تعلق النَّفس بِهِ عَن السَّائِب بن يزِيد عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن السَّائِب عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ عَن عمر فَفِيهِ رِوَايَة أَرْبَعَة صحابة بَعضهم عَن بعض قَالَ النَّسَائِيّ لم يسمعهُ السَّائِب من بن السَّعْدِيّ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَن حويطب عَنهُ واستدرك النَّاس على مُسلم إِسْقَاطه وَاسم السَّعْدِيّ عَمْرو ولقبه وقدان وَقيل اسْمه قدامَة قرشي عامري مالكي من بني مَالك بن حسل وَقيل لَهُ السَّعْدِيّ لِأَنَّهُ استرضع فِي بني سعد بن بكر عَن بن السَّاعِدِيّ قَالَ النَّوَوِيّ أنكروه وَصَوَابه السَّعْدِيّ كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُور بعمالة بِضَم الْعين المَال الَّذِي يعطاه الْعَامِل على عمله فعملني بتَشْديد الْمِيم أَي أَعْطَانِي أُجْرَة عَمَلي
[1046] قلب الشَّيْخ شَاب قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مجَاز واستعارة وَمَعْنَاهُ أَن قلب الشَّيْخ كَامِل الْحبّ لِلْمَالِ مُحكم فِي ذَلِك كإحكام قُوَّة الشَّاب فِي شبابه على حب اثْنَتَيْنِ طول الْحَيَاة وَحب المَال فِيهِ من أَنْوَاع البديع التوسيع وَهُوَ الْإِتْيَان بمثنى وَتَفْسِيره بمفردين

(3/126)


[1047] ويشب بِفَتْح الْيَاء وَكسر الشين

(3/127)


[1048] وَلَا يمْلَأ جَوف بن آدم إِلَّا التُّرَاب قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَنه لَا يزَال حَرِيصًا على الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوت ويمتلئ جَوْفه من تُرَاب قَبره قَالَ وَهَذَا خرج على حكم غَالب بني آدم فِي الْحِرْص على الدُّنْيَا وَيَتُوب الله على من تَابَ هُوَ مُتَعَلق بِمَا قبله وَمَعْنَاهُ أَن الله يقبل التَّوْبَة من الْحِرْص المذموم وَغَيره من المذمومات

(3/128)


[1050] وَلَا يطولن عَلَيْكُم الأمد فتقسوا قُلُوبكُمْ أَي لَا تستطيبوا مُدَّة الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا فَإِن ذَلِك مُفسد للقلوب بِمَا يجره إِلَيْهَا من الْحِرْص وَالْقَسْوَة حَتَّى لَا تلين لذكر الله وَلَا تنْتَفع بموعظة وَلَا زجر كُنَّا نَقْرَأ سُورَة كُنَّا نشبهها فِي الطول والشدة بِبَرَاءَة فأنسيتها هَذَا من الْمَنْسُوخ تِلَاوَة الَّذِي أُشير إِلَيْهِ بقوله تَعَالَى مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها فَكَانَ الله ينسيه النَّاس بعد أَن حفظوه ويمحوه من قُلُوبهم وَذَلِكَ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة إِذْ لَا نسخ بعده قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَلَا يتَوَهَّم من هَذَا أَو شبهه أَن الْقُرْآن ضَاعَ مِنْهُ شَيْء فَإِن ذَلِك بَاطِل قَالَ تَعَالَى إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون غير أَنِّي حفظت مِنْهَا لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان إِلَى آخِره قلت ورد فِي حَدِيث آخر أَن هَذَا كَانَ فِي آخر سُورَة لم يكن فَأخْرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه عَن أبي بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْكُم الْقُرْآن فَقَرَأَ لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب قَالَ فَقَرَأَ فِيهَا وَلَو أَن بن آدم سَأَلَ وَاديا من المَال فَأعْطِيه لسأل ثَانِيًا وَلَو سَأَلَ ثَانِيًا فَأعْطِيه لسأل ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف بن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَإِن ذَات الدّين عِنْد الله الحنيفية غير المشركة وَلَا الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَمن يفعل خيرا فَلَنْ يكفروه

(3/129)


[1051] لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض بِفَتْح الْعين وَالرَّاء مَعًا مَتَاع الدُّنْيَا وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس أَي الْغنى الْمَحْمُود الْعَظِيم النافع شبع النَّفس وَقلة حرصها وَهَذَا من بَاب تَحْويل الْموضع إِلَى غَيره الَّذِي تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ

(3/130)


[1052] زهرَة الدُّنْيَا زينتها وَمَا يزهر مِنْهَا مَأْخُوذ من زهرَة الْأَشْجَار وَهُوَ مَا يصفر من نوارها والنوار هُوَ الْأَبْيَض مِنْهُ هَذَا قَول بن الْأَعرَابِي وَحكى أَبُو حنيفَة أَن الزهر والنوار سَوَاء وَقد فَسرهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهَا بَرَكَات الأَرْض أَي مَا تزهر بِهِ الأَرْض من الْخيرَات وَالْخصب أَيَأتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ سُؤال من استبعد حُصُول شَرّ من شَيْء سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرَكَات أَو خير هُوَ بِفَتْح الْوَاو وَهِي العاطفة دخلت عَلَيْهَا همزَة الِاسْتِفْهَام للإنكار على من توهم أَنه لَا يحصل مِنْهُ شَرّ أصلا لَا بِالذَّاتِ وَلَا بِالْعرضِ قَالَه الْقُرْطُبِيّ إِن كل مَا ينْبت الرّبيع هُوَ الْجَدْوَل الَّذِي يسقى بِهِ والجدول النَّهر الصَّغِير الَّذِي ينفجر من النَّهر الْكَبِير يقتل حَبطًا بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وبالباء الْمُوَحدَة وَهِي التُّخمَة والانتفاخ يُقَال حبطت الدَّابَّة تحبط إِذا انتفخ بَطنهَا من كَثْرَة الْأكل أَو يلم يُقَارب الْقَتْل إِلَّا بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام على الِاسْتِثْنَاء على الْمَشْهُور وَرَوَاهُ بَعضهم بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف على الاستفتاح آكله بِهَمْزَة ممدودة الْخضر بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد كلأ الصَّيف قَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ هُنَا ضرب من الجنبة وَهِي من الْكلأ مَاله أصل غامض فِي الأَرْض واحدتها خضرَة وَوَقع فِي رِوَايَة العذري إِلَّا آكِلَة الخضرة بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد على الفراد وَعَن وَعند الطَّبَرِيّ بِضَم الْخَاء وَسُكُون الضاء ثَلَطَتْ بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة أَي أَلْقَت الثلط وَهُوَ الرجيع الرَّقِيق وَأكْثر مَا يُقَال لِلْإِبِلِ وَالْبَقر الفيلة ثمَّ اجْتَرَّتْ أَي مضغت الجرة بِكَسْر الْجِيم وَهِي مَا يُخرجهُ الْبَعِير من بَطْنه ليمضغه ثمَّ يبتلعه فَمن يَأْخُذ مَالا بِحقِّهِ إِلَى آخِره قَالَ الْأَزْهَرِي هَذَا الْخَبَر إِذا تدبر لم يكد يفهم وَفِيه مثلان فَضرب أَحدهمَا للمفرط فِي جمع الدُّنْيَا ومنعها من حَقّهَا وَضرب الآخر للمقتصد فِي أَخذهَا وَالِانْتِفَاع بهَا فَإِن قَوْله وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع مَا يقتل حَبطًا فَهُوَ مثل للمفرط الَّذِي يَأْخُذهَا بِغَيْر حق وَذَلِكَ ان الرّبيع ينْبت أجرار الْبُقُول والعشب فتستكثر مِنْهَا الْمَاشِيَة حَتَّى تنتفخ بطونها لما جَاوَزت حد الِاحْتِمَال فَتَنْشَق أمعاؤها وتهلك كَذَلِك الَّذِي يجمع الدُّنْيَا من غير حلهَا وَيمْنَع ذَا الْحق حَقه يهْلك فِي الْآخِرَة بِدُخُولِهِ النَّار وَأما مثل المقتصد فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَكلَة الْخضر إِلَى آخِره وَذَلِكَ أَن آكِلَة الْخضر لَيست من أجرار الْبُقُول الَّتِي ينبتها الرّبيع لَكِنَّهَا من الجنبة الَّتِي ترعاها الْمَوَاشِي بعد هيج الْبُقُول فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آكِلَة الْخضر من الْمَوَاشِي مثلا لمن يقتصد فِي أَخذه الدُّنْيَا وَجَمعهَا وَلَا يحملهُ الْحِرْص على أَخذهَا بِغَيْر حَقّهَا فَهُوَ ينجو من وبالها كَمَا نجت آكِلَة الخضرة أَلا ترَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَإِنَّهَا إِذا أَصَابَت من الْخضر اسْتقْبلت عين الشَّمْس ثَلَطَتْ وبالت أَرَادَ أَنَّهَا إِذا شبعت مِنْهَا بَركت مُسْتَقْبلَة الشَّمْس لتستمرىء بذلك مَا أكلت وتجتر وتثلط وَإِذا ثلطته فقد زَالَ عَنْهَا الحبط وَإِنَّمَا تحبط الْمَاشِيَة لِأَنَّهَا لَا تثلط وَلَا تبول هَذَا كَلَام الْأَزْهَرِي وَقَالَ النَّوَوِيّ معنى الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حذرهم من زهرَة الدُّنْيَا وَخَافَ عَلَيْهِم مِنْهَا فَقَالَ ذَلِك الرجل إِنَّمَا يَجْعَل ذَلِك لنا مِنْهَا من جِهَة مُبَاحَة كغنيمة وَغَيرهَا وَذَلِكَ خير وَهل يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ أَي يبعد أَن يكون الشَّيْء خيرا ثمَّ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الشَّرّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما الْخَيْر الْحَقِيقِيّ فَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير أَي لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ إِلَّا خير ثمَّ قَالَ أَو هُوَ خير وَمَعْنَاهُ أَن هَذَا الَّذِي يحصل لكم من زهرَة الدُّنْيَا لَيْسَ بِخَير وَإِنَّمَا هُوَ فتْنَة وَتَقْدِيره الْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير وَلَكِن لَيْسَ هَذِه الزهرة بِخَير لما تُؤدِّي إِلَيْهِ من الْفِتْنَة والمنافسة والاشتغال بهَا عَن كَمَال الإقبال إِلَى الْآخِرَة ثمَّ ضرب لذَلِك مثلا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كل مَا ينْبت الرّبيع يقتل حَبطًا أَو يلم إِلَّا آكِلَة الْخضر إِلَى آخِره وَمَعْنَاهُ أَن كل نَبَات الرّبيع وخضره يقتل حَبطًا بالتخمة وَكَثْرَة الْأكل أَو يقرب الْقَتْل إِلَّا إِذا اقْتصر مِنْهُ على الْيَسِير الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة وَتحصل بِهِ الْكِفَايَة المقتصدة فَإِنَّهُ لَا يضر وَكَذَا الْمِثَال كنبات الرّبيع مستحسن تطلبه النُّفُوس وتميل إِلَيْهِ فَمِنْهُ من يستكثر مِنْهُ ويستغرق فِيهِ غير صَارف لَهُ فِي وجوهه فَهَذَا يهلكه أَو يُقَارب إهلاكه وَمِنْهُم من يقتصد فِيهِ وَلَا يَأْخُذ إِلَّا يَسِيرا وَإِن أَخذ كثيرا فرقه فِي وجوهه كَمَا تثلط الدَّابَّة فَهَذَا لَا يضرّهُ انْتهى الرحضاء بِضَم الرَّاء وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وضاد مُعْجمَة وَمد الْعرق وَأكْثر مَا يُسمى بِهِ عرق الْحمى أَيْن هَذَا السَّائِل وَفِي رِوَايَة أَنى وَهُوَ بِمَعْنى أَيْن وَفِي رِوَايَة إِن أَي إِن هَذَا هُوَ السَّائِل الممدوح الحاذق الفطن قَالَه النَّوَوِيّ قلت وعَلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون السَّائِل بِالرَّفْع على أَنه خبر إِن ليَصِح هَذَا الْمَعْنى وَلِأَن خبر إِن لَا يجوز حذفه وَفِي رِوَايَة أَي أَي أَيّكُم فَحذف الْكَاف وَالْمِيم قَالَه النَّوَوِيّ وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع قَالَ النَّوَوِيّ رِوَايَة كل تحمل على هَذِه وَيكون عَلَيْهِ شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل الْبَقَاء على ظَاهره وَهُوَ أَن يجاء بِمَالِه يَوْم الْقِيَامَة ينْطق بِمَا فعل فِيهِ كَمَا جَاءَ فِي مَال مَانع الزَّكَاة أَو يشْهد عَلَيْهِ الموكلون بكتب الْكتب والإنفاق وإحصاء ذَلِك

(3/135)


[1053] وَمن يستعفف أَي عَن السُّؤَال لِلْخلقِ يعفه الله أَي يُجَازِهِ على استعفافه بصيانة وَجهه وَرفع فاقته وَمن يسْتَغْن أَي بِاللَّه وَبِمَا أعطَاهُ يغنه الله أَي يخلق فِي قلبه غنى أَو يُعْطِيهِ مَا يسْتَغْنى بِهِ عَن الْخلق وَمن يتصبر أَي يسْتَعْمل الصَّبْر يصبره الله أَي يقوه ويمكنه من نَفسه حَيْثُ تنقاد لَهُ وتذعن لتحمل الشدائد وَعند ذَلِك يكون الله مَعَه فيظفره بمطلوبه ويوصله إِلَى مرغوبه عَطاء خير فِي كل الْأُصُول بِرَفْع خير على تَقْدِير هُوَ خير كَمَا وَقع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ

(3/136)


[1054] الحبلي الْمَشْهُور عِنْد أهل الحَدِيث بِضَم بائه وَعند أهل الْعَرَبيَّة فتحهَا وَمِنْهُم من سكنها مَنْسُوب إِلَى بني الحبلى قد أَفْلح من أسلم ورزق كفاف قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْكِفَايَة لَا زِيَادَة وَلَا نقص قَالَ وَقد يحْتَج بِهِ لمَذْهَب من يَقُول الكفاف أفضل من الْفقر وَمن الْغنى وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هُوَ مَا تكف بِهِ الْحَاجَات وَيدْفَع الضرورات والفاقات وَلَا يلْحق بِأَهْل الترفهات قَالَ وَمعنى هَذَا الحَدِيث أَن من حصل لَهُ ذَلِك فقد حصل على مَطْلُوبه وظفر بمرغوبه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
[1055] اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد قوتا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ مَا يسد الرمق وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي مَا يقوتهم ويكفيهم بِحَيْثُ لَا يشوشهم الْجهد وَلَا ترهقهم الْفَاقَة وَلَا تذلهم الْمَسْأَلَة وَالْحَاجة وَلَا يكون فِي ذَلِك أَيْضا فضول يخرج إِلَى الترف والتبسط فِي الدُّنْيَا والركون إِلَيْهَا

(3/137)


[1056] قسما بِفَتْح الْقَاف مصدر إِنَّهُم خيروني إِلَى آخِره أَي ألحوا فِي الْمَسْأَلَة واشتطوا فِي الْمَسْئُول وقصدوا بذلك أحد شَيْئَيْنِ إِمَّا أَن يصلوا إِلَى مَا طلبوه وَإِمَّا أَن ينسبوه إِلَى الْبُخْل فَاخْتَارَ مَا يَقْتَضِيهِ كرمه من إعطائهم مَا سَأَلُوهُ وَصَبره على جفوتهم فَسلم من نِسْبَة الْبُخْل إِلَيْهِ

(3/138)


[1057] رِدَاء نجراني أَي من عمل أهل نَجْرَان فجاذبه هُوَ بِمَعْنى جذبه وَحَتَّى بقيت حَاشِيَته فِي عنق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ القَاضِي يحْتَمل أَنه على ظَاهره وَأَن الْحَاشِيَة انْقَطَعت وَبقيت فِي عُنُقه وَيحْتَمل أَن مَعْنَاهُ بَقِي أَثَرهَا لقَوْله فِي الرِّوَايَة الأولى أثرت بِهِ حَاشِيَة الرِّدَاء

(3/139)


[1058] أقبية جمع قبَاء وَهُوَ فَارسي مُعرب وَقيل عَرَبِيّ واشتقاقه من القبو وَهُوَ الْجمع وَالضَّم عَسى أَن يُعْطِينَا مِنْهُ قَالَ الْقُرْطُبِيّ كَذَا الرِّوَايَة بضمير الْوَاحِد وَكَأَنَّهُ عَائِد على نوع الأقبية فِي الْمَعْنى وَفِي رِوَايَة أُخْرَى مِنْهَا وَهِي الظَّاهِرَة

(3/140)


[150] أَنه أعْطى أَي أَنه قَالَ أعْطى فَحذف قَالَ وَهُوَ أعجبهم إِلَيّ أَي أفضل عِنْدِي إِنِّي لأراه بِفَتْح الْهمزَة أَو مُسلما بِإِسْكَان الْوَاو

(3/142)


[1059] أَثَرَة بِفَتْح الْهمزَة والمثلثة فِي الْأَفْصَح وَهِي رِوَايَة العذري وبضم الْهمزَة وَإِسْكَان الثَّاء وَهِي رِوَايَة أبي بَحر وَهِي الاستئثار بالمشترك أَي يستأثر عَلَيْكُم ويفضل عَلَيْكُم غَيْركُمْ بِغَيْر حق إِن بن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم أَي بَينه وَبينهمْ ارتباط وقرابة وَاديا هُوَ مجْرى المَاء المتسع شعبًا قَالَ الْخَلِيل هُوَ مَا انفرج بَين جبلين وَقَالَ بن السّكيت هُوَ الطَّرِيق فِي الْجَبَل عرْعرة بمهملات والعينان مفتوحتان الطُّلَقَاء بِضَم الطَّاء وَفتح اللَّام وَالْمدّ جمع طلق الَّذين أَسْلمُوا يَوْم فتح مَكَّة قيل لَهُم ذَلِك لمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال ذَلِك لمن أطلق من أسر أَو وثاق السميط بِضَم السِّين الْمُهْملَة مجنبة بِضَم الْمِيم وَفتح الْجِيم وَكسر النُّون هِيَ الكتيبة من الْخَيل الَّتِي تَأْخُذ جَانب الطَّرِيق وهما مجنبتان ميمنة وميسرة بجانبي الطَّرِيق وَالْقلب بَينهمَا تلوي وَفِي نُسْخَة تلوذ يال الْمُهَاجِرين هَكَذَا فِي الْأُصُول فِي الْمَوَاضِع الْأَرْبَعَة يال بلام مفصولة وَالْمَعْرُوف وَصلهَا بلام التَّعْرِيف الَّتِي بعْدهَا هَذَا حَدِيث عمية ضبط على أوجه 1 بِكَسْر الْعين وَالْمِيم الْمُشَدّدَة وَتَشْديد الْيَاء وَفسّر بالشدة 2 وبضم الْعين كَذَلِك 3 وبفتح الْعين وَكسر الْمِيم الْمُشَدّدَة وَتَخْفِيف الْيَاء وَبعدهَا هَاء السكت أَي حَدثنِي بِهِ عمي قَالَ القَاضِي وَمَعْنَاهُ عِنْدِي على هَذَا الْوَجْه جماعتي أَي هَذَا حَدِيثهمْ قَالَ صَاحب الْعين الْعم الْجَمَاعَة قَالَ القَاضِي وَهَذَا أشبه بِالْحَدِيثِ وَالْوَجْه الرَّابِع كَذَلِك إِلَّا أَنه بتَشْديد الْيَاء ذكره الْحميدِي وَفَسرهُ بعمومتي أَي هَذَا حَدِيث فضل أعمامي أَو الذ حَدثنِي بِهِ أعمامي كَأَنَّهُ حدث بِأول الحَدِيث عَن مُشَاهدَة ثمَّ لَعَلَّه لم يضْبط هَذَا الْموضع لتفرق النَّاس فَحدث بِهِ من شهده من أَعْمَامه أَو جماعته

(3/147)


[1060] العبيد اسْم فرسه مرداس بترك الصّرْف لضَرُورَة الشّعْر علاثة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللَّام ومثلثة مخلد بن خَالِد الشعيري بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْعين مَنْسُوب إِلَى الشّعير الْحبّ الْمَعْرُوف مَشْهُور تَرْجمهُ بن أبي حَاتِم فِي كتاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل والحافظ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي فِي كِتَابه رجال الصَّحِيحَيْنِ والحافظ عبد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِي فِي الْكَمَال وَذكر القَاضِي عِيَاض أَنه لم يجد أحدا ذكره وَبسط الْكَلَام فِي إِنْكَار هَذَا الِاسْم وتعجب مِنْهُ النَّوَوِيّ
[1061] الْأَنْصَار شعار هُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد والدثار فَوْقه وَالْمعْنَى أَن الْأَنْصَار هم البطانة والخاصة والأصفياء والألصق بِي من سَائِر النَّاس وَلَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرأ من الْأَنْصَار أَي أتسمى بإسمهم وأنتسب إِلَيْهِم لَكِن خُصُوصِيَّة الْهِجْرَة سبقت وَهِي أَعلَى وأشرف فَلَا تبدل بغَيْرهَا

(3/149)


[1062] كالصرف بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة صبغ أَحْمَر يصْبغ بِهِ الْجُلُود وَيُسمى بِهِ الدَّم أَيْضا

(3/150)


[1063] خبت وخسرت رُوِيَ بِضَم التَّاء وَهُوَ ظَاهر وَبِفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَشْهر على معنى إِنِّي إِن جرت فَيلْزم أَن تجور أَنْت من جِهَة أَنَّك مَأْمُور باتباعي فتخسر باتباعك الجائر قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا معنى مَا قَالَه الْأَئِمَّة قَالَ وَيظْهر لي وَجه آخر وَهُوَ أَنه كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَو كنت جائرا لَكُنْت أَنْت أَحَق بِأَن يجار عَلَيْك وتلحقك بادرة الْجور للَّذي صدر عَنْك فتعاقب عُقُوبَة مُعجلَة فِي نَفسك وَمَالك وتخسر كل ذَلِك بِسَبَبِهَا وَلَكِن الْعدْل هُوَ الَّذِي منع من ذَلِك وتلخيصه لَوْلَا امْتِثَال أَمر الله فِي الرِّفْق بك لأدركك الخسار والهلاك وَأَقُول الَّذِي عِنْدِي أَن هَذِه الْجُمْلَة اعتراضية للدُّعَاء عَلَيْهِ أَو الْإِخْبَار عَنهُ بالخيبة والخسران وَلَيْسَ قَوْله إِن لم أعدل مُتَعَلقا بهَا بل بِالْأولِ وَهُوَ قَوْله وَمن يعدل وَمَا بَينهمَا اعْتِرَاض لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ قيل مَعْنَاهُ لَا تفقهه قُلُوبهم وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا يَتلون مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُم حَظّ سوى تِلَاوَة الْفَم والحنجرة وَهِي الْحلق إِذْ بهما تقطيع الْحُرُوف وَقيل مَعْنَاهُ لَا يصعد لَهُم عمل وَلَا تِلَاوَة وَلَا يتَقَبَّل يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية أَي يخرجُون خُرُوج السهْم إِذا نفذ من الصَّيْد من جِهَة أُخْرَى وَلم يتَعَلَّق بِهِ شَيْء مِنْهُ والرمية هِيَ الصَّيْد المرمي فَعَلَيهِ بِمَعْنى مفعولة

(3/153)


[1064] بذهبة فِي رِوَايَة بن ماهان بذهيبة على التصغير وَهُوَ تَأْنِيث الذَّهَب كَأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى معنى الْقطعَة أَو الْجُمْلَة صَنَادِيد نجد أَي سادتها الْوَاحِد صنديد بِكَسْر الصَّاد عُيَيْنَة بن بدر فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عُيَيْنَة بن حصن وَكِلَاهُمَا صَحِيح فحصن أَبوهُ وَبدر جده الْأَعْلَى فَإِنَّهُ عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر وَنسبه إِلَيْهِ لشهرته زيد الْخَيْر بالراء وَفِي الرِّوَايَة الَّتِي بعْدهَا زيد الْخَيل بِاللَّامِ وَكِلَاهُمَا صَحِيح فَإِنَّهُ كَانَ يُقَال لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة زيد الْخَيل فَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد الْخَيْر كث اللِّحْيَة بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْمُثَلَّثَة كبيرها قصير شعرهَا مشرف الوجنتين أَي مرتفعهما تَثْنِيَة وجنة مُثَلّثَة الْوَاو وَهِي لحم الخد ناتئ بِالْهَمْز الجبين هُوَ جَانب الْجَبْهَة وَلكُل إِنْسَان جبينان يكتنفان الْجَبْهَة ضئضئ بضادين معجمتين مكسورتين وَآخره مَهْمُوز أصل الشَّيْء قتل عَاد أَي قتلا عَاما شَامِلًا أَدِيم هُوَ الْجلد مقروظ مدبوغ بالقرظ لم تحصل من ترابها أَي لم تميز وَالرَّابِع إِمَّا عَلْقَمَة بن علاثة أَو عَامر بن الطُّفَيْل قَالَ الْعلمَاء ذكر عَامر غلط ظَاهر لِأَنَّهُ توفّي قبل هَذَا بسنين وَالصَّوَاب الْجَزْم بِأَنَّهُ عَلْقَمَة كَمَا فِي بَاقِي الرِّوَايَات أَمِين من فِي السَّمَاء يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على حد قَوْله تَعَالَى أأمنتم من فِي السَّمَاء أَن يخسف بكم الأَرْض أَو الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُ أَمِين عِنْدهم مَعْرُوف بالأمانة ناشز الْجَبْهَة باديها مرتفعها وَهُوَ مقف أَي مول قد اعطانا قَفاهُ يَتلون كتاب الله رطبا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِيهِ أَقْوَال أَحدهمَا أَنه الحذق بالتلاوة وَالْمعْنَى أَنهم يأْتونَ بِهِ على أحسن أَحْوَاله وَالثَّانِي يواظبون على تِلَاوَته فَلَا تزَال ألسنتهم رطبَة وَالثَّالِث أَن يكون من حسن الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ لأقتلنهم قتل ثَمُود تقدم فِي الرِّوَايَة الأولى قتل عَاد قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَوجه الْجمع أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كليهمَا فَذكر أحد الروَاة أَحدهمَا وَذكر الآخر الآخر يَتلون كتاب الله لينًا قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي أَكثر النّسخ بالنُّون أَي سهلا وَفِي كثير ليا بحذفها وَأَشَارَ القَاضِي إِلَى أَنه رِوَايَة أَكثر شيوخهم وَمَعْنَاهُ سهلا لِكَثْرَة حفظهم وَقيل ليا أَي يلوون ألسنتهم بِهِ أَي يحرفُونَ مَعَانِيه وتأويله وَقد يكون من اللي فِي الشَّهَادَة وَهُوَ الْميل قَالَه بن قُتَيْبَة الحرورية هم الْخَوَارِج نسبوا إِلَى حروراء لأَنهم نزلوها وتعاقدوا عِنْدهَا على قتال أهل الْعدْل وَهِي بِفَتْح الْحَاء وَالْمدّ قَرْيَة قرب الْكُوفَة وَسموا خوارج لخروجهم على الْجَمَاعَة وَقيل لخروجهم عَن طَرِيق الْجَمَاعَة وَقيل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج من ضئضئ هَذَا يخرج فِي هَذِه الْأمة وَلم يقل مِنْهَا قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الْمَازرِيّ هَذَا من أدل الدَّلَائِل على سَعَة علم الصَّحَابَة ودقيق نظرهم وتحريرهم الْأَلْفَاظ وفرقهم بَين مدلولاتها الْخفية لِأَن لفظ من تَقْتَضِي كَونهم من الْأمة لَا كفَّارًا بِخِلَاف فِي إِلَى نصله هُوَ حَدِيدَة السهْم رصافة بكسرالراء وصاد مُهْملَة مدْخل النصل من السهْم الفوقة بِضَم الْفَاء الْجُزْء الَّذِي يَجْعَل فِيهِ الْوتر هَل علق بهَا من الدَّم شَيْء قَالَ الْقُرْطُبِيّ مَقْصُود هَذَا التَّمْثِيل أَن هَذِه الطَّائِفَة خرجت من دين الْإِسْلَام وَلم يتَعَلَّق بهَا مِنْهُ شَيْء كَمَا خرج هَذَا السهْم من هَذِه الرَّمية الَّذِي لشدَّة النزع وَسُرْعَة السهْم يسْبق خُرُوجه خُرُوج الدَّم بِحَيْثُ لَا يتَعَلَّق بِهِ شَيْء ظَاهر نضيه بِفَتْح النُّون وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْقدح هُوَ تَفْسِير للنضي مدرج من بعض الروَاة وَهُوَ بِكَسْر الْقَاف عود السهْم قذذة بِضَم الْقَاف وذالين معجمتين ريش السهْم جمع قُذَّة الفرث مَا يخرج من الكرش أَو مثل الْبضْعَة بِفَتْح الْبَاء لَا غير وَهِي الْقطعَة من اللَّحْم تدَرْدر أَي تضطرب وَتذهب وتجيء قَالَ بن قُتَيْبَة وَصِيغَة تفعلل تنبئ عَن التحرك وَالِاضْطِرَاب مثل تقلقل تزلزل وتدهده الْحجر على خير فرقة قَالَ الْقُرْطُبِيّ كَذَا لأكْثر من الروَاة بخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَرَاء وَفرْقَة بِكَسْر الْفَاء أَي أفضل الْفرْقَتَيْنِ وهم عَليّ ومعظم أَصْحَابه وَعند السَّمرقَنْدِي وَابْن ماهان على حِين فرقة بحاء مُهْملَة مَكْسُورَة وَنون وَفرْقَة بِضَم الْفَاء أَي فِي وَقت افْتِرَاق يَقع بَين الْمُسلمين وَهُوَ الِافْتِرَاق الَّذِي كَانَ بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الضَّبْط أَكثر وَأشهر لِأَن فِي الرِّوَايَة بعده يخرجُون فِي فرقة من النَّاس وَهُوَ بِضَم الْفَاء بِلَا خلاف

(3/160)


[1065] سِيمَاهُمْ أَي علامتهم التحالق أَي حلق الرُّءُوس قَالَ النَّوَوِيّ اسْتدلَّ بِهِ بعض النَّاس على كَرَاهَة حلق الرَّأْس وَلَا دلَالَة فِيهِ لِأَنَّهُ ذكر عَلامَة والعلامة قد تكون بمباح أَو من أشر الْخلق قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي كل النّسخ بِالْألف وَهِي لُغَة قَليلَة وَالْمَشْهُور شَرّ بِغَيْر ألف بَصِيرَة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة الشَّيْء من الدَّم الْحدانِي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال وَبعد الْألف نون المشرقي بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وقاف نِسْبَة إِلَى مشرق بِكَسْر الْمِيم وَفتح الرَّاء بطن من هَمدَان وَضَبطه بَعضهم بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء قَالَ القَاضِي وَالنَّوَوِيّ وَهُوَ تَصْحِيف وَضَبطه بن السَّمْعَانِيّ بِالْفَاءِ ووهمه بن الْأَثِير على فرقة مُخْتَلفَة قَالَ النَّوَوِيّ ضبطوه بِكَسْر الْفَاء وَضمّهَا

(3/162)


[1066] فَإِن الْحَرْب خدعة بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الدَّال على الْأَفْصَح أَي ذَات خداع يُرِيد اجْتهد رَأْيِي أَحْدَاث الْأَسْنَان أَي صغَار سُفَهَاء الأحلام أَي ضِعَاف الْعُقُول يَقُولُونَ من قَول خير الْبَريَّة قَالَ الْقُرْطُبِيّ قَالَ بعض عُلَمَائِنَا يَعْنِي مَا صدر عَنْهُم حِين التَّحْكِيم من قَوْلهم لَا حكم إِلَّا لله وَلذَلِك قَالَ سيدنَا عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي جوابهم كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل مُخْدج الْيَد بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الدَّال نَاقص الْيَد مودن الْيَد بِالْهَمْز وَتَركه وإهمال الدَّال نَاقص خلقهَا مثدون الْيَد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفِي بعض الْأُصُول مثدن الْيَد أَي صغيرها مجتمعها بِمَنْزِلَة ثندوة الرجل لَا تجَاوز صلَاتهم تراقيهم كِنَايَة عَن أَنَّهَا لَا تقبل وَلَا يَنْتَفِعُونَ بهَا وَأَن دعاءهم لَا يسمع قضى لَهُم أَي حكم بِهِ وَأخْبر عَن ثَوَابه لَا تكلوا عَن الْعَمَل قَالَ الْقُرْطُبِيّ الرِّوَايَة بلام ألف وبالتاء الْمُثَنَّاة من التَّوَكُّل وَالْعَمَل يَعْنِي بِهِ قَتلهمْ وَاللَّام فِيهِ للْعهد أَي لاتكلوا على ثَوَاب ذَلِك الْعَمَل واعتمدوا عَلَيْهِ فِي النجَاة من النَّار والفوز بِالْجنَّةِ لِأَنَّهُ عَظِيم جسيم وصحفه بَعضهم فَقَالَ لنكلوا بالنُّون من النّكُول عَن الْعَمَل أَي لَا يعْملُونَ شَيْئا اكْتِفَاء بِمَا حصل لَهُم من ثَوَاب ذَلِك قَالَ وَهَذَا معنى وَاضح لَو ساعدته الرِّوَايَة قلت مَا فسر بِهِ الْعَمَل على الأول لَا يُطَابق عَن إِنَّمَا يُنَاسِبه على لِأَن اتكل إِنَّمَا يعدى إِلَى المتكل عَلَيْهِ بهَا وَالصَّوَاب أَن يُفَسر الْعَمَل بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة الَّتِي يعملونها فِي الْمُسْتَقْبل وَيضمن اتكلوا معنى امْتَنعُوا أَو يقدر بعده من غير تضمين فَإِن صحت الرِّوَايَة ب على صَحَّ مَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَإِلَّا فالنسخة الَّتِي عِنْدِي من مُسلم بِخَط الْحَافِظ الصريفيني وَإِنَّمَا فِيهَا عَن الْعَمَل عضد مَا بَين الْمنْكب والمرفق حلمة الثدي هِيَ الأنبوبة الَّتِي يخرج مِنْهَا اللَّبن فنزلني زيد بن وهب منزلا كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَفِي نَادِر مِنْهَا منزلا منزلا مُكَرر وَكَذَا فِي النَّسَائِيّ قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ موجه الْكَلَام أَي ذكر لي مراحلهم بالجيش منزلا منزلا حَتَّى بلغ القنطرة الَّتِي كَانَ الْقِتَال عِنْدهَا وَهِي قنطرة الديرجان كَذَا جَاءَ مُبينًا فِي سنَن النَّسَائِيّ وَهُنَاكَ خطبهم عَليّ والقنطرة بِفَتْح الْقَاف قَالَ الْقُرْطُبِيّ منزلا منزلا مَنْصُوب على الْحَال على حد قَوْلهم عَلمته الْحساب بَابا بَابا قَالَ وَلَا يَكْتَفِي فِي هَذَا النَّوْع بِذكر مرّة وَاحِدَة لِأَنَّهُ لَا يُفِيد الْمَعْنى الْمَقْصُود مِنْهُ وَهُوَ التَّفْصِيل فوحشوا برماحهم بِالْحَاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة وبالشين الْمُعْجَمَة أَي رموا بهَا عَن بعد يُقَال وَحش الرجل إِذا رمى بِثَوْبِهِ وسلاحه وشجرهم النَّاس برماحهم بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْجِيم المخففة أَي مدوها إِلَيْهِم وطاعنوهم بهَا وَمَا أُصِيب من النَّاس أَي من أَصْحَاب عَليّ السَّلمَانِي بِسُكُون اللَّام نِسْبَة إِلَى سلمَان بطن من مُرَاد آللَّهُ بِالْمدِّ طبي شَاة بطاء مُهْملَة مَضْمُومَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة سَاكِنة ضرع الشَّاة وَهُوَ فِيهَا اسْتِعَارَة وَأَصله للكلبة وَالسِّبَاع
[1067] حلاقيمهم أَي حُلُوقهمْ

(3/168)


[1068] يسير بِضَم الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَيُقَال فِيهِ أَسِير يتيه قوم أَي يذهبون عَن الصَّوَاب وَعَن طَرِيق الْحق

(3/169)


[1069] كخ كخ قَالَ القَاضِي يُقَال بِفَتْح الْكَاف وَكسرهَا وَسُكُون الْخَاء وَيجوز كسرهَا مَعَ التَّنْوِين وَهِي كلمة يزْجر بهَا الصّبيان عَن المستقذرات أَي اتركه وارم بِهِ وَقَالَ الدَّاودِيّ هِيَ أَعْجَمِيَّة معربة قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالصَّحِيح الأول أما علمت أَنا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذِه اللَّفْظَة تقال فِي الشَّيْء الْوَاضِح التَّحْرِيم وَنَحْوه وَإِن لم يكن الْمُخَاطب عَالما بِهِ وَتَقْدِيره عجب كَيفَ خَفِي عَلَيْك هَذَا مَعَ ظُهُور تَحْرِيمه

(3/170)


[1072] جوَيْرِية عَن مَالك قَالَ النَّسَائِيّ لَا نعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث عَن مَالك إِلَّا جوَيْرِية بن أَسمَاء فانتحاه أَي عرض لَهُ وقصده نفاسة أَي حسدا فَمَا نفسناه عَلَيْك بِكَسْر الْفَاء أَي حسدناك على ذَلِك أخرجَا مَا تصرران قَالَ النَّوَوِيّ فِي أَكثر الْأُصُول بِضَم التَّاء وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء بعْدهَا رَاء أُخْرَى وَمَعْنَاهُ مَا تجمعان فِي صدوركما من الْكَلَام وَفِي بَعْضهَا تسررانبالسين من السِّرّ وَفِي رِوَايَة السَّمرقَنْدِي تصدران بِسُكُون الصَّاد وَبعدهَا دَال مُهْملَة وَمَعْنَاهُ مَا ترفعان إِلَيّ وَضَبطه الْحميدِي تصوران بِضَم الصَّاد وَاو مَكْسُورَة فتواكلنا الْكَلَام أَي وَكله بَعضهم إِلَى بعض بلغنَا النِّكَاح أَي الْحلم تلمع بِضَم التَّاء وَسُكُون اللَّام وَكسر الْمِيم وَيجوز فتح التَّاء وَالْمِيم يُقَال ألمع ولمع إِذا أَشَارَ بِثَوْبِهِ أَو يَده إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَطْهِير لأموالهم ونفوسهم فَهِيَ كغسالة الأوساخ أصدق عَنْهُمَا من الْخمس قَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل من سَهْمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من سهم ذَوي الْقُرْبَى لِأَنَّهُمَا مِنْهُم أَنا أَبُو حسن القرم قَالَ النَّوَوِيّ أصح الْأَوْجه فِي ضَبطه تَنْوِين حسن وَالْقَرْمُ بالراء مَرْفُوع وَهُوَ السَّيِّد وَأَصله فَحل الْإِبِل قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ الْمُقدم فِي الْأُمُور بالمعرفة والرأي وَضبط بِإِضَافَة حسن وَالْقَوْم بِالْوَاو وَمَعْنَاهُ عَالم الْقَوْم وَذُو رَأْيهمْ وَضبط بتنوين حسن وَالْقَوْم بِالْوَاو مَرْفُوع أَي أَنا من علمْتُم رَأْيه أَيهَا الْقَوْم لَا أريم لَا أَبْرَح ابناكما بالتثنبة وَرُوِيَ أبناؤكما بِالْجمعِ بحور بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة أبي بِجَوَاب محمية بميم مَفْتُوحَة ثمَّ حاء مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ مِيم أُخْرَى مَكْسُورَة ثمَّ يَاء مُخَفّفَة بن جُزْء بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ زَاي سَاكِنة ثمَّ همزَة وَرُوِيَ جزي بِكَسْر الزاء وبالياء وَهُوَ رجل من بني أَسد قَالَ القَاضِي كَذَا وَقع وَالْمَحْفُوظ الْمَشْهُور أَنه من بني زبيد
[1073] بن السباق بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة فقد بلغت محلهَا بِكَسْر الْحَاء أَي زَالَ عَنْهَا اسْم الصَّدَقَة وَصَارَت حَلَالا لنا

(3/174)


[1075] وَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ الْوَاو عاطفة على بعض من الحَدِيث لم يذكرهُ هُنَا وَفِي بعض النّسخ أُتِي بِغَيْر وَاو

(3/175)


[1076] نسيبة بِضَم النُّون وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء وَيُقَال أَيْضا نسيبة بِفَتْح النُّون وَكسر السِّين وَهِي أم عَطِيَّة

(3/176)


[1078] إِذا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِم هَذَا خَاص بِهِ لقَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم وَأما غَيره فيدعوه بِغَيْر لفظ الصَّلَاة على آل أبي أوفى قَالَ الْقُرْطُبِيّ قَالَ كثير من عُلَمَائِنَا أَرَادَ بآل أبي أوفى نفس أبي أوفى كَقَوْلِه من مَزَامِير آل دَاوُد قَالَ وَيحْتَمل أَن يُرِيد من عمل مثل عمله من عشيرته أَو قرَابَته

(3/177)


[989] الْمُصدق السَّاعِي

(3/181)


[1079] إِذا جَاءَ رَمَضَان فِيهِ رد لمن قَالَ يكره ذكر رَمَضَان بِدُونِ شهر فتحت بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف أَبْوَاب الْجنَّة وغلقت أَبْوَاب النَّار وصفدت الشَّيَاطِين أَي غلت قَالَ القَاضِي يحْتَمل أَنه على ظَاهره حَقِيقَة وَيحْتَمل الْمجَاز وَيكون إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الثَّوَاب وَالْعَفو وَأَن الشَّيَاطِين يقل إغواؤهم وإيذاؤهم فيصيرون كالمصفدين وَيكون تصفيدهم عَن أَشْيَاء دون أَشْيَاء وناس دون نَاس قَالَ وَيُؤَيّد ذَلِك رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وَجَاء فِي حَدِيث آخر صفدت مَرَدَة الشَّيَاطِين قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون فتح أَبْوَاب الْجنَّة عبارَة عَمَّا يَفْتَحهُ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ من الطَّاعَات فِي هَذَا الشَّهْر مِمَّا لَا يفتح فِي غَيره عُمُوما كالصيام وَالْقِيَام وَفعل الْخيرَات والانكفاف عَن كثير من المخالفات وَهَذِه أَسبَاب لدُخُول الْجنَّة وأبواب لَهَا وَكَذَلِكَ تغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَن مَا ينكفون عَنهُ من المخالفات قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَصح حمله على الْحَقِيقَة وَيكون مَعْنَاهُ أَن الْجنَّة قد فتحت وزخرفت لمن مَاتَ فِي رَمَضَان لفضيلة هَذِه الْعِبَادَة الْوَاقِعَة فِيهِ وغلقت أَبْوَاب النَّار فَلَا يدخلهَا مِنْهُم أحد مَاتَ فِيهِ وصفدت الشَّيَاطِين لِئَلَّا تفد على الصائمين فَإِن قيل فنرى الشرور والمعاصي تقع فِي رَمَضَان كثيرا فَلَو كَانَت الشَّيَاطِين مصفدة مَا وَقع شَرّ فَالْجَوَاب من أوجه أَحدهمَا إِنَّمَا يغل عَن الصائمين صوما حوفظ على شُرُوطه وروعيت آدابه أما مَا لم يحافظ عَلَيْهِ فَلَا يغل عَن فَاعله الشَّيْطَان الثَّانِي لَو سلم أَنَّهَا مصفدة عَن كل صَائِم فَلَا يلْزم أَلا يَقع شَرّ لِأَن لوُقُوع الشَّرّ أسبابا أُخْرَى غير الشَّيَاطِين وَهِي النُّفُوس الخبيثة والعادات الرَّكِيكَة وَالشَّيَاطِين الإنسية الثَّالِث أَن المُرَاد غَالب الشَّيَاطِين والمردة مِنْهُم وَأما غَيرهم فقد لَا يصفد وَالْمرَاد تقليل الشرور وَذَلِكَ مَوْجُود فِي رَمَضَان فَإِن وُقُوع الشرور وَالْفَوَاحِش فِيهِ قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره من الشُّهُور

(3/183)


[1080] فَإِن أُغمي قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِيهِ ضمير يعود على الْهلَال فَهُوَ الْمغمى عَلَيْهِ لَا الناظرون وأصل الْإِغْمَاء التغطية وَكَذَا الْغم يُقَال أغمى الْهلَال وغمي مخففا وغمى مشددا وغم مشددا أَربع لُغَات مَبْنِيا للْمَفْعُول فِي كلهَا فاقدروا لَهُ قيل مَعْنَاهُ ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب وَعَلِيهِ أَحْمد وَغَيره مِمَّن جوز صَوْم لَيْلَة الْغَيْم من رَمَضَان وق قدروه بِحِسَاب الْمنَازل وَقَالَ الْجُمْهُور قدرُوا لَهُ تَمام الْعدة ثَلَاثِينَ يَوْمًا يُقَال قدرت الشَّيْء اقدره بِالتَّخْفِيفِ وَقدرته بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنى وَاحِد وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فاقدروا ثَلَاثِينَ وَرِوَايَة فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ وَهُوَ مُفَسّر ل اقدروا لَهُ فَإِن غم أَي حَال بَيْنكُم وَبَينه غيم الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ قَالَ النَّوَوِيّ قَالُوا قد يَقع النَّص متواليا فِي شَهْرَيْن وَثَلَاثَة وَأَرْبع وَلَا يَقع أَكثر من أَرْبَعَة البكائي بِفَتْح الْبَاء وَتَشْديد الْكَاف أُميَّة أَي باقون على مَا ولدتنا عَلَيْهِ أمهاتنا لَا نكتب وَلَا نحسب قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي لم نكلف فِي تعرف مَوَاقِيت صومنا وَلَا عبادتنا مَا نحتاج فِيهِ إِلَى معرفَة حِسَاب وَلَا كِتَابَة وإنماربطت عبادتنا بأعلام وَاضِحَة وَأُمُور ظَاهِرَة يَسْتَوِي فِي مَعْرفَتهَا الْحساب وَغَيرهم وَمَا يدْريك أَن اللَّيْلَة النّصْف أَي لِأَن الشَّهْر قد يكون تسعا وَعشْرين وَإِنَّمَا النّصْف على تَقْدِير تَمَامه وَلَا تَدْرِي أتام هُوَ أم لَا

(3/185)


[1081] فَإِن غمي بِضَم الْغَيْن وَالْمِيم مُشَدّدَة ومخففة بَاب لَا تقدمُوا

(3/186)


[1082] لَا تقدمُوا بِفَتْح أَوله أَي لَا تتقدموا فَحذف أحد التائين

(3/187)


[1083] إِن الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ أَي هَذَا الشَّهْر لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَكَلّم فِيهِ

(3/188)


[1087] اسْتهلّ بِضَم التَّاء وَأَصله رفع الصَّوْت عِنْد رُؤْيَة الْهلَال ثمَّ غلب عرف الِاسْتِعْمَال فَصَارَ يفهم مِنْهُ رُؤْيَة الْهلَال وَمِنْه سمي الْهلَال لما كَانَ يهل عِنْده اعْتِبَار

(3/189)


[1088] بِبَطن نَخْلَة مَوضِع بِذَات عرق تراءينا الْهلَال أَي تكلفنا النّظر إِلَى وجهته لنراه مده للرؤية كَذَا فِي الرِّوَايَة الأولى ثلاثي وَفِي الثَّانِيَة أمده رباعي وهما بِمَعْنى أَي أَطَالَ لَهُ الْهلَال مُدَّة الرُّؤْيَة وَقد قرئَ بِالْوَجْهَيْنِ وإخوانهم يمدونهم أَي يطيلون لَهُم وَقَالَ غَيره مد من الامتداد وأمد من الْإِمْدَاد وَهُوَ الزِّيَادَة ثمَّ قَالَ وَيجوز أَن يكون أمده من الْمدَّة الَّتِي جعلت لَهُ قَالَ صَاحب الْأَفْعَال أمددتك مُدَّة أَي أعطيتكها أَبَا البخْترِي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَإِسْكَان الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح التَّاء

(3/190)


[1089] شهرا عيد لَا ينقصان أَي فِي الْأجر الْمُرَتّب عَلَيْهِمَا وَأَن نقصافي الْعدَد وَقيل لَا ينقصان مَعًا فِي سنة وَاحِدَة غَالِبا وَقيل لَا ينقصان فِي الْأَحْكَام وَإِن نقصا فِي الْعدَد لِأَن فِي أَحدهمَا الصّيام وَفِي الآخر الْحَج وَأَحْكَام ذَلِك كُله كَامِلَة غير نَاقِصَة وَقيل لَا ينقص أجر ذِي الْحجَّة عَن أجر رَمَضَان لِأَن فِيهِ الْمَنَاسِك وَفضل الْعَمَل فِي الْعشْر
[1090] قَالَ لَهُ عدي فِي نُسْخَة بِإِسْقَاط لَهُ وإعادة الضَّمِير فِي لَهُ إِلَى مَعْلُوم ذهنا إِن وِسَادك لَعَرِيض فِي نُسْخَة وِسَادَتك بِالتَّاءِ فَتذكر عريض على الْمَعْنى لِأَن الوسادة فِي معنى الوساد قَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ إِن جعلت تَحت وِسَادك الْخَيْطَيْنِ اللَّذين ارادهما الله تَعَالَى وهما اللَّيْل وَالنَّهَار بِحَيْثُ يعلوهما ويغطيهما فَهُوَ عريض جدا وَقيل إِنَّه كِنَايَة عَن الغباوة

(3/191)


[1091] حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ رئيهما ضبط برَاء مَكْسُورَة ثمَّ يَاء سَاكِنة ثمَّ همزَة وَمَعْنَاهُ منظرهما وَمِنْه قَوْله تَعَالَى أحسن أثاثا ورئيا وبراء مَكْسُورَة وياء مُشَدّدَة بِلَا همز وَمَعْنَاهُ لونهما وبفتح الرَّاء وَكسر الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء قَالَ القَاضِي هَذَا غلط هُنَا وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ أَنه تَصْحِيف لَا وَجه لَهُ لِأَن الرَّائِي التَّابِع من الْجِنّ قَالَ القَاضِي فَإِن صَحَّ رِوَايَته فَمَعْنَاه مرئي

(3/192)


[1092] يُؤذن بلَيْل قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِيهِ دَلِيل على أَن مَا بعد الْفجْر لَا يُقَال عَلَيْهِ ليل حَتَّى يُؤذن بن أم مَكْتُوم قَالَ الْقُرْطُبِيّ ظَاهره أَي حَتَّى يشرع فِي الآذان وَيحْتَمل حَتَّى يفرغ مِنْهُ وَلم يكن بَينهمَا إِلَّا أَن ينزل هَذَا ويرقى هَذَا اسْتشْكل بِأَن الْوَقْت بَينهمَا على هَذَا لَا يسع أكلا وشربا وَقد قَالَ كلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن بن أم مَكْتُوم وَأجِيب بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن هَذَا كَانَ فِي بعض الْأَوْقَات وَكَانَ الْغَالِب أَن يُوسع بَين أَذَانه وطلوع الْفجْر الثَّانِي وَبِه جزم النَّوَوِيّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ إِنَّه الْأَشْبَه أَن بِلَالًا كَانَ يُؤذن قبل الْفجْر وَيجْلس فِي مَوضِع أَذَانه يذكر الله وَيَدْعُو حَتَّى ينظر إِلَى تباشير الْفجْر ومقدماته فَينزل فَيعلم بن أم مَكْتُوم فيتأهب بِالطَّهَارَةِ وَغَيرهَا ثمَّ يرقى ويشرع فِي الْأَذَان مَعَ أول طُلُوع الْفجْر

(3/194)


[1093] من سحورهم بِفَتْح السِّين مَا يُؤْكَل فِي السحر وَبِضَمِّهَا الْفِعْل ليرْجع قائمكم بِنصب قائمكم مفعول يرجع أَي ليرد الْقَائِم إِلَى رَاحَته لينام غفوة ليُصبح نشيطا ويوقظ قائمكم أَي ليتأهب للصبح وَيفْعل مَا أَرَادَهُ من تهجد أَو إيتار أَو سحور أَو اغتسال أَو نَحْو ذَلِك وَصوب يَده أَي مدها صوب مخاطبه ورفعها أَي نَحْو السَّمَاء قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَشَارَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن الْفجْر الأول يطلع فِي السَّمَاء فيرتفع طرفه الْأَعْلَى وينخفض طرفه الْأَسْفَل فَهُوَ معنى قَوْله وَلَا بَيَاض الْأُفق المستطيل أَي الَّذِي يطلع طَويلا وَأَشَارَ حَيْثُ وضع المسبحة على المسبحة وَمد يَده إِلَى أَن يطلع مُعْتَرضًا ثمَّ يعم الْأُفق ذَاهِبًا فِيهِ عرضا
[1094] ويستطير أَي ينتشر

(3/195)


[1095] فَإِن فِي السّحُور ضبط بِفَتْح السِّين وَضمّهَا بركَة قَالَ النَّوَوِيّ لِأَنَّهُ يُقَوي على الصَّوْم وينشط لَهُ وَقيل لِأَنَّهُ يتَضَمَّن الاستيقاظ وَالذكر وَالدُّعَاء فِي ذَلِك الْوَقْت الشريف وَقت تنزل الرَّحْمَة وَقبُول الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار

(3/196)


[1096] فصل مَا بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب أَي الْفَارِق والمميز بَين صيامنا وَصِيَام الْيَهُود وَالنَّصَارَى السّحُور فَإِنَّهُم لَا يتسحرون وَنحن يسْتَحبّ لنا السّحُور قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا الحَدِيث يدل على أَن السّحُور من خَصَائِص هَذِه الْأمة وَمِمَّا خفف بِهِ عَنْهُم أَكلَة السحر قَالَ النَّوَوِيّ الْمَشْهُور وَضَبطه الْجُمْهُور أَنه بِفَتْح الْهمزَة مصدر للمرة من الْأكل كالغدوة والعشوة وَإِن كثر الْمَأْكُول فِيهَا وَضَبطه المغاربة بِالضَّمِّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَفِيه بعد لِأَن الْأكلَة بِالضَّمِّ هِيَ اللُّقْمَة وَلَيْسَ المُرَاد أَن المتسحر يَأْكُل لقْمَة وَاحِدَة قَالَ وَيصِح أَن يُقَال إِنَّه عبر عَمَّا يتسحر بِهِ باللقمة لقلته
[1097] قَالَ خمسين آيَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ كَذَا الرِّوَايَة بِالْيَاءِ لَا بِالْوَاو على حذف الْمُضَاف وإبقاء الْمُضَاف إِلَيْهِ مخفوضا وَهُوَ شَاذ وَلَكِن سوغه دلَالَة السُّؤَال الْمُتَقَدّم

(3/197)


[1098] لَا يزَال النَّاس بِخَير مَا عجلوا الْفطر لما فِيهِ من الْمُحَافظَة على السّنة فَإِذا خالفوها إِلَى الْبِدْعَة كَانَ ذَلِك عَلامَة على إِفْسَاد يقعون فِيهِ
[1099] لَا يألو عَن الْخَيْر أَي لَا يقصر عَنهُ

(3/198)


[1100] إِذا أقبل اللَّيْل وَأدبر النَّهَار وَغَابَتْ الشَّمْس قَالَ الْعلمَاء الثَّلَاثَة متلازمة وَإِنَّمَا جمع بَينهَا لِأَنَّهُ قد يكون فِي وَاد وَنَحْوه بِحَيْثُ لَا يُشَاهد غرُوب الشَّمْس فيعتمد إقبال الظلام وإدبار الضياء فقد أفطر الصَّائِم قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ انْقَضى صَوْمه وَتمّ وَلَا يُوصف الْآن بِأَنَّهُ صَائِم لِأَن اللَّيْل لَيْسَ محلا للصَّوْم قَالَ الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ دخل فِي وَقت الْفطر ك أظهر دخل فِي وَقت الظّهْر وَأَن يكون مَعْنَاهُ صَار مُفطرا حكما لِأَن زمَان اللَّيْل يَسْتَحِيل فِيهِ الصَّوْم الشَّرْعِيّ

(3/199)


[1101] فاجدح بجيم ثمَّ حاء مُهْملَة بَينهمَا دَال وَهُوَ خلط الشَّيْء بِغَيْرِهِ وَالْمرَاد خلط السويق بِالْمَاءِ وتحريكه حَتَّى يَسْتَوِي إِن عَلَيْك نَهَارا إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ رأى آثَار الضياء والحمرة الَّتِي بعد غرُوب الشَّمْس فَظن أَن الْفطر لَا يحل إِلَّا بعد ذهَاب ذَلِك

(3/200)


[1103] إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني قيل هُوَ على ظَاهره وَأَنه يطعم من طَعَام الْجنَّة كَرَامَة لَهُ وَطَعَام الْجنَّة لَا يفْطر وَقيل مَعْنَاهُ يَجْعَل فِي قُوَّة الطاعم والشارب بقدرته من غير طَعَام وَلَا شراب وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَقيل مَعْنَاهُ يخلق فِي الشِّبَع والري مِثْلَمَا يخلقه فِيمَن أكل وَشرب قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا القَوْل يبعده النّظر إِلَى حَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ كَانَ يجوع أَكثر مِمَّا يشْبع ويربط على بَطْنه الْحجر من الْجُوع قَالَ ويبعده أَيْضا النّظر إِلَى الْمَعْنى لِأَنَّهُ لَو خلق فِيهِ الشِّبَع والري لما وجد لعبادة الصَّوْم روحها الَّذِي هُوَ الْجُوع وَالْمَشَقَّة فاكفلوا بِفَتْح اللَّام أَي خُذُوا وتحملوا

(3/202)


[1104] فَلَمَّا حس كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَهِي لُغَة قَليلَة وَفِي بَعْضهَا أحس بِالْألف وَهِي الفصحى يتجوز أَي يُخَفف ويقتصر على الْجَائِز المجزي دخل رَحْله أَي منزله لَو تماد كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَفِي بَعْضهَا لَو تَمَادى المتعمقون المتشددون فِي الْأُمُور المجاوزون الْحُدُود فِي قَول أَو فعل وَاصل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أول شهر رَمَضَان كَذَا فِي أَكثر النّسخ قَالَ القَاضِي وَهُوَ وهم من الرَّاوِي وَصَوَابه فِي آخر شهر رَمَضَان كَمَا فِي بَعْضهَا لَو مد لنا الشَّهْر قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَو كمل ثَلَاثِينَ لزاد الْيَوْم الآخر إِلَى الْيَوْمَيْنِ الْمُتَقَدِّمين أظل قَالَ أهل اللُّغَة ظلّ يفعل كَذَا إِذا عمله فِي النَّهَار دون اللَّيْل وَبَات يفعل كَذَا إِذا فعله فِي اللَّيْل

(3/203)


[1106] ثمَّ تضحك قَالَ القَاضِي يحْتَمل ضحكها التَّعَجُّب مِمَّن خَالف فِي هَذَا وَقيل التَّعَجُّب من نَفسهَا حَيْثُ تحدث بِمثل هَذَا الحَدِيث الَّذِي يستحيا من ذكره لَا سِيمَا حَدِيث الْمَرْأَة عَن نَفسهَا للرِّجَال وَلكنهَا اضطرت إِلَى ذكره لتبليغ الحَدِيث وَالْعلم فتعجبت من صُورَة الْحَال المضطرة لَهَا إِلَى ذَلِك وَقيل ضحِكت سُرُورًا بتذكر مَكَانهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحالها مَعَه وملاطفته لَهَا وَيحْتَمل أَنَّهَا ضحِكت تَنْبِيها على أَنَّهَا صَاحِبَة الْقِصَّة ليَكُون أبلغ فِي الثِّقَة بحديثها فَسكت سَاعَة أَي ليتذكر وَأَيكُمْ يملك إربه ضبط بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَهُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين وبفتح الْهمزَة وَالرَّاء وَمَعْنَاهُ عَلَيْهِمَا الوطر وَالْحَاجة وكني بِهِ عَن الْجِمَاع وَيُطلق المفتوح على الْعُضْو أَيْضا قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا يدل على أَن مَذْهَب عَائِشَة منع الْقبْلَة مُطلقًا فِي حق غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنَّهَا فهمت خصوصيته بِجَوَاز ذَلِك ويباشر وَهُوَ صَائِم قَالَ النَّوَوِيّ معنى الْمُبَاشرَة هُنَا اللَّمْس بِالْيَدِ وَهُوَ من التقاء البشرتين ليسألانها كَذَا فِي كثير من الْأُصُول بِاللَّامِ وَثُبُوت النُّون وَهِي لُغَة قَليلَة وَفِي كثير مِنْهَا يسألانهابلا لَام وَهُوَ الْجَارِي على الْمَشْهُور فِي الْعَرَبيَّة يحيى بن بشر الحريري بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة

(3/206)


[1107] شُتَيْر بشين مُعْجمَة مَضْمُومَة ثمَّ تَاء مثناة من فَوق مَفْتُوحَة بن شكل بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْكَاف وَمِنْهُم من سكن الْكَاف
[1108] قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ الْقُرْطُبِيّ مَعْنَاهُ المعونة على الطَّاعَات والعصمة وَالْحِفْظ عَن المخالفات بِحَيْثُ لَا تقع الذُّنُوب مِنْهُ أصلا فَعبر عَن هَذَا الْمَعْنى بالمغفرة لِأَن الْمَغْفِرَة هِيَ السّتْر وَقد ستر بالطاعات عَن الْمعاصِي بِحَيْثُ لَا يَقع مِنْهُ أَولا وَأَن حَاله حَال المغفور لَهُ من حَيْثُ أَنه لَا ذَنْب لَهُ إِنِّي لأتقاكم لله وأخشاكم لَهُ أَي أَكْثَرَكُم تقوى وخشية والخشية الْخَوْف وَقيل أشده وَقيل الْخَوْف التطلع لنَفس الضَّرَر والخشية التطلع لفاعل الضَّرَر

(3/207)


[1109] يقص أَي يتتبع الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار ويذكرها وَيعلم الْعلم فَذكرت ذَلِك لعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث لِأَبِيهِ هُوَ بدل من عبد الرَّحْمَن بِإِعَادَة الْجَار قَالَ القَاضِي وَوَقع فِي رِوَايَة بن ماهان فَذكر ذَلِك عبد الرَّحْمَن لِأَبِيهِ وَهَذَا غلط فَاحش لِأَنَّهُ تَصْرِيح بِأَن الْحَارِث وَالِد عبد الرَّحْمَن هُوَ الْمُخَاطب بذلك وَهُوَ بَاطِل لِأَن الْقِصَّة كَانَت فِي ولَايَة مَرْوَان على الْمَدِينَة فِي خلَافَة مُعَاوِيَة والْحَارث توفّي فِي طاعون عمواس فِي خلَافَة عمر من غير حلم بِضَم الْحَاء وبضم اللَّام وإسكانها قَالَ النَّوَوِيّ لَا دلَالَة فِيهِ على جَوَاز الِاحْتِلَام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَيَان للْوَاقِع كَقَوْلِه يقتلُون النَّبِيين بِغَيْر حق وَمَعْلُوم أَن قَتلهمْ لَا يكون بِحَق سَمِعت ذَلِك من الْفضل قَالَ بن الْمُنْذر أحسن مَا يُجَاب بِهِ عَن حَدِيث الْفضل هَذَا أَنه مَنْسُوخ وَأَنه كَانَ فِي أول الْأَمر حِين كَانَ الْجِمَاع محرما فِي اللَّيْل بعد النّوم كَمَا كَانَ الطَّعَام وَالشرَاب محرما ثمَّ نسخ ذَلِك وَلم يُعلمهُ أَبُو هُرَيْرَة وَكَانَ يُفْتِي بِمَا علمه حَتَّى بلغه النَّاسِخ فَرجع إِلَيْهِ وَفِي سنَن النَّسَائِيّ أَنه سَمعه من أُسَامَة بن زيد قَالَ النَّوَوِيّ والقرطبي فَيحمل على أَنه سَمعه مِنْهُمَا

(3/209)


[1110] أَبُو طوالة بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة

(3/210)


[1111] هَل تَجِد مَا تعْتق رَقَبَة بِالنّصب على الْبَدَل من مَا الموصولة وَهِي مفعول تَجِد قَالَه النَّوَوِيّ والقرطبي قلت لَا يتَعَيَّن بل يجوز كَونه مفعول تعْتق وعائدهما مَحْذُوف وَالتَّقْدِير هَل تَجِد شَيْئا أَو مَالا تعْتق مِنْهُ رَقَبَة وَهَذَا أرجح ليُوَافق قَوْله بعده فَهَل تَجِد مَا تطعم سِتِّينَ مِسْكينا فَإِن سِتِّينَ مفعول تطعم وَلَا يَصح أَن يكون بَدَلا من مَا بعرق بِفَتْح الْعين وَالرَّاء فِي الْأَشْهر وَرُوِيَ بِسُكُون الرَّاء وَهُوَ مكتل يسع خَمْسَة عشر صَاعا قَالَ أفقر منا بِالنّصب على إِضْمَار أتجد أَو أتعطي وَيصِح رَفعه على تَقْدِير أأحدا أفقر منا فَمَا بَين لابتيها هِيَ الحرتان أنيابه هِيَ الْأَسْنَان الملاصقة للثنايا وَهِي أَرْبَعَة وَاحِدهَا نَاب اذْهَبْ فأطعم أهلك قَالَ الْقُرْطُبِيّ تخيل قوم من هَذَا سُقُوط الْكَفَّارَة عَن هَذَا الرجل فَقَالُوا هُوَ خَاص بِهِ وَهُوَ الزنبيل بِكَسْر الزَّاي وَسُكُون النُّون ثمَّ مُوَحدَة ثمَّ مثناة تحتية وَلَام وَقع بامرأته كَذَا فِي أَكثر النّسخ وَفِي نُسْخَة وَاقع امْرَأَته أَن يعْتق رَقَبَة أَو يَصُوم شَهْرَيْن أَو يطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ النَّوَوِيّ أَو هُنَا للتقسيم لَا للتَّخْيِير أَي إِن عجز

(3/212)


[1112] احترقت هُوَ مجَاز أغيرنا رُوِيَ بِالنّصب وَالرَّفْع كَمَا تقدم فِي أفقر منا

(3/213)


[1113] عَام الْفَتْح أَي فتح مَكَّة وَكَانَ سنة ثَمَان من الْهِجْرَة الكديد بِفَتْح الْكَاف وَكسر الدَّال الْمُهْملَة مَاء بَينه وَبَين مَكَّة اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ميلًا قَالَ النَّوَوِيّ وَقد غلط بعض الْعلمَاء فَتوهم أَن الكديد وكراغ الغميم قريب من الْمَدِينَة قَالَ أَي بن شهَاب يتبعُون الأحدث فالأحدث قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على مَا علمُوا مِنْهُ النّسخ أَو رُجْحَان الثَّانِي مَعَ جوازهما وَإِلَّا فقد طَاف على بعيره وَتَوَضَّأ مرّة مرّة وَنَظِير ذَلِك من الجائزات الَّتِي عَملهَا مرّة مرّة أَو مَرَّات قَليلَة ليبين جَوَازهَا وحافظ على الْأَفْضَل مِنْهَا عسفان قَرْيَة جَامِعَة على أَرْبَعَة برد من مَكَّة قَالَ القَاضِي على سِتَّة وَثَلَاثِينَ ميلًا مِنْهَا

(3/215)


[1114] كرَاع الغميم بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَاد أَمَام عسفان بِثمَانِيَة أَمْيَال يُضَاف إِلَيْهِ هَذَا الكراع وَهُوَ جبل أسود مُتَّصِل بِهِ أُولَئِكَ العصاة قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ مُكَرر مرَّتَيْنِ وَهُوَ مَحْمُول على من تضرر بِالصَّوْمِ أَو أَنهم أمروا بِالْفطرِ أمرا جَازِمًا لمصْلحَة بَيَان جَوَازه فخالفوا الْوَاجِب
[1116] لست عشرَة إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ والقرطبي هَذِه رِوَايَات مضطربة وَالَّذِي أطبق عل أهل السّير أَنه خرج لعشر خلون من رَمَضَان وَدخل مَكَّة لتسْع عشرَة وَهُوَ أحْسنهَا

(3/216)


[1119] أكثرنا ظلا صَاحب الكساء يَعْنِي أَنهم لم يكن لَهُم فسطاط وَلَا كسَاء يَتَّقِي الشَّمْس بِيَدِهِ أَي يسْتَتر بهَا الْأَبْنِيَة أَي الْخُصُوص الركاب الْإِبِل فتحزم المفطرون كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي أَي شدوا أوساطهم للْخدمَة وَفِي بَعْضهَا فتخدم بِالْحَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال بِمَعْنى خدموا ذهب المفطرون الْيَوْم بِالْأَجْرِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي أَنهم لما قَامُوا بوظائف ذَلِك الْوَقْت وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِيهِ كَانَ أَكْثَرهم على ذَلِك من أجر من صَامَ ذَلِك الْيَوْم وَلم يقم بِتِلْكَ الْوَظَائِف

(3/217)


[1120] مكثور عَلَيْهِ أَي عِنْده كَثِيرُونَ من النَّاس
[1121] عَن أبي مراوح بِضَم الْمِيم وَكسر الْوَاو وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة

(3/218)


[1123] وَقَالَ عَن عُمَيْر مولى أم الْفضل قَالَ النَّوَوِيّ الظَّاهِر أَنه مَوْلَاهَا حَقِيقَة وَقيل لَهُ مولى بن عَبَّاس لِأَنَّهُ بن مولاته وللزومه إِيَّاه

(3/219)


[1124] بحلاب بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة الْإِنَاء الَّذِي يحلب فِيهِ وَيُقَال المحلب بِكَسْر الْمِيم

(3/220)


[1125] عَاشُورَاء بِالْمدِّ وَزنه فاعولاء وهمزته للتأنيث معدول عَن عاشرة للْمُبَالَغَة والتعظيم وَهُوَ فِي الأَصْل صفة لليلة الْعَاشِرَة لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْعشْر الَّذِي هُوَ اسْم العقد الأول وَالْيَوْم مُضَاف إِلَيْهَا فَإِذا قيل يَوْم عَاشُورَاء فَكَأَنَّهُ قيل يَوْم اللَّيْلَة الْعَاشِرَة إِلَّا أَنهم لما عدلوا بِهِ عَن الصّفة غلبت عَلَيْهِ الاسمية فاستغنوا عَن الْمَوْصُوف فحذفوا اللَّيْلَة صَامَهُ وَأمر بصيامه قيل وجوبا وَقيل ندبا من شَاءَ صَامَهُ وَمن شَاءَ تَركه قَالَ القَاضِي كَانَ بعض السّلف يَقُول كَانَ صَوْم يَوْم عَاشُورَاء فرضا وَهُوَ بَاقٍ على فرضيته لم ينْسَخ قَالَ وانقرض الْقَائِلُونَ بِهَذَا وَحصل الْإِجْمَاع على أَنه لَيْسَ بِفَرْض وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحبّ وَرُوِيَ عَن بن عمر كَرَاهَة قصد صَوْمه وتعيينه بِالصَّوْمِ إِن قُريْشًا كَانَت تَصُوم عَاشُورَاء فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَعَلَّهُم كَانُوا يستندون فِي صَوْمه إِلَى أَنه من شَرِيعَة إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام فَإِنَّهُم كَانُوا ينتسبون إِلَيْهِمَا ويستندون فِي كثير من أَحْكَام الْحَج وَغَيره إِلَيْهِمَا ثمَّ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصيامه قَالَ النَّوَوِيّ ضبط أَمر بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل وللمفعول

(3/222)


[1129] أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ يَا أهل الْمَدِينَة خص الْعلمَاء ليصدقوه فَإِنَّهُم أدرى بالأحاديث قَالَ النَّوَوِيّ وَظَاهره أَنه سمع من يُوجِبهُ أَو يحرمه أَو يكرههُ فَأَرَادَ إعلامهم بِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِب وَلَا محرم وَلَا مَكْرُوه هَذَا يَوْم عَاشُورَاء إِلَى قَوْله فليفطر قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا كُله من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا جَاءَ مُبينًا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ قلت خشِي النَّوَوِيّ أَن يتَوَهَّم أحد أَن قَوْله وَأَنا صَائِم إِلَخ مدرج فِي آخر الحَدِيث من قَول مُعَاوِيَة لِأَنَّهُ مَظَنَّة ذَلِك فنفي هَذَا التَّوَهُّم
[1131] وشارتهم هِيَ بالشين الْمُعْجَمَة بِلَا همز الْهَيْئَة الْحَسَنَة وَالْجمال أَي يلبسوهن لباسهن الْحسن الْجَمِيل

(3/223)


[1134] فَإِذا كَانَ فِي الْعَام الْمقبل إِن شَاءَ الله صمنا الْيَوْم التَّاسِع قَالَ الْعلمَاء السَّبَب فِي ذَلِك أَن لَا يتشبه باليهود فِي إِفْرَاد الْعَاشِر وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ ظَاهره أَنه كَانَ عزم على ان يَصُوم التَّاسِع بدل الْعَاشِر وَهَذَا هُوَ الَّذِي فهمه بن عَبَّاس حَتَّى قَالَ للَّذي سَأَلَهُ عَن يَوْم عَاشُورَاء إِذا رَأَيْت هِلَال الْمحرم فاعدد وَأصْبح يَوْم التَّاسِع صَائِما وَبِهَذَا تمسك من رَآهُ التَّاسِع وَقَوله هَكَذَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُومهُ يَعْنِي أَنه لَو عَاشَ لصامه كَذَلِك لوعده الَّذِي وعد بِهِ لَا أَنه صَامَ التَّاسِع بدل الْعَاشِر إِذْ لم يسمع ذَلِك عَنهُ وَلَا رُوِيَ قطّ

(3/225)


[1136] فليتم بَقِيَّة يَوْمه زَاد أَبُو دَاوُد واقضوه اللعبة مَا يلْعَب بِهِ من العهن هُوَ الصُّوف مُطلقًا وَقيل الْمَصْبُوغ وَقيل الْأَحْمَر أعطيناه إِيَّاهَا عِنْد الْإِفْطَار قَالَ القَاضِي فِيهِ مَحْذُوف وَصَوَابه حَتَّى يكون عِنْد الْإِفْطَار فَبِهَذَا يتم الْكَلَام وَكَذَا وَقع فِي البُخَارِيّ

(3/226)


[1137] يَوْم فطركم من صِيَامكُمْ وَالْآخر يَوْم تَأْكُلُونَ فِيهِ من نسككم قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِيهِ تَنْبِيه على الْحِكْمَة الَّتِي لأَجلهَا حرم صَوْم هذَيْن الْيَوْمَيْنِ أما يَوْم الْفطر فَيتَحَقَّق بِهِ انْقِضَاء زمَان مَشْرُوعِيَّة الصَّوْم وَيَوْم النَّحْر فِي دَعْوَة الله الَّتِي دَعَا عباده إِلَيْهَا من تضييفه وإكرامه لأهل منى وَغَيرهم بِمَا شرع لَهُم من ذبح النّسك وَالْأكل مِنْهُ فَمن يَوْم هَذَا الْيَوْم فَإِنَّهُ رد على الله كرامته وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو حنيفَة وَالْجُمْهُور على انه شرع غير مُعَلل انْتهى
[1141] نُبَيْشَة بِضَم النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالشين الْمُعْجَمَة أَيَّام التَّشْرِيق هِيَ ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النَّحْر سميت بذلك لتشريق النَّاس لُحُوم الْأَضَاحِي فِيهَا وَهُوَ تقديدها ونشرها فِي الشَّمْس
[1142] وَأَيَّام منى أضافها إِلَى منى لِأَن الْحَاج فِيهَا فِي منى

(3/227)


[1144] لَا تختصوا لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام وَلَا تخصوا يَوْم الْجُمُعَة بصيام قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول بِإِثْبَات تَاء فِي الأول بَين الْخَاء وَالصَّاد وبحذفها فِي الثَّانِي قَالَ وَالْحكمَة فِي النَّهْي أَن يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ وظائف من الْعِبَادَات فاستحب فطره ليَكُون أعون على ادائها كَمَا اسْتحبَّ فطر يَوْم عَرَفَة للْحَاج لذَلِك قَالَ فَإِذا ضم إِلَيْهِ صَوْم يَوْم آخر جبر مَا حصل من التَّقْصِير فِيهَا وَقيل سَببه خوف الْمُبَالغَة فِي تَعْظِيمه بِحَيْثُ يفتتن بِهِ كَمَا افْتتن قوم بالسبت

(3/228)


[1146] فَمَا تقدر أَن تقضيه قَالَ الْقُرْطُبِيّ فَإِن قيل كَيفَ لَا تقدر وَقد كَانَ لَهُ تسع نسْوَة وَكَانَ يقسم لَهُنَّ فَلَا تصل النّوبَة لإحداهن إِلَّا بعد ثَمَان فَالْجَوَاب أَن الْقسم لم يكن وَاجِبا عَلَيْهِ فَكُن يتهيأن لَهُ دَائِما ويتوقعن حَاجته إلَيْهِنَّ فِي أَكثر الْأَوْقَات

(3/229)


[1151] فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا من الرَّفَث وَهُوَ السخف وفاحش الْكَلَام وَلَا يجهل قَالَ النَّوَوِيّ الْجَهْل قريب من الرَّفَث وَهُوَ خلاف الْحِكْمَة وَخلاف الصَّوَاب من القَوْل وَالْفِعْل فَإِن امْرُؤ شاتمه أَي شَتمه متعرضا لشتمه أَو قَاتله أَي نازعه ودافعه فَلْيقل إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ مرَّتَيْنِ وَاخْتلفُوا فِيهِ فَقيل يَقُوله بِلِسَانِهِ ليسمعه الشاتم والمقاتل فينزجر غَالِبا وَقيل يحدث بِهِ نَفسه ليمنعها عَن مشاتمته ومقاتلته ويحرس صَوْمه عَن المكروهات قَالَ النَّوَوِيّ وَلَو جمع بَين الْأَمريْنِ كَانَ حسنا إِلَّا الصّيام هُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ اخْتلف فِي مَعْنَاهُ مَعَ كَون جَمِيع الطَّاعَات لله تَعَالَى فَقيل سَبَب إِضَافَته إِلَى الله أَنه لم يعبد أحد غير الله بِهِ فَلم يعظم الْكفَّار فِي عصر من الْأَعْصَار معبودا لَهُم بالصيام وَإِن كَانُوا يعظمونه بِصُورَة السُّجُود وَالصَّدَََقَة وَالذكر وَغير ذَلِك وَقيل لِأَنَّهُ يبعد من الرِّيَاء لخفائه وَقيل لِأَنَّهُ لَيْسَ للصَّائِم وَنَفسه فِيهِ حَظّ وَقيل لِأَن الِاسْتِغْنَاء عَن الطَّعَام من صِفَات الله تَعَالَى فتقرب الصَّائِم بِمَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الصّفة وَإِن كَانَت صِفَات الله لَا يشبهها شَيْء وَقيل مَعْنَاهُ أَنا المتفرد بِعلم مِقْدَار ثَوَابه وتضعيفه وَغَيره من الْعِبَادَات أظهر سُبْحَانَهُ بعض مخلوقاته على مِقْدَار ثَوَابهَا وَقيل هِيَ إِضَافَة تشريف كَقَوْلِه عبَادي وبيتي وَقيل إِن الْأَعْمَال كلهَا ظَاهِرَة للْمَلَائكَة فتكتبها إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّمَا هُوَ نِيَّة وإمساك فَالله يُعلمهُ ويتولى جزاءه وَقيل إِن الْأَعْمَال يقْتَصّ مِنْهَا يَوْم الْقِيَامَة فِي الْمَظَالِم إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لله لَيْسَ لأحد من أَصْحَاب الْحُقُوق أَن يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا وَاخْتَارَهُ بن الْعَرَبِيّ لخلفة فَم الصَّائِم بِضَم الْخَاء تغير رَائِحَته أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك لَا يتَوَهَّم أَن الله تَعَالَى يَسْتَطِيب الروائح ويستلذها فَإِن ذَلِك محَال عَلَيْهِ وَإِنَّمَا معنى هَذِه الأطيبة رَاجِعَة إِلَى أَنه تَعَالَى يثيب على خلوف فَم الصَّائِم ثَوابًا أَكثر مِمَّا يثيب على اسْتِعْمَال الْمسك حَيْثُ ندب الشَّرْع إِلَى اسْتِعْمَاله كالجمع والأعياد وَغير ذَلِك وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك فِي حق الْمَلَائِكَة فيستطيبون ريح الخلوف أَكثر مِمَّا يستطيبون أَو نستطيب ريح الْمسك وَقيل يجازيه الله فِي الْآخِرَة بِأَن يَجْعَل نكهته أطيب من ريح الْمسك كَمَا فِي دم الشَّهِيد وَقيل مجَاز واستعارة لتقريبه من الله تَعَالَى الصّيام جنَّة أَي ستر ووقاية من الرَّفَث والآثام أَو من النَّار وَلَا يسخب بِالسِّين وَالصَّاد وَالْمُوَحَّدَة وَهُوَ الصياح وصحفه من رَوَاهُ لَا يسخر بالراء من السخرية لخلوف بِضَم الْخَاء وخطأوا من فتحهَا فَرح بفطره أَي بِزَوَال جوعه وعطشه وَقيل بإتمام عِبَادَته وسلامتها من المفسدات وَإِذا لَقِي ربه فَرح بصومه لما يرَاهُ من جزيل ثَوَابه يدع شَهْوَته وَطَعَامه من أَجلي قَالَ الْقُرْطُبِيّ تَنْبِيه على الْجِهَة الَّتِي بهَا يسْتَحق الصَّوْم أَن يكون كَذَلِك وَهُوَ الْإِخْلَاص الْخَاص بِهِ
[1152] خَالِد بن مخلد الْقَطوَانِي بِفَتْح الْقَاف والطاء مَعْنَاهُ الْبَقَّال كَأَنَّهُمْ نسبوه إِلَى بيع القطينة وَقيل إِلَى قطوان مَوضِع بِقرب الْكُوفَة فَإِذا دخل آخِرهم فِي بعض الْأُصُول أَوَّلهمْ قَالَ القَاضِي وَهُوَ وهم

(3/233)


[1153] يَصُوم يَوْمًا فِي سَبِيل الله أَي فِي طَاعَته يَعْنِي قَاصِدا بِهِ وَجه الله تَعَالَى وَقيل إِنَّه الْجِهَاد فِي سَبِيل الله سبعين خَرِيفًا أَي مسيرَة سبعين سنة وَالْمرَاد الْمُبَالغَة فِي الْبعد وَكَثِيرًا مَا يَجِيء السبعون عبارَة عَن التكثير قَالَه الْقُرْطُبِيّ

(3/234)


[1153] زور زائرون حيس بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة التَّمْر مَعَ اللَّبن والأقط وَقَالَ الْهَرَوِيّ هِيَ ثريدة من أخلاط

(3/235)


[1155] فَإِنَّمَا أطْعمهُ الله وسقاه أَي أَنه لما أفطر نَاسِيا لم ينْسب إِلَيْهِ من ذَلِك الْفطر شَيْء وتمحضت نِسْبَة الْإِطْعَام إِلَى الله تَعَالَى إِذْ هُوَ فعله

(3/236)


[1156] يَصُوم حَتَّى نقُول لَا يفْطر أَي يكثر ويوالي حَتَّى يتحدث نساؤه وخاصته بذلك كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله كَانَ يَصُوم شعْبَان إِلَّا قَلِيلا قَالَ النَّوَوِيّ الثَّانِي تَفْسِير للْأولِ وَبَيَان أَن قَوْلهَا كُله أَي غالبه وَقيل كَانَ يَصُومهُ كُله فِي وَقت وَأَكْثَره فِي سنة أُخْرَى لِئَلَّا يتَوَهَّم وُجُوبه قَالَ وَالْحكمَة فِي تَخْصِيص شعْبَان بِكَثْرَة الصَّوْم أَنه ترفع فِيهِ الْأَعْمَال وتقدر فِيهِ الْآجَال قَالَ فَإِن قيل سَيَأْتِي أَن أفضل الصَّوْم بعد رَمَضَان شهر الْمحرم فَكيف أَكثر مِنْهُ فِي شعْبَان فَالْجَوَاب لَعَلَّه لم يعلم فضل الْمحرم إِلَّا فِي آخر حَيَاته قبل التَّمَكُّن من صَوْمه أَو لَعَلَّه كَانَ يعرض فِيهِ أعذار كسفر أَو مرض سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن صَوْم رَجَب إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ الظَّاهِر أَن مُرَاد سعيد بِهَذَا الِاسْتِدْلَال أَنه لَا نهي فِيهِ وَلَا ندب بل لَهُ حكم بَاقِي الشُّهُور قَالَ وَلم يثبت فِي صَوْم رَجَب نهي وَلَا ندب بِعَيْنِه وَلَكِن أصل الصَّوْم مَنْدُوب إِلَيْهِ وَفِي سنَن أبي دَاوُد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ندب إِلَى الصَّوْم من الْأَشْهر الْحرم وَرَجَب أَحدهَا انْتهى قلت وروى الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي قلَابَة قَالَ فِي الْجنَّة قصر لصوام رَجَب وَقَالَ هَذَا أصح مَا ورد فِي صَوْم رَجَب قَالَ وَأَبُو قلَابَة من التَّابِعين وَمثله لَا يَقُول ذَلِك إِلَّا عَن بَلَاغ مِمَّن فَوْقه عَمَّن يَأْتِيهِ الْوَحْي

(3/238)


[1159] أَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ الْقُرْطُبِيّ حَدِيث بن عَمْرو اشْتهر وَكَثُرت رُوَاته فَكثر اختلافه حَتَّى ظن من لَا يبصره أَنه مُضْطَرب وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ إِذا تتبع اختلافه وَضم بعضه إِلَى بعض انتظمت صورته وتناسب مساقه إِذْ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَاف تنَاقض وَلَا تهاتر بل يرجع إختلافه إِلَى أَن ذكر بَعضهم مَا سكت عَنهُ غَيره وَفصل بعض مَا أجمله غَيره فَإنَّك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ علم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَال عبد الله أَنه لَا يَسْتَطِيع الدَّوَام على ذَلِك فَنَهَاهُ وَعلم من حَمْزَة بن عَمْرو أَنه يَسْتَطِيع سرد الصَّوْم حَتَّى فِي السّفر فأقره لَا أفضل من ذَلِك قيل هُوَ على إِطْلَاقه فَيكون أفضل من السرد وَقيل هُوَ خَاص لعبد الله أَي لَا أفضل من ذَلِك فِي حَقك بحسبك أَن تَصُوم أَي يَكْفِيك ان تَصُوم والنحاة يعربون بحسبك فِي بحسبك دِرْهَم درهما مُبْتَدأ زيدت فِيهِ الْبَاء وَكَانَ شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي يخالفهم ويعربه خَبرا مقدما ودرهما مُبْتَدأ مُؤَخرا ويعلله بِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة وَهَذَا الحَدِيث شَاهد لَهُ فَإِن أَن وَالْفِعْل إِذا وَقعت فِي تركيب حكم لَهَا بِأَنَّهَا هِيَ الْمُبْتَدَأ أَو مَا حل مَحَله قَالَ تَعَالَى ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا نصب فتنتهم على أَنه خبر تكن مقدما وَأَن قَالُوا اسْمهَا مُؤَخرا فَتعين ان يكون بحسبك هُوَ الْخَبَر كَمَا قَالَه شَيخنَا وَمَا بعده الْمُبْتَدَأ وَالْمَسْأَلَة مبسوطة فِي كتبنَا النحوية ولزورك أَي زائرك فَلَا تفعل قَالَ الْقُرْطُبِيّ نهى عَن الِاسْتِمْرَار فِي فعل مَا الْتَزمهُ لما يُؤَدِّي إِلَيْهِ من الْمفْسدَة قَالَ من لي بِهَذِهِ أَي الْخصْلَة الْأَخِيرَة وَهِي عدم الْفِرَار أَي من يتكفل لي بهَا فَإِنَّهَا صعبة لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا هُوَ فِي النّسخ مُكَرر مرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضهَا ثَلَاث مَرَّات وَمَعْنَاهُ قيل الدُّعَاء عَلَيْهِ وَقيل الْإِخْبَار بِأَنَّهُ لم يَأْتِ بِشَيْء إِذْ لَا يجد من مشقته مَا يجدهَا غَيره وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الْأَبَد من انْتِهَاء الدَّهْر وَالْمرَاد بِهِ هُنَا سرد الصّيام دَائِما هجمت أَي غارت ونهكت بِفَتْح النُّون وَالْهَاء وبكسرها وَالتَّاء سَاكِنة أَي ضعفت وَضبط بَعضهم بِضَم النُّون وَكسر الْهَاء وَفتح التَّاء خطابا لَهُ أَي ضنيت ونفهت نَفسك بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء أَي أعيت صم يَوْمًا وَلَك أجر مَا بَقِي قَالَ بَعضهم أَي من الْعشْر كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى وَلَك أجر تِسْعَة وَكَذَا فِي قَوْله صم يَوْمَيْنِ وَلَك أجر مَا بَقِي أَي من الْعشْرين وصم ثَلَاثَة أَيَّام وَلَك أجر مَا بَقِي أَي من الشَّهْر قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا الِاعْتِبَار حسن جَار على قِيَاس تَضْعِيف الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا غير أَنه يفرغ تَضْعِيف الشَّهْر عِنْد صَوْم الثَّلَاثَة فَيبقى قَوْله صم أَرْبَعَة أَيَّام وَلَك أجر مَا بَقِي لم يبْق لَهُ من الشَّهْر شَيْء فيضاف لَهُ عشر من الشَّهْر الآخر أَي مَا بَقِي من أَرْبَعِينَ قَالَ وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين إِنَّه يَعْنِي بذلك من الشَّهْر وعَلى هَذَا يكون صَوْم الرَّابِع لَا أجر فِيهِ وَهُوَ مُخَالف لقياس التَّضْعِيف فَالْأول أولى
[1161] من سرة هَذَا الشَّهْر كَذَا فِي الْأُصُول بِالْهَاءِ بعد الرَّاء أَي وَسطه

(3/245)


[1162] عَن أبي قَتَادَة رجل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي مُعظم النّسخ وَيقْرَأ رجل بِالرَّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي الشَّأْن وَالْأَمر قَالَ وَقد أصلح فِي بعض النّسخ أَن رجلا فَقَالَ كَيفَ تَصُوم فَغَضب قَالَ الْعلمَاء سَبَب غَضَبه أَنه كره مَسْأَلته لِأَن حَاله لَا يُنَاسب حَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّوْم فَكَانَ حَقه أَن يَقُول كَيفَ أَصوم ليجيبه بِمَا هُوَ مُقْتَضى حَاله كَمَا أجَاب غَيره وَقيل لِأَن فِيهِ إِظْهَار عمل السِّرّ لَا صَامَ وَلَا أفطر نفى الأول شرعا وَالثَّانِي حسا وددت أَنِّي طوقت ذَلِك أَي أقدرت عَلَيْهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ يشكل مَعَ وصاله وَقَوله إِنِّي أَبيت أطْعم وأسقى قَالَ ويرتفع الْإِشْكَال بِأَن هَذَا كَانَ مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة فَفِي وَقت يواصل الْأَيَّام بِحكم الْقُوَّة الإلهية وَفِي آخِره يضعف فَيَقُول هَذَا بِحكم الطباع البشرية قَالَ وَيُمكن أَن يُقَال تمنى ذَلِك دَائِما بِحَيْثُ لَا يخل بِحَق من الْحُقُوق الَّتِي يخل بهَا من أدام صَوْمه من الْقيام بِحُقُوق الزَّوْجَات وَاسْتِيفَاء الْقُوَّة على الْجِهَاد وأعمال الطَّاعَات وَقَالَ القَاضِي قيل مَعْنَاهُ وددت أَن أمتِي تطوقه لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يطيقه وَأكْثر مِنْهُ وَكَانَ يواصل قَالَ النَّوَوِيّ وَيُؤَيّد هَذَا التَّأْوِيل قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة لَيْت أَن الله قوانا لذَلِك وَقيل إِنَّمَا قَالَه لحقوق نِسَائِهِ وغيرهن من الْمُسلمين المتعلقين بِهِ والقاصدين إِلَيْهِ يكفر السّنة الَّتِي قبله أَي الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالسّنة الَّتِي بعده أَي ذنُوب صائمه فِي السنتين قَالُوا وَالْمرَاد بِهِ الصَّغَائِر قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن لم يكن صغائر يُرْجَى التَّخْفِيف من الْكَبَائِر فَإِن لم يكن رفعت لَهُ دَرَجَات صَوْم ثَلَاثَة من كل شهر زَاد النَّسَائِيّ من حَدِيث جَابر أَيَّام الْبيض صَبِيحَة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة وَبِه أَخذ أَصْحَابنَا وَذهب جمَاعَة إِلَى الْإِطْلَاق وَأَنه لَا فرق بَين أَيَّام الشَّهْر فِي ذَلِك وَمِنْهُم من اخْتَار ثَلَاثَة من آخر الشَّهْر وَاخْتَارَ قوم أول الشَّهْر والعاشر وَالْعِشْرين وَقيل الْحَادِي عشر وَالْحَادِي وَالْعِشْرين وَقيل أول اثْنَيْنِ فِي الشَّهْر وخميسان بعده وَقيل أول خَمِيس وَاثْنَانِ من اثْنَيْنِ بعده وَقيل السبت والأحد والاثنين من شهر ثمَّ الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس من الشَّهْر الَّذِي بعده فسكتنا عَن ذكر الْخَمِيس لما نرَاهُ بِفَتْح النُّون وَضمّهَا وهما قَالَ القَاضِي إِنَّمَا وهمه مُسلم لقَوْله فِيهِ ولدت إِلَخ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ دون الْخَمِيس قَالَ وَيحْتَمل صِحَة رِوَايَة شُعْبَة وَيرجع الْوَصْف بِالْولادَةِ والبعث إِلَى الْإِثْنَيْنِ دون الْخَمِيس قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا مُتَعَيّن

(3/249)


[1161] من سرر شعْبَان ضبطوه بِفَتْح السِّين وَكسرهَا وَضمّهَا جمع سرة وَالْمرَاد آخر الشَّهْر قَالَه الْجُمْهُور لاستسرار الْقَمَر فِيهَا وَقيل وَسطه لِأَن أَيَّام الْبيض ورد ندب صَومهَا وَلم يَأْتِ فِي صِيَام آخر الشَّهْر ندب فَلَا يحمل الحَدِيث عَلَيْهِ وعَلى الأول فِيهِ مُعَارضَة لحَدِيث لَا تقدمُوا رَمَضَان بِصَوْم يَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ وَأجَاب الْمَازرِيّ وَغَيره بِأَن الرجل كَانَ يعْتَاد الصّيام آخر الشَّهْر فَصم يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا حمل مُلَازمَة عَادَة الْخَيْر حَتَّى لَا تقطع وحض على أَن لَا يمْضِي على الْمُكَلف مثل شعْبَان وَلم يصم مِنْهُ شَيْئا فَلَمَّا فَاتَهُ صَوْمه أمره أَن يعوضه قَالَ وَيظْهر لي أَنه إِنَّمَا أمره بصيام يَوْمَيْنِ فِي غَيره للمزية الَّتِي يخْتَص بهَا شعْبَان فَلَا يبعد فِي أَن يُقَال إِن صَوْم يَوْم مِنْهُ كَصَوْم يَوْمَيْنِ فِي غَيره وَيشْهد لَهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُوم مِنْهُ أَكثر مِمَّا كَانَ يَصُوم من غَيره اغتناما لمزية فضيلته انْتهى إِذا أفطرت رَمَضَان كَذَا فِي الْأُصُول فِي هَذِه الرِّوَايَة بِحَذْف من وَهِي مُرَادة كَمَا صرح بهَا فِي الرِّوَايَة الأولى

(3/250)


[1163] عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي قَالَ النَّوَوِيّ روى عَن أبي هُرَيْرَة اثْنَان كل مِنْهُمَا حميد بن عبد الرَّحْمَن أَحدهمَا الْحِمْيَرِي وَالثَّانِي حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ قَالَ الْحميدِي كل مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة فَهُوَ الزُّهْرِيّ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث خَاصَّة أفضل الصّيام بعد رَمَضَان شهر الله الْمحرم أَقُول سُئِلت لم خص الْمحرم بقَوْلهمْ شهر الله دون سَائِر الشُّهُور مَعَ أَن فِيهَا مَا يُسَاوِيه فِي الْفضل أَو يزِيد عَلَيْهِ كرمضان وَوجدت مَا يُجَاب بِهِ أَن هَذَا الِاسْم إسلامي دون سَائِر الشُّهُور فَإِن أسماءها كلهَا على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ اسْم الْمحرم فِي الْجَاهِلِيَّة صفر الأول وَالَّذِي بعده صفر الثَّانِي فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَمَّاهُ الله الْمحرم فأضيف إِلَى الله بِهَذَا الِاعْتِبَار وَهَذِه الْفَائِدَة لَطِيفَة رَأَيْتهَا فِي الجمهرة قَالَ الْقُرْطُبِيّ إِنَّمَا كَانَ صَوْم الْمحرم أفضل الصّيام من أجل أَنه أول السّنة المستأنفة فَكَانَ استفتاحها بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ أفضل الْأَعْمَال وَأفضل الصَّلَاة بعد الْفَرِيضَة صَلَاة اللَّيْل اسْتدلَّ بِهِ لقَوْل بعض أَصْحَابنَا أَن صَلَاة اللَّيْل أفضل من الرَّوَاتِب وَإِن كَانَ أَكْثَرهم على خِلَافه قَالَ النَّوَوِيّ وَالْأول أقوى وأوفق للْحَدِيث

(3/252)


[1164] سِتا من شَوَّال لم يقل سِتَّة مَعَ أَن الْمَعْدُود مُذَكّر لِأَنَّهُ إِذا حذف جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ كصيام الدَّهْر زَاد النَّسَائِيّ من حَدِيث ثَوْبَان الْحَسَنَة بِعشر فشهر رَمَضَان بِعشْرَة أشهر وَسِتَّة بشهرين فَذَلِك تَمام السّنة وَلَا يشكل على هَذَا مَا قيل إِنَّه يلْزم فِيهِ مساوات ثَوَاب النَّفْل للْفَرض لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَار كصيام سنة بالتضعيف وَهُوَ مُجَرّد فضل من الله تَعَالَى

(3/253)


[1165] لَيْلَة الْقدر سميت لَيْلَة الْقدر بذلك لعظم قدرهَا وشرفها وَقيل لما تكْتب الْمَلَائِكَة فِيهَا من الأقدار والأرزاق والآجال تواطئت قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي النّسخ بطاء ثمَّ تَاء وَهُوَ مَهْمُوز وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يكْتب بِأَلف بَين الطَّاء وَالتَّاء صُورَة الْهمزَة وَلَا بُد من قِرَاءَته مهموزا وَمَعْنَاهُ توافقت تحروا لَيْلَة الْقدر أَي احرصوا على طلبَهَا واجتهدوا فِيهِ الغوابر أَي الْبَوَاقِي وَهُوَ الْأَوَاخِر فَلَا يغلبن على السَّبع الْبَوَاقِي فِي بعض النّسخ عَن السَّبع تَحَيَّنُوا أَي اطْلُبُوا حينها وَهُوَ زمانها
[1166] فنسيتها بِضَم النُّون وَتَشْديد السِّين أَي نسيت تَعْيِينهَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَمثل هَذَا النسْيَان جَائِز عَلَيْهِ إِذْ لَيْسَ تَبْلِيغ حكم يجب الْعَمَل بِهِ وَلَعَلَّ عدم تَعْيِينهَا أبلغ فِي الْحِكْمَة وأكمل فِي تَحْصِيل الْمصلحَة قَالَ حَرْمَلَة فنسيتها هُوَ بِفَتْح النُّون وَتَخْفِيف السبن

(3/255)


[1167] فليثبت من الثُّبُوت وَفِي بعض النّسخ فليلبث من اللّّبْث فِي مُعْتَكفه بِفَتْح الْكَاف مَوضِع الِاعْتِكَاف فوكف أَي قطر مَاء الْمَطَر من سقفه غير أَنه قَالَ فليثبت فِي أَكثر النّسخ بِالْمُثَلثَةِ من الثُّبُوت وَفِي بَعْضهَا فليبت من الْمبيت وَقَالَ وجبينه ممتلئا فِي أَكثر النّسخ بِالنّصب على تَقْدِير رَأَيْته وَفِي بَعْضهَا بِالرَّفْع وَهُوَ وَاضح الْعشْر الْأَوْسَط كَذَا فِي الْأُصُول وتذكير الْعشْر لُغَة بِاعْتِبَار الْأَيَّام أَو الْوَقْت أَو الزَّمَان وَالْمَشْهُور تأنيثه كَمَا قَالَ فِي أَكثر الْأَحَادِيث الْأَوَاخِر فِي قبَّة تركية قَالَ النَّوَوِيّ أَي صَغِيرَة من لبود وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هِيَ الَّتِي لَهَا بَاب وَاحِد على سدتها أَي بَابهَا وروثة أَنفه بِالْمُثَلثَةِ أَي طرفه وَيُقَال لَهَا الأرنبة يلْتَمس يطْلب فقوض بقاف مَضْمُومَة وَاو مَكْسُورَة وضاد مُعْجمَة أَي هدم ثمَّ أبينت لَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيّ روايتنا فِيهِ من للْبَيَان قَالَ أَبُو الْفرج وَضَبطه الْمُحَقِّقُونَ أَثْبَتَت من الْإِثْبَات فجَاء رجلَانِ هما كَعْب بن مَالك وَعبد الله بن أبي حَدْرَد يحتقان بِالْقَافِ أَي يطْلب كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقه وَيَدعِي أَنه محق فالتي تَلِيهَا ثِنْتَيْنِ وَعشْرين كَذَا فِي أَكثر النّسخ بِالْيَاءِ وَهُوَ مَنْصُوب بِتَقْدِير أَعنِي وَفِي بَعْضهَا ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ

(3/258)


[762] أَنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ لَا شُعَاع لَهَا كَذَا فِي الْأُصُول أَنَّهَا من غير ذكر الشَّمْس وحذفت للْعلم بهَا على حد حتىتوارت بالحجاب والشعاع بِضَم الشين مَا يرى من ضوئها عِنْد بروزها مثل الحبال والقضبان مقبلة إِلَيْك إِذا نظرت إِلَيْهَا وَقيل هُوَ الَّذِي ترَاهُ ممتدا بعد الطُّلُوع وَقيل هُوَ انتشار ضوئها قَالَ القَاضِي ثمَّ قيل ذَلِك مُجَرّد عَلامَة جعلهَا الله لَهَا وَقيل بل لِكَثْرَة صعُود الْمَلَائِكَة الَّذين ينزلون إِلَى الأَرْض فِي لَيْلَتهَا سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشَّمْس وشعاعها

(3/259)


[1170] شقّ جَفْنَة بِكَسْر الشين وَفتح الْجِيم أَي نصفهَا

(3/263)


[1173] آلبر أَي الطَّاعَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ هُوَ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام ومده على جِهَة الْإِنْكَار وَنصب آلبر على أَنه مفعول تردن مقدما
[1174] أَحْيَا اللَّيْل أَي استغرقه بالسهر فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَأَيْقَظَ أَهله أَي للصَّلَاة فِي اللَّيْل وجد أَي اجْتهد فِي الْعِبَادَة زِيَادَة على الْعَادة وَشد المئزر بِكَسْر الْمِيم مهموزا أَي الْإِزَار قيل هُوَ عبارَة عَن الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة زِيَادَة على عَادَته فِي غَيره وَمَعْنَاهُ السهر فِي الْعِبَادَة يُقَال شددت لهَذَا الْأَمر مئزري أَي تشمرت لَهُ وَقيل كِنَايَة عَن اعتزال النِّسَاء للاشتغال بالعبادات قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا أولى لِأَنَّهُ قد ذكر الْجد وَالِاجْتِهَاد أَولا فَحمل هَذَا على فَائِدَة مستجدية أولى

(3/264)


[1176] سُفْيَان عَن الْأَعْمَش فِي رِوَايَة شُعْبَة عَن الْأَعْمَش لم يصم الْعشْر أَي عشر ذِي الْحجَّة أَي لم نره يَصُومهُ كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى مَا رَأَيْت فَلَا يلْزم من ذَلِك عدم صَوْمه فِي نفس الْأَمر قَالَ النَّوَوِيّ وَيدل على هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث أبي دَاوُد وَغَيره عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم تسع ذِي الْحجَّة وَيَوْم عَاشُورَاء الحَدِيث وَأَشَارَ الْقُرْطُبِيّ إِلَى أَن هَذَا كَمَا تقدم لَهَا فِي صَلَاة الضُّحَى
[1177] لَا تلبسوا الْقَمِيص إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء هَذَا من بديع الْكَلَام وجزله فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سُئِلَ عَمَّا يلْبسهُ الْمحرم فَأجَاب بِمَا لَا يلْبسهُ لِأَنَّهُ منحصر وَمَا يلْبسهُ غير منحصر فضبط الْجَمِيع بقوله لَا تلبسوا إِلَى آخِره يَعْنِي ويلبس مَا سواهُ

(3/269)


[1178] والخفان لمن لم يجد النَّعْلَيْنِ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على قَوْله فِي حَدِيث بن عمر فليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ فَإِن الْمُطلق يحمل على الْمُقَيد وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة

(3/270)


[1180] بالجعرانة بِسُكُون الْعين وَتَخْفِيف الرَّاء وبكسر الْعين وَتَشْديد الرَّاء خلوق بِفَتْح الْخَاء نوع من الطّيب يعْمل فِيهِ زعفران غطيط هُوَ كصوت النَّائِم الَّذِي يردده نَفسه وَهُوَ الشخير الَّذِي كَانَ يَغْشَاهُ عِنْد الْوَحْي الْبكر بِفَتْح الْبَاء الفتي من الْإِبِل سري عَنهُ بِضَم السِّين وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة أَي كشف مقطعات بِفَتْح الطَّاء الْمُشَدّدَة الثِّيَاب المخططة متضمخ بالضاد وَالْخَاء المعجمتين أَي متلوث بِهِ مكثر مِنْهُ يغط بِكَسْر الْغَيْن آنِفا أَي السَّاعَة فَلم يرجع إِلَيْهِ أَي لم يرد جَوَابه خمره أَي غطاه فَائِدَة يعلى بن أُميَّة هُوَ يعلى بن منية أُميَّة أَبوهُ ومنية أمه فَتَارَة ينْسب إِلَى أَبِيه وَتارَة ينْسب إِلَى أمه

(3/273)


[1181] ذَا الحليفة بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء الْجحْفَة بجيم مَضْمُومَة ثمَّ حاء مُهْملَة سَاكِنة سميت بذلك لِأَن السَّيْل اجتحفها فِي وَقت قرن بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء بِلَا خلاف بَين أهل اللُّغَة والْحَدِيث والتاريخ والأسماء اسْم جبل غلط الْجَوْهَرِي فِي صحاحه حَيْثُ قَالَ بِفَتْح الرَّاء وَفِي بعض النّسخ بِالْألف وَهُوَ الأجود قَالَ النَّوَوِيّ وَالَّذِي وَقع بِغَيْر ألف يقْرَأ منونا وَإِنَّمَا حذفوا الْألف مِنْهُ كَمَا جرت عَادَة بعض الْمُحدثين يَكْتُبُونَ سَمِعت أنس بِغَيْر ألف وَيقْرَأ بِالتَّنْوِينِ يَلَمْلَم بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت واللامين جبل من جبال تهَامَة فهن لَهُنَّ كَذَا الرِّوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ أَي الْمَوَاقِيت لهَذِهِ الأقطار الْمَدِينَة وَالشَّام ونجد واليمن أَي لأَهْلهَا فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَلأبي دَاوُد فهن لَهُم وَهُوَ الْوَجْه وَكَذَا أَي وَهَكَذَا من جَاوز مَسْكَنه الْمِيقَات
[1182] مهل أهل الْمَدِينَة بِضَم الْمِيم وَفتح الْهَاء وَتَشْديد اللَّام أَي مَوضِع إهلامهم مهيعة بِفَتْح الْمِيم والتحتية بَينهمَا هَاء سَاكِنة وَحكي كسرهَا

(3/275)


[1183] ثمَّ انْتهى أَي وقف عَن رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أرَاهُ بِضَم الْهمزَة أَي أَظُنهُ رفع الحَدِيث
[1182] ذَات عرق ثنية أَو هضبة بَينهمَا وَبَين مَكَّة يَوْمَانِ وَبَعض يَوْم

(3/276)


[1184] لبيْك مثناة للتكثير وَالْمُبَالغَة أَي إِجَابَة بعد إِجَابَة إِن الْحَمد بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَالْكَسْر أَجود وَالنعْمَة بِالنّصب وَالرغْبَاء إِلَيْك يرْوى بِفَتْح الرَّاء وَالْمدّ وبضم الرَّاء وَالْقصر أَي الطّلب وَالْمَسْأَلَة وَالْعَمَل أَي أَنه الْمُسْتَحق لِلْعِبَادَةِ تلقفت التَّلْبِيَة بقاف ثمَّ فَاء أَي أَخَذتهَا بِسُرْعَة ويروى تلقنت بالنُّون وتلقيت بِالْيَاءِ ومعانيها مُتَقَارِبَة يهل الإهلال رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ عِنْد الدُّخُول فِي الْإِحْرَام ملبدا التلبيد ضف الرَّأْس بالصمغ أَو الخطمي وَنَحْوه مِمَّا يضم الشّعْر وَيلْزق بعضه بِبَعْض ويمنعه التمعط وَالْقمل

(3/278)


[1185] قد قد رُوِيَ بِسُكُون الدَّال وَكسرهَا منونا أَي كفاكم هَذَا الْكَلَام فاقتصروا عَلَيْهِ وَلَا تَزِيدُوا
[1186] الْبَيْدَاء شرف مُرْتَفع قريب ذِي الحليفة تكذبون أَي تَقولُونَ إِنَّه أحرم مِنْهَا وَلم يحرم مِنْهَا وَإِنَّمَا أحرم قبلهَا عِنْد مَسْجِد ذِي الحليفة

(3/279)


[1187] لم أر أحدا من أَصْحَابك يصنعها قَالَ الْمَازرِيّ يحْتَمل أَن مُرَاده لَا يصنعها غَيْرك مجتمعة وَإِن كَانَ يصنع بَعْضهَا إِلَّا اليمانيين بتَخْفِيف الْيَاء فِي الْأَشْهر وهما الرُّكْن الْيَمَانِيّ والركن الَّذِي فِيهِ الْحجر الْأسود وَيُقَال لَهُ الْعِرَاقِيّ لكَونه إِلَى جِهَة الْعرَاق وَذَلِكَ إِلَى جِهَة الْيمن فغلب على التَّثْنِيَة كَمَا قَالُوا الأبوان والقمران والعمران تلبس بِفَتْح الْبَاء السبتية بِكَسْر السِّين وَإِسْكَان الْمُوَحدَة هِيَ الَّتِي لَا شعر فِيهَا من السبت بِفَتْح السِّين وَهُوَ الْحلق والإزالة وَقيل سميت بذلك لِأَنَّهَا مدبوغة قَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ السبت كل جلد مدبوغ وَكَانَ عَادَة الْعَرَب لبس النِّعَال بشعرها غير مدبوغة يصْبغ بِضَم الْبَاء وَفتحهَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصْبغ بهَا قيل المُرَاد صبغ الشّعْر وَقيل الثِّيَاب قَالَ الْمَازرِيّ وَهُوَ الْأَشْبَه لِأَنَّهُ لم ينْقل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبغ شعره يَوْم التَّرويَة بِالْمُثَنَّاةِ فَوق الثَّامِن من ذِي الْحجَّة لِأَن النَّاس كَانُوا يتروون فِيهِ من المَاء أَي يحملونه مَعَهم من مَكَّة إِلَى عَرَفَات فَإِنِّي لم أر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهل حَتَّى تنبعث رَاحِلَته قَالَ الْمَازرِيّ أجَاب بِضَرْب من الْقيَاس حَيْثُ لم يتَمَكَّن من الِاسْتِدْلَال بِنَفس فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَسْأَلَة بِعَينهَا فاستدل بِمَا فِي مَعْنَاهَا وَوجه قِيَاسه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أحرم عِنْد الشُّرُوع فِي أَفعَال الْحَج والذهاب إِلَيْهِ فَأخر بن عمر الْإِحْرَام إِلَى حَال شُرُوعه الْحَج وتوجهه إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْم التَّرويَة فَإِنَّهُم حِينَئِذٍ يخرجُون من مَكَّة إِلَى منى فِي الغرز بِفَتْح الْعين الْمُعْجَمَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ زَاي ركاب كور الْبَعِير إِذا كَانَ من جلد أَو خشب

(3/281)


[1188] مبدأة بِفَتْح الْمِيم وَضمّهَا وَهُوَ مَنْصُوب على الظّرْف أَي ابتدأه

(3/282)


[1189] لحرمه ضبط بِضَم الْحَاء وَكسرهَا أَي إِحْرَامه بِالْحَجِّ بذريرة بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة فتات قصب طيب يجاء بِهِ من الْهِنْد
[1190] وبيص البريق واللمعان مفرق بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء

(3/283)


[1192] أنضخ طيبا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي يفور مني الطّيب وَضَبطه بَعضهم بِالْحَاء الْمُهْملَة وهما متقاربان فِي الْمَعْنى
[1194] جثامة بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ مُثَلّثَة مُشَدّدَة بالأبواء بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة وَالْمدّ أَبُو بودان بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وهما مكانان بَين مَكَّة وَالْمَدينَة إِلَّا أَنا حرم بِفَتْح همزَة أَنا وَحرم بِضَم الْحَاء وَالرَّاء محرمون

(3/284)


[1196] بالقاحة بِالْقَافِ والحاء الْمُهْملَة المخففة وَاد على ثَلَاث مراحل من الْمَدِينَة وصحف من قَالَه بِالْفَاءِ وَهُوَ غير محرم قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ جَاوز الْمِيقَات وَهُوَ غير محرم فَالْجَوَاب أَن الْمَوَاقِيت لم تكن وقتت بعد وَقيل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه ورفقته لكشف عَدو بِجِهَة السَّاحِل وَقيل بل بَعثه أهل الْمَدِينَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد خُرُوجه ليعلمه أَن بعض الْأَعْرَاب يقصدون الإغارة على الْمَدِينَة طعمة بِضَم الطَّاء أَي طَعَام يضْحك بَعضهم إِلَيّ قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا وَقع فِي جَمِيع نسخ بِلَادنَا إِلَيّ بتَشْديد الْيَاء قَالَ القَاضِي وَهُوَ خطأ وَوَقع فِي رِوَايَة بعض الروَاة عَن مُسلم إِلَى بعض فأسقط لَفْظَة بعض وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا بغيقة بغين مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ يَاء مثناة تحتية سَاكِنة ثمَّ قَاف مَفْتُوحَة مَوضِع فِي بِلَاد بني غفار بَين مَكَّة وَالْمَدينَة أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا بالشين الْمُعْجَمَة مَهْمُوز أَي طلقا وَالْمعْنَى أركضه شَدِيدا وقتا وأسوقه بسهولة وقتا بتعهن بمثناة فَوق مَكْسُورَة ومفتوحة ثمَّ عين مُهْملَة سَاكِنة ثمَّ هَاء مُهْملَة مَكْسُورَة ثمَّ نون مَاء هُنَاكَ على ثَلَاثَة أَمْيَال من السقيا وَهُوَ قَائِل بِهَمْزَة من القيلولة أَي فِي عزمه أَن يقيل بالسقيا وَرُوِيَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ تَصْحِيف السقيا بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف ثمَّ مثناة تَحت مَقْصُور قَرْيَة جَامِعَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة إِنِّي اصطدت وَفِي رِوَايَة أصدت بتَشْديد الصَّاد بِمَعْنى اصطدت وَفِي أُخْرَى أصدت بتخفيفها أَي أثرت الصَّيْد من مَوْضِعه وَفِي أُخْرَى صدت وَمَعِي مِنْهُ أَي من الصَّيْد الَّذِي دلّ عَلَيْهِ اصطدت أَو أصدتم رُوِيَ بتَشْديد الصَّاد أَي اصطدتم وبتخفيفها أَي أمرْتُم بالصيد أَو أثرتم الصَّيْد من مَوْضِعه وَرُوِيَ صدتم

(3/289)


[1198] فواسق سميت بذلك لخروجها بالإيذاء والإفساد عَن طَرِيق مُعظم الدَّوَابّ الحدأة بِكَسْر الْحَاء مَهْمُوز بِوَزْن عنبة بصغر بِضَم الصَّاد أَي بذل وإهانة خمس فواسق قَالَ النَّوَوِيّ بِإِضَافَة خمس لَا بتنوينه الحديا بِضَم الْحَاء وَفتح الدَّال وَتَشْديد الْيَاء مَقْصُور

(3/290)


[1199] لَا جنَاح على من قتلهن فِي الْحرم ضبط بِفَتْح الْحَاء وَالرَّاء أَي حرم مَكَّة وَبِضَمِّهَا جمع حرَام وَالْمرَاد بِهِ الْمَوَاضِع الْمُحرمَة

(3/291)


[1201] عجْرَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْجِيم هوَام رَأسك أَي الْقمل انسك بِضَم السِّين وَكسرهَا نسيكة هِيَ الشَّاة وَغَيرهَا مِمَّا يُجزئ فِي الْأُضْحِية يتهافت أَي يتساقط ويتناثر بفرق بِفَتْح الْفَاء وسكونها وَالْفرق ثَلَاثَة آصَع جمع صَاع فقمل بِفَتْح الْقَاف وَالْمِيم أَي كثر قمله
[1203] وسط رَأسه بِفَتْح السِّين

(3/293)


[1204] نبيه بنُون مَضْمُومَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة ثمَّ مثناة تَحت سَاكِنة بملل بِفَتْح الْمِيم ولامين مَوضِع على ثَمَانِيَة وَعشْرين ميلًا من الْمَدِينَة اضمدها بِكَسْر الْمِيم أَي الطفها بِالصبرِ بِكَسْر الْبَاء وَيجوز سكونها ضمدها بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد

(3/294)


[1205] بَين القرنين بِفَتْح الْقَاف تَثْنِيَة قرن وهما الخشبتان القائمتان على رَأس الْبِئْر وشبههما من الْبناء ويمد بَينهمَا خَشَبَة يجر عَلَيْهَا الْحَبل المستقى بِهِ ويعلق عَلَيْهِ البكرة

(3/295)


[1206] خر أَي سقط فوقص أَي انْكَسَرت عُنُقه فِي ثوبيه وَفِي رِوَايَة فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تخمروا أَي تغطوا فأوقصته بِمَعْنى وقصته أَي كسرت عُنُقه فأقصعته أَي قتلته فِي الْحَال وَمِنْه قعاص الْغنم وَهُوَ مَوتهَا بداء يَأْخُذهَا فَجْأَة وَلَا تحنطوه بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي لَا تمسوه حنوطا والحنوط بِفَتْح الْحَاء وَيُقَال لَهُ الحناط بِكَسْر الْحَاء أخلاط من طيب يجمع للْمَيت خَاصَّة لَا تسْتَعْمل فِي غَيره أقبل رجل حَرَامًا كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول بِالنّصب على الْحَال وَفِي بَعْضهَا بِالرَّفْع عَن مَنْصُور عَن سعيد بن جُبَير قَالَ القَاضِي هَذَا الحَدِيث مِمَّا استدركه الدَّارَقُطْنِيّ على مُسلم وَقَالَ إِنَّمَا سَمعه مَنْصُور من الحكم وَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ عَن مَنْصُور عَن الحكم عَن سعيد وَهُوَ الصَّوَاب
[1207] ضباعة بضاد مُعْجمَة مَضْمُومَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة مُخَفّفَة
[1208] فأدركت أَي الْحَج وَلم تتحلل حَتَّى فرغت مِنْهُ

(3/298)


[1210] نفست بِضَم النُّون وَفتحهَا وَكسر الْفَاء أَي ولدت بِالشَّجَرَةِ هِيَ بِذِي الحليفة

(3/299)


[1211] حجَّة الْوَدَاع سميت بذلك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودع النَّاس فِيهَا وَلم يحجّ بعد الْهِجْرَة غَيرهَا وَكَانَت سنة عشر من الْهِجْرَة وَاخْتلف هَل كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا مُفردا أَو مُتَمَتِّعا أَو قَارنا قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح أَنه كَانَ أَولا مُفردا ثمَّ أحرم بِالْعُمْرَةِ بعد ذَلِك وأدخلها على الْحَج فَصَارَ قَارنا فَمن روى بِالْإِفْرَادِ فَهُوَ الأَصْل وَمن روى الْقرَان اعْتمد آخر الْأَمريْنِ وَمن روى التَّمَتُّع أَرَادَ التَّمَتُّع اللّغَوِيّ وَهُوَ الِانْتِفَاع والارتفاق وَقد ارتفق بالقران كارتفاق الْمُتَمَتّع وَزِيَادَة وَهُوَ الِاقْتِصَار على فعل وَاحِد قَالَ وَبِهَذَا الْجمع تنتظم الْأَحَادِيث كلهَا هدي بِسُكُون الدَّال وَتَخْفِيف الْيَاء على الْأَفْصَح وَلم أهلل إِلَّا بِعُمْرَة قَالَ القَاضِي اخْتلفت الرِّوَايَات عَن عَائِشَة فِيمَا أَحرمت بِهِ اخْتِلَافا كثيرا وَاخْتلف كَلَام الْعلمَاء على حَدِيثهَا فَقَالَ مَالك لَيْسَ الْعَمَل على حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة عندنَا قَدِيما وَلَا حَدِيثا وَقَالَ بَعضهم يتَرَجَّح أَنَّهَا كَانَت مُحرمَة بِحَجّ لِأَنَّهَا رِوَايَة عمْرَة وَالْأسود وَالقَاسِم وغلطوا عُرْوَة فِي الْعمرَة قَالَ القَاضِي وَلَيْسَ هَذَا بواضح بل الْجمع بَين الرواياات مُمكن فأحرمت أَولا بِالْحَجِّ كَمَا صَحَّ عَنْهَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وكما هُوَ الْأَصَح من فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأكْثر أَصْحَابه ث احرمت بِالْعُمْرَةِ حِين أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بِفَسْخ الْحَج إِلَى الْعمرَة وَهَذَا فسره الْقَاسِم فِي حَدِيثه فَأخْبر عُرْوَة باعتمارها فِي آخر الْأَمر وَلم يذكر أول أمرهَا ثمَّ لما حَاضَت وَتعذر عَلَيْهَا إتْمَام الْعمرَة والتحلل مِنْهَا وَأدْركت الْإِحْرَام بِالْحَجِّ أمرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فأحرمت بِهِ فَصَارَت مدخلة لِلْحَجِّ على الْعمرَة وقارنة وَقَوله ارفضي عمرتك لَيْسَ مَعْنَاهُ إِبْطَالهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَإِن الْإِحْرَام لَا يَزُول بنية الْخُرُوج بل التَّحَلُّل وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ ارفضي الْعَمَل عَنْهَا وإتمام أفعالها وَيدل عَلَيْهِ وأمسكي عَن الْعمرَة وَقَوْلها يرجع النَّاس بِحَجّ وَعمرَة أَي مُنْفَرد ومنفردة وَقَوله مَكَان عمرتك أَي الَّتِي لم تتمّ لَك مُنْفَرِدَة كَمَا تمت لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَالنَّاس الَّذين فسخوا الْحَج إِلَى الْعمرَة وَأَتمُّوا الْعمرَة وتحللوا مِنْهَا قبل يَوْم التَّرويَة ثمَّ أَحْرمُوا بِالْحَجِّ من مَكَّة يَوْم التَّرويَة فحصلت لَهُم عمْرَة مُنْفَرِدَة انْتهى لَيْلَة الحصبة بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ اللَّيْلَة الَّتِي ينزل النَّاس فِيهَا بالمحصب عِنْد انصرافهم من منى إِلَى مَكَّة وَلم يكن فِي ذَلِك هدي وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم أَي لعدم ارْتِكَاب شَيْء من مَحْظُورَات الْإِحْرَام لَا نرى إِلَّا الْحَج أَي لَا نعتقد أَنا نحرم إِلَّا بِالْحَجِّ لأَنا كُنَّا نظن امْتنَاع الْعمرَة فِي أشهر الْحَج سرف بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة بِقرب مَكَّة على أَمْيَال مِنْهَا قيل سِتَّة وَقيل أَكثر أنفست مَعْنَاهُ أحضت وَهُوَ بِفَتْح النُّون وَضمّهَا وَالْفَتْح أفْصح وَالْفَاء مَكْسُورَة فِيهَا وَأما النّفاس الَّذِي هُوَ الْولادَة فَيُقَال فِيهِ نفست بِالضَّمِّ لَا غير فطمثت بِفَتْح الطَّاء وَكسر الْمِيم أَي حِضْت أنعس بِضَم الْعين وَفِي حرم الْحَج ضَبطه الْجُمْهُور بِضَم الْحَاء وَالرَّاء على إِرَادَة الْأَوْقَات والمواضع والحالات وَضَبطه الْأصيلِيّ بِفَتْح الرَّاء على انه جمع حرمه أَي ممنوعاته ومحرماته سَمِعت كلامك مَعَ أَصْحَابك فَسمِعت الْعمرَة قَالَ القَاضِي كَذَا لأكْثر الروَاة وَرَوَاهُ بَعضهم فتمتعت بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ الصَّوَاب لَا أُصَلِّي كِنَايَة عَن الْحيض عقرى حلقى بِأَلف التَّأْنِيث غير منون وَمَعْنَاهُ عقرهَا الله وحلقها أَي عقر الله جَسدهَا وأصابها بوجع فِي حلقها وَقيل عقر قَومهَا وحلقهم بسومها وَقيل العقرى الْحَائِض وَقيل عقرى جعلهَا الله عاقرا لَا تَلد وحلقى مشؤومة وَقيل حلقى حلق شعرهَا وعَلى كل قَول فَهِيَ كلمة كَانَ أَصْلهَا مَا ذَكرْنَاهُ ثمَّ اتسعت الْعَرَب فِيهَا فَصَارَت تطلقها وَلَا تُرِيدُ حَقِيقَة مَا وضعت لَهُ أَولا وَنَظِيره تربت يداك وقاتله الله مَا أشجعه وَمَا أشعره وَرُوِيَ عقرا حلقا بِالتَّنْوِينِ مصدران للدُّعَاء قَالَ أَبُو عبيد هَذَا على مَذْهَب الْعَرَب فِي الدُّعَاء على الشَّيْء من غير إِرَادَة لوُقُوعه قَالَ الحكم كَأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ أَحسب أَي أَظن أَن هَذَا لَفظه وَلَكِن صَوَابه كَأَنَّهُ يَتَرَدَّدُونَ كَمَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة عَن الحكم وَمَعْنَاهُ أَن الحكم شكّ فِي لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ ضَبطه لمعناه فَشك هَل قَالَ يَتَرَدَّدُونَ أَو نَحوه من الْكَلَام أحسره بِكَسْر السِّين وَضمّهَا أكشفه وأزيله فَيضْرب رجْلي بعلة الرَّاحِلَة الْمَشْهُور فِي النّسخ بباء مُوَحدَة ثمَّ عين مُهْملَة مكسورتين ثمَّ لَام مُشَدّدَة ثمَّ هَاء أَي بِسَبَب الرَّاحِلَة أَي يضْرب رجْلي عَامِدًا لَهَا فِي صُورَة من يضْرب الرَّاحِلَة حِين تكشف خمارها عَن عُنُقهَا غيرَة عَلَيْهَا فَتَقول لَهُ هَل ترى من أحد أَي نَحن فِي خلاء لَيْسَ هُنَا أَجْنَبِي حَتَّى أستتر مِنْهُ وَرُوِيَ نعلة بالنُّون وَقَالَ القَاضِي بنعلة السَّيْف وَهُوَ بالحصبة أَي المحصب

(3/309)


[1213] عركت بِفَتْح الْعين وَالرَّاء أَي حَاضَت طهرت بِفَتْح الْهَاء وَضمّهَا وَالْفَتْح أفْصح رجلا سهلا أَي سهل الْخلق كريم الشَّمَائِل ميسرًا فِي الْحق قَالَ تَعَالَى وَإنَّك لعَلي خلق عَظِيم إِذا هويت الشَّيْء تابعها عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ إِذا هويت شَيْئا لَا نقص فِيهِ فِي الدّين مثل طلبَهَا الاعتمار وَغَيره أجابها إِلَيْهِ ومسسنا الطّيب بِكَسْر السِّين فِي الْأَفْصَح
[1214] من الأبطح هُوَ بطحاء مَكَّة وَهُوَ مُتَّصِل بالمحصب

(3/312)


[1216] صبح رَابِعَة بِضَم الصَّاد قَالَ عَطاء وَلم يعزم عَلَيْهِم أَي لم يُوجب عَلَيْهِم وَطْء النِّسَاء تقطر مذاكيرنا الْمَنِيّ هُوَ إِشَارَة إِلَى قرب الْعَهْد بِوَطْء النِّسَاء فَقدم عَليّ من سعايته بِكَسْر السِّين قيل أَي من عمله فِي السَّعْي فِي الصَّدقَات وَتعقب بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْتَعْمل الْفضل بن عَبَّاس وَعبد الْمطلب بن ربيعَة حِين سألاه ذَلِك وَقَالَ لَهما إِن الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد وَورد فِي حَدِيث أَنه كَانَ بَعثه أَمِيرا عَاملا على الصَّدقَات وَقَالَ القَاضِي يحْتَمل أَن عليا ولي الصَّدقَات احتسابا أَو أعطي عمالته عَلَيْهَا من غَيرهَا فَإِن السّعَايَة تخْتَص بِالصَّدَقَةِ وَقَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ كَذَلِك بل تسْتَعْمل فِي مُطلق الْولَايَة وَإِن كَانَ أَكثر اسْتِعْمَالهَا فِي ولَايَة الصَّدقَات وَأهْدى لَهُ عَليّ هَديا قَالَ النَّوَوِيّ يَعْنِي أَنه اشْتَرَاهَا لَا أَنه من السّعَايَة على الصَّدَقَة فَقَالَ بل لِلْأَبَد قَالَ الْجُمْهُور مَعْنَاهُ أَن الْعمرَة يجوز فعلهَا فِي أشهر الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْمَقْصُود بِهِ بَيَان إبِْطَال مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تزعمه من امْتنَاع الْعمرَة فِي أشهر الْحَج وَقيل مَعْنَاهُ جَوَاز الْقرَان وَتَقْدِير الْكَلَام دخلت أَفعَال الْعمرَة فِي أَفعَال الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ بعض الظَّاهِرِيَّة مَعْنَاهُ جَوَاز نسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة

(3/313)


[1217] تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قَامَ عمر قَالَ إِلَى آخِره اخْتلف فِي الْمُتْعَة الَّتِي نهى عَنْهَا عمر وَعُثْمَان فَقيل هِيَ فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة لِأَنَّهُ كَانَ خَاصّا بهم فِي تِلْكَ السّنة وَإِنَّمَا أمروا بِهِ ليخالفوا مَا كَانَت عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة من تَحْرِيم الْعمرَة فِي أشهر الْحَج وَهَذَا مَا رَجحه القَاضِي وَقيل هِيَ الْعمرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ الْحَج من عَامه وعَلى هَذَا إِنَّمَا نهى عَنْهَا ترغيبا فِي الْإِفْرَاد الَّذِي هُوَ أفضل لَا أَنَّهُمَا يعتقدان بُطْلَانهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار

(3/314)


[1218] دَخَلنَا على جَابر بن عبد الله قَالَ النَّوَوِيّ حَدِيث جَابر هَذَا حَدِيث عَظِيم مُشْتَمل على جمل من الْفَوَائِد ونفائس من مهمات الْقَوَاعِد وَهُوَ من أَفْرَاد مُسلم عَن البُخَارِيّ قَالَ القَاضِي وَقد تكلم النَّاس على مَا فِيهِ من الْفِقْه وَأَكْثرُوا وَألف فِيهِ بن الْمُنْذر جُزْء كَبِيرا وَخرج فِيهِ من الْفِقْه نيفا وَخمسين نوعا وَلَو تقضى لزاد على هَذَا الْعدَد قَرِيبا مِنْهُ فِي نساجة قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي نسخ بِلَادنَا بِكَسْر النُّون وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة وجيم قيل مَعْنَاهُ ثوب ملفق وَقَالَ القَاضِي هِيَ رِوَايَة الْفَارِسِي وَهُوَ خطأ وتصحيف وَرِوَايَة الْجُمْهُور ساجه بِحَذْف النُّون وَهُوَ الطيلسان وَقيل الْأَخْضَر خَاصَّة وَقَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ طيلسان مقور المشجب أَعْوَاد تُوضَع عَلَيْهَا الثِّيَاب ومتاع الْبَيْت عَن حجَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا وَالْمرَاد حجَّة الْوَدَاع مكث تسع سِنِين لم يحجّ أَي بعد الْهِجْرَة أذن أَي أعلم واستثفري بمثلثة قبل الْفَاء وَهِي أَن تشد فِي وَسطهَا شَيْئا وَتَأْخُذ خرقَة عريضة تجعلها فِي مَحل الدَّم وتشد طرفيها من قدامها وَمن وَرَائِهَا فِي ذَلِك المشدود فِي وَسطهَا وَذَلِكَ شَبيه بثفر الدَّابَّة الْقَصْوَاء بِفَتْح الْقَاف وَالْمدّ اسْم نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ القَاضِي وَقع فِي رِوَايَة العذري القصوى بِضَم الْقَاف وَالْقصر وَهُوَ خطأ ثمَّ قَالَ جمَاعَة هُوَ والجدعاء والعضباء اسْم لناقة وَاحِدَة وَقَالَ بن قُتَيْبَة هن ثَلَاث نُوق لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ بن الْأَعرَابِي والأصمعي القصوى هِيَ الَّتِي قطع طرف أذنها والجدع أَكثر مِنْهُ فَإِذا جَاوز الرّبع فَهِيَ عضباء وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الْقَصْوَاء المقطوعة الْأذن عرضا والعضباء المقطوعة النّصْف فَمَا فَوق وَقَالَ الْخَلِيل العضباء المشقوقة الْأذن الْبَيْدَاء الْمَفَازَة نظرت مد بَصرِي أَي مُنْتَهى بَصرِي وَأنكر بعض أهل اللُّغَة ذَلِك وَقَالَ الصَّوَاب مدى بَصرِي وَقَالَ النَّوَوِيّ وَلَيْسَ بمنكر بل هما لُغَتَانِ والمدى أشهر وَعَلِيهِ ينزل الْقُرْآن وَهُوَ يعرف تَأْوِيله مَعْنَاهُ الْحَث على التَّمَسُّك بِمَا أخْبركُم عَن فعله فِي حجَّته تِلْكَ فَأهل بِالتَّوْحِيدِ أَي مُخَالفَة لما كَانَت الْجَاهِلِيَّة تَقوله فِي تلبيتها من لفظ الشّرك وَأهل النَّاس بِهَذَا الَّذِي يهلون بِهِ الْيَوْم قَالَ القَاضِي كَقَوْل بن عمر لبيْك ذَا النعماء وَالْفضل الْحسن لبيْك مرهوبا مِنْك مرغوبا إِلَيْك لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر بيديك وَالرغْبَاء إِلَيْك وَالْعَمَل وكقول أنس لبيْك حَقًا تعبدا وَرقا لَا أعلمهُ ذكره إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ شكا فِي رَفعه لِأَن لَفْظَة الْعلم تنَافِي الشَّك بل هُوَ جزم بِرَفْعِهِ وَقد روى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط مُسلم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف بِالْبَيْتِ فَرمَلَ من الْحجر الْأسود ثَلَاثًا ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فيهمَا قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَقل هُوَ الله أحد قَالَ النَّوَوِيّ أَي قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ فِي الرَّكْعَة الأولى وَقل هُوَ الله أحد فِي الثَّانِيَة بعد الْفَاتِحَة وَهزمَ الْأَحْزَاب هم الَّذين تحزبوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق وَكَانَت الخَنْدَق فِي شَوَّال سنة أَربع وَقيل سنة خمس وَحده أَي بِغَيْر قتال من الْآدَمِيّين وَلَا سَبَب من جهتهم حَتَّى انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي قَالَ القَاضِي كَذَا فِي الْأُصُول وَفِيه إِسْقَاط أَي رمل فِي بطن الْوَادي فَسَقَطت لَفْظَة وَرمل وَلَا بُد مِنْهَا وَقد ثبتَتْ فِي غير رِوَايَة مُسلم وَذكرهَا الْحميدِي فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ وَفِي الْمُوَطَّأ حَتَّى إِذا انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي سعى حَتَّى خرج مِنْهُ وَهُوَ بِمَعْنى رمل جعْشم بِضَم الْجِيم وبضم الشين الْمُعْجَمَة وَفتحهَا محرشا أَي مغربا بنمرة بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم الْمشعر الْحَرَام بِفَتْح الْمِيم جبل بِالْمُزْدَلِفَةِ يُقَال لَهُ قزَح فَأجَاز أَي جَاوز الْمزْدَلِفَة وَلم يقف بهَا فرحلت بتَخْفِيف الْحَاء أَي جعل عَلَيْهَا الرحل بِبَطن الْوَادي هُوَ وَادي عُرَنَة بِضَم الْعين وَفتح الرَّاء وَنون كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا مَعْنَاهُ متأكد التَّحْرِيم شديده تَحت قدمي إِشَارَة إِلَى إِبْطَاله دم ربيعَة كَذَا فِي بعض الْأُصُول وَفِي أَكْثَرهَا بن ربيعَة قَالَ القَاضِي وَهُوَ الصَّوَاب وَالْأول وهم لِأَن ربيعَة عَاشَ بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى زمن عمر بن الْخطاب وتأوله أَبُو عبيد فَقَالَ دم ربيعَة لِأَنَّهُ ولي الدَّم فنسبه إِلَيْهِ وَاسم هَذَا الابْن إِيَاس عِنْد الْجُمْهُور وَقيل حَارِثَة وَقيل تَمام وَقيل آدم قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا تَصْحِيف من دم بن الْحَارِث هُوَ بن عبد الْمطلب كَانَ مسترضعا فِي بني سعد فَقتله هُذَيْل قَالَ الزبير بن بكار كَانَ طفْلا صَغِيرا يحبو بَين الْبيُوت فَأَصَابَهُ حجر فِي حَرْب كَانَت بَين بني سعد وَبني لَيْث بن بكر وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع أَي الزَّائِد على رَأس المَال بِأَمَان الله فِي بعض الصول فِي بأمانة الله أَي أَن الله ائتمنكم عَلَيْهِنَّ فَيجب حفظ الْأَمَانَة وصيانتها بمراعاة حُقُوقهَا بِكَلِمَة الله قيل المُرَاد بهَا قَوْله تَعَالَى فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَعَلِيهِ الْخطابِيّ وَغَيره وَقيل كلمة التَّوْحِيد لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله إِذْ لَا تحل مسلمة لغير مُسلم وَقيل بِإِبَاحَة الله والكلمة قَوْله تَعَالَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَقيل المُرَاد بهَا الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَمَعْنَاهُ على هَذَا بِالْكَلِمَةِ الَّتِي أَمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بهَا أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه قيل المُرَاد بذلك أَن لَا يستخلين بِالرِّجَالِ وَلم يرد زنَاهَا لِأَن ذَلِك يُوجب حَدهَا وَلِأَن ذَلِك حرَام مَعَ من يكرههُ الزَّوْج وَمن لَا يكرههُ وَقَالَ القَاضِي كَانَت عَادَة الْعَرَب حَدِيث الرِّجَال مَعَ النِّسَاء وَلم يكن ذَلِك عَيْبا وَلَا رِيبَة عِنْدهم فَلَمَّا نزلت آيَة الْحجاب نهوا عَن ذَلِك وَقَالَ النَّوَوِيّ الْمُخْتَار أَن مَعْنَاهُ لَا يَأْذَن لأحد تكرهونه فِي دُخُول بُيُوتكُمْ وَالْجُلُوس فِي مَنَازِلكُمْ سَوَاء كَانَ امْرَأَة أم رجلا أَجْنَبِيّا أم محرما مِنْهَا غير مبرح بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء أَي غير شَدِيد وَلَا شاق وينكتها قَالَ القَاضِي الرِّوَايَة بمثناة فَوق بعد الْكَاف قَالَ وَهُوَ بعيد الْمَعْنى وَصَوَابه بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَي يردهَا ويقلبها إِلَى النَّاس مُشِيرا إِلَيْهِم وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ روايتي وتقييدي على من أعتمده من الْأَئِمَّة المفيدين بِضَم الْيَاء وَفتح النُّون وَكسر الْكَاف الْمُشَدّدَة وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة أَي يعدلها إِلَى النَّاس وَرُوِيَ ينكتها بتاء بِاثْنَتَيْنِ وَهِي أبعدها حَبل المشاة رُوِيَ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء أَي صفهم ومجتمعهم من حَبل الرمل وَهُوَ مَا طَال مِنْهُ وضخم وبالجيم وَفتح الْبَاء أَي طريقهم وَحَيْثُ مَسْلَك الرجاله الْخَلِيفَة مِنْهُ عَلَيْك وَحَيْثُ تسلك الرجالة قَالَ القَاضِي الأول أشبه بِالْحَدِيثِ حَتَّى غَابَ القرص قَالَ القَاضِي لَعَلَّ صَوَابه حِين غَابَ القرص قَالَ النَّوَوِيّ يؤول بِأَنَّهُ بَيَان لقَوْله غربت الشَّمْس فَإِن هَذِه قد تطلق مجَازًا على مغيب مُعظم القرص فَأَرَادَ ذَلِك الِاحْتِمَال بِهِ شنق بتَخْفِيف النُّون ضم وضيق مورك رَحْله بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء الْموضع الَّذِي يثني الرَّاكِب رجله عَلَيْهِ قُدَّام وَاسِطَة الرحل إِذا مل من الرّكُوب وَضَبطه القَاضِي بِفَتْح الرَّاء قَالَ وَهُوَ قِطْعَة أَدَم يتورك عَلَيْهَا الرَّاكِب يَجْعَل فِي مُقَدّمَة الرحل شبه المخدة الصَّغِيرَة السكينَة السكينَة مُكَرر مَنْصُوب أَي الزموا وَهِي الرِّفْق والطمأنينة حبلا بِالْحَاء الْمُهْملَة التل من الرمل تصعد بِفَتْح أَوله وضمه من صعد وأصعد حَتَّى أَسْفر الضَّمِير للفجر الْمَذْكُور أَولا جدا بِكَسْر الْجِيم أَي إسفارا بليغا وسيما أَي حسنا ظعن بِفَتْح الظَّاء وَالْعين جمع ظَعِينَة وَهِي الْمَرْأَة فِي الهودج وَقَالَ النَّوَوِيّ وَأَصله الْبَعِير الَّذِي يحمل الْمَرْأَة ثمَّ أطلق على الْمَرْأَة مجَازًا لملابستها لَهُ كالراوية يجرين بِفَتْح الْيَاء زَاد الْقُرْطُبِيّ وَضمّهَا فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على وَجه الْفضل فِي التِّرْمِذِيّ فَلوى عنق الْفضل فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس لويت عنق بن عمك فَقَالَ رَأَيْت شَابًّا وشابة فَلم آمن الشَّيْطَان عَلَيْهِمَا بطن محسر بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء وَكسر السِّين الْمُشَدّدَة الْمُهْمَلَتَيْنِ سمي بذلك لِأَن فيل أَصْحَاب الْفِيل حسر فِيهِ أَي أعيي وكل حَصى الْخذف فِي نُسْخَة زِيَادَة مثل قبلهَا وعَلى إِسْقَاطهَا هِيَ عطف بَيَان أَو بدل من حَصَيَات وَمَا بَينهمَا معترض ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ لِابْنِ ماهان بدنه وَكِلَاهُمَا صَوَاب مَا غبر أَي بقى وأشركه فِي هَدْيه قَالَ النَّوَوِيّ ظَاهره أَنه شَاركهُ فِي نفس الْهَدْي وَقَالَ القَاضِي عِنْدِي أه لم يكن شَرِيكا حَقِيقَة بل أعطَاهُ قدرا يذبحه وَالظَّاهِر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذبح الْبدن الَّتِي جَاءَت مَعَه من الْمَدِينَة وَكَانَت ثَلَاثًا وَسِتِّينَ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَأعْطى عليا الْبدن الَّتِي جَاءَت مَعَه من الْيمن وَهِي تَمام الْمِائَة ببضعة بِفَتْح الْبَاء لَا غير الْقطعَة من اللَّحْم فصلى بِمَكَّة الظّهْر سَيَأْتِي بعد هَذَا فِي حَدِيث بن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفَاضَ يَوْم النَّحْر فصلى الظّهْر بمنى فَيجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ لما عَاد إِلَى منى أعَاد صَلَاة الظّهْر مرّة أُخْرَى بِأَصْحَابِهِ حِين سَأَلُوهُ ذَلِك انزعوا بِكَسْر الزَّاي أَي استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء فلولا أَن يغلبكم النَّاس أَي لَوْلَا خوفي أَن يعْتَقد النَّاس أَن ذَلِك من مَنَاسِك الْحَج ويزدحمون عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُونَكُمْ ويدفعونكم عَن الاستقاء فتزول الخصوصية بِهِ الثَّابِتَة لكم لاستقيت مَعكُمْ لِكَثْرَة فَضِيلَة هَذَا الاستقاء يدْفع بهم أَي فِي الْجَاهِلِيَّة أَبُو سيارة بسين مُهْملَة ثمَّ يَاء مثناة تَحت مُشَدّدَة اسْمه عميلة بن الأعزل فَأجَاز أَي جَاوز وَلم يعرض بِفَتْح الْيَاء وَكسر الرَّاء وَجمع بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم هِيَ الْمزْدَلِفَة

(3/326)


[1219] الحمس بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وسين مُهْملَة سموا بذلك لأَنهم تحمسوا فِي دينهم أَي تشددوا وَقيل سموا حمسا بِالْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا حمساء حجرها أَبيض يضْرب إِلَى السوَاد
[1220] فَقلت بتَخْفِيف اللَّام
[1221] رويدك أَي أمسك قَلِيلا

(3/327)


[1222] كرهت أَن يظلوا معرسين بِهن بِسُكُون الْعين وَتَخْفِيف الرَّاء وَالضَّمِير للنِّسَاء وَلم يذكرن للْعلم بِهن أَي كرهت التَّمَتُّع لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّحَلُّل وَوَطْء النِّسَاء إِلَى حِين الْخُرُوج إِلَى عَرَفَات يُقَال أعرس الرجل إِذا خلا بعرسه أَي زَوجته

(3/329)


[1223] أجل بِسُكُون اللَّام أَي نعم

(3/330)


[1224] كَانَت الْمُتْعَة فِي الْحَج لأَصْحَاب مُحَمَّد خَاصَّة قَالَ النَّوَوِيّ أَي فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة وعَلى هَذَا مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وجماهير من السّلف وَالْخلف وروى النَّسَائِيّ عَن الْحَارِث بن بِلَال عَن أَبِيه قَالَ قلت يَا رَسُول الله فسخ الْحَج لنا خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة قَالَ بل لنا خَاصَّة وَذهب قوم إِلَى أَنه بَاقٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَيجوز لكل من أحرم بِحَجّ وَلَيْسَ مَعَه هدي أَن يقلب إِحْرَامه عمْرَة ويتحلل بأعمالها

(3/331)


[1225] وَهَذَا يَوْمئِذٍ كَافِر أَي مُعَاوِيَة وَكَانَ ذَلِك سنة عمْرَة الْقَضَاء سنة سبع وَإِنَّمَا أسلم بعد ذَلِك عَام الْفَتْح سنة ثَمَان بالعرش بِضَم الرَّاء وَالْعين وَضَبطه بَعضهم بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء أَي عرش الرَّحْمَن قَالَ القَاضِي وَهُوَ تَصْحِيف يَعْنِي بيُوت مَكَّة قَالَ أَبُو عبيد سميت عرشا لِأَنَّهَا عيدَان تنصب ويظلل بهَا الْوَاحِد عَرِيش ك قليب وقلب وَيُقَال لَهَا أَيْضا عروش وَالْوَاحد عرش ك فلوس وفلس وَقد كَانَ يسلم عَليّ بِفَتْح اللَّام الْمُشَدّدَة أَي تسلم عَليّ الْمَلَائِكَة فَتركت بِضَم التَّاء أَوله أَي انْقَطع سلامهم عَليّ ثمَّ تركت الكي بِفَتْح التَّاء أَوله فَعَاد أَي سلامهم عَليّ حَامِد بن عمر البكراوي نِسْبَة إِلَى جده الْأَعْلَى أبي بكرَة الصَّحَابِيّ

(3/333)


[1233] وبرة بِفَتْح الْبَاء أَو بقول بن عَبَّاس إِن كنت صَادِقا أَي فِي إسلامك فتنته الدُّنْيَا فِي نُسْخَة افتتنته قَالَ القَاضِي وَهُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين وهما لُغَتَانِ فصيحتان

(3/334)


[1235] فتصداني قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول بالنُّون وَالْأَشْهر فِي اللُّغَة تصدى لي أَي تعرض لي ثمَّ لم يكن غَيره قَالَ القَاضِي فِي كل الْأُصُول بالغين الْمُعْجَمَة وَالْيَاء قَالَ وَهُوَ تَصْحِيف وَصَوَابه ثمَّ لم تكن عمْرَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَالْمِيم أَي لم يكن فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا مِمَّن جَاءَ بعده وَقَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ بتصحيف ويؤول على ذَلِك ثمَّ حججْت مَعَ أبي أَي وَالِدي وَالزُّبَيْر بدل مِنْهُ مسحوا الرُّكْن أَي طافوا طَوافا كَامِلا استرخي عني مُكَرر مرَّتَيْنِ أَي تباعدي
[1237] بالحجون بِفَتْح الْحَاء وَضم الْجِيم الْجَبَل الَّذِي بِأَعْلَى مَكَّة الحقائب جمع حقيبة وَهِي كل مَا حمل فِي مُؤخر الرحل والقتب

(3/336)


[1238] القري بِضَم الْقَاف وَرَاء مُشَدّدَة مَنْسُوب إِلَى بني قُرَّة حَيّ من عبد الْقَيْس

(3/337)


[1240] كَانُوا يرَوْنَ أَي أهل الْجَاهِلِيَّة ويجعلون الْمحرم صفر قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول بِغَيْر ألف وَهُوَ مَصْرُوف وَلَا بُد من قِرَاءَته منونا مَنْصُوبًا وَالْمرَاد الْإِخْبَار عَن الشَّيْء الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فَكَانُوا يسمون الْمحرم صفرا ويحلونه وينسون الْمحرم أَي يؤخرون تَحْرِيمه إِلَى مَا بعد صفر لِئَلَّا يتوالى عَلَيْهِم ثَلَاثَة أشهر مُحرمَة برأَ الدبر أَي دبر ظُهُور الْإِبِل بعد انصرافها بِالْحَجِّ فَإِنَّهَا كَانَت تدبر بِالْمَسِيرِ عَلَيْهَا لِلْحَجِّ وَعَفا الْأَثر أَي درس وانمحى أثر الْإِبِل فِي سَيرهَا لطول مُرُور الْأَيَّام وَقَالَ الْخطابِيّ المُرَاد أثر الدبر وَهَذِه الْأَلْفَاظ تقْرَأ كلهَا سَاكِنة الْأَوَاخِر وَيُوقف عَلَيْهَا لِأَن مُرَادهم السجع المباركي بِفَتْح الرَّاء مَنْسُوب إِلَى الْمُبَارك بلد قرب وَاسِط بِذِي طوى مثلث الطَّاء وَالْفَتْح أفْصح مَقْصُور منون وَاد قرب مَكَّة
[1243] فأشعرها هُوَ أَن يجرحها بحديدة أَو نَحْوهَا ثمَّ يَسْلت الدَّم عَنْهَا

(3/339)


[1244] مَا هَذَا الْفتيا كَذَا فِي أَكثر النّسخ وَفِي بَعْضهَا هَذِه وَهُوَ الأجود وَالْأول على إِرَادَة الْإِفْتَاء تشغفت بشين وغين معجمتين وَفَاء أَي علقت بالقلوب وشغفوا بهَا أَو تشغبت بشين مُعْجمَة وموحدة بدل الْفَاء والغين بَينهمَا مُعْجمَة فِي رِوَايَة أَي خلطت عَلَيْهِم أَمرهم ومهملة فِي رِوَايَة أَي فرقت مَذَاهِب النَّاس من طَاف بِالْبَيْتِ فقد حل هَذَا مَذْهَب انْفَرد بِهِ بن عَبَّاس عَن الْعلمَاء كَافَّة أَن الْحَاج يتَحَلَّل بِمُجَرَّد طواف الْقدوم وَلم يُوَافقهُ عَلَيْهِ أحد تفشغ بفاء ثمَّ شين ثمَّ غين معجمتين أَي انْتَشَر وفشى

(3/340)


[1252] ليهلن بن مَرْيَم أَي بعد نُزُوله بفج الروحاء بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الْجِيم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة قَالَ الْحَازِمِي وَكَانَ طَرِيق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر وَإِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح وعام حجَّة الْوَدَاع ليثنينهما بِفَتْح الْيَاء فِي أَوله أَي يقرب بَينهمَا
[1254] غزا تسع عشرَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مؤول فَإِن غَزَوَاته خمس وَعِشْرُونَ وَقيل سبع وَعِشْرُونَ قَالَ أَبُو إِسْحَاق وبمكة أُخْرَى قَالَ الْقُرْطُبِيّ حج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة حجَّة وَاحِدَة بِاتِّفَاق وَاخْتلف فِي ثَانِيَة هَل حَجهَا أم لَا

(3/341)


[1255] قَالَ بِدعَة هُوَ مَحْمُول على إظهارها فِي الْمَسْجِد والاجتماع لَهَا لَا على أصل صَلَاة الضُّحَى وَأول الحَدِيث يدل عَلَيْهِ

(3/342)


[1256] ناضحان أَي بعيران نستقي بهما تنضح بِكَسْر الضَّاد وَكَانَ الآخر يسْقِي نخلا قلت كَذَا فِي النُّسْخَة الَّتِي عِنْدِي وَهِي بِخَط الْحَافِظ الصريفيني وَذكر القَاضِي أَنه الصَّوَاب الَّذِي فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَأَن رِوَايَة الْفَارِسِي وَغَيره يسْقِي غلامنا وَفِي رِوَايَة بن ماهان يسْقِي عَلَيْهِ غلامنا وَأَن الرِّوَايَتَيْنِ تَغْيِير وتصحيف وَحَكَاهُ عَنْهُمَا النَّوَوِيّ وتبعهما الْقُرْطُبِيّ وَلم يذكر وَاحِد مِنْهُم أَن اللَّفْظَة الَّتِي هِيَ صَوَاب وَهِي نخلا لنا وَقعت فِي رِوَايَة أحد لنا من رُوَاة مُسلم فإمَّا أَن يكون الصريفيني أصلحها بِعِلْمِهِ أَو تكون وَقعت لَهُ فِي رِوَايَة أحد فاعتمدها وَأما النَّوَوِيّ فَقَالَ بعد ذَلِك الْمُخْتَار أَن الرِّوَايَة وَهِي غلامنا صَحِيحَة وَتَكون الزِّيَادَة الَّتِي ذكرهَا القَاضِي وَهِي نخلا لنا محذوفة مقدرَة قَالَ وَهَذَا كثير فِي الْكَلَام
[1257] من طَرِيق الشَّجَرَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي وَالله أعلم الشَّجَرَة الَّتِي بِذِي الحليفة الَّتِي أحرم مِنْهَا المعرس بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَالرَّاء الْمُشَدّدَة مَوضِع على سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة الْبَطْحَاء بِالْمدِّ هُوَ الأبطح وَهُوَ بِجنب المحصب

(3/344)


[1258] دخل عَام الْفَتْح من كداء الْأَكْثَر بِفَتْح الْكَاف وَالْمدّ وَضَبطه السَّمرقَنْدِي بِالْفَتْح وَالْقصر وَكَانَ أبي أَكثر مَا يدْخل من كداء ضَبطه الْجُمْهُور بِالْفَتْح وَالْمدّ وَقيل بِالضَّمِّ
[1260] فرضتي الْجَبَل بفاء مَضْمُومَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ ضاد مُعْجمَة مَفْتُوحَة تَثْنِيَة فرضة وَهِي الثَّنية المرتفعة من الْجَبَل عشرَة أَذْرع فِي نُسْخَة عشر والذراع يذكر وَيُؤَنث

(3/345)


[1261] خب أَي أسْرع الْمَشْي مَعَ تقَارب الخطى وَهُوَ بِمَعْنى رمل اسْتَلم الاستلام الْمسْح بِالْيَدِ على الْحجر مَأْخُوذ من السَّلَام بِالْكَسْرِ وَهِي الْحِجَارَة وَقيل من السَّلَام بِالْفَتْح وَهِي التَّحِيَّة
[1262] سليم بِالضَّمِّ بن أَخْضَر بِالْخَاءِ وَالضَّاد المعجمتين

(3/346)


[1263] رمل الثَّلَاثَة أطواف فِي نُسْخَة الثَّلَاثَة الأطواف وَفِي أُخْرَى ثَلَاثَة أطواف وَهِي أشهرها لُغَة لَا رِوَايَة

(3/347)


[1264] صدقُوا وكذبوا صدقهم فِي فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرمل وكذبهم فِي كَونه سنة مستمرة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَذْهَب لَهُ تفرد بِهِ وَخَالفهُ جَمِيع الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ فَقَالُوا إِنَّه سنة بَاقِيَة من الْهزْل بِضَم الْهَاء
[1265] لَا يدعونَ بِضَم الْيَاء وَفتح الدَّال وَضم الْعين الْمُشَدّدَة أَي يدْفَعُونَ وَلَا يكهرون بِتَقْدِيم الْهَاء على الرَّاء أَي ينتهرون وَفِي رِوَايَة بن ماهان والعذري لَا يكْرهُونَ من الْإِكْرَاه

(3/348)


[1266] وهنتهم بتَخْفِيف الْهَاء أضعفتهم يثرب بِالْمُثَلثَةِ اسْم كَانَ للمدينة فِي الْجَاهِلِيَّة الْإِبْقَاء عَلَيْهِم بِكَسْر الْهمزَة وبالباء الْمُوَحدَة وَالْمدّ أَي الرِّفْق بهم

(3/349)


[1270] وَأَنَّك لَا تضر وَلَا تَنْفَع قَالَ ذَلِك خوفًا على قريبي الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ مِمَّن ألف عبَادَة الْأَحْجَار فَبين أَنه لَا يضر وَلَا ينفع بِذَاتِهِ وَإِن كَانَ امْتِثَال مَا شرع فِيهِ ينفع بالجزاء وَالثَّوَاب

(3/350)


[1271] وَالْتَزَمَهُ قَالَ النَّوَوِيّ أَي سجد عَلَيْهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي عانقه حفيا أَي معتنيا
[1272] بمحجن بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْحَاء وَفتح الْجِيم عصى محنية الرَّأْس
[1273] لِأَن يرَاهُ النَّاس فِي سنَن أبي دَاوُد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَرِيضا غشوه بتَخْفِيف الشين أَي ازدحموا عَلَيْهِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِضَم الشين وَأَصله غشيوه

(3/351)


[1274] أَن يضْرب عَنهُ النَّاس كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْبَاء وَفِي بَعْضهَا يصرف بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء
[1275] خَرَّبُوذ بخاء مُعْجمَة مَضْمُومَة ومفتوحة وَهُوَ الْأَشْهر وَرَاء مَفْتُوحَة مُشَدّدَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة مَضْمُومَة ثمَّ وَاو ثمَّ ذال مُعْجمَة

(3/352)


[1277] وَلَو كَانَ كَمَا تَقول لَكَانَ فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما قَالَ الْعلمَاء هَذَا من دَقِيق علمهَا وفهمها الثاقب وكبير مَعْرفَتهَا بدقائق الْأَلْفَاظ لِأَن الْآيَة الْكَرِيمَة إِنَّمَا دلّ لَفظهَا على رفع الْجنَاح عَمَّن يطوف بهما وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيل على وجوب السَّعْي وَلَا على عدم وُجُوبه فَأَخْبَرته عَائِشَة أَن الْآيَة لَيْسَ فِيهَا دلَالَة للْوُجُوب وَلَا لعدمه وبينت الْحِكْمَة وَالسَّبَب فِي نظمها وَأَنَّهَا نزلت فِي الْأَنْصَار يُقَال لَهما إساف ونائلة قَالَ القَاضِي هَذِه الرِّوَايَة غلط وَالصَّوَاب مَا فِي سَائِر الرِّوَايَات يهلون لمناة وَأما إساف ونائلة فَلم يَكُونَا قطّ فِي نَاحيَة الْبَحْر وَإِنَّمَا كَانَا رجلا وَامْرَأَة من جرهم زَنَيَا دَاخل الْكَعْبَة فمسخا حجرين بئس مَا قلت يَا بن أُخْتِي كَذَا للْأَكْثَر بتاء وَفِي رِوَايَة أخي بحذفها وَكِلَاهُمَا صَحِيح إِن هَذَا الْعلم أَي المتقن فأراها ضبط بِالضَّمِّ وَالْفَتْح سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّواف بَينهمَا أَي شَرعه وَجعله ركنا
[1280] فَصَبَبْت عَلَيْهِ الْوضُوء بِفَتْح الْوَاو وَهُوَ المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ

(3/355)


[1282] وَهُوَ كَاف نَاقَته أَي يمْنَعهَا من الْإِسْرَاع

(3/356)


[1280] أهراق المَاء بِفَتْح الْهَاء النقب بِفَتْح النُّون وَإِسْكَان الْقَاف الطَّرِيق فِي الْجَبَل وَقيل الفرجة بَين الجبلين عَطاء مولى بن سِبَاع قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَفِي بَعْضهَا مولى أم سِبَاع وَكِلَاهُمَا خلاف الْمَعْرُوف فِيهِ وَالْمَشْهُور مولى بني سِبَاع ذكره البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَخلف الوَاسِطِيّ والْحميدِي والسمعاني وَغَيرهم وَاسم أَبِيه يَعْقُوب وَقيل نَافِع
[1286] يسير على هَيئته كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول بهاء مَفْتُوحَة ثمَّ همزَة وَفِي بَعْضهَا هينته بِكَسْر الْهَاء وَالنُّون الْعُنُق بِفَتْح الْعين وَالنُّون نوع من اسراع السّير فجوة بِفَتْح الْفَاء الْمَكَان المتسع وَالنَّص بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة نوع من إسراع السّير

(3/358)


[1288] لَيْسَ بَينهمَا سَجْدَة أَي صَلَاة نَافِلَة قَالَ النَّوَوِيّ جَاءَت السَّجْدَة بِمَعْنى الرَّكْعَة وَبِمَعْنى الصَّلَاة بِإِقَامَة وَاحِدَة قدم عَلَيْهِ حَدِيث جَابر بإقامتين لِأَنَّهَا زِيَادَة من ثِقَة فَتقبل
[1289] قبل ميقاتها أَي الْمُعْتَاد وَلَيْسَ المُرَاد قبل طُلُوع الْفجْر

(3/359)


[1290] حطمة النَّاس بِفَتْح الْحَاء أَي زحمتهم ثبطة بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وكسرالموحدة وإسكانها الثَّقِيلَة أَي ثَقيلَة الْحَرَكَة بطيئة من التثبيط وَهُوَ التعويق

(3/360)


[1291] أَي هنتاه أَي هَذِه وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء وَنون سَاكِنة وَقد تفتح ثمَّ تَاء مثناة فَوق وهاء فِي آخِره تسكن وتضم
[2293] فِي الثّقل بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف وَهُوَ الْمَتَاع وَنَحْوه
[1296] أَبُو المحياة بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت

(3/361)


[1297] لِتَأْخُذُوا هِيَ لَام الْأَمر

(3/362)


[1298] مجدع بِضَم الْمِيم وَالدَّال الْمُشَدّدَة من الجدع وَهُوَ الْقطع من أصل الْعُضْو يقودكم بِكِتَاب الله قَالَ الْعلمَاء أَي مَا دَامَ متمسكا بِالْإِسْلَامِ وَالدُّعَاء إِلَى كتاب الله على أَي حَال كَانَ فِي نَفسه وَدينه فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ يُؤمر بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة للْعَبد وَشرط الْخَلِيفَة كَونه قرشيا فَالْجَوَاب أَن المُرَاد بِهِ بعض نواب الْخَلِيفَة وعماله أَو من استولى على الْإِمَامَة بالقهر والشوكة

(3/363)


[1300] الِاسْتِجْمَار تو بِفَتْح الْمُثَنَّاة فَوق وَتَشْديد الْوَاو أَي وتر وَإِذا استجمر أحدكُم فليستجمر بتو قَالَ القَاضِي لَيْسَ بتكرار بل المُرَاد بِالْأولِ الْفِعْل وَبِالثَّانِي عدد الْأَحْجَار
[1301] قَالَ رحم الله المحلقين الْمَشْهُور وُقُوع ذَلِك فِي حجَّة الْوَدَاع وَقيل كَانَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَرجحه بن عبد الْبر قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا يبعد أَنه قَالَه فِي الْمَوْضِعَيْنِ
[1305] قَالَ للحلاق اسْمه معمر بن عبد الله الْعَدوي وَقيل خرَاش بن أُميَّة الْكَلْبِيّ

(3/364)


[1311] أسمح أَي أسهل لِخُرُوجِهِ رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة

(3/365)


[1313] قَالَ أَبُو بكر فِي رِوَايَته كَذَا للْأَكْثَر وَهُوَ الصَّوَاب وَفِي بعض النّسخ فِي رِوَايَة قَالَ سَمِعت سُلَيْمَان أَي وَالْأولَى عنعن فِيهَا
[1314] تقاسموا على الْكفْر أَي تحالفوا على إِخْرَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبني هَاشم وَبني عبد الْمطلب أَي إِلَى هَذَا الشّعب وَكَتَبُوا بَينهم الصَّحِيفَة الْمَشْهُورَة

(3/366)


[1315] حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا بن نمير وَأَبُو أُسَامَة لِابْنِ ماهان ثَنَا زُهَيْر بدل بن نمير قَالَ أَبُو عَليّ الغساني وَالْقَاضِي وَهُوَ وهم وَالصَّوَاب الأول فَكَذَا أخرجه بن أبي شيبَة فِي مُسْنده فَقَالَ ثَنَا بن نمير

(3/367)


[1316] من نَبِيذ هُوَ مَا يحلى من زبيب وَغَيره بِحَيْثُ لَا يسكر أَحْسَنْتُم وَأَجْمَلْتُمْ أَي فَعلْتُمْ الْحسن الْجَمِيل أيشترك فِي الْبَدنَة مَا يشْتَرك فِي الْجَزُور هُوَ بِفَتْح الْجِيم الْبَعِير قَالَ القَاضِي فرق السَّائِل هُنَا بَين الْبَدنَة وَالْجَزُور لِأَن الْبَدنَة وَالْهَدْي مَا ابتدئ إهداؤه عِنْد الْإِحْرَام وَالْجَزُور مَا اشْترى بعد ذَلِك لينحر مَكَانهَا فَتوهم السَّائِل أَن هَذَا أخف فِي الِاشْتِرَاك فَقَالَ فِي جَوَابه إِن الْجَزُور لما اشْترِي بنية النّسك صَار حكمهَا كالبدنة قَوْله مَا يشْتَرك فِيهِ وضع مَا مَوضِع من وَيجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة أَي إشتراكا كالاشتراك فِي الْبَدنَة الْوَاجِبَة
[1320] مُقَيّدَة أَي معقولة

(3/368)


[1321] أَن بن زِيَاد كتب إِلَى عَائِشَة قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي كل الْأُصُول وَقَالَ الغساني والمازري وَالْقَاضِي وَجَمِيع الْمُتَكَلِّمين على صَحِيح مُسلم هَذَا غلط وَصَوَابه أَن زِيَاد بن أبي سُفْيَان وَكَذَا وَقع على الصَّوَاب فِي الْمُوَطَّأ وصحيح البُخَارِيّ وَغَيرهمَا وَلِأَن بن زِيَاد لم يدْرك عَائِشَة

(3/369)


[1322] وَيلك كلمة تجْرِي على اللِّسَان تدعم بهَا الْعَرَب كَلَامهَا من غير قصد لما وضعت لَهُ أَولا

(3/370)


[1323] وأظنني كَذَا للأكثرين بنونين وَرُوِيَ وأظني بنُون وَاحِدَة وَهِي لُغَة فَقَالَ وَإِن أَي وَإِن كَانَت بَدَنَة

(3/371)


[1325] الضبعِي بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْمُوَحدَة فأزحفت عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ لَا خلاف بَين الْمُحدثين أَنه بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة قَالَ الْخطابِيّ كَذَا يَقُوله المحدثون وَصَوَابه والأجود بِضَم الْهمزَة يُقَال زحف الْبَعِير إِذا قَامَ وأزحفه السّير ورده النَّوَوِيّ بِأَن الْهَرَوِيّ والجوهري حكيا زحف الْبَعِير وأزحف لُغَتَانِ وأزحفه السّير وَمعنى زحف وقف من الكلال والإعياء فعيي بشأنها كَذَا للأكثرين بيائين من الإعياء وَهُوَ الْعَجز أَي عجز عَن معرفَة حكمهَا لَو عطبت عَلَيْهِ فِي الطَّرِيق فَكيف يعْمل بهَا وَرُوِيَ فعي بياء وَاحِدَة مُشَدّدَة وَهِي لُغَة بِمَعْنى الأول وَرُوِيَ فعني بِضَم الْعين وَكسر النُّون من الْعِنَايَة بالشَّيْء والاهتمام بِهِ إِن هِيَ أبدعت بِضَم الْهمزَة وَكسر الدَّال وَفتح الْعين وَسُكُون التَّاء أَي كلت وأعيت ووقفت قَالَ أَبُو عبيد قَالَ بعض الْعَرَب لَا يكون الإبداع إِلَّا بضلع كَيفَ يَأْتِي لَهَا فِي نُسْخَة بهَا لَئِن قدمت الْبَلَد فِي نُسْخَة اللَّيْلَة وَكِلَاهُمَا صَحِيح لأستحفين بحاء مُهْملَة وَفَاء أَي لأسألن سؤالا بليغا يُقَال أحفى فِي الْمَسْأَلَة أَي ألح فِيهَا وَأكْثر مِنْهَا عَن ذَاك فِي نُسْخَة عَن ذَلِك بِاللَّامِ فأضحيت بالضاد الْمُعْجَمَة وَبعد الْحَاء مثناة تَحت أَي سرت فِي وَقت الضُّحَى بست عشرَة بَدَنَة فِي الرِّوَايَة بعده بثماني عشرَة قَالَ النَّوَوِيّ يجوز أَنَّهُمَا قضيتان وَيجوز أَن تكون قَضِيَّة وَاحِدَة وَلَيْسَ فِي هَذَا نفي الزِّيَادَة لِأَنَّهُ مَفْهُوم عدد وَلَا يحمل عَلَيْهِ إِمَّا لَا بِكَسْر الْهمزَة وَفتح اللَّام وبالإمالة وَهُوَ معنى قَول الْأصيلِيّ وَغَيره بِكَسْر اللَّام أَي إِن كنت لَا تفعل حذفوا كَانَ وعوضوا عَنْهَا مَا فأدغمت فِي نون إِن واكتفوا عَن الْفِعْل ب لَا

(3/373)


[1211] بنت حييّ بِضَم الْحَاء أشهر من كسرهَا عَن الْأَوْزَاعِيّ لَعَلَّه قَالَ عَن يحيى بن أبي كثير كَذَا للْأَكْثَر وَسقط عِنْد الطَّبَرِيّ قَوْله لَعَلَّه قَالَ عَن يحيى بن أبي كثير وَسقط لَعَلَّه فَقَط لِابْنِ الْحذاء قَالَ القَاضِي وأظن الِاسْم كُله سقط من كتب بَعضهم أَو شكّ فِيهِ فألحقه على الْمَحْفُوظ الصَّوَاب وَنبهَ على إِلْحَاقه بقوله لَعَلَّه فلتنفر بِكَسْر الْفَاء أفْصح من ضمهَا

(3/374)


[1329] الحَجبي بِفَتْح الْحَاء وَالْجِيم مَنْسُوب إِلَى حجابة الْكَعْبَة وَهِي ولايتها وَفتحهَا وإغلاقها وَخدمتهَا جعل عمودين عَن يسَاره وعمودا عَن يَمِينه فِي الْمُوَطَّأ وَالْبُخَارِيّ وَسنَن أبي دَاوُد عمودين عَن يَمِينه وعمودا عَن يسَاره وَكله من رِوَايَة مَالك فَالَّذِي هُنَا مقلوب قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا دَلِيل على أَن الْمَذْكُور فِي أَحَادِيث الْبَاب من دُخُول الْكَعْبَة وَصلَاته فِيهَا كَانَ يَوْم الْفَتْح وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ وَلم يكن يَوْم حجَّة الْوَدَاع بِفنَاء الْكَعْبَة بِكَسْر الْفَاء وَالْمدّ جَانبهَا وحريمها بالمفتح بِكَسْر الْمِيم لُغَة فِي الْمِفْتَاح مَلِيًّا طَويلا كم صلى فِي سنَن أبي دَاوُد عَن عمر أَنه صلى رَكْعَتَيْنِ فأجافوا أَي أغلقوا

(3/377)


[1330] قبل الْبَيْت بِضَم الْقَاف وَالْبَاء وَيجوز سكونها وَجه الْكَعْبَة أَي عِنْد بَابهَا وَقَالَ هَذِه الْقبْلَة أَي المستقرة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا تنسخ أبدا قَالَه الْخطابِيّ وَقَالَ النَّوَوِيّ وَيحْتَمل أَن مَعْنَاهُ هَذِه الْكَعْبَة هِيَ الْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي أمرْتُم باستقباله لَا كل الْحرم وَلَا كل الْمَسْجِد الَّذِي حول الْكَعْبَة بل الْكَعْبَة بِعَينهَا فَقَط
[1332] أَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت فِي عمرته المُرَاد عمْرَة الْقَضَاء الَّتِي كَانَت سنة سبع قبل فتح مَكَّة قَالَ الْعلمَاء سَبَب عدم دُخُوله مَا كَانَ فِيهِ من الْأَصْنَام والصور وَلم يكن الْمُشْركُونَ يتركونه يغيرها فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ مَكَّة دخل الْبَيْت وَصلى فِيهِ وأزال الصُّور قبل دُخُوله

(3/378)


[1333] حَدَاثَة بِفَتْح الْحَاء استقصرت قصرت عَن تَمام بنائها خلفا بِفَتْح الْحَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام وَفَاء أَي بَابا من خلفهَا حدثان قَوْمك بالْكفْر بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الدَّال أَي قرب عَهدهم بِهِ يُرِيد أَن يجرئهم بِالْجِيم وَالرَّاء بعْدهَا همزَة من الجراءة أَي يشجعهم على قِتَالهمْ بِإِظْهَار قَبِيح أفعالهم وَرَوَاهُ العذري بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة أَي يختبرهم وَينظر مَا عِنْدهم فِي ذَلِك من حمية وَغَضب لله تَعَالَى ولنبيه أَو يحربهم هَذَا بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وأوله مَفْتُوح أَي يغيظهم بِمَا يرونه فعل الْبَيْت من قَوْلهم حربت الْأسد إِذا أغضبته أَو يحملهم على الْحَرْب وبحضهم عَلَيْهَا وَرُوِيَ بِالْحَاء وَالزَّاي وَالْبَاء الْمُوَحدَة أَي يجعلهم حزبا لَهُ وناصرين لَهُ على مخالفيه فرق بِضَم الْفَاء أَي كشف وَبَين وَضَبطه الْحميدِي بِفَتْح الْفَاء وَفَسرهُ بِمَعْنى خَافَ وغلطوه فِي ضَبطه وَتَفْسِيره يجده بِضَم الْيَاء ودال وَاحِدَة مُشَدّدَة وَرُوِيَ يجدده بدالين وهما بِمَعْنى تتابعوا بموحدة قبل الْعين وَرُوِيَ بمثناة تَحت وَهُوَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنه أَكثر مَا يسْتَعْمل فِي الشَّرّ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه من تلطيخ بن الزبير أَي سبه وعيب فعله وَفد الْحَارِث بن عبد الله فِي نُسْخَة بن عبد الْأَعْلَى وَهُوَ تَصْحِيف بدا بِغَيْر همز يُقَال بدا لَهُ فِي هَذَا الْأَمر بدا أَي حدث لَهُ فِيهِ رَأْي لم يكن فهلمي هُوَ على لُغَة نجد وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ هَلُمَّ لكل مُخَاطب بِلَا تصريف كَاد أَن يدْخل كَذَا الرِّوَايَة يثبتون أَن فَنكتَ سَاعَة أَي بحث فِي الأَرْض وَهَذِه عَادَة من يفكر فِي أَمر مُهِمّ عَن الْجدر بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الْحجر حَدِيث عَهدهم فِي الْجَاهِلِيَّة كَذَا الرِّوَايَة وَهُوَ بِمَعْنى بالجاهلية

(3/384)


[1336] لَقِي ركبا هم أَصْحَاب الْإِبِل خَاصَّة فَقَالُوا من أَنْت قَالَ القَاضِي لَعَلَّه كَانَ لَيْلًا فَلم يعرفوه أَو نَهَارا وَلم يَكُونُوا رَأَوْهُ قبل ذَلِك لأَنهم أَسْلمُوا فِي بلدهم وَلم يهاجروا قبل وَلَك أجر أَي بِسَبَب حملهَا لَهُ وتجنيبها إِيَّاه مَا يجتنبه الْمحرم

(3/385)


[1337] فَقَالَ رجل أكل عَام هُوَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا من قَوَاعِد الْإِسْلَام المهمة وجوامع الْكَلم الَّتِي أعطيها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيدخل فِيهِ مَا لَا يُحْصى من الْأَحْكَام وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَدَعوهُ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا على إِطْلَاقه قلت أخرج
[1338] لَا تُسَافِر الْمَرْأَة ثَلَاثًا قَالَ الْعلمَاء اخْتِلَاف الْأَلْفَاظ المروية فِي هَذَا الْبَاب لاخْتِلَاف السَّائِلين وَاخْتِلَاف المواطن وَلم يرد التَّحْدِيد

(3/386)


[827] لَا تشد الرّحال أَخذ بِظَاهِرِهِ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالْقَاضِي حُسَيْن فَقَالَا يحرم شدّ الرّحال إِلَى غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة كقبور الصَّالِحين والمواضع الفاضلة وَالصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا أَنه لَا يحرم وَلَا يكره قَالُوا وَالْمرَاد أَن الْفَضِيلَة التَّامَّة إِنَّمَا هِيَ فِي شدّ الرّحال الى هَذِه الثَّلَاثَة خَاصَّة وَهَذَا الَّذِي إختاره إِمَام الْحَرَمَيْنِ والمحققون وآنقنني هُوَ بِمَعْنى أعجبني

(3/387)


[1339] عَن مَالك عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ الصَّوَاب عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِدُونِ قَوْله عَن أَبِيه وَكَذَا رَوَاهُ مُعظم رُوَاة الْمُوَطَّأ قَالَ النَّوَوِيّ الْحفاظ فِي ذَلِك مُخْتَلفُونَ مِنْهُم من يذكرهُ وَمِنْهُم من يسْقطهُ فَلَعَلَّهُ سَمعه من أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ سَمعه من أبي هُرَيْرَة نَفسه فَرَوَاهُ تَارَة كَذَا وَتارَة كَذَا وسماعه من أبي هُرَيْرَة صَحِيح مَعْرُوف

(3/388)


[1341] لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع لِأَنَّهُ مَتى كَانَ مَعهَا محرم لم تبْق خلْوَة فتقديره لَا يقعدن رجل مَعَ امْرَأَة قَالَ وَذُو محرم يحْتَمل أَن يُرِيد محرما لَهَا أَو لَهُ قَالَ وَهَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي هُوَ الْجَارِي على قَوَاعِد الْفُقَهَاء فَإِنَّهُ لَا فرق بَين محرمها كأبيها وأخيها وَبَين محرمه كَأُمِّهِ وَأُخْته فَيجوز الْقعُود مَعهَا فِي هَذِه الْأَحْوَال قلت قَوْله ذُو قد يعين الِاحْتِمَال الأول لِأَنَّهُ نَص فِي الذّكر ومحرم الرجل شرطُوا أَن يكون أُنْثَى وَإِنَّمَا يُقَال فِيهَا ذَات محرم إِلَّا أَن يُقَال إِنَّه مجَاز وتغليب

(3/389)


[1342] وعثاء السّفر بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْمدّ الْمَشَقَّة والشدة وكآبة بِفَتْح الْكَاف وبالمد تغير النَّفس من حزن وَنَحْوه المنقلب بِفَتْح اللَّام الْمرجع

(3/390)


[1343] والحور بعد الكور كَذَا فِي رِوَايَة العذري بالراء وَهُوَ الصَّوَاب يُقَال حَار بَعْدَمَا كار أَي رَجَعَ من زِيَادَة إِلَى نقص وَمن استقامة إِلَى خلل وَمن صَلَاح إِلَى فَسَاد وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بالنُّون قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ يُقَال إِن عَاصِمًا وهم فِيهِ ودعوة الْمَظْلُوم أَي من الظُّلم فَإِنَّهُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ دُعَاء الْمَظْلُوم

(3/391)


[1344] قفل أَي رَجَعَ أوفى ارْتَفع فدفد بفائين مفتوحتين بَينهمَا دَال مُهْملَة سَاكِنة الْموضع الَّذِي فِيهِ غلظ وارتفاع وَقيل الفلاة الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا وَقيل غليظ الأَرْض ذَات الْحَصَى وَقيل الْجلد من الأَرْض فِي ارْتِفَاع آيبون أَي رَاجِعُون صدق الله وعده أَي فِي إِظْهَار الدّين وَكَون الْعَاقِبَة لِلْمُتقين وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده أَي من غير قتال من الْآدَمِيّين وَالْمرَاد الَّذين تحزبوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واجتمعوا يَوْم الخَنْدَق فَأرْسل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم يروها قَالَ النَّوَوِيّ وَبِهَذَا يرتبط قَوْله صدق الله وعده تَكْذِيبًا لِلْمُنَافِقين الَّذين قَالُوا مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا وَقَالَ القَاضِي يحْتَمل أَن المُرَاد أحزاب الْكفْر فِي جَمِيع الْأَيَّام والمواطن
[1346] فِي معرسه هُوَ مَوضِع النُّزُول

(3/392)


[1348] وَإنَّهُ ليدنوا قَالَ الْمَازرِيّ أَي برحمته وكرامته لَا دنو مَسَافَة ومماسة سُبْحَانَهُ قَالَ القَاضِي وَقد يُرِيد دنو الْمَلَائِكَة إِلَى الأَرْض وَإِلَى السَّمَاء بِمَا ينزل مَعَهم من الرَّحْمَة ثمَّ يباهي بهم الْمَلَائِكَة زَاد عبد الرَّزَّاق فِي جَامعه من حَدِيث بن عمر يَقُول هَؤُلَاءِ عبَادي جَاءُونِي شعثا غبرا يرجون رَحْمَتي وَيَخَافُونَ عَذَابي وَلم يروني فَكيف لَو رأوني

(3/393)


[1349] وَالْحج المبرور قَالَ النَّوَوِيّ الْأَصَح الْأَشْهر أَنه الَّذِي لَا يخالطه إِثْم مَأْخُوذ من الْبر وَهُوَ الطَّاعَة وَقيل هُوَ المقبول وَمن عَلامَة المقبول أَن يرجع خيرا مِمَّا كَانَ وَلَا يعاود الْمعاصِي وَقيل هُوَ الَّذِي لَا رِيَاء فِيهِ وَقيل الَّذِي لَا يتعقبه مَعْصِيّة وهما داخلان فِيمَا قبلهمَا لَيْسَ لَهُ جَزَاء إِلَّا الْجنَّة أَي أَنه لَا يقْتَصر لصَاحبه من الْجَزَاء على تَكْفِير بعض ذنُوبه بل لَا بُد أَن يدْخل الْجنَّة

(3/394)


[1350] من أَتَى هَذَا الْبَيْت حَاجا فَلم يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا والرفث الْفُحْش من القَوْل وَقيل الْجِمَاع وَلم يفسق بارتكاب شَيْء من الْمعاصِي رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه أَي بِغَيْر ذَنْب قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا يتَضَمَّن غفران الصَّغَائِر والكبائر والتبعات
[1351] أتنزل فِي دَارك ل قَالَ القَاضِي لَعَلَّه أضَاف الدَّار إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسكناه إِيَّاهَا مَعَ أَن أَصْلهَا كَانَ لأبي طَالب لِأَنَّهُ الَّذِي كفله وَلِأَنَّهُ أكبر ولد عبد الْمطلب فاحتوى على أملاكه وحازها وَحده لسنه على عَادَة الْجَاهِلِيَّة قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون عقيل بَاعَ جَمِيعهَا وأخرجها عَن أملاكهم اعتداء كَمَا فعل أَبُو سُفْيَان وَغَيرهم بدور من مهَاجر من الْمُؤمنِينَ قَالَ الداوودي فَبَاعَ عقيل مَا كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلمن هَاجر من بني عبد الْمطلب قَالَ الْقُرْطُبِيّ فعلى هَذَا يكون ترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لداره تحرجا من أَن يرجع فِي شَيْء أخرج مِنْهُ لأجل الله تَعَالَى

(3/395)


[1352] لِلْمُهَاجِرِ إِقَامَة ثَلَاث مَعْنَاهُ أَن الَّذين هَاجرُوا من مَكَّة قبل الْفَتْح إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم عَلَيْهِم استيطان مَكَّة وَالْإِقَامَة بهَا ثمَّ أُبِيح لَهُم إِذا دخلوها بِحَجّ أَو عمْرَة أَو غَيرهمَا أَن يقيموا بهَا بعد فراغهم قلاقة أَيَّام وَلَا يزِيدُوا على الثَّلَاثَة بعد الصَّدْر أَي بعد رُجُوعه من منى

(3/396)


[1353] لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح قَالَ الْعلمَاء الْهِجْرَة من دَار الْحَرْب إِلَى دَار السَّلَام بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَفِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث قَولَانِ الأول لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح من مَكَّة لِأَنَّهَا صَارَت دَار إِسْلَام وَإِنَّمَا تكون الْهِجْرَة من دَار الْحَرْب وَهَذَا يتَضَمَّن معْجزَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهَا تبقى دَار إِسْلَام لَا يتَصَوَّر مِنْهَا الْهِجْرَة وَالثَّانِي مَعْنَاهُ لاهجرة بعد الْفَتْح فَضلهَا كفضلها مَا قبل الْفَتْح كَمَا قَالَ الله تَعَالَى لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة مَعْنَاهُ وَلَكِن لكم طَرِيق إِلَى تَحْصِيل الْفَضَائِل الَّتِي فِي معنى الْهِجْرَة وَذَلِكَ بِالْجِهَادِ وَنِيَّة الْخَيْر فِي كل شَيْء وَإِذا استنفرتم فانفروا مَعْنَاهُ إِذا دعَاكُمْ السُّلْطَان إِلَى الْغَزْو فاذهبوا إِن هَذَا الْبَلَد حرمه الله يَوْم خلق السَّمَاوَات قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَحَادِيث بعده أَن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وظاهرهما الِاخْتِلَاف وَفِي الْمَسْأَلَة خلاف مَشْهُور فِي وَقت تَحْرِيم مَكَّة فَقيل من أول الزَّمَان أخذا بِهَذَا الحَدِيث وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَأَجَابُوا عَن الْأَحَادِيث الْأُخَر بِأَن تَحْرِيمهَا كَانَ خَفِي فأظهره إِبْرَاهِيم وأشاعه لَا أَنه ابتدأه وَقيل مَا زَالَت حَلَالا كَغَيْرِهَا إِلَى زمن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ ثَبت لَهَا التَّحْرِيم من زَمَنه أخذا بالأحاديث الْمَذْكُورَة وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث الأول بِأَن مَعْنَاهُ أَن الله كتب فِي للوح الْمَحْفُوظ أَو فِي غَيره يَوْم خلق السَّمَاوَات أَن إِبْرَاهِيم سيحرم مَكَّة بِأَمْر الله تَعَالَى وَأَنه لم يحل الْقِتَال إِلَى آخِره قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا ظَاهر فِي تَحْرِيم الْقِتَال بِمَكَّة وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة من خَصَائِص الْحرم أَن لَا يحارب أَهله فَإِن بغوا على أهل الْعدْل فقد قَالَ بعض الْفُقَهَاء يحرم قِتَالهمْ بل يضيق عَلَيْهِم حَتَّى يرجِعوا إِلَى الطَّاعَة وَقَالَ جمهورهم يُقَاتلُون إِذا لم يُمكن ردهم عَن الْبَغي إِلَّا بِالْقِتَالِ لِأَن قتال الْبُغَاة من حُقُوق الله الَّتِي لَا يجوز إضاعتها فحفظها فِي الْحرم أولى من إضاعتها قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب وَعَلِيهِ نَص الشَّافِعِي وَأجَاب فِي سير الْوَاقِدِيّ عَن هَذَا الحَدِيث بِأَن مَعْنَاهُ تَحْرِيم نصب الْقِتَال عَلَيْهِم وقتالهم بِمَا يعم كالمنجنيق وَغَيره إِن أمكن إصْلَاح الْحَال بِدُونِ ذَلِك بِخِلَاف مَا إِذا تحصن الْكفَّار فِي بلد آخر فَإِنَّهُ يجوز قِتَالهمْ على كل حَال بِكُل شَيْء وَوَقع فِي شرح التَّلْخِيص للقفال الْمروزِي لَا يجوز الْقِتَال بِمَكَّة حَتَّى لَو تحصن فِيهَا جمَاعَة من الْكفَّار لم يجز لنا قِتَالهمْ قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا غلط وَلم تحل لي إِلَّا سَاعَة من نَهَار احْتج بِهِ من يَقُول إِن مَكَّة فتحت عنْوَة وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة والأكثرين وَقَالَ الشَّافِعِي وَغَيره فتحت صلحا وتأولوا هَذَا الحَدِيث على أَن الْقِتَال كَانَ جَائِزا لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَكَّة لَو لحتاج لفعله وَلَكِن مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ لَا يعضد أَي لَا يقطع شوكه قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دَلِيل على تَحْرِيم قطع الشوك المؤذي وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُتَوَلِي وَقَالَ جُمْهُور أَصْحَابنَا لَا يحرم لِأَنَّهُ مؤذ فَأشبه الفواسق ويخصون الحَدِيث بِالْقِيَاسِ قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّحِيح مَا اخْتَارَهُ الْمُتَوَلِي وَلَا ينفر صَيْده أَي لَا يزعج فالإتلاف أولى وَلَا يختلي أَي لَا يُؤْخَذ وَلَا يقطع خَلاهَا بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة مَقْصُور الرطب من الْكلأ الْإِذْخر بِكَسْر الْهمزَة وَالْخَاء نَبَات مَعْرُوف طيب الرَّائِحَة فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِم فتح الْقَاف وَهُوَ الْحداد والصائغ وَمَعْنَاهُ أَنه يحْتَاج إِلَيْهِ فِي وقود النَّار ولبيوتهم أَي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي سقوفها يَجْعَل فَوق الْخشب فَقَالَ إِلَّا الأذخر قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على أَنه أوحى إِلَيْهِ فِي الْحَال باستثناء الأذخر وتخصيصه من الْعُمُوم أَو أُوحِي إِلَيْهِ قبل ذَلِك أَن طلب أحد اسْتثِْنَاء شَيْء فاستثناه أَو أَنه اجْتهد

(3/399)


[1354] وَهُوَ يبْعَث الْبعُوث إِلَى مَكَّة يَعْنِي لقِتَال بن الزبير سمعته أذناي ووعاه قلبِي وأبصرته عَيْنَايَ أَرَادَ بِهَذَا الْمُبَالغَة فِي تَحْقِيق حفظه إِيَّاه وتيقنه زَمَانه ومكانه وَلَفظه حرمهَا الله وَلم يحرمها النَّاس مَعْنَاهُ أَن تَحْرِيمهَا بِوَحْي من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا أَنَّهَا اصْطلحَ النَّاس على تَحْرِيمهَا بِغَيْر أَمر الله يسفك بِكَسْر الْفَاء وَحكي بضَمهَا أَي يسيل فَإِن أحد ترخص بِقِتَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ دلَالَة لمن يَقُول إِن مَكَّة فتحت عنْوَة وَتَأْويل الحَدِيث عِنْد من يَقُول صلحا أَن مَعْنَاهُ دخل متأهبا لِلْقِتَالِ لَو احْتَاجَ إِلَيْهِ فَهُوَ دَلِيل على جَوَازه لَهُ تِلْكَ السَّاعَة لَا يعيذ أَي لَا يعْصم بخربة بِفَتْح الْخَاء على الْمَشْهُور وَسُكُون الرَّاء وَيُقَال بِضَم الْخَاء وَأَصلهَا سَرقَة الْإِبِل وَيُطلق على كل خِيَانَة

(3/400)


[1355] إِلَّا لِمُنْشِد أَي معرف واما طالبها فيسمى نَاشد وَاصل النشد والإنشاد رفع الصَّوْت أَبُو شاه بِالْهَاءِ وَلَا يُقَال بِالتَّاءِ وَلَا يعرف لَهُ اسْم لَا يخبط أَي لَا يضْرب بالعصى ليسقط ورقه شَجَرهَا جنس الشّجر
[1356] لَا يحل لأحدكم أَن يحمل بِمَكَّة السِّلَاح قَالَ الْجُمْهُور هَذَا النَّهْي إِذا لم تكن حَاجَة فَإِن كَانَت جَازَ

(3/402)


[1357] وعَلى رَأسه مغفر فِي الحَدِيث بعده وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء قَالَ القَاضِي وَالْجمع أَن أول دُخُوله كَانَ على رَأسه المغفر ثمَّ بعد ذَلِك كَانَ على رَأسه الْعِمَامَة بعد إِزَالَة المغفر بن خطل بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة والطاء الْمُهْملَة اسْمه عبد الْعُزَّى وَقيل عبد الله وَقيل غَالب فَقَالَ اقْتُلُوهُ لِأَنَّهُ كَانَ قد ارْتَدَّ قَالَ نعم هَذَا قَول مَالك لما قَالَ لَهُ يحيى أحَدثك بن شهَاب إِلَى آخِره وَالْجُمْهُور استحبوا النُّطْق بذلك لمن قرئَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الصّفة
[1358] الدهني بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْهَاء وَقيل بِفَتْح الْهَاء مَنْسُوب إِلَى دهن بطن من بجيلة

(3/403)


[1359] أرْخى طرفيها بالتثنية وَفِي بعض الْأُصُول بِالْإِفْرَادِ قَالَ القَاضِي وَهُوَ الصَّوَاب الْمَعْرُوف
[1360] إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة قَالَ النَّوَوِيّ ذكرُوا فِيهِ احْتِمَالَيْنِ أَحدهمَا أَنه حرمهَا بِأَمْر الله إِلَيْهِ وَالثَّانِي أَنه دَعَا لَهَا فَحَرمهَا الله بدعوته فأضيف التَّحْرِيم إِلَيْهِ لذَلِك

(3/404)


[1361] لابتيها قَالَ الْعلمَاء اللابتان الحرتان الْوَاحِدَة لابة وَهِي الأَرْض الملبسة حِجَارَة سَوْدَاء وللمدينة لابتان شرقية وغربية وَهِي بَينهمَا
[1362] لَا يقطع عضاهها بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة كل شجر فِيهِ شوك الْوَاحِدَة عضاهة وعضيهة

(3/405)


[1363] الْمَدِينَة خير لَهُم يَعْنِي المرتحلين عَنْهَا إِلَى غَيرهَا لَا يَدعهَا أحد رَغْبَة عَنْهَا أَي كَرَاهِيَة لَهَا قَالَ القَاضِي اخْتلف فِي هَذَا فَقيل هُوَ مُخْتَصّ بِمدَّة حَيَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل هُوَ عَام أبدا وَهَذَا أصح لأوائلها بِالْمدِّ الشدَّة والجوع وجهدها بِالْفَتْح الشدَّة كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا قَالَ القَاضِي سُئِلت قَدِيما عَن هَذَا الحَدِيث وَلم خص سَاكن الْمَدِينَة بالشفاعة هُنَا مَعَ عُمُوم شَفَاعَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وادخاره إِيَّاهَا قَالَ فأجبت عَنهُ بِجَوَاب شاف مقنع فِي أوراق اعْترف بصوابه كل وَاقِف عَلَيْهِ قَالَ وأذكر مِنْهُ هُنَا لمعا تلِيق بِهَذَا الْموضع قَالَ بعض شُيُوخنَا أَو هُنَا للشَّكّ وَالْأَظْهَر عندنَا أَنَّهَا لَيست للشَّكّ لِأَن هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ جَابر بن عبد الله وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس وَصفِيَّة بنت أبي عبيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا اللَّفْظ وَيبعد اتِّفَاق جَمِيعهم أَو رواتهم على الشَّك وتطابقهم فِيهِ على صِيغَة وَاحِدَة بل الْأَظْهر أَنه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا فَأَما أَن يكون أعلم بِهَذِهِ الْجُمْلَة هَكَذَا وَإِمَّا أَن يكون أَو للتقسيم وَيكون شَهِيدا لبَعض أهل الْمَدِينَة وشفيعا لباقيهم وَأما شَفِيعًا للعاصين وشهيدا للمطيعين وَأما شَهِيدا لمن مَاتَ فِي حَيَاته وشفيعا لمن مَاتَ بعده أَو غير ذَلِك وَهَذِه زَائِدَة على الشَّفَاعَة للمذنبين أَو للعاصين فِي الْقِيَامَة وعَلى شَهَادَته على جَمِيع الْأمة وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شُهَدَاء أحد أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ فَيكون لتخصيصهم بِهَذَا كُله مزية وَزِيَادَة منزلَة وحظوة قَالَ وَقد يكون أَو بِمَعْنى الْوَاو فَيكون لأهل الْمَدِينَة شَفِيعًا وشهيدا قَالَ وَإِذا جعلنَا أَو للشَّكّ كَمَا قَالَ الْمَشَايِخ فَإِن كَانَت اللَّفْظَة الصَّحِيحَة شَهِيدا انْدفع الإعتراض لِأَنَّهَا زَائِدَة على الشَّفَاعَة المدخرة الْمُجَرَّدَة لغَيرهم وَإِن كَانَت شَفِيعًا فاختصاص أهل الْمَدِينَة ان هَذِه شَفَاعَة أُخْرَى غير الْعَامَّة الَّتِي هِيَ إِخْرَاج عصاة أمته من النَّار ومعافاة بَعضهم بِشَفَاعَتِهِ فِي الْقِيَامَة وَتَكون هَذِه الشَّفَاعَة بِزِيَادَة الدَّرَجَات أَو تَخْفيف السَّيِّئَات أَو بِمَا شَاءَ الله من ذَلِك أَو بإكرامهم يَوْم الْقِيَامَة بأنواع من الْكَرَامَة كإيوائهم إِلَى ظلّ الْعَرْش أَو كَونهم فِي بروج أَو على مَنَابِر أَو الْإِسْرَاع بهم إِلَى الْجنَّة أَو غير ذَلِك من خُصُوص الكرامات الْوَارِدَة لبَعْضهِم دون بعض وَالله اعْلَم لَا يُرِيد أحد أهل الْمَدِينَة بِسوء إِلَّا أذابه الله فِي النَّار قَالَ القَاضِي هَذِه الزِّيَادَة وَهِي قَوْله فِي النَّار تدفع إِشْكَال الْأَحَادِيث الَّتِي لم يذكر فِيهَا وَبَين أَن هَذِه حِكْمَة فِي الْآخِرَة قَالَ وَقد يكون المُرَاد بِهِ من أرادها فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفي الْمُسلمُونَ أمره واضمحل كَيده كَمَا يضمحل الرصاص فِي النَّار أَو يكون ذَلِك لمن أرادها فِي الدُّنْيَا فَلَا يمهله الله وَلَا يُمكن لَهُ سُلْطَانا بل يذهبه الله عَن قريب كَمَا انْقَضى شَأْن من حاربها أَيَّام بني أُميَّة مثل مُسلم بن عقبَة فَإِنَّهُ هلك فِي مُنْصَرفه عَنْهَا ثمَّ هلك يزِيد بن مُعَاوِيَة مرسله على غثر ذَلِك وَغَيرهمَا مِمَّن صنع صنيعهما

(3/407)


[1365] هَذَا جبل يحبنا ونحبه قَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح الْمُخْتَار أَن أحدا يحب حَقِيقَة جعل الله فِيهِ تمييزا يحب بِهِ كَمَا حن الْجذع الْيَابِس وكما سبح الْحَصَى إِلَى غير ذَلِك وَقيل المُرَاد أَهله فَحذف الْمُضَاف

(3/408)


[1366] من أحدث فِيهَا حَدثا أَي أَتَى فِيهَا إِثْمًا فَعَلَيهِ لعنة الله قَالُوا المُرَاد هُنَا الْعَذَاب الَّذِي يسْتَحقّهُ على ذَنبه والطرد عَن الْجنَّة أول الْأَمر وَلَيْسَ هِيَ كلعنة الْكفَّار الَّذين يبعدون من رَحْمَة الله كل الإبعاد لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا قيل الصّرْف الْفَرِيضَة وَالْعدْل النَّافِلَة وَقيل عَكسه وَقيل الصّرْف التَّوْبَة وَالْعدْل الْفِدْيَة قَالَ القَاضِي قيل مَعْنَاهُ لَا يقبل ذَلِك مِنْهُ قبُول رضى وَإِن قبل قبولا آخر قَالَ وَقد يكون الْقبُول هُنَا بِمَعْنى تَكْفِير الذَّنب بهما قَالَ وَيكون معنى الْفِدْيَة هُنَا أَنه لَا يجد فِي الْقِيَامَة أحدا يفتدي بِهِ بِخِلَاف غَيره من المذنبين الَّذين يتفضل الله عَلَيْهِم بِأَن يفديهم من النَّار باليهود وَالنَّصَارَى كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح فَقَالَ بن أنس أَو آوى بِالْمدِّ أَي ضم إِلَيْهِ وَحمى مُحدثا قَالَ الْمَازرِيّ رُوِيَ بِكَسْر الدَّال وَفتحهَا قَالَ فَمن فتح أَرَادَ الإحداث نَفسه وَمن كسرهَا أَرَادَ فَاعل الْحَدث قَالَ القَاضِي كَانَ بن أنس ذكر أَبَاهُ هَذِه الزِّيَادَة وَسَقَطت لَفْظَة بن فِي بعض النّسخ وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا لِأَن سِيَاق الحَدِيث من أَوله إِلَى آخِره من كَلَام أنس فَلَا وَجه لاستدراك أنس بِنَفسِهِ قَالَ مَعَ أَن هَذِه اللَّفْظَة قد وَقعت فِي أول الحَدِيث فِي سِيَاق كَلَام أنس فِي أَكثر الرِّوَايَات قَالَ وَسَقَطت عِنْد السَّمرقَنْدِي قَالَ وسقوطها هُنَاكَ يشبه أَن يكون هُوَ الصَّحِيح وَلِهَذَا استدركت فِي آخر الحَدِيث

(3/409)


[1368] اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي مكيالهم قَالَ القَاضِي الْبركَة هُنَا بِمَعْنى النَّمَاء وَالزِّيَادَة وَتَكون بِمَعْنى الثَّبَات واللزوم قَالَ وَيحْتَمل أَن تكون هَذِه الْبركَة دينية وَهِي مَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الْمَقَادِير من حُقُوق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الزكوات وَالْكفَّار فَيكون بِمَعْنى الثَّبَات والبقاء لَهَا لبَقَاء الحكم بهَا بِبَقَاء الشَّرِيعَة وثباتها وَيحْتَمل أَن المُرَاد الْبركَة فِي نفس الْكَيْل فِي الْمَدِينَة بِحَيْثُ يَكْفِي الْمَدّ فِيهَا من لَا يَكْفِيهِ فِي غَيرهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر
[1369] السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة

(3/410)


[1370] الْمَدِينَة حرم مَا بَين عير بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء تَحت إِلَى ثَوْر قَالَ القَاضِي قَالَ مُصعب الزبيرِي لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ عير وَلَا ثَوْر قَالُوا وَإِنَّمَا ثَوْر بِمَكَّة قَالَ وَقَالَ الزبير عير جبل بِنَاحِيَة الْمَدِينَة قَالَ وَأكْثر الروَاة فِي كتاب البُخَارِيّ ذكرُوا عيرًا وَأما ثَوْر فَمنهمْ من يكني عَنهُ بِكَذَا وَمِنْهُم من ترك مَكَانَهُ بَيَاضًا لأَنهم اعتقدوا ذكر ثَوْر هُنَا خطأ وَقَالَ أَبُو عبيد أصل الحَدِيث من عير إِلَى أحد فَوَهم فِيهِ الرَّاوِي وَكَذَا قَالَ الْحَازِمِي وَغَيره من الْأَئِمَّة وَقَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن ثورا كَانَ إسما لجبل هُنَاكَ إِمَّا أحد وَإِمَّا غَيره فخفي اسْمه وَذمَّة الْمُسلمين وَاحِدَة يسْعَى بهَا أَدْنَاهُم المُرَاد بِالذِّمةِ هُنَا الْأمان وَمَعْنَاهُ أَن أَمَان الْمُسلمين للْكَافِرِينَ صَحِيح فَإِذا أَمنه أحد من الْمُسلمين وَلَو كَانَ عبدا أَو امْرَأَة حرم على غَيره التَّعَرُّض لَهُ مَا دَامَ فِي أَمَانه

(3/411)


[1371] فَمن أَخْفَر مُسلما أَي نقض أَمَانه وَعَهده
[1372] ترتع أَي ترعى وَقيل تسْعَى وتنبسط مَا ذعرتها أَي مَا فزعتها وَقيل مَا نفرتها

(3/412)


[1373] كَانَ النَّاس إِذا رَأَوْا أول الثَّمر جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعلمَاء كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك رَغْبَة فِي دُعَائِهِ فِيهِ بِالْبركَةِ وإعلاما لَهُ بابتداء صَلَاحهَا لما يتَعَلَّق بهَا من الزَّكَاة وتوجيه الخارصين

(3/413)


[1374] الرِّيف بِكَسْر الرَّاء الأَرْض الَّتِي بهَا زرع وخصب وَإِن عيالنا لخلوف لَيْسَ عِنْدهم رجال وَلَا من يحميهم ترحل بِسُكُون الرَّاء وَتَخْفِيف الْحَاء أَي يشد عَلَيْهَا رَحلهَا ثمَّ لَا أحل لَهَا عقدَة مَعْنَاهُ أواصل السّير وَلَا أحل عَن رَاحِلَتي عقدَة من عقد حلهَا ورحلها مَا بَين مأزميها تَثْنِيَة مأزم بِهَمْزَة بعد الْمِيم وبكسر الزَّاي وَهُوَ الْجَبَل وَقيل الْمضيق بَين جبلين وَنَحْوه لعلف بِسُكُون اللَّام على إِرَادَة الْمصدر شعب بِكَسْر الشين الفرجة النافذة بَين الجبلين وَنَحْوه نقب هُوَ الطَّرِيق والفج بَنو عبد الله فِي رِوَايَة عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ وَالصَّوَاب الأول وَمَا يهيجهم أَي يحركهم قبل ذَلِك شَيْء أَي لم يكن سَبَب مَنعهم من الإغارة قبل الْقدوم إِلَّا حراسة الْمَلَائِكَة كَمَا أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَالِي الْحرَّة يَعْنِي الْفِتْنَة الْمَشْهُورَة الَّتِي نهبت فِيهَا سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ الْجلاء بِالْجِيم وَالْمدّ الْفِرَار
[1375] حرم آمن قَالَ الْقُرْطُبِيّ يرْوى بِمد بعد الْهمزَة وَكسر الْمِيم على النَّعْت لحرم من أَن تغزوه قُرَيْش أَو من الدَّجَّال والطاعون أَو يَأْمَن صيدها وشجرها وَرُوِيَ بِغَيْر مد وَسُكُون الْمِيم مصدر أَي ذَات أَمن

(3/415)


[1376] وبيئة بِهَمْزَة ممدودة أَي وخمة كَثِيرَة الْأَمْرَاض وحول حماها إِلَى الْجحْفَة قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره كَانَ ساكنوها فِي ذَلِك الْوَقْت يهود
[1377] يحنس بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر النُّون وَفتحهَا وَالسِّين مُهْملَة مولى الزبير فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى مولى مُصعب بن الزبير قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ لأَحَدهمَا حَقِيقَة وَللْآخر مجَاز لكاع بِفَتْح أَوله وَبِنَاء آخِره على الْكسر أَي يَا لئيمة

(3/416)


[1379] أنقاب الْمَدِينَة طرقها وفجاجها لَا يدخلهَا الطَّاعُون قَالَ الْعلمَاء هَذِه معْجزَة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن الْأَطِبَّاء قَدِيما وحديثا عجزوا أَن يدفعوا الطَّاعُون عَن رجل وَاحِد فَمَا اسْتَطَاعُوا فضلا عَن بلد وَالْمَدينَة رفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطَّاعُون عَنْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
[1381] تخرج الْخبث قَالَ القَاضِي الْأَظْهر أَن هَذَا مُخْتَصّ بزمنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ لم يكن يصبر على الْهِجْرَة وَالْمقَام مَعَه إِلَّا من ثَبت إيمَانه بِخِلَاف الْمُنَافِقين وجهلة الْأَعْرَاب وَقَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ هَذَا بالأظهر لقَوْله بعده لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تَنْفِي الْمَدِينَة شِرَارهَا قَالَ وَهَذَا وَالله أعلم زمن الدَّجَّال حِين يقْصد الْمَدِينَة فترجف ثَلَاث رجفات يخرج مِنْهَا الله كل كَافِر ومنافق قَالَ فَيحْتَمل أَنه مُخْتَصّ بِزَمن الدَّجَّال وَيحْتَمل أَنه فِي أزمان مُتَفَرِّقَة خبث الْحَدِيد وسخه وقذره الَّذِي يُخرجهُ النَّار مِنْهُ

(3/417)


[1382] أمرت بقرية أَي بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا واستيطانها تَأْكُل الْقرى ذكر فِي مَعْنَاهَا وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنَّهَا مَرْكَز جيوش الْإِسْلَام فِي أول الْأَمر فَمِنْهَا فتحت الْقرى وغنمت أموالها وسباياها الثَّانِي ان أكلهَا وميرتها من الْقرى المنفتحة وإليها تساق غنائمها يَقُولُونَ يثرب وَهِي الْمَدِينَة يَعْنِي ان بعض النَّاس من الْمُنَافِقين وَغَيرهم يسمونها يثرب وَإِنَّمَا اسْمهَا الْمَدِينَة قَالَ النَّوَوِيّ فَفِي هَذَا كَرَاهَة تَسْمِيَتهَا يثرب قَالَ وَفِيه حَدِيث فِي مُسْند أَحْمد وَحكي عَن عِيسَى بن دِينَار أَنه قَالَ من سَمَّاهَا يثرب كتبت عَلَيْهِ خَطِيئَة وَسبب كَرَاهَته أَن لَفظه من التثريب وَهُوَ التوبيخ والملامة وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الِاسْم الْحسن وَيكرهُ الِاسْم الْقَبِيح أما تَسْمِيَتهَا فِي الْقُرْآن يثرب فَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَة عَن قَول الْمُنَافِقين وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض وَالْمَدينَة قيل مُشْتَقَّة من دَان إِذا أطَاع وَقيل من مدن بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ
[1383] وعك بِفَتْح الْعين مغث الْحمى وألمها وتنصع طيبها بِفَتْح التَّاء وَالصَّاد الْمُهْملَة أَي تخلص وتميز أَي يبْقى فِيهَا من خلص إيمَانه

(3/419)


[1385] طيبَة وطابة من الطّيب وَهُوَ الرَّائِحَة الْحَسَنَة والطاب وَالطّيب لُغَتَانِ وَقيل من الطّيب بِفَتْح الطَّاء وَتَشْديد الْيَاء وَهُوَ الظَّاهِر لخلوصها من الشّرك وطهارتها وَقيل من طيب الْعَيْش بهَا

(3/420)


[1386] عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يحنس فِي نُسْخَة عبيد الله مصغر وَهُوَ غلط الْقَرَّاظ بالظاء الْمُعْجَمَة مَنْسُوب إِلَى الْقرظ الَّذِي يدبغ بِهِ قَالَ بن أبي حَاتِم لِأَنَّهُ كَانَ يَبِيعهُ
[1387] بدهم بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْهَاء بغائلة وَأمر عَظِيم الْمَدِينَة

(3/421)


[1388] يبسون بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت وباء مُوَحدَة تضم وتكسر وَيُقَال أَيْضا بِضَم الْمُثَنَّاة مَعَ كسر الْمُوَحدَة أَي يتحلون بأهليهم ويسوقون فِي السّير مُسْرِعين إِلَى الرخَاء فِي الْأَمْصَار قَالَ أَبُو عبيد البس سوق الْإِبِل

(3/422)


[1389] ليتركنها أَهلهَا قَالَ النَّوَوِيّ الظَّاهِر الْمُخْتَار أَن هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان عِنْد قيام السَّاعَة ويوضحه قصَّة الراعيين فِي مزينة وَقَالَ القَاضِي هَذَا مِمَّا جرى فِي الْعَصْر الأول وانقضى حَيْثُ انْتَقَلت الْخلَافَة عَنْهَا إِلَى الشَّام وَالْعراق وَذَلِكَ الْوَقْت أحسن مِمَّا كَانَ للدّين وَالدُّنْيَا قَالَ وَذكر الإخباريون فِي بعض الْفِتَن الَّتِي جرت بِالْمَدِينَةِ وَخَافَ أَهلهَا أَنه رَحل عَنْهَا أَكثر النَّاس وَبقيت ثمارها للعوافي وخلت مُدَّة ثمَّ تراجع النَّاس إِلَيْهَا للعوافي جمع عَافِيَة وَهِي الطالبة لما تَأْكُل ينعقان بغنمهما أَي يصيحان بهَا ليسوقانها فيجدانها أَي بِالْمَدِينَةِ وحشا أَي خلاء أَي خَالِيَة لَيْسَ بهَا أحد قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الْوَحْش من الأَرْض الْخَلَاء وَقيل مَعْنَاهُ ذَات وَحش وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَقيل الضَّمِير للغنم أَي أَنَّهَا تصير وحشا إِمَّا بِأَن تنْقَلب ذَاتهَا كَذَلِك وَالْقُدْرَة صَالِحَة وَإِمَّا بِأَن تتوحش فتنفر من أصواتها قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا القَوْل غلط خرا على وُجُوههمَا أَي سقطا ميتين زَاد البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث وهما آخر من يحْشر

(3/423)


[1390] مَا بَين بَيْتِي قيل المُرَاد بَيت سكناهُ على طاهره وَقيل قَبره قَالَ الطَّبَرِيّ وَالْقَوْلَان متفقان لِأَن قَبره فِي بَيته رَوْضَة من رباض الْجنَّة قيل مَعْنَاهُ أَن ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه ينْقل إِلَى الْجنَّة وَقيل إِن الْعِبَادَة فِيهِ تُؤدِّي إِلَى الْجنَّة

(3/424)


[1391] ومنبري على حَوْضِي الْأَصَح أَن المُرَاد منبره الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا بِعَيْنِه وَقيل إِن لَهُ هُنَاكَ منبرا وَقيل مَعْنَاهُ أَن قصد منبره والحضور عِنْده لملازمة الْأَعْمَال الصَّالِحَة يُورد صَاحبه الْحَوْض وَيَقْتَضِي شربه مِنْهُ

(3/425)


[1396] صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ من فضل مَكَّة على الْمَدِينَة أَي أَن الصَّلَاة فِيهِ أفضل من الصَّلَاة فِي مَسْجِدي وَقَالَ من فضل الْمَدِينَة على مَكَّة أَي فَأن الصَّلَاة فِي مَسْجِدي تفضله بِدُونِ الْألف وَقد روى أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن الزبير مثل هَذَا وَزَاد عقبه صَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من ألف صَلَاة فِي مَسْجِدي وَهَذَا يساعد القَوْل الأول قَالَ النَّوَوِيّ وَسَوَاء فِي التَّضْعِيف الْفَرْض وَالنَّفْل خلافًا للطحاوي حَيْثُ خصّه بِالْفَرْضِ قَالَ وَذَلِكَ فِيمَا يرجع إِلَى الثَّوَاب وَلَا يتَعَدَّى إِلَى الْأَجْزَاء عَن الْفَوَائِت بِلَا خلاف قَالَ وَهَذِه الْفَضِيلَة مُخْتَصَّة بِنَفس مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ فِي زَمَانه دون مَا زيد بعده قلت فِي هَذَا نظر فقد أخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة
[1397] وَمَسْجِد الْحَرَام هُوَ من إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صفته على تَأْوِيل الْمَكَان الْحَرَام وَالْمَكَان الْأَقْصَى وَسمي الْأَقْصَى لبعده عَن الْمَسْجِد الْحَرَام

(3/428)


[1396] إيلياء بِكَسْر الْهمزَة وَاللَّام وَالْمدّ بَيت الْمُقَدّس

(3/429)


[1398] وَأخذ كفا من حَصْبَاء فَضرب بِهِ الأَرْض قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة فِي الْإِيضَاح لبَيَان أَنه مَسْجِد بِالْمَدِينَةِ ثمَّ قَالَ هُوَ مَسْجِدكُمْ هَذَا لمَسْجِد الْمَدِينَة قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا نَص بِأَنَّهُ الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن ورد لما يَقُوله بعض الْمُفَسّرين أَنه مَسْجِد قبَاء قلت يُعَارضهُ أَحَادِيث أخر مِنْهَا مَا أخرجه أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلَة الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المتطهرين فِي أهل قبَاء لأَنهم كَانُوا يستنجون بِالْمَاءِ وَالْحق أَن الْقَوْلَيْنِ شهيران وَالْأَحَادِيث لكل مِنْهُمَا شاهدة وَلِهَذَا مَال الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير إِلَى الْجمع وترجيح التَّفْسِير بِأَنَّهُ مَسْجِد قبَاء لِكَثْرَة أَحَادِيثه الْوَارِدَة بِأَنَّهُ هُوَ وَبَيَان سَبَب النُّزُول قَالَ وَلَا يُنَافِي ذَلِك حَدِيث مُسلم لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مَسْجِد قبَاء أسس على التَّقْوَى فمسجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى بذلك

(3/430)