شرح الموطأ عبد
الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(1)
باب: العينة وما يشبهها
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: العينة وما يشبهها
حدثنا يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من
ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر
-رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- أنه قال: كنا في زمان رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نبتاع الطعام فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من
المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه.
وحدثني عن مالك عن نافع أن حكيم بن حزام -رضي الله تعالى
عنه- ابتاع طعاماً أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم
الطعام قبل أن يستوفيه فبلغ ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه-, فرده عليه وقال: لا تبع طعاماً ابتعته حتى
تستوفيه.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن صكوك خرجت للناس في زمان مروان
بن الحكم من طعام الجار, فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم
قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه-
ورجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- على مروان بن
الحكم فقالا: أتحل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ بالله
وما ذلك؟ فقالوا: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل
أن يستوفوها، فبعث مروان بن الحكم الحرس يتبعونها ينزعونها
من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها,
(104/1)
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً أراد أن
يبتاع طعاماً من رجل إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن
يبيعه الطعام إلى السوق فجعل يريه الصبرة, ويقول له: من
أيها تحب أن أبتاع لك؟ فقال المبتاع: أتبيعني ما ليس عندك؟
فأتيا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فذكرا ذلك له,
فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- للمبتاع: لا تبتع
منه ما ليس عنده, وقال للبائع: لا تبع ما ليس عندك.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن عبد
الرحمن المؤذن يقول لسعيد بن المسيب: إني رجل أبتاع من
الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله, ثم أريد أن
أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل, فقال له سعيد: أتريد أن
توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت؟ فقال: نعم, فنهاه عن
ذلك.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: الأمر المجتمع عليه عندنا
الذي لا اختلاف فيه أنه من اشترى طعاماً براً أو شعيراً أو
سلتاً أو ذرة أو دخناً أو شيئاً من الحبوب القطنية، أو
شيئاً مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة, أو شيئاً من
الأدم كلها الزيت والسمن والعسل والخل والجبن والشِبَرّق.
الشِبْرِق.
طالب: أحسن الله إليك.
والشِبْرِق واللبِن، وما أشبه ذلك من الأدم.
اللَّبن, اللّبن.
واللَّبن، وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع
شيئاً من ذلك حتى يقبضه ويستوفيه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول الإمام المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: العينة وما يشبهها
العينة عند عامة أهل العلم التي جاء الحديث بمنعها: هي أن
يشتري الرجل سلعة لا يريدها وإنما يريد ثمنها, بثمن مرتفع
إلى أجل, ثم يبيعها إلى من اشتراها منه حالة بثمن أقل,
يشتري سلعة من رجل لا يحتاجها، وإنما يحتاج ثمنها, يشتريها
إلى أجل بثمن مرتفع فيه زيادة في مقابل الأجل، ثم يبيعها
ممن اشترها منه على نفس البائع الأول بثمن حال أقل مما
اشتراها به, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي طيب.
(104/2)
جمهور أهل العلم على منعها, وأنها حيلة
صريحة مكشوفة على الربا المحرم المقطوع بتحريمه, وعند
الشافعية تجوز, كأن الإمام مالك -رحمه الله- حينما أدخل
هذه الأحاديث التي فيها المنع من بيع الطعام قبل قبضه تحت
هذه الترجمة يتوسع في معنى العينة, الصورة التي ذكرناها هي
المعتمدة عند أهل العلم, سميت عينة لأن المشتري إلى أجل
يأخذ بدل السلعة عيناً يعني مالاً, أو لأن البائع الأول
رجع إليه عين ماله فهي عينة على الاحتمالين, وهما موجودان
في الصورة المشروحة, منعت من وجوه عند أهل العلم، أطال ابن
القيم -رحمه الله تعالى- في تهذيب السنن في تقرير منع
العينة لأنها حيلة, وهي مشبه لحيل اليهود الذين يتوصلون
بها بحيلهم إلى استحلال ما حرم الله -جل وعلا-, جاء في
الحديث مما خرجه أبو داود وغيره عن ابن عمر -رضي الله
عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا
تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في
سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى
دينكم)) والحديث بطرقه وشواهده مصحح, وإن كان بمفرده لا
يصل إلى درجة الصحة, فهو صحيح لغيره, ((إذا تبايعتم
بالعينة، وأخذتم أذناب البقر)) يعني اكتفيتم بالزرع
((وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا
ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(104/3)
بترك هذه الأمور المنصوص عليها التي هي سبب
تسليط الذل {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة
الرعد] إذا وجد السبب الذي من أجله سُلط الذل, ولم يمر على
الأمة ذل أشد مما تعيشه الآن, ولا يرتفع إلا بمراجعة
الدين, لا سيما ما نص عليه في هذا الحديث؛ لأنها هي السبب,
هي السبب في تسليط هذا الذل, ((سلط الله عليكم)) والفعل
سلط والتسليط في الغالب يصاحبه القهر, إن الله منع عن مكة
الفيل أو القتل، وسلط عليها رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- والمؤمنون, سلط؛ لأن هذا الفعل يصاحبه شيء من
الإذلال والقهر, فهل للإنسان أن يقول: سلط الله عليه
المصائب والمرض يعني يحكي عن نفسه, يعني هل للإنسان أن
يقول عن نفسه: إن الله سلط عليه المرض والمصائب؟ هنا سلط
عليهم ((سلط الله عليهم ذلاً لا ينزعه)) الداعي إلى هذا
الكلام أن شخصاً قام يسأل أمام الناس بعد الصلاة، وبين
يديه شيخ من كبار المشائخ, فقال هذا السائل: سلط الله عليه
الأمراض وكذا وكذا والمصائب, فقال: لا تقل: سلط الله علي,
وإنما قل: قدر الله علي, فهل في إطلاق هذا اللفظ من محذور،
وجاء فيه الحديث الصحيح؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا كان الخبر عن غيره ما تحتمل الجزع ولا التشكي،
وإذا كانت خبر عن نفسه حملت في طياتها التشكي, على كل حال
ما دام ثبت اللفظ فالتسليط نسبته إلى الله -جل وعلا-
جائزة, وإن كان المسألة من حيث الأدب والتأدب مع الله -جل
وعلا-, فالحديث الصحيح ((سلط عليها رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- والمؤمنون)) فالعدول عن الفاعل الظاهر إلى بناء
الفعل للمجهول لا شك أنه تأدب {وَأَنَّا لَا نَدْرِي
أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ
رَبُّهُمْ رَشَدًا} [(10) سورة الجن] فالرشد أضيف إلى الله
-عز وجل- صراحة، والشر بني فيه الفعل للمجهول, ((والشر ليس
إليك)) وكلٌ من عند الله, لكن من باب الأدب.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
سلطه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
سلطه؟
طالب:. . . . . . . . .
(104/4)
لا هذا ما فيه إشكال هذا, الإشكال في كون
... يعني الشخص يسلط ماله ويوجه ماله ما فيه إشكال, العينة
لا شك أن فيها تحايل صريح على الربا، هذا يريد درهم ولا
يريد السلعة فيذهب إلى من عنده ما يحتاجه, وبدلاً من أن
يقول: أعطني ألف بألف ومائتين يقول: أعطني هذه السلعة بألف
ومائتين واشترها مني بألف, دراهم بدراهم بينهما سلعة,
بينهما حريرة كما يقول ابن عباس, التحايل ظاهر, هل يختلف
الحكم فيما لو باعها على طرف ثالث؟ يعني اشترى هذه السلعة
ولا يريدها يريد ثمنها اشتراها بألف ومائتين، وباعها بألف
بدلاً من أن يبيعها على صاحبها الأول فتكون عينة محرمة
باعها على طرف ثالث, هذه يسمونها التورق, وهي جائزة عند
جماهير أهل العلم, طيب هذه فيها تحايل, على كل حال من أهل
العلم ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن
تيمية، وبعض الشيوخ المعاصرين يرون تحريم مسألة التورق
أيضاً؛ لأن التحايل فيها ظاهر, لكن هل الحيلة فيها مثل
الحيلة التي في العينة؟ لا, هو اشترى السلعة, وقد يكون
الطرف الأول لا علم له, أو لا علم عنده بما أسره الثاني,
فيشتري منه السلعة بقيمة إلى أجل, والطرف الأول يعرف أن
البيع إلى أجل هو الدين الجائز بالإجماع {إِذَا
تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى
فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] ما فيه إشكال، لكن
الطرف الثاني ضاقت به المسالك، واضطر إلى المال ولم يجد
وسيلة إلا هذه, الذين يحرمونه ويقولون: إنها حيلة مثل
العينة ولا فرق بينهما، يقولون: إذا ما وجد وضاقت به
المسالك واضطر إلى المال يأخذ ربا صريح أسهل من التحايل مع
الربا, لكن هذا الكلام فيه نظر ظاهر، يعني صورة يجيزها
عامة أهل العلم مثل الربا الصريح؟! يعني إن كان للإنسان أن
يرتكب الشبهات ولا يرتكب الصريح في مقابل الصريح, فلا شك
أن مثل هذا فيه خطورة يعني كوننا نقول: اذهب وخذ من البنوك
الربا الصريح، واترك مسألة التورق التي عامة أهل العلم
عليها فهذا فيه .... ! نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
(104/5)
يعني عليه تجارة الناس كلهم, يعني التجارة,
التجار كلهم على هذا, يشترون السلع لا ليستفيدون منها ولا
يريدونها ولا يحتاجونها, إنما ليبيعوها.
طالب: إيه بس مو الفرق ما يزيد السعر يا شيخ ما .... ؟
لا هي تختلف من جهة، وهي أن هذا المشتري التاجر يبيع بربح،
والمتورق يبيع بنازل, ولذا مسألة العينة لو اشتراها إلى
أجل، ثم باعها على من اشتراها منه بثمن مساوٍ أو أكثر
جازت, فافترقا من هذه الحيثية.
طالب: إذا كان هناك اضطرار للتورق هل نقول -أحسن الله
إليك- بالجواز؟
عدم الحاجة يدخله ((من أخذ أموال الناس تكثراً)) لا إذا
أجيز أصل المسألة خلاص انتهى, يثبت الحكم لعلة، ثم ترتفع
العلة يبقى الحكم ...
طالب:. . . . . . . . .
الاتفاق بينهما لا ما يلزم.
طالب: ولو فعلوها .... ؟
ولو فعلوها من دون اتفاق تنطبق إيه.
طالب: وإذا كان محتاجاً للسلعة؟
إذا كان محتاجاً للسلعة ثم طرأ له أن يبيع هذه ترتفع مسألة
التحايل، لكن تبقى صورة المنع لأن التعامل والأحكام إنما
تبنى على الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه يعني ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه بلا شك, لكن مع ذلك ينظر إلى ظاهر العقد وباطنه, باطن
العقد لأن العبرة بحقائق الأمور, هذا الأصل فيها، العبرة
بحقائق الأمور, والظاهر من أجل بناء الأحكام على الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي يظهر ما دام عقد محرم يفسخ, يفسخ العقد، يرد.
عرفنا الآن صورة العينة التي جاء فيها النص, وفسرها
الجمهور بما ذكرنا, والفرق بينها وبين التورق الطرف
الثالث, العينة من طرفين فقط, ويحصل فيها عقدان, أما
بالنسبة للتورق يحصل فيه عقدان، لكن بين ثلاثة أطراف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي لا بد, لا بد أن لا تعود إلى صاحبها الأول.
طالب:. . . . . . . . .
(104/6)
ولو دخلت لا تباع على الطرف الأول,
الأحاديث التي فيها الاستيفاء والقبض التي أوردها الإمام
-رحمه الله تعالى- تدل على أن الإمام مالك -رحمه الله
تعالى- توسع في مسألة العينة, ولذا قال: "وما يشبهها"
واحتمال آخر أن العينة عنده تختلف عن العينة عند غيره,
ولذا ما أورد حديث ابن عمر، لم يورد حديث ابن عمر ((إذا
تبايعتم بالعينة)) وإنما جعل العينة ترجمة لبيع الطعام قبل
قبضه, ولا شك أن مطابقة هذه الأحاديث لهذه الترجمة تحتاج
إلى شيء من التكلف, يعني الترجمة من باب العينة وما
يشبهها, هل أورد تحت هذه الترجمة ما يفهمه جمهور أهل العلم
عن العينة؟ ما أورد, إنما أورد منع بيع الطعام قبل
الاستيفاء.
بالنسبة لمسألة العينة ابن القيم -رحمه الله تعالى- أطال
في القول في تقرير المنع، وذكر للحديث شواهد، وقرر أن
الحديث يثبت بها, لو قرأنا كلامه -رحمه الله- نفيس جداً,
اقرأه, نعم؟
طالب: أحسن الله إليك.
الخطابي ما تعرض لشرح الحديث؛ لأنه شافعي، وهي عندهم غير
ممنوعة, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
فصل: قال المحرمون
للعينة: الدليل على تحريمها من وجوه: أحدها أن الله تعالى
حرم الربا والعينة وسيلة إلى الربا، بل هي من أقرب وسائله,
والوسيلة إلى الحرام حرام, فهاهنا مقامان أحدهما: بيان
كونها وسيلة, والثاني: بيان أن الوسيلة إلى الحرام حرام,
فأما الأول فيشهد له بالنقل والعرف والنية والقصد وحال
المتعاقدين، فأما النقل: فبما ثبت عن ابن عباس -رضي الله
عنهما- أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة ثم اشتراها
بخميس، فقال: دارهم بدراهم متفاضلة, دخلت بينها حريرة.
وفي كتاب محمد بن عبد الله الحافظ المعرف بمطِّين عن ابن
عباس.
مطيَّن.
طالب: أحسن الله إليك.
بمطيَّن عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: اتقوا هذه
العينة، لا تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة.
وفي كتاب أبي محمد النخشبي الحافظ عن ابن عباس -رضي الله
عنهما- أنه سئل عن العينة يعني بيع الحريرة، فقال: إن الله
لا يخدع هذا مما حرم الله ورسوله.
(104/7)
في كتاب الحافظ مطين عن أنس -رضي الله
تعالى عنه- أنه سئل عن العينة يعني بيع الحريرة، فقال: إن
الله لا يخدع هذا مما حرم الله ورسوله.
وقول الصحابي: حرم رسول الله كذا، أو أمر بكذا، أو قضى
بكذا، أو أوجب كذا في حكم المرفوع اتفاقاً عند أهل العلم
إلا خلافاً شاذاً لا يعتد به, ولا يؤبه له، وشبهة المخالف
أنه لعله رواه بالمعنى, فظن ما ليس بأمر ولا تحريم كذلك,
وهذا فاسد جداً فإن الصحابة ...
هذا ينسب في كتب المصطلح هذا القول إلى داود الظاهري، وبعض
المتكلمين أن مثل هذا لا يعد مرفوعاً حتى ينقل الصحابي
اللفظ النبوي؛ لأنه قد يسمع كلام يظنه أمر أو نهي وهو في
الحقيقة ليس بأمر ولا نهي, لكن هذا الكلام مردود بلا شك,
ابن القيم يقرر رده, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
فإن الصحابة أعلم معاني النصوص, وقد تلقوها من في رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-, فلا يظن بأحد منهم أن يَقدم
على قوله ...
يُقدم.
طالب: أحسن الله إليك.
أن يُقدم على قوله: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو
حرم أو فرض إلا بعد سماع ذلك، ودلالة اللفظ عليه, واحتمال
خلاف هذا كاحتمال الغلط والسهو في الرواية بل دونه، فإن رد
قوله: "أمر" ونحوه بهذا الاحتمال وجب رد روايته لاحتمال
السهو والغلط, وإن قبلت روايته وجب قبول الآخر, وأما شهادة
العرف بذلك فأظهر من ...
لأن قبول الرواية مبناها على الحفظ، وقبول مثل هذا مبناه
على الفهم, فإذا تطرق الاحتمال إلى الفهم بأن يزيغ ويزل
تطرق أيضاً الاحتمال إلى الحفظ, فالحفظ خوان كما هو معلوم،
فمن يقبل رواية الراوي يقبل فهمه, وإن كان الراوي قد يفهم
ويجتهد ويخطئ في فهمه, ولكنه أيضاً قد يخطئ في حفظه, ...
الكلام في الصحابة لا يلزم أحد بفهم أحد اللهم إلا بالنسبة
للصحابة الذين عاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- وفهموا
كلامه، وما يأتي به عن الله -جل وعلا-, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(104/8)
وأما شهادة العرف بذلك فأظهر من أن تحتاج
إلى تقرير، بل قد علم الله وعباده من المتبايعين ذلك
قصدهما أنهما لم يعقدا على السلعة عقداً يقصدان بها تملكها
ولا غرض لهما فيها بحال، وإنما الغرض والمقصود بالقصد
الأول مائة بمائة وعشرين, وإدخال تلك السلعة في الوسط
تلبيس وعبث، وهي بنزلة الحرف الذي لا معنى له في نفسه, بل
جيء به لمعنى في غيره حتى لو كانت تلك السلعة تساوي أضعاف
ذلك الثمن، أو تساوي أقل جزءاً من أجزائه لم يبالوا بجعلها
مورداً للعقد؛ لأنهم لا غرض لهم فيها، وأهل العرف لا
يكابرون أنفسهم في هذا, وأما النية والقصد فالأجنبي
المشاهد له ...
يعني مثلما حصل في العام الماضي من عقد انتشر بين الناس،
وسببه الطمع في المال, يباع سيدي فيه مادة مسجلة لا يسوى
خمسة ريالات يباع بخمسمائة, هل نقول: إن مقصود المشتري
السلعة؟ والواقع يشهد بخلاف ذلك؛ لأن كثيراً من المشترين
يترك السيدي عنده ما يأخذه, هل نقول: إن قصدهم السلعة أو
القصد ما يترتب على هذا العقد من أرباح متضاعفة بحسب ما
قرروه في عقدهم؟ أن يكون المشتري يأتي ليشتري سلعة بما
نسبته واحد بالمائة من قيمتها, هي لا تستحق واحد بالمائة
من قيمتها، يشتريها بخمسمائة، وهي لا تستحق خمسة, ثم بعد
ذلك عندهم صندوق يجمعون فيه هذه السلعة, فمن جاء أبرم
العقد ودفع الخمسمائة وترك السلعة عنده, هل نقول: إن هذا
يحتاج يشتري سلعة وإلا يشتري مال بمال؟
طالب: مال بمال.
هذه أوضح من العينة, العينة الثمن متقارب، والسعلة لو ما
جاءت بثمن استفاد منها صاحبها، وهذه تركها لهم, يسمون هذا
العقد إيش؟
طالب: هبة الجزيرة.
هبة الجزيرة, وش اسمها؟
طالب: لا, اسمها هي هبة الجزيرة.
هاه؟
طالب: ذاك يسموه العقد الهرمي.
إي هم قصدهم الأموال التي تنشأ عن هذا العقد, أما السيدي
هذا ما لا قيمة له, بدليل أن أكثر المشترين يتركونه عندهم,
هذه دراهم بدراهم مكشوفة هذه, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وأما النية والقصد فالأجنبي المشاهد لهما يقطع بأنه لا غرض
لهما في السلعة, وإنما القصد الأول مائة بمائة وعشرين ...
(104/9)
يعني من حضر عقد العينة ألا يجزم بأن القصد
الدراهم؟ ألا يجزم؟ يعني لو أن المسألة حصلت بين اثنين
وباع عليه هذه السلعة بمائة وعشرين, ثم ندم وقال: لماذا
أحمل ذمتي مائة وعشرين إلى أجل، وأنا لا أحتاج هذه السلعة؟
فقال له: أقلني، أنا لا أريد السلعة, فقال: لا أقيلك, قال:
اشترها مني بمائة ريال، فباعها إليه بمائة, الحيلة الآن
انتفت, والحاضر يفهم من خلال هذه المحاورة أنها ليست
بحيلة, ومع ذلك يقال له: بع هذه السلعة لغير هذا الرجل
حسماً للمادة، وسداً للذريعة, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
فضلاً عن علم المتعاقدين ونيتهما، ولهذا يتواطأ كثير منهم
على ذلك قبل العقد، ثم يحضران تلك السلعة محللاً لما حرم
الله ورسوله, وأما المقام الثاني: وهو أن الوسيلة إلى
الحرام حرام, فبانت بالكتاب والسنة والفطرة والمعقول, فإن
الله سبحانه مسخ اليهود قردة وخنازير لما توسلوا إلى الصيد
الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحة, وسمى أصحاب رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- والتابعون مثل ذلك مخادعة, كما قال
أيوب السِختياني.
السَختياني بفتح السين.
طالب: أحسن الله إليك.
وقال أيوب السختياني -رحمه الله تعالى-: يخادعون الله كما
يخادعون الصبيان, لو أتوا الأمر على وجهه كان أسهل,
والرجوع إلى الصحابة في معاني الألفاظ متعين سواء كانت
لغوية أو شرعية.
(104/10)
يعني ما قررناه سابقاً في مسألة التورق،
وأن الإقدام عليها مع أن القول بجوازها قول الجمهور أسهل
بكثير من مزاولة الربا الصريح, لكن هل لقائل أن يقول:
الإقدام على العينة أسهل من الإقدام على الربا الصريح لأنه
أجازها من أهل العلم من أجازها؟ لأن العينة ربا وحيلة,
والربا تنتفي فيه الحيلة، ويثبت فيه الربا المحرم والمقطوع
بتحريمه, وهذه أجازها من أجازها من أهل العلم, هل نقول
لإنسان: تحايل على الربا بمسألة العينة أو نقول: ترتكب ما
حرم الله ظاهراً، وتتوب إلى الله -جل وعلا- أسهل من
التحايل مع الوقوع في المحظور؟ يعني كون عامة أهل العلم
على جواز مسألة التورق, لا شك أن الإقدام عليه أسهل من
الإقدام على الربا الصريح، وإن وجد من يحرم, وإن كان فيها
شيء من التحايل، لكنه عامة أهل العلم عليه, فهل نقول لمن
أراد مالاً ولم يجد من يبيعه إلا هو المشتري منه, يعني ما
وجد من يشتري هذه السلعة إلا صاحبها الأول, ما في هذا
البلد إلا هذا الشخص الذي يستطيع أن يبيع ويشتري, نقول له:
خذ منه مائة بمائة وعشرين وإلا نقول: خذ هذه السلعة بهذا
القيمة ثم بعها عليه؟ يعني في مسألة التورق ظاهر يعني؛ لأن
جمهور أهل العلم على جوازها, لكن في مسألة العينة, ما وجد
في هذا البلد مع شدة الحاجة إلى المال إلا هذا الشخص اللي
بيدينه, ولا يوجد من يشتري إلا هو, وهذا لا يريد السلعة لا
بد من بيعها, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
ماذا نقول؟ نقول: أقدم على الربا الصريح وإلا مسألة
العينة؟ والشافعي إمام تبرأ الذمة بتقليده ومن هذا الكلام؟
والحديث أيضاً فيه ما فيه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قطعي، ما في شك دلالته وثبوته ما فيه أدنى إشكال الربا.
طالب:. . . . . . . . .
اللي هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا ما نقول في الخلاف ساعة, خلاف ساعة في مثل هذه
الصورة, إي ما هو في حال السعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا, .... يبي دراهم, هو يبي دراهم ما يبي سلعة, تحايل
ظاهر في الصورتين في العينة وفي التورق, ظاهر التحايل, لكن
يبقى بالنسبة للتورق الذي يشفع للجواز كونه قول عامة أهل
العلم، والحاجة داعية إليها.
طالب:. . . . . . . . .
(104/11)
ما في شك النبيذ, النبيذ أسهل من الخمر, في
شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب هو أضافه, المؤلف ذكره, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, الربا شأنه عظيم جداً, حتى مسألة التورق يعني مع كونه
قول عامة أهل العلم إلا أن في أصلها ضعف؛ لأن التحايل فيها
ظاهر والحاجة ... ، لكن لكون الحاجة داعية إليها أجازها
أهل العلم, ومع هذا الضعف تزداد ضعفاً بالتساهل الموجود في
أسواق المسلمين اليوم, يأتي إلى جهة متساهلة في عقودها
ويعقد معها عقد تورق، ثم يوكلهم يبيعون له, لا قبض، السلعة
في أقاصي الدنيا, حديد في اليابان وإلا خشبٍ بالبرازيل,
هذه السلعة, ويعقد معهم صفقة ويوكلهم لبيع هذا, يعني
المسألة تزداد ضعف كلما كثر فيها التساهل, فلا يتجه جواز
مثل هذه الصور أبداً, لكن كون الإنسان يحتاج إلى مال فيأتي
إلى تاجر فيقول: هذه السلعة سيارة وإلا أي آلة من الآلات
التي ينتفع بها ولها قيمتها المعتبرة عند الناس, فيبيعها
عليه بثمن مرتفع، ثم يحوزها إلى رحله المشتري، ويبيعها على
طرف ثالث, هذا يعني جوازها ما في إشكال -إن شاء الله
تعالى-, لكن يقول: أريد أن أقبض, قال: لا لا وش تقبض؟ هذا
تكفي فيه التخلية, والقبض ترى المسألة اعتبارية ما هي بشيء
حقيقي, نطق به بعض أهل العلم هذا مع الأسف, يقول: تشتري
حديد ولا فولاذ ولا أخشاب ولا ما أدري إيش؟ والقبض مسألة
اعتبارية, يعني التخلية تكفي، وينتهي الإشكال.
طالب: شيخ اللي يحتاج السلعة ....
هو محتاج للسلعة؟
طالب: سيارة وإلا شيء ....
وراح تدين؟
طالب: لا, زيد من أجل الثمن, زيد في الثمن من أجل ....
الأجل؟
طالب: الأجل.
إجماعاً يجوز هذا, هذا ما يخالف فيه أحد, يحتاج سيارة
بخمسين ألف وجاء شخص وقال: أنا عندي لك سيارة لكن ما أبيعك
إلا بستين لمدة سنة, ما في خلاف هذا أبداً, نعم؟
طالب:. . . . . . . . . يعطيك السلعة. . . . . . . . .
(104/12)
بسعر غالي اللي موجودة لأجل؟ هذه عينة, هذه
العينة لو سماها حيلة نبوية ما هي بشرعية, لا لا هذه حيلة,
والحيل إنما تباح إذا كان القصد منها التوصل إلى فعل
الواجب أو ترك المحرم, يعني فيه جهة تمنعك من أن تصلي في
المسجد, تتحايل إلى أن تصل إلى المسجد, هذه حيلة شرعية؛
لأنك تتوصل بها إلى فعل واجب, لكن تتحايل إلى ترك الصلاة
في المسجد هذه محرمة, هذه حيل اليهود, ولذا جاء في الهجرة
مما نص عليه في كتاب الله: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً}
[(98) سورة النساء] لأنهم يتوصلون بها إلى فعل واجب وترك
محرم، وهو البقاء في بلاد الكفر, نعم؟
طالب: أحسن الله إليكم. . . . . . . . .
يزيده ضعفاً.
طالب:. . . . . . . . .
مثله، مثله، لا تستطيع تقبض ولا تبيع ولا تشري, والأسهم
الله أعلم بواقعها، مبنية على إشاعات، وعلى أمور الله
المستعان, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف حيلة شرعية, التمر بتمر متفاضل هذه حيلة شرعية؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا بيع وشراء, بع التمر بالدراهم وابتع بالدراهم .... ,
ما في إشكال -إن شاء الله-, نعم؟
طالب: أحسن الله إليك.
أما العقد الأول قال: أمر برده، في صحيح مسلم قال: "فرده"
نعم؟
طالب: في الحديث وضع شرطين، قال: ((من ابتاع طعاماً)) ثم
قال: ((حتى يستوفيه)) فإذا ابتاع يعني جماداً هل يشترط
الاستيفاء؟
حديث إيش؟
طالب: حديث عبد الله بن عمر.
اللي أول حديث في الباب؟
طالب: إيه.
ما بعد جئناه، ما بعد دخلنا في الأحاديث, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وأيضاً فإن هذا العقد يتضمن أظهار صورة مباحة، وإضمار ما
هو من أكبر الكبائر، فلا تنقلب الكبيرة مباحة بإخراجها في
صور البيع الذي لم يقصد نقل الملك فيه أصلاً, وإنما قصده
حقيقة الربا، وأيضاً فإن الطريق متى ما أفضت إلى الحرام
فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلاً؛ لأن إباحتها وتحريم
الغاية جمع بين النقيضين فلا يتصور أن يباح شيء ويحرم ما
يفضي إليه, بل لا بد من تحريمهما أو إباحتهما, والثاني
باطل قطعاً, فيتعين الأول, وأيضاً فإن الشارع ....
(104/13)
لأن هذه المسألة وسيلة إلى الربا, ولا يمكن
أن تحرم الغاية وتباح الوسيلة إلى هذه الغاية؛ لأن الوسائل
لها أحكام المقاصد, فإما أن يكون الأمران محرمين أو
مباحين, والثاني وهو الإباحة لا سبيل إليه؛ لأن الربا
مقطوع بتحريمه, فلم يبقَ إلا الأول, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وأيضاً فإن الشارع لما حرم الربا وجعله من الكبائر, وتوعد
آكله بمحاربة الله ورسوله لما فيه من أعظم الفساد والضرر,
فكيف يتصور مع هذا أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيء
يكون من الحيل؟! فيا لله العجب أترى هذه الحيلة أزالت تلك
المفسدة العظيمة, وقلبتها مصلحة بعد أن كانت مفسدة؟!
وأيضاً فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا
ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع ....
يعني في سورة (ن) لما أرادوا حرمان الفقراء مما يتساقط من
النخل والشجر أثناء الجذاذ عاقبهم الله جزاء وفاقاً, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وأيضاً فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا
ليصرمنها مصبحين وكان مقصودهم منع حق الفقراء من الثمر
المتساقط وقت الحصاد، فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله
الثمرة جملة, ولا يقال: فالعقوبة إنما كانت على رد
الاستثناء وحده.
{وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [(18) سورة القلم] هل العقوبة على
كونهم لم يستثنوا, هذا إنما ذكر لبيان إصرارهم على
جريمتهم, وإلا فالجريمة قصد حرمان الفقراء, نعم.
ولا يقال: فالعقوبة إنما كان على رد الاستثناء وحده
لوجهين, أحدهما: أن العقوبة من جنس العمل, وترك الاستثناء
عقوبته أن يعوق وينسى لا إهلاك ماله بخلاف عقوبة ذنب
الحرمان, فإنها حرمان كالذنب, الثاني: أن الله تعالى أخبر
عنهم أنهم قالوا: {أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ
عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ} [(24) سورة القلم] وذنب العقوبة على
ذلك, فلو لم يكن لهذا الوصف مدخل في العقوبة لم يكن لذكره
فائدة, فإن لم يكن هو العلة التامة كان جزءاً من العلة،
وعلى التقديرين يحصل المقصود, وأيضاً فإن النبي -صلى الله
عليه وسلم- قال: ((الأعمال بالنيات)) والمتوسل بالوسيلة
التي صورتها مباحة إلى المحرم إنما نيته المحرم, ونيته
أولى به من ظاهر عمله.
(104/14)
لكن من فعل مثل هذا الفعل واستثنى, أقسم
بالله قال: والله -إن شاء- أن لا يخرج الزكاة في هذا
العام, يستحق عقوبة وإلا ما يستحق؟ يستحق عقوبة, لكن هذا
الاستثناء ينفعه في مسألة أنه ينفذ ما حل عليه, لكن
العقوبة الحقيقية على ما حلف عليه وهو حرمان المساكين مما
يستحقونه, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وأيضاً فقد روى ابن بطة وغيره بإسناد حسن عن أبي هريرة
-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا
ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى
الحيل)) وإسناده مما يصححه الترمذي, وأيضاً فإن النبي -صلى
الله عليه وسلم- قال: ((لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم
فجملوها وباعوها، وأكلوا أثمانها)) وجملوها يعني أذابوها
وخلطوها, وإنما فعلوا ذلك ليزول عنها اسم الشحم، ويحدث لهم
اسم آخر وهو الودَك, وذلك لا يفيد الحل, فإن التحريم تابع
للحقيقة، وهي لم تتبدل بتبدل الاسم وهذا الربا تحريمه تابع
لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع, كما لم
يزل تحريم الشحم بتبديل الاسم بصورة الجمل والإذابة, وهذا
واضح بحمد الله, وأيضاً فإن اليهود لم ينتفعوا بعين الشحم
إنما انتفعوا بثمنه، فيلزم من وقف مع صور العقود والألفاظ
دون مقاصدها وحقائقها ألا يحرم ذلك؛ لأن الله تعالى لم ينص
على تحريم الثمن، وإنما حرم عليهم نفس الشحم, ولما لعنهم
على استحلالهم الثمن وإن لم ينص على تحريمه دل على أن
الواجب النظر إلى المقصود, وإن اختلفت الوسائل إليه, وأن
ذلك يوجب ألا يقصد الانتفاع بالعين ولا ببدلها, ونظير هذا
يقال: لا تقرب ....
نظائره كثيرة جداً, يعني مجرد التغيير فيما حرم الله -جل
وعلا-, التغيير اليسير ولو أزال الاسم عنه, لا يكفي, يعني
لو قال: إن الله -جل وعلا- حرم أكل مال اليتيم وأنا أشرب
شرب ما آكل أكل, أو أبيعه وانتفع بثمنه, ينفع هذا؟ ما
ينفع, نعم.
ونظير هذا أن يقال: لا تقرب مال اليتيم فتبيعه وتأكل عوضه,
وأن يقال: لا تشرب الخمر فتغير اسمه وتشربه, وأن يقال: لا
تزنِ بهذه المرأة فتعقد عليها عقد إجارة وتقول ....
(104/15)
يعني من باب تلاعب الناس بالألفاظ
وارتكابهم ما حرم الله -جل وعلا- بأدنى حيلة, يعين واحد
يشرب من الشيشة هذه المعروفة عند الناس, فيقال له ... ، قد
حصل يعني من شخص عنده شيء من العلم, لكنه علم لا ينفع
-نسأل الله السلامة والعافية-, فقيل له: ترتكب هذا المحرم؟
قال: شوف أنا لا أعدو أحد أمرين, إن كان حلال فهو يمصه,
وإن كان حرام فهو يحرقه, يعني إيش الكلام الفاضي؟ هذا مثل
الدخان هو يحرق بالنار, لكن وش ... ؟ يعني بمثل هذا يجاب
عن ارتكاب ما حرم الله -جل وعلا-؟! هذا لا شك أنه أعظم من
مجرد الذنب, إي نعم؟
طالب: أحسن الله إليك ... غالب من أجاز التورق اشترط وجود
الحاجة؟
والله هي الأصل أنها ما تباح للحاجة, هذا الأصل, لكنهم
كثيراً منهم يجيزها بدون حاجة, يجعلونها مما أبيح للحاجة
ثم ثبت الحكم, لكن مثل هذا له نظائر بأدلة شرعية, يعني
الرمل في الطواف شرع لأن المشركين قالوا ... , ارتفعت
الحكمة, ما في أحد يقول مثلما قال المشركون, واستمر الحكم,
القصر في السفر شرع من أجل الخوف {إِنْ خِفْتُمْ} [(101)
سورة النساء] ارتفع الخوف، والآن أمن ولله الحمد, فارتفعت
الحكمة، وبقي الحكم, لكن هذا مما يباح بالنصوص, أما ما
يباح بالاجتهاد فيبقى يكون مقدراً بقدر حاجته, وقد جاء
التحذير من أخذ أموال الناس تكثراً, وهذا منها, نعم؟
طالب: أحسن الله إليك. . . . . . . . .
كيف؟ حكمها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن من أخذها من أجل الحاجة لا شك ....
طالب:. . . . . . . . .
بالنسبة لأي؟ التورق وإلا العينة؟
طالب:. . . . . . . . .
إي ما لنا دخل بالعينة, انتهينا من العينة, التورق إذا
كانت للحاجة فالقول بجوازها وجيه جداً, وهو قول جماهير أهل
العلم, لكن إن كان لغير حاجة, والتحايل فيها ظاهر, فمنعها
أيضاً له وجه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جاء المؤذن؟ وإلا أبوه موجود.
طالب:. . . . . . . . .
اللي بيأذن أبوه حضر، اسألوه, الشايب هذا أبو المؤذن عبد
الله, اسأله قل له: بيجيء يؤذن وإلا؟
استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله.
طالب: جاء جاء.
الحمد لله.
استغفر الله، استغفر الله.
رجل: السلام عليكم.
وعليكم السلام ... , الله يحييك.
(104/16)
المؤذن: الله أكبر، الله أكبر.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....
أقول: يوجد عند بعض من ينتسب إلى العلم التساهل في مثل هذه
المسائل، بل منهم من تساهل في الإقدام على الربا الصريح,
ثم بعد ذلك -وهذا من تلبيس الشيطان- يقول: تعرف النسبة
وتخلص منها, أقدم على المحرم, أقدم على حرب الله ورسوله ثم
تخلص منها, وغاب عنه أن التخلص إنما هو من تمام التوبة,
ومن شروط التوبة الإقلاع عن الذنب, والعزم على عدم العود
إليه, وهم يقولون: يستمر, ساهم وأقدم واستمر وتخلص, التخلص
إنما هو من باب تمام التوبة, يعني أن تتم التوبة بالتخلص,
لكن من شرائط التوبة التي يتفق عليها أهل العلم الإقلاع
فوراً عن الذنب, والعزم على عدم العود إليه, وهؤلاء
يقولون: أبداً ساهم واستمر, وهذا له أثره في بناء الأجساد,
جسد الشخص وجسد من يموله من نساء وذراري لا ذنب لهم, وله
أثر في رد الدعوة, ومن يستغني عن الدعاء, دعاء الله -جل
وعلا- في تحصيل مطلوب, أو رفع موجود مما يكره, ويمد يديه
إلى السماء يا رب يا رب أنى يستجاب له! نسأل الله السلامة
والعافية, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
قالوا: ولهذا الأصل وهو تحريم الحيل المتضمنة إباحة ما حرم
الله, أو إسقاط ما أوجبه الله عليه أكثر من مائة دليل, وقد
ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن المحلل والمحلل له.
ابن القيم -رحمه الله- أطال في تقرير هذه المسألة، وتحريم
الحيل، وذكر شيء من الصور التي قال بها بعض المفتونين ممن
يبيح الحيل المحرمة, أطال في تقريرها في إغاثة اللهفان,
وذكر من الحيل شيء لا يخطر على البال, تحايل على محرمات,
حتى أفتى بعضهم من ضاقت بها المسالك ولم تجد مفر من زوجها
الذي لا تريده عجزت عن مفارقته لا بالطلاق ولا بالخلع ولا
بشيء, انسدت في وجهها الأبواب, قال لها: ارتدي, حتى تبيني
منه, هذه حيلة, وأقسم ابن القيم أن الشيطان لا يعرف هذه
الحيلة, حتى أتى هؤلاء فلقنوه إياها, حيل، حيل, بل أفتى
بعض أهل العلم بكفر من أفتى بهذه الحيلة, نسأل الله
السلامة والعافية, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(104/17)
قالوا: ولهذا الأصل وهو تحريم الحيل
المتضمنة إباحة ما حرم الله, أو إسقاط ما أوجبه الله عليه
أكثر من مائة دليل, وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
لعن المحلل والمحلل له، مع أنه أتى بصورة عقد النكاح لما
كان مقصوده التحليل لا حقيقة النكاح, وقد ثبت عن الصحابة
أنهم سموه زانياً.
وقد يصحب هذا العقد المستوفي للشروط يصحبه نية إصلاح, لكن
لا تكفي, لا تكفي نية الإصلاح, وإن قال بعض أهل العلم: إن
المحلل مأجور لأنه مصلح بين زوجين، وينوي بذلك التوفيق
بينهما, لكنه -نسأل الله السلامة والعافية- ثبت اللعن في
حقه ولو نوى الإصلاح، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(104/18)
مع أنه أتى بصورة عقد النكاح الصحيح لما
كان مقصوده التحليل لا حقيقة النكاح، وقد ثبت عن الصحابة
أنهم سموه زانياً، ولم ينظروا إلى صورة العقد, الدليل
الثاني على تحريم العينة, ما رواه أحمد في مسنده: حدثنا
أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول: ((إذا ظن الناس بالدينار والدرهم
وتبايعوا بالعينة, واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في
سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا
دينهم)) ورواه أبو داود بإسناد صحيح إلى حيوة بن شريح
المصري عن إسحاق أبي عبد الرحمن الخرساني أن عطاء الخرساني
حدثه أن نافعاً حدثه عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول فذكره, وهذان إسنادان حسنان يشد
أحدهما الآخر, فأما رجال الأول فأئمة مشاهير، وإنما يخاف
أن لا يكون الأعمش سمعه من عطاء, أو أن عطاء لم يسمعه من
ابن عمر, والإسناد الثاني يبيّن للحديث أصلاً محفوظاً عن
ابن عمر, فإن عطاء الخرساني ثقة مشهور، وحيوة كذلك, وأما
إسحاق أبو عبد الرحمن فشيخ روى عنه أئمة المصريين مثل حيوة
والليث ويحيى بن أيوب وغيرهم، وله طريق ثالث رواه السري بن
سهل حدثنا عبد الله بن رشيد قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد
عن ليث عن عطاء عن ابن عمر قال: لقد أتى علينا زمان وما
منا رجل يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم, ولقد
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا ظن
الناس)) ....
لقد أتى علينا زمان -يقول ابن عمر- وما منا من أحد يرى أنه
أحق بديناره ودرهمه من أخيه, الله المستعان نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
ولقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا ظن
الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتركوا الجهاد،
واتبعوا أذناب البقر أدخل الله عليهم ذلاً لا ينزعه حتى
يتوبوا ويرجعوا إلى دينهم)) وهذا يبيّن أن للحديث أصلاً،
وأنه محفوظ.
الدليل الثالث: ما تقدم من حديث أنس أنه سئل عن العينة
فقال: إن الله لا يخدع، هذا مما حرم الله ورسوله، وقد تقدم
أن هذا اللفظ في حكم المرفوع.
(104/19)
الدليل الرابع: ما تقدم من حديث ابن عباس
وقوله: هذا مما حرم الله ورسوله.
الدليل الخامس: ما رواه الإمام أحمد قال: حدثنا محمد بن
جعفر قال: حدثنا سعيد عن أبي إسحاق عن العالية.
طالب: أحسن الله إليك, العالية أو ...
إيه امرأة.
طالب: أحسن الله إليك.
ورواه حرب من حديث إسرائيل حدثني أبو إسحاق عن جِدته
العالية.
جدته.
طالب: أحسن الله إليك.
جَدَته.
طالب: أحسن الله إليك.
عن جدته العالية يعني جدة إسرائيل، فإنها امرأة أبي إسحاق،
قالت: دخلت على عائشة في نسوة، فقالت: ما حاجتكن؟ فكان أول
من سألها أم محبة, فقالت: يا أم المؤمنين هل تعرفين زيد بن
أرقم؟ قالت: نعم, قالت: فإني بعته جارية لي بثمانمائة درهم
إلى العطاء, وإنه أراد أن يبيعها فابتعتها بستمائة درهم
نقداً فأقبلت عليها وهي غضبى، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما
اشتريت، ابلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- إلا أن يتوب, وأفحمت صاحبتنا فلم تتكلم
طويلاً, ثم إنه سئل عنها فقالت: يا أم المؤمنين أرأيت إن
لم آخذ إلا رأس مالي فتلت عليها {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ
مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} [(275) سورة
البقرة] فلولا أن عند أم المؤمنين علماً لا تستريب فيه أن
هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا بالاجتهاد, ولا سيما إن
كانت قد قصدت أن العمل يحبط بالردة, وأن استحلال الربا
أكفر وهذا منه، ولكن زيداً معذور ....
كفر، كفر, استحلال الربا كفر.
طالب: أحسن الله إليك.
وأن الربا كفر وهذا منه، ولكن زيداً معذور؛ لأنه لم يعلم
أن هذا محرم، ولهذا قالت: أبلغيه, ويحتمل أن تكون قد قصدت
أن هذا من الكبائر التي يقاوم إثمها ثواب الجهاد, فيصير
بمنزلة من عمل حسنة وسيئة بقدرها, فكأنه لم يعمل شيئاً.
المقاصة يعني المقاصة, ليس من باب الإحباط وإنما من باب
المقاصة.
طالب: أحسن الله إليك.
(104/20)
وعلى التقديرين لجزم أم المؤمنين بهذا دليل
على أنه لا يسوغ فيه الاجتهاد, ولو كانت هذه من مسائل
الاجتهاد والنزاع بين الصحابة لم تطلق عائشة -رضي الله
تعالى عنها- ذلك على زيد -رضي الله تعالى عنه-, فإن
الحسنات لا تبطل بمسائل الاجتهاد, ولا يقال: فزيد من
الصحابة وقد خالفها؛ لأن زيد لم يقل: هذا حلال بل فعله
وفعل المجتهد لا يدل على قوله على الصحيح, لاحتمال سهو أو
غفلة أو تأويل أو رجوع ونحوه, وكثيراً ما يفعل الرجل الشيء
ولا يعلم مفسدته، فإذا نبه له انتبه، ولا سيما أم ولده،
فإنها دخلت على عائشة تستفتها وطلبت الرجوع إلى رأس مالها،
وهذا يدل على الرجوع عن ذلك العقد، ولم ينقل عن زيد أنه
أصر على ذلك, وإن قيل: لا نسلم ثبوت الحديث فإن أم ولد زيد
مجهولة, قلنا: أم ولده لم ترو الحديث, وإنما كانت هي
صاحبته القصة, وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي,
وهي من التابعيات وقد دخلت على عائشة، وروى عنها أبو
إسحاق، وهو أعلم بها، وفي الحديث قصة وسياق يدل على أنه
محفوظ, وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها, بل يغلب
على الظن غلبة قوية صدقها فيها وحفظها لها, ولهذا رواها
عنها زوجها ميمون، ولم ينهها، ولا سيما عند من يقول: رواية
العدل عن غيره تعديل له, والكذب لم يكن فاشياً في التابعين
فشوه فيمن بعدهم, وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما
يخبرهن به أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, ويحتج
به, فهذه أربعة أحاديث تبيّن أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- حرم العينة, حديث ابن عمر الذي فيه تغليظ العينة,
وحديث أنس وابن عباس أنهما مما حرم الله ورسوله, وحديث
عائشة هذا، والمرسل منها له ما يوافقها، وقد عمل به بعض
الصحابة والسلف، وهذا حجة باتفاق الفقهاء.
المرسل إذا شهد له العمل من قبل أهل العلم، إذا أفتى
بمقتضاه أحد من أهل العلم المعتبرين لا سيما إذا كان من
الصحابة, وأفتى به عوام أهل العلم كما يقول الشافعي يدل
على أن له أصلاً, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(104/21)
الدليل السادس: ما رواه أبو داود من حديث
أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو
الربا)) وللعلماء في تفسيره قولان.
أوكسهما: يعني أقلهما, فهذا الذي باع بمائة وعشرين واشترى
بمائة ليس له إلا الثمن الأقل الذي هو المائة, وإن أخذ
المائة والعشرين فقد أربى، دخل في الربا, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
أحدهما أن يقول: بعتك بعشرة نقداً وعشرين نسيئة, وهذا هو
الذي رواه أحمد عن سماك, وفسره في حديث ابن مسعود، قال:
نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صفقتين في صفقة,
قال سماك: الرجل يبيع البيع فيقول: هو علي نسئ بكذا وبنقد
بكذا, وهذا التفسير ضعيف، فإنه لا يدخل الربا في هذه
الصورة, ولا صفقتين هنا, وإنما هي صفقة واحدة بأحد
الثمنين, والتفسير الثاني أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة
على أن أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا معنى الحديث الذي
لا معنى له غيره, وهو مطابق لقوله: ((فله أوكسهما أو
الربا)) فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي.
لا يمنع أن يكون للحديث صور متعددة تندرج تحته, والصورة
الأولى يبيعه بعشرة حالة أو بعشرين, ويفترقان على ذلك مع
لزوم العقد بأحد الثمنين غير معين، فهذا لا يجوز بلا شك؛
لأن العشرة في مقابل العشرين تكون عينة حينئذٍ وهو عين
الربا, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وهو مطابق لقوله: ((فله أوكسهما أو الربا)) فإنه إما أن
يأخذ الثمن الزائد فيربي، أو الثمن الأول فيكون هو
أوكسهما، أو مطابق لصفقتين في صفقة, فإنه قد جمع صفقتين
النقد والنسيئة, في صفقة واحدة ومبيع واحد، وهو قد قصد بيع
دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها, ولا يستحق إلا رأس
ماله, وهو أوكس الصفقتين، فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ
الربا, فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه -صلى الله عليه
وسلم- وانطباقه عليها, ومما يشهد لهذا التفسير ما رواه
الإمام أحمد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى
الله عليه وسلم- أنه نهى عن بيعتين في بيعة, وعن سلف وبيع،
فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كل منهما يؤول إلى
الربا؛ لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا, ومما يدل
على تحريم العينة حديث ابن مسعود يرفعه ....
وين؟ وين الباقي؟
طالب: أحسن الله إليك ... باقي ثلاث ورق.
لا قف على هذا.
أحسن الله إليك.
اللهم صل على محمد ....
(104/22)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (2)
تابع باب: العينة وما يشبهها
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لكي يرتبط الكلام الدليل السادس.
طالب: أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
الدليل السادس: ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة -رضي
الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع
بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)) وللعلماء في تفسيره
قولان, أحدهما أن يقول: بعتك بعشرة نقداً وعشرين نسيئة,
وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك، ففسره في حديث ابن مسعود
قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ....
ويفترقان مع ذلك قبل أن يحسم البيع, لكن خيره قال: خذه
بعشرة نقداً أو بعشرين نسيئة خيره فاختار أحدهما, ما فيه
إشكال, تفرقا قبل حسم السعر الثمن صارت العشرة في مقابل
العشرين فهو الربا, فلا يجوز له أن يأخذ الزيادة على
العشرة, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود
قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صفقتين في
صفقة.
قال سماك: الرجل يبيع البيع فيقول: هو علي نسئ بكذا وبنقد
بكذا, وهذا التفسير ضعيف فإنه لا يدخل الربا في هذه
الصورة.
يدخل إذا تفرقا من غير حسم؛ لأن العشرة تكون في مقابل
العشرين, العشرة إذا كانت في مقابل العشرين دخل الربا, أما
إذا حسم العقد قبل التفرق لا يدخل الربا, نعم.
(105/1)
ولا صفقتين هنا، وإنما هي صفقة واحدة بأحد
الثمنين, التفسير الثاني أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة,
على أن أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا معنى الحديث الذي
لا معنى له غيره، وهو مطابق لقوله: ((فله أوكسهما أو
الربا)) فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي، أو الثمن
الأول فيكون هو أوكسهما، وهو مطابق لصفقتين في صفقة, فإنه
قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد،
وهو قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها, ولا
يستحق إلا رأس ماله، وهو أوكس الصفقتين, فإن أبى إلا
الأكثر كان قد أخذ الربا فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه
-صلى الله عليه وسلم- وانطباقه عليها, ومما يشهد لهذا
التفسير ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن بيعتين في بيعة,
وعن سلف وبيع، فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كل
منهما يؤول إلى الربا؛ لأنهما في الظاهر بيع، وفي الحقيقة
ربا, ومما يدل على تحريم العينة حديث ابن مسعود يرفعه:
((لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والمحل
والمحلل له)) ومعلوم أن الشاهدين والكاتب إنما يكتب ويشهد
على عقد صورته جائزة الكتابة والشهادة لا يشهد بمجرد الربا
ولا يكتب, ولهذا قرنه بالمحلِل والمحلَل له حيث أظهرا صورة
النكاح ولا نكاح، كما أظهر الكاتب والشاهدان صورة البيع
ولا بيع, وتأمل كيف لعن في الحديث الشاهدين والكاتب والآكل
والموكل, فلعن المعقود له والمعين له على ذلك العقد، ولعن
المحلِل والمحلَل له, فالمحلل له هو الذي يقعد التحليل
لأجله، والمحلل هو المعيّن ...
هو المُعين.
طالب: أحسن الله إليك.
هو المعين له بإظهار صورة العقد, كما أن المرابي هو المعان
على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به،
فصلوات الله على من أوتي جوامع الكلم.
(105/2)
الدليل السابع: ما صح عن ابن عباس -رضي
الله عنهما- أنه قال: إذا استقمت بنقد فبعت بنقد فلا بأس,
وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا خير فيه, تلك ورق بورق،
رواه سعيد وغيره, ومعنى كلامه أنك إذا قومت السلعة بنقد ثم
بعتها بنسيئة كان مقصود المشتري شراء دراهم معجلة بدراهم
مؤجلة, وإذا قومتها بنقد ثم بعتها به فلا بأس، فإن ذلك بيع
المقصود منه السلعة لا الربا.
الدليل الثامن: ما رواه ابن بطة عن الأوزاعي قال: قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يأتي على الناس زمان يستحلون
الربا بالبيع)) يعني العينة, وهذا وإن كان مرسلاً فهو صالح
للاعتضاد به، لا سيما وقد تقدم من المرفوع ما يؤكده، ويشهد
له أيضاً قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليشربن ناس من أمتي
الخمر يسمونها بغير اسمها)) وقوله أيضاً فيما رواه إبراهيم
الحربي من حديث أبي ثعلبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((أول دينكم نبوة ورحمة، ثم خلافة ورحمة، ثم ملك
ورحمة، ثم ملك وجبرية، ثم ملك عضوض، يستحل فيه الحر
والحرير)) والحر بكسر الحاء وتخفيف الراء هو الفرج, فهذا
إخبار عن استحلال المحارم، ولكنه بتغيير أسمائها وإظهارها
في صور تجعل وسيلة إلى استباحتها, وهي الربا والخمر والزنا
فيسمى كل منها بغير اسمها، ويستباح الاسم الذي سمي به, وقد
وقعت الثلاثة, وفي قول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: بئس
ما شريت وبئس ما اشتريت دليل على بطلان العقدين معاً, وهذا
هو الصحيح من المذهب؛ لأن الثاني عقد ربا، والأول وسيلة
إليه, وفي قول آخر في المذهب أن العقد الأول صحيح؛ لأنه تم
بأركانه وشروطه، فطريان الثاني عليه لا يبطله, وهذا ضعيف
فإنه لم يكن مقصوداً لذاته وإنما جعله وسيلة إلى الربا.
إذا كانت النية مبيتة عند العقد الأول فهو باطل, إذا كانت
نية بيع العينة عند العقد الأول فهو باطل, لكن إن طرأت بعد
تمامه فلا أثر لها على العقد الأول, إذا اشترى من صاحب
السلعة سلعته بأجل بثمن مرتفع على أن يشتريه منه فالعقدان
كلاهما باطل, لكن إن اشترى ثم بعد ذلك طرأ له أن يبيع عليه
العقد الأول صحيح، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(105/3)
فهو طريق إلى المحرم فكيف يحكم بصحته؟ وهذا
القول لا يليق بقواعد المذهب, فإن قيل: فما تقولون فيمن
باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة؟ قلنا: قد نص
أحمد -رحمه الله- في رواية حرب على أنه لا يجوز إلا أن
تتغير السلعة؛ لأن هذا يتخذ وسيلة إلى الربا.
يعني عكس مسألة العينة، يبيع السلعة بثمن نقد, ثم يشتريها
من الذي اشتراها منه بثمن أكثر, عكس مسألة العينة, والقصد
من ذلك كله التحايل.
طالب: أحسن الله إليك.
فهو كمسألة العينة سواء، وهي عكسها ....
إلا أن منعها بالإلحاق لا بالنص, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وهي عكسها صورة، وفي الصورتين قد ترتب في ذمته دراهم مؤجلة
بأقل منها نقداً، لكن في إحدى الصورتين البائع هو الذي
اشتغلت ذمته, وفي الصور الأخرى المشتري هو الذي اشتغلت
ذمته, فلا فرق بينهما, وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن تجوز
الصورة الثانية إذا لم يكن ذلك حيلة ولا مواطأة بل وقع
اتفاقاً, وفرق بينهما وبين الصورة الأولى بفرقين.
فهو وقع اتفاقاً يعني من غير تبييت ومن غير قصد من
الطرفين؛ لأن هذه اللفظة ملبسة, بعض الناس يفهم هذه الكلمة
على أنه اتفاق بين الطرفين, وليس المقصود إنما وقعت عفواً
صدفة من غير اتفاق، ومن غير مواطأة, يعني اتفق وقوعها لا
أنه اتفق عليها, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وفرق بينهما وبين الصورة الأولى بفرقين أحدهما أن النص ورد
فيها.
يعني في الأولى لا في الثانية, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
فيبقى ما عداها على أصل الجواز، والثاني: أن التوسل إلى
الربا بتلك الصورة أكثر من التوسل بهذه, والفرقان ضعيفان,
أما الأول: فليس في النص ما يدل على اختصاص العينة بالصورة
الأولى حتى تتقيد به نصوص مطلقة على تحريم العينة, والعينة
فعلة من العين النقد، قال ....
عينة فعيلة.
طالب: أحسن الله إليك، مكتوب فعلة ...
وزنها؟ زنتها؟ كم حروفها؟
طالب: رباعية.
لا, على ما ذكرت لك صحح.
طالب: أحسن الله إليك.
قال الشاعر:
أندان أم نعتان أم ينبري لنا فتى ... مثل نصل السيف ميزت
مضاربه
(105/4)
قال الجوزجاني: أنا أظن أن العينة إنما
اشتقت من حاجة الرجل إلى العين من الذهب والورق, فيشتري
السلعة ويبيعها بالعين الذي احتاج إليها وليست به إلى
السلعة حاجة, وأما الفرق الثاني فكذلك ...
يعني هل الصورة الثانية يشملها عموم الحديث وهي صورة من
صوره، أو أنه صورة واحدة؟ العينة صورة واحدة وما يشاركها
في العلة يكون منعه بالإلحاق؟ يعني هل ورد تفسير العلة
مرفوع بالصورة الأولى؟ ما هو مرفوع, ولذا الإمام مالك أدخل
في العينة ما ليس منها, عند جمهور أهل العلم, لكن كل ما
يتصور فيه التحايل على الربا، وترجع فيه عين السلعة إلى
صاحبها تكون عينة.
طالب: أحسن الله إليك.
وأما الفرق الثاني فكذلك ....
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا, لا يلحق بها، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
وأما الفرق الثاني فكذلك؛ لأن المعتبر في هذا الباب هو
الذريعة، ولو اعتبر فيه الفرق من الاتفاق القصد لزم طرد
ذلك في الصورة الأولى، وأنتم لا تعتبرونه.
وإن قيل: فما تقولون إذا لم تعد السلعة إليه، بل رجعت إلى
ثالث، هل تسمون ذلك عينة؟ قيل: هذه ....
هذه مسألة التورق المعروفة عند أهل العلم، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
قيل: هذه مسألة التورق؛ لأن المقصود منها الورق, وقد نص
....
ابن القيم يجيزها، وشيخ الإسلام يمنعها, ويقول: إنه راجع
شيخه مراراً فلم يرجع عن رأيه، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
لأن المقصود منها الورق، وقد نص أحمد -رحمه الله تعالى- في
رواية أبي داود على أنها من العينة, وأطلق عليها اسمها,
وقد اختلف السلف في كراهيتها, فكان عمر بن عبد العزيز
-رحمه الله تعالى- يكرهها، وكان يقول: التورق آخية الربا
ورخص ....
يعني أصله ومداره, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(105/5)
ورخص فيها إياس بن معاوية وعن أحمد فيها
روايتان منصوصتان، وعلل الكراهة في إحداهما بأنه بيع مضطر,
وقد روى أبو داود عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- نهى عن المضطر, وفي المسند عن علي
قال: سيأتي على الناس زمان يعظ المؤمن على ما في يده ولم
يؤمر بذلك, قال تعالى: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ
بَيْنَكُمْ} [(237) سورة البقرة] ويبايع المضطرون, وقد نهى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع المضطر, وذكر
الحديث، فأحمد -رحمه الله تعالى- أشار إلى أن العينة إنما
تقع من رجل مضطر إلى نقد؛ لأن الموسر يظن عليه بالقرض
فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة، ثم يبيعها، فإن اشتراها منه
بائعها كانت عينة, وإن باعها من غيره فهي التورق, ومقصوده
في الموضعين في الثمن فقد حصل في ذمته ثمن مؤجل مقابل لثمن
حال أنقص منه, ولا معنى للربا إلا هذا, لكنه رباً بسلم لم
يحصل له مقصوده إلا بمشقة ولو لم يقصده كان رباً بسهولة,
وللعينة صورة رابعة وهي أخت صورها, وهي أن يكون عند الرجل
المتاع فلا يبيعه إلا نسيئة، ونص أحمد على كراهية ذلك,
فقال: العينة أن يكن عنده المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة،
فإن باع بنسيئة ونقد فلا بأس, وقال أيضاً: أكره للرجل أن
لا يكون له تجارة غير العينة فلا يبيع بنقد، قال ابن عقيل:
إنما كره ذلك ...
إنما قصده الزيادة في الثمن, ولو لم ترجع إليه سلعته، ولو
باعه من محتاج إليه, لكن يقول: أنا لا أبيع بالنقد؛ لأن
النقد ما فيه ربح, ربح واحد بالمائة اثنين بالمائة ما
تكفي, لكن إذا باعه بنسيئة كسب عشرة عشرين بالمائة, وليس
بحاجة إلى الأموال عنده أموال, فهذه من صور العينة عند
الإمام أحمد, وهو يكرهها, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
طالب:. . . . . . . . .
يطلق الكراهة يريد بها كراهة التحريم، لكن في مثل هذا ما
يمكن يحمل على التحريم, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
(105/6)
قال ابن عقيل: إنما كره ذلك لمضارعته
الربا, فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالباً, وعلله
شيخنا ابن تيمية -رضي الله عنه- بأنه يدخل في بيع المضطر,
فإن غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه,
فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة كان ربحه على أهل
الضرورة والحاجة, وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجراً من
التجار, وللعينة صورة خامسة، وهي أقبح صورها، وأشدها
تحريماً، وهي: أن المترابيين يتواطئان على الربا، ثم
يعمدان إلى رجل عنده متاع فيشتريه منه المحتاج ثم يبيعه
للمربي بثمن حال, ويقبضه منه ثم يبيعه إياه للمربي بثمن
مؤجل، وهو ما اتفقا عليه, ثم يعيد المتاع إلى ربه، ويعطيه
شيئاً، وهذه تسمى الثلاثية؛ لأنها بين ثلاثة, وإذا كانت
السلعة بينهما خاصة فهي الثنائية, وفي الثلاثية قد أدخلا
بينهما محللاً يزعما أنه يحلل لهما ما حرم الله من الربا,
وهو كمحلل النكاح، فهذا محلل الربا، وذلك محلل الفروج,
والله تعالى لا تخفى عليه خافية, بل يعلم خائنة الأعين،
وما تخفي الصدور.
انتهى؟
طالب: إي انتهى يا شيخ.
الصورة الأخيرة الثلاثية, نعم, تعيدها؟ التحايل بجميع صوره
وأشكاله منتشر يعني مما وجد سابقاً، ومما لم يوجد؛ لأن
معاملات المسلمين في السابق إنما كانت بينهم, ولم يطلعوا
على معاملات الكفار, الآن صار العالم كما يقولون: قرية
واحدة, تعقد الصفقة مع يهودي مع نصراني مع ... , وتأثر
التجار بما عند الأعداء، وكل يوم يسأل عن صورة من صور
المعاملة جديدة ما سمع بها ألبتة, والله المستعان.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: العينة وما يشبهها
(105/7)
الأحاديث التي أوردها تحت الترجمة كما
أشرنا سابقاً ليس فيها ما يدل على العينة المصطلح عليها,
إلا إذا كان الإمام مالك يتوسع في مفهومها فيدخل فيها بيع
الطعام قبل قبضه, وإلا نقول: لعله ترجم بهذه الترجمة وجاء
بما يشبهها ولم يأت بها؛ لأن الخبر الوارد فيها قد لا يثبت
عنده, الخبر الوارد في العينة قد لا يثبت عند الإمام مالك,
فجاء بما يشبهها, وبيّض للعينة، ولم يتيسر له ما يناسب
الشق الأول من الترجمة.
(105/8)
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن
نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((من ابتاع)) " يعني اشترى ((طعاماً)) وهو ما
يطعم, وهو نكرة في سياق الشرط فيعم الطعام الربوي وغير
الربوي, فيكون شامل لجميع ما يطعم ربوياً كان أو غير ربوي,
((من ابتاع طعاماً فلا يبعه)) يبع مجزوم بلا الناهية, في
رواية ((فلا يبيعه)) بناء على أن (لا) نافية وليست ناهية,
وهي أبلغ من الناهية في مثل هذا ((حتى يستوفيه)) يعني حتى
يقبضه، فإما أن يكون إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة لأن
بيع الطعام قبل قبضه داخل في مسمى العينة عند الإمام مالك،
أو يكون تحت الشق الثاني من الترجمة, وهو ما يشبه العينة,
وهذا الحديث متفق عليه مخرج عند الإمام البخاري من طريق
عبد الله بن يوسف التنيسي وعبد الله بن مسلمة القعنبي عن
مالك عن نافع عن ابن عمر, ((فلا يبعه حتى يستوفيه)) يعني
يقبضه والحديث الثاني أيضاً عن مالك عن عبد الله بن دينار
العدوي مولى ابن عمر, والأول نافع مولى ابن عمر "عن عبد
الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من
ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه)) " والقبض والاستيفاء
بمعنىً واحد, والمراد منهما تمام الملك واستقراره، وقطع
دابر التحايل, يعني ما الفائدة من القبض؟ أولاً: الاطمئنان
على سلامة السلعة تميزها من غيرها, ولتمام الملك واستقراره
بالنسبة للمشتري, وأيضاً ليستفيد غيرهما من كيال وحمال
وغير ذلك, فليستفيد الناس كلهم من هذا, المقصود أن القبض
لا بد منه, ويكون بالاستيفاء بالكيل, ويحوزه أيضاً إلى
رحله كما جاء في الحديث الصحيح, ولذا أردفه بالحديث الذي
يليه قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه
قال: كنا في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبتاع
الطعام" يعني نشتري الطعام "فيبعث" يعني النبي -صلى الله
عليه وسلم- "علينا من يأمرنا بانتقاله" أي نقل الطعام,
يعني "حتى نحوزه إلى رحالنا" وقد جاء النص بهذا اللفظ:
"حتى يحوزها التجار إلى رحالهم"، "من المكان الذي ابتعناه
فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه" فلا يباع الطعام في مكانه
الذي أشتري فيه حتى يحاز إلى مكان آخر, وهل هذا خاص
(105/9)
بالطعام؟ كما يدل عليه مفهوم هذه الأحاديث
المذكورة, إذ لو كان غيره في حكمه لما كان للتنصيص عليه
فائدة, في الأول يقول: من ابتاع طعاماً, وفي الثاني من
ابتاع طعاماً, كنا نبتاع الطعام, فهل هذا خاص بالطعام أو
عام في جميع السلع؟ التنصيص على الطعام, لا شك أنه
للاهتمام به, وهو فرد من أفراد ما يباع, فرد من أفراد
السلع, وجاء عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن جميع
السلع في حكم الطعام, قال: وما يخال بقية السلع إلا كذلك,
يعني كالطعام, فمن أهل العلم من يقول: بأنه خاص بالطعام,
وأما بقية ما يباع من السلع فلا تحتاج إلى حيازة, تباع وهي
في مكانها, ويستدل لهذا بالتنصيص على الطعام في جميع هذه
النصوص, إذ لو كان غيره في حكمه لما كان للتنصيص عليه
فائدة, وهذا رأي الإمام مالك -رحمه الله- أن الحيازة خاصة
والاستيفاء خاص بالطعام, وغيره يرى أن كل السلع في حكم
الطعام إذ لا فرق؛ لقول ابن عباس: "وأحسب كل شيء مثله"
الإمام مالك يفرق بين الطعام المباع جزافاً وبين الطعام
المبيع كيلاً, فيجيز بيع الطعام جزافاً من غير حيازة ولا
قبض, كسائر السلع عنده, وأما بالنسبة للمكيل والموزون فلا,
وقالوا: لأن المراد الاستيفاء، ولا يكون الاستيفاء ولا يتم
إلا بالكيل أو الوزن, كما في سورة المطففين، في سورة
المطففين يقول: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى
النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [(2) سورة المطففين] يعني بالكيل
{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [(3)
سورة المطففين] فالاستيفاء إنما يكون بالكيل والوزن, الآن
في الأسواق يؤتى بالطعام من تمر وغيره, ويحرج عليه في
السيارة فيشتريه زيد من الناس، ثم بعد ذلك يبيعه في
سيارته، إن كان بيعه جملة فجملة وإلا بالتفريد يبيعه, وإن
ضايقه صاحب السيارة واستعجل عليه نزله في مكانه, في محل
السيارة, وهذا لا يكفي, لا بد من حيازته ونقله عن مكانه,
لا بد من نقله عن مكانه, السيارات تباع وهي في المعارض,
ويقولون: يكفي في قبضها استلام المفتاح، والتأكد من
الأوراق، وتطبيق الأرقام من غير أن يحركها عن مكانها، فهذا
على رأي مالك سائغ؛ لأنها ليست بطعام, لكن على رأي من يرى
أنه لا بد من الحيازة في كل
(105/10)
شيء, لا بد أن يخرجها من المعرض.
وأما مسألة تحويل الاسم من شخص إلى شخص بالاستمارة, هذا لا
شك أنه قدر زائد على العقد الشرعي الذي يتم بالإيجاب
والقبول؛ لأنه من زيادة التوثقة أن يقلب الاسم من فلان إلى
فلان, لا شك أنه من زيادة توثقة, وإلا فالأصل في العقود
أنها تتم بالإيجاب والقبول, لكن إن حصل زيادة توثقة من
إفراغ للأرض أو تعديل للاسم قلب من فلان إلى فلان، أو
كتابة عقد زواج مثلاً, كل هذا ليس بلازم في الأصل, الأصل
في العقود الإيجاب والقبول, لكن هذه الأمور يُحتاج إليها
عند النزاع والتخاصم, كما أن الكتابة أصلاً ليست بواجبة,
ولو كان العقدين {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ
مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] على سبيل
الإرشاد عند عامة أهل العلم استحباب, لكن متى يحتاج إلى
مثل هذا؟ عند التخاصم, وقل مثل هذا في جميع الأمور التي
يزاولها الناس من عقود, يعني لو طلق زوجته, وما كتب هذه
الطلقة, أو راجعها ولا أشهد, إن لم يحصل تخاصم، تم الكلام
اللفظي وانتهى ويدين, لكن إن حصل تخاصم لا بد من البينات
على هذه الدعاوى.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن حكيم بن حزام" حكيم بن
حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى المتوفى سنة اثنتين
وخمسين "ابتاع طعاماً -يعني اشترى طعاماً- أمر به عمر بن
الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه -يقبضه-
بلغ ذلك عمر بن الخطاب فرده, وقال: لا تبع طعاماً ابتعته
حتى تستوفيه" يعني يأتي الطعام إلى ولي الأمر ثم يوزعه على
الناس, إما أن يوزعه بعينه إن أمكن, وإلا يكتب صكوك فلان
له عشرة آصع, وفلان له مائة صاع، وفلان له مائتا صاع,
وفلان كذا كما سيأتي في الأثر الذي بعده, فمثل هذا لا يجوز
بيعه حتى يقبضه, لا يجوز أن يبيعه المشتري حتى يقبضه
ويستوفيه, لكن الذي وهب له هل يلزم قبضه ولا ما يلزم؟ لأن
عندنا موهوب هذا الموهوب باع والذي اشتراه عمر بن عبد
العزيز أمر لفلان بطعام اشتراه منه حكيم بن حزام باعه حكيم
قبل أن يستوفيه, الآن الموهوب يحتاج إلى قبض؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(105/11)
يحتاج وإلا ما يحتاج؟ القبض من أجل إيش؟
تمام الملك، وأيضاً التأكد من الاستيفاء الكامل, من تمام
القدر الذي انتقل من فلان إلى فلان, يعني تعرفون أنتم في
حال البيع والشراء لا بد أن تبرأ الذمة والعهدة, لكن إذا
كنت متبرع أمرت لفلان بتسعة آصع, فكالهن صارت ثمانية
مثلاً, أو أمرت له بعشرة وصارين تسعة يبي يجيء ويردهن عليك
ويقول: لا, ناقصات, ظاهر الفرق وإلا مو بظاهر؟ ولذلك
يتسامحون في الموهوب والموروث وما دخل بغير عقد، عقد تدخله
المشاحة, يعني لو أن فلان وهب فلان سلعة ثم تبين فيها عيب
جاء يردها عليه، قال: والله ما أقبل هذه السلعة فيها عيب,
إذاً الموهوب لا يحتاج إلى قبض, ولذلك أمر به عمر ... ،
يقول: "إن حكيم بن حزام ابتاع طعاماً أمر به عمر بن الخطاب
للناس، فباع حكيم الحزام قبل أن يستوفيه -يقبضه- فبلغ ذلك
عمر بن الخطاب فرده عليه، وقال: لا تبع طعاماً ابتعته"
فهناك من ابتاع طعاماً والثاني: من ابتاع طعاماً، والثالث:
نبتاع الطعام, لكن من عقود إرفاق، يعني هبة، إرث، عطية،
وما أشبه ذلك كله غير مبنية على المشاحة, فهذا وجه ويدل
عليه الخبر "فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فرده عليه، وقال: لا
تبع طعاماً ابتعته حتى تستوفيه" طيب ما فائدة هذا الخبر مع
أنه موجود أحاديث مرفوعة في الباب صريحة؟ ما فائدة ذكر هذا
الموقوف بعد المرفوعات؟ فرده عليه؟
طالب:. . . . . . . . .
وعدم النسخ أيضاً؛ لأنه استمر العمل به بعد النبي -صلى
الله عليه وسلم-، فدل على أن الحكم محكم وليس بمنسوخ, كونه
رده عليه هو الأصل؛ لأن النهي عنه ... , ننظر إلى النهي
فلا يبعه, يعود إلى ذات العقد أو إلى أمر خارج؟ نعم فيكون
فاسداً.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه" الحديث وصله مسلم من طريق
الضحاك بن عثمان بن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان
بن يسار عن أبي هريرة.
طالب:. . . . . . . . .
(105/12)
نعم, إيه, لا تثبت إلا بالقبض الشعير، هو
ما هو بالموهوب حكيم, حكيم اشترى من الموهوب, متى يحتاج
إلى ما تقول؟ متى يحتاج إليه؟ إذا مات الواهب مثلاً قبل
قبض الموهوب، لكن إذا تصرف به الموهوب وقبضه المشتري منه
فهو في حكم قبضه, تثبت الهبة بمثل هذا, أدركت الفرق؟ شوف
الآن عندنا زيد وهب عمرو طعام أو أي سلعة فمات قبل قبضها,
وهي عند الواهب, فالآن ما تم القبض فلا تثبت الهبة, هذا
الموهوب تصرف بها وأناب من اشتراها عنه بأن يقبضها, وقبضها
الذي اشتراها منه، والواهب حي يرزق, تختلف الصورة ترى, هم
يقررون أن الهبة لا تثبت إلا بالقبض في حالات, فيما إذا
رجع الواهب قبل القبض أو مات، لكن إذا كان حي ويرى هذا
يتصرف ولا قال شيء, خلاص انتهى, أقره على البيع.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيه.
على كل حال الموهوب لا يشترط فيه الاستيفاء الذي يشترط في
المبيع, البيع العقود مبنية على مشاحة, لماذا؟ لا بد أن
يستوفي؛ لئلا يبيعه عشرة آصع ثم تبين تسعة فيما بعد, لو
بانت تسعة حصلت الخصومة, لكن لو واحد وهبه عشرة فبانت تسعة
بيقول: وين العاشر؟! هو إذا باعه لا بد من الاستيفاء,
استيفاء المشتري؛ لأن المشتري بيخاصم، أما الموهوب لن
يخاصم, على كل حال ما لا يمكن حيازته يكون بالتخلية.
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا ينتهي إلى ألا قبض, إذا قال: نبي العرف دخلت
التجارة العالمية, وصارت المسألة مسألة اعتبارية، ومسألة
... ، ما فيها شيء لأهل العلم, ما ينفع يا أخي, ما ينتهي
العرف, العرف ما ينتهي، عرف من؟ الآن الأمة دُخلت, أعراف
من؟ شيخ الإسلام الأمة محفوظة في وقته, عرف المسلمين, لكن
الآن اختلط عرف الكفار بعرف المسلمين بعرف المجرمين بعرف
... ، الله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
(105/13)
إي حتى يحوزها, ينكر عليه إيه, النصوص
ظاهرة في هذا "حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" التساهل ما
ينتج فائدة أبداً, التساهل يطلب تساهل آخر وهكذا, لكن لو
أن المادة حسمت انتهى الإشكال, تواطأ الناس عليها,
ويقولون: إيش معنى نقل؟ نقل الطعام بالدراهم ويخسرون ويخسر
البائع والمشتري على أي أساس؟ نقول: يخسر, مثل ما يطلب
الربح يخسر, ومثل ما يربح هو يربح غيره, حمال وكيال خل
الأمة كلها تستفيد, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله اللي عن جهل شيء, اللي عن جهل لا يعود لمثل هذا,
والله في مثل هذا المختلف فيه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا ما يكفي, هذه حيازة الثمن، لكن حيازة المثمن ما
جاءت.
وحدثني عن مالك, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال بس لا يبيعها في مكانها بانتقاله من المكان
الذي ابتاعه فيه.
(105/14)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" وقلنا:
إنه وصله مسلم "أن صكوكاً" جمع صك، وهو الورقة التي يكتب
فيها الأمر بالعطاء من الطعام لمستحقه، الصكوك يعني ولي
الأمر يأمر بطعام فيعطيه ورقة, خذ هذه الورقة جاهزة مطبوعة
فيها مائة صاع, أو فيها قطعة أرض, أو فيها أي سلعة من
السلع "بلغه أن صكوكاً خرجت للناس في زمان" يعني إمارة
"مروان بن الحكم على المدينة من قبل معاوية -رضي الله عنه-
من طعام الجار" الجار قالوا: موضع بساحل البحر يجمع فيه
الطعام، ثم يفرق على الناس بصكوك، بوثائق "فتبايع الناس
تلك الصكوك بينهم" الآن إذا أمر لزيد من الناس بقطعة أرض,
هذا أمر سامي بقطعة أرض لزيد من الناس هل له أن يبيع هذه
الورقة قبل أن تطبق على الواقع أو ليس له ذلك؟ يمنح فلان
في مدينة كذا أرض مساحتها ألف متر، هل له أن يبيع هذه
الأرض؟ الآن الصور والتكالب على هذه الورقة من وجوه, أحد
يشتري الأرض, وأحد يقول: ادفع لي مبلغ أطبقها لك في مكان
مناسب مرتفع على النصف على الربع على مبلغ كذا, كل هذا
ليستعمل جاهه، وقد يستعمل شيء من الرشوة لتطبق له في مكان
مناسب, والناس يستعملون هذا بكثرة, ويكثر السؤال عنه,
يقول: "فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها"
يقبضوها "فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-" وهو أبو هريرة كما في صحيح مسلم "على
مروان بن الحكم فقالا: أتحل -تجيز- بيع الربا يا مروان؟ "
وفي رواية: أحللت؟ "فقال: أعوذ بالله" يعني أعتصم به من أن
أحل الربا "وما ذاك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم
باعوها قبل أن يستوفوها" إذا كانت هذه الصكوك على شيء
متفاوت, لكن إذا كان فيها محدد لزيد من الناس القطعة
الفلانية, أو له مائة صاع من التمر من نوع كذا, وقال جمع
من أهل العلم: إن الهبة يتسامح في قبضها, لكن إذا كان شيء
متفاوت، فيكون بيع مجهول, ما تدري وين تطبق هذه الأرض؟ ولا
تدري من أي نوع من أنواع التمر؟ يقول: "وما ذاك؟ قالا: هذه
الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها" ثم
باعوها, تبايعها ثم باعوها, يعني الكلام في الموهوب وإلا
اللي اشترى من الموهوب؟ إي نعم، هذه الصكوك اللي تبايعها
الناس ثم باعوها
(105/15)
قبل أن يستوفوها, وقد نهى النبي -صلى الله
عليه وسلم- عن بيع الطعام حتى يستوفى "فبعث مروان الحرس
يتبعونها ينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها"
يعني إلى أصحابها, وفي هذا ما عليه الأمراء في الصدر الأول
من الامتثال لأمر الله ورسوله, وفيه أيضاً ما كان عليه
الصحابة -رضوان الله عليهم- من الإنكار, فزيد بن ثابت وأبو
هريرة أنكرا على مروان, ولأبي سعيد مواقف من هذا النوع,
فالمقصود أن الصحابة -رضوان الله عليهم- كان هذا ديدنهم
وهذا منهجهم ينكرون، لكن معروف أن الإنكار لا بد أن يكون
بالأسلوب المناسب الذي يحقق المصلحة، ولا يترتب عليه مفسدة
أعظم منه, هذا الأصل فيه؛ لأن القصد من ذلك إزالة هذا
المنكر, وين؟
طالب: في الأصل.
ويردونها إلى أهلها أصحابها.
طالب:. . . . . . . . .
لأنك عندك فقال: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها, فهل
الإنكار على من وهب الأصلي لماذا باعها قبل أن يقبض أو
الذي اشتراها من هذا الموهوب ثم باعها قبل أن يقبض؟ لأن
اللفظ الأول يدل على الاحتمال الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما هو بربا لكن يجمعه مع الربا التحريم, أحللت الربا؟
من باب التنفير، الزيادة في التنفير, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا في ضابط هم يقولون: قبض كل شيء بحسبه, وفصلوا, المعدود
بعده، والمذروع بذرعه, والمكيل بكيله، والموزون بوزنه ...
إلى آخره, إلى أن يصل إلى ما لا يمكن قبضه, ما لا يمكن
قبضه كالأراضي مثلاً, قالوا: مثل هذا يكون بالتخلية, ومن
تمام القبض الإفراغ.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو لو أخرجها من المعرض أحوط, هو يخرجها ويدور عليها
ويميزها ويطبق أرقامها, ويعرف أن هذه سيارته, ولو أعادها
إلى مكانها مرة ثانية ما في إشكال.
(105/16)
ويقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلاً
أراد أن يبتاع طعاماً من رجل إلى أجل" قصص واقعية "وحدثني
عن مالك أنه بلغه أن رجلاً أراد أن يبتاع طعاماً من رجل
إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن يبيعه الطعام إلى
السوق" هذا ما عنده طعام, بيع التورق الآن جله على هذا,
تأتي إلى شخص تريد منه مبلغ مائة ألف، ثم تقول: أنا أريد
مائة ألف, لكن لا أريد مائة ألف بمائة وعشرة إلى الحول,
أبى اشتري منك سيارة قيمتها تصفي لي مائة ألف, وأشتريها
منك بمائة وعشرة إلى ما بعد سنة, يقول: أنا ما عندي والله
سيارة، لكن روح إلى المعارض، وشوف السيارة التي تحقق هدفك،
أنا اشتريها لك، وأبيعها عليك, وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(105/17)
لا, ما يلزم, الآن هو وعد, مجرد وعد، ما
عَقَدَ عقْد معه, قال: أنت اذهب إلى المعارض، أو أذهب أنا
وإياك ونشوف السيارة التي تصلح لك اشتريها لك وأملكها ملك
تام مستقر قبل أن أبرم معك شيء وأنت الآن ما زلت خارج
العقد بإمكاني أن أثبت العقد على نفسي, وألتزم به، وأن
برا, بغيت ترجع في كلامك ارجع أنت حر, لكن بعضهم لا يؤخذ
على هذا الوعد خمسمائة ريال مثلاً, هذا إلزام هذا, هذا بيع
ما لا يملك, لكن لو قال: أنا أشتريها ويعده أن يشتري له,
وبالفعل يشتري فيملكها ملك تام مستقر ثم يبيعها عليه هذا
التورق, هنا في هذه المسألة "بلغه أن رجلاً أراد أن يبتاع
طعاماً من رجل إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن يبيعه
الطعام إلى السوق فجعل يريه الصبر" تبي هذه, تبي هذه, تبي
هذه "ويقول له: من أيها تحب أن أبتاع لك" يعني أشتري لك
"فقال المبتاع الذي يريد الشراء: أتبيعني ما ليس عند؟! "
هذا بناء على أنه يلزمه بهذا الكلام قبل أن يشتري, وإلا ما
يسمى بيع، إلى الآن هو مجرد وعد, لكن يمكن أنه قايل له:
شوف لا تورطنا نشتري وما تشتري أنت يمكنه هذا؛ لأنه قال:
أتبيعني ما ليس عندك؟ ولو كانت على الصورة التي شرحناها ما
في بيع بينهما "وقد جاء النهي عنه فأتيا عبد الله بن عمر
فذكرا ذلك له، فقال عبد الله بن عمر للمبتاع: لا تبتع منه
ما ليس عنده" لكنه إذا تم شراء السلعة من قبل من وعد صاحبه
تم ملكها وقبضها وحاز الحيازة الشرعية, ونقد ثمنها, أو ثبت
في ذمته وصارت في ملكه له غنمها وغرمها, يعني قابلة
للزيادة والنقص له وعليه قبل أن يبرم العقد مع الثاني صارت
عنده "وقال للبائع: لا تبع ما ليس عندك" يعني وقد جاء
النهي عنه في حديث حكيم بن حزام، وقال له النبي -عليه
الصلاة والسلام-: ((لا تبع ما ليس عندك)) وين؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه لا يلزمه بشيء.
طالب:. . . . . . . . .
(105/18)
هو مجرد وعد، يعني أنت تبي ... ، محتاج
لمائة ألف، تروح لمؤسسة أو لرجل فرد أو شركة، أو أي جهة،
وتقول لهم: أنا محتاج مائة ألف، لكن أنا ما أبي ربا, أبي
حلال, ولا وسيلة في مثل هذا إلا التورق إن لم يحصل القرض,
يندر الآن من يقرض، أو السلم المجمع عليه, لكنه نادر
أيضاً, يعني أنت ما عندك مصنع تبي تصنع له سيارة بعد سنة
من أجل أن يعطيك مائة ألف, أو تضمن له سيارة ولو من صناعة
غيرك؛ ليكون سلم على الخلاف في المُسْلِم هل يشترط أن يكون
مالك لأصل السلعة أو لا؟ نعم فما هنا إلا التورق, التورق
هذا يبي يقول لك: أنا والله ما عندي سلعة ما عندي إلا
دراهم, أبا أعطيك مائة ألف بمائة وعشرة لمدة سنة, تقول: لا
والله أنا ما آكل الربا, أنا أريد أن تشتري لي سيارة,
تشتري لك سيارة, ما يشتري لك أنت, يشتري لنفسه سيارة, ثم
يملكها ملك تام مستقر له غنمها وعليه غرمها لو اشتراها
بمائة ألف مثلاً اليوم, وتأخرت عليه لك أسبوع ثم بعد أسبوع
صارت تسوى مائة وخمسين، له, لو جاء دفعات كبيرة من هذه
السيارة وبعد أسبوع جئت أنت قال: والله ما تسوى إلا
ثمانين, وبدلاً من أن يبيعها عليك بمائة وعشرة يبيعها عليك
بتسعين خسر, نعم له غنمها وعليه غرمها, يملكها ملك تام
ومستقر ويحوزها, ثم بعد ذلك يبيعها عليك، ولو كان ما
اشتراها إلا من أجلك؛ لأن هذا وعد.
طالب:. . . . . . . . .
الطرف الثالث؟ من غير تواطؤ؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما في إشكال، طرف ثالث ذاك, اللهم إلا أن يكون البيع
بين صاحب المعرض وبين التاجر هذا مواطأة قلت له: ترى أنا
ببيع عليك ولا تزيد علينا ولا تكسب علينا, المسألة بس,
قال: هذه حيل ما تصلح.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه, لكن أنت افترض أن التاجر ما عنده سلعة, هذا التاجر ما
عنده سلعة, ما عنده إلا دراهم, والمشتري الثاني المحتاج
هذا ما يأكل الربا، فيشتري له هذا التاجر سيارة, ويبيعها
عليه بقيمة أكثر مما تستحقها, بعد أن يملكها ملك ما في
إشكال -إن شاء الله تعالى-، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(105/19)
يقبضونها الأول يقبضها ويخرجها عن المعرض,
وإن أعادها إليه لا بأس, المقصود أنه ميزها وطبق أرقامها
وحركها، وعرف أنها سليمة مائة بالمائة, وأخرجها عن محلها
الأول ورجعها, الثاني يفعل بها ذلك.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن
عبد الرحمن المؤذن المدني يقول لسعيد بن المسيب: إني رجل
أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار" تعطى الناسُ أو
تعطى الناسَ؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال أعطى يتعدى إلى مفعولين، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إي يعطى لكن الناس وش ضبطها؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الفعل أعطى يتعدى إلى مفعولين, أعطيت زيداً الكتابَ,
يتعدى إلى مفعولين والفاعل التاء, لكن لو بني هذا الفعل
أُعطي زيدٌ الكتابَ أو أُعطي زيداً الكتابُ؟ يجوز الوجهان؛
لأن أحد المفعولين يكون نائب فاعل, لكن المرجح عندهم
والأولى أن يكون هو الفاعل المعنوي, عندنا فاعل الإعطاء
التاء التي حذفت للبناء على المجهول, وبقي عندنا مفعولان,
هذان المفعولان أحدهما آخذ والثاني مأخوذ, فزيد آخذ
والكتاب مأخوذ, فالأولى بأن يكون نائب الفاعل زيد, وهنا
نقول: تُعطى الناسُ الأرزاقَ "بالجار" الذي تقدم أنه موضع
بالساحل, ساحل البحر يجمع فيه الطعام "إني رجل أبتاع من
الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله, ثم أريد أن
أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل, فقال له سعيد: أتريد أن
توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت؟ فقال: نعم, فنهاه عن
ذلك" لماذا؟ لئلا يبيعه قبل قبضه.
(105/20)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندها الذي
لا اختلاف فيه" وهذا تأكيد للمجتمع عليه "أنه من اشترى
طعاماً براً أو شعيراً أو سلتاً - نوع من الشعير- أو ذرة
أو دخاً أو شيئاً من الحبوب القِطنية" تقدم أن القطنية
واحدة القطاني كالعدس والحمص واللوبيا ونحوها "أو شيئاً
مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة كالتمر والزبيب
والزيوت أو شيئاً من الأدم - جمع إدام ككتب جمع كتاب- أو
شيئاً من الأدم كلها الزيت والسمن والعسل" لأنها كلها
يؤتدم بها "والخل والجبن والشبرق" أو الشيرق, هذا كلها مع
لفظ ثالث اسمه: الشيرج, والمقصود به زيت السمسم "واللبن
وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع شيئاً من ذلك
حتى يقبضه ويستوفيه" عملاً بعموم الأحاديث التي تشمل
الربوي وغير الربوي, على ما تقدم من مجيء الطعام نكرة في
سياق الشرط, فتعم جميع الأطعمة التي يدخل فيها الربا,
والتي لا يدخل فيها الربا.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وش الدلالة على تخصيص الموزون؟ والمكيل؟
طالب:. . . . . . . . .
مكيل وإلا موزون وإلا معدود؟ المقصود أنها طعاماً, طعاماً
يشمل الجميع, الطعام الأصل فيه ما يطعم, فإذا جاء نكرة في
سياق الشرط لا شك أنه يعم.
يقول: لو زاد البائع من سعر السلعة ثلاثة أضعاف أو أربعة
أضعاف ما اشتراه به؟
هو يعني اشترى سلعة بمائة وطلب عليها ثلاثمائة, لا شك أن
مثل هذا أولاً: غبن عند المحاكمة يرد عليه بخيار الغبن,
والأمر الثاني: أنه لا ينبغي أن يسود هذا الشح وهذا
التكالب بين المسلمين، بل لا بد أن يكون بينهم التعاون
والتراحم، وفي الصدر الأول ما كان أحد أولى بدرهمه وديناره
من أخيه, كما مر بنا, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أضعاف؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الإشكال لو يأتي الزبون ويقول له: الساعة بعشرين ما
شراها, لكن لو يقول له: بمائة, أو مائتين أو حتى خمسمائة,
كلما يرتفع سعرها تصير أفضل وأجود في نظر المشتري, وهم
يتعذرون بهذا, لكن ليس بعذر, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا لو نزل بها مشت, هذا سببه رفع الثمن.
(105/21)
يقول: ما الحكم في الاشتراك ضمن صناديق
استثمارية في البنوك مثل الراجحي والأهلي و .... وغيرها؟
الاشتراك في صناديق الاستثمار في مثل هذه الأماكن لا شك أن
الشبهة قوية، ولو قالوا: إنهم يتعاملون معاملات مرابحة
وشرعية, لا , لا، على الإنسان أن يستبرئ لدينه، وأن يترك
الشبهات، وأقل ما فيها الشبهة, وأما البنوك التي عرف منها
الإقدام على الربا لا يجوز التعامل معها إلا لضرورة, وأن
يكون العقد بينك وبينه عقد صحيح، وتعرف هذا العقد, وأما
توكيلهم وجعلهم يضاربون بأموالك، ويشتغلون وهم في الأصل
غير ثقات، ما الذي يؤمنك أن يتعاملوا بها على غير وجهها
الشرعي؟
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
(105/22)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (3)
باب: ما يكره من بيع الطعام
إلى أجل
الشيخ: عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يكره من بيع الطعام إلى أجل
يعني ما يكره وما يمنع من الصور الداخلة ضمن بيع الطعام
إلى أجل؛ لأن من الصور ما هو ممنوع، ومنها ما هو مباح, فلو
باع طعاماً بذهب أو فضة إلى أجل يجوز وإلا ما يجوز؟ باع
تمر أو حنطة أو شعير إلى أجل بذهب وفضة بدراهم, هذه الصبرة
من التمر تباع بعشرة آلاف نقد, قال: باثني عشرة ألف إلى
سنة, يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز ما فيه إشكال, لكن من الصور
التي لا تجوز بيع الجنس بالجنس إلى أجل, بيع غير الجنس
بغيره إلى أجل لا يجوز ما عدا النقدين التي هي قيم
الأشياء, باع تمر بشعير أو بحنطة إلى أجل لا يجوز, يجوز
التفاضل، لكن لا يجوز النسا, فهذا مما يكره بيعه إلى أجل,
هناك صور ذكرها الإمام -رحمه الله- قد يتوصل بها إلى بيع
الممنوع, وإن كانت في ظاهرها بيع طعام بدراهم، ثم شراء
طعام بدراهم, لكن هذه الدراهم صارت وسيلة إلى بيع طعام
بطعام، فهذه هي التي ذكرها الإمام -رحمه الله تعالى- في
هذا الباب.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن
المسيب وسليمان بن يسار" وهما من فقهاء المدينة السبعة, من
التابعين المشهورين "ينهيان أن يبيع الرجل حنطة بذهب إلى
أجل، ثم يشتري بالذهب تمراً قبل أن يقبض الذهب" من مشتري
الحنطة للتهمة, هو متهم, الآن باع الرجل حنطة بذهب ما فيه
إشكال، إلى هذا الحد ما فيه إشكال, لكن قبل أن يقبض الثمن
اشترى به تمر, كأنه باع الحنطة بالتمر إلى أجل, ويتحايل
بمثل هذه الصورة على بيع الربوي بغير جنسه إلى أجل, لكن لو
باع حنطة بذهب إلى أجل, ثم اشترى حنطة بذلك الثمن قبل أن
يقبضه هذا من باب أولى؛ لأنه باع الجنس بالجنس، ويمنع فيه
النوعان من أنواع الربا, في الصورة الأولى يمنع النسا,
الذي هو التأجيل دون التفاضل، أما هذه فيمنع فيها التفاضل
والنسا.
(106/1)
"وحدثني عن مالك عن كثير بن فرقد" المدني
نزيل مصر، ثقة من الثقات "أنه سأل أبا بكر بن محمد بن عمرو
بن حزم" وهو أيضاً من الفقهاء السبعة "عن الرجل يبيع
الطعام من الرجل بذهب إلى أجل" يعني يبيعه عليه "بذهب إلى
أجل، ثم يشتري بالذهب تمراً قبل أن يقبض الذهب فكره ذلك،
ونهى عنه" يعني منعه, كالصورة السابقة, لما يخشى من
التهمة, الصورة السابقة: اشتريت أنت من زيد تمر لمدة سنة,
اشتريت تمر بألف ريال لمدة سنة, ثم زيد هذا بعد مضي ستة
أشهر مثلاً اشترى بألف حنطة, اشتراها منك, اشترى بالألف
منك حنطة, يعني كأنه باعك التمر بالحنطة لا بالذهب ولا
بالفضة, ظهرت وإلا ما ظهرت؟ لكن لو اشترى من غيرك وأحاله
عليك, سيأتي الكلام في هذه الصورة.
يقول: "عن كثير بن فرقد أنه سأل أبا بكر بن محمد بن عمرو
بن حزم عن الرجل يبيع الطعام من الرجل بذهب إلى أجل، ثم
يشتري بالذهب تمراً قبل أن يقبض الذهب، فكره ذلك، ونهى
عنه" يعني لأنه وسيلة يتوصل بها، بل حيلة إلى التوصل لبيع
الطعام بالطعام من غير تقابض, والرسول -عليه الصلاة
والسلام- يقول: ((إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم،
إذا كان يداً بيد)).
"وعن مالك عن ابن شهاب مثل ذلك" أي كرهه, ومثل سعيد بن
المسيب وسليمان بن يسار وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم,
الأربعة كلهم كرهوا ذلك.
(106/2)
"قال مالك: وإنما نهى سعيد بن المسيب
وسليمان بن يسار وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابن
شهاب عن أن لا يبيع الرجل حنطة بذهب" عن أن لا يبيع قالوا:
هذه (لا) زائدة, الأصل: نهوا عن أن يبيع {مَا مَنَعَكَ
أَلاَّ تَسْجُدَ} [(12) سورة الأعراف] يعني ما منعك عن
السجود، ما منعك عن أن تسجد؛ لأن (أن) وما دخلت عليه في
تأويل مصدر, يراد به السجود, وهنا البيع, والمنهي عنه
الإيقاع لا العدم, هنا المنهي عنه نهى عن أن لا يبيع, أو
نهى عن أن يبيع؟ هل المنهي عنه النفي أو الإيجاب؟ الإيجاب,
فلا هنا زائدة, وهناك {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ}
[(12) سورة الأعراف] هناك الممنوع النفي وإلا الإيجاب؟
المأمور به الإيجاب, انظروا التنظير هل هو مطابق؟ هم
يقولون: (لا) زائدة, نهى أن لا يبيع الرجل, نهوا أن لا
يبيع الرجل, و (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر, نهوا عن
بيع الرجل حنطة بذهب هذا صحيح, فتكون (لا) زائدة {مَا
مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} [(12) سورة الأعراف] ما منعك من
السجود؟ ما الذي منعك من السجود؟ فـ (لا) هذه أيضاً زائدة,
مثل ما هنا, والمراد بالزيادة زيادتها الإعرابية لا
لزيادتها من حيث المعنى؛ لأن القرآن مصون من هذا.
"نهوا عن أن لا يبيع الرجل حنطة بذهب, ثم يشتري الرجل
بالذهب تمراً قبل أن يقبض الذهب من بيعه الذي اشترى منه
حنطة, فأما أن يشتري بالذهب التي باع بها الحنطة إلى أجل
تمراً من غير بائعه" هذا يدل على أن الصورة الأولى من
البائع نفسه، نهوا أن يشتري من البائع نفسه, وأما الصورة
الثانية "فأما أن يشتري الذهب التي باع بها الحنطة إلى أجل
تمراً من غير بائعه الذي باع منه الحنطة قبل أن يقبض الذهب
ويحيل الذي اشترى منه التمر على غريمه الذي باع منه الحنطة
بالذهب التي له عليها في ثمر التمر فلا بأس بذلك" لأنها
حوالة، دين مستقر في ذمة شخص، وأحيل عليه وهو مليء, وش
المانع من هذا؟ ((من اتبع علي مليء فليتبع))، ((من أحيل
على مليء فليحتل)) أظن الفرق بين المسألتين ظاهر، ظاهر
وإلا مو بظاهر؟ ظاهر.
(106/3)
"قال مالك، وقد سألت عن ذلك غير واحد من
أهل العلم فلم يروا به بأساً" فوافقوا الإمام مالك على
اجتهاده, والإمام مالك موافق لما ذكر من الفقهاء الأربعة,
فالمسألة متداولة بينهم في بلدهم, لكن ماذا عن حكم المسألة
عند غيرهم؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ يعني شخص باع على زيد تمر
بدراهم، واستقر الثمن بذمته, ألف ريال استقرت بذمة عمرو،
ثم بعد ذلك وجد عنده طعام هو محتاج إليه فاشترى بالثمن
المذكور، فاشترى بالثمن الذي في ذمته هذا الطعام الذي
يحتاجه, نظير ذلك لو أن شخصاً عنده ذهب فذهب به إلى أصحاب
الذهب والمجوهرات, هو لا يريد أن يبيعه, يريد أن يبدله
بذهب جديد, قال صاحب المحل: أنا لا أبدلك؛ لأني لا أرضى أن
أبدله إياك بوزنه, واللي عندك مستعمل وأنا عندي جديد, وإذا
أبدلته بأقل منه دخلنا في الربا, لكن أشتريه منك, يشتريه
منه, وليكن الجرام بأربعين ريال شراء, وأبيع عليك الجديد
الجرام بخمسين, ماشي وإلا ما هو بماشي؟ لكن هل يصلح أن
يقول: خذ اشتر مني الجرام بأربعين, وهذه خمسين جرام بألفين
ريال أشتري منك أربعين جرام من خمسين بألفين ريال، والقيمة
هي التي عندك أو لا بد أن يقبض؟ لا بد أن يقبض, وهذا نظير
الصورة التي معنا, لا بد أن يقبض، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
باب: السلفة في الطعام
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
تعالى عنهما- أنه قال: لا بأس أن يسلف الرجل الرجل في
الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى, ما لم يكن في زرع
لم يبد صلاحه, أو تمر لم يبد صالحه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا فيمن سلف في طعام بسعر
معلوم إلى أجل مسمى, فحل الأجل فلم يجد المبتاع عند البائع
وفاءاً مما ابتاع منه فأقاله فإنه لا ينبغي له أن يأخذ منه
إلا ورقه أو ذهبه، أو الثمن الذي دفع إليه بعينه, فإنه لا
يشتري منه بذلك الثمن شيئاً حتى يقبضه منه, وذلك أنه إذا
أخذ غير الثمن الذي دفع إليه، أو صرفه في سلعة غير الطعام
الذي ابتاع منه فهو بيع الطعام قبل أن يستوفى.
قال مالك: وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع
الطعام قبل أن يستوفى.
(106/4)
قال مالك: فإن ندم المشتري فقال للبائع:
اقلني وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك، فإن ذلك لا يصلح وأهل
العلم ينهون عنه، وذلك أنه لما حل الطعام للمشتري على
البائع أخر عنه حقه على أن يقيله، فكان ذلك بيع الطعام إلى
أجل قبل أن يستوفى.
قال مالك: وتفسير ذلك أن المشتري حين حل الأجل، وكره
الطعام أخذ به ديناراً إلى أجل وليس ذلك بالإقالة، وإنما
الإقالة ما لم يزدد فيه البائع ولا المشتري، فإذا وقعت فيه
الزيادة بنسيئة إلى أجل أو بشيء يزداده أحدهما على صاحبه
أو بشيء ينتفع به أحدهما، فإن ذلك ليس بالإقالة، وإنما
تصير الإقالة إذا فعلا ذلك بيعاً، وإنما أرخص في الإقالة
والشرك والتولية ما لم يدخل شيئاً من ذلك زيادة أو نقصان
أو نظرة، فإن دخل ذلك زيادة أو نقصان أو نظرة صار بيعاً
يحله ما يحل البيع, ويحرمه ما يحرم البيع.
قال مالك: من سلف في حنطة شامية فلا بأس أن يأخذ محمولة
بعد محل الأجل.
قال مالك: وكذلك من سلف في صنف من الأصناف فلا بأس أن يأخذ
خيراً مما سلف فيه، أو أدنى بعد محل الأجل, وتفسير ذلك أن
يسلف الرجل في حنطه محمولة فلا بأس أن يأخذ شعيراً أو
شامية، وإن سلف في تمر عجوة فلا بأس أن يأخذ صيحانياً أو
جمعاً، وإن سلف في زبيب أحمر فلا بأس أن يأخذ أسود إذا كان
ذلك كله بعد محل الأجل, إذا كانت مكيلة ذلك سواءً بمثل كيل
ما سلّف فيه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: السلفة في الطعام
(106/5)
السلف والسلم بمعنى واحد, السلف عند أهل
الحجاز والسلم عند أهل العراق بمعنى واحد, بمعنى أن
المزارع يحتاج إلى دراهم، يحتاج إلى نقد ليصلح زراعته, أو
لأي أمر من أموره فيأتي إلى من عنده الدراهم فيقول له:
أعطني مبلغ كذا تنقدها الآن في المجلس على أن أعطيك وقت
الجذاذ كذا صاع من التمر أو من الحنطة أو من الشعير, وهذا
جاءت به النصوص, وهو على مقتضى الحكمة والقياس, إذا كان
مالكاً لأصل السلعة فهذا لا خلاف في جاوزه, أما إذا كان
غير مالك لأصل السلعة فمن أهل العلم من لا يرى الجواز؛
لأنه بيع ما لا يملك, ومنهم من يرى وهو اختيار الإمام
البخاري أنه لا فرق بين أن يملك أصل السلعة وأن لا يملك,
يعني تأتي إلى شخص وتقول: أنا محتاج إلى مائة ألف, أعطني
مائة ألف الآن وبعد سنة أحضر لك سيارة موديل ألفين وسبعة
بالمواصفات التالية, ويضبطها بأوصافها, الذي يشترط أن يكون
مالكاً لأصل السلعة وأصل المصنع وأصل المزرعة, يقول:
يستطيع أن يفي بالمواصفات التي عقد عليها, وإذا كان غير
مالك لأصل السلعة, لا يستطيع أن يفي؛ لأن السلعة أصلها ملك
لغيره, اتفقنا على أن يسلمه بعد سنة سيارة من نوع كذا
بمواصفات كذا موديل ألفين وسبعة مثلاً, لكن المصنع غيّر
المواصفات الموجودة في ألفين وستة, وضمن له أوصاف ألفين
وستة, ما ضمن له أوصاف ألفين وسبعة, لكن لو كان مالك لأصل
المصنع استطاع أن يفي بما اشترط, ولا شك أن النصوص ما فيها
ما يدل على ملك الأصل, إنما فيها ما يدل على تقديم الثمن
وتحديد المبيع بالوزن والكيل والمدة المعلومة فقط, ولم يشر
فيها إلا أن يكون مالكاً لأصل السلعة, والذي اختاره الإمام
البخاري أنه لا يلزم, لكن إذا تخلفت هذه الشروط وجاءت
ألفين وسبعة بأقل مواصفات من ألفين وستة أو أكثر يرجع عليه
بالفرق, يعني إن كانت أقل وقبلها الطرف الثاني فهذا من حسن
الاقتضاء, وإن كانت أفضل فهذا من حسن القضاء, ويأتي شيء من
الإشارة إلى ذلك في كلام الإمام مالك, لكن الإشكال عند
المشاحة, هنا قال: لا أريد إلا المواصفات التي اتفقنا
عليها, لا أريد إلا هذه المواصفات التي اتفقنا عليها, وغير
مالك لأصل السلعة لا شك أن مثل هذا يوجد نزاع وخصومات،
ولذا جمع كثير
(106/6)
من أهل العلم يمنع أن يكون المسلم غير مالك
لأصل السلعة في السلم.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه
قال ... "
طالب: يا شيخ أحسن الله إليك. . . . . . . . .
إيه هذا الأصل ما قدم الدراهم وأخر السلعة إلا للفارق, هذا
الأصل؛ لأنه يعطيه أكثر مما يستحق لوجود الفارق في الزمن.
طالب:. . . . . . . . .
كيف أقل؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بيعطيه مائة وقيمته فيما بعد مائة وخمسين, هذا ما
اتفقوا إلا على هذا الأساس, وإلا إيش معنى أني بقدم
الدراهم؟ الآن الحجز حجز السيارات من الوكالات إما أن يكون
لأن فيه نازل؛ لأنها إذا توفرت ووجدت بترفع قيمتها, أو لأن
فيها شح وقلة بحيث لا تنتهي قبل أن ... , وهنا هذا مقصد أن
تكون قيمتها أكثر مما دفعه, هذا من مقاصد السلم, وإلا إيش
معنى إني أدفع القيمة الآن ولا أستلم السلعة إلا بعد سنة؟
إلا لهذا.
(106/7)
قال: "حدثي يحيى عن مالك عن نافع عن عبد
الله بن عمر أنه قال: لا بأس بأن يسلف الرجل الرجل في
الطعام الموصوف" لا بد أن يكون معلوم "موصوف بسعر معلوم
إلى أجل مسمى"، ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم،
ووزن معلوم، إلى أجل معلوم)) والحديث في الصحيحين "إلى أجل
مسمى ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه, أو تمر لم يبد صلاحه"
يعني الإمام مالك لا يصحح السلف في الطعام إلا إذا توافر
فيه الشرط الذي يجوز فيه بيعه, إذا بدا صلاحه, وهذا قدر
زائد على أن يكون مالكاً للسلعة, يعني لا بد أن يكون
مالكاً للسلعة، وأن يكون الثمر قد بد صلاحه, افترض أن هذا
المزارع احتاج إلى هذا المبلغ بعد التأبير مباشرة, وقبل أن
يبدو صلاحه, هل في النصوص ما يمنع من ذلك؟ ما فيها ما
يمنع؛ يعني من أسلف في شيء المقصود أن يضبط المبيع بالكيل
والوزن والأجل، والنوع أيضاً لا بد من ضبطه, الداخل تحت
الجنس؛ لأن الجنس الذي له أنواع متعددة تتباين قيمه فلا
يقال: مائة صاح من التمر, يعني تمر إيش؟ التمر متفاوت منه
ما يكون الصاع بعشرة، ومنه ما يكون الصاع بمائة أو مائتين,
يعني المسألة البون شاسع، فلا بد من ضبط ما يختلف فيه
الثمن, لا بد من الضبط والاتفاق على ما يختلف فيه الثمن
"ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه، أو تمر لم يبد صلاحه" هذا
للنهي عن بيع التمر قبل بدو صلاحه، وقبل أن يأمن العاهة,
قبل أن يحمر أو يصفر، والنهي عن بيع الحب قبل اشتداده, لكن
السلم لا يظهر فيه هذا الشرط؛ لأنه إنما أبيح لحاجة الطرف
الذي يبيع السلعة قبل حصولها.
(106/8)
"قال مالك: الأمر عندنا فيمن سلف في طعام
بسعر معلوم إلى أجل مسمى فحل الأجل فلم يجد المبتاع عند
البائع وفاءً مما ابتاع منه فأقاله" اشترى منه مائة صاع
موصوفة، معلومة المكيل، معلومة النوع، محددة, الأجل معلوم,
لكن المبتاع عند حلول الأجل إما أن يكون زرعه قد تلف
بجائحة أو بغيرها, أو يكون غير مالك لأصل السلعة فلم يجد
ماذا يصنع؟ الإقالة, يقول: "فلم يجد المبتاع عند البائع
وفاءً مما ابتاع منه فأقاله فإنه لا ينبغي" يعني لا يجوز
"له أن يأخذ منه إلا ورقه أو ذهبه أو الثمر الذي دفعه إليه
بعينه" ما يقول: والله أنا انتظرت لمدة سنة تدفع لي فرق
الانتظار, لو كان المال عندي واشتغلت به وشغلته, صار له
نسبة من الربح كثيرة, لا، لا يأخذ إلا مقدار ما أخذ من نوع
ما أخذ، دفع ذهب يأخذ ذهب, دفع فضة يأخذ فضة, "فإنه لا
ينبغي" يعني لا يجوز "له أن يأخذ منه إلا ورقه أو ذهبه أو
الثمن الذي دفع إليه بعينه" يعني الثمن لما عجز عن المبيع
استقر الثمن بذمته, القيمة ألف درهم لو قال: أعطني عنها
مائة دينار, قال: ما عندي إلا مائة دينار خذها, تعاد الألف
درهم، يجوز وإلا ما يجوز؟ على كلامه لا يجوز، لماذا؟ لأنه
كأنه باع الألف درهم بمائة دينار من غير تقابض.
(106/9)
حديث ابن عمر: "كنا نبتاع الإبل فنأخذ
الذهب بدل الفضة، والفضة بدل الذهب, فقال: لا بأس إذا لم
يفترقا أو بينهما شيء" يعني حصل الصرف في وقت الاقتضاء،
وفي مكان الاقتضاء كأنه صرف, والذي بذمة الطرف الأول كأنه
قبضه الآن، وأقبض بدله الطرف الثاني, أنت بعت سلعة على شخص
بمائة دينار بعد أسبوع أسبوعين عشرة أيام قال: أقلني، لكن
ما عندي إلا ألف درهم, هذه الصور كلها نظائر، والسبب الذي
يجعل الإمام مالك يمنع من مثل هذا أنه كأنه باع الذهب
بالفضة من غير تقابض, هو يستحق عليه ذهب يأخذ ذهب, يستحق
عليه فضة يأخذ فضة, لكن حديث ابن عمر مع أن فيه كلام لبعض
أهل العلم "لا بأس ما لم يفترقا أو بينهما شيء" فكأن الذي
عنده الذهب وقضى فضة كأنه في حكم المقبوض الآن في المجلس,
ما دام في ذمته فهو في حكم المقبوض, ويؤدي بدله في مجلس
الصرف النوع أو الجنس الثاني, لكن لو جاز هذا قلنا: يجوز
لمن باع الذهب بالريالات, واشترى الذهب الجديد بالريالات
أن لا يقبض قيمة الذهب الأول لأنه في حكم المقبوض, ومثل
هذا التوسع يجر إلى صور محرمة؛ لأن التساهل يجر بعضه إلى
بعض, وحينئذٍ لا بد أن يقبض ويقبّض في وقت من المجلس, إذا
كان عنده ألف درهم, يقول: هذه دراهمك ألف درهم، استلم
الآن, إذا استلمها وقال: والله ألف درهم وين أبى أوديها
ثقيلة علي؟ أعطني مائة دينار أخف، صرف لا بأس؛ لأنه حصل
التقابض في مجلس العقد "أو الثمن الذي دفع إليه بعينه,
وإنه لا يشتري منه بذلك الثمن شيئاً حتى يقبضه منه" لا
يشتري بذلك الثمن شيئاً حتى يقبضه منه, الثمن مائة دينار
أو ألف درهم لا يشتري منه به شيء لا سيما إذا كان مما لا
يباع به أصل البيع الأول نسيئة, إيش معنى ها الكلام؟ اشترى
منه تمر بمائة دينار إلى أجل سلم, ثم لما حل الأجل قال:
والله ما عندي تمر لكن هذه مائة دينار, قال: زدني في مقابل
الأجل, قال: ما أزيدك هذا ربا, أعطني فضة, قال: ما يمكن
حتى أسلم المائة دينار ثم نصرف ما في بأس, نعم, قال: طيب
أنت بذمتك لي مائة دينار أعطني بها حنطة, يجوز وإلا ما
يجوز؟ أنا أبى اشتري منك بما عندك من الذهب حنطة، على كلام
الإمام مالك لا يجوز حتى يقبض الثمن ثم يشتري به ما يشاء؛
لأن
(106/10)
الحنطة لا تباع بالتمر نسيئة, فكأنه باع
التمر الذي بذمته بحنطة نسيئة.
"وذلك أنه إذا أخذ غير الثمن الذي دفع إليه, أو صرفه في
سلعة غير الطعام الذي ابتاع منه فهو بيع الطعام قبل أن
يستوفى" يعني يقبض, كأنه باع التمر الذي عنده قبل أن
يقبضه, طيب إن باعه بما يباع به نسيئة, يعني إن باعه، إن
أخذ ثمنه الذي دفعه إليه هذا ما يصير بيع يصير إقالة, لكن
إذا اشترى بالثمن بر بدلاً من التمر الذي بذمته نقول: بيع
ما تصير إقالة, الإقالة: أن يعود عليك نفس ما دفعت من غير
زيادة ولا نقصان, إن اشترى بهذا الثمن بر فيكون قد باع
التمر الذي بذمته قبل أن يستوفيه, وأيضاً باعه ربوي بربوي
من غير تقابض.
"قال مالك: وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع
الطعام قبل أن يستوفى" فيدخل فيه ذلك وقد تقدم.
(106/11)
"قال مالك: فإن ندم المشتري فقال للبائع:
أقلني، وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك, فإن ذلك لا يصلح
وأهل العلم ينهون عنه, وذلك أنه لما حل الطعام للمشتري على
البائع أخر عنه حقه على أن يقيله، فكان ذلك بيع الطعام إلى
أجل قبل أن يستوفى, وهو منهي عنه" فإن ندم المشتري الذي
دفع الدراهم ندم, اشترى مائة صاع بمائة درهم لما حلت ندم
المشتري الذي دفع الدراهم, التمر حاضر عند الرجل بيدفعه ما
عنده تردد, قال: طيب أقلني من البيعة وهذه الدراهم بدل ما
تدفعها الآن أجلها عليك شهرين ثلاثة, أو قال صاحب التمر:
أنا والله ما عندي شيء، خذ التمر وإلا ... ، دراهم ما عندي
دراهم، قال: أصبر عليك, يقول الإمام مالك: "فإن ندم
المشتري فقال للبائع: أقلني وأنظرك" يعني أأخرك "بالثمن
الذي دفعت إليك فإن ذلك لا يصلح, وأهل العلم ينهون عنه,
وذلك أنه لما حل الطعام للمشتري على البائع أخر عنه حقه
على أن يقليه فكان ذلك بيع الطعام إلى أجل قبل أن يستوفى"
كيف بيع الطعام إلى أجل؟ ثم باعه عليه بالثمن الذي اتفقا
عليه إلى أجل قبل أن يستوفيه, يعني يوم شرى منه مائة صاع
على أن يدفعها له بعد سنة بمائة درهم, جاءت السنة وقال:
أنا والله الآن لا أريد تمر اشتريت تمر وانتهيت, احتجت تمر
قبل شهر وشريت، أنا لا أريد تمر أريد المائة درهم, قال
ذاك: والله ما عندي مائة درهم قال له: أأجلك وأنظرك لمدة
شهرين ثلاثة, فكأنه باع التمر الذي عنده بالقيمة التي
دفعها قبل أن يقبضه ويستوفيه, وهذا جاء النهي عنه.
"قال مالك: وتفسير ذلك أن المشتري حين حل الأجل وكره
الطعام أخذ به ديناراً إلى أجل وليس ذلك بالإقالة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش ما عنده؟ يأخذ الطعام، يلزمه يأخذ طعامه, خلاص متفقين
على طعام يأخذه, شو ما يريد؟ يأخذه له, البيع تم وانتهى,
يأخذه ويتصرف به، ويسوي، يتصدق به، يبيعه, المهم ما له إلا
طعام عند الرجل, ليس له إلا هذا الطعام الموصوف المعلوم
بوزنه وكيله وأجله, ما له إلا ما اتفقا عليه.
(106/12)
"قال مالك: وتفسير ذلك أن المشتري حين حل
الأجل, وكره الطعام أخذ به ديناراً إلى أجل وليس ذلك
بالإقالة وإنما الإقالة: ما لم يزدد فيه البائع ولا
المشتري" يبي يقولك: أنا والله ما ازددت, مائة صاع بمائة
درهم, أنا ما ازددت شيء, هو ازداد وإلا ما ازداد؟ هو زائد
في الأصل, في أصل العقد, عقدهم الأول زائد؛ لأنه وش معنى
سلم؟ سلم تدفع دراهم حالة والسعلة تجيء بعدين بعد سنة
مثلاًً, فلا بد من ملاحظة هذا الوقت ما هو بملاحظة الأجل
والزيادة والنقص من أجله.
طالب: عكس. . . . . . . . .
لا وعكس الدين كله.
يقول: "وإنما الإقالة ما لم يزدد فيه البائع ولا المشتري"
اشترى كل شيء حاضر, مائة صاع موجودة الآن بمائة درهم
موجودة الآن هذه قيمته في السوق، فلما دفع الثمن وتفرقا
جاء صاحب التمر وقال: أقلني, ندمت على البيع, لا فيه زيادة
ولا نقص, ولا فيه أجل مؤثر في الثمن، قال: أقلني "وإما
الإقالة ما لم يزدد فيه البائع ولا المشتري، فإن وقعت فيه
الزيادة بنسيئة -تأخير- إلى أجل، أو بشيء يزداده أحدهما
على صاحبه، أو بشيء ينتفع به أحدهما، فإن ذلك ليس
بالإقالة" الوكالات وكالات السيارات تبيع السيارات إلى أجل
أقساط, وتشترط على المشتري أنه إذا عجز عن التسديد, دفع
قسط قسطين ثلاثة ثم أعجز نفسه, قال: عجزت والله ما عندي
تصلح الإقالة في مثل هذا؟ الإقالة تصلح في مثل هذا؟ "وإنما
الإقالة ما لم يزدد فيه البائع ولا المشتري" وهنا في زيادة
من أجل الأجل, فلا إقالة في مثل هذا, إذاً الحل؟ يعني تقوم
السلعة, ويدفع الفرق، فإن كان ما دفعه مساوٍ للفرق فيصلح
مثل هذا، وإن كان أقل أو أكثر يدفع أحدهما للآخر ما يتفقان
عليه "ما لم يزدد في البائع ولا المشتري، فإذا وقعت فيه
الزيادة بنسيئة إلى أجل، أو بشي يزداده أحدهما على صاحبه،
أو بشيء ينتفع به أحدهما فإن ذلك ليس بالإقالة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني من أقال نادماً؟
طالب:. . . . . . . . .
(106/13)
لا أحدهما نادم، والثاني قد يكون مستفيد,
لكن ليست هذه الفائدة في مقابل أجل, لكن لو اشترى سلعة
سيارة بأربعين ألف وهي تسوى ... , لما راح للبائع قيل:
والله سيارتك تسوى خمسين, المشتري مستفيد, فذهب إلى
المشتري فقال: أقلني، والله أنا نادم, هذه إقالة
بالأربعين، لكن لا يقيله بخمسين أو بخمسة وأربعين, إذا
باع, إذا كانت بخمسة وأربعين, وكلاهما كاسب في هذه الصورة
ما تسمى إقالة تصير بيع "وإنما تصير الإقالة إذا فعل ذلك"
إذا فعل ذلك تصير بيعاً "وإنما أرخص في الإقالة والشرك
والتولية" يعني في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من ابتاع
طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه إلا أن يشرك فيه أو يوليه أو
يقيله)) يشرك فيه يشارك فيه واحد "وإنما أرخص في الإقالة
والشرك والتولية ما لم يدخل شيئاً من ذلك زيادة أو نقصان"
الشرك تشرك شخص آخر معك في السعلة, اشترى سيارة بخمسين ألف
قال: تراك شريك قال: تراك شريك, لا يجوز أن يزيد عليه,
يقول: أنا شاريها بخمسين تدفع ستة وعشرين سبعة وعشرين, ما
تصير شرك "وإنما أرخص في الإقالة والشرك والتولية ما لم
يدخل شيئاً من ذلك زيادة أو نقصان" وإلا ما تسمى شركة تصير
شراء وبيع, والإقالة تقدم الكلام فيها, والتولية: إذا قال:
بعتك برأس مالي, تدخل مدخالي، تأخذه بما اشتريته به, لا
يجوز له أن يزيد عليه, عما اشتراه به, لكن لو اشتراه من
جِدة مثلاً, اشترى السلعة من جدة بألف ونقلها بمائة إلى
الرياض, واستأجر لها مستودع بمبلغ كذا، ثم قال: تدخل
مدخالي, قال: خلاص أبيعك بما اشتريت قبلت؟ قال: قبلت, وهو
سام أنه شاريها من جدة بمائة ريال، أو بألف ريال, صار يضيف
إليه, قال: قيمتها ألف وخمسمائة ريال, قال: يا أخي أنت
شاري من جدة أنا عندي خبر, شاري بألف, قال: أنت ما تدري
أني نقلتها بمائة والمستودع أجاره كذا، والكهرب كذا، وكلمت
صاحبها بمبلغ كذا، وفواتير، وما أدري إيش؟ هل له أن يحسب
كل التكاليف فتكون تولية وإلا بيع إذا حسب التكاليف؟ إذا
حسب التكاليف؟ نعم؟
طالب: إذا حسب التكاليف لأنها داخلة في ضمن السعر.
(106/14)
يقول: "وإنما أرخص في الإقالة والشرك
والتولية ما لم يدخل شيئاً من ذلك زيادة أو نقصان أو نظرة"
لكن هو حفظ أصل الثمن, قال: شوف يا .... ، أحياناً زيادة
ونقصاناً يحصل الخداع, يقول: أبى أبيعك مثلما اشتريت, هذه
الفاتورة قدامك, والفاتورة مع مجموعة فواتير وبضائع ثانية,
وفي النهاية في آخر فاتورة حسم خمسين بالمائة, ووراه
الفاتوة الأولى، هذا لا شك أنه ليست تولية, وإنما هو خداع
هذا، وتغرير بالمشتري, ومثل هذا لو حسب عليه أشياء ندم
عليها, حسب عليه أشياء حملها بسيارة, السيارة صار عليها
حادث, وصلحت السيارة بثلاثمائة بعد بيحسب عليه هذه؟
السيارة ما حركت من جدة إلى الرياض إلى من أجل هذه
البضاعة, بثلاثمائة ريال نقلت من جدة إلى الرياض, وصار على
السيارة حادث وضمنه بثلاثمائة ريال, بعد إلى متى؟ بيحاسب
عليه كل شيء؟ وش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
إي لكن هناك أمور ليست من أصل البيع ولا الشراء.
طالب: هي ليس من أصله, لكن هو دخل معي دخل في كل شيء، في
غنمي وغرمي, هو له الغنم وأنا علي الغرم؟
طيب لو تسلسلت المسألة؟
طالب: هو يدخل معي. . . . . . . . .
صدم رجال بعد، وقال: عليك.
طالب:. . . . . . . . .
أو السيارة احترقت.
طالب: فيما يتعلق ....
السيارة اللي تحمله احترقت.
طالب: فيما يتحمله في داخل السلعة ذي ....
لا ما في أكثر من نقلها إلى محل البيع, لكن نقله واستأجر
له مستودع وخزنه لو سنة بعد.
طالب: لا هذا على حسب ....
يقول: أنا بعد منفق جوالات، أنا كلمت المكاتب العقارية
بالمستودع، وكهرب، وما أدري ويش؟
في مثل هذه الصورة لا بد من إخباره بالمبلغ, يقول: والله
أنا مكلفتنا السلعة كذا, تدخل مداخلي وإلا بكيفك؟ أما أن
يقول: تدخل مدخلي وتشتري بما اشتريت, وأبيعك برأس مالي, ثم
يضيف عليها هذه الإضافات, لا, لا بد من إخباره؛ لأن من
الناس من يثق, من الناس من عنده ثقة مطلقة, لا سيما إذا
كان الطرف الثاني معروف بخبرته ومهارته.
طالب: وينتفي الغرر بينهما.
لكن هم يقولون: إذا كان تولية خلاص ما يلزمه يخبره بالثمن,
ما يلزم إذا كان تولية, لكن الكلام وش هو عليه؟ إذا كان
هذه القيمة الأصلية للسلعة, أما إضافات لا بد من إخباره
بها.
(106/15)
"ما لم يدخل شيئاً من ذلك زيادة أو نقصان
أو نظرة, فإن دخل ذلك زيادة أو نقصان أو نظرة صار بيعاً
يحله ما يحل البيع، ويحرمه ما يحرم البيع" فتشترط له شروط
البيع المعروفة السبعة, ويشترط له أيضاً انتفاء الموانع.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "من سلف في حنطة شامية فلا
بأس أن يأخذ محمولة بعد محل الأجل" يأخذ حنطة بدل حنطة,
السلم الشرط أن تكون الحنطة من النوع الجيد, ثم لما حل
الأجل ما وجد عند الرجل إلا حنطة دون, يقول الإمام مالك:
"لا بأس أن يأخذ" لكن بعد محل الأجل لا قبله؛ لأنه إذا أخذ
الدون قبل محل الأجل كأنه باع حنطة بحنطة من غير تقابض,
لكن إذا أخذ الدون في وقت حلول الأجل صار هذا من حسن
الاقتضاء, حسن القضاء إذا كانت أفضل.
"قال مالك: وكذلك من سلف في صنف من الأصناف فلا بأس أن
يأخذ خيراً مما سلف، وهذا من حسن القضاء فيه أو أدنى؛ لأنه
من حسن الاقتضاء بعد محل الأجل لا قبله, وتفسير ذلك: أن
يسلف الرجل في حنطة محمولة" الحنطة المحمولة يؤتى بها إلى
المدينة من جهة من الجهات غير الشامية, ولعلها معروفة يعني
متفق عليها، متعارف, إذا رئيت قيل: هذه محمولة من جهة من
معينة.
يقول: "وتفسير ذلك: أن يسلف الرجل في حنطة محمولة فلا بأس
أن يأخذ شعيراً أو شامية" لأنه عند الإمام مالك الشعير
والبر جنس واحد, وقال به بعض الشاميين، وكثير من أهل العلم
يرون أنهما جنسان, فلا يؤخذ هذا مكان هذا؛ لأن يلزم عليه
بيع الحنطة بالشعير من غير تقابض, بعض أهل الظاهر شددوا
على الإمام مالك في هذا, في قوله: إن الحنطة والشعير جنس
واحد, لماذا؟ حتى قال بعضهم: إن القط أفقه من مالك, لماذا؟
لماذا صار القط أفقه من مالك عندهم على حد زعمهم؟ فلا شك
أن هذا سوء أدب, مالك نجم السنن، وإمام دار الهجرة, كيف
صار القط أفقه من مالك؟ يقول: ترمي إليه رغيفين بر وشعير
فيأكل البر، ويترك الشعير, ومالك يقول: سواء, والله
المستعان.
(106/16)
"وإن سلف في تمر عجوة" يعني أجود الأنواع
"فلا بأس أن يأخذ بدل العجوة صيحانياً" نوع من التمر "أو
جمعاً" وهو نوع رديء من التمر, المقصود أنه إذا سلف عقد
السلم على نوع جيد من التمر فلا مانع أن يأخذ دونه, وإذا
عقد على نوع متوسط لا مانع أن يأخذ دونه أو فوقه, فإما أن
يكون هذا من حسن القضاء أو من حسن الاقتضاء "وإن سلف في
زبيب أحمر فلا بأس أن يأخذ أسود" يعني أقل منه في الجودة,
ويكون هذا من حسن الاقتضاء "إذا كان ذلك كله بعد محل
الأجل" أما إذا كان قبل حلول الأجل فيكون كأنه باع تمر
بتمر من غير تقابض "إذا كانت مكيلة ذلك سواء" الجيد
والرديء كيله سواء, لكن ما يقول: أنا عندك لي زبيب أحمر
أعطني زبيب أسود أكثر منه, عندك عشرة آصع أعطني إحدى عشرة
صاع؛ لأن هذا أقل, لا، يقول: "إذا كانت مكيلة ذلك سواء
بمثل كيل ما سلف فيه" فلا بد في ذلك من الحلول حلول الأجل،
وقدر المكيل الذي هو التساوي.
يقول: ما حكم الشروط الجزائية في العقود مثل إذا لم تنجز
العمل خلال سنتين خصم عليك عشرة بالمائة من حساب ... إيش؟
عشرة بالمائة من حساب ما أدري والله وش هو؟
الشرط الجزائي الذي إذا لم تنجز في المدة المحددة بيننا
فعليك أن تدفع عن كل ... , هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(106/17)
إذا لم تنجز في المدة المحددة المتفق عليها
بين الطرفين فإنه يحسم على المقاول أو الشركة مبلغ كذا عن
كل يوم، عن كل شهر, أو عن كل أسبوع, هذا يأخذ مأخذ
العربون, من يجيز العربون يجيز مثل هذا, يجمعهما أنه أكل
مال الغير، لكن أكله من جراء ما يترتب عليه من مفاسد؛ لأن
البيع بالعربون مختلف فيه بين أهل العلم, فمن منعه قال:
أخذه من غير مقابل, فهو من أكل أموال الناس بالباطل, ومن
أجازه قال: لما يترتب على البائع من الضرر؛ لأنه فوت عليه,
والذي اتفق مع شخص أن يبني له بناية يؤجرها ويبيعها
ويستغلها أو يسكنها ولم ينجز في الوقت المحدد, لا شك أنه
ترتب على عمله ضرر, إن كان يعمر له مسكن ترتب عليه أنه لا
بد أن يستأجر هذه المدة, إن كان يريد أن يؤجر فوت عليه
الأجرة هذه المدة, المقصود أنه متضرر، وهذا في تقديري نظير
بيع العربون, فمن أجازه يجيز مثل هذا, ومن منعه وقال: إنه
من أكل أموال الناس من غير مقابل فيمنع مثل هذا, فنظيره
عندي العربون.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة اجتهادية, تحتف بها ما يحتف إن كان سببه التلاعب من
قبله فليزم, وإن كان سببه قهري فالقول الآخر, والعربون
أيضاً إن كان قصده تفويت الزبائن يلزم به, وإن كان قصده
ظهر له شيء في السلعة واستغنى عنها أو شيء فالمسألة
اجتهادية, وأما الحديث الوارد فيه فهو ضعيف ....
(106/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (4)
باب: بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: عنده مبلغ من المال اشترى به أرضاً ثم عرضها
للبيع, والسؤال: هل يستأنف الحول للزكاة أم يبني على الحول
السابق؟
إذا كانت هذه الأرض اشتراها صاحبها بنية التجارة، فالمال
السابق لا ينقطع حوله؛ لأن العروض تضم إلى الأموال وتزكى
زكاة واحدة، وإن كان اشتراها بنية القنية، ثم عرضت له
التجارة فلا زكاة فيها حتى تباع بخلاف ما لو اشترى نوع
مستقل تجب فيه الزكاة, اشترى سائمة مثلاً, أو اشترى زروع
أو ثمار ينقطع الحول, أما عروض التجارة تضم إلى الأموال.
هذا يقول: تأجير المغاسل على العمال بالاتفاق معهم على
مبلغ معيّن مع العلم أنهم إذا أجرت عليهم الآلات أساءوا
استخدامها؟
تأجير المغاسل على العمال إذا كانت تنضبط الأجرة، وكيفية
الاستعمال منضبط، فلا مانع إذا كان الأجرة معلومة، وكيفية
الاستعمال أيضاً -بحيث يرضى بها الطرفان- معلومة بحيث لا
تضرر الآلة، ولا يضيق على العامل فلا مانع منه.
يقول: بعض الأقوال تذكرونها ولا ترجحون شيئاً, .... ونخرج
من الدرس ما يترجح لدينا شيء؟
على كل حال الغالب أنه يذكر الراجح, الغالب أنه يذكر
الراجح, وقد يترك الترجيح؛ لأن المسألة ما هي مسألة تلقين
علم, لأنها تربية على التعليم وعلى العلم, لا بد أن يكون
للطالب دور، لا بد أن يبحث هو عن الراجح, أو يسأل غيره عن
الراجح, لا بد أن يكون له دور.
يقول: في مسابقة الإبل قال رجل للعامل: ضمر الجمل لمدة
شهر, فإن حصل فوز فلك نصف الجائزة هل تُخرج هذه المسألة
على الجعالة؟ فإن خرج فوز فلك نصف الجائزة؟
. . . . . . . . . خرجت على الجعالة هذه أمور كلها مجهولة,
هذه الأمور مجهولة هل يفوز أو لا يفوز؟ هذه مسألة كم
الأجرة؟ كم الجائزة؟ مع أن السباق بالنسبة للإبل جائز،
والسبق عليه شرعي، ما فيه إشكال.
سم.
طالب: أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(107/1)
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء،
واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع الطعام بالطعام لا
فضل بينهما
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سليمان بن يسار قال: فني
علف حمار سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- فقال
لغلامه: خذ من حنطة أهلك فابتع بها شعيراً، ولا تأخذ إلا
مثله.
وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أنه أخبره أن
عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فني علف دابته فقال
لغلامه: خذ من حنطة أهلك طعاماً فابتع بها شعيراً، ولا
تأخذ إلا مثله.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد عن ابن معيقيب
الدوسي مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر عندنا.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن
لا تباع الحنطة بالحنطة، ولا التمر بالتمر، ولا الحنطة
بالتمر، ولا التمر بالزبيب، ولا الحنطة بالزبيب, ولا شيء
من الطعام كله إلا يداً بيد, فإن دخل شيئاً من ذلك الأجل
لم يصلح، وكان حراماً، ولا شيء من الأدم كلها إلا يداً
بيد.
قال مالك -رحمه الله-: ولا يباع شيء من الطعام والأدم إذا
كان من صنف واحد اثنان بواحد، فلا يباع مد حنطة بمدي حنطة,
ولا مد تمر بمدي تمر, ولا مد زبيب بمدي زبيب، ولا ما أشبه
ذلك من الحبوب والأدم كلها إذا كان من صنف واحد, وإن كان
يداً بيد، إنما ذلك بمنزلة الورق بالورق، والذهب بالذهب لا
يحل في شيء من ذلك الفضل, ولا يحل إلا مثلاً بمثل يداً
بيد.
قال مالك -رحمه الله-: وإذا اختلف ما يكال أو يوزن مما
يؤكل أو يشرب فبان اختلافه فلا بأس أن يؤخذ منه اثنان
بواحد يداً بيد، ولا بأس أن يؤخذ صاع من تمر بصاعين من
حنطة، وصاع من تمر بصاعين من زبيب، وصاع من حنطة بصاعين من
سمن, فإذا كان الصنفان من هذا مختلفين فلا بأس باثنين منه
بواحد أو أكثر من ذلك يداً بيد، فإن دخل ذلك الأجل فلا
يحل.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: ولا تحل صبرة الحنطة بصبرة
الحنطة, ولا بأس بصبرة الحنطة بصبرة التمر يداً بيد، وذلك
أنه لا بأس أن يشترى الحنطة بالتمر جزافاً.
(107/2)
قال مالك -رحمه الله-: وكل ما اختلف من
الطعام والأدم فبان اختلافه فلا بأس أن يشترى بعضه ببعض
جزافاً يداً بيد، فإن دخله الأجل فلا خير فيه، وإنما
اشتراء ذلك جزافاً كاشتراء بعض ذلك بالذهب والورق جزافاً.
قال مالك -رحمه الله-: وذلك أنك تشتري الحنطة بالورق
جزافاً، والتمر بالذهب جزافاً، فهذا حلال لا بأس به.
قال مالك -رحمه الله-: ومن صبر صبرة طعام وقد علم كيلها،
ثم باعها جزافاً، وكتم على المشتري كيلها، فإن ذلك لا
يصلح، فإن أحب المشتري أن يرد ذلك الطعام على البائع رده
بما كتمه كيله وغره, وكذلك كل ما علم البائع كيله وعدده من
الطعام وغيره، ثم باعه جزافاً، ولم يعلم المشتري ذلك، فإن
المشتري إن أحب أن يرد ذلك على البائع رده، ولم يزل أهل
العلم ينهون عن ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: ولا خير في الخبز قرص بقرصين, ولا
عظيم بصغير إذا كان بعض ذلك أكبر من بعض، فأما إذا كان
يتحرى أن يكون مثلاً بمثل فلا بأس به وإن لم يوزن.
قال مالك -رحمه الله-: لا يصلح مد زبد ومد لبن بمدي زبد،
وهو مثل الذي وصفنا من التمر الذي يباع صاعين من كبيس
وصاعاً من خشف ...
طالب: أحسن الله إليك, من خشف؟
حشف.
طالب: معجمة عندي أحسن الله إليك.
لا لا حشف.
وهو مثل الذي وصفنا من التمر الذي يباع صاعين من كبيس
وصاعاً من حشف بثلاثة أصوع من عجوة حين قال لصاحبه: إن
صاعين من كبيس بثلاثة أصوع من العجوة لا يصلح, وفعل ذلك
ليجيز بيعه, وإنما جعل صاحب اللبن اللبن مع زبده ليأخذ فضل
زبده على زبد صاحبه حين ادخل معه اللبن.
قال مالك -رحمه الله-: والدقيق بالحنطة مثلاً بمثل لا بأس
به، وذلك لأنه أخلص الدقيق، فباعه بالحنطة مثلاً بمثل, ولو
جعل نصف المد من دقيق ونصفه من حنطة فباع ذلك بمد من حنطة
كان ذلك مثل الذي وصفنا لا يصلح؛ لأنه إنما أراد أن يأخذ
فضل حنطته الجيدة حتى جعل معها الدقيق فهذا لا يصلح.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما
(107/3)
بيع الطعام مما يجري فيه الربا بالطعام
الذي يجري فيه الربا, مما يكال ويدخر ويقتات, لا فضل
بينهما، فإذا كان ربوي بجنسه لا يجوز فيه الفضل ولا النسأ,
وإن بيع بغير جنسه جاز الفضل وحرم النسأ.
قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سليمان
بن يسار" أحد الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة من التابعين
"قال: فني" يعني فرغ وانتهى "علف حمار سعد بن أبي وقاص
-رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أحد العشرة المبشرين بالجنة
فقال لغلامه: خذ من حنطة أهلك" أهل الغلام الذين هم أهل
سعد؛ لأن الغلام صار منهم، بمنزلة واحد منهم، وليس معنى أن
المراد به أهله أمه وزوجته, أم الغلام وزوجة الغلام لا "خذ
من حنطة أهلك فابتع بها شعيراً" يعني خذ حنطة بر واتبع بها
شعيراً اشتر بها شعيراً علفاً للحمار "فابتع بها شعيراً
ولا تأخذ إلا مثله" لأنهما جنس واحد عند الإمام مالك
اعتماداً على هذه الآثار والأخبار التي ذكرها, فالحنطة
والشعير جنس واحد عند الإمام مالك, ولهذا قال: "ولا تأخذ
إلا مثله" فلا يجوز بيع الحنطة بالشعير مع الفضل أو النسأ,
أما بالنسبة للنسأ فهذا متفق عليه؛ لأن الشعير ربوي والبر
ربوي, وهل هما جنسان أو جنس واحد؟ خلاف, مالك يرى أنه مجلس
واحد فيحرم فيها النوعان من الربا: الفضل والنسيئة, وغيره
يرون أنهما جنسان, يجوز التفاضل يأخذ صاع حنطة بصاعين شعير
أو العكس, ووافق الإمام مالك بعض الشامين, وشدد بعض أهل
الظاهر على مالك في هذه المسألة وجاءوا بكلام جانبوا فيه
الأدب, فقالوا: القط أفقه من مالك, بعض أهل الظاهر قالوا
ذلك, لماذا؟ لأنك لو قدمت إلى القط قرص من البر من الحنطة,
وقرص من الشعير أكل البر وترك الشعير, دل على أنهما ما هما
بجنس واحد, قد تقلب المسألة يقال لهذا القائل: الحمار أفقه
منك؛ لأنه يفضل الشعير على البر, كل هذا الكلام لا يصلح
بين أهل العلم, ولا شك أن هذا فيه إساءة أدب مع الأئمة,
إذا كان مالك نجم السنن يقال فيه مثل هذا الكلام من بقي؟
والله المستعان, وهذا رأيه على كل حال, وهو قول مرجوح,
عامة أهل العلم على خلافه, الجمهور على خلافه, أن الشعير
جنس، والبر جنس يجوز أن يباع متفاضلاً، لكن إذا كان يداً
بيد.
(107/4)
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن
يسار أنه أخبره أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن
وهب الزهري" صحابي صغير، أو من كبار التابعين على خلاف بين
أهل العلم, وعلى كل حال هو مولود على عهد النبي -صلى الله
عليه وسلم- "فني علف دابته فقال لغلامه: خذ من حنطة أهلك
طعاماً فابتع بها شعيراً ولا تأخذ إلا مثله" وذلك لاتحاد
الجنس على من تقدم عنده وعند الإمام مالك.
"وعن مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد عن ابن معيقيب بن
أبي فاطمة الدوسي حليف بني عبد شمس مثل ذلك" بلغه مثل ذلك,
أنه اشترى شعيراً بحنطة وقال: لا تزد ولا تزداد, لا بد أن
يكون مثله, على متقدم في الأثرين السابقين.
"قال مالك: وهو الأمر عندنا" يعني بالمدينة أن البر
والشعير جنس واحد "لتقارب المنفعة" لأن ما يصلح أن يصنع من
الحنطة يصلح أن يصنع من الشعير.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا" لأن الجمهور حينما
جعلوا الشعير صنف يختلف عن البر عمدتهم؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الحديث المتضمن لبيان الأجناس ((الذهب بالذهب، والفضة
بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح،
والتمر بالتمر)) جعلها أصناف, لكن لتقارب الشعير في
المنافع مع البر اتجه القول بأنهما جنس واحد عند مالك ومن
ذكر عنه من الأخبار المذكورة.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا إي لكن من يقول: إن درهم بدينار؟ ما يمكن أن يقال
هذا, لا يقوله أحد.
طالب:. . . . . . . . .
لا, الذهب والفضة أقيام يشترى بها كل شيء.
طالب:. . . . . . . . .
إي لكن معروف أنه مخصوص, مخصوص بالاتفاق ما فيه خلاف, ولا
يمكن أن تتم عملية دين إلا والذهب والفضة طرفاً فيها.
(107/5)
"وقال مالك: الأمر المجتمع عليها عندنا أن
لا تباع الحنطة بالحنطة، ولا التمر بالتمر، ولا الحنطة
بالتمر، ولا التمر بالزبيب، ولا الحنطة بالزبيب, ولا شيء
من الطعام كله إلا يداً بيد" لكن يجوز مع ذلك الحنطة
بالحنطة يحرم التفاضل والنسأ, التمر بالتمر يحرم التفاضل
والنسأ, الحنطة بالتمر يجوز التفاضل، لكن لا يجوز النسأ
إلا يداً بيد, ولا التمر بالزبيب كذلك, ولا الحنطة بالزبيب
ولا شيء من الطعام كله إلا يداً بيد؛ لقوله -عليه الصلاة
والسلام-: ((فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان
يداً بيد)) "فإن دخل شيئاً من ذلك الأجل النسأ والتأخير لم
يصلح وكان حراماً" الآن لو سئل شخص عن مسألة, شيخ من
المشايخ سئل عن مسألة وقال: ما يصلح, هل تعادل كلمة حرام؟
الحرام أشد؛ لأن بعض المشايخ يعني قد لا يتبين له الدليل
بياناً واضحاً بحيث يجزم بالتحريم فيقول: ما يصلح, وهذا من
باب الورع، أحياناً يقول: لا ينبغي أو لا يعجبني في إزاء
التحريم, لم يصلح وكان حراماً, هل نقول: إن كلمة لم يصلح
تعود إلى صحة العقد وفساده؟ وحراماً لأنه كان حرام يعني
حكمه التحريم، أو نقول: إنها لم يصلح يعني لا يجوز ولا يحل
وكان حراماً؟ التحريم واضح في هذه الصور, التحريم ظاهر,
تسمعون في فتاوى بعض المشايخ أنه يقول: ما يصلح هذا, ما
يصلح؛ لأنه ليس عنده دليل يقطع بتحريم ما سئل عنه بسببه,
فيعدل إلى عبارة أسهل.
"ولا شيئاً -يعني لا يباع شيء- من الأدم كلها إلا يداً بيد
للاتفاق على حرمة ربا النسيئة" هذا إذا كان مما يجري فيه
الربا أو في أصوله.
(107/6)
"قال مالك: ولا يباع شيء من الطعام والأدم
إذا كان من صنف واحد اثنان بواحد" متفاضلاً بل لا بد من
الاتحاد، ولا بد من العلم به, لا بد من العلم بالتساوي,
والجهل بالتساوي عند أهل العلم كالعلم بالتفاضل, يعني ما
يكفي تقدير, بل لا بد أن يعلم أن الوزن أو الكيل واحد "فلا
يباع مد حنطة بمدي حنطة, ولا مد تمر بمدي تمر, بل لا بد من
التساوي, ولا مد زبيب بمدي زبيب، ولا ما أشبه ذلك من
الحبوب والأدم كلها إذا كان من صنف واحد" إذا كان زيت هذا
زيت زيتون وهذا زيت ذرة أو زيت شعير يصلح التفاضل وإلا ما
يصلح؟ هاه؟ يقول: "ولا ما أشبه ذلك من الحبوب والأدم كلها,
إذا كان من صنف واحد" بهذا القيد, لا يصلح التفاضل, لكن
إذا كانت من أصناف مختلفة فبيعوا كيف شئتم إن كان يداً
بيد, ومع ذلك إذا كان من صنف واحد لا يجوز التفاضل وإن
كانت يداً بيد, طيب ماذا عن حديث: ((لا ربا إلا في
النسيئة))؟ يعني لا ربا أشد منه إلا في ربا النسيئة, يعني
ربا النسيئة أشد من ربا الفضل, والحصر هنا إضافي وليس
بحقيقي، الحصر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الحصر إضافي؛ للاهتمام به، والعناية بشأنه، وتهويل
أمره، والتشديد فيه, وإلا فربا الفضل ثبتت في تحريمه
النصوص القطعية, ولا مجال للتشكيك, وإن وجد من يستدل بهذا
الحديث على جواز أو التساهل في ربا الفضل, حصر إضافي إذا
قلت: لا شاعر إلا حسان مثلاً, ولا فقيه إلا أبو حنيفة
مثلاً, حصر إضافي يعني بالنسبة ... , يوجد شعراء كثر غير
حسان, يوجد فقهاء غير أبي حنيفة، لكنه بالإضافة إليه،
ونسبته إلى غيره كأن غير موجود مع وجوده.
يقول: "إنما ذلك بمنزلة الورق بالورق" لا بد من التساوي،
والحلول يداً بيد, الذهب بالذهب لا بد من التساوي والحلول,
فلا يجوز التفاضل ولا النسأ "لا يحل في شيء من ذلك الفضل
والزيادة, ولا يحل إلا مثلاً بمثل، يداً بيد" لا بد من
القيدين ومن الشرطين.
(107/7)
"قال مالك: وإذا اختلف ما يكال أو يوزن مما
يؤكل أو يشرب فبان اختلافه فلا بأس أن يؤخذ منه اثنان
بواحد يداً بيد" الاختلاف هنا في الكيل والوزن أو في
الصنف؟ الصنف, فبان اختلافه, لا يكون اختلاف غير بيّن, قد
يوجد الاختلاف في الصنف الواحد, لكن هذا اختلاف غير بيّن
كالبر مع الشعير عنده, هذا مختلف لكن الاختلاف غير بيّن
عنده, وكأنواع التمر وأنواع الحبوب, وأنواع ما يجري فيه
الربا, لا بد أن يبين اختلافه؛ لأنه في الحديث: ((فإذا
اختلفت هذه الأصناف)) فلا بد من أن يبين هذا الاختلاف
بتغير الصنف لا مع اتحاد الصنف, فلا بأس أن يؤخذ منه اثنان
بواحد يداً بيد, ولا بأس أن يؤخذ صاع من تمر بصاعين من
حنطة, لماذا؟ لأن الاختلاف بيّن بين التمر والحنطة "وصاع
من تمر بصاعين من زبيب" والاختلاف بينهما بيّن "وصاع من
حنطة بصاعين من سمن" الاختلاف بيّن "فإذا كان الصنفان من
هذا مختلفين فلا بأس باثنين منه بواحد أو أكثر من ذلك"
ثلاثة بواحد عشرة في واحد لا مانع "يداً بيد، فإن دخل ذلك
الأجل فلا يحل" لأن الشرط منصوص عليه ((فإذا اختلفت هذه
الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) بالنسبة للتفاضل, لكن الحلول
والتقابض لا بد منه؛ لقوله: ((إذا كان يداً بيد)).
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يكال ويدخر عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
الأحوط.
"فإن دخل ذلك الأجل فلا يحل".
"قال مالك: ولا تحل صبرة الحنطة بصبرة الحنطة" يعني كومة
حنطة كثير مجتمع بمقدارها من صبرة أخرى لماذا؟ لأنه لا
يتحقق التماثل, هاه؟ لا بد من العلم بالتساوي, والجهل
بالتفاضل كالعلم به "ولا بأس بصبرة الحنطة بصبرة التمر" من
غير كيل, تأتي إلى مخزن مملوء تمر وآخر مملوء حنطة تشتري
هذا بهذا لا بأس؛ لأنه لا يشترط فيه التماثل ولا التساوي،
لكن لا بد أن يكون يداً بيد "ولا بأس بصبرة الحنطة بصبرة
التمر يداً بيد, وذلك أنه لا بأس أن يشترى الحنطة بالتمر
جزافاً" مثل ما ذكرنا لأنه لا يشترط التساوي.
"قال مالك: وكل ما اختلف من الطعام والأدم فبان اختلافه
فلا بأس أن يشترى بعضه ببعض جزافاً يداً بيد" يعني مثل ما
مثل سابقاً، فبان اختلافه, حنطة بتمر، تمر بزبيب وما أشبه
ذلك.
(107/8)
"قال مالك: وكل ما اختلف من الطعام والأدم
فبان اختلافه فلا بأس أن يشتري بعضه ببعض جزافاً يداً بيد,
فإن دخله الأجل فلا خير فيه" لأنه يدخله ربا النسيئة، ولا
خير فيما حرم الله -جل وعلا- "وإنما اشتراء ذلك جزافاً
كاشتراء بعض ذلك بالذهب والورق جزافاً" لأنه لا يلزم معرفة
المقدار بالكيل إلا إذا بيع بجنسه، أما إذا بيع بغير جنسه
وحينئذٍ لا يشترط التماثل يجوز البيع جزافاً.
"قال مالك: وذلك انك تشتري الحنطة بالورق جزافاً، والتمر
بالذهب جزافاً، فهذا حلال لا بأس به" لكن الذي يختلف فيه
الذهب والفضة عن غيرهما أنها قيم الأشياء, تباع بها
متفاضلة، وتباع بها نسيئة.
"قال مالك: ومن صبر صبرة طعام وقد علم كيلها" يدري يعرف
أنها مائة صاع "ثم باعها جزافاً، وكتم على المشتري كيلها
فإن ذلك لا يصلح" لماذا؟ لا سيما إذا كان يعني بان من تصرف
المشتري، أو لوحظ عليه أنها أكثر من الواقع, هي مائة صاع
ويعرف صاحبها أنها مائة صاع, فقال لصاحبها: بكم؟ قال: بألف
ريال, قال على كل حال نحن كسبانين, تمر كثير مائتين صاع
ثلاثمائة صاع بألف ريال رخيص, وهي مائة, وذاك يسمعه, أو
ظهر عليه علامات أنها أكثر من واقعها, فحينئذٍ لا يجوز أن
يكتمها؛ لأن ذاك ما أقدم على الشراء إلا لغلبة ظنه أنها
أكثر من واقعها, وإلا فالأصل أنها يجوز بيعها جزافاً, وإن
أخبره بواقعها, لا شك أنه أحوط، وكلام الإمام مالك منصب
على ما إذا كان المشتري يظن أنها أكثر مما هي عليه في
الواقع, يتوقعها مائة وخمسين صاع مثلاً، وهي مائة صاع,
وأما إذا كان يتوقعها على حقيقتها, الناس يتفاوتون, بعض
الناس إذا رأى الصبرة قال: خمسمائة صاع, وهي ما تجيء
مائتين, بعض الناس يعطيك مقدارها بدقة, وبعض الناس من حرصه
على نفسه وعلى ماله يقدرها نصف الكمية, فالإمام مالك يريد
أن يقطع الطريق على من يأتيه مثل هؤلاء فيخبره.
(107/9)
"قال مالك: ومن صبر صبرة طعام وقد علم
كيلها ثم باعها جزافاً وكتم المشتري كيلها فإن ذلك لا
يصلح" كتم على المشتري كيلها, لا سيما إذا كان هذا التصبير
منطوي ومشتمل على شيء من الخداع, يعني جعل هذه الصبرة على
مكان مرتفع, فمن رآها ظن أنها ضعف ما هي عليه في الواقع,
مثل هذا لا بد أن يخبر, "فإن أحب المشتري أن يرد ذلك
الطعام على البائع رده بما كتمه كيله وغره" ما يشترط له
كيل معين, وإنما أنا اشتريت منك جزاف أرد عليك جزاف, ما
يقول البائع: أنا بعتك صبرة ثم بعد ذلك يسأله: كم أنت مقدر
الصبرة؟ أنا ما أدري، يقول البائع: ما أدري وهو يدري, يقول
للمشتري: كم تقدرها أنت؟ يقول: مائة وخمسين صاع, وهي في
واقعها مائة صاع, يقول: أنت يمكن إنك أخذت أو أخذ منها
وأنت لا تدري, لا أقبلها منك إلا كيل, على ما تقدره أنت,
وهو يعرف أنه مسترسل يزيد, نقول: ما دام اشترى جزاف يرد
جزاف، يرد كما اشترى.
"فإن أحب المشتري أن يرد ذلك الطعام على البائع رده بما
كتمه كليه وغره وكذلك كل ما علم البائع كيله وعدده من
الطعام وغيره ثم باعه جزافاً ولم يعلم المشتري ذلك فإن ...
" يعني هذا في جميع السلع, يعني شخص طالب علم عنده مكتبة
فيها ألف مجلد, جاء زبون قال: أنا أريد أن أشتري المكتبة,
كم فيها مجلد؟ الله أعلم ما أدري أنا أجيب وأحط بالرفوف
وما أدري, وهو عاده قبل ما يدخل بالمجلد, ثم جاء المشتري
وعد الدواليب وضرب وجمع، قال: ما شاء الله ألفين مجلد حد,
إي لا بد أن يخبر بالواقع, ذاك يعرف العدد, لو كان ما يعرف
العدد أمر سهل, لكن يعرف العدد أنه عدها قبل حضوره, ولم
تزد ولا مجلد واحد, عدها بالمجلد طلعت ألف, لا تزيد ولا
تنقص, ثم جاء الزبون, وبعض الزبائن ما يحسن التقدير, نعم
بعض الناس يحتاط لنفسه, فإذا قيل له: سم, سام على أنها
خمسمائة ما هي بألف هذا من شدة احتياط بعض الناس, لكن بعض
الناس أمره ماشي, أموره ماشيه بالبركة, ضرب شاف كم دالوب
قال: عشرة دواليب, ما شاء الله كل دالوب يمكن فيه مائتين,
إذا ألفين مجلد, مثل هذا لا بد أن يخبر بالعدد, على قول
الإمام مالك, ولو كانت بالجملة ما هي بالمجلد.
(107/10)
"فإن أحب المشتري أن يرد ذلك الطعام على
البائع رده بما كتمه كيله" لأنه لو رد المكتبة فيما بعد,
قال: أنت حاسبها ألفين مجلد رد لي ألفين مجلد, قال: أنا ما
شريت منك بالحبة, أنا اشتريت منك جزاف، وهذه ما تخلف منها
ولا ورقة, قال: يا أخي بإقرارك أنت إنها ألفين, مثل اللي
اشترى جزاف يرد جزاف, ولا يلزمه العدد ولا الكيل, وكذلك
كلما علم البائع كيله وعدده من الطعام أو غيره, السيارة
يستعملها صاحبها عشر سنوات العداد لا بأس يستمر سنة سنتين
ثلاث ثم يحصل له عطل، بقيت السنوات, هو ثابت على العد
الأول قبل خمس أو ست سنوات, لا بد أن يخبر أنه منقطع قبل
خمس سنين العداد؛ لأن هذا يمشي, يشتري على أن ماشية سهل
يعني يسير, ما زالت في التمرين, وهي تمشي من خمس سنين بدون
عداد, لا بد من أن يخبر بهذا, وإن كتم محقت البركة، وإن
أظهر له, يعني تظاهر له أنها ما مشت إلا هذا يكون غش، حرام
ما يجوز.
"وكذلك كلما علم البائع كيله وعدده من الطعام أو غيره" ولا
يجوز التحايل لإفساد العداد، أو وضع آله تغير الأرقام, بعض
الناس يتحايل على عداد الكهرباء، ويضع عليه مغناطيس, يخليه
ما يمشي, هذا لا يجوز حرام هذا, نسأل الله العافية, صحيح
بعض العدادات تكون أسرع من الواقع, تكون فيها سرعة مثل هذه
يتفاهم مع الشركة ليضبطوه له, ولا يأتي بمثل هذه الآلة
بحيث ما يمشي العداد.
قال -رحمه الله-: "وكذلك كل ما علم البائع كيله وعدده من
الطعام وغيره ثم باعه جزافاً، ولم يعلم المشتري ذلك, فإن
المشتري إن أحب أن يرد ذلك على البائع رده، ولم يزل أهل
العلم ينهون عن ذلك".
"قال مالك: ولا خير في الخبز قرص بقرصين, ولا عظيم بصغير"
خبزة بخبزتين, أو قرص من الخبز من التميز مثلاً الكبير
بشيء صغير, ولو كان الحنطة هذه أجود وهذه أقل, لو كان
القرص الكبير من حنطة أقل، والقصر الصغير من حنطة أجود,
ولو كان مما قدر فيه الصاع بنصف صاع, على رأي معاوية في
حنطة الشام -رضي الله عنه وأرضاه-, ما يقال: هذا من سمراء
الشام نصفه, نصف القرص يكفي عن قرص أو قرص عن قرصين لا, لا
بد من التساوي.
(107/11)
"إذا كان بعض ذلك أكبر من بعض، فأما إذا
كان يتحرى أن يكون مثلاً بمثل فلا بأس به" تحرى الخباز أن
القرص هذا بقدر هذا, ويقطع العجين بمقدار معين متساوٍ
حينئذٍ يجوز إذا علم التساوي, لا سيما إذا كان الخبز
بالآلات, الآلات تضبط التساوي أكثر ضبط من تقدير الإنسان,
يقول: "فلا بأس به وإن لم يوزن, والأبرأ للذمة أن يوزن".
(107/12)
"قال مالك: لا يصلح مد زبد ومد لبن بمدي
زبد" مد زبد ومد لبن يعني فيه زبد, بمدي زبد؛ لأن الزبد
متفاضل الآن وإن كان الكيل واحداً "وهو مثل الذي وصفنا من
التمر الذي يباع سابقاً" الذي وصفه سابقاً من التمر الذي
يباع صاعين من كبيس وصاعاً من حشف بثلاثة أصوع من عجوة حين
قال لصاحبه: إن صاعين من كبيس بثلاثة أصوع من العجوة لا
يصلح, نعم صاعين من كبيس بمائة ريال وثلاثة آصع من عجوة
بمائة ريال قيمتها متساوية, لكن هل يجوز بيع هذا بهذا؟ لا
يجوز, فذهب يتحايل قال: نعطيك صاعين كبيس وصاع حشف -تمر
يابس لا يستفاد منه يصلح علف للدواب- لكن ليستفيد منه
الإنسان, وقيمته لا تساوي شيئاً بالنسبة للكبيس, لا يجوز,
الإمام مالك سبق أن نبه على هذا؛ لأنه لو قال له: صاعين من
كبيس بصاعين من عجوة جاز البيع، لكن يبقى أنه ما يمكن
يشتري صاع من عجوة بصاع حشف, ظاهر وإلا مو بظاهر؟ هو سبق
أن نبه على هذا "ففعل ذلك ليجيز بيعه" يمشي البيعة, قال. .
. . . . . . . ما أحد يقول له ... ، ثلاثة آصع بثلاثة آصع،
ما فيه أدنى شيء مثلاً بمثل, لكن ما جعل الحشف في البيعة
إلا ليمشي البيعة الربوية السابقة, فهي مجرد حيلة, وإلا
فالأصل احتمال أن المشتري يترك الحشف في السوق, ما قيل ...
, ليس مقصود له وليس عنده دواب تأكله, وهو لن يأكل يتركه
في السوق, فدل على أن لا بد أن تكون السلعة مقصودة عند
البائع والمشتري, لا لتمشية ما .... , لا للتحايل على ما
حرم الله -جل وعلا-, يعني مثل ما قلنا في مسألة هبة
الجزيرة, يشتري السيدي بخمسمائة ريال، وهو ما يسوى خمسة
ريال, ومع ذلك يمشي ويتركه عندهم, هل هذه المادة التي عقد
عليها مقصودة للبيع؟ ليست مقصودة، وإنما هي لتصحيح الصورة
الظاهرة، والله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى, لا يخفى عليه
مثل هذه الأمور, يعني إذا كانوا يضحكون على أنفسهم، أو
يضحكون على غيرهم فالله -جل وعلا- علام الغيب, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يجيء ما يتساوى, لا يمكن أن يتساوى, المطحون مع غيره ما
يمكن أن يتساوى.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(107/13)
إي لا بد أن تفصل ليعلم مقدار الحنطة مع
الحنطة, مثل الذهب اللي فيه خرز مع الذهب الصافي, وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن دخل فيها نوع ثاني, لا بد أن يتخلص منه, أو تباع
بمثلها، أو تباع بالدراهم ويشترى بالدراهم شيء خالص.
"ففعل ذلك ليجيز بيعه، وإنما جعل صاحب اللبن اللبن مع زبده
ليأخذ فضل زبده على زبد صاحبه حين أدخل معه اللبن".
"قال مالك: والدقيق بالحنطة مثلاً بمثل لا بأس به" لكن هل
يمكن أن يتساوى دقيق مع حنطة إذا عشرة آصع من دقيق بعشرة
من حنطة؟ لا شك أن الصاع يأخذ من الدقيق أكثر مما يأخذ من
الحنطة؛ لأن الحنطة وإن صغرت حباتها إلا أن بين حباتها
فراغ, بينما أن الدقيق ما فيه فراغ, واضح وإلا ما هو
بواضح؟ لا سيما إذا كبس وإلا لو ترك منتفش يمكن الحنطة
تزيد, الآن إذا طحنت الحنطة وجيء بها بكيس يسع خمسين كيلو
ثم طحنت, هل يصغر الكيس أو يكبر عليها؟ يعني تنزل شوي
تنهضم, هذا الكلام أنه في مسألة الدقيق بينها فجوات, لكن
قد يقول قائل: يرد هذا الكلام على التمر, التمر إذا كلنا
الكبيس مع التمر المنفرد المفرود أخص الصاع من الكبيس أكثر
من المفرد, يتجاوز في مثل هذا وإلا لا؟ يعني لو بعنا صاع
كبيس بصاع منفرد نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الوزن غير معتبر هنا كيل.
طالب: يتجاوز لأنه يسير مو مثل الحنطة ....
صاع تمر كبيس, جبنا الصاع ومليناه من المرصوص كبيس كنيس,
والثاني سائب مع الكبس تنتهي الفراغات, ما يصير بين تمرة
وأخرى فراغ, بينما مع كونه سائب نثر ...
طالب: يعني حتى يتقاربان؛ لأنه حتى تنقص وزنها ....
المكبوس خفيف ولا ثقيل؟
طالب: يزيد. . . . . . . . .
المقصود أنه ثقيل. . . . . . . . . ما جاء من برا.
طالب:. . . . . . . . .
(107/14)
لا وزنه ما يتغير إلا إذا جف, إذا جف نقص،
أما ما دام رطب هو ما ينقص, فالمسألة قول مالك -رحمه
الله-: الدقيق بالحنطة مثلاً بمثل, لا بأس به صاع دقيق
بصاع حنطة, يقول: لا بأس به, لكن الواقع والمشاهد؟ هل
استيعاب الصاع من الحنطة مثل استيعابه من الدقيق؟ لا بد أن
يختلف, أو نقول: هذا مغتفر مثلما نغتفر أنواع التمر, بعض
التمر حبة كبيرة وبعضه حبة صغيرة, فتكون الفراغات بين
الحبات الصغيرة أقل من الفراغات بينما حباته كبيرة, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا ما يدخله الوزن هذا مكيل, ولا يجوز بيعه وزناً.
طالب:. . . . . . . . .
لكن وش دخل الوزن هنا؟ ما لا علاقة الوزن بهذه الأمور,
هناك ما يباع كيل، وهناك ما يباع وزن, والمعتبر بالكيل كيل
المدينة، والمعتبر بالوزن وزن مكة, لا الأمور منضبطة.
طالب:. . . . . . . . .
إي على كلامه يغتفر مثل هذا التفاوت, هذا الذي ذكرنا أن
بعض الأنواع كبيرة وبعضها صغيرة, وتبعاً لذلك تكون
الفراغات بينها إذا كانت من النوع الصغير أقل بكثير من
الأنواع الكبيرة, الآن لو جبت صاع ووضعت فيه خمس تفاحات
امتلأ؛ لأن الفراغات كبيرة بينها, نعم لكن لو وضعت فيه بر
الفراغات قليلة, ولو جئت بدقيق كل ما تكبر الحبة يكثر
الفراغ بينها وبين أختها.
طالب: لكن الشريعة اغتفرت مثل هذا اليسير يا شيخ ....
لا العدد ما له قيمة.
طالب: لا أنا أدري .... والوزن ليس له قيمة ....
ولا وزن ما هن إلا ....
طالب: فالكيل اعتبرته الشريعة واغتفرت اليسير مثل هذا ...
لأن الوزن معلوم. . . . . . . . . وزناً بوزن لكن ....
كيلاً بكيل.
لا, لا مثل هذه المكيل لا يباع إلا مكيل؛ لأنه لو بعناه
وزناً بوزن، لو بعنا هذا وزن بوزن، ثم جئنا لنكيله ما
ينضبط, اختلف الكيل.
طالب:. . . . . . . . .
وسمت التمر تمر أياً كان سواءً كان حبة صغيرة أو كبيرة,
والدقيق بالحنطة مثلاً بمثل لا بأس به؛ وذلك لأنه أخلص
الدقيق فباعه بالحنطة مثلاً بمثل, أخلصه يعني من نوع
الحنطة, من جنس الحنطة, ولو جعل نصف المد من دقيق، ونصفه
من حنطة فباع ذلك بمد من حنطة كان ذلك مثل الذي وصفنا لا
يصلح, مثل اللبن مع الزبد والزبد الخالص.
طالب: والحشف ....
هاه؟
(107/15)
طالب:. . . . . . . . .
لا لا, لا ذي مثل اللبن مع الزبد والزبد الخالص, الآن ما
دام يجوز بيع الدقيق بالحنطة, لماذا لا يجوز بيع دقيق
وحنطة بحنطة؟ هاه؟
طالب: فيه تفاضل.
يعني لو رجعنا إلى مسألة مد عجوة مثلاً, مد ودرهم بدرهمين,
هذه ممنوعة عند جمع من أهل العلم, لماذا؟ الدرهم بالدرهم
ما فيه إشكال احسم هذا عن هذا, صار مد بدرهم, لو أشترى مد
بدرهم, يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز إذاً ما الذي دعاه أن يجعل
مع المد درهم ليبيعه بدرهمين, ما يكون مباشرة مد بدرهم,
ويأخذ درهم وهذا يأخذ درهم, ما عدل إلى مثل هذه الصورة إلا
أن درهمه الذي وضعه مع المد فيه شيء, ولا نتصور أن دراهمهم
مثل دراهمنا, الجديد والخلق حكمها واحد؛ لأن قيمتها واحدة,
لا عندهم الدرهم يتأثر بأدنى سبب, يعني فيه المكسر, وفيه
الوزن الزائد، وفيها الذي وزنه ناقص, وفيها اللي المغشوش،
وفيها ... , ما عدل إلى وضع الدرهم مع المد إلا لأمر فلذلك
يمنع, هذا سبب المنع, وإلا المسألة حسابية درهم في مقابل
درهم يداً بيد ما فيه إشكال, ودرهم في مقابل المد ما فيه
إشكال, لكن ما لجأ إلى مثل هذه الصورة إلا لشيء, إلا لسبب
في درهمه, فلذلك يمنعها أهل العلم, وهنا لو جعل المد من
دقيق ونصفه من حنطة فباع ذلك بمد من حنطة كان ذلك مثل الذي
وصفنا, لماذا؟ لأنه لو كان مثل الدقيق أو الحنطة التي
يريد, هو يريد أن يمشي حنطته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم بلا شك, كان يأخذ نصف المد من دقيق في مقابل نصف المد
من دقيق, ويجعله نصف مد من دقيق بنصف مد من حنطة, لكن يريد
أن يمشي، لا بد أن البيع مشتمل على شيء, يعني لو قال لك
مثلاً: كرتون المناديل وداخله ريال, أو الفشار أو غيره
داخله ريال بريال واحد, وش تقول؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ريال موجود ما في إشكال, إنما هو من باب الترويج, ترويج
سلعته يبي يمشي, يجعل في مائة حبة ريال واحد في واحدة على
شان كل يقول: لعله يطلع لي, وتنفد الكمية, ويشتريها من لا
يحتاجها, وهذه من حيل التجار ومن أساليبهم التي صاروا
يتعاملون بها.
(107/16)
"ولو جعل نصف المد من دقيق ونصفه من حنطة
فباع ذلك بمد من حنطة" الأصل أن يجعل الحنطة في مقابل
الحنطة نصف بنصف, وينتهي الإشكال يصير ما عنده مشكلة, ونصف
من دقيق ونصف من حنطة عند مالك ما فيه إشكال, يعني لو
فرقهما ما فيه مشكلة, لكن لما جمعهما ما جمعهما إلا لخلل
في نصيبه، فيمنع من هذه الحيثية مثل ما تقدم, كان ذلك مثل
الذي وصفنا لا يصلح؛ لأنه إنما أراد أن يأخذ فضل حنطته
الجيدة حتى جعل معها الدقيق فهذا لا يصلح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يداً بيد بالتخلية الآن, لكن لا يجوز للمشتري أن يبيعها
حتى ينقلها إلى رحله، بالدراهم والدنانير, ما يمكن قبضه،
لكن مثل هذه الكميات الكبيرة التي لا يمكن قبضها في الحال,
يعني حوزها إلى الرحل مثل هذه بالتخلية، يخلها ويقول: هذا
المستودع فيه كذا صاع من التمر, وأنت مستودعك فيه كذا من
كذا, أنت أقبض وأن أقبض بالتخلية، ثم بعد ذلك لا يجوز بيعه
إلا ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم, لا يجوز حتى يحوزه إلى رحله, إذا كان البيع بالصاع ما
يتم القبض إلا بالكيل, وهذا الذي يمكن أن تشير إليه؛ لأنه
ما يمكن قبضه إلا بالكيل, فهذا يكال وهذا يكال في آن واحد،
ومع ذلك يقبضه, نشوف بعض الأسئلة.
يقول: كيف يرد على بعض العقلانيين في هذا العصر من زعمهم
أن الربا المحرم ربا الجاهلية فقط؟ وما أثاروه من أن عدم
التقابض في مكان مختلف الصنف يبعد أن يرتب عليه العذاب
الشديد والإيذان بالحرب من الله والأمر في ظاهره لا يبلغ
هذا المبلغ زعموا؟
(107/17)
كلمة يهوي بها في النار سبعين خريفاً, كلمة
لا يلقي لها بالاً من سخط الله يهوي بها في النار سبعين
خريفاً, فكيف بمعاملة بيع وشراء وأخذ وعطاء, ضغطة زر من
مسدس يقتل بها مسلم, يكون -نسأل الله العافية- عذابه جهنم,
ليس المقياس صعوبة الأمر وسهولته أبداً, المقياس النص
الشرعي الثابت, نقول: هذا سهل كيف يعني، مثل ما قالوا عن
التصوير: ضغطة زر بالكاميرا ويصير أشد الناس عذاباً يوم
القيامة! ترى قالوا مثل هذا الكلام, واللي صورت الكاميراً,
نقول: أيضاً ضغطة زر ويقتل مسلم, والآلة المسدس هو اللي
قتل ما هو هو بعد, إذا بغينا نقول: أن الآلة هي التي صورت,
لا شك أن هذا ضلال وتضليل, ضلوا وأضلوا -نسأل الله السلامة
والعافية-.
يقول:. . . . . . . . . العذاب الشديد، والإيذان بالحرب,
والأمر في ظاهره لا يبلغ هذا المبلغ! إذاً كل شيء إذا نظرت
إليه بهذا المنظار وش صار؟ ما صار شيء, الزنا يدخل آلته
بآلة امرأة وش صار؟ ما صار شيء، إذا بغوا ينظرون إلى هذا
المنظار, القتل مثل ما قلنا، السحر مثل ... , عظائم الأمور
تنتهي بهذه الطريقة, نسأل الله السلامة والعافية, المسلم
يتدين بدين من الله -جل وعلا-, فيدور مع هذا الدين, جاءه
النص سمعنا وأطعنا.
طالب:. . . . . . . . .
ملئ الكف, بلا شك, وين؟
طالب:. . . . . . . . .
آلة تصوير؟
طالب:. . . . . . . . .
وش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
(107/18)
ما تغير اسمه ولا حقيقته وهو في المضاهاة
أشد، أفتى بعضهم بأن لعب البنات التي في الأسواق هي اللعب
الموجودة في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، والتي جاءت
بها النصوص، ويتمرن عليها البنات في تربية الأطفال, بالله
عليكم اللعب الموجودة عند السلف هكذا, وساد كبير يجعل في
رأسه وساد صغير يتربى عليه البنات, لكن الموجودة الآن إذا
نامت أغمضت العينين, إذا أوقفت فتحت العينين وضحكت, إذا
صفق لها رقصت, هل هذه مثل لعب البنات, وواحدة جايبن لي
صورة من هذا النوع يقول: الشيخ فلان أفتى بحلها؛ لأن لعب
البنات كانت موجودة على عصر الصحابة، ويراها النبي -عليه
الصلاة والسلام- ويقرها, هذا تلبيس, هذا المجسم المجمع على
تحريمه؛ لأن أهل العلم يحكون الإجماع على تحريم المجسم،
وما له ظل, يعني يختلفون فيما لا ظل له, لكن الذي له ظل
مجمع على تحريمه, أضف إلى ذلك أنه هذه اللعب مصورة بتصوير
دقيق بليغ في غاية الجمال, وقد وجد أحجام اكتفى بها بعض
الفساق, ومع ذلك نقول: مثل هذه الصور حلال؟! هذه المضاهاة,
إيش معنى المضاهاة؟ يعني لا بد أن يوجد من يعبد هذه
الآلات؟! من يعبد هذه الصور اللي نحرمها؟! لا ما يلزم أن
يوجد من يعبدها, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
أجنحة إيه, خشبة من هنا وخشبة من هنا إيش صار؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا جناح.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل تتصور أنه موجود عند الصحابة من التصوير الدقيق
مثل ما عند هؤلاء, ولا وش معنى القرام اللي على السهوة أمر
بتقطيعه حتى ذهبت الرؤوس منه؟
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي الجناح إيش معنى جناح؟ هم عندهم أدنى شيء بس يشبه
ولو من بعد يسمونه, ما في شيء دقيق لا عيون ولا فم ولا ...
, ما في شيء, مثل ما قالوا عن لعب البنات, شرحها الشراح
كلهم قالوا: وساد كبير مثل هذا, ووساد صغير فوقه, يجعلونه
كالرأس, هذه لعب البنات عندهم, ما على شيء أبد, بس يتعلمون
عليها يمهدونها ويحملونها ويرضعونها, وأدركناها إلى وقت
قريب, إلى أن غزينا بمثل هذه الأمور.
طالب:. . . . . . . . .
إيش يسمونها؟ يسمونها إسلامية, إيه الله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
(107/19)
لا كله إذا كان دقيق حكمه واحد, وإذا كان
مجرد كرؤية البعيد، يعني تشوف شيء شبح من بعيد تظنه إنسان
من غير تفصيل في فمه ولا عينيه ولا أنفه, هذا أمره واسع,
ومثل البعيد الذي لا يتبيّن منه شيء يجوز تصويره بعد, شبح
بعيد ما تدري قفاه وإلا وجهه، ما تردي هو وجه ولا قفاه
صوره وش المانع؟ لأن ما فيه وجه, والصورة الوجه.
طالب: الفيديو؟
حكمه واحد لا فيديو ولا غيره, الشيء الذي يعاد والمصوَر
غير موجود يحفظ هذا تصوير.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مطابق.
طالب:. . . . . . . . .
أشد في المضاهاة المطابق, فالمطابق أشد في المضاهاة.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ....
(107/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (5)
باب: جامع بيع الطعام
الشيخ: عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع بيع الطعام
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه
سأل سعيد بن المسيب فقال: إني رجل ابتاع الطعام يكون من
الصكوك بالجار, فربما ابتعت منه بدينار ونصف درهم فأعطى
بالنصف طعاماً، فقال سعيد: لا، ولكن أعط أنت درهماً، وخذ
بقيته طعاماً.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن محمد بن سيرين كان يقول: لا
تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض.
قال مالك -رحمه الله-: من اشترى طعاماً بسعر معلوم إلى أجل
مسمى فلما حل الأجل قال الذي عليه الطعام لصاحبه: ليس عندي
طعام فبعني الطعام الذي لك علي إلى أجل, فيقول صاحب
الطعام: هذا لا يصلح؛ لأنه قد نهى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- عن بيع الطعام حتى يستوفى، فيقول الذي عليه
الطعام لغريمه: فبعني طعاماً إلى أجل حتى أقضيكه فهذا لا
يصلح؛ لأنه إنما يعطيه طعاماً ثم يرده إليه فيصير الذهب
الذي أعطاه ثمن الطعام الذي كان له عليه, ويصير الطعام
الذي أعطاه محللاً فيما بينهما, ويكون ذلك إذا فعلاه بيع
الطعام قبل أن يستوفى.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: في رجل له على رجل طعام
ابتاعه منه ولغريمه على رجل طعام مثل ذلك الطعام فقال الذي
عليه الطعام لغريمه: أحيلك على غريم لي عليه مثل الطعام
الذي لك علي بطعامك الذي لك علي.
قال مالك: إن كان الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه
فأراد أن يحيل غريمه بطعام ابتاعه فإن ذلك لا يصلح، وذلك
بيع الطعام قبل أن يستوفى، فإن كان الطعام سلفاً حالاً فلا
بأس أن يحيل به غريمه؛ لأن ذلك ليس ببيع، ولا يحل بيع
الطعام قبل أن يستوفى لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
عن ذلك، غير أن أهل العلم قد اجتمعوا على أنه لا بأس
بالشرك والتولية والإقالة في الطعام وغيره.
(108/1)
ق ال مالك: وذلك أن أهل العلم أنزلوه على
وجه المعروف ولم ينزلوه على وجه البيع، وذلك مثل الرجل
يسلف الدراهم النُقّص فيقضى دراهم وازنة فيها فضل فيحل له
ذلك، ويجوز ولو اشترى منه دراهم نقصاً بوازنة لم يحل ذلك،
ولو اشترط عليه حين أسلفه وازنة وإنما أعطاه نقصاً لم يحل
له ذلك.
قال مالك: ومما يشبه ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نهى عن بيع المزابنة، وأرخص في بيع العرايا بخرصها
من التمر, وإنما فرق بين ذلك أن بيع المزابنة بيع على وجه
المكايسة والتجارة, وأن بيع العرايا على وجه المعروف لا
مكايسة فيه.
قال مالك: ولا ينبغي أن يشتري رجل طعاماً بربع أو ثلث أو
كسر من درهم على أن يعطى بذلك طعاماً إلى أجل، ولا بأس أن
يبتاع الرجل طعاماً بكِسر من درهم إلى أجل، ثم يعطى
درهماً، ويأخذ بما بقي له من درهمه سلعة من السلع؛ لأنه
أعطى الكسر الذي عليه فضة، وأخذ ببقية درهمه سلعة، فهذا لا
بأس به.
قال مالك: ولا بأس أن يضع الرجل عند الرجل درهماً، ثم يأخذ
منه بربع أو بثلث أو بكسر معلوم سلعة معلومة، فإذا لم يكن
في ذلك سعر معلوم، وقال الرجل: آخذ منك بسعر كل يوم فهذا
لا يحل لأنه غرر يقل مرة، ويكثر مرة، ولم يفترقا على بيع
معلوم.
قال مالك: ومن باع طعاماً جزافاً ولم يستثن منه شيئاً ثم
بدا له أن يشتري منه شيئاً فإنه لا يصلح له أن يشتري منه
شيئاً إلا ما كان يجوز له أن يستثنيه منه، وذلك الثلث فما
دونه، فإن زاد على الثلث صار ذلك إلى المزابنة، والى ما
يكره، فلا ينبغي له أن يشتري منه شيئاً إلا ما كان يجوز له
أن يستثني منه، ولا يجوز له أن يستثني منه إلا الثلث فما
دونه، وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع بيع الطعام
(108/2)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك" يعني المسائل
التي لا تدخل تحت ما تقدم من التراجم، ولا يجمعها ترجمة
واحدة, هذا الأصل في الباب الجامع الذي يعقب به بعد
الأبواب في نهايتها, وأحياناً في نهاية كل كتاب, "حدثني
يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم" الخزاعي
مولاهم لا بأس به "أنه سأل سعيد بن المسيب، فقال: إني رجل
أبتاع الطعام" قال: إنه يبتاع يعني يشتري الطعام "يكون من
الصكوك بالجار" تقدم عن الصكوك ومعنى الجار وأنه موضع على
ساحل البحر يجمع فيه الطعام، فيوزعه ولي الأمر بصكوك وثائق
تعطى، لفلان كذا صاع، ولفلان كذا صاع ولفلان كذا, ولفلان
كذا، ثم هذه الصكوك تباع "أبتاع الطعام يكون من الصكوك
بالجار, فربما ابتعت منه بدينار ونصف درهم" الآن الذي أعطي
الطعام بالصك قبض ولا ما قبض؟ قبض الصك, يعني ما قبض
الطعام "فربما ابتعت منه بدينار ونصف درهم, فأعطى بالنصف
طعاماً, فقال سعيد: لا، ولكن أعط أنت درهماً، وخذ بقيته
طعاماً" إيش معنى هذا الكلام؟ يقول: "فربما ابتعت منه
بدينار ونصف درهم, فأعطى بالنصف طعاماً" هو الأصل اشترى
طعاماً بدينار ونصف درهم, فأعطى بالنصف طعاماً, قال سعيد:
لا، ولكن أعط أنت درهماً، وخذ بقيته طعاماً, الآن فأعطى أو
فأعطي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(108/3)
إي يعني بالنصف الثاني الذي هو بقية
الدرهم, كان هذه أوجه, ومضبوط عندنا فأعطى, لكن كأن الذي
يتجه أنه يشتري بدينار ونصف درهم طعاماً, ثم يريد أن يكمل
هو هذا النصف -نصف الدرهم- ليصل إلى مقدار درهم, فيعطي
مقابل هذا النصف طعاماً, فيأخذ طعاماً بدينار ودرهم, ما
قيمته دينار ودرهم بدينار ونصف درهم وطعام, الصورة ظاهرة
وإلا ما هي بظاهرة؟ الآن اشترى من الأصل طعام بدينار ونصف
درهم, الدينار يساوي اثنا عشر درهم, فيشتري باثني عشر درهم
ونصف طعاماً, فيريد من هذا الطعام ما قيمته ثلاثة عشرة
درهماً؛ ليكون أوضح من الدينار, يريد من هذا الطعام، أعجبه
هذا الطعام فأراد الاستزادة منه بالنصف الباقي من الدرهم,
لكن ما عنده نصف درهم, يعني يشتري بثلاثة عشر, يقول: أعطيه
مقابل, طعام مقابل هذا القدر الزائد اليسير, ظاهرة المسألة
وإلا ما هي بظاهرة؟ فأعطي بالنصف طعاماً, فقال سعيد: لا
ولكن أعط أنت درهماً, يعني كامل وخذ بقيته طعاماً؛ لأنك
اشتريت ما قيمته نصف درهم بما قيمته نصف درهم, فيكون طعام
ودراهم بطعام, لماذا يمنع مثل هذه الصورة لماذا؟ لأن
المسألة ما هي مسألة كيل تتحقق فيها المساواة, المسألة
دراهم بطعام, وهذا لا يشترط فيه الكيل يشترى بدينار طعام
جزاف, ونصف درهم طعام جزاف, فيريد ما قيمته دينار ودرهم
كامل طعام من الطعام الذي اشتراه, ولكن ما عنده نصف الدرهم
يكمل به النصف الذي عنده, فيدفع مقابله طعام فكأنه اشترى
طعام بطعام من غير مكايلة ومن غير مساواة, الأمر الثاني
أنه لو حصلت المساواة قال: ما قيمته دينار ونصف درهم هذا
مفروغ منه, بقي أن أشتري منك ما قيمته نصف درهم بنصف درهم,
مع الصفقة الأولى, يجوز وإلا ما يجوز؟ ولو كانت مكايلة,
يعطى درهم كامل, ما تعطه نصف دينار وطعام بطعام, الآن
اتفقنا على أن هذا اشترى بدينار ونصف درهم طعاماً, هذا فيه
إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ ما فيه إشكال, يعني زاد الطعام
ونقص ما يشترط فه مساواة؛ لأنه بالدراهم يباع جزاف ما
يحتاج كيل, الإشكال في نصف الدرهم الثاني, يشتري به يريد
طعاماً بدينار ودرهم, وما عنده إلا دينار ونصف درهم, وعنده
طعام في بيته, يقول: أعطيك طعاماً من اللي عندي في مقابل
نصف
(108/4)
الدرهم, مد عجوة, تشبه مد عجوة من هذه
الحيثية إذا كان مكايلة, إذا كان صاع بصاع مثلاً في مقابل
نصف الدرهم, يعطيه صاع بصاع, فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟
دعونا من الدينار، احذفوا الدينار كامل, هو يريد أن يشتري
بنصف درهم طعاماً, اشترى بنصف درهم طعاماً, فأراد ما قيمته
درهم من هذا الطعام, قال: هل الدرهم كامل؟ قال: والله ما
عندي إلا النصف, وعندي طعام, أبى أعطيك طعاماً في مقابل
طعام, هذا لا بد فيه من المكايلة, طيب إذا كايله وأعطاه
نصف درهم وصاع من التمر الذي عنده بصاعين مثلاً من التمر
الذي عند صاحب الصك, الصاع في مقابل الصاع, ونصف الدرهم في
مقابل الصاع الثاني, هذه مسألة مد عجوة, المماثلة متحققة,
لكن وش وجه المنع عند من منع؟ نعم؟ يريد تجويز المبيع,
البيعة بهذه الصورة, لكن هناك ما هو أهم من هذا, وهو أنه
يريد بيع طعام بطعام؛ لأن مد عجوة طعام بطعام بدرهم وطعام,
لا بد أن يكون أحد طرفي المبيع إما الطعام أو الدرهم أو
الدينار فيه خلل في مقابل ما يأخذه, وإلا وش معنى أنك تأتي
إلى المحل وتقول: أعطني دينار وصاع وأعطيك دينارين؟ وش
معنى هذا؟ ليش تقول هذا الكلام؟ إلا لن في خلل في دينارك،
أو في تمرك إذا كان الدينار مضبوط, فالذي منع من هذه
الحيثية، وإلا ما فيش .. ؟ كيف خذ دينار وأعطني دينار؟ يبي
يمشي السلعة بهذا, ولولا هذا النقص ما اشترى الطعام
بالطعام, وهذه مسألة يشير إليها مالك باستمرار, وينبه
عليها -رحمه الله-، ولذا جاء في السؤال سؤال أحد من
الأسئلة, يقول: هل صحيح أن فقه الإمام مالك أغلق الحيل في
البيوع؟ نعم مر علينا مسائل تغلق باب الحيل, هل صحيح أن
فقه الإمام مالك أغلق الحيل في البيوع والربا, وأن أضبط
المذاهب وأشدها تحرياً في مسائل البيوع هو فقه الإمام
مالك؟ لا, هو الشيء المتفق عليه أن أضبط مسائل المعاملات
الفقه الحنبلي, نعم ما يكتبه الإمام مالك فيه احتياط
وتحري, لكن في بعض كتب المالكية شيء من التساهل, فيها شيء
من التساهل, وعلى كل حال الكل -إن شاء الله- إنه مجتهد
ومأجور, فقال سعيد: لا, ولكن أعط أنت درهماً، وخذ بقيته
طعاماً, الآن ظهرت الصورة وإلا ما ظهرت؟ الصورة التي معنا
ظهرت وإلا ما ظهرت؟
(108/5)
طالب: ظهرت.
وضحت يعني؟ وإلا ترى فيها خفاء شديد, لا سيما على الضبط
الذي في النسخة المعتمدة, فأعطي بالنصف طعاماً, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, يسأل يسأل ما في شيء, السؤال أوضح ولأنه يستفتي على كل
حال, سواء وجدت الهمزة أو لم توجد, سواء وجدت الهمزة أو
جاء السؤال على صيغة الخبر.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن محمد بن سيرين كان
يقول: لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيضّ" يبيضّ: يعني
يشتد ويصلب ويأمن العاهة, حتى يشتد ويأمن العاهة, وفي
الصحيح عن ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن
بيع التمر حتى يزهو, يزهو: يحمر أو يصفر, وعن السنبل حتى
يبيضّ، ويأمن العاهة، يعني يشتد ويصلب.
"قال مالك: من اشترى طعاماً بسعر معلوم إلى أجل مسمى" قال
الذي عليه الطعام, ننتبه لكلام مالك لأنه كلام صيغ من كم؟
ألف ومائتين وثلاثين أو أربعين سنة, يعني ما هو كلام جديد
يعني تداولته الألسنة ولاكته, لا كلام قديم, ولذلك تجدون
في كلام المتقدمين جداً بعض ما يخفى على المتعلمين بعض
الاصطلاحات تختلف, يعني فرق بين أن تقرأ في كتاب سيبويه،
وبين أن تقرأ في شروح الألفية مثلاً, حتى بعض الاصطلاحات
تغيرت فننتبه، الرسالة للإمام الشافعي, .. كتب الأصول
اصطلاحات تغيرت, يعني تطور في الاصطلاح, وصارت الاصطلاحات
منضبطة عند أهل العلم, وأما عند المتقدمين يكتبون بلسان
العرب القح الذي قد يخفى على كثير من المتعلمين, فكلام
الإمام مالك لا بد من الانتباه له.
"قال مالك: ومن اشترى طعاماً بسعر معلوم إلى أجل مسمى،
فلما حل الأجل قال الذي عليه الطعام لصاحبه: ليس عندي
طعام، فبعني الطعام الذي لك علي إلى أجل, فيقول صاحب
الطعام: هذا لا يصلح"
(108/6)
يعني لا يجوز "لأنه قد نهى رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- عن بيع الطعام حتى يستوفى" يعني لا يجوز
أن أبيعه عليك حتى أقبضه منك, حتى أستوفيه منك "فيقول الذي
عليه الطعام لغريمه: فبعني طعاماً إلى أجل حتى أقضيكه" أنت
بذمتي لك طعام, لكن ما عندي طعام, أنت عندك طعام,
مستودعاتك مليانة، بعني ما يقابل طعامك الذي بذمتي لك
بالدراهم وأقضيك من هذا الطعام الذي أشتريه لك "فيقول الذي
عليه الطعام لغريمه: فبعني طعاماً إلى أجل حتى أقضيكه,
فهذا لا يصلح؛ لأنه إنما يعطيه طعاماً ثم يرده إليه" نظير
ما في مسألة العينة, كيف؟ لأنه يأخذ منه سلعة ثم يردها
إليه, يأخذ سعلة ثم يردها إليه، وهذا يأخذ طعام ثم يرده
إليه, يعني الطعام صورة "فهذا لا يصلح لأنه إنما يعطيه
طعاماً ثم يرده إليه، فيصير الذهب الذي أعطاه ثمن الذي كان
له عليه, ويصير الطعام الذي أعطاه محللاً فيما بينهما" مثل
السلعة في مسألة العينة "ويكون ذلك إذا فعلاه بيع الطعام
قبل أن يستوفى, فلم يخرجا عن النهي بهذه الحيلة" نفرض أنه
استوفاه, اشترى منه طعاماً وفي ذمته له مائة صاع فاشترى
منه مائة صاع وردها إليه, استوفاها بالكيل، وقبضها، وحازها
إلى رحله، ثم ردها إليه, بما عنده له من طعام, تبقى العلة
الأولى الطعام هو مجرد تصحيح للصورة, محلل فقط, وإلا فهو
غير مقصود.
"قال مالك: في رجل له على رجل طعام ابتاعه منه" يعني
اشتراه منه "ولغريمه على رجل طعام مثل ذلك الطعام، فقال
الذي عليه الطعام لغريمه: أحيلك على غريم لي عليه مثل
الطعام الذي لك علي بطعامك" يعني أحيلك بطعامك الذي لك
علي, يعني عند زيد لعمرو مائة صاع من الطعام حل الأجل،
قال: أنا ما عندي طعام، لكن لي في ذمة فلان طعام أحيلك
بقدر ما لك علي على فلان يعطي من الذي بذمته لي.
(108/7)
"قال مالك: إن كان الذي عليه الطعام إنما
هو طعام ابتاعه فأراد أن يحيل غريمه بطعام ابتاعه فإن ذلك
لا يصلح" نسمع كلام مالك -رحمه الله- قال مالك: "إن كان
الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه فأراد أن يحيل غريمه
بطعام ابتاعه فإن ذلك لا يصلح" وعرفنا أنه يريد بذلك أنه
لا يجوز يعني يحرم "وذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى, فيدخل
فيه النهي" هذا بيع وإلا حوالة؟ نعم؟
طالب: حوالة.
الحوالة يشترط فيها الاستيفاء؟ هاه؟ لأنه يقول: أحيلك, أنا
لي طعام عند فلان, يعني لو كان في ذمته دراهم, وفي ذمة زيد
من الناس له دراهم، وأحاله بهذه الدراهم على ذاك, نقول:
هذا بيع وإلا حوالة؟
طالب: حوالة.
حوالة, هاه؟ حوالة وهنا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، كلاهما حال.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب الدراهم ما استوفيت بعد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا كلها حالة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الطعام وحوالة الدراهم؟ بيع, ما فيه إشكال أنه لا يجوز
يقبضه حتى يستوفيه, لكن هنا حوالة, فهل يشترط الاستيفاء
بالحوالة أو نقول: إن الحوالة إنما هي بالأثمان لا
بالأعيان؟ لأن الأثمان هي التي تنضبط وتنحسم فيها مادة
النزاع, في ذمته ألف أحاله بألف ما في إشكال, لكن بذمته
طعام يحيله بطعام, عنده كتاب إعارة مثلاً فتلف يحيله بكتاب
على ... , ما ينضبط مثل هذا, نعم, يعني هل الحوالة ولو
كانت عند مليء في غير الأثمان والقيم؟ لأن هذه أمور لا
تنضبط يحصل فيها إشكال, لما ذهب إلى المحال عليه, والأصل
أن الحوالة لازمة, يجب عليه أن يقبل الحوالة إذ كان مليء,
ثم إذا ذهب وجد المال غير المال الذي اتفقا عليه, وجده
متغير، لا بد من التغير, يسير كان التغير أو كبير, ينضبط
بكيل، وينضبط بوصف، وينضبط بنوع وصنف، لكن مع ذلك ليس ضبطه
مثل ضبط الأثمان, لا يمكن أن يكون ضبط الأموال مثل ضبط
الأثمان.
طالب:. . . . . . . . .
والله اللي تشوف, الإمام مالك هذه حوالة ظاهرة, هاه؟
طالب: لكن بعده تكملته كأنه يبيحه.
(108/8)
نشوف كلام مالك -رحمه الله- "قال مالك: في
رجل له على رجل طعام ابتاعه منه" اشتراه منه "ولغريمه على
رجل طعام مثل ذلك الطعام" مثل شوف المماثلة "مثل ذلك
الطعام الذي عليه الطعام لغريمه أحيلك على غريم لي عليه
مثل الطعام الذي لك علي, فأحيلك بطعامك الذي لك علي, قال
مالك: إن كان الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه فأراد
أن يحيل غريمه بطعام ابتاعه فإن ذلك لا يصلح، وذلك بيع
الطعام قبل أن يستوفى" المدين الأول اشترى من الثاني طعام.
طالب:. . . . . . . . .
لا، يملك, اشتراه .. , لكن ما قبضه ولا استوفاه.
طالب: ما استوفاه، ولذلك منع من الإحالة.
إذاً الأقيام تحتاج إلى استيفاء وإلا ما تحتاج في الإحالة؟
تحتاج إلى استيفاء, لو اشترطنا الاستيفاء ألغينا الإحالة,
ألغينا الحوالة بالكلية, إذا اشترطنا الاستيفاء ألغينا
الحوالة, وإلا وش معنى أنه بيستوفيه ثم يرده علي ويحيل
عليه؟ ممكن يتصور هذا؟ نعم؟ ما يتصور، اللهم إلا إذا كان
جهة تحفظ الأموال مثل البنوك, باع على بنك قطعة أرض,
فاستوفى منه القيمة، ثم أودعه عندهم فأحاله عليهم بها,
فيتصور الاستيفاء ثم رد, لكن سلعة أو قيمة مبيع استوفاه
منه ثم ردها عليه، لا على سبيل الحفظ والأمانة, هذا شيء ما
يتصور.
طالب:. . . . . . . . .
الثاني، الثاني, إيه, لا عندنا ثلاثة أطراف, زيد وعمرو
وبكر, زيد اشترى من عمرو طعام, وقال: تعطيني إياه في وقت
كذا, فلما حل الطعام قال عمرو: أنا والله ما عندي طعام,
لكن لي طعام عند بكر اشتريته منه بقدر طعامك أحيلك عليك,
نقول: عمرو لا بد أن يستوفي ويقبض الطعام الذي اشتراه من
بكر, فإذا تم استيفاؤه منه وقبضه ...
طالب:. . . . . . . . .
(108/9)
ما لها معنى الحوالة, لا معنى للحوالة "إن
كان الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه" إن كان الذي
عليه الطعام الطرف الثاني "إنما هو طعام ابتاعه من الطرف
الثالث فأراد أن يحيل غريمه الطرف الأول بطعام ابتاعه فإن
ذلك لا يصلح, وذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى فيدخل في
النهي" نبي نكمل "فإن كان الطعام سلفاً حالاً" يعني سلم
حل، جاء وقت حلول الأجل, إلى أجل معلوم حل الأجل "ووجد
الطعام فلا بأس أن يحيل به غريمه؛ لأن ذلك ليس ببيع" كيف
ليس ببيع؟ فإن ذلك ليس ببيع, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو سلم, طيب السلم هل يجوز بيعه قبل أن يستوفى؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً ما الفرق بين الصورتين؟ إلى وقت معلوم وحل الأجل وجذ
ووجد على الأرض في بيت صاحبه, قبل أن يستلمه الذي دفع
الدراهم.
طالب:. . . . . . . . .
(108/10)
"فإن كان الطعام سلفاً حالاً فلا بأس أن
يحيل به غريمه؛ لأن ذلك ليس ببيع" حتى في الصورة الأولى
بيع وإلا استيفاء في حال الحوالة؟ استيفاء، وليس ببيع "لأن
ذلك ليس ببيع، ولا يحل بيع الطعام قبل أن يستوفى لنهي رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك كما مر غير أن أهل العلم
قد اجتمعوا" اتفقوا "على أنه لا بأس بالشرك والتولية
والإقالة في الطعام وغيره" أهل العلم اتفقوا على عقود
الإرفاق، وأنه لا يشترط فيها ما يشترط في البيوع؛ لأن
مبناها في الجملة على المسامحة, غير أن أهل العلم قد
اجتمعوا على أنه لا بأس بالشرك, التشريك في بعض ما اشتراه,
يعني اشترى زيد طعام، فقال: ترى بينا وبينك، شركاء, أو
قال: اجعل لي نصيب منه, اجعل لي نصفه, قال: تراك معي, الآن
الطرف الثاني الذي أشرك في هذا الطعام يشترط أن يستوفي أو
استيفاء الأول يكفي عن استيفاء الثاني؟ نعم؟ أو يفرق بين
في حالة ما لو بيع الطعام كامل أو باع الشريك الثاني
نصيبه؟ لأن نصيب الثاني دخل تبعاً لنصيب الأول في القبض,
قبضه المشتري الأول, هل نقول: إنه بمثابة الوكيل؟ الآن
اشترى هذا مائة صاع، فقال زيد من الناس: أنا أحتاج إلى
خمسين صاع منها, قال: تراك شريك, ثم بيعت قبل أن يستوفي
الثاني الاستيفاء الأول يكفي عن الاثنين؟ يكفي, فالشركة لا
يشترط فيها مثل هذا, ويستوي في هذا سواء بيعت الكمية كاملة
أو باع نصيبه منفرداً, يستوي وإلا متفرق؟ الظاهر أنه
يستوي، ما دام قلنا: إنها وكالة للأول بمثابة الوكيل عنه
بقضه يستوي, التولية يشتري زيد مائة صاع بألف ريال, مائة
صاع من التمر بألف ريال, ثم جاء عمرو قال: أنا محتاج لهذا
الطعام, قال: تراه برأس مالي, بما اشتريته به, الأول قبض
استوفاه بالصاع, هل يشترط للثاني أن يستوفي؟ على كلام مالك
اجتمعوا واتفقوا على أنه لا يشترط "غير أن أهل العمل قد
اجتمعوا على أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة في
الطعام وغيره" الآن (غير) استثناء, (غير) هنا استثناء, فهل
الاستثناء هنا منصب على القبض والاستيفاء أو على ماذا؟ لأن
الكلام العلة التي منع من أجلها الصور السابقة عدم
الاستيفاء, فهل الاستثناء هنا "غير أن أهل العلم اتفقوا
على أنه لا بأس"
(108/11)
استثناء من الصور التي يشترط فيها
الاستيفاء والإقالة، يعني اشترى زيد مائة صاع واستوفاها،
قبضها، فندم على شرائها, فذهب إلى البائع وقال: أقلني, من
أقال نادماً فقبل, هل نقول: لا بد للأول أن يستوفي؟ ما
يحتاج يستوفي, هو طعامه ويعرفه, إلا إذا شك أنه أخذ منه
شيء, وأراد أن يتأكد فهذا الأمر خارج عن المسألة, لا مانع
أن يحتاط لنفسه, لكن لا يلزم به, وش صار الاستثناء؟ اللي
يظهر أنه من الاستيفاء, ففي مسألة التشريك جعل شريكه
بمنزلته, كأنه وكيل عنه يقبض, وكذلك التولية.
"قال مالك: وذلك أن أهل العلم أنزلوه" أي ما تقدم من
الثلاثة المذكورة "أنزلوه على وجه المعروف" لا على وجه
البيع والمشاحة؛ لأنه معروف ظاهر, يعني الشرك هذا محتاج
إلى النصف قال: تراك معي, يعني عمل به معروف, فلا يشاحح في
مثل هذه الصورة, يعني لو تصور شخص اشترى سلعة فرأى آخر أن
هذه السلعة رخيصة وتكسّب, تربح مبالغ طيبة, فجاء لمن
اشتراه وقال: تراني شريك, قال: تراك شريك, قال: شريك تعال
نشوف أنت تقول: كم صاع؟ مائة صاع, لا بد نكيله ونتأكد, هل
يحسن هذا ممن فعل به المعروف أن يشاحح من فعل به المعروف؟
نعم؟ هذا لا يسوغ, كذلك التولية لو قال: برأس مالي, أنا ما
أريد أكسب عليك شيء, يقول: لا، لا بد نتأكد؛ لأن هذا اتهام
له, والاتهام لا يناسب مثل بذل المعروف هذا, وقل مثل هذا
في الإقالة, إذا كان نادم وأقاله والله ما أقدر لازم نشوف
أنت أكلت شيء وإلا لا من هذا التمر, ثم هذه المشاحة تنافي
المعروف الذي بذله الطرف الأول, وهناك عند الفقهاء ما يسمى
بالإرفاق, لكنهم خصوه بأبواب، معروفة؟ الإرفاق معروفة وإلا
تجيبونها الدرس القادم؟ طيب, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
من المتحدث سم؟ طيب.
(108/12)
"قال مالك: وذلك أن أهل العلم أنزلوه" ما
تقدم من الصور الثلاث "على وجه المعروف فأجازوا ذلك؛ لأنه
لا على سبيل المعاوضة التي تصحبها المشاحة" المعاوضة
غالباً تصحبها المشاحة, ولا سيما بعض الناس تكون عنده
حساسية من جميع الناس, يخرج وهو مستصحب صورة أن الناس كلهم
متجهين إلى غبنه, فيكون لديه هذه الحساسية فيماكس الناس
ويؤذيهم، ويتأذون منه، ويتأذى هو بنفسه "ولم ينزلوه على
وجه البيع" لماذا؟ لأنه لو أنزلوه على وجه البيع للزم منه
البيع قبل القبض؛ لأن في حالة التشريك قبل أن يقبضه الأول
اشترى مائة صاع من زيد بألف ريال، وقال: تراني شريك, قال:
تراك شريك, يصح وإلا ما يصح؟ أو يقول: انتظر حتى أقبض؟
يصح, ولو كان على سبيل البيع لاشترط الاستيفاء, وقل مثل
هذا في الإقالة, لو اشترى مائة صاع بألف ريال، وقبل أن
يستوفي قال: أقلني, وقال: أقلتك، لك تمرك, وش نقول؟ يصح
وإلا ما يصح؟ يصح قبل الاستيفاء, ولو كان على سبيل البيع
فلا بد به من الاستيفاء "وذلك مثل الرجل يسلف الدراهم
النقص فيقضى دراهم وازنة" يسلف أقرضه مائة درهم نقص, كانت
الدراهم توزن؛ لأنها ما هي بتخرج من مصانع لا تزيد ولا
تنقص, صناعات يدوية بعضها يزيد وبعضها ينقص, ولذلك عند
البيع والشراء عند الصرف والمراطلة لا بد من وزنها, فهذا
أقرض هذا مائة درهم نقّص فيها خلل "فيقضى دراهم وازنة فيها
فضل -يعني زيادة- فيحل له ذلك" لماذا؟ لأن هذا ليس على
سبيل البيع، وإنما هو اقتضاء، وهذا من حسن القضاء, استسلف
النبي -عليه الصلاة والسلام- بكراً ورد خياراً رباعياً,
هذا من حسن القضاء, يرد هنا مسألة ... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(108/13)
لا إذا اشترط يجيء, يجيء لو اشترط صار ربا,
أقرضه مائة ريال, خله في صورة أوضح أقرضه عملة من العملات
اللي تنقص, أقرضه مائة جنيه, وكان الجنية يساوي ريال في
وقت من الأوقات, دعونا من أيام خلت لما كان الجنيه بأربعة
عشرة ريال، ثم اثنا عشر، ثم عشرة، وكان قبل ذلك الجنيه
المصري بجنيه ذهب وقرشين, أقرضه عمله خل الجنيه قبل عشر
سنوات يسوى خمسة, الجنيه المصري, فاستمر عشر سنوات فأراد
أن يقضيه, أقرضه مائة جنية يستوفي كم؟ خمسمائة جنيه وإلا
مائة جنيه؟ مائة جنيه لا يزيد ولا ينقص, أقرضه قبل ثلاثين
سنة ألف ليرة لبنانية الليرة بريال ونصف أدركناها, كانت
الكتب تباع على هذا الأساس, الليرة بريال ونصف, الآن وش
تجيب؟ الألف كم يسوى ألف ليرة لبنانية؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقضيه ليرة ما في غيرها, يقضيه ليرة.
طالب:. . . . . . . . .
لا هي مسألة مشكلة عندهم, أنا وجدت بعض المسئولين عن
الفتوى هناك، جاءوا في وقت الشيخ ابن باز يسألونه بالنسبة
لعقود النساء, عقود النساء في المقدم والمؤخر, فخمسة آلاف
ليرة مقدم تدفع، وخمسة آلاف ليرة مؤخر, استمرت المسألة
ثلاثين سنة فحصل الطلاق, خمسة آلاف ليرة. . . . . . . . .
, هم يريدونها ضغط على الزوج على شان ما يطلق, ثم كيف
تستوفي المرأة؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في غير ما اشترط لها, ليرة ليرة ما تزيد ولا تنقص, لا
بد أن يأخذ ما اشترط، ما فيه غيره "فيقضى دراهم وازنة فيها
فضل فيحل له ذلك" لأنه من حسن القضاء.
طالب:. . . . . . . . .
(108/14)
إيه ما في شك, في شخص خرج له تثمين بملايين
في دولة من دول الخليج, فأراد أن يحفظ هذه الملايين قالوا:
ما في أثبت من الليرة اللبنانية, هو صحيح في ذلك الوقت, ما
في أثبت منها على وجه الأرض, فاشترى فيها عشرة ملايين ليرة
لبنانية, والملايين كثيرة بالعملة الخليجية, بمعدل ريال
ونصف لكل ليرة, وحفظ قيمة هذا البيت، ثم بعد ذلك أخذت
الليرة تنزل تنزل تنزل، وهو متمسك ما يقدر يبيع؛ لأنها
تنزل, يرجو الارتفاع, إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه, فأخذ
بدال العشرة ملايين ليرة يأخذ ما قيمته ألفين ريال, فبحث
في السبب فإذا بصاحب البيت قد ظلم جارة له عجوز دخل عليها،
وهذا جزاؤه في الدنيا, والله أعلم ما يصير له في الآخرة,
الله المستعان.
يقول: "ولو اشترى منه دراهم نقصاً بوازنة لم يحل له ذلك"
يعني لو كان شراء، شراء خذ النقص، وأعطني وازنة أو العكس
هذا الربا بعينه؛ لأن فيه ربا الفضل "ولو اشترط عليه حين
أسلفه وازنة" قال: خذ هذا ألف درهم ناقصة شريطة أن تفيني
ألف درهم وازنة "وإنما أعطاه نقصاً لم يحل له ذلك للشرط
الذي هو عين الربا".
(108/15)
قال مالك -رحمه الله-: "ومما يشبه ذلك أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع المزابنة،
وأرخص في بيع العرايا بخرصها من التمر" النهي عن بيع
المزابنة في الصحيحين وغيرهما، والمزابنة جاء تفسيرها
بأنها: بيع التمر على رؤوس النخل بالتمر الذي هو على وجه
الأرض, هذا رطب وهذا يابس, هذا لا يجوز، لماذا؟ لأنه إذا
يبس التمر إذا جف نقص, أينقص الرطب إذا جف؟ قال: نعم, قال:
((فلا إذاً)) هذا منهي عنه لتحقق عدم المساواة, تحقق
التفاضل, هذا منهي عنه؛ لأنه ربا, إلا العرايا جاء
الاستثناء فيها, العرايا, يقول -رحمه الله تعالى-: "ومما
يشبه ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن
المزابنة، وأرخص في بيع العرايا" عرفنا المزابنة، وأنها
مأخوذة من الزبن وهو الدفع, كل واحد يدفع صاحبه إما من أجل
أن يبيع، أو من أجل أن لا يرجع في بيعه, وأرخص في بيع
العرايا, العرايا هي مستثناة من المزابنة, فهي بيع التمر
على رؤوس النخل بتمر جاف على الأرض مع عدم التحقق من
المساواة, بل مع التفاضل؛ لأنه لا يشترط فيها المساواة
التي تشترط في البيع العادي, خمسة أوسق بخمسة أوسق, تكون
بالخرص بالتقدير بالتقريب، وإنما رخص فيها دفعاً لحاجة
المسكين الفقير الذي يحتاج إلى تمر رطب يأكله مع الناس،
وليس لديه ما يشتري به, ولو باع تمره الذي عنده في البيت
من العام الماضي ما جاب له شيء, يتضرر، وقد يكون صاحب
البستان محتاج لمثل هذا التمر؛ لأن بعض الناس يفضل التمر
الكنيز على التمر الطري الرطب, فتكون حاجة الفقير مندفعة
بهذا, وجوازه على خلاف الأصل إلا أنه صحت به الأدلة, فلا
كلام لأحد فيه, مع عدم تحقق المماثلة, وقد يقول قائل:
لماذا لا يقال لهذا الفقير .... ؛ لأن المسألة مسألة ربا,
الأصل فيها أنها ربا, والربا أمره عظيم، وشأنه خطير, فإذا
دفعت حاجة الفقير وبالإمكان دفعها بغير هذه الصورة، وضرره
أيضاً ليس بمنزلة الضرورات التي لا تقوم الحياة إلا بها,
فهي حاجة فهل يباح الربا للحاجة كما احتاج هذا الفقير؟
الآن العرايا فيها ربا؛ لعدم تحقق المساواة, أبيحت للحاجة
فهل نقول: إن كل حاجة تبيح الربا؟ لا.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(108/16)
لا بد من النص عليه, وإلا فيبقى ما لم ينص
عليه داخل في النصوص التي تشدد وتهول من أمر الربا, حرب
لله ورسوله {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ
يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] يعني
يبعث مجنون يوم القيامة, ومحارب لله ورسوله, ودرهم ربا أشد
من ست وثلاثين زنية، كما جاء في الحديث المختلف فيه,
المسألة خطيرة جداً, ولا نقول: إن الحاجة في مثل حاجة هذا
الفقير تسهل له, نقول: لا, الذي أباح له ذلك النص, فأتونا
بنص وعلى العين والرأس, أما مجرد حاجة معناه نقضي على جميع
المحرمات, ما يسلم محرم من حاجة, لا يسلم محرم من حاجة,
فإذا أبحنا هذه المحرمات بهذه الحاجات, العلماء ينصون على
أن المحرم بالنص لا يبيحه إلا الضرورة, والضرورة لها
أحكامها التي لا تبقى معه الحياة, أما ما تبقى معه الحياة،
وإن نال المكلف فيه المشقة إلا أنه لا بد فيه من النص, لا
يبيح ما يحرم بالنص إلا ما أبيح بالنص كما هنا؛ لأن بعض
الناس يتشبث بمثل هذا, إيش معنى تعظيم شأن الربا في الشرع؟
على أن نبيحه من أجل هذه الحاجات، لا, يبقى المحرم محرم،
وما أباحه النص حلال, قد تكون حاجة بعض الناس إلى صورة من
صور هذا الربا أشد من حاجة هذا المسكين الذي احتاج خمسة
أوسق من طعام, نقول: قياس الأولى, ليس بصحيح, يبقى أن ما
حرم بالنص لا تبيحه إلا الضرورة, نعم ما أبيح بالإلحاق
بالقياس بالقواعد العامة كذا يبيحه بعض العلم بالحاجة,
منهم من يقيس الزبيب عليه, ومنهم من يخصه بالتمر, بعضهم
صور العرايا على وجه آخر, قال: يأتي صاحب البستان ويجود
على فقير ما عنده تمر, فيعطيه تمر من بستانه خمس نخلات عشر
نخلات, أكثر أقل ليأكل مع الناس كل يوم يأخذه بيومه من هذا
التمر, مثل الناس مثل اللي يأكلون بالتوقيت كل يوم بيومه,
ثم يكون هذا الفقير عنده شيء من اللؤم, يتحين الفرصة التي
يجلس صاحب البستان مع أولاده وأنسابه وأصهاره يجتمعون في
بستانهم لهم وقت معين يجتمعون فيه, ويطرق الباب أريد أخرف
من النخل, شف لك وقت ثاني, قال: والله ما عندي فراغ إلا
هذا الوقت, ثم من الغد كذا, وبعده هكذا إلى أن يتضرر صاحب
(108/17)
البستان, ثم بعد ذلك يعطيه من التمر الذي
على الأرض من تمر العام الماضي أو غيره ويتخلص منه, فدفعاً
لضرره بعض العلماء فسر العرايا بهذا, والأكثر على تفسيرها
بالتفسير الأول, وعلى كل حال المسألة دفع ضار، والمعول في
ذلك كله على النص.
طالب: لو تجاوز خمسة أوسق؟
لا ما يجوز, خمسة أوسق فما دون, وبعضهم على رواية فما دون
خمسة أوسق لا يجيز الخمسة أيضاً.
طالب:. . . . . . . . .
لا, قل لو انتهت هذه الخمسة واحتاج خمسة ثانية, أو عنده
أكثر من بيت كل بيت يحتاج إلى خمسة، لا يزيد عن خمسة أوسق.
"ومما يشبه ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن
بيع المزابنة، وأرخص في بيع العرايا بخرصها من التمر,
وإنما فرق بين ذلك أن بيع المزابنة بيع على وجه المكايسة"
المغالبة المشادة المشاحة "على وجه المكايسة والتجارة, وأن
بيع العرايا على وجه المعروف لا مكايسة فيه" ولا مغالبة
ولا مشاحة ولا مشادة, هذا من باب المعروف فلا يطلب فيه ما
يطلب في العقود المبنية على المكايسة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأن وجود المثلية هي التي توجد الربا, يعني تمر بتمر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني المماثلة من كل وجه, لا بد من اتحاد الجنس، ولا بد من
الوزن والقبض, أما إذا اختلفت الأصناف ولا وجد مثليه لا
داعي لهذا الكلام كله, بيعوا كيف شئتم, إذا كان يداً بيد.
(108/18)
"قال مالك: ولا ينبغي أن يشتري رجل طعاماً
بربع أو ثلث أو كسر من درهم" يعني قطعة من درهم "على أن
يعطى بذلك طعاماً إلى أجل" لأنه طعام بطعام إلى أجل، وما
ذكر من الربع أو الثلث أو كسر الدرهم كل هذا للتحليل فقط,
يعني للصورة، تجويز الصورة الظاهرة "ولا بأس أن يبتاع
الرجل طعاماً بكسر من درهم إلى أجل، ثم يعطى درهماً، ويأخذ
بما بقي له من درهمه سلعة من السلع"، "ولا بأس أن يبتاع
الرجل طعاماً بكسر من درهم إلى أجل -يعني بنصف درهم إلى
أجل- ثم يعطى درهماً" هو لا يستحق إلا نصف فيعطى درهم كامل
"ويأخذ بما بقي له من درهمه سلعة من السلع" يعني له طعام
بنصف درهم إلى أجل, أخذ الطعام ونصف الدرهم إلى أجل, لما
حل الأجل قال: أنا ما عندي نصف درهم عندك صرف, قال: والله
أنا ما عندي, ما معي إلا درهم قال: أعطيك الدرهم لكن
تعطيني الكتاب ذا في مقابل النصف, يجوز وإلا ما يجوز؟ لا،
وش يقول الإمام؟ ولا بأس, نعم؟ لا, يجوز ما في إشكال؛ لأنه
باع ليس بربوي الكتاب, ولا فيه حيلة على الربا "ويأخذ بما
بقي له من درهمه سلعة من السلع؛ لأنه أعطى الكسر الذي عليه
قطعة فضة وأخذ ببقية درهمه سلعة، فهذا لا بأس به" فيجوز
لأنه لا يوجد ما يمنع منه, ليس بربا ولا يتحايل به على
الربا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
أيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ولا ينبغي؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب "ولا ينبغي أن يشتري رجل طعاماً بربع أو ثلث أو كسر من
درهم على أن يعطى بذلك طعاماً إلى أجل" هاه؟ "ولا ينبغي أن
يشتري رجل طعاماً بربع" أنت اشتريت بمائة ريال تمر نقدت له
المائة وبقي الطعام عنده هكذا أو العكس؟ العكس, المؤجل
القيمة، اشتريت الطعام بمائة ريال, اشتريت الطعام أخذت
الطعام واستوفيته, ثم لما حل الأجل قلت له: أنا والله ما
عندي مائة ريال, عندي طعام, أو اشترط عليك من الأصل قال:
نعم أنا أبيع عليك هذا الطعام بمائة ريال، لكن أنا ما أبي
دراهم, أنا أريد طعام, فصار تسمية الدراهم المذكورة هي
مجرد حيلة.
(108/19)
"قال مالك: ولا بأس أن يضع الرجل عند الرجل
درهماً، ثم يأخذ منه بربع أو بثلث أو بكسر معلوم سلعة
معلومة، فإذا لم يكن في ذلك سعر معلوم وقال الرجل: آخذ منك
بسعر كل يوم فهذا لا يحل، لأنه غرر يقل مرة ويكثر مرة" وجه
هذه الصورة في السلع المتفاوتة في الأسعار التي قيمتها
ترتفع وتنزل.
طالب:. . . . . . . . .
نعم وهي غير ربوية, افترض ....
طالب:. . . . . . . . .
أو اللبن, لو أعطاه ألف ريال وقال: أنا أريد منك كيلو طماط
لمدة سنة؛ لأن هذا هو اللي بالفعل قيمه طالعة نازلة, ولا
اللبن والخبز وما أشبهه ثابتة, وإن كان يعني زمان كانت
تطلع وتنزل قبل, يصلح وإلا ما يصلح؟ قلت: أمن لي يومياً
كيلو طماط, هذا الطماط يومياً كيلو بنصف ريال ربع ريال،
وأحياناً قيمته خمسة ريال، أو تزيد أحياناً, يقول الإمام
مالك: "ولا بأس أن يضع الرجل عند الرجل درهماً، ثم يأخذ
منه بربع أو بثلث أو بكسر معلوم سلعة معلومة، فإذا لم يكن
في ذلك سعر معلوم" يعني الثابت مثل الاشتراك في الجرائد,
أو اشترك في لبن أو غيره, أشياء ثابتة هذه ما فيها إشكال؛
لأنها لا توقع لا في نزاع ولا في غيره, لأنه إذا اتفق على
الطماط مثلاً أمن كل يوم صندوق إذا ارتفع الطعام ما هو
معطيه جيد بيعطيه رديء, قد يعطيه شيئاً لا يصلح للاستعمال,
ألا يوقع هذا في الشقاق والنزاع؟ لكن أمور ثابتة لا تزيد
ولا تنقص معروفة يعني, مثل الجرائد الآن ومثل اللبن, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم, المقصود أن ما سعره ثابت لا بأس به, لكن الإشكال فيما
يزيد وينقص, ولذا قال الإمام مالك: "فإذا لم يكن في ذلك
سعر معلوم، وقال الرجل: آخذ منك بسعر كل يوم فهذا لا يحل؛
لأنه غرر يقل مرة ويكثر مرة, ولم يفترقا على بيع معلوم
بيان للغرر والجهل بما يأخذ كل بسعره لانخفاض السعر
وارتفاعه" لكن لو قال هذا ألف, أعطيك ألف تجيب لي طماط
يومي بسعره, تحسبه يوم علي بريال، يوم بعشرة، كل شيء
بسعره, فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو وكله يشتري له, بس يبي يريحه بدل ما ينزل إلى السوق
كل يوم, يقول: وأنت على دربك جايب خذ هذا, هاه؟
(108/20)
طالب:. . . . . . . . .
لا، وكالة.
"قال مالك: ومن باع طعاماً جزافاً، ولم يستثن منه شيئاً ثم
بدا له أن يشتري منه شيئاً، فإنه لا يصلح له أن يشتري منه
شيئاً إلا ما كان يجوز له أن يستثنى منه" يعني في
الاستثناء الغالب والأكثر, يعني مسائل الاستثناء تدخل في
كثير من الأبواب أبواب الفقه, وأكثر ما تذكر في الإقرار,
إذا قال له: علي ألف إلا مائة, له علي مائة إلا خمسمائة,
له علي ألف إلا تسعمائة, ما الذي يجوز من هذه الصور؟ الأقل
ما فيها إشكال, الخمسمائة النصف؟ إذا استثنى أكثر من
الثلث, من أهل العلم من يقول: الحكم للغالب، فإن استثنى
أكثر من النصف لم يصح فتلزمه المائة كاملة, الآن يلزمه
الألف كامل, إن استثنى أقل من النصف فيجوز, ومنهم من يقول:
له ما يستثني, لو يقول: له علي ألف إلا تسعمائة وتسعة
وتسعين, لم يثبت له إلا ريال واحد, لكن لا شك أن مثل هذا
في لغة العرب عبث.
"ثم بدأ له أن يشتري منه شيئاً فإنه لا يصلح أن يشتري منه
شيئاً إلا ما كان يجوز له أن يستثني، وذلك الثلث فما دونه،
فإن زاد على الثلث صار ذلك إلى المزابنة والى ما يكره"
يعني يمنع "فلا ينبغي" يعني لا يجوز "له أن يشتري منه
شيئاً إلا ما كان يجوز له أن يستثني منه" يعني قبل أن
يقبضه ويحوزه إلى رحله، ويستقر ملكه عليه, إذا استقر ملكه
عليه فإنه يجوز له أن يبيعه عليه، أو على غيره "ولا يجوز
له أن يستثني منه إلا الثلث فما دونه" ومراده في هذا
الكلام الأخير زيادة الإيضاح والبيان "وهذا الأمر الذي لا
اختلاف فيه عندنا" يعني في بلدهم المدينة، وعند علماء
المدينة، وحاصله أن ما جاز أن يستثنى جاز أن يشترى, وهو
الثلث فأقل عنده, والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(108/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (6)
باب: الحكرة والتربص - باب: ما يجوز من بيع الحيوان بعضه
ببعض والسلف فيه - باب: ما لا يجوز من بيع الحيوان.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحكرة والتربص
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه- قال: لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم
فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه
علينا، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف
فذلك ضيف عمر، فليبع كيف شاء الله، وليمسك كيف شاء الله.
وحدثني عن مالك عن يونس بن يوسف عن سعيد بن المسيب أن عمر
بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- مر بحاطب بن أبي بلتعة
-رضي الله تعالى عنه-, وهو يبيع زبيباً له بالسوق، فقال له
عمر بن الخطاب: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من
سوقنا.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى
عنه- كان ينهى عن الحكرة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحكرة: من الاحتكار, وليست هي المصدر, احتكر يحتكر
احتكاراً, فالحكرة اسم المصدر، وهي التربص بالسلعة حتى
يرتفع ثمنها, وعطف التربص على الحكرة من باب عطف التفسير
لا أكثر ولا أقل, ولا معنى للتربص غير الاحتكار, والتربص:
هو الانتظار {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [(228)
سورة البقرة] يعني ينتظرن, وهذا يتربص بسلعته وينتظر حتى
يرتفع ثمنها.
(109/1)
قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك أنه
بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: لا حكرة
في سوقنا" كان يمنع الاحتكار "لا حكرة في سوقنا, لا يعمد
-لا يقصد- رجال بأيديهم فضول من أذهاب" جمع ذهب كسبب
وأسباب "فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا
فيحتكرونه علينا" يعني يحبسونه مخازنهم ومستودعاتهم
ومحالتهم حتى يرتفع الثمن, فيستغلوا حاجة الناس فيرفون
عليهم الأسعار، فيحتكرونه علينا حتى يغلوا ويرتفع السعر ثم
يبيعون، ولا شك أن هذا فيه إضرار بالناس, وفيه ما يدل على
الشح, ولذا منعه عمر -رضي الله عنه-, وجاء فيه من الأحاديث
ما جاء, حديث عمر: ((من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه
الله بالجذام والإفلاس)) رواه ابن ماجه, قال في الزوائد:
إسناده صحيح, ورجاله موثقون, ولابن ماجه والحاكم من حديث
عمر -رضي الله تعالى عنه- أيضاً قال: قال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-: ((الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون)) لكن
هذا الحديث ضعيف، في إسناده علي بن زيد بن جدعان ضعيف,
المقصود أن الاحتكار فيه الحديث الأول ((ضربه الله بالجذام
والإفلاس)).
طالب:. . . . . . . . .
نعم ((من احتكر طعاماًً فهو خاطئ)) هذا في صحيح مسلم,
المقصود: أن الاحتكار لا يجوز, لما فيه من الإضرار
بالمسلمين.
"لا حكرة في سوقنا, ولا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب
إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا" وهل
تختلف السلع فيجوز في بعضها دون بعض؟ فما يحتاجه المسلمون،
وما يضطرون إليه مثل هذا لا ينبغي أن يختلف فيه, وأما ما
هو من الكماليات بحيث لا تشتد الحاجة إليه، ولا يشق تركه
فمثل هذا الأمر فيه أخف, لكن يبقى أن استغلال حاجات
المسلمين بلا شك خطأ, وأقل أحواله الكراهية الشديدة,
والاحتكار موجود في أسواق المسلمين على صور شتى, يعني صور
متعددة, وفي جل السلع ينتظر يخزن وليس بحاجة إلى قيمة هذه
السلع فيخزنها، سواء كانت من المطعومات، أو من الملبوسات،
أو من المركوبات، أو حتى من الكتب، أحياناً تخزن الكتب,
فينتظر فيها نفاد ما في السوق لترفع أسعارها, والناس
بحاجة, طلاب العلم بحاجة ماسة إلى الكتب, ولا شك أن هذا
ضرب من الاحتكار.
(109/2)
"ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في
الشتاء والصيف" يعني على عمود كبده يعني على ظهر دابته ذات
الكبد، على ظهر دابته ذات الكبد في الشتاء والصيف, هذا
ينقل السلع على دابة، وفي شدة الحر وشدة البرد, والحاجة
هنا تكون أشد "ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء
والصيف فذلك ضيف عمر" مثل هذا أيضاً لا يستغل، إن قال هذا
طارئ, جاءه على دابته، ومعه سلعته، مثل هذا لا يظلم ولا
يضار لأنه محتاج إلى الرجوع إلى أهله, فتشترى منه سلعته
بثمن بخس, تستغل حاجته, يعني المسألة ذات شقين لا ضرر ولا
ضرار, إمساك السلع إلى أن يحتاج الناس إليها والإضرار بهم
هذا ممنوع, أيضاً بعد إلجاء البائع إلا أن يبيع بسعر زهيد
هذا أيضاً ممنوع, فهذا الذي جاء على عمود كبده وعلى ظهر
دابته له أن يمسك, لا يقال: لا تحبسها إلى الغد أو إلى ما
بعد غد تنتظر ارتفاع السعر, هذا احتكار، هذا ليس باحتكار
لئلا يضطر أن يبيع بثمن أن يتضرر به, يقول: "فذلك ضيف عمر،
فليبع كيف شاء الله" ما عليه أن ينتظر، وما عليه إن يمسك
حتى يصل إلى السعر الذي يريده, وليس هذا من الاحتكار قال:
"وليمسك كيف شاء الله" لئلا يمتنع الناس عن الجلب, فيتضرر
الناس كلهم, الآن في بعض الأوقات في بعض أنواع الخضار
والفواكه تجلب قيمتها لا تساوي أجرة نقلها من المزرعة إلى
السوق, فمثل هذا لو انتظر في سلعته إلى أن يرتفع سعرها
قليلاً, لترد عليه أقل الأحوال ما صرفه عليها, هذا ما يقال
فيه شيء, تأتي السيارة محملة بالبصل مثلاً, متعوب عليه
مزروع مدة طويلة, ومنتظر وملقوط من الأرض ومصروف عليه مواد
ومكيس ومعلب, وفي السيارة ... الكيس بنصف ريال أقل من ثمن
الكيس الفارغ, هذا لو تأخر به، وانتظر إلى أن يصل إلى سعر
بحيث لا يضر بالناس هذا ما فيه إشكال, ما يقال: والله هذا
محتكر البصل أو محتكر الطماط, نعم الطماطم هذا يرتفع من
ريال الصندوق إلى عشرين وثلاثين وأكثر من ذلك, فمثل هذا لو
تأخر به إلى أن يصل إلى حد لا يتضرر هو ولا يضر به غيره
حينئذٍ لا بأس -إن شاء الله تعالى-.
(109/3)
"وحدثني عن مالك عن يونس بن يوسف بن حماس"
هذا وثقه ابن حبان وهو من العباد "عن سعيد بن المسيب أن
عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة" البدري المشهور توفي
سنة ثلاثين "وهو يبيع زبيباً له بالسوق, بأرخص مما يبيع
الناس" يبيع حاطب بأرخص مما يبيع الناس "فقال له عمر -رضي
الله تعالى عنه-: إما أن تزيد في السعر" فتبيع بمثل ما
يبيع أهل السوق "وإما أن ترفع من سوقنا" يعني ابحث عن سوق
ثاني, لماذا؟ لئلا يضر بأهل السوق, فالمسألة لا بد فيها من
التوازن، والنظر في مصلحة جميع الأطراف, وهذا يفعله بعض
التجار الآن ليضرب المحلات الأخرى, ينزل لو خسر, من أجل
إيش؟ التاجر اللي ما يتحمل يمشي, وهذا نوع من الإضرار
يمنع, ولذا عمر -رضي الله تعالى عنه- قال لحاطب: إما أن
تزيد في السعر تبيع مثل الناس، وإما أن ترفع من سوقنا,
ابحث لك عن سوق ثاني.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا عمر -رضي الله عنه- يتابع بدقة, هذا شأنه, هذه
وظيفة الإمام, هذه من وظائف الإمام النظر في مصالح
المسلمين, لا بد منها, وهي أمانة في عنقة, إن استطاع بنفسه
وإلا يوكل من يقوم بها, يكلها إلى من يقوم بها, لكن مثل
هذه السياسة من عمر -رضي الله تعالى عنه- كأنه في عصرنا,
يعني إذا أرادوا إسقاط تاجر من التجار تواطئوا عليه،
وتشاركوا في سلعة من السلع, وباعوها بنصف الثمن, ويعرفون
أن هذا التاجر، هذه السلعة تؤثر عليه, وقد يشترون هذه
السلعة منه, يجتمع أهل المكتبات مثلاً إذا أرادوا إسقاط
مكتبة, وهذا ناشر نشر كتاب, فاشتروا منه كمية كبيرة
وباعوها بنصف القيمة, بخسارة, ثم فعلوا بالكتاب الثاني
كذلك, والثالث كذلك، وتكدست الكتب عنده فاضطر أن يبيعها
بخسارة، ثم بعد ذلك يغلق محله, وهذا حصل في الكتب وفي
غيرها من التجارات, فالذي يضر بالناس سواء رفع السعر أو
نزل السعر مثل هذا يمنع, نظير ذلك ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا عرف القصد، وأن قصدهم إسقاط فلان، أو الإضرار بفلان
صار شريكاً لهم, أما إذا وجد السلعة تباع برخص، ولا يعرف
قصدهم، فهذا لا يلام على ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
(109/4)
هذا إذا ترتب عليه الإضرار بالآخرين يمنع,
نظير ذلك المرور يمنعون الذي تزيد سرعته على السرعة
المحددة, إذا زادت السرعة مثلاً في الدائري حاطين مائة
وعشرين، إذا زاد مشى مائة وأربعين مسكوه وغرموه, لكن ماذا
عن اللي يمشي أقل، ويسبب حوادث؟ لأن بعض الناس إذا مشى
ثمانين والناس يمشون مائة وعشرين أربكهم, إذا علم أن كونه
يأخذ باليمين مع الترلات ومع السيارات الكبيرة بكيفه, لكن
يمشي مع الخط الأيسر ويمشي ستين أو أربعين هذا يضر بالناس,
مثل هذا يمنع وإلا ما يمنع؟ نظير ما عندنا، هذا يضر
بالناس.
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا الأصل؛ لأنه يضر بالناس, يربكهم, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هم قالوا: سمع من العشرة, لكن لا يثبت سماعه من أبي
بكر بلا شك, وعمر مسألة خلافية, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هو ما ذكر سماعه, عمر يحكي القصة فقط, سعيد
يحكي القصة, عن سعيد بن المسيب أن عمر مر, ما يلزم أن يكون
سمعه, والاحتمال قائم، لكن هو يحكي القصة, وحتى مراسيل
سعيد قوية عند أهل العلم, ولائق بعمر مثل هذا, لائق
بسياسته, ما يسعر الإمام التسعير أيضاً ممنوع، وفيه إضرار
ببعض الناس, لكن يراقبهم، الذي يزيد زيادة فاحشة يمنعه,
والذي ينزل زيادة فاحشة أيضاً يراقب الأسواق, نعم لكن
احتمال أن يكون رفع السعر فالمماكسة ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
إي صحيح بعض الناس لو تقول له: بريال قال: نزل, ولو تقول
له: بمائة قال: نزل, طبع عنده هذا, وإن قلت له بالثمن
الأقل ما جادت نفسه أن يدفع بسرعة، وقد يتهم السلعة, وقد
يتهم صاحبها, ويقول ... , الناس القلوب تغيرت,. . . . . .
. . . يحصلون على ما يريدون, إي؛ لأن الأسعار حتى الأدوية
متفاوتة, بعض المحلات بأربعين تجده بخمسين عند آخرين, هو
دواء علاج واحد، جاي من شركة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هذا موجود، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يطبعونه هم يا رجال.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا موجود, علاج يوجد في صيدلية بأربعين، وفي أخرى
بخمسين, يوجد ثمانية وأربعين سبعة وأربعين لكن الأدنى
أربعين والأعلى خمسين, هذا موجود، ووقع لنا ولغيرنا.
(109/5)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عثمان
بن عفان كان ينهى عن الحكرة" وقد جاء فيها من الأحاديث
المرفوعة ما سمعتم، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
باب: ما يجوز من بيع الحيوان
بعضه ببعض والسلف فيه
حدثني يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان عن حسن بن محمد بن
علي بن أبي طالب أن علي بن أبي طالب باع جملاً له يدعى
عصيفيراً بعشرين بعيراً إلى أجل.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة
بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة.
وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين
بواحد إلى أجل، فقال: لا بأس بذلك.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا
بأس بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم يداً بيد ولا بأس
بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يداً بيد
والدراهم إلى أجل.
قال: ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم
نقداً والجمل إلى أجل وإن أخرت الجمل والدراهم لا خير في
ذلك أيضاً.
قال مالك: ولا بأس أن يبتاع البعير النجيب بالبعيرين أو
بالأبعرة من الحمولة من ماشية الإبل, وإن كانت من نعم
واحدة فلا بأس أن يشتري منها اثنان بواحد إلى أجل إذا
اختلفت فبان اختلافها, وإن أشبه بعضها بعضاً، واختلفت
أجناسها، أو لم تختلف فلا يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل.
قال مالك: وتفسير ما كره من ذلك أن يؤخذ البعير بالبعيرين
ليس بينهما تفاضل في نجابة ولا رحلة, فإذا كان هذا على ما
وصفت لك فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل, ولا بأس أن
تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه من غير الذي اشتريته
منه إذا انتقدت ثمنه.
قال مالك: ومن سلف في شيء من الحيوان إلى أجل مسمى فوصفه
وحلاه ونقد ثمنه فذلك جائز وهو لازم للبائع والمبتاع على
ما وصفا وحليا, ولم يزل ذلك من عمل الناس الجائز بينهم،
والذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه
(109/6)
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان
عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب" يعني ابن الحنفية "أن
علي بن أبي طالب" جده "باع جملاً له يدعى عصيفيراً" بلفظ
تصغير العصفور "بعشرين بعيراً" "يدعى عصيفيراً بعشرين
بعيراً" هذا متميز إلى أجل, فدل هذا على جواز بيع البعير
بالبعيرين والثلاثة في مقابل الأجل، وفي مقابل التميز؛
لأنها تختلف كل أمور هذه الدنيا، وما ينتفع به متفاوت
الانتفاع, فهذا الجمل عدل بعشرين بعيراً.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر اشترى
راحلة للركوب" وجمعها رواح "بأربعة أبعرة مضمونة عليه"
يعني في ذمته "يوفيها صاحبها بالربذة" يعني يسلمها لا
بالمدينة إنما يسلمها بالربذة, إذا اتفق على مكان التسليم
لزم، فيما يجوز فيه النسأ "اشترى راحلة بأربعة أبعرة" ففيه
جواز بيع البعير بالأربعة، في خبر علي بن أبي طالب جواز
بيع البعير الواحد بالعشرين, والنبي -عليه الصلاة والسلام-
استسلف بكراً ورد خياراً رباعياً, فهذا أعلى منه في الوصف,
وهذا أكثر في العدد, وأقترض النبي -عليه الصلاة والسلام-
في غزاة من الغزوات من الإبل إلى أن تأتي إبل الصدقة, فصار
يعطي البعير بالبعيرين والثلاثة, ويأخذ البعير بالبعيرين
والثلاثة, فدل على جواز ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
تبدل مملوك، وش المانع؟ سلع مثله ما يجري فيها ربا.
"بأربعة أبعرة مضمونة عليه" يعني في ذمته "يوفيها صاحبها
بالربذة" يعطيه إياها بالربذة, ولعل إبل ابن عمر بالربذة,
والربذة عاش الناس مدة طويلة يظنونها الحناكية, وهي التي
انتقل إليها أبو ذر ومات فيها -رضي الله عنه وأرضاه-, ثم
بعد ذلك حددت بمكان بعيداً جداً, الشراح يقولون: قريبة من
المدينة, وحددوها بمكان بعيد عن المدينة, ليس بقريب هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما هي بقريب, مائة وخمسين, يقولون, تجيك لوحة مائة وخمسين.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا, بعيد, لا لا يوم كان الحناكية وهي أقرب، الآن
الحناكية أقرب منها.
(109/7)
قال: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن
بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل، فقال: لا بأس بذلك"
يجوز, لكن هل هذا رأي الإمام مالك حينما ساق هذه الأخبار؟
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا بأس بالجمل
-يعني الذكر من الإبل- بالجمل مثله، وزيادة دراهم" مناجزة
يداً بيد، جمل بجمل ومائة درهم, هل نقول: إن هذه مد عجوة؟
هل هذه مد عجوة؟ جمل بجمل ومائة درهم؟ مد عجوة في الربويات
"ولا بأس الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم" الجمل بالجمل
يداً بيد والدراهم إلى أجل, يعني أحدهما منقود في مجلس
العقد والثاني مؤجل, الآن جمل بجمل ومائة, يستلم الجمل
والدراهم مؤجلة أو يستلم الدراهم والجمل مؤجل, هذا كله لا
بأس به عند الإمام مالك.
قال: "ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم" الدراهم
نقداً، والجمل إلى أجل, وش الفرق بينها وبين المسألة التي
قبلها؟
طالب: الأول تقديم جمل والثاني تقديم مادة.
شوف الجملة الأولى: "الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا بأس
بالجمل بالجمل مثله، وزيادة دراهم يداً بيد".
طالب: كل الاثنين.
كلاهما, الجمل والجمل، والدراهم كلها منقودة في مجلس العقد
"ولا بأس بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل
يداً بيد والدراهم إلى أجل" هذه الصورة الثانية, الصورة
الثالثة: "ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم
الدراهم نقد والجمل إلى أجل" وش العلة؟ ما دام يجوز جمل
بجمل إلى أجل, ويجوز تأجيل الدراهم يجوز تأجيل الجمل إذا
بيع منفرداً, ويجوز تأجيل الدراهم إذا بيعت مع الجمل، فما
المانع؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه المال ليس في مقابل مال يتذرع به, المال في مقابل
الجمل يجوز أن يباع به نسيئة "ولا خير في الجمل بالجمل
مثله، وزيادة دراهم الدراهم نقد والجمل إلى أجل, وإن أخرت
الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضاً".
طالب:. . . . . . . . .
إيه بيجيك شراء الموصوف ما فيه إشكال, على ما وصف وحل ما
فيه أدنى إشكال.
طالب:. . . . . . . . . خوفه أن لا يجد جملاً فيعطيه محله
دراهم.
لأن هذا الجمل اللي بيعطى محله دراهم مبيوع بجمل.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إشكال, شيء ظاهر ما يظهر، نعم؟
(109/8)
طالب:. . . . . . . . .
على ما سيأتي, بجي ذكره هذا, لكن هل هذا مما اتفقت فيه
المنافع؟ هو أجاز بيعه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا الأخير هذا, يعني لا بد أن يكون الجمل على أي حال
يداً بيد.
طالب:. . . . . . . . .
الآن اتفقت المنافع أو اختلفت بالصور الثلاث؟ ليش يزيد
دراهم إذا اتفقت المنافع؟ إذا قلنا: يجري فيه الربا, ما
يجوز زيادة دراهم صار مد عجوة, إذا قلنا: اتحدت المنافع
واتفقت لا يجوز التأجيل، ولا يجوز زيادة الدراهم بعد, إذا
أجرينا فيه الربا, شوف الصورة الأولى: "لا بأس بالجمل مثله
وزيادة دراهم يداً بيد" يعني كل الثلاثة المبيعة اثنين في
مقابل واحد، وكلها يداً بيد, الصورة الثانية: "لا بأس
بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يداً بيد،
والدراهم إلى أجل" الصورة الثالثة: "لا خير في الجمل
بالجمل لمثله وزيادة دراهم الدراهم نقداً، والجمل إلى أجل،
وإن أخرت الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضاً" , الآن ذكر
الدراهم يعني هل لهذه الصورة بدون دراهم جمل بجمل مثله
وتأخر دفع أحدهما نسيئة, يجوز وإلا ما يجوز عنده؟ اتحدت
المنافع، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(109/9)
إذا اتحدت المنافع عنده جرى فيه الربا,
يجري فيه الربا, فلا يجوز فيه النسأ, ولو لم يكن هناك
دراهم فلا داعي لذكر الدراهم معه, واضح وإلا ما هو بواضح؟
ولذا يقول في الأخير: "ولا خير في الجمل بالجمل مثله
وزيادة دارهم, الدراهم نقداً، والجمل إلى أجل، وإن أخرت
الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضاً" لأنها اتحدت المنافع
فيجري فيه الربا عنده, هناك لما باع العصيفير بعشرين
بعيراً اختلفت المنافع فلا يجري فيه الربا, ابن عمر لما
اشترى الراحلة بأربعة أبعرة, اختلفت المنافع فلا يجري فيه
الربا, بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل قال: لا بأس بذلك,
اثنين بواحد إلى أجل هذا مطلق, كلام ابن شهاب, لم يتعرض
فيه إلى المثلية ولا الاختلاف, لكن كونهم يتفقون على هذا
التفاوت الكبير، إما أن يعود إلى تفاوت المنافع، أو إلى
وجود الأجل؛ لأن الأجل يقتضي الزيادة في المؤجل, فإن اتحدت
المنافع في كلام سعيد، والزيادة زيادة الثاني هي من أجل
الأجل لا يصح عند مالك, والصور الثلاث, الصورة الأولى
والثانية ظاهرة, لكن الثالثة فيها خفاء على مثابه -رحمه
الله-.
طالب:. . . . . . . . .
أنه سأل ابن شهاب, إيه هذا جاء, هو يسأل ابن شهاب وهو
يجيبه.
طالب:. . . . . . . . .
هو سيأتي في كلام مالك ما يدل على أنه إذا وجد تفاوت في
المنافع بين الجملين انتفى الربا, يبيع كيف شاء, لكن إذا
اتحدت المنافع يجري الربا، فلا بد من الاتحاد والتقابض,
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا كله بيجي الحين, فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل,
بيجي هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا جاز النسأ جاز النقد من باب أولى.
(109/10)
"قال مالك: ولا بأس أن يبتاع البعير
النجيب" يعني الكريم بزنته لفظاً ومعنى "النجيب بالبعيرين
أو بالأبعرة من الحمولة" هذا متميز نجيب يباع ببعيرين أو
أبعرة غير متميزة من الحمولة من ماشية الإبل, جماعة من
الإبل لحمل الأمتعة, هذه تباع مجموعة تباع بنجيب, من ماشية
الإبل, أي دونها في المنفعة, دون منفعة النجيب يجوز مع
التفاوت "وإن كانت من نعم واحدة فلا بأس أن يشتري منها
اثنان بواحد إلى أجل إذا اختلفت" يعني إذا كان من فصيلة
متميزة يباع أو يشترى به مجموعة من الإبل دونها في التميز,
لكن إذا كانت من فصيلة واحدة كلها متميزة يقول: "وإن كانت
ممن نعم واحدة فلا بأس أن يشتري منها اثنان بواحد إلى أجل
إذا اختلفت فبان اختلافها" يعني في الصغر والكبر مثلاً,
جمل كبير من هذه الفصيلة بمجموعة من الصغار من نفس
الفصيلة, تختلف المنافع فيجوز التفاوت "وإن أشبه بعضها
بعضاً" يعني تقاربت في المنافع "واختلفت أجناسها أو لم
تختلف" هو لا ينظر إلى الجنس إنما ينظر إلى المنفعة "فلا
يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل".
"قال مالك: وتفسير ما كره من ذلك أن يؤخذ البعير بالبعيرين
ليس بينهما تفاضل في نجابة ولا رحلة, فإذا كان هذا على ما
وصفت لك فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل, ولا بأس أن
تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه من غير الذي اشتريته
منه" لأنه يرى أن اختصاص النهي عن البيع قبل الاستيفاء خاص
بالطعام, إذا انتقدت ثمنه, يعني لا بمؤجل, فكأن اختلاف
المنافع عند الإمام مالك كاختلاف الأجناس في الربويات,
((بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) لكن ماذا يصنع
بالآثار والأخبار السابقة؟ علي باع العصيفير بعشرين بعيراً
إلى أجل, وباع ابن عمر راحلة، ابتاع راحلة بأربعة أبعرة
وهكذا, روى الإمام أحمد والأربعة عن جابر أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، قال
الترمذي: حسن صحيح, واستدل به الحنفية والحنابلة فمنعوا
بيع الحيوان بالحيوان، وجعلوه ناسخاً للخبر الصحيح أنه
-صلى الله عليه وسلم- اقترض بكراً ورد رباعياً, اقترض
بكراً ورد خياراً رباعياً, لكن لو قيل: إن هذا من حسن
الاقتضاء وليس من البيع, نعم؟
(109/11)
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يقال بالنسخ, وحمله مالك على متحد الجنس بالجنس جمعاً
بينهما, حملناها عن بيع الحيوان بالحيوان على متحد الجنس
بالجنس والمنفعة جمعاً بين هذا وبين ذاك؛ لأن القول بالنسخ
مجرد احتمال, القول بالنسخ, والنسخ لا يثبت بالاحتمال,
استسلف بكراً ورد خياراً, لكن ماذا عن استسلافه البعير
الواحد بالبعيرين والثلاثة إلى إبل الصدقة؟ لا شك أن مثل
هذا يدل على الجواز, وأن البعير بالبعير لا يدخله الربا,
لا يدخل فيه الربا, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . , هو جائر الربا في هذه الصورة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, هو إذا وجد ضرورة قد يلجأ إلى مثل هذا, لكن هذه حاجة
لا شك, لكن الحاجة ما تبيح الربا الصريح, بإمكانه أن يحصل
على ما يريد بصورة شرعية, طيب نهى عن بيع الحيوان بالحيوان
نسيئة, واشتراه من أجل الغزوة بالفضل والنسيئة معاً, ما
المانع أن يقال: يجوز؟ ونهى عن بيع الحيوان بالحيوان
نسيئة, يخرج على وجه إذا قيل بصحته, صححه الترمذي, هل يمكن
تخريجه على وجه؟ الكلام موجود، لكن على فرض صحته عند
الترمذي، الترمذي صححه, إذا كان مثل الآن اللي يعرض البعير
بمليون وبعير بألف, يعني بإمكانه أن يشتري ببعير واحد ألف
بعير رعية أو رعايا, يعنى تميزه لا يترتب عليه منفعة
ظاهرة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن كونها تباع بجنسها, إذا قلنا: يجري فيها الربا
يجري فيها الربا ولو كانت عروض.
طالب:. . . . . . . . .
شوف الآن علي -رضي الله تعالى عنه- باع الجمل بعشرين, وابن
عمر اشترى راحلة بأربعة, والنبي -عليه الصلاة والسلام-
استسلف ورد أفضل, واشترى البعير بالبعيرين والثلاثة, كل
هذه تدل على جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضل, هذه
كلها تدل على الجواز.
طالب:. . . . . . . . .
إحنا ما عندنا إلا النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة,
المقصود أنهم عندهم من عروض هذه الدنيا مثل الأصباغ التي
يخسر عليها في البيوت وش الفرق؟ في فرق؟ ومثل الرخام
والنقوش التي في البيوت, المسألة مسألة ذوق عندهم, ترف قدر
زائد على الحاجة الأصلية, كمال، هي ليس بضرورة ولا حاجة،
نعم؟
(109/12)
طالب:. . . . . . . . .
النهي؟ هو لا بد من توجيه, إما أن يقال: النهي للكراهة،
والفعل يدل على الجواز, والكراهة تزول بأدنى حاجة, وهذا
يمكن أن يسلك للتوفيق بين هذه النصوص، وحينئذٍ الأدلة
المتكاثرة تدل على الجواز, وأيضاً القول بالنسخ أيضاً مع
فعل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتجه,
نقول: فعل الصحابة له بعد وفاة النبي -عليه الصلاة
والسلام- يدل على أن دعوى النسخ ضعيفة, ووجود الحوادث
المتكررة منه -عليه الصلاة والسلام- ومن غيره ....
طالب: نقول النهي وين منسوخ؟
ما نقول: منسوخ, نقول: النهي للكراهة, والفعل لبيان الجواز
وينتهي الإشكال.
طالب:. . . . . . . . .
يصح -إن شاء الله-.
"قال مالك: ومن سلف في شيء من الحيوان إلى أجل مسمى فوصفه
وصفاً دقيقاً وحلاه" أي ذكر حلاه وصفاته "ونقد ثمنه فذلك
جائز" لأن من شروط البيع أن يكون المبيع معلوماً إما برؤية
أو صفة, فيجوز الشراء بالصفة ونقد الثمن, فإن طابق الموصوف
الصفة عند حضوره لزم البيع, وإن اختلف فللمشتري الخيار,
خيار الخلف في الصفة "فذلك جائز، وهو لازم للبائع والمبتاع
على ما وصفا وحليا" يعني إذا طابقا الواقع, إذا طابق الوصف
الواقع "ولم يزل ذلك من عمل الناس الجائز بينهم والذي لم
يزل عليه أهل العلم ببلدنا" لكن لا يعني هذا أنه يبيع ما
لا يملك, إنما يبيع ما يملك، لكن ليس بحاضر في مجلس العقد
يصفه ويذكر حليته، ويصف وصفاً دقيقاً، وحينئذٍ يجوز, نعم.
طالب: أحسن الله إليك:
باب: ما لا يجوز من بيع
الحيوان
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهي عن بيع حبل
الحبلة، وكان بيعاً يبتاعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع
الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا
ربا في الحيوان، وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة: عن
المضامين، والملاقيح، وحبل الحبلة, والمضامين: بيع ما في
بطون إناث الإبل، والملاقيح: بيع ما في ظهور الجمال.
(109/13)
قال مالك -رحمه الله-: لا ينبغي أن يشتري
أحد شيئاً من الحيوان بعينه إذا كان غائباً عنه، وإن كان
قد رآه ورضيه على أن ينقد ثمنه لا قريباً ولا بعيداً.
قال مالك: وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا يدرى
هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك كره
ذلك، ولا بأس به إذا كان مضموناً موصوفاً.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يجوز من بيع الحيوان
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهي عن بيع حبل الحبلة،
وكان بيعاً يبتاعه أهل الجاهلية كان الرجل" حبل: مصدر حبلت
تحبل حبلاً, والحبلة جمع حابل, حابل: هي الحامل, كظالم
وظلمة, وكان بيع حبل الحبلة بيعاً يبتاعه أو يتبايعه أهل
الجاهلية, يعني موجود عند أهل الجاهلية, وفسر هذا البيع
على وجهين، الوجه الأول: أن يباع نفس الحمل, ليس الحمل
الذي في بطن الدابة المرئية, الحبل الذي في بطنها ينتظر
فيه حتى يولد ويكبر ويطرق, فيحبل هو، فإذا نتج وهو ولد،
خرج ما في بطنه, ما هو البطن الأول الثاني, فهو عليك بكذا.
طالب:. . . . . . . . .
(109/14)
يشتري اللي في البطن؟ هو وجود الإشكالات هي
اللي تمنع مثل هذه الصور, صور فيها غرر وجهالة وقت حلول
أجل ما يدرى متى؟ المقصود أن هذه الصورة الأولى لما جاء في
هذا الحديث بيع حبل الحبلة, الحمل الذي بطن الحمل, الحمل
الذي يكون في بطل الحمل, الدابة الموجودة الآن المرئية في
بطنها حمل, ما هو بالبيع على هذا الحمل مع أنه لا يجوز
بيعه، يتبايعون ما هو أبعد من ذلك, ما يحمله هذا الحمل ثم
يلده ويتبايعونه, هذه صورة, الصورة الثانية: أنهم يتبايعون
بيعاً إلى أجل, متى يحل الأجل؟ إذا نتج هذا الذي في البطن
وحبل ثانية ثم نتج, فيكون حد للأجل الذي تبايعوا إليه،
وهما تفسيران معروفان عند أهل العلم, نهى, والنهي نهي
تحريم عن بيع حبل الحبلة، كان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية
كان الرجل منهم ... , من أهل العلم من يرى أن الحبل مختص
بالآدميات, وما عدا الآدميات يقال له: حمْل, والحديث يرد
عليهم, يرد على من منع, "كان الرجل منهم من أهل الجاهلية
يبتاع الجزور" البعير ذكراً كان أو أنثى "إلى أن تنتج"
يعني تلد, ولم يسمع إلا مبني للمجهول "الناقة" فاعل ذلك
الفعل, ولا يقال: نائب فاعل؛ لأنه مبني للمعلوم على صيغة
المبني للمجهول "ثم تنتج التي في بطنها" أي تعيش المولودة
حتى تكبر ثم تلد, وعلة النهي حينئذٍ الغرر في الأجل والغرر
في المبيع, الجهالة فيه, والتفسير من قول ابن عمر كما جزم
به أبو عمر ابن عبد البر وغيره, وبه فسره مالك والشافعي
وقيل: هو بيعه في الحال, التفسير الأول تفسير الصحابي جعله
أجل, حبل الحبلة أجل لحلول ثمن المبيع الآن يتبايعون دار
بخمسمائة ألف متى يحل؟ نعم؟ أو هو يعرف أن هذا عنده بنت
حامل, يقول: إذا جابت البنت اللي عندك حامل بالبيت بنت
وتزوجت وجابت بنت يحل الأجل, أو جابت ولد هذا ما في إشكال,
مثل الإبل، لكن هو في الإبل أقرب, يعني إذا كان في بني آدم
يحتاج إلى عشرين سنة أو أكثر أو أقل, هذا يحتاج إلى ثلاث
سنوات أربع في الإبل إلى خمس بالكثير, فهو أقرب, على كل
حال هم عندهم الإبل يردون إليها كثير من تصرفاتهم؛ لأنها
خير أموالهم, فيعلقون عليها كثير من تصرفاتهم, فيقول: هذه
الناقة التي في بطنها ولد ننتظر إذا ولدت وجابت بنت
(109/15)
وطرقت وجابت بنت أو ولد حل الأجل, هذا
التفسير الأول، وبه قال مالك والشافعي, وقيل: هو بيعه في
الحال, بيع ما تحمل فيه هذه المحمولة, بيع ما ينتجه ما في
بطن هذه الدابة, فهو حبل الحبلة، والمنع للجهالة فيه، وعدم
القدرة على تسليمه، وبه فسره أحمد وإسحاق والحديث يتناول
الصورتين، يمكن تنزيله على الصورتين, ولكن تفسير الصحابي
أولى, فسره المبرد, فسر المبرِّد الحبلة بالكرمة، وش
الكرمة؟ العنب, قال السهيلي: وهو غريب، لم يسبقه إليه أحد
في تأويل الأحاديث, لماذا فسر الحبلة بالكرمة؟ لأنها تربط
بحبال على العُرُش.
"وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا
ربا في الحيوان".
طالب:. . . . . . . . .
إيه إيه, ربا مثل فتى مقصور, لا ربا في الحيوان, وقصد
الإمام مالك ليتسق مذهبه المختلف جنسه لاختلاف صفاته, وإلا
منع عند مالك، وأجازه الشافعي مطلقاً, ومنعه أبو حنيفة
مطلقاً "لا ربا في الحيوان، وإنما نهي من الحيوان عن
ثلاثة: عن بيع المضامين، وبيع الملاقيح، وبيع حبل الحبلة"
وحديث بهذا اللفظ خرجه البزار بإسناد لا بأس به, نهى عن
بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة, حبل الحبلة عرفناه في
الحديث السابق، يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:
"والمضامين: بيع ما في بطون إناث الإبل" جمع مضمون, بيع ما
في بطون إناث الإبل؛ لأن البطن قد ضمن ما فيه, يعني محفوظ
بإذن الله -جل وعلا-, فهو مضمون, "والملاقيح: بيع ما في
ظهور الجمال" يأتي إلى جمل ويقول له: أبيع عليك ما في ظهره
من الطرقة الأول أو الثانية أو كذا, والمضامين ما في بطن
هذه الدابة يباع, ابن حبيب وهو من كبار المالكية عكس, قال:
المضامين بيع ما في ظهور الجمال, والملاقيح: بيع ما في
بطون الإناث, عكس ابن حبيب، وزعم أن تفسير مالك مقلوب.
"قال مالك: لا ينبغي أن يشتري أحد شيئاً من الحيوان بعينه
إذا كان غائباً عنه، وإن كان قد رآه ورضيه على أن ينقد
ثمنه لا قريباً ولا بعيداً" إيش معنى هذا الكلام؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(109/16)
إيه رآه من قبل العقد, وإن كان قد رآه
ورضيه, إن كانت الرؤية مقاربة للعقد بحيث لا يتغير فيها
السلعة لا بأس، لكن إذا كانت الرؤية بعيدة تتغير فيها
السلعة، فالمشتري يتوقع أنها زادت زيادة فاحشة، والبائع
يتوقع كذا, ثم تبين بخلاف الرؤية السابقة "على أن ينقد
ثمنه لا قريباً ولا بعيداً" فهذا قيد في المنع, وجوز في
المدونة النقد فيما قرب دون ما بعد.
"قال مالك: وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا
يدرى هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك
كره ذلك".
طالب:. . . . . . . . .
إيه فيه غرر, لا، وفيه أيضاً البائع ينتفع بالثمن, وإلا لو
جوِز مثل هذه الصورة لحصل التلاعب الكبير, أنت محتاج إلى
مبلغ خمسة آلاف مثلاً, تأتي إلى واحد تعرف أنه يحب مثلاً
هذه السلعة ولنعتبرها كتب مثلاً تقول: لي سمسار مثلاً في
مصر أو في الشام وجد نسخة من كتاب كذا واشتريناها بمبلغ
كذا, أنا محتاج إلى المبلغ الآن، وإذا جاء الكتاب سلمته
إليك, هو محتاج المبلغ بالفعل, با يستفيد من المبلغ
وبيدخله في الأسهم وكل شهر يدخل له خمسمائة ريال, المسألة
خمسة آلاف, وهو ما اشترى كتاب، ولا عنده كتب ولا شيء, غاية
ما هنالك أنه بعد شهر يقول: والله صاحب الكتاب هون ما باع
علينا، أو الكتاب تلف، أو جاءه ما جاء, يعني لو جوزنا مثل
هذه الصورة حصل التلاعب في مثل هذا, لكن هم الإمام مالك
-رحمه الله- افترض أن السلعة يملكها البائع, افترض أنه
يملك السلعة, وجاءه من يشتري منه بأكثر مما اشتريته منه,
ثم قال لك: والله السلعة عطبت أو تلفت, فكلما قربت الرؤيا
من وقت العقد، وقرب التسليم كان أحوط.
طالب:. . . . . . . . .
بيع الملاقيح وإلا بيع اللقاح؟ يعني في ظهورها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, فرق بين اللقاح وبين بيع الملاقيح, الملاقيح: يبيع لك
الجمل الذي في ظهر هذا الجمل, واللقاح يبيع لك الماء اللي
في ظهره، وهذا بالإمكان بالإبرة يأخذه ويعطيك، يفعلونه
الآن مع أنه نهى عن عسب الفحل, قال: ((خبيث)) جاء النهي
عنه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال جاء النهي عن بيع عسب الفحل.
(109/17)
"قال مالك: وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع
بالثمن، ولا يدرى هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع
أم لا فلذلك كره ذلك, ولا بأس به إذا كان مضموناً موصوفاً"
ما دام ضمنه ووصفه تحضر لي السلعة اللي أنت ذكرت, أو مثل
صفتها, يعني مثل الكتاب الحين النادر ذا اللي قيل له:
بخمسة آلاف وأخذ السلعة، وقال: والله هاه فات الحجز، فات
اللي ما أدري إيش؟ يتعذرون بأشياء فتجد الكتاب ما يصل إلا
بعد خمسة أشهر، ثم في النهاية يقول: والله رفض صاحبه
يبيعه, فمثل هذا لا شك أنه يوجد شيء من التلاعب, لكن البيع
بالوصف عقد معتبر، وصحيح عند أهل العلم, ومع ذلك إذا وثق
به، ووثق بوصفه، وأعطاه الثمن, ثقة به ثم خانه، وفي قرارة
نفسه أن يريد الاستثمار بهذا المال ولو لم يكن هناك سلعة
مثل هذا يأثم بلا شك.
يقول: هل يلزم التأكد من أن البنوك تطبق فعلاً مسألة
التورق أو فقط يكفي دعوى البنك ذلك واعتماد الفتاوى
الشرعية لا يلزم البحث؟
على كل حال هم يستثمرون هذه الفتاوى ويطبقونها ويضعونها
أحياناً في غير مواضعها, فيرسمون لك صورة ويبيعون عليك
يقولون: عندنا فتوى, لا، لا، لا بد من التأكد من صحة
المعاملة.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(109/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (7)
باب: بيع الحيوان باللحم - باب: بيع اللحم باللحم - باب:
ما جاء في ثمن الكلب
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين يا رب العالمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع الحيوان باللحم
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان
باللحم.
وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أنه سمع سعيد بن المسيب
يقول: من ميسر أهل الجاهلية بيع الحيوان باللحم بالشاة
والشاتين.
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه كان
يقول: نهي عن بيع الحيوان باللحم.
قال أبو الزناد: فقلت لسعيد بن المسيب: أرأيت رجلا اشترى
شارفا بعشرة شياه، فقال سعيد: إن كان اشتراها لينحرها فلا
خير في ذلك.
قال أبو الزناد: وكل من أدركت من الناس ينهون عن بيع
الحيوان باللحم.
قال أبو الزناد: وكان ذلك يكتب في عهود العمال في زمان
أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل ينهون عن ذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع الحيوان
الحي حال حياته باللحم, يعني بالمذبوح من الحيوان, سواء
كان بجنسه أو من غير جنسه, لحم ضان أو لحم إبل بشاة مثلا
أو العكس, وهل اللحم جنس واحد أو أجناس؟
(110/1)
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن
مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان باللحم" هل يجري الربا
في اللحم وإلا ما يجري؟ أما الاقتيات والادخار هذا متفق
عليه, يقدد ويدخر, يقدد ويجفف في الماضي ويدخر وهو قوت,
وفي الحاضر أيضا مع وجود الثلاجات أيضا يدخر ويقتات, فلحم
بلحم موضوعه الباب اللاحق, اللحم باللحم، وأما اللحم
بالحيوان فهو موضوع هذا الباب, والفرق بينهما, ما الفرق
بين البيعين؟ هنا نهى عن بيع الحيوان باللحم، إذا بيع
الحيوان باللحم هل يمكن أن تتحقق المماثلة؟ ولو وزنا
الحيوان، لو وزناه وطلع مائة كيلو بعير وزناه وظهر مائة
كيلو فبعناه بلحم أو اشتريناه بلحم ثلاث شياه مذبوحة مائة
كيلو, أو لحم أربع شياه مذبوحة بثلاث شياه حية مثلا,
والوزن واحد كله مائة كيلو, هل يمكن أن تتحق المماثلة؟ لا
يمكن؛ لأن المذبوح لحم صافي في الغالب, نعم فيه عظم وفيه
شحم، لكن هو داخل فيه, أما الحيوان فيه الجلد، وفيه الصوف،
وفيه الماء الذي في بطنه، وفيه الفضلات التي في كرشه ففيه
من غير ... , فلا يمكن أن تتحقق المماثلة, ولذا جاء النهي
في المقنع لابن قدامة: "ولا يجوز بيع لحم بحيوان من جنسه"
شاة حية بشاة مذبوحة "وفي بيعه بغير جنسه وجهان" يعني
مبنيان على كون اللحم جنس واحد أو أجناس؟ على ما ذكر, على
الوجهين, إذا قلنا: جنس واحد لا يجوز بيعه بغير جنسه, وإذا
قلنا: أجناس جاز بيعه بغير جنسه, في الحاشية في حاشية
الشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد -رحم الله
الجميع-, يقول: ولا يجوز بيع لحم بحيوان من جنسه يقول: لا
يختلف المذهب في ذلك, وهو قول الفقهاء السبعة، وذكر حديث
الباب, هذا إذا كان من جنسه, إذا كان من جنسه نهى عن بيع
الحيوان باللحم؛ لتحقق التفاضل، أو على أقل الأحوال عدم
العلم بالتماثل, والجهل بالتماثل والتساوي كالعلم
بالتفاضل, يعني لو قدرنا أن هذه الشاة إذا ذبحت يصفو منها
خمسة وعشرين كيلو، فبعنا هذه الشاة هي في الميزان ثلاثين،
لكن قدرنا الجلد وقدرنا ما في جوفها خمسة كيلو قدرناه,
فحذفنا ما قدرنا وبعناه بمذبوح بقدر هذه الزنة, ونظير ذلك
لو يباع تمر بزنبيل
(110/2)
وتمر بالمكيال, لو كلنا التمر اللي في
الزنبيل ووجدناه عشرين صاعا, هل يجوز أن نبيعه باثنين
وعشرين أو ثلاثة وعشرين صاع, إن قدرنا الآن هم يستعملون
الوزن فيزنون التمر بزنبيله, ويقدرون الزنبيل ثلاثة كيلو
مثلا, أو خمسة كيلو مع أن التمر في الأصل لا يباع بالتمر
إلا كيلا, دعونا من التمر الذي لا يجوز بيعه إلا كيل, ما
يدخل فيه الزنبيل, الزنبيل ما يمكن تقديره بالكيل,
الموزونات, لو قدرنا أن موزون يباع بوعائه بأقل من وزنه
بوعائه بما يقارب وزن الوعاء, هذا ليس فيه تحقق للتماثل,
يعني ما ندري هل الوعاء يزيد أو ينقص؟ والمسألة مسألة
مطلوبة بدقة, ولا يكفي فيها الخرص ولا الظن، ولو كان الفرق
يسيرا؛ لأن المسألة مسألة ربا، والربا من عظائم الأمور،
ومن الموبقات, فلا بد أن يبرأ من عهدته بيقين, ابن عبد
البر يقول: هذا أحسن أسانيده, أحسن أسانيد هذا الحديث ما
ذكر, ويقول: ولا يعلمه يتصل من وجه ثابت, يعني في جميع
طرقه مرسل, عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نهى عن بيع الحيوان باللحم.
وهذا الحديث ذكره الإمام أحمد واحتج به, وهو مذهب مالك كما
قرره هنا, وهو أيضا مقتضى مذهب الشافعي؛ لأن الشافعي يحتج
بمراسيل سعيد.
قال: "وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أنه سمع سعيد بن
المسيب يقول: من ميسر أهل الجاهلية" الميسر والقمار بمعنى
واحد عندهم "من ميسر أهل الجاهلية بيع الحيوان باللحم"
بالشاة والشاتين, بيع الحيوان باللحم هذا قمار, تبيع لحم
بشاة أو بشاتين، لماذا؟ للتفاضل, وهذا إذا كان في جنس واحد
لحم ضان بشاة أو شاتين واضح لأنه جنس واحد, وإذا كان من
غير جنسه لحم إبل بشاة أو شاتين هذا الخلاف في كونها جنس
أو جنسين سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
لا المرسل عند الحنفية حجة مطلقا, يحتجون بالمراسيل مطلقا,
هم يقولون: ما هو بربوي, ليس بربوي، اللحم ليس بربوي.
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد -عبد الله بن ذكوان-
عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: نهي عن بيع الحيوان
باللحم" نهي، سعيد بن المسيب يقول: نهي، والفعل مبني
للمجهول والناهي من؟
طالب:. . . . . . . . .
(110/3)
التابعي يروي, التابعي سعيد بن المسيب وهو
من كبارهم، يروي قال: نهي, عرفنا مرارا أنه إذا قال
الصحابي: نهينا فلا ينصرف الأمر والنهي إذا قال: نهينا أو
أمرنا إلا إلى من له الأمر والنهي وهو الرسول -عليه الصلاة
والسلام-, لكن إذا قال التابعي: نهي عن كذا, أو نهينا عن
كذا, ألا يحتمل أن يكون الأمراء نهوهم عن ذلك, ألا يحتمل
أن يكون من أدركهم من الولاة والأمراء نهوهم عن ذلك,
الاحتمال قائم، فليس بالقوة مثل قول الصحابي, ومنهم من يرى
أن قول التابعي في مثل هذا هو كقول الصحابي, وأن الأصل في
الأمر والنهي في المسائل الشرعية لا ينصرف إلا إلى من له
الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-, وفي هذه
الحالة يكون مرسلا, مرسل مرفوع, يعني الخلاف في رفعه ووقفه
لكن كونه مرسلا هذا لا إشكال فيه مرسل؛ لأنه لو قال
التابعي: نهينا أو نهي عن كذا، وقلنا: إن الناهي هو النبي
-عليه الصلاة والسلام- لا يعني هذا أنه متصل, فالتابعي لم
يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبقى مرسلا, هذه
الآثار كلها من طريق سعيد بن المسيب, يعني هل يمكن أن
تتقوى هذه المراسيل ببعضها؟ تتقوى إلى سعيد, نعم ما فيها
إشكال, كلها صحيحة إلى سعيد, والخلاف في مراسيل سعيد معروف
عند أهل العلم, والخلاف في الاحتجاج بالمرسل أصله معروف.
واحتج مالك كذا النعمان ... به وتابعوهما ودانوا
مالك وأبو حنيفة يحتجون بالمراسيل.
ورده جماهر النقادِ ... للجهل بالساقط في الإسنادِ
وصاحب التمهيد عنهم نقله ... ومسلم صدر الكتاب أصله
فالجمهور على رد المراسيل, الجمهور من العلماء الذين هم
بعد عصر التابعين, وإلا فالتابعون بأسرهم يحتجون
بالمراسيل, وكل ما بعد الوقت عن عصر النبوة ازداد الخلاف
في قبول المراسيل, يعني المراسيل في عهد التابعين يقول
الطبري فيما نقله ابن عبد البر في مقدمة التمهيد:
والتابعون بأسرهم يحتجون بالمراسيل, مع أنه خالف في قبولها
سعيد, فهل يحتج على الطبري بخلاف سعيد؟ نعم ما يحتاج،
فلماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
(110/4)
لا؛ لأن الطبري يرى أن الإجماع قول الأكثر
فلا يستدرك عليه, يعني الإجماع الذي نقله الطبري مستقيم
على مذهبه في معنى الإجماع؛ لأنه يرى الإجماع قول الأكثر,
كون الخلاف يقوى كلما تأخر الزمن, يعني تأخر الزمن هل له
حقيقة أو له وقع في تغيير الحقيقة؟ انتبهوا يا إخوان؛ لأن
السامع لهذا الكلام يقول: نعم يقوى الخلاف كلما تأخر؛ لأن
الناس يتغيرون, هل لتغير الناس بعد زمن التابعين أثر في
ضعف المراسيل؟ له أثر ولا ما له أثر؟ لماذا؟ الإسناد ثابت
هو هو, يعني هذا الأثر على مر العصور عن سعيد بن المسيب
تابعي، هل الخلاف في زمن زيد بن أسلم في قبول هذا المرسل
مثل الخلاف في زمن مالك أو زمن أحمد؟ قوي الخلاف في زمن
أحمد, لكن في زمن زيد بن أسلم وزمن مالك لا الخلاف ضعيف,
بعدهم قوي أكثر في زمن من بعد الإمام أحمد, قوي الخلاف
أكثر, لكن هل هو يغير؟ هذا الخلاف تغير نظراً لتغير الناس
بعد زمن النبوة هل له أثر في تغيير واقع هذا الإسناد؟ نعم
هذا من وجه, ومن وجه آخر في زمن التابعين أو من بعدهم من
تابعيهم أو تابعي ... , يعني في الصدر الأول في المائة
الأولى والثانية, الناس على الجادة وعلى الصدق, ما يتصور
أن تابعي بيقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, أو
مسلم عموماً، ما يتصور أن مسلم يقول: قال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وهو لم يقل؛ لأنهم يتهيبون الحديث عن
النبي -عليه الصلاة والسلام-, لكن لما تأخر الزمن، ورأى
الناس أن المسلمين عادي عندهم أن يقول: قال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وهو لم يقل, ويتأول في ذلك، ويدلس ويفعل
ويترك, فصار الاحتراس عندهم أكثر؛ لأنه وجدت المخالفات
فصار الاحتراس منها أكثر, ترى دقيقة يا الإخوان دقيقة وإلا
يقول: وش .... ؟ الإسناد هذا ما يتغير في القرن الأول وإلا
القرن الخامس عشر.
طالب:. . . . . . . . .
نعم تلفيق الأسانيد؟
طالب:. . . . . . . . .
(110/5)
لا هذا لو قلنا به ما وثقنا بإسناد, نقول:
لو قلنا بهذا ما وثقنا بإسناد لا موصول ولا مرسل, لكن أنت
غافل ما تصور أن الناس يفعلون هذا الفعل, تتساهل فيه,
تعرفون أنه في القرن السابع عالم من المغاربة يقول: الخلاف
في كفر تارك الصلاة نظري, ليش يقول هذا الكلام؟ لأنه لا
يوجد تارك صلاة في ذلك والوقت, لكن الآن الخلاف نظري وإلا
حقيقي؟ حقيقي تغير الأمر, وتارك الصلاة في الصدر الأول مثل
تارك الصلاة الآن, بس الناس من المعاناة يدركون بعض الأمور
التي لا يدركها من لم يعاني, ولعل المقصود اتضح الآن ظهر
المراد وإلا ما ظهر؟ ولا يقول القائل: كيف يعني التابعين
بأسرهم يقبلون المراسيل، ثم كل ما ... , الشافعي جاء ووضع
شروط لقبول المراسيل, أحمد جاء وضعف المراسيل, من بعد أحمد
ردها جملة وتفصيلاً؟
ورده جماهر النقادِ ... . . . . . . . . .
والإسناد هو هو ما تغير, لكن الناس انتبهوا لأمور ما كان
الناس ينتبهون لها؛ لأنها لم توجد في وقتهم, ظهر وإلا ...
؟ ظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الكلام في قبولها مطلقاً كما يقول مالك وأبو حنيفة،
أو في ردها مطلقاً كما يقول من بعده, أما من يقبلها بشروط
فهذا نظر إلى مسألة .. ، مثل سعيد مثلاً قالوا: غالب ما
يرسل سعيد عن أبي هريرة, فحذفه مثل ذكره, ولذلك يقبله
الشافعي مطلقاً "وإرسال ابن المسيب عندنا حسن" ويحتجون به,
بخلاف مراسيل غيره, نعم وجد ممن يرسل يرسل عن كل أحد, مالك
وأبو حنيفة حينما يقبلون المراسيل هل يقبلون مراسيل الحسن
ومراسيله شبه الريح، الشافعي حينما اشترط الشروط لا شك أن
مراسيل الحسن لا تدخل في شروطه, وأن يكون إذا سمى لم يسم
مرغوباً عن الرواية عنه, أو مرغوباً عن روايته, فلا بد أن
يكون المرسل ممن لا يرسل إلا عن ثقة, وحينئذٍ يقبله
الشافعي.
طالب: إذا تتبعت ما يقال فيه فإن له. . . . . . . . .
ومنهم من يرده ولو توفرت شروطه.
طالب: على أساس أن له أصل فقط, يعني يبقى الحديث ضعيف
لأنه. . . . . . . . .
(110/6)
هذا مقتضى قول من يرده, كونه يجد له شاهد
يزكيه من حديث مسند، أو مرسل آخر يرسله غير رجال المرسل
الأول، أو يفتي به عوام أهل العلم، أو يوافقه قول صحابي,
المقصود أن الشروط التي ذكرها الإمام الشافعي -رحمه الله-,
وكان المرسل من كبار التابعين, وإذا شرك أحداً من الحفاظ
لم يخالفه, وإذا سمى من روى عنه لم يسم مرغوباً في الرواية
عنه, المقصود أن الشروط التي افترضها الشافعي لا شك أنها
إذا توافرت قوي الظن بثبوته, مراسيل سعيد ما هي مقبولة
باتفاق، يعني, قلنا: إن الشافعي يقبلها, يقبلها لأنها سبرت
عنده ووجدت كلها عن طريق أبي هريرة, فعلى هذا ما فيه
إشكال, مالك وأبو حنيفة يقبلونها مطلقاً, وغيرهم ممن جاء
بعدهم يردونها بإطلاق, مر بنا مراراً أن الإمام مالك يرسل
أحاديث موصولة في الصحيحين من طريقه, من طريقه موصولة في
الصحيحين، وتجدها في الموطأ مرسلة, دل على أن المراسيل
عنده كالمتصلات, ووجد من شذ ورجح المراسيل على المسندات،
وجد، وهؤلاء أشار إليهم ابن عبد البر في مقدمة التمهيد،
لماذا؟ قال: من أرسل ضمن لك من حذف, ومن ذكر فقد أحالك,
ابحث، هل يقبل وإلا ما يقبل؟ لكن من أرسل وحذف هذا مضمون؛
لأنه لا يمكن أن يروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-
بواسطة من لا تثبت الرواية بروايته.
"نهي عن بيع الحيوان باللحم" وهذا مثل سابقه "قال أبو
الزناد -عبد الله بن ذكوان-: فقلت لسعيد بن المسيب: أرأيت
رجلاً" يعني أخبرني عن رجل "اشترى شارفاً" مسنة من الإبل,
الشارف المسنة من الإبل, مثل البازل, والجمع شُرف بُزل
"بعشرة شياه" أو بعشر شياه, الأصل بعشر شياه "فقال سعيد:
إن كان اشتراها لينحرها فلا خير في ذلك" لأنه اشتراها على
أساس أنها شارف لحم, فكأنه اشترى لحمها بهذه الحيوانات
الحية بعشر الشياه, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(110/7)
هذا الأصل بعشر شياه, يقول سعيد: "إن كان
اشتراها لينحرها فلا خير في ذلك" أي لا يجوز؛ لأنه إنما
اشتراها على أساس أنها لحم, ولم يشتريها على أساس أنها
حيوان, وإن اشتراها على أساس أنها راحلة مثلاً, يجوز وإلا
ما يجوز؟ يجوز؛ لأن بيع الحيوان بالحيوان متفاضلاً، حياً
متفاضلاً سبق الكلام عند أهل العلم, والأدلة تدل على
جوازه, وحينئذٍ يوكل إلى نيته.
"قال أبو الزناد: وكل من أدركت من الناس ينهون عن بيع
الحيوان باللحم"، "قال أبو الزناد: وكان ذلك يكتب في عهود
العمال" العمال من هم؟ الأمراء في عهد السلف يسمون عمال,
نعم لما كانت الولايات خدمة للأمة تصير عمالة، الأمير
عامل, وكان عاملاً لعمر, ما قال: كان أميراً أو كان
موصوفاً بالصفات التي فيمن جاء بعد, أبو عبيدة -رضي الله
عنه- كان عاملاً لعمر, فلما جاء عمر إلى الشام طلب منه عمر
أن يضيفه أن يدخل في بيته أو يزوره يزوره عمر, فرفض أبو
عبيدة، لماذا رفض أبو عبيدة؟ لأنه استولى على أموال بيت
المال وصرف فيها أثاثه؟! لا, ما عنده أثاث ألبتة, فدخل عمر
وقال: وين؟ فذهب فعمد إلى كسيرات فقدمها لعمر, كسيرات خبز
يابسة, عمال لكن أجرهم موفور -إن شاء الله تعالى-, ((من
استعملناه على شيء فليأتنا بقليله وكثيره)).
"وكان ذلك يكتب في عهود العمال في زمان أبان بن عثمان"
ومنعها من الصرف أبانَ, عنكم مصروفة وإلا ممنوعة؟ كلكم
ممنوعة؟ طيب وش سبب المنع؟ ما المانع؟ العلمية وزيادة
الألف والنون؟ مثل عثمان؟ عثمان ممنوعة من الصرف, زيادة
الألف والنون, لكن أبان إن كانت من الإبانة فهي مصروفة؛
لأن النون أصلية, وابن مالك يمنعها من الصرف وغيره يصرف.
"وهشام بن إسماعيل المخزومي ينهون عن ذلك" فيدل على شهرة
هذا العمل في المدينة.
الباب الذي يليه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع اللحم باللحم
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في لحم الإبل والبقر
والغنم وما أشبه ذلك من الوحوش أنه لا يشترى بعضه ببعض إلا
مثلاً بمثل، وزناً بوزن، يداً بيد، ولا بأس به، وإن لم
يوزن إذا تحرى أن يكون مثلاً بمثل يداً بيد.
(110/8)
قال مالك -رحمه الله-: ولا بأس بلحم
الحيتان بلحم الإبل والبقر والغنم، وما أشبه ذلك من الوحوش
كلها اثنين بواحد وأكثر من ذلك يداً بيد, فإن دخل ذلك
الأجل فلا خير فيه.
قال مالك -رحمه الله-: وأرى لحوم الطير كلها مخالفة للحوم
الأنعام والحيتان فلا أرى بأساً بأن يشترى بعض ذلك ببعض
متفاضلاً يداً بيد، ولا يباع شيء من ذلك إلى أجل.
في حديث أظن عن أبي بكر -رضي الله عنه- نسيته الآن, لكن
مفاده أنه رأى من ينحر جزوراً، فقال له: أعطني من لحمه
بهذه العناق.
يحضر لنا الدرس القادم نسيته الآن, في أحد يذكره؟ وش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يصلح هذا، فهذا أيضاً يدل على المنع, مخرج الحديث؟
يخرج.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ يعني نسبته إلى ابن عباس.
طالب: الشافعي يقول: لا أعلم مخالفاً من الصحابة ذكر ....
في منعه، يعني مثلما تقدم في الباب السابق باب: بيع اللحم
باللحم، ذاك باب بيع اللحم بالحيوان الحي, وهذا لحم بلحم,
يعني مذبوح بمذبوح, في المقنع مع حاشيته يقول: اللحم أجناس
باختلاف أصوله، وعنه جنس واحد, وعنه أنه أربعة أجناس: لحم
الأنعام يعني جنس, ولحم الوحش جنس, ولحم الطير جنس, ولحم
دواب الماء جنس, لا مانع أن تأتي إلى سوق السمك وتختار لك
سمكتين ثلاث بشاة, لماذا؟ مختلف الجنس, وقل مثل هذا في
الطير, تأتي إلى بياع دواجن، دجاج, وتقول: اذبح لي خمس
وأعطيك لحم الخروف؛ لأن الجنس اختلف, وعنه جنس واحد فلا
يباع لحم بلحم ألبتة إلا مع تحقق التماثل والتقابض.
(110/9)
"قال الإمام مالك: الأمر المجتمع عليه
عندنا في لحم الإبل والبقر والغنم" بهيمة الأنعام, وما
أشبه ذلك من الوحوش, يعني التي تشبه بهيمة الأنعام مثل
الضباء وحمر الوحش وغيرها من الوحوش التي تشبه بهيمة
الأنعام, وما أشبه ذلك من الوحوش أنه لا يشترى بعضه ببعض
إلا مثلاً بمثل، وزناً بوزن، يداً بيد, فيجري فيه الربا
بنوعيه, ولا بأس به, يعني أن يباع بما تقدم، وإن لم يوزن
إذا تحرى أن يكون مثلاً بمثل، يداً بيد, وعلى هذا على قوله
الأخير: ولا بأس به الآن ولا بأس به عائد على ما تقدم أنه
إذا تحققت المماثلة والتقابض لا بأس به أو للجملة اللاحقة؟
والواو الثانية وش الفائدة منها؟ الأصل أن يقول: لا بأس به
إن لم يوزن.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا بعيد, يعني إجراء الخلاف عند المتأخرين على كتب
الأئمة, ولا بأس به وإن لم يوزن إذا تحرى أن يكون مثلاً
بمثل يداً بيد, يعني الخرص يكفي على كلام الخرص يكفي؟ وإن
لم يوزن, لكن إذا تحرى وغلب على ظنه أن هذا بمقدار هذا لا
بأس به يداً بيد, لكن المقرر عند أهل العلم أنه ما دام هذا
ربوي فلا يجوز أن يباع بمثل هذه الطريقة, لا بد أن تحقق
المماثلة, ولا تتحرى، ولا يخرص خرص, لا بد من تحقق
المماثلة.
(110/10)
"قال مالك: ولا بأس بلحم الحيتان بلحم
الإبل والبقر والغنم" وهذا جاري على الرواية التي ذكرناها
عن الإمام أحمد أن لحم الأنعام جنس، ولحم الوحش جنس,
والطير جنس, ولحم دواب الماء جنس "ولا بأس بلحم الحيتان
بلحم الإبل والبقر والغنم -لاختلاف الجنس- , وما أشبه ذلك
من الوحوش كلها اثنين بواحد" فالوحوش جنس، وبهيمة الأنعام
جنس, يقول: "بلحم الإبل والبقر والغنم وما أشبه ذلكم من
الوحوش كلها" يعني الوحوش التي تشبه بهيمة الأنعام تأخذ
حكمها كما تقدم، اثنين بواحد، يعني اثنين بواحد من الإبل
والبقر والغنم بالوحوش؟ نعم بلحم الحيتان, اثنين من بهيمة
الأنعام بواحد من الحيتان أو العكس, اثنين من الوحوش بواحد
من لحم الحيتان أو العكس, لكن لا يجوز المفاضلة بين بهيمة
الأنعام والوحوش المشبهة لها على ما تقدم, وأكثر من ذلك,
ثلاثة بواحد يداً بيد, لا بد لأنه اختلفت الأجناس, فإذا
اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم بشرط أن يكون يداً بيد
"فإن دخل ذلك الأجل فلا خير فيه" لأنه ربا, ربا النسيئة.
"قال مالك: وأرى لحوم الطير كلها مخالفة للحوم الأنعام
والحيتان" فهي جنس مستقل "فلا أرى بأساً بأن يشترى بعض ذلك
ببعض متفاضلاً" سمكة بشاة، سمكتين بشاة، سمكتين بغزال
مثلاً, لا مانع "فلا أرى بأساً بأن يشترى بعض ذلك ببعض
متفاضلاً لاختلاف الجنس يداً بيد" يعني كسائر الربويات إذا
اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد "ولا
يباع شيء من ذلك إلى أجل" لوجود ربا النسيئة, وإن لم يوجد
ربا الفضل, ربا الفضل مرتفع إذا اختلفت الأجناس لكن ربا
النسيئة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي لكن لو طردنا هذا لقلنا بمذهب الظاهرية أنه لا ربا إلا
في الست, لو قلنا: إن العلة لا تتعدى, قلنا: ما في إلا
الستة, لكن إذا عدينا الستة شملنا اللحم وغيره, قد تقول:
إن حاجة الناس إلى اللحم مثل حاجتهم إلى التمر والشعير ...
طالب:. . . . . . . . .
كلٌ عاد على مذهبه, ما حد يلزم أحد بقول غيره, كل على
مذهبه, اللي يلتزم بهذا العلة لا بد من طردها, لا بد أن
تكون العلة مطردة وتكون أيضاً منعكسة لا بد من هذا.
طالب:. . . . . . . . .
(110/11)
الطبخ ما يخرجه عن كونه لحم, لا يخرجه عن
كونه لحم, لكن لو أزيل عنه اسم اللحم، يعني خلط بمركبات
أخرى، فالذي يراه لا يقول: لحم, يقول: لا بد أن يفصل؟ مثل
الذهب مع الخرز بالذهب, الذهب قائم بنفسه, فلا بد من فصله,
أما هذا لو صنع مثلاً مع ... , خلط مع اللحم دقيق، ومواد
أخرى، وعجنت وخرج شيء مأكول، لا يظهر فيه اللحم مستقل,
فمثل هذا خلاص, انتهى، ارتفع عنه ...
وما تقدم الكبد, هاه؟
طالب: تقدم.
أين؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما هو باللي فات, لا لا هذا كان ظاهري, لا, في كلام
صاحب المقنع يقول: اللحم أجناس باختلاف أصوله، وعنه جنس
واحد, وكذلك اللبن، وعنه في اللحم أنه أربعة أجناس, لحم
الأنعام يعني جنس, ولحم الوحش جنس، ولحم الطير جنس, ولحم
دواب الماء جنس, واللحم والشحم والكبد أجناس, يعني كبد
بلحم ما يجري الربا, كبد بشحم ما يجري الربا، لكن شحم بشحم
يجري, كبد بكبد يجري, كبد بلحم ما يجري إلى آخره.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يعني على. . . . . . . . . ما بلغه. . . . . . . . . ,
إذا لم تجري علة الربا فلا مانع لغير جنسه، الذي يقول: إنه
أجناس, وارتفعت عنده العلة التي من أجلها يمنع التفاضل
حينئذٍ لا يمنع, لكن الذي يقول: إن اللحم كله جنس واحد, لا
يجيز ولو. . . . . . . . .
طالب: أحسن الله إليك
باب: ما جاء في ثمن الكلب
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن
بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، ومهر
البغي، وحلوان الكاهن، يعني بمهر البغي ما تعطاه المرأة
على الزنا، وحلوان الكاهن رشوته، وما يعطى على أن يتكهن.
قال مالك -رحمه الله-: أكره ثمن الكلب الضاري وغير الضاري
لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب.
اللهم صل وسلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في ثمن الكلب
الكلب: حيوان معروف لا يحتاج إلى تعريف.
(110/12)
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن
ابن شهاب" الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري "عن أبي بكر
بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" المخزومي، أحد الفقهاء
السبعة "عن أبي مسعود" عقبة بن عمرو "الأنصاري" البدري
ينسب إلى بدر؛ لأنه سكنها, سكن بدراً, والجمهور على أنه لم
يشهد الغزوة غزوة بدر، وإنما سكنها فنسب إليها, والبخاري
-رحمه الله- يثبت شهوده لها "أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نهى عن ثمن الكلب" للنهي عن اتخاذه أو لنجاسته، فأما
المنهي عن اتخاذه فالنهي عن ثمنه متفق عليه، المنهي عن
اتخاذه يعني غير ما استثني من كلب الصيد والزرع والماشية
هذا مستثنى، فيجوز اتخاذه فهل يجوز بيعه إذا جاز اتخاذه أو
لا يجوز؟ إذا لم يجوز اتخاذه لا يجوز بيعه اتفاقاً, ودخوله
في حديث الباب دخول أولي, لكن إذا جاز اتخاذه واستعماله
وجازت منفعته هل يجوز بيعه أو لا يجوز؟ كلب صيد يجوز بيعه
وإلا ما يجوز؟ محل خلاف بين أهل العلم, فمن منع بيعه عمل
بعموم الحديث, ومن أجاز بيعه قال: يباع لمنفعته, فالبيع
للمنفعة لا لذاته ولا لعينه, الحنابلة عندهم من شروط صحة
البيع أن تكون العين مباحة النفع بلا حاجة, ما تكون
إباحتها للحاجة والأصل فيها المنع, كما هنا، الأصل المنع،
اقتناء الكلب، ومن اقتنى كلباً نقص من أجره كل يوم قيراط،
إلا ما استثني من الثلاث: كلب الصيد، وكلب الماشية، وكلب
الزرع, هذا الذي لا يجوز اقتناؤه، لا يجوز بيعه اتفاقاً,
والذي يجوز اقتناؤه محل خلاف بين أهل العلم من نظر إلى
عموم الحديث وقال: الكلب جنس يشمل ما يجوز اقتناؤه وما لا
يجوز قال: لا يجوز أخذ المال في مقابله، ومن قال: ما دام
ينتفع به، والحاجة داعية إليه، وقد يكون بيد شخص لا يدفعه
إلا بمقابل فيجوز بيعه, وقد يكون من بيده قد تعب عليه
وعلمه ومرنه، وأنفق عليه, فلا يدفعه إلا بمقابل, فهذه
العين مباحة النفع، لكن مقرونة بالحاجة, وإلا فالأصل
المنع, منهم من يرى أن النهي عن بيعه لنجاسته, فلا يجوز
بيع النجس, لا يجوز بيع المواد النجسة, والكلب نجس، فلا
يجوز بيعه حينئذٍ, إذا قتل شخص كلباً كلب صيد لآخر يضمن أو
لا يضمن؟ يضمن وإلا ما يضمن؟ يضمن عند مالك, يضمن فيما
يجوز
(110/13)
اقتناؤه, ولا يضمن عند الشافعي وأحمد
مطلقاً, ويضمن مطلقاً عند أبي حنيفة, من قتل كلب يجوز
اقتناؤه أو لا يجوز اقتناؤه يضمنه عند الإمام أبي حنيفة,
الجهة منفكة؛ لأن صاحب الكلب ولو كان كلب لا يجوز اقتناؤه
ليس لصيد ولا لماشية ولا لزرع، اقتناه وارتكب الإثم في
اقتنائه قد يكون اقتناؤه بواسطة الشراء, ذهب إلى محل بيع
الحيوانات واشترى كلب, طيب يا فلان هذا كلب صيد وإلا كلب
زرع؟ قال: لا أبداً أنا مثل ما يسوون الأجانب أبي أسوي,
تقليد لليهود والنصارى, وينقص من أجرك قيراط, قال: ينقص,
ثم يعتدي عليه شخص ويقتله يضمن وإلا ما يضمن؟ عند أبي
حنيفة يضمن مطلقاً, وعند البقية لا يضمن؛ لأنه لا يجوز
اقتناؤه، وإن كان مما يجوز اقتناؤه لأنه كلب صيد أو ماشية
أو زرع فعند مالك يضمن، وعند الشافعي وأحمد لا يضمن؛ لأنه
ليس بمال, وعلى هذا لو أتلف شخص ما ليس بمال مما لا يجوز
اقتناؤه ولا استعماله فإنه لا يضمن, لو كسر آلات لهو أو
أراق خمراً لا يضمن عند أهل العلم, لكن ما الذي يلاحظ في
مثل هذه الأوقات؟ أن الجهات يضمنونه، بل يشددون عليه
العقوبة، لماذا؟ هل لأن هذه المادة محترمة، ومال لها قيمة،
أو لأن فيها مسألة افتيات على ولي الأمر، وإخلال بالأمن
وغير ذلك؟ نعم الثاني بلا شك, يعني الدم الدم والخمر خمر,
إذا أمكن أن يحفظ هذا الوعاء الذي يمكن استعماله في المباح
يضمن وإلا ما يضمن؟ أو نقول: من باب التعزير يفوت عليه
الخمر وما حوله, إذا كان لا يمكن إراقة الخمر إلا بواسطة
إتلاف الإناء هذا ما فيه, لا إشكال في ذلك, لكن إذا كان
يمكن استعمال الإناء وإراقة الخمر في آن واحد حينئذٍ يضمن؛
لأنه مال, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(110/14)
يعني هل كلما يجوز نفعه يجوز بيعه؟ لكن هل
قول أبي حنيفة وجيه وإلا ليس بوجيه؟ يعني مادة ينتفع بها،
ولو ذهبنا إلى أبعد من ذلك هل يجوز تربية جرو الكلب من أجل
تعليمه وتمرينه على الصيد؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز إمساكه
وإلا ما يجوز؟ كيف يمكن أن يكون كلب صيد إلا بالتمرين؟
يعني ما تتم الإباحة إباحة الاقتناء إلا بهذه الوسيلة,
يعني هل الكلب إذا وصل إلى سن معينة تعلم بنفسه فاقتني أو
لا بد من تعليمه؟ لا بد من تعليمه, واقتناؤه أثناء التعليم
وقبل التعليم وإمساكه من أجل التعليم هل يدخل في حديث
اقتناء الكلب المحرم أو يكون هذا لا يتم المباح إلا به فهو
مباح؟ دعونا من كونها وسيلة لكسب ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(110/15)
مثل المسألة تنسحب على أمور كثيرة مما لا
يجوز بيعه كالمصحف مثلاً عند الحنابلة, عندك مصحف تعبت
عليه وجلدته وطلبته من جهة بعيدة توزع الأوقاف, ودفعت أجرة
نقله, ولما جاء جلدته أيضاً, ثم تبين أنك ... , أو جاءك
أكثر من نسخة وجلدتهن واعتنيت بهن، وواحدة استغنيت عنها،
وتقول: أبى أخذ أتعابي, أبى أخذ أجرة البريد، وأبى أخذ
قيمة التجليد, أبى أبيعه من أجل هذا, يجوز وإلا ما يجوز؟
يعني مثل ما نقول في المصحف أجرة الإتيان به من الجهة التي
تدفعه بدون مقابل لأنه وقف, والتجليد أيضاً بعضهم بعض أهل
العلم يمنع كل هذا؛ لأن هذا الأصل في المادة أنها ما لا
يجوز بيعها, وأما هذه التي ذكرت فهي تبع, تريد تبيع جلدك
فك الجلد وخذه, طيب المستفيد يقول: أنا ما أبي جلد, ظاهر
في الأوقاف, أن بعض الناس يأخذ وقف ويجلده, ثم يقول: أنا
أبيع التجليد, إذا استغنى عنه يبيع التجليد, منهم من يمنع
حتى بيع التجليد, ولا بقيمة التجليد؛ لأن هذا تحايل على
بيع الوقف, فلا يجوز بيعه, ولا يجوز التحايل على بيعه بمثل
هذه الطرق, والمسألة يطول بسطها, لكن لا شك أن الورع عدم
البيع وعدم الشراء, لكن الشراء أسهل من البيع, المحتاج
يتسامح في حقه أكثر من غيره, قد يقول قائل: ما حرم دفعه
حرم أخذه، فالبيع والشراء في حكم واحد، لكن الحاجة بالنسبة
للمشتري قد تخفف من أصل الحكم, من احتاج إلى كتاب وقف
واشتراه أسهل من البائع, من احتاج حاجة ماسة إلى كلب صيد
واشتراه أسهل من بائعه وهكذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن أجرة مثل وإلا أجرة قيمة كلب مجرب بالحيلة؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذه المنفعة هل هي مباحة مطلقاً أو مباحة للحاجة؟ وهل
يجوز أن يتفرغ شخص لتدريب الكلام؟ لأن الناس بحاجة إلى
الكلاب المدربة يمنع وإلا ما يمنع؟
طالب:. . . . . . . . .
ولماذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كسب الحجام
خبيث))؟ مستخبث, لكن لتسود هذه الأمور التي ليس فيها كلفة
على الفاعل بين المسلمين نعم بالمعروف ما يكون فيها مشاحة
ومشادة وأثمان، وما أشبه ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
(110/16)
دل على إباحته وإن كان خبيثاً, والخبث لا
يعني التحريم, الدناءة خبث {وَلاَ تَيَمَّمُواْ
الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] لأنه أدنى من الجيد.
طالب: يا شيخ في صحيح مسلم نهى. . . . . . . . . قال: مالي
وللكلاب, ثم رخص في كلب الصيد, ألا يكون هذا نسخاً؟
لا ما يلزم أن يكون سخ, الكلب نجس ولا يجوز اقتناؤه بحال
إلا ما استثني، ومع ذلك يبقى أن الحكم قائم, أما القتل قتل
الكلاب فهو منسوخ بلا شك, نسخ الأمر بقتله, لكن لو جاء شخص
وقتل كلب يأثم وإلا ما يأثم؟ لأن المنسوخ هل هو أصل الكلب
أو الأمر بالقتل؟ محل خلاف بين أهل العلم معروف ...
(110/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (8)
باب: ما جاء في ثمن الكلب - باب: السلف وبيع العروض بعضها
ببعض
الشيخ: عبد الكريم الخضير
في مسألة بيع اللحم بالحيوان في معرفة السنن والآثار
للإمام البيهقي, ذكر بإسناده إلى الشافعي قال: أخبرنا
الشافعي قال: أخبرنا مسلم عن ابن جرير عن القاسم بن أبي
بزة قال: قدمت المدينة فوجدت جزوراً قد جزرت فجزأت أجزاء،
كل جزء منها بعناق، فأردت أن ابتاع منها جزءاً، فقال لي
رجل من أهل المدينة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
نهى أن يباع حي بميت, قال: فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت
خيراً. ورواه في القديم عن رجل عن صالح مولى التوأمة عن
ابن عباس أن جزوراً نحرت على عهد أبي بكر فجاء رجل بعناق
فقال: أعطوني جزءاً بهذه العناق, فقال أبو بكر: لا يصلح
هذا, ثم ذكر عن القاسم وسعيد بن المسيب وعروة وأبي بكر بن
عبد الرحمن، وكلهم من الفقهاء السبعة أنهم كانوا يحرمون
بيع اللحم الموضوع بالحيوان عاجلاً وآجلاً يعظمون ذلك، ولا
يرخصون فيه, ثم قال في القديم: ولم يروَ في ذلك عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- شيء، كان قول أبي بكر الصديق فيه مما
ليس لنا خلافه؛ لأنا لا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قال بخلافه وإرسال ابن المسيب عندنا
حسن.
ثم قال: وروي عن الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي -صلى الله
عليه وسلم- نهى أن تباع الشاة باللحم. يقول: رواه البيهقي
في السنن الكبرى، وقال: هذا إسناد صحيح, ومن أثبت سماع
الحسن من سمرة عده موصولاً، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد يضم
إلى مرسل سعيد بن المسيب، والقاسم بن أبي بزة, وقول أبي
بكر الصديق.
وهذا أيضاً في مسند الشافعي نحو ما ذكر في مسند الشافعي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال:
باب: ما جاء في ثمن الكلب
(111/1)
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود
الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن
الكلب" وهذا شرح بالأمس، في الدرس الماضي شرح هذا الكلام،
نهى عن ثمن الكلب, وعرفنا أنه النهي إما أن يشمل جنس الكلب
فيدخل فيه المأذون باتخاذه وغير المأذون به، فلا يجوز بيعه
سواء جاز اتخاذه، أو يختص النهي بغير المأذون باتخاذه,
وفرعنا على ذلك مسائل في إمساك جرو الكلب لتعليمه؛ لأنه لا
يتم التعليم إلا بالإمساك, وإذا كان التعليم مباحاً الإذن
في اتخاذه مباح فما يوصل إلى هذا المباح بل مما يقتضيه هذا
المباح إمساكه قبل أن يتعلم, مدة التعليم، ولهذا يقول جمع
من أهل العلم: يجوز إمساكه وتعليمه, وإنه مما يتوصل به إلى
المأذون المباح، ولا يتوصل به إلى محرم, وهذا جائز، ومنهم
من يمنع ويقصر الحكم على الوصف المعلق الجواز به وهو الكلب
المعلم, وقبل ذلك لا يجوز, إذاً كيف يتم التعليم بغير
إمساك؟ لكن لو وجد شخص عنده محل فيه جراء الكلب أو الكلاب,
يقول: أنا أمسكها لأبيعها على من يربيها ويعلمها, ....
المسألة, يعني الكلب المعلم للصيد اتخاذه جائز، مستنثى،
قبل أن يكون معلماً يحتاج إلى مدة للتعليم, يجوز إمساكه
وإلا ما يجوز؟ على قول, منهم من يمنع مطلقاً حتى المعلم لا
يجوز بيعه، فلا يجوز إمساك هذا لأنه ليس بمال, لو مشينا
قبل هذا قال: أنا عندي مجموعة من الجراء أمسكها لأبيعها
على من يعلمها, وقل قبل ذلك أيضاً بعد مرحلة يربي إناث
الكلاب من أجل أن تلد له جراء يسلمها إلى من يربيها,
ويسلهما إلى من يعلمهما وهكذا, أشرنا مراراً أن ما قرب من
الغاية من الوسائل يأخذ حكمها, وما بعد لا يؤخذ حكمها,
يعني قل في الغايات الواجبة، الغايات المستحبة، بالغايات
المباحة، بالغايات المكروهة والمحرمة, الوسائل لها أحكام
الغايات، لكن ما قُرب منها لا ما بُعد, ولا ما تنتهي
المسألة, شخص تكون تجارته في الكلاب, يقول: أنا أربي
الإناث لتلد، والذكور لتنزو, لتلد هذه الإناث كلاباً
أبيعها على من يربيها ليعلمها لتكون معلمة, يباح اتخاذها؟
هذا بعيد كل البعد عن مسألة الجواز, وبالإمكان يعني هل
يمكن تربية الكبير
(111/2)
وتعليمه على الصيد؟ نعم؟ إذا أمكن ذلك فلا
يجوز تربية الجراء؛ لأن الوصول إلى الكبير الذي لا يحتاج
إلى تربية بل مجرد تعليم؛ لأن هذا التعليم قريب جداً من
الغاية اللي مباحة, كونه كبير ما بقي إلا تعليمه للصيد
قريب من الغاية, لكنه كونه صغير ليربى ثم يعلم على الصيد
هذا بعيد, وأبعد منه أن تربى الأم, مثل هذه المسائل تحتاج
إلى نظر دقيق, هناك كلاب علمت على غير ما أبيح, على غير ما
جاء النص به الصيد والزرع والماشية, كلب الحراسة بعض الناس
يقول: حراسة البيوت أولى من حراسة الزرع, فهل يأخذ حكمها؟
الكلاب البوليسية تأخذ الحكم أو لا تأخذ؟ التي تكتشف عظائم
الأمور من مخدرات وغيرها, تكتشف مجرمين, لا شك أن من يقول
بقياس الأولى يقول بمثل هذا, وأنها أولى بالاقتناء من كلب
الزرع، وكلب الصيد، وكلب الماشية, ومنهم من يقصر الحكم على
ما جاء به النص، وما عداه كله في دائرة التحريم.
(111/3)
"نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي" فسره
الإمام -رحمه الله- قال: "يعني بمهر البغي ما تعطاه المرأة
على الزنا" لأنه يشبه المهر, لأنه في مقابل البضع فهو يشبه
المهر, فهو مهر وإن كان محرماً, مهر محرم, وحينئذٍ لا يجوز
لها أن تأخذ المهر على فرجها, وهل مفهومه أن تمكن من
أرادها بغير مهر؟ لا النصوص الأخرى التي تدل على تحريم
الفاحشة بمهر أو بغير مهر تدل على المنع المطلق, لكن هنا
ما يتعلق بالمهر فلا يجوز لها أن تأخذ, طيب اتفق معها على
مبلغ معين فلما انتهى قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- عن مهر البغي, وهو لا يرتكب محرم, يدفع ما نهى عنه
الله ورسوله, وقد تكون المرأة عفيفة صينة دينة، لكنها
أغريت دفع لها مبالغ طائلة جعلها تذعن له, لو قال: يقع
عليها في مقابل ألوف مألفة أو مليون مثلاً، وهي في الأصل
لا ترضى ولا تفكر في هذا الأمر، ثم في النهاية, قال: هذا
مهر بغي لا يجوز أن أدفعه, فهل يقال: ما يؤخذ منه شيء, أو
يؤخذ هذا المهر عقوبة له ولا يسلم لها؟ بلا شك لأن هذا
المجرم لو تركت فلوسه عنده لأفسد فيها, فمثل هذا دفعه
بطوعه واختياره يؤخذ منه, ولا يترك عنده, ومع ذلك لا يسلم
للمرأة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن مهر البغي,
يصرف في المصارف الخبيثة الدنيئة.
طالب:. . . . . . . . .
هي لا يجوز لها أن تأخذه, لأنه منهي عنه, هي منصوص عليها
أنها لا تستحقه, منصوص في الحديث أن المرأة لا تستحقه, لا
تستحق ما يدفع لها في مقابل الزنا, لكن هل معنى هذا أنه
يترك مع الفاجر الخبيث؟ لا لا, هذا دفعه بطوعه واختياره
فيؤخذ منه عقوبة له, وإلا لو ترك معه لسلك هذه الطريقة مع
غيرها.
طالب:. . . . . . . . .
مطعمة الأيتام.
طالب:. . . . . . . . .
إي لا ما يصلح.
طالب:. . . . . . . . .
مطعمة الأيتام, تعرف البيع؟ إيه ما يصلح أبداً, بالنسبة
للمرأة داخلة دخول أولي في الحديث, لا تستحقه, وبالنسبة
للرجل يؤخذ منه عقوبة له؛ لأنه بذله بطوعه واختاره, فيؤخذ
منه.
طالب:. . . . . . . . .
(111/4)
لا هو فجر بها, وثبت عليه, وبذله بطوعه
واختياره, وإلا لو ترك مثلاً لا سيما في بعض البلدان التي
تتهاون في هذه الفاحشة لأغرى بها جمع من النسوة, فمثل هذا
يؤخذ عقوبة له وتعزيراً له, ومع ذلك الحد ثابت له, الحد
يثبت عليه, يعني افترض المسألة في الربا, لو شخص يقول: أنا
أعرف أن المرابي ليس له إلا رأس ماله, فبعقد عقد ربا ومهما
بلغت النسبة أبى وافق وفي النهاية لا أدفع إلا ما أخذت,
يمكن من هذا؟ أو يقال: المرابي صاحب المال لا يؤخذ إلا رأس
ماله؟ لا يجوز أن يؤخذ أكثر من ذلك؟ وما عاقد عليه الثاني
يؤخذ منه تعزيراً له, وإلا هذا بيستمر, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أموالها، لكن هذه الأموال مقابل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الدعارة، لكن هذا ملك لهم وصل إليهم بطرق شرعية وإلا بطرق
غير شرعية؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان بطرق غير شرعية يعزرون بها, يعزرون بأخذه, لا سيما
وأن وجودهم بنفس المعصية هذه, يتجه متجه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . طيب, وش وجه المقارنة بينه وبين مهر
البغي؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مال خبيث, هو مال خبيث, يعني أخبث من كسب الحجام بكثير,
ومع ذلك قال: ((أطعمه ناضحك)) "وحلوان الكاهن" وفسره
الإمام بأنه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم رشوته, حلوان الكاهن، والكاهن الذي يدعي علم الغيب, هو
رشوته، يعني ما يعطاه في مقابل كهانته، هو ما يعطى على أن
يتكهن, يعني من أجل الكهانة, وشبه ما يعطى الكاهن بالشيء
الحلو؛ لأنه يأخذه سهلاً مسيراًَ, دون كلفة ولا مشقة.
"قال مالك -رحمه الله-: أكره ثمن الكلب الضاري وغير
الضاري" الضاري المولع بالصيد، المجترئ عليه، العارف به,
وغير الضاري يعني غير المعلم, فمالك يكره ثمن الكلب؛ لأنه
في الحديث الكلب مطلق, و (أل) هذه جنسية فيشمل الضاري وغير
الضاري "لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن
الكلب" وأطلق فشمل الجميع, من قتل الكلب شخص عند كلب,
وافترض أن هذا الكلب اقتناؤه حرام, أو اقتناؤه حلال, من
قتله هل يضمن وإلا لا يضمن؟
طالب:. . . . . . . . .
وش الحاجة؟
طالب:. . . . . . . . .
(111/5)
لا المعلم ... , من قتل الكلب, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يضمن مطلقاً لأنه ليس بمال, فلا يضمن كآلات اللهو, وعند
مالك يفرق بين المأذون باتخاذه وغير المأذون باتخاذه فيضمن
بهذا ولا يضمن بغير المأذون باتخاذه, وأبو حنيفة يضمن
مطلقاً, عند أبي حنيفة يضمن مطلقاً, ولعل رأي الإمام مالك
متجه، عين ينتفع بها، والمسألة فرع عن بيعه, فمن قال: بيعه
جائز ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المعلم يجوز على هذا, ما دام يضمن فهو يجوز بيعه؛ لأنه
مال, وعند مالك والشافعي ليس بمال مطلقاً فلا يضمن، وعند
أبي حنيفة يضمن مطلقاً, نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: السلف وبيع العروض بعضها
ببعض
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نهى عن بيع وسلف، قال مالك: وتفسير ذلك أن يقول
الرجل للرجل آخذ سلعتك بكذا وكذا على أن تسلفني كذا وكذا،
فإن عقدا بيعهما على هذا الوجه فهو غير جائز، فإن ترك الذي
اشترط السلف ما اشترط منه كان ذلك البيع جائزاً.
قال مالك: ولا بأس أن يشترى الثوب من الكتان أو الشطوي أو
القصبي بالأثواب من الإتريبي أو القسي أو الزيقة أو الثوب
الهروي أو المروي بالملاحف اليمانية والشقائق وما أشبه ذلك
الواحد بالاثنين أو الثلاثة يداً بيد، أو إلى أجل، وإن كان
من صنف واحد، فإن دخل ذلك نسيئة فلا خير فيه.
قال مالك: ولا يصلح حتى يختلف فيبين اختلافه، فإذا أشبه
بعض ذلك بعضاً وإن اختلفت أسماؤه فلا يأخذ منه اثنين بواحد
إلى أجل، وذلك أن يأخذ الثوبين من الهروي بالثوب من
المروي، أو القوهي إلى أجل أو يأخذ الثوبين من الفرقبي
بالثوب من الشطوي، فإذا كانت هذه الأجناس على هذه الصفة
فلا يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل.
قال مالك: ولا بأس أن تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه
من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا انتقدت ثمنه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: السلف وبيع العروض بعضها ببعض
(111/6)
السلف: وهو عند أهل الحجاز السلم, وبيع
العروض عروض التجارة, بعضها ببعض, تبيع سيارة بأرض, ثوب
بكتاب وهكذا.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- نهى عن بيع وسلف" هذا فيه إعضال, لكن وصله أبو
داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، والنسائي من طريق أيوب
السختياني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, وعلى هذا يكون
حسناً "نهى عن بيع وسلف" إذا كان المراد بالسلف ما ذكرنا
السلم يشتري منه المائة الصاع بعد سنة بمائة ريال حالة,
ويشترط عليه أن يبيعه سيارة أو كتاب أو أرض أو ما أشبه
ذلك, فنهى عن بيع وسلف, يعني لولا السلف ما تم البيع,
ولولا البيع ما تم السلف, الذي هو السلم.
(111/7)
"قال مالك: وتفسير ذلك أن يقول الرجل
للرجل: آخذ سلعتك بكذا وكذا على أن تسلفني كذا وكذا" آخذ
سعلتك آخذ سيارتك بخمسين ألف على أن تعطيني أو تسلفني مائة
صاع بمائة ريال "فإن عقدا بيعهما على هذا فهو غير جائز
لاتهامهما على قصد السلف بزيادة" لأن السلف ما تم إلا من
أجل البيع, والبيع ما تم إلا من أجل السلف "فإن ترك الذي
اشترط السلف ما اشترط منه كان ذلك البيع جائزاً" قال: آخذ
سيارتك بخمسين ألف على أن تحضر لي خمسمائة صاع بعد سنة
بخمسمائة ريال أنقدها الآن, كيف نصحح هذا العقد؟ بإلغاء
أحدهما, بإلغاء أحد الصفقتين, إما أن نقول: سلف فقط, ويلغى
بيع السيارة أو العكس ونظير ذلك التأجير المنتهي بالتمليك,
كثير من الناس ما سمع الفتوى, وأبرم العقد، يشتري هذه
السيارة بمبلغ كذا كل شهر ألفين ريال لمدة ثلاث أربع
سنوات, ثم بعد ذلك تباع عليه بمبلغ كذا يملكها على أن يدفع
مبلغ كذا, أولاً العقد هذا ممنوع, أفتى العلماء بتحريمه,
صدرت فيه فتوى بتحريمه, وجه المنع بيعتين في بيعة, والضمان
عائر بين الطرفين, عقدين في عقد ضمان عائر يوقع في إشكال,
وكلما يوقع إلى شقاق ونزاع فإنه ممنوع في الشرع, الغرر في
البيع، أما التأجير ما في غرر, المقصود وش هو عليه؟
المقصود أنه إذا كانت السعلة بيعت بهذه الطريقة, ثم احترقت
بعد سنة, من ضمان من؟ إذا قلنا: إنه بائع ما عليه شيء, إذا
قلنا: إيجار فهو من ضمان المؤجر؛ لأنها أمانة بيد
المستأجر, وإذا قلنا: بيع فهي من ضمان البائع, وكل واحد
منهم يقول: الضمانة عليك, هذا ما يوقع في إشكال؟ يوقع في
إشكال, ومثل هذا الإشكال لا يأتي الشرع بجوازه, كل عقد
يفضي إلى نزاع وشقاق فإنه لا يجوز في الشرع.
طالب:. . . . . . . . .
يصححه يثبت أحد العقدين، إما أن يكون أجرة بدون بيع أو بيع
بدون أجرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف اصطلح؟ الضمان يكون من؟
طالب:. . . . . . . . .
(111/8)
لا شوف يا أخي, لو قول لك مثلاً: الضمان
مفروغ منه مؤمّنة هذه السيارة, لو يقول لك: هذه مشكلة
منحلة السيارة مؤمّنة, نقول: إذا كان الحل غير شرعي فليس
بحل, الحل الغير شرعي ليس بحل؛ لأننا بواسطة هذا الحل نقر
محرم ثاني, فنقع في إشكال آخر, الضامن فيما بعد إذا احترقت
السيارة, قال: أفتى العلماء بتحريم التأمين بعد, ثم نقع في
إشكال وحرج آخر, فهذا ليس بحل, لكن لو تراضيا على أن يكون
الضمان على أحدهما, هل نقول: إن التراضي مقبول؟ {إِلاَّ
أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ} [(29) سورة النساء] أو
نقول: إن التراض لا يحل جميع الإشكالات؟ لو تراضوا على
الربا بعد, يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز بحال, المقصود أن
العقد من أصله لا يصح, ولذا أفتى العلماء بتحريمه، وأنه لا
بد من نقضه, وتصحيحه بإمضاء أحد العقدين، كما هنا، كما قال
الإمام مالك -رحمه الله- في هذه المسألة, تصحح البيع فقط
تبطل السلف, تصحح السلف فقط تبطل البيع, وهنا صحح الإجارة
وأبطل البيع أو صحح البيع وأبطل الإجارة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الوعد ما يترتب عليه حكم, لو قال: لو سددت هذه الأقساط من
غير إخلال بها, أنا أساعدك في بيعها, وأنزل لك من قيمتها؛
لأنه فيما بعد, ما هو الآن يتفقون على ثمن البيع من الآن
سدد ثمانية وأربعين قسط ثم بعد ذلك تستحقها بمبلغ كذا, بعد
أربع سنوات بمبلغ عشرة آلاف, بعد أربع سنوات احتمال أن
السيارة تسوى ثلاثين ألف, واحتمال أنها ما تسوى ولا خمسة
آلاف؟ ظاهر وإلا مو بظاهر؟ أما مجرد الوعد ما يترتب عليه
حكم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا, اشتمل على عقدين, الوعد ما هو بيع.
طالب:. . . . . . . . .
لا هم قبل ينصون, قبل الفتوى بالتحريم ينصون.
طالب:. . . . . . . . .
واتضح الضمان أنه على البائع؟ على الطرف الأول, إذاً انتهى
الإشكال، صار عقد واحد، عقد إيجار، ولا يقولون بمنع عقد
الإيجار, شوف الآن التصحيح عند مالك -رحمه الله-: "فإن ترك
الذي اشترط السلف ما اشترط منه كان ذلك البيع جائزاً" وقل
مثل هذا لو ترك البيع وثبت السلف فالسلف ثابت بالإجماع,
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
(111/9)
لا لا هو فاسد من الأصل، لكن يمكن تصحيحه,
عقد الربا الآن أنت أخذت ألف بألف ومائة, لو تروح للي
أقرضك بزيادة، بربا، وتقول له: الربا حرام, قال: القصد
المائة أنا أنزلها عنك, يصح يصير ألف بألف, المقصود أنه
{وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279)
سورة البقرة] أنت جاءتك الموعظة من الله وهو قبل خلاص
انتهى الإشكال.
طالب:. . . . . . . . .
هل هو فاسد وإلا باطل؟ هل يمكن تصحيحه أو لا يمكن تصحيحه؟
طالب:. . . . . . . . .
على؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الآن ما ذكر التصحيح بهذه الطريقة, بترك أحد
العقدين, صحح أحدهما ولم يصحح الآخر.
طالب:. . . . . . . . .
إي ما هو ببعيد, فإن ترك الذي اشترط, ترك، الترك تصحيح.
(111/10)
"قال مالك: ولا بأس أن يشترى الثوب من
الكتان أو الشطوي" ثياب منسوبة إلى شطا قرية بمصر "أو
القصبي" ثياب ناعمة من كتان "بالأثواب من الإتريبي" نسبة
إلى إتريب قرية بمصر أيضاً "أو القسي" نسبة إلى قس، موضع
بأرض مصر، ومنها الثياب القسية، وجاء النهي عن لبسها؛
لأنها نوع من حرير؛ لأنها ثياب من حرير "أو الزيقة" يقال:
نسبة إلى زيق محلة بنيسابور، وبعضهم من ينسبها إلى صعيد
مصر "أو الثوب الهروي" نسبة إلى هرات بخرسان "أو المروي"
نسبة إلى مرو بفارس, يبيع شيء من هذا الثياب "بالملاحف
اليمانية" وهي التي يلتحف بها، الملاءة التي يلتحف بها
"بالملاحف اليمانية والشقائق" الأزر الضيقة, وما أشبه ذلك,
يبيع ثوب شطوي أو إتريبي أو قسي أو هروي أو مروي بملحفة,
أو بملحفتين أو بثلاث من الشقائق "الواحد بالاثنين أو
الثلاثة يداً بيد أو إلى أجل" يجوز التفاضل، ويجوز النسأ
"الواحد بالاثنين أو الثلاثة يداً بيد أو إلى أجل, وإن كان
من صنف واحد فإن دخل ذلك نسيئة فلا خير فيه" أولاً: هذه
الثياب ليست ربوية، يجوز فيها التفاضل والنسأ, مع التفاوت
والاختلاف فيها, لكن إذا كانت من صنف واحد ولا مزية
لأحدهما على الآخر, الإمام مالك يمنع التفاضل، ويمنع
النسأ, وإن كان من صنف واحد، فإن دخل ذلك نسيئة فلا خير
فيه, لماذا؟ من صنف واحد ثوب هروي بثوب هروي، تفصال واحد،
والطول والمقاس ونوع القماش واحد, من أي وجه؟ فيه نسيئة,
تعطيني هذا الثوب الآن وأعطيك إياه بعد سنة, واتفقنا على
أن الثياب ليست ربوية, هو إن دخل فيها مال لو قال: ثوب
بثوب وعشرة, اتجه ما تقول, لكنه ثوب بثوب, فما وجه المنع؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يرى أن المنافع اتحاد المنافع كاتحاد الأصناف الربوية,
اتحاد المنافع في السلع كاتحاد الأصناف الربوية, "فلا خير
فيه".
(111/11)
"قال مالك: ولا يصلح حتى يختلف فيبين" يظهر
اختلافه, يعني اختلافه بيّن, ما يقول: والله الإمام مالك
يمنع عن التطابق وبدل ما هي بخمسة أزرة أزرار نحطهن أربع,
على شان يصير فيهن اختلاف, هذا اختلاف؟ هذا اختلاف غير
بيّن, فلا يكفي عند مالك, إذا كان الاختلاف بيّن اختلفت
المنافع إذاًَ اختلفت الأصناف عنده, فيبين يعني يظهر
اختلافه ظهوراً واضحاً؛ لأن اتحاد المنافع كاتحاد الأصناف
عنده، واختلاف المنافع كاختلاف الأصناف, لكن هل يوافق
الإمام مالك على هذا؟ يعني لو قلنا بهذا جعلنا جميع
الأموال ربوية, ماصة بماصة, ماصة مطابقة لماصة أخرى, هذه
سوى مثله نعطيه هذه الآن ويسلم لنا بعد سنة مثلها, متحدة
المنافع عند مالك يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز, ولا شك أن
هذا فيه شيء من التضييق, قد يكون الداعي لذلك مع اتحاد
المنافع وتطابق الأوصاف عدم الاحتياج إليها في هذا الوقت,
أعطيك الثوب هذا على أن تعطيني مثله بعد سنة مطابق له
تماماً, أنا عندي ثياب وأنت ما عندك، بعد سنة أنا أحتاج
إلى ثوب, يمنع وإلا ما يمنع؟ عند مالك المنافع واحدة
فيمنع, وعند غيره ما فيه إشكال؛ لأنه ليس بربوي, اتحاد
المنافع إذا اتحدت المنافع صار صنف واحد, تقدم معنى هذا.
طالب: يعني يمنع فيه التفاضل والنسأ؟
يمنع النسأ, وأيضاً التفاضل, لكن ...
طالب:. . . . . . . . .
لا هو تقدم لنا مرار في الأمثلة التي مرت بنا أنه يرى أن
اتحاد المنافع حتى في الإبل, الإبل تأخذ رحول مثلاً
باثنتين من جنسها لا يجوز, لكن تأخذ رحول بأربعة حشو أربعة
من الحشو ومن البكرات الصغار ما في بأس, اختلاف المنافع.
طالب: والنص؟
أي نص؟
طالب:. . . . . . . . .
إي ما يخالف، لكن هل فيه ما يمنع من أن يباع شيء بجنسه,
مطابق له تماماً, واحد باثنين أنا محتاج الآن رحول, ويبي
يجيني إبل مثل إبل الصدقة اللي بتجي.
طالب:. . . . . . . . .
اللي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
طالب:. . . . . . . . .
(111/12)
لا هو نظر إلى مغزى المنافع وطرده في السلع
كلها, وأشار إلى منافع منها, شوف وما أشبه ذلك, شوف يقول
لك: "ولا بأس أن يشترى الثوب من الكتان أو الشطوي أو
القصبي بالأثواب من الإتريبي أو القسي أو الزيقة أو الثوب
الهروي أو المروي بالملاحف اليمانية" الملاحف تختلف اختلاف
جذري عن الثياب, الملاحف أجلة يجلل بها على البدن, وكذلك
الأزر الضيقة التي هي الشقائق, يختلف هذا عن هذا, واختلفت
منافعها, وعلى هذا يجوز الواحد بالاثنين يداً بيد أو إلى
أجل، وإن كان من صنف واحد "فإن دخل ذلك نسيئة فلا خير فيه"
يعني هروي بهروي متطابق, كويتي بكويتي قطري بقطري ما يجوز
عنده؛ لأنها منافع متحدة, فعنده اتحاد المنافع كاتحاد
الأجناس, واختلاف المنافع كاختلافها.
(111/13)
"قال مالك: ولا يصلح حتى يختلف فيبين
اختلافه" يظهر الاختلاف, تبيع ثوب بكوت ما يخالف عنده,
تبيع ثوب ببشت مشلح ما يخالف, لكن تبيع ثوب بثوب مساوي له
من كل وجه لا, إذا اختلف من كل وجه اختلاف ظهر الاختلاف
البيّن لا بأس, أما الاختلاف اليسير لتصحيح العقد ما يكفي
عند مالك -رحمه الله-, "فيبين اختلافه, فإذا أشبه بعض ذلك
بعضاً وإن اختلفت أسماؤه فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى
أجل" وإن اختلفت أسماؤه كله مورد من بلد واحد، على مقاس
واحد, لكن هذا توريد الدفة، وهذا توريد الأصيل, سمي هذا
الأصيل سمي هذا الدفة وهو من بلد واحد، ومصنع واحد، يكفي
وإلا ما يكفي؟ وإن اختلفت الأسماء هذه ما تؤثر عند مالك
-رحمه الله-, يعني الأصيل والدفة يوردان من مصنع واحد, هذا
يكتب عليه الأصيل، وهذا يكتب عليه الدفة, تبيع علي ثوب من
الدفة بثوب من الأصيل, وهو من مصنع واحد, على رأي الإمام
ما يكفي؛ لأن ليس العبرة بالأسماء العبرة بالحقائق, وإن
اختلفت أسماؤه، فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل, "وذلك
أن يأخذ الثوبين من الهروي بالثوبين بالثوب من المروي أو
القوهي إلى أجل، أو يأخذ الثوبين من الفرقبي" الفرقبي
يقولون: نسبة إلى فرقب كالقنفذ موضع، أو هي قباب بيض من
كتان "بالثوب من الشطوي فإن كانت هذه الأجناس على هذه
الصفة فلا يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل, ويجوز يداً
بيد" شوف جعل الثياب أصناف تحت جنس واحد, يجوز إيش؟ يجوز
فيها التفاضل ولا يجوز فيها النسأ, يجوز فيها التفاضل ولا
يجوز فيها النسأ, الثياب القسية والزيقية والهروية وغيرها
أجناس أو أصناف تحت جنس واحد, فيجوز فيها مثل أجناس
الربوية, تمر ببر شعير بتمر يجوز التفاضل، لكن إذا كان
يداً بيد, ((إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا
كان يداً بيد)) فجعل الثياب أجناس، لكن مع الملاحف أصناف,
يجوز فيها الأمران, يقول: "فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى
أجل, وذلك أن يأخذ الثوبين من الهروي بالثوبين من الرموي
أو القوهي إلى أجل، أو يأخذ الثوبين من الفرقبي بالثوب من
الشطوي, إذا كانت هذه الأجناس على هذه الصفة فلا يشترى
منها اثنان بواحد إلى أجل" أما اثنان بواحد حالة جائز كما
تأخذ صاعين من
(111/14)
التمر بصاع من البر أو العكس.
"قال مالك: ولا بأس أن تبيع ما اشتريت منها قبل أن
تستوفيه" لأن الاستيفاء عنده خاص بالطعام, قبل أن تستوفيه
من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا انتقدت ثمنه منه, يعني
إذا دفعت الثمن وتمت الصفقة يجوز أن تبيعه، ولو لم تقبض,
ولو لم تستوفِ؛ لأن الاستيفاء خاص بالطعام, لكن هل سائر
السلع مقيسة على الطعام؟ وفي الحديث: "نهى أن تبتاع السلع
حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" وابن عباس يقول: "وما إخال
بقية السلع إلى كذلك"؟ يعني مثل الطعام، وجمع من أهل العلم
يرون أنه لا يجوز البيع قبل القبض في جميع السلع, وهذا هو
الأحوط, لا يباع شيء من السلع حتى تحاز وتقبض القبض الشرعي
المعتبر, وهنا القبض في كثير من صور المعاملات لا قيمة له,
ولا وجود له, تشتري حديد باليابان وتبيعه وأنت بمكانك, أو
خشب بالبرازيل تبيعه وأنت بمكانك, هذا تساهل شديد هذا,
يعني لو قلنا بقول الإمام مالك -رحمه الله- هو يرى أن يجوز
أن يباع, لكن الجمهور لا, قول ابن عباس صريح في هذا الباب,
والحديث نهى أن تبتاع السلع يشمل الطعام وغيره, وإن قال
بعضهم: إنه مخصص بالطعام, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أعرف والله, ما أعرف ذكر لأحد من الصحابة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, يجوز فيها التفاضل، لكن لا يجوز فيها النسأ إيه؟
طالب: تختلف منافعها يا شيخ؟
كيف تختلف إذا هو ثوب من المروي والهروي؟ يعني منفعة الثوب
المغربي مثل منفعة الثوب العماني؟ يختلف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إلا البرنس اللي فوقه, المنفعة وإلا تغطية البدن
والتدفئة.
طالب:. . . . . . . . .
(111/15)
هو الإمام مالك تحسس من هذه الأمور خشية أن
يكون فيها خفي, مثلما قنا: مد عجوة, صاع تمر بصاع ودرهم
إيش معنى هذا؟ أو صاع تمر ودرهم بصاعين عجوة, مد ودرهم
بمدين وش المقصود؟ ألا يكون المد في مقابل المد والمد
الثاني في مقابل الدرهم؟ يعني جمع المدين معاً وبيعهما
بالتمر من جنس, هذا بيع من جنس صاع بصاع, لكن لو أفردنا
الصاع بصاع يوافق الطرفان على البيع؟ ما يوافقون، لا بد أن
يكون معه درهم وذاك معه صاع, وهذا الاشتراط أن يكون معه
درهم وذاك .. , لا بد أن يكون فيه خلل, إذ لو بيع الصاع
هذا بصاع من مثله ما قبل إلا بزيادة فالزيادة موجودة
حقيقة, كأنه قال: صاع تمر بصاع ونصف, والنصف الثاني في
مقابل الدرهم, فيدخل الربا من هذه الحيثية, وقل مثل هذا في
الأثواب عنده والإبل، وعلى كل حال الأمام مالك يوافق على
هذا وإلا ما يوافق، بالنسبة للثياب وغير الربويات, يعني
سواء اتحدت المنافع أو .. ؛ لأن في هذا تضييق شديد على
الناس, كل بضائع الناس يمكن تدخل تحت هذا الباب، كل السلع
التي يمكن يحتاجها الناس, ومثل ما ذكرت أنا, أنا عندي عشرة
أثواب تكفيني لمدة طويلة، وقلت له: خذ واحد من هذه العشرة
على أن تسلمني مثله بعد سنة, أنا ما أحتاجه الآن، وهو
محتاجه, لا على سبيل القرض، وإنما على سبيل البيع, بعت ثوب
بثوب لأني أنا مستفيد، لو تركته يمكن يحترق من المؤثرات
الجوية يحترق, وهو محتاج له, ويأتيني بمثله، والمنفعة
واحدة من كل وجه المنفعة واحدة, عند مالك لا يجوز، لكن أنا
عندي أنا لي مصلحة وهو له مصلحة, وليس بربوي، فما الذي
يمنع من ذلك؟ في ما يمنع؟ ليس بربوي ما في ما يمنع -إن شاء
الله تعالى-, الباب طويل ولا ....
اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(111/16)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع (9)
باب: السلفة في العروض - باب: بيع النحاس والحديد وما
أشبههما مما يوزن
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: كيف نفرق بين المكيل والموزون؟ هل التفريق بناء على
العرف؟
لا, المكيل يرجع فيه إلى عرف أهل المدينة, والموزون يرجع
فيه إلى عرف أهل مكة, كما قرر أهل العلم.
هناك من يقول: بأن التقاعد لا يجوز لأنك قد تأخذ أكثر مما
أخذوا منك، وأنت على رأس العمل، أو أنك تموت قبل أن تأخذ
ما أخذوا منك؟
لو كانت هذه المعاملة بين أفراد، وقال شخص لآخر: أنا أخذ
منك شهرياً مبلغ كذا على أن أعطيك فيما بعد مبلغاً أكثر
منه, التحريم لا تردد فيه, لكن كون ولي الأمر يأخذ من غير
إذنك من راتبك، ويعوضك عنه من بيت المال أكثر منه فيما بعد
فهذا أبيح من هذه الحيثية, والشبهة واردة, نعم.
سم.
طالب: أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: السلفة في العروض.
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه
قال: سمعت عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- ورجل يسأله
عن رجل سلف في سبائب، فأراد بيعها قبل أن يقبضها, فقال ابن
عباس: تلك الورق بالورق، وكره ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: وذلك فيما نُرى -والله أعلم- أنه
أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن
الذي ابتاعها به, ولو أنه باعها من غير الذي اشتراها منه
لم يكن بذلك بأس.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن سلف في رقيق أو
ماشية أو عروض، فإذا كان كل شيء من ذلك موصوفاً فسلف فيه
إلى أجل فحل الأجل، فإن المشتري لا يبيع شيئاً من ذلك من
الذي اشتراه منه بأكثر من الثمن الذي سلفه فيه قبل أن يقبض
ما سلفه فيه, وذلك أنه إذا فعله فهو الربا صار المشتري إن
أعطى الذي باعه دنانير أو دراهم فانتفع بها، فلما حلت عليه
السلعة، ولم يقبضها المشتري باعها من صاحبها بأكثر مما
سلفه فيها، فصار إن رد إليه ما سلفه وزاده من عنده.
(112/1)
قال مالك: من سلف ذهباً أو ورقاً في حيوان
أو عروض إذا كان موصوفاً إلى أجل مسمى، ثم حل الأجل فإنه
لا بأس أن يبيع المشتري تلك السلعة من البائع قبل أن يحل
الأجل، أو بعد ما يحل بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره
بالغاً ما بلغ ذلك العرض إلا الطعام، فإنه لا يحل أن يبيعه
قبل أن يقبضه، وللمشتري أن يبيع تلك السلعة من غير صاحبه
الذي ابتاعها منه بذهب أو ورق أو عرض من العروض يقبض ذلك
ولا يؤخره؛ لأنه إذا أخر ذلك قبح ودخله ما يكره من الكالئ
بالكالئ، والكالئ بالكالئ أن يبيع الرجل ديناً له على رجل
بدين على رجل آخر.
قال مالك: ومن سلف في سلعة إلى أجل وتلك السلعة مما لا
يؤكل ولا يشرب فإن المشتري يبيعها ممن شاء بنقد أو عرض قبل
أن يستوفيها من غير صاحبها الذي اشتراها منه, ولا ينبغي له
أن يبيعها من الذي ابتاعها منه إلا بعرض يقبضه ولا يؤخره.
قال مالك: وإن كانت السلعة لم تحل فلا بأس أن يبيعها من
صاحبها بعرض مخالف لها بيّن خلافه يقبضه ولا يؤخره.
قال مالك: فيمن سلف دنانير أو دراهم في أربعة أثواب موصوفة
إلى أجل، فلما حل الأجل تقاضى صاحبها فلم يجدها عنده، ووجد
عنده ثياباً دونها من صنفها، فقال له الذي عليه الأثواب:
أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه إنه لا بأس بذلك إذا
أخذ تلك الأثواب التي يعطيه قبل أن يفترقا، فإن دخل ذلك
الأجل فإنه لا يصلح، وإن كان ذلك قبل محل الأجل فإنه لا
يصلح أيضاً إلا أن يبيعه ثياباً، ليست من صنف الثياب التي
سلفه فيها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: السلفة في العروض
عرفنا أن أهل الحجاز يسمون السلم سلف, كما أنهم يسمون
القرض سلف, ومعنى السلفة في العروض الذي يظهر أن المراد به
هنا السلم, بدليل ما تحت الترجمة من أخبار، فهذا الذي يدفع
الثمن نقداً يشتري بها ثياب نسيئة إلى أجل معين, ثم يريد
بيعها قبل حلول الأجل ممن اشتراها منه أومن غيره يأتي
الكلام فيه.
(112/2)
قال الإمام: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى
بن سعيد عن القاسم بن محمد" يحيى بن يحيى الليثي الراوي عن
الإمام، مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصار عن القاسم بن
محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء "أنه قال: سمعت عبد الله بن
عباس -رضي الله عنهما- ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائب"
عمائم، جمع سِب, العمامة يقال لها: سِب, والجمع: العمائم
يقال لها: سبائب كما في البيت المشهور:
. . . . . . . . . ... يحجون سِب الزبرقان المزعفرا
يعني يحجون إلى عمامته، ويقال: هي القطع من القماش
كالملاحف ونحوها, وغالب ما تكون من الكتان "عن رجل سلف في
سبائب, فأراد بيعها قبل أن يقبضها, فقال ابن عباس: تلك
الورق بالورق وكره ذلك" ابن عباس يرى أنه لا يجوز بيع
السلعة قبل قبضها, وأن الطعام وغير الطعام في ذلك سواء,
العرض مثل الطعام عند الطعام, وجاء في الصحيح في البخاري
أنه قال: ولا أحسب غير الطعام إلا مثله, ولا أحسب غيره إلا
مثله, لما جاء النهي عن بيع الطعام قبل قبضه, وهذا تقدم
بيع الطعام قبل قبضه, وأما الطعام بالنسبة للطعام فهو متفق
عليه, وغير الطعام عند ابن عباس حكمه حكم الطعام, ويشمله
أيضاً: "نهى أن تباع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى
رحالهم" فهذا يشمل الطعام وغير الطعام, فلا يجوز بيعها قبل
قبضها على هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي موجود, القبض موجود, والقواعد تشهد له, القبض أمر لا بد
منه, وأنه معتبر في العقود، وأما للنسبة لما روى الإمام
مالك من تخصيص القبض بالطعام, وهو أيضاً رأي الحنابلة أنه
خاص بالطعام, القبض خاص بالطعام، أما الطعام فلا إشكال
فيها, وأما غيره فيشمله النهي عن بيع السلع قبل أن يحوزها
التجار إلى رحالهم, وهذا عام، والتنصيص على الطعام لا
للتخصيص؛ لأنه تنصيص على فرد من أفراد العام بحكم موافق
مثل هذا لا يقتضي التخصيص, هم يقولون: كثرة ما ورد في
الطعام تدل على أنه مقصود لذاته, يعني الاهتمام بشأن
الطعام، وكونه يأتي فيه أكثر من نص, يدل على أنه مقصود
لذاته، والمسألة كما تعلمون خلافية تقدم الكلام فيها.
طالب: الحنابلة. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(112/3)
هذا معروف عندهم، والروايات الأخرى أيضاً
مشهورة.
"أنه قال: سمعت عبد الله بن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في
سبائب فأراد بيعها قبل أن يقبضها, قال ابن عباس: تلك الورق
بالورق وكره ذلك" وش معنى تلك الورق بالورق؟ هذا دفع
دراهم، وبدلاً من أن يقبض عمائم سبائب قبض دراهم، فكأنه
باع دراهم بدراهم؛ لأن السلعة ما قبضت، ولم يستقر ملك
المشتري لها؛ لأن الملك إنما يستقر بالقبض, ما استقر ملكه
لها, فكأنه باع دراهمه التي دفعها بدراهم أكثر منها, هذا
رأي ابن عباس "قال ابن عباس: تلك الورق بالورق، وكره ذلك".
(112/4)
"قال مالك: وذلك فيما نُرى -أي نظن- والله
أعلم أنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر
من الثمن الذي ابتاعها به" كلام ابن عباس يشمل صاحبها الذي
ابتاعها منه ويشمل غيره حتى يقبضها، فإذا قبضها جاز له أن
يبيعها على من شاء؛ لأنه ثبت ملكه لها واستقر فلا يمنعه من
بيعها على أي أحد كان, "وذلك فيما نُرى -والله أعلم- أنه
أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن
الذي ابتاعها به" فيتهمان على السلف بزيادة, كأنه كأن
العقد الحقيقي بينهما دراهم بدراهم، لكن بدلاً من أن يكون
العقد مكشوف مجمع على تحريمه, يدخلون بينهم هذه السلعة,
فإذا باعها من صاحبها ظهرت التهمة, التهمة ظاهرة, وإن
باعها من غيره فالمسألة فيها أخف عند مالك, يقول: "كأنه
أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن
الذي ابتاعها به" فيتهمان على السلف بزيادة، وجعل العقد
على هذه السلعة هي السبائب صوري, لمجرد التحليل, يعني مثل
مسألة قريب من مسألة العينة, قريبة الشبه من مسألة العينة,
السلعة مجرد تحليل, وحيلة للوصول إلى ما حرم الله -جل
وعلا- "ولو أنه باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن بذلك
بأس" يعني عند مالك لا عند ابن عباس, عند ابن عباس لا بد
أن يقبض السلعة قبل أن يبيعها, سواء كان على صاحبها أو على
غيره لا بد من قبضها, وعند مالك لم يكن بذلك بأس؛ لانتفاء
التهمة؛ لأنه استقر ملكه لها بمجرد العقد ودفع الثمن, ولو
لم يقبض عند مالك, فيجوز لانتفاء التهمة, قال أبو عمر:
مذهب ابن عباس أن العرض كالطعام يمنع بيعه قبل قبضه؛ لأنه
عنده من ربح ما لم يضمن خلاف ما ظنه مالك, قال ابن عباس:
وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام, وحجة مالك ومن يقول بقوله أن
النبي -عليه الصلاة والسلام- خص الطعام، تقدمت النصوص في
ذلك, نهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى, فيه أكثر من حديث,
النبي -عليه الصلاة والسلام- خص الطعام, فإدخال غيره في
معناه بلا أصل ولا قياس زيادة على ما نص عليه النبي -عليه
الصلاة والسلام-، ولا يزاد على النص إلا ما جاء عن الله
-جل وعلا-، وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
(112/5)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن
سلف في رقيق أو ماشية أو عروض" سلف في رقيق، أعطاه
الدراهم، وقال: تحضر لي بعد سنة غلام بالأوصاف المنضبطة،
أو ماشية من الإبل أو البقر أو الغنم بالأوصاف التي يتفقان
عليها, أو عروض من ثياب وغيرها "فإذا كان كل شيء من ذلك
موصوفاً" موصوفاً: يعني وصف يتميز به عن غيره, وصف منضبط,
كان كل شيء من ذلك موصوفاً فسلف فيه إلى أجل فحل الأجل,
يعني بعد سنة انتهت السنة "فإن المشتري لا يبيع شيئاً من
ذلك من الذي اشتراه منه بأكثر من الثمن الذي سلفه فيه قبل
أن يقبض ما سلفه فيه, وذلك أنه إذا فعله فهو الربا بعينه"
يعني والسلعة صارت مجرد حيلة, يعني مثل ما تقدم في تعليق
الإمام مالك على كلام ابن عباس أنه لا يجوز أن يبيعه ممن
عقد معه الصفقة حتى يقبض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم, الأصل أن العقد واجب ملزم، لازم لا يجوز حله إلا
باتفاق مع الطرف الثاني فهو ملكه بالعقد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه, لا ما ملكه، من صاحبها الذي اشتراها منه لا يجوز عند
مالك, من غيره لا بأس؛ لأنه إذا باعها من صاحبها الذي
اشتراها منه فكأنه أعطاه الدراهم وأخذ منه في مقابلها
دراهم, والسلعة هذه حيلة, لكن لو باعها من شخص آخر قبل
قبضها يصح عند مالك، لكن هل يصح عن ابن عباس؟ لا يصح عند
ابن عباس.
(112/6)
يقول: " الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن سلف
في رقيق أو ماشية أو عروض فإن كان كل شيء من ذلك موصوفاً
فسلف فيه إلى أجل فحل الأجل فإن المشتري لا يبيع شيئاً من
ذلك من الذي اشتراه منه بأكثر من الثمن الذي سلفه فيه" لكن
لو باعها عليه بالثمن الذي اشتراها منه به صار في حكم
الإقالة, لا بأس, بأكثر من الثمن الذي سلفه فيه قبل أن
يقبض ما سلفه فيه؛ لأنه إذا باعه بأكثر صار كأنه باع مائة
بمائة وزيادة والسلعة هي مجرد حيلة "وذلك أنه إذا فعله فهو
الربا" يعني بعينه "صار المشتري إن أعطى الذي باعه دنانير
أو دراهم فانتفع بها فلما حلت عليه السلعة التي باعها ولم
يقبضها المشتري باعها من صاحبها بأكثر مما سلفه فيها فصار
إن رد إليه ما سلفه وزاده من عنده, وذلك هو الربا" لكن لو
أقاله وزاده في الوفاء أقاله من البيع وزاده في الوفاء, لو
أن صاحب السلعة طلب من المشتري لما حل الأجل الإقالة فلما
أقاله زاده من باب حسن القضاء, فيه شيء وإلا ما فيه شيء؟
ما فيه تهمة,, لكن لو أشترط عليه، قال: أقلني, هو نادم
فطلب منه الإقالة, قال: أقيلك على أن تزيدني كذا لا يجوز؛
لأن هذا هو عين الربا, زاده من عنده.
(112/7)
"قال مالك: من سلف ذهباً أو ورقاً في حيوان
أو عروض" بالجمع، وفي نسخة بالإفراد "إذا كان موصوفاً إلى
أجل مسمى ثم حل الأجل فإنه لا بأس أن يبيع المشتري تلك
السلعة من البائع قبل أن يحل الأجل أو بعد ما يحل الأجل
بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره" الآن عرفنا أنه إذا باعه
ممن اشتراه منه بدراهم لا يجوز, لكن إن اشتراه منه بعرض من
العروض رقيق إلى سنة, انتهت السنة أو قبل نهاية السنة قال:
أعطني دراهم بدل الرقيق عند مالك لا يجوز؛ لأنه صار دراهم
بدراهم, لكن يقول: بدل الرقيق أعطني سيارة, يجوز وإلا ما
يجوز؟ يجوز، لماذا؟ لأنه يباع به نسيئة, ما في إشكال، ما
يدخل بينهما الربا, ما صار دراهم بدراهم صار دراهم بعرض،
دراهم بسيارة؛ لأن الرقيق الذي اتفق عليه، الرقيق لما قال
له: هذه مائة ألف على أن تعطيني بعد سنة غلام هذه صفاته,
مضت السنة قال: والله ما لقيت غلام، ولا عند غلام عندي هذه
السيارة, يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز ليش؟ لأن الدراهم التي
بذلت المائة ألف تباع بها السيارة نقد ونسيئة, ما فيها
إشكال, مسائل عملية, واحد ظهر اسمه في صندوق التنمية
العقاري مثلاً, وقال لآخر: خذ القرض أنا ما أحتاجه لأني
عدلت عن عمارة الأرض, خذ القرض وتعطيني بدل ما هي
بثلاثمائة تعطيني أربعمائة, هذا ربا, ولو قال: تعطيني ثلاث
مائة يجوز وإلا ما يجوز؟ هي مائتين وعشرة في الحقيقة، يسدد
مائتين وعشرة بدل ثلاثمائة، يجوز وإلا ما يجوز؟ هو بيستلم
ثلاثمائة, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بيستلم ثلاثمائة من الصندوق، والتسديد مائتين وعشرة
بالتخفيض, فكأنه باع هذه المائتين والعشرة بالثلاثمائة,
وحتى لو باعه بمائتين وعشرة، وهذا نقد وذاك نسيئة، الصندوق
ما يسلم فوراً, كل هذا لا يجوز, لكن لو قال: هذا القرض
ثلاثمائة ألف أعطيك بها ثلاث سيارات مثلاً، أو أربع
سيارات، أو شيء من هذا, عروض يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز؛
لأنها تباع به نسيئة, فلا مانع من هذا، وكل هذا مشروط
بإجازة صاحب العقد وصاحب الشأن, بحيث لا يفتات عليه.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
(112/8)
لا ما يكفي, ما يكفي, يبيع الأرض على حده،
ويبيع القرض على حده, الأرض بأرض وإلا بدراهم ما يخالف,
لكن الدراهم التي مع الأرض لا تجوز إلا بعروض.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يبيع سراه، يبيعه وإلا ما يبيعه؟ طلع اسمه؟
طالب:. . . . . . . . .
وأنا اسمي ما هو بطالع إلا بعد عشر سنين, أنا بأخذ اسمك
وأنت تأخذ اسمي، وأنا تدفع لي الفرق, هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ظاهر هذا, ظاهر؛ لأنه باع دراهم بدراهم, دراهم حالة بدراهم
نسيئة فلا يجوز, لكن لو باع سراه بعرض من العروض، بسيارات
وإلا بأرض وإلا بشيء من هذا لا بأس.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو زادت إيه, المهم أن العروض يجوز أن تبيع بيع النسيئة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا؛ لأنه صار دراهم بدراهم وزيادة.
طالب:. . . . . . . . .
لا, اشترى دراهم بدراهم والسيارة زائدة, يعني مائة ألف أو
ثلاثمائة ألف بثلاثمائة ألف وسيارة هذا الربا, على مسألة
بيع السِرة, السِرة عين ولا منفعة؟ منفعة, في مزدلفة
السِرة على الدورات، يعني في مائة شخص ينتظرون, وجاء شخص
مضطر، فقال للأول اللي عند الباب: هذه خمسمائة ريال بع علي
سراك بشرط أنك تنتقل آخر واحد, مكاني ما تزح تصير الثاني
لا, تصير ظلمت الجميع, تصير آخر واحد, تطلع تصير آخر واحد,
يجوز وإلا ما يجوز؟ هذه المسألة واقعة, يجوز وإلا ما يجوز؟
يجوز ما في إشكال, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنها يجوز بيعها بيع نسيئة, يجوز أن تباع هذه الدراهم
بسيارات نسيئة, يعني صارت عكس مسألة التورق, إيش لون؟ الآن
المطلوب رقيق، وأعطاك سيارة ودراهم، الفرق بينهما؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, وإذا نظرنا إلى أن هذه الزيادة في مقابل شيء من الثمن
المدفوع سابقاً, يصير دراهم بدراهم, فلا بد أن تكون بسلعة
كلها.
(112/9)
"قال مالك: من سلف ذهباً أو ورقاً في حيوان
أو عروض إذا كان موصوفاً إلى أجل مسمى ثم حل الأجل فإنه لا
بأس أن يبيع المشتري تلك السلعة من البائع قبل أن يحل
الأجل أو بعدما يحل بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره" ينقده
فوراً, لماذا يعجله؟ لماذا لا يؤخره؟ والسلعة هذه تباع بما
حل عليه نسيئة، وبما دفعه نسيئة, هاه؟ لأنه إذا باعه قبل
أن يحل الأجل بعرض مؤجل صار بيع الدين بالدين, وهذا بيع
الكالئ بالكالئ الذي يأتي الحديث عنه, بالغاً ما بلغ ذلك
العرض إلا أن يكون الطعام فإنه لا يحل أن يبيعه قبل يقبضه,
للنهي عن ذلك، وقد تقدم أحاديث في النهي عن بيع الطعام قبل
قبضه "وللمشتري أن يبيع تلك السلعة من غير صاحبه الذي
ابتاعها منه بذهب أو ورق أو عرض من العروض يقبض ذلك ولا
يؤخره؛ لأنه إذا أخر ذلك قبح ودخله ما يكره من الكالئ
بالكالئ والكالئ بالكالئ: أن يبيع الرجل ديناً له على رجل
بدين على رجل آخر" إذا باعها من صاحبها عرفنا أنه باع
دراهم بدراهم, إذا باعها من غير صاحبها باع السلعة التي في
ذمة فلان مما لم يقبض على فلان بالدراهم, وهذا يمشي على
رأي ابن عباس وإلا ما يمشي؟ ما يمشي على رأي ابن عباس, لكن
على رأي الإمام مالك ومن يقول بقوله ماشي، ما فيه إشكال؛
لأنه يجوز بيعه قبل قبضه, "ودخله ما يكره من الكالئ
بالكالئ، والكالئ بالكالئ: أن يبيع الرجل ديناً له على رجل
بدين على رجل آخر" يعني بيع الدين بالدين والكالئ: اسم
فاعل بمعنى المفعول أي المكلوء المحفوظ في ذمة فلان {قُلْ
مَن يَكْلَؤُكُم} [(42) سورة الأنبياء] يعني يحفظكم, واسم
الفاعل يأتي ويراد به اسم المفعول, مثل: {عِيشَةٍ
رَّاضِيَةٍ} [(21) سورة الحاقة] يعني: مرضية, و {مِن مَّاء
دَافِقٍ} [(6) سورة الطارق] يعني مدفوق, ويأتي العكس اسم
المفعول ويراد به اسم الفاعل {حِجَابًا مَّسْتُورًا} [(45)
سورة الإسراء] يعني: ساتراً, وجاء في المسألة الحديث حديث
ابن عمر: نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
(112/10)
وهذا الحديث رواه الدارقطني والبيهقي
والحاكم، وقال الحاكم: على شرط مسلم، ظناً منه أن موسى هو
موسى بن عقبة، ولكنه موسى بن عبيدة الربذي, وهو ضعيف,
فالحديث ضعيف, لكن الحكم الذي هو بيع الدين بالدين نقل
الإجماع عليه.
"وقال مالك: ومن سلف في سلعة إلى أجل وتلك السلعة مما لا
يؤكل ولا يشرب فإن المشتري يبيعها ممن شاء بنقد أو عرض قبل
أن يستوفيها من غير صاحبها الذي اشتراها منه, ولا ينبغي"
يعني: لا يجوز "أن يبيعها من الذي ابتاعها منه إلا بعرض
يقبضه ولا يؤخره" يعني ما تقدم من جواز بيع غير الطعام قبل
قبضه، يعني من غير من ابتاعه منه, وأما إذا ابتاعه على من
ابتاعه منه قبل قبضه صار بيع الدراهم بالدراهم, وهذا تقدم.
"قال مالك: وإن كانت السلعة لم تحل فلا بأس بأن يبيعها من
صاحبها بعرض مخالف لها بيّن خلافه يقبضه ولا يؤخره" أعطاه
مائة ألف، قال: بعد سنة تحضر لي غلام هذه أوصافه, لما مضى
ستة أشهر أو ثمانية أشهر قبل حلول الأجل قال له: أنا لا
أستطيع أن أدبر لك غلام, يبيعه عليه بسيارة لا بأس, يقول:
تعطيني مكان الغلام سيارة, عرض مخالف, ما يقول: تعطيني
غلام ثاني وإلا جارية, ما هو ببيّن الخلاف, هذا ليس ببيّن
خلافه, وعند الإمام مالك أن الاتفاق في المنافع كاتحاد
الجنس في الربويات, فإذا اختلفت المنافع وبان اختلافها
صارت أجناس "يقبضه ولا يؤخره" لأنه لو أخره صار بيع الدين
بالدين، وهذا لا يجوز.
(112/11)
"قال مالك: فيمن سلف دنانير أو دراهم في
أربعة أثواب موصوفة إلى أجل" يعني ضبط وصفها "فلما حل
الأجل تقاضى صاحبها" يعني طلبها منه "فلم يجدها عنده ووجد
عنده ثياباً دونها من صنفها, فقال له الذي عليه الأثواب:
أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه" يعني مختلفة، ولا بد
أن يكون الاختلاف بيّناً, عند مالك لا بد أن يكون الاختلاف
بيّناً, ووجد عنده ثياباً دونها من صنفها "فقال له الذي
عليه الأثواب: أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه إنه لا
بأس بذلك" وفي بعض النسخ بدل ثمانية ثمنها "أعطيك ثمنها"،
"أنه لا بأس بذلك إذا أخذ تلك الأثواب التي يعطيه قبل أن
يفترقا, اختلفت الأصناف لاختلاف المنافع، ودخل حينئذٍ
البيع في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإذا اختلفت
الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد)) ثياب بثياب
مختلفة اختلافاً بيّناً يجوز فيها التفاضل، لكن لا يجوز
فيها النسأ, مثل التمر بالبر اختلف الجنس يجوز التفاضل،
لكن لا يجوز النسأ, فهذه وجهة نظر الإمام مالك -رحمه الله
تعالى- "أنه لا بأس بذلك إذا أخذ تلك الأثواب التي يعطيه
قبل أن يفترقا" يعني إذا كان يداً بيد "فإن دخل ذلك الأجل
فإنه لا يصلح" يعني لا يجوز "وإن كان ذلك قبل محل الأجل
فإنه لا يصلح أيضاً إلا أن يبيعه ثياباً ليست من صنف
الثياب التي سلفه فيها" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اتحدت من وجه واختلفت من وجه, إي كلها ثياب, لكن هذه ثياب
مقطعة وهذه ملاحف, وسبق التنصيص على أنواع الثياب عنده,
ذكر الملاحف والملاءات وذكر الثياب, وقال: لا بأس أن يبيع
الثوب بملحفتين, تقدم هذا, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تراك بعيد شوي.
طالب:. . . . . . . . .
بيع المنفعة؟ تعريف البيع ما نصوا على المنفعة, ومنفعة
مباحة, أو منفعة مباحة؟ مو في تعريف البيع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي بيع المنفعة لا بأس به, كما مر في دار, ذكروا هذا
ومثلوا له .. , لكن الآن قل: ما حكم بيع غير العين
والمنفعة؟ بيع الاسم مثلاً؟ "وإن كان ذلك قبل محل الأجل
فإنه لا يصلح أيضاً إلا أن يبيعه ثياباً ليست من صنف
الثياب التي سلفه فيها" يعني فيجوز.
سم.
طالب: أحسن الله إليك.
(112/12)
باب: بيع النحاس
والحديد وما أشبههما مما يوزن
قال مالك: الأمر عندنا فيما كان مما كان يوزن من غير الذهب
والفضة من النحاس والشبه والرصاص والآنك والحديد والقضب
والتين والكرسف, وما أشبه ذلك مما يوزن فلا بأس بأن يؤخذ
من صنف واحد اثنان بواحد يداً بيد، ولا بأس أن يؤخذ رطل
حديد برطلي حديد، ورطل صفر برطلي صفر.
قال مالك: ولا خير فيه اثنان بواحد من صنف واحد إلى أجل,
فإذا اختلف الصنفان من ذلك فبان اختلافهما فلا بأس بأن
يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل, فإن كان الصنف منه يشبه
الصنف الآخر وإن اختلفا في الاسم مثل الرصاص والآنك والشبه
والصفر فأني أكره أن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل.
قال مالك: وما اشتريت من هذه الأصناف كلها فلا بأس أن
تبيعه قبل أن تقبضه من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا
قبضت ثمنه إذا كنت اشتريته كيلاً أو وزناً، فإن اشتريته
جزافاً فبعه من غير الذي اشتريته منه بنقد أو إلى أجل،
وذلك أن ضمانه منك إذا اشتريته جزافاً، ولا يكون ضمانه منك
إذا اشتريته وزناً حتى تزنه وتستوفيه وهذا أحب ما سمعت إلي
في هذه الأشياء كلها, وهو الذي لم يزل عليه أمر الناس
عندنا.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا فيما يكال أو يوزن مما
لا يؤكل ولا يشرب مثل العصفر والنوى والخبط والكتم، وما
يشبه ذلك أنه لا بأس بأن يؤخذ من كل صنف منه اثنان بواحد
يداً بيد، ولا يؤخذ من صنف واحد منه اثنان بواحد إلى أجل,
وإن اختلف الصنفان فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منهما
اثنان بواحد إلى أجل، وما اشتري من هذه الأصناف كلها فلا
بأس بأن يباع قبل أن يستوفى إذا قبض ثمنه من غير صاحبه
الذي اشتراه منه.
قال مالك –رحمه الله-: وكل شيء ينتفع به الناس من الأصناف
كلها وإن كانت الحصباء والقصة، وكل واحد منهما بمثليه إلى
أجل فهو ربا، وواحد منهما بمثله وزيادة شيء من الأشياء إلى
أجل فهو ربا.
يقول المؤلف -رحمه الله-:
باب: بيع النحاس والحديد وما أشبههما مما يوزن
(112/13)
"قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا فيما
كان يوزن من غير الذهب والفضة من النحاس والشبه" أجود
النحاس الذي يشبه الذهب "الشبه والرصاص والآنك" وهو الرصاص
المذاب أو الخالص ((من استمع إلى قينة صب في أذنه الآنك
يوم القيامة)) الرصاص المذاب -نسأل الله السلامة والعافية-
"من النحاس والشبه والرصاص والآنك والحديد والقضب" يقول:
كل نبت اقتضب فأكل طرياً "والتين والكرسف" والمراد به
القطن "وما أشبه ذلك مما يوزن فلا بأس أن يؤخذ من صنف واحد
اثنان بواحد يداً بيد، ولا بأس أن يؤخذ رطل حديد برطلي
حديد، ورطل صفر برطلي صفر" الآن الإمام مالك في الثياب نظر
إلى المنفعة, وإذا تقاربت هذه المنفعة منع -رحمه الله-,
منع من التفاضل, وهنا نظر إلى المنفعة وإلا ما نظر؟ "ولا
بأس أن يؤخذ رطل حديد برطلي حديد" والمنفعة واحدة "ورطل
صفر برطلي صفر" المنفعة واحدة, مقتضى هذا الباب أن يختلف
عن الأبواب السابقة، وأن مثل هذه الأمور يجري فيها الربا
أو لا يجري؟ أو أنه أصناف يجري فيها ربا النسيئة دون
الفضل؟ نعم؟
"قال مالك: ولا خير فيه اثنان بواحد من صنف واحد إلى أجل"
هو أجاز رطل حديد برطلي حديد, لكن لا خير في ذلك إلى أجل,
اثنان بواحد إلى أجل "فإذا اختلف الصنفان من ذلك فبان
اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل" يعني
حديد بإيش؟ نحاس؟ حديد بحديد يجوز فيه التفاضل، لكن لا
يجوز فيه النسأ, حديد بنحاس، حديد برصاص، حديد بكرسف "لا
بأس بذلك، اختلف الصنفان من ذلك فبان اختلافهما فلا بأس
بأن يؤخذ من اثنان بواحد إلى أجل" يعني يجوز فيه نوعي
الربا, يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "فإن كان
الصنف منه يشبه الصنف الآخر، وإن اختلفا في الاسم مثل
الرصاص والآنك والشبه والصفر، فأني أكره أن يؤخذ منه اثنان
بواحد إلى أجل" لأن الحقيقة متحدة, كله يجمعه صنف واحد,
الآنك: هو الرصاص, الشبه: هو الصفر, وهو نوع من النحاس,
فالجنس متحد.
(112/14)
"قال مالك: وما اشتريت من هذه الأصناف كلها
فلا بأس أن تبيعه قبل أن تقبضه من غير صاحبه الذي اشتريته
منه إذا قبضت ثمنه" ما المانع من أن يباع من صاحبه الذي
اشتري منه قبل قبضه؟ يعني تقدم مراراً أنه يؤول العقد إلى
دراهم بدراهم، والسلعة مجرد صورة "إذا كنت اشتريته كيلاً
أو وزناً، فإن اشتريته جزافاً فبعه من غير الذي اشتريته
منه بنقد أو إلى أجل" وش الفرق بين الكيل وغيره؟ المكيل
والموزون وغيره؟ إذا اشتريت كيل أو اشتريت جزافاً؟ "قال
مالك: وما اشتريت من هذه الأصناف كلها فلا بأس أن تبيعه
قبل أن تقبضه من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا قبضت
ثمنه" هذا انتهى الإشكال، "تبيعه من غير صاحبه إذا كنت
اشتريته كيلاً أو وزناً, فإن اشتريته جزافاً فبعه من غير
الذي اشتريته منه بنقد أو إلى أجل" هناك إذا كان كيل أو
وزن لا يجوز فيه الأجل, إنما إذا قبضت ثمنه "وأما إذا بيع
جزافاً فبعه من غير الذي اشتريته منه بنقد أو إلى أجل"،
وذلك أن ضمانه منك إذا اشتريته جزافاً, يعني يدخل في ملكك
بمجرد العقد، أما إذا اشتريته كيلاً أو وزناً فإنه لا يتم
ملكه إلا إذا استوفي بالكيل أو الوزن "ولا يكون ضمانه منك
إذا اشتريته وزناً حتى تزنه وتستوفيه, وهذا أحب ما سمعت
إلي في هذه الأشياء كلها, وهو الذي لم يزل عليه أمر الناس
عندنا" يعني بالمدينة -رحمه الله-.
"قال الإمام مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا فيما يكال أو
يوزن مما لا يؤكل ولا يشرب مثل العصفر والنوى والخبط"
الخبط: ما يضرب بالعصي حتى ينزل من أوراق الشجر لتأكله
الدواب "والكتم" نبت أسود يخلط مع الحناء معروف، يصبغ به
الشعر "والكتم وما يشبه ذلك أنه لا بأس بأن يؤخذ من كل صنف
منه اثنان بواحد يداً بيد, ولا يؤخذ من صنف واحد منه اثنان
بواحد إلى أجل" يعني اثنان بواحد صاع نوى بصاعين نوى نقد
الآن كلام الإمام مالك يتكلم في هذه الأصناف على أنها
ربوية أو ليست ربوية؟ لماذا يمنع الأجل؟ هاه؟
(112/15)
"قال مالك: الأمر عندنا فيما يكال أو يوزن"
هناك في الصور الأولى "ولا يكون ضمانه منك إذا اشتريته
وزناً حتى تزنه وتستوفيه, وهذا أحب إلي ... " إلى آخر, ثم
قال بعد ذلك: الأمر عندنا فيما يكال أو يوزن مما لا يؤكل
ولا يشرب, هناك لا يؤكل ولا يشرب, المبحث السابق لا يؤكل
ولا يشرب, نحاس وشبه ورصاص وقطن وما شبه ذلك, هنا قال:
"الأمر عندنا فيما يكال أو يوزن مما لا يؤكل ولا يشرب مثل
العصفر والنوى والخبط والكتم وما يشبه ذلك أنه لا بأس أنه
يؤخذ من كل صنف منه اثنان بواحد يداً بيد" أباح -رحمه الله
تعالى- الفضل, ولم يجز النسيئة "ولا يؤخذ منه صنف واحد
اثنان بواحد إلى أجل" فلا يجوز النسأ فيه "فإن اختلف
الصنفان فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منهما اثنان
بواحد إلى أجل" يعني يجوز فيه التفاضل والنسأ "وما اشتري
من هذه الأصناف كلها فلا بأس بأن يباع قبل أن يستوفى" لأنه
ليس بطعام, والقبض والاستيفاء خاص عند الإمام مالك
بالطعام, إذا قبض ثمنه من غير صاحبه الذي اشتراه منه, أما
إذا باعه على صاحبه الذي اشتراه منه فيمنع, لما تقدم من
أنه يكون دراهم بدراهم، والسلعة مجرد حيلة.
(112/16)
"قال مالك: وكل شيء ينتفع به الناس من
الأصناف كلها وإن كانت الحصباء" صغار الحصى أو الرمل أو
الإسمنت "أو القصة" التي هي الجس "كل شيء ينتفع به الناس
من الأصناف كلها، وإن كانت الحصباء والقصة فكل واحد منهما
بمثليه إلى أجل فهو ربا, وواحد منهما بمثله وزيادة شيء من
الأشياء إلى أجل فهو ربا" يعني أضيق المذاهب في باب الربا
مذهب مالك, وأوسعها أهل الظاهر اللي عندهم ما في ربويات
إلا الستة المنصوص عليها, وبقية المذاهب بين بين, الآن لو
باع رمل برمل، أو حصباء بحصباء، أو جس بجس، أو إسمنت
بإسمنت, هذه ينتفع بها الناس, كيس بكيسين إسمنت نقد أو إلى
أجل, يجوز وإلا ما يجوز؟ "كل شيء ينتفع به الناس من
الأصناف كملها وإن كانت الحصباء والقصة" وش الفرق بين
الحصباء والقصة وبين الإسمنت والجبس مما ينتفع به الناس؟
لا فرق في الحكم عنده "وإن كان الحصباء والقصة فكل واحد
منهما بمثليه إلى أجل فهو ربا" كيس إسمنت بكيسين ربا, كيس
إسمنت بكيس آخر وعشر بلكات مثلاً يجوز وإلا ما يجوز؟ ما
يجوز عنده "فكل واحد منهما بمثليه إلى أجل فهو ربا, وواحد
منهما بمثله وزيادة شيء من الأشياء إلى أجل فهو ربا, فإن
كان نقداً جاز" المقصود أنه لا يباع بمثله إلا مع التماثل.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا, لا ما هي بربوية, هذه ما هي بربوية, هذه ليست
بربوية, الصواب: أن هذه الأمور ليست بربوية, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه كل هذه الأمثلة تجوز.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، اللي تقدم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن يمنع الأجل, كأنهما صنفان, مع أنه ينص على
التماثل, تماثل المنافع اللي يمنع التفاضل.
اللهم صل على محمد ....
(112/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(10)
باب: النهي عن بيعتين في بيعة - باب: بيع الغرر
الشيخ: عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: النهي عن بيعتين في بيعة
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: نهى عن بيعتين في بيعة.
وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً قال لرجل: ابتع لي هذا
البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل، فُسئل عن ذلك عبد
الله بن عمر فكرهه، ونهى عنه.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد سئل عن رجل
اشترى سلعة بعشرة دنانير نقداً وبخمسة عشر ديناراً إلى أجل
فكره ذلك ونهى عنه.
قال مالك –رحمه الله-: في رجل ابتاع سلعة من رجل بعشرة
دنانير نقداً، أو بخمسة عشر ديناراً إلى أجل قد وجبت
للمشتري بأحد الثمنين: إنه لا ينبغي ذلك؛ لأنه إن أخر
العشرة كانت خمسة عشر إلى أجل، وإن نقد العشرة كان إنما
اشترى بها الخمسة عشر التي إلى أجل.
قال مالك في رجل اشترى من رجل سلعة بدينار نقداً أو بشاة
موصوفة إلى أجل قد وجب عليه بأحد الثمنين: إن ذلك مكروه لا
ينبغي؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن
بيعتين في بيعة, وهذا من بيعتين في بيعة.
قال مالك في رجل قال لرجل اشتري منك هذه العجوة خمسة عشر
صاعاً أو الصيحاني عشرة أصوع، أو الحنطة المحمولة خمسة عشر
صاعاً، أو الشامية عشرة أصوع بدينار، قد وجبت لي إحداهما:
إن ذلك مكروه لا يحل، وذلك أنه قد أوجب له عشرة أصوع
صيحانياً، فهو يدعها ويأخذ خمسة عشر صاعاً من العجوة، أو
يجب عليه خمسة عشر صاعاً من الحنطة المحمولة فيدعها ويأخذ
عشرة أصوع من الشامية فهذا أيضاً مكروه لا يحل، وهو أيضاً
يشبه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة، وهو أيضاً مما نهى عنه
أن يباع من صنف واحد من الطعام اثنان بواحد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
(113/1)
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: النهي عن بيعتين في بيعة
بأن يتناول العقد بيعتين على أن لا يتم منهما واحدة إلا
بالأخرى، أو لا يتم منهما إلا واحدة من الاثنتين, يقول:
تبيعني هذه السيارة شريطة أن تشتري مني كذا, بيعتين في
بيعة, أو يقول: أبيعك كذا بكذا حالاً أو بكذا نسيئة,
ويلزمه البيع على هذا, وإلا لو كان ذلك بمدة الخيار أبيعك
هذه السلعة بعشرة نقد أو بعشرة نسيئة، ثم يتفقون على إحدى
القيمتين, هذا ما فيه إشكال؛ لأنهما في مدة خيار، وقبل
لزوم البيع, لكن يتفقان على العقد, هذا الكتاب بعشرة نقد،
أو بخمسة عشر إلى سنة، ويثبت العقد على هذا, ولا خيار
لأحدهما، البيع لزم, ويكون المشتري متردد بين الخمسة عشر
والعشرة, فكأنه اشترى العشرة بخمسة عشر, فكأنه حينئذٍ
اشترى العشرة بخمسة عشر, العشرة المنقودة فداها بخمسة عشر
نسيئة.
(113/2)
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-: نهى عن بيعتين في بيعة" ولها
صور كثيرة جداً لا تنتهي, تبيعني على أن تشتري مني, هذا في
البيع واضح، لكن لو هناك منفعة أخرى غير البيع, تبيعني هذه
الدار, أو تشتري مني هذه الدار على أن أسكنها سنة بيع
وشرط, أو يقول: أبيعك هذه الدار بكذا على أن تزوجني بنتك
بكذا, هذا ليس ببيعتين في بيعة، لا يدخل في البيعتين في
بيعة, لكنه يدخل في البيع والشرط, نهى عن بيعتين في بيعة,
ووضحه قول الإمام مالك أنه بلغه أن رجلاً قال لرجل: ابتع
لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل, قد يقول قائل:
لماذا أدخل الإمام مالك هذا تحت الترجمة؟ أي أنه بلغه أن
رجلاً قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك
إلى أجل، فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه,
إدخال هذا الأثر في الترجمة؛ لأن الذي ابتاعه اشتراه
بالنقد إنما اشتراه على أنه قد لزم بيعه على الطرف الثالث,
هذا المحتاج وليس لديه نقود جاء إلى شخص، قال: اشتر لي
سيارة بخمسين ألف، واشتريها منك بستين, وكتب عليه أن عنده
ستين ألف قيمة سيارة كذا, فلزم البيع قبل أن يملك السيارة,
فهم من هذه الحيثية بيعتان, هما بيعتان للزوم العقد الثاني
بنفس الكلام الأول, لكن لو كان مجرد وعد, قال: أنا أحتاج
إلى خمسين ألف وهناك سيارات قيمتها خمسون ألفاً فلو اشتريت
لي سيارة من هذه السيارات واشتريها منك بستين، ووعده ذلك
مجرد وعد، ولم يعقد شيء ولا يلزمه شيء، ثم يذهب الطرف
الأول لشراء السيارة بناء على ذلك الوعد دون عقد, بمعنى
أنه يملكها ملك تام مستقر يشتريها من الوكالة بخمسين ألف،
ثم يقول للطرق الثاني: هل أنت ما زلت بحاجة إليها تريدها
أو لا تريدها؟ لأن ذاك ما زال في حل ما أبرم عليه عقد, مثل
هذا مجرد وعد لا بأس به, ما يدخل في مثل هذا, الإشكال في
أن يلزم الطرف الثاني بكلامه الأول, ويتم العقد على هذا
الأساس, ويرتب عليه أنه بيعتين, إضافة إلى أنه بيع ما لا
يملك, بعضهم يقول, بعض الوكالات يقول: نحن لا نلزمه, بعض
الجهات: نحن لا نلزم إلزام، لكن نؤخذ منه مقدم, إذا قلت:
اشتروا لي سيارة, قال: نعم هات خمسمائة ريال ونشتري
(113/3)
لك سيارة, هذا الإلزام, هذا هو الإلزام,
فلا يجوز حينئذٍ, لكن الطرف الثاني في حل شأنه كشأن غيره
من الناس, حتى يملكها الطرف الأول ملكاً تاماً مستقراً، ثم
بعد ذلك ينظر الثاني في أمره، إن كانت حاجته قائمة وأراد
الإقدام فلا بأس, وإن انسحب ما عليه شيء؛ لأنه مجرد وعد
وليس بعقد, لكن لو كان عقداً صار فيما نهى عنه ابن عمر
-رضي الله عنه-.
طالب:. . . . . . . . .
(113/4)
هذا البيع والشرط الذي يختلفون فيه منهم من
أجازه، وحمل الشرط على الشرط الباطل, ومنهم من منع حتى
الشرط الصحيح, يعني يبيعه الدار على أن يؤجره إياها شهراً،
سنة, ويستدلون للجواز بقصة جمل جابر, النبي -عليه الصلاة
والسلام- اشترى منه الجمل, واشترط جابر حملانه إلى
المدينة, فحملوا نهى عن بيع وشرط على الشرط الفاسد, لكن هل
الشرط الفاسد يحتاج إلى نهي؟ لأن إذا قلنا: حمله على الشرط
الفاسد هل يبقى للحديث فائدة؟ نعم يبقى له فائدة؟! الفاسد
فاسد ما يحتاج إلى نهي, فعلام يحمل؟ مر بنا في الكلام على
العينة من كلام ابن القيم أن منهم من حمل نهى عن بيع وشرط
على هذه على صور العينة, ومنهم من حمل بيعتين في بيعة على
صورة العينة, يعني إذا قال البائع: أبيع لك هذه السلعة
بمائة إلى سنة، وهو ما تسوى إلى ثمانين شريطة أن تبيعها
علي بثمن أقل, بيع وشرط, وإذا باعها عليه بالشرط الأول
صارت بيعتين في بيعة, بيع العربان مسألة خلافية بين أهل
العلم، والحديث عن النهي عن بيع العربان هذا ضعيف عند أهل
العلم, الحديث الوارد فيه ضعيف, وعلى هذا من أهل العلم من
يقول: إن أخذ العربان هذا يسمونه العربون, من أكل أموال
الناس بالباطل بدون مقابل, أنت قلت له: هذه السيارة بخمسين
ألف, قال: هات خمسمائة ريال ألف ريال إن تم العقد وإلا فهي
لي, قالوا: إن صاحب السيارة أخذ هذا الألف من صاحبه دون
مقابل فهو من أكل أموال الناس بالباطل والحديث لم يصح,
والحديث, وعلى كل حال الذي يبطل سواء صح الحديث عنده أو لم
يصح, قالوا: إن صح الحديث فبها ونعمت منهي عنه, وإن لم يصح
هو أكل أموال الناس بالباطل, الطرف الثاني الذين يجيزون
مثل هذا يقولون: صاحب السلعة تضرر, أخرجه من موضع الحراج,
تفرق الناس عنه، وزود زاد في السلعة على من يسوم, لما تفرق
الناس, قال: هو أنت, فهو متضرر هو يأخذ هذا المبلغ في
مقابل الضرر, فهذه وجهة نظر من يصححه، ويقول: إنه في مقابل
هذا الضرر, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(113/5)
الراجح أنه إذا ظهر من صاحبه التلاعب كان
المشتري ظهر منه وبانت عليه علامات التلاعب، تؤخذ منه
تعزيراً, وإن تبيّن أنه غير متلاعب، وأنه كان أحتيج, يريد
هذه السيارة ثم تبيّن أنه يستغني عنها في المجلس يعني ترد
عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, نحن نقول: إذا كان ... , هذا على الاحتمالين, إذا كان
البائع الأول لا يلزم الطرف الثاني بوجه من الوجوه, والطرف
الثاني في حل تام من هذه البيعة, حتى يملكها الطرف الأول,
الصورة صحيحة, يصير مجرد بيع, لكن إن ألزمه بالبيع, هو لن
يلزمه شرعاً.
طالب:. . . . . . . . .
ما عليه, الشقاق يحله الشرع هذا, نقول: هذا يحله الشرع,
اللي يشاقق من دون حق بعض الناس وآلف, الكلام على الشقاق
والنزاع اللي له وجه, هذا لا وجه له, يعني له مستمسك, الآن
ما بعد ملكت السلعة, والآن كيف تلزمني وأنت ما ملكت؟ فإذا
تعاقدا على أنه يلزمه الطرف الثاني يلزمه أن يشتري بما
اتفقا عليه, قبل أن يملك الطرف الأول السلعة، فهذا يجوز,
هذا بيع ما لا يملك، وهذا بيعتين في بيعة, التجارة كلها
هكذا, وهو ما شار إلا طمعاً بالربح, هو ما يقبل الربح يقبل
الخسارة, إذا تبيّن شخص إنه يضر بالناس يأتي إلى فلان،
ويقول له: اشتر لي سيارة أبي أشتريها منك, ثم ما يرجع إليه
ثاني, ويذهب إلى ثاني وثالث ورابع, ويؤذي الناس بهذه
الطريقة مثل هذا يعزر, يؤدب هذا, لكن لا يلزمه بمجرد هذا
شيء, إذا ألزمه بالشراء قبل أن يملك نفس الشيء, سواء كان
المستغل المشتري أو المستغل البائع, المقصود أنه يلزم
بالبيعتين في عقد واحد, في بيعة واحدة, أما يلزم بعقد
واحد، ثم الثاني مجرد وعد هذا ما يضر هذا.
طالب:. . . . . . . . .
(113/6)
لا، يغلب على ظنه، ما بعلم يقين, يغلب على
ظنه, لو قلنا: يقين صار أبرم معه عقد, أما يغلب على ظنه
فالتجارات كلها, أنت ما تشتري ... , كل التجارات على هذا,
صاحب السيارات ما اشترى هذه السيارات إلا لغلبة ظنه أن
الناس بيجون يشترون منه، من أجل الناس, وصاحب البقالة مثل
وصاحب ... ، التجارات كلها على هذه الطريقة, لكن مسألة
غلبة الظن غير كونه يقين, يقين معناه أنه ألزمه, ولا يمكن
أن يصير اليقين حتى يلزم.
طالب: سيشتري؟
سيشتري هذا وعد, والبائع يعد المشتري أنه سيشتري له سيارة
ويبيعها عليه, هذا مجرد وعد، ما يلزمه شيء, لو قال له:
والله ... ، لكن هناك مسائل وصفقات فيها أضرار بالغة, يعني
جهات تتصدى لهذا الأمر صفقات كبيرة, صفقات طائرات مثلاً,
صفقات مهولة، بواخر وأمور عظيمة، بمئات أو ألوف الملايين,
تجيء وتقول له: والله اشتر لي هذه الكمية وأنا أشتريها
منك, ثم أروح وخليه, واحد اشترى نوع من الألواح اللوح
بمليون بناءً على أن جهة من الجهات محتاجة مضطرة إلى هذه
الألواح, ويبي يكسب مكاسب طائلة, اشترى عشرين لوح بعشرين
مليون, لما ملكها وحازها تبيّن له أن تلك الجهة انتهت
اشترت ألواح، وسقفت ما تريد بها، وخلاص جلست الألواح عنده,
اتصل عليه من معبد من المعابد الوثنية, قال: أنا اشتريه
بخمسة أضعاف الألواح, ابتلاء, يبيع عليهم وإلا ما يبيع؟ ما
يجوز يبيع عليهم, والجهة الشرعية اللي كانت تريد أن تشتري
منه استغنت, وإلا ما هي مسألة ألف ألفين عشرة آلاف, عشرين
مليون؟
طالب:. . . . . . . . .
لا, هو بتسعين قالوا, المعبد قالوا: بتسعين.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ابتلاء ابتلاء.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد أن تتم وإلا ما صارت صفقتين, إذا ما تمت ما صارت
صفقة أصلاً, مجرد الوعد لا يعني البيع, ولا يعني الصفقة؛
لأنه غير ملزم, تقدر تقول: السلام عليك, وتمشي وتخليه,
يلزم بشيء؟! لكن إذا كتب عليك والتزمت ووقعت خلاص ما في
كلام.
طالب: يا شيخ الإيجار المنتهي بالتمليك هل يدل في بيعتين
في بيعة؟
إذا قلنا: إن الإجارة بيع تدخل, إذا قلنا: إنا بيع وقلنا:
منفعة صارت مثل النكاح, مثل الصورة التي ذكرنا في النكاح.
(113/7)
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن
محمد سئل عن رجل اشترى سلعة بعشرة دنانير نقداً وبخمسة عشر
ديناراً إلى أجل" كتب عليه أنه بكذا بعشرة وإلا بخمسة عشر؟
ما هو بالآن التخيير أثناء مداولة الرأي, قالوا: هذه بعشرة
نقد وإلا بخمسة عشر؟ وجزم على أحد الثمنين هذا ما فيه
إشكال, إذا جزم في وقت الخيار قال: خلاص اشتريت نقد تيسرت
العشرة, خذ عشرة, أو بخمسة عشر إلى سنة, ما تيسرت العشرة
هذا ما فيه إشكال؛ لأنه ما ثبت البيع إلا على واحد منهما,
لكن لو ثبت البيع عليهما, كتب العقد أنه بعشرة نقد, أو
بعشرة إلى شهر, وبعشرين إلى سنة, الآن كأنه باع عليه
العشرة بعشرين, الطرف الثاني ما في ذمته إلا إحدى المبلغين
العشرة أو العشرين, فكأنه باع عليه العشرة بعشرين، وهذا
عين الربا "اشترى سلعة بعشرة دنانير نقداً أو بخمسة عشر
ديناراً إلى أجل, ويلزم البيع على ذلك فكره ذلك ونهى عنه"
لأن حقيقة البيع إنما العشرة بعشرين, كأنه قال: هذه العشرة
الحالة أبيعها عليك بعشرين إلى سنة.
"قال مالك في رجل ابتاع سلعة من رجل بعشرة دنانير نقداً أو
بخمسة عشر ديناراً إلى أجل قد وجبت للمشتري بأحد الثمنين"
لا على التعيين, ولا في مدة الخيار، إنما بعد اللزوم مثلما
صورنا, إنه لا ينبغي ذلك؛ لأنه إن أخر العشرة كانت خمسة
عشر إلى أجل، وإن نقد العشرة كان إنما اشترى بها الخمسة
عشر إلى أجل, يعني مثلما قلنا: إن العقد يكون بين العشرة
والخمسة عشر؛ لأنه ثبت في ذمته نقد عشرة أو خمسة عشر،
فكأنه اشترى العشرة بخمسة عشر, إن أجل أو اشترى الخمسة عشر
بعشرة إن قدم.
"قال مالك: في رجل اشترى من رجل سلعة بدينار نقداً أو بشاة
موصوفة إلى أجل قد وجب عليه بأحد الثمنين أن ذلك مكروه لا
ينبغ" مثل سابقه, لكن هناك الملاحظ أنه عشرة بخمسة عشر,
لكن هنا دينار بشاة, كأنه اشترى الشاة بدينار, هذا ربوي
وإلا ما هو بربوي؟ يعني هل المسألة نظير ما تقدم, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(113/8)
في فرق من الوجهة التي قررناها سابقاً، لكن
باعتباره بيعتين كما قرر المؤلف يدخل في الترجمة "قال مالك
في رجل اشترى من رجل سلعة بدينار نقداً أو بشاة موصوفة إلى
أجل: قد وجب عليه بأحد الثمنين أن ذلك مكروه لا ينبغي" لأن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيعتين في بيعة,
وهذا من بيعتين في بيعة, يعني التردد في الثمن بين النقود
يدخله الربا, بعشرة أو بخمسة عشر, لكن التردد بين شاة أو
دينار مسألة الربا منتفية, منتفية وإلا غير منتفية؟
منتفية, لكن يبقى أنه بيعتين, البيع بدينار بيع السلعة
الأولى بدينار, وبيع الدينار بالشاة فهما بيعتان, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ضع وتعجل, هذا من باب ضع وتعجل, يثبت الثمن المؤجل, تثبت
الخمسة عشر لمدة سنة, فإذا أتى بها في الستة الأشهر الأولى
تصير اثنا عشر مثلاً, هذا من باب ضع وتعجل ما فيه إشكال
-إن شاء الله تعالى-, لكن ما يشترط هذا, ما يشترط في
العقد, يعني بعد تمام العقد ومضى ستة أشهر تيسرت أمور
المستدين وقال: أنا أريد أن أقدم لك المبلغ على أن تراعيني
في شيء من نسبة الربح, إذا حصل هذا ما في إشكال -إن شاء
الله-.
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا كان في العقد لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا, صار ثمنين, مثل نقد بكذا وأجل بكذا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا هو عرض, إذا لزم البيع على هذا فهو نفس المذكور, إذا
لزم البيع قبل أن يحسم بأحد الثمنين فهو ممنوع.
طالب:. . . . . . . . .
ويكتب عليك, يكتب عليك الثمنين كلهن.
طالب:. . . . . . . . .
هذا مدة الخيار ما فيها إشكال, ما بعد ثبت إشكال إلى الآن,
ما فيه إلزام ما فيه.
طالب:. . . . . . . . .
هذا بيع، هذا نفس المنع، هذا المنع إي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . . على أن أشتري بثمن. . . . . . . .
.؟
الصور لا تنتهي كونه يفهم صورة لا يفهم بقية الصور، العبرة
بعموم اللفظ، أما كون الصور للتوضيح ما فيها إشكال, اللهم
إذا كان بعض الصور المدرجة بعيدة عن تصور الحديث وعن فهمه
هذا اللي ينظر فيه, ولا صور الحديث ما تنتهي أبداً.
(113/9)
"قال مالك: في رجل قال لرجل اشتري منك هذه
العجوة خمسة عشر صاعاً، أو الصيحاني عشرة أصوع" يعني عكس,
هناك السلعة مقدمة، والثمن هو المتردد فيه, الآن الثمن
منقود، والسلعة متردد فيها, أنا أعطيك دينار مثلاً, هذا
دينار خذ على أن تعطيني من العجوة خمسة عشر والصيحاني
عشرة, شوف الآن عندهم مطرد أن الصيحاني أفضل من العجوة
عندهم, الصحياني أفضل من العجوة في الأمثلة كلها، العجوة
رخيصة عندهم, مع أنه ورد فيها النص الصحيح، وأن الحكم عند
جمع من أهل العلم لا يتعداه ((من تصبح بسبع تمرات عجوة))
لا يتعداها، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن مرتفع سعرها, مع أنها في عرف الناس ونظرتهم ليس من
النوع الجيد بناء على الخبر، وإلا لولا الخبر ما جابت شيء
ولا السعر ... ، والعجوة جاء فيها الحديث الصحيح ((من تصبح
بسبع تمرات تمر عجوة))، وأحياناً يقول في بعض الروايات:
((من تمر العالية)) فحدد النوع وحدد المكان, وأطلق في بعض
الروايات: ((بسبع تمرات وتراً)) ويحرص الإنسان على أن
يتصبح بالتمر ليحصل له ما جاء من الحفظ من السم والسحر,
فإن كانت عجوة كانت أولى, وإن كانت من المدينة فهو أولى,
وغرست العجوة في غير المدينة وظهرت نوعيات جيدة، لكن بعض
أهل العلم من الشراح يقول: لا بد أن يكون من تمر العالية
من المدينة خاص, ولو كان عجوة، لكن في غير المدينة ما
ينفع, وأما غير العجوة فكثير من أهل العلم يرون أنه لا
يدخل الخبر؛ لأن العبرة بالقيد.
طالب:. . . . . . . . .
ما يكفي ما يكفي سبع.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بخاص مسألة ... , هذه تكون صورة من الصور.
طالب:. . . . . . . . .
في العينة, وفي الغرر على ما سيأتي في الباب الذي يليه, هي
ينتاب كثير من الصور ينتابها المنع من وجوه، ما هو من وجه,
قد تكون صورة تجمع كل أنواع البيوع، قد يكون ربا، وفيه
غرر، وفيه جهالة، وفي شرط, وفي أمور كثيرة، وهي صفقة
واحدة.
(113/10)
"قال مالك في رجل قال لرجل اشتري منك هذه
العجوة خمسة عشر صاعاً أو الصيحاني عشرة أصوع، أو الحنطة
المحمولة خمسة عشر صاعاً، أو الشامية عشرة أصوع بدينار قد
وجبت لي إحداهما" يعني عكس الثمن السابق "إحداهما أن ذلك
مكروه لا يحل" وهذا واضح في الربويات، يعني كأنه في
النهاية باع عليه الخمسة عشر صاع بعشرة أصوع وهذا ربا, أو
باع عليه خمسة عشر صاع من المحمولة بعشرة أصوع من الشامية
أو العكس, هذا في الربويات ظاهر, أن ذلك مكروه لا يحل
"وذلك أنه قد وجبت له عشرة أصوع صيحانياً فهو يدعها، ويأخذ
خمسة عشر صاعاً من العجوة" فكأنه باع العشرة بخمسة عشر "أو
تجب له عليه خمسة عشر صاعاً من الحنطة المحمولة فيدعها
ويأخذ عشرة أصوع من الشامية، فهذا أيضاً مكروه لا يحل، وهو
أيضاً يشبه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة" ولذا أدخله
المؤلف في تلك الترجمة "وهو أيضاً مما نهى عنه أن يباع من
صنف واحد من الطعام اثنان بواحد" كأنه باع صاع بصاعين,
سواء كان من التمر أو من الحنطة, والمنع ظاهر في مثل هذا.
سم.
طالب: أحسن الله إليك.
باب: بيع الغرر
حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سعيد بن
المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع
الغرر.
قال مالك: ومن الغرر والمخاطرة أن يعمد الرجل قد ضلت دابته
أو أبق غلامه وثمن الشيء من ذلك خمسون ديناراً فيقول: رجل
أنا آخذه منك بعشرين ديناراً فإن وجده المبتاع ذهب من
البائع ثلاثون ديناراً، وإن لم يجده ذهب البائع من المبتاع
بعشرين ديناراً.
قال مالك -رحمه الله-: وفي ذلك عيب آخر أن تلك الضالة إن
وجدت لم يدر أزادت أم نقصت أم ما حدث بها من العيوب فهذا
أعظم المخاطرة.
قال مالك: والأمر عندنا أن من المخاطرة والغرر اشتراء ما
في بطون الإناث من النساء والدواب؛ لأنه لا يدرى أيخرج أم
لا يخرج؟ فإن خرج لم يدر أيكون حسناً أم قبيحاً أم تاماً
أم ناقصاً أم ذكراً أم أنثى؟ وذلك كله يتفاضل إن كان على
كذا فقيمته كذا، وإن كان على كذا فقيمته كذا.
(113/11)
قال مالك: ولا ينبغي بيع الإناث واستثناء
ما في بطونها، وذلك أن يقول الرجل للرجل: ثمن شاتي الغزيرة
ثلاثة دنانير فهي لك بدينارين، ولي ما في بطنها، فهذا
مكروه؛ لأنه غرر ومخاطرة.
قال مالك: ولا يحل بيع الزيتون بالزيت، ولا الجلجلان بدهن
الجلجلان، ولا الزبد بالسمن؛ لأن المزابنة تدخله؛ ولأن
الذي يشترى الحب وما أشبهه بشيء مسمى مما يخرج منه، لا
يدري أيخرج منه أقل من ذلك أو أكثر؟ فهذا غرر ومخاطرة.
قال مالك: ومن ذلك أيضاً اشتراء حب البان بالسليخة فذلك
غرر؛ لأن الذي يخرج من حب البان هو السليخة ولا بأس بحب
البان بالبان المطيب؛ لأن البان المطيب قد طيب ونش وتحول
عن حال السليخة.
قال مالك في رجل باع سلعة من رجل على أنه لا نقصان على
المبتاع: إن ذلك بيع غير جائز، وهو من المخاطرة، وتفسير
ذلك أنه كأنه استأجره بربح إن كان في تلك السلعة، وإن باع
برأس المال أو بنقصان فلا شيء له، وذهب عناؤه باطلاً فهذا
لا يصلح, وللمبتاع في هذا أجرة بمقدار ما عالج من ذلك، وما
كان في تلك السلعة من نقصان أو ربح فهو للبائع وعليه,
وإنما يكون ذلك إذا فاتت السلعة وبيعت فإن لم تفت فسخ
البيع بينهما.
قال مالك: فأما أن يبيع رجل من رجل سلعة يبت بيعها ثم يندم
المشتري فيقول للبائع: ضع عني فيأبى البائع ويقول: بع فلا
نقصان عليك فهذا لا بأس به؛ لأنه ليس من المخاطرة، وإنما
هو شيء وضعه له وليس على ذلك عقداً بيعهما، وذلك الذي عليه
الأمر عندنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع الغرر
(113/12)
الغرر والجهالة توجد في كثير من العقود
والبيوع إذا كان المعقود عليه ذا أجزاء، منها ما يظهر
للمشترى ومنها ما يخفى عليه، إذا لم تتم الإحاطة بالسلعة
من قبل المشتري فلا بد من الغرر, فالغرر منه اليسير، وهذا
متفق على أنه معفو عنه لاستحالة الإحاطة, ولو اشترط انتفاء
الغرر اليسير لتعثر كثير من العقود؛ ولتضرر الناس وللحقتهم
المشقة في ذلك, أسس الجدران لا يمكن الإطلاع عليه, الجسور
ومقدار الحديد في جوفها هذا لا يمكن الإطلاع عليه, نوع
الحديد ومما تتفاوت أقيامه لا يمكن الإطلاع عليه, كل شيء
يخفى على المشتري يلزم منه غرر, لكن الغرر اليسير لا شك أن
اشتراط انتفائه عنت لا يمكن الوقوف عليه إلا بأن يهدم
البنيان كله، ويخلص كل نوع من مركباته على حده، وينظر فيه
على حده, هذا قد يكلف أكثر من قيمة العمارة الأصلية,
المقصود أن مثل هذا الغرر معفو عنه، لكن الغرر البالغ
الغرر المضر بالمشتري مثل هذا لا يجوز إذا علمه البائع
يحرم عليه أن يكتم, ((فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما))
فلا بد أن يطلع المشتري على عيوب السلعة، فإن غشه وكتم ما
فيه من العيوب محقت البركة, وكذلك المشتري عليه أن يطلع
البائع على ما في نقوده من غشش وغرر, وكانت النقود من
الذهب والفضة فيها الصحيح وفيها السليم وفيها المكسر وفيها
المغشوش, موجود فيتصور الغرر من الطرفين, الآن لما تساوت
النقود ريالات سواء كانت من فئة خمسمائة أو من فئة مائة,
سواء كانت نقد أو بشيك, ما فيها غرر سواء كانت جديدة من
المؤسسة أو خلقة متداولة, ما بينها فرق, فلا يتصور الغرر
من جهة المشتري, أما البائع صاحب السلعة يتصور منه الغرر,
فالغرر الذي لا يحتمل مثله، الغرر الكثير، المضر بالمشتري
مثل هذا منهي عنه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الخلل اليسير إذا كان يعلم به صاحبه, وإذا كان يعلم به
صار عيب ما صار غرر, الغرر الذي يخفى على الطرفين.
طالب:. . . . . . . . .
العيب؟
طالب:. . . . . . . . .
(113/13)
والله اليسير الذي تعارف الناس على التجاوز
عنه قد لا يلزم، لكن أيضاً هو من تمام النصح, يعني اشترى
سيارة, وبناء على أن هذه السيارة جديدة، ومن الوكالة، وما
غير فيها شيء لها قيمتها عند أصحاب الصنعة, أصحاب الصنف,
لكن لو غير فيها شيء صار عند بعض أصحاب الذوق لهذه المهنة
صار في تردد, أنت افترض أنه مثلاًَ الطبلون حصل فيه خلل
ودخلوه على الوكالة وشالوه وركبوا جديد, جديد مثل الأول
مطابق مائة بالمائة, لكن المشتري لو يعرف أنهم غيروا
طبلونها الأول وركبون ثاني.
طالب:. . . . . . . . .
أكيد, لكن أمور يسيرة, بنشر الكفر وغيروا كفر من الوكالة
هذا ما يؤثر, وإن لم يكن اللي جاء معها من بلدها, فالأمور
هذه تتفاوت, غرر ظاهر هذا؛ لأن بعض الناس يأكل عشرة أضعاف
غيره, صحيح غرر كبير هذا.
طالب:. . . . . . . . .
وش اللي حصل؟
طالب:. . . . . . . . . السعر الذي يدفعه. . . . . . . . .
لكن من الطرفين محسوب؟ ... بيأكل بقدر ما دفع؟
طالب: .... لأنه حاسب السعر تماماً.
حاسبه مو على هذا الشخص, حاسبه على غيره, هذا نظير
التأمين, التأمين يقولون: الشركات تكسب مبالغ طائلة, وأنت
دفعت ثلاثمائة وستين وصدمت بعشرة آلاف يقول: الشركة
كسبانة, ما كسبت منك كسبت من ناس آخرين، وهذا الذي أكل
عشرة أضعاف ما كسب منها المطعم كسب من ناس آخرين مساكين,
فالغرر موجود، سواء كان على البائع في مثل هذه الصورة أو
على المشتري في الصور الأخرى, الغرر ما هو بيسير، يعني ما
هو والله قال: بيأكل قدر شخص وربع, لا بيأكل عشرة أشخاص,
يأكل أكل, بعض الناس يأكل مستعد يأكل أكل عشرة أشخاص.
طالب:. . . . . . . . .
لا, لا, موجود, شوف الإنسان اللي دخل بنفسية معينة ولو
بدافع شيء, ورأى أنواع وأصناف بعض الناس جبل على أن يستوفي
كامل ويزيد, بعض الناس إذا استأجر شقة طلع الليل والنهار
مخلي المكيفات واللمبات وقال: أنا دافع دراهم لازم آخذ
حقي, مع أنه لا يجوز له أن يستعملها أكثر مما يستعمل ما
يملك ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ. . . . . . . . .
الله يهديه، نعم.
طالب: نص البخاري على الجواز. . . . . . . . .؟
(113/14)
إيه لكن في الجملة في الغالب هؤلاء ناس
متفاهمين ورفقة متآلفة ومتعارفة, وكل واحد أباح الثاني
وحلله.
طالب:. . . . . . . . .
هاذولا ما فيهم إشكال, لكن الإشكال إذا جاء بنفسية معينة
والله أنا دافع مائة ريال بأكل حق مائتين.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . إي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بس هذا تتصور أن واحد من هؤلاء اللي قطوا وتناهدوا على
مبلغ معين مائة ريال إلى أن يرجعوا, يبي يأتي يقول: أنا
والله دافع أنا بأكل أكثر منهم؟ لا.
طالب:. . . . . . . . .
ما يبيعونه الحملات جزآك الله خير.
طالب:. . . . . . . . .
إي معروف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يبيعونه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مسابقات إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ثم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا هو القمار هذا, هذا الميسر, تدري أن السبق لا يجوز إلا
في خف أو نصل أو حافر فقط, هذا الذي جاء فيه النص، وما
عداه حرام تدري؟ شيخ الإسلام -رحمه الله- توسع قليلاً
فأدخل المسائل العلمية التي .. ، العلم الشرعي بعد ما هو
بأي علم؛ لأنه باب من أبواب الجهاد, وإلا فالأصل ما تجوز
إلا في الجهاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا التأمين.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يحتاج شركة تأمين، هذا التأمين، ما يلزم شركة، يروح
المستشفى يقول: أنا أبا ادفع لكم ألف تعالجوني أنا وأسرتي,
هذا التأمين, فاحتمال ما يعالجون أصلاً ويروح عليهم الألف،
ويحتمل يعالجوهم بمائة ألف, الآن الإشكال كبير في مسائل
التأمين الغرر والجهالة ظاهرة, عقود الصيانة أيضاً فيها
غرر وجهالة كبيرة, عقود الصيانة احتمال يحتاج هذا المسجد
في السنة ألف لمبات وشبهه, واحتمال يحتاج إلى عشرين ثلاثين
ألف المكيفات تعطل، وما أدري إيش؟ هذا فيه غرر وإلا ما فيه
غرر؟ لا بد أن تنظر المسائل من نظرة شرعية, أما كوننا
والله الجهة تبي ترتاح إذا مسكت شركة ما يكفي هذا ما يكفي
أبداً, قد يقولون مثلاً: بمتابعة هؤلاء المقاولين، وتعال
ركب لمبة، روح ركب ما أدري إيش؟ أكثر أضعاف مما لو عقدنا
معهم عقداً يكسبون فيه عشرة أضعاف, لكن المسألة معاوضة
شرعية، والغرر ما يجوز بأي حال من الأحوال.
(113/15)
طالب:. . . . . . . . .
ما ينضبط.
طالب:. . . . . . . . .
هل تتصور أن خراب مكيف مثل خراب لمبة؟ احتمال يمضي عشر
سنين ما خربت المكيف, واحتمال تكون كل سنة تخرب, صح وإلا
لا؟ والمسجد هذا مثل المسجد ذاك، وهذا يصير يحتاج إلى عشرة
أضعاف ما يحتاجه ذاك، الغرر موجود، هو صحيح أنهم أريح لهم,
أريح للجهات أنها تمسك شركة وفي نهاية العام هاتوا حسابكم
استلموا, لكن المسألة مسألة شرعية, ما هي بسهلة يعني، فلا
بد أن تبحث، يعني الآن من أنواع التأمين الضمان, تشتري
سيارة مضمونة وش معنى مضمونة؟ معناه إذا خرب شيء يجون
يصلحونها لك في مقابل أنهم زادوا عليك في الثمن, الجوالات
اللهم إلا إذا كان لا وقع له في الثمن, يعني جئت تشتري
جوال بخمسمائة ريال سواء مضمون أو غير مضمون هذا ما فيه
إشكال, هذا تبرع من الشركة, السيارة تشتريها بخمسين ألف,
سواء كانت مضمونة أو غير مضمونة، ما يفرق، هذا تبرع منهم
كونهم يصلحونها لك, لكن الإشكال في كونك تشتريها بقدر زائد
على قيمتها في مقابل هذا الضمان, هذا اللي فيه المعاوضة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يخالف سعرها بس معروف أنه دفع شيء في مقابل شيء,
لكن أنت دفعت لهذه السيارة ضمان خمسة آلاف احتمال ما تخرب
أبد خلال السنة أو خلال المدة كلها, خلال فترة الضمان,
واحتمال أن تصير .... كل أسبوع وأنت جايبها لهم, حتى في
النهاية يقول لك: خذ قيمتها ولا تقبل علينا, ما يوجد هذا؟
هذا ما فيه غرر ولا جهالة؟ ولا فيه ضرر بأحد الطرفين؟! هم
يقولون: إنهم كسبانين على أي حال، شركات التأمين العالمية
يكسبون مبالغ طائلة باعتبار أن مثل هذا الذي يصاب بمثل هذه
الأمور فيحتاج إلى أكثر مما دفع بالنسبة لمن لا يحتاج
أكثر, فهم عقودهم أو دخولهم في شركاتهم على أساس دراسات،
هم يجزمون ويضمنون ربحهم، لكن يبقى أن المسألة عقود فردية
بينك وبينهم, شف عقدك أنت ما تقول: والله الشركة ما هي
بخسرانه, شوف عقدك أنت معهم هل هو صحيح وإلا ليس بصحيح؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدون زيادة تبرع منهم بكيفهم.
طالب:. . . . . . . . .
بدون تبرع.
طالب:. . . . . . . . .
هم إذا تبرعوا يبغوا يردونك يقولون: والله ما علينا منك.
(113/16)
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه التزام أدبي، ما هم في مقابل ثمن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان الفرق له وقع، يعني يقول لك: بضمان
خمسين ألف، وبدون ثمان بأربعين ألف، أو افترض قطعة من
القطع بخمسين أو بأربعين ريال, هذا لا شك أن له وقع في
الثمن، فتكون هذه العشرة في مقابل إصلاحها قد تحتاج إلى
قريب من قيمتها, هذا غرر.
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم -سلمة بن دينار الزاهد-
عن سعيد بن المسيب -الإمام المشهور- أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر" هكذا رواه الإمام مالك،
مرسل باتفاق الرواة، وهو موصول في مسلم وغيره, نهى عن بيع
الغرر؛ لأنه يترتب عليه أكل أموال الناس في غير مقابل ((بم
يستحل المرء مال أخيه؟ )) كيف يستحل المرء مال أخيه؟.
"قال مالك: ومن الغرر والمخاطرة أن يعمد الرجل قد ضلت
دابته، أو أبق غلامه، وثمن الشيء من ذلك خمسون ديناراً،
فيقول: رجل أنا آخذه منك بعشرين ديناراً, فإن وجده المبتاع
ذهب من البائع ثلاثون ديناراً، وإن لم يجده ذهب البائع من
المبتاع بعشرين ديناراً" أولاً هذا غير مقدور على تسليمه،
ومن شرط صحة البيع أن يكون مقدوراً على تسليمه, والغرر
كبير، إن وجده المشتري تضرر البائع، إن لم يجده المشتري
تضرر المشتري, فالغرر ظاهر، وفيه مخاطرة.
"قال مالك: وفي ذلك عيب آخر أن تلك الضالة إن وجدت لم يدر
أزادت أم نقصت" هذه الدابة التي ضلت، وهي ناقة تسوى له
ثلاثة آلاف ريال، فقال: أبى اشتريها منك بنصف القيمة وكلنا
تحت القدر, إن وجدتها فأنا با أكسب، وإن ما وجدتها .. ،
وجدها منكسرة, ووجدها قد هزلت أو زادت، ونمت نماءً متصلاً،
أو منفصلاً، فالضرر لا بد منه لأحد الطرفين.
"قال مالك: في ذلك عيب آخر أن تلك الضالة إن وجدت لم يدر
أزادت أم نقصت أم ما حدث بها من العيوب فهذا أعظم
المخاطرة".
(113/17)
"قال مالك: والأمر عندنا أن من المخاطرة
والغرر اشتراء ما في بطون الإناث من النساء والدواب" شخص
عنده أمه قد زوجها فحبلت فجاءه من يقول له: أنا أشتري ما
فيه بطن هذه الجارية غرر وجهالة, وكذلك الدواب عنده ناقة
حبلت، وقد جاء النهي عن بيع الملاقيح والمضامين على ما
تقدم للغرر والجهالة, ما يدرى أيخرج سوياً أم لا؟ يخرج
حياً أم ميتاً؟ يخرج تام الخلقة أم ناقصاً؟ المقصود أن هذا
الغرر واضح؛ لأنه لا يدرى أيخرج أم لا يخرج؟ فإن خرج لم
يدر أيكون حسناً أم قبيحاً؟ لكنه تبعاً لأمه يجوز بيعه؛
لأنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، قد يقول قائل وهذا
ذكرناه سابقاً: إنه قد يكون سبباً في وفات أمه، تموت أثناء
ولادته، لكنها وقت العقد معروفة معلومة لا فيها غرر ولا
جهالة, وما في بطنها غرر معفوٌ عنه؛ لأنه ثابت تبعاً.
"لأنه لا يدري أيخرج أم لا يخرج؟ فإن خرج لم يدر أيكون
حسناً أم قبيحاً؟ أم تاماً أم ناقصاً؟ أم ذكراً أم أنثى؟
وذلك كله يتفاضل" كل شيء بقيمته, إن كان على كذا فقيمته
كذا، وإن كان على كذا فقيمته كذا، يعني أنت افترض أن جميع
أنواع الغرر تلافوه بالأوصاف جابوا جميع الاحتمالات, وما
يقول: ما يدرى أيخرج أم لا يخرج؟ يقول: إن خرج فهو علي
بكذا, إن لم يخرج فلا شيء علي يستدرك هذا الغرر في العقد,
فإن خرج لم يدر أن أيكون حسناً أم قبيحاً؟ إن كان حسناً
فبكذا، وإن كان قبيحاً فبكذا, أم تاماً أم ناقصاً، إن كان
تاماً فبكذا، وإن كان ناقصاً فبكذا, إن كان ذكراً فبكذا،
وإن كان أنثى فبكذا, إذا تلافوا هذا التفاضل في العقد يجوز
وإلا ما يجوز؟ لماذا؟ إي يملك يملك.
طالب:. . . . . . . . .
لا بهذا اللي فات القريب.
طالب:. . . . . . . . .
بيعتين في بيعة, باعه إن كان كذا فبكذا, وإن كان كذا
فبكذا، بيعتين.
طالب:. . . . . . . . .
(113/18)
هو تلافى نعم بيع الحبلة، لماذا؟
للاحتمالات التي ذكرها, إذا تلافوا هذه الاحتمالات بالعقد,
ما هو أورد عدة احتمالات, ألا يمكن أن يوجد احتمالات أخرى
لم يذكرها الإمام مالك، تندرج تحت النص؛ لأن النص قد يوجد
علل قد يستنبط العلماء منه علل فتبقى عليهم أشياء، قد تكون
أهم مما ذكروها, هذا من وجه, الوجه الثاني أنه حتى لو
تلافينا هذه الاحتمالات، وأبرمنا العقد على التردد إن كان
كذا فكذا وإن كان ... , دخلنا في الباب السابق.
"قال مالك: ولا ينبغي بيع الإناث واستثناء ما في بطونها،
وذلك أن يقول الرجل للرجل: ثمن شاتي الغزيرة ثلاثة دنانير
فهي لك بدينارين، ولي ما في بطنها، فهذا مكروه؛ لأنه غرر
ومخاطرة" ومثل هذا تقدم، وش السبب؟ الآن هذا بيع وإلا
استثناء من بيع؟ عرفنا أن المشتري لا يشتري ما في البطن,
لكن صاحبه هو له، ما بعد باع ولا شرى، نهى عن الثنيا ما لم
تعلم, فكأنه باعه واستثنى ولدها والولد لا يعلم, فهو داخل
في هذا.
"قال مالك: ولا يحل بيع الزيتون بالزيت" وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هو باع ما تستحق أكثر من ثلاثة آلاف؟
طالب:. . . . . . . . . لكن استثنى. . . . . . . . .
الآن وهي حامل تجيب ثلاثة آلاف وإلا ما تجيب؟ وهو قال: أنا
أبيعها عليك بثلاثة آلاف على أساس أن الولد لي, إن قبل
المشتري فهي تستحق أكثر, ولو ضحكوا على أنفسهم وقالوا: ما
تسوى, إن قبل المشتري هذا الشرط فهي تستحق أكثر لا بد, ولو
ضحكوا على أنفسهم قالوا: أن ما لها وقع في الثمن, لا بد.
(113/19)
"قال مالك: ولا يحل بيع الزيتون بالزيت،
ولا الجلجلان" الجلجلان السمسم بدهن الجلجلان, زيت السمسم
ودهن السمسم يسمى الشيرج, وهذا تقدم الكلام فيه "ولا الزبد
بالسمن" ليش؟ لأن بيع الزيت بالزيتون بيع زيتون بزيتون
وزيادة الزيتون, بيع زيت بزيت, بيع شيء بجنسه مع الزيادة،
مع التفاضل, بيع زيت بزيت؛ لأن الزيتون مشتمل على زيت, بيع
الشيء بجنسه مع زيادة من غيره, ولذا لا يجوز بيع الشيء
بأصله الذي هو فيه, ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه كأنه باع
زيت مصفى بزيت غير مصفى مع الزيتون, مع أصله، فلا تتحقق
المماثلة "ولا الجلجلان بدهن الجلجلان، ولا الزبد بالسمن"
لأنه ما صفي يحتاج إلى تصفية، فيكون زائد أو ناقص؛ لأن
المزابنة تدخله, المزابنة يعني المفاضلة وعدم تحقق
المماثلة تدخل ولا بد, ما يمكن ضبطه, حتى لو خرص قيل: هذه
الشجرة من الزيتون فيها عشرة لتر زيت هذه عشر لتر زيت أبى
أعطيك إياها، في مقابل هذه الشجرة, لا يمكن أن تتحقق
المماثلة "لأن المزابنة تدخله؛ ولأن الذي يشترى الحب وما
أشبهه بشيء مسمى مما يخرج منه لا يدري أيخرج منه أقل من
ذلك أو أكثر؟ فهذا غرر ومخاطرة".
(113/20)
"قال مالك: ومن ذلك أيضاً اشتراء حب البان
بالسليخة" دهنه مثل ما تقدم الزيتون بالزيت "فذلك غرر لأن
الذي يخرج من حب البان هو السليخة, فكونه يباع بمثله مع
غيره مما لا يتأكد فيه من تحقق المماثلة يمنع, ولا بأس بحب
البان بالبان المطيب" يعني اشتريت حب بحب هذا مطيب، وهذا
ما طيب؛ لأن ما مع المطيب شيء يسير جداً من قشور وغيرها،
قد لا يكون لها وقع في الاختلاف, يعني هذا مطيب ومنظف
وجاهز، وهذا معه شيء من القشور, فهذا يقول: "ولا بأس بحب
البان بالبان المطيب؛ لأن البان المطيب قد طيب ونش، وتحول
عن حال السليخة" يقول: نش: أي خلط "لأن البان المطيب قد
طيب ونش وتحول عن حال السليخة" السليخة التي هي دهن البان,
فيمنع الدهن بأصله الذي هو فيه, يمنع هذا انتهينا منه، شيء
يباع بمثله إلا أنه هذا نظيف وهذا غير نظيف, لو جاء مثلاً
شخص معه عشرة آصع من التمر منظف وجاهز للرص والكنز منظف
ومر به على الماء ونظف, الثاني فيه ما يقال له: الغبار
الذي يقال له: الغبير أو شيء من هذا في التمر, يؤثر وإلا
ما يؤثر؟ نقول: روح اغسله على شان يصير مثل ذاك؟ ما يلزم؛
لأن هذا لا أثر له عند الكيل.
"قال مالك: في رجل باع سلعة من رجل" على .... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد، لا يباع إلا بمثله.
طالب:. . . . . . . . .
ما أدري والله وش البان؟ العلك؟ يسمونه لبان، لكن عاد هل
هو المقصود؟ ما أدري والله, يراجع -إن شاء الله-.
(113/21)
"قال مالك في رجل باع سلعة من رجل على أنه
لا نقصان على المبتاع: إن ذلك بيع غير جائز، وهو من
المخاطرة، وتفسير ذلك كأنه استأجره بربح" قال: شف أبيع لك
هذه السيارة بخمسين ألف، واستعملها لمدة شهر، واجلبها
وبعها أثناء هذا الشهر أو الشهرين اللي خسر علي, إن نقصت
عن الخمسين تعال أكمل لك, "قال في رجل باع سلعة من رجل على
أنه لا نقصان على المبتاع: إن ذلك بيع غير جائز، وهو من
المخاطرة، وتفسير ذلك كأنه استأجره بربح، إن كان في تلك
السلعة وإن باع برأس المال أو بنقصان فلا شيء له وذهب
عناؤه باطلاً" أو قال: خذ هذه السيارة أنا ببيع سيارتي
وبدلاً ما أطلع بها أنا إلى المعارض بعها بمبلغ كذا بخمسين
ألف اللي يزيد لك واللي ينقص عليك "كأنه استأجره بربح كان
في تلك السلعة, وإن باع برأس المال أو بنقصان فلا شيء له
وذهب عناؤه باطلاً" يعني تعب من غير فائدة "فهذا لا يصلح,
وللمبتاع في هذا أجرة بمقدار ما عالج من ذلك" يعني له أجرة
المثل, طيب إذا قال له: صفِ لي خمسين ألف والقدر الزائد
لك, فجاءت بسبعين ألف كم يصير له؟ يصير له عشرين, التوكيل
صحيح وإلا مو بصحيح؟ نعم؟ لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الجمهور على أنه غير صحيح؛ لأنها أجرة مجهولة,
ابن عباس يصحح مثل هذا, كل هذا منصوص عليه في البخاري, ابن
عباس يصحح مثل هذا العقد على ما اتفقا وما اشترطا,
والمسلمون على شروطهم, يعني ما جابت إلا خمسين ما له شيء,
فإن جابت سبعين ثمانين تسعين له ما اتفقا عليه, والجمهور
يقولون: العقد باطل وليس له إلا أجرة المثل, يرجع فيه
حينئذٍ إلى أجرة المثل, فإن كان أجرة المثل اثنين بالمائة
ما يأخذ أكثر من هذا, خمسة بالمائة ما يأخذ أكثر من هذا,
خمسمائة ريال على السيارة كما هو متعارف عليه ما يأخذ أكثر
من هذا, ليس له إلا أجرة المثل.
طالب:. . . . . . . . .
إلا شرط؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(113/22)
هذا الذي نتكلم فيه, ابن عباس يقول: ...
العشرين هذه لو باعة بثلاثين عشرة له، ولو باعة بأربعين
العشرين له, ولو باعة بمائة له ثمانين, المسلمون على
شروطهم, وجمهور أهل العلم على أنه ليس له إلا أجرة المثل,
والعقد ليس بصحيح؛ لأنها الأجرة مجهولة.
"فهذا لا يصلح, وللمبتاع في هذا أجرة بمقدار ما عالج من
ذلك، وما كان في تلك السلعة من نقصان أو ربح فهو للبائع
وعليه" إن جابت ستين له العشرة, إن جابت أربعين عليه
العشرة "وإنما يكون ذلك إذا فاتت السلعة وبيعت" يعني تم
العقد واستلمها المشتري، واستعملها واستهلكها إن كانت مما
يؤكل هذا لا يمكن رده, لكن إذا أمكن الرد فالعقد ليس
بصحيح, ترد "وإنما يكون ذلك إذا فاتت السلعة وبيعت، فإن لم
تفت فسخ البيع بينهما".
"قال مالك: فأما أن يبيع رجل من رجل سلعة يبت بيعها ثم
يندم المشتري فيقول للبائع: ضع عني فيأبى البائع ويقول: بع
فلا نقصان عليك، فهذا لا بأس به".
"قال مالك: فأما أن يبيع رجل من رجل سلعة يبت بيعها"
يشتريها قال: هذه سيارتي أبى أبيعها بخمسين ألف، ويرضى
المشتري وتدفع الخمسين, ثم يندم المشتري ثم يقول له
البائع: اذهب بها إلى السوق وبعها إن نقص شيء أنا أكمله
لك, الآن هل هذا مما يلزم البائع أو هذا فضل منه ومعروف؟
فضل؛ لأن العقد انتهى بالإيجاب والقبول، لا يلزمه شيء
وإنما فضل منه، قال: إذا خسرت أنا أعوضك, فمثل هذا لا
يشترط فيه ما يشترط في العقود؛ لأنه فضل مثل الهبة ومثل
القرض ومثل الإرث مثل غيره مثل عقود ...
طالب: مثل الإقالة.
مثل الإقالة "فيأبى البائع ويقول: بع فلا نقصان عليك فهذا
لا بأس به؛ لأنه ليس من المخاطرة وإنما هو شيء وضعه له،
وليس على ذلك عقدا بيعهما، وذلك الذي عليه الأمر عندنا"
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(113/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(11)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الملامسة والمنابذة
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-: "نهى عن الملامسة والمنابذة".
قال مالك -رحمه الله-: "والملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا
ينشره ولا يتبن ما فيه، أو يبتاعه ليلاً ولا يعلم ما فيه،
والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه
ثوبه على غير تأمل منهما، ويقول: كل واحد منهم هذا بهذا،
فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة.
قال مالك -رحمه الله تعالى- في الساج المدرج في جرابه أو
الثوب القبطي المدرج في طيه: إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا
وينظر إلى ما في أجوافهما، وذلك أن بيعهما من بيع الغرر،
وهو من الملامسة.
قال مالك -رحمه الله-: وبيع الأعدال على البرنامج مخالف
لبيع الساج في جرابه والثوب في طيه، وما أشبه ذلك فرق بين
ذلك الأمر المعمول به، ومعرفة ذلك في صدور الناس، وما مضى
من عمل الماضين فيه، وأنه لم يزل من بيوع الناس الجائزة
والتجارة بينهم التي لا يرون فيها بأساً؛ لأن بيع الأعدال
عن البرنامج على غير نشر لا يراد به الغرر، وليس يشبه
الملامسة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الملامسة والمنابذة
مفاعلة من اللمس والنبذ، ولا تكون إلا بين اثنين هذا ما
تقتضيه الصيغة غالباً، وقد تكون من واحد كالمسافرة
والمطارقة والمعاقبة.
قال -رحمه الله تعالى-:
(114/1)
"حدثنا يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن
حبان" ابن واسع "وعن أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان،
كلاهما "عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة أن
النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن الملامسة" يعني عن
بيع الملامسة، عن عقد الملامسة، مفاعلة من اللمس
"والمنابذة" أيضاً مفاعلة من النبذ، وفسر الإمام مالك
-رحمه الله تعالى- هذين العقدين عقد الملامسة وعقد
المنابذة بقوله: "والملامسة أن يلمس الرجل" يلمس من باب
ضرب، لمس يلمِس, ويقال: من باب نصر يلمُس، نصر ينصُر "أن
يلمس الرجل الثوب ولا ينشره" ثياب مدرجة ملفوفة وفي
الدواليب، في الرفوف، يلمس الثوب، يلمس منه جانب منه،
ويقول: هذا الثوب عليك بكذا، من غير أن ينشره وينظر في
تفصيله وطوله وعرضه، وجودة خياطته، بحيث لا ينشره، وهذا لا
شك أن في غرراً شديداً، لا سيما وأن الخياطة في السابق
ليست كالخياطة في الحاضر، لكن لو كان في الكرتون معروف
الأصيل ومقاسه هنا ولونه هنا، هذا ما يحتاج إلى أن ينشر،
وليس فيه غرر، معروف عند الجميع، تعرف أنت مقاسك واللون
الذي تريد، والنوعية التي تريدها، هذا ما فيه غرر، لكن لو
تبين أن الذي في الكرتون غير مطابق لما كتب عليه هذا غرر،
وإن خرج الثوب مطابقاً لما كتب عليه ما فيه غرر ...
طالب: ليس هناك غرر وإلا خلاف العقد؟
لا فيه غرر، فيه جهالة.
طالب: لا إذا صار غير الوصف، ما يصير فيه خلاف العقد،
المتعاقد أنا متعاقد على أن أشتري هذه المقاسات، مخالف
العقد.
هو الغرر مخالفة، الغرر مخالفة، لو صارت موافقة ما صار فيه
غرر.
"الملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يتبين" يعني
لا يظهر له ما فيه، وقد يكون فيه عيب فيه خروق، فيه شقوق،
وفيه رقع من غيره، أو يبتاعه ليلاً يشتريه ليلاً، ولا يعلم
ما فيه، ومن ذلك تعمد أصحاب أو بعض أصحاب المحلات، وضع
الأنوار التي تخرج الأشياء، تظهر الأشياء على غير حقيقتها،
الأنوار لها دور في إظهار الشيء، فهذا فيه غرر بحيث لو رآه
في النهار في غير هذه الأنوار، ورآه يختلف عما عرض به هذا
غرر.
(114/2)
"أو يبتاعه ليلاً ولا يعلم ما فيه" هذا
بناء على أن الملامسة المفاعلة من طرف واحد، يعني على خلاف
الأصل، قلنا: إن الأصل فيها، والغالب أنها تكون بين طرفين،
وعلى هذا إذا كانت على بابها فالمقصود به أن تلمس هذا
الثوب، ويلمس أيضاً بضاعة عندك، أي ثوب لمسته فهو في أي
كتاب لمسته، أنت عندك كتب وهو عنده ثياب، أي ثوب تلمسه من
دون أن تتبين ما فيه بأي كتاب يلمسه، ولا يظهر منه ما يدل
عليه، فتكون بين طرفين، مفاعلة.
(114/3)
"والمنابذة أن ينبذ" يطرح " الرجل إلى
الرجل ثوبه، وينبذ الآخر إليه ثوبه" كل واحد ينبذ على
الثاني ثوبه "من غير تأمل بينهما" ما يتركان فرصة لكل واحد
يتأمل، ما نبذ إليه، بمعنى أنه يلزم العقد بمجرد النبذ،
والمفاعلة ظاهرة في مثل هذه الصورة؛ لأنها من الطرفين، فلا
يتأمل كل واحد منهما، ولا ينظر، ولا يقلب الثوب بحيث ينظر
إلى حقيقته الكاشفة "ويقول كل واحد منهما: هذا بهذا" على
سبيل الإلزام على ثبوت العقد بمجرد النبذ "فهذا الذي نهي
عنه من الملامسة والمنابذة" لكن لو ترك كل واحد منهما
للآخر الخيار؛ كل واحد نبذ إلى الثاني ثوبه وقال: يا الله
إن جاز لك جزمنا، ويقول الثاني كذلك ما يدخل في المنابذة؛
لأن النبذ بذاته لا يترتب عليه شيء، إنما نهي عنه لما
يترتب عليه من الغرر الظاهر والجهالة الواضحة، لكن لو كان
ذلك على سبيل الخيار، وأن العقد لا يلزم حتى يتم النظر فلا
مانع من هذا، منهم من يرى أن المنابذة مرادف لبيع الحصاة،
وهو أنه يأخذ حصاة ويقول: خذ هذه الحصاة فأنبذها على هذه
المجموعة من الثياب أو من الأغنام، أو من أي بضاعة كانت،
أي شيء تقع عليه هذه الحصاة فهو عليك بكذا، فالجهالة هنا
قد تقع الحصاة على ثوب بمائة، وقد تقع على ثوب بخمسين، وقد
تقع على ثوب بمائتين، ويحدد له السعر بمائة مثلاًًً، هذا
غرر الجهالة، لكن لو كانت الأسعار واحدة، دخل محل أبو
ريالين وقال: خذ هذه وانبذ على اللي تبي بريالين في غرر
وإلا ما فيه؟ الغرر من جهة أن الحصاة قد تقع على سلعة لا
يريدها، قد تقع على سلعة لا يريدها، يعني يشتري سلعة
وسعرها محدد، ثم تقع هذه الحصاة ما كل الناس يصيب ما يريد،
نعم، فإذا وقعت على شيء لا يريده الجهالة جاءت من تحديد
السلعة، العقد صحيح وإلا غير صحيح؟ والغرر كبير وإلا غير
كبير؟ الغرر شديد وإلا غير شديد؟ دخل على محل مستوي
الأثمان كل حبة بمائة معروف أو بريالين مثلاً، فقال: خذ
هذه الحصاة وارميها على ما شئت، أي شيء تقع عليه فهو
بريالين، ما الفائدة من النبذ في مثل هذه الصورة؟ النبذ في
الصور الأولى التي فيها الغرر أحدهما مستفيد فائدة كبيرة،
والثاني متضرر وهذا لا شك أنه مثل هذه الصورة أنها لا تجوز
للغرر
(114/4)
والجهالة، لكنه هنا لا يوجد أحد مستفيد
فائدة أكثر من العادة، فرماها وهو يريد سلعة، يريد مأكول
ووقعت على ملبوس، لا يرده السعر واحد، هذا فيه غرر وإلا ما
فيه؟ فيه غرر في أصل السلعة، قد يقول قائل: ماذا يستفيد
الطرفان؟ ماذا يستفيد صاحب المحل من هذه المنابذة أو من
هذا النبذ؟ يستفيد وإلا ما يستفيد؟ ما يستفيد لأنه سواء
اشترى الملبوس أو المأكول كله بسعر واحد، اللهم إلا إذا
كانت بعض السلع أدرج من بعض فهو يريدها أن تقع على السلعة
التي لا تدرج أو لا تمشي فهو مستفيد من هذه الحيثية
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن سعرها بريالين ماشية ويش لونها هذه؟ شراها هذا
وإلا شراها غيره.
على كل حال النبذ كله في مثل هذه الصور كلها لا يجوز،
والجهالة موجودة والغرر ظاهر، لكن بعض الناس يصيب إذا نبذ
يصيب ما يريد، الناس يتفاوتون في الرمي منهم يصيب الهدف
مائة بالمائة، ومنهم من يصيب تسعين بالمائة، ومنهم من لا
يصيب ولا خمسين بالمائة يرمي هنا وتروح هناك، يتفاوتون
الناس بلا شك، على كل حال هذه البيوع كلها لا تجوز؛ لأن
فيها الغرر والجهالة، أما ما طريقه النظر لا شك أن الأعمى
لا يدرك إدراك المبصرين، لكن إذا اشترى سلعة وبانت على غير
ما يريد، يريد أسود فأعطي أخضر، قال: أريد ثوب أسود فأعطاه
صاحب المحل ثوب أخضر، هذا مثل الصفة خيار الخلف في الصفة
ثابت له.
طالب:. . . . . . . . .
(114/5)
يريد ثوباً جيداً، هو يريد ثوب بس، فأعطي
ثوب، إذا ما حدد أوصاف فهو أي ثوب يعطاه يقبله، فإذا اختلف
عما حدده له الخيار، إذا ما اختلف واشترى شراء مطلقا، ً
ولم يذكر أي وصف، والسلعة هذه قيمتها ما فيها غبن، ما له
خيار؛ لأنه هو الذي فرط، علماً بأن من العميان من يدرك
الألوان ومن هو أدق بالاختيار من المبصرين، أعمى يشتري
سيارة فإذا لمسها عرف موطن السمكرة وعرف هذا أصلي هذا
تقليد يعرف، وأعمى ينزل في الخزان الفوزي يشوف التلييس هل
هو ناعم وإلا ما هو بناعم، والمبصرين ما نعرف أحد نزل إلى
الخزان الفوزي، وينظر أعالي الأبواب هل هي دهانها جيد،
وصبغتها جيدة، وملساء وإلا ... ، بعض الأبواب ما تصبغ
أصلاً مع الحرف الأعلى، والمبصرين ما يبحثون عن مثل هذا،
وقد رأينا من العميان من يطلع على سلم ويلمس أعلى الباب،
يشوف هل هو ناعم؟ هل هو مصبوغ؟ يصلحون السيارات ويهندسون
الساعات في علل في السيارات ما أدركها المبصرون، وأدركها
العميان، لا شك الأعمى عنده تعويض في هذا الباب، فإذا فرط
ما طلب اللون الذي يريده وأعطي هذا طلبه طلب ثوب وأعطي
ثوب، لكن هل اختلف الثوب عن وصفه؟ ما اختلف.
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أي شيء فيه غرر ما يكفي التراضي، ما يكفي التراضي.
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك في الساج المدرج" الساج قالوا: الطيلسان المدرج
في جرابه لكن هل الطيلسان يدرج في جراب؟ "في جرابه" يعني
في غلافه في علبته، أي شيء في جرابه يعني يدرج في .. ،
كالسيف في قرابه، وأي سلعة تودع في ما يغطيها ويشملها
كالعلبة مثلاً، أو الكرتون.
يقول: "أو الثوب القبطي المدرج في طيه: إنه لا يجوز بيعهما
حتى ينشرا" فإذا نشر كل واحد منهما، وعرفت أوصافه بدقة جاز
بيعه، بعض المحلات ما يرضى أن تفك الغلاف؛ لأن الزبون الذي
يأتي بعدك يظنه مستعمل، فما يرضى أن تفك الغلاف من الكرتون
أو البلاستيك، يقول: هذا مستعمل، لا بد أن ينشر، ولا بد أن
تعرف حقيقته بدقة.
(114/6)
يقول: "إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا،
وينظر إلى ما في أجوافهما" من السلع نشره يضره ويؤثر فيه،
مثل ما ذكرنا في الدرس الماضي البطيخ مثلاً، قال: افتح لي
فوجدها تنزل قليلاً عما طلب، قال: ما تصلح، افتح لي ثانية
وثالثة وتركها، هذه تفسد على صاحبها، فمثل هذه يكفي فيها
غلبة الظن، ويتجاوز فيها عن الغرر اليسير، لو جاء إلى شخص
يبيع بيض، وقال: الصفار فيها كبير وإلا صغير؟ اكسر، خلنا
نشوف، يوافق على هذا؟ ما يمكن أن يوافق على مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم احتمال أن يكون فيها صفارين، أو البائع قال: فيها
صفارين مثلاً، وقال: اكسر خلني أشوف، خلاص تتلف إذا كسرها،
فمثل هذا نشره يفسده، فالذي يفسده ما يطلب ... ، مثل ملح
وقع فيه نجاسة، أو كتاب وقعت عليه نجاسة هل يلزم غسله
بالماء؟ غسله بالماء يتلفه مثل هذا لا يلزم، وإن كان الأصل
في إزالة النجاسة يجب إزالة النجاسة، لكن إذا كان غسله
بالماء يتلفه اكتفي فيه بما دون ذلك، ومثل هذا يتلفه نشره.
"وينظر إلى ما في أجوافهما" أي ما لم يظهر منهما حال الطي،
والجوف هنا مشبه بجوف الحيوان "وذلك أن بيعهما من بيع
الغرر، وهو من الملامسة" المنهي عنها، النظر الإجمالي لا
يكفي في السلعة التي تشمل على أجزاء، ولها عدة أوصاف، فلا
تتبين إلا بنشرها.
قال مالك: "وبيع الأعدال على البرنامج ... "
طالب:. . . . . . . . .
يا شيخ أحسن الله إليك. ....
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعض السلع غالية جداً. . . . . . . . .
اللي هو الأنموذج، اللي بعده على طول الأنموذج.
(114/7)
"قال مالك: وبيع الأعدال على البرنامج
مخالف لبيع الساج بجرابه" الساج بجرابه تقدم أنه فيه غرر،
وفيه جهالة "والثوب في طيه، وما أشبه ذلك فرق بين ذلك"
يعني في الحكم "الأمر المعمول به ومعرفة ذلك في صدور
الناس" أي متقدموهم "وما مضى من عمل الماضين فيه، وأنه لم
يزل" أي مستمر "من بيوع الناس الجائزة، والتجارة بينهم
التي لا يرون بها بأساً" فهذا جائز بيع البرنامج الذي هو
الأنموذج، الأعدال جمع عدل، وهو الكيس الكبير، فيه بضاعة،
كيس فيه مائة كيلو من الرز مثلاً، أو من القمح، أو من البن
مثلاً، أو من الهيل كيس يحتاج أن تنشره ليرى جميع حباته؟
ما يحتاج، لكن لو أخذت منه شيئاً يسراً، وأريته إياه يكفي
وإلا ما يكفي؟ يكفي؛ لأن هذا اليسير فيه دلالة على ما في
هذا الكيس، لكن لو اختلف وضع نصف الكيس الأسفل رديء،
وأعلاه جيد، وأخذ لك من الجيد وورّاك، لك خيار الخلف؛ لأنه
اختلف، أما إذا لم يختلف فهذا اليسير، وهذا البرنامج، وهذا
الأنموذج يكفي للدلالة عليه.
وما زال عمل الناس على هذا، يدورون بين المحلات بشيء يسير
يستدلون به على شيء كثير، هذا لا إشكال فيه، ولا يلزم نشر
بقية البضاعة، لكن مثل ما سأل الأخ عن الصور، تأتي إلى محل
مثلاً مفروشات يوريك الكتلوج، والكتلوج فيه قطع من هذه
المفروشات، لكن هل هذه القطع تدل دلالة دقيقة على هذه
المفروشات؟ إذا كانت سادة تدل، إذا كانت مشجرة مثلاً هذه
المفروشات، واختار لك قطعة من أفضل النقوش التي في الفرشة
تختلف وإلا ما تختلف؟ تختلف، والصورة محل نجارة مثلاً
يقول: أنا أصنع لك ماسة أو دالوب أو غرفة نوم أو أي شيء
على هذه الصورة، الصورة تستهويك؛ لأنها صورت في وقت إما
الكهرباء شغال، ومن زوايا معينة، وظهرت جميلة جداً، لما
رأيتها على الطبيعة اختلفت، يقول: يا أخي هذه صورتها، تعال
شوف، نفس الشيء، وقل مثل هذا في محلات الخياطة الذين عندهم
نماذج مصورة على دفاتر، وغير ذلك، تسمى برمودات وإلا إيش
هي؟
طالب: كتلوج.
هو كتلوج يسمونه، وقد يسمونه بالنسبة للنساء برمودة، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بردة يسمونها بردة، نعم.
(114/8)
المقصود أن في مثل هذه الأمور تختلف،
أحياناً عند التطبيق لا يستطاع التطبيق بدقة، فمثل هذا إذا
اختلف فللزبون خيار الخلف، أما ما يطبق بدقة فهذا يكفي فيه
هذا الأنموذج.
"وأنه لم يزل من بيوع الناس الجائزة والتجارة بينهم التي
لا يرون فيها بأساً؛ لأن بيع الأعدال على البرنامج على غير
نشر لا يراد به الغرر، وليس يشبه الملامسة" لكن الثياب
مائة ثوب غير منشورة، وفيها ثوب من نوعها منشور يجوز وإلا
ما يجوز؟ تشتري هذه المائة بناء على أنك رأيت فرداً من
أفرادها منشور، هل نقول: هذه ملامسة وفيها غرر، وما
نشرناها، لا بد أن ننشرها كلها؟ أو يقول: يكفي ما دام
رأينا واحد والتزم البائع بأنها كلها من جنس هذا الواحد؟
يصير أنموذج أو البرنامج، من نفس البيع، واضح وإلا ما هو
واضح؟ نعم.
أحسن الله إليك.
باب: بيع المرابحة
حدثني يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في البز
يشتريه الرجل ببلد ثم يقدم به بلد آخر فيبيعه مرابحة أنه
لا يحسب فيه أجر السماسرة، ولا أجر الطي، ولا الشد ولا
النفقة، ولا كراء بيت، فأما كراء البز في حملانه فإنه يحسب
في أصل الثمن، ولا يحسب فيه ربح إلا أن يعلم البائع من
يساومه بذلك كله، فإن ربحوه على ذلك كله بعد العلم به فلا
بأس به.
قال مالك -رحمه الله-: فأما القُصارة ...
القِصارة.
أحسن الله إليك.
بالخفض؟
القِصارة، نعم.
أحسن الله إليك.
والخياطة والصباغ، وما أشبه ذلك فهو بمنزلة البز يحسب فيه
الربح كما يحسب في البز، فإن باع البز ولم يبين شيئاً مما
سميت أنه لا يحسب له فيه ربح، فإن فات البز فإن الكراء
يحسب ولا يحسب عليه ربح ....
فإن فات البز فإن الكراء يحسب ....
نعم القصارة.
لا كلها قصارة تجارة نجارة خياطة كلها بابها واحد، القصار
كالقصاصة، القصارة بالضم كالقصاصة، هي جزء من الشيء.
أحسن الله إليك.
فإن باع البز ولم يبين شيئاً مما سميت أنه لا يحسب له فيه
ربح فإن فات البز فإن الكراء يحسب ولا يحسب عليه ربح فإن
لم يفت البز فالبيع مفسوخ بينهما إلا أن يتراضيا على شيء
مما يجوز بينهما.
(114/9)
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يشتري
المتاع بالذهب أو بالورق والصرف يوم اشتره عشرة دراهم
بدينار فيقدم به بلداً فيبيعه مرابحة، أو يبيعه حيث اشتراه
مرابحة على صرف ذلك اليوم الذي باعه فيه، فإنه إن كان
ابتاعه بدراهم وباعه بدنانير أو ابتاعه بدنانير وباعه
بدراهم، وكان المتاع لم يفت فالمبتاع بالخيار إن شاء أخذه
وإن شاء تركه، فإن فات المتاع كان للمشتري بالثمن الذي
ابتاعه به البائع، ويحسب للبائع الربح على ما اشتراه به
على ما ربحه المبتاع.
قال مالك: وإذا باع رجل سلعة قامت عليه بمائة دينار للعشرة
أحدى عشر، ثم جاءه بعد ذلك أنها قامت عليه بتسعين دينار،
وقد فاتت السلعة خيّر البائع، فإن أحب فله قيمة سلعته يوم
قبضت منه، إلا أن تكون القيمة أكثر من الثمن الذي وجب له
به البيع أول يوم، فلا يكون له أكثر من ذلك، وذلك مائة
دينار وعشرة دنانير، وإن أحب ضرب له الربح على التسعين إلا
أن يكون الذي بلغت سلعته من الثمن أقل من القيمة فيخير في
الذي بلغت سلعته، وفي رأس ماله وربحه، وذلك تسعة وتسعون
ديناراً.
قال مالك: وإن باع رجل سلعة مرابحة فقال: قامت علىَّ بمائة
دينار، ثم جاءه بعد ذلك أنها قامت بمائة وعشرين ديناراً
خير المبتاع، فإن شاء أعطى البائع قيمة السلعة يوم قبضها،
وإن شاء أعطى الثمن الذي ابتاع به على حساب ما ربحه بالغاً
ما بلغ إلا أن يكون ذلك أقل من الثمن الذي ابتاع به
السلعة، فليس له أن ينقص رب السلعة من الثمن الذي ابتاع
به؛ لأنه قد كان رضي بذلك، وإنما جاء رب السلعة يطلب
الفضل، فليس للمبتاع في هذا حجة على البائع بأن يضع من
الثمن الذي ابتاع به على البرنامج.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع المرابحة
(114/10)
والمرابحة كما تقدم مفاعلة، مثل الملامسة
والمنابذة، والربح يكون من الطرفين، لكن هنا من طرف واحد،
يشتري السلعة بثمن معين، ثم يقدم به السوق فيقول: من
يعطيني بها ربح كذا عشر بالمائة ويكفي، عشرين بالمائة،
عشرة دراهم ربح، دينار مكسب فيصدق، فيلزمه أن يصدق، ولا
تجوز التورية في مثل هذا، فإذا قال: اشتريته بمائة، قال:
تعطيني به عشرة دراهم؟ انتهينا؟ قال: نعم، تعطيني عشرة
بالمائة؟ قال: وافقت، قال: أنا اشتريته بمائة درهم، هل
البيع لازم قبل معرفة الثمن أو غير لازم؟ بمعنى أنه لما
قال له: اشتريته بمائة، قال: لا أعطيك مائة وعشرة وهو ما
يستحق إلا سبعين ثمانين؟ يعني معنى المرابحة هنا هل معناه
أنه يثبت العقد بمجرد معرفة نسبة الربح؟ صدقه على هذا، ما
الذي دعاهما؟ ما الذي دعا البائع أن يبيع مرابحة؟ لأن
السلعة في نظره لا تستحق هذه القيمة، لو كانت تستحق أكثر
هل يجرؤ مثلاً شخص اشترى سلعة بنصف قيمتها أن يقول: من
يعطيني مكسب مائة بالمائة؟ ما يمكن، يمكن أن السامع
المشتري يظنها اشتريت بقيمة مثلها، فلا تستحق من الربح إلا
عشرة بالمائة، لكن يلجئ البائع إلى المرابحة حينما تكون
السلعة داخلة عليه بثمن مرتفع، وإلا لو كانت بثمن منخفض
اشتراها بنصف قيمتها ما يمكن أن يقول: من يكسبني مائة
بالمائة، وإنما يقول: أريد أن أبيعها بمائة، وقد اشتراها
بخمسين وهي تستحق المائة تمشي، لكن لو قال: أعطني ربح مائة
بالمائة ما وافقت، لكن إذا كانت غالية اشتراها بمائة وهي
ما تستحق إلا ثمانين، قال: مشتريها برأس مالي، أتنازل عن
أتعابي كلها، وقد يتظاهر بأنه مراعاة للمشتري، وتيسيراً
عليه، وفي الحقيقة يريد التخلص منها، فالمرابحة إنما يلجئ
إليها إما عند جهل المشتري بحقيقة السلع وأقيامها، أو لكون
البائع -مريد البيع- اشتراها بثمن مرتفع، فهل يلزم البيع
بمجرد معرفة النسبة وقبولها من قبل المشتري، إذا لم يلزم
البيع فلا مرابحة، حتى يبين أصل الثمن ما صارت مرابحة، لو
قال مثلاً: كسبني عشرة بالمائة، قال: أخبرني أولاً، لا
أستطيع أن أكسبك حتى أعرف الثمن، قال: أنا اشتريتها بمائة،
قال: قبلت، ما صارت مرابحة، صار باع عليه مائة وعشرة
مباشرة، المرابحة أن
(114/11)
يقول له: بعتك بربح كذا، أو بنسبة كذا هذه
المرابحة، وعلى هذا يلزم العقد بمجرد قبول النسبة، وإن ظهر
أن ثمنها مرتفع مع النسبة التي وضعت عليها صار للمشتري
خيار الغبن، يعني قال لك: أنا اشتريته بقيمة ما، لا أخبرك
بها، لكن أنا يكفيني أنا جبتها من بلد كذا، سافرت وجئت بها
من مصر أو من الشام، ويكفيني على أتعابي عشرة بالمائة، ثم
لما أخبره بالثمن قال: قبلت، فلما أخبره بالثمن وجد أنها
تباع بالأسواق بأرخص من هذا، مثل هذا له الخيار أو ليس له
الخيار؟ يعني غير خيار المجلس، لو ترتب لزوم العقد على
بيان الثمن ما صارت مرابحة، صح وإلا لا؟ يعني لو قال:
قبلت، لكن لا بد أن أعرف الثمن قبل، ولا يلزم البيع إلا
بعد أن ... ، عرفنا أنها بيعت بمائة وعشرة، ما هي مرابحة،
بينت قيمتها، لكن المرابحة بناء على أنه إذا قبل النسبة
قبل السلعة، وعلى هذا يلزمه أن يذكر القيمة مجردة، ما
يقول: أنا والله صرفت عليها نقل بكذا، وسمسرة بكذا،
واستأجرت لها مستودع بكذا، وصرفت مكالمات كذا، وسكنت في
فندق كذا، ويضيف كل هذه الأمور عليه، يضيف وإلا ما يضيف؟
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "قال مالك: الأمر المجتمع
عليه عندنا في البز يشتريه الرجل ببلد، ثم يقدم به بلد آخر
فيبيعه مرابحة" عليه أن يصدق، لا يجوز له أن يوري، يقول:
أنا -والله- اشتريتها بألف، ويقسم أنه نقد بها ألف،
والمشتري يفهم أنه ريال، ويتبين ليرة مثلاً، أو أردى من
ذلك، يقسم الله أنه اشتراها بألف، ويتبين أنه بألف قرش
مثلاً، لا يجوز، هذا كذب، فالتورية في مثل هذا لا تجوز، لا
بد أن يبين.
(114/12)
"الأمر المجتمع عليه عندنا في البز يشتريه
الرجل ببلد، ثم يقدم به بلد آخر فيبيعه مرابحة أنه لا يحسب
فيها أجر السماسرة" يحسبه من النسبة، ولا يحسبه من أصل
المال "ولا أجر الطي ولا الشد" التحميل والتنزيل والنقل
"ولا النفقة، ولا كراء بيت" يقول: اشتريت سيارة من
الإمارات هذا ثمنها، ثم يحسب عليها الزيت والبنزين والنفقة
كلها، ولا نفقة نفسه، أجور فنادق، وأكل وشرب، ما يحسب عليه
هذا "ولا كراء بيت، فأما كراء البز في حملانه فإنه يحسب في
أصل الثمن" يعني احتاج إلى أن يحمله على سيارة، فحسب أجرة
السيارة مع قيمة الشراء باعتبار أن قيمة هذه السلعة واصلة
في بلدنا، ويش الفرق بين أجر السماسرة وأجر الطي والشد
والحملان والتنزيل والنفقة وكراء البيت؟ وش الفرق بينه
وبين كراء البز في حملانه؟ الآلة التي تنقله من بلد إلى
بلد؟ في فرق؟ لكن لو بين وقال: هذه السلعة اشتريتها بمبلغ،
وأضفت إلى هذا المبلغ من النفقات إلى أن وصلت هنا، وبين
ووضح، يقول: خسرت عليها، وتعبت أتعاب كثيرة، فيكفيني منك
خمسة بالمائة زيادة على هذه الأتعاب، أعطيت الدلال كذا،
وأنفقت كذا، وصرفت كذا، ورحت وجيت، ويكفيني عن تعب بدني
نسبة خمسة بالمائة، في ما يمنع من قبول هذا إذا بين
للمشتري؟ لأن هذا الرجل إنما ذهب إلى تلك البلاد ليكسب
وإلا ليخسر؟ ليكسب، فإذا بيّن كفى.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه ولا كراء البيت، فأما كراء البز في حملانه، يعني
ما يلزم بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
لا على كلام الإمام مالك فإنه يحسب في أصل الثمن.
(114/13)
"ولا يحسب فيه ربح" يعني يضاف على أصل
الثمن، لكن لا يدخل في النسبة "إلا أن يعلم البائع من
يساومه بذلك كله" فإذا أخبره اشتريت هذه السلعة وأضفت
عليها أجور وأتعاب، لكن من الأتعاب ما يخص السلعة؛ لأنه
تعب واستأجر فندق ومكالمات، لكن هذه السفرة اشترى فيها هذه
السلعة وسلعة أخرى، هل يحسب نفقاته وكراءه وفندقه، وما
أصرفه من مكالمات على هذه السلعة بعينها؟ أو يقسم هذه
النفقات على جميع السلع؟ لا بد أن يبين وبدقة، ما الذي
يلحق هذه السلعة من هذه النفقات، وما الذي لا يلحقها، وبعض
الناس يوري ويتسامح في مثل هذا، ويقول: تعبنا عليها بكذا
وكذا، وتعرف الدنيا كل شيء غالي، وهناك الأجور مرتفعة،
وهناك النفقات طائلة، ولا تمشي الأمور إلا بصعوبة، وتعرف
اللي يروحون إلى البلدان الأخرى لهم طرقهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يؤول إلى العلم، هذا يؤول إلى العلم، ما يؤول إلى العلم في
حكم المعلوم، هذا شيء يؤول إلى العلم، بمعنى أنه لو قال
له: ما في ذمتي لك، بحساباتهم، قد يكون مدين، قروض وديون
وأثمان في ذمتهم مبالغ، فيقول: أعطني هذا البيت بما في
ذمتك لي، هذا غير معلوم، لكنه يؤول إلى العلم، إذا حسبوه،
جابوا القلم والآلات وكسروا وعرفوا كم يبقى، فكونه يؤول
إلى العلم هذا ما فيه إشكال.
الطالب. . . . . . . . .
كيف؟
شوف الإمام مالك حينما ذكر ما يتفاوت فيه بعض الأشياء التي
بحيث تخفى على المشتري، وفي الجملة يعني في الصورة التي
ذكرنها كل منهم يعرف الشيء التقريبي، ويعرف أن هذا في ذمته
مبالغ تزيد على كذا، وذاك يعرف أنها لن تنقص عن كذا
ومتقاربة، لكن إذا كانت متفاوتة تفاوت بين، وسنين طويلة،
ولا يمكن أن تحسب بدقة، أو إذا حسبت بلغت على خلاف المتوقع
بشيء كثير، باع عليه البيت باعتبار أن ما في ذمته يبلغ
مليون مثلاً، ثم لما حسب ما وجد إلا خمسمائة ألف، لا مثل
هذا ما يكفي، لا بد أن يعلم.
(114/14)
"إلا أن يعلم البائع من يساومه بذلك كله،
فإن ربحوه على ذلك كله بعد العلم به فلا بأس به" ولكن
يشتري كتاب بألفين جنيه مصري مثلاً، ثم يأتي ويقول: أريد
عشرة بالمائة، قال: شريت، كم أنت شاريه؟ قال: والله شاريه
بألفين، المشتري يظنها ريالات، والبائع ما بيّن، فدفع
ألفين ومائتين، بناء على أنها عشرة بالمائة، لكن لما تبين
الألفين ألف ومائة أو ألف وشيء يسير، لا بد من البيان،
والسكوت عن مثل هذا كتمان، لا يجوز، كتمان لا يجوز.
"قال مالك: فأما القِصارة والخياطة والصباغ وما أشبه ذلك
فهو في منزلة البز، يحسب فيه الربح كما يحسب في البز" هذه
الأمور التي لم تصل السلعة إلى هذا الحد إلى بعد حسبانها
تحسب، القِصارة قالوا: إنها تبييض الثياب، يعني وضع أشياء
تزيد في بياضها وتنظيفها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا باع مرابحة لا بد يبين، لكن إذا قال: هذه السلعة بمائة
وخمسين، ما يحتاج أنه .... إذا باع مرابحة أنا ما أكسب
عليك خلاص إلا عشرة بالمائة. . . . . . . . . لا بد أن
تبين، وما أشبه ذلك فهو في منزلة البز يحسب فيه الربح،
وتحتسب الخياطة، يعني ثوب جاهز للبس ما تحسب فيه أجر
الخياطة؟ وشلون صار ثوباً إلا بالخياطة؟ لا بد أن تحسب
الخياطة.
"كما يحسب في البز، فإن باع البز ولم يبين شيئاً مما سميت
أنه لا يحسب له فيه ربح، فإن فات البز فإن الكراء يحسب ولا
يحسب عليه ربح"
فإن فات البز فإن الكراء يحسب ولا يحسب عليه ربح، فات
البز، وش معنى فات؟
الطالب. . . . . . . . .
إيه البائع يخبر المبتاع ما يقول هذه السلعة وصلت الرياض
بمائة ألف، وهو مضيف له أجور وأجور نفسه بعد ما استأجر
ورشا وتلفونات، لا بد يخبر البائع. لأنه بعض الأمور قد
تكون وقد لا تكون وما تحتاج إليه بمفردها، لو أن شخصاً
سافر للنزهة وأصرف في نزهته ما يحتاج إليه في هذه النزهة
سكن فندق وأكل وشرب، فندق خمس نجوم، وأكل وشرب من أفخر
الأشياء، واستأجر سيارة يوميتها كذا. ثم جاء قال نبي نشتري
سلعة تخفف عنا بعض هذه النفقات، هل يحسب كل مصروفاته في
هذه الرحلة على هذه السلعة.
الطالب. . . . . . . . .
(114/15)
ما يحسب هذه الأمور لا يلتزم بها المشتري.
هناك أشياء لا تصل هذه السلعة بحال من الأحوال إلا بها،
النقل لا بد أن تنقل، فلا يقال: إنها تباع بقيمتها في
بلدها في مصر أو في المغرب أو في غيرها، لا بد أن تنقل،
لكن كوني أنتقل أنا على وضع معين، ويكفي السلعة دون الدون،
ثم أضيفها إلى المشتري، لا.
طالب:. . . . . . . . .
ما تحتاج إليه السلعة بحيث لا تستغني عنه، سواء جاء بها هو
أو غيره، مما يخص السلعة لا بأس، أما يخصها مع غيرها، لا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في بعض الأمور ما يبين ما في وجه للتبرير بإذن الله.
يقول: "فإن فات البز فإنه الكراء يحسب" إيش معنى فات؟ يعني
المشتري تصرف فيه، لبسه، أو أهداه، أو ضاع منه، أو تلف
"فإن الكراء يحسب ولا يحسب عليه ربح" يعني ما في نسبة على
الكراء، إنما الربح على أصل قيمة السلعة، اشتريت كتاب
بخمسين ريال مثلاً، وجلدته بثلاثين صار بثمانين، وقال
واحد: بعه لي، قلت: بمكسب عشرة بالمائة، تأخذ نسبة على
قيمة التجليد وإلا النسبة على قيمة الكتاب؟ يعني تأخذ
ثمانية وإلا خمسة؟ على كلامه ما تأخذ إلا على قيمة الكتاب،
أما على التجليد لا.
طالب:. . . . . . . . .
التجليد يقول: أنا أعرف محل التجليد، وليش يحسب عليّ
التجليد بثلاث وثلاثين؟
طالب: لكن إذا كان الكتاب لا. . . . . . . . . إلا بهذا
التجليد؟
إيه، لكن أنا أعرف قيمة التجليد ما تزيد، ثلاثين ريال ليش
تأخذ علي نسبة؟
طالب: على شان حفظ الكتاب.
لكن أصل التجليد ما يتفاوت بثلاثين، ليش تأخذ ثلاثة
وثلاثين؟ نسبة التجليد، تجليد إلى هذا الكتاب ولغير هذا
الكتاب، ما تزيد قيمته ولا تنقص، هذه وجهة نظر. . . . . .
. . .
"فإن الكراء يحسب ولا يحسب عليه ربح" أنت الآن بايع عليه
منفعة هذا الكراء؟ أنت ما بعت عليه إلا السلعة، أما الكراء
صح السلعة .. ، لكن لا نسبة له الكراء؛ لأن السلعة لا
تتغير به.
"فإن لم يفت البز فالبيع مفسوخ بينهما، إلا أن يتراضيا على
شيء يجوز بينهما" إذا تراضيا ورضي المشتري بالنسبة
المفروضة لا بأس.
(114/16)
"قال مالك -رحمه الله- في الرجل يشتري
المتاع بالذهب أو بالورق والصرف يوم اشتره عشر دراهم
بدينار، فيقدم به بلداً فيبيعه مرابحة، أو يبيعه حيث
اشتراه مرابحة على صرف ذلك اليوم الذي باعه فيه: فإنه إن
كان ابتاعه بدراهم وباعه بدنانير أو ابتاعه بدنانير وباعه
بدراهم، وكان المتاع لم يفت فالمبتاع بالخيار".
قال: مرابحة، أنا اشتريت هذا الكتاب بمبلغ من الدراهم،
تعطيني عشرة بالمائة، قال: نعم، لكن الصرف يوم يشتريه
الدينار بعشرة، أو العكس الدينار باثني عشر، ثم صار الصرف
بعشرة، يقول: أنا والله اشتريت بمائة وعشرين درهم، هو الآن
شاريه بعشرة دنانير، والصرف اثنا عشر درهم، تصير مائة
وعشرين، والآن ما تجيب العشرة إلا مائة درهم، ولذلك يقول:
"المبتاع بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه" الآن الريال
الواحد كم ليرة؟ أربعة عشر ليرة سورية مثلاً، اشتراه بألف
ريال، يعني أربعة عشر ألف ليرة، ارتفعت الليرة، افترض أنها
ارتفعت، صار الريال عشرة، الريال عشر ليرات، ثم قال: أنا
والله اشتريته بألف ريال، أو بأربعة عشر ألف ليرة، أعطني
أربعة عشر ألف ليرة، وهو الآن ما يستحق إلا عشرة آلاف، إذا
علم المشتري واطلع على ذلك، وعلى هذا التفاوت البين له
الخيار إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، فإن فات المتاع بأن تلف
أو استهلك أو أهدي أو تصرف فيه تصرف يغير أوصافه كان
المشتري بالثمن الذي ابتاعه به البائع ويحسب للبائع الربح
على ما اشتراه به، لا على ما ربحه المبتاع، يعني نزول
الأثمان ونزول العملات وارتفاعها لا شك أن لها أثر كبير في
هذا الباب، وأيضاً لو قال: أنا اشتريت هذا البيت بخمسمائة
ألف قال: تربحني بهذا البيت عشرة بالمائة، قال: نعم،
اشتراه في أيام طفرة، اشتراه بخمسمائة ألف، وهو الآن ما
يسوى إلا ثلاثمائة، لا بد أن يبين؛ لأن بعض الناس لا يعرف
حقيقة الأقيام، كثير من الناس لا يعرف إلا أن هذا يسوى
كذا، أو اشتري بكذا، ويستدل بهذا على القيمة الحقيقية،
فعلى كل حال لا بد من البيان.
(114/17)
"قال مالك: وإذا باع رجل سلعة قامت عليه
بمائة دينار للعشرة أحدى عشر" يعني عشرة بالمائة "ثم جاءه
بعد ذلك أنها قامت عليه بتسعين ديناراً، وقد فاتت السلعة
خير البائع، فإن أحب فله قيمة سلعته يوم قبضت منه، إلا أن
تكون القيمة أكثر من الثمن الذي وجب له به البيع أول يوم"
جاب هذه السلعة على أنها .. ، اشترى كتاباً من مصر مثلاً
بألف جنيه، لما وصل إلى الرياض قال: من يشتريه بمكسب عشرة
بالمائة؟ اشتراه زيد من الناس، فتبين .. ، جاءه كتاب
إلحاقي أنه بتسعين أو بثمانين، حينئذٍ هو يبيه بهذه
القيمة، رخيص.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: بتسعمائة.
أو بتسعمائة، المهم أنه أقل مما تصوره، من المبلغ الذي
أخبر به سابقاً، أو ذهب وهله أنه اشتراه بمائة، ثم تبين
لما راجع الفواتير أنه بتسعين، وقد أعطي عشرة بالمائة، هو
لا يرضى أنه يبيعه بمائة أو بتسعة وتسعين، هو يرضى أن
يبيعه بمائة أو بعشرة، لا شك أنه بالخيار.
كتاب جاء به شخص من مصر مثلاً مخطوط على أنه بستة عشر ألف
باعه بعشرين، فلما جاءت الفواتير فإذا به بستة عشر ألف
دولار، بالخيار وإلا ليس بالخيار؟ نعم غبن فاحش؛ لأنه هو
يستحق أيضاً، الذي اشتراه بعشرين باعه بسبعين، فهل يطالب
المشتري بالفرق بقيمته؟ يعني بدلاً من أن يكون بعشرين ألف
ريال يصير بعشرين ألف دولار، باعه الثاني بأقل من عشرين
ألف دولار، هو كسبان مكسب طائلة، لكن ما جاء بالقيمة التي
اشتراها به المشتري الأول، باعه بسبعين، عشرين ألف كم؟
خمسة وسبعين، ماذا يستحق على المشتري الثاني؟ السلعة نفذت
الآن، فاتت السلعة، واشتراها شخص لا يمكن استخراجها منه،
ما الذي يستحقه البائع الأول على الثاني؟ وما الذي يستحقه
البائع الثاني؟ الآن الخيار وارد وإلا ما هو بوارد؟ بيعت
على طرف ثالث لا يمكن استخراجها منه، كيف تحل المسألة؟
صلح،
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
(114/18)
البائع الأول متضرر، والثاني كسبان، الكتب
يحصل فيها مثل هذه الفرص، العودة فيه الخبرة يعني تحله،
لكن الكتب فيها مثل هذه الفرص؛ لأنها أحياناً تكون عند
أناس ما يقدرون قدرها ورثوها، ووجودها عندهم أو يرموها في
الشارع، أو يبيعونها بثمن بخس ما يفرق، لا يعرفون قدرها،
فيحصل فيها مثل هذه الفرص، لكن الآن الذي تبين العكس، لما
جاءت الفواتير بدل من عشرين ألف أو ست عشر ألف ريال ست عشر
ألف دولار، المقصود أن مثل هذه تحتاج إلى صلح، ولا بد من
تعويض البائع الأول، ومثل ما يقول: "وكان المتاع لم يفت،
فالمبتاع بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه، فإن فات
المتاع كان المشتري بالثمن الذي ابتاعه للبائع، ويحسب
للبائع ... " إلى آخره.
هذا عُرف الثمن قبل انعقاد البيع، قال: أنا اشتريته بستة
عشر ألف، وأريد به عشرين ألف، قال: هذه عشرين ألف، معروف
الثمن ومعروف الربح، فهل يقال: إنه يلزم المشتري الثاني
بدلاً من عشرين ألف ريال عشرين ألف دولار؟ ستة عشر قيمة
الكتاب وأربعة ربح؟ الآن السلعة فاتت، والثمن متفق عليه
بينهما، وكلام الإمام مالك يقول: "فإن فات المتاع كان
المشتري بالثمن الذي ابتاعه للبائع، ويحسب للبائع الربح
على ما اشتراه به" هو اشتراه بستة عشر ألف دولار، وهو يريد
ربح أربعة، فهل نقول: إنه يستحق على المشتري عشرين ألف؟
يعني مقتضى كلام مالك أنه يستحق، وقد فاتت السلعة، الثاني
اشتراه بهذه النسبة بربح أربعة، لكن هل نقول: إنه يشتريه
بربح أربعة آلاف ريال، أو أربعة آلاف دولار؟ هما اتفقا على
أن يربح عليه أربعة آلاف ريال، فلا يستحق عليه ما استحقه
في أصل القيمة، وعلى كل حال مثل هذه المسائل لا بد لها من
صلح.
(114/19)
"قال مالك: وإذا باع رجل سلعة قامت عليه
بمائة دينار للعشرة أحد عشر، ثم جاءه بعد ذلك أنها قامت
عليه بتسعين ديناراً، وقد فاتت السلعة خير البائع، فان أحب
فله قيمة سلعته يوم قبضت منه، إلا أن تكون القيمة أكثر من
الثمن الذي وجب له به البيع أول يوم، فلا يكون له أكثر من
ذلك، وذلك مائة دينار وعشرة دنانير" لا يستحق أكثر من هذا
"وإن أحب ضرب له الربح على التسعين إلا أن يكون الذي بلغت
سلعته من الثمن أقل من القيمة فيخير في الذي بلغت سلعته،
وفي رأس ماله وربحه، وذلك تسعة وتسعون ديناراً" يعني إذا
أخذ على التسعين عشرة بالمائة صار المبلغ تسعة وتسعون
ديناراً.
"قال مالك: وإن باع رجل سلعة مرابحة، فقال: قامت علىَّ
بمائة دينار، ثم جاءه بعد ذلك أنها قامت عليه بمائة وعشرين
دينار خير المبتاع، فإن شاء أعطى البائع قيمة السلعة يوم
قبضها، وإن شاء أعطى الثمن الذي ابتاع به على حساب ما
ربحه" يعني مثل ما ذكرنا: بالغاً ما بلغ، ربحه أربعة آلاف
ريال يلزمه أربعة آلاف.
(114/20)
"إلا أن يكون ذلك أقل من الثمن الذي ابتاع
به السلعة، فليس له أن ينقص رب السلعة من الثمن الذي ابتاع
به؛ لأنه قد كان رضي بذلك" يقول: أنا ربحتك أربعة آلاف،
يقول: مع ذلك أنا خسران، دعونا من الصورة التي ذكرناها وهي
صورة واقعية، يعني لو مثلاً جاءه وقال: اشتريت هذا الكتاب
بستة عشر ألف، ربحني فيها أربعة، وتصير بعشرين، قال: قبلت،
ثم تبين أنه بخمسة وعشرين، دعونا من سبعين، ما الذي يلزم؟
نقول: ادفع خمسة وإلا نقول: ادفع الخمسة مع الربح الذي
افترضته على نفسك؟ هاه؟ على كل حال المسألة مسألة خيار،
يلزمه الخيار، الخيار هو اشتراها على أنها .. ، إذا كانت
مرابحة يلزمه أن يكمل القيمة ويدفع ما اتفق عليه من الربح،
إذا كانت مرابحة، وإن كانت بالثمن المحدد وتبين أنه
أشتراها بأكثر من ذلك فهو بالخيار، وش الفرق بينهما؟ قال:
أنا اشتريت هذا الكتاب بمبلغ ويكفيني فيه عشرين بالمائة،
قال: شريت، قال: الكتاب بستة عشر ألف، قال: نعم هذه عشرين
قيمته بربحه، ثم تبين له أنه بخمسة وعشرين، يلزمه البيع
بربحه؛ لأنه اشتراه مرابحة، لكن لو قال: أنا اشتريت هذا
الكتاب بعشرين تشريه برأس مالي أو تزيدني ألف؟ تربحني ألف؟
ثم تبين له بخمسة وعشرين، وهو ما أقدم عليه إلا بهذه
القيمة، فرق بين أن يقدم عليه بقيمة غير محدد بينهما،
لكنها تؤول إلى العلم، فيلزمه البيع بربحه، وإذا حدد له
القيمة فقد اشتراها بهذه القيمة التي لا تزيد؛ لأنه لما
اشتراه مرابحة القيمة قابلة لما توقعه، قابلة أن تزيد
وتنقص، قد يتوقعه بعشرين، قد يتوقعه بثلاثين، قابلة
للزيادة والنقصان، لكن لما حدد له الثمن، وقال: بعشرين، لا
يقبل الزيادة على ذلك.
"إلا أن يكون ذلك أقل من الثمن الذي ابتاع به السلعة، فليس
له أن ينقص رب السلعة من الثمن الذي ابتاع به؛ لأنه قد كان
رضي بذلك، وإنما جاء رب السلعة يطلب الفضل" هو عند ما
اشترى هذه السلعة ليخسر أو ليربح؟
طالب: ليربح.
أكيد ليربح.
"وإنما جاء رب السلعة يطلب الفضل، فليس للمبتاع في هذا حجة
على البائع بأن يضع من الثمن الذي ابتاع به على البرنامج"
والله أعلم.
وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
(114/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
الموطأ - كتاب البيوع (12)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وهذا يقول: يستدل الذين يجوزون المشاركة في الأسهم
المختلطة بقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
وَحَرَّمَ الرِّبَا} [(275) سورة البقرة] وقوله:
{وَحَرَّمَ الرِّبَا} المقصود منه حرم الزيادة والعقد
صحيح، وهذا قول الحنفية؟
هذا القول في غاية السقوط؛ لأن النبي -عليه الصلاة
والسلام- قال: ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه
وشاهديه)) الكتابة والشهادة تكون مع العقد، إذاً التحريم
للعقد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر برد التمر الذي
جرى فيه الربا ففي رواية مسلم: ((فردوه)) هل هذا يدل على
صحة العقد أو على بطلانه؟ وهو مردود على قائله كائناً من
كان، فالعقد باطل، وأما ترك الزيادة التي هي الربا فهي من
تمام التوبة، إذا تاب الإنسان وأقلع وندم وعزم على أن لا
يعود لا يأخذ الزيادة، لا يجوز له أن يأخذ الربا، أما
الشروط كلها ولا واحد متوافر ويقول: نتخلص من الزيادة ما
هو بصحيح؛ لأن التخلص عند أهل العلم من تمام التوبة، وأهم
منه استكمال شروطها التي هي:
الإقلاع فوراً, والندم على ما فات, والعزم على أن لا يعود،
والذي يتعامل بهذه المعاملات ولا شرط واحد يتحقق فيه، بل
هو يعمل بنية الاستمرار.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: البيع على البرنامج
قال مالك: الأمر عندنا في القوم يشترون السلعة البز أو
الرقيق فيسمع به الرجل فيقول للرجل منهم البز الذي اشتريت
من فلان قد بلغتني صفته وأمره، فهل لك أن أربحك في نصيبك
كذا وكذا، فيقول: نعم، فيربحه، ويكون شريكاً للقوم مكانه،
فإذا نظر إليه رآه قبيحاً واستغلاه.
قال مالك -رحمه الله-: ذلك لازم له ولا خيار له فيه إذا
كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة.
(115/1)
قال مالك في الرجل يقدم له أصناف من البز،
ويحضره السوَّام، ويقرأ عليهم برنامجه، ويقول: في كل عِدل
كذا وكذا ملحفة بصرية، وكذا وكذا ريطة سابرية، ذرعها كذا
وكذا، ويسمي لهم أصنافاً من البز بأجناسه ويقول: اشتروه
مني على هذه الصفة، فيشترون الأعدال على ما وصف لهم، ثم
يفتحونها فيستغلونها ويندمون، قال مالك: ذلك لازم لهم إذا
كان موافقاً للبرنامج الذي باعهم عليه.
قال مالك: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا
يجيزونه بينهم إذا كان المتاع موافقاً للبرنامج ولم يكن
مخالفاً له.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: البيع على البرنامج
سبق الكلام على البرنامج، وأنه هو والأنموذج والعينة سواء،
إذا باع على الأنموذج، على العينة، أو على الوصف الدقيق
الذي لا يختلف لزم البيع، ما دام الوصف مطابقاً، أما إذا
اختلف الوصف فالخيار خيار خلف الصفة ثابت.
(115/2)
"قال مالك: الأمر عندنا في القوم يشترون
السلعة البز أو الرقيق فيسمع به الرجل" يسمع بهم شخص
"فيقول لرجل منهم: البز الذي اشتريته من فلان قد بلغني
صفته وأمره" بحيث لا يخفى عليه منه شيء "فهل لك أن أربحك
في نصيبك كذا وكذا" فيدخل -كما يقول العوام- مدخاله، يكون
شريكاً للقوم مكانه، وهذا يأخذ المكسب ويمشي، والمرابحة
التي سبقت يأتي صاحب السلعة فيقول للمشتري: أعطني ربحاً
مقداره كذا وكذا فيلزم البيع، وهنا المشتري هو الذي يقول:
"أربحك بنصيبك كذا وكذا، فيقول: نعم فيربحه، ويكون شريكاً
للقوم مكانه، فإذا نظر إليه رآه قبيحاً واستغلاه" هل كونه
رآه قبيحاً لأنه اختلف عما وصف له؟ لا، ما اختلف، لكن ليس
الخبر كالعيان، مهما بلغ الوصف من الدقة، فإنه لا يفيد ولا
يقوم مقام الرؤية، فإذا وصف وصفاً دقيقاً ووجد مطابقاً
للوصف؛ لأنه قد يوصف لك شيء وأنت في نفسك شيء آخر، أنت
متخيل ما دام جاء من تلك الجهة قيل لك هذا الجهاز أمريكي
أو إنجليزي أو ياباني متصور أنه في أعلى درجات الجودة،
ووصف لك الذي اشتراه، قال: فيه كذا وفيه كذا، ويشتمل على
كذا وكذا، لكن فوجئت أن الجودة العامة أقل من الذي توقعت،
والأوصاف كلها منطبقة التي ذكرت لك، يقول الإمام -رحمه
الله تعالى-: "ذلك لازم له، ولا خيار له فيه، إذا كان
ابتاعه على برنامج وصفة معلومة" هذا الذي اشتراه على
الوصف، أما إذا اشتراه على البرنامج فالبرنامج لا يختلف،
نعم رؤية القليل تختلف عن رؤية الكثير، رؤية الأجزاء تختلف
عن رؤية المركب، أعطاك برنامج، أنموذج لرخام، وأعجبتك
باعتبارها قطعة، لكن رأيته على الطبيعة مركب على بيت كامل،
مستواه أقل، يصير وإلا ما يصير؟ أو العكس أحياناً يكون
الأنموذج أقل من رؤيته متكاملاً، فلما رأيت القطعة أعجبتك
واشتريت عليها بموجبها، يلزمك البيع والقطعة ما اختلفت،
لكن أنت لما رأيته مركب بالجملة، تركيب واحدة جنب الأخرى
يختلف عن كونها قطع يسيرة.
يقول: ذلك لازم له ولا خيار له فيه، إذا كان ابتاعه على
برنامج وصفة معلومة.
(115/3)
"قال مالك في رجل يقدم له أصنافاً من البز"
أصناف متنوعة "ويحضره السوَّام ويقرأ عليهم برنامجه"
أصناف، وأهل البز عندهم كتالوجات مثل أهل الفرشات
وغيرهم، ويوريك الكتالوج، وذكرنا بالأمس أنه إذا رأيت
الكتلوج ورأيت الرسمة في هذه القطعة التي وضعت في
الكتلوج تعجبك، لكن أحياناً تصير بجانب رسمة أخرى في
القطعة الكبيرة فلا تعجبك، أو العكس أحياناً تكون
بمفردها ما تشد النظر، لكن لما تكون مع غيرها تلفت
النظر ويكون منظرها أجمل.
وعلى كل حال أنت رأيت الأنموذج، وأقدمت عليه، وأنه نفس
النوعية، ونفس الخامة ما اختلفت، إذاً يلزمك، "ويحضره
السوَّام، ويقرأ عليهم برنامجه، ويقول: في كل عِدل كذا
وكذا" في كل كيس في كل كرتون "ملحفة بصرية" في عشرين
ملحفة بصرية، وثلاثين ريطة سابرية، الملحفة الملاءة
التي يلتحف بها، الجلالة التي شبيه بجلال النساء التي
يستعملنها في الصلاة قريباً منها، بصرية، أي نسبة إلى
البصرة، البلد المعروف، الريطة الثياب الرقيقة
الخفيفة، وسابرية نسبة إلى سابور من بلاد فارس، سابور
وقد يقال لها: نيسابور.
"ذرعها كذا وكذا" ويسمي لهم أصنافاً من البز بأجناسه
"ويقول: اشتروا مني على هذه الصفة، فيشترون الأعدال
على ما وصف لهم، ثم يفتحونها فيستغلونها ويندمون"
يستغلونها، إيش معنى يستغلونها؟ يَسْتغْلونها، أي
يستكثرون ثمنها، وإن قيل: يستغلونها ينظرون في غلتها
وربحها ويرون أنها لا تربح ولا تكسب فيندمون على إثر
ذلك.
قال مالك: ذلك لازم لهم إذا كان موافقاً للبرنامج الذي
باعهم عليه.
(115/4)
"قال مالك: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه
الناس عندنا" يعني إذا كان المبيع لا ينتفع به إلا
مركباً، فحمل بعض أجزائه .. ، هو لا يستعمل إلا مركب،
مثل الفنون التي يركب بعضها على بعض، ثم بعد ذلك يظهر
منها منظر، مثل هذا لا بد من تصويرها كامل؛ لأن تصوير
بعضه لا يفي بالغرض، ومثل الأدوات التي هي عبارة عن
مركبات، لا يأخذ قطعة من قطعها، ويقول: هذا أنموذج،
بمعنى أن هذه السلع كلها وهذه البضاعة كلها من هذا
النوع، يأتي إلى قلم مثل هذا وعنده له مجموعة، ويأخذ
القطعة السفلى يقول: هذا أنموذج، لا، هذا ليس بأنموذج،
هذا ما يدل على البضاعة وإن كان جزءاً منها، ولو أخذ
الغطاء هذا، إذا كان متداول بين الناس ومشهور، يعرفون
الناس أن هذا قلم ومشهور، ويستدلون بهذه القطعة على
البقية، لكن الغطاء الأسفل ما يستدلون به؛ لأنه يشترك
معه عدة أقلام، أما هذا ما يشترك معه غيره، عند أهل
الخبرة يكون معروف عندهم، ولكن عليه أن يأخذ القلم
بكامله، ويقول: الحمولة أو البضاعة كلها من هذا النوع،
وهذا أنموذج بالنسبة لبقية البضاعة.
"قال مالك -رحمه الله-: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه
الناس عندنا يجيزونه بينهم، إذا كان المتاع موافقاً
للبرنامج ولم يكن مخالفاً له" الآن الصناعات أدق من ذي
قبل، يعني يصنع ثوب وآخر وثالث ورابع وعاشر، لا بد أن
تجد بينها من الفروق اليسيرة ما تجد، أما الآن مصانع
تخرج النظير بدقة، كأنه هو بحيث لو تلف لك ثوب، وأعطاك
مكانه ثوب آخر ليس لك أن تطالب بثوبك؛ لأن هذا يطابقه
مائة بالمائة، وأما في السابق قد يوجد الاختلاف
اليسير، يمكن أن تقول: لا، ثوبي أفضل من هذا، لكن لو
جئت إلى الثياب المصنوعة من مصنع واحد ما يمكن أن
تقول: ثوبي أفضل من هذا، وهكذا بقية السلع، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: بيع الخيار
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن عمر ....
عن نافع.
أحسن الله إليك.
طالب: عندي ساقط.
إيه، لا، لا، هكذا حتى في الصحيحين كذا.
أحسن الله إليك.
عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المتبايعان كل واحد
منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع
الخيار)).
(115/5)
قال مالك -رحمه الله-: وليس لهذا عندنا حد
معروف، ولا أمر معمول به فيه.
وحدثني مالك أنه بغله أن عبد الله بن مسعود -رضي الله
عنه- كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((أيما بيِّعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو
يترادّان)).
قال مالك: فيمن باع من رجل سلعة، وقال البائع عند
مواجبة البيع: أبيعك على أن استشير فلاناً فإن رضي فقد
جاز البيع، وإن كره فلا بيع بيننا، فيتبايعان على ذلك،
ثم يندم المشتري قبل أن يستشير البائع فلاناً: إن ذلك
البيع لازم لهما على ما وصفا، ولا خيار للمبتاع، وهو
لازم له إن أحب الذي اشترط له البائع أن يجيزه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يشتري
السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن، فيقول البائع:
بعتك بعشرة دنانير، ويقول المبتاع: ابتعتها منك بخمسة
دنانير، أنه يقال للبائع: إن شئت فأعطها للمشتري بما
يقال، وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت،
فإن حلفا قيل للمشتري: إما أن تأخذ السلعة بما قال
البائع، وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت،
فإن حلف برئ منها، وذلك أن كل واحد منهما مدعي على
صاحبه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: بيع الخيار
الخيار: اسم مصدر من اختار اختياراً، وهو طلب خير
الأمرين من إمضاء البيع أو فسخه.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر
-رضي الله عنهما-" في أصح الأسانيد "أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- قال: ((المتبايعان كل واحد منهما
بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار)) "
البيّعان أو المتبايعان، وكلاهما ثابت في الصحيح، كل
واحد منهما البائع والمشتري كل واحد منهما بخيار،
بمعنى أنه لا يلزمه العقد بمجرد تمام الإيجاب والقبول،
ما لم يتفرقا، فإذا تفرقا لزم البيع حينئذٍ إلا بيع
الخيار، لأنه الذي يشترط فيه الخيار مدة زائدة على
مجرد مجلس العقد.
(115/6)
فالمتبايعان إنما يسمى كل واحد منهما بائع
ومشتري، وبيعان أو متبايعان إذا تم العقد بالإيجاب
والقبول، إذا تم العقد بالإيجاب والقبول صح على
الطرفين أنهما متبايعان أو بيعان، وأما قبل لزوم العقد
بالقبول فإنهما لا يسميان متبايعان، وإنما يسميان
متساومان، ما ثبت البيع إلى الآن، يعني ما قال البائع:
بعتك بكذا، وقال المشتري: اشتريت بكذا، أو العكس، يعني
ما في إيجاب ولا قبول، إذاً لا يصح أن يسمى بائع حتى
يتم البيع، ولا يصح أن يسمى مشترٍ حتى يتم الشراء،
وبهذا يتضح أن المراد بالتفرق التفرق بالأبدان، وبهذا
قال الشافعي وأحمد وجهور السلف والخلف، وهذا هو الواضح
المفهوم من الحديث، وعلى هذا فهمه ابن عمر الراوي،
فكان يمشي خطوات ليلزم البيع مع أنه جاء النهي عن ذلك،
ولعله لم يبلغ ابن عمر، ولا يحل له أو لا يجوز أن
يفارقه خشية أن يستقيله، فكان ابن عمر يفعل ذلك؛ لأنه
لم يبلغه النهي، وفهم أن المراد بالتفرق التفرق
بالأبدان إلا بيع الخيار، وهو أن يشترط كل منهما أو
أحدهما أنه بالخيار لمدة معينة يوم أو يومين أو ثلاثة
أو شهر، هذا ما قال به الإمام الشافعي والإمام أحمد،
وهذا هو الظاهر المتبادر من لفظ الحديث.
"يقول مالك: وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول
به فيه" ماذا يريد مالك من هذا الكلام؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(115/7)
يعني الحديث هذا ما له حد معروف، أنت افترض
أنهم اشتروا في هذا الوقت بعد صلاة العشاء سلعة ومكثوا
إلى أن أذن الفجر وهم يسولفون جميع، البيع ما بعد لزم،
ولا له حد معروف، وحتى لو صلوا الفجر بجوار بعضهما،
وجلسوا إلى الظهر وصلوا ما له حد، التفرق. هذا كلام
مالك، وإذا كان ما له حد ما يمكن أن يعول عليه في
تقرير حكم شرعي، لا بد أن يكون التعويل على شيء له حد
ينتهي به، فالإمام مالك يرى أن المراد بالتفرق التفرق
بالأقوال "وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به
فيه" معمول به عندهم، كأنه وجد علماء عصره في بلده
أنهم لا يقولون به، والإمام مالك -رحمه الله- يعتبر
هذا أحياناً يقدمه على النصوص، المقصود أن رأي الإمام
مالك أن المراد بالتفرق التفرق بالأقوال، يقول: بعتك
هذه السلعة بكذا، فهم في هذه المدة إلى أن يقول
المشتري: اشتريت بكذا أو قبلت، في هذه المدة هم
بالخيار، وبهذا يقول أبو حنيفة -رحمه الله- أيضاً، لكن
هل لهذا الكلام وجه؟ هل يمكن أن يطلق على البائع
والمشتري على الطرفين أن يطلق عليهما بيَّعان أو
متبايعان والقبول ما تم؟ لا يمكن، لا بيع إلى الآن، ما
صار بيع، ومثل هذا لا يحتاج إلى مثل هذا الحديث، هذا
يلغي فائدة الحديث، من يلزم البائع والمشتري ما
اشتراه؟ من يلزم المشتري وهو ما أوجب ولا قبل؟ إذاً
الحديث يكون على تأويلهما لاغٍ، إن كانوا يقولون
بمفهومه، وهو أن هناك إلزام قبل التفرق فلا بيع حقيقة،
لا بيع قبل الإيجاب والقبول، ولا يمكن أن يطلق على
الطرفين بيعان ولا متبايعين إلا إذا تم القبول.
(115/8)
والإمام مالك روى هذا الحديث ولم يعمل به،
لا يعمل به حتى على قوله، ما يمكن أن يقول الإمام مالك
لمن قال: بعتك ولم تقل اشتريت يسميه بائع، ما يمكن أن
يسميه بائع ولا يسمى الطرف الثاني مشتري، وهو ما قال:
قبلت، ولذا قال ابن أبي ذئب: ينبغي أن يستتاب مالك؛
لأنه روى هذا الحديث ولم يعمل به، فتأويلهم ضعيف لا
وجه له، ليس لهذا حد معروف، يعني كيف نجيب عن هذا
الكلام؟ له حد معروف، اثنان خرجا في رحلة لمدة شهر،
وهما بجنب بعض ليلاً ونهاراً، يقظة ومناماً، هل نقول:
يستمر الخيار إلى أن يتفرقا، هذا إذا تصور، وإلا
فالتفرق يكون قبل ذلك، إذا أراد أحدهم قضاء الحاجة
تفرقا، وإلا فالمراد به ...
طالب:. . . . . . . . .
لا ينتهي البيع وهم جالسين، نهاية الخيار التفرق، ما
لم يتفرقا، هذه غايته التفرق، إما أن يكون بالأقوال أو
بالأبدان، عرفنا أنه بالأقوال، ويقول به أبو حنيفة
ومالك.
طالب:. . . . . . . . .
لا وجه له؛ لأنه لا بيع أصلاً حتى يقال: إنه في خيار
أو ما في خيار، لا يوجد بيع، الخيار إنما يكون بعد
تمام البيع، وإلا قبل تمام البيع ما نحتاج إلى خيار،
ولا يحتاج مثل هذا إلى تنصيص، يعني إذا ذهبت إلى
المعارض وقلت: بكم هذه السيارة؟ قال: بخمسين ألف، وما
قلت: اشتريت، تحتاج إلى خيار؟ ما تحتاج إلى خيار،
تحتاج إلى الخيار إذا قلت: اشتريت بخمسين، فأنت ما دمت
في مجلس الخيار لك أن ترجع، وإذا تفرقتما بالأبدان
لزمك البيع، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا وقع عليها الطرفان انتهى الإيجاب والقبول.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يبقى، يبقى أنك في مجلس الخيار، ما دام وقعت وجلست
فأنت في المجلس، فالتوقيع بمثابة قبلت؛ لأنه زيادة
توثقة فقط، وإلا الأصل في العقود أنها بالكلام، إيجاب
وقبول، فإذا قال بعت وقلت اشتريت انتهى، يستوي في هذا
السيارات، ويستوي في هذا عقار، وكلها تتم بهذا، تتم
بهذا، وزيادة التوثقة بالكتابة أو بالإفراغ، أو بتحويل
الاسم بالاستمارة هذا كله من زيادة التوثقة، يحتاج
إليه عند المقاضاة وإلا فالأصل أن الإيجاب والقبول
ملزم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(115/9)
هذا قالوا إن التفرق هنا إذا قام عن مجلس،
أو سكر السماعة أو شيء من هذا تم التفرق.
طالب:. . . . . . . . .
إيه طيب وبعدين هم يوافقون ويرسلونها خلاص ويش لون.
الخيار إذا تم القبول وتغيرت هيئة الآخر منهما بأن
انتقل من مكانه؛ لأنه بالفعل قد يكون الإيجاب متقدم
على القبول بأيام، أرسل أريد مبلغ كمية كذا من كتاب
كذا، اليوم ولا وصلهم إلا بعد أسبوع، وأرسلوه ووافقوا
وأرسلوا الكتب.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: إن البيع عن طريق الإنترنت، أنت اشتريت لأنك
تعرف السعر، هو معروض السلعة بسعرها صح؟ فأنت الآن
بصدد القبول على طول تقبل؛ لأنه أوجب بمجرد رسم السعر
على الشاشة، قال: من يشتري هذه السلعة بكذا؟ فأنت قلت:
قبلت، انتهى الإيجاب والقبول، بقي الخيار، ما دمت في
مكانك فأنت بالخيار ...
طالب:. . . . . . . . .
الذي أوجبت فيه الشراء.
طالب: انتقل من شاشة إلى شاشة أخرى.
المهم يتغير وضعك، يتغير وضعك ببدنك.
((ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار)) يعني أن يشترط أحدهما
أو كلاهما لنفسه مدة زائدة على مجرد الاجتماع
بالأبدان.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي
الله عنه- كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((أيما بيِّعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو
يترادّان)) ".
الأصل أن من قبل قوله فيكون مع يمينه ((أيما بيِّعين
تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادّان)) ذهب زيد
إلى المعارض قال: بكم هذه السيارة؟ قال: بخمسين ألف،
قال: قبلت، لما جاءت الكتابة، قال المشتري أنا ما
اشتريت إلا بثمانية وأربعين، قال: ما نكتب إلا بخمسين،
متفقين على هذا، القول قول البائع، فيحلف البائع أنه
ما باع إلا بخمسين، فالقول قوله، فيلزم المشتري أو لا
يلزم؟ إذا حلف البائع، على مقتضى الحديث أنه يلزم، لكن
إذا رفض أن يحلف يترادّان، هذا يأخذ دراهمه، وهذا يأخذ
سيارته, ومقتضى قوله في الأخير قول الإمام مالك في
معنى الحديث أنه إذا حلف البائع أنه ما باع إلا بخمسين
يرجع إلى المشتري، فإن حلف أنه ما اشترى إلا بثمان
وأربعين يترادّان، لكن عندنا القاعدة: البينة على
المدعي، واليمين على من أنكر، أيهما المدعي؟
(115/10)
كيف يكون قوله مع يمينه؟ المشتري المدعي أو
كلاهما مدعي؟ ولذ طلب منهم اليمين من الطرفين، الإمام
مالك -رحمه الله- في مسألة رد اليمين على المدعي قال
-رحمه الله-: لا أعلم قائلاً برد اليمين، مع أن قضاة
عصره يقولون به، ابن أبي ليلى وابن شبرمة كلهم يقولون
برد اليمين، بمعنى أن زيداً ادعى على عمرو أن في ذمته
مبلغ كذا، قيل له: هات البينة، قال: ما عندي بينة، قيل
للمدعى عليه: تحلف، قال: أحلف، انتهت القضية، البينة
على المدعي ما وجدت نظر في المدعى عليه فحلف، أدى ما
عليه خلاص وانتهت، لكن قال: والله ما أنا بحالف، أنا
الدنيا كلها ما تسوى الحلف عندي، خلوه هو يحلف إذا حلف
دفعت له، مالك يقول: لا ترد اليمين، يلزم المدعى عليه
بالدفع إذ لم يحلف؛ لأن الحديث ليس فيه أكثر من هذا،
البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، وغيره يقول:
لا، البينة مفقودة، واليمين مفقود، في مقابل فقدان
البينة يوجد فقدان اليمين، فالضعف في الطرفين فنحتاج
إلى مرجح، وهو يمين المدعي، إذا نكل المدعى عليه عن
الحلف يرجع إلى المدعي، فإن حلف استحق.
"قال مالك فيمن باع من رجل سلعة فقال البائع عند
مواجبة البيع: أبيعك على أن استشير فلاناً فإن رضي فقد
جاز البيع" استشير فلاناً يعني يشترط مدة خيار حتى
يستشير "وإن كره فلا بيع بيننا، فيتبايعان على ذلك، ثم
يندم المشتري قبل أن يستشير البائع فلاناً إن ذلك
البيع لازم لهما على ما وصفا" يعني إذا علق العقد على
شرط، وهذه الجملة تنفعنا في كثير من الأبواب، إذا علق
العقد على شرط قبل تحقق الشرط هل للطرف الثاني الذي لم
يشترط له خيار وإلا ما له خيار؟ باعتبار أنه ما لزم
البيع
يقول الإمام مالك: "ثم يندم المشتري قبل أن يستشير
البائع فلاناً إن ذلك البيع لازم لهما على ما وصفا،
ولا خيار للمبتاع وهو لازم له" لماذا؟ لأن شرط الخيار
من طرف واحد دون الثاني، الثاني لزمه العقد منذ
التفرق، والطرف الذي اشترط مدة للخيار بقي على شرطه
فأحدهما له خيار، والثاني ليس له خيار هذا ظاهر، طيب،
قال لزوجته: إذا جاء رمضان فأنت طالق، وهو في رجب في
رجب أو في شعبان، قال: خلاص أنا ما بعد وقع الشرط
هونت، رجعت، له ذلك وإلا ليس له ذلك؟
(115/11)
طالب: له ذلك.
إذا علق على أمر لا بد من تحققه، فرجع عنه قبل أن
يتحقق، نعم من يجيب؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا هو الكلام في مسألة الطلاق، البيان نرجع له
ثانية، إذا قال: إذا جار رمضان فزوجته طالق، وبقي على
رمضان ثلاثة أشهر، لما مضى شهر أو شهرين ندم على ذلك
وقال: هونت، الحمد لله ما بعد وقع الطلاق.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يخرج؟
طالب:. . . . . . . . .
يحلف، إذا حلف ألا يطأ وبعدين؟ ويش الارتباط بين
مسألتنا والإيلاء؟ هي زوجته إلى رمضان، له أن يطأ إلى
رمضان، منهم من يقول: يقع الطلاق فوراً، ما دام علق
على أمر لا بد من وقعه الطلاق يقع فوراً؛ لأن الطلاق
لا يجوز توقيته، فإذا وقت أشبه المتعة، فيقع الطلاق
فوراً، والجمهور على أنه يقع إذا وجد الشرط، ولا بد من
وقوعه، ولا يجوز له الرجوع، وشيخ الإسلام -رحمه الله
تعالى- يقول: في هذه المدة ما دامت زوجته، وإذا ندم
فله أن يلغي؛ لأنه لم يقع بعد.
طالب: هل تلزمه الكفارة؟ نزولها منزلة اليمين؟
لا، هو إذا كان القصد منه الحث أو المنع لا بأس، يكون
يمين عنده، وإذا كان قاصداً الطلاق، يقصد مفارقتها، هو
مستأجر بيت، أو منتدب لبلد أو شيء، وقال: إذا جاء
رمضان فأنت طالق.
طالب:. . . . . . . . .
هو عنده، مستأجر بيت إلى رمضان، تنتهي، ولا هو مجدد
العقد، يقول: أنا يكفيني المسجد، ولا أنا مستأجر، فإذا
جاء رمضان فهي طالق، ثم بعد ذلك بعد شهر تيسر له بيت
من الأوقاف مجان.
طالب:. . . . . . . . .
زوجته، زوجته.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الذي يقول: يقع فوراً خلاص من الآن يتفاصلون.
طالب:. . . . . . . . .
عاد يختلف في الرجعي أو غير الرجعي.
طالب:. . . . . . . . .
يتوارثون مادام ما وقع الشرط، ما وقع الشرط.
طالب:. . . . . . . . .
والله ما دام علق على أمر لا بد من وقوعه فهو يريد
الوقوع.
طالب:. . . . . . . . .
لكن الطلاق علق على شرط متحقق الوقوع فكأنه واقع، هو
قاصد للطلاق في هذه المدة، هو ما قال: إن تيسر لي سكن
وإلا فأنت طالق، لو قال هذا انتهى الإشكال، لو قال هذا
ما صار في مشكلة ما تحقق الشرط.
طالب: بس نيته.
(115/12)
ما علينا من نيته، الأمور ما تنتهي إذا
قلنا بهذا، طيب، من الآن على قول من يقول: إنه يقع
فوراً؛ لأنه متحقق الوقوع كالواقع، متحقق الوقوع
كالواقع عند بعضهم، لكن أكثر أهل العلم أنه لا يقع إلا
إذا وجد ما علق عليه، ويش الرابط بين هذه المسألة
والمسألة التي معنا؟ أن فيه فرصة فترة يمكن الرجوع
فيها قبل أن يقع اللزوم، قبل أن يأتي اللزوم لزوم
العقد أو لزوم الطلاق.
"ثم يندم المشتري قبل أن يستشير البائع فلاناً فإن ذلك
البيع لازم لهما على ما وصفا" يعني المسألة تختلف عما
لو جاء شخص إلى آخر، ووجد عنده سلعة تعجبه، ثم قال له:
أريد هذه السلعة بكم؟ قال: أنا الآن مشغول خذ السلعة
ولا نختلف، ثم أخذها الآن ما صار بيع ولا شيء، لكل من
الطرفين أن يرجع؛ لأنه ما صار اتفاق على شيء، ولا فيه
إلزام لواحد منهما، قال: خذها ولا نختلف -إن شاء الله-
فبعد سنة رد السلعة، له أن يرد أو ليس له أن يرد؟ لكن
إن كانت مستعملة استعمال مضر رد السلعة وفيها شيء من
التغير المؤثر.
طالب:. . . . . . . . .
الأرش؟
طالب:. . . . . . . . .
"ثم يندم المشتري قبل أن يستشير البائع فلاناً إن ذلك
البيع لازم لهما على ما وصفاه، ولا اختيار للمبتاع؛
لأنه من طرف واحد، وهو لازم له إن أحب الذي اشترط له
البائع أن يجيزه".
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
"إن أحب الذي اشترط له البائع" ما هو اشترط أن يستشير
فلان؟ "إن أحب الذي اشترط له البائع أن يجيزه" يعني
أحب الذي علق على استشارته أن يجيز البيع، فالكلام
واضح.
(115/13)
"قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري
السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن" هذا يقول بأربعين،
وهذا يقول بخمسين، البائع يقول: بخمسين، والمشتري
يقول: لا بأربعين "فيختلفان في الثمن فيقول البائع:
بعتكها بعشرة دنانير، ويقول المبتاع: ابتعتها منك
بخمسة دنانير أنه يقال للبائع: إن شئت فأعطها للمشتري
بما قال" أعطها بخمسة "وإن شئت فاحلف بالله ما بعت
سلعتك إلا بما قلت" يعني بعشرة، فإن حلف قيل للمشتري:
إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع بعشرة، وإما أن
تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت "فإن حلف برئ
منها، وذلك أن كل واحد منهما مدعي على صاحبه" وفي
الوقت نفسه مدعاً عليه، فإن أحضر أحدهما البينة انتهى،
إن كان البائع أحضر بينة، وأنه ما باعها إلا بعشرة
انتهى ما نحتاج إلى يمين، وإن أحضر المشتري بينة أنه
ما اشتراها إلا بخمسة انتهت المسألة، كل منهما له وجه
في الإدعاء والدعوى، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في الربا في
الدين
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن بسر بن سعيد عن
عبيد أبي صالح مولى السفاح أنه قال: بعت بزاً لي من
أهل دار نخلة إلى أجل، ثم أردت الخروج إلى الكوفة،
فعرضوا علي أن أضع عنهم بعض الثمن وينقدوني، فسألت عن
ذلك زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- فقال: فلا آمرك
أن تأكل هذا ولا توكله.
وحدثني مالك عن عثمان بن حفص بن خلدة عن ابن شهاب عن
سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى
عنهما- أنه سئل عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى
أجل فيضع عنه صاحب الحق، ويعجله الآخر، فكره ذلك عبد
الله بن عمر -رضي الله عنهما- ونهى عنه.
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: كان الربا في
الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل حق إلى أجل، فإذا حل
الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في
حقه، وأخر عنه في الأجل.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر المكروه الذي لا اختلاف
فيه عندنا أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل،
فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب، وذلك عندنا بمنزلة
الذي يؤخر دينه بعد محله عن غريمه ويزيده الغريم في
حقه، قال: فهذا الربا في عينه لا شك فيه.
(115/14)
قال مالك في الرجل يكون له على الرجل مائة
دينار إلى أجل، فإذا حلت قال له الذي عليه الدين: بعني
سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقداً بمائة وخمسين إلى
أجل هذا بيع لا يصلح ولم يزل أهل العلم ينهون عنه.
قال مالك: وإنما كره ذلك لأنه إنما يعطيه ثمن ما باعه
بعينه، ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي ذكر له
آخر مرة، ويزداد عليه خمسين دينار في تأخيره عنه، فهذا
مكروه ولا يصلح، وهو أيضاً يشبه حديث زيد بن أسلم في
بيع أهل الجاهلية أنهم كانوا إذا حلت ديونهم، قالوا
للذي عليه الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، فإذا قضى
أخذوا وإلا زادوهم في حقوقهم وزادوهم في الأجل.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الربا في الدين
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن بسر بن سعيد عن
عبيد أبي صالح مولى السفاح أنه قال: بعت بزاً لي من
أهل دار نخلة" قالوا: هذه محلة في المدينة "إلى أجل،
ثم أردت الخروج إلى الكوفة، فعرضوا علي أن أضع عنهم
بعض الثمن وينقدوني، فسألت عن ذلك زيد بن ثابت، فقال:
لا آمرك أن تأكل هذا ولا توكله" والسبب أنه ثبت له في
ذممهم أموال لا بضائع، ثبت له في ذممهم أموال مائة
درهم على كل واحد، فأراد أن يسافر، وقالوا له: ضع عنا،
نعطيك على ثمانين ومن الآن ننقدك، بدلاً من أن تنتظر
ستة أشهر، فتتعب في تحصيلها، ونتعب في إيصالها، يعني
من باب ضع وتعجل، فكأنه اشترى الثمانين الحالة بالمائة
المؤجلة، ولذا سأل عن ذلك، يقول: "ثم أردت الخروج إلى
الكوفة فعرضوا علي أن أضع عنهم بعض الثمن وينقدوني،
فسألت عن ذلك زيد بن ثابت، فقال: لا آمرك أن تأكل هذا
ولا توكله" كأنه شبهه بالربا، مع أنه ضد الربا، الربا
زيادة وهذا نقص، فلا مشابهة فيه للربا، يعني وجهة نظر
من قال بهذا القول زيد بن ثابت أنه ثبت في ذممهم مبلغ
مؤجل، فهو يريد أن يتعجل، بمعنى أنه يشتري ذلك المبلغ
بثمن عاجل بثمانين، أو يبيعه بثمن عاجل بثمانين بدلاً
من المدة، فهذا وجه المنع، مائة بثمانين معجلة، فمن
نظر إلى أن الذي في الذمم أموال لا يجوز بيعها بالمال
إلا مثلاً بمثل، يداً بيد، قال بهذا القول.
(115/15)
القول الثاني الذي يبيح، الذي يجيز ذلك،
وأن يكون من باب ضع وتعجل، وهذا جائز عند جمع من أهل
العلم، وأنه فيه فائدة للطرفين، وليس فيه زيادة؛ لأن
الربا عبارة عن الزيادة، أما هذا نقيض الربا، فيه
التخفيف على المدين، وفيه قضاء حاجة الدائن، فلا
مشابهة له فيه للربا، لا مشابهة للربا من وجه؛ لأن
الربا الزيادة وهذا نقص، والمحظور الزيادة.
يعني لو قال: أنا أسافر الآن وبقي على حلول الأجل ستة
أشهر، وسوف أحضر بعد سنة، وبدلاً من أن تكون مائة إلى
ستة أشهر نجعلها مائة وعشرين لمدة سنة إلى أن أحضر،
هذا الربا بعينه، لكن يقول: ثمانين وعجلوا، هذا ضد
الربا.
"وحدثني مالك عن عثمان بن حفص بن خلدة عن ابن شهاب عن
سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى
عنهما- أنه سئل عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى
أجل فيضع عنه صاحب الحق ويعجله الآخر، فكره ذلك عبد
الله بن عمر، ونهى عنه".
يعني تيسر المال بيد المدين، وأراد أن يبرئ ذمته، هل
يدفع الدين كامل، أو بدلاً من أن ينتظر الدائن يضع من
الدين ما يقابل هذه المدة؟ ابن عمر كره ذلك، ونهى عنه،
فعليه إذا أراد أن يبرئ ذمته أن يدفع الدين كامل،
المائة كاملة، ولا يضع منها شيء.
"وحدثني مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: كان الربا في
الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا
حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذ، وإلا زاده
في حقه، وأخر عنه في الأجل".
باعه مائة إلى سنة، ثم حلت السنة، وما وجدت المائة،
قال: مائة وخمسين لسنة ثانية، ثم جاءت السنة الثانية
ما وجدت، قال: إلى مائتين في السنة ... ، هذا ربا
الجاهلية.
"قال مالك: والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا
أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل، فيضع عنه
الطالب، ويعجله المطلوب، وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر
دينه بعد محله عن غريمه، ويزيده الغريم في حقه" فهذا
الربا بعينه لا شك فيه، الصورة الثانية لا شك أنها
ربا، وهي ربا الجاهلية، أما الصورة الأولى وهي ضع
وتعجل، والتخفيف على الطرفين، وكل منهما مستفيد، وليس
فيه ضرر على أحد، وفيه ما يضاد الربا من النقص، والربا
معروف أنه الزيادة، فوجهة نظر من يقول بالجواز ظاهرة.
(115/16)
"قال مالك في الرجل يكون له على الرجل مائة
دينار إلى أجل، فإذا حلت قال له الذي عليه الدين: بعني
سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقداً بمائة وخمسين إلى
أجل هذا بيع لا يصلح، ولم يزل أهل العلم ينهون عنه" في
الرجل يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل، حلت
المائة دينار "قال له الذي عليه الدين: بعني سلعة يكون
ثمنها مائة دينار نقداً بمائة وخمسين إلى أجل هذا بيع
لا يصلح" لأن هذه حيلة على الربا، هذه حيلة مكشوفة
وظاهرة، يريد أن يشتري منه سلعة بمائة، ويسدد له
المائة، ويكتب عليه مائة خمسين، وجود هذه الحيلة لمجرد
التحليل في الصورة "هذا بيع لا يصلح، ولم يزل أهل
العلم ينهون عنه" لكن الموجود في الأسواق يأتي المدين
بمائة ألف مثلاً وحلت هذه المائة ألف، يأتي إلى صاحب
الدين يقول له: أنا محتاج إلى مائة ألف ثانية، ديني
مائتين ألف وأسددك مائة، وأستفيد بالمائة الثانية،
يجوز وإلا ما يجوز؟ يعني كونه يأتي إليه ويقول: ديني
مائة ألف أسدد دينك، واكتب علي الدين الجديد، هذا هو
الذي نص عليه الإمام، لكن يقول: أنا بحاجة إلى مائة
ألف، وأنا في ذمتي لك مائة ألف، ديني مائتين، ولتكن
مائتين وخمسين مثلاً لمدة سنة، أو ثلاثمائة، أسدد لك
المائة السابقة، وأستفيد من المائة اللاحقة، نصفها ما
نص عليه الإمام، على هذا لا تجوز، جاء إلى السوق وهذا
في ذمته دين لفلان من أهل السوق مائة ألف، فقال له:
سدد، قال: أنا محتاج، أنا جاي أدين غير اللي أنت
تخاله، غير الدين الأول، قال له: اذهب إلى فلان، جارنا
فلان، وتدين منه مائة ألف، وسدد لي، وأدينك دين جديد،
هذه صورة ثالثة، تجوز وإلا ما تجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هو قال له: اذهب إلى فلان، من الجماعة اللي يدينون
بالجفرة وإلا بغيرها، نعم اذهب إليه وتدين منه مائة
ألف، وإذا سددت ديني الأول دينتك ثانية، ما فيها إشكال
هذه، إن لم يكن الثاني ... ، الطرف الثالث ذاك شريك
للأول.
طالب:. . . . . . . . .
التعجيل؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، القسط ألفين وخمس، بدأ يدفع قسطين، قسطين.
طالب:. . . . . . . . .
(115/17)
هذا ضع وتعجل، ما في إشكال -إن شاء الله
تعالى-.
"قال مالك: وإنما كره ذلك؛ لأنه إنما يعطيه ثمن ما
باعه بعينه، ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي
ذكر له آخر مرة، ويزداد عليه خمسين دينار في تأخيره
عنه، فهذا مكروه" يعني حرام عنده، يعني حرام؛ لأنه
حيلة "ولا يصلح، وهو أيضاً يشبه حديث زيد بن أسلم في
بيع أهل الجاهلية" إلا أنهم يضعون سلعة بينهم تحلل لهم
الصورة "أنهم كانوا إذا حلت ديونهم قال للذي عليه
الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، فإن قضى أخذوا وإلا
زادوهم في حقوقهم وزادوهم في الأجل".
طالب:. . . . . . . . .
لا هو لو فرق الصفقة ما في مانع، يعني لو قال: أنا
محتاج مائة ألف دينيها، ويبقى الدين الأول يتيسر -إن
شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كانا في عقد واحد بطل، إذا كانا في عقد واحد، وإن
كانا في عقدين منفصلين فلا بأس، يعني الدائن قال
للمدين: أنا والله مضطر الآن، إن كان عندك شيء فعجله
وأنزل لك ما في شيء -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ في العقد الأول؟ في أول العقد قال: إن أتيت به
على الوقت بعد سنة فالمبلغ كذا، وإن قدمته نزلت لك
كذا، لا، هذا مثل بيع بمائة حالة أو بمائتين آجلة، لا
ما يصل هذا.
طالب: ....
إيه، إيه، خلنا نشوف السؤال؛ لأنه كثر الكلام عنه.
يقول: هل يغتفر يسير الربا؟ وما حجة من أجاز المساهمة
في بعض الشركات وإن كانت مختلطة مع أن فيها شيئاً
يسيراً من الربا؟
أولاً: هذا الذي ذكر أن مذهب أبي حنيفة صحة العقد مع
تحريم الأكل هم يمنعونه من جهة أخرى، يمنعون وقولهم في
الأسهم أشد من قول من يمنع المختلطة فقط، يمنعونه
باعتبار أنه اشتمل على إيش؟ بيع وصرف، فيمنعون
المختلطة والنقية، فالسامع يسمع كلامهم في المختلطة،
ونظر رأي أبو حنيفة ويكفيه، ما ينظر إلى القول الآخر،
ولذلك يتداولون أن من قال بهذا القول يبيح المختلطة،
ما يبيح المختلطة، هو يمنع الجميع لأن فيها بيع وصرف،
فهذا الذي تشوش على الناس.
هنا يقول: هل يغتفر يسير الربا؟
(115/18)
بعضهم قال: إن يسير الربا مثل يسير النجاسة
يغتفر عنه، لكن هل -بالله عليكم- هل قال أحد من أهل
العلم: إنه يجوز لأحد أن يأتي إلى شخص فيقول: بل على
ثوبي بولاً يسيراً ولا أغسله، هل اغتفر هذا أحد من أهل
العلم؟ وما معنى أن يكون عذاب القبر أنه لا يستبرئ من
بوله؟ الذي يقع عليه شيء يسير جداً بالنسبة لما يخرج
منه، وهذا لا يعفو عنه أحد، لكن قالوا عن أبي حنيفة
أنه يجيز مثل الدرهم البغلي في النجاسات المخففة، ما
هي بالمغلظة بعد، إذا وقعت، إذا وقعت يتسامح في
إلقائها، فهل يقول أبو حنيفة لشخص قال لآخر: تعال بل
على ثوبي، وهذا أمر يسير، وأهل العلم من الحنابلة
والشافعية وجمهور أهل العلم لا يتجاوزون عما لا يدركه
الطرف كرؤوس الإبر، هذا منصوص عليه، ونقول: لا، الربا
مثل البول؟! واحد يقول لي: وجد من يقول: إنه لا مانع
خذ الربا، وسدد به ديونك، قلت: كل أموال الناس، الديون
لا تسددها، ولا تأكل الربا، هذا أسهل من الربا نسأل
الله العافية، مع أن أكل أموال الناس أمره عظيم، لكن
يبقى أن الربا أعظم، حرب لله ورسوله، ويقول: خذ الربا!
شيخ الإسلام -رحمه الله- وهو أسهل الناس في هذا الباب
يقول: الأموال التي فيها شبهة، ما هي بالأقوال
المرجوحة، الأقوال المستوية، إذا كانت أدلتها واحدة،
ومستوية من حيث النظر، ولم تستطع أن ترجح صار عندك
شبهة، سدد فيها الديون، أما تأخذ أموال محرمة تسدد
الديون، هذا ما قال به أحد، ولا شك أن مثل هذا التساهل
يجر إلى أمور.
(115/19)
هل تتصورون أن من أهل العلم ممن عرف بالعلم
والتعليم أزمان يمكن نصف قرن تساهل في هذه الأمور
شيئاً فشيئاً حتى رؤي في مجلس بين طلاب علم أعد
لتكريمه، وقال: هاتوا ربا البنوك كلها أنا أكلها، يعني
متى وصل إلى هذا الحد؟ هذا سببه التساهل، يتساهل في
عقد، ثم ثاني، ثم ثالث، ثم يعاقب بما هو أعظم، إلى أن
يقول بمثل هذا الكلام، أقول: ولا مجنون يقول مثل هذا
الكلام، وأهل العلم يقررون في تفسير قول الله -جل
وعلا-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ
يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي
يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275)
سورة البقرة] يقول: آكل الربا يبعث مجنون يوم القيامة،
هنا يقول: يسير الربا، واليسير يمتدون فيه من خمسة
بالمائة إلى ثلاثين بالمائة، الثلث والثلث كثير،
الثلاثين أقل من الثلث؛ لأن الثلث ثلاث وثلاثين.
طالب:. . . . . . . . .
ما يجوز أكله، لا يجوز أكله، لكن التساهل الإشكال أنه
يجر إلى ما هو أعظم منه، يعني يتساهل الإنسان في مسألة
ثم يعاقب بأشد منها، وهكذا إلى أن يستمرئ الأمور،
عظائم الأمور، والله المستعان.
طالب: ما هو تحليل الشيخ ابن عثيمين؟
الشيخ ابن عثيمين في شركة صافولا فقط، وهي محتملة،
وقال: الورع تركها، ويش معنى هذا الكلام؟ فهموا منه
أنه يجوز المساهمة فيها مع أن فيه ثمان أو تسع فتاوى
محررة عن الشيخ بتحريم ما فيه أدنى نسبة من الربا،
مكتوبة، لكن الذين يتبعون المتشابه بيجدون، والله
المستعان.
اللهم صل على محمد ....
(115/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(13)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع الدين والحول
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((مطْلُ الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم على
مليء فليتبع)).
وحدثني عن مالك عن موسى بن ميسرة أنه سمع رجل يسأل
سعيد بن المسيب، فقال: إني رجل أبيع بالدين فقال: سعيد
لا تبع إلا ما آويت إلى رحلك.
قال مالك في الذي يشتري السلعة من الرجل على أن يوفيه
تلك السلعة إلى أجل مسمى، إما لسوق يرجو نفاقها فيه،
وإما لحاجة في ذلك الزمان الذي اشترط عليه، ثم يخلفه
البائع عن ذلك الأجل، فيريد المشتري رد تلك السلعة على
البائع إن ذلك ليس للمشتري، وإن البيع لازم له، وإن
البائع لو جاء بتلك السلعة قبل محل الأجل لم يكره
المشتري على أخذها.
قال مالك: في الذي يشتري الطعام فيكتاله ثم يأتيه من
يشتريه منه، فيخبر الذي يأتيه أنه قد اكتاله لنفسه
واستوفاه، فيريد المبتاع أن يصدقه ويأخذه بكيله، إنما
بيع على هذه الصفة بنقد فلا بأس به، وما بيع على هذه
الصفة إلى أجل فإنه مكروه حتى يكتاله المشتري الآخر
لنفسه، وإنما كره الذي إلى أجل لأنه ذريعة إلى الربا،
وتخوف أن يدار ذلك على هذا الوجه بغير كيل ولا وزن،
فإن كان إلى أجل فهو مكروه، ولا اختلاف فيه عندنا.
قال مالك: لا ينبغي أن يشترى دين على رجل غائب ولا
حاضر إلا بإقرار من الذي عليه الدين، ولا على ميت وإن
علم الذي ترك الميت، وذلك أن اشترى ذلك غرر لا يدرى
أيتم أم لا يتم؟ وتفسير ما كره من ذلك أنه إذا اشترى
دين على غائب أو ميت أنه لا يدرى ما يلحق الميت من
الدين الذي لم يُعلم به، فإن لحق الميت دين ذهب الثمن
الذي أعطى المبتاع باطلاً.
(116/1)
قال مالك: وفي ذلك أيضاً عيب آخر أنه اشترى
شيئاً ليس بمضمون له، وإن لم يتم ذهب ثمنه باطلاً،
فهذا غرر لا يصلح.
قال مالك: وإنما فرق بين ألا يبيع الرجل إلا ما عنده،
وأن يسلف الرجل في شيء ليس عنده أصله أن صاحبه العينة
إنما يحمل ذهبه التي يريد أن يبتاع بها، فيقول: هذه
عشرة دنانير، فما تريد أن اشتري لك بها، فكأنه يبيع
عشرة دنانير نقداً بخمسة عشرة ديناراً إلى أجل، فلهذا
كره ذلك، وإنما تلك الدُخْلَة والدُلْسَة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع الدين والحول
الدين معروف، وهو البيع إلى أجل، والحول التحول
والحوالة، فالتحول للدين من ذمة إلى أخرى، فالحول
معناه الحوالة والتحول، كما في قوله -جل وعلا-:
{خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}
[(108) سورة الكهف] يعني تحولاً، فالحول التحول
والتحويل والحوالة للمال من ذمة إلى أخرى، كأن يكون
لزيد على عمرو مال فيأتيه، فيأتي زيد إلى عمرو المدين،
فيقول: إن لي مالاً على بكر، أحيلك بقدر ما تطلبه مني
على بكر، فينظر في حال بكر إن كان غنياً فهو موضوع هذا
الباب الذي فيه الأمر، وإن كان ليس بمليء مفلس، أو
مماطل فمثل هذا لا يلزم قبول الحوالة في مثل هذه
الصورة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج" أبو
الزناد اسمه؟ عبد الله بن ذكوان، والأعرج اسمه؟ عبد
الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطْلُ الغني ظلم،
وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع)) " مطْلُ: يعني منع
القضاء، وترديد الدائن، ويجد هذا في أسواق المسلمين،
إذا جاء الدائن قال: تأتي غداً والفلوس موجودة، فإذا
جاء غداً قال: تأتي آخر النهار، وإذا جاء آخر النهار
قال: بعد أسبوع وهكذا؛ لأن إخراج المال من اليد
بالنسبة لمن أشرب قلبه حب المال صعب جداً، وتجده يعتذر
بأعذار ليست صحيحة، فيجتمع عنده من المنكرات ما يجتمع،
ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ظلم.
(116/2)
((مطل الغني)) القادر على الأداء، ومطْلُ:
مصدر مضاف إلى الغني، وهل الغني الفاعل أو المفعول؟
فهل المصدر من باب إضافة المصدر إلى الفاعل أو إلى
مفعوله؟ ((مطْلُ الغني)) يعني المذموم هنا والموصوف
بالظلم هو كون الغني يمطل الدائن، فهو من إضافة المصدر
إلى فاعله، وقال بعضهم: إنه من باب إضافة المصدر إلى
المفعول، والمقصود بهذا أن الدائن هو الغني، فمطله وإن
كان غني ظلم، شخص له على آخر ألف، وهذا الدائن يملك
ملايين، ثم يأتي إلى هذا الشخص الذي هو مدين له بألف
يقول له: غداً، بعد غد، بعد شهر، بعد سنة، وهو قادر،
فمطله وتأخير حقه ظلم ولو كان غنياً، وإن كان فقيراً
فمن باب أولى، وهذا توجيه قول من يقول: إنه من إضافة
المصدر إلى المفعول، والحديث الآخر في الصحيحين
وغيرهما، وجاء بنص ((لي الواجد ظلم)) هو بمعناه، فاللي
هو المطل، والواجد هو الغني، والظلم الأصل فيه وضع
الشيء في غير موضعه، هو ظالم ومتعدي على نفسه، أولاً،
وعلى غيره ثانياً.
(116/3)
وجاء في بعض الروايات: ((يبيح عرضه
وعقوبته)) فإذا وجد المال على واجد غني قادر على
السداد، ثم تأخر في الدفع يوصف بأنه ظالم وحينئذٍ إذا
كان ظالماً يجوز للمظلوم أن يقع في عرضه بقدر مظلمته
{لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ
الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء]
((واتقِ دعوة المظلوم)) يجوز له أن يدعو عليه، لكن
بقدر ما ظلمه، لا يزيد على ذلك، ويجهر بذلك، لكن بقدر
مظلمته، وأهل العلم يقولون: إن له من عرضه أن يقول:
مطلني فلان، بعض الناس إذا فتح له المجال في مثل هذه
النصوص أخذ يتكلم فيه بحق وبغير حق، ويلصق فيه من
التهم ما ليس فيه، ويدعو عليه آناء الليل وأطراف
النهار، فأهل العلم يقررون أن له من عرضه أن يقول .. ،
أن يصف الواقع، مطلني فلان، لكن هل لغيره أن يقول:
فلان مماطل في المجالس يتحدث، وتكون فرصة، إذا كان أهل
التجارات بجوار بعض، والعامة يقولون: عدو المرء من
يعمل عمله، فإذا رأى أن جاره يماطل ويؤخر، فهل لهذا
الجار أن يتحدث في المجالس أن يقول: فلان مماطل، أو أن
هذه غيبة؟ الأصل أنها غيبة، هو مسلم، عرضه محترم، لكن
إذا جاء من يستشيره، ويقول له: أنا أبيع على فلان
ويؤخر، ولا أطلب منه الدفع مقدم، ولو قال له: إنه ترى
عرف بترديد الدائنين، مع قدرته على السداد، يكون هذا
من باب النصيحة، ولا يكون من باب الغيبة بقدر الحاجة.
((مطل الغني ظلم)) ومقتضى كونه ظلم أن يكون محرماً،
فلا يجوز ترديد الدائن مع القدرة على الوفاء وعلى
السداد،
طالب: أحسن الله إليك، الرواية: ((يحل دمه وماله)) أو
((عقوبته))؟
عقوبته نعم، ((يحل عرضه وعقوبته)) فللولي أن يعزره حتى
يستخرج منه المال، فهذا من عقوبته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يذكرون أيضاً من الآثار: ((لا غيبة لفاسق)).
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليست على إطلاقها، لا، لا، أبداً، الفاسق محترم،
محترم العرض، مسلم فهو محترم العرض، لكن إذا كان فسقه
يخشى من تعديه إلى غيره فيحذر منه بقدر الحاجة،
والمواضع التي يجوز فيها مثل هذا محددة عند أهل العلم،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(116/4)
من الشراح من قال: إنها جنازة يهودي، نعم
جنازة يهودي، لكن مقتضى السياق تدل على أنه مسلم؛ لأنه
لو كان يهودياً ما كان السبب في دخوله النار ووجوب
النار عليه مجرد ثناؤهم عليه بالشر، إنما وجوب النار
له لكفره، -نسأل الله السلامة والعافية-.
((مطل الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم)) إذا أتبع يعني
أحيل ((أحدكم على مليء فليتبع)) هكذا أكثر الروايات في
التخفيف (اتبع) وفي بعضها ((إذا اتبع أحدكم على مليء))
أتبع الأصل فيه أنه يتعدى بنفسه، الأصل فيه أنه يتعدى
بنفسه، وعُدي بـ (على) لأنه ضُمِّن معنى أحيل، ((وإذا
أتبع أحدكم)) يعني أحيل أحدكم على مليء كغني لفظاً
ومعنى ((فليتبع)).
إذا كان الدين على معسر، وردد الدائن باعتبار أنه لا
يملك ما يسدد به هذا الدين، فلا يدخل في الحديث، لكن
له شأن آخر، الآن المخاطب المدين، وإذا كان الحال بضد
ما ذكر فيخاطب المدين وإلا الدائن؟ الدائن بمثل قوله
-جل وعلا-: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ
إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] فالخطاب الشرعي
يتجه إلى الطرفين، والأصل أن صاحب الحق له المقالة،
فيتجه الحق على من عليه الحق، ويخاطب بمثل هذا الحديث،
فإن كان عاجزاً رجع الخطاب إلى الطرف الأول، فيلزمه
الإنظار، وفي أسواق المسلمين من الصور الشيء الكثير من
المخالفات والحيل، قد يكون المدين معسراً، ثم يقول
للدائن: لا تنظرني، وشدد علي في الطالبة، بل قد يقول
له: طالب بسجني، من أجل إيش؟ أن يسدد عنه، يستخرج صك
إعسار، ثم يسدد عنه، ووجد ما هو شر من ذلك، وجد من
يشهد لفلان أنه معسر، ثم يستخرج صكاً، أو أنه مدين
لفلان بكذا بمبلغ كذا، ثم إذا استخرج الصك وسدد عنه
اقتسما المبلغ، هذه الحيل موجودة، ولذلك القضاة
يحتاطون لمثل هذا، فالاحتياط لجميع الأطراف موجود، ولا
بد منه؛ لأن الناس تحايلوا.
(116/5)
((وإذا اتبع أحدكم على مليء)) كغني ومسر
((فليتبع)) يعني فليحتل، يقبل الحوالة، فليقبل
الحوالة، اللام هنا لام الأمر، والأصل في الأمر
الوجوب، وعلى هذا هل يلزم رضا المحيل؟ هل يلزم رضا
المحيل؟ المدين الأول؟ يلزم رضاه؛ لأنه ما يلزم أن
يحيل وهو يقول: دراهمي موجودة؛ لأن صاحب الدين غير
متضرر، لكن لو ما كان عنده دراهم، وعنده أموال على
فلان من الناس، أو على مجموعة من الناس، وأراد أن يحيل
عليها، فالمأمور هنا في الحديث الدائن الأول عليه، أن
يقبل الحوالة، وعلى هذا لا يلزم رضاه عند جمع من أهل
العلم، بناء على أن الأمر هنا للوجوب وهو الأصل، وهو
قول الحنابلة والظاهرية وأبو ثور وابن جرير وجمع من
أهل العلم.
وهذا هو الأصل فيه، وأن اللام للوجوب، لكن ألا يتضرر
ولو من وجه لا سيما مع غنى المدين الأول المحال ما
يتضرر؟ لو قال مثلاً: أنا واجد، ومع ذلك أحيلك على
فلان الغني أيضاً، يحتاج أيضاً إلى مشوار ثاني ومطالبة
جديدة لفلان الثاني، فهل يلزم أن يقبل الحوالة مع أن
المدين الأول واجد غني؟ يعني ((وإذا أتبع أحدكم على
مليء فليتبع)) يعني عموم اللفظ يشمل؛ لأن (أحد) مفرد
مضاف وهو أيضاً في سياق شرط يعم.
((إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) فهل كل أحد يلزمه
أن يتبع، ولو كان المدين الأول واجد؟
لزيد على عمرو مائة ألف، زيد عنده أرصده، وعنده شيكات
جاهزة، وعنده دراهم في متجره أكثر من هذا المبلغ،
فيقول: أنا لي على بكر مليون أحيلك عليه بمائة ألف
وبكر مليء، هذه الصورة تدخل في الحديث وإلا ما تدخل؟
تدخل، ومن باب أولى إذا كان المدين الأول الذي هو عمرو
يشق عليه الوفاء، أما لأن الأموال غير حاضرة، مع كون
المحال عليه مليئاً، يعني يدخل من باب أولى.
((إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) عرفنا أن القول
الأول في المسألة أنه يلزم الإتباع من قبل المحال؛ لأن
اللام لام الأمر، والأمر الأصل فيه الوجوب، لكن إذا
كانت ذمة الأول المشغولة بالدين ابتداءً، وهو قادر على
السداد، ويقول: أنا والله ما لي دعوة بفلان ولا علان،
أنا خصمي أنت وعندك دراهم هات، في أحد يلزمه بأن يقبل
الحوالة؟ عموم الحديث يشمل وإلا ما يشمل؟ يشمل.
(116/6)
ولذلك الجمهور على أن الأمر هنا للاستحباب،
وليس على سبيل الوجوب، ولذا لا يلزم المحال أن يقبل
الحوالة مع قدرة المدين على السداد، وبعضهم نقل
الإجماع، لكن النقل فيه ما فيه لوجود المخالف، والنقل
ليس بصحيح وهم؛ لأن المخالف موجود، طيب الجمهور ويش
الصارف عندهم لهذا الأمر؟ أنهم قالوا: إن هذا من باب
الإحسان، والإحسان ليس بواجب، الإحسان ليس بواجب، طيب
من يذكر لنا ما يدل على أن الإحسان ليس بواجب؟ العلماء
ما هم استدلوا على ضعف دلالة الإقتران بقول الله -جل
وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ} [(90) سورة النحل] وقالوا: إن العدل
واجب اتفاقاً، والإحسان ليس بواجب اتفاقاً؟ نعم، فإذا
كان هذا من باب الإحسان فليس بواجب، الأمر الثاني أنهم
قالوا: هذا أمر بعد حظر، كيف أمر بعد حظر؟ ((فليتبع))
ما الحظر الذي ورد في هذا؟ نهى عن بيع الكالئ بالكالئ،
الذي هو بيع الدين بالدين، كيف صارت الحوالة بيع دين
بدين؟ أولاً: الحديث معروف الكلام فيه لأهل العلم،
والحكم يكاد يكون متفق عليه، مسألة بيع الدين بالدين،
لكن يبقى أنه كيف صار القبول الحوالة بيع دين بدين؟
طالب: قضى دينه بدينه ....
كون المال يداً بيد هذا ما هو بوارد، يعني في صورة
الحوالة لا يمكن أن يكون المال يداً بيد؛ لأن الأصل
أنها أموال في ذمم، وما دامت في ذمم فهو دين، والأمر
بعد الحظر حكمه؟ نعم؟ نعم يعود إلى ما كان عليه قبل
الحظر، وما كان عليه هنا قبل الحظر؟ استحباب لأنه
إحسان.
مسألة الأمر بعد الحظر مسألة كبيرة، ومنهم من يطلق أنه
يكون للإباحة {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53)
سورة الأحزاب] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} [(10)
سورة الجمعة] نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
{فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] لا، إذا قضيت الصلاة
فانتشروا وابتغوا {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}
[(2) سورة المائدة] نعم؟
وين؟
اتفاق في الآية {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ} [(90) سورة النحل] هم يستدلون بهذه
الآية على ضعف دلالة الاقتران؛ لأن العدل واجب
اتفاقاً، والإحسان غير واجب اتفاقاً، على كل حال إن
الله كتب الإحسان في كل شيء.
(116/7)
طالب:. . . . . . . . .
ومرتبة الإحسان فوق مرتبة الإيمان كذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على الحوالة، مقتضى كلامهم أن الحظر متقدم أن بيع
الكالئ بالكالئ متقدم، والحوالة متأخرة، هذا مقتضى قول
الجمهور؛ لأنه أمر بعد حظر، فمقتضى قولهم: إن النهي عن
بيع الكالئ بالكالئ متقدم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن وش المانع أن يكون هذا متقدم؟
ثم نهي عن بيع الكالئ بالكالئ، تدرون ما الذي يمنع أن
يكون هذا الحديث متقدم؟ نعم؟
أنه لم يقل أحد من أهل العلم بنسخ هذا الحديث، يتفقون
على أن الحديث مُحكم، وهذا كافي في مثل هذا الباب،
وكلهم يستدلون به، لكن منهم من يستدل به على
الاستحباب، ومنهم من يستدل به على الوجوب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يكون مليء، المليء الذي إذا طلب منه المال دفع.
طالب:. . . . . . . . .
إذا توافرت الشروط بيع.
طالب: إذا أفلس ....
لكن هل يبرأ لمجرد الحوالة أو يبرأ إذا دفع المحال
عليه؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، مقتضى الحديث
والأمر أنه بمجرد ما يتبع ينتهي.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان وقت الحوالة مليء، ثم فرط في مطالبته، يعني
إذا كان هناك وقت كافي للمطالبة، وأخذ المال منه وفرط
فيه ما يرجع، هذا التفريط منه.
يقول: حديث نهي بيع الكالئ بالكالئ ضعيف جداً، وإنما
هي من مسائل الإجماع كما نص عليها؟
ما أشرنا إلى هذا، قلنا: كلام أهل العلم في تضعيفه
وواضح، لكن المعول في هذا على عمدة الاتفاق؛ لأنهم
يتفقون على النهي عن بيع الدين بالدين، وهذا الاتفاق
لا بد له من مستند، فهو المعول عليه في هذه المسألة،
لكن أحياناً يكون الحديث مع ضعفه شعار لهذه المسألة؛
لأن الاتفاق الأصل الذي استند عليه الاتفاق غير معلوم
لنا، ولا يبديه أهل الاتفاق، فيكون ما عندهم شعار إلا
هذا الحديث، فكونهم يستدلون بهذا الحديث المؤيد
بالإتفاق لا لذاته، وإنما لما يؤيده من مستند الاتفاق،
أفضل من أن يقال: العمدة في هذا، أو المعارض لهذا، أو
الصارف لهذا الاتفاق، فكونهم يصرفون بخبر أولى بكونهم
يصرفون بقول.
(116/8)
قال: "وحدثني عن مالك عن موسى بن ميسرة أنه
سمع رجل يسأل سعيد بن المسيب، فقال: إني رجل أبيع
بالدين" يعني يبيع السلع بالآجل "فقال سعيد: لا تبع
إلا ما آويت إلى رحلك" وهذا مسألة القبض، أمر لا بد
منه، والحيازة لا سيما في الطعام أمر لا بد منه،
والحيازة لغير الطعام، والنقل إلى الرحل مسألة خلافية،
وتقدم الكلام فيها، وفيها كلام ابن عباس: "ولا إخال
سائر السلع إلا كذلك" يعني مثل الطعام، وكلام سعيد
يشمل الطعام وغير الطعام.
(116/9)
"قال مالك في الذي يشتري السلعة من الرجل
على أن يوفيه تلك السلعة إلى أجل مسمى، إما لسوق يرجو
نفاقها فيه" يشتري سلعة في وقت السلعة فيه موجودة،
يشتري في هذه الأيام سلعة موجودة بكثرة في الأسواق، ثم
يقول: اشتري منك هذه السلعة على أن تحضرها لي بعد ستة
أشهر، يعني إذا قلت في الأسواق، ولذا قال: "لسوق يرجو
نفاقها فيه" اشتراها الآن، وهي موجودة بكثرة في
الأسواق، إذا قبضها وباعها في وقتها ما استفاد، لكن
إذا أخرها إلى مدة بحيث يقل وجودها في الأسواق، هل مثل
هذا يدخل في الاحتكار أو لا يدخل؟ يعني ما أحتاج الناس
إليها، يعني أفترض شخص عنده ملابس شتوية وردته في
الصيف، هل يلزم أن يبعها في وقتها؟ لا يلزم؛ لأن الناس
ما احتاجوا إليها، فيؤجل بيعها إلى ما بعد انتهاء وقت
الصيف ومجيء وقت الشتاء، فهذه السلعة .. ، خلنا نضرب
المثال عندنا بالثياب، شخص اشترى من آخر ملابس صيفية،
والآن الناس لا يحتاجونها، ولو عرضها ما جاءت بقيمة،
ينتظر بها لمدة ثلاث أشهر، أو أربعة أشهر حتى يشتد
الحر "لسوق يرجو نفاقها فيه، وإما لحاجة في ذلك الزمان
الذي اشترط عليه" توقع أن المصنع الذي يصنع هذه
الملابس يعتريه ما يعتريه، فيحتاج الناس إلى هذه
السلعة في ذلك الوقت "ثم يخلفه البائع عن ذلك الأجل"
جاء الأجل، اشترى ملابس صيفية، ونحن الآن في شهر محرم
مثلاً، وقال له: إن تسلمني هذه الملابس بعد أربعة
أشهر، جاء الأجل بعد أربعة أشهر "ثم يخلفه البائع عن
ذلك الأجل" قال: ما عندي شيء "فيريد المشتري رد تلك
السلعة على البائع" قال: أنا ما أقدر الآن أن أسلمك
إياها، في شهر خمسة، أنا ما أستطيع، لكن أسلمك في شهر
عشرة، في شهر عشرة انتهى الموسم، انتهى وقت النفاق، ما
أقدر أسلمك إلا في ذلك الوقت، فيريد المشتري الذي
يتحين السوق التي تنفق فيها هذه السلعة تروج "فيريد
المشتري رد تلك السلعة على البائع" يقول: هونت خلاص ما
أبيع، أنا أبيع في الوقت المعين، وأنت ما جبت لي
"فيريد المشتري رد تلك السلعة على البائع أن ذلك ليس
للمشتري" ليس للمشتري، لماذا؟ لأن البيع عقد لازم، لكن
إذا اتفقا عليه؟ رد تلك السلعة وقبل البائع، الأمر لا
يعدوهما "فيريد المشتري رد تلك السلعة
(116/10)
على البائع أن ذلك ليس للمشتري، وأن البيع
لازم له، وإن البائع لو جاء بتلك السلعة قبل محل الأجل
لم يكره المشتري على أخذها" قال: صحيح أنا بعت عليك في
شهر محرم، واشترطت علي أن أسلمك في رجب مثلاً أو جماد،
أنا الآن هي جاهزة عندي الآن من صفر خذها "لم يكره
المشتري على أخذها" يقول: أنا ما عندي استعداد آخذ
السلعة واستأجر لها مستودع وأحرسها، وأنا مشترط عليك،
لم يكره على أخذها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشرط الجزائي أقرب ما يكون تأصيله إلى العربون، فالذي
يجيز العربون يجيزه، والذي لا يجيز العربون لا يجيزه،
من أي وجه تشابها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم كون أحد الأطراف متضرر، فيأخذ مقابل الضرر، هذا
عند من يجيز، وعند الطرف الآخر، الذين لا يجيزون
يقولون: أخذ مال الغير بدون مقابل، فهو من أكل أموال
الناس بالباطل، اشتريت سيارة، ودفع لك ألف عربون، ما
الذي يبيح لك الألف وهو رد سلعتك؟ السلعة ردت، فما
الذي يبيح لك أخذ الألف والحديث على كل حال لا يعول
عليه ضعيف؟ فالمسألة مسألة اعتبار المصالح، ودرء
المفاسد، ولا شك أن أحد الطرفين في المسألتين متضرر،
على كل حال المسألة مسألة النظر في المصالح، وإلا
فالأصل أنه أخذ مال بدون مقابل، كونه أخذ مال بدون
مقابل ظاهر، سعلتك ردت عليك، طيب الألف هذا في مقابل
إيش؟ ما في مقابل إلا عند من يقول: إنه متضرر، فوت
عليه الزبائن، وهذا فوت عليه الانتفاع بما اتفق عليه،
هذه المدة فيأخذ مقابل هذا التفويت.
"قال مالك: في الذي يشتري الطعام فيكتاله، ثم يأتيه من
يشتريه منه، فيخبر الذي يأتيه أنه قد اكتاله لنفسه
واستوفاه، فيريد المبتاع أن يصدقه، ويأخذه بكيله: إنما
بيع على هذه الصفة بنقد فلا بأس به" لماذا؟ لأنه يجوز
أن يباع الطعام بالنقد جزافاً، لا يلزمه الكيل، يجوز
أن يباع جزافاً، فلا يلزم الكيل، الإشكال حينما يباع
الطعام بطعام مثله من جنسه، هنا لا بد من التأكد من
المساواة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد أن ينقل.
طالب:. . . . . . . . .
(116/11)
لا هو الآن يتكلم على قبول الكيل في مثل
هذه الصورة "في الذي يشتري الطعام فيكتاله، ثم يأتيه
من يشتريه منه فيخبر الذي يأتيه أنه قد اكتاله لنفسه،
واستوفاه، فيريد المبتاع أن يصدقه ويأخذه بكيله، إنما
بيع على هذه الصفة بنقد فلا بأس به، وما بيع على هذه
الصفة إلى أجل فإنه مكروه" نقد لا بأس به، وإلى أجل
مكروه، يجوز بيع الطعام بالدراهم إلى أجل وإلا ما
يجوز؟ نعم يجوز بيعه إلى أجل، ما وجه المنع هنا؟ "وما
بيع على هذه الصفة إلى أجل فإنه مكروه حتى يكتاله
المشتري الآخر لنفسه، وإنما كره الذي إلى أجل؛ لأنه
ذريعة إلى الربا" كيف ذريعة إلى الربا؟ متى يكون ذريعة
إلى الربا؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو طعام بنقد، لكن بنقد، إنما بيع على هذه الصفة
بنقد فلا بأس، أو بطعام آخر منقود؟ شوف تأمل: "إنما
بيع على هذه الصفة بنقد فلا بأس به، وما بيع على هذه
الصفة إلى أجل" فصار نقد في مقابل الأجل، لكن ما
العوض؟ دراهم وإلا طعام آخر؟ يعني لو كان طعام بطعام
يجوز إلى أجل؟ ما يجوز، ما هو العلة في هذا كون
المسألة إلى الأجل، وكون العوض طعام، يعني نتصور
المسألة في الطرفين فيما يباع به نسيئة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الطعام لا يجوز إلا يداً بيد، مثلاً بمثل، إذا
بيع بجنسه.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يداً بيد، نقد.
طالب: لكن يا شيخ هو علل قال مخافة. . . . . . . . .
لا أنا أخشى أنه في الصورة الثانية كل الثمن نقد، يعني
دراهم، في الصورة الأولى نُقد الثمن وانتهى الإشكال،
لكن في الصورة الثانية إلى أجل، وفي أثناء الأجل قد
يطلب إقالة، فيطلب طعام وما استوفاه كيلاً، الإقالة
تجوز، لكن ما استوفاه كيلاً.
طالب: تخوفه إن رجع ذلك على. . . . . . . . .
(116/12)
ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ وإلا لو كان الثمن
طعام بطعام، ما احتجنا إلى هذا الكلام، ما احتجنا إلى
مثل هذا الكلام؛ لأنه لا يباع إلى أجل "إنما بيع على
هذه الصفة بنقد فلا بأس به، وما بيع على هذه الصفة إلى
أجل فإنه مكروه حتى يكتاله المشتري الآخر لنفسه" لأنه
يضبط أموره، ليرد مثله سواء بسواء عند عدم إتمام
البيع، يعني لو حصل إقالة فيما بعد "حتى يكتاله
المشتري الآخر لنفسه، وإنما كره الذي إلى أجل لأنه
ذريعة إلى الربا" متى يكون ذريعة؟ هل يكون ذريعة إذا
سددت القيمة دراهم؟ ما يكون ذريعة، لكن يكون ذريعة
حينما تطلب الإقالة، الإقالة فيدفع طعام، وهو ما كاله
من الأصل، فيكون ذريعة إلى الربا.
"وتخوف أن يدار ذلك على هذا الوجه بغير كيل ولا وزن،
فإن كان إلى أجل فهو مكروه، ولا اختلاف في ذلك عندنا"
أظن التصوير ظاهر.
"قال مالك -رحمه الله-: لا ينبغي أن يشترى دين على رجل
غائب ولا حاضر إلا بإقرار من الذي عليه الدين، ولا على
ميت" كيف لا يشترى دين؟ ما صورة شراء الدين؟ "لا ينبغي
أن يشترى على رجل غائب ولا حاضر إلا بإقرار من الذي
عليه الدين" صورة المسألة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الربا، لكن لو قال: عندي هذه السيارة قيمتها تسعون
ألفاً، أعطيك السيارة، يعني بما يباع به نسيئة، لا بد
أن يكون بما يباع به نسيئة، أما إذا كان لا يباع به
نسيئة لا، لكن هل معنى هذا أنه لا بد من رضاي أنا، من
رضا المدين؟
الإمام مالك قال: "لا ينبغي أن يشترى دين على رجل غائب
ولا حاضر إلا بإقرار من الذي عليه الدين" هل المقصود
رضاه أو اعترافه؟ نعم؟
(116/13)
"قال مالك: لا ينبغي أن يشترى دين على رجل
غائب ولا حاضر" يعني حي، سواءً كان غائباً أو حاضراً
"إلا بإقرار من الذي عليه الدين، ولا على ميت، وإن علم
الذي ترك الميت" وإن علم هذا المشتري المال الذي تركه
الميت، يعني أن له وفاء وسداد "وذلك أن اشتراء ذلك غرر
لا يدرى أيتم أم لا يتم" كونه لا يقر الذي اشتري ما في
ذمته، اشتري بما يباع به نسيئة، عند زيد لعمرو مبلغ من
المال، أو عند الحكومة مثلاً مال لزيد من الناس، عندهم
مليون ريال إيجار مثلاً، أو ثمن مبيع، فجاء استعجل هذا
صاحب المال، وقال: بدلاً من أن أطالب الدولة، ويأخذ
الإجراء تأخذ وقت طويل، وقد تكون البنود في بعض
الأوقات لا تحتمل، فيتوقع أن المال بيتأخر، فيأتي إلى
شخص يقول: أبيع عليك هذا الدين، إن كان دراهم لا يجوز
بيعه بالدراهم؛ لأنه عين الربا، لكن يجوز أن يباع بما
يباع به نسيئة، فهل يشترط رضا الحكومة في مثل هذا أو
لا يشترط؟ ولو افترضنا أن هذا المال على شخص عادي،
يشترط رضاه أو لا يشترط؟ أو المراد هنا بالإقرار مجرد
الاعتراف، ولا يلزم منه الرضا سواء كان حاضراً أم
غائباً؟ وكأن هذا هو الأقرب؛ لأنه إذا لم يعترف، يعني
لننظر على ميت إذا كان حاضر وإلا غائب وما سأله، قال:
عندي ... ، عند فلان لي مائة ألف، أعطني هذه السيارة
التي تسوى ثمانين أحيلك عليه، احتمال أن يكون الذي في
ذمته المائة ألف مجرد دعوة، يقول: لا، أبداً، أنا ما
عندي مائة ألف، عندي له خمسين ألف، فلا بد من الاعتراف
بالمبلغ الكامل.
ودليل هذا التفسير؟ قوله في الميت شوف: "ولا على ميت،
وإن علم الذي ترك الميت" وإن كان يعرف أن هذا الميت
عنده أموال، ومعلوم أن الدين مقدم على الإرث، فيسدد
الدين قبل الإرث، لكن وما يدريك أنه مدين لآخرين بما
لا يبقي لك من دينك شيء، نعم؟
(116/14)
يقول: "ولا على ميت، وإن علم الذي ترك
الميت، وذلك أن اشتراء ذلك غرر" غرر، أنت تدري أن عنده
أموال، لكن ما يدريك أن له غرماء آخرون؟ "لا يدرى أيتم
أم لا يتم" قال: "وتفسير ما كُره من ذلك أنه إذا اشترى
دين على غائب أو ميت أنه لا يدرى ما يلحق الميت من
الدين" ما يدرى يمكن عنده ديون أخرى غير دينك "الذي لم
يُعلم به، فإن لحق الميت دين ذهب الثمن الذي أعطى
المبتاع باطلاً" قال: عندي على هذا الميت مائة ألف،
أعطني هذه السيارة أحيلك عليها، والرجل غني له أموال،
وله أملاك وضياع، فإذا كان له غرماء آخرون ذهب المال
الذي دفع، ذهبت السيارة باطلاً، ولماذا استثنى؟ هنا
قال: إلا بإقرار من الذي عليه الدين، وأما بالنسبة
للميت ما يلزم إقراره، ولا يكفي إقراره؛ لأنه لا يمكن
أن يقر ويعترف، هذا يمكن، لو كان غائب وإلا حاضر يمكن
يعترف يبحث عنه حتى يعترف، لكن الميت متى يعترف؟ وهل
يكفي اعتراف الأولاد؟ اعتراف الأولاد وما يدريهم أنه
يحضر لهم أناس آخرون لهم عندهم صكوك في ديون عليه.
"قال مالك: وفي ذلك أيضاً عيب آخر أنه اشترى شيئاً ليس
بمضمون له، وإن لم يتم ذهب ثمنه باطلاً، فهذا غرر لا
يصلح" هنا مسألة: وهي مسألة الرجل إذا مات وعليه دين،
وترك وفاء، وصاحب الدين تأخر بالمطالبة حتى قسمت
التركة، هل يرجع على الورثة في مثل هذه الصورة أو لا
يرجع؟
يقول: "وفي ذلك أيضاً عيب آخر أنه اشترى شيئاً ليس
بمضمون له، وإن لم يتم ذلك ذهب ثمنه باطلاً، فهذا غرر
لا يصلح" أما على القول بأن وقت المطالبة انتهى، وأنها
له ... ، افترض أن المسألة في شخص تأخر حتى أكل الورثة
جميع المال، يعني مدين هذا الشخص بمائة ألف ومات، وترك
مليون، وقسم على الورثة تأخر الدائن، وقسم هذا المال
على الورثة، وكل تصرف فيما وصل إليه، لا شك أن هذا
غرر.
"قال مالك: وإنما فرق بين ألا يبيع الرجل إلا ما عنده،
وأن يسلف الرجل في شيء ليس عنده أصله" يعني في السلم،
يعني إذا بعت طعام في غير السلم ((لا تبع ما ليس
عندك)) طعام أو غير طعام ((لا تبع ما ليس عندك)) حديث
حكيم بن حزام، والسلم جائز بالإجماع تبيع ما ليس عندك،
لكن لا بد من تحديد الأجل والثمن والكيل والوزن ...
إلى آخره.
(116/15)
يقول: "وإنما فرق بين ألا يبيع الرجل إلا
ما عنده، وأن يسلف -يعني يسلم- الرجل في شيء ليس عنده
أصله" على الخلاف في اشتراط كون صاحب السلم مالك للأصل
أو غير مالك "أن صاحب العينة إنما يحمل ذهبه الذي يريد
أن يبتاع بها، فيقول: هذه عشرة دنانير فما تريد أن
اشتري لك بها؟ فكأنه يبيع عشرة دنانير نقداً بخمسة
عشرة ديناراً إلى أجل، فلهذا كره هذا، وإنما تلك
الدُخْلَة والدُلْسَة" إيش معنى هذا الكلام؟ نعم؟ الآن
في مسألة السلم ليس الحديث عنها؛ لأنه يجوز وإن كان
غير مالك للأصل، نأتي إلى ما يقابله، شخص يبيع ما ليس
عنده، يقول: إن صاحب العينة الذي أخذ العين المال،
وباع ما ليس عنده، إنما يحمل ذهبه الذي يريد أن يبتاع
بها صاحب العين، أو صاحب المال "يحمل ذهبه الذي يريد
أن يبتاع بها فيقول: هذه عشرة دنانير فما تريد أن
يشتري لك بها؟ " يعني هل المراد بالعينة العينة
المعروفة الواردة في حديث: ((إذا تبايعتم بالعينة))؟
الإمام مالك يوسع مسمى العينة، يتوسع في مفهوم المسمى،
فما مراده بالعينة؟ الفقهاء يقول المحشي: فسروا العينة
بأن يبيع الرجل متاعه إلى أجل، ثم يشتريه في المجلس
بثمن حال ليسلم به من الربا، وقيل لهذا البيع: عينة
لأن لمشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عيناً، أي نقداً
حاضراً، أو لأن صاحب السلعة رجع إليه عين ماله، وذلك
حرام إذا اشترط المشتري على البائع ... إلى آخره.
هذه العينة الاصطلاحية المشهورة الآن، لكن ما هو مالك
-رحمه الله تعالى- بصاحب العينة؟ هل المراد به الذي
يعود إليه عين ماله، أو المراد به صاحب العين الذي هو
صاحب المال؟ "أن صاحب العينة إنما يحمل ذهبه الذي يريد
أن يبتاع بها فيقول: هذه عشرة دنانير فما تريد أن
أشتري لك بها؟ فكأنه يبيع عشرة دنانير نقداً بخمسة عشر
ديناراً إلى أجل، فلهذا كره هذا، وإنما تلك الدخلة
والدلسة" يعني إنما دخل الخلل على هذه الصورة من الغرر
والجهالة والتدليس في البيع، صورة المسألة، ما صورتها؟
إحنا عرفنا أن شخص معه عشرة دنانير جايبهن، صاحب
العين، معه عشرة دنانير، ويريد أن يبتاع بها "إنما
يحمل ذهبه الذي يريد أن يبتاع بها فيقول: هذه عشرة
دنانير فما تريد أن أشتري لك بها؟ ".
(116/16)
الآن صاحب الدراهم العشرة هذه يريد أن
يشتري للطرف الآخر طعام أو سلعة أخرى فكأنه يبيع عشرة
دنانير نقداً بخمسة عشر ديناراً إلى أجل، يعني هذا
الشخص معه عشرة دنانير يأتي إلى شخص يريد سلعة فيشتري
له هذه السلعة بعشرة دنانير، فيقول له: هذه السلعة إلى
أجل بخمسة عشر ديناراً واضح وإلا ما هو بواضح؟ وهذه
صورة المرابحة بمجرد الوعد، أما بالعقد الذي قبل
الشراء واضح أنه باع ما ليس عنده، وكأنه باع الدراهم
بالدراهم، يعني هذه ظاهرة.
لكن المسألة في مجرد الوعد هل يدخل في كلام الإمام
مالك؟ يعني هل مسألة التورق تدخل في العينة المحرمة أو
لا تدخل؟ يعني شخص محتاج إلى عشرة دنانير فقال واحد:
هذه عشرة دنانير معي، قال: أعطني إياها، قال: ما أعطيك
إياها سلف قرض، ما أعطيك إياها، أنا لا بد أن أستفيد،
قال: أعطني إياها عشرة أو بخمسة عشر دينار إلى أجل،
نقول: هذا عين الربا، قال: إذاً أشتري لك سلعة بهذه
العشرة، ماذا تريد أن أشتري لك؟ قال: تشتري لي كذا،
بناء على أن مثل هذه السلعة التي أراد أن يشتريها له
سلعة لا تكسد؛ لأن بعض السلع إذا اشتريت كسدت يبحث عمن
يشتري ما يجد.
لا شك أن السلع تتفاوت في نفاقها، بعضها يدرج بسرعة،
ولذلك الآن الناس متجه إلى الأسهم، يقول: أنت بيعها
بلحظة ولا تخسر بينما السلعة الأخرى إذا عرضتها على من
يسوم يمكن تنزل قيمتها، والمسألة كلها في مسألة التورق
التي منها هذه الصورة لا تخلو من تحايل؛ لأن مقصود
المشتري ليست السلعة، إنما مقصوده هذه الدراهم، وإنما
أجازها عامة أهل العلم لمسيس الحاجة إليها، ولا فيه
بديل على الربا إلا هي.
أحياناً قد لا تجد من يقرضك، لا تجد من يبيع لك بيع
سلم، فما في حيلة إلى التوصل إلى الحاجة إلا بالتورق،
(116/17)
هذا قال: معي عشرة دنانير، قال شخص: أنا
محتاج عشرة دنانير، قال: هذه عشرة، وجبنا الاحتمالات،
وقال: أعطني إياهن، وأعطيك إياهن بعد سنة أردهن عليك،
قال: لا يا أخي أنا أبى استفيد، قال: هاتهن وأفيدك
أعطيك خمسة عشر دينار، قال: هذا عين الربا، لكن ماذا
تريد أن أشتري لك من السلع؟ هذا إن اتفقوا على شيء، أو
أبرموا عقد قبل أن يشتري صاحب العشرة دنانير السلعة
هذا باع ما ليس عنده، ولا يلزم من هذا أن يكون العقد
تام، حتى لو أخذ عليه عربون، أو أخذ عليه قيمة عقد أو
مكاتبة، كل هذا فيه شيء من الإلزام، أما مجرد الوعد
بحيث يكون الطرف الثاني في حل حتى يتم ملك الطرف الأول
للسلعة ملك تام ومستقر هذا مجرد وعد ما له أثر في
البيع.
وهنا قال: "فما تريد أن أشتري لك بها" قلنا: إنه إذا
كان مجرد وعد هذا ما فيه إشكال، وهذا ليس بملزم،
وللطرف الثاني أن يترك الصفقة، ولو في آخر لحظة، ما
الذي يلزمه، ما دام العقد ما أبرم، لكن كأن الإمام
مالك يلحق مثل هذه الصورة بالعينة، فكأنه يبيع عشرة
دنانير نقداً بخمسة عشر ديناراً إلى أجل، يعني درهم
بدرهمين بينهما حريرة هذه السلعة، عشرة بخمسة عشر
بينهم هذه السلعة "فلهذا كره هذا، وإنما تلك الدخلة
والدلسة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولا ديانة، لا، لا؛ لأنه لو ألزمناه ديانة ألزمناه
بشراء ما لا يملك، أو بيع ما لا يملك.
طالب: إخلاف الوعد.
إخلاف الوعد إذا لم يكن في ظنك أو في ذهنك عند إبرام
الوعد إخلافه فلا حرج فيه، إذا حصل ما يمنع من إتمامه
فلا شيء فيه، والله أعلم.
وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
(116/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البلوغ (14)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
الله اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الشركة
والتولية والإقالة
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يبيع البز المصنف،
ويستثني ثياباً برقومها: إنه إن اشترط أن يختار من ذلك
الرقم فلا بأس به، فإن لم يشترط ...
وإن لم يشترط.
طالب: عندنا فاء.
أحسن الله إليك.
إنه إن اشترط أن يختار من ذلك الرقم فلا بأس به، وإن
لم يشترط أن يختار منه حين استثنى فإني أراه شريكاً في
عدد البز الذي اشتري منه، وذلك أن الثوبين يكون رقمهما
سواء، وبينهما تفاوت في الثمن.
قال مالك: الأمر عندنا أنه لا بأس في الشرك والتولية
والإقالة منه في الطعام وغيره قَبِضَ ذلك أو لم يقبض
إذا كان ذلك بالنقد ولم يكن في ربح ولا وضيعة ولا
تأخير للثمن فإن دخل ذلك ربح أو وضيعة أو تأخير لواحد
منهما صار بيعاً يحله ما يحل البيع، ويحرمه ما يحرم
البيع، وليس بشرك ولا تولية ولا إقالة.
قال مالك: من اشترى سلعةً بزاً أو رقيقاً فبت به، ثم
سأله رجل من يشركه ففعل ونقد الثمن صاحب السلعة
جميعاً، ثم أدرك السلعة شيء ينتزعها من أيديهما فإن
المُشَرّك يأخذ من الذي أشركه الثمن، ويطلب الذي أشرك
بيّعَه الذي باعه السلعة بالثمن كله إلا أن يشترط
المشرك على الذي أشرك بحضرة البيع، وعند مبايعة البائع
الأول، وقبل أن يتفاوت ذلك أن عهدتك على الذي ابتعت
منه، وإن تفاوت ذلك وفات البائع الأول فشرط الآخر
باطل، وعليه العهدة.
قال مالك: في الرجل يقول للرجل: اشتر هذه السلعة بيني
وبينك، وانقد عني، وأنا أبيعها لك أن ذلك لا يصلح حين
قال: انقد وأنا أبيعها لك، وإنما ذلك سلف يسلفه إياه
على أن يبيعها له، ولو أن تلك السلعة هلكت أو فاتت أخذ
ذلك الرجل الذي نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه، فهذا
من السلف الذي يجر منفعة.
(117/1)
قال مالك: ولو أن رجلاً ابتاع سلعة فوجبت
له ثم قال له رجل: أشركني بنصف هذه السلعة، وأنا
أبيعها لك جميعاً، كان ذلك حلالاً لا بأس به، وتفسير
ذلك أن هذا بيع جديد باعه نصف السلعة على أن يبيع له
النصف الآخر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الشركة
الشركة والاشتراك بين أكثر من واحد أو اثنين أو ثلاثة
أو أكثر في عين أو منفعة، والتولية: هي البيع برأس
المال الكل أو البعض، والإقالة: هي طلب فسخ البيع من
أحد الطرفين من المشتري أو من البائع لندمه على هذه
الصفقة.
"قال مالك -رحمه الله تعالى- في الرجل يبيع البز
المصنف" الذي يكون مجموعاً من أصناف متعددة "يبيع البز
المصنف، ويستثني ثياباً برقومها" في الحديث: "نهى عن
الثنيا إلا أن تعلم" لا بد أن يكون المستثنى معلوماً،
إذا استثنى لا بد أن يكون هذا القدر المستثنى معلوماً
لدى الطرفين، أما إذا كان مجهولاً فإن الإستثناء لا
يصح.
"يستثني ثياباً برقومها أنه إن اشترط أن يختار من ذلك
الرقم فلا بأس به" لو باعه جميع ما في المستودع من
البز برقوم مختلفة هذه نقوشها حمراء، وهذه نقوشها
صفراء، وهذه نقوشها خضراء، اشترط وأثمانها متباينة،
النقش الأحمر يزيد على النقش الأخضر، والأخضر يزيد عن
الأصفر، وهكذا، أو العكس، إن اشترط منها عشرة ثياب
مثلاً، ولم يبين الرقم ولا الوشي ولا النقش الذي تزيد
به السلعة أو تنقص يكون هذا استثناء مجهول، لكن لو
قال: أبيعك هذا المستودع على أن تترك لي عشرة من
الثياب نقوشها كذا، رقمها كذا، نقشها أخضر، نقشها
أصفر، مما تتميز به، وتكون معلومة إذا بين ذلك
فالإستثناء صحيح.
(117/2)
"إنه إن اشترط أن يختار من ذلك الرقم فلا
بأس به" يعني ذلك الرقم المعين "وإن لم يشترط أن يختار
منه حين استثنى، فإني أراه شريكاً في عدد البز الذي
اشتري منه، وذلك أن الثوبين يكون رقمهما سواء وبينهما
تفاوت في الثمن" كيف يكون الرقم سواء وبينهما تفاوت في
الثمن؟ اللهم إلا إذا كان الذرع يختلف، يعني هذا لونه
أصفر وذرعه خمسة أذرع، وهذا لونه أصفر وذرعه سبعة أذرع
حينئذٍ يتفاوت الثمن، أو كان النقش على هيئة معينة
وصورة معينة، ولو كان اللون واحد.
المقصود أنه إذا كان يتفاوت به الثمن لا يصح استثناؤه
على جهة الملك، وإنما يصح استثناؤه على جهة الشركة،
ويش الفرق بين الأمرين؟ لماذا فرق الإمام مالك -رحمه
الله- بين المسألتين؟! يستثني ثياباً برقومها، إن
اشترط أن يختار من ذلك الرقم فلا بأس به، هل اشتراطه
أن يختار قبل عقد الصفقة وقبل ثبوت البيع؟ يختار شيء
معين من هذه الثياب؟ هذا لا إشكال فيه سواء اتحد الرقم
أو اختلف، ما يمنعه أحد؛ لأنها غير داخلة في الصفقة،
ما استثني غير داخل الصفقة، ومعلوم قبل ثبوت البيع،
لكن إذا ثبت البيع وهذه الرقوم التي استثناها معلومة
عند الطرفين لا إشكال أيضاً؛ لأنها من الثنياء
المعلومة، لكن إذا كانت الثنياء مجهولة، إما أن الرقم
يختلف اختلافاً يتغير به الثمن، أو الذرع في الطول
والعرض يختلف اختلافاً مؤثراً في الثمن، فإنه لا يجوز
الإستثناء على سبيل الملك، وإنما يجوز الإستثناء على
سبيل الشركة، كيف يجوز الإستثناء على سبيل الشركة؟
ولذلك يقول: "إنه إن اشترط أن يختار من ذلك الرقم فلا
بأس به، وإن لم يشترط أن يختار منه حين استثنى، فإني
أراه شريكاً في عدد البز الذي اشتري منه، وذلك أن
الثوبين يكون رقمهما سواء، وبينهما تفاوت في الثمن" لو
قال مثلاً: هذا المستودع في مائة قطعة، فيه مائة ثوب،
أبيعها عليك إلا عشرة بمبلغ كذا، ولم يذكر رقماً ولا
لوناً ولا شيئاً يكون شريك بهذه النسبة، شريك بهذه
النسبة بالعشر، لكن ليس له أن يأخذ منها عشر قطع وهو
ما عين، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ في إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
(117/3)
طالب:. . . . . . . . .
يستثني ثياباً برقومها، أنه إن اشترط أن يختار من ذلك
الرقم فلا بأس به، يعني اشترط عشرة ثياب معلومة
الرقوم، فيختار من هذه المائة عشرة بهذه الرقوم التي
استثني تكون ثنيا معلومة، ما فيها إشكال، الثاني: "وإن
لم يشترط أن يختار منه حين استثنى فإني أراه شريكاً في
عدد البز الذي اشتري منه" يعني استثنى عشرة ولم يختر
الرقم المعين وقت الإستثناء نعم يكون شريك بالنسبة،
كأنه قال: أبيعك هذه الثياب إلا عشرة، فيكون شريك
بالنسبة، شريك بنسبة عشرة بالمائة من السلعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا إذا أراد أن يختار من رقم معين، لا بد أن يكون
الرقم معين له أن يستثني؛ لأن الثنيا معلومة، أما إذا
كان فيه أخلاط والرقم غير معين فإنه شريك بالنسبة فليس
له أن يختار عشرة ثياب، لا، إنما يكون شريك بالعشر،
إذا بيعت يستحق عشر القيمة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
تلف العشر، على قدر حصصهم، عليهم جميع، نعم عليهم
جميع.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيه من هذه الحيثية؛ لأن الثنيا غير معلومة، فلا
يصح الاستثناء، وإنما تصح الشركة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا على رأي الإمام مالك، لكن إذا حصل مشاحنة مثلاً
قال: أنا قصدي بالعشر من الثياب الجيدة، وقال: لا أنا
قصدي حينما وافقتك من الثياب الرديئة، وحصل مشاحنة
يفسخ البيع.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه لا بأس في الشرك والتولية
والإقالة منه" لا بأس بالشرك: يعني بالشراكة بالشركة،
والتولية: البيع بنفس الثمن، بعتك هذه السلعة بثمنها،
أو جزء منها على أن تشركني به برأس مالي، والإقالة:
سواء كان إقالة بالجميع، أو إقالة بالبعض دون البعض،
اشترى السلعة فوجده مغبوناً فيها، فندم على هذا العقد
فطلب من البائع الإقالة، أو البائع ندم على هذا البيع
فطلب من المشتري الإقالة، جاء في الخبر ((من أقال
نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة)) والإقالة إحسان
من المقيل إلى المقال، سواء كانت بالكل أو بالبعض،
قال: أنا ما أتحمل البضاعة كاملة، لو أقلتني بنصفها
ويثبت عليّ نصفها بالعقد كذلك "في الطعام وغيره" نعم؟
(117/4)
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
الفائدة أنت اشتريت كتاب لما رحت إلى البيت وجدت عندك
نفس النسخة، ثم جاءك شخص وقال لك: بكم تبيع علي
الكتاب؟ قلت: أبيع عليك برأس مالي، بقيمته، أنت راغب
عن الكتاب، وقد يكون بعد أيضاً بلغك أن الكتاب متوفر
في مكتبات أرخص مما اشتريته به، فتقول: أبيعك برأس
مالي، وهو يطمع أيضاً أنك ما دام تبيعه برأس مالك أنك
متفضلاً عليه ومحسن عليه، لكن من تمام النصيحة أن
تقول: أبيعك برأس مالي لأني وجدت النسخة عندي، أو لأنه
متوفر في الأسواق، يعني من باب النصيحة؛ لئلا يطمع فيه
فيطمع في غير مطمع، بعض الناس إذا سمع رأس المال فرح،
قال: هذا جزاه الله خير لم يكسب علي، وهو ما يدري أنك
من جهة أخرى تتمنى الخلاص، لكن تقول: برأس مالي ولا
تبدي له الثمن، حتى يقول: قبلت؛ لأنك إذا قلت: والله
أبيعه عليك برأس مالي بمائة، وهو قد يكون يعرف أنه
يباع بتسعين مثلاً، لو قلت له: أبيعك بمائة وهو يعرف
أنه يباع بأقل من ذلك، أو يظن أنك اشتريته بأقل من
ذلك، قد لا يقدم على الشراء، لكن إذا قلت: أبد الله
يوفقك برأس مالي، يظن أنك محسن عليه، ويبادر بالشراء.
"في الطعام وغيره" يعني اشترى طعام فجاء شخص وقال:
أريد نصفه شركة، يجوز أن تشركه، وأيضاً بالتولية تبيع
عليه نصفه أو كله بما اشتريت به، والإقالة كذلك "في
الطعام وغيره، قَبِضَ ذلك أو لم يقبض" الآن الشركة
والتولية والإقالة بيع وإلا ليست بيع؟ هل هي إلى البيع
أقرب أو إلى الإرفاق اقرب؟ لأنه قال: "قبض ذلك أو لم
يقبض" لأنه إذا قلنا: بيع لا يجوز البيع قبل القبض،
وإذا قلنا: إنها عقود إرفاق وليست ببيع قلنا: إنه يجوز
ذلك كالقرض.
(117/5)
"إذا كان ذلك بالنقد، ولم يكن فيه ربح ولا
وضيعة" يعني المشتري اشترى بألف، وأشرك من طلب الشركة
النصف بخمسمائة، ونقده مباشرة، أو أقاله بنفس القيمة،
أو ولاه إياه بنفس القيمة، بألف، لا أكثر بألف ومائة،
ولا أقل بتسعمائة "إذا كان ذلك بالنقد، ولم يكن فيه
ربح ولا وضيعة" لأنه إذا كان فيه ربح أو وضيعة صار
بيعاً "ولا تأخير للثمن" لا بد أن ننقده إياه، لماذا؟
لأننا إذا لم نقل بيع فكأنه باع القيمة بالقيمة، ما
باع السلعة هو، وحينئذٍ لا تجوز الزيادة ولا يجوز
التأخير.
"ولا تأخير للثمن، فإن دخل ذلك ربح أو وضيعة، أو تأخير
من واحد منهما، صار بيعاً يحله ما يحل البيع، ويحرمه
ما يحرم البيع" يعني يشترط له جميع ما يشترط لصحة
البيع، من الشروط السبعة المعروفة، "ويحرمه ما يحرم
البيع، وليس بشرك ولا تولية ولا إقالة" فدل على أن
الشرك والتولية والإقالة ليست بيعاً، ولذا لا يشترط
فيها قبض المبيع قبل حصول أحد هذه الأمور الثلاثة، ولو
كانت بيعاً لما جاز شيء منها إلا بعد القبض.
(117/6)
"قال مالك: من اشترى سلعةً بزاً أو رقيقاً
فبت به" إيش معنى بت به؟ ألغى الخيار، يعني عزم على
إبرام العقد "ثم سأله رجل أن يشركه ففعل، ونقدا الثمن
صاحب السلعة جميعاً" يعني ثبت البيع، ثم جاء شخص قال:
أريد أن أشاركك في هذه السلعة، ولم ينقد الثمن الأول،
وإنما اجتمعا لنقده، السلعة بألف كل واحد دفع خمسمائة
"ونقدا الثمن صاحب السلعة جميعاً، ثم أدرك السلعة شيء
ينتزعها من أيديهما" انتبهوا يا الإخوان، "من اشترى
سلعةً بزاً أو رقيقاً فبت به، ثم سأله رجل أن يشركه
ففعل، ونقدا الثمن صاحب السلعة جميعاً، ثم أدرك السلعة
شيء ينتزعه من أيديهما" يعني تبين أن السلعة غير
مملوكة من قبل البائع ملكاً تاماً ومستقراً؛ لأن من
شرط البيع أن يكون البائع مالكاً للسلعة، تبين أن
البائع ليس بمالك للسلعة "ثم أدرك السلعة شيء ينتزعه
من أيديهما لفساد البيع، فإن المشرك يأخذ من الذي
أشركه الثمن" ويش الفائدة من قوله: "ونقدا الثمن
جميعاً صاحب السلعة"؟ يعني ما هو بمتجه في الكلام أن
الجميع أن الاثنين يرجعان إلى صاحب السلعة؛ لأنهما
نقداه في حال واحدة، نعم لو أن الثاني سلم الخمسمائة
للمشتري الأول، ثم إن المشتري الأول ضم هذه الخمسمائة
إلى الخمسمائة التي عنده، ونقدها صاحب السلعة قلنا:
يرجع الثاني على المشتري الأول، والمشتري الأول يرجع
على البائع، لكن هما معاً نقدا الثمن للبائع، كيف
نقول: إنك أيها المشترك الثاني تأخذ الثمن من صاحبك
الذي شركك، ولا تأخذها من الشخص الذي نقدت له الثمن؟
طالب: لأنه هو الذي تولى العقد، المفروض أنه يستوفي
شروطه، اللي هو الأول.
نعم هو الذي بت البيع، لكن الآن ما هو بالخصم هو الذي
استلم الثمن؟ يعني تحميله الثمن كاملاً لأنه فرط، يعني
ما دقق في صحة البيع.
طالب: يعني إذا كان الانتزاع فقط بسبب فساد البيع لعدم
الملكية للأول فهو مفرط.
لا شك أنه مفرط، لكن ويش الفرق بين هذه الصورة وما هو
أولى منها؟ يبت البيع الأول، ثم يأتي من يطلب الشركة
من الأول ويقول: خذ هذه خمسمائة وادفعها للبائع الأول،
يعني ويش الفائدة من قوله: "ونقدا الثمن"؟
طالب: لأنه ما يكون بأجل.
لا، لا، الآن، الآن، بت البائع، بت البيع وانتهى.
(117/7)
طالب: ودفعوا نقد.
ودفعوا الاثنين نقد للبائع الأول، هذه الصورة التي
ذكرها المؤلف -رحمه الله-، لكن الصورة التي هي أولى
منها بالحكم فيما إذا بت الأول بعد بته مباشرة قال:
أشركني هذه خمسمائة، ادفعها ضمها إلى خمسمائتك وادفعها
للبائع، يكون هذا من باب أولى وإلا فلا؟
طالب: من باب أولى.
لأنه في الأصل أن من استلم الثمن يرده، من استلم ثمناً
يرده إلى صاحبه الذي سلمه، وهنا في هذه الصورة لا يرده
إلى صاحبه الذي سلمه، يرده إلى من أبرم معه العقد؛
لأنه هو خصمه، فيلزمه أن يرده إليه، والشريك الثاني
يرجع على المشتري الأول؛ لأن المشتري الأول فرط في
السؤال عن تمام الملك، لكن هل يلزم السؤال عن تمام
الملك؟ لكن في كل سلعة، في كل محل ذهبت إلى المعارض
معارض السيارات ووجدت شخص نعم ووجدت شخص يدور بسيارة،
ويبيعها ويغلب على الظن أنه أهل لملكها.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل يسأل المالك مالك السلع أي سلعة كانت عن سبب
تملكها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذهب، الذهب يسرق ويباع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ينظر في حال البائع، ينظر في حال البائع.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال القرائن التي تحتف بالبائع يستدل بها على
غلبة ظن، إما أن يكون مالكاً أو غير مالك، مثل هذا إذا
غلب على الظن أنه غير مالك لا بد من التثبت، وإذا غلب
على الظن أنه مالك لا يحتاج، والأصل أن من يعرض سلعة
بيده لا يسأل في أسواق المسلمين، لكن إذا وجد التجاوز
في مثل هذا وجد من يسرق أو يتصرف في أموال الغير بغير
إذنهم أن يُحتاط لمثل هذا الأمر.
"ثم أدرك السلعة شيء ينتزعها من أيديهما فإن المشرك
يأخذ من الذي أشركه الثمن" لأن العقد صار معه، العقد
صار بينهما، ولم يكن العقد من الثاني مع البائع الأول
صحيح أنه سلمه الثمن، لكن العقد إبرام العقد الأصلي
بين المشتري الأول ومن بيده السلعة، العقد الثاني صار
بين الشريك الثاني مع المشتري الأول، فهو خصمه.
(117/8)
"فإن المشرك يأخذ من الذي أشركه الثمن،
ويطلب الذي أشرك بيّعَه الذي باعه السلعة بالثمن كله"
يعني من أبرم عقد وبته هو الذي يرجع على من بيده
السلعة "إلا أن يشترط المشرَّك -أو المشرِّك- إلا أن
يشترط المشرك على الذي أشرك بحضرة البيع وعند مبايعة
البائع الأول إذا اشترط" اشترى السلعة بألف، وقبل أن
ينقد الثمن جاءه شخص وقال: هذه خمسمائة في مقابل أن
تشركني في نصف السلعة، قال: هات الخمسمائة وسلمها
للبائع، لكن ترى شوف أنت أيها البائع الأول السلعة هي
ليست لي وحدي، بل هي لي أنا وفلان، ويشاركني فلان في
الغنم والغرم، والعقد منك بيننا، بيني وإياه، فهذا
اشترط "إلا أن يشترط المشرك على الذي أشرك بحضرة
البيع" يعني بحضرة البائع، وعند مبايعة البائع الأول
"وقبل أن يتفاوت ذلك" ويش معنى يتفاوت؟ قبل أن يتفاوت
ذلك "أن عهدتك على الذي ابتعتُ منه، وإن تفاوت ذلك
وفات البائع الأول فشرط الآخر باطل وعليه العهدة" يعني
إذا حصل التفرق وعند مالك التفرق بالأقوال أو
بالأبدان؟ بالأقوال، حصل التفرق، وقبل أن يتفاوت ذلك،
يعني يحصل فيه من الوقت ما يحصل فيه التفاوت، من لزوم
بيع، أو ارتفاع في قيمة السعلة، أو نقص فيها، المقصود
يحصل شيء مؤثر "وقبل أن يتفاوت ذلك أن عهدتك على الذي
ابتعت منه، وإن تفاوت ذلك وفات البائع الأول فشرط
الآخر باطل وعليه العهدة" يعني البائع الأول ذهب من
قبل أن يشترط الثاني أن السلعة له ولفلان على حد سواء
فكونه يشترط عليه بعد ذلك الشرط باطل.
(117/9)
"قال مالك في الرجل يقول للرجل: اشتر هذه
السلعة بيني وبينك" الرجل زيد يقول للرجل عمرو: اشتر
هذه السلعة بيني وبينك "وانقد عني الثمن، وأنا أبيعها
لك: إن ذلك لا يصلح" لماذا؟ نعم قرض جر نفعاً؛ لأنه
قال: "انقد عني الثمن" أقرضني الثمن وادفعه لصاحب
السلعة، أقرضني إياه وأخدمك في بيعها، فيكون هذا من
باب القرض الذي جر منفعة "وانقد عني وأنا أبيعها لك أن
ذلك لا يصلح حين قال: انقد عني وأنا أبيعها لك، وإنما
ذلك سلف يسلفه إياه على أن يبيعها له" هذا سلف قرض على
أن يبيعها له فيكون قد جر نفعاً، وحينئذٍ لا يجوز "ولو
أن تلك السلعة هلكت أو فاتت أخذ ذلك الرجل الذي نقد
الثمن من شريكه ما نقد عنه، فهذا من السلف الذي يجر
منفعة" لو أن السلعة هلكت قال: اشتر لي هذه السلعة
بيني وبينك شركة، اشتر هذه السلعة بألف وادفع خمسمائة
عنك وخمسمائة عني، وأنا في مقابل هذا الدفع وهذا النقد
وهذا السلف وهذا القرض أنا الذي أتولى بيعها، أنا أطلع
به إلى السوق وأبيعها، وهي بيننا، قلنا: هذا قرض جر
نافعاً، لكن ماذا لو هلكت السلعة؟ لو تلفت السلعة بيد
المشتري الذي نقد الثمن كاملاً، أو بيد الذي طلب
الشركة، وخرج بها ليبيعها مرتكباً المخالفة القرض الذي
جر نفعاًً؟ يقول: "وإنما ذلك على أن يبيعها له ولو أن
تلك السلعة هلكت أو فاتت أخذ ذلك الرجل الذي نقد الثمن
من شريكه ما نقد عنه، فهذا من السلف الذي يجر منفعة"
يعني الآن البيع ثبت وإلا ما ثبت؟ الشركة ثبتت وإلا ما
تثبتت؟ ما هو مقرر الإمام -رحمه الله- أنها من القرض
الذي جر منفعة؟ صحيح وإلا ليس بصحيح؟ الشركة صحيحة
وإلا باطلة؟ قرض جر نفعاً، الشركة صحيحة وإلا باطلة؟
هو نقد عنه، ونوى أن يشركه، فتلفت السلعة، الإمام
يقول: أخذ ذلك الرجل الذي نقد الثمن من شريكه ما نقد
عنه، فهذا من السلف الذي يجر منفعة، متى يكون يجر
منفعة؟ إذا تحققت المنفعة، لكن السلعة تلفت قبل حصول
هذه المنفعة.
الإمام مالك كأنه -رحمه الله- يرى أنه قبل حصول هذه
المنفعة العقد صحيح، ولذلك قال: "أخذ ذلك الرجل الذي
نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه" لأنها لم تتحقق
المنفعة بعد.
طالب:. . . . . . . . .
(117/10)
لا، شو الربح لك وهو شريك؟ يقول السلعة
بألف، هذه السلعة بألف أنقد ألف خمسمائة عنك وخمسمائة
عني، وإذا بعتها نقتسم المال أنا الذي أتولى بيعها،
نعم وحينئذٍ قيمتها تكون بنينا وبينك، نبيعها بألف
ومائتين لك ستمائة ولي ستمائة، أقرضه الخمسمائة في
مقابل الخدمة التي هي تولي البيع، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هو الآن أبطلها الإمام مالك إذا حصلت المنفعة، صارت
قرض جر نفعاً، وقال: أخذ ذلك الرجل الذي نقد الثمن، لو
قال: إن العقد باطل غير صحيح، ما يرجع الشخص الذي دفع
المال كامل على هذا الذي طلب الشركة.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو لو حصلت هذه المنفعة قلنا: قرض جر نافع، لكن ما
الفرق في هذه المسألة بين المضاربة بين هذه المسألة
والمضاربة؟ هذا يكون منه المال وهذا يكون منه العمل
والربح بينهما، وهذا يقول: أنا دفعت مال وأنا بجهدي
وشركة، ويش صار؟
طالب: هذا عمله وقروشه وجهد.
من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم ويفترقان في أنه أقرضه، لكن لو جاء شخص وقال:
أنت عندك ملايين جالسة، أقرضني خمسة ملايين، وأنت ادفع
خمسة ملايين، وأنا أشتغل بعشرة، والربح بيننا، قلنا:
قرض جر نفعاً، لكن لو قال: ادفع لي عشرة ملايين أشتغل
بها ما في قرض، والربح بيننا صارت مضاربة وقراض، على
ما سيأتي، أظن الفرق ظاهر.
طالب: واضح.
والإمام مالك كأنه أثبت الشركة إذا لم يحصل ما يفسدها،
وهو المنفعة، ولذلك قال: "أخذ ذلك الرجل الذي نقد
الثمن من شريكه ما نقد عنه" أخذ خمسمائة منه؛ لأن
المنفعة المبطلة للقرض ما بعد حصلت، هذا كله تقرير
كلام الإمام -رحمه الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
(117/11)
لا، لا، هو يحكي حكم، لا، حكم شرعي "أخذ
ذلك الرجل الذي نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه" أو تبي
ذيل للمسألة؟ أنت بهذا الكلام ما هو بمستقل، ذيل
للمسألة "وإنما ذلك سلف يسلفه إياه على أن يبعها له،
ولو أن تلك السلعة هلكت أو فاتت أخذ ذلك الرجل الذي
نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه، فهذا من السلف" يعني
الكلام كله تابع لما تقدم، أنتم معنا يا إخوان؟ هو يبي
أن الكلام الأخير الأخ يريد أن الكلام الأخير من تتمة
شرح الصورة، من تتمة شرح الصورة، لا بيان حكم مستقل،
نعم "ولو أن تلك السلعة هلكت أو فاتت أخذ ذلك الرجل
الذي نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه" الكلام الأخير
"ولو أن تلك السلعة" الواو هنا استئنافية أو هي من
تمام شرح الصورة السابقة؟ ولذلك جاء الجواب، الجواب
"فهذا" يعني جميع ما تقدم من السلف الذي يجر منفعة،
لكن هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ في العقود هل العبرة
بالحال أو بالمآل؟
طالب: بالمآل.
لا، لا، إذا قلنا: إنها من تمام شرح الصورة قلنا:
الحال، ولذلك أخر الجواب، فهذا من السلف الذي يجر
منفعة، ترى الكلام له وجه، يعني كونه من تمام شرح
الصورة، يعني هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ تعرفون أن
هذه قاعدة كبرى، ما هي بسهلة، العبرة بالمآل أو في
الحال حال العقد؟ ينظر في حال العقد؟ يعني نعم لو
قلنا: العبرة بالمآل في ما إذا لم يشترط في العقد،
يعني اقترض ألف سدد ألف ومائة، لو قلنا: العبرة بالمآل
ما صح مثل هذا، وإذا قلنا: العبرة بالحال عند العقد،
المؤثر عند العقد، ولذا يقررون أن العبرة بما في الحال
لا في المآل.
في العبادات مثلاً شخص أحرم بالعمرة في عصر آخر يوم من
شعبان، يقول: أنا أحرم العصر لتكون عمرتي رمضانية، قيل
له: لماذا لا تتأخر حتى يعلن عن دخول الشهر؟ قال: من
أجل أدرك صلاة العشاء والتراويح مع الناس، نعم وأؤدي
العمرة بعد التراويح، أؤديها في رمضان، فتكون عمرة
رمضانية، هل ننظر إلى أداء العمرة أو إلى إحرامها وقت
عقدها؟ هل هي عمرة رمضانية وإلا شعبانية؟ شعبانية،
نقول: انتظر حتى يعلن عن الشهر فتدخل في الشهر.
(117/12)
وقل مثل هذا فيما لو احرم في آخر لحظة من
رمضان، وأدى العمرة بعد إعلان خروج رمضان، نقول: عمرة
رمضانية؛ لأن العبرة بالحال لا بالمآل، ولهذا الذي
يتجه ما قاله الأخ في أن هذا من تمام شرح الصورة، أن
من تمامها أنه لو هلكت السلعة لرجع إليه لأنه أقرضه،
وما دام أقرضه لا يجوز له أن ينتفع منه بشيء؛ لأن هذا
قرض جر نفعاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
العقد بين الولد مع أبيه باعتبار أن الأب له أن يأخذ،
يعني الأمر فيه أوسع، لكن مع غيره، أي جمعية، أي جهة
من الجهات تأخذ منها مبلغ، وتضمن رأس المال بلا خسارة،
والربح يكون بينهما مثل هذا العقد يجوز وإلا ما يجوز؟
نعم ما يجوز؛ لأن التجارات كلها مبنية على الاحتمالين،
الربح والخسارة.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون تبرع؟
الأصل أن يجري العقد على مقتضى النظر الشرعي، فيخضعان
للربح والخسارة، لكن إذا أدى ما عليه ولو خسر المال،
أخذ مائة ألف ورجع تسعين، ثم قال: ما دام جهة خيرية
أدفع عشرة تبرعاً منه، هذا ما فيه إشكال، الأمر لا
يعدوه.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لا ينص عليه في العقد، لا ينص في العقد.
طاالب:. . . . . . . . .
نعم، نعم، لا بد من. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
نعم معروف أن الضمان ما يجوز، الضمان ما يجوز، بل لا
بد أن يخضع الطرفان للربح والخسارة، نعم؟
قال: هذا مبلغ من المال ضارب به، والربح بيني وبينك،
هذه المضاربة المعروفة، القراض، هذه معروفة ما فيها
إشكال، لكن لو قال: أنا أريد نسبة من الربح وراتب شهري
مثل هذا لا يجوز؛ لأنه ضمان للربح.
"قال مالك: ولو أن رجلاً ابتاع سلعة فوجبت له، ثم قال
له رجل: أشركني بنصف هذه السلعة، وأنا أبيعها لك
جميعاً، كان ذلك حلالاً لا بأس به، وتفسير ذلك أن هذا
بيع جديد باعه نصف السلعة، على أن يبيع له النصف
الآخر" يعني اختلاف هذه الصورة عن الصور الأولى أنه
أقرضه في الأولى، هنا ما أقرضه، باع عليه، باع عليه
بيع دون قرض.
(117/13)
"ولو أن رجلاً ابتاع سلعة فوجبت له، ثم قال
له رجل: أشركني بنصف هذه السلعة، وأنا أبيعها لك
جميعاً" أبيعها لك على أن يكون الربح بينهم مناصفة،
أشركني بنصف هذه السلعة، مقتضى ذلك أن يدفع قيمة
النصف، ومقتضى دخوله أو من فائدة إشراكه أن يبيعها له،
يريحه من مسألة بيعها، فبين الصورتين وجه تشابه
وبينهما اختلاف.
التشابه في الشركة بينهما، وأن أحدهما يتولى البيع،
واحد تولى الشراء، والثاني يتولى البيع، والثانية
كذلك، إلا أنه في الصورة الأولى أقرضه، والثانية لم
يقرضه، باع عليه، سواء نقده الثمن أو لم ينقده الثمن،
إنما باعها عليه بيعاً.
"كان ذلك حلالاً لا بأس به، وتفسير ذلك أن هذا بيع
جديد باعه نصف السلعة على أن يبيع له النصف الآخر"
وهذا العقد يتضمن بيعاً وإيش؟
طالب: وشرط.
بيع وشرط، فهل مثل هذا يصح أو لا يصح؟ بيع وشرط، في
قصة جمل جابر النبي –عليه الصلاة والسلام- اشترى الجمل
واشترط حملانه إلى المدينة، اشترط الحملان إلى
المدينة، وجاء النهي عن بيع وشرط، تقدم الكلام في
المسألة والخلاف فيها، لكن هذه لا شك أنها متضمنة
للبيع والشرط، فمنهم من يحمل الشرط على الشرط الفاسد،
ومنهم من يحمل الحديث على مسألة العينة، أشتري منك على
أن تشتري مني، إلى غير ذلك من الأقوال التي مرت، ومثل
هذه الصورة -إن شاء الله تعالى- لا شيء فيها، هذا
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
(117/14)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(15)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في إفلاس
الغريم
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((أيما رجل باع مبتاع فأفلس الذي ابتاعه
منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً، ووجده في عينه
فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع في أسوة
الغرماء)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة -رضي الله
تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من
غيره)).
قال مالك -رحمه الله تعالى- في رجل باع من رجل متاع
فأفلس المبتاع: فإن البائع إذا وجد شيئاً من ماله
بعينه أخذه، وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب
المتاع أحق به من الغرماء، لا يمنعه ما فرق المبتاع
منه أن يأخذ ما وجد بعينه، فإن اقتضى من ثمن المبتاع
شيئاً فأحب أن يرده، ويقبض ما وجده من متاعه ويكون
فيما لم يجد أسوة الغرماء فإن ذلك له.
قال مالك: من اشترى سلعة من السلع غزلاً أو متاعاً أو
بقعة من الأرض، ثم أحدث في ذلك المشتري عملاً بنى
البقعة داراً، أو نسج الغزل ثوباً، ثم أفلس الذي ابتاع
ذلك، فقال رب البقعة: أنا آخذ البقعة، وما فيها من
البنيان إن ذلك ليس له، ولكن تقوم البقعة وما فيها مما
أصلح المشتري، ثم ينظر كم ثمن البقعة، وكم ثمن البنيان
من تلك القيمة ثم يكونان شريكين في ذلك لصاحب البقعة
بقدر حصته، ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان.
(118/1)
قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة ذلك كله
ألف درهم وخمسمائة درهم فتكون قيمة البقعة خمسمائة
درهم، وقيمة البنيان ألف درهم، فيكون لصاحبه البقعة
الثلث، ويكون للغرماء الثلثان.
قال مالك: وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا،
ولحق المشتري دين لا وفاء له عنده هذا العمل فيه.
قال مالك: فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها
المبتاع شيئاً إلا أن تلك السلعة نفقت، وارتفع ثمنها
فصاحبها يرغب فيها، والغرماء يريدون إمساكها، فإن
الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي
باعها به، ولا ينقصوه شيئاً، وبين أن يسلموا إليه
سلعته، وإن كانت السلعة قد نقص ثمنها، فالذي باعها
بالخيار إن شاء أن يأخذ سلعته، ولا تباعة له في شيء من
مال غريمه فذلك له، وإن شاء أن يكون غريماً من الغرماء
يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته فذلك له.
وقال مالك في من اشترى جارية أو دابة فولدت عنده ثم
أفلس المشتري، فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع
إلا أن يرغب الغرماء في ذلك فيعطونه حقه كاملاً،
ويمسكون ذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في إفلاس الغريم
(118/2)
إفلاس: مصدر أفلس يفلس إفلاساً فهو مفلس،
ويقال: أفلس الرجل إذا لم يكن عنده فلوس لا درهم ولا
متاع، كما جاء في الحديث الصحيح: ((أتدرون من المفلس؟
)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، يعني
لا شيء عنده، ومنهم من يقول: إن أفلس يعني دخل في حيز
الإفلاس، والإفلاس صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم
ودنانير، والفَلس معروف أنه شيء يسير بالنسبة للدرهم،
والدرهم شيء يسير أيضاً بالنسبة للدينار، فالفلوس هذه
العملة الصغيرة وجودها مثل عدمها في كثير من الأحيان،
مثل الدانق، الدانق لا يشترى به شيء، يعني شيء يسير،
وهو عبارة عن سدس الدرهم، الدانق سدس الدرهم، وكذلك
الفلس شيء يسير، فوجوده في حكم العدم، فالمفلس الذي
لديه فلوس، وليس لديه دراهم ولا دنانير، يعني لو أن
غريماً في أيامنا هذه مدين عليه ديون، ولديه مبالغ
يسيرة، عنده ريالات هل يؤثر هذا في فلسه؟ لا يؤثر؛ لأن
هذه الريالات لو أعطاها الغرماء ما قبلوها، ولذا يرى
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن له أن يتصدق بشيء
منها، من هذه الدراهم، وإن كان مديناً، ومعلوم أن وفاء
الديون واجب، والصدقة بالنسبة له مستحبة، لكن لما كانت
هذه الصدقة لا تؤثر في هذه الديون صار أمرها يسيراً،
فله أن يتصدق، يعني فقير يملك عشرات أو مئات، ثم يأتيه
سائل ثم يعطيه عشرة مثلاً أو ريال أو خمسة وهو مدين
بدون كثيرة، هل يلام على هذا أو لا يلام؟ ما تؤثر هي
في الدين، لو أعطاها الغريم ما قبلها أصلاً.
كان شخص من أهل العلم أيضاً غريم بخمسة عشر مليون،
وأدخل السجن بسببها، فوجد شخصاً كبير السن في السجن
فقال له: ما الذي أجلسك هنا؟ قال مدين بعشرة آلاف،
قال: هذه عشرة آلاف واطلع، كتب له شيك بعشرة آلاف
وأخرجه؛ لأن عشرة آلاف بالنسبة للخمسة عشر مليون لو
دفعها إلى الدائن ما قبلها، فمثل هذه الأمور التصرفات
اليسيرة التي لا تؤثر في الدين ولا يقبلها الدائن لا
أثر لها.
المقصود أن المفلس من أنتقل من حال إلى حال، من حال
اليسر والغنى إلى حال الفقر والحاجة، وكانت ديونه أكثر
من موجوداته مما يجده مما يمكن أن يقضي به.
(118/3)
إفلاس الغريم، الغريم: فعيل وهو الغارم
المدين، وسمي الغريم غريماً لأن دائنه يلازمه، وجاء في
قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ
غَرَامًا} [(65) سورة الفرقان] يعني ملازم للمعذبين
كملازمة الغريم لغريمه، لا يفلته.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" أحد الفقهاء السبعة من
التابعين، ولذا الخبر مرسل "أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- قال: ((أيما رجل)) " أيما رجل مركبة من
(أي) التي تنوب مناب الشرط، و (ما) المبهمة المزيدة
التي لا أثر لها في الإعراب، ولذا صح جر المضاف إليه،
صح دخولها بين المضاف والمضاف إليه، لا أثر لها في
الإعراب ((أيما رجل)) فرجل مضاف إليه، والمضاف (أي)،
ويصح أن يقال: أيما رجلٌ، فرفعه على البدلية من (أي)
فالتعبير بالرجل مع أن الحديث يشمل كل مبتاع حصل له ما
يحصل مما ذكر في الحديث من الإفلاس، يشمل الرجل
والمرأة، لكن لما كان البيع والشراء من أعمال الرجال
ومن مهامهم عبر بالرجل تعبيراً أغلبياً.
((أيما رجل باع متاعاً)) أيما رجل هذا بالنسبة للبائع؛
لأنه وصف بكونه ((باع متاعاً، فأفلس الذي ابتاعه منه))
يعني الذي اشتراه منه ((ولم يقبض الذي باعه من ثمنه
شيئاً)) بهذا القيد، وهذا القيد إنما يوجد في هذا
الخبر المرسل، وهو وإن اختلف في وصله وإرساله فقد وصله
عبد الرزاق، وهو في جميع الموطئات مرسل،
((ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً)) يعني باع قطعة
أرض بمائة ألف فأفلس المشتري البائع أحق بهذه الأرض،
لكن لو قدر أن صاحبها سلمه نصف القيمة خمسين ألف،
مفهوم هذا الكلام أنه أسوة الغرماء، لا يستحق نزعها
منه، لو قال: أنا أرد الخمسين الألف، المفهوم من هذه
الجملة أنه أسوة الغرماء ولو رد.
(118/4)
((فوجده بعينه)) وجده بعينه لم يتغير فيه
شيء، وجده بعينه لم يتغير فيه شيء مفهومه أنه لو وجده
متغير سواء كان بنقص أو بزيادة أنه ليس بأحق به من
غيره، اشترى كتاباً مجلداً تجليد عادي، فجاء المشتري
ونزع الجلد، ثم أفلس هل نقول: إن صاحب الكتاب البائع
أحق به؟ لأنه وجده بعينه أو وجده متغير؟ متغير، وعكس
ذلك في ما لو نزع الجلد التجليد العادي وجلده تجليد
فاخر، الصورة الأولى فيها نقص، والصورة الثانية فيها
زيادة، أما في صورة النقص لو قبل البائع، قال: أنت
نزعت الجلد، لكن أنا أقبل، هذه سلعتي بعينها، هل هذه
السلعة هي عين السلعة أو غير السلعة؟
طالب: عين السلعة.
عين السلع لكنها نقصت عند المشتري، وقبل البائع هذا
النقص، قبلها على نقصها، يعني قياس الأولى أن يكون أحق
بها ما دام قبل، لكن إذا كانت زادت؟ يعني جلدها تجليد
فاخر، وتعب عليها، وصارت قيمتها ضعف قيمتها في السابق،
هنا لا يكون أحق بها.
سيأتي في كلام مالك -رحمه الله- أن الزيادة في السلعة
إذا كانت السلعة قد زادت زيادة متصلة أو منفصلة فالأمر
إلى الغرماء، إذا رضوا أن يردوها لهم ذلك، وسيأتي في
كلامه -رحمه لله-.
((فهو أحق به من غيره)) هذا المال الذي ابتاعه البائع
أحق به من غيره ((وإن مات الذي ابتاعه)) عرفنا أن
مفهوم الجملة الأولى أنه إذا دفع إليه شيئاً من ثمنه
فليس بأحق، وماذا عن .. ؟ إذا أفلس فهو أحق، إذا أفلس
المبتاع ووجد المال بعينه فهو أحق به عن البائع، لكن
إذا مات؟ إذا مات المبتاع ((فصاحب المتاع في أسوة
الغرماء)).
أخذ بهذا الحديث الإمام مالك والإمام أحمد، وفرقوا بين
الإفلاس والموت، فرقوا بين الإفلاس والموت عملاً بهذا
الخبر، وهو وإن كان مرسلاً إلا أن مالك احتج
بالمراسيل، وأحمد في رواية يحتج بها إذا لم يكن في
الباب غيرها، ففرقوا بين الإفلاس والموت، فجعلوا في
صورة الإفلاس البائع أحق بها من غيره، وفي صورة الموت
الصورة الثانية صاحب المتاع فيه أسوة الغرماء.
(118/5)
وقال الكوفيون بما فيهم الحنفية، قالوا: هو
أسوة الغرماء مطلقاً، فلم يعملوا بهذا الحديث، لا
أقول: بالزيادات التي استقل بها المرسل حتى بما في
الصحيحين: ((أيما رجل أفلس فأدرك ماله بعينه فهو أحق
به من غيره)) فعندهم هو أسوة الغرماء مطلقاً، لماذا؟
لأن المال بالإيجاب والقبول انتقل من البائع إلى
المشتري، والعقد الصحيح الذي تترتب عليه آثاره من
انتقال الملك في العين المبيعة انتقالاً تاماً من
البائع إلى المشتري يقتضي أن لا رد، ولا رجوع، يعني
باستثناء الخيار والإقالة، أما إذا لزم البيع وثبت
فالبيع عقد لازم، لكن الحديث المتفق عليه يرد هذا
الكلام.
وقال الإمام الشافعي: هو أحق به مطلقاً في الإفلاس
والموت، قول الشافعي يقابل قول الكوفيين الذين قالوا:
هو أسوة الغرماء مطلقاً، والشافعي يقول: هو أحق به
مطلقاً في حال الإفلاس وفي حال الموت، ما دام وجد
سلعته هو أحق بها، فلم يعملوا بالجملة الشرطية في
الرواية الأولى: ((وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع
في أسوة الغرماء)) لأنها ضعيفة، والشافعي متى يحتج
بالمراسيل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كبار التابعين طيب، يعني بشروط أربعة، منها ما في
المرسَل، ومنها ما في المرسِل، أن يكون المرسِل من
كبار التابعين، وماذا عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام كبير وإلا متوسط؟ متوسط؛ لأن أباه عبد
الرحمن بن الحارث له رؤية، له مجرد رؤية، وجده صحابي
الذي سأل أصناف الوحي، كيف يأتيك الوحي يا رسول الله؟
في الصحيح، في البخاري، فهو من أوساط التابعين، فلا
يندرج عليه شرط الإمام الشافعي، ولذا قال: هو أحق به
مطلقاً في الإفلاس والموت، وكأن هذه الجملة لم يثبت
عنده ما يشهد لها.
(118/6)
لو أن مفلساً اشترى، لو أن شخصاً اشترى
سلعة، اشترى بيت بخمسمائة ألف ثم أفلس، وصار مديناً
بمليون لصاحب هذا البيت خمسمائة، ولغرماء آخرين
خمسمائة، ثم جاء صاحب البيت الذي باعه قال: أنا أحق به
بالنص، قال الغرماء: نحن مستعدون ندفع لك خمسمائة
ويصير البيت لنا، يعني إذا دفع الغرماء الثمن هل
البائع أحق به نظراً لإطلاق الحديث وعمومه، أو ليس
بأحق به لأنه إنما صار أحق به لعلة، وقد زالت هذه
العلة بدفع القيمة؟ نعم؟
طالب: لعلة.
العلة هو استحق لئلا يضيع عليه ماله، وقد دفع له ماله،
يستحق وإلا ما يستحق؟
طالب: ما يستحق.
هاه؟
طالب: يستحق المال. . . . . . . . .
يستحق الرجوع بعين ماله أو يسقط حقه ما دام العلة
زالت؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب إذا أصر، قال: أنا عندي النصف، أنا وجدت مالي عند
رجل قد أفلس، ولا أبي إلا مالي ما أبي الثمن، يعني هل
معنى الإفلاس إبطال للبيع؟ هل هو إبطال للبيع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذن بالرجوع وليس إبطالاً للبيع، لكن الإمام الشافعي
يقول: لا يسقط حقه، هذا حق أتاحه له الشارع فلا يسقطه
تدخل غير صاحب الشأن؛ لأنه لو افترضنا أن هذا البيت
باعه بخمسمائة، ووقت المطالبة هذه صار يستحق ستمائة،
فقال الغرماء: نحن ندفع لك خمسمائة ونأخذ البيت، قال:
لا أنا لا أريد إلا ما أتيح لي شرعاً، فأنا أحق به
منكم، نعم يتصور مثل هذه المشاحة فيما إذا زادت قيمة
البيت، لكن لو افترضنا العكس، أحق به من غيره، لو أن
البيت بخمسمائة، والآن ما يستحق إلا ثلاثمائة، قال
الغرماء: عندنا إلا بيتك، استلم بيتك، قال: أنا لا
أريده، له ذلك أو ليس له ذلك؟ نعم؟
طالب: الشافعي ليس له ذلك، على مذهب الشافعي.
إيه لكن على علة الأولى، التي هي قول الأكثر، له أن
يرفض؟
طالب: لا ليس له، العلة أن يفصل ....
ثلاثمائة، ماله خمسمائة، يقول: أنا مالي في ذمتك
خمسمائة، والبيت ما يستحق إلا ثلاثمائة.
طالب:. . . . . . . . .
(118/7)
لو نظرنا إلى الصيغة فهو أحق به، هل هذه
تلزمه؟ كونه أحق من غيره، يعني إذا رضي أن يكون أسوة
الغرماء أحد يلزمه بأن يأخذ السلعة؟ لا أحد يلزمه؛ لأن
البيع لازم، نعم هو أحق بهذه السلعة إذا رضي، وأما
كونه يلزم بها وقد كسدت، فمثل هذا لا يقول بها أحد.
طالب: ويش الأظهر من الأقوال، هل هو قول المالكية
والحنابلة أم قول الثوري أم الشافعي؟
يعني هل هو يفرق بين الإفلاس والموت؟
طالب: نعم.
هو وجه التفريق بين الإفلاس والموت أنه في حال الإفلاس
الذمة قائمة، وفي حل الموت الملك انتقل من المورث إلى
الوارث، والذمة ليست قائمة، ففي هذا ضرر كبير على بقية
الغرماء.
طالب:. . . . . . . . .
يعني أنت افترض إذا وجد الإفلاس فقط، أو الموت من غير
إفلاس، أو اجتمع الأمران موت وإفلاس، يعني هذه القسمة
ثلاثية يحتمل غيرها؟ إما إفلاس فقط، وعرفنا الحكم، أو
موت فقط من غير إفلاس، مثل هذا ليس بأحق بها؛ لأن
الورثة مستعدين، والدين مقدم على الإرث وعلى الوصية،
فهو من عين التركة يؤخذ، إذا اجتمع الإفلاس والموت، هل
يقال: إنه ... ؟ يعني مات ولم يورث سوى هذا البيت،
وعليه ديون كثيرة، نقول: هو مفلس، والعين قائمة، فهو
من هذه الحيثية يدخل في الحديث الثاني الذي ليس فيه
تقييد بالموت، وكونه قد مات وانتقل المال من المورث
إلى الوارث، وله غرماء آخرون، فيختلف الموت عن الإفلاس
المجرد في هذه الصورة، ولذا اختلفوا، فمنهم من سوى بين
الموت والإفلاس، ومنهم من فرق.
شوف الحديث الثاني، قال:
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة -رضي الله
تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من
غيره)).
(118/8)
((أيما رجل أفلس)) هناك في تنصيص على البيع
والشراء ((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو
أحق به من غيره)) وهذا أعم من مسألة البيع؛ لأن الأولى
فيها تنصيص على البيع، وهذه يدخل فيها كل ما استولت
عليه اليد قبل الإفلاس، ثم حصل الإفلاس، على أي وجه،
كان سواء عارية أو هبة أو غصب أو سرقة، لكن النصوص
الأخرى تبين أن هذه الأحقية في حال البيع، يعني النصوص
يفسر بعضها بعضاً، وخير ما يفسر به الحديث الحديث؛
لأنه في حال الهبة، والهبة بعد القبض انتهت، صارت مال
هذا المفلس وليست مالاً للمهدي في حال الغصب والسرقة
هو أحق بها مطلقاً؛ لأنها ما انتقلت من يده الحكمية
فهو حق مطلقاً، وعلى هذا الحديث محمول على مسألة
البيع.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن يفسره الحديث المفسر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن ((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه)).
طالب:. . . . . . . . .
طيب غصب وسرقة، المقصود أن عمومه، أن عموم الحديث هذا
مفسر بما جاء في الحديث المبين.
طالب:. . . . . . . . .
هو ماله، ما له منازع فيه، هو ما خرج من يده من أجل أن
ينازع فيه.
طالب:. . . . . . . . . لكن المبين لو كان ضعيفاً؟
وما يلحق به، يعني من باب أولى إذا لم يكن صفقة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن ما دامت الاحتمالات قائمة، الاحتمالات لا بد
أن تورد جميع الاحتمالات، ويتحدث عنها.
الآن الشيخ يقول: كيف نعتمد في تفسير حديث على حديث
ضعيف؟ أولاً: معروف حكم الحديث الضعيف في مسألة
الاحتجاج، لكن ترجيح أحد الاحتمالين الذين يحتملهما
الخبر يكون بالضعيف، كما قرر ذلك ابن القيم في تحفة
المودود في أحكام المولود، قرر ابن القيم أن الضعيف
يرجح به، يعني إذا تساوت الاحتمالات يرجح بالضعيف.
((أيما رجل أفلس)) وتقدم الكلام فيه ((فأدرك الرجل
ماله)) أيما رجل فأدرك الرجل، الرجل الثاني هو الأول
وإلا لا؟ وإلا غيره؟
((أيما رجل أفلس فأدرك الرجل)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأول: ((أيما رجل أفلس)) يعني المشتري ((فأدرك
الرجل)) يعني البائع فهو غيره.
(118/9)
إذا أعيدت النكرة معرفة فهل تكون عينها أو
غيرها؟ نعم؟ تكون عينها أم غيرها؟ هل تكون عين الأولى
أو غير الأولى؟
طالب:. . . . . . . . .
تكون إيش؟
طالب: عينها.
صحيح عينها {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا
شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى
فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}
[(15 - 16) سورة المزمل] فالرسول الثاني هو الأول،
فإذا أعيدت النكرة معرفة كانت عينها، عين الأولى، لكن
لو أعيدت نكرة، جاءني رجل فأكرمت رجلاً، فهي غيرها،
وهنا عينها وإلا غيرها؟ نعم؟ غيرها بلا شك؛ لأن النكرة
الأولى موصوفة، والنكرة الموصوفة تفيد ما يفيده
المعرفة ((أيما رجل أفلس)) هذه نكرة موصوفة وليست نكرة
مطلقة، جنس شائع أو لفظ شائع في جنسه، بدليل أننا لو
قلنا: أيما رجل ...
طالب:. . . . . . . . .
حتى تكون موصوفة أيضاً لو قلنا: أيما رجل باع على غيره
فأدرك الرجل ماله بعينه، هذه موصوفة، لكن الوصف هنا
أخرجها عن شيوعها، فصارت في حكم المعرفة، فلم تكن
إعادة النكرة معرفة هنا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما في عموم، يعني النكرة تفيد العموم، جنس شائع،
لفظ شائع في جنسه رجل، إذا قلت: جاء رجل، شائع في هذا
الجنس، لكن لو قلت: جاء رجل فقير، قل، قل هذا الشيوع،
وقرب من التعيين والتحديد، وهذا هو الذي جعل إعادة
النكرة هنا معرفة، لا تكون عينها.
((فأدرك الرجل ماله بعينه)) مال مفرد مضاف وهو يعم،
سواء كان مال من جنس واحد، أو من أجناس، يعني أموال
((بعينه)) يعني لم يتغير فيه شيء، الأصل أن يكون لا
تغير فيه بزيادة ولا نقصان ((فهو أحق به من غيره)).
وقلنا: إنه إذا نقص لا يخرجه هذا النقص عن كونه ماله،
وكونه بعينه، لا يخرجه هذا عن كونه بعينه، أما لو زاد
ما صار بعينه ((فهو أحق به من غيره)).
(118/10)
"قال مالك في رجل باع من رجل متاعاً فأفلس
المبتاع فإن البائع إذا وجد شيئاً من ماله بعينه أخذه"
بالنص، "وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه، فصاحب
المتاع أحق به من الغرماء" باع عليه عشر نسخ من كتاب،
ثم أفلس، فلما جاء صاحب الكتب البائع قال: والله بعت
خمس نسخ، هذه الخمس الباقية هي عين ماله، لا يخرجه
كونه تصرف في بعضها عن كونها عين ماله "وإن كان
المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من
الغرماء، لا يمنعه ما فرق المبتاع منه، وأن يأخذ ما
وجد بعينه، فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئاً، فأحب أن
يرده ويقبض ما وجد من متاعه، ويكون فيما لم يجد أسوة
الغرماء فإن ذلك له" يقول: "لا يمنعه ما فرق المبتاع
منه أن يأخذ ما وجد بعينه، فإن اقتضى من ثمن المبتاع
شيئاً" يعني افترض أنه اشترى عشر نسخ من كتاب، النسخة
بمائة، هذا ألف، قال: خذ مائتين مقدم مثلاً، فلما جاءه
بعد الإفلاس، قال: أنا بعت خمس نسخ، قال: خلاص ننزل
نسختين، ويبقى في ذمتك ثلاثمائة "يكون فيها أسوة
الغرماء، ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فذلك له" لأن
ما وجده هو ماله بعينه.
"قال مالك: ومن اشترى سلعة من السلع غزلاً" صوف أو شعر
أو وبر أو غيرها "غزلاً أو متاعاً أو بقعة من الأرض،
ثم أحدث في ذلك المشتري عملاً، بنى البقعة داراً، أو
نسج الغزل ثوباً، ثم أفلس الذي ابتاع ذلك"، أفلس، نسج
الغزل ثوباً، وبنى البقعة داراً "ثم أفلس الذي ابتاع
ذلك، فقال رب البقعة: أنا آخذ البقعة وما فيها من
البنيان أن ذلك ليس له" لماذا؟ لأن المتاع ليس بعينه،
تغيرت عينه.
"أن ذلك ليس له، ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح
المشتري، ثم ينظر كم ثمن البقعة؟ " المؤلف قدرها
بخمسمائة "وكم ثمن البنيان؟ " قدره بألف "من تلك
القيمة، ثم يكونان شريكين في ذلك، لصاحب البقعة بقدر
حصته، ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان".
(118/11)
"قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة ذلك
كله ألف درهم وخمسمائة درهم، فتكون قيمة البقعة
خمسمائة درهم، وقيمة البنيان ألف درهم، فيكون لصاحبه
البقعة الثلث، ويكون للغرماء الثلثان" هذا ظاهر،
أحياناً -وقد حصل- يكون لشخص بقعة أرض في مخطط، ويكون
لآخر بقعة، فيشتبه على أحدهما هذه بهذه، فيبني أرض
صاحبه، وقع خطأ، لما طبق المخطط وجد أن الأرض ليست له،
بعد أن بناها وشيدها، ماذا نقول؟ هل نقول مثل رأي
الإمام مالك تقوم البقعة ويقوم البنيان، أو تقوم
البقعة ويحصل تبادل بينه وبين الآخر ببقعته؟ أو تباع
عليه وتشترى منه بقعته؟ أما إذا تعمد وقصد أن يعمر
بقعة غيره أرض غيره يقول: أعمر وإذا انتهينا من
العمارة ما هو بـ (إن شاء الله) مخسرنا؛ لأنها قد تكون
هذه البقعة متميزة، إما كونها على شارعين، أو شوارعها
أفسح، أو أقرب إلى المسجد، المقصود أن لها ميزة وهو
يرغب في هذه الميزة، فيقول: نعمر هذه الأرض ولا نختلف
بعدين إن شاء الله، مثل هذا ليس لعرق ظالم حق؛ لأنه
ظالم غاصب، هذا غاصب، أما بالنسبة إذا حصل منه هذا خطأ
فالصلح.
لو قال صاحب الأرض: نقدر أنا مني الأرض وأنت منك
العمار، هات فواتيرك كم كلفك العمار، وقيمة الأرض
معروفة، ونكون شركاء في هذه العمارة، هل لمن عمرها أن
يعترض؟ له أن يعترض؟ ليس له أن يعترض، لكن لو طلب الذي
عمرها أن يقدر العمارة، وتقدر الأرض ويكون شريك لصاحب
الأرض، وصاحب الأرض لا يريد، يلزم وإلا ما يلزم؟ لا
يلزم؛ لأنه معتدٍ عليه.
"قال مالك: وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا،
ولحق المشتري دين، لا وفاء له عنده، وهذا العمل فيه".
(118/12)
"قال مالك: فأما ما بيع من السلع التي لم
يحدث فيها المبتاع شيئاً إلا أن تلك السلعة نفقت،
وارتفع ثمنها، فصاحبها يرغب فيها، والغرماء يريدون
إمساكها، فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة
الثمن الذي باعها به، ولا ينقصه شيئاً، وبين أن يسلموا
إليه سلعته" الآن هذه زيادة في ثمن السلعة، هذه السلعة
نفقت، ارتفع ثمنها، عشرة الكتب بدل من ألف ريال صارت
تسوى ألفين، وله غرماء آخرون، قالوا: لا، نحن أحق بهذه
السلعة، ندفع له الألف، إن رضوا أن يدفعوا له قيمة
السلعة، يقول الإمام مالك: "فإن الغرماء يخيرون بين أن
يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به، ولا ينقصه
شيئاً، وبين أن يسلموا إليه سلعته، وإن كانت السلعة قد
نقص ثمنها فالذي باعها بالخيار" إذا كان الذي باعها
صاحب السلعة الأول يريدها ولو نقصت الأمر لا يعدوه؛
لأنها عين متاعه الذي باعه "فالذي باعها بالخيار إن
شاء أن يأخذ السلعة، ولا تباعة له في شيء من مال
غريمه" يعني العشر النسخ بدل ما اشتراها بألف صارت
تسوى خمسمائة، إذا قال البائع: أنا أقبل السلعة، أقبل
العشرة النسخ بألف، هل يقال: لا، تغيرت السلعة؟ لا، هو
أحق بها من غيره، لكن لا تباعة له، ما يقول: أنا أخذها
بخمس وأطالبكم بالزيادة.
"ولا تباعة له في شيء من مال غريمه فذلك له، وإن شاء
أن يكون غريماً من الغرماء يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته
فذلك له" إن أراد أن يكون أسوة الغرماء، يعني نزلت
قيمة السلعة عشر نسخ بخمسمائة، وقال: أنا لا أريدها عن
ألف، إنما تباع بخمسمائة، ويأتي نصيبي مثل غيري،
بالمحاصة "فذلك له".
"وقال مالك فيمن اشترى جارية أو دابة فولدت عنده" هناك
في الأول نماء متصل، وهنا نماء منفصل، فهل حكم المنفصل
هو حكم المتصل أو يختلف؟
"قال مالك: فيمن اشترى جارية أو دابة فولدت عنده، ثم
أفلس المشتري فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع إلا
أن يرغب الغرماء في ذلك، فيعطونه حقاً كاملاً، ويمسكون
ذلك" يعني مثلما تقدم في النماء المتصل، هذا هو
المنفصل الأخير، والمتقدم هو المتصل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو معسر؟
طالب:. . . . . . . . .
(118/13)
والله المسألة مسألة اجتهادية ترجع إلى
اجتهاد القاضي، إن كان سجنه يكون سبباً في التسبب في
قضاء ديونه فهو خير له، وإن كان سجنه مجرد أذى له
وحرمان له من أولاده، وأولاده منه فإن هذا ظلم
{فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة]
هذا الواجب.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
الحديث الثاني: ((أيما رجل أفلس)) على كل حال الرجل
معرفة هنا؛ لأنه مقترن بأل؛ ولأن فيه ما يدل على وصفه،
في معنى الحديث ما يدل على وصفه، يعني في سياق الحديث
ما يدل على وصفه بأنه الرجل البائع.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الضرر لا يزال بالضرر، وإذا تبين صدق هذا
الشخص الذي بنى، وأنه أخطأ فالصلح هذا مجاله، ما نقول:
نلزم، إنما تحل بشكل لا يكون فيه ضرر على أحد الأطراف،
ولو كان الضرر لا يزال بالضرر، يعني لو قدرنا أن هذه
الأرض بمائة ألف وعمرها بمليون، نقول له: اهدم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ولو كان، الضرر لا يزال بالضرر، إلا إذا تبين أنه
معتد، إذا تبين أنه معتد لا شك أنه يعامل بالأشد، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يجوز من السلف
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن
أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه
قال: استسلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكراً
فجاءته إبل من الصدقة، قال أبو رافع -رضي الله عنه-:
فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقضي الرجل
بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً
رباعياً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((أعطيه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء)).
وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال:
استسلف عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- من رجل
دراهم، ثم قضاه دراهم خير منها، فقال الرجل: يا أبا
عبد الرحمن هذه خير من دراهمي التي أسلفتك، قال عبد
الله بن عمر -رضي الله عنهما-: قد علمت، ولكن نفسي
بذلك طيبة.
(118/14)
قال مالك -رحمه الله تعالى-: لا بأس بأن
يقبض من أسلف شيئاً من الذهب أو الورق أو الطعام أو
الحيوان ممن أسلفه ذلك أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك
على شرط منهما أو عادة، فإن كان ذلك على شرط أو وأيٍ
أو عادة فذلك مكروه، ولا خير فيه، قال: وذلك أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قضى جملاً رباعياً خياراً
مكان بكر استسلفه، وأن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- استسلف دراهم فقضى خيراً منها، فإن كان ذلك على
طيب نفس من المستسلف، ولم يكن ذلك على شرط ولا وأيٍ
ولا عادة كان ذلك حلالاً لا بأس به.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز من السلف
تقدم الكلام في بيع الحيوان بالحيوان، وأن ذلك جائز،
والأدلة التي ذكرها الإمام هناك -رحمه الله تعالى-
للطرفين تقدمت مستوفاة، لكن إذا اقترض الإنسان من شخص
شيئاً يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز من السلف
والمراد من السلف هنا السلم وإلا القرض؟
طالب: القرض.
القرض، فإذا اقترض شيئاً فالأصل أن يرد مثله من
الأشياء الربوية، فإن اتفقا على الزيادة أو النقص لم
يجوز؛ لأن هذا عين الربا، أما إذا لم يشترط أحدهما على
الآخر، وكان المقترض حسن القضاء فقضى أفضل مما اقترض
فنصوص الباب تدل على جوازه.
ولذلك قال: "حدثنا يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عطاء
بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- أنه قال: استسلف رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-" يعني اقترض -عليه الصلاة والسلام- "بكراً" وهو
الفتي من الإبل "فجاءته إبل من الصدقة، فقال أبو رافع:
فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقضي الرجل
بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً
رباعياً" يعني خير منه، يعني كبير في السن، ومن خيار
الإبل، يستفاد منه على كافة الوجوه، يعني ليس بصغير
"إلا جمالاً خياراً رباعياً، فقال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-: ((أعطه إياه)) " وإنما جاز ذلك لأنه من
باب حسن القضاء، وليس من باب المشارطة، لم يشترط
المقترض هذه الزيادة، ولو اشترط لكان من القرض الذي جر
نفعاً، وهو محرم بالإجماع.
((فإن خيار الناس أحسنهم قضاء)).
(118/15)
"قال: وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي عن
مجاهد أنه قال: استسلف عبد الله بن عمر" اقترض "عبد
الله بن عمر من رجل دراهم، ثم قضاه دراهم خيراً منها"
اشترى منه داهم ثم قضاه دراهم خيراً منها، يعني في
وصفها، قد تكون هذه مغشوشة، وقد تكون مكسرة، أو في
زناتها شيء من النقص، فقضى خيراً منها من غير اشتراط،
ومن غير مواطئة، لا شك أن هذا من حسن القضاء.
"فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي"
يعني خشي أن يدخل عليه شيء من الربا "فقال: هذه خير من
دراهمي التي أسلفتك، فقال عبد الله بن عمر: قد علمت"
يعني عندي خبر، ما نسيت واقع دراهمك وهذه الدراهم.
"قال عبد الله بن عمر: قد علمت، ولكن نفسي بذلك طيبة"
نعم ((لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه)) فإذا كانت
النفس طيبة فالأمر لا يعدوه ولا يعني أنه كل عقد تطيب
به النفوس أنه يكفي لتحليله، لا، الرضا لا بد منه لصحة
البيع، لكن الرضا وحده لا يكفي، ما لم تقترن به الشروط
الأخرى.
"قال مالك: لا بأس بأن يقبض من أُسلف شيئاً من الذهب
أو الورق أو الطعام أو الحيوان" أي شيء كان سواء كان
ربوياً أو غير ربوي "ممن أسلفه أفضل مما أسلفه، إذا لم
يكن ذلك على شرط منهما" أما إذا كان على شرط فهو القرض
الذي يجر نفعاً "على شرط منهما أو عادة" يعني جرت عادة
هذه الشخص أنه كل ما اقترض زاد، فعرفه الناس بذلك
فصاروا يقرضونه من أجل الزيادة التي تعارفوا عليها،
مثل هذا العرف مثل النطق، مثل المنطوق به، مثل المشروط
نطقاً؛ لأن هذا شرط عرفي، فكأنه منطوق به، والشرط
العرفي معتبر، والمقاصد إذا ظهرت وجرت بها العادة صارت
كالملفوظ بها، والمشترط في النطق، يعني لو أن شخصاً
قال لرجل: إن زوجتك قد زنت، فقال: هي طالق، ثم بعد ذلك
تبين أن هذا المخبر كاذب، لا يقع الطلاق؛ لأن هذا
كالمشترط في الطلاق؛ كأنه قال: إن كان الأمر كما ذكرت
فهي طالق، فلم يكن الأمر على ما ذكر فليست بطالق.
وهنا إذا جرت العادة، وتعارفوا، واشتهر هذا الشخص بأنه
يقضي أكثر مما أخذ في القرض، وصار يقرض من أجل هذه
الزيادة فهذا مثل المشترط اللفظي.
(118/16)
"إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو عادة،
فإن كان ذلك على شرط أو وأيٍ" يعني وعد، قال: أقرضني
وأزيدك، يعني ما كتبوا في العقد: أنه يقرضه مائة
ويزيده عشرة، إنما مجرد وعد، قال: أقرضني وأرضيك، قد
يقولها بعض الناس، أقرضني وأرضيك، فإذا كان لا يقرضه
إلا من أجل هذه المواعدة فإنه لا يجوز؛ لأن هذا القرض
قد جر نفعاً.
"فإن كان ذلك على شرط أو وأي أو عادة فذلك مكروه، ولا
خير فيه" لكنه المراد بالكراهة هنا التحريم.
قال: "وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يستدل
بالحديث -رحمه الله- "قضى جملاً رباعياً خياراً مكان
بكر استسلفه، وأن عبد الله بن عمر استسلف دراهم فقضى
خيراً منها" استدل بالحديث المرفوع، واستدل بالأثر على
عادته -رحمه الله-؛ ليبين أن المرفوع محكم غير منسوخ
"فقضى خيراً منها، فإن كان ذلك على طيب نفس من
المستسلف، ولم يكن ذلك على شرط ولا وأي ولا عادة كان
ذلك حلالاً لا بأس به" نعم إذا كان لديه مال لا أثر له
في الدين، يعني شخص مطلوب مائة ألف، ويستطيع أن يحج
بألف ولو ذهب بهذا الألف إلى الغارم إلى الدائن ما
قبله، مثل هذا لا يؤثر في حجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، مثل هذا لا يلزمه الحج ولا يحج؛ لأنه لا يسلم من
المنة، نعم.
باب: ما لا يجوز من السلف
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي
الله عنه- قال في رجل أسلف رجلاً طعام على أن يعطيه
إياه في بلد آخر، فكره ذلك عمر بن الخطاب وقال: فأين
الحمل؟ يعني حملانه.
وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمر
-رضي الله عنهما- فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت
رجلاً سلفاً واشترطت عليه أفضل مما أسلفته، فقال عبد
الله بن عمر: فذلك الربا، قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد
الرحمن؟ فقال عبد الله: السلف على ثلاث وجوه: سلف
تسلفه تريد به وجه الله، فلك وجه الله، وسلف تسلفه
تريد به وجه صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب ....
فلك وجه صاحبك.
أحسن الله إليك.
ساقطة عندنا.
وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك.
أحسن الله إليك.
(118/17)
وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه
صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب فذلك الربا،
فقال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أرى أن تشق
الصحيفة، فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته، وإن أعطاك
دون الذي أسلفته فأخذته أجرت، وإن أعطاك أفضل مما
أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك، ولك أجر ما
أنظرته.
وحدثني مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي
الله عنهما- يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه.
وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله
عنه- كان يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط أفضل منه، وإن
كانت قبضة من علف فهو ربا.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من
استسلف شيئاً من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا
بأس بذلك، وعليه أن يرد مثله، إلا ما كان من الولائد
فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل فلا
يصلح، وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية
فيصيبها ما بدا له، ثم يردها إلى صاحبها بعينها، فذلك
لا يصلح ولا يحل، ولم يزل أهل العلم ينهون عنه، ولا
يرخصون فيه لأحد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد ما ذكر ما يجوز من
السلف أردف ذلك بما ما لا يجوز من السلف، وهو ما تضمن
شرطاً ينتفع به المقرض، سواء كان في زيادة قدر ما
اقترضه عند الوفاء، أو في وصفه، أو أي شيء يستفيد منه
هذا المقرض.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب
قال في رجل أسلف رجلاً طعاماً على أن يعطيه إياه في
بلد آخر" يستفيد وإلا ما يستفيد؟ يستفيد، يستفيد
حملانه بدل ما يؤجر عليه يُحمل إلى البلد الذي اشترط
الوفاء به سقطت عنه هذه الأجرة، فهو مستفيد "على أن
يعطيه إياه في بلد آخر، فكره ذلك عمر بن الخطاب، وقال:
فأين الحمل؟ يعني حملانه" يعني الأجرة؟ لو قال: أقرضتك
مائة صاع من التمر هنا بالرياض على أن تسلمني إياها في
رمضان بمكة، أين الحملان؟ هو الآن استفاد، لكن لو قال:
إنها تحمل إلى مكة بمائة ريال وهذه مائة ريال مقدمة مع
القرض.
أيضاً ما زال المسألة فيها خدمة، وهو أنه يذهب ويحضر
سيارة، ويحضر ما تحمل عليه، فأيضاً مثل هذا لا يسوغ.
(118/18)
في آخر كتاب القرض من الزاد وشرحه وحاشيته
قال في عبارة: "ما لم تكن قيمة القرض في بلد القرض
أنقص" نعم استدرك الشارح، وقال: "الصواب ما لم تكن
أكثر" ثم المحشي استدرك على الشارح في مسألة في غاية
الدقة والغموض، فنريد من الإخوان أن يراجعوها، ويحرروا
هذه المسألة، ويتأنوا في فهمها؛ لأنها ما تفهم بسرعة،
يعني هي موجودة في الزاد وشرحه الروض والحاشية، الزاد
انتقده الشارح، والمحشي انتقد الشارح، وهو يتعلق بهذا،
اشترط أن يسدد القرض في بلد آخر، فإذا كنت القيمة في
بلد القرض أنقص أو في البلد القرض أكثر، أيهما أولى
بالقبول؟ ننظر المسألة يوم الاثنين -إن شاء الله
تعالى-.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن
عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت رجلاً سلفاً
واشترط عليه أفضل مما أسلفته، فقال عبد الله بن عمر:
فذلك الربا" لأنه قرض جر نفعاً "قال: فكيف تأمرني يا
أبا عبد الرحمن؟ فقال عبد الله: السلف على ثلاثة وجوه"
إذا كنت تريد وجه الله فلك الأجر والثواب من الله -جل
وعلا-، وإن كنت تريد وجه صاحبك، يعني تبذل معروف في
شخص لا تنوي به التقرب إلى الله -جل وعلا- فلك ما أردت
من صاحبك، وإن كنت تريد غير ذلك، ولذلك قال: خبيثاً
بطيب فذلك الربا.
"قال عبد الله: السلف على ثلاث وجوه: سلف تسلفه تريد
به وجه الله فلك وجه الله" ((وإنما لكل امرئ ما نوى))
"وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك، وسلف
تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب فذلك الربا" تأخذ أفضل مما
دفعت تشترط ذلك؛ لأنه قال في السؤال: واشترط عليه أفضل
مما أسلفته هذا هو الربا.
(118/19)
"قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ قال:
أرى أن تشق الصحيفة" الوثيقة التي كتب فيها هذا القرض
مزقها؛ لأنك لو تركتها ثم جاء وقت السداد تكون نسيت،
أو يرثها عنك من يطالب الغريم بالأفضل فتكون التبعة
عليك، أنت الذي أبرمت العقد، فيقول: "أرى أن تشق
الصحيفة" طيب احتمال أن ينكر المقترض إذا شقت الصحيفة،
إنكار المقترض أسهل من أن يقع في الربا، أسهل من أن
يقع في الربا، ولذا يقول بعض المتساهلين في الفتاوى
يقول: تعامل بربا، وسدد ديونك، أنا أقول: لا يسدد
الديون ويبقى مدين إلى أن يموت أو يموت وهو مدين أفضل
من أن يأكل الربا، نسأل الله السلامة والعافية.
"أرى أن تشق الصحيفة فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته،
وإن أعطاك دون الذي أسلفته فأخذته أجرت" دون وقبلت
أجرت لأنه من حسن الاقتضاء "وإن أعطاك أفضل مما أسلفته
طيبة به نفسه فذلك شكر" لأن الشرط الذي اشترطه عليه
ألغيته بقطع الصحيفة، لكن لا بد أن يكون الطرف الثاني
على علم بذلك؛ لئلا يستصحب الشرط السابق "ولك أجر ما
أنظرته" يعني ما أخرت عليه الطلب.
قال: "وحدثني مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر
يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه" لأنه لو
اشترط قدر زائد على ذلك لكان من القرض الذي جر نفعاً.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان
يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط أفضل منه" مثل كلام ابن
عمر "وإن كانت قبضة من علف فهو ربا" يعني ولو كان
شيئاً يسيراً، والربا لا يتسامح في شيء منه قل أو كثر،
ولذا يخطئ من يقول: إنه يتجاوز عن يسيره كيسير
النجاسة.
أولاً: من قال: إن النجاسة المغلظة ... ، الربا من أشد
أنواع المحرمات فهو مغلظ، فالمغلظ من قال: إنه يتجاوز
عن يسيره؟ يعني أليس عند الحنابلة والشافعية أن ما لا
يدركه الطرف من النجاسة لا يعفى عنه، ما لا يدركه
الطرف فكيف يعفى عن يسيره؟ فقياس مع الفارق، ولا وجه
له في هذا الباب "وإن كان قبضة من علف فهو ربا".
(118/20)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من
استسلف شيئاً من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا
بأس بذلك" يعني عليه أن يصف ما أقرضه وصفاً دقيقاً
ليأخذ مثله "فإنه لا بأس بذلك، وعليه بأن يرد مثله إلا
ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال
ما لا يحل" يعني اقترض جارية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الذريعة إلى إحلال ما لا يحل، كيف يقترض وليدة ويشترط
رد مثلها؟ لأن القرض ليس ببيع، فلا تكون ملك يمين
بمجرد القرض، نعم "فلا يصلح".
"وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية
فيصيبها ما بدا له، ثم يردها إلى صاحبها بعينها" لأن
الأصل في القرض أن ترد العين، وهو في القرض ما ملك
اليمين، ما ملك هذه الجارية بملك يمين، فلا يجوز له أن
يطأها "فذلك لا يصلح، ولا يحل، ولم يزل أهل العلم
ينهون عنه، ولا يرخصون فيه لأحد".
اللهم صل على محمد ...
(118/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(16)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينهى عنه من
المساومة والمبايعة
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي
الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لا يبع بعضكم على بيع بعض)).
وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
-رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم
على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا
تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير
النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها وإن سخطها
ردها وصاعاً من تمر)).
قال مالك: وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فيما نراه الله أعلم ((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) إنه
إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه إذا ركن البائع
إلى السائم، وجعل يشترط وزن الذهب، ويتبرأ من العيوب
وما أشبه ذلك، مما يعرف به أن البائع قد أراد مبايعة
السائم، فهذا الذي نهى عنه، والله أعلم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: لا بأس بالسوم بالسلعة
توقف للبيع فيسوم بها غير واحد، قال: ولو ترك الناس
السوم عند أول من يسوم بها أخذت بشبه الباطل من الثمن،
ودخل على الباعة في سلعهم المكروه، ولم يزل الأمر
عندنا على هذا.
قال مالك: عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- نهى عن النجش.
قال مالك: والنجش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها، وليس
في نفسك اشتراؤها، فيقتدي بك غيرك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة
(119/1)
المراد بهذه الترجمة السوم على السوم،
والبيع على البيع، والسوم على سوم أخيه، والبيع على
بيع أخيه، فالمساومة هنا مفاعلة، تقع من طرفين،
والمبايعة كذلك، وليس المراد بها المساومة بين صاحب
السلعة ومن يريد شراءها، ولا المبايعة بين صاحب السلعة
ودافع الثمن الذي هو المشتري، وإنما المراد بذلك سوم
على سوم، لا علاقة لصاحب السلعة فيه، وإنما الأمر دائر
بين اثنين غير صاحب السلعة، سائم وسائم، ومشتري
ومشتري، أو بائع وبائع، هذه الأطراف المعنية بهذا
السوم على السوم، وفسر الإمام مالك ذلك بقوله: "وهو أن
يركن البائع إلى من يسوم السلعة" فيركن إليه، ويوافقه
على الثمن المبذول، لكن لم يتم الإيجاب والقبول، يعني
يركن إليه، ويغلب على الظن أن الصفقة تؤول إلى
الانعقاد، وأما البيع على البيع فسره مالك -رحمه الله-
بالسوم على السوم، لكن المراد به البيع على البيع أن
يتم البيع وينتهي العقد، ثم يقال للمشتري: أنا عندي
سلعة أفضل من هذه بأرخص من الثمن، هذا بعد تمام العقد،
ولزوم البيع من حيث المحاكمة والمقاصة لا أثر له في
العقد، بإمكان البائع الأول أن يقول: أنا بعت ولا
أقيلك، لكن النهي هنا لما يترتب على مثل هذا التصرف من
التشاحن بين المسلمين، والبغضاء بينهم، وإثارة
الحزازات والضغائن، وأيضاً لما يتعرض له البائع الأول
من الضغوط من قبل المشتري، وتوجع المشتري، أنا وجدت
سلعة أفضل من هذه، وأرخص من هذه، لا شك أن هذا له أثر
على البائع الأول، وقل مثل هذا في الشراء، لو أن شخصاً
اشترى سلعة بقيمة معلومة بمائة ريال، ثم ذهب شخص إلى
البائع فقال: أنا أشتري منك هذه السلعة بمائة وخمسين،
فيذهب البائع يتوجع عند المشتري وإلا فالصفقة قد تمت،
يعني له أن يصرّ على رأيه ولا يدرك شيء لا البائع ولا
المشتري؛ لأن البيع عقد لازم إذا انتهى الخيار، لكن
الإشكال فيما يثور بين الطرفين من الأحقاد والضغائن
وما يشبه ذلك، وهذا موجود يعني، الأثر هذا موجود،
إضافة إلى ما يتعرض له الطرف الأول سواء كان البائع أو
المشتري في الصورة الأولى البائع، وفي الثانية
المشتري، يتعرض لضغوط، وتحسر من الطرف الثاني، لا شك
أن هذا له أثر في نفس الطرف الآخر.
(119/2)
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن
نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-" هذا هو أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، أصح
الأسانيد عند البخاري: مالك عن نافع عن ابن عمر "أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يبع بعضكم
على بيع بعض)) " في الحديث الثاني، حديث أبي هريرة:
((ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) بما فسر الإمام مالك
هذا الكلام؟
"قال مالك: وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فيما نرى والله أعلم ((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) أنه
إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه" لأنه في صورة
البيع على البيع، البيع إذا استوفى شروطه وأركانه، وتم
إيجابه وقبوله عند الإمام مالك لا يدخل في هذا، لماذا؟
لأن الصفقة لزمت، والعقد لازم، وليس له الرجوع، ليس
لأحدهما الرجوع على الآخر، فإذا باع على البيع الذي قد
لزم لا أثر لبيعه على بيعه؛ لأنه يأتي إلى البائع
الأول يريد الإقالة يقول: لا والله تم البيع ولا عندي
لك شيء، فالإمام مالك يرى أن مثل هذه الصورة لا تدخل،
ولذا فسر البيع على البيع أنه إنما نهى أن يسوم الرجل
على سوم أخيه، وهذا التفسير لا شك أنه راجح وإلا
مرجوح؟ مرجوح، لماذا؟ وجاء النهي عن السوم على السوم،
فدل على أن النهي عن البيع على البيع غير النهي عن
السوم على السوم "إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه
إذا ركن البائع إلى السائم، وجعل يشترط وزن الذهب"
يعني خلاص تمت الصفقة إلا شيء يسير، يعني من
متعلقاتها، لا في أصلها، يشترط وزن الذهب، يكون من
الوزن الوافي "ويتبرأ من العيوب، وما أشبه ذلك" يعني
المشتري يستفصل من البائع، يعني تمت الصفقة، اللهم إلا
ما يتبع ذلك من البراءة من العيوب، سواء كان من قبل
البائع أو من المشتري "مما يعرف به أن البائع قد أراد
مبايعة السائم" يعني ركن إليه "فهذا الذي نهى عنه،
والله أعلم"
طالب:. . . . . . . . .
(119/3)
لا هو معروف من صريحه، من صريح قوله، تقدم
لنا في باب الخيار، معروف من صريح لفظه: إنه ليس عليه
عملهم في المدينة وغير ما تقدم، أما بعد العقد فهذا
داخل في الحديث، وأما قبله شخص يريد أن يستأجر سيارة،
فقال له آخر من المحسنين: أنا عندي سيارة بدون إيجار،
هذا إحسان، الإشكال فيما إذا ركنوا وكتبوا العقد، أو
اتفقوا على البيع وعلى الإجارة، ويظهر هذا الآن بعد
توثقة العقود بالكتابة، يعني تم الإيجاب والقبول وقبل
الكتابة قال له شخص: أنا عندي لك سيارة أفضل من هذه،
أو بأرخص، أو ما أشبه ذلك، تظهر الصورة هنا؛ لأنهم
الآن الكتابة من باب الزيادة في التوثقة، وأما العقد
ولزومه فقد تم بالإيجاب والقبول مع التفرق بعد انتهاء
مدة الخيار، تمت ولو لم يكتب، فيأتي يقول: ما دام ما
سجلتم ولا كتبتم، فأنا عندي لك سيارة أفضل منها، تظهر
الصورة عنده، ومثل هذا في السوم لا يقول: لدي، إذا
أراد أن ينصح يقول: السعر مرتفع، مع أنه جاء ما يدل
على أن الأمر بترك ذلك ((دعوا الناس يرزق الله بعضهم
من بعض)).
"عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) " ليس المراد
بهذا أن تتم الصفقة الأولى، ثم يأتي آخر ويقول: عندي
مثل هذه السلعة، أو أفضل من هذه السلعة، أو أنفع لك من
هذه السلعة، اشترها مني بنفس السعر، من غير أن يتعرض
للعقد الأول، يعني اشتر سلعتين بدال ما هي واحدة،
تحتاج إلى سيارة، اشتر سيارتين، أو يقول له مثلاً: أنت
اشتريت سيارة صغيرة تنقل رجلك إلى الدوام، لا مانع أن
تشتري كبيرة للأسرة، وعندي لك سيارة، يمدح له؛ لأن هذا
بيع، بيع بعقد مستقل، لا علاقة له بالبيع الأول، فلا
يدخل في النهي.
((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) (لا) هذه ناهية، فالبيع
على بيع البعض حرام؛ لأنه هو مقتضى النهي، لكن هل
العقد صحيح أو باطل؟ نعم؟ لأن النهي عائد إلى أمر خارج
عن ما يتعلق بالعقد، فالعقد صحيح عندهم، ومنهم من يرى
أنه باطل؛ لأن النهي عن ذات الصفقة الثانية.
قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة".
طالب:. . . . . . . . .
((لا يبع بعضكم)) ما يتغير؛ لأن النفي يراد به النهي،
وهو أبلغ حينئذٍ.
(119/4)
"وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((لا تلقوا الركبان للبيع)) " "لا تلقوا" أصلها: لا
تتلقوا ((لا تلقوا الركبان للبيع)) بهذا القيد أن يكون
التلقي للبيع، فالراكب الذي يرد إلى البلد، وهو جاهل
بالأسعار، أسعار البلد، ما يتلقى من أجل أن يضيق على
أهل البلد، فيترك هذا الراكب الجالب الوافد ليرتزق منه
الناس، والمسألة سببها أن الراكب لن يخسر على أي حالٍ
من الأحوال؛ لأن الراكب، تصوروا الآن أن الوضع الآن
متحد مع ما تقدم، الآن الذي يجلب في الغالب أنه مشترٍ،
من صناعة غيره، لكن في السابق هذا الجالب يجلب إبل من
راعيته هو، ويجلب طعام من زراعته هو، ويجلب السمن
والأقط وغيرها مما لا يتضرر ببيعه إذا باعه بنازل،
فيستفيد عموم الناس من هذا النازل، وهو لا يتضرر، ولذا
نهي عن التلقي لئلا تحصل المشادة في السعر بحيث لا
يستفيد عموم الناس، قد يقول قائل: إن المتلقي يلاحظ
مصلحة هذا الراكب؛ لئلا يغبن في بيعه، لكنه بهذه
المراعاة أهدر مصلحة الجماعة، ولا شك أن الجماعة أولى
بالمراعاة من الواحد، لا سيما إذا لم يتضرر، فهو على
كل حال كسبان؛ لأن الأقط من صنيعه، والسمن من عمله
وهكذا، لكن لو جاء شخص بسلعةٍ خسر عليها خسائر طائلة
واشترى بحر ماله، ثم بعد ذلك دخل إلى البلد إن باعها
بنفسه غبن، فهل من باب النصيحة أن يخبر بالثمن، أو
يتلقى لتباع له من قبل من له خبرة بالأسعار بحيث لا
يتضرر هو ولا يتضرر غيره؟ النهي عام، وإذا باع غبن في
بيعه صار له الخيار الغبن بعد ذلك إذا علم، فالتلقي
ممنوع على كل حال.
(119/5)
((لا تلقوا الركبان)) طيب المشاة؟ المشاة
يتلقون وإلا ما يتلقون؟ الحكم واحد، والتنصيص على
الركبان لأن غالب من يجلب السلع يكون راكباً، فالحديث
خرج مخرج الغالب ((لا تلقوا الركبان للبيع)) لكن لو
تلقاهم شخص ليدلهم السوق، يتوقع أنهم يضيعون بين السكك
والأسواق ولا يصلون إلى السوق إلا بعد أن ينتهي وقت
العرض، فقال: أنا أدلكم، مثل صاحب ليموزين أو تاكسي
يقف على مشارف البلد لمن أراد أن يدخل يوصله على طول
مباشرة للأسواق بحيث لا يضيع عليه الوقت، ويفوت وقت
العرض، هذا يدخل في النهي وإلا ما يدخل؟ ما يدخل؛ لأن
هذا ليس للبيع، وإنما هو للدلالة.
((ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) وهذا تقدم في الحديث
السابق ((ولا تناجشوا)) تناجشوا يعني: مفاعلة النجش:
أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، يزيد في السلعة
وهو لا يريد شراءها لنفع البائع أو للإضرار بالمشتري،
إذا حصل مثل هذا، مثل هذه الأمور التي نهي عنها: تلقي
الركبان، شخص تلقى الركبان واشترى منهم قبل أن ينزلوا
إلى السوق البيع صحيح وإلا ليس بصحيح؟ البيع صحيح مع
ثبوت الخيار لصاحب السلعة ((ولا يبع بعضكم على بيع
بعض، ولا تناجشوا)) إذا حصل النجش؟ سيارة حرج عليها كم
نقول؟ قال: عشرة آلاف، قال الثاني: أحد عشر ألف، اثنا
عشر ألف، ثلاثة عشر ألف، عشرين ألف، وهي ما تستحق إلا
خمسة عشر ألف، واللي سام تسعة عشر بيوهق، بيغرر الذي
معه، فقال: بعشرين، قال: نصيبك، لكن لو وقفت على الذي
قال: تسعة عشر، يبيع عليه وإلا ما يبيع؟ ما يبيع عليه؛
لأنه يعرف أنه ليس بمشترٍ، وإنما يريد الزيادة في
الثمن ليغرر بالآخرين.
طالب: إذا كان بائعاً؟
هذا شر من النجش؛ لأنه نجش وزيادة.
طالب: هو يعني يملك هذه السلعة ويريد الرفع؟
لكن لو وقفت عليه يشري؟!
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا أبشع الصور، هذا من أبشع الصور، الآن لو
زاد صاحبها، يزيد في قيمتها صاحبها الذي يحرج على
السيارة، قال واحد: بعشرة آلاف، قال: أنا لي بأحد عشر
ألف، ليوهم أنها ليست له، وهي تستحق عشرين، يجوز وإلا
ما يجوز؟ ما يجوز، هو ليس بنجش، لكنه كذب، وتغرير
بالآخرين، لا يجوز على كل حال.
(119/6)
((ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد)) الأصل
أن يترك البادي يبيع لنفسه ليحصل من غفلته مصلحة
ومنفعة للآخرين، ومثل ما قلنا سابقاً: البادي لا
يتضرر؛ لأنه جاء بالأقط، وقد صنعه هو وامرأته، فبدلاً
من أن يبيعه بثلاثمائة باعه بمائتين، كيس مثلاً، هو
متضرر وإلا غير متضرر؟ غير متضرر، وأهل البلد ينتفعون،
ولا يبع حاضر لباد، وسببه أن الحاضر أعرف بالأسعار،
أسعار البلد من البادي، والبادي في الغالب يجهل أسعار
البلد.
((ولا تصروا الإبل والغنم)) التصرية هو ربط أخلاف
الدابة سواء كانت ناقة أو بقرة أو شاة ليجتمع اللبن في
ضرعها ويتكاثر، فإذا رآها المشتري اغتر بهذا اللبن
الكثير، وتوقع أنها في ضرعها عشرة لتر مثلاً، وهذا
مجموع من أيام، فاشتراها على هذا الأساس، وإذا حلبها
انتظر من الغد، فإذا ليس فيها إلا لتر واحد، هذا سببه
التصرية.
((ولا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو
بخير النظرين بعد أن يحلبها ثلاثاً)) ينتظر اليوم
الأول والثاني والثالث، لماذا لا يتبين له الأمر من
أول يوم؟ لئلا يكون سبب النقص في اللبن تغير المكان،
أو تغير الطعام، فإذا تكرر ذلك ثلاثاً عرفنا أنها
مصراة، فهو بخير النظرين، إما أن يمسكها، إن رضيها
أمسكها، لا سيما إن كانت بثمنٍ أقل مما يتوقع، يعني
المسألة مسألة عرض وطلب، فإذا اشتراها بأقل من قيمتها
الذي في ذهنه، اشترى بقرة بألف، وهي تستحق ألف وخمس،
وفي ضرعها عشرة لتر، من الغد ما طلعت، ما أمسكت ما حلب
منها إلا لتر واحد، ومع ذلك كسبان؛ لأنها تستحق ألف
وخمس، هو كسبان ولو لم يكن فيها إلا .. ، أو لم يكن
فيها لبن ألبتة كسبان، مثل هذا ((إن رضيها أمسكها، وإن
سخطها ردها وصاعاً من تمر)) في مقابل اللبن الذي حلبه
((وإن سخطها)) يعني لم يرضها، ردها، ورد معها صاعاً من
تمر في مقابل اللبن، لماذا لا يقال: يرد لبن بقدر ما
حلب؟ نعم النص موجود صاعاً من تمر، لماذا عدل في النص
عن المثل إلى التقويم بالتمر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(119/7)
خشية الربا، لماذا لم يقول: ردها ورد معها
عشرة دارهم أو درهم علشان ما يصير فيه ربا؟ تمر؟ التمر
قيمته متناسقة على مر العصور، يعني مع القيمة في البلد
في الجملة، يعني مع القيم الأخرى، يعني تصور مثلاً في
يوم من الأيام عشرة آصع بريال؟ وفي يوم الصاع بعشرة،
وفي يوم الصاع بمائة، هل نقول: القيمة متسقة؟ متسقة
نعم، ليش؟ لأن الريال ما يسوى شيء في وقت قيمته
مرتفعة، ثم نزل .. ، فالتمر مستوي القيمة، لكن لو قال:
رد معها ريال؟ الريال في يوم من الأيام يسوى بيت، يشرى
به بيت، وفي يوم من الأيام ما يقبله الطفل، بينما
الصاع تمر الصاع صاع ما يتغير، وقيمته واحدة بالنسبة
للقيم، قيم الأشياء، ظاهر وإلا ما ظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أظن أنه صاع أكثر مما نحن في وقتنا هذا، متوفر، لكن
هل هو رخيص؟ ليس برخيص! قد يقول قائل: صاعاً من تمر من
أي تمر؟ تمر الصاع منه من نوع مائة ريال، والصاع بعشرة
من نوع آخر، عُشر، فالمقصود بذلك المتبسط.
إيش يقول يرد اللبن؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو موجود على مدار العام، التمر موجود على مدار
العام، لكن قد يبحث عن لبن ولا يجد.
طالب:. . . . . . . . .
لا، واللبن قد يبحث عنه ما يجد، يعني في تحصيله في بعض
الأوقات في بعض الظروف صعوبة، بينما التمر باعتباره
يصبر ويكنز على مدار العام موجود، طعاماً. . . . . . .
. . بالتمر.
"قال مالك: وتفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بما نرى والله أعلم ((لا يبع بعضكم على بيع بعض)) إنه
إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه" وعرفنا ما في
هذا "إذا ركن البائع إلى السائل، وجعل يشترط وزن
الذهب، ويتبرأ من العيوب، وما أشبه هذا، مما يعرف به
أن البائع قد أراد مبايعة السائم، فهذا الذي نهى عنه،
والله أعلم".
(119/8)
"قال مالك: ولا بأس بالسوم بالسلعة توقف
للبيع فيسوم بها غير واحد" أتينا بهذه السلعة إلى
السوق من يسوم؟ قال واحد: عشرة، قال الثاني: احد عشر،
هذا سام على سوم أخيه، لكن يدخل في النهي وإلا لا؟ ما
يدخل، قال الثاني: باثنا عشر، قال الثالث: بعشرين، هذا
يعبر عنه بإيش؟ بمن يزيد، وهذا لا بأس به، وقد باع
النبي -عليه الصلاة والسلام- سلعة فيمن يزيد، وهذا لا
إشكال فيه، فيسوم بها غير واحد.
"قال: ولو ترك الناس السوم عند أول من يسوم بها" أول
من يسوم لا يجوز أن نزيد عليه، لو الناس فهموا من
الحديث هذا لحصل ما قال الإمام مالك "قال: ولو ترك
الناس السوم عند أول من يسوم بها أخذت بشبه الباطن من
الثمن" لأن الناس يفتحون السوم بأقل من عشر القيمة،
وهذا مشاهد من يسوم بعشرة وهي تستحق ألف، من أجل إيش؟
أن يبدأ بالسوم "فأخذت بشبه الباطل من الثمن" يعني شيء
لا يلتفت إليه "ودخل على الباعة في سلعهم المكروه" لا
شك أنهم يتضررون "ولم يزل الأمر عندنا على هذا" بل
وعند غيركم، عند غيرهم، هذا معروف في الأقطار كلها.
"قال مالك: عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- نهى عن النجش".
"قال مالك: النجش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها، وليس
في نفسك اشتراؤها" يزيد في ثمنها من لا يريد شراءها،
إما لنفع البائع أو لإضرار المشتري "فيقتدي بك غيرك".
أحسن الله إليك.
باب: جامع البيوع
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله
بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً ذكر لرسول الله -صلى
الله عليه وسلم- أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: ((إذا بايعت فقل: لا خلابة))
قال: فكان الرجل إذا بايع يقول: لا خلابة.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب
يقول: إذا جئت أرضاً يوفون المكيال والميزان فأطل
المقام بها، وإذا جئت أرضاً ينقصون المكيال والميزان
فأقلل المقام بها.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر
يقول: أحب الله عبداً سمحاً إن باع، سمحاً إن ابتاع،
سمحاً إن قضى، سمحاً إن اقتضى.
(119/9)
قال مالك -رحمه الله تعالى- في الرجل يشتري
الإبل أو الغنم أو البز أو الرقيق أو شيئاً من العروض
جزافاً: إنه لا يكون الجزاف في شيءٍ مما يعد عدداً ...
عداً.
أحسن الله إليك.
عندنا عدداً.
لا عداً.
إنه لا يجوز الجزاف في شيءٍ مما يعد عداً، قال مالك في
الرجل يعطي الرجل السلعة يبيعها له، وقد قوّمها صاحبها
قيمة قال: إن بعتها بهذا الثمن الذي أمرتك به فلك
دينار، أو شيء يسميه له، ويتراضيان عليه، وإن لم تبعها
فليس لك شيء إنه لا بأس بذلك إنه إذا سمى ثمناً يبيعها
به وسمى أجراً معلوماً إذا باع أخذه، وإن لم يبع فلا
شيء له.
قال مالك: ومثل ذلك أن يقول الرجل للرجل: إن قدرت على
الغلام الآبق، أو جئت بجمل الشارد فلك كذا وكذا، فهذا
من باب الجعل، وليس من باب الإجارة، ولو كان من باب
الإجارة لم يصلح.
قال مالك: فأما الرجل يعطى السلعة ويقال له: بعها ولك
كذا وكذا في كل دينارٍ لشيءٍ يسميه، فإن ذلك لا يصلح؛
لأنه كلما نقص دينار من ثمن السلعة نقص من حقه الذي
سمى له، فهذا غرر، لا يدري كم جعل له.
وحدثني مالك عن ابن شهاب أنه سأله عن الرجل يتكارى
الدابة ثم يكريها بأكثر مما تكاراها به، فقال: لا بأس
بذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع البيوع
ومثل هذا الباب يجمع فيه أحاديث متنوعة، لا يجمعها
ترجمة واحدة، والحديث مستقل عن الذي يليه، فذكر في أول
ذلك من يخدع، وأنه له الخيار إذا قال ما وجّه إليه.
(119/10)
"قال: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن
دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلاً" اسمه؟ حبّان بن
منقذ "أن رجلاً ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أنه يخدع في البيوع" بعض الناس مسترسل، إذا نزل السوق
اشترى بأي قيمة تعرض عليه بها السلعة، فمثل هذا مسترسل
يخدع في البيوت، الناس يتفاوتون منهم الحاذق الكيس
الفطن في البيع والشراء بحيث لا يخدع، والثاني من هو
شبه الأبله، يقال له: بكذا فيدفع، وبعض الناس يدخل
المحل الواحد وفيه السلع المتماثلة بالأقيام المختلفة،
السلع المتماثلة، يعني تدخل محل سلع متقاربة جداً
بأقيام مرتفعة ارتفاعاً بيناً، أو نازلة، ثم بعد ذلك
يقدم على السلعة الأكثر ثمناً من غير مبرر لهذه
الزيادة، إما لأن صاحب المحل اشترى هذه الدفعة أكثر من
هذه الدفعة، يعني اشترى سلع أو سلعة واحدة على دفعات،
اشتراها في المرة الأولى بمثن مرتفع، ثم عرضت عليه
السلعة بثمنٍ أقل، ثم عرضت عليه هذه السلعة بثمن أقل،
فصار يعرض هذه السلعة بأقيامها، كتب عليها مائة، وكتب
عليها ستين، وكتب أربعين، والسلعة هي هي، وهو ما يلام
باعتبار أنه شرى الدفعة الأولى بأكثر، والثانية بأقل،
والثالث بأقل، يأتي بعض الناس المسترسلين فيأخذ ذات
المائة وهو لا فرق، مع أنه بالنسبة لصاحب المحل الأولى
أن يجمع الجميع ويوزع الأثمان عليها، يعني يسعرها كلها
على ستين على سبعين، بحيث يكسب مكسب لا بأس به، ولا
يتضرر الآخرون، وبعض الناس يدخل فيرى السلعة الأكثر
ثمناً، ويوجد من نفس العينة ما هو أرخص؛ لأنه دخل على
صاحب المحل بأرخص، أو يكون في محل مجاور ويعرف هذا، ثم
يأخذ الأغلى هذا مسترسل، لا شك أنه مسترسل، إذا لم يكن
هناك فرق بيّن.
طالب:. . . . . . . . .
(119/11)
التسامح شيء، يعني ما يماكس ممكاسة بحيث
يتعب الآخرين، لكن إذا وجد من يغالي في الأسعار مثل
هذا الأفضل مماكسته وإلا تركه على طلبه؟ يعني شيء في
أسواق المسلمين الآن لا يمكن احتماله بحال، يعني مهما
قلنا من الأمر أو مدح السماحة في البيع لا يدخل في مثل
هذا، هذا يغري مثل هؤلاء بالزيادة، يعني شخص يدور
بأسطال من العسل ثلاثة، فجاءه شخص قال: بكم؟ قال: على
سبعمائة، بألفين ومائة، والمائة نطرحها لك، بألفين،
خلاص إذا صفيت لنا ألفين يكفي منك، أنت رجل طيب، ووجهٌ
مبارك، تستاهل المائة، قال من يريد الشراء: ما عندي
إلا على خمسة، عندي خمسة عشر ريال للثلاثة، باع عليه
وإلا ما باع؟ باع، يعني مثل هؤلاء يتركون يقال: رحم
الله امرئ سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، مثل هؤلاء
ما يتركون يعبثون بأموال الناس، مثل هؤلاء يوقفون عند
حدهم، يعني إيش الفرق من ألفين إلى خمسة عشر ريال؟
فمهما قلنا يعني لو ساد النصح بين المسلمين جاءنا
الحديث سمح إذا باع، سمح إذا اشترى، أما إذا ساد بين
الناس الغش والخديعة والخيانة للأخ هذا ما يمكن يصبر
عليه؛ لأن هذا فيه إغراء لهم بالاستمرار لهم بالمزيد؛
لأنه إذا عرض هذه السلعة وهي تستحق مائة ريال وقال:
خمسمائة واشتراها واحد، يبي يقول المرة الثانية: بألف،
يجيك من يشتري، فمثل هذا لا بد من الانتباه له، ولا
يخالف ما جاء من مدح السماحة في البيع والشراء.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو أصابه شيء، أصابه عقدة، أصيب في عقدته حتى صار
في لسانه لثة، فكان يقول: لا خذابة بالذال بدل اللام.
"أن رجلاً ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه
يخدع في البيوع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((إذا بايعت فقل: لا خلابة)) " يعني لا خديعة "فكان
الرجل إذا بايع يقول: لا خلابة" هذا فيه دليل لنوع من
أنواع الخيار، فهل هو خيار الشرط أو خيار الغبن؟ هذا
شرط وإلا غبن؟
طالب:. . . . . . . . .
(119/12)
هو لو لم يقل: لا خلابة، إن اشترى وما قال:
لا خلابة له الخيار؟ ليس له الخيار، إلا إذا كان بثمنٍ
أكثر بكثير مما تستحقه السلعة عند من يقول بخيار
الغبن؛ لأن من أهل العلم من يثبت خيار الغبن، ويقرره
بالثلث لأن الثلث كثير، ومنهم من يقول: أبداً، أمور
الدنيا كلها لا غبن فيها، يعني لو اشترى السلعة ذات
المائة بألف ما فيها غبن، والدنيا كلها لا غبن فيها
{ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [(9) سورة التغابن] يوم
القيامة أما الدنيا كلها ما تسوى من يسمي فيها شخص
غابن وآخر مغبون، كلها لا غبن فيها، لكن المقرر عند
أهل العلم والمرجح أن خيار الغبن شرعي، فهذا لو اشترى
سلعة بأكثر من ثمنها؛ لأنه يخدع ولم يقل: لا خلابة، له
الخيار أو ليس له الخيار؟ خيار الغبن، وأما خيار الشرط
المستمر، يعني هناك لا يثبت له الخيار إلا إذا كان
مغبوناً، وإذا قال: لا خلابة يثبت له الخيار مطلقاً أو
إذا غبن؟ إذا غبن؛ لأن معنى الخلابة الخديعة، فلا يثبت
له الخيار إلا إذا كان مخدوعاً مغبوناً.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن
المسيب يقول: إذا جئت أرضاً يوفون المكيال والميزان
فأطل المقام بها، وإذا جئت أرضاً ينقصون المكيال
والميزان فأقلل المقام بها" لأن التطفيف شؤم على أهله،
والوفاء لا شك أنه يُمن، مظنة لنزول الخيرات والبركات،
وأما بالنسبة لنقص المكيال والميزان فإنهم يحرمون بذلك
بركة السماء والأرض، فمثل هذه الأرض التي ينقص بها
المكيال والميزان لا ينبغي أن يطال المقام بها.
وقال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن
المنكدر يقول: أحب الله عبداً سمحاً إن باع، سمحاً إن
ابتاع، سمحاً إن قضى، سمحاً إن اقتضى" يعني سهلاً
ليناً، لا يؤذي صاحبه بطول المماكسة، وهذه أمور جبلية
نفسية، شخص يقول: إذا أردت سكين أو ملعقة يحتاج أن
أنزل إلى السوق عشر مرات، ويأتي من طرف البلد ماشياً،
وينزل إلى السوق ليسعر، يشوف ارتفع السعر أو نقص،
ويذكر عن نفسه أنه في عذاب، لكن ما دام تعرف أنك متعذب
تتحسر من هذا الصنيع، لماذا لا تعدل من طبعك؟ لكن هذه
غرائز معروفة في بعض النفوس، فلا يستطيع التخلي منها.
(119/13)
"سمحاً إن باع" يعني ما يشاد الناس ولا
يشاحهم، ومع السماحة البركة في الغالب، والشواهد من
أحوال الباعة والمشترين ظاهر، وحتى في العرف التجاري
وسياسة التجارة تقتضي هذا؛ لأنه إذا جاء بالسلع وكسب
فيها عشرة بالمائة وجاره يكسب خمسين بالمائة، كم يبي
يبيع هذا الذي يكسب عشرة؟ وكم يبي بيع من حبة الذي
يكسب خمسين؟ هذا بيبيع ألف حبة في الشهر، وهذا ما يبيع
ولا عشر؟ فإذا ضربت العشرة بالمائة في الألف ظهرت
أضعاف مضاعفة عما يكسبه الجار، هذا ظاهر حتى على مستوى
التجارات الكبار، وهذه من بركات التساهل، وثمرة
السماحة في البيع والشراء.
"سمحاً إن ابتاع" يعني إذا جاء إلى المحل وأعجبته
السلعة، فقيل له: بألف ما يقول: مائة، ثم يطلع يزود
ريال ريال، مائة وريال، مائة وريالين، وأخذ وقت كامل
من طلوع الشمس إلى الزوال وهو يماكس، يعني إذا قيل له:
بثمانمائة، يعني لو نظر وقارن بين محلين أو ثلاثة
بسرعة، وشاف أنه ما غبن، واشترى بسرعة هذا لا بأس،
يعني ليس المطلوب من الإنسان أن يكون مغفلاً، لكن لا
مانع أن يتغافل، فيترك بعض المماكسة لصاحب المحل يكسب
عليه، ويرزق من ورائه شيئاً يسيراً، لكن لا يكون
مغفلاً.
"سمحاً إن قضى، سمحاً إن اقتضى" سمحاً إن قضى ما عليه
من دين لا يماطل، وإن اقتضى أيضاً لا يشاد ولا يشاحح
المدين.
طالب:. . . . . . . . .
ما أضر بالسوق، لكن من حيل التجار الآن في الوقت
الحاضر أنه يوجد من يكسب فيجتمع عشرة يخسرون، بدلاً من
أن يكسب عشرة بالمائة هو، هم ينزلونها بتسعين بالمائة
من قيمتها، يخسرون ما عندهم مانع يخسرون، علشان إيش؟
علشان ينصرف عن السوق، يطلعونه عن السوق، أما إذا باع
بقيمة معقولة لا يمدح هذا؛ هذا ما يضر بهم.
(119/14)
"قال مالك في الرجل يشتري الإبل أو الغنم
أو البز أو الرقيق أو شيئاً من العروض جزافاً: إنه لا
يكون الجزاف في شيءٍ مما يعد عدداً" يعني يأتي إلى
صاحب الإبل فيقول: عندي هذا الحوش ما أدري كم فيه، ما
أدري كم فيه عليك مليون إن شاء الله يطلع لك ألف حبة
أو ألفين، ألف رأس أو ألفين أو خمسمائة، جزاف، يقول
الإمام مالك: لا، هذا لا يكون فيما يعد، عد وصير على
بينة؛ لأن مثل هذا الأسلوب إنما يستعمل للتغرير
بالمشتري، تغرير بالمشتري؛ لأنه فرق بين أن يكون فيه
ألفين رأس أو خمسمائة رأس، فرق شاسع، عد يا أخي، ما
يضرك أن تعد، وقل: فيه ألف وخمسمائة رأس من كذا
مجموعها كذا، الإمام مالك له نظر في مثل هذا؛ لأنه فيه
مجال للاحتيال على المشتري، وقل مثل هذا بالنسبة
للمشتري إذا كان صاحب السلعة لا يدري كم العدد، يعني
بعض الناس يصير خبير يدخل المكتبة ويقدرها كذا، يعد
الدواليب مثلاً، ويعرف كم طاقة كل دالوب مائة مجلد،
وهذه خمسين دالوب، يعني خمسة آلاف، وصاحب المكتبة على
وجهه من الشيوخ الكبار؛ لأن مو بهذا همهم العدد، ثم
يقول: يا أخي اشتر المكتبة فيها ألف كتاب، يقول:
اشتريت، بس ترى قيمة الكتاب الواحد كذا، ويجمع ويضرب
في ألف وينتهي، وهو على يقين أنها أكثر من خمسة أضعاف،
مثل هذا لا بد من العدد؛ لئلا يخرج من العهدة بيقين،
يقول: يا أخي المسألة أظنها أكثر، ثم يعدون، هذا فيما
يعد، أما ما يباع جزاف مما لا يعد فهذا أمره سهل.
(119/15)
"قال مالك في الرجل يعطي الرجل السلعة
يبيعها له" ترى في مسألة العكس بالنسبة للكتب، يجي
البائع ويجعل في الظاهر المجلدات الكبيرة بحيث الدالوب
ما يأخذ إلا خمسين ستين، ثم يجعل في الخلف أو في
الأماكن التي ليست هي البادية الظاهرة للمشتري، ويجعل
فيها من الرسائل الصغيرة الذي الدالوب الواحد يستوعب
ألف، ثم يأتي ويقول: يبي يبيع بالحبة، الحبة بعشرة،
فالمشتري في تصوره أن الدواليب فيها عشرة دواليب أو
عشرين فيها من خمسين خمسمائة ستمائة، ثم تطلع لها عشرة
آلاف، وهذا يستعمله بعض أهل الحيل فيما يبيعونه جزاف،
يأتي بسيارة، يقول: السيارة وما فيها الحبة بريال،
مالي السيارة أثاث وعفش، السيارة بريال وما فيها من
الأثاث والعفش الحبة بريال، ثم المشتري .... ، خيال
هذا، سيارة بريال، ثم إذا تبين له ... ، هذا حصلت،
فيها من السلع الصغيرة جداً التي الألف تشيلها بهذا
الكرتون ذا.
طالب:. . . . . . . . .
فيها، عاد حط إبر، إبر صغيرة جداً، فلما حسبوا السيارة
طلعت عليهم بمائة ألف ما تسوى عشرة، ما تجيب أبداً، ما
فيها شيء، فمثل هذه الأمور لا بد من عدها؛ ليكون
الطرفان على بيّنة.
"قال مالك -رحمه الله- في الرجل يعطي الرجل السلعة
يبيعها له، وقد قوّمها صاحبها قيمة" قال: هذه السلعة
تستحق مائة خذها بعها "فقال: إن بعتها بهذا الثمن الذي
أمرتك به -وهو المائة- فلك دينار" أو شيء يسميه،
اثنين، ثلاثة، عشرة، يتراضيان عليه لتكون الأجرة
معلومة، يتراضيان عليه "وإن لم تبعها فليس لك شيء" لأن
السعي إنما يثبت .. ، الأجرة إذا تم العقد "لا بأس
بذلك إذا سمى ثمناً يبيعها به، وسمى أجراً معلوماً"
يعني الثمن المعلوم مائة، والأجرة المعلومة دينار
دينارين ثلاثة خمسة "إذا باع أخذه، ويستحق الأجرة، وإن
لم يبع فلا شيء له" هذا ظاهر يعني.
(119/16)
"وقال مالك: ومثل ذلك أن يقول الرجل للرجل:
إن قدرت على غلامي الآبق، أو جئت بجملي الشارد فلك
كذا" هذا من باب الجعل وليس من باب الإجارة، لماذا؟
"ولو كان من باب الإجارة لم يصلح" يعني إن جئت بغلامي
الشارد فلك عشرة، احتمال أن يجد غلامه الشارد في خمس
دقائق، واحتمال أن يجده في خمسة أيام، فلو قلنا: أجرة،
الأجرة في مقابل العمل، مقابل التعب، أجرة خمسة دقائق
تختلف عن أجرة خمسة أيام، فهذا فيه غرر وجهالة، لكن
كان جعل، وليس بأجرة فهذا لا بأس به "فهذا من باب
الجعل وليس من باب الإجارة، ولو كان من باب الإجارة لم
يصلح" لو قال: هذه السلعة تستحق مائة أو ما أدري كم
تستحق، صف لي مائة والقدر الزائد لك، إن شاء الله
تبيعها بمائتين بثلاثمائة، بخمسمائة، تبيعها بخمسين،
ستين، أنا ما لي إلا مائة، الجمهور على أن مثل هذا لا
يصح؛ لأن الأجرة مجهولة، وإنما له أجرة المثل، وابن
عباس يقول: على ما اتفقوا، المسلمون على شروطهم، إذا
تيسر له شيء أكثر لا مانع من أخذه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف نقص؟ صاحب السلعة يقول: لا تبيعها إلا بهذا السعر،
لا تبيعها إلا بمائة، إذا ما جابت مائة رجعها.
"قال مالك: فأما الرجل يعطى السلعة فيقال له: بعها ولك
كذا وكذا في كل دينارٍ لشيءٍ يسميه فإن ذلك لا يصلح"
بعها ولك كذا وكذا في كل دينار، لك في كل دينار درهم
"لشيء لم يسميه فإن ذلك لا يصلح" لأنها أجرة مجهولة،
ما يدري كم يبيعها؟ لكن لو قال: بعها بمائة، ولك عن كل
دينار درهم صح، لكن قال: بعها ولك في كل دينار درهم،
ما يدري بكم يبيعها هو؟ لأنه ما حدد له السعر في
الأصل، فاحتمال أن يبيعها بمائتين، بثلاثمائة،
بخمسمائة فيستحق من الأجرة أكثر، فتكون الأجرة مجهولة
حينئذٍ "فإن ذلك لا يصلح لأنه كلما نقص دينار من ثمن
السلعة نقص من حقه الذي سمى له، فهذا غرر لا يدري كم
جعل له" وفي المقابل إذا زادت القيمة زاد له، فلا يدرى
كم خصص له.
(119/17)
"وحدثني مالك عن ابن شهاب أنه سأله عن
الرجل يتكارى الدابة ثم يكريها بأكثر مما تكاراها به
فقال: لا بأس بذلك" تكارى الدابة، يعني يستأجر دابة،
أو يستأجر سيارة من محلات الأجرة يستأجرها اليوم بمائة
فيؤجرها بمائة وعشرة، يستأجر الشقة بعشرة آلاف ويؤجرها
بأحد عشر، يستأجر محل ويؤجره بأكثر، هذا يشترطون لجواز
مثل هذا التصرف أن يكون أثر المستأجر الثاني على العين
المؤجرة مثل أجر المستأجر الأول أو أقل؛ لأن
المستأجرون تتفاوت آثارهم على المحل، تتفاوت آثارهم
على المحل، يعني افترضنا دكان في عمارة استأجره شخص
يبي يجعل فيه خياطة مثلاً ما تستاهل، ما تبي شيء، ثم
أجره على صاحب فرن.
طالب: أو مخرطة.
المخرطة عاد ما تصير داخل ....
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، فرن هذا حاصل، المقصود أنه أجرها فرن بعد شهر
طلع المستأجر اللي عن يمينه، ثم المستأجر الذي من
الجهة الثانية طلع، تعبوا من الحر، الشقة اللي فوقهم
رحلوا، مثل هذا أثر الثاني كأثر الأول؟ لا، لا بد أن
يكون أثره مثل أثره أو أقل، الضرر اللاحق بالمحل مثل
الضرر اللاحق من المستأجر الأول أو أقل.
طالب:. . . . . . . . .
إذن من؟ إذا كان مثله أو أقل ما يلزم، ولذلك قال:
"سأله عن الرجل يتكارى الدابة ثم يكريها بأكثر مما
تكارى به قال: لا بأس بذلك" في مسألة في القرض الذي
ذكرناها من الزاد وشرحه وحاشيته، أحضرها الإخوان وإلا
ما أحضروها؟
معك!
هات.
ولم يعيّن الثمن تكون الأجرة مجهولة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش الفرق بين هذه المسألة ومسألة المزارعة؟ معك شيء؟
إيش يقول الشيخ؟ نشوفها -إن شاء الله-.
اقرأ ما دام معك الكتاب.
يقول: وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلد آخر لزمته،
وفيما لحمله مؤونة قيمته إن لم تكن ببلد القرض أنقص.
إحنا .... محررين المسألة موضحينها، الإتيان بالكتب ما
....
شوف الشيخ يقول: إن لم تكن بلد القرض أنقص الصواب
أكثر؛ لأنه إذا كانت أنقص فلا ضرر عليه فمن باب أولى
أن تجب القيمة.
(119/18)
إحنا ما بدنا نقرأ من الكتب، بدنا مسائل
تحرر وتوضح؛ لأن الماتن قال: أنقص، والشارح البهوتي
قال: أكثر، والمحشي قال: وهم الشارح، فالصواب قول
الماتن، وهنا يقول: الصواب أكثر، الشيخ ابن عثيمين
يوافق الشارح، على كل حال يقرأ كلام الشيخ.
اقرأ.
أحسن الله إليك.
قال -رحمه الله تعالى-:
إن لم تكن ببلد القرض أنقص والصواب أكثر؛ لأنه إذا
كانت أنقص فلا ضرر عليه، فمن باب أولى أن تجب القيمة،
مثال ذلك: أقرضه مائة صاع برٍ في مكة، وطالبه بها في
المدينة، وقيمتها في مكة مائتا ريال، وقيمتها في
المدينة ثلاثمائة ريال، فهنا يلزمه الوفاء في المدينة؛
لأنه لن يوفي براً، بل له القيمة في بلد القرض ففي بلد
القرض القيمة مائتان، وفي المدينة القيمة ثلاثمائة،
فنقول: سلم مائتين الآن؛ لأنه ليس عليك ضرر، أما إذا
كانت في مكة وهي بلد القرض بثلاثمائة، وفي المدينة وهي
بلد الطلب بمائتين، هنا لا يلزمه القيمة في مكة؛ لأن
عليه ضرراً؛ لأنها ستزيد فيقول: أنا أشتري لك الآن
مائة صاع من المدينة بمائتي ريال، فيرد هنا بالمثل،
حتى وإن كان هنا في حمله مؤونة؛ لأنه الآن كسب، فثلث
الثمن سينزل عنه، والمئونة ربما تكون عشرة ريالات تأتي
بها من مكة إلى المدينة، فالحاصل الآن أنه إذا طالب
المقرض المقترض بماله بغير بلد القرض فإن كان لحمله
مؤونة فإنه لا يلزم المقترض أن يدفع المثل، وإنما يدفع
القيمة إلا إذا كانت القيمة في بلد القرض أكثر منها في
بلد الطلب، فحينئذٍ يدفع المثل؛ لأنه لا ضرر عليه، وكل
يعرف أنه إذا اشترى مائة صاع من المدينة بمائتين أحسن
مما لو اشتراها من مكة بثلاثمائة، وحينئذٍ يلزم بدفع
المثل، ولهذا يعتبر كلام المؤلف -رحمه الله- فيه سبق
قلم، حيث قال: إن لم تكن في بلد القرض أنقص، ولهذا
تعقبه صاحب الروض بقوله: صوابه أكثر؛ لأنها إذا كانت
القيمة في بلد القرض أكثر فلا ضرر عليه في هذه الحال
أن يشتري المثل ويرده، وما قاله الشارح هو الصواب.
المحشي عكس تماماً، هي تحتاج إلى مزيد من التحرير،
يعني ما دقة فهم الشيخ وبيانه تحتاج إلى مزيد من
التحرير، عندك شيء؟!
(119/19)
هذا يقول: الصواب مع المتن، قال الشارح:
صوابه أكثر، والصواب مع المتن؛ لأن القرض لو كانت
قيمته .... الإشكال في هذه المسألة مع كثرة التأمل لا
تزيد إلا تعقيداً، صحيح؛ لأنك تسأل حتى المشايخ
الموجودين، تسأل شيخ من الكبار يصوب لك المتن، تسأل
آخر يصوب لك الشارح، فهي تحتاج إلى مزيد من ضرب
الأمثلة لعلها. . . . . . . . .
كملها، كملها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الجعالة ما يشترط أن تكون معلومة، ولا العمل معلوم
ولا محدد، يعني أمرها أوسع، يعني لأنه عقد جائز لكل من
الطرفين فسخه، المكلف بالطلب بطلب العبد الآبق متى ما
بغى قال: والله مليت هونت، وذاك قال: خلاص أنا ماني
بحاجة العبد، لا تدوره، له ذلك، لكن لو كانت تجارة
لزمت.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا أطلق: من فعل كذا فله كذا، هذه جعالة، وإذا
عقد أبرم العقد مع شخص معين على عمل معين فهذه إجارة.
اللهم صل على محمد ...
(119/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(17)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه مسألة القرض والسداد في غير بلد القرض.
قال صاحب الزاد: "وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلدٍ
آخر لزمته" يعني لزم أن يسدد في بلد آخر "وفيما لحمله
مؤونة قيمته إن لم تكن" يعني لزمته قيمته "إن لم تكن
من بلد القرض أنقص" تصوير المسألة: زيد أقرض عمراً في
الرياض، وطالبه بسداد القرض وهما في مكة، إن كان القرض
ليس لحمله مؤونة كألف ريال مثلاً ونحوه من الأثمان
التي لا مشقة بحملها إلى بلد الطلب مكة، فيلزم عمرو
السداد بمكة بالمثل دونما زيادة أو نقصان، وإن كان
القرض في حمله مؤونة إلى بلد الطلب مكة تلزمه القيمة
إلا إذا كانت القيمة في بلد القرض أنقص من بلد
المطالبة، وإن كان القرض في حمله مؤونة .. ، إذا أقرضه
أقيام دراهم أو دنانير أو ريالات فهذه وقت المطالبة في
أي مكان؛ لأنه ليس لحملها مؤونة، تحمل الدراهم في كل
مكان، لكن لا نتصور أن وقت الكتابة كتابة هذه الأحكام
هو وقت مثلما نعيش فيه، يعني ما يفرق في أي مكان أنت،
بالبطاقة تسحب، من أي فرع تأخذ من فروع البنوك، هذا ما
يكلفك شيء، يعني مكة والرياض وأقاصي الدنيا وأدناها
كله على حدٍ سواء.
طالب:. . . . . . . . .
صار له مؤونة، يعني إذا كان الصرف في غير بلده يزيد
عليه، عمولة وإلا شيء من هذا لا شك أنه صار له مؤونة،
فيدخل في الصورة الثانية، وإن كان القرض في حمله مؤونة
إلى بلد الطلب، أقرضه مائة صاع من التمر في الرياض،
فلما صار في رمضان في مكة قال: أنا أريد مائة صاع من
التمر هنا ليفطر الصوام في هذا المكان الذي فيه
المضاعفات، لا أستطيع أن أحمل لك مائة صاع من الرياض
إلى مكة، وهي تحمل بمبلغ، لكن ما تحمل إلا يمكن
بمائتين أو ثلاثمائة ريال، أنا ما عندي استعداد، أسلمك
بالرياض، أنا عندي تمر أسلمك إياها في الرياض، وهي
تحمل بمؤونة إلى مكة، أنت مستعد تدفع هذه المؤونة؟ فما
يخالف، نستأجر من يحملها إلى مكة.
(120/1)
وإن كان القرض في حمله مؤونة إلى بلد الطلب
مكة تلزمه القيمة، يقوّم، تقوّم مائة صاع وش تستحق؟
خمسمائة ريال يعطيه خمسمائة ريال، الصاع بعشرة يعطيه
ألف ريال؛ لأن الألف تنقل إلى الصورة الأولى، يكون ليس
لحمله مؤونة، تلزمه القيمة إلا إذا كانت القيمة في بلد
القرض أنقص من بلد المطالبة، معنى هذا أنه قال: أنا
عندك لي مائة صاع، أعطني مائة صاع، قال: لا مائة صاع
ما تشال وتحمل من الرياض إلى مكة إلا بمائتين ريال،
قال: طيب أعطني قيمتها، قيمتها ما يلزم مؤونة، قيمتها
في جيبك الآن، كم الصاع؟ بعشرة ريال، مائة صاع بألف
ريال، إن كانت القيمة متساوية مع بلد القرض دفعها،
تدفع له ألف، إذا كانت قيمتها في بلد القرض أنقص، قال:
ادفع لي ألف؛ لأنه شوف المحل ها في مكة نفس الصنف يباع
بعشرة الكيلو، قال: لا بس عندنا غير، بالرياض الكيلو
بثمانية، أو الصاع بثمانية، أنا أعطيك ثمانية في
الرياض، فلا يلزمه الدفع؛ لأنها صارت ببلد القرض أنقص،
وعلى هذا يتجه كلام الماتن، يعني على هذا التصوير يتجه
كلام صاحب المتن، وفيما لحمله مؤونة قيمته إن لم تكن
ببلد القرض أنقص، يعني يلزمه دفع القيمة إن لم تكن في
بلد القرض أنقص، وهذا ظاهر، لكن لو كانت أكثر؟ يعني
الصاع بمكة بعشرة، ببلد القرض أنقص بثمانية، لكن لو
كانت أكثر في بلد القرض اثنا عشر يلزمه من باب أولى أو
لا يلزمه؟ يلزمه، لأنه ليس له عذر في أن يدفع، وعلى
هذا التصوير يتجه كلام الماتن، الشارح استدرك عليه،
قال: لا صوابها أكثر، المحشي أكد كلام الماتن، وصوب
كلام الماتن، وهو على التصوير الذي سمعناه كلام الماتن
صحيح، هنا صورة ثانية من الذي كتب هذه؟
طيب.
أقرض زيد عمراً طناً من الحديد في الرياض، وطالبه عمرو
في مكة، قيمة طن الحديد في الرياض ألف، وقيمته في مكة
ألفين ريال، على رأي الماتن لو طالب زيد عمراً في مكة
طناً من الحديد، وفي حمله مؤونة لا شك من الرياض إلى
مكة فلا يجب عليه المثل ولا القيمة؛ لأن القيمة في
الرياض أنقص، هذا متجه مع كلام الماتن، وعلى رأي
الشارح لو طالب زيد عمراً في مكة طناً من الحديد فتجب
قيمته؛ لأنها في الرياض ليست بأكثر، شلون؟ لا، هي في
التصوير أكثر.
(120/2)
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في بلد القرض أنقص، نعم.
أقرض زيد عمراً طناً في الحديد في الرياض، وطالبه عمر
في مكة قيمة الطن الحديد في الرياض مثلاً ألف ريال،
وقيمته في مكة ألفين ريال، على رأي الماتن لو طالب زيد
عمراً في مكة طناً من الحديد وفي حمله مؤونة، لا شك من
الرياض إلى مكة فلا تجب عليه المثل ولا القيمة؛ لأن
القيمة في الرياض أنقص، وعلى رأي الشارح لو طالب زيد
عمراً في مكة طناً من الحديد فتجب قيمته لأنها في
الرياض ليست بأكثر، إن لم تكن في بلد القرض أكثر،
والصواب مع الماتن، يعني من خلال هذا التصوير الصواب
مع الماتن؛ لأنه لا يلزمه إلا أداءه في بلد القرض
الرياض، ولإمكانه في بذل ذلك من غير ضرر، أما بأن يدفع
في مكة ضعف ما يمكن دفعه في بلد القرض فهذا إضرار
بالمستقرض، كما أنه لا يجبر رب الدين على أخذه للقرض
في بلد آخر لما يترتب على ذلك من مؤونة ومشقة، يعني لو
قال: وجده في جيزان وأقرضه في الرياض مائة صاع تمر،
ووجده في جيزان أو في تبوك مثلاً، يعني ما في ميزة
لتفطير الصوام في هذه البلدان، اللهم إلا إذا كان هناك
حاجة، أو لا يريد يفطر الصوام، قال له المقترض: أنا
والله عندي هنا مائة صاع اشتريتها وخذها الآن فُكنا،
قال: ما آخذها؛ لأن المائة صاع شلون بشيلها للرياض؟
تحتاج إلى مؤونة، فلا يلزمه الأخذ، وكذلك لا يلزم
المقترض الدفع، هذا بالنسبة فيما لحمله مؤونة، لو قال:
أنا أريد القيمة ما دام مسألة مؤونة شيل وأجور وما
أشبه ذلك، أنا أريد القيمة، ننظر إن كانت القيمة في
بلد القرض الذي هو الرياض أنقص ما يلزمه، قال: بدال ما
أدفع لك ألف ريال أدفع ثمانمائة في الرياض، أشتري لك
بثمانمائة، فلا يلزمه.
(120/3)
وعلى رأي الشارح لو طالب زيد عمراً في مكة
طناً من الحديد فتجب قيمته لأنها في الرياض ليست
بأكثر، والصواب مع الماتن؛ لأنه لا يلزمه إلا أداؤه في
بلد القرض؛ ولإمكانه في بذل ذلك من غير ضرر، أما بأن
يدفع في مكة ضعف ما يمكن دفعه في بلد القرض فهذا إضرار
بالمستقرض، كما أنه لا يجبر رب الدين على أخذه للقرض
في بلد آخر؛ لما يترتب على ذلك من مؤونة ومشقة، ولو
كان مراد الماتن أكثر كما استدرك الشارح لما أصبح
للكلام فائدة؛ لأنه يصير إذا كانت القيمة في بلد القرض
الرياض أنقص من بلد الطلب مكة لم تجب القيمة، وإلى هذا
ذهب صاحب المنتهى والمحشي والإنصاف والفروع، والله
أعلم.
وين كلام الشيخ ابن عثيمين؟
معك؟
راجعت كلام الشيخ؟
وش خلاصة كلام الشيخ الذي قرئ في الدرس الماضي؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني عكس هذا الكلام! يعني المسألة في غاية الدقة، أنت
لو تأملتها مرة ثانية، مرت عليها في الروض، في درس
الروض، تأملتها مراراً، وحملتها على صور وعلى وجوه،
وأمكن حملها على كلام الماتن، وأمكن في صور حملها على
كلام الشارح، فالمسألة في غاية الدقة، أما على هذا
التصوير فهي واضحة.
طالب:. . . . . . . . .
يلزمه بالقيمة.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا واضح على التصوير هذا واضح، واضح كلام الماتن على
هذا التصوير، لكن لو قال له: أعطني القيمة وفي بلد
القرض أنقص، وعلى كلام الماتن تلزمه، قال: أنا ما عندي
قيمة، أنا عندي تمر مرصوص بالرياض مستعد أسلمك إياها،
تلزم وإلا ما تلزم؟ ولو كان في بلد القرض أنقص، ما
يلزم، وهنا يقول: قيمته، يعني لزمته قيمته إن لم تكن
في بلد القرض أنقص، يقول: أنا عندي تمر جالس، أنا عندي
.. ، بدل ما تطلب مني مائة صاع أنا عندي خمسمائة صاع،
ولا حاجة لي بها، أنا أدفع لك بالرياض تمر، هذا محل
الطلب وعين الطلب، فهل يلزم أن يدفع القيمة؟ على كلامه
يلزم، على كلامه يلزمه، لكنه ليس بلازم؛ لأن الأصل
مكان القرض، والأصل أن يرد عين القرض، لا قيمته ما دام
موجوداً، أما إذا تلف فيذهب إلى المتقوم بالقيمة،
والمثل بالمثل.
(120/4)
يعني بدلاً من أن تحمل الدراهم، يعني اقترض
أن الدين مائة ألف، ومائة ألف من فئة خمسمائة لا شيء،
بالجيب، وليس لها مؤونة، لكن يخاف؛ قال: ما يستطيع
أسلمك هنا؛ لأنه لا يستطيع حمل هذا المبلغ الكبير في
الأسفار، هذه مؤونة، وإن لم تكن مؤونة مادية "ولحملها
مؤونة" إيش؟
وين الصفحة الأولى؟ من كتب؟
هذه وإلا ذي؟ ولا يلزمه المثل في البلد الآخر؛ لأنه لا
يلزمه حمله إليه إن لم تكن قيمته في بلد القرض أنقص
صوابه أكثر، هذا كلام الشارح، يقول: قال الشيخ ابن
جبرين -حفظه الله- وهو الذي قد أشرف على الطبع
والتصحيح لحاشية ابن القاسم: "الصواب إن كانت قيمته في
بلد القرض أنقص، إن لم تكن قيمته في بلد القرض أنقص؛
لأن عكس، التصويب هذا عكس مراد الماتن، يعني موافق
لكلام الشارح، لا إله إلا الله، أي ما قاله صاحب الروض
ومن طولب ببلد قرض أو غصب في بلد آخر لزمه إلا ما
لحمله مؤونة، وقيمته في بلد القرض أنقص، فلا يلزمه إلا
قيمته بها، ومتى بذل المقترض ما عليه بغير بلد القرض
ولا مؤونة لحمله لزم ربه القبول، ومع أمن البلد
والطريق، فإن كان لحمله مؤونة، أو الطريق غير آمن لم
يلزمه قبوله؛ لأنه ضرر.
وإن أقرضه أثماناً، وكذا لو غصبه أثماناً فطالب بها
ببلد آخر لزمته إذا لم يكن لحملها على المقترض مؤونة،
فلو أقرضه أثماناً كثيرة، ولحملها مؤونة على المقترض،
وقيمتها في بلد القرض أنقص لم يلزمه إذاً قيمته فيه
فقط، لكن لو أقرضه واشترط أن يكون الوفاء في بلدٍ آخر؟
قال: أنا مستعد أقرضك الآن ألف ريال بالرياض، وتسدد لي
هذا القرض في رمضان بمكة، هل نقول: إن هذا قرض جر
نفعاً؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان النفع أجرة التحويل، في البنك مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لو أن المقرض استلمه في الرياض، وأودعه البنك، ثم
صرفه في مكة أخذ عليه عمولة، لكن المقرض لو استلم
بالرياض وأودعها البنك ما ينتفع؟
سبحان الله.
ما يقي ماله بدال ما هو بألف ينقص؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً استفاد، يعني هل الإنسان يتصور أنه ينفع البنك
ولا ينفع نفسه؟ ما يتنازل عن شيء للبنك إلا لو هو
منتفع.
اسمع، اسمع.
(120/5)
وكذا شرط القضاء في بلد آخر، يعني هل يجوز
هذا الشرط أم لا؟ وأطلقها في المغني والكافي، وصحيح
الفروع ... الخ، والشرح وغيرهم.
إحداهما: لا يجوز ولا يصح، وهو الصحيح جزم به في
الوجيز وغيره، وقدمه في النهاية والمستوعب ... الخ،
والرواية الثانية: يجوز هذا الشرط، وهو احتمال في
المقنع، واختاره الشيخ تقي الدين، وصححه في النظم،
وهذا ظاهر الكلام لأبي موسى، قلت: وفيه قوة، واختار
الموفق الجواز إذا لم يكن لحمله مؤونة، حمله مؤونة إذا
كان البنك بيأخذ عمولة فهي مؤونة، ببلد القرض أنقص
فيلزمه إذاً قيمته، وقد ذكر الشيخ أن ما لحمله مؤونة،
وطلب في بلد آخر لا يلزمه؛ لأنه لا يلزمه حمله إليه،
وذكر هو وغيره في الأثمان يلزمه في مستوعب الأثمان لا
مؤونة لحملها فيلزمه، إذا كانت قيمة القرض مع مؤونة
حمله إلى البلد الآخر أقل من قيمة القرض لو سدده في
بلد القرض وجب عليه ذلك لعدم الضرر، وإن كانت أكثر
فلا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لحملها مؤونة وإلا لا؟ ما في أجر حمل؟ أو تحول من
البنك؟ الرز يحول بالبنك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من التفصيل الذي ذكره أهل العلم، المؤونة متصورة
في الأعيان، غير متصورة في الأثمان.
طالب:. . . . . . . . .
بالمؤونة؟
طالب:. . . . . . . . .
أمن الطريق؛ لما كانت الدراهم تحتاج إلى حمل ذهب وفضة.
طالب:. . . . . . . . .
العمولة مؤونة، لكن لو كانت في جيبه، ورقتين زرق،
والقرض ألف ريال وهي ... هذه مؤونة؟ ليست مؤونة، يسدد،
أو يقول لك: لا أبرجعه للرياض علشان تستلم مني هناك؟
لا، هذا ما فيها مؤونة أبداً.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للحاضرين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: القراض
باب: ما جاء في القراض
(120/6)
حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه
قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب -رضي
الله تعالى عنهم- في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرا
على أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه-، وهو أمير
البصرة، فرحب بهما وسهل، ثم قال: لو أقدر لكما على
أمرٍ أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى ها هنا مال من مال
الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه،
فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، ثم تبيعانه
بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون
الربح لكما، فقالا: وددنا ذلك، ففعلا، فكتب إلى عمر بن
الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أن يأخذ منهما المال،
فلما قدما باع فأربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر قال: أكل
الجيش أسلفه مثلما أسلفكما؟ قالا: لا، فقال عمر بن
الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: ابنا أمير المؤمنين
فأسلفكما، أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما
عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا! لو
نقص هذا المال أو هلك لضمناه، فقال: عمر أدياه، فسكت
عبد الله، وراجعه عبيد الله، فقال: رجل من جلساء عمر
يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: عمر، قد
جعلته قراضاً، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد
الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال.
وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده
أن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- أعطاه مالاً
قراضاً يعمل فيه على أن الربح بينهما.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: القراض
(120/7)
القراض أن يدفع صاحب المال ماله أو شيء من
ماله إلى أحد يأتمنه عليه، ويعمل به، ويضارب به في
التجارات، ويكون الربح بينهما، فصاحب المال ربحه بسبب
ماله، وصاحب العمل ربحه بسبب جهده وعمله، وهذه أو هذا
النوع من المعاملة يسمى عند جمع من أهل العلم
المضاربة، وهي نوع من أنواع الشركات، فيدفع زيد إلى
عمرو مبلغاً من المال ويقول: اشتغل به، واعمل به في
التجارة، والربح بيننا، فإذا ربح الألف ألفاً آخر، أو
أقل أكثر فهو بينهما، ولو اشترط صاحب المال نسبة أكثر
أو أقل من النصف فعلى ما اتفقنا، لو قال: هذا ألف ولك
الثلث ولي الثلثان، ويقبل العامل لا مانع من ذلك، أو
يقول: لي الثلث ولك الثلثان، فالأمر كذلك، والأمر لا
يعدوهما، كما أنه لو قال له: أعطني المال وأضارب به،
ولا شيء لي من الربح، يعني بذل الجهد من غير مقابل
يلام وإلا ما يلام؟ يصح وإلا ما يصح؟ يصح، كما أنه لو
قال صاحب المال: خذ هذا الألف واعمل به واشتغل والربح
لك تعطيني رأس المال؟ صحيح وإلا مو بصحيح؟ صحيح؛ لأن
الأمر لا يعدوه، وتنازل عن حقه، صار قرض، لا إشكال في
هذا، فلو تنازل أحد عن حقه، أو عن بعض من حقه لا مانع
من ذلك.
طالب: ورأس المال؟
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
رأس المال يرجع إلى صاحبه كاملاً.
طالب: يثبت بذمة العمل؟
هو في ذمته إذا كان على جهة القرض كاملاً، لكن لو كان
على سبيل المضاربة والقراض لو خسر؟ هو أمين، لا يثبت
في ذمته إلا إذا فرط، لا يضمن إلا إذا فرّط.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟!
طالب:. . . . . . . . .
لا على المال، العامل يكفيه أنه اشتغل لمدة سنة ما جاب
شيء، وهو أمين، لو فرّط يضمن، لو اشترى سيارة ليبيعها
ليتكسب بها، جاب سيارة من الخليج أو من يمين أو من
يسار، ثم بعد ذلك تلفت احترقت في الطريق، يضمن وإلا ما
يضمن؟ ما يضمن إذا كان لم يفرط، أما إذا فرط، ما تفقد
الاديتر ولا تفقد هل فيه ماء أو ما فيه ماء؟ والأسلاك
هل فيها التماس أو شي؟ إذا فرط يضمن، فهو أمين.
طالب:. . . . . . . . .
(120/8)
الأصل أنه لا يجوز اشتراط ضمان الربح، وأما
العامل لا يكلف أكثر من جهده، لكن لو قبل العامل، قال:
أعطني ألف أشتغل، والربح بيننا، والخسارة علينا؟ يصح
وإلا ما يصح؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الصور واضحة، كلام أهل العلم في القراض أنه لا
خسارة على العامل، يكفيه أن يخسر جهده.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بينهم، الخسارة بينهم، أنا أقول: الخسارة بينهما،
قال: أعطني ألف إن صار ألف ومائتين أعطيك الألف ولي
مائة ولك مائة، لكن لو صار ثمانمائة؟ أعطيك الثمانمائة
وعليّ مائة وعليك مائة من الخسارة.
طالب:. . . . . . . . .
أظن فيه فتوى.
طالب:. . . . . . . . .
وش العلة؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في المزارعة، المزارعة لو اشترط، يشترط أنه لو
خسرت المزرعة يصير بيننا يدفع وإلا ما يدفع؟ نفس
الصورة، يعني ما في فرق، هو أصل المضاربة أن المال على
شخص، والجهد على شخص، فكوننا نحمل العامل الجهد
والخسارة يعني هو من باب: المسلمون على شروطهم.
طالب: جاب جدوى قال: أنا أضمن لك بإذن الله أن هذا
الشغل ينجح، وإذا ما نجح الخسارة بيني وبينك، أنا
باشتغل وعطني ها المائة ألف ريال، وإذا ما نجح المشروع
الخسارة بيني وبينك؟
هذا الكلام الذي نقوله، هل يلزمه شيء من الخسارة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يقدمون عليه، كل أمور المضاربة مبنية من أول
العهد إلى الآن كلهم على هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الأصل أنه لا يضمن شيئاً.
طالب: لكن. . . . . . . . .
لكن إذا اشترط على نفسه، وأراد إغراء التاجر، أو أراد
التاجر ضمان ماله وعدم تفريط العامل؛ لأن العامل إذا
كان ما عليه شيء يمكن يجمده في البنك وتجلس، ويجي
الإشارة إلى شيء من هذا، يمكن يجمده ولا يشتغل، فإن
تركها حتى يتلف بعض رأس المال ما يشتغل إلا بعد أشهر
لأنه فرط.
طالب: أو يضيع موسم أو. . . . . . . . .
الأصل أن المسلمين على شروطهم، لكن لا شك أن في هذا
إضراراً بالعامل، وهذا وجه من مَنَع.
(120/9)
طالب: لكن هو ما ألزمه، هو الذي ألزم نفسه،
هو زيّن لي أنا قريشاتي عندي، ولا عندي فكرة تاجر، جاء
وقال: هذه الأرض لا تفوتك، وزينة، وبسوي وبفعل، ونحط
فيها مشروع ونبني، وما لك إلا إن جت خسارة علينا أنا
وإياك، يبي يزين لي؟ أنا. . . . . . . . .
لا هو خسران، خسران الجهد بلا شك.
طالب: لكن هو الذي جاء الآن وقال: أنا بشاركك في
الخسارة، أنا ما أفرض عليك رأس المال حتى لا آثم ولا
.... لكن هو يقول لك: بشاركك في الخسارة، اللي يطلع
وهو جزء من رأس مالك، والخسارة بيني وبينك؟
وش الفرق بين هذا وبين لو قال له: الخسارة كلها علي؟
أو ضمن له ربحاً؟
طالب:. . . . . . . . .
خلونا نتدرج الآن، الآن هو التزم له أن يكون نصف
الخسارة عليه، كلام بعض الإخوان يدور على أن مثل هذا
المسلمون على شروطهم، ومن باب حزم العامل، وأطره على
العمل والاحتياط للعمل، انتهينا من هذه الصورة.
لو قال: الخسارة كلها علي، أنت ما لك إلا رأس مالك في
جيبك؟
وش الفرق بين هذه وهذه؟
المضرة على العامل فقط؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب صاحب الدراهم يقول: أنا لو دراهمي عندي اشتغلت
وربحت، تعطلت لمدة سنة، يكفيني تعطيل مالي.
طالب:. . . . . . . . .
ننتقل إلى صورة ثانية بعد، يضمن له ربح، ما يضمن له
رأس المال فقط، والربح المضمون معروف حكمه.
طالب:. . . . . . . . .
لأننا نتدرج؛ لأن المسألة مبنى الصورة الأولى على
((المسلمون على شروطهم)) فهل هذا على إطلاقه؟ ((إلا
شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً)) فالذي يظهر أن
العامل لا خسارة عليه بوجهٍ من الوجوه، وأنه يكفيه أن
يخسر جهده وعمله، لكن إذا فرط تلزمه تبعة التفريط، هذا
لو اشترطه صاحب المال ابتداءً، لكن لو التزمه المضارب
ابتداءً؟ فهل جهل العاقد يسيغ له تحمل ما لا يتحمله
شرعاً؟ الأصل أنه لا يتحمل خسارة هذا الأصل، لو افترض
أنه تحمل خسارة هل له أن يلتزم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يدري جاهل؟ جاهل ويبي يطلع هالدراهم من هذا
التاجر، يبي يغريه؟ هل لكونه عالم وعارف أنه ما يلزمه
خسارة؟ هذا خداع، لكن لو كان جاهل، يعني مثل من؟ الذي
زنا بامرأة فلان من الناس، ثم أفتي سأل الناس فقالوا
إيش؟
(120/10)
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه أفتي بغير ما شرع الله -جل وعلا-، وقال
النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لأقضين بينكما بكتاب
الله)).
طالب:. . . . . . . . .
((الوليدة والغنم رد عليك)) وهو ملتزم بها، لكنها رد
عليه، لماذا؟ لأنه خلاف الحكم الشرعي، فكونه يقدم
لإغراء التاجر إن كان يعرف الحكم فمثل هذا يعزر؛ لأنه
مجرد أنه يبي يستخرج هذا المال من التاجر، وإن كان لا
يعرف الحكم فيحكم بينهما بكتاب الله، ولا خسارة على
المضارب.
باب: ما جاء في القراض.
(120/11)
"حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه
قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في
جيش إلى العراق" أولاد أمير المؤمنين يخرجون في الغزو،
وهذا هو الأصل؛ لأن أمير المؤمنين الأصل أن يخرج؛ لأنه
ما تولى هذا الأمر العظيم إلا لخدمة المسلمين، وحماية
الدين وأهل الدين، وإقامة شرع الله، والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود "خرج عبد الله وعبيد
الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق، فلما قفلا
مرا على أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- وهو
أمير البصرة، فرحّب بهما وسهّل" فقال لهما: أهلاً
ومرحباً وسهلاً، المقصود من العبارات التي تستعمل
للترحيب بالضيف "ثم قال: لو أقدر لكما على أمرٍ
أنفعكما به لفعلت" أولاد أمير المؤمنين، يعني ما قال:
أنا أستطيع أن أطبق لكم منحة في وسط البلد، أو شيء من
هذا "لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال:
بلى" يعني انفتح له باب شرعي وهو المضاربة "بلى ها هنا
مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين"
يعني بدلا ًمن أن يذهب المال بعدده ويصل بعدده، قال:
"أسلفكماه فتبتاعان به" يعني أقرضكماه "فتبتاعان به
متاعاً من متاع العراق" لأن ما أقرضهما صار مضموناً
"فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق ثم تبيعانه
بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون
الربح لكما" يعني بعض الناس يأخذ أموال الصدقات
والزكوات والتبرعات فيحبسها عنده مدة، يستفيد منها،
ولما بعد انفتح باب الأسهم يمكن يستفيد بيوم، يشتري
اليوم ويبيع غداً ويستفيد، ويتصرف في هذه الأموال، هذا
لا يجوز بحال؛ لأن هذا ليس بقرضٍ مضمون، ويفوت المصلحة
على أصحابه وأربابه، لكن لو قال: أنا الآن أُعطيت عشرة
آلاف لأسرة، وأريد أن أقسطها عليهم؛ لأن لو أعطيتهم
العشرة آلاف صرفوها في أسبوع، لكن لما أجعلها على خمسة
أشهر كل شهر أعطيهم ألفين، لا شك أن هذا في مصلحة
الفقير، فهل نقول: لا تتحرك هذه الدراهم، بل مجرد
الأمر لا يتعدى الصرف، يعني في وقته تصرف لهم من هذا
المال بعينه؛ لأنه قد يحتاج، أثناء الشهر قد يحتاج،
بيته يحتاج إلى مصروف، وينتظر الراتب، يقول: إذا طلع
الراتب أعطيناهم ألفين، ونأخذ من فلوسهم
(120/12)
نشري مصروف البيت، يصلح وإلا ما يصلح؟ يضمن
في هذه الحالة، يصلح وإلا ما يصلح؟ هي باقية في حسابه،
الأصل أن في كل شهرين يسحب ألفين ويعطيهم، كل شهر يسحب
ألفين ويعطيهم، سحب ألفين وأعطاهم بقي ثمانية، في
أثناء الشهر احتاج إلى مصاريف، وفي نهاية الشهر راتبه
يطلع، مضمون يعني أنه بيعطيهم ألفين، يصلح وإلا ما
يصلح؟ أصل التصرف هذا مبني على أنه نائب عن الفقير أو
نائب عن الغني؟ إن كان نائب عن الغني لا يجوز أن يفرط
بيوم واحد، لا بد أن يدفعها في يومها كاملة.
طالب: إذا صارت زكاة.
إذا صارت زكاة وهو نائب عن غني، لا بد أن يبذلها في
يومها؛ لأن الغني لا بد أن يبرأ من عهدتها، أما إذا
كان نائب عن الفقير، والفقير وكّله بقبض الزكوات له،
والإنفاق عليه منها لا يمنع من هذه الصورة، تحيل لهم
مصلحته، ولا يلام على هذا، وكثير من الفقراء لا يحسن
التعامل، ولا يحسن التصرف في الأموال، فيجوز له أن
يقسطها عليهم، وإذا وكلوه ....
طالب: يشري لهم؟
إذا وكلوه، إذا قالوا: اقبض لنا، واشتر لنا، وأنفق
علينا، صار نائب عنهم لا مانع، لا مانع أن يشتري لهم
أعيان وأغراض.
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذا مو بزكاة فورية، الزكاة التي لا يجوز تأخيرها
عن وقت حلولها، هذا أمر سهل يبحث، ما في مانع.
طالب:. . . . . . . . .
وين يستفيد؟ لو جعلها في مساهمة مثلاً، في أثناء هذه
المدة بس يضمن أنه وقت وجوده يكون المال حاضر، والربح
للمال لا له كما هنا، في الصورة التي معنا.
طالب: إذا صارت معجلة الزكاة؟
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه ما خوّل من أصحابها، ما خولّ للعمل فيها من
أصحابها فهو يضمن، ولا يأخذ ربح، نعم مقدمة الزكاة
لمدة سنة، وما الداعي إلى تقديمها؟
طالب: رجل غني ومليارات عنده يقول: أنا أتلخبط بزكاة.
. . . . . . . .
ويجوز أيضاً أن يقدم، يجوز.
طالب: لكن هو يجوز أن يقدم، لكن مثلاً الذي استلمها هل
يجب عليه أن يخرجها في حينها وهو يعلم أنها مقدمة، أنا
وكيل عن تاجر، والتاجر يعطيني مثلاً. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . . يمكن يجي يوم ما عندي سيولة.
لكن هل هذا النائب عن هذا التاجر يخبر التاجر بأنه سوف
يؤخرها؟
(120/13)
طالب: هو يقول: ما علي منك سوي اللي أنت
تبي، تأخرها متى ما شفت الأصلح سويه.
المقصود أنه يضمنها في وقتها.
طالب: إيه الضمانة معروفة.
يضمنها في وقتها لا يجوز له تأخيرها عن وقتها.
طالب: نقول: ضمانة معلومة، لكن أنه هل يجوز. . . . . .
. . .
إن كان للتاجر غرض ....
طالب: يقول: أنا ما عندي يجي وقت وأنا ما عندي. . . .
. . . . .
إن كان للتاجر غرض في تقديم الزكاة لا بد من ملاحظة
هذا الغرض.
طالب: الغرض وشو هو؟ أنه مثلاً يقول: أنا قد يحول عليّ
الحول وما عندي نقد سيولة، ولا أبي أكسر أرض علشان
أطلع الزكاة؟
بس أحياناً يعرضها للتلف، التصرف فيها قد يعرضها
للتلف، صاحبه ما هو قال: أبأخرها؟ النائب؟
طالب: لكن هو مثلاً قال: إنه بيؤخرها لمصلحة الفقير؛
لكي يلقى الذي يستحق، يشوف طلاب العلم. . . . . . . .
.
على كل حال إذا كانت لمصلحة الفقير لا بأس، وما كان
بيساهم بها وإلا بيضارب وإلا بيعرضها، المقصود أنه لا
يعرضها للتلف.
"وددنا ذلك ففعلا، فكتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله
تعالى عنه- أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باع
فأربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر فقال: أكل الجيش أسلفه
مثلما أسلفكما؟ " أو لأنكما ابنا أمير المؤمنين؟ يعني
شوف التحري والتثبت من عمر -رضي الله تعالى عنه-، ما
قال: والله هذا رزق ساقه الله، ولا تسأل عن السبب،
والمسألة بيع وشراء، وتعرضوا لذلك، وحملوا الأموال،
وخاطروا بالطرقات.
طالب: وضمنوا.
نعم، ما قال ذلك "فقال: أكل الجيش أسلفه مثلما
أسلفكما؟ قالا: لا".
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.
(120/14)
"فلما دفعا ذلك إلى عمر قال -رضي الله
عنه-: أكل الجيش أسلفه مثلما أسلفكما؟ قالا: لا، فقال
عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين" يعني هذه هي
العلة، وهذا هو السبب في كونه يفعل ما فعل معكما "ابنا
أمير المؤمنين فأسلفكما، أديا المال وربحه" لأنكم إنما
أقرضتم بهذا الوصف "أديا المال وربحه، فأما عبد الله
فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير
المؤمنين" لأن بعض الناس يسكت ولا يظن ينقص من حقه
شيء، وبعض الناس يدافع ويناضل، ولن يزيد في حقه شيء،
وهذا يحصل في كثير من المسائل التي فيها اشتراك كالإرث
مثلاً، تجد بعض الورثة يخسر الناس، ويخسر أقاربه
وأرحامه ومعارفه وإخوانه وأخواته ومع ذلك لن يحصل على
أكثر مما فرض الله له، وبعض الناس ساكت، ولن ينقص من
حقه شيء، وهذه طبائع وجبلة وغرائز في بعض الناس، تجده
لا بد أن يتصدر في كل شيء، المقصود أن عبد الله سكت
"وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين،
لو نقص هذا أو هلك لضمناه" يعني الخراج بالضمان،
والغنم مع الغرم "فقال عمر: أدياه، فسكت عبد الله
وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر" يريد أن يحل
المسألة حلاً مناسباً للأطراف كلها "فقال رجل من جلساء
عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال عمر: قد
جعلته قراضاً، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد
الله وعبيد الله ابنا عمر نصف ربح المال" صار مضاربة.
طالب:. . . . . . . . .
يضمن؛ لأن الأصل أنه أمانة معهما، فما دام تصرفوا فيه،
واشتروا به أعيان صار من ضمانهم بلا شك، هو ما أعطوا
هذا المال ليدفعوه، هم أعطوا أصل المال الذي اشتري،
أعطوا دراهم، يدفعوها لعمر، لو هلك من غير تعدي ولا
تفريط ما عليهم شيء، لكن ما دام تصرفوا فيه، أنت جاء
واحد وقال: أنا بسافر أنت هذه أمانة حتى أرجع، أنت
تصرفت فتحت هذه الأمانة، ورأيتها دراهم أو دنانير
فقلت: بدل من أن تجلس باشتغل بها، في مقابل حفظي لها،
أنت تضمن في هذه الحالة؛ لأنك تصرفت، تعديت على هذه
الأمانة، فهم تصرفوا، ولابد من الضمان.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(120/15)
لا، لا، في الأصل أمانة، ليؤدياه إلى
أبيهما، قد يقول قائل: إن كونه خص عبد الله وعبيد الله
لا لأنهما ابنا أمير المؤمنين، لذات الإمارة، وإنما
أعطاهما لأبيهما، أنت لو عندك مال لشخص، وتجد واحد من
أولاده وناس آخرين، تعطي الولد وإلا تعطي غيره؟ هذا
إذا كان فيما يخص الوالد، قرض من الوالد أو دين
للوالد، لكن إذا كان لبيت المال، إذا كان المال لبيت
المال فالناس فيه سواء.
"وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده
أن عثمان بن عفان أعطاه مالاً قراضاً يعمل فيه على أن
الربح بينهما" هذه صورة القراض، يكون المال من شخص،
والعمل من آخر، والربح بين صاحب المال والعامل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هو ... انتقل من كونه أمانة إلى كونه قرض، وإلا
لو كان أمانة ما جاز لهم التصرف، صار قرض.
طالب:. . . . . . . . .
هو الأصل قرض، في الأصل أمانة، ثم قال: "لعلكما
تنتفعان به فيكون قرضاً" والفرق بين الأول والثاني
مجرد الضمان، يعني القرض مضمون، والأمانة ليست مضمونة
إلا مع التعدي والتفريط، فهذا من مصلحة المال أن يكون
قرضاً، فكل منتفع، الذي استقر عليه الأمر قرض،
أسلفكما، ولما صار قرض دخل في ملكهما وضمانهما، فصار
من حقهما أن يشتريا به ما شاءا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو نفع للمقرض، إذا كان نفع للمقرض صار جرّ
نفعاً فيكون. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، المقترض المنتفع، هو أراد أن ينفع المقترض، ما
أراد أن ينفع المقرض، لو كان لنفع المقرض قلنا: جر
نفعاً، صار ربا، لكن النفع ظاهر في كونه للمقترض، أراد
أن ينفعهما.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الأصل أنه أمانة، فهم محسنون متبرعون في حمله إلى
عمر، والحمل حاصل حاصل، ومحمول محمول، لكن بدلا ًمن أن
يحمل من غير فائدة، خله يحمل بفائدة في مقابل حملهما
إياه.
طالب:. . . . . . . . .
ما في إشكال، ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
صار مضموناً.
طالب:. . . . . . . . .
كيف ينتفع؟
طالب:. . . . . . . . .
(120/16)
إيه، انتفع بالنهاية؛ لأن ما هو بشرط هذا،
ما اشترط هذا النفع بالأصل، لكن المسألة كُيّفت
شرعياً، يعني عمر بن الخطاب من باب الاحتياط لبيت
المال، والطرف الثاني أبناؤه الذين هم في حكمه، يعني
لو ألزمهم بدفع جميع المال، قال: هذا نماء مال بيت
المال، ما لكم شيء، كاد أن يفعل، لكن بعض الناس من باب
المشورة قال: تصير مضاربة، هذا تكييف المسائل
وتنظيرها، ما في إشكال، يعني ما هو في وقت القرض لحظ
انتفاع بيت المال، المقرض، الجهة المقرضة لم يلحظ
انتفاعه في وقت القرض، ما لحظ هذا وإلا قلنا: قرض يجر
نفعاً؟
طالب:. . . . . . . . .
حورت نعم.
طالب:. . . . . . . . .
مضاربة.
طالب:. . . . . . . . .
هو الغالب أن يكون على النصف، وإذا اختلف في ذلك يردون
إلى النصف.
طالب:. . . . . . . . .
أجرة المثل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ترى ما أخذنا شيء يا الإخوان، وواحد يعتب
علينا نناقش ونروح ونجي.
طالب:. . . . . . . . .
نبي نأخذهن -إن شاء الله-، لكن ما أدري بعض الإخوان
يضيق من بعض المسائل حتى ضرب مثال بأهم مسألة مرت
علينا في دروسنا، في درس العقيدة؛ لما نبحث عن أبي
عبيدة هل هو صاحب الشيباني؟ مسألة عقيدة يا الإخوان،
يعني إذا قلنا: أبا عبيدة صاحب للإمام أحمد بازت
المسألة كلها، سبحان الله، لكن بعض الناس ما يدرك وش
الرابط؟ وش الداعي لهذا الكلام؟ ولا يدري أن الشراح ..
، لو رجع للشراح كان ضاع، كان يضيع هذا الذي كتب هذه
الورقة، لو رجع إلى الشروح، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يجوز في القراض
قال مالك: وجه القراض المعروف الجائز أن يأخذ الرجل
المال من صاحبه على أن يعمل فيه، ولا ضمان عليه، ونفقة
العامل من المال في سفره من طعامه وكسوته، وما يصلحه
بالمعروف بقدر المال، إذا شخص في المال إذا كان المال
يحمل ذلك فإن كان مقيماً في أهله فلا نفقة له من المال
ولا كسوة.
قال مالك: ولا بأس بأن يعين المتقارضان كل واحد منهما
صاحبه على وجه المعروف، إذا صح ذلك منهما.
قال مالك: ولا بأس أن يشتري رب المال ممن قارضه بعض ما
يشتري من السلع إذا كان ذلك صحيحاً على غير شرطٍ.
(120/17)
قال مالك فيمن دفع إلى رجل وإلى غلام له
مالاً قراضاً يعملان فيه جميعاً: إن ذلك جائز لا بأس
به؛ لأن الربح مال لغلامه، ولا يكون الربح للسيد حتى
ينتزعه منه، وهو بمنزلة غيره من كسبه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز في القراض
"قال مالك: وجه القراض المعروف الجائز أن يأخذ الرجل
المال من صاحبه على أن يعمل فيه، ولا ضمان عليه"
الخسارة لا يتحمل منها العامل شيء، يكفيه أن يخسر جهده
وعمله ببدنه "ولا ضمان عليه، ونفقة العامل من المال في
سفره من طعامه وكسوته وما يصلحه بالمعروف" يعني سافر
إلى بلد فاحتاج يسكن فندق، ويأكل ويلبس في هذا البلد
هذا من المال؛ لأن هذا السفر من أجل المال، فالنفقة
على هذا المال، وما يصلحه بالمعروف، هذا الرجل لو سافر
سكن في فندق عادةً متوسط فقال: لا، ما دام النفقة على
المال لماذا لا أسكن في فندق غالي يعني فاخر؟ فبدلاً
من أن تكون الأجرة في اليوم مائتين ريال يصير ألف، وش
المانع؟ أنا ماني بخسران شيء، نقول: لا، بالمعروف،
يعني ما اعتدت عليه، وما تعارف عليه الناس بالنسبة
لمستواك ومثلك.
"بقدر المال إذا شخص في المال" إذا انتقل به وسافر به
إلى بلد آخر بقدره بنسبته، ما يقال: خذ ألفين ريال
وهات لي جوال من الإمارات فيه مزايا، ثم يروح يسكن
فندق بألف، ويأكل بخمسمائة، بقدر المال، لكن لو أعطي
هذه مائتين ألف روح جيب لي سيارة من الإمارات، يسكن
بألف، ما في مانع، هذا بقدر المال، فالمسألة مسألة لا
بد فيها من التوازن "بقدر المال إذا شخص في المال، إذا
كان المال يحمل ذلك" يعني يتحمل المال، أما المال لا
يفي بالمصاريف ونقول: يأكل من المال، ويسكن من المال،
هذا ليس بصحيح.
"فإن كان مقيماً في أهله" يعني مثل شخص في بلد من
البلدان، أو من قرى المملكة ....
طالب:. . . . . . . . .
الإمارات؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، خلنا.
شخص في بلد من البلدان في شمال المملكة جاء ليشتري
بضاعة من الرياض، البضاعة كلها ما تكلف ألفين ريال،
فجاء على الطائرة الدرجة الأولى رايح جاي، يوم وصل. .
. . . . . . . المال ما يحتمل هذه الأمور، فهل مثل هذا
يصلح أن يكون مضارب؟
(120/18)
طالب: هذا يشرط عليه يدفع الخسارة؟
لا هذا ما يصلح أن يكون مضارب "إذا كان المال يحمل
ذلك، فإن كان مقيماً في أهله فلا نفقة له من المال ولا
كسوة" يعني أعطى شخص من الإمارات أو من الكويت أو من
أي بلد من مصر من الشام يشتري بضاعة من بلده، وهو رايح
في إجازة قال: جيب لي من الشام عندكم شيء من الأشياء
التي لا توجد عندنا، ما يسكن في فندق، ويأكل على حساب
المال، لا "فإن كان مقيماً في أهله فلا نفقة له من
المال ولا كسوة".
"قال مالك: ولا بأس بأن يعين المتقارضان كل واحد منهما
صاحبه على وجه المعروف، إذا صح ذلك منهما" يعين
المتقارضان كل منهما صاحبه على وجه المعروف، إذا صح
ذلك منهما، يعني اشترى البضاعة وصدرها للرياض، وصاحب
المال بالرياض، وقال له: جزاك الله خير البضاعة وصلت،
دبر أحد ينقلها من محلات النقل الأجرة إلى المستودعات،
هذا أعان صاحبه بجهده، وهو في الأصل هو صاحب المال،
فيه إشكال؟ ما فيه إشكال، أيضاً صاحب العمل بقي من
قيمة هذه السلعة مبلغ يسير وفي جيبه هذا المبلغ، ما
المانع بأن يدفع هذا المبلغ على نية الرجوع؟
"قال مالك: ولا بأس أن يشتري رب المال ممن قارضه بعض
ما يشتري من السلع إذا كان ذلك صحيحاً على غير شرطٍ"
ما يشترط عليه أنك إذا جبت بضائع تخصني بشيء منها، لا،
لكن هو أسوة من يحتاج إلى هذا من المشترين، يعني جاب
بضاعة وجاءه شيء منها يشتري وش المانع؟ كغيره من
الزبائن، على غير شرط.
(120/19)
"قال مالك فيمن دفع إلى رجل وإلى غلام له
مالاً قراضاً يعملان فيه" قال: أنا أدفع لك المال،
ويصير هذا الغلام العبد معك يشتغل، لي نصف الربح، وأنا
صاحب المال، وأنت لك الثلثان، والغلام له الثلث من
الباقي، يقول مالك: "فيمن دفع إلى رجل وإلى غلام له
مالاً قراضاً يعملان فيه جميعاً أن ذلك جائز لا بأس
به؛ لأن الربح مال لغلامه" يعني ما اشترط شيء من الربح
لنفسه، إنما اشترطه لغلامه، والغلام الذي هو الرقيق
عند مالك يملك بالتمليك، لكن عند الأئمة الثلاثة لا
يملك، فكأنه اشترط الربح لنفسه ولا يصلح "لا يكون
الربح للسيد" لأنه يملك عند الإمام مالك، الغلام يملك
"حتى ينتزعه منه" إذا ملكه واستقر ملكه عليه له أن
ينتزعه فإن كان حيلة فلا "وهو بمنزلة غيره من كسبه"
بعض الناس يبيع سلعة على شخص وهذا ظاهر في مسألة
التورق، يبيع عليه سيارة لمدة سنة بزيادة عشرة بالمائة
مثلاً، تستحق مائة ألف فقال: مائة وعشرة، وأنا لا يجوز
أن أشتريها منك لئلا تصير عينة، لكن أشترط عليك أن
يبيعها ولدي ليأخذ السعي، الآن هذا اشترط عليه الغلام
اشترط على المضارب الغلام أن يعمل معه، والربح للغلام،
في الصورة التي معنا، في صورة مسألة التورق، قال: أنا
أبيعك هذه السيارة بمائة وعشرة لمدة سنة بربح عشرة
بالمائة، شريطة أن يتولى البيع على الطرف الثالث ولدي،
الآن لو اشترط السعي له، قال: أنا أبيعها لك والسعي
لي؟ يجوز وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
العلة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، أنا أبي أول وجه المنع في النفس مثلاً، قال: أنا
أبيعها لك، في مسألة التورق، باع عليه سيارة ما فيها
إشكال، والسيارة يملكها التاجر ملك تام مستقر، وباعها
على هذا المحتاج بنسبة عشرة بالمائة، الأصل أن يقول:
خذ سيارتك وبعها أنت على نظرك، أو يقول: وكلني أبيعها
لك إذا كان ثقة، لا بد أن يكون ثقة في هذه الصورة،
يبيعها له من يجوز بيعها عليه، وإلا ما يمنع أن يدفع
له الدراهم ويقول: بعتها لك إذا لم يكن ثقة، فتكون
مسألة العيينة، لكن إن اشترط أن يبيعها له بنفسه أو
يبيعها له ولده والسعي له، قال: أنا أبيعها لك والسعي
لي، أو أعطيها ولدي، أصل مسألة التورق فيها ضعف، تزداد
ضعفاً بمثل هذه الشروط، وبمثل هذه التصرفات، والولد
بمنزلته، فالأصل أن يبيعها له مجاناً، أو يترك الولد
يبيعها له مجاناً تبرعاً، أو يدفعها إليه يبيعها لنفسه
كما هو الأصل.
اللهم صل على محمد ...
(120/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(18)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين:
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يجوز في القراض
قال مالك -رحمه الله-: إذا كان لرجل على رجل دين فسأله
أن يقره عنده قراضاً إن ذلك يكره حتى يقبض ماله ثم
يقارضه بعد أو يمسك، وإنما ذلك مخافة أن يكون أعسر
بماله، فهو يريد أن يؤخر ذلك على أن يزيده فيه.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فهلك بعضه
قبل أن يعمل فيه، ثم عمل فيه فربح، فأراد أن يجعل رأس
المال بقية المال بعد الذي هلك منه قبل أن يعمل فيه،
قال مالك: لا يقبل قوله، ويجبر رأس المال من ربحه، ثم
يقتسمان ما بقي بعد رأس المال على شرطهما من القراض.
قال مالك: لا يصلح القراض إلا بالعين من الذهب أو
الورق، ولا يكون في شيءٍ من العروض والسلع ومن البيوع
ما يجوز إذا تفاوت أمره، وتفاحش رده، فأما الربا فإنه
لا يكون فيه إلا الرد أبداً، ولا يجوز منه قليل ولا
كثير، ولا يجوز فيه ما يجوز في غيره؛ لأن الله -تبارك
وتعالى- قال في كتابه: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ
رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ
تُظْلَمُونَ} [(279) سورة البقرة].
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يجوز في القراض
يعني في المضاربة
(121/1)
"قال مالك: إذا كان لرجل على رجل دين فسأله
أن يقره عنده قراضاً إن ذلك يكره حتى يقبض ماله" يعني
لزيد على عمرو دين مائة ألف ريال، فحل هذا الدين، أو
قبل حلوله قال صاحب المال للمدين: اجعله قراضاً، اجعله
مضاربة، والعامة يسمونه بضاعة، بضعه وأبضعه إذا دفع له
مالاً يتجر فيه على أن يكون الربح بينهما، هذه موجودة
عند العامة، لكن لا يسمونها مضاربة ولا قراض، المقصود
أنه إذا كان في ذمته دين وأراد الدائن أن يجعله
قراضاً، قال مالك -رحمه الله-: "إن ذلك يكره حتى يقبض
ماله، ثم يقارضه بعد أو يمسك" لماذا؟ بين ذلك الإمام
-رحمه الله-: "وإنما ذلك مخافة أن يكون أعسر بالمال"
يكون المدين ما عنده مال، ويرضى بهذا على أن يدفع أكثر
منه، يكون كأنه أقرضه إياه، ثم يدفع أكثر منه بربحه
فيما بعد، يعني فيما إذا حصله واتجر فيه وربح يكون هذا
القرض جر له نفعاً، يقول: "وإنما ذلك مخافة أن يكون
أعسر بماله فهو يريد أن يؤخر ذلك على أن يزيده فيه"
فيكون من باب القرض الذي جر نفعاً "إن ذلك يكره حتى
يقبض ماله" والكراهة مرت مراراً في كلام الإمام مالك
يراد بها التحريم "ثم يقارضه بعدُ" مبني على الضم لحذف
المضاف إليه مع نيته؛ لأن بعد وقبل والجهات الست إما
أن تضاف فتعرب، أو تقطع عن الإضافة، فإن نوي المضاف
إليه بنيت على الضم، وإن لم ينو المضاف إليه أعربت مع
التنوين {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ}
[(4) سورة الروم] يعني قبل ذلك وبعده "ثم يقارضه بعد"
يعني بعد ذلك "أو يمسك" أي يمسك ماله له، يعني الدائن.
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فهلك بعضه
قبل أن يعمل فيه" فهلك البعض بيد العامل "قبل أن يعمل
فيه، ثم عمل فيه فربح" أعطاه مائة ألف مضاربة، ذهب منه
عشرون ألفاً قبل العمل من العامل هذا لا يخلو من
حالين، إن كان مفرطاً ضمن، إن كان مفرطاً يضمن، وإن لم
يفرط فهو أمين لا ضمان عليه.
يقول الإمام "في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فهلك
بعضه قبل أن يعمل فيه، ثم عمل فيه فربح" الآن أعطاه
مائة ألف هلك عشرون ألفاً وبقيت ثمانون، اشتغل
بالثمانين بعد سنة صارت مائة وعشرين كم للعامل؟ وكم
لصاحب المال؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
(121/2)
طالب:. . . . . . . . .
هذا على التفصيل السابق، إن كان فرط فليس له إلا عشرة؛
لأنه يضمن المائة كاملة، وإن لم يفرط فرأس المال
الثمانون، فيكون الربح عشرين عشرين، لا بد من هذا
التفصيل، وإن كان فرّط فرأس المال مضمون المائة، وليس
له من الربح إلا النصف العشرة "فربح فيه، فأراد أن
يجعل رأس المال بقية المال" الثمانين، العامل قال: رأس
المال الثمانين "بعد الذي هلك منه قبل أن يعمل فيه،
قال مالك: لا يقبل قوله، ويجبر رأس المال من الربح"
يعني الثمانين تجبر مائة من الربح من الأربعين "ثم
يقتسمان ما بقي، وهي العشرون بعد رأس المال على شرطهما
من القراض" هذا إذا اشترطا أن يكون لصاحب المال النصف،
وللعامل النصف لكل واحد عشرة، إذا اشترطوا الثلث
والثلثين كل بنسبته الربع وثلاثة الأرباع على ما اتفقا
عليه.
(121/3)
قال مالك: "لا يصلح القراض إلا في العين من
الذهب أو الورق، ولا يكون في شيءٍ من العروض والسلع
ومن البيوع، ويجوز إذا تفاوت أمره" إيش؟ المقصود أنه
يقول: لا يصلح القراض إلا في العين من الذهب أو الورق،
ما يصلح إلا في النقود، في الأموال، في الأثمان، أما
العروض لا تصلح، لو أعطاه مائة ثوب وقال: الربح بيننا،
إيش يصير هذا؟ أجرة، لكن لا بد أن تكون الأجرة محددة،
إذا قال: إذا بعته فلك نصف الربح هذا جُعل، أما إذا
قال له .. ، آجره على أن يكون له النصف، فالأجرة لا بد
أن تكون محددة، فإن حددت وإلا فليس له إلا أجرة المثل؛
لأن الجعل عقد جائز، والأجرة عقد لازم، لا بد أن تكون
كالبيع معلومة المقدار، ولا يكون في شيء من العروض
والسلع ومن البيوع ما يجوز إذا تفاوت أمره، وتفاحش
رده، فأما الربا، يعني يجوز من البيوع إذا تفاوت أمره،
يعني يغتفر فيه بعض الصور من الغرر ونحوه، ويجوز فيه
ما يصطلحان عليه ويرضيان به، لو حصل في السلعة عيب،
ورضي المشتري جاز، ولو كان العيب فاحشاً هذا في
البيوع، اشتريت سيارة من زيد ثم لما استعملتها وجدت
بها خللاً كبيراً، ينقص ثلث قيمتها أو أكثر، يعني لك
أن تردها بخيار العيب، لكن إذا رضيت؟ يجوز في البيوع
إذا تفاوت أمره، وتفاحش رده، يعني مع الرضا، وإلا
فخيار العيب ثابت "فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا
الرد أبداً" الربا ليس كغيره من البيوع التي يحلها
الرضا، لكن الربا لا يحله رضا "فأما الربا فإنه لا
يكون فيه إلا الرد أبداً، ولا يجوز منه قليل ولا كثير"
يعني لو عقد صفقة ربا، وقال: يا أخي أنا مشترٍ، قابل
أن يزيد علي عشرة بالمائة عشرين بالمائة أنا باذل ما
عندي مشكلة، نقول: لا، ولا واحد بالمائة، ولا يحله
الرضا "فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً"
ولذلك في التمر الذي بيع منه الصاع بالصاعين النبي
-عليه الصلاة والسلام- في صحيح مسلم قال: ((ردوه))
"فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً، ولا
يجوز منه قليل ولا كثير" خلافا ًلمن يقول: إن القليل
يعفى عنه كالنجاسة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(121/4)
لأنه قد يتطرق إلى بعض أنواع القراض شيء من
الربا، أو شيء من العيوب، أو شيء من هذا.
بعض الناس يقول: يسير الربا يعفى عنه، أبداً، ولا
قليله ولا كثيره، ويقيسون ذلك على النجاسة، أولاً:
النجاسة منها المخففة، ومنها المغلظة، وأنواع الغرر
منه المعفو عنه، ومنه ما لا يعفى عنه، لكن الربا ليس
منه ما يعفى عنه؛ لأنه حرب لله ورسوله، يقيسون على
النجاسة ويقولون: الشيء اليسير يعفى عنه، ومعلوم عند
الحنابلة والشافعية أن ما لا يدركه الطرف من البول لا
يعفى عنه، فرؤوس الإبر يمثلون بهذا، يقول: لا يعفى
عنه، فكيف نقيس على أصل مختلف فيه؟ الأمر الثاني: أن
الإقدام على المحرم حرام، يعني هل يجوز لشخص أن يقول:
ضع على ثوبي نقطة بول يسيرة ما تشكل، أو نقطة دم حتى
من دم مسفوح أخف من البول؟ هل يعقل أن يأتي الشرع بمثل
هذا؟ يجيز مثل هذا؟ أو إذا وقع من غير قصد منه ما يعفى
عنه ومنه ما لا يعفى عنه؟ أما الإقدام على المحرم
حرام، لا من النجاسات، وأكثر عذاب القبر من النجاسات
((كان لا يستنزه من بوله)) هل معنى هذا أنه يبول على
رجليه بحيث يصل إلى أقدامه؟ أو يتطرق إليه شيء يسير من
البول فلا يستنزه منه، وعذاب القبر عامته من هذا ومن
النميمة.
(121/5)
"ولا يجوز فيه ما يجوز في غيره" يعني الربا
"لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {وَإِن
تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ
تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [(279) سورة البقرة] "
والخلاف معروف في رأس المال هل هو وقت الدخول في
التجارة أو وقت التوبة؟ هل المراد به وقت الدخول في
التجارة أو وقت التوبة؟ كلام مهم، ويحتاجه الناس كلهم
الآن؛ لأن الجمهور يقولون: له رأس ماله وقت الدخول في
التجارة، يعني شخص جاء من بلد ما بمائة ريال، واشتغل
في هذه المائة ربا، صار مؤسس يعني قبل سبعين سنة، يكون
مؤسس إذا دفع مائة أو ألف مؤسس في بنك، معروف شخص جاء
بعشرين ريال، ودخل مؤسس في بنك، واشتغل بالربا إلى أن
تاب عن ما أدري مائة مليار، فإذا طولب على قول الجمهور
ما لك إلا عشرين ريال، إيش يبي يقول؟ إيش يبي يصير؟
وإذا قيل له: لك رأس مالك وقت التوبة، الذي فيه ذمم
الناس لا تستوفيه، لكن الذي قبضته لك، التوبة تهدم ما
كان قبلها، ولا شك أن هذا من باب الإعانة على التوبة،
والآية تحتمل هذا الفهم، {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ
رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] هذا
اختيار جمع من أهل العلم، لكن قول الجمهور غيره.
هذا الذي تاب عن مائة مليار، ورأس ماله عشرين ريال يوم
يدخل التجارة، ماذا يكون وضعه لو قيل له: ما لك إلا ها
العشرين الريال؟ يعني أسلوب يستخدمه شيخ الإسلام في
مسائل كثيرة، إحنا استعملناه في هذه المسألة، الله -جل
وعلا- يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده، وأمر بالتوبة،
يعني نجيب أسلوب شيخ الإسلام في مسائل كثيرة، ومن
المحال في العقل والدين أن الله يحب التوبة والتوابين،
ويحث عليها، ثم يصد الناس عنها؛ لأن هذا صد، تصور شخص
يملك هذه المليارات ويبي يتوب؟ وش الذي يغلب على الظن؟
أنه لا يتوب، بعد أن كان يحسن على الناس، ويتصدق
ومعروف، اقترن اسمه بالمحسن، ثم بعد ذلك يتكفف الناس؟
واخرج من بيوتك وقصورك وأموالك، فهذا لا شك أنه مرجح
للقول الثاني، والآية تحتملهما على حدٍ سواء.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(121/6)
المقصود أنه تاب، والتوبة تهدم ما كان
قبلها، أي مال بذل بطوع واختيار، ثم تيب بعده، لا شك
أن هذا تجبه التوبة، أما الغصوب والمظالم وغيرها هذه
ما تنفع لها لا توبة ولا غيرها؛ لأنها ما بذلت بـ ...
، وكذلك لو أن شخصاً جاء لامرأة عفيفة، ما كانت تفكر
في يوم من الأيام أنها تقع في هفوة، من بيت فقير،
وأبوها مدين، وكل سنة في بيت، من بيت إلى أسوأ، ثم
جاءها شخص فقال: هذا خمسة ملايين في فعل الفاحشة مرة
واحدة، ثم لما أغراها، قال: "مهر البغي خبيث" أنا
والله ما عندي استعداد أدفع خبيث، وأنا تائب الآن،
نقول: لا، أنت الخبيث، وأنت الخبث بعينه، تدفع الأموال
وأنت كاره، ولا يسلم إليها؛ لأن مهر البغي خبيث،
فيعاقب بأخذه منه، ولا يسلم إليها.
طالب: وتعاقب هي. . . . . . . . .
تحرم، تحرم؛ لأن مهر البغي خبيث، فمثل هذه الأمور لا
بد من النظر في مقاصد الشرع فيها.
طالب:. . . . . . . . .
من الربح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه، هو ما قلنا نظرنا المسألة مائة ألف تلف منها
عشرين قبل الدخول في التجارة، ضارب في هذا الأجير مدة
سنة، نقول: التاجر هذا الدافع يأخذ مائة ألف، يجبر من
الربح، ثم بعد ذلك العشرين الزائدة تقسم بينهم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا فرط، أما إذا لم يفرط فرأس المال الثمانون.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أصلاً ما عملت به البلوى حتى يتساهلون، لو لم
يتساهلوا لما عمّت البلوى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، العرايا فيها نص يا أخي، العرايا أصل في بابها،
فيها نص ما نتعدى، وإلا ما في شيء ما فيه حاجة، الحاجة
لا تبيح ما حرم الله -جل وعلا- بالنص، الضرورة تبيح ما
حرم الله بالنص، لكن الحاجة لا، ولا ضرورة أبداً، ما
في أحد يقول: هذه ضرورة.
طالب:. . . . . . . . .
استعملت. . . . . . . . . هذا البغاء بعينه، الفاحشة
بغاء {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى
الْبِغَاء} [(33) سورة النور] يعني على الزنا، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يجوز من الشرط في
القراض
(121/7)
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل
مالاً قراضاً، وشرط عليه أن لا تشتري بمالي إلا سلعة
كذا وكذا، وينهاه أن يشتري سلعةً باسمها، قال مالك: من
اشترط على من يقارض على أن لا يشتري حيواناً أو سلعةً
باسمها فلا بأس بذلك، ومن اشترط على من قارض أن لا
يشتري إلا سلعة كذا وكذا فإن ذلك مكروه إلا أن تكون
السلعة التي أمره أن ألا يشتري غيرها كثيرة موجودة، لا
تخلف في شتاء ولا صيف فلا بأس بذلك.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، واشترط
عليه فيه شيئاً من الربح خالصاً دون صاحبه، فإن ذلك لا
يصلح، وإن كان درهماً واحداً، إلا أن يشترط نصف الربح
له، ونصفه لصاحبه أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو
أكثر، فإذا سمى شيئاً من ذلك قليلاً أو كثيراً فإن كل
شيءٍ سمى من ذلك حلال، وهو قراض المسلمين.
قال: ولكن إن اشترط أن له من الربح درهماً واحداً فما
فوقه خالصاً له دون صاحبه، وما بقي من الربح فهو
بينهما نصفين، فإن ذلك لا يصلح، وليس على ذلك قراض
المسلمين.
يقول المؤلف -رحمه الله-:
باب: ما يجوز من الشرط في القراض
"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً،
وشرط عليه أن لا تشتري بمالي إلا سلعة كذا وكذا" دفع
له مائة ألف قال: تعمل بها تشتغل بها تضارب بها لمدة
سنة، لكن لا تشتري إلا كتب "لا تشتري بمالي إلا سلعة
كذا وكذا، أو ينهاه أن يشتري سلعةً كذا باسمها" يعني
لا تشتري كتب، فالأول يريد نفع طلاب العلم بتسويق هذه
السلعة وهي الكتب، وتوفيرها لطلاب العلم، والثاني رأى
الناس معرضين عن العلم وقال: بتصير تجلس عندنا في
المستودعات ولا ... ، فهذا شرط عليه أن لا يشتري بماله
إلا كتب، والثاني شرط عليه أن لا يشتري كتب.
(121/8)
"قال مالك: من اشترط على من قارض ألا يشتري
حيواناً أو سلعةً باسمها" كتب مثلاً، وهي أن الكتب
رآها كثيرة، وطلاب العلم فيهم قلة، وخشي أن تخسر
التجارة، أو اشترى حيواناً يعتريه ما يعتريه من مرض
وموت "فلا بأس بذلك" إذا خشي على ماله، لا بأس بذلك
"ومن اشترط على من قارض أن لا يشتري إلا سلعة كذا وكذا
فإن ذلك مكروه" يعني يضيق على العامل، وقد يشترط عليه
أن يتعامل مع سلعة لا يحسنها ولا يتقنها، هذا في الأصل
صاحب ماشية يفرض عليه أن لا يشتري إلا كتب، أو العكس
يأتي إلى صاحب كتب تاجر كتب يعطيه مائة ألف يقول: لا،
لا تشتري كتب اشتري ماشية "قال مالك: فإن ذلك مكروه"
لأنه يضيق عليه، وقد يقحمه في شيءٍ لا يحسنه، فيذهب
تعبه هدراً "إلا أن تكون السلعة التي أمره أن لا يشتري
غيرها كثيرة موجودة لا تختلف في شتاء ولا صيف فلا بأس
بذلك" يعني إذا كانت السلعة متوفرة موجودة على طول
العام؛ لأنه إذا حجره على سلعة معينة وهذه السلعة توجد
في بعض الأوقات دون بعض جعل الأموال تجمد في كثيرٍ من
الأوقات، لكن إذا كانت السلعة تدور في العام كله يقول
الإمام: لا بأس بذلك.
(121/9)
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً
قراضاً، واشترط عليه فيه من الربح خالصاً دون صاحبه،
فإن ذلك لا يصلح" قال: أنا أعطيك مائة ألف تصفي لي
عشرة آلاف، والزائد لك، أو أعطاه مائة ألف، وقال: تصفي
لي عشرة، وما زاد على ذلك بيننا، هذا لا يصلح أيضاً،
لماذا؟ لأنه قد لا يكسب، فمن أين يأتي له بالمائة
الألف؟ وهذا نظير المزارعة والمخابرة إذا اشترط له جزء
معين من الأرض لي الجزء الشمالي الغربي، ولك البقية،
قد يخرج هذا القسم دون غيره أو العكس، فلا بد من أن
يتضرر أحدهما، وحينئذٍ أن يشترط شيء مشاع بينهما لا
بأس، سواء كان بالمزارعة أو في المضاربة، لا يشترط
شيئاً بعينه بنفسه خالصاً دون صاحبه "فأن ذلك لا يصلح،
وإن كان درهماً واحداً" يمكن ما يكسب ولا درهم واحد،
من أين يأتي لك بهذا الدرهم؟ "إلا أن يشترط نصف الربح
له" يعني يشترط جزء معلوم، لكنه مشاع في الربح لا بأس
"ونصفه لصاحبه أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر
فإذا سمى شيئاً من ذلك قليلاً أو كثيراً فإن كل شيءٍ
سمى من ذلك حلال" يعني لو اشترط واحد بالمائة عشرة
بالمائة عشرين ثلاثين خمسين سبعين شيء مشاع من الربح
لا بأس "فإن كل شيءٍ سمى من ذلك حلال، وهو قراض
المسلمين".
قال: "ولكن إن اشترط أن له من الربح درهماً واحداً فما
فوقه خالصاً له دون صاحبه، وما بقي من الربح فهو
بينهما نصفين فإن ذلك لا يصلح، وليس على ذلك قراض
المسلمين" وعرفنا أنه لا بد أن يكون المقسوم بينهما
القدر الزائد على رأس المال يكون مشاعاً بينهما، معلوم
النسبة لا معلوم المقدار، يكون معلوم النسبة لا معلوم
المقدار، نعم؟
طالب: تعريف القراض أصلاً مشاع، يكون مشاع بالنسبة
.... نص عليه المضاربة.
لئلا يقول هذا يمكن يدخل في النوع، يعطيه مال يعمل فيه
يقول: صف لي رأس مالي وعشرة آلاف والباقي لك، نعم.
باب: ما لا يجوز من الشرط في القراض
(121/10)
قال يحيى: قال مالك: لا ينبغي لصاحب المال
أن يشترط لنفسه شيئاً من الربح خالصاً دون العامل، ولا
ينبغي للعامل أن يشترط لنفسه شيئاً من الربح خالصاً
دون صاحبه، ولا يكون مع القراض بيع، ولا كراء ولا عمل
ولا سلف ولا مرفق يشترطه أحدهما لنفسه دون صاحبه إلا
أن يعين أحدهما صاحبه على غير شرطٍ على وجه المعروف،
إذا صحّ ذلك منهما، ولا ينبغي للمتقارضين أن يشترط
أحدهما على صاحبه زيادةً من ذهب ولا فضة ولا طعام ولا
شيءٍ من الأشياء يزداده أحدهما على صاحبه.
قال: فإن دخل القراض شيء من ذلك صار إجارة ولا تصلح
الإجارة إلا بشيءٍ ثابت معلوم، ولا ينبغي للذي أخذ
المال أن يشترط مع أخذه المال أن يكافئ ولا يولي من
سلعته أحداً، ولا يتولى منها شيئاً لنفسه، فإذا وفر
المال وحصل عزل رأس المال، ثم اقتسم الربح على شرطهما،
فإن لم يكن للمال ربح، أو دخلته وضيعة لم يلحق العامل
من ذلك شيء لا مما أنفق على نفسه، ولا من الوضيعة،
وذلك على رب المال في ماله، والقراض جائز على ما تراضى
عليه رب المال، والعامل من نصف الربح أو ثلثه أو ربعه
أو أقل من ذلك أو أكثر.
قال مالك: لا يجوز للذي يأخذ المال قراضاً أن يشترط أن
يعمل لنفسه أن يعمل فيه سنين لا ينزع منه، قال: ولا
يصلح لصاحب المال أن يشترط أنك لا ترده إلى سنين لأجلٍ
يسميانه؛ لأن القراض لا يكون إلى أجل، ولكن يدفع رب
المال ماله إلى الذي يعمل له فيه فإن بدا لأحدهما أن
يترك ذلك والمال ناض لم يشتر به شيئاً تركه وأخذ صاحب
المال ماله، وإن بدا لرب المال أن يقبضه بعد أن يشتري
به سلعةً فليس ذلك له حتى يباع المتاع، ويصير عيناً،
فإن بدا للعامل أن يرده وهو عرض لم يكن ذلك له حتى
يبيعه فيرده عيناً كما أخذه.
قال مالك: ولا يصلح لمن دفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً أن
يشترط عليه الزكاة في حصته من الربح خاصة؛ لأن رب
المال إذا اشترط ذلك فقد اشترط لنفسه فضلاً من الربح
ثابتاً فيما سقط عنه من حصة الزكاة التي تصيبه من
حصته، ولا يجوز للرجل أن يشترط على من قارضه أن لا
يشتري إلا من فلان لرجل يسميه فذلك غير جائز؛ لأنه
يصير له أجيراً بأجرٍ ليس بمعروف.
(121/11)
قال مالك في رجل يدفع إلى رجلٍ مالاً
قراضاً، ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال:
لا يجوز لصاحب المال أن يشترط في ماله غير ما وضع
القراض عليه، وما مضى من سنة المسلمين فيه، فإنما
المال على شرط الضمان كان قد ازداد في حقه من الربح من
أجل موضع الضمان، وإنما يقتسمان الربح على ما له أعطاه
إياه على غير ضمان، وإن تلف المال لم أر على الذي أخذه
ضماناً؛ لأن شرط الضمان في القراض باطل.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، واشترط
عليه أن لا يبتاع به إلا نخلاً، أو دواب لأجل أنه يطلب
ثمر النخل، أو نسل الدواب، ويحبس رقابها، قال مالك: لا
يجوز هذا، وليس هذا من سنة المسلمين في القراض إلا أن
يشتري ذلك ثم يبيعه كما يباع غيره من السلع.
قال مالك: لا بأس أن يشترط المقارض على رب المال
غلاماً يعينه به على أن يقوم معه الغلام في المال إذا
لم يعد أن يعينه في المال لا يعينه في غيره.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يجوز من الشرط
في القراض
وتقدم في الباب في السابق ما يجوز من الشرط، وفي ضمنه
بعض ما لا يجوز، وأردفه -رحمه الله تعالى- فيما لا
يجوز من الشرط.
"قال يحيى: قال مالك: لا ينبغي لصاحب المال أن يشترط
لنفسه شيئاً من الربح خالصاً دون العامل" وهذا تقدم في
الباب السابق "ولا ينبغي للعامل أن يشترط لنفسه شيئاً
من الربح خالصاً دون صاحبه" يعني كما أنه يمنع صاحب
المال أن يشترط لنفسه شيئاً معيناً كذلك يمنع العامل
أن يشترط لنفسه شيئاً معلوماً.
"ولا يكون مع القراض بيع" أبيعك هذه الدار على أن تعمل
بثمنها مدة سنة، أبيعك هذه الدار بكذا، بخمسمائة ألف
على أن تعمل بهذا المال بهذه الخمسمائة لمدة سنة،
والربح بينهما، فلا يكون مع القراض بيع.
(121/12)
"ولا كراء ولا عمل ولا سلف ولا مِرفق" أو
مَرفق كمجلس أو كمنبر، ما يكون شيء ينتفع به خارج عن
محل العقد الذي هو القراض، ما يقول: أبيعك هذه الدار
على أن تعمل بثمنها لمدة سنة والربح بيننا، ولا يقول:
أؤجرك هذه الدار على أن تعمل بهذه الأجرة لمدة سنة،
ولا عمل أي عمل من الأعمال، ما يقول تبني لي هذه الدار
أو أبني لك، أي عمل من الأعمال، أو تزرع لي هذه
المزرعة وأعطيك مالاً تعمل به.
"ولا عمل ولا سلف" يعني لا يقرضه مالاً ويعطيه مالاً
يضارب به فلا يجتمع هذا مع هذا.
"ولا مرفق" ما يقول: أعطيك مائة ألف تضارب بها على أن
تدرس أولادي مثلاً، خلال هذه السنة تشتغل تعمل، لكن
عندك ساعة راحة تجي تدرس الأولاد، هذا ارتفاق، ينتفع
به، وإن لم يكن مالاً، لكنه يؤول إلى مال، فلا يجوز
شيء من ذلك.
"يشترطه أحدهما" سواء اشترطه صاحب المال أو اشترطه
العامل "يشترطه أحدهما لنفسه دون صاحبه إلا أن يعين
أحدهما صاحبه على غير شرطٍ" يعنيه على غير شرط، يعني
جاءت البضائع والعامل غير موجود في البلد، فتبرع صاحب
المال وحاز هذه البضائع إلى المستودعات، أعانه عليها،
أو باع العامل ثم قال صاحب المال: دع بقية الموضوع لي،
وأنا أسلمه المشتري، تبرع من عنده هذا من غير إلزام،
لا بأس به.
"إلا أن يعين أحدهما صاحبه على غير شرط على وجه
المعروف، إذا صحّ ذلك منهما، ولا ينبغي للمتقارضين أن
يشترط أحدهما على صاحبه زيادةً من ذهب ولا فضة ولا
طعام ولا شيءٍ من الأشياء" على ما تقدم في صدر الباب،
وآخر الباب الذي قبله.
"يزداده أحدهما على صاحبه" يعني هذا إذا كان شيء
معيناً، أما إذا كان نسبة معينة ولو زادت هذه النسبة
فإنه لا بأس به.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما هو مضاربة هذا، هذه قيمة أو أجرة؟ يعني الحداد
منه الحديد، طلبتم منه شبابيك للبيت وأبواب، فقال لك:
المجموع بعشرة آلاف، وقلت له: أزيدك ألف أو ألفين على
أن تعمل لي. . . . . . . . .
طالب: هو طلب زيادة.
(121/13)
يعني تبين له أنه مغبون، كونه اتفقت معه
على عشرة آلاف، ولما عمل العمل وجده يكلفه أكثر من
ذلك، فقال: زدني، الأصل أنه لا يستحق إلا ما اتفقتما
عليه، لكن إن زدته تبرعاً منك فأنت محسن عليه، لكن ليس
بهذا الإحسان أن تشترط عليه شيئاً آخر، أنت بهذا تقضي
على إحسانك، اللهم إلا إذا أدخلت صفقة على صفقة، أنت
عندك أيضاً منجرة، أنت خسرت بالحديد أكسبك بالخشب، صح
وإلا لا؟ يعني عنده مع الحدادة منجرة أنت تبي أبواب
خشب، أبواب الحديد والشبابيك قلت: بعشرة آلاف، ثم لما
انتهت إذا تكلفه اثنا عشر، وأبواب الخشب أنت تبي تشتري
منه بعشرين، وقلت له: أدفع لك ما يخالف، أرضيك بأبواب
الخشب، لا بأس بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
لا بأس بذلك، ما يظهر ما يمنع.
"فإن دخل القراض شيء من ذلك صار إجارة" ما صار مضاربة،
إذا اشترطت شيء معين صار إجارة، وليس مضاربة.
"ولا تصلح الإجارة إلا بشيءٍ ثابت معلوم" لا بد أن
تكون الإجارة معلومة فإن جهلت فأجرة المثل.
"ولا ينبغي للذي أخذ المال أن يشترط مع أخذه المال أن
يكافئ ولا يولي من سلعته أحداً" ما يقول: أنا آخذ
المال مائة ألف وأضارب بها لمدة سنة، لكن لي حق
التصرف، أنا إذا أعجبني شخص من الأشخاص بحسن معاملته
أنا أكافئه، ليس له أن يتصرف هذا التصرف، أو يولي بعض
الناس، إيش معنى التولية؟ يبيعه برأس المال، ليس له
ذلك.
"ولا ينبغي للذي أخذ المال أن يشترط مع أخذه المال أن
يكافئ ولا يولي من سلعته أحداً، ولا يتولى منها شيئاً
لنفسه" ما يأخذ اشترى .. ، بضاعة لهذه التجارة التي
اؤتمن عليها، والأصل أنها لصاحب المال، والربح بينهما،
لا يقول: أنا والله شريت تيسرت هذه البضاعة، ووجدت
مثلاً عدد كبير في مستودع مغفول عنه، من بضاعةٍ نفدت
وتضاعفت، أنا بأخذ منها لنفسي برأس المال تولية، آخذ
من هذه البضاعة لنفسي برأس المال.
"ولا يتولى لنفسه شيئاً، فإذا وفر المال وحصل عزل رأس
المال، ثم اقتسم الربح على شرطهما، فإن لم يكن للمال
ربح، أو دخلته وضيعة لم يلحق العامل من ذلك شيء" هذا
أصل المضاربة "لا مما أنفق على نفسه ولا من الوضيعة"
مو قلنا: إن المضارب يسكن ويأكل بالمعروف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
(121/14)
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
في السفر إيه، وقد يكون مع السكن، والأكل بالمعروف
يخسر المال، هل لصاحب المال أن يطالبه بما أنفقه على
نفسه؟ ليس له ذلك.
"لم يلحق العامل من ذلك شيء لا مما أنفق على نفسه ولا
من الوضيعة، وذلك على رب المال في ماله" يعني يكفي
المضارب أن يكون تعبه وعمله هدراً، في غير مقابل.
"والقراض جائز على ما تراضى عليه رب المال والعامل من
نصف الربح أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر على
أن يكون مشاعاً غير معلوم المقدار" معلوم النسبة لا
معلوم المقدار.
"قال مالك: لا يجوز للذي يأخذ المال قراضاً أن يشترط
أن يعمل لنفسه أن يعمل فيه سنين لا ينزع منه" قال: أنا
والله با أشتغل لك بمائة ألف لكن سنة ما تكفي، أنا
بشتري أموال قد تكون بعيدة الأجل؛ لكنها مربحة، قال:
طيب سنتين، قال: ما أدري يكفيني سنتين أو لا؟ خليه لين
نُصفي، ولا يحدد الأجل، هذا لا يصلح.
"قال مالك: لا يجوز للذي يأخذ المال قراضاً أن يشترط
أن يعمل فيه سنين لا ينزع منه" يعني سنين غير محددة.
قال: "ولا يصلح لصاحب المال أن يشترط أنك لا ترده
سنين" كذلك، لا بد أن يكون الأجل معلوم، يؤجره سنة،
يعامله سنة سنتين ثلاث وقت محدد، لا يقول العامل: أنا
والله ما أدري متى أصفي؟ هل سنة أو سنتين أو ثلاث أو
أربع أو سنتين ونص أو ثلاث ونص؟ ما أدري، اترك المال
على التصفية، اترك الحساب على التصفية، هذا ما يصلح،
لا بد أن يكون الأجل معلوم، سواء كان الاشتراط من
العامل، أو من صاحب المال، كل ذلك لا يصلح.
(121/15)
"ولا يجوز لصاحب المال أن يشترط أنك لا
ترده إلى سنين لأجلٍ يسميانه؛ لأن القراض لا يكون إلى
أجل" هذا عكس ما قلناه "لا يجوز للذي يأخذ المال
قراضاً" هو أخذ مال، أخذ مال يصرفه وإلا أخذ دراهم
يشتري بها أموال؟ يعني على رأي الإمام -رحمه الله- في
الكتاب أنه لا يصلح الأجل المحدد، لماذا؟ لأن هذا
الأجل يضطر العامل أن يبيع في الوقت، وقد لا يجد زبون
فيخسرها، لكن على القول الذي شرحناه سابقاً، ما في
محظور وإلا في محظور؟ الآن المحظور في التحديد أن لا
يجد زبون في الوقت المحدد فيضطر يكسر المال، بل يترك
حتى يتصرف في المال، وينصرف تدريجياً من غير ضررٍ بأحد
الطرفين، وهذا الذي قرره؛ لأنه في النهاية قال: لأجلٍ
يسميانه، ما تصل إلى أجل، لما تترك البضاعة على
التصريف، لكن ألا يلزم منه ترك البضاعة للتصريف أن
يؤخر المال على صاحبه أكثر من اللازم؟ بل لا بد من أجل
تنتهي عنده هذه الشركة، فالأصل في مثل هذه الأمور أن
تترك للمصلحة، يعني ما يصلح المال، سواء كان التحديد
أو عدم التحديد، الإمام -رحمه الله- يرى أن التحديد
مضر بالتجارة؛ لأنه قد يضطر إلى بيع البضاعة في وقت لا
يجد فيه زبون، وهذا كلام وجيه، كلامه من حيث الحيثية،
لكن من جهة أخرى لو تُرك الأمر لصاحب العمل أو لصاحب
المال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قد تطرأ حاجة لصاحب المال، تطرأ حاجة، وذاك ما هو ملزم
بأمدٍ معين، فيقول له: صف البضاعة أنا مضطر محتاج،
يقول: لا، الأصل أننا ما نحدد، نترك البضاعة تمشي
بالتدريج، فيتضرر صاحب المال، وقد يكون للعامل ظرف
يقتضي إنهاء المعاملة، فالتحديد ينفعهما من هذه
الحيثية، يحتكمان إليه عند الاختلاف.
طالب:. . . . . . . . .
بيجي ها الحين، بيجي كلامه.
"لأن القراض لا يكون إلى أجل، ولكن يدفع رب المال ماله
إلى الذي يعمل فيه، فإن بدا لأحدهما أن يترك ذلك،
والمال ناضٌ لم يشتر به شيئاً تركه" يعني إذا كان
البضاعة بيعت، وعند العامل فلوس جاهزة، يبي يشتري
بضاعة ثانية قبل شراء البضاعة للعامل أن يترك، ولصاحب
المال أن يترك، ما دام المسألة دراهم، أموال، ناض،
نقد.
(121/16)
"لم يشتر به شيئاً تركه وأخذ صاحب المال
ماله، وإن بدا لرب المال أن يقبضه بعد أن يشتري به
سلعةً، فليس ذلك" لأنه اشترى سلعة، قال: لا أنا أريد
المال "ليس له ذلك حتى يباع المتاع ويصير عيناً".
"فإن بدا للعامل أن يرده وهو عرض لم يكن ذلك له حتى
يبيعه" قال: أنا اشتريت لك بمائة ألف بضاعة، لكن أنا
مشغول خذ بضاعتك، يملك وإلا ما يملك؟ ما يملك.
"لم يكن له ذلك فيرده عيناً كما أخذه".
"قال مالك: ولا يصلح لمن دفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً أن
يشترط عليه الزكاة في حصته من الربح خاصة" ما يقول:
عليك الزكاة أيها العامل، ومالي صافي مزكى ومنتهي
خالص؛ لأنه كما لو اشترط عليه مبلغاً معيناً في الشروط
التي لا تصلح في أول الباب، وفي آخر الذي قبله.
"لأن رب المال إذا اشترط ذلك فقد اشترط لنفسه فضلاً من
الربح ثابتاً فيما سقط عنه من حصة الزكاة التي تصيبه
من حصته".
"ولا يجوز للرجل أن يشترط على من قارضه أن لا يشتري
إلا من فلان لرجل يسميه فذلك غير جائز؛ لأنه يصير له
أجيراً بأجرٍ ليس بمعروف".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هو له أن يقيد له السلعة، لكن هل له أن يقيد صاحب
السلعة؟ يقول: ما تشتري إلا من فلان، ليس له أن يضيق
عليه؛ لأن المال يهمه، يهم العامل مثلما يهم صاحب
العمل، والربح بينهما، فيتوخى المصلحة ولا يجوز أن
يضيق عليه؛ لأنه إذا ألزمه بشيءٍ معين صار أجيراً، ولم
يكن مضارباً، وهو في هذه الحالة أجير غير معلوم الأجر،
بأجرٍ ليس بمعروف.
"قال مالك في الرجل يدفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً،
ويشترط على الذي دفع عليه المال الضمان"، "قال: لا
يجوز لصاحب المال أن يشترط في ماله غير ما وضع القراض
عليه" يعمل فيه على أن يكون الربح بينهما، ولا يضمن له
رأس المال.
"قال مالك في الرجل يدفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً،
ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان" بل التجارات
والقراض والشركات كلها مبناها على الربح والخسارة، وكل
من الطرفين معرض لذلك، فلا يجوز له أن يشترط عليه إذا
دفع إليه مال الضمان.
(121/17)
قال: "لا يجوز لصاحب المال أن يشترط في
ماله غير ما وضع القراض عليه، وما مضى من سنة المسلمين
فيه" سنة المسلمين في القراض أن يدفع رب المال ماله
إلى من يعمل فيه مدة، فيكون الربح بينهما.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا كلام، هم ما يملكون، ولا يملكون ما في غد،
ما ينفع هذا كله، هذا من باب إغراء المساهمين، من باب
إغراء المشتركين فقط، وكم من شخص قال مثل هذا الكلام
وخسر خسارة فادحة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا كله من باب الإغراء، من باب الضحك على
الناس، وإلا ما في غدٍ لا يعلمه إلا الله، ولا تجدي
دراسات ولا أمور، كل هذه أمور بيد الله {وَلَوْ كُنتُ
أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}
[(188) سورة الأعراف].
"وما مضى من سنة المسلمين فيه، فإنما المال على شرط
الضمان كان قد ازداد في حقه من الربح من أجل موضع
الضمان، وإنما يتقسمان الربح على ما لو أعطاه إياه على
غير ضمان، وإن تلف المال لم أر على الذي أخذه ضماناً"
لماذا؟ لأنه أمين "لأن شرط الضمان في القراض باطل".
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، واشترط
عليه أن لا يبتاع به إلا نخلاً أو دواب، لأجل أنه يطلب
ثمر النخل، أو نسل الدواب، ويحبس رقابها، قال مالك: لا
يجوز هذا، وليس هذا من سنة المسلمين في القراض إلا أن
يشتري ذلك ثم يبيعه كما يباع غيره من السلع" بحيث
يشترط عليه يشتري نخل، ثم يبيع النخل بنتاجه، لا علاقة
لرب المال فيه؛ لأنه لو اشترط من نتاجه سواء كان من
نخل أو من الدواب اشترط لنفسه شيئاً غير النسبة
المشاعة؛ لأن بعض الناس يقول لشخص صاحب كتب: أنا بعطيك
مليون ريال تستورد من التركات وتبيع، والربح بيننا،
لكن ها إذا جبت تركة لازم أشوفها أنا، وآخذ منها ما
أحتاجه بقيمته، هذا الشرط يصلح وإلا ما يصلح؟
طالب: بقيمته بعد الربح وإلا قبل الربح؟
المهم أنه يبي .. ، تعرف أن التركة، الكتب قد ترتفع
التركة بكتاب، وقد تنزل بكتاب.
طالب: قيمته إذا كان بربح فهو مثله مثل ... يبي ...
ويشتري.
هو إذا حضر مع الناس واشترى مثل الناس ما في إشكال.
طالب: هو إذا كان بيسوم لنفسه بسعر الناس. . . . . . .
. .
(121/18)
لا ما هو .. يقول: لا، أنا أولى به من
غيره، إذا جبت التركة أبنقي منها ما أحتاج إليه من
الكتب.
طالب: إذا كان هذا يضر العامل ما يجوز.
هو الإشكال أنه بيضر العامل ....
طالب: لا، لا.
إذا كان صاحب خبرة؛ لأن صاحب الخبرة بيأخذ كتب ينتفع
بها، وتنزل السلع بسببها.
طالب: بما لا يضر العامل، مثل الحين لو عنده حائط ....
وقال. . . . . . . . .
هي تصير أسوة الزبائن، ما في إشكال، لكن إذا اشترط أنه
مقدم على غيره لا خلاص ما صار مضارب، صار أجير.
طالب: لا، لم يضر العامل.
يا أخي العامل وش يدريه؟. . . . . . . . . جيت ووجدت
لك كتاب يستحق نصف قيمة المكتبة، والعامل ما يدري،
كتاب من ها الكتب، المقصود أنه لا يصلح أن يشترط لنفسه
شيء؛ لأنه إذا اشترط ما صار شريك صار أجير.
"قال مالك: لا يجوز هذا، وليس هذا من سنة المسلمين في
القراض، إلا أن يشتري ذلك ثم يبيعه كما يباع غيره من
السلع" يعني يشتري أسوة غيره، إذا حضروا الزبائن،
وقال: من يسوم؟ وزود على الناس لا بأس.
"قال مالك: لا بأس أن يشترط المقارض على رب المال
غلاماً يعينه به" قال: أنا والله ما عندي استعداد
أشتغل أربعة وعشرين ساعة واحدة، أحتاج إلى عامل ينقل
البضائع من مكان إلى مكان، يتولى بعض الأمور، يعينني
عليها، فلا بأس أن "يشترط المقارض على رب المال غلاماً
يعنيه به على أن يقوم معه الغلام في المال إذا لم يعد
أن يعينه في المال لا يعينه في غيره" يعني ما يستعمله
في حاجاته الخاصة، إنما يستعمله في هذا المال الذي
أرسل من أجله هذا الغلام.
طالب:. . . . . . . . .
وأكثر منه، على حسب الحاجة، لو اشترى مثلاً سيارة،
المضارب قال: أنا والله اشتريت سيارة للمال، ننقل بها
الأموال، ما في إشكال -إن شاء الله تعالى-.
طالب: اشترط في المقارضة أن يكون معه جزء من ....
على ما تقدم، مثل الأجير، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إجارة لا بأس، لكن أيضاً جهة المضاربة تبطل؛ لأنها
إجارة بأجرة غير معلوم، جزء منها معلوم، وجزء غير
معلوم.
طالب: لو أنا شغال عند واحد براتب، واشترطت مع الراتب
نسبة من الأرباح، هذا حال مندوبين المبيعات، مثلاً
راتبه (2500) وله (5%) من المبيعات.
(121/19)
هذا من أجل حثه على مضاعفة العمل، صح وإلا
لا؟
طالب: صح.
من أجل الحث تأتي بعامل ولنقل مثلاً: مجلد كتب، فتأتي
براتب ألفين ريال مثلاً، وتقول له: لك على كل مجلد
ريال، هذا من أجل حثه على العمل، يصح وإلا ما يصح؟
طالب: هذه مضاربة.
إجارة هذه، لكن إجارة معلومة وإلا مجهولة؟
طالب: معلومة.
ما فيها إشكال -إن شاء الله-.
هات.
أحسن الله إليك.
باب: القراض في العروض
قال يحيى: قال مالك: لا ينبغي لأحد أن يقارض أحداً إلا
في العين؛ لأنه لا تنبغي المقارضة في العروض؛ لأن
المقارضة في العروض إنما تكون على أحد وجهين، إما أن
يقول له صاحب العرض: خذ هذا العرض فبعه، فما خرج من
ثمنه فاشتر به وبع على وجه القراض، فقد اشترط صاحب
المال فضلاً لنفسه من بيع سلعته، وما يكفيه من
مؤونتها، أو يقول: اشتر بهذه السلعة وبع، فإذا فرغت
فابتع لي مثل عرضي الذي دفعت إليك، فإن فضل شيء فهو
بيني وبينك، ولعل صاحب العرض أن يدفعه إلى العامل في
زمن هو فيه نافق، كثير الثمن، ثم يرده العامل حين يرده
وقد رخص، فيشتري بثلث ثمنه أو أقل من ذلك، ويكون
العامل قد ربح نصف ما نقص من ثمن الأرض في حصته من
الربح، أو يأخذ العرض في زمان ثمنه فيه قليل فيعمل فيه
حتى يكثر المال في يده، ثم يغلو ذلك العرض، ويرتفع
ثمنه حين يرده فيشتريه بكل ما في يده فيذهب عمله ...
يديه.
طالب: سم.
يديه.
أحسن الله إليك.
طالب: عندنا يده.
ويرتفع ثمنه حين يرده فيشتريه بكل ما في يديه، فيذهب
عمله وعلاجه باطلاً، بهذا غرر لا يصلح، فإن جعل ذلك
حتى يمضي نظر إلى قدر أجر الذي دفع إليه القراض في
بيعه أو علاجه فيعطاه، ثم يكون المال قراضاً من يوم نض
المال، واجتمع عيناً ويَرد ....
ويُرد
طالب: ويُرد إلى قراض مثله.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب القراض في العروض
(121/20)
"قال يحيى: قال مالك: لا ينبغي لأحدٍ أن
يقارض أحداً إلا في العين" لأنه لا تنبغي المقارضة في
العروض؛ لأن الأصل في التجارات الأثمان هي التي تشترى
بها العروض، فإذا أعطاه عرضاً، وقال له: خذه بضاعة
مقارضة مضاربة، فإنه يبيعه له، ثم يضارب بثمنه، فصار
العقد مشتملاً على بيع ومضاربة، وقد تقدم أن هذا
ممنوع، ونص عليه الإمام -رحمه الله تعالى-.
"لأن المقارضة في العروض إنما تكون على أحد وجهين، إما
أن يقول له صاحب العرض: خذ هذا العرض فبعه، فما خرج من
ثمنه فاشتر به، وبع على وجه القراض، فقد اشترط صاحب
المال فضلاً لنفسه" وش اشترط لنفسه؟ نعم اشترط إراحته
من البيع، والبيع يحتاج إلى أجرة سمسرة، فكأنه اشترط
هذه السمسرة لنفسه، ظاهر؟ طيب.
"فقد اشترط صاحب المال فضلاً لنفسه من بيع سلعته وما
يكفيه من مؤونتها" لأن الأصل أنه في هذا يدفع مال
لأحدٍ يقوم بهذا العمل.
"أو يقول: اشتر بهذه السلعة وبع" ضارب بهذه السلعة،
بعها ثم اشتر بثمنها ثم .. الخ "فإذا فرغت فابتع لي
مثل عرضي الذي دفعت إليك" هذا نظير ما يصنعه من يؤجر
المحلات التجارية ببضاعاتها، يستقدم عامل ثم يؤجره
البقالة بما فيها، يقدرون ما فيها من محتويات، فيقول:
هذه البقالة فيها من البضاعة ما يقارب عشرين ألف،
أؤجرك إياها كل شهر بكذا، ثم بعد ذلك تترك فيها من
البضاعة ما قيمته عشرون ألفاً، وهنا يقول: "فإذا فرغت
فابتع لي مثل عرضي الذي دفعت إليك، فإن فضل شيء فهو
بيني وبينك، ولعل صاحب العرض أن يدفعه إلى العامل في
زمن هو فيه نافق كثير الثمن" يعني باع هذه البقالة، أو
أجر هذه البقالة في وقت الناس يحتاجون إلى ...
طالب:. . . . . . . . .
(121/21)
لا، لا، هي تتفاوت، مثلاً يكون في وقت
الدراسة البقالة تمشي، لكن في العطلة والناس سافروا
كسدت، فإذا أجره أو جعل هذه البضاعة مضاربة على أن يرد
مثلها أخذها في وقت نافق وردها في وقت كاسد، يتضرر
صاحب البضاعة، والعكس يتضرر العامل إذا أخذها في وقت
كاسد وردها في وقت نافق "ثم يرده العامل حين يرده وقد
رخص فيشتري بثلث ثمنه أو أقل من ذلك، ويكون العامل قد
ربح نصف ما نقص من ثمن العرض في حصته من الربح، أو
يأخذ العرض في زمان ثمنه فيه قليل، فيعمل فيه حتى يكثر
المال في يديه، ثم يغلو ذلك العرض، ويرتفع ثمنه حين
يرده، فيشتريه بكل ما في يديه" استلم البقالة في أول
الإجازة وهذا حظه طيب وإلا رديء؟ رديء، واشتغل في
البضاعة لمدة أربعة أشهر، ويدفع أجرة لصاحب البقالة،
انتهت البضاعة وبدأت الدراسة، قال: أمن لي بمثل ما
استلمت البقالة سلمها، ثم يشتري بقيمة البضاعة وأتعابه
كلها، وأرباحه ما تغطي قيمة ما يريد شراءه، أو العكس،
فأحدهما متضرر لا محالة "فيذهب عمله وعلاجه باطلاً،
فهذا غرر لا يصلح، فإن جهل ذلك حتى يمضي نُظر إلى قدر
أجر الذي دفع إليه القراض في بيعه إياه، وعلاجه
فيعطاه" يعني يعطى أجرة المثل، ولا تكون مضاربة "ثم
يكون المال قراضاً من يوم نض المال" يعني من يوم صفّي،
وصار أموال دراهم ودنانير يكون قراض لا مانع "واجتمع
عيناً ويُرد إلى قراض مثله" والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(121/22)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(19)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الكراء في القراض
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً
فاشترى به متاعاً فحمله إلى بلد التجارة فبار عليه
وخاف النقصان إن باع فتكارى عليه إلى بلدٍ آخر فباع
بنقصان، فاغترق الكراء أصل المال كله، قال مالك -رحمه
الله-: إن كان فيما باع وفاء من كراء فسبيله ذلك، وإن
بقي من الكراء شيء بعد أصل المال كان على العامل ولم
يكن على رب المال منه شيء يتبع به، وذلك أن رب المال
إنما أمره بالتجارة في ماله، فليس للمقارض أن يتبعه
بما سوى ذلك من المال، ولو كان ذلك يتبع به رب المال
لكان ذلك ديناً عليه من غير المال الذي قارضه فيه،
فليس للمقارض أن يحمل ذلك على رب المال.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الكراء في القراض
القراض عرفنا أنه المضاربة، والكراء التأجير
والاستئجار لحمله، لحمل هذا المال المقارض عليه من بلد
إلى آخر، أو من مكان إلى آخر، والأصل أن هذا الكراء
يكون على المال، الأصل أن يكون على المال، فإذا اشترى
المقارض بدراهم المقارض متاعاً فأجرة حمله على المال
لا على أحد الطرفين فقط.
(122/1)
"قال يحيى: قال مالك في رجلٍ دفع إلى رجل
مالاً قراضاً" زيد دفع مائة ألف إلى عمرو وقال: ضارب
بها، والربح بيننا "فاشترى به متاعاً" اشترى بهذه
المائة ألف متاع، اشترى بها رز أو سكر أو أي متاع مما
يباع ويشترى، ويتاجر به "فاشترى به متاعاً فحمله إلى
بلد التجارة" اشترى بمائة ألف رز من مكانه الذي يزرع
فيه فحمله إلى بلدٍ، بلد تجارة ينصرف فيه، ويباع فيه،
وينفق فيه، اشترى تمر من الأحساء فأجر عليه إلى الرياض
مثلاً "إلى بلد التجارة فبار عليه" بار يعني كسد "وخاف
النقصان إن باعه" اشتراه بمائة ألف، وأجر عليه بعشرة
آلاف إلى الرياض، فلما وصل إلى الرياض وجده ما يسوى
ولا خمسين ألف، فاجتهد في نقله إلى بلدٍ آخر، قال:
نوديه جدة، فأجّر عليه كذلك "فتكارى عليه إلى بلدٍ آخر
فباع بنقصان" افترض أنه وصل إلى جدة بأجرة إلى الرياض
بعشرة آلاف، ومن الرياض إلى جدة بعشرين ألف، ثم بار
عليه وكسد، قال: نوديه جيزان وأجر عليه بعشرين ألف
وهكذا "وتكارى عليه إلى بلد آخر فباع بنقصان، فاغترق
الكراء أصل المال كله" فجاء على المائة الألف كلها
"قال مالك: إن كان فيما باع وفاء للكراء فسبيله ذلك"
هذه المائة الألف تروح أجرة نقله من بلد إلى بلد،
ويذهب المال على صاحبه، ويذهب التعب على المضارب الطرف
الثاني "ولا يتبع أحدهما الآخر، إن كان فيما باع وفاء
للكراء فسبيله ذلك، وإن بقي من الكراء شيء بعد أصل
المال كان على العامل" مائة ألف استغرق المائة ألف
كلها وزيادة، وعشرة، مائة وعشرة، هل يرجع المضارب إلى
رب المال يقول: عطني عشرة آلاف؟ يقول: طيب والمائة؟
قال: راحت، نريد منك عشرة آلاف، الإمام مالك يقول: ليس
له ذلك، ما يطالب بشيء أكثر مما دفع "وإن بقي من
الكراء شيء بعد أصل المال كان على العامل، ولم يكن على
رب المال منه شيء يتبع به، وذلك أن ربّ المال إنما
أمره بالتجارة في ماله" هو يرجو من وراء هذا المال
الكسب، ويخسر المال كله ومع ذلك يطالب بكراء؟! لأن
غاية ما هنالك أن يتلف المال وش أكثر من هذا؟ "وذلك أن
رب المال إنما أمره بالتجارة في ماله فليس للمقارض أن
يتبعه بما سوى ذلك من المال" لا يقول له: أعطني عشرة
زيادة على ما دفعت مائة ألف؛ لأننا
(122/2)
نقلناه من بلد إلى بلد، نتوخى فيه المكاسب،
هو يعرف أن الخسران في مثل هذه الصورة لا بد منه، ما
دام أول الأمر وثاني أمر يعني تخلص، لا تزيد على
المسكين الذي ذهب ماله زيادة عبء، وهذا ظاهر في السلع
كلها إذا ردت مرتين ثلاث في الغالب أنها تبور، تكسد
"ولو كان ذلك يتبع به رب المال لكان ذلك ديناً عليه من
غير المال الذي قارضه فيه، فليس للمقارض أن يحمل ذلك
على رب المال" يعني الشرع لما لاحظ المقارض العامل
لاحظه، وليس عليه خسارة، يعني ما دام المال باقياً،
أيضاً وهو يلاحظه المعامل فإنه لا يهدر حق صاحب المال،
لا يهدر حق صاحب المال، وهكذا في الأمور كلها، يعني في
الزكاة حينما يلاحظ الشرع الفقير فهل معنى هذا أنه
يهدر حق التاجر؟ لا، ولذلك لا يجوز للمصدق أن يأخذ من
نفائس الأموال، وكرائم الأموال؛ لأن في ذلك ضرر على
التجار، فالشرع يلاحظ الطرفين، فلا يكلف صاحب المال أن
يدفع أكثر مما دفعه، يتحمل من الخسائر أكثر مما تحمله،
وإن كان الملاحظ في الأصل يعني بالدرجة الأولى العامل؛
لأنه في مقابل عرقه وتعبه، لا يكلف خسارة، لكن إذا
تصرف تصرفات ألزمته بخسائر فادحة يتحمل في مثل هذه
الصورة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يتحملها العامل، زيادة الأجرة؟ إذا كان هناك خسارة
بمعنى أنه باعه بتسعين ألف يتحمل رب المال، باعه
بخمسين ألف يتحمل رب المال، باعه بعشرة آلاف يتحمل رب
المال، لكن بعدين يؤخذ عليه زيادة أجرة؟ أجرة إيش؟!
ماله وتلف بعده إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يضمن؛ لأنه الأصل فيه أنه مؤتمن، فإذا لاحت
عليه علامات التفريط ضمّن، على كل حال إذا ظهر منه
التفريط ضمّن، لا سيما إذا كان في عرف الناس والتجار
أن جمع مثل هذه البضاعة إلى هذا البلد ليس من مصلحته،
يعني يجلب تمر يشتري، تمر صادر من الأحساء يروح يبيعه
في الأحساء؟ يعني منبعه الأصلي في الأحساء، ومجلوب
ومتعوب عليه هنا، يشتريه من الرياض يرجعه لهم؟ على كل
حال ما فرط فيه يضمن وما لا فلا، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: التعدي في القراض
(122/3)
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل
مالاً قراضاً، فعمل فيه فربح، ثم اشترى من ربح المال
أو من جملته جارية فوطئها فحملت، ثم نقص المال، قال
مالك: إن كان له مال أخذت قيمة الجارية من ماله فيجبر
به المال، فإن كان فضل بعد وفاء المال فهو بينهما على
القراض الأول، وإن لم يكن له وفاء بيعت الجارية حتى
يجبر المال من ثمنها.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فتعدى
فاشترى به سلعة، وزاد في ثمنها من عنده، قال مالك:
صاحب المال بالخيار إن بيعت السلعة بربح أو وضيعة أو
لم تبع، إن شاء أن يأخذ السلعة أخذها، وقضاه ما أسلفه
فيها، وإن أبى كان المقارض شريكاً له بحصته من الثمن
في النماء والنقصان، بحسب ما زاد العامل فيها من عنده.
قال مالك في رجل أخذ من رجل مالاً قراضاً، ثم دفعه إلى
رجل آخر فعمل فيه قراضاً بغير إذن صاحبه إنه ضامن
للمال إن نقص فعليه النقصان، وإن ربح فلصاحب المال
شرطه من الربح، ثم يكون للذي عمل شرطه بما بقي من
المال.
قال مالك في رجل تعدى فتسلف مما بيديه من القراض مالاً
فابتاع به سلعة لنفسه، قال مالك: إن ربح فالربح على
شرطهما في القراض، وإن نقص فهو ضامن للنقصان.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فاستسلف منه
المدفوع إليه المال مالاً، واشترى به سلعة لنفسه إن
صاحب المال بالخيار إن شاء أشركه في السلعة على
قراضها، وإن شاء خلى بينه وبينها، وأخذ منه رأس المال
كله، وكذلك يفعل بكل من تعدى.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: التعدي في القراض
عرفنا أن المضارب الذي أخذ المال ليتاجر به الأصل فيه
أنه أمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، فإنه حينئذٍ
يضمن ما فرط فيه.
(122/4)
"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل
مالاً قراضاً فعمل فيه فربح، ثم اشترى من ربح المال أو
من جملته جارية فوطئها فحملت منه" أخذ مائة ألف من زيد
وضارب به شهرين ثلاثة وصار مائة وعشرين، اشترى من هذه
العشرين أو من المائة والعشرين من ربح المال أو من
جملته جارية بعشرة آلاف فوطئها فحملت منه، ثم نقص
المال، اشترى جارية بعشرة آلاف يقول: هذا نصيبي من
الربح، المال صار مائة وعشرين أنا لي عشرة أشتري هذه
الجارية بعشرة من نصيبي "فوطئها فحملت منه ثم نقص
المال" ضارب به ثانية وصار تسعين "قال مالك: إن كان له
مال أخذت قيمة الجارية من ماله" إن كان له أموال أخرى
تؤخذ العشرة من ماله، وتضاف إلى التسعين، فيكمل رأس
المال "فيجبر به المال، فإن كان فضل بعد وفاء المال"
نفترض أنه خسر وصار خمسة وتسعين فأخذت العشرة، وأضيفت
إلى الخمسة والتسعين فصارت مائة وخمسة "فإن كان فضل
بعد وفاء المال فهو بينهما على القراض" هذه الخمسة
بينهما "وإن لم يكن له وفاء بيعت الجارية" يعني ما
عنده أموال "بيعت الجارية حتى يجبر المال من ثمنها"
صار المال تسعين، وقد أخذ من المال عشرة، ومن الربح
عشرة بناء على أنه له نصف الربح، واشترى به جارية،
يعني قبل تصفية الحساب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ولدت بعد، مو مسألة حمل، افترض أنها ولدت
"بيعت الجارية حتى يجبر المال من ثمنها" صار تسعين
نبيع هذه الجارية بعشرة يكون مائة وترجع إلى صاحبها.
(122/5)
الآن الجارية وطئها بنية الملك، وحملت منه،
وولدت، وصارت أم ولد، تباع بعد أن ولدت وصارت أم ولد؟!
هو ما له وفاء، من أين تؤخذ هذه العشرة لتكميل أصل
المال؟ معروف الخلاف في بيع أمهات الأولاد، الخلاف
معروف، منهم من يقول: إنها تعتق حكماً بمجرد الولادة،
فلا يجوز بيعها؛ لأن ولدها أعتقها، ومنهم من يقول: إن
عتقها معلق بموت سيدها، وحينئذٍ تباع، والصحابة
اختلفوا في ذلك، وكأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى-
يميل إلى أنها تباع، لو افترضنا أن المسألة متكافئة
الجواز والعدم، بيع أمهات الأولاد وعدمه؛ لأن الترجيح
في مثلها فيه شيء من الصعوبة؛ لأن الصحابة قالوا بهذا
وقالوا بهذا، اختلفوا اختلاف واضح، هل يكون مثل هذا
التصرف من هذا الشريك مرجح لبيعها؟ ولا عنده مال غير
هذا، تبونه خذوا، وهي فايتة فايتة عليه لضمان حق صاحب
المال، أو ينظر إلى حكم هذه المسألة مجردة وينظر
الراجح فيها بغض النظر عن كونه مدين أو لا؟ هو الآن في
حكم المدين، الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما أعتق
الرجل غلامه وليس له غيره، باعه فيمن يزيد، فالنبي
-عليه الصلاة والسلام- لاحظ حاجة المعتق، وأن العتق
كله إحسان من المعتق، ونفسه أولى بالإحسان من غيره،
فإذا كانت حاجته قائمة إلى هذا المعتق فهو أولى به من
غيره، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- باعه، وإلا فالأصل
الشرع يتشوف إلى العتق، ففي مثل هذه الصورة هل نقول:
إن سداد دينه أقوى من عتقه إياها بولدها؟ أو نقول: إن
هذا حكم شرعي ثبت، وأعتقها ولدها، وحينئذٍ يثبت عليه
دين يسدده متى ما أيسر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على قول من منع يثبت كسائر الديون، كما لو شرط
وقال: ما عندي شيء الآن، كما لو فرط وضمن، وهذا فيه
نوع تفريط كونه تصرف واشترى من المال من غير إذن
صاحبه، هذا تفريط يُضمن.
طالب:. . . . . . . . .
لا مثل هذه حينما تتكافأ الأقوال، ويصعب فيها الترجيح
ينظر في مثل هذا، وعلى كل حال من اشترى هذه الجارية
مفرط.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(122/6)
على كل حال إذا كان هو محسن أعتق، اشترى
الجارية ما وطئها وحملت منه، اشترى الجارية وأعتقها،
إما تبرر، وإما كفارة، قال: فرصة هذه جارية، وأنا
مطالب بعتق رقبة أشتريها من هذا المال وأعتقها وأضمن،
ينفذ العتق وإلا ما ينفذ؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه نافذ؟ ما نقول: هذا تصرف بمال غيره من غير إذنه؟
هل يصح العتق بمثل هذه الصورة أو لا يصح؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ له شبهة ملكية، لكن ما بعد تحرر له المال إلى
الآن، ما تمت المدة التي اتفقوا عليها، هو ما يدري
يصفو له شيء من الربح أو ما يصفو؟
طالب: احتمال له التصرف. . . . . . . . .
لا إحنا إذا نظرنا إلى أن الشخص الذي أعتق في عصر
النبي -عليه الصلاة والسلام- فباعه فيمن يزيد ملاحظةً
لحاله، وأن العتق أصله كله إحسان، مبني على الإحسان،
وإحسان الإنسان إلى نفسه، وخروجه من الواجبات أولى من
كونه يتبرر بالعتق، لكن إذا افترضنا أن العتق واجب
عليه وعمله، ومالك -رحمه الله- جارٍ على قول من يقول
بجواز بيع أمهات الأولاد، يقول: "بيعت الجارية حتى
يجبر المال من ثمنها".
(122/7)
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً
فتعدى فاشترى به سلعة، وزاد في ثمنها من عنده" أخذ
مائة ألف فاشترى سلعة بمائة وعشرين ألف، وزاد العشرين
من عنده، ما الحكم؟ "وزاد في ثمنها من عنده، قال مالك:
صاحب المال بالخيار" إما أن يقول: والله ما عندي
استعداد أشتري بهذا المبلغ الكبير، أو يقول: نشتري،
يقول: "فصاحب المال بالخيار إن بيعت السلعة بربح أو
وضيعة" فإن بيعت بربح فصاحب المال يبي يختار إنفاذ
تصرف المضارب، وإن بيعت بوضيعة فصاحب المال يختار عدم
إجازة تصرف صاحب المضارب "إن بيعت السلعة فربح أو
ضيعة، أو لم تبع إن شاء أن يأخذ السلعة أخذها وقضاه ما
أسلفه فيها" يعني هذا الشخص أخذ مائة ألف من زيد،
فاشترى سلعة بمائة وعشرين، فهل له أن يأخذ هذه السلعة
بالمائة والعشرين ويقضيه العشرين؟ لأنه قال: "إن شاء
يقضي السلعة أخذها، وقضاه ما أسلفه فيها، وإن أبى كان
المقارض شريكاً له بحصته من الثمن" يعني بالعشرين التي
هي الخمس "وإن أبى كان المقارض شريكاً له بحصته في
الثمن في النماء والنقصان" فهذه السلعة التي اشتريت
بمائة وعشرين صاحب المائة ألف إن شاء أخذها ودفع
العشرين من عنده، وإن شاء قال: استمر وأنت شريكاً لي
بنسبة ما دفعت، وله نصيبه من النماء والنقصان، نفترض
أنها بيعت بمائة وخمسين، أو بيعت بتسعين هم شركاء في
هذا، بحساب ما زاد العامل فيها من عنده، فيكون للعامل
في صورتنا الخمس الزيادة.
"قال مالك في رجل أخذ من رجل مالاً قراضاً ثم دفعه إلى
رجلٍ آخر، فعمل فيه قراضاً بغير إذن صاحبه، إنه ضامن
للمال" يعني زيد دفع مائة ألف إلى عمرو قبلها عمرو،
كتبوا الاتفاقية، فدفعها عمرو إلى بكر، قال: أنا والله
ما أنا فاضي، وكلنا نستفيد، أنا لي نصف الربح هذا
النصف يكون بيني وبينك، أنت لك الربع وأنا لي الربع،
فقبل بكر؟ هل هذا تفريط وإلا غير تفريط؟ يقول -رحمه
الله-: "فعمل فيه قراضاً بغير إذن صاحبه أنه ضامن" لكن
لو جاء واستأذن صاحب المال، وقال: والله أنا مشغول،
وأخونا هذا بكر يحسن التجارة، وهو أفضل مني، فقال: لا
بأس.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: الذي يقول نفس هذا، الذي يقول: بكر أزين مني.
(122/8)
لا، يبي يتاجر هو، يبي الربع.
طالب: وش عليه إن قال: بكر أزين مني؟
هذه عقود وملتزم.
طالب: ما سوى شيء، هذا يبي يتحلل من العقد إلا إذا
قال: أنا با أشرف عليه أو أتابعه من بعيد.
يعني لا يأخذ شيئاً من غير مقابل.
طالب:. . . . . . . . .
صاحب إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الذي استخرج هذه الأموال من هذا الشخص، ولو جاء بكر
مباشرة إلى زيد قال: ما وثق به.
طالب:. . . . . . . . .
هو الآن لا بد أن يضمن لأنه تعدى، إذا أذن فالأمر فلا
يعدوه، إذا أذن صاحب المال.
طالب:. . . . . . . . .
كثير.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، السمسار غير والدلال غير.
طالب: هذا يقول: خلني أبضارب قال: أعطني إياه أنا
بضارب.
لا، هذا آخذ المائة ألف على أنه بيشتغل بنفسه، ثم بعد
ذلك تبيّن أنه ليس عنده من الوقت ما يكفي للمضاربة
بهذا المال فدفعها إلى بكر، على كل حال هذا كلام
الإمام -رحمه الله- "يقول في رجل أخذ من رجل مالاً
قراضاً، ثم دفعه إلى رجلٍ آخر فعمله فيه قراضاً بغير
إذن صاحبه أنه ضامن للمال، إن نقص فعليه النقصان، وإن
ربح فلصاحب المال شرطه من الربح، ثم يكون للذي عمل
شرطه بما بقي من المال" المقصود أن النصف مضمون لصاحب
المال على أي حال هذا إذا رضي.
"قال مالك في رجل تعدى فتسلف مما بيديه من القراض
مالاً فابتاع به سلعةً لنفسه" اتفقوا أعطاه المائة ألف
على أن يشتري به بضاعة، هذا ينتظر البضاعة تحضر، ما
جاءت البضاعة إلى الآن، وقال: هذه المدة لمدة شهر بدال
ما المال جالس في البنك يستفيد منه أشتري شيء لنفسي،
أتاجر به لنفسي حتى تأتي البضاعة التي اتفقنا على
شرائها مع صاحب المال "في رجل تعدى فتسلف مما بيديه من
القراض مالاً فابتاع به سلعة لنفسه، قال مالك: إن ربح
فالربح على شرطهما في القراض" لأن هذا المال الذي
اشتراه لنفسه يكون من ضمن مال المقارضة المضاربة، وإن
نقص فهو ضامن للنقصان؛ لأنه تعدى، والمتعدي يضمن.
(122/9)
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً
قراضاً، فاستسلف منه المدفوع إليه المال مالاً واشترى
به سلعةً لنفسه إن صاحب المال بالخيار، إن شاء شركه في
السلعة على قراضها، وإن شاء خلى بينه وبينها" تصرف
واشترى بعشرين ألف سلعة، ثم صاحب المال رأى أن هذه
السلعة مربحة، فهو شريك له، أو رأى أن هذه السلعة
كاسدة، فيقول: أبداً أنت ضامن للمال، ولا أريد مشاركتك
في هذه السلعة "وإن شاء خلى بينه وبينها، وأخذ منه رأس
المال كله، وكذلك يفعل بكل من تعدى" كل من تعدى أو فرط
يضمّن، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يجوز من النفقة في
القراض
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً:
إنه إذا كان المال كثيراً يحمل النفقة فإذا شخص فيه
العامل فإن له أن يأكل منه، ويكتسي بالمعروف من قدر
المال، ويستأجر من المال إذا كان كثيراً لا يقوى عليه
بعض من يكفيه بعض مؤونته، ومن الأعمال أعمال لا يعملها
الذي يأخذ المال وليس مثله يعملها من ذلك تقاضي الدين،
ونقل المتاع وشده، وأشباه ذلك، فله أن يستأجر من المال
من يكفيه ذلك، وليس للمقارض أن يستنفق من المال ولا
يكتسي منه ما كان مقيماً في أهله، إنما يجوز له النفقة
إذا شخص في المال، وكان المال يحمل النفقة فإن كان
إنما يتجر في المال في البلد الذي هو به يقيم فلا نفقة
له من المال ولا كسوة.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فخرج به
وبمال نفسه، قال: يجعل النفقة من القراض، ومن ماله على
قدر حصص المال.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز من النفقة في القراض
تقدمت الإشارة أن نفقة العامل –المضارب- على المال إذا
سافر به، وكذلك سكناه بالمعروف، وبقدر ما يحتمله
المال، لكن إذا كان المال قليل تؤثر فيه هذه النفقة
وهذه السكنى فلا، لكن إذا كان المال كثيراً يحتمل
النفقة والسكنى ولا يتأثر، أيضاً تكون هذه النفقة وهذه
السكنى بالمعروف، لا يتجاوز بحيث يجحف بالمال، فيتضرر
صاحبه على ما تقدم.
(122/10)
"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل
مالاً قراضاً إنه إذا كان المال كثيراً يحمل النفقة"
يعني إذا كان سافر، أعطاه شخص خمسة آلاف، وقال: اشتر
لي من الإمارات أو من غيرها جوالات، قال: عندهم
الجوالات على ألف إحنا عندنا على ألف وخمس، أو ألف
ومائتين، نبي نكسب لنا ألف، الألف هذا بيني وبينك
خمسمائة، أنت خمسمائة وأنا خمسمائة، قال: طيب أنا رايح
رايح، راح وسكن بفندق الليلة بألف، وأكل مثل، لما رجع
ما معه إلا جوالين اثنين، هذا يحتمل وإلا ما يحتمل؟ ما
يحتمل، لكن لو أعطاه مائة ألف مثلاً واشترى بها،
ومكسبه من هذه المائة ألف عشرين، وأنفق أربعة خمسة
ثلاثة، هذا يحتمل ما فيه إشكال، هذا معنى كلامه -رحمه
الله-: "إذا كان المال كثيراً يحمل النفقة -يعني
يحتملها- فإذا شخص فيه العامل فإن له أن يأكل منه،
ويكتسي بالمعروف من قدر المال" يعني يكتسي ويأكل ويسكن
بالمعروف، يعني يسكن ما يليق به، يخرج من بيته خربة،
ويسكن في فندق أجاره اليوم بقدر أجار بيته سنة، هذا
ليس من المعروف، بعض من يزاول التجارة في القرى،
والقرى لا تحتمل البضائع الكبيرة، يعني يتصور شخص جاي
من أقصى الشمال، ويريد أن يشتري بضاعة يبيعها في بلده
من محل معروف هنا بالرياض، والبضاعة كلها ما تكلف ألف
ريال، وجاي على الطائرة الدرجة الأولى، وراجع كذلك،
انتهت، ما تكفيه ولا تذكرة الألف ذا، نقول: لا شك أن
الأمور تقدر بقدرها، على ما ذكر الإمام -رحمه الله-
قال: "ويستأجر من المال إذا كان كثيراً لا يقوى عليه
بعض من يكفيه بعض مؤونته".
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم أنه لا بد أن يكون على بينة، المسألة شرعية،
والنفقة على المال، لكن إذا خشي أن يخسر المال إذا كان
المكسب والربح مجرد احتمال فلا بد أن يبين له، وإذا
كان الربح يعني معروف، وأن المسألة مضطردة هناك وهنا،
والربح يحتمل، وقال له: ترى المكسب شبه معروف، وجرت
العادة بأن من يعمل مثل عمله يسكن، وعرف صاحب المال أن
هذا شيء متعارف عليه بين التجار، ما يحتاج ينص عليه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(122/11)
نعم ما يلزم؛ لأن المسألة شرعية، لكن عليه
أن يبيّن، راح يبي يشتري لنفسه، راح بيجيب سيارة،
وقال: خذ اشتر لي جوالات، صار كأنه مقيم، ما صار السفر
من أجل هذه البضاعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، حتى لو قال: قراض، قال: بيننا صار قراض، لكنه في
حكم المقيم في بلده، لماذا؟ لأنه ساكن ساكن هناك من
أجل بضاعته هو، فالسكن عليه، لكن لو قال مثلاً: أنا
رايح رايح وبشتري كذا وبشتري لك كذا، والنفقة بيننا لا
بأس، على ما يتفقان عليه.
"ويستأجر من المال إذا كان كثيراً لا يقوى عليه بعض من
يكفيه بعض مؤونته" يقول: أنا أشتري بالمائة ألف، لكن
لا أستطيع أن أصرف البضاعة التي هذه قيمتها في مدة
معينة تحدد بيننا، فيقول: استأجر من يعينك على بيعها.
طالب:. . . . . . . . .
هذا حكمه حكم العامل، لكن أجرة العامل الذي يحددها ولي
الأمر، ما تترك للناس وإلا ضاعت المسألة، أجرة العامل
الذي يبعثه ولي الأمر هو الذي يحدد له الأجرة.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كانت زكاة مفروضة فعليه أن يدفعها بجميع مؤونته،
عليه المؤونة.
طالب:. . . . . . . . .
على صاحب المال، إذا تصرف هو، أما ولي الأمر له أن
يعطي من الزكاة أجرة، أما صاحب المال عليه أن يدفعها
إلى الفقير عليه بجميع تكاليفها، بحملها، بتوزيعها.
طالب: المتطوع، مثلاً لو قال: أنا. . . . . . . . .
بحاجة وعاطل عن. . . . . . . . . فأعطاه. . . . . . .
. .
بس تدفع كاملة.
طالب: يعني هذا المتطوع يدفع من كيسه. . . . . . . . .
المقصود أنك تدفعها كاملة، إذا تولاها التاجر نفسه
يدفعها للفقير كاملة، إذا تولاها ولي الأمر يفرض
للعامل منها وإلا لو ترك هذا الأمر لضاعت الزكاة، لو
ترك هذا الأمر للناس تضيع الزكاة، نفقتها على من أخرج
الزكاة؛ لأنه مطالب بأن يدفعها إلى الفقير كاملة
فنفقتها عليه، زائداً على مقدار الزكاة، لكن إذا تولى
ذلك ولي الأمر وبعث السعاة فهي من نفس المال؛ لأنه لا
يتهم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا هو الأصل أنه هو الذي يبعث السعاة ويجمعونها، لكن
له أن يفرض منها ما يكفي العامل؛ لأن العامل منصوص
عليه من المصارف.
طالب:. . . . . . . . .
(122/12)
على صاحب المال؛ لأن كلا منهما مطالب، صاحب
المال مطالب أن يدفع إلى الفقراء، وولي الأمر مطالب
بأن يجمع الزكوات، فهل لصاحب المال أن يقول: زكواتي
موجودة، عندي في الحساب إن جاء أحد يأخذها وإلا تترك؟
هل له ذلك؟ ليس له ذلك في حال، لا بد أن يدفعها.
"ومن الأعمال أعمال لا يعملها الذي يأخذ المال، وليس
مثله يعملها" يعني أعمال لا تليق به، ولا تناسبه "من
ذلك تقاضي الدين" يقول: ما أنا مستعد أن أطالب أو
أتابع الزبائن "ونقل المتاع وشده، وأشباه ذلك" يقول:
أنا ما عندي استعداد أنا ماني حمال أتابع مثل هذه
الأمور "فله أن يستأجر من المال من يكفيه ذلك، وليس
للمقارض أن يستنفق من المال ولا يكتسي منه ما كان
مقيماً في أهله" لأنه لا يحتاج إلى ذلك، وتقدمت
الإشارة إلى هذا "إنما يجوز له النفقة إذا شخص في
المال" يعني سافر به، ونقله من بلد إلى بلد، سافر من
أجله "وكان المال يحمل النفقة" يعني يحتملها، يعني لا
تؤثر فيه "فإن كان إنما يتجر في المال في البلد الذي
هو مقيم به فلا نفقة له من المال ولا كسوة".
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فخرج به
وبمال نفسه، قال: يجعل النفقة من القراض، ومن ماله على
قدر حصص المال" أخذ مائة ألف ومعه من ماله مائة ألف،
أخذ قراض من تاجر مائة ألف، وأخذ من ماله مائة ألف
"تكون النفقة والكسوة والسكنى على قدر الحصص".
نعم؟
أحسن الله إليك.
باب: ما لا يجوز من النفقة
في القراض
قال يحيى: قال مالك في رجل معه مال قراض فهو يستنفق
منه، ويكتسي: إنه لا يهب منه شيئاً، ولا يعطي منه
سائلاً، ولا غيره، ولا يكافئ فيه أحداً، فأما إن اجتمع
هو وقوم وجاءوا بطعام وجاء هو بطعام، فأرجو أن يكون
ذلك واسعاً إذا لم يتعمد أن يتفضل عليهم، فإن تعمد
ذلك، أو ما يشبهه بغير إذن صاحب المال فعليه أن يتحلل
ذلك من رب المال، فإن حلله ذلك فلا بأس به، وإن أبى أن
يحلله فعليه أن يكافئه بمثل ذلك إن كان ذلك شيئاً له
مكافئة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يجوز من النفقة في القراض
(122/13)
عرفنا أنه إذا اقتضى المال السفر من بلد
إلى بلد فإن للمضارب ما يحتاجه من نفقة وكسوة وسكنى،
قد يقول قائل: عنده ثيابه اللي تكفيه، لكن هذا البلد
الذي ذهب بالمال إليه بارد، ويحتاج إلى زيادة ثياب،
أراد أن يشتري بشت وإلا كوت وإلا فروة وإلا شيء هذا من
المال، إذا كان لا يضر بالمال، وإلا فالأصل الغالب أن
الثياب معه.
"قال يحيى: قال مالك في رجل معه مال قراض فهو يستنفق
منه ويكتسي: إنه لا يهب منه شيئاً، ولا يتصدق منه
بشيء" لا يعطي ولا يتصدق منه، فافترض أنه ساكن في فندق
وجاءه سائل، أو جاءه ضيف، وبدلاً من أن تكون الوجبة
عليه بعشرة، بعشرين صار هو وضيفه يحتاجون إلى خمسين،
ومعلوم أن الإنسان إذا كان عنده ضيف يتكلف له أكثر،
فإذا كان أكله بعشرة بيطلب بخمسين، أو جاءه ممن يتولى
بعض المشاريع الخيرية، وقال: إن الجماعة -جماعة
التحفيظ- بحاجة، فلو أعطيتنا، وأنت رجل وسع الله عليك،
لا يتبرع من المال أبداً.
"إنه لا يهب منه شيئاً، ولا يعطي منه سائلاً ولا غيره،
ولا يكافئ فيه أحداً" يعطي مكافئة، سواء كانت في أمور
الدين، أو في أمور الدنيا، لا يكافئ منه أحداً؛ لأنه
لا يجوز له أن يتصرف فيه "فأما إن اجتمع هو وقوم
وجاءوا بطعام وجاء هو بطعام فأرجو أن يكون ذلك واسعاً"
خمسة مضاربين سكنوا في فندق واحد وقالوا: بدلاً من أن
يأكل كل واحد في غرفته، نجتمع على الغداء، ويصير
بيننا، فبدلاً من أن يطلب كل واحد منهم بعشرة أو عشرين
يطلبون أكل بمائة، لا يقال: إن هذا أكل بعشرة، وهذا
أكل بثلاثين وهذا كذا، هذا يتسامح فيه، يقول: "فإما إن
اجتمع وهو وقوم وجاءوا بطعام وجاء هو بطعام فأرجو أن
يكون ذلك واسعاً" هذه طريقة النهد، إذا اجتمع قوم
وقالوا .. ، قطة، يسمونها قطة، كل واحد يدفع مبلغاً،
ومعلوم أنه في التطبيق في الأكل بعضهم يأكل بقدر
اثنين، فما يقال: أنت أكلت بقدر اثنين ادفع الضعف، هذا
يتسامح فيه.
طالب:. . . . . . . . .
فينظر إلى طلبه، ما لم يكن طلبه متضمن للمخادعة؛ لأن
بعض الناس قد يتصرف بعض التصرفات التي يخادع فيها
أرباب الشركات، وهذا موجود، والله المستعان، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الدين في القراض
(122/14)
قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه
عندنا في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، فاشترى به
سلعة، ثم باع السلعة بدين، فربح في المال ثم هلك الذي
أخذ المال قبل أن يقبض المال، قال: إن أراد ورثته أن
يقبضوا ذلك المال وهم على شرط أبيهم من الربح فذلك
لهم، إذا كانوا أمناء على ذلك المال، وإن كره أن
يقتضوه وخلوا بين صاحب المال وبينه لم يكلفوا أن
يقتضوه، ولا شيء عليهم، ولا شيء لهم إذا أسلموه إلى رب
المال، فإن اقتضوه فلهم فيه من الشرط والنفقة مثل ما
كان لأبيهم في ذلك هم فيه بمنزلة أبيهم فإن لم يكونوا
أمناء على ذلك فإن لهم أن يأتوا بأمينٍ ثقة فيقتضي ذلك
المال، فإذا اقتضى جميع المال وجميع الربح كانوا في
ذلك بمنزلة أبيهم.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً على أنه
يعمل فيه، فما باع به من دين فهو ضامن له، إن ذلك لازم
له، إن باع بدين فقد ضمنه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الدين في القراض
"قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل
دفع إلى رجل مالاً قراضاً فاشترى به سلعة" ولا بد أن
يكون متفقاً على كيفية التعامل، هل هو بالنقد أو
بالدين بين المضارب وصاحب المال؟ لأن الدين يعرضه
للضياع، وعلى هذا لا بد أن يكون متفقاً عليه، فإذا
أقرّه قال: أنا بضارب بالمال، لكن بعضه أبيعه بالنقد،
وبعضه نسيئة، فرضي صاحب المال، جاز قراضاً، فاشترى به
سلعة.
"الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل دفع إلى رجل مالاً
قراضاً، فاشترى به سلعة، ثم باع السلعة بدين فربح في
المال" يعني السلعة بدلاً من أن تباع بمائة باعها إلى
أجل مدة سنة بمائة وعشرين مثلاً "فربح في المال، ثم
هلك الذي أخذ المال" المضارب "قبل أن يقبض المال، قال:
إن أراد ورثته أن يقبضوا ذلك المال، وهم على شرط أبيهم
من الربح" يعني لهم النصف.
طالب: تكون مضاربة.
(122/15)
النصف الذي اتفقوا عليه بينهم وبين صاحب
المال، الذي اتفق عليه أبوهم مع صاحب المال "وهم على
شرط أبيهم من الربح، فذلك لهم، إذا كانوا أمناء على
ذلك" يعني على مستوى الأب في الأمانة؛ لأن التاجر إذا
دفع المال إلى هذا المضارب باعتبار تحقق شرط الأمانة،
فإن كان أولاده على مستواه، وقالوا: ندخل مدخال أبينا
مثلما دخل أبونا من النسبة ندخل مكانه "إذا كانوا
أمناء على ذلك، فإن كرهوا أن يقتضوه، وخلوا بين صاحب
المال وبينهم" قالوا: والله ما عندنا استعداد نطالب
ولا نراجع، لكن مالك عند فلان وهذا السند، تابعه أنت
"وخلوا بين صاحب المال وبينه لم يكلفوا أن يقتضوه" لأن
العقد ليس معهم، والعقد على أبيهم لا يلزمهم "لم
يكلفوا أن يقتضوه، ولا شيء عليهم، ولا شيء لهم" لأنهم
لم يعملوا في المال، لكن ماذا عن جهد أبيهم؟ يذهب
هدراً، اشترى البضاعة وديّن البضاعة، وقبل أن يحل
الأجل مات، هل يستحق على تعبه هذا شيء أو لا يستحق؟
يستحق، ولا شك أن مثل هذا التصرف متعب، ويحتاج إلى
نصيبه من الربح، فالاقتضاء يكون على المضارب، أجرة
الاقتضاء إذا مات وقال أولاده: ما عندنا استعداد،
فيحضر من يقتضي هذا الدين ويخصم من نصيب العامل؛ لأن
الأصل أن الاقتضاء عليه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ للمضارب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الأصل العقد، وش الذي أبطله؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يستحق ما اتفقوا عليه.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(122/16)
لكن الآن ما هو يستحق النصف؟ وما بقي على
نهاية الشركة إلا اقتضاء المال، وقالوا: نأتي بمن
يقتضي هذا المال ونصفيه لك، أنت ما لك إلا ولد يقرأ،
مالك عندك، وتبقى الشركة على ما هي عليه، فأجرة
الاقتضاء على ورثة الميت، إذا أرادوا الاستمرار، وإن
أرادوا أن يحلوا الشركة انحلت "فإن كرهوا أن يقتضوه
وخلوا بين صاحب المال وبينه، لم يكلفوا أن يقتضوه، ولا
شيء عليهم، ولا شيء لهم إذا أسلموه إلى رب المال، فإن
اقتضوه فلهم فيه من الشرط والنفقة مثل ما كان لأبيهم
في ذلك" هم بمنزلة أبيهم "فإن لم يكونوا أمناء على
ذلك، فإن لهم أن يأتوا بأمينٍ ثقة يقتضي ذلك المال،
فإذا اقتضى جميع المال وجميع الربح كانوا في ذلك
بمنزلة أبيهم" لأن العقد قد تمّ، والآثار المترتبة
عليه كلها حصلت.
"قال مالك في رجل دفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً على أنه
يعمل فيه فباع به من دين فهو ضامن" فما باع به من دين
فهو ضامن "إن ذلك لازم له" يعني يقول: ادفع لي مائة
ألف أشتغل بها، وإذا ديّنت أحد أضمنه عندي لن يضيع
المال، فهذا لازم له "إن ذلك لازم له إن باع بدين فقد
ضمنه" لأنه صرح بضمانه له.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أنه لا يضمنه، هو لما باع عليه بالدين والأصل أنه في
وقت انحلال الشركة -شركة المضاربة- أن يرجع المال إلى
صاحبه، وما دام تصرف بالدين، وعرض المال للخطر فلا أقل
من الضمان، مثلما يتصرف كثير من التصرفات التي هي في
الأصل أمانات، أُعطيت صدقات، ثم قلت: أتاجر بها، فأنت
ضامن لها بلا شك، تتحول من كونها أمانة إلى قرضٍ
مضمون.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن أنت افترض أن هذا المدين لا يعرف عنه صاحب
المال شيئاً، ما يعرف عنه شيء، ولو جاء إليه ليبيعه
بالدين ما باع عليه، وهذا يعرفه، فالضمان متجه.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد ...
(122/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(20)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: هذا رجل أخذ من رجل خمسة آلاف جنيه كي يتاجر بها
في مجال الدواجن على أن يعطيه خمسمائة جنيه شهرياً أو
أقل، يعني بنسبة عشرة في المائة، دون أن يعرف صاحب
المال ما نسبة الرجل الآخر، هل هذه المعاملة جائزة؟
عرفنا أن هذا -فيما تقدم أنه- الربح المضمون وهذا لا
يجوز، يعني إن كان مضاربة فهذا لا يجوز؛ لأنه يعرض
المضارب للتعب الضائع، وإن كان إجارة فهي إجارة مجهولة
النسبة فلا تصح أيضاً.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى أله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: البضاعة في القراض
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً،
واستسلف من صاحب المال سلفاً، أو استسلف منه صاحب
المال سلفاً، أو أبضع معه صاحب المال بضاعة يبيعها له،
أو بدنانير يشتري له بها سلعة، قال مالك: إن كان صاحب
المال إنما أبضع معه، وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله
عنده ثم سأله مثل ذلك فعله لإخاء بينهما، أو ليسارة
مؤونة ذلك عليه، ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه،
أو كان العامل إنما استسلف من صاحب المال، أو حمل له
بضاعته، وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله عنده فعل له مثل
ذلك، وله أبى ذلك عليه لم يردد عليه ماله، فإذا صح ذلك
منهما جميعاً، وكان ذلك منهما على وجه المعروف، ولم
يكن شرطاً في أصل القراض فذلك جائز لا بأس به، وإن دخل
ذلك شرط، أو خيف أن يكون إنما صنع ذلك العامل لصاحب
المال ليقر ماله في يديه، أو إنما صنع ذلك صاحب المال
لأن يمسك العامل ماله، ولا يرده عليه، فإن ذلك لا يجوز
في القراض، وهو مما ينهى عنه أهل العلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: البضاعة في القراض
(123/1)
الأصل في القراض المضاربة، نوع من أنواع
الشركة، يدفع صاحب المال إلى رجل يعمل به، والربح
بينهما، فإن دخل على هذا العقد شيء آخر، بأن كلف صاحب
المال المضارب أن يعمل له عملاً آخر واشترط ذلك عليه
فلا تصح، وإن عرض عليه من غير شرط ولا أثر له في العقد
الأول، إن شاء المضارب قال: نعم، وإن شاء قال: لا، ولا
أثر لسحب المال منه فإنه حينئذٍ يكون من التعامل
بالمعروف، ولا شيء فيه، وقل العكس في مثل ذلك، إذا كان
العامل يطلب من صاحب المال خدمة معينة فإن اشترطت هذه
الخدمة فلا، وإن لم تشترط طلبها العامل من صاحب المال
وصاحب المال بالخيار إن شاء نفذ، وإن شاء لا، فالأمر
فيه سعة، كما قيل في الصورة الأولى، ولذا يقول:
"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً،
واستسلف من صاحب المال سلفاً، أو استسلف منه صاحب
المال سلفاً" أعطاه مائة ألف وقال: هذه مضاربة، اشتغل
بها، والربح بيننا، فقال صاحب المال: على طريقك وأنت
ذاهب لتشتري بضاعة إلى البلد الفلاني أنا محتاج إلى
هذه السلعة، وأنت ذاهب إلى هناك ولا كلفة عليك، فمن
معروفك وإحسانك تقضي لي هذه الحاجة، لا دخل لها في
المضاربة، فإن قبل بطيب نفس منه، لا على سبيل
الاشتراط، ولو رفض لا يؤثر على عقد المضاربة جاز ذلك.
(123/2)
"أو استسلف منه صاحب المال سلفاً، أو أبضع
معه صاحب المال بضاعةً يبيعها له" قال: أنت ذاهب إلى
البلد الفلاني، وسيارتي هذه كسدت في بلدنا، وأهل البلد
الفلاني يرغبون فيها، فما رأيك أن تذهب بها معك
لتبيعها معك؟ فأخذها وباعها، لا شيء في ذلك، إذا لم
يكن على طريق أو على سبيل الاشتراط بينهما، وله أثر في
عقد القراض "أو بدنانير يشتري له بها سلعة" قال: أنت
ذاهب إلى الإمارات تشتري بضاعة، أو قطر، أو البحرين،
أو مصر، أو الشام، أو العراق، وهذه السلعة أريد أن
تشتريها لي هذه قيمتها "قال مالك: إن كان صاحب المال
إنما أبضع معه وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله عنده ثم
سأله مثل ذلك فعله لإخاء بينهما" يعني ما ودّه يمكن
يقضي له هذه الحاجة ولو لم يكن هناك قراض "لإخاء
بينهما أو ليسارة مؤونة ذلك عليه" يعني ما يكلفه شيء
"لا يكلفه شيئاً" قال: اشتر لي هذه البضاعة في المحل
الذي تشتري منه بضاعة القراض، من نفس المحل، يعني هذا
المحل عنده أكثر من بضاعة، وقال: اشتر لي هذه البضاعة
من نفس المحل وبمجرد ما تشتري البضاعة أعطني صاحب
المحل أكلمه وأحول عليه الفلوس، ليسارة مؤونة، يعني
هذا ما يكلفه شيء إطلاقاً "أو ليسارة مؤونة ذلك عليه،
ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه" يعني لو قال له:
أنا والله ماني مستعد أخدمك، ما عندي استعداد أخدمك،
أنا عاجز عن البضاعة، يا الله أقوم بها، إن كان هذا له
أثر في العقد، قال: ما دام ما تستطيع تخدمني هات
المال، نقول: هذا لا يجوز، وإن قال: الأمر إليك، هذا
معروف إن بذلته فأنت أهل له، وإن لم تبذله فالأمر
إليك، هذا لا أثر له في العقد "ولو أبى ذلك عليه لم
ينزع ماله منه، أو كان العامل إنما استسلف من صاحب
المال أو حمل له بضاعته، وهو يعلم أنه لو لم يكن عنده
ماله فعل له مثل ذلك" هذا العامل الذي أخذ المائة ألف
ليضارب بها قال: أنا الآن ما عندي سيارة، وأريد سيارة،
فلو أقرضتني مبلغاً أشتري به سيارة مناسبة، عشرة آلاف،
عشرين ألف، وهو يستطيع أن يقول هذا الكلام من غير
مضاربة، يعني قبل عقد المضاربة يستطيع بكل راحة أن
يطلب منه هذا الطلب، ويلبي له ذلك الطلب من غير نظر
إلى هذا العقد الطارئ كذلك لا أثر له في عقد
(123/3)
المضاربة "وهو يعلم أنه لو لم يكن عنده
ماله فعل له مثل ذلك، وله أبى ذلك عليه لم يردد عليه
ماله" قال: والله أنا ما عندي استعداد، أنا أعطيتك
المائة ألف تشتغل وإلا هاتهن، أنا لا أقرضك ولا أسلفك،
إن كان له أثر في العقد قال: خذ دراهمك اللي هذا أول.
. . . . . . . . عليه؛ لأن بعض الناس لا شك أنه يؤثر
عليه مثل هذه التصرفات، إن كان لا أثر له في العقد لم
يرد عليه ماله "فإذا صح ذلك منهما جميعاً، وكان ذلك
منهما على وجه المعروف، ولم يكن شرطاً في أصل القراض
فذلك جائز لا بأس به، وإن دخل ذلك شرط" قال: أقبل
المائة الألف، وأعمل بها، وأنت مرتاح في بلدك وبين
أولادك، والربح بيننا، لكن بشرط أن تقرضني كذا، أو
تبيع علي كذا، أو تؤجرني كذا، وجعل ذلك شرطاً فإن ذلك
.. ، يقول: "وإن لم يكن ذلك شرطاً في أصل القراض فذلك
جائز لا بأس به، وإن دخل ذلك شرط، أو خيف أن يكون إنما
صنع ذلك العامل لصاحب المال ليقر ماله في يديه" يثبت
ويستمر على المضاربة "أو إنما صنع ذلك صاحب المال لأن
يمسك العامل ماله ولا يرده عليه، فإن ذلك لا يجوز في
القراض، وهو مما ينهى عنه أهل العلم" وش وجه عدم الصحة
في مثل هذه الصورة إذا اشترط أو صار له أثر في العقد؟
إيش وجه المنع فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم عقدين في عقد.
نعم الباب الذي يليه.
باب: السلف في القراض
قال يحيى: قال ملك في رجل أسلف رجلاً مالاً، ثم سأله
الذي تسلف المال أن يقره عنده قراضاً، قال مالك: لا
أحب ذلك حتى يقبض ماله منه، ثم يدفعه إليه قراضاً إن
شاء أو يمسكه.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فأخبره أنه
قد اجتمع عنده وسأله أن يكتبه عليه سلفاً، قال: لا أحب
ذلك حتى يقبض منه ماله، ثم يسلفه إياه إن شاء أو يمسك،
وإنما ذلك مخافة أن يكون قد نقض فيه فهو يحب أن. . . .
. . . . .
نقص.
طالب: عندنا نقض.
لا، لا، نقص.
أحسن الله إليك.
وإنما ذلك مخافة أن يكون قد نقص فهو يحب أن يؤخر عنه
على أن يزيده فيه ما نقص منه، فذلك مكروه، ولا يجوز،
ولا يصلح.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: السلف في القراض
(123/4)
"قال يحيى: قال ملك في رجل أسلف رجلاً
مالاً" أقرضه إياه على سبيل القرض لا القراض "ثم سأله
الذي تسلف المال أن يقره عنده قراضاً" اقترض منه مائة
ألف فلما مضى شهر قال: لماذا لا يكون قراض؟ مضاربة
أشتغل لك بهذه المائة والربح بيننا؟ "قال مالك: لا أحب
ذلك حتى يقبض ماله منه" لماذا؟ لأنه في الأصل قرض، لا
بد أن يرد المثل من غير زيادة ولا نقصان، وهذا إذا
اقترضه أولاً ثم قارضه عليه يحتمل أن يرده زائداً أو
ناقصاً، احتمال زائد أو ناقص، هذا احتمال، فلا يرد
المثل، القرض الأصل فيه أن يرد المثل من غير زيادة ولا
نقصان.
"قال مالك: لا أحب ذلك حتى يقبضه ماله منه" يعني بقدره
من غير زيادة ولا نقصان "ثم يدفعه إليه قراضاً إن شاء
أو يمسكه" إن شاء دفعه إليه، وإن شاء أمسكه.
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، فأخبره
أنه قد اجتمع عنده، وسأله أن يكتب عليه سلفاً، قال: لا
أحب ذلك حتى يقبض منه ماله" عكس المسألة الأولى،
المسألة الثانية قراض، فلما اجتمع عنده المال مائة ألف
صارت مائة وعشرين، قال: أنا بخليهن قرض عندي، سلفني
إياهن قرض، يقول مالك: "لا أحب ذلك حتى يقبض منه ماله،
ثم يسلفه إياه إن شاء أو يمسكه، وإنما ذلك مخافة أن
يكون قد نقص فيه، فهو يحب أن يؤخره عليه على أن يزيده
فيه ما نقص منه" احتمال أن يكون تصرف في بعضه، لما صار
مائة وعشرين المائة صارت مائة وعشرين بالمضاربة تصرف
بعشرين، فلو قال: أعطني إياه، ما عنده العشرين، ما
عنده إلا مائة، فقال: سلفني إياها حتى يكتمل "على أن
يزيده فيه ما نقص منه، فذلك مكروه، ولا يجوز، ولا
يصلح" لماذا هل هذا من القرض الذي جر نفعاً؟
طالب: ممكن يكون جر نفعاً إذا كان نقص.
هل جر نفعاً للمقرض وإلا للمقترض؟ الأصل في القرض أنه
نفع للمقترض فلا يؤثر فيه نفع المقترض.
طالب: إيه بس كأنه تسلف تسعين، ورد مائة وعشرين،
والموجودة تسعين.
لا، لا، هو الآن مائة ألف صارت مائة وعشرين، تصرف من
دون علم المقارض، تسلف خمسين، بقي سبعين، قال: خلهن
لي، خلهن قرض عندي، أعطيك مائة وعشرة بعد ستة أشهر
قرض.
طالب: سبعين ويردها مائة وعشرة صورتها.
لا، هو له مائة وعشرة.
(123/5)
طالب: هو له مائة وعشرة جاهزة معلومة، لكن
في صورتها هو أصلاً الموجود عنده الذي اقترضه فعلاً
سبعين؛ لأنه متسلف أربعين من قبل.
لا، لا، هو ما دري صاحب المال.
طالب: أدري أنه ما علم، لكن هو تعليل الإمام -رحمه
الله- مخافة أن يكون قد نقص فيه.
صاحب المال وش اللي يخشى؟ صاحب المال كأنه يريد أن
يكسب الرجل ولا يعانده، لو قال: أعطني إياه الآن،
يقول: ما عندي إلا سبعين خذهن وإلا اتركهن، فيريد أن
يزرع فيه معروف القرض من أجل أن يرده كاملاً، واضح
وإلا ما هو بواضح؟ فمثل هذا يؤثر، فهو يحب أن يؤخره
عنه على أن يزيده فيه ما نقص منه فذلك مكروه، ولا يجوز
ولا يصلح.
أحسن الله إليك.
باب: المحاسبة في القراض
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً
فعمل فيه فربح، فأراد أن يأخذ حصته من الربح وصاحب
المال غائب، قال: لا ينبغي له أن يأخذ منه شيئاً إلا
بحضرة صاحب المال، وإن أخذ شيئاً فهو له ضامن حتى يحسب
مع المال إذا اقتسما.
قال مالك: لا يجوز للمتقارضين أن يتحاسبا ويتفاصلا
والمال غائب عنهما، حتى يحضر المال فيستوفي صاحب المال
رأس ماله، ثم يقتسمان الربح على شرطهما.
قال مالك في رجل أخذ مالاً قراضاً فاشترى به سلعة، وقد
كان عليه دين، فطلبه غرماؤه، فأدركوه ببلد غائب عن
صاحب المال، وفيه يديه عرض مربح بيّن فضله، فأرادوا أن
يباع لهم العرض فيأخذوا حصته من الربح، قال: لا يؤخذ
من ربح القراض شيء حتى يحضر صاحب المال فيأخذ ماله، ثم
يقتسمان الربح على شرطهما.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فتجر فيه
فربح، ثم عزل رأس المال وقسم الربح فأخذ حصته، وطرح
حصة صاحب المال في المال بحضرة شهداء أشهدهم على ذلك،
قال: لا يجوز قسمة الربح إلا بحضرة صاحب المال، وإن
كان أخذ شيئاً رده حتى يستوفي صاحب المال رأس ماله، ثم
يقتسمان ما بقي بينهما على شرطهما.
(123/6)
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً
فعمل فيه فجاءه فقال له: هذه حصتك من الربح، وقد أخذت
لنفسي مثله، ورأس مالك وافر عندي، قال مالك: لا أحب
ذلك حتى يحضر المال كله فيحاسبه حتى يحصل رأس المال،
ويعلم أنه وافر، ويصل إليه ثم يقتسمان الربح بينهما،
ثم يرد إليه المال إن شاء أو يحبسه، وإنما يجب حضور
المال مخافة أن يكون العامل قد نقص فيه، فهو يحب أن لا
ينزع منه، وأن يقره في يده.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: المحاسبة في القراض
يعني ضارب العامل في المال مدة، وتوفر لديه الأصل مع
الربح، ثم أرادوا المفاصلة، كيفية هذه المفاصلة معروف
أنه يعطى صاحب المال رأس ماله، ثم يقسم الربح بينهما
على حسب ما اتفقا عليه، لكن لو كان المال غائب، قال:
أنا ما بعد استوفيت الأموال من ذمم الناس، أنا بعت
وكسبت مكاسب طيبة، المائة صارت مائتين، فأنا بدفع لك
الخمسين الربح، وخمسين لي قبل أن نستوفي، ما عندي مانع
أنا أتقبل الناس، فهل يجوز ذلك أو يسوغ؟ احتمال أن لا
يصل إليه ما في ذمم الناس، احتمال أن يموت أو يفلس من
بذمته المال، فيتضرر، وفي مثل هذه الصورة الإمام مالك
-رحمه الله- لا يرى مثل هذا.
"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً،
فعمل فيه فربح، فأراد أن يأخذ حصته من الربح وصاحب
المال غائب" هذه الصورة الأولى، المضارب المقارض
العامل لما رأى المال ربح خمسين بالمائة قال: أنا أخذ
خمسة وعشرين أتصرف فيها، وأستفيد منها، وصاحب المال
إذا جاء دفعنا له خمسة وعشرين، "وصاحب المال غائب،
قال: لا ينبغي له أن يأخذ منه شيئاً إلا بحضرة صاحب
المال" لماذا؟ لئلا يتهم أنه أخذ أكثر "إلا بحضرة صاحب
المال، وإن أخذ شيئاً فهو له ضامن" تصرف بالخمسة
والعشرين يضمنها "حتى يحسب مع المال إذا اقتسماه" يحسب
المال بحضرتهما وبحضور المال.
"قال مالك: لا يجوز للمتقارضين أن يتحاسبا ويتفاصلا،
والمال غائب عنهما، حتى يحضر المال، فيستوفي صاحب
المال رأس ماله، ثم يقتسمان الربح على شرطهما" لما
ذكرنا من أنه قد يفلس من بذمته أو من بيده المال، أو
يموت ولا شيء وراءه، وحينئذٍ يتضرر العامل.
(123/7)
"قال مالك في رجل أخذ مالاً قراضاً فاشترى
به سلعة، وقد كان عليه دين فطلبه غرماؤه، فأدركوه ببلد
غائب عن صاحب المال، وفي يديه عرض مربح بيّن فضله،
فأرادوا أن يباع لهم العرض، فيأخذوا حصته من الربح،
فقال: لا يؤخذ من ربح القراض شيء حتى يحضر صاحب المال
فيأخذ ماله، ثم يقتسمان الربح على شرطهما" هي مائة ألف
دفعها إلى عامل وربحت خمسين بالمائة، وله غرماء
العامل، هو مدين لغرماء بعشرين ألف، قالوا: أعطنا
عشرين من هذا الربح، أو أعطنا من البضاعة ما قيمته
عشرين ألف، يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "لا يؤخذ
من ربح القراض شيء حتى يحضر صاحب المال فيأخذ ماله، ثم
يقتسمان الربح على شرطهما".
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فتجر فيه
فربح، ثم عزل رأس المال، وقسم الربح، فأخذ حصته، وطرح
حصة صاحب المال في المال" مائة وخمسة وعشرين هذه
الخمسة والعشرين أضافها على المائة، وأخذ خمسة وعشرين،
فطرح حصة صاحب المال بالمال بحضرة الشهداء، أشهدهم،
أتى بمجموعة من الشهداء ممن تقوم نصاب شهادة يعني
كافي، يثبت بهم الحق، فقال: أحضروا، المال مائة ألف،
هذا العقد، وربح المال خمسين ألف، عزلنا لصاحب المال
مائة وخمسة وعشرين، وأنا أخذت خمسة وعشرين.
"بحضرة الشهداء أشهدهم على ذلك، قال: لا تجوز قسمة
الربح إلا بحضرة صاحب المال" نعم لأن هذا من تصرف من
طرف واحد "وإن كان أخذ شيئاً رده" يرد الخمسة والعشرين
"حتى يستوفي صاحب المال رأس ماله" يأخذ المائة أولاً،
ثم يقسم الربح "ثم يقتسمان ما بقي بينهما على شرطهما".
(123/8)
"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً
فعمل فيه، فجاءه فقال له: هذه حصتك من الربح، وقد أخذت
لنفسي مثله، ورأس المال وافر عندي" يعني موجود، المائة
ألف موجودة، لكن هذه الخمسة والعشرين نصيبك من الربح،
وأنا أخذت خمسة وعشرين "هذه حصتك من الربح، وقد أخذت
لنفسي مثله، ورأس المال وافر عندي" في رصيدي موجود
"قال مالك: لا أحب ذلك حتى يحضر المال كله فيحاسبه"
حتى يحصل رأس المال؛ لأن الأصل المحافظة على رأس المال
قبل الربح، فإذا أدي رأس المال فالربح أمره أيسر "حتى
يحصل رأس المال، ويعلم أنه وافر، ويصل إليه، ثم
يقتسمان الربح بينهما، ثم يرد إليه المال إن شاء أو
يحبسه" قال: هذه المائة أنت الآن حصلناها، والربح
اقتسمناه، تريد أن تضارب بها مرة ثانية، تريد أن
تقترضها سلف؟ هذه موجودة "وإن أراد صاحب المال أن
يحبسها عنده فالأمر إليه، وإنما يجب حضور المال مخافة
أن يكون العامل قد نقص فيه" يعني مثلما تقدم، تصرف في
شيءٍ منه "فهو يحب أن لا ينزع منه، وأن يقره في يده"
يعني حتى يتوفر ما اقترضه منه.
طالب:. . . . . . . . .
الحل أنه يبادر بدفع رأس المال إلى صاحبه مع ربحه، بلا
شك.
أحسن الله إليك.
باب: جامع ما جاء في
القراض
قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً
فابتاع به سلعة، فقال له صاحب المال: بعها، وقال الذي
أخذ المال: لا أرى وجه بيع، فاختلفا في ذلك، قال: لا
ينظر إلى قول واحد منهما، ويسأل عن ذلك أهل المعرفة
والبصر بتلك السلعة، فإن رأوا وجه بيع بيعت عليهما،
وإن رأوا وجه انتظار انتظر بها.
قال مالك في رجل أخذ من رجل مالاً قراضاً فعمل فيه، ثم
سأله صاحب المال عن ماله، فقال: هو عندي وافر، فلما
أخذه به قال: قد هلك عندي منه كذا وكذا لمال يسميه،
وإنما قلت لك ذلك لكي تتركه عندي، قال: لا ينتفع
بإنكاره بعد إقراره أنه عنده، ويؤخذ بإقراره على نفسه
إلا أن يأتي في هلاك ذلك المال بأمر يعرف به قوله، فإن
لم يأتِ بأمر معروف أخذ بإقراره، ولم ينفعه إنكاره.
(123/9)
قال مالك: وكذلك أيضاً لو قال: ربحت في
المال كذا وكذا، فسأله رب المال أن يدفع إليه ماله
وربحه، فقال: ما ربحت فيه شيئاً، وما قلت ذلك إلا لأن
تقره في يدي، فذلك لا ينفعه، ويؤخذ بما أقر به إلا أن
يأتي بأمرٍ يعرف به قوله وصدقه فلا يلزمه ذلك.
قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فربح به
ربحاً، فقال العامل: قارضتك على أن لي الثلثين، وقال
صاحب المال: قارضتك على أن لك الثلث، قال مالك: القول
قول العامل، وعليه في ذلك اليمين إذا كان ما قال يشبه
القراض مثله، وكان ذلك نحو ما يتقارض عليه الناس، وإن
جاء بأمر يستنكر ليس على مثله يتقارض الناس لم يصدق
ورد إلى قراض مثله.
قال مالك في رجل أعطى رجلاً مائة دينار قراضاً فاشترى
بها سلعة، ثم ذهب ليدفع إلى رب السلعة المائة دينار،
فوجدها قد سرقت، فقال رب المال: بع السلعة، فإن كان
فيها فضل كان لي، وإن كان بها نقصان كان عليك؛ لأنك
أنت ضيعت، وقال المقارض: بل عليك وفاء حق هذا، إنما
اشتريتها بمالك الذي أعطيتني، قال مالك: يلزم العامل
المشتري أداء ثمنها إلى البائع، ويقال لصاحب المال
القراض: إن شئت فأد المائة دينار إلى المقارض والسلعة
بينكما وتكون قراضاً على ما كانت عليه المائة الأولى،
وإن شئت فابرأ من السلعة، فإن دفع المائة دينار إلى
العامل كانت قراضاً على سنة القراض الأول، وإن أبى
كانت السلعة للعامل، وكان عليه ثمنها.
قال مالك في المتقارضين إذا تفاضلا فبقي بيد العامل من
المتاع الذي يعمل فيه خَلَقُ القربة، أو خلق الثوب، أو
ما أشبه ذلك، قال مالك: كل شيء من ذلك كان تافهاً
يسيراً لا خطب له فهو للعامل، ولم أسمع أحداً أفتى برد
ذلك، وإنما يرد من ذلك الشيء الذي له ثمن، وإن كان
شيئاً له اسم مثل الدابة أو الجمل أو الشاذكونة أو
أشباه ذلك مما له ثمن، فإني أرى أن يرد ما بقي عنده من
هذا، إلا أن يتحلل صاحبه من ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في القراض
(123/10)
هذه الترجمة هل يستدل بها على ما تحتها من
كلام؟ يعني العادة يجعل جامع القراض مثلاً، يجمع فيه
مسائل لا تنحصر تحت ترجمة واحدة، باب ما جاء في
القراض، هذه الترجمة رابطتها بما تحتها، لا شك أنها في
القراض في موضوع القراض، وكل ما تقدم في القراض، وهذه
الترجمة تصلح لجميع الأبواب السابقة، وإن أراد أن هذا
تعميم بعد تخصيص لا مانع، والأصل أن يعمم بالباب
الجامع على العادة، باب جامع في القراض، أو الباب
الجامع في مسائل القراض، أو ما أشبه ذلك.
"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً
فابتاع به سلعةً، فقال له صاحب المال: بعها، وقال الذي
أخذ المال: لا أرى وجه بيع" هذا يقول: بع، السلعة
مرتفعة لئلا تنزل، والثاني يقول: لا ننتظر المستقبل،
الدراسات كلها تدل على أن أنها تزيد في المستقبل
أضعاف، واختلفا هذا يقول: بع، وهذا يقول: مانا ببايع،
"وقال الذي أخذ المال: لا أرى وجه بيع، فاختلفا في
ذلك، قال: لا ينظر إلى قول واحد منهما" لأنهما شريكان،
وهما مشتركان في الربح والخسارة، فلا يحكم بقول صاحب
المال على العامل، ولا بقول العام على صاحب المال
"ويسأل عن ذلك أهل المعرفة والبصر" يعني أهل الخبرة
بتلك السلعة "فإن رأوا وجه بيع" قالوا: فرصة البيع
انتهزوا اغتنموا "بيعت عليهما، ولم ينظر إلى قول
العامل، وإن رأوا وجه انتظار انتظر بها، ولم ينظر إلى
قول صاحب المال".
(123/11)
"قال مالك في رجل أخذ من رجل مالاً قراضاً
فعمل فيه ثم سأله صاحب المال عن ماله فقال: هو عندي
وافر، فلما أخذه به" أقر قال: المال موجود عندي "فلما
أخذه به قال: قد هلك عندي منه كذا وكذا" في الأول
يقول: عندي وافر، ثم لما طولب به قال: "هلك منه كذا
وكذا لمال يسميه" هو اعترف أولاً أنه كامل، وافر عنده،
ثم قال: هلك منه وكذا وكذا لمبلغ معين يسميه "وإنما
قلت لك ذلك لكي تتركه عندي" لأن لو قلت: هلك منه شيء
بادرت إلى انتزاعه نعم لعدم الثقة، ما دام هذا الشخص
يضارب بالمال ويعرضه للتلف والهلاك ما .. ، أنت لو
أعطيت أحد يشتغل لك، أو مثلاً تركته عندك في محل، ثم
لما حاسبته آخر الشهر وجدته يخسر، تعود عليه مرة
ثانية؟ لكن لو قال لك: إننا كسبنا ولله الحمد، وهو
خسران تعود إليه، من أجل إيش يقول لك هذا؟ من أجل أن
تترك المال بيده، وهذا يقول مثل هذا "وإنما قلت لك
ذلك" يعني المال وافر "لكي تتركه عندي، قال: لا ينتفع
بإنكاره بعد إقراره أنه عنده" لأنه اعترف "ويؤاخذ
بإقراره على نفسه إلا أن يأتي في هلاك ذلك المال بأمر
يعرف به قوله" يعني يأتي ببينة تدل على أنه بالفعل هلك
منه شيء، فإذا أحضر البينة وقال ما قال، فإنه حينئذٍ
يُحكم له بالبينة لا باعترافه "فإن لم يأت بأمرٍ معروف
أخذ بإقراره، ولم ينفعه إنكاره" أيهما أقوى الاعتراف
أو البينة؟ الاعتراف أقوى؟ لماذا الإمام -رحمه الله
تعالى- قال: "إلا أن يأتي في هلاك ذلك المال بأمر
يُعرف به قوله"؟
طالب: لأنه أنكر ثم أقر.
أقر قبل ثم أنكر، أقر أن المال وافر ثم قال: هلك بعضه،
يؤاخذ بإقراره فيؤخذ منه جميع المال؟ هذا إذا لم يأت
ببينة، إن جاء ببينة؟
طالب:. . . . . . . . .
(123/12)
إيه، لكن الآن لو قال: إن المال عنده مائة
ألف موجودة وربحها عشرون ألف موجودة في الرصيد، لو
قال: إنه هلك منها جزء منها قال: هات اللي عندك، خلاص
ما نعود، فأراد أن يقره عنده ليضارب به مرة ثانية
ليربح ويعوض ما هلك، قال: عندي وافر، ثم لما طالبه به
قال: هلك بعضه، يؤاخذ بإقراره، إذا جاء ببينة وأحضر
الجيران كلهم جيران المستودع وقالوا: نشهد أنه في يوم
كذا احترق المستودع، ودخلنا وشاركنا في إخماد الحريق،
وقدرنا الخسائر بمبلغ كذا؟ يعني جاء بجمع من الناس
يشهدون بهذه الشهادة، هل نقول: إن هذه أقوى من الإقرار
أو أقل؟ لأن الإقرار يعتريه ما يعتريه، أحياناً يكون
الرجل ظاهر عليه الصدق، وظاهره العدالة، لكن يأتي بما
يبطل دعواه، يعني مثلما قيل: جاء شخص إلى شخص آخر هو
ثقة عنده، فقال: أريد أن تعيرني الحمار، فقال: والله
الحمار أعرناه إلى شخص سبقك، وهو ظاهره العدالة،
والأصل أن يقبل قوله في مثل هذا، صح وإلا لا؟ ثم نهق
الحمار، هل نقول: إن إقراره أصدق من نهيق الحمار؟ هذه
يذكرونها طرفة في كتب الأدب، شخص جاء ليستعير حماراً
فقال له: الحمار أعرناه شخص، ثم نهق الحمار، فقال له:
اسمع، قال: تصدق أني مسلم، مصلي، ... ، يعني أفعل
الواجبات، وأترك المحرمات، وتكذبني وتصدق حمار؟! لا شك
أن مثل هذه الأمور ولو كان ظاهره الصدق، لكن هناك أمور
...
طالب: يصدق إذنه الحمار ما. . . . . . . . .
إيه، لكن قد يبلغ بالشخص من التسليم ما يكذب أذنه،
ويكذب بصره، قد يبلغ به من التسليم ما يصل إلى هذا
الحد؛ لأن بعض الناس يكون عندك من الثقة واليقين بقبول
قوله تشك بنفسك أحياناً، وما الذي يمنع أن يكون هذا
الذي نهق حمار الجيران بعد، احتمال، المقصود أن مثل
هذا إذا أتى ببينة، وقال جيران المستودع: حضرنا إخماد
الحريق، وأنه هلك منه بنسبة أربعين، ثلاثين بالمائة
تصدق البينة وإلا تصدق الإقرار؟ البينة أقوى حينئذٍ من
الإقرار.
(123/13)
"فإن لم يأت بأمر معروف أخذ بإقراره ولم
ينفعه إنكاره" لو أحضر فواتير يعني البينة الأولى
مقدمة على الإقرار لقوتها، لكن هذا أحضر فواتير أنه
اشترى بكذا وباع بكذا، هذه الفواتير تحتمل التزوير فهي
بينة ضعيفة، أضعف من شهادة الشهود الذي شهدوا في
الصورة الأولى، فيؤاخذ بإقراره، احتمال أن يكون قد
أخفى بعض الفواتير، نعم هو في الأصل مؤتمن، لكن إذا
أقر ثم أنكر خرج عن الأصل الذي هو الأمانة.
"قال مالك: وكذلك أيضاً لو قال: ربحت في المال كذا
وكذا، فسأله رب المال أن يدفع إليه ماله وربحه، فقال:
ما ربحت فيه شيئاً" جاء وقال: السوق طيب جداً، ربحنا
ثمانين بالمائة من أجل إيش؟ أن يغريه فيترك المال
عنده، وهو ما ربح ولا عشرين بالمائة "وكذلك أيضاً لو
قال: ربحت في المال كذا وكذا، فسأله رب المال أن يدفع
إليه ماله وربحه، فقال: ما ربحت فيه شيئاً، وما قلت
ذلك إلا لأن تقره في يدي، فذلك لا ينفعه، ويؤخذ بما
أقر به، إلا أن يأتي بأمرٍ يعرف به قوله وصدقه، فلا
يلزمه ذلك" لو قال: ساهمنا في شركة كذا، شركة نقية
ساهمنا بها، وربحنا ثمانين بالمائة، من أجل إيش؟ أن
يقر المال بيده، فلما طالبه به قال: اسأل كل المساهمين
كم ربحنا؟ أنا واحد من أولئك المساهمين، قالوا: ما ربح
شيء، أو خسر، أو ربح عشرين بالمائة يقدم مثل هذا على
إقراره؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إن لم يكن بينة يقبل مين؟ قول من؟
طالب:. . . . . . . . .
العامل الآن ما هو مقبول قوله إن لم يكن ببينة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه فيؤخذ بإقراره.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو اليمين على الطرف الآخر، إذا أردنا أن نجري
البينة في اليمين، هو الآن يبي يؤاخذ بإقراره ما له
داعي يأخذ. . . . . . . . .، ما عنده بينة.
طالب:. . . . . . . . .
(123/14)
إحنا ما إحنا بآخذين رأيه أصلاً، إحنا نبي
ندينه، أو نبي نقبل قوله نقول: مع يمينه، ما دام ما
أحضر بينة نؤاخذه بإقراره، ما تحتاج إلى يمين، يعني
اليمين متصورة في حق الخصم؛ لأنه لم يحضر بينة فخصمه
يأتي بيمين، ويقول: ما أنا بحالف، ما أدري عن شيء، لكن
هو قال لي كذا، هو أقر واعترف، والأصل أن الاعتراف
أقوى من البينة التي يغلب على الظن صدقه فيها، يغلب
على الظن صدقه مع يمينه، يقبل قوله مع يمينه.
"فذلك لا ينفعه ويؤخذ بما أقر به إلا أن يأتي بأمر
يعرف به قوله وصدقه، فلا يلزمه ذلك".
"وقال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فربح به
ربحاً فقال العامل: قارضتك" الآن اختلفوا في النسبة،
لما ربح خمسين بالمائة، قال: إحنا متفقين على أن لك
ثلاثين بالمائة، وأنا لي سبعين بالمائة من الربح، قال
صاحب المال: العكس، القول قول من؟
"يقول مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فربح به
ربحاً، فقال العامل: قارضتك على أن لي الثلثين، وقال
صاحب المال: قارضتك على أن لك الثلث" يعني ولي الثلثان
"قال مالك: القول قول العامل، وعليه في ذلك اليمين،
إذا كان ما قال يشبه قراض مثله" إذا كان عادي يأخذ
الناس سبعين بالمائة، ستين بالمائة للعمل في أموال
الآخرين، إذا كان العادة جرت بذلك يقبل قوله مع يمينه
"وكان ذلك نحو ما يتقارض عليه الناس" يعني جرت العادة
بذلك "وإن جاء بأمر يستنكر ليس على مثله يتقارض الناس"
قال: أخذت المال على أن لي تسعين بالمائة، وليس لك إلا
عشرة، مثل هذا خارج عن عادة الناس في المقارضة "لم
يصدق، ورد إلى قراض مثله" ينظر في وضعه وواقعه، وعمل
الناس في ذلك اليوم، وفي ذلك المكان "فيعطى مثل
أقرانه".
(123/15)
"قال مالك في رجل أعطى رجلاً مائة دينار
قراضاً، فاشترى بها سلعة، ثم ذهب ليدفع إلى رب السلعة
المائة دينار، فوجدها قد سرقت، فقال رب المال: بع
السلعة" الآن المائة دينار سرقت، كيف يسدد المال؟ لا
بد أن يبيع السلعة، الأصل أنه مؤتمن، فينظر إن كان فرط
في حفظ المائة دينار يضمنها، وإن لم يفرط فلا شيء
عليه؛ لأنه أمين، يقبل قوله مع يمينه "فقال رب المال:
بع السلعة، فإن كان فيها فضل كان لي، وإن كان فيها
نقصان كان عليك" يعني هذا في حال التفريط "لأنك أنت
ضيعت، وقال المقارض: بل عليك وفاء حق هذا، إنما
اشتريتها بمالك الذي أعطيتني" يقول المقارض الذي هو
العامل لصاحب المال: أنا ما علي، المائة عليك، مالي
دعوة "إنما اشتريتها بمالك الذي أعطيتني، قال مالك:
يلزم العامل المشتري أداء ثمنها إلى البائع، ويقال
لصاحب المال القراض: إن شئت فأدي المائة الدينار إلى
المقارض، والسلعة بينكما، وتكون قراضاً على ما كانت
عليه المائة الأولى، وإن شئت فابرأ من السلعة، فإن دفع
المائة دينار إلى العامل كانت قراضاً على سنة القراض
الأول، وإن أبى كانت السلعة للعامل، وكان عليه ثمنها"
لكن ماذا عن المائة التي هي في الأصل لصاحب المال؟
"قال مالك: يلزم العامل المشتري أداء ثمنها إلى
البائع" المشتري يدفع المائة إلى صاحب السلعة "ويقال
لصاحب المال: إن شئت أدِ المائة الدينار إلى المقارض
مرة ثانية، والسلعة بينكما" تستمر المقارضة ثانية، أما
المائة الأولى راحت، يخلف الله، صاحبك أمين، ما يطالب
بسداد؛ لأنه أمين ولم يفرط "والسلعة بينكما، وتكون
قراضاً على ما كانت عليه المائة الأولى" يعني تحل
المائة الثانية محل المائة الأولى "وإن شئت فابرأ من
السلعة" قال: خلاص، أنا أعطيتك المائة الأولى، ولا
عندي استعداد أدفع مائة ثانية "فإن دفع المائة الدينار
إلى العامل كانت قراضاً على سنة القراض الأول" يعني له
منها إن ربحت، وإن لم يدفع مائة ثانية "وإن أبى كانت
السلعة للعامل، وكان عليه ثمنها" الآن من المتضرر في
هذه الصورة؟ صاحب المال، العامل ما خسر شيء، هذه
السلعة بمائة دينار احتمال تزيد عشرة وتنقص عشرة، لكن
ذاك راحت المائة بكاملها عليه، وهذا في حالة كون
(123/16)
العامل أمين، كما هو الأصل، ولم يفرط في
حفظها.
"قال مالك في المتقارضين إذا تفاصلا فبقي بيد العامل
من المتاع الذي يعمل فيه خلق القربة" يعني القربة
البالية، كان يستعمل قربة اشتراها من رأس المال، يبرد
بها الماء، فتفاصلا وأخذ ها القربة الخلقة "أو ثوب
خلق" لأن له أن يلبس من مال المقارضة بالمعروف، كما أن
له أن يأكل ويسكن إذا كان بغير بلده، أو ما أشبه ذلك،
الشيء الذي لا يلتفت إليه.
"قال مالك: كل شيء من ذلك كان تافهاً يسيراً لا تلتف
إليه" همة آحاد الناس "لا خطب له فهو للعامل" يعني ما
يرده، يعني بقيت عنده، ثوب خلق، يقول: هات نتحاسب
عليه؟ أو قربة بالية يقول: هات نتحاسب عليها؟ هي
للعامل؛ لأن الأمر جرى على ذلك في العصور المختلفة
"ولم أسمع أحداً أفتى برد ذلك، وإنما يرد من ذلك الشيء
الذي له ثمن" نعم إذا كان هناك شيء له ثمن، بيده سيارة
مثلاً لمصلحة العمل يردها، بيده ثياب جديدة ما
استعملها يردها وهكذا.
"وإنما يرد من ذلك الشيء الذي له ثمن، وإن كان شيئاً
له اسم مثل الدابة أو الجمل -أو السيارة مثلاً- أو
الشاذكونة" قال: ثياب غلاظ تعمل باليمن، وينسب إليها
الشاذكوني، معروف في الرواة "أو أشباه ذلك مما له ثمن،
فإني أرى أن يرد ما بقي عنده من هذا، إلا أن يتحلل
صاحبه من ذلك" يقول: ما بقي إلا ها الدابة ترى لك، أو
بقيت هذه الثياب لك وهكذا.
هذا يقول: ودنا لو تعرضتم أثناء الشرح إلى المذاهب
الأخرى من المذاهب الأربعة خاصة الحنابلة، إن كانت
المسألة خلافية، وقول الإمام مالك ليس قول لهم جميعاً
حتى نعلم قول الجمهور، أو مواطن الاتفاق بينهم وما
اختلفوا فيه؟
(123/17)
كنا نصنع هذا، لكن رأيت الكتاب قد طال،
ورأيت الإخوان قد ملوا، حتى نقص العدد إلى أقل من
الربع، فكوننا نتعرض للخلاف وأدلة واستطراد، إحنا
اليوم شرحنا خمس صفحات، لو فعلنا هذا ومع العلم بأن
القراض جله من كلام مالك، وليس فيه أحاديث يتفق عليها
أو يختلف فيها، يعني الأحاديث هي التي يشار إلى من أخذ
بها، ومن خالفها، ودليل المخالف، يحسن هذا، أما هذه
أقوال اجتهادية من الإمام مالك، يعني الأصل لو كانت
المسألة اقتصرنا على الأحاديث المرفوعة كما هو طلب بعض
الإخوان، ولا نتعرض لكلام مالك، ما طال بنا الأمر كذا،
قلت: أنا من باب التوسط في الأمر أن نوضح كلام مالك من
دون استطراد، ونمشي في الكتاب، وطال الكتاب، يعني ما
تصور الإخوان أن كتاب الموطأ بيأخذ ثلاث سنوات، ما
تصوروا هذا، ولذا قل عددهم، فوجئوا أننا نكمل السنة
الثالثة فيه، يعني سنتين، ونحتاج إلى سنة ثالثة لينتهي
الكتاب، فهذا يطالب في المسائل الخلافية في كل مسألة،
وفي كل قول من أقوال مالك، نعم في الأحاديث المرفوعة
يحسن أن يذكر من أخذ بهذا الحديث، ومن خالفه، وحجة
المخالف طيب، لكن هذا الآن ما مرّ علينا ولا حديث
مرفوع، كله من أقوال مالك، ونوضح كلام الإمام، وإذا
اقتضى الأمر ذكر الخلاف يذكر -إن شاء الله تعالى-،
والله أعلم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(123/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(21)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
الله اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: المساقاة
باب: ما جاء في المساقاة
حدثنا يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ليهود خيبر يوم
افتتح خيبر: ((أقركم فيها ما أقركم الله -عز وجل- على
أن الثمر بيننا وبينكم)) قال: فكان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يبعث عبد الله بن رواحه فيخرّص
فيخرُص.
أحسن الله إليك.
فيخرص بينه وبينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم
فلي، فكانوا يأخذونه.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث عبد الله بن رواحة
إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر، قال: فجمعوا له
حلياً من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك، وخفف عنا
وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر
اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك
بحاملي على أن أحيف عليكم، وأما ما عرضتم من الرشوة
فإنها سحت، وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت
السماوات والأرض.
قال مالك -رحمه الله-: إذا سقى الرجل النخل وفيها
البياض ...
ساقى.
أحسن الله إليك.
(124/1)
إذا ساقى الرجل النخل وفيها البياض فما
ازدرع الرجل الداخل في البياض فهو له، قال: وإن اشترط
صاحب الأرض أنه يزرع في البياض لنفسه فذلك لا يصلح؛
لأن الرجل الداخل في المال يسقي لرب الأرض فذلك زيادة
ازدادها عليه، قال: وإن اشترط الزرع بينهما فلا بأس
بذلك، إذا كانت المئونة كلها على الداخل في المال،
البذر والسقي والعلاج كله، فإن اشترط الداخل في المال
على رب المال أن البذر عليك كان ذلك غير جائز؛ لأنه قد
اشترط على رب المال زيادة ازدادها عليه، وإنما تكون
المساقاة على أن على الداخل في المال المئونة كلها
والنفقة، ولا يكون على رب المال منها شيء، فهذا وجه
المساقاة المعروف.
قال مالك -رحمه الله- في العين تكون بين رجلين فينقطع
ماؤها، فيريد أحدهما أن يعمل في العين، ويقول الآخر:
لا أجد ما أعمل به، إنه يقال للذي يريد أن يعمل في
العين: اعمل وانفق، ويكون لك الماء كله تسقي به حتى
يأتي صاحبك بنصف ما أنفقت، فإذا جاء بنصف ما أنفقت أخذ
حصته من المال ...
من الماء.
أحسن الله إليك.
سم.
أخذ حصته من الماء.
أحسن الله إليك.
أخذ حصته من الماء، وإنما أعطي الأول الماء كله لأنه
أنفق ولو لم يدرك شيئاً بعمله لم يعلق الآخر من النفقة
شيء.
قال مالك: وإذا كانت النفقة كلها والمئونة على رب
الحائط، ولم يكن على الداخل في الماء شيء إلا أنه يعمل
بيده، إنما هو أجير ببعض الثمر، فإن ذلك لا يصلح؛ لأنه
لا يدري كم إجارته، إذ لم يسم له شيئاً يعرفه ويعمل
عليه، لا يدري أيقل ذلك أم يكثر؟
قال مالك: وكل مقارض أو مساق فلا ينبغي له أن يستثني
من المال ولا من النخل شيئاً دون صاحبه، وذلك أنه يصير
له أجيراً بذلك يقول: أساقيك على أن تعمل لي في كذا
وكذا نخلة تسقيها وتأبرها، وأقارضك في كذا وكذا من
المال على أن تعمل لي بعشرة دنانير، ليست مما أقارضك
عليه، فإن ذلك لا ينبغي ولا يصلح، وذلك الأمر عندنا.
(124/2)
قال مالك: والسنة في المساقاة التي يجوز
لرب الحائط أن يشترطها على المساقي: شد الحظار، وخم
العين، وسرو الشرب، وآبار النخل، وقطع الجريد، وجذ
الثمر، فهذا وأشباهه على أن للمساقي شطر الثمر، أو أقل
من ذلك أو أكثر، إذا تراضيا عليه، غير أن صاحب المال
لا يشترط ابتداء عمل جديد يحدثه العامل فيها من بئر
يحتفرها، أو عين يرفع رأسها، أو غراس يغرسه فيها، يأتي
بأصل ذلك من عنده، أو ضفيرة يبينها ...
يبنيها.
أحسن الله إليك.
أو ضفيرة يبنيها، تعظم فيها نفقته، وإنما ذلك بمنزلة
أن يقول رب الحائط لرجل من الناس: ابن لي ها هنا
بيتاً، أو احفر لي بئراً، أو أجر لي عيناً، أو اعمل لي
عملاً بنصف ثمر حائطها، هذا قبل أن يطيب ثمر الحائط،
ويحل بيعه، فهذا بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وقد نهى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار حتى
يبدو صلاحها.
قال مالك: فأما إذا طاب الثمر وبدا صلاحه، وحل بيعه،
ثم قال رجل لرجل: اعمل لي بعض هذه الأعمال -لعمل يسميه
له- بنصف ثمر حائطي هذا، فلا بأس بذلك، إنما استأجره
بشيء معروف معلوم، وقد رآه ورضيه، فأما المساقاة فإنه
إن لم يكن للحائط ثمر، أو قل ثمره، أو فسد فليس له إلا
ذلك، وأن الأجير لا يستأجر إلا بشيء مسمى، لا تجوز
الإجارة إلا بذلك، وإنما الإجارة بيع من البيوع، إنما
يشتري منه عمله، ولا يصلح ذلك إذا دخله الغرر؛ لأن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر.
قال مالك: السنة في المساقاة عندنا أنها تكون في أصل
كل نخل أو كرم أو زيتون أو رمان أو فرسك أو ما أشبه
ذلك من الأصول جائز لا بأس به، على أن لرب المال نصف
الثمر من ذلك، أو ثلثه أو ربعه أو أكثر من ذلك أو أقل.
قال مالك: والمساقاة أيضاً تجوز في الزرع إذا خرج
واستقل فعجز صاحبه عن سقيه وعمله وعلاجه فالمساقاة في
ذلك أيضاً جائزة.
(124/3)
قال مالك: لا تصلح المساقاة في شيء من
الأصول مما تحل به المساقاة إذا كان فيه ثمر قد طاب،
وبدا صلاحه وحل بيعه، وإنما ينبغي أن يساقي من العام
المقبل، وإنما مساقات ما حل بيعه من الثمار إجارة؛
لأنه إنما ساقها صاحب الأصل ثمر قد بدا صلاحه على أن
يكفيه إياه ويجذه له بمنزلة الدنانير والدراهم يعطيه
إياها، وليس ذلك بالمساقاة، إنما المساقاة ما بين أن
يجذ النخل إلى أن يطيب الثمر ويحل بيعه.
قال مالك: ومن ساقى ثمر في أصل قبل أن يبدو صلاحه،
ويحل بيعه فتلك المساقاة بعينها جائزة.
قال مالك: ولا ينبغي أن تساقى الأرض البيضاء، وذلك أنه
يحل لصاحبها كرائها بالدنانير والدراهم، وما أشبه ذلك
من الأثمان المعلومة، قال: فأما الرجل الذي يعطي أرضه
البيضاء بالثلث أو الربع مما يخرج منها فذلك مما يدخله
الغرر؛ لأن الزرع يقل مرة، ويكثر مرة، وربما هلك
رأساً، فيكون صاحب الأرض قد ترك كراء معلوماً يصلح له
أن يكاري أرضه به، وأخذ أمراً غرراً، لا يدري أيتم أم
لا يتم، فهذا مكروه، وإنما ذلك مثل رجل استأجر أجيراً
بسفر بشيء معلوم، ثم قال الذي استأجر الأجير: هل لك أن
أعطيك عشر ما أربح في سفري هذا إجارة لك؟ فهذا لا يحل،
ولا ينبغي.
قال مالك: ولا ينبغي لرجل أن يؤاجر نفسه ولا أرضه ولا
سفينته إلا بشيء معلوم لا يزول إلى غيره.
قال مالك: وإنما فرق بين المساقاة في النخل والأرض
البيضاء أن صاحب النخل لا يقدر على أن يبيع ثمرها حتى
يبدو صلاحها، وصاحب الأرض يكريها، وهي أرض بيضاء لا
شيء فيها.
قال مالك: والأمر عندنا في النخل أيضاً أنها تساقى
السنين الثلاث أو الأربع أو أقل من ذلك أو أكثر، قال:
وذلك الذي سمعت، وكل شيء مثل ذلك من الأصول بمنزلة
النخل يجوز فيه لمن ساقه من السنين مثل ما يجوز في
النخل.
قال مالك: في المساقي أنه لا يأخذ من صاحبه الذي ساقه
شيئاً من ذهب ولا ورق يزداده، ولا طعام ولا شيء من
الأشياء لا يصلح ذلك، ولا ينبغي أن يأخذ المساقي من رب
الحائط شيئاً يزيده إياه من ذهب، ولا ورق، ولا طعام
ولا شيء من الأشياء، والزيادة فيما بينهما لا تصلح.
(124/4)
قال مالك: والمقارض أيضاً بهذه المنزلة لا
يصلح إذا دخلت الزيادة في المساقاة أو المقارضة صارت
إجارة، وما دخلته الإجارة فإنه لا يصلح، ولا ينبغي أن
تقع الإجارة بأمر غرر، لا يدري أيكون أم لا يكون؟ أو
يقل أو يكثر؟.
قال مالك في الرجل يساقي الرجل الأرض فيها النخل
والكرم، وما أشبه ذلك من الأصول، فيكون فيها الأرض
البيضاء، قال مالك: إذا كان البياض تبعاً للأصل، وكان
الأصل أعظم ذلك أو أكثره، فلا بأس بمساقاته، وذلك أن
يكون النخل الثلثين أو أكثر، ويكون البياض الثلث أو
أقل من ذلك، وذلك أن البياض حينئذٍ تبع للأصل، وإذا
كانت الأرض البيضاء فيها نخل أو كرم، أو ما يشبه ذلك
من الأصول، فكان الأصل الثلث أو أقل، والبياض الثلثين
أو أكثر، جاز في ذلك الكراء، وحرمت فيه المساقاة، وذلك
أن من أمر الناس أن يساقوا الأصل وفيه البياض، وتكرى
الأرض وفيها الشيء اليسير من الأصل، أو يباع المصحف أو
السيف، وفيهما الحلية من الورق بالورق، أو القلادة أو
الخاتم، وفيهما الفصوص والذهب بالدنانير، ولم تزل هذه
البيوع جائزة، يتبايعوها الناس ويبتاعونها، ولم يأتِ
في ذلك شيء موصوف موقوف عليه، إذا هو بلغه كان حراماً
أو قصر عنه كان حلالاً، والأمر في ذلك عندنا الذي عمل
به الناس، وأجازوه بينهم أنه إذا كان الشيء من ذلك
الورق أو الذهب تبعاً لما هو فيه جاز بيعه، وذلك أن
يكون النصل أو المصحف أو الفصوص قيمتها الثلثان أو
أكثر، والحلية قيمتها الثلث أو أقل.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب: المساقاة
باب: ما جاء في المساقاة
(124/5)
الكتاب تقدم ذكره مراراً، والمساقاة مفاعلة
من السقي، مفاعلة من السقي، والمراد به -أعني السقي-
سقي الثمار والزروع بالماء، أطلق على هذه المعاملة
السقي فقط، وإن كانت تحتاج إلى غيره؛ لأن الماء إنما
يكون النبات به، حياة النبات بالماء {وَجَعَلْنَا مِنَ
الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}
[(30) سورة الأنبياء] فحياة النبات كحياة الحيوان
بالماء، فأطلق على العمل في الزرع مساقاة، مفاعلة من
طرفين، فأحد الطرفين يكون له الزرع، والثاني يكون منه
العمل في هذا الزرع.
وأما المزارعة فهي الأرض تدفع من قبل صاحبها إلى من
يزرعها، والخلاف في البابين طويل، بين أهل العلم
وكثير؛ لأنه جاء فيه المنع بأحاديث صحيحة، جاء المنع
بالأحاديث الصحيحة، وجاء أيضاً الإذن، ولا شك أن المنع
يتنزل على صور، والإذن يتنزل على صور، فإذا كان الضرر
لاحقاً بأحد الطرفين منعت، سواء كانت المساقاة أو
المزارعة، وإذا كان الضرر تبعاً للربح، والغنم مع
الغرم، والخراج بالضمان على الطرفين على حد سواء تنزلت
نصوص الجواز، تنزلت نصوص الجواز، فإذا دفع صاحب الزرع
زرعه إلى من يقوم عليه حتى يجذه على أن يكون له نصف
الثمرة، أو ربع الثمرة، ولصاحبه ثلاثة الأرباع جاز
ذلك، وإذا ساقاه على أساس أن يكون له الجزء الغربي،
وللمساقي الجزء الشرقي أو العكس لم يجز؛ لأنه عرضه لأن
يغنم أحدهم دون الآخر فيغرم، أما إذا كان بجزء، بنسبة
معلومة مشاعة بينهما فلا ضرر حينئذٍ على وحد دون
الآخر، وعلى هذا تنزل نصوص الجواز.
يقول -رحمه الله-:
باب: ما جاء في المساقاة
(124/6)
"حدثنا يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد
بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال
ليهود خيبر يوم افتتح خيبر: ((أقركم فيها)) " يعني في
خيبر في مزارعكم التي آلت إلى المسلمين بالفتح، وصارت
غنيمة هي للمسلمين، قال: ((أقركم فيها ما أقركم الله
-عز وجل-)) فالمدة معلومة وإلا مجهولة؟ مجهولة ((ما
أقركم الله -عز وجل-)) فيحتمل أن ينزل القرآن بإجلائهم
فوراً، أو يستمر كما هو الأمر سنين خيبر سنة سبع،
وأقروا سنة سبع، وثمان، وتسع، وعشر، وتوفي النبي -عليه
الصلاة والسلام-، ثم أمر، أو أوصى بإجلائهم، بإجلاء
اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فأجلوا إلى خيبر
وتيماء.
"يوم افتتح خيبر: ((أقركم ما أقركم الله -عز وجل-)) "
فعلى هذا المساقاة والمزارعة تجوز إلى أجل معلوم وإلا
مجهول؟ مجهول، ومن باب أولى إذا كان معلوماً، وعلى كل
حال ((على أن الثمر بيننا وبينكم)) هذا إذا كان ينتظر،
مثل هذا إذا كان ينتظر، أما إذا كان لا ينتظر شيئاً
هذا شخص عنده زرع، ومقدم على عمال ويُعرف أن العمال
إذا قدم عليهم يجون بعد شهرين ثلاثة خمسة، وقد يتأخرون
ستة، فقال: أساقيك هذه المزرعة حتى يأتي العمال، اللي
قدمت، المزارعين، إذا جاؤوا ينتهي، يصح وإلا ما يصح؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هنا يقول: ((أقركم فيها ما أقركم الله -عز وجل-))
يعني ما يكون في أثناء الزرع، لا يكون في أثناء الزرع،
وإنما يكون بعد تمامه وجذاذه، ثم بعد ذلك ما يلي ذلك
من الأعوام لا يحدد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(124/7)
هو الكلام على هل هؤلاء اليهود في حكم
الأرقاء، في حكم السبي؟ فهو من باب التفضل عليهم
أقرهم؛ ليعملوا والأصل أن يعملوا مجاناً؟ أو هم أحرار
ما سباهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأقرهم على
أعمالهم والمزارع له -عليه الصلاة والسلام-، للمسلمين
غنيمة؟ منهم من يقول: إن المساقاة على هذه الطريقة لا
تصح؛ لأن هؤلاء في حكم الأرقاء، لكن لو كانوا في حكم
الأرقاء ما كان التعليق على إقرار الله -عز وجل-، ولا
لزم أن يكون هناك عقد بينهم على أن الثمر يكون بيننا
وبينك وإنما يدل على أنهم يملكون، تدل على أنهم
يملكون، والمقصود أقركم ما أقركم الله -عز وجل- عليه
من السنين التي تكون بها الثمرة قد تمت، أما في أثناء
الثمرة التي يكون فيها الضرر على العامل، لو افترضنا
أنه استأجر، ساقى شخص، زيد ساقى عمراً على هذا الزرع،
ثم بعد شهر شهرين قال: أقرك إلى أن يجي العمال، جاء
العمال بعد شهرين والثمر ما بدا صلاحه، ماذا يكون
للعامل للمساقي هذا؟ نعم؟ أجرة المثل، لكن هل يصح مثل
هذا أو لا يصح؟ لا يصح؛ لأنه ما دام قالوا: عناء الثمر
بيننا وبينكم لزم بهذه الصورة، وبهذا المتفق عليه،
والمسلمون على شروطهم، فكيف يلجأ إلى أجرة المثل مع
إمكان أن يأخذ بعد شهر أو شهرين نصف الزرع، نصف
الثمرة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هو تنتقل، إذا قلنا: إنها تصح إلى أجل مجهول تنتقل من
كونها مساقات إلى إجارة، ثم بعد ذلك تكون الأجرة
بالمثل، وعلى أن الإجارة لا تجوز إلا بأجل معلوم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يلجأ إلى أجرة المثل عند إنفضاض الشركة دون ...
، مثل لو قال .. ، الجعالة عقد جائز، فقال: من أحضر لي
كذا، من أحضر لي غلامي أو دابتي الشاردة فله مائة
ريال، قال شخص: أنا أحضرها، فسعى مدة أسبوع مثلاً في
طلبها، ثم قال له صاحبها: أنا لا أريدها لا تبحث، خلاص
أنهينا العقد، والجعالة عقد جائز، لا بد أن يدفع أجرة
المثل لهذه الأيام، فالأجرة يلجأ إليها عند انفضاض
العقود، هنا يقول: "قال ليهود خيبر يوم افتتح خيبر:
((أقركم)) " أقرهم على ما في أيديهم، هذا يدل على أنه
جميعه ((أقركم فيها ما أقركم الله -عز وجل-)) أقر كل
مزارع في مزرعته التي كانت له.
(124/8)
طالب: حديث عمر "سهمي في خيبر".
بعد ما .. ، ها شو عمل عليه؟ "سهمي في خيبر، هو أحسن
مالٍ تأثلت في الإسلام" بعد ما أجلوا؟
طالب: ما بعد أجلوا ....
وقف؟
طالب: مقسوم في عهده.
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إنه إيش؟
على كل حال الخبر الذي عندنا مرسل، أرسله جميع رواة
الموطأ، لكنه صحيح، يعني جاء من طرق موصول، ما فيه
إشكال، يعني صحته، وعلى كل حال سواء المساقاة هنا في
جميع المزارع أو في بعضها المقصود ما يتفق عليه منها.
"على أن الثمر بيننا وبينهم قال: فكان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه
وبينهم" اتفقوا على أن يكون الثمر بينه وبينهم، فهذا
يحتاج إلى قسمة، فيخرص الثمر، وهو على رؤوس النخل،
ويقال: هذه النخيل لنا، وهذه لكم، هذه تساوي هذه، ثم
يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه،
إيش معنى هذا الكلام؟ "إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي"
يخرص بينه وبينهم، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إن شئتم فلكم، وتدفعون نصيبنا بالقيمة، أو العكس،
وإن شئتم فلي، الاحتمال الثاني، وندفع لكم قيمة
نصيبكم، أو يقسم النخل قسمين، ثم يقول: إن شئتم هذا
القسم لي أو لكم؛ لأن الذي يقسم يتولى القسمة يخير
الطرف الثاني، لا يتخير هو، إنما التخير للطرف الثاني،
فكانوا يأخذونه، يأخذون الثمر، فإذا أخذوا الثمر
فيدفعون القيمة.
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا أيضاً مرسل "كان
يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر" والخرص الذي تقدم هو
التقدير والحزر، وهو معمول به عند الجمهور، في أموال
الصدقات وغيرها، معمول به، والحنفية لا يرونه؛ لأنه ظن
وتخمين.
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيخرص بينه وبين يهود
خيبر، قال: فجمعوا له حلياً من حلي نسائهم" كذا ضبطوه
حَلياً، جمعه حلي من حَلي نسائهم "فقالوا له: هذا لك
وخفف عنا" رشوه، وهم عرفوا بهذا، عرفوا بأكل أموال
الناس بالباطل والسحت، إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني على الإفراد وعلى الجمع حَلي وحُلي.
(124/9)
"وخفف عنا، وتجاوز في القسم، فقال عبد الله
بن رواحة" الصحابي الجليل "يا معشر اليهود والله إنكم
لمن أبغض خلق الله إلي" وهكذا ينبغي بأن يكون شأن كل
مسلم؛ لأن اليهود جرى من أفعالهم وأعمالهم وخياناتهم
وغدرهم بالأنبياء فمن دونهم ما يقتضي بغضهم.
"والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي
على أن أحيف عليكم" {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ
قَوْمٍ} [(8) سورة المائدة] يعني بغض قوم {وَلاَ
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ
تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
[(8) سورة المائدة] فالعدل مطلوب مع العدو كالصديق.
"على أن أحيف عليكم" يعني أجور وأميل وأظلمكم "فأما ما
عرضتم من الرشوة فإنها سحت" بلا شك، وهم يأكلون السحت
ويؤكلونه "وإنا لا نأكلها" يقول الصحابي الجليل: لا
نأكل السحت، وهكذا هو الواجب على كل مسلم أن لا يأكل
السحت، وكل جسد نبت على سحت فالنار أولى به، وفي
العصور المتأخرة تساهل المسلمون في مثل هذا، فدفعوا
الرشوة، وأكلوا الرشوة، أكلوا المال الحرام، ولم
يتحروا في أموالهم، ولذلك يلاحظ عليهم أنهم يدعون فلا
يستجاب لهم.
"وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض"
يعني بالعدل.
مرسل في جميع الموطئات.
"قال مالك: إذا ساقى الرجل النخل فيها البياض فما
ازدرع الرجل الداخل في البياض فهو له" الآن الذي دفع
له زرع، أرض مزروعة، لكن لو قدر أن في هذه الأرض مقدار
مائة متر، أو ألف متر مثلاً، ما فيه زرع بياض، فجاء
العامل فزرعه، يكون لمن؟ للزارع فقط، لماذا لا يكون
بينهما؟ هذا منه الأرض، وهذا منه الزرع، فتكون مزارعة؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بيأتي بيان ذلك، كان لا بد أن تكون المئونة عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ليس له أن يطالب الداخل فيما اتفقا عليه، لكن هذه
أرض بياض ملك صاحب الزرع، فهل لصاحب الزرع أن يستثمر
هذا البياض لنفسه فقط، أو يكون بينهما مزارعة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(124/10)
أنت لا تنسى أن لهم رأي في المزارعة غير ما
يراه الحنابلة مثلاً، المقصود أنه سيأتي ما بين ذلك من
كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، لكن هل للداخل هذا أن
يزرع هذا البياض دون إذن صاحبه؟ يكون تعدي، غصب هذا،
لا بد أن يستأذن، فإذا استأذن فله الثمرة دون صاحب
الأرض.
قال: "وإن اشترط صاحب الأرض أنه يزرع في البياض لنفسه
فذلك لا يصلح؛ لأن الرجل الداخل في المال يسقي لرب
الأرض، فذلك زيادة ازدادها عليه" لأن الأصل أنه في
المساقاة يكون الربح والخسارة بينهما كالمضاربة، لا
يجوز أن يشترط لنفسه قدر جائز على ذلك، كما تقدم نظيره
في المضاربة.
"فذلك زيادة ازدادها عليه، وهذا لا يجوز" لا بد أن
يدخلا مدخالاً واحداً، فيشتركان في النسبة من الزيادة
والنقص.
قال: "وإن اشترط الزرع بينهما فلا بأس بذلك إذا كانت
المئونة كلها على الداخل البذر والسقي والعلاج كله"
هذا رأيه في المزارعة، هذا رأي الإمام مالك في
المزارعة، يدفع الأرض لمن يزرعها، وتكون الثمرة بينهما
على أن يكون المئونة كلها على الداخل، البذر والسقي
والعلاج كله، يكون على صاحب الأرض الأرض، ويكون على
الداخل المزارع المئونة، البذر والسقي والعلاج، صاروا
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم عكس المذاهب، عكس المذهب المعروف عند الحنابلة.
هنا يقول: "البذر والسقي والعلاج كله" لماذا؟ ليكون من
صاحب الأرض شيء، ويكون من العامل شيء آخر، ما السبب؟
لتكون شركة بينهما، أما إذا سلمه الأرض والبذر صارت
أجرة وليست بشركة، والأجرة لا بد أن تكون معلومة، وهنا
الأجرة معلومة وإلا مجهولة؟ مجهولة فلا تصح، يعني إذا
دفع هذا الأرض، وهذا بذل البذر والسقي والعلاج كله،
يعني عليه كل ما تتطلبه الأرض الزرع، فكانت شركة
بينهما، نعم، لكن لو كان الأرض والبذر والمئونة كلها
على صاحب الأرض، صارت إجارة، وإجارة بأجرة مجهولة، فلا
تصح، مجهولة، يعني إذا علمت النسبة وجهل المقدار، يعني
إذا قال: لك الثلث، تدري كم الثلث؟ إذاً مجهولة،
والأجرة لا بد أن تكون معلومة.
(124/11)
"فإن اشترط الداخل في المال على رب المال
أن البذر عليك كان ذلك غير جائز؛ لأنه قد اشترط على رب
المال زيادة ازدادها عليه، وإنما تكون المساقاة على أن
على الداخل في المال المئونة كلها والنفقة، ولا يكون
على رب المال منها شيء فهذا وجه المساقاة المعروف"
يعني يدخلان على أساس أنهم شركاء.
"قال مالك في العين تكون بين رجلين فينقطع مائها،
فيريد أحدهما أن يعمل في العين، ويقول الآخر: لا أجد
ما أعمل به" العين فيه بئر بين رجلين انقطع مائها،
فيقول أحدهما: نأتي بخبراء ينزلون في هذه البئر،
ويستنبطون الماء من أسفل، وهؤلاء الخبراء أو هذه
الشركة التي تستنبط الماء من عمق أسفل، تحتاج إلى عشرة
آلاف، هات خمسة وعلي خمسة، يقول: أنا والله ما عندي
شيء، ما عندي خمسة ألاف، ماذا يصنع؟ يقول مالك: "ويقول
الآخر: لا أجد ما أعمل به، إنه يقال للذي يريد أن يعمل
في العين: اعمل وانفق، ويكون لك الماء كله" لأن الثاني
انقطع عنه الماء، وما دفع، بأي وجه يأخذ شيء من الماء؟
قد يقول قائل: إن له من الماء بقدر نصيبه من البئر؛
لأن البئر إذا افترضنا أنها عشرين متر، واحتيج إلى عمق
عشرة أمتار أخرى فيكون هذا العمق بعشرة الأمتار، لو
حفر على وجه الأرض دون شراكة، ما خرج الماء، فما خرج
الماء في هذا العمق إلا بواسطة نصيب الآخر، مروراً
بنصيب الثاني، يعني ظاهر الإشكال وإلا ما هو بظاهر؟
مالك ويش؟ يقول: له خلاص ما دام حفر زيادة عشر أمتار
وطلع الماء الماء له كله، الثاني وقف عنه الماء، وما
دفع إذاً لا يستحق من الماء شيء، قد يقول الشريك: لولا
أنك حفرت في بئري التي لي نصفها ما ظهر الماء ما كفاك
عشرة أمتار، تحتاج إلى ثلاثين متر من أجل أن يطلع
الماء، فلي نصيبي من هذه العشرين، يعني لو جاء شخص،
هذه البئر شركة بين اثنين، عشرين متر، ثم جاء واحد
وقال: أنا أستنبط لكم الماء، فحفر خمسة أمتار زيادة ما
طلع الماء، يستحق شيء وإلا ما يستحق؟
طالب:. . . . . . . . .
(124/12)
نعم، ما له شيء، ما له شيء على قول الإمام
مالك، حتى يخرج الماء، ويكون الماء لمن استنبطه
وأخرجه، يقول: "إنه يقال للذي يريد أن يعمل في العين:
اعمل وانفق، ويكون لك الماء كله، تسقي به حتى يأتي
صاحبك بنصف ما أنفقت" متى ما دفع لك خمسة آلاف يستحق
النصف "فإذا جاء بنصف ما أنفقت أخذ حصته من الماء،
وإنما أعطي الأول الماء كله لأنه أنفق، ولو لم يدرك
شيئاً بعمله لم يعلق الآخر من النفقة شيء" يعني لو أنه
قال: هات خمسة آلاف، قال: ما عندي، قال: أنا أعملها
بمفردي، وأنفق عشرة آلاف ولا طلع ماء، هل يقول: هات
خمسة آلاف لأني عملت؟ لم يعلق يعني لم يلزم الآخر من
النفقة شيء، ومعلوم أن الخراج بالضمان، والغرم مع
الغنم.
"قال مالك: وإذا كانت النفقة كلها والمئونة على رب
الحائط" يعني في المسألة الأولى "ولم يكن على الداخل
في المال شيء إلا أنه يعمل به إنما هو أجير ببعض
التمر، فإن ذلك لا يصلح" لماذا؟ "لأنه لا يدري كم
إجارته؟ إذ لم يسم له شيئاً يعرفه، ويعمل عليه لا يدري
أيقل ذلك أم يكثر؟ " لكن لو قال: اعمل وعليك كل شيء،
نعم وأعطيك مائة صاع أجرتك معلومة، صح وإلا ما صح؟
يصح، لكن لو ما ظهر شيء من الثمرة، يضمنها، يضمنها
المستأجر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل أن فيها ماء.
طالب:. . . . . . . . .
هذاك في المزارعة ترى، في المزارعة يزرع أرض بيضاء.
طالب:. . . . . . . . .
هو رجع المزارعة، المسألة التي قال فيها: البياض، هو
رجع إلى المزارعة ما فيها إشكال.
(124/13)
قال: "وكل مقارض أو مساق فلا ينبغي له أن
يستثني من المال، ولا من النخل شيئاً دون صاحبه" كل
مقارض أو مساقي، المقارض يعني المضارب، والمساقي الذي
نحن بصدده "فلا ينبغي له أن يستثني من الماء ولا من
النخل شيئاً دون صاحبه" ما يقول: ترى هذه النخلات لي،
هذه خمسة نخلات برحي أنا أريدها، خاصة بي، مالك بها
علاقة، لا يجوز له أن يستثني شيئاً، مثلما قلنا سابقاً
في المضاربة يدفع مائة ألف، ويقول: ضارب بها في الكتب
القديمة مثلاً،. . . . . . . . . يتصور فيها، أما
الجديد ما يمكن يستثني جديد، وهو موجود في الأسواق، في
الكتب القديمة، لكن أي كتاب يأتي من مطبعة كذا، أنا
أريده، أو أي كتاب يأتي ورقه كذا، أو تجليد فلان أنا
أريده، يعني بقيمته، فليس له أن يستثني.
"وذلك أنه يصير له أجيراً بذلك، يقول: أساقيك على أن
تعمل لي في كذا وكذا نخلة تسقيها وتأبرها" يعني تلقحها
"وأقارضك في كذا وكذا من المال على أن تعمل لي بعشرة
دنانير، ليست مما أقارضك عليه، فإن ذلك لا ينبغي ولا
يصلح، وذلك الأمر عندنا".
"قال مالك: والسنة في المساقاة التي يجوز لرب الحائط
أن يشترطها على المساقي" يجوز أن يشترط على المساقي،
لكن ما الذي يجوز؟ يجوز أن يشترط على المساقي ما ينتفع
به الزرع؛ ليكون نفع هذا النفع للاثنين معاً على حد
سواء، لا لأحدهما دون الآخر، يجوز أن يشترط عليه شروط
احتياطية ينتفع بها الطرفان، لا ينتفع بها لنفسه فقط.
"شد الحظار" يعني الحظار الذي يحوط الزرع بأن يحكمه
ويتقنه من دخول ما يعرض له من خلل، إما دواب وما أشبه
ذلك.
"شد الحظار، وخم العين" خم العين تنقيتها "وسرو الشرب"
الشَرَب ما يحيط بالشجرة مما يحفظ الماء لشربها، وسروه
كنسه وتنظيفه "وإبار النخل" يعني تلقيحه "وقطع الجريد"
الذي يضر بالنخلة إذا كثر "وجذ الثمر" يعني يقول: عليك
الجذاذ.
(124/14)
"هذا وأشبهه على أن للمساقي شطر الثمر أو
أقل من ذلك" يكون له نسبة معلومة، مجهولة العين معلومة
المقدار مجهولة المكان والعين "أو أقل من ذلك أو أكثر
إذا تراضيا عليه، غير أن صاحب الأصل لا يشترط ابتداء
عمل جديد يحدثه العامل فيها من بئر يحتفرها" ما يقول:
عليك حفر البئر "أو عين يرفع رأسها" يعني العين مساوية
للأرض فيقول له: ارفع رأسها بالحجارة أو باللبن، أو
بما أشبه ذلك.
"أو عين يرفع رأسها أو غراس يغرسه فيها" لأن المسألة
مسألة مساقات وليست مزارعة "أو غراس يغرسه فيها، يأتي
بأصل ذلك من عنده أو ضفيرة يبنيها" الضفيرة: يقول:
موضع يجتمع فيه الماء، يعني حوض يجتمع فيه الماء.
"يبنيها تعظم فيها نفقته" يكون عليه ضرر من هذا العمل
الذي اشترط عليه "تعظم فيها نفقته" لأن الشيء اليسير
يتجاوز يعفى عنه؛ لأنه من مصلحة الجميع "وإنما ذلك
بمنزلة أن يقول رب الحائط لرجل من الناس: ابن لي ها
هنا بيتاً، أو احفر لي بئراً، أو اجر لي عيناً" يعني
كأنه اشترط شيئاً يقتص به، وهذا لا يجوز على ما تقدم.
"أو اعمل لي عملاً بنصف ثمر حائطي هذا" كأنه قال له:
احفر البئر وأعطيك نصف الثمر، صارت إجارة والأجرة
مجهولة فلا تصح "بنصف ثمر حائطي هذا قبل أن يطيب ثمر
الحائط، ويحل بيعه، فهذا بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه"
لأن الإجارة في حكم البيع، يقول: "فهذا بيع الثمر قبل
أن يبدو صلاحه، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها".
"قال مالك: فأما إذا طاب الثمر وبدا صلاحه وحل بيعه،
ثم قال رجل لرجل: اعمل لي بعض هذه الأعمال لعمل يسميه"
سواء كان في المزرعة نفسها أو في خارجها أو في بيته
مثلاً قال: ابن لي غرفة أو غرفتين بمرافقهما في بيتي
في السطح، أو في الملاحق، ولك نصف الثمرة، والثمرة بدا
صلاحها يجوز بيعها فلا غرر في ذلك يصلح هذا.
(124/15)
"فأما إذا طاب الثمر، وبدا صلاحه، وحل
بيعه، ثم قال رجل لرجل: اعمل لي بعض هذه الأعمال لعمل
يسميه له بنصف ثمر حائطي هذا فلا بأس بذلك، إنما
استأجره بثمن معروف معلوم، قد رآه ورضيه، فأما
المساقاة فإنه إن لم يكن للحائط ثمر، أو قل ثمره، أو
فسد فليس له إلا ذلك" فليس له إلا ذلك، يعني في حال
المساقاة الجائزة، نعم، فأما المساقاة يعني التي تصح
عند مالك وعند غيره "فإنه إن لم يكن للحائط ثمر، أو قل
ثمره، أو فسد" يعني أصابته فعلى الجميع، الضرر على
الجميع "فليس له إلا ذلك، وأن الأجير لا يستأجر إلا
بشيء مسمى" لابد أن تكون الأجرة معلومة "ولا يصلح ذلك
إذا دخله الغرر" يعني إذا جهلت الأجرة فلا يصح "لأن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر،
والأجرة في حكمه".
"قال مالك: السنة في المساقاة عندنا أنها تكون في أصل
كل نخل أو كرم أو زيتون أو رمان أو فرسك" اللي هو إيش؟
الخوخ "أو ما أشبه ذلك من الأصول جائز لا بأس به على
أن لرب المال نصف الثمر من ذلك أو ثلثه أو ربعه أو
أكثر من ذلك أو أقل".
"قال مالك: والمساقاة أيضاً تجوز في الزرع إذا خرج
واستقل فعجز صاحبه عن سقيه وعمله وعلاجه فالمساقاة في
ذلك أيضاً جائزة" يعني إذا خرج واستقل، أما قبل ذلك
فيكون في حكم المزارعة، إذا عجز صاحبه عن سقيه يتركه
يموت؟ فإما أن يأجره بالدراهم والدنانير المعلومة نعم
أو يساقي على ذلك.
(124/16)
"قال مالك: لا تصلح المساقاة في شيء من
الأصول مما تحل فيه المساقاة إذا كان فيه ثمر قد طاب
وبدا صلاحه وحل بيعه" يعني المساقاة إنما تكون بين
المزارعة وبين ما يجوز بيعه، فيه زرع، وفيه ثمر، لكن
لم يبدو صلاحه؛ لأنه إذا لم يكن فيه زرع صارت مزارعة،
وإذا بدا صلاحه انتهى ما يساقى، خلاص انتهى الآن، إذا
جاز بيعه ما في مساقاة، وإنما ينبغي أن يساقى من العام
المقبل "وإنما مساقاة ما حل بيعه من الثمار إجارة؛
لأنه إنما ساقى صاحب الأصل ثمر قد بدا صلاحه" لماذا؟
لأنه الآن صارت أجرة معلومة، أمن العاهة، الزرع أمن
العاهة، وضمن المساقي وصاحب الزرع الثمرة، فصارت أجرة،
وليست مساقاة "لأنه إنما ساقى صاحب الأصل ثمراً قد بدا
صلاحه، على أن يكفيه إياه، ويجذه له، بمنزلة الدراهم
والدنانير يعطيه إياه، وليس ذلك بالمساقاة، إنما
المساقاة ما بين أن يجذ النخل إلى أن يطيب الثمر ويحل
بيعه" إلى أن يجذ النخل، إلى أن يطيب الثمر، يعني
يساقيه إذا جذ للمستقبل "إلى أن يطيب الثمر ويحل بيعه"
فيجوز ما بين الجذاذ إلى أن يجوز بيعه، قبل ذلك
مزارعة، وبعده؟ نعم؟
طالب: إجارة.
إجارة.
"قال مالك: ومن ساقى ثمراً في أصل قبل أن يبدو صلاحه
ويحل بيعه، فتلك المساقاة بعينها جائزة" في أصل قبل أن
يبدو صلاحه ويحل بيعه فتلك المساقاة بعينها جائزة،
فيها إشكال وإلا ما فيها إشكال؟ ما فيها إشكال.
(124/17)
"قال مالك: ولا ينبغي أن تساقى الأرض
البيضاء" يعني المزارعة "وذلك أنه يحل لصاحبها كراؤها
بالدنانير والدراهم وما أشبه ذلك من الأثمان المعلومة"
طيب والمساقاة ما تحل بالدراهم والدنانير؟ المساقاة،
لو كانت مساقاة بين الجذاذ وبين بدو الصلاح، مساقاة،
ألا يأتي ويقول: تعال واعمل لي بأجر قدره كذا وكذا،
إجارة بالدراهم والدنانير، شوف كيف التعليل عنده؟ "ولا
ينبغي أن تساقى الأرض البيضاء، وذلك أنه يحل لصاحبها
كراؤها بالدنانير والدراهم" ويعني الذي جعل المساقاة
جائزة عند مالك من خلال هذا الكلام أنه لا يحل كراؤها
بالدراهم والدنانير، هذا مفهوم كلامه، وما أشبه ذلك من
الأثمان المعلومة، لكن هل هذا مراد؟ هل هذا مراد أو
ليس بمراد؟ الذي يظهر أنه ليس مراد؛ لأن المساقاة كما
تجوز بالنسبة تجوز أيضاً بالدراهم والدنانير، وتكون
حينئذٍ إجارة وليست مساقاة؛ لأنها إذا صارت بالدراهم
والدنانير صارت أجرة وليست مساقاة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه بس أنها معلومة من جهة، ومجهولة من جهة، معلومة
بحيث لا يتضرر العامل في أثناء الزرع، نعم، ومجهولة من
حيث السنين، يعني مدة زرع كامل، هذا من هذه الحيثية لا
بد أن يكون معلوماً، أما إذا عمل لك شهرين ثلاثة، وبقي
على خروج الثمرة شهرين أو ثلاثة، تقول له: قف، نعم
يتضرر، لكن مجهولة ما ندري سنتين، ثلاث، عشر، هذا الذي
يظهر؛ لكي تكون الأمور واضحة بين الأطراف كلهم.
قال -رحمه الله-: "فأما الرجل الذي يعطي أرضه البيضاء
بالثلث أو الربع مما يخرج منها فذلك يدخله الغرر".
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
"وذلك أنه يحل لصاحبها كراؤها بالدنانير والدراهم، وما
أشبه ذلك من الأثمان المعلومة" لأنها إذا كانت
بالدراهم والدنانير على كل حال صارت إجارة، نعم حتى
المساقاة إذا كانت بالدراهم والدنانير ما تسمى مساقاة،
تسمى إجارة، وتجوز المساقاة بغير الدراهم والدنانير،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنها أجرة، ما دامت في الدراهم والدنانير فهي
أجرة، كراؤها يعني زرعها بالدراهم والدنانير، سيأتي
الكلام ما في كراء الأرض، يأتي كتاب كراء الأرض الذي
يليه، يأتي -إن شاء الله تعالى-.
(124/18)
قال -رحمه الله-: "فأما الرجل الذي يعطي
أرضه البيضاء بالثلث أو الربع مما يخرج منها، فذلك مما
يدخله الغرر؛ لأن الزرع يقل مرة، ويكثر مرة، وربما هلك
رأساً، فيكون صاحب الأرض قد ترك كراء معلوماً يصلح له
أن يكري أرضه به، وأخذ أمراً غرراً لا يدري أيتم أم
لا؟ فهذا مكروه، وإنما ذلك مثل رجل استأجر أجيراً لسفر
بشيء معلوم، ثم قال الذي استأجر الأجير: هل لك أن
أعطيك عشر ما أربح في سفري هذا إجارة لك، فهذا لا يحل
ولا ينبغي".
نفهم من كلام مالك أنه لا يجيز المزارعة؛ لأن المزارعة
تكون على الأرض البيضاء، ولا بد أن تكون بالدراهم
والدنانير، ولا يجوز بجزء ولو كان مشاعاً مما يخرج
منها؛ لأنه مجهول.
يعني شخص استأجر أجيراً ليدله الطريق، أو ليحمل معه
متاعه بدراهم معلومة، ودنانير معلومة، بمائة درهم
مثلاً، ثم قال في نصف الطريق: لماذا لا نلغي عقد
الإجارة، وأعطيك ربع الربح، معي بضاعة أنت تحملها لك
ربع الربح، نقول: هذه أجرة؛ لكنها مجهولة فلا تصح.
والإمام مالك -رحمه الله- ينظر المزارعة بهذا "هل لك
أن أعطيك عشر ما أربح في سفري هذا إجارة لك؟ فهذا لا
يحل ولا ينبغي" لأنه غرر بأجرة مجهولة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المضاربة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن عنده المضاربة ليست بأجرة، والمزارعة أجرة
بالدراهم والدنانير، والمضاربة لو كانت بدراهم ودنانير
ما صارت مضاربة، صارت أجرة إيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يقرب المضاربة من المساقاة، المضاربة من
المساقاة، يبعدها نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هو سيأتي في كراء الأرض؛ لأنه في أحاديث تمنع، أحاديث
صحيحة صريحة تمنع من كراء الأرض، ومن المزارعة
والمخابرة، كل هذا سيأتي، هو يوضح بعض غموض هذا الباب.
"قال مالك: ولا ينبغي لرجل أن يؤاجر نفسه ولا أرضه ولا
سفينته إلا بشيء معلوم لا يزول إلى غيره" يعني يتفقان
على شيء معلوم محدد بحيث لا يؤول الأمر إلى شقاق ولا
نزاع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
(124/19)
لنفسه وإلا لمصلحة البضاعة؟ للطرفين؟
لمصلحته هو وإلا لمصلحة الطرفين؟ لمصلحته هو لا يجوز
كما تقدم في كلام مالك، لكن لمصلحة الطرفين، لمصلحة
البضاعة يشترط مثلما اشترط مما ينفع الزرع من الاهتمام
بالمحظار، الاهتمام بالبئر وتنظيفه، لكن يشترط لنفسه
هو أو للبضاعة المشتراة؟ لمصلحة التجارة؟ إذا اشترط
لمصلحة الجميع ما في إشكال، وهذا تقدم في المضاربة.
"قال مالك: وإنما فرق بين المساقاة في النخل والأرض
البيضاء أن صاحب النخل لا يقدر على أن يبيع ثمرها حتى
يبدو صلاحها، وصاحب الأرض يكريها وهي أرض بيضاء لا شيء
فيها" يعني هناك بديل من المزارعة، لكن المساقاة ما في
بديل، لا بديل.
"قال مالك: والأمر عندنا في النخل أيضاً أنها تساقى
السنين الثلاث والأربع أو أقل من ذلك أو أكثر".
"قال مالك: وذلك الذي سمعت وكل شيء مثل ذلك من الأصول
بمنزلة النخل يجوز فيه لمن ساقى من السنين مثل ما يجوز
في النخل" يعني الأجل لا بد أن يكون معلوماً، ولو كان
مجهولاً من وجه، معلوم من وجه لا بد أن يكون معلوم من
وجه لا ضرر فيه على الطرفين، معلوم من وجه لا يكون فيه
ضرر على الطرفين، وإن كان مجهولاً في تمديده، في تمديد
هذه المدة المعلومة.
"قال مالك: في المساقي أنه لا يأخذ من صاحبه الذي ساقه
شيئاً من ذهب ولا ورق يزداده" ما يقول: نتفق على
المساقاة في هذه المزرعة، ولي مع النصف أو مع الثلث أو
مع الثلثين مائة دينار، أو ألف درهم "أنه لا يأخذ من
صاحبه الذي ساقاه شيئاً من ذهب ولا ورق يزداده، ولا
طعام ولا شيء من الأشياء لا يصلح ذلك، ولا ينبغي أن
يأخذ المساقى من رب الحائط شيئاً يزيده إياه" يعني لا
يأخذ لا رب الحائط ولا العامل المساقي "من ذهب ولا ورق
ولا طعام ولا شيء من الأشياء، والزيادة فيما بينهما لا
تصلح" لأن فيه ضرر على من يؤخذ منه المال؛ لأنه قد
يكون هذا المال المشترط أكثر من نصيبه فيتضرر.
(124/20)
"قال مالك: والمقارض أيضاً بهذه المنزلة لا
يصلح إذا دخلت الزيادة في المساقاة أو المقارضة صارت
إجارة" إذا دخلت الزيادة في المساقاة أو المقارضة صارت
إجارة "وما دخلته الإجارة فإنه لا يصلح ولا ينبغي أن
تقع الإجارة بأمر غرر" لأنه صارت إجارة، والإجارة صارت
بالدراهم المشروطة، وجزء من الزرع، وجزء من الثمرة، ما
هو في الأصل اشترط أن له الربع؟ فصاحب المزرعة له
الربع ومائة دينار، الآن ما صارت مساقاة هذه، صارت
إيش؟ إجارة، الإجارة معلومة وإلا مجهولة؟ بعضها معلوم
وبعضها مجهول، إذاً إذا ضممت المعلوم إلى المجهول صار
المجموع مجهول، وفيه غرر "ولا ينبغي أن تقع الإجارة
بأمر غرر لا يدري أيكون أم لا يكون؟ أو يقل أو يكثر؟
".
"قال مالك: في الرجل يساقي الرجل الأرض فيها النخل
والكرم، أو ما أشبه ذلك من الأصول، فيكون فيها الأرض
البيضاء" يعني فيها أصول، وفيها أرض بيضاء.
"قال مالك: إذا كان البياض تبعاً للأصل، وكان الأصل
أعظم ذلك أو أكثره" يعني اليسير يدخل في الأصل، ويثبت
تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، يعني إذا كان يسير عشرة
أمتار مثلاً بيضاء، أو ما أشبه ذلك، وأراد أن يحيها مع
ما يساقيه، فإن هذا لا يؤثر "وكان الأصل أعظم ذلك أو
أكثره فلا بأس بمساقاته، وذلك أن يكون النخل الثلثين
أو أكثر" النخل الثلثين أو أكثر، فجعل الثلث أو أقل من
الثلث يسير مما يعفى عنه في هذا الباب "ويكون البياض
الثلث أو أقل من ذلك" أو أقل من ذلك، لأن الحكم للغالب
والغالب هو الثلثان "وذلك أن البياض حينئذٍ تبع للأصل،
وإذا كانت الأرض البيضاء نخل أو كرم أو ما يشبه ذلك من
الأصول" والكرم معروف هو العنب.
(124/21)
"وإذا كانت الأرض البيضاء فيها نخل أو كرم
أو ما يشبه ذلك من الأصول، فكان الأصل الثلث أو أقل
والبياض الثلثين أو أكثر جاز في ذلك الكراء، وحرمت فيه
المساقاة" يعني جاز في ذلك الإجارة، ومنعت المساقاة؛
لأن الغالب معلوم، والمجهول معفواً عنه؛ لأنه يسير
"وذلك أن من أمر الناس أن يساقوا الأصل وفيه البياض،
وتكرى الأرض وفيها الشيء اليسير من الأصل" يعني الآن
يمكن أن تستأجر مثلاً بيت، وفيه عشر نخلات، أو فيه
نخلة أو نخلتين، ويقول لك صاحب البيت: لا تنس النخلات
تسقيها، فهذا السقي إنما هو تبع لإجارة البيت، واغتفر
فيه ما لا يغتفر فيما لو كان مستقلاً؛ لأنه يثبت تبعاً
ما لا يثبت استقلالاً "وتكرى الأرض وفيها الشيء اليسير
من الأصل، أو يباع المصحف أو السيف وفيهما الحلية من
الورق بالورق" مصحف فيه فضة، سيف فيه فضة يباع بالفضة،
لماذا؟ لأن هذه الفضة التي في السيف أو في المصحف شيء
يسير بالنسبة لوزنه "أو القلادة أو الخاتم وفيهما
الفصوص والذهب بالدنانير" وفيهما الفصوص والذهب
بالدنانير، على أنه يجب فصل مثل هذه القلادة والخاتم،
إذا بيعت القلادة من ذهب بذهب وفيها فصوص من غير
الذهب، وكذلك الخاتم يجب فصل وتخليص الذهب من هذه
الفصوص، والقصة منصوص عليها، ما تحتاج إلى اجتهاد،
منصوص عليها في الحديث، ولا تحتاج إلى اجتهاد.
"ولم تزل هذه البيوع جائزة يتبايعها الناس ويبتاعونها،
ولم يأت في ذلك شيء موصوف موقوف عليه إذا هو بلغه كان
حراماً" يعني ما فيه نسبة معينة إذا بلغه يكون حراماً،
المهم أن يكون أقل مما يجوز بيعه بجنسه، لكن المحقق ما
دل عليه النص في حديث القلادة، وأن فيها فصوص من غير
جنسها، وحينئذٍ يجب فصل هذه الفصوص؛ لأنه لا تتحقق
المماثلة إلا بإزالة هذه الفصوص، وتنحية هذه الفصوص من
هذه القلادة، والجهل بالتساوي عند أهل العلم كالعلم
بالتفاضل، والربا لا يجوز بحال من الأحوال، يسيره
وكثيره.
(124/22)
"ولم يأت في ذلك شيء موصوف موقوف عليه، إذا
هو بلغه كان حراماً، أو قصر عنه كان حلالاً، والأمر في
ذلك عندنا الذي عمل به الناس وأجازوه بينهم أنه إذا
كان الشيء من ذلك الورق أو الذهب تبعاً لما هو فيه جاز
بيعه، وذلك أن يكون النصل" يعني في المسحاة أو في
الفأس، نعم "أو المصحف أو الفصوص قيمته الثلثان أو
أكثر، والحلية قيمتها الثلث أو أقل" لأن الحكم للغالب،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نصل السهام، وأيضاً نصل المسحاة؛ لأن الذي يتصور فيه
عندنا نصل المسحاة، نعم أما نصل السهم ويش تتصور معه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه المصحف، المصحف مطلي بفضة، فهذا الطلاء لا يعادل
ثلث القيمة، السيف مقبضه من فضة، هذا المقبض لا يعادل
الثلث، يعفى عنه، لكن النصل إذا كان في مفرد في السهم،
ويش يصير؟ يعني في رأسه، على كل حال يرد هذا وهذا، إذا
كان نصل المسحاة الذي هو الخشبة، وهو معروف بهذا
الاسم، قيمته الثلث جاز ذلك عندهم، المقصود أن مثل هذا
يجوز تبعاً، هذا في غير المسائل الربوية، أما الربا
فلا يعفى عن شيء منه قل أو كثر.
ونقف على الشرط في الرقيق، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
(124/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(22)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف:
باب: الشرط في الرقيق في
المساقاة
قال يحيى: قال مالك: إن أحسن ما سمع في عمال الرقيق في
المساقاة يشترطهم المساقى على صاحب الأصل: إنه لا بأس
بذلك؛ لأنهم عمال المال، فهم بمنزلة المال، لا منفعة
فيهم للداخل إلا أنه تخف عنهم بهم المئونة، وإن لم
يكونوا في المال اشتدت مئونته، وإنما ذلك بمنزلة
المساقاة في العين والنضح، ولن تجد أحداً يساقى في
أرضين سواء في الأصل والمنفعة إحداهما بعين وإثنة ....
واثنة، واثنة.
واثنة غزيرة، والأخرى بنضح على شيء واحد لخفة مئونة
العين، وشدة مئونة النضح، قال: وعلى ذلك الأمر عندنا.
قال: والواثنة الثابت ماؤها التي لا تغور ولا ينقطع
ماؤها.
قال مالك: وليس للمساقى أن يعمل بعمال المال في غيره،
ولا أن يشترط ذلك على الذي ساقاه.
قال مالك: ولا يجوز للذي ساقى أن يشترط على رب المال
رقيقاً يعمل بهم في الحائط ليسوا فيه حين ساقاه إياه.
قال مالك: ولا ينبغي لرب المال أن يشترط على الذي دخل
في ماله بمساقاة أن يأخذ من رقيق المال أحداً يخرجه من
المال، وإنما مساقاة المال على حاله الذي هو عليه،
قال: فإن كان صاحب المال يريد أن يخرج من رقيق المال
أحداً فليخرجه قبل المساقاة، أو يريد أن يدخل أحد
فليفعل ذلك قبل المساقاة، ثم ليساقي بعد ذلك إن شاء.
قال: ومن مات من الرقيق أو غاب أو مرض فعلى رب المال
أن يخلفه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله-:
باب: الشرط في الرقيق في المساقاة
المساقاة: هي إعطاء الزرع أحداً يسقيه حتى يطيب ثمره،
ويجوز بيعه على جزء منه، بجزء منه، وقد تقدم الكلام
فيها، وفي شروطها.
(125/1)
"قال يحيى: قال مالك: إن أحسن ما سمع في
عمال الرقيق في المساقاة" هذه المزرعة التي يريد
صاحبها أن يعقد عقداً مع من يسقيه، يسقي الماء، ويتولى
الزرع حتى يطيب، حتى يطيب ثمره، هذا المال، هذه
المزرعة فيها عمال يشتغلون، رقيق، فيها عمال، وفيها
آلات، وفيها مراش، هؤلاء العمال يقول مالك: "إن أحسن
ما سمع في عمال الرقيق في المساقاة يشترطهم المساقى
على صاحب الأصل إنه لا بأس بذلك" يشترطهم يشترط بقاءهم
على صاحب الأصل، على صاحب المزرعة، يقول: لا مانع أن
أشتغل، وأسقي وأعمل في هذه المزرعة على أن تبقي هؤلاء
العمال، وتبقي هذه الآلات "لا بأس بذلك؛ لأنهم عمال
المال، فهم بمنزلة المال، لا منفعة فيهم للداخل" ماذا
يستفيد هذا الداخل من هؤلاء الرقيق؟ لا يستفيد إلا أنه
تخف عنه بهم المئونة، يعني بدل من أن يشتغل في المال
خمسة عشر ساعة، وعنده عمال يشتغل عشر ساعات، تخف
المئونة عنه، "إلا أنه تخف عنه بهم المئونة" وإلا ما
له مصلحة من بقائهم، قد يقول قائل: إنه يستفيد منهم
غير هذه المئونة، قد تكون المزرعة في مكان خارج البلد،
وهذا المزارع المساقى يخاف على نفسه، فوجود هؤلاء
العمال لا شك أنه مصلحة له، وقد تنقلب هذه المصلحة إلى
مفسدة، يقول: أنا بمفردي أغلق الباب علي أفضل من أن
يكون عندي عمال ورقيق ما أدري ويش خلائقهم وطباعهم؟ قد
يهجمون علي ليلاً، وقد يكون .. ، نعم المقصود أن
المنظور من هذه الأمور هو خفة المئونة، أما المصالح
والمفاسد المتوقعة والمترقبة إن كان قد استحضرها وقت
العقد، وهو يعرف من حاله ومن طبعه أنه رجل يخاف، لا
سيما في الليل، وهؤلاء يؤنسونه، وقد يحرسونه، هذه
مصلحة، لكن لا أثر لها في العقد، غير منظور لها في
العقد؛ لأنها لا تكلف شيئاً، ولا ارتباط لها بما ابرم
العقد من أجله.
"لا منفعة فيهم للداخل إلى أنه تخف عنهم بهم المئونة،
وإن لم يكونوا في المال اشتدت مئونته" اشتدت مئونته،
وقلنا: إنه بدل من أن يعمل عشر ساعات مع وجودهم لا بد
أن يعمل خمسة عشرة ساعة مع عدمهم، "وإن لم يكونوا في
المال" يعني إن لم يوجدوا في المال "اشتدت مئونته".
(125/2)
"وإنما ذلك بمنزلة المساقاة في العين
والنضح" العين والنضح، يعني فرق بين مزرعة تسقى
بالعيون التي تفور، بالعيون التي تفور وتملأ الخوابي
والسواقي والروابي، هذه لا شك أنها أنفع من العين التي
تسقى بالنضح، بالإبل، ينضح بها الماء من الآبار، هذا
يحتاج إلى تعب، وليس في القوة مثل ما في العيون.
"وإنما ذلك بمنزلة المساقاة في العين والنضح" لا شك أن
ما كان يسقى بالعين تخف مئونته على العامل المساقى،
وما سقي بالنضح تزيد مئونته "ولن تجد أحد يساقى في
أرضين سواء في الأصل والمنفعة إحداهما بعين واثنة
غزيرة" لا تنقطع، دائمة، تجري من غير نضح، ومن غير
استقاء "والأخرى بنضح شيء واحد" ما تجد أحد يقبل هذه،
كما يقبل هذه، على حد سواء؛ لأنه ينظر في أتعابه، فإذا
كانت العين تفور، ومتى ما سقت سكر الحنفية وانتهى،
وإذا أراد أن يسقي فتح هذا المغلق فجاءت عيناً معيناً
تسقي الأقاصي والأداني، هذه تختلف عن المزارع التي
تسقى بالنضح سقيها ضعيف بالنسبة للعيون.
"والأخرى بنضح شيء واحد" ما يمكن أن يأخذ هذه على
النصف وهذه على النصف؛ لأنه يتعب في هذه أكثر من هذه؛
لخفة مئونة العين، ما تحتاج شيء، لو بئر ارتوازي، وفيه
مواصير، وفيه أغلاقه، هذا أسهل بكثير من الآبار التي
يستنبط منها الماء، ويستخرج بالنواضح، فضلاً عن
الدلاء، يعني ما كان ما في ناضح، ما في إبل يستقى
عليها، ما فيه إلا أرشية ودلاء، يقبل العامل يأخذها
مثل ما يأخذ التي بالعين المعينة؟ يقبل؟ لا، يعني هذه
ما تكلفه ولا عشرة بالمائة من الأخرى.
"وشدة مئونة النضح، قال: وعلى ذلك الأمر عندنا".
قال: "والواثنة الثابت ماؤها التي لا تغور ولا تنقطع"
يعني معين دائم.
"قال مالك: وليس للمساقى أن يعمل بعمال المال في غيره"
هذه المزرعة ساقى عليها بالنصف مما يخرج منها، وفيها
عشرة من الرقيق، وهؤلاء العشرة يعملون فيها من صلاة
الفجر إلى الظهر، وبعد ذلك يكون عندهم فراغ لكثرتهم،
يقول مالك: "وليس للمساقى أن يعمل بعمال المال في
غيره" ما يقول: والله أنتم عندكم فراغ الظهر والعصر
خلونا نتلفت لنا شغل نستفيد منه، ما يمكن.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(125/3)
الآن هذا المزارع ويش علاقته بالرقيق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يقول: وليس للمساقي أن يعمل بعمال المال في
غيره، مصلحته هو، ما هو بماله هو، أمرهم إلى سيدهم،
هؤلاء الرقيق أمرهم إلى سيدهم، ليس للمساقى أن يعمل
بهم في غير المال.
"ولا أن يشترط ذلك على الذي ساقاه" ما يقول: أنا أشتغل
مع هؤلاء الرقيق إلى آذان الظهر، وهذا كافي للمزرعة،
وبعد ذلك يشوف نتلفت لنا شغل، هذا شرط في العقد، يقول
الإمام مالك: "وليس له أن يشترط ذلك على الذي ساقاه"
إن اشترط؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه ليس له.
قال مالك: "ولا يجوز للذي ساقى أن يشترط على رب المال
رقيقاً يعمل بهم في الحائط ليسوا فيه حين ساقاه"
العمال الذين تقدم ذكرهم هم في المزرعة قبل عقد
المساقاة، فيستمر الأمر على ما كان عليه قبل ذلك، لكن
مزرعة ما فيها عمال، ولا فيها رقيق، فأراد المساقى أن
يحضر رب المزرعة عمال يساعدونه، فاشترط عليهم عمال،
اشترط على صاحب المزرعة عمال.
يقول مالك: "ولا يجوز للذي ساقى أن يشترط على رب المال
رقيقاً يعمل بهم في الحائط، ليسوا فيه حين ساقاه إياه"
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ترى هذا الكلام بعد عقد المساقاة، أما قبل العقد
نعم قبل العقد ليسوا فيه حين ساقاه إياه.
قال مالك: "ولا ينبغي لرب المال أن يشترط على الذي دخل
في ماله بمساقاة أن يأخذ من رقيق المال أحداً يخرجه من
المال" رب المال وضع عشرة من الرقيق، ولما انتهى العقد
أخذ واحد، قال: العشرة كثير، واحد نجعله في المحل.
يقول: "ولا ينبغي لرب المال أن يشترط على الذي دخل في
ماله بمساقاة أن يأخذ من رقيق المال أحداً يخرجه من
المال، وإنما مساقاة المال على حاله الذي هو عليه"
يبين ذلك قوله: "فإن كان صاحب المال يريد أن يخرج من
رقيق المال أحداً فليخرجه قبل المساقاة" يعني قبل
العقد "يخرجه قبل المساقاة" يعني قبل عقدها "أو يريد
أن يدخل فيه أحداً فليفعل ذلك قبل المساقاة" يعني قبل
العقد، وأما بعد العقد فلا يتصرف لا المساقي ولا
المساقى، خلاص يبقى كل شيء على ما اتفقا عليه "ثم
ليساقي بعد ذلك إن شاء".
(125/4)
قال: "ومن مات من الرقيق أو غاب أو مرض
فعلى رب المال أن يخلفه" مات واحد من العشرة يأتي
ببديل؛ لأن العقد إنما تم على عشرة، فإذا مات واحد
منهم يخلفه فيأتي بغيره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا لم يخلفه ولم يرض المساقاة هو بالخيار؛ لأنه أقدم
على وصف معين تخلف هذا الوصف، نعم.
أحسن الله إليك.
كتاب: كراء الأرض
باب: ما جاء في كراء الأرض
حدثنا يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن
حنظلة بن قيس الزرقي عن رافع بن خديج أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- نهى عن كراء المزارع.
قال حنظلة: فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق، فقال:
أما بالذهب والورق فلا بأس به.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سألت سعيد بن
المسيب عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس به.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله
بن عمر عن كراء المزارع، فقال: لا بأس بها بالذهب
والورق، قال ابن شهاب: فقلت له: أرأيت الحديث الذي
يذكر عن رافع بن خديج؟ فقال: أكثر رافع، ولو كان لي
مزرعة أكريتَها.
أكريتُها.
عندي بالفتح يا شيخ.
أكريتُها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف تكارى
أرضاً، فلم تزل في يديه بكراء حتى مات، قال ابنه: فما
كنت أراها إلا لنا ....
أُراها، أُراها.
فما كنت ...
أُراها، يعني أظنها.
أُراها إلا لنا من طول ما مكثت في يديه، حتى ذكرها لنا
عند موته، فأمرنا بقضاء شيء كان عليه من كرائها ذهب أو
ورق.
حدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يكري
أرضه بالذهب والورق.
وسئل مالك عن رجل أكرى مزرعته بمائة صاع من تمر، أو
مما يخرج منها من الحنطة، أو من غير ما يخرج منها،
فكره ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: كراء الأرض
المساقاة التي تقدمت في مزرعة قائمة، والعقد على إتمام
هذا الزرع حتى يثمر، ويطيب الثمر ويجذ، والكتاب هذا
كراء الأرض البيضاء، فشخص عنده أرض بيضاء يعرضها على
من يزرعها له بنسبة معينة، النهي عن ذلك ثابت
بالأحاديث الصحيحة من حديث رافع بن خديج وغيره، والإذن
فيها أيضاً ثابت.
(125/5)
أما كراؤها بالذهب والورق فلا إشكال فيه،
ولا خلاف فيه، وكراؤها بجزء مما يخرج منها هذا هو محل
الخلاف، وفيه وردت الأحاديث المتعارضة.
من أهل العلم من يرى أن أحاديث المنع محمولة على ما
كان عليه الأمر أولاً، يعني لما هاجر المهاجرون من مكة
إلى المدينة، والأنصار عندهم أراضٍ، وعندهم الأراضي
البيضاء، والمهاجرون ليس لهم أراض؛ لأنهم طارئون على
هذه الأرض، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل نهى
عن كراء الأرض إرفاقاً بالمهاجرين؛ لأن من كانت عنده
أرض زائدة لا يمنع أن يعيرها أخاه يزرعها ويستفيد منها
بدلاً من أن هي جالسة للشمس، فالنبي -عليه الصلاة
والسلام- يريد الإرفاق بالمهاجرين، ونفع المهاجرين، ثم
بعد ذلك أذن بكراء الأرض، منهم من يحمل النهي على هذا،
من أجل أن يستفيد المهاجرون من هذه الأراضي البيضاء
التي لا يستفاد منها من غير مقابل.
لما تحسنت أحوال المهاجرين أُذن بالكراء، فعلى هذا
تكون أحاديث النهي منسوخة، ومن أهل العلم من يحمل
النهي على حال، ويحمل حديث الإذن على حال، وجاء
التعليل في الأحاديث الصحيحة أنه قد يخرج هذا ولا يخرج
هذا، ويخرج هذا ولا يخرج هذا، فيتضرر أحدهم، وفي هذا
إشارة إلى أن الممنوع أن يتفق بين صاحب الأرض ومن يريد
العمل فيها على جزء معين من الأرض لأحدهما، ويكون
الجزء الآخر للآخر؛ لأنه هو الذي فيه الإحتمال أن يخرج
هذا ولا يخرج هذا، يشترط رب الأرض أن يكون له ما حول
الجداول والماذيانات التي قريب من الماء، والأطراف
للعامل، أو العكس إحتمال أن لا تخرج الأطراف، ولا يخرج
إلا ما حول الماء، واحتمال أن تزهو الأطراف؛ لأن الماء
الذي يأتيها بقدر الحاجة، وما حول الجداول والماذيانات
يغرق، ويكثر عليه الماء فيتضرر، فيخرج هذا ولا يخرج
هذا، فيتضرر أحدهما دون الآخر، وعلى هذا تتنزل أحاديث
المنع.
(125/6)
لو افترضنا أن هذه أرض مساحتها عشرة آلاف،
عشرين ألف لزيد من الناس، فجاء إلى عمرو فقال: هذه
الأرض جالسة وأنت جالس ما عندك عمل، وعندك خبرة
بالزراعة، لماذا لا نتفق على أن تعمل في هذه الأرض،
ويكون لك نصيب من ريعها، ولنا النصيب الآخر على أن
يكون لي الجهة الغربية، أو الجهة الشمالية، أو
الشرقية، أو نحو ذلك، ولك الباقي؟ أو يشترط العامل جهة
من الجهات معينة مثل هذا عليه تتنزل أحاديث المنع؛
لأنه لو اشترط الجهة الشمالية وقدر الله -جل وعلا-
أنها ما أنتجت شيئاً يتضرر، بينما الإنتاج كله في
الجهة الجنوبية أو العكس، فيتضرر أحدهما إما العامل أو
رب الأرض، والشرع يلاحظ مصالح الجميع، لا يكون ربح
صاحب الأرض على حساب العامل ولا العكس، لكن إذا قال:
تعمل في هذه الأرض المعروفة الحدود على أن يكون لك
النصف مما تخرج ولي النصف، هل يتضرر أحدهما بكون الجزء
الشمالي ما أنتج دون الآخر؟ ما يتضرر، يكون الربح
والغنم والغرم على حد سواء، لو قدر أنها كلها ما أنتجت
شيء، يتضرران جميعاً، وإذا قدر أنها أنتجت أضعاف ما
يتوقع إنتاجه يربحون جميعاً، ولكن لا يكون ربح أحدهما
على حساب الآخر، وعلى هذا تتنزل أحاديث الإذن بكراء
الأرض، وعلى هذا أحاديث الإذن تتنزل، فإذا علم علمت
النسبة لا بد أن تعلم النسبة، أن يكون لك النصف،
الثلث، الربع، لا مانع، لكن أن هذا الجزء المعلوم
نسبته مشاع، لا يكون محدد المكان، إنما يكون مشاعاً في
الأرض بحيث إذا جاء الجذاذ وجذت وحصدت الزروع، وصفيت
وبيعت يقتسمان القيمة، أو يقتسمان النتاج قبل بيعه،
على ما يتفقان، المقصود أنه لا يتضرر أحدهما على حساب
الآخر، ولا ينتفع الثاني على حساب صاحبه، وإنما يكون
النفع مشاع، والوضيعة مشاعة بينهم.
باب: ما جاء في كراء الأرض
الكراء: التأجير، والتأجير إنما يكون بالذهب والورق،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الذي ملك الأرض ملكها بماله أو بالإقطاع؟ لا بماله
ليس لأحد كلام، هو حر في ماله، يتصرف فيه كيف يشاء.
(125/7)
أما إذا ملكها بالإقطاع والإقطاع لا يملك
إلا بالإحياء، ومسألة الهبة من ولي الأمر لهذه الأراضي
لا يثبت الملك التام إلا بالإحياء، وأما مجرد الهبة
والعطية من ولي الأمر إنما تفيد الاختصاص، فله أن
ينزعها متى شاء، أما أن يفرض عليه أموال وضرائب فلا.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال، إما أن يأجرون بالذهب والدنانير بالذهب
والورق، وقد يكون من باب المشورة عليهم، والمهاجرون
مضطرون إلى هذا الأمر، تركوا ديارهم وأموالهم لله، لا
بد من التعويض، فلا يمكن أن يقاس عليهم غيرهم، وإذا
نسخ هذا الحكم انتهى ما يبقى حكم، يعني هذا كان في أول
الأمر.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما يلزم أحد بغير ما يلزمه بالشرع، أبداً، ولا
يتدخل في أموال الناس الخاصة، إلا إذا اقتضته المصلحة
العامة، هذا شخص عنده أرض اقتضت المصلحة العامة أن
تكون مسجد، ولا يوجد غيرها، ولا أنسب منها، أو مقبرة،
أو شارع يوسع للمسلمين، هذا كله لولي الأمر أن يتصرف،
أما ما عدا ذلك فلا.
يقول -رحمه الله-: "حدثنا يحيى عن مالك عن ربيعة بن
أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي عن رافع بن
خديج أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن كراء
المزارع" وهذا يرد فيه ما قلناه، أولاً: من أن هذا كان
العمل عليه في أول الأمر؛ لما هاجر النبي -عليه الصلاة
والسلام- وصحابته الكرام من مكة إلى المدينة، فمن باب
الإرفاق بالمهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم لله
-عز وجل- يعوضون بمثل هذا، فلا تكرى المزارع عليهم،
وإنما يعملون بها، بدون مقابل، وهذا من باب التعاون
على البر والتقوى، أو يقال: إن النهي يتجه إلى ... ،
أن النهي يتجه ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على الصورة الممنوعة، وأن يكون جزء معلوم المكان، محدد
المكان، وإليه تشير الروايات التي في بعضها أنهم كانوا
يشترطون ما كان على الجداول والماذيانات، فنهى عن كراء
المزارع؛ لأنه قد ينتج هذا، ولا ينتج هذا، فيتضرر
أحدهما دون الآخر.
قال حنظلة ....
طالب: الآن إذا عرف أن لهذا الحديث أطراف أخرى، بينت
هذه الصور التي أرادها رافع، ما الداعي لحملها على
النسخ إلا لمن لم تبلغه تلك الروايات.
(125/8)
إيه هذا قول من أقوال أهل العلم، لا بد من.
. . . . . . . .، إيه، لا بد من ذكره.
"قال حنظلة: فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق، فقال:
أما بالذهب والورق فلا بأس به" الذهب والرق أجرة،
إجارة هذه، وليس فيها غرر على أحد، أجرة العامل يأخذ
بالشهر كذا، أو بالسنة كذا، من الذهب أو الورق، لا أحد
يمنعه؛ لأن هذه إجارة، ومعلومة المقدار، قد يقول قائل:
إنه بالذهب والورق يأتي الغرر أيضاً، قد لا تخرج هذه
المزرعة شيء، فيتضرر رب المال الذي دفع الأرض ودفع
الأجرة، نعم المقصود أنه أجرة عمله، أجرة عرقه مقابل
تعبه، ولا يبخس منه شيء، وهم على شروطهم، وعلى ما
اتفقا.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سألت سعيد بن
المسيب عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به"
لا إشكال في هذا، اللهم إلا على القول الأول، وأن
النهي عن الكراء للإرفاق بالمهاجرين، فيدخل فيه أيضاً
الذهب والورق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، تأتي بعامل ليعمل لك هذا العمل براتب شهري قدره
ألف ريال، وتقول له: على كل قطعة تنتجها ريال، نعم
تأتي بمجلد تعطيه راتب ألف ريال، وتقول: لك على كل
مجلد ريال، هذا الذي تريده؟
هذا من أجل الحث على كثرة العمل، ومتابعة الإنتاج، وهو
من مصلحة العامل، ومن مصلحة صاحب العمل؛ لأنه إذا
قلنا: له الراتب فقط، ما يجتهد مثل اجتهاده لو قيل له:
لك على كل مجلد كذا، لكن ما المانع أن لا يجمع بينهما؟
يقول له: لك على كل مجلد تجلده ريالين، هذه أجرتك، ما
في ما يمنع أبداً بدون أجرة، لكن الجمع بينهما؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا واضح، هذه المهنة واضحة، تأتي بمجلد راتبه ألف،
ولا تعطيه على كل مجلد ريال، كم ينتج لك بالشهر؟ مائة
مجلد مثلاً صح؟ مائة مجلد في الشهر، من ثلاثين بثلاثة
آلاف، يأخذ ألف هو، والمحل يبي ألف، وكهرباء وتلفون،
ويش يصفى لصاحب العمل؟ لكن لو قال له: هذا ألف شهري،
وعلى كل مجلد ريال يبي ينتج كم؟ مائتين، بدل مائة،
فكلهم يستفيدون، ولا شك أن هذا من باب التشجيع له، ما
أرى ما يمنع من هذا أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
(125/9)
أقول: ما أرى ما يمنع من هذا -إن شاء الله
تعالى-، الأسئلة كثيرة جداً، فلعلنا ننهي الباب، ونعود
إلى الأسئلة.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله
بن عمر عن كراء المزارع، فقال: لا بأس بها بالذهب
والورق، قال ابن شهاب: فقلت له: أرأيت الحديث الذي
يذكر عن رافع بن خديج" النهي عن كراء المزارع الحديث
الأول "يذكر عن رافع بن خديج؟ فقال: أكثر رافع" يعني
أكثر من ذكر الروايات التي تدل على المنع.
"قال ابن شهاب: فقلت له: أرأيت" وسالم بن عبد الله أحد
الفقهاء السبعة "أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع بن
خديج، فقال: أكثر رافع، ولو كان لي مزرعة أكريتها"
يعني بجزء مشاع، مما يخرج منها بجزء معلوم النسبة،
مشاع المكان، مشاع الجهة، لا مانع من ذلك على ما تقدم
ذكره "ولو كان لي مزرعة أكريتها" هل هذا معاندة للحديث
"نهى عن كراء المزارع"؟ لو كان لي مزرعة أكريتها، رافع
بن خديج يقول: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن
كراء المزارع، وسالم يقول: لو لي مزرعة أكريتها؟ نعم؟
لا شك أنه حمل النهي على صورة لا يريد مخالفته، وإنما
ينوي عمل عملاً لا يخالف النهي، على ما تقدم تقريره.
"وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف" أحد
العشرة المشهود لهم بالجنة "تكارى أرضاً، فلم تزل في
يديه بكراء حتى مات" تكارى أرضاً، يعني أخذها بجزء مما
يخرج منها، مكثت في يديه حتى مات، كراء مزارعة.
"قال ابنه: فما كنت أراها إلا لنا" يعني ما كنت أظنها
إلا أنها لنا، ما كنت أظنها إلا أنها لنا، يعني ما
يدري أنها بكراء لطول المدة، يعني منذ ولد وهي بين
أيديهم، يعني مثل بيت الصبرة، إن كان تعرفون الصبرة،
بيت يؤجر مائة سنة، كل سنة بكذا، الأولاد عاشوا ومات
الجيل الأول والثاني، الثالث ما يدرون، يحسبونها لهم؛
نعم لأنهم عاشوا وعاش آباؤهم وأجدادهم في هذا البيت،
فهم يظنون أنها لهم لطول المكث فيها، وهي في الحقيقة
بأجرة، لكنها طويلة الأمد، وكانت هذه معمول بها في
نجد، وفي غيره، اللي هي الأجرة طويلة الأمد.
(125/10)
"قال ابنه: فما كنت أراها إلا لنا من طول
ما مكثت في يديه حتى ذكرها لنا عند موته" لكن المزرعة
ما هي مثل البيت، البيت قد تكون الأجرة أمرها يسير،
خفي يخفى على الأولاد، إذا حلت ذهب بها وأعطاها
صاحبها، لكن هذه مزرعة، يبي يجذ النخل، ويحصد الزرع،
ويقسم قسمين، وهذا لرب المال، فلا بد أن يطلعوا عليه،
نعم، فرق بينها وبين الأجرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كثرة أمواله تغطي على هذا الأمر "من طول ما مكثت
في يديه" ... أو لصغر سن الولد، بحيث لا يطلع على هذه
الأمور "من طول ما كثت في يديه حتى ذكرها لنا عند
موته" عند موته، قال: ترى الأرض ليست لنا، والمزرعة
ليست لنا، وإنما في يدي مزارعة.
"فأمرنا بقضاء شيء كان عليه من كرائها ذهب أو ورق"
يعني كأنهم استأجروها، لا بجزء مما يخرج منها، إنما
استأجرها بالذهب والورق، تكارى أرضاً يعني بالأجرة
بالمال، يدل على ذلك قوله: "فأمرنا بقضاء شيء كان عليه
من كرائها ذهب أو ورق" ولا يمنع أن يكون كراؤها بجزء
مما يخرج منها، وقال له صاحب الأرض: إن بعت نصيبك فبع
نصيبي، أو شيء منه معه، وبقي عليه قيمة هذا المبيع دين
في ذمته، ثم بعد ذلك قضاه عند موته، أوصى بقضائه.
"وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن كان يكري
أرضه بالذهب والورق" عروة بن الزبير وهو أيضاً من
الفقهاء، يكري أرضه بالذهب والورق، والذهب والورق لا
إشكال فيه، ولا خلاف فيه.
"وسئل مالك عن رجل أكرى مزرعته بمائة صاع من تمر، أو
مما يخرج منها من الحنطة، أو من غير ما يخرج منها فكره
ذلك" أليست المائة صاع بمنزلة عشرة دنانير مثلاً أو
مائة درهم؟ نعم؟
طالب: بلى.
إن كانت مما يخرج منها فيها الغرر، قد لا تخرج، قد لا
تخرج مائة صاع، أو قد لا تخرج إلا هذه المائة، فيذهب
نصيب العامل هدر، فكره مالك ذلك "أو مما يخرج منها من
الحنطة، أو من غير ما يخرج منها" يعني يشتري له مائة
صاع من برع، وحينئذٍ قد يقول قائل: إنه لا فرق بين هذه
المائة التي تشترى من برع وبين الذهب والورق.
(125/11)
يعني هل هذا يتنزل منزلة الصور المباحة
والممنوعة؟ الإمام مالك كره ذلك، وقلنا: إن كان يخرج
منها فالغرر حاصل، وإن كان من غير ما يخرج منها بمنزلة
الذهب والورق، الإمام مالك كره ذلك -رحمه الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
لأحاديث المنع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، وأحاديث ترى المزارعة والمخابرة والمخاضرة
والمساقاة ترى شائكة، لكن خلاصة ما يقال فيها مثل ما
ذكرنا، وعليها تتنزل الأحاديث، ويمكن اجتماعها
والتئامها.
طالب: يفرق بين المزارعة والمخاضرة أحسن الله إليك؟
المخاضرة والمزارعة بمعنى واحد.
يقول هذا: السفتَجة أو السُفتجة هي أن يعطي مالاً لآخر
مع اشتراط القضاء في بلد آخر، والقصد الأساسي منها
ضمان خطر الطريق؛ لأنه يدفعه على سبيل القرض لا على
سبيل الأمانة؟
إن دفعه على سبيل القرض لا على سبيل الأمانة فإن هذا
القرض جر نفعاً، والنفع هو أمن الخوف المتوقع من
الطريق.
يقول: حكم السفتجة هذه القول الأول: عدم جوازها، وهي
رواية عن أحمدـ وكرهها الحسن وجماعة ومالك والأوزاعي
والشافعي.
القول الثاني: جوازها وهو قول علي وابن عباس والحسن بن
علي وابن الزبير وابن سيرين وعبد الرحمن بن الأسود
وأيوب والثوري وإسحاق.
أدلة المانع: أنها من قبيل القرض الذي يجر المنفعة.
مناقشة الدليل: وقد نوقش الدليل بأن الحديث لم يصح،
حديث: ((كل قرض جر نفعاً فهو ربا)) لكن الإجماع قائم
على مفاده، وأن معناه وإن كان صحيحاً فإن المراد به
الزيادة المالية، لا مجرد الإنتفاع بسبب القرض، فإنه
لا يوجد قرض إلا ويراد به نفع ما، ويجر منفعة كانتفاع
المسلف بتضمين ماله.
لا هو المنظور إليه انتفاع المقترض، وهذا لا يؤثر.
ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((السفتجة
حرام)) هذا الحديث لا يصح فقد أعل بعمرو بن موسى بن
وجيه، ضعفه البخاري والنسائي وابن معين.
(125/12)
أدلة المجوز: استدل المجوز بما روي عن عطاء
بن أبي رباح أن عبد الله بن الزبير كان يأخذ من قوم
مكة دراهم، ثم يكتب بها إلى مصعب بن الزبير في العراق
فيأخذونها منه، فسئل ابن عباس عن ذلك فلم ير به بأساً،
فقيل له: إن أخذوا أفضل من دراهمهم؟ فقال: لا بأس إذا
أخذوا بوزن دراهمهم، وروي أيضاً مثل هذا عن علي بن أبي
طالب، فهؤلاء ثلاثة من الصحابة قد أجازوا ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصحيح الجواز؛ لأن
المقرض رأى النفع بأمن خطر الطريق في نقل دراهمه إلى
ذلك البلد، وقد انتفع المقترض أيضاً بالوفاء في ذلك
البلد، وأمن خطر الطريق، فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض،
والشارع لا ينهى عن ما ينفعهم ويصلحهم.
أما إذا اشترط المقترض أن يكون السداد في بلد آخر، وله
مصلحة من هذا الشرط، لا شك أنه بسبب القرض، وقد جر هذا
القرض النفع.
يقول هذا: يستدل الذين يجيزون المشاركة بالأسهم
المختلطة بقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
وَحَرَّمَ الرِّبَا} [(275) سورة البقرة] فقوله: حرم
الربا، المقصود حرم الزيادة، والعقد صحيح، وهذا قول
الحنفية، فهل هذا الإستدلال صحيح أرجو التفصيل؟
(125/13)
القول ليس بصحيح؛ لأن الإقدام على عقد
الربا إقدام على حرب الله ورسوله، وإذا أمكن أن يتخلى
موكل الربا، أو آكل الربا، إذا أمكن أن يتخلى عن
اللعن، فكيف يتخلى ويتنصل الكاتب والشاهدان؟ افترضنا
أن هذا عقد ربا، فيه آكل، وفيه موكل، وفيه شاهدين
وكاتب، كلهم ملعونون، إذ قال آكل الربا: آخذ الزيادة،
أنا لا أريد الزيادة، الربا المقصود به الزيادة، وأنا
لا آكل الزيادة، يسلم من اللعن أو لا يسلم؟ إذا سلم
كيف يسلم الشهود والكاتب؟ فدل على أن التحريم عائد إلى
ذات العقد، وإلا لو كان التحريم لمجرد الأكل والتأكيل،
اتجه اللعن إليهما فقط، لا إلى الكاتب والشاهدين، فإذا
أدخل الكاتب والشاهدان في اللعن دل على أن اللعن حل
وقت العقد، بغض النظر عن كونهم تنازلوا عن الزيادة، أو
لم يتنازلوا، لكن لو أقدموا على هذا العقد المحرم، ثم
تابوا بعد ذلك، تابوا وأنابوا، الشاهد تاب عن الشهادة،
والكاتب تاب عن الكتابة مرة ثانية، وصاحب الربا الذي
يريد أن يوكله قال: لا أريده، أكتفي برأس المال، من
تاب تاب الله عليه، لكن الإنسان يقدم على العقد
المحرم، لا شك أنه لا يجوز.
يقول: ما حكم من أخذ مالاً من صراف بنك ربوي، مع العلم
أنه أخذ ببطاقة الصراف لبنك غير ربوي؟
على كل حال العمليات هذه إذا كانت من بنك إلى آخر،
وحسابك ليس في البنك الذي له الصراف، هو يأخذ على كل
عملية دولار، أربعة إلا ربع، يأخذها من البنك الثاني،
وأنت بهذا تكون قد تعاونت معهم على هذا الإجراء
المحرم.
هذا يقول: هل للمقاطعة أصل شرعي؟ وهل تنطبق في وقتنا
هذا؟
نعم، إذا كان في المقاطعة نكاية في من ارتكبوا هذا
العمل الشنيع فلا أقل منها.
يقول: إذا أعطى رجل لآخر سلعة ليبيعها له، وقال: بعها
بكذا وكذا، ولم يجعل له جعلاً ولا أجرة، وباعها الثاني
بأكثر من السعر، فماذا يفعل بالمبلغ الزائد؟
المبلغ الزائد لرب السلعة، لصاحب السلعة، وله أجرة
المثل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هي معلومة، يمكن ما يطلع من المزرعة إلا مائة
صاع كلها، معلومة النسبة مجهولة المقدار، مجهولة
المكان، إذا قال: مائة صاع معناه أنه يمكن ما تطلع
المزرعة إلا مائة صاع فقط.
طالب:. . . . . . . . .
(125/14)
أما بالدراهم والدنانير فهذا أمر متفق
عليه، أنت افترض أنه غير زرع، وغير ذهب ودنانير، قال:
أنا أريد تعمل لي في هذه المزرعة، ونصيبي منها أي
بضاعة أخرى، يعني إما أن تكون الكسوة طول العام لي
ولأولادي عليك، ويحددون الكسوة في الشتاء كذا، وفي
الصيف كذا، هل نقول: إنها مثل الدراهم والدنانير؟
الأسئلة كثيرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني بالصورة القائمة الآن، الشهر هذا لفلان والثاني
لفلان، ما أرى ما يمنع منها -إن شاء الله تعالى-، هي
ليست عقود معاوضة.
يقول: هل المراد بالإجارة بالذهب والورق لصاحب الأرض
أي تدفع له الإجارة، أم لصاحب العمل لعمله؟
يعني هل المقصود بالذهب والفضة أن صاحب الأرض يأخذ ذهب
وفضة، في مقابل المزرعة؟ يعني بدلاً من أن يأخذ من
ثمرها شيء، أو أن العامل يعمل فيها بالذهب والفضة؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ لمن؟ للعامل؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، حديث عبد الرحمن بن عوف هو الذي يدفع؛ لأنه أوصى
بأن تدفع لصاحب الأرض، أن يدفع لصاحب الأرض الذهب
والفضة.
طالب: ما يستفيد العامل لو دفع؟
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يستفيد الثمرة كلها.
طالب: ما اشترط عليه الثمرة، الثمرة لصاحب الأرض.
لا، إذا قلنا: إن عبد الرحمن بن عوف استأجرها بالذهب
والفضة فالثمرة له.
طالب:. . . . . . . . .
هم كلامهم في هذه المسألة طويل، منهم من يشترط أن يكون
المئونة على العامل؛ ليكون من صاحب الأرض الأرض، ومن
العامل المئونة، ومنهم من يشترط العكس، أن العامل لا
يأتي إلى بعمله فقط، والبقية كلها على صاحب الأرض، مثل
ما قالوا في المضاربة: إن أجرة العامل أو ما يحتاجه
العامل من سكن وملبس إذا كان في غير بلده على صاحب
المال، فالمسألة تحتاج إلى عاد محلها كتب الفروع،
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
(125/15)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(23)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الشفعة
باب: ما تقع فيه الشفعة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن
أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- قضى بالشفعة في ما لم يقسم بين الشركاء،
فإذا وقعت الحدود بينهم فلا شفعة فيه.
قال مالك: وعلى ذلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.
قال مالك: إنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن الشفعة
هل فيها من سنة؟ فقال: نعم الشفعة في الدور والأرضيين،
ولا تكون إلا بين الشركاء.
وحدثني مالك أنه بلغه عن سليمان بن يسار مثل ذلك.
قال مالك في رجل اشترى شقصاً مع قوم في أرض بحيوان عبد
أو وليدة، أو ما أشبه ذلك من العروض فجاء الشريك يأخذ
بشفعته بعد ذلك، فوجد العبد أو الوليدة قد هلكا، ولم
يعلم أحد قدر قيمتهما، فيقول المشتري: قيمة العبد أو
الوليدة مائة دينار، ويقول صاحب الشفعة الشريك: بل
قيمتهما خمسون دينار.
قال مالك: يحلف المشتري أن قيمة ما اشترى بمائة دينار،
ثم إن شاء أن يأخذ صاحب الشفعة أخذ، أو يترك، إلا أن
يأتي الشفيع ببينة أن قيمة العبد أو الوليدة دون ما
قال المشتري.
قال مالك: من وهب شقصاً في دار أو أرض مشتركة فأثابه
الموهوب له بها نقداً أو عرضاً، فإن الشركاء يأخذونها
بالشفعة إن شاءوا، ويدفعون إلى الموهوب له قيمة مثوبته
دنانير أو دراهم.
قال مالك: من وهب هبة في دار أو أرض مشتركة فلم يثب
منها، ولم يطلبها فأراد شريكه أن يأخذها بقيمتها، فليس
ذلك له، ما لم يثب عليه، فإن أثيب فهو للشفيع بقيمة
الثواب.
(126/1)
قال مالك في رجل اشترى شقصاً في أرض مشتركة
بثمن إلى أجل، فأراد الشريك أن يأخذها بالشفعة، قال
مالك: إن كان ملياً فله الشفعة بذلك الثمن إلى ذلك
الأجل، وإن كان مخوفاً أن لا يؤدي الثمن إلى ذلك
الأجل، فإذا جاءهم بحميل مليئ ثقة مثل الذي اشترى منه
الشقص في الأرض المشتركة فذلك له.
قال مالك: لا تقطع شفعة الغائب غيبته، وإن طالت غيبته،
وليس عندنا حد تقطع إليه الشفعة.
قال مالك: في الرجل يورث الأرض نفراً من ولده، ثم يولد
لأحد النفر، ثم يهلك الأب، فيبيع أحد ولد الميت حقه في
تلك الأرض، فإن أخا البائع أحق بشفعته من عمومته شركاء
أبيه.
قال مالك: وهذا الأمر عندنا.
قال مالك: الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم، يأخذ كل
إنسان منهم بقدر نصيبه، إن كان قليلاً فقليلاً، وإن
كان كثيراً فبقدره، وذلك إن تشاحّوا فيها.
قال مالك: فأما أن يشتري رجل من رجل من شركائه حقه
فيقول أحد الشركاء: أنا آخذ من الشفعة بقدر حصتي،
ويقول المشتري: إن شئت أن تأخذ الشفعة كلها أسلمتها
إليك، وإن شئت أن تدعها فدعها، فإن المشتري إذا خيره
بهذا وأسلمه إليه، وليس للشفيع إلا أن يأخذ الشفعة
كلها، أو يسلمها إليه، فإن أخذها فهو أحق بها، وإلا
فلا شيء له.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يشتري الأرض فيعمرها
بالأصل يضعه فيها، أو البئر يحفرها، ثم يأتي رجل فيدرك
فيها حقاً فيريد أن يأخذها بالشفعة: إنه لا شفعة له
فيها، إلا أن يعطيه فيها قيمة ما عمر، فإن أعطاه قيمة
ما عمر كان أحق بالشفعة، وإلا فلا حق له فيها.
قال مالك: فيمن باع حصته من أرض أو دار مشتركة، فلما
علم أن صاحب الشفعة يأخذ بالشفعة، استقال المشتري
فأقاله، قال: ليس ذلك له، والشفيع أحق بها بالثمن الذي
كان باعها به.
(126/2)
قال مالك: من اشترى شقصاً في دار أو أرض
وحيواناً وعروضاً في صفقة واحدة، فطلب الشفيع شفعته في
الدار أو الأرض، فقال المشتري: خذ ما اشتريت جميعاً،
فإني إنما اشتريته جميعاً، قال مالك: بل يأخذ الشفيع
شفعته في الدار أو الأرض بحصتها من ذلك الثمن، يقام كل
شيء اشتراه من ذلك على حدته على الثمن الذي اشتراه به،
ثم يأخذ الشفيع شفعته بالذي يصيبها من القيمة من رأس
الثمن، ولا يأخذ من الحيوان والعروض شيئاً إلا أن يشاء
ذلك.
قال مالك: ومن باع شقصاً من أرض مشتركة، فسلم بعض من
له فيها الشفعة للبائع، وأبى بعضهم إلا أن يأخذ بشفعته
إن من أبى أن يسلم يأخذ بالشفعة كلها، وليس له أن يأخذ
بقدر حقه، ويترك ما بقي.
قال مالك: في نفر شركاء في دار واحدة فباع أحدهم حصته
وشركاؤه غيَّب كلهم، إلا رجلاً فعرض على ...
عُرض.
أحسن الله إليك.
فعرض الحاضر أن يأخذ بالشفعة أو يترك، فقال: أنا أخذ
بحصتي، وأترك حصص شركائي حتى يقدموا، فإن أخذوا فذلك،
وإن تركوا أخذت جميع الشفعة.
قال مالك: ليس له إلا أن يأخذ ذلك كله أو يترك، فإن
جاء شركاؤه أخذوا منه أو تركوا إن شاءوا، فإذا عُرض
هذا عليه فلم يقبله فلا أرى له شفعة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الشفعة
الشفعة مأخوذة من الشفع ضد الوتر؛ لأن الشفيع يضم نصيب
صاحبه إلى نصيبه، فبدلاً من أن يكون نصيباً واحداً
يكون شفعاً، وهذا هو الغالب، وإلا قد يكون وتراً لا
شفع، في حالة ما إذا كان الشركاء أكثر من اثنين، يكون
الشركاء ثلاثة، فيبيع واحد منهم فيضم الحصتين إلى
حصته.
(126/3)
وعلى كل حال فالمضموم شيء واحد، وإن تفرق
أصحابه، فتبقى الشفعة، ويضم نصيب الشريك أو الشركاء
إلى نصيبه، سواء كان واحد فيتحقق الشفعة لغة ومعنى، أو
أكثر من واحد فيتحقق المعنى الشرعي للشفعة، وإن كانت
الأشقاص ثلاثة، والأقسام ثلاثة، ضُم بعضها إلى بعض،
صورتها أن يشترك اثنان أو أكثر في شيء، في أرض لم
تقسم، أو في بيت عرفت حدوده، وصرفت طرقه، واشترك فيه
مع جاره بمنفعة من المنافع كالممر مثلاً الضيق المؤدي
إلى الدارين على الخلاف في الجار، هل له شفعة أو لا؟
يقول:
باب: ما تقع فيه الشفعة
(126/4)
"حدثنا يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد
بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشفعة" قضى يعني حكم
بها "قضى بالشفعة فيما لم يقسم بين الشركاء، فإذا وقعت
الحدود بينهم فلا شفعة فيه" يعني إذا كانت أرض مشتركة
بين اثنين لكل واحد منهما نصفها مشاع، لا يعلم نصيب
زيد من نصيب عمرو، ولم يقع بينهم، هذه الأرض لم تقسم
بينهم، فيعرف زيد نصيبه، ويعرف عمرو نصيبه، ولا حدت
الحدود، ولا عرفت الطرق، تكون حينئذٍ الشفعة "فإن وقعت
الحدود بينهم فلا شفعة" إن رسمت الأرض بأن كان نصفها
الشمالي أو الجنوبي أو الشرقي أو الغربي لأحدهما
والثاني للآخر، فإنه حينئذٍ لا شفعة؛ لأنه وقعت الحدود
بينهم، ولا يكون حينئذٍ شريكاً، إنما يكون جاراً، وليس
بشريك، وجاء في الحديث ((الجار أحق بسقبه)) يعني أحق
بشفعة جاره من غيره، فإذا باع الجار فجاره أحق ببيته
من غيره، وكذلك الأرض التي لم تقسم؛ لأن الضرر عليه
واقع، لا سيما إذا اشتركوا في شيء، إذا اشتركوا في
الممر والممر ضيق، والممر هذا الضيق يؤدي إلى الدارين،
دار زيد ودار عمرو، فكون زيد يبيع إلى طرف ثالث عمرو
أولى بهذه الدار؛ لأنه يشارك غيره في هذا الممر،
والممر الضيق، يحصل منه مضايقة، لا سيما على المحارم
إذا خرجت امرأة من هذا الممر الضيق، وقابلها هذا
الأجنبي الذي يريد شراء الدار، لا شك أن الجار أولى
بسقبه من هذه الحيثية، لكن لو لم يتضرر بحال من
الأحوال، ما اشتركوا في الممر، يشتركون هم وغيرهم،
والممر يسعهم ويسع غيرهم، نقول: إذا وقعت الحدود فلا
شفعة، والحدود واقعة الآن، نفترض أنهما شريكان في
العداد مثلاً، عمارة من شقتين، وعداد العمارة واحد،
والبيارة واحدة، وعداد الماء واحد، لا شك أن هذا فيه
شيء من الاشتراك، وكونه يستقل بهذا العمارة أولى من
كونه يدخل عليه شخص غريب، قد يقول قائل: ما هنا جديد،
كونه يأتي غريب ويحل محل الأول، الضرر ما زاد عليه،
الضرر هو هو، وقد يكون أخف؛ لأن الثاني قد يكون أفضل
من الشريك الأول، والضرر منه أقل، فما الداعي إلى هذه
الشفعة؟ نقول: هو أقدم على الشراء مع وجود الشريك، وقد
يكون اشترى قبله أو بعده المقصود أنه
(126/5)
أقدم عليه بهذا الاعتبار، فمثل هذا لا تطلب
إزالته؛ لأنه أقدم عليه، لكن الثاني الجديد، ولا شك أن
المشتري الجديد لا ضرر عليه إذا أخذت منه؛ لأنه بدلاً
من أن يأخذ هذا المحل الذي يتضرر به جاره، أو شريكه
يبحث عن محل ثاني، فأولى الناس بالشفعة الشريك والجار
إذا اتحد معه في شيء يترتب عليه بعض الإشكالات.
فإذا كان العداد واحد لا بد من التسامح في مثل هذه
الصورة، وإلا فالضرر واقع على أحدهما بلا شك؛ لأنه لا
يتصور أن يكون المصروف واحد لا بالكهرباء، ولا في
الماء، ولا في غيرهم، لا يتصور هذا، فإذا اشتركا في
العداد، أو في البيارة، أو في عداد الماء، عداد
الكهرباء والماء، فمثل هذا لا شك أنه أولى من غيره
لوجود الشركة، وعلى هذا يتنزل حديث: ((الجار أحق
بسقبه)) يعني بشفعة جاره؛ لاشتراكهما من وجه، فكأنه
شريك من هذه الحيثية.
منهم من يرى أن الشركة في كل شيء "قضى بالشفعة في كل
شيء" يعني بما في ذلك الأموال الأخرى، شركاء في سيارة،
شركاء في دابة، شركاء في مكيل أو موزون، في بضاعة، في
محل تجاري، قضى بالشفعة في كل شيء، لكن الذي يحصل به
الضرر ما لم يمكن قسمته ونقله، أما ما يمكن نقله
فينتفي الضرر، نعم قد يكون صاحب المحل أولى به من
غيره، وعرف هذا المحل، وعرف كيف يتخلص منه، ويبيع فيه
ويشتري، وعرف الزبائن فهو أولى به، لكن يبقى أنه إذا
استلم القيمة بدلاً من أن يبذل القيمة في هذه الشركة
يشتري بضاعة أخرى من نفس البضاعة، فلا ضرر عليه.
يعني لو أن زيد وعمرو اشتركا في بقالة فقال زيد: أنا
أريد أن أبيع نصيبي من هذه البقاله على بكر، فقال
عمرو: لا أنا أحق بها، وقد باع فعلاً على بكر، ولزم
البيع، ثم قال: لا أنا أشفع، نقول: هذه الدراهم التي
تريد أن تصرفها إلى بكر، تدفعها إلى بكر تشتري بها من
نفس البضاعة، فلا ضرر حينئذٍ بخلاف العقار، العقار هو
المشكل الذي لا يكن نقله إلى بالإنتقال عنه، فإذا حصل
مثل هذا أرض مشتركة بين اثنين، وباع أحد الشريكين
لشريكه أن يشفع وهو أولى الناس بها، فإذا وقعت الحدود
بينهم فلا شفعة، يعني إذا رسمت الأرض وعرف نصيب زيد من
نصيب عمرو فلا شفعة.
(126/6)
"قال مالك: وعلى ذلك السنة التي لا اختلاف
فيها عندنا" وهذا أمر معروف تأتي به النصوص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المحلات كل واحد له محل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما في أدنى اشتراك؛ لأنه عرفت الحدود، وصرفت.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في اشتراك.
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذه الأمور لا تنقطع، مثل هذه لا تنقطع، يعني
مثلما يتوقع عن غيره يتوقع منه إلى غيره، فمثل هذه
الأمور وقوله: فإذا عرفت الحدود، حددت الحدود وصرفت
الطرق فلا شفعة.
"قال مالك: إنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن الشفعة
هل فيها من سنة؟ فقال: نعم الشفعة في الدور والأرضيين،
ولا تكون إلا بين الشركاء" الشفعة في الدور، يعني في
الغرف مثلاً، يشتركون هذا له غرفة وهذا له غرفة، وهذا
له شقة، وهذا له شقة، متجاورة، وهناك اشتراك، أما إذا
لم يكن هناك أدنى اشتراك هذا زيد له بيت بجوار زيد
عمرو لا يشفع، وإن احتاجه لزوجته الثانية والحاجة
داعية؛ لأنه عرفت الحدود، ما دام عرفت الحدود فلا
شفعة، لكن يرد على هذا أنه لو اشتركا في شيء لا بد
منه، ولا يمكن فصله، فإن الشفعة حينئذٍ ثابتة، وعليه
يحمل الحديث: ((الجار أحق بسقبه)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هو من باب الأدب، من باب الأدب أن يؤخذ رأيه،
لكن لا على سبيل الإلزام، الضرر له حلول أخرى، لكن
بالنسبة للشفعة إذا عرفت الحدود وصرفت الطرق، يعني
البنايات أعظم من معرفة الحدود فقط.
"وحدثني مالك: إنه بلغه عن سليمان بن يسار مثل ذلك".
(126/7)
"قال مالك في رجل اشترى شقصاً مع قوم في
أرض بحيوان عبد أو وليدة أو ما أشبه ذلك من العروض
فجاء الشريك يأخذ بشفعته بعد ذلك فوجد العبد أو
الوليدة قد هلكا، ولم يعلم أحد قدر قيمتهما، فيقول
المشتري: قيمة العبد أو الوليدة مائة دينار، ويقول
صاحب الشفعة الشريك: بل قيمتهما خمسون ديناراً" هذا
يحصل، تكون القيمة لزيد وعمرو أرض، فجاء بكر ليشتري من
عمرو، فقال: بكم؟ قال: أنا لا والله ما عندي فلوس عندي
ها الغلام، أو عندي ها السيارة، قال: خلاص رضيت، ثم
تلف الغلام أو السيارة، ثم جاء الشريك ليشفع، فقال
الشريك: أعرف قيمة السيارة، ما تستحق أكثر من خمسين
ألف، تلفت الآن، ما يمكن تقويمها؛ لأن يؤتى بأهل الصنف
وأهل الصنعة ويقال: كم تستحق؟ تلفت، فيقول من يريد
الشفعة: قيمتها خمسين ألف؛ لئلا يبذل أكثر من خمسين
ألف، إذا أخذ نصيب صاحبه، ويقول المشتري الباذل الأول
صاحب الغلام أو السيارة: لا، قيمتها مائة ألف؛ ليأخذ
بدل سيارته مائة ألف.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فجاء الشريك يأخذ
بشفعته بعد ذلك، فوجد العبد أو الوليدة قد هلكا، ولم
يعلم أحد قدر قيمتهم" لكن لو عرف أحد قدر القيمة ممن
رأى السيارة، وقال: أنا عندي شهادة أنها ما تستحق أكثر
من هذا، قال المشتري: قيمتها مائة ألف، قال المشفع:
قيمتها خمسون ألف، قال الذي رآها قبل احتراقها: تجي
بسبعين بالراحة، لكن ما يعلم مثل هذا، لا يعلم أحد
يعرف قدر قيمتها "فيقول المشتري: قيمة العبد أو
الوليدة مائة دينار، ويقول صاحب الشفعة الشريك: بل
قيمتهما خمسون دينار.
قال مالك: يحلف المشتري أن قيمة ما اشترى بمائة دينار،
ثم إن شاء أن يأخذ صاحب الشفعة أخذ أو يترك".
(126/8)
نعم؛ لأنها إذا كانت قيمتها الحقيقية مائة
دينار، ثم قلنا: يؤخذ بقول الشفيع تضرر المشتري، وإذا
قلنا: قيمتها الحقيقية خمسون ديناراً، ورفض المشتري
إلا أن قيمتها مائة دينار، وحلف على ذلك، فالمشفع
بالخيار، يعني هو في حال السعة يقال له: أنت تريد
الأرض ادفع مائة دينار، لا تريدها ابحث عن غيرها،
والحل أيضاً أن تبيع شقصك الثاني بعد إذا كنت متضرر،
وابحث عن أرض تستقل بها، بينما لو قلنا: إن قيمتها
خمسين دينار أخذاً بقول المشفع لتضرر صاحب؟ لتضرر
المشتري.
"يحلف المشتري أن قيمة ما اشترى به مائة دينار، ثم إن
شاء أن يأخذ صاحب الشفعة أخذ أو يترك، إلا أن يأتي
الشفيع ببينة" قال: أنا عندي شهود يشهدون أن السيارة
لا تسوى أكثر من خمسين، وقد رأوها وتأملوها قبل أن
تحترق "إلا أن يأتي الشفيع ببينة أن قيمة العبد أو
الوليدة دون ما قال المشتري" خمسين، ستين، سبعين،
ثمانين، لكن لا تصل إلى مائة.
"قال مالك: من وهب شقصاً في دار أو أرض مشتركة" فلا
يخلو من حالين أن تكون الهبة مع إرادة الثواب ويثيبه
الموهوب عليه، أو مع عدم إرادة الثواب، فإن أثابه بقدر
قيمتها فلا إشكال؛ لأنها صارت في حكم البيع وإن وهبه
أقل من ذلك أو أكثر، لو قلت لزيد من الناس: أنا لي نصف
ها الأرض، تراها هبة لك يا أبو فلان، فيقول: ما أنت
صاير أطيب مني، الأرض تسوى مائة؟ أنا أعطيك مائة
وخمسين، أو جزاك الله خير. . . . . . . . . النصف
سالم، أنت وهبتنا، وكثر خيرك، هذه خمسين، فما الذي
يدفع الشفيع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مائة، لا يزيد في حال زيادة الموهوب؛ لأن الموهوب
متكرم متفضل على الواهب، يريد رد الجميل، وإذا دفع
خمسين، ما يلزم أن يكون رد الثواب بقدرها، بقدر
قيمتها.
بعض الناس تهبه كتاب قيمته ألف ريال، ويعوضك بكتاب
ثاني قيمته ألفين، وقد يعوضك بكتاب قيمته خمسمائة،
فإذا كانت الأرض بهذه المثابة تستحق مائة ألف فرد عليه
مائة وخمسين، قال: ما تصير أطيب مني أبداً، أو رد عليه
خمسين، وقال: هذه مكافئة رمزية، لا يلزم أن تكون قيمة.
فنشوف كلام الإمام مالك:
(126/9)
"قال مالك: من وهب شقصاً في دار أو أرض
مشتركة فأثابه الموهوب له بها نقداً أو عرضاً، فإن
الشركاء يأخذونها بالشفعة إن شاءوا، ويدفعون إلى
الموهوب له قيمة مثوبته دنانير أو دراهم" هذا إذا كان
رد من الثواب بقدر قيمة الأرض، لكن إذا كان رد أكثر،
نلزم الشافع أن يدفع أكثر؟ نعم؟ أو نقول مثل المسألة
السابقة: يعجبك أن تدفع أكثر وإلا دور غيرها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يمنع، لكن العكس إذا كانت أقل؛ لأننا نعرف إذا لم
يرد عليه شيء فلا شفعة، يشفع يأخذ ماجاناً ما يشفع،
فإذا كانت بأقل فالذي يتجه أنها مثل ما لو لم يرد
شيئاً.
"ويدفعون للموهوب قيمة مثوبته دنانير أو دراهم".
"قال مالك: من وهب هبة في دار أو أرض مشتركة فلم يثب
منها، ولم يطلبها فأراد شريكه أن يأخذها بقيمتها فليس
له ذلك، ما لم يثب عليها، فإن أثيب فهو للشفيع بقيمة
الثواب" وعرفنا أنه لو كان الثواب بقدر القيمة هذا لا
إشكال، إذا كان بأكثر من القيمة فكما لو تلفت القيمة
قبل معرفة قدرها في الصورة السابقة، فيؤخذ قول المشتري
إن قبل الشافع وإلا الأمر فيه سعة، وإن كانت أقل فهي
مثل ما لو لم يثبه عليها.
"قال مالك في رجل اشترى شقصاً في أرض مشتركة" لأن
الشرع لما راعى مصلحة الشريك في الشفعة لا يهدر مصلحة
شريكه في القيمة؛ لأننا إذا قلنا: وهبها ثم دفع
الموهوب له نصف القيمة ثواباً عليها، لا شك أن الواهب
يعني مستفيد من هذا النصف؛ لأنه دفعها في الجملة
مجاناً، فهو مستفيد، استفاد كسب المعروف بصاحبه في حال
الهبة، واسترد بالثواب بعض القيمة، فإذا قلنا: إن
الشرع لاحظ حال الشفيع؛ لئلا يدخل عليه شخص يتضرر به،
فالشرع كما لاحظ حال هذا الطرف فإنه لا يهمل حال الطرف
الآخر، فلا يقول: هذا أثاب عليها نصف القيمة إذاً أنت
تشتريها بنصف القيمة، والموهوب ما تضرر، رجع إليه
ماله، يتضرر؛ لأنها تستحق أكثر، وكذلك الشريك الأصلي
يتضرر بدلاً من أن يستحق هذا الشخص مائة ألف أخذ خمسين
ألف.
(126/10)
"قال مالك في رجل اشترى شقصاً في أرض
مشتركة بثمن إلى أجل، فأراد الشريك أن يأخذها بالشفعة"
قال مالك: "إن كان ملياً فله الشفعة بذلك الثمن إلى
ذلك الأجل، وإن كان مخوفاً أن لا يؤدي الثمن إلى ذلك
الأجل فإن جاءهم بحميل" ضامن غارم "مليء ثقة مثل الذي
اشترى منه الشقص في الأرض المشتركة فذلك له".
اشترى شقصاً في أرض مشتركة بثمن إلى أجل فأراد الشريك
أن يأخذها بالشفعة، هذه لها صور:
الصورة الأولى: أن يقدم الشفيع مثل إقدام المشتري،
الأرض بمائة ألف فباع أحد الشريكين نصفها إلى مدة سنة
بخمسة وسبعين، يعني من مائة وخمسين، فجاء الشفيع وقال:
أنا مستعد، أدفع لك بعد سنة خمسة وسبعين، إن كان مليء
مثل ملاءة المشتري فلا إشكال، وإن كان غير ذلك، وخاف
صاحب الأرض الشريك الأول أن يتلف عليه ماله ويذهب، لا
بد أن يأتي بحميل، برجل يضمن له حقه، زعيم، إن جاء به
فيقبل، هذه صورة، وإن لم يأت به فمثل ما قلنا: الشرع
لا يهدر مصلحة شخص من أجل نفع آخر، وإن قال: أنا لا
أريدها نسيئة، الشفيع يقول: أنا دراهمي حاضرة، وأريد
أن آخذ الشقص بقيمته الحقيقية، يعني بدل من أن يكون
النصف بخمسين ألف، وبيع إلى أجل بمائة وخمسين، يقول:
أنا مستعد أكب لك الآن خمسين ألف، يلزم البائع الأول
وإلا يلزم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يلزمه الأقل؟
طالب:. . . . . . . . .
(126/11)
لا، ما يلزم، ما يلزم يا أخي، أنا ما أنا
ببائع نقد أصلاً، أنا أتكسب، تبي أنت وإلا نترزق الله،
تبي أنت مثل ما بعنا وإلا لا، يعني مقتضى ما تقدم أنه
يدخل مدخال المشتري، إذا كان يعجبه ذلك، افترض أن
المشتري مغرر به، وباع عليه هذه الأرض بمائتين ألف،
وهي ما تسوى إلا مائة، وقبض النصف مائة ألف، ويقول: يا
أخي ما تسوى إلا مائة، وأنا ما أعطيك إلا خمسين، يقول:
هذا رزق ساقه الله، أنت تدفع مائة وإلا هو أولى منك،
وإحنا عرفنا أن الشرع في جميع أبواب الدين لا يهدر
مصلحة شخص على حساب آخر، لا يمكن أن يحصل مصلحة شخص
بضرر آخر، يا أخي أنت الأصل أن الشرع رفق بك، فجعلك
أحق من غيرك بعد تبي تنزل بعد، إن كان يعجبك بهذه
القيمة وإلا دور غيرها يا أخي، فما تصير المصالح كلها
تصب في مصب واحد، وهذا أمر ملحوظ في الشريعة.
"فإذا جاءهم بحميل مليء ثقة مثل الذي اشترى منه الشقص
في الأرض المشتركة فذلك له".
"قال مالك: لا تقطع شفعة الغائب غيبته، وإن طالت
غيبته، وليس لذلك عندنا حد تقطع إليه الشفعة" يعني جاء
في حديث لكنه ضعيف ((ولا شفعة لغائب ولا صبي)) لكنه
حديث ضعيف مخرج عند البيهقي وغيره.
وأما الغائب فالنصوص تدل على أن له الشفعة ما لم يعلم
ذلك، ويرضى بالبيع، فإذا رضي بالبيع فإنه حينئذٍ يسقط
حقه، وليس لذلك حد عندنا حد تقطع إليه الشفعة، يعني ما
يقال: يمهل ثلاث، يمهل شهر، إلى أن يأتي ويعرف حقيقة
الحال ثم يشفع، لكن افترضنا أن المشتري أو ما علم
الشفيع بالبيع إلا بعد سنة، لما جاء وجد الشفيع قد عمر
في هذا النصف، سكن، ومحلات، وتعب عليه، ما الذي يلزم
في مثل هذه الحالة؟ يعني يدفع ما دفعه المشتري، يعني
هل تشريع الشفعة والشافع بالخيار إن شاء شفع، وإن شاء
لم يشفع، هو بالخيار وغيره ملزم بأن يتعب هذه الأتعاب
العظيمة، ويدفع المال، ويجلس سنة عند صاحبه، ومع ذلك
ينفق عليها أضعاف قيمتها بالعمار، ومع ذلك نقول: ادفع
وأنت أحق.
(126/12)
يعني هل في الشفعة من القوة ما يجعل
المشتري يتضرر بهذه المثابة؟ وهل نقول: إنها تقوّم في
وقت الشفعة أو يأخذ المشتري جميع ما دفع؟ أنت افترض
أنه اشترى نصف الأرض بخمسين ألف، ثم شيد عليها مباني
وأبراج أخذت مليون مثلاً، ثم لما جاء الشريك قال: أنا
أشفع، قيل له: تدفع مليون جميع التكاليف، قال: ادفع
قال المشتري: لا، أنا. . . . . . . . . مليون ونصف،
نعم أنا ما تكلفت ولا دفعت إلا مليون، لكن اليوم تسام
مليون ونصف، ما يصير هذا؟ يصير.
من الذي يقول القول هنا؟ الذين يقولون بأن الشفعة كحل
العقال، وأنها تنتهي في وقتها، والغائب يضرب له مدة،
بقدر ما يعلم، ثم بعد ذلك ينتهي، يسقط حقه، ولذلك مالك
يقول: ليس بذلك عندنا حد تقطع إليه الشفعة.
ثم قال -رحمه الله تعالى- مما يوضح المسألة: "في الرجل
يورث الأرض نفراً من ولده أو عشرة أولاد" ورثهم أرض
"ثم يولد لأحد نفر" ثم يولد عشرة أولاد، والأرض قيمتها
مليون، وكل واحد من العشرة نصيبه بمائة ألف، واحد من
هؤلاء العشرة صار له أولاد، مجموعة من الأولاد، ثم
يهلك الأب.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
الأب الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، الابن إيه، ثم يولد لأحد، هذا الذي ولد له هلك
"فيبيع أحد ولد الميت حقه في تلك الأرض، فإن أخا
البائع أحق بشفعته من عمومته شركاء أبيه" يعني افترض
أن الثاني هذا العاشر الواحد من العشرة مات عن خمسة
أولاد، هؤلاء الخمسة ورثوا نصيب والدهم المقدر بمائة
ألف، ثم واحد من هؤلاء الخمسة باع نصيبه، هل الأولى
بالشفعة التسعة أو الخمسة؟ نعم؟ الخمسة أولى؛ لأنهم هم
الشركاء الحقيقيون لهذا الشقص؛ لأن عندنا شركة كبرى
وشركة صغرى، والصغرى أخص من الكبرى فتقضي عليها، فقول
مالك: "فيبيع أحد ولد الميت حقه من تلك الأرض، فإن أخا
البائع" يعني واحد من الخمسة "أحق بشفعته من عمومته"
من التسعة "شركاء أبيه".
قال مالك: وهذا الأمر عندنا.
(126/13)
"قال مالك: والشفعة بين الشركاء على قدر
حصصهم، يأخذ كل إنسان منهم بقدر نصيبه إن كان قليلاً
فقليلاً، وإن كان كثيراً فبقدره، وذلك إن تشاحّوا
فيها" أرض بين ثلاثة، واحد له النصف، والثاني له
الثلث، والثالث له السدس، باع صاحب الثلث، فقال صاحب
السدس: أنا أريد كل نصيبه على شان أصير مثلك، تصير
بيننا أنصاف، قال الثاني: لا أنا أريد ما دام لي النصف
أشفع بثلاثة أضعاف نصيبك، أنت ما لك إلا السدس ثلث
النصف، صح وإلا لا؟ أنا أكثر منك نصيب فحقي من الشفعة
أكثر من حقك.
يقول مالك: "والشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم" صاحب
النصف يأخذ بقدر حصته، وصاحب السدس يأخذ بقدر حصته من
الثلث، كل إنسان منهم بقدر نصيبه "إن كان قليلاً
فقليلاً وإن كان كثيراً فبقدره، وذلك إن تشاحّوا فيها"
لكن لو قال صاحب النصف: هذا الثلث الذي بيع لك شفع،
وأنا ما أحتاجه، ونصير أنصاف أنا وإياك، أو لي نصفه
ولك نصفه، ما حصل مشاحّة بينهم هنا الأمر لا يعدوهم.
"قال مالك: فأما أن يشتري رجل من رجل من شركائه حقه
فيقول أحد الشركاء: أنا آخذ من الشفعة بقدر حصتي" يعني
هم عشرة يشتركون في أرض، فجاء واحد من هؤلاء العشرة
فاشترى نصيب واحد من التسعة، الشفعة إذا دخل عليهم
أجنبي، إذا دخل عليهم أجنبي يشفعون في نصيبه، لكن إذا
اشترى واحد من التسعة.
يقول: "فأما أن يشتري رجل من رجل من شركائه حقه فيقول
أحد الشركاء: أنا آخذ من الشفعة بقدر حصتي" نعم هو باع
عليك، لكن أنا لي أيضاً شفعة بقدر حصتي، أنا لي التسع
أو العشر "فآخذ عشر ما بيدك من نصيب الشريك البائع".
"ويقول المشتري إن شئت أن تأخذ الشفعة كلها أسلمتها
إليك، وإن شئت أن تدعها فدع، فإن المشتري إذا خيره في
هذا وأسلمه إليه فليس للشفيع إلا أن يأخذ الشفعة كلها"
يقول: أنا محتاج بدل ما لي التسع أنا أحتاج خمس، فكون
هذا الخمس ينثلم خذ الذي تشاء بالكلية، أو دعه لي
بالكلية، نعم، ظاهرة الصورة؟
(126/14)
"فإن شئت أن تدع فدع، فإن المشتري إذا خيره
في هذا وأسلمه فليس للشفيع إلا أن يأخذ الشفعة كلها،
أو يسلمها إليه، فإن أخذها فهو أحق بها وإلا فلا شيء
عليه" يعني ما تقبل التجزئة، يقول: ما يبقى لي إلا شيء
يسير ما يسوى التعب، خذ الشفعة كلها، وإلا اتركها لي
كلها، فحينئذٍ يلزمه.
"قال مالك في الرجل يشتري الأرض فيعمرها بالأصل يضعه
فيها، أو البئر يحفرها" بالأصل يضع فيها، يعني بزرع
مثلاً، أو أصل بناية، أو ما أشبه ذلك "في الرجل يشتري
الأرض فيعمرها بالأصل" يضع فيها أصول ما يريده، إما أن
يكون بذر لزرع، أو يكون أصول وأسس لعمارة.
"أو البئر يحفرها، ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقاً" يدرك
فيها الشفعة "فيريد أن يأخذها بالشفعة أنه لا شفعة له
فيها، إلا أن يعطيه قيمة ما عمر، فإن أعطاه قيمة ما
عمر كان أحق بالشفعة، وإلا فلا حق له فيها" وعرفنا
فيما تقدم أنه إذا تعب عليها لا شك أنه يأخذ ما بذل،
ويأخذ أيضاً أجرته، لكن هل يأخذ قدر زائد على ذلك مما
تستحقه الأرض بعمارتها؟
قلنا: إن قيمة الأرض خمسين ألف كالمثال السابق، وعمرها
بمليون، عشرة أدوار، أو عشرين دور، نعم، تعب عليها،
مليون وخمسين ألف، وأجرته مثلاً إشراف وما إشراف
خمسين، مليون ومائة ألف، وهي الآن تسام مليون ونصف، ما
الذي يلزم الشفيع أن يدفع؟
طالب:. . . . . . . . .
فقط؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني وكونها تستحق أكثر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ننظر في كلام مالك.
(126/15)
"قال مالك: في الرجل يشتري الأرض فيعمرها
بالأصل يضعه فيها، أو البئر يحفرها، ثم يأتي رجل فيدرك
فيها حقاً، فيريد أن يأخذها بالشفعة، إنه لا شفعة له
فيها إلا أن يعطيه قيمة ما عمر، فإن أعطاه قيمة ما عمر
كان أحق بالشفعة، وإلا فلا حق له فيها" على كل حال إن
كان المشتري دلس وأخفى حتى فعل ما فعل بأن يكون هذا
الشفيع غائب، هذا الشفيع غائب، وهو على حقه، وسأل عن
الأرض من له صلة بالمشتري مثلاً بلغه أنه اشتراها فلان
فاتصل به مثلاً، وقال: لا ما بعد اشترينا، ولا صار
شيء، وغره، وجعله يتأخر بالشفعة حتى عمر، هذا ما يستحق
أكثر مما دفع، لكن إن كان الأمر واضح ومكشوف، والأرض
بالعمارة تسوى أكثر مما دفع إليها، فلا أرى مانع من أن
يأخذها بقيمتها، وهو الأصل؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار، نعم
أثبت له حق الشفعة، وهو أولى بها من غيره، لكن لا يضر
بمن تعب عليها، وأصل الفكرة يعني من حق هذا الذي
ابتكرها.
"قال مالك: فيمن باع حصته من أرض أو دار مشتركة فلما
علم"
طالب:. . . . . . . . .
(126/16)
يعني الشارع منحه، لا، الشارع منحه أن يكون
أحق من غيره، أما أن يضر بالآخرين فالضرر لا يزاال
بالضرر، هذا تعب عليها اشتراها شراء شرعي، وأفرغها،
وهذا تأخر، وجلست الدراهم مدة سنة عند الشريك، ومن له
الشفعة تأخر مدة سنة أو أكثر حتى تمت عمارتها، وقد
يكون يراه وهو يعمر، يمر بها صباح مساء، عند من يقول
بأن الشفعة ليست كحل العقال يمكن يصير، وأنه لا حد لها
ولا أمد، وقد تبلغه أخباره أنه قال: خلاص اتركوه إلى
أن يتم، إلى أن تنضبط العمارة ولا يبقى إلا الغلة، ثم
نشفع، يعني مثل هذا يراعى؟ مثل هذا يسقط نصيبه من
الشفعة أصلاً، وإن قال مالك -رحمه الله-: إنه لا حد
لها عنده، كونه يلاحظ بأكثر من هذا نعم هو أولى من
غيره، إذا طلبها هو أحق بها من غيره، والجار أحق
بسقبه، والشفيع له شأن، لكن مع ذلك يضر بهذا الذي تعب،
وحبست أمواله لمدت سنة أو أكثر، الذي يظهر لي أنه
يأخذها بقيمتها إذا تغيرت قيمتها مع المكسب مع الربح،
ما آلت إليه؛ لأنه يتضرر صاحبها، الآن دراهمه محبوسة
لمدت سنة، وهي تسوى، يعني ما هو مظلوم، يعني في يوم من
الأيام إن أسف على ذلك باعها بنفس القيمة، يعني ما
يترتب عليه ظلم أبداً، ولا شك أن هذه الزيادة نتيجة
تعبه، هي أتعابه هذه الزيادة.
"قال مالك: من باع حصته من أرض أو دار مشتركة فلما علم
أن صاحب الشفعة يأخذ بالشفعة استقال المشتري فأقاله،
قال: ليس ذلك له، والشفيع أحق بها بالثمن الذي كان
باعها به".
"من باع حصته من أرض أو دار مشتركة فلما علم" يعني
البائع "أن صاحب الشفعة يأخذ بالشفعة استقال المشتري
فأقاله، قال: ليس ذلك له" يعني أنه قد يكون بين
الشركاء شحناء، ولا يريد أن يبيعها كلها على هذا الشخص
يتفرد بها، ويكسب من ورائها، لما علم أن زيد من الناس
الذي هو شريك في الأصل يريد أن يأخذها كاملة استقاله،
قال: أقلني، خلاص أنا ما ودي أبيع، إن كانت تبي ترجع
لفلان أنا ما ودي أبيع، فالإقالة "قال مالك: ليس ذلك
له" لأنه لن يضر هو مدفوعة له الأموال سواء من المشتري
أو من الشافع.
"قال: ليس ذلك له، والشفيع أحق بها بالثمن الذي كان
باعها به" لأن هذا حق شرعي لا يتحايل على إسقاطه، لا
يجوز التحايل على إسقاطه.
(126/17)
"قال مالك: من اشترى شقصاً في دار أو أرض،
وحيوان وعروض في صفقة واحدة" اشترى نصف دار، أو نصف
أرض، شقص، ومعها هذه الأرض، فيها حوش، فيها غنم، وفيها
مستودع، وفيه بضائع، قال: نبي نبيع عليك نصف الأرض بما
فيها من عروض وحيوانات في صفقة واحدة، فطلب الشفيع
شفعته في الدار أو الأرض، فقط يقول: أنا لا أريد
حيوانات، ولا أريد بضائع، أنا ما أريد إلا نصف الأرض
"فطلب الشفيع شفعته في الدار أو الأرض، فقال المشتري:
خذ ما اشتريت جميعاً، فإني إنما اشتريته جميعاً" "قال
مالك: بل يأخذ الشفيع شفعته في الدار، أو الأرض بحصتها
من ذلك الثمن" لماذا؟ لأن الشفعة إنما هي في الدور
والأراضي، لا في المنقول، هذه لا شفعة فيها، فما فيه
الشفعة أصلاً يثبت فيه في هذه الصورة، وما لا شفعة فيه
أصلاً، فإنه لا تثبت فيه الشفعة في هذه الصورة.
"يقام كل شيء اشتراه من ذلك على حدته" يعني يقوم تقوم
الحيوانات، تقوم العروض، وتحسب من القيمة، "على حدته
على الثمن الذي اشتراه به" قل: لو كان في البيت مكتبة،
والمكتبة مشتركة بينهما، والدار مشتركة، فباع نصيبه،
بما في ذلك نصيبه من الكتب، فجاء الشريك ليشفع، فقيل
له: يلزمك أخذ النصيب بما فيه، بما فيه من كتب مثلاً،
يقول: أنا لا أريد كتب، مثل ما سبق، تقوّم الكتب،
ويشفع في نصيبه من الدار، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لو قال المشتري: أنا لا أريد كتب، أنا ما أبي كتب،
أنا أبي دار، فإذا شفعت تأخذ الدار والكتب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
البائع يلزم ما يأخذ الكتب، أو يأخذها المشتري، المهم
أنها تقوّم، فإن قبلها المشتري على سبيل الاستقلال فهو
الأصل، إن لم يقبلها لا يمكن تفريق الصفقة في مثل هذا،
الصفقة لا يمكن تفريقها في مثل هذا، فالدار على حده،
والكتب على حده، إن قبلها المشتري وإلا ترجع على
البائع، بأن كان المشتري عامي يقول: أنا والله ما
اشتريت الكتب، ما لي بها لازم، وإنما ما دام دخلت في
البيت نشتري.
(126/18)
هناك أشياء في العمارة بمثابة العروض،
الفرش، والأثاث، هل له أن يستثني يقول: أنا لا أريد
فرش ولا أثاث مثل الكتب، تدخل في مسألة مالك؟ أو نقول:
إن هذه كالمتصل يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً،
والناس كلهم بحاجة إلى الأثاث، فالشفعة تتبع في مثل
هذا أو لا تتبع؟
يعني هذه الأمور من الأثاث هي مثل الكتب التي نظرّنا
بأن تقوم، أو مثل الحيوانات وغيرها؟
طالب: في تفصيل يا شيخ في من الفرش ما هو متصل، وفي ما
هو منفصل، لكن قضية الموكيت والسجاد الملصق هذا.
متصل.
طالب: متصل، ومثل غرف النوم والكنب منفصل تشيله
وتبيعه. . . . . . . . . ما هو متوفر ....
الفقهاء يمثلون بمثال ...
طالب:. . . . . . . . .
الرحى، ويش أساس البيت؟ أساس البيت تبعه، الرحى، الرحى
مكون من قطعتين، معروف الرحى؟ تعرفونه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الرحى -حفظك الله وبارك فيك-، شوف اختلاف
البيئات، يعني ...
طالب:. . . . . . . . .
إلا يطحن فيه نعم، عبارة عن حجر كبير في وسطه خشبة،
ويكون فوقها حصاة بقدرها، حجر كبير في وسطه ثقب، يدخل
فيه هذا العصا، وفيه أيضاً عصا يدار بها، واضح يطحن به
العيش، معروف هذا، وهو وسيلة الطحن إلى عهد قريب، هذه
الرحى.
القاعدة ثابتة يقولون: تبع البيت، والثانية منقولة،
الثانية منقولة لا تتبع في الشفعة، لكن يتصور مثل هذا
أو لا بد من الضرر في مثل هذا؟ يعني واحدة ما تنفع.
طالب:. . . . . . . . .
ما تنفع، إما تأخذها كلها أو اتركها كلها، فلا بد من
الضرر في التفريق بين هذين الأمرين؛ لأن هناك أمور
مركبة من شيئين، أحدهما لا قيمة له ألبتة بدون الآخر،
قفل بدون مفتاح، أو مفتاح بدون قفل، ويش الفائدة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا ما ينفع ما هو مثل قيمة المفتاح، يعني شوف الآن
المفتاح بخمسة ريال مثلاً أبو أسنان، وإذا كان مع
القفل يمكن هو والقفل قيمته عشرة، لكن خرجه ويش با
يجيب؟ ولا هللة واحدة.
(126/19)
المقصود أن مثل هذه الأمور تفريقها فيه ما
فيه؛ لأنه لا بد من التضرر، متى بيصنع لك واحد بقدر
هذا النصف؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ على كل حال ما أمكن
فصله، والانتفاع به على حدته لا يدخل، ولذلك في البيع
مثلاً المشتري حين ما يتجول في البيت، ويقال: هذا
البيت بخمسمائة ألف، يقول شريت، وفي ذهنه أن الأثاث
تابع، وعند البائع أن الأثاث غير تابع، القول قول من؟
المتصل له حكم البيت، والمنفصل ليس له حكمه.
قضايا تحصل من هذا النوع مضحكة أحياناً، يأتي بسيارته
إلى الحراج ويفتح الشنطة وفيها أثاث، ويحرج مائة
مائتين ثلاثمائة، ثم يقول: نصيبك، يأتي المشتري وينزل
هذا الأثاث في محله، ثم بعد ذلك ينزل الاستبنة
والعفريتة، يقول: هذا ما هي بتبع البيع، يقول: لا أنا
ما اشتريت إلا على شانهن، يحصل هذا كثير في النزاع عند
الناس، لكن هذا شيء مستثنى عرفاً، فمثل هذا لا يتبع في
البيع.
"قال مالك: ومن باع شقصاً من أرض مشتركة فسلم بعض من
له فيها الشفعة للبائع، وأبى بعضهم إلا أن يأخذ
بشفعته، أن من أبى أن يسلم يأخذ بالشفعة كلها، وليس له
أن يأخذ بقدر حقه ويترك الباقي" باع شقصاً من أرض
مشتركة هذه الأرض مثل ما مثلنا لعشرة، فسلم بعض من له
فيها الشفعة للبائع، قال: أنا خلاص أنا بعت مثل بيعك،
خمسة قالوا: موافقين على البيع، وأربعة؟ خمسة وافقوا
البائع قالوا: خلاص ما إحنا مشفعين، الرأي ما رأيت،
وأربعة قالوا: لا، نبي نشفع "وأبى بعضهم إلا أن يأخذ
بالشفعة، إن من أبى أن يسلم يأخذ بالشفعة كلها" لكن
هؤلاء الأربعة يقولون: ما نتحمل نصيب كامل، إحنا ما
نشفع إلا بقدر نصيبنا، ما نتحمل إلا بقدر نصيبنا.
"إن من أبى أن يسلم يأخذ بالشفعة كلها، وليس له أن
يأخذ بقدر حقه ويترك ما بقي" لأن كما تقرر مراراً أن
الشرع لا ينظر إلى مصلحة أحد على حساب الآخر.
(126/20)
"قال مالك: في نفر شركاء في دار واحدة،
فباع أحدهم حصته وشركاؤه غيَّب كلهم إلا رجل واحد" هم
عشرة فباع واحد منهم نصيبه، وشركاؤه التسعة غائبون،
كلهم غيَّب، إلا رجل واحد حاضر منهم، فصار ثمانية
غائبون، وواحد بائع، وواحد حاضر "فعرض على الحاضر أن
يأخذ بالشفعة أو يترك، فقال: أنا آخذ بحصتي" أنا أشفع
بالعشر فقط؛ لأن نصيبي العشر "فقال: أنا آخذ بحصتي
وأترك حصص شركائي حتى يقدموا" والله ما عندي استعداد
أشفع بالنصيب كامل، وأدفع القيمة كاملة، ثم إذا جاؤوا
قالوا: مالك إلا نصيبك، نحن نبي نشفع مثلك، قال: أنا
أشفع بالعشر، قالوا: لا، تشفع بالجميع؛ لئلا يبقى
البيع معلقاً.
"قال: أنا آخذ بحصتي، وأترك حصص شركائي حتى يقدموا،
فإن أخذوا فذلك، وإن تركوا أخذت جميع الشفعة" أنا ما
أريد أن أشتري العشر في أمر متردد غير مجزوم به، يعني
مثل ما يصنع أصحاب الشركات، إذا أعلنت شركة مساهمة
أخذوا من الناس الأموال، يأخذون من زيد عشرين ألف، حتى
يخصص له ما يستحقه من أسهم، ثم بعد ستة أشهر عند
التخصيص يأخذون منه ألف ونصف، ويردون عليه ثمانية عشر
وخمسمائة، وهذا حاصل، استفادوا منها خلال الستة
الأشهر، وبعد ذلك ما خصصوا له إلا هذه الأسهم اليسيرة،
فيقول: أنا لا أريد أن أعلق أموالي أشتري الشقص كامل،
ثم بعد ذلك إذا قدموا من السفر لا يحصل لي إلا العشر،
ترى هذا نظير التخصيص في الأسهم.
قال: "أنا آخذ بحصتي، وأترك حصص شركائي حتى يقدموا،
فإن أخذوا فذلك، وإن تركوا أخذت الجميع" جميع الشفعة.
"قال مالك: ليس له إلا أن يأخذ ذلك كله أو يترك، فإن
جاء شركاؤه أخذوا منه أو تركوا إن شاءوا" يعني الأمر
إليهم؛ لأن حقهم لا يسقط "فإذا عرض هذا عليه فلم يقبله
فلا أرى له شفعة" لماذا؟ لأن المشتري يتضرر؛ فلا تلاحظ
حال الشفيع هذا بناءً على حساب المشتري، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
(126/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب البيوع
(24)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: كيف تكون صورة القراض في أكثر من شخص؟
ممكن، أن يدفع صاحب المال إلى أكثر من شخص يضاربون
بماله، يدفع لهذا مائة ألف، والثاني مائة ألف، والثالث
مائة ألف، أو يدفع إلى الثلاثة مجتمعين ثلاثمائة ألف،
وتكون الأرباح بينهم أرباعاً.
وهل من الممكن قلب الدين إلى قراض؟
يعني شخص في ذمته مبلغ مائة ألف لشخص، فقال له: ضارب
بهذه المائة إلى أن تكون رابحة، فتدفع لي بعض الربح،
لا بد أن يقبض المال ويدفعه إليه؛ لأنه إن ضارب به قبل
قبضه، دفع إليه أكثر من حقه، فيكون ربا حينئذٍ، فلا بد
من قبضه.
وكيف يزكي القراض؟ هل يكون من رأس المال أم الربح؟
ربح التجارة حكمه حكم أصلها، فإذا حال الحول على هذا
المال يقوّم، فالمائة ألف إذا ربحت عشرين يزكي مائة
وعشرين ألف، وإذا خسرت عشرة يزكي تسعين.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر
للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا تقع فيه الشفعة
قال يحيى: قال مالك: عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن
حزم أن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- قال: إذا
وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها، ولا شفعة في بئر،
ولا في فحل النخل.
قال مالك -رحمه الله-: على هذا الأمر عندنا.
قال مالك: ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها أو لم
يصلح.
قال مالك: والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة الدار
صُلح القسم فيها ...
صَلُح، صلح القسم.
أحسن الله إليك.
صلح القسم فيها أو لم يصلح.
قال مالك في رجل اشترى شقصاً من أرض مشتركة على أنه
فيها بالخيار، فأراد شركاء البائع أن يأخذوا ما باع
شريكهم بالشفعة قبل أن يختار المشتري، إن ذلك لا يكون
لهم حتى يأخذ المشتري، ويثبت له البيع، فإذا وجب له
البيع فلهم الشفعة.
(127/1)
وقال مالك في الرجل يشتري أرضاً فتمكث في
يديه حيناً، ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقاً بميراث، إن
له الشفعة إن ثبت حقه، وأنما أغلت الأرض من غلة فهي
للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر؛ لأنه قد كان
ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس، أو ذهب به سيل،
قال: فإن طال الزمان أو هلك الشهود أو مات البائع أو
المشتري، أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول
الزمان، فإن الشفعة تنقطع، ويأخذ حقه الذي ثبت له، وإن
كان أمره على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه،
وأنه يرى أن البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع بذلك حق
صاحب الشفعة قوّمت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها،
ويصير ثمنها إلى ذلك، ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من
بناء أو غراس أو عمارة، ويكون على ما يكون عليه من
ابتاع الأرض بثمن معلوم، ثم بنى فيها وغرس، ثم أخذها
صاحب الشفعة بعد ذلك.
قال مالك: والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال
الحي، فإن خشي أهل الميت أن ينكسر مال الميت قسموه ثم
باعه فليس عليهم فيه شفعة.
قال مالك: ولا شفعة عندنا في عبد ولا وليدة ولا بعير
ولا بقرة ولا شاة ولا في شيء من الحيوان ولا في ثوب
ولا في بئر ليس لها بياض، إنما الشفعة في ما يصلح أنه
ينقسم، وتقع فيه الحدود من الأرض، فأما ما لا يصلح فيه
القسم فلا شفعة فيه.
قال مالك: ومن اشترى أرضاً فيها شفعة لناس حضور
فليرفعهم إلى السلطان، فإما أن يستحقوا، وإما أن يسلم
له السلطان، فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان،
وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه، ثم
جاءوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا تقع فيه الشفعة
بعد أن ذكر في الباب الأول ما تقع فيه الشفعة، وما
تدخله الشفعة، ذكر ما لا تقع فيه الشفعة.
"قال -رحمه الله-: قال يحيى: قال مالك: عن محمد بن
عمارة عن أبي بكر بن حزم أن عثمان بن عفان قال: إذا
وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة" وهذا مفاده في الحديث
المرفوع الصحيح ((إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا
شفعة)) في الأرض.
(127/2)
يقول: "ولا شفعة في بئر، ولا في فحل النخل"
كيف الشفعة في البئر وفي الفحل؟ لأنه يريد أن يحصر
الشفعة في ما يمكن قسمه، وتقع فيه الحدود، على ما
سيأتي، وأيضاً البئر وفحل النخل لا يمكن بيعه مستقلاً،
إلا بالأرض؛ لأنه يباع تبعاً، أو تباع الأرض تبعاً له،
فإذا كان الشراء للبئر وفحل النخل فإن الأرض التي
تحويه تبعاً له، لا سيما البئر الذي لا يمكن نقله، أما
بالنسبة لفحل النخل الذي يمكن نقله فهذا من المنقول
الذي لا شفعة فيه عند عامة أهل العلم.
وكأن الإمام -رحمه الله تعالى- جعل خبر عثمان المؤيد
بالحديث المرفوع جعله ضابط لما فيه شفعة وما لا شفعة
فيه، فما أمكن قسمه، وتقع فيه الحدود قبل ذلك يكون فيه
الشفعة، وبعد ذلك، بعد القسم، وتحديد الحدود ورسم
المراسيم فإنه حينئذٍ لا شفعة، والبئر وفحل النخل لا
يمكن أن تقع فيه الحدود، وحينئذٍ فلا شفعة فيه، كأنه
انطلق من هذا الخبر، يعني قعد بقول عثمان، أن الشفعة
إنما تكون فيما يمكن أن تقع فيه الحدود، ويمكن قسمته،
أما ما لا يمكن قسمته فإنه لا شفعة فيه.
"قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا" عندهم في المدينة،
وعلماء المدينة وفقهاء المدينة يقولون بهذا.
(127/3)
"قال مالك: ولا شفعة في طريق صلح القسم
فيها أو لم يصلح" الطريق يشتركون في طريق يصلح القسم
فيها أو لم يصلح، يشتركون في طريق يؤدي إلى داريهما،
سواء كان من الممكن قسمه أو لا يمكن، لماذا؟ لأنه إذا
باع صاحب أحد الدارين هذا الطريق على شخص، يعني عندنا
داران متجاورتان يؤدي إليهما طريق واحد نعم، فباع داره
بطريقها، فأراد الجار أن يشفع في هذا الطريق، ويترك
الدار، هو لا يريد أن يشفع في الدار، يريد أن يشفع في
الطريق، يقول: الطريق بيننا، أنا با أشفع، يقال له: لا
ولو أمكن قسمته، لماذا؟ لأنه نصفه له بالملك الأول،
والثاني يريد أن يشفع فيه، فكيف يصل المشتري إلى داره؟
الطرق منها الواسع، ومنها الضيق، وكانوا يحددون الطرق
بسبعة أذرع، ثلاثة أمتار ونصف، لما كانت وسائل النقل
تعبر هذه الطرق بسهولة، لكن الآن ثلاثة أمتار ونصف ما
يستفاد منه، وأمام المسجد الآن، أمام المحراب طريق
عرضه متر، هذا لا يمكن قسمه بالكلية؛ لأن هذا جعل ممر
لأصحاب البيوت التي في الشارع المقابل الموازي ليصلوا
إلى المسجد بسهولة، فمثل هذا لا يمكن أن يشفع فيه، وقل
مثل ذلك لو كان الطريق مملوكاً لاثنين، ويمكن قسمته
لأنه يؤدي إلى سد الطريق عن صاحب البيت إلى بيته الذي
اشتراه، لكن لو اشترى، لو شفع في البيت ثبت الطريق
تبعاً لها على القول بأن الجار له أن يشفع.
"قال مالك: والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة دار صلح
القسم فيه أو لم يصلح" العرصة هي الساحة التي تكون
أمام البيوت، شخص يريد أن يشفع بالعرصة فقط التي هي
الساحة يبيها مواقف للسيارات، لكن إذا ملكها يكون مرور
أصحاب الدور من خلالها غصب، تصرف في ملك الغير، وعلى
هذا يكون الضرر حاصل بهم فلا شفعة.
(127/4)
"قال مالك: في رجل اشترى شقصاً من أرض
مشتركة على أنه فيها بالخيار" اشترى نصف أرض أو ثلث
أرض أو ربع أرض على أن يكون له الخيار مدة شهر "فأراد
شركاء البائع أن يأخذوا ما باع شريكهم بالشفعة قبل أن
يختار المشتري: إن ذلك لا يكون لهم حتى يأخذ المشتري،
ويثبت له البيع، فإذا وجب له البيع فلهم الشفعة" يعني
قبل مضي الشهر لا يجوز لهم الشفعة، وبعد مضيه ولزوم
البيع ووجوبه فإن لهم أن يشفعوا؛ لأن الخصم المشفع
المالك أو المشتري في الشفعة من خصم .. ، الذي يريد أن
يشفع؟ المشتري، والآن ما بعد دخلت في ذمة المشتري
ليكون خصم له، هي ما زالت على ملاك البائع، في مدة
الخيار العين للبائع وليست للمشتري، نعم، وهو ما زال
شريكاً له حتى إذا ثبت البيع بعد مضي المدة له أن
يطالب المشتري بأن يتنازل عن الأرض له بقيمتها.
طالب:. . . . . . . . .
من يطلب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الآن الشفعة، خصم المشفع الذي يريد أن يشفع،
الذي يريد الشفعة خصمه المشتري، وإلا لو لم يقل ذلك
قلنا: تلغى الشركات كلها، لو قلنا: خصمه شريكه ألغينا
الشركات كلها، كل الناس يبوا يشفعون مع شركائهم، لكنه
أقدم على هذه الشركة مع ووجود هذا الرجل المشارك له،
إن باع هذا الشريك حصته، ورغب عنها فأولى الناس بها
شريكه، فيعرض عليه إن أرادها وإلا سقط حقه، إن باعها
من غير عرض على طرف ثالث، فللشريك أن يشفع، لكن متى
يشفع إذا ثبت البيع، إذا ثبت البيع، طيب نفترض أن صاحب
الخيار هذا الذي اشترى والخيار له لمدة شهر اشتراها،
ثم قال بعد مضي نصف شهر أو عشرين يوم: والله أنا هونت،
استخرت، ما هو لي الخيار؟ أنا ما أقدم على الشراء، ثم
جاء المشفع إلى صاحب الأرض وقال: ما دام صاحبك لا
يريدها أنا أريدها، نقول: ليس له ذلك؟ ليس له إلزام
الشريك، وإما كون الشريك يبيع عليه هذا الأمر سهل،
الأمر لا يعدوهما، لكن ليس له أن يلزم الشريك كما أن
له أن يلزم المشتري.
(127/5)
"وقال مالك في الرجل يشتري أرضاً فتمكث في
يديه حيناً، ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقاً بميراث: إن
له الشفعة إن ثبت حقه" في الرجل يشتري أرضاً فتمكث في
يديه حيناً، اشترى أرض ومكثت سنة مثلاً، ثم يأتي رجل
فيدرك فيها حقاً بميراث، كانت هذه الأرض مملوكة من
أكثر من شخص، من هؤلاء مورث هذا الرجل الذي أتى وأدرك
هذه الأرض، فيحل محل مورثه، فيكون شريكاً في أصلها،
فله حق الشفعة إن ثبت حقه، وهذا أمر لا بد منه، الذي
لا يثبت لا يترتب عليه أحكامه.
"وأن ما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول" الذي
مكثت في يديه سنة، ولم يطالبه أحد بها "إلى يوم يثبت
حق الآخر" يعني طول هذه السنة وذاك الرجل يستغلها، وله
الغلة، لماذا؟ لأنه ضامن لها، والخراج بالضمان، والغنم
مع الغرم، فمادام ضامن لها لو تلفت، فإن له غلتها،
شريطة أن لا يكون لديه علم بأن للبائع عليه شركاء،
ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لكن لو عرف أن فيها شركاء لهذا
البائع؟ نعم؟
طالب: يمكن يغير رأيه فيها.
المقصود أنه لو عرف وقال: نبي نستغلها إلى أن يطالبون،
نعم؟
طالب: لهم حقهم.
نعم ليس له ذلك، ليس له الغلة، له نصيبه منها، شخص طلب
أرضاً من ولي الأمر، فأمر أن تعطى له هذه الأرض في
المكان الفلاني، وحدد المكان، المسئول عن قسم الأراضي
في بلدية من البلديات سكت على هذه الأرض، ويعرف أنها
صرفت لفلان، فجاء فلان يطالب قال: جاءنا لك أمر،
ونطبقه لك، فطبق له غير هذه الأرض، أرض بعيدة لا تسوى
شيئاً، وسور هذه الأرض، واستغلها لمدة عشر سنين، ثم
علم صاحب الأرض، فماذا يصنع؟ الذي هي له في الحقيقة؟
طالب: المأمور له.
المأمورة له بها، معينة، معينة هذه الأرض، فلما جاء
إلى البلدية قالوا: جاء لك أمر صحيح، لكن نطبقه لك نبي
نشوف لنا أرض بيضاء هذه الخريطة، تبي ها المكان؟ يعني
في أقصى الغرب، أو هذا المكان في أقصى الشرق؟ ثم يختار
أحدهم، وبعد عشر سنين عرف أن أرضه في القلب، وصاحب
البلدية مسور هذه الأرض ويستغلها، يملك الثانية
الأخيرة البعيدة هذه بالإحياء؟ إذا تصورنا أنه أحياها
عمرها أو زرعها يملكها بالإحياء، يعني كسب على
الوجهين، والثانية الأولى؟
طالب: حقه.
(127/6)
بالتعيين، يملكها بالتعيين، وماذا يصنع
بالنسبة لمن استغلها؟
طالب: يعزر.
عليه أجرة المثل لمدة عشر سنوات.
طالب: يعزر.
عاد التعزير ... الله المستعان.
"لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس أو ذهب
به سيل" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أرض غاصبة، ظالمة.
طالب: كيف؟
ليس لعرق ظالم حق، ما له حق أبداً.
طالب: يأخذها بما فيها.
بما فيها، وأجرة المثل، قال ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يأخذ جميع غلتها ودخلها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يأخذها إيه؛ لأنه ظالم ومتعدٍ، نسأل الله العافية.
قال: "فإن طال الزمان أو هلك الشهود أو مات البائع أو
المشتري أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول
الزمان" نعم هناك بيوت قديمة، فيها ناس تعاقبوها، فهل
يطالبون بوثائقها؟ توارثوها من مئات السنين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم في بيت في مكة تداعاه آل فلان وآل فلان، كلهم
يتداعونه وليس بأيديهم ما يثبت، لا هؤلاء ولا هؤلاء،
والقاضي يحتار، القاضي لا شك أنه يحتار، ومن غرائب
الاتفاق أن هذا القاضي اشترى كتب وهو يتصفح هذه الكتب
وجد دعوة، دعوة زواج في البيت نفسه، مكتوب في بيت آل
فلان، وهذا الزواج قبل خمسين سنة، هذا حاصل، يعني
واقعة، فلما ذهب إلى المحكمة، الآن بيده طرف الخيط،
فانحلت المسألة، لكن طول الزمان على كل حال يعرض العقد
إلى النسيان، البائع ينسى، المشتري ينسى، لا سيما مع
عدم الكتابة، أو مع تلف الكتابة، هذه الأوراق يعتريها
ما يعتريها، ولذا أهل الحرص والتحري يعمدون إلى
الأوراق القوية، الأوراق التي تصبر على مر الزمن،
فالأملاك ذات الأثمان الغالية يكتبونها في هذه،
فالعوام يسمونه ورق معشر، وهو المعروف عند أهل
الاختصاص بالكتان، ورق الكتان الآن عندنا صحيح البخاري
من مائة وعشرين سنة كأنه هذا، بس ورق متين لا يؤثر فيه
الزمن، فيكتبون هذه العقود بمثل هذا الورق.
(127/7)
شخص من الأشخاص اشترى أرضاً في مكان ما،
أرض كبيرة وعلى شوارع، فأوقفها مقبرة، وكتب خلف هذه
الورقة القوية المتينة: قد أوقفت الأرض المذكورة مقبرة
للمسلمين في بلد كذا، في بلد الأرض، ارتفعت قيمة الأرض
أضعاف، عشرة أضعاف أو أكثر، فاعتراه الضعف الإنساني
فألصق ورقة خلف هذه الورقة، وباع الأرض، فأتى إلى
القاضي ليفرغها، القاضي استغرب يعني كيف ورق معشر
وملصق بورقة؟ قال: ما الداعي لإلصاق هذه الورقة؟ قال:
علشان تنحفظ، هذه أرض ثمينة، ولازم نحفظها بورقتين،
وبعد يمكن نحط عليها ثالثة، القاضي صار عنده شيء من
النباهة، قال: أنا أبا أفك هذا، أبا أفك الورقة
الملصقة، بطريقتهم فكوها، فلما فكها وجدها وقف، فقال:
ما لك شيء، الأرض وقف وخرجت من يدك، فخسر الدنيا
والآخرة، رجع في نيته والأرض ماشية، وقف، فلا شك أن
هذه الأمور مع طول الوقت تنسى، ولذلك لا بد من
الكتابة، لا سيما ما يكون في ذمة الشخص، لا بد أن يكتب
جميع ما عليه، وهذه هي الوصية الواجبة، فيكتب ما بذمته
لئلا تخترمه المنية، ثم يضيع الحق.
يقول: "فإن طال الزمان أو هلك الشهود ... "
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو مسك طرف الخيط، طرف الخيط ومسكه، قال: هذه ويش
تقولون بها؟ الزواج ذه، صح وإلا ما هو صحيح؟ قالوا:
صحيح، فلانة أخذها فلان، وفي بيت من؟ المقصود أن مثل
هذا يستدرجهم، ما هو بيحكم بهذه الورقة، لا، لكنه يبدأ
منها، يبدأ من هذه الورقة، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الآن القاضي يستروح ويميل إلى دعوى فلان على فلان؛ لأن
معه طرف خيط، ويمكن أن يسألهم، ما يقول لهم: إن الأرض
لفلان أو بيت فلان، ويقول: ماذا تعرفون عن زواج فلان
مثلاً؟ يستدرجهم بهذا، وإلا القاضي ما يحكم بعلمه،
معروف هذا، ولذلك ما قلت لكم: مسك الخيط، مسك بطرفه،
وبنباهته وطريقته يستطيع أن يستخرج الحق لصاحبه.
طالب:. . . . . . . . .
(127/8)
يصير انحاز، يصير انحاز لو سلمها لأصحابها،
يصير انحاز إلى أحد الخصمين، وإلا يبدأ هو بطريقته
كالمشورة للاثنين على حد سواء، تعرف فلان؟ ليبدأ
بالثاني اللي ما هي بلهم الأرض، تعرف فلان؟ نعم أعرفه،
ويش علاقتك به؟ قال: والله أذكر أنه ناسب آل فلان أو
فلان، ثم بطريقته يستدرجهم.
قال: "فإن طال الزمان أو هلك الشهود، أو مات البائع أو
المشتري، أو هما حيان فنسي أصل البيع والشراء لطول
الزمان فإن الشفعة تنقطع" الآن أصل الملك يكاد ينقطع
فضلاً عن الشفعة "ويأخذ حقه الذي ثبت له، وإن كان أمره
على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه" يعني العهد
قريب ما نسي "وأنه يرى أن البائع غيب الثمن وأخفاه
ليقطع بذلك حق صاحب الشفعة" وأنه يرى أن البائع غيب
الثمن، الآن إذا باع البائع وقبض الثمن باع نصف الأرض
بمائة ألف، واستلمه وصرفه أو غيبه، قال: ضاع، تلف،
أنفق، كيف تكون الشفعة؟ المشتري يطالب البائع بالثمن،
لكن لا يعرض حقه للضياع.
"وإن كان أمره على غير هذا الوجه في حداثة العهد
وقربه، وأنه يرى أن البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع
بذلك حق صاحب الشفعة قومت الأرض على قدر ما يرى أنه
ثمنها" كم تستحق الأرض؟ قال لك: بكم بعت؟ قال: والله
ما أدري بكم أنا بعت، جمع لي أعيان وعروض وأموال،
وقال: هذه بدل أرضك، يريد بذلك أن يقطع الخط على صاحب
الشفعة؛ لأنه يستكثر هذه الأمور، فيقول: إنه لا
يطيقها، فتقوم الأرض؛ لأن بعض الناس إذا أراد أن يخفي
الثمن، والله بكم اشتريت ها الكتاب؟ قال: نسيت، وهو ما
نسى، يقول: نسيت، ويمكني شريته مع مجموعة كتب، ولا
أدري بكم صار ما يخصه من الثمن؟ أو يقول: الآن والله
نسيت كم، أو كان طلب فيه كذا، طلب فيه ألف، وهو في
الحقيقة مشتريه بنصف الألف، لكنه مع مجموعة كتب يمكن
نزل فيه شيء، وقل مثل هذا في السلع كلها، يريد أن يخفي
على من يريد الشراء؛ ليكسب من ورائه، أو يريد الشفاعة
ليبطل شفاعته.
"قومت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها" وتكون حينئذٍ
إن كانت بربح فهي من نصيب المشتري، هذه الأرض قال: أنا
اشتريتها بسيارات، وقطع أراضي، وفلوس وأطعمة، كم تسوى
الأرض؟ تسوى خمسمائة ألف تأخذها بقيمتها وإلا لا؟
(127/9)
"قومت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها،
ويصير ثمنها إلى ذلك، ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من
بناء أو غراس أو عمارة، فيكون على ما يكون عليه من
ابتاع الأرض بثمن معلوم، ثم بنى فيها وغرس، ثم أخذها
صاحب الشفعة بعد ذلك" نعم "ثم ينظر إلى ما زاد في
الأرض من بناء أو غراس أو عمارة، فيكون على ما يكون
عليه من ابتاع الأرض بثمن معلوم" يعني تضاف هذه الأمور
على قيمة الأرض "ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك" يعني
بغراسها، إذا أرادها بغراسها وبتكاليفها يأخذها.
"قال مالك: والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال
الحي" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، تقوّم مثل ما .. ، يعني قومها بما تستحق بلا قول،
وإن قومها بشيء فاحش يؤتى بأهل النظر فيقومونها.
"قال مالك: والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال
الحي، فإن خشي أهل الميت أن ينكسر مال الميت قسموه، ثم
باعوه فليس عليهم فيه شفعة"
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش معنى هذا الكلام؟
"الشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحي" نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو شريك لإخوانه الذين ورثوا هذه الأرض من أبيهم،
لكن هل هذا مراد المؤلف؟ "الشفعة ثابتة في مال الميت
كما هي في مال الحي، فإن خشي أهل الميت أن ينكسر مال
الميت قسموه ثم باعوه فليس عليهم فيه شفعة" يعني قسموه
قبل أن يقتسموه، يعني قبل أن يؤول إليهم بالإرث؛ لأنهم
ما ملكوه بعد.
"الشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحي، فإن
خشي أهل الميت أن ينكسر مال الميت" كيف ينكسر مال
الميت؟
طالب: يضيع ما يثبت، يقل بسبب الشفعة
يعني لو افترضنا أن أرض بمليون ريال، مات عنها زيد،
وأولاده عشرة، فإن قسمت هذه الأرض بين العشرة ضاعت،
العُشر لا يسوى ولا خمسين ألف، ها تباع جميع وإلا
تقسم؟ لو قال واحد: أنا أبي ها البقعة ولو .. ، مثل
ناس لهم أرض بالمدينة، وعددهم كثير جداً، ورثة، فقالت
عجوز منهم: أنا أريد نصيبي ولو حمام بالمدينة، أنا لا
أتنازل عنه.
طالب: يبيعون وتشفع ....
يعني يباع على الجميع؛ لأنه لو فرق تضرروا، وانكسر
هذا.
(127/10)
"قال مالك: ولا شفعة عندنا في عبد ولا
وليدة" لأن مثل هذه الأمور لا تتضرر بالشركة "ولا بعير
ولا بقرة ولا شاة" لأن هذه كلها أمور منقولة، والجمهور
على عدم الشفعة فيها "ولا في شيء من الحيوان، ولا في
ثوب، ولا في بئر ليس لها بياض" يعني لا يتبعها أرض؛
لأن الشفعة في الأصل إنما هي في الأراضي.
"لها بياض، إنما الشفعة فيما يصلح أنه ينقسم، وتقع فيه
الحدود من الأرض" أخذاً من مفهوم قوله: ((فإذا وقعت
الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة)) فالذي لا يدخل فيه
التقسيم معرفة الحدود، وتصريف الطرق لا يصلح للشفعة،
فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه.
"قال مالك: ومن اشترى أرضاً فيه شفعة لناس حضور
فليرفعهم إلى السلطان" اشترى نصف هذه الأرض والشريك
حاضر، أو شركاء حضور، وهو مستعجل على هذه الأرض، يريد
أن ينشئ عليها شيء يستغله، ويتوقع أن يشفعوا بعد أن
يتعب على هذه الأرض، هذا على القول بأن الشفعة على
التراخي، وأما إذا قلنا: إن الشفعة على الفور وكحل
العقال، هذا لا يتجه مثل هذا الكلام، لكن إذا خشي أن
يشفعوا؛ لأن بعض الناس يصير عنده كيد يريد أن يكيد
لأخيه يقول: خله يتعب، ثم بعد ذلك نأخذها منه، إذا خشي
من هذه يرفع أمرهم إلى السلطان، يقول: أنا اشتريت أرض
فإن كان لهم نظر في شفعة فليتقدموا الآن قبل أن نتعب
عليها، الإفراغ متعب فضلاً عن العمارة والزراعة
وغيرها، إن كان لهم نظر فمن الآن.
"من اشترى أرضاً فيها شفعة لناس حضور فليرفعهم إلى
السلطان، فإما أن يستحقوا" يأخذوا الأرض بقيمتها،
"وإما أن يسلم له السلطان" يقول: اشتغل، خلاص ما لهم
شيء.
"فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان، وقد علموا
باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه، ثم جاءوا يطلبون
شفعتهم فلا أرى ذلك لهم" يعني طال طول بين، تركوه حتى
عمر وانتهى، حتى على القول بأنها على التراخي، التراخي
له حد، لا يعني أنه .. ، الضرر لا يزال بالضرر، حينئذٍ
عليهم أن يبادروا بالشفعة، إذا تراخوا يومين أو ثلاث
أو شيء من هذا شيء يسير، على القول بالتراخي لهم ذلك،
لكن لا يعني أنه إذا تورط المشتري، وخسر عليها خسارة
قالوا: لنا الشفعة.
(127/11)
ثم قال: "فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى
السلطان، وقد علموا باشترائه، فتركوا ذلك حتى طال
زمانه، ثم جاءوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم" لأنهم
أرادوا به الإضرار؛ لأن بعض الناس ينتظر، ويشوف ويش
يصير عليه؟ يمكن الأرض تنزل، فيقول: الحمد لله الذي
أخلصنا منها، يمكن ترتفع يقول: لي الشفعة، فلا شك أن
الناس عندهم شيء من هذه التصرفات، وبهذا نكون قد
أنهينا الكلام على المعاملات، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
(127/12)
|