عمدة القاري شرح صحيح البخاري

(بَاب إِذا لم يدر كم صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس)
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا لم يدر الْمُصَلِّي كم صلى ثَلَاث رَكْعَات أَو أَربع رَكْعَات فَإِنَّهُ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَالْحَال أَنه جَالس
255 - (حَدثنَا معَاذ بن فضَالة قَالَ حَدثنَا هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي عَن يحيى ابْن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ أدبر الشَّيْطَان وَله ضراط حَتَّى لَا يسمع الْأَذَان فَإِذا قضي الْأَذَان أقبل فَإِذا ثوب بهَا أدبر فَإِذا قضي التثويب أقبل حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه يَقُول اذكر كَذَا وَكَذَا مَا لم يكن يذكر حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى فَإِذا لم يدر أحدكُم كم صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَإِذا لم يدر " إِلَى آخِره والْحَدِيث مضى فِي بَاب تفكر الرجل الشَّيْء فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن جَعْفَر عَن الْأَعْرَج وَمضى أَيْضا فِي بَاب فضل التأذين فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهِ وَنَذْكُر هَهُنَا مَا يتَعَلَّق بالمسائل مَعَ بعض التَّعَرُّض إِلَى بعض الْمَتْن قَوْله " فَإِذا قضى التثويب " أَي إِذا فرغ مِنْهُ وَهُوَ إِقَامَة الصَّلَاة قَوْله " حَتَّى يخْطر " أَكثر الروَاة على ضم الطَّاء والمتقنون على أَنه بِالْكَسْرِ قَوْله " أَن يدْرِي " بِكَسْر الْهمزَة لِأَنَّهَا نَافِيَة أَي مَا يدْرِي قَوْله " فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس " لَيْسَ فِيهِ تعْيين مَحل السُّجُود وَقد رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة بن عمار عَن يحيى بن أبي كثير بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا " إِذا سَهَا أحدكُم فَلم يدر أزاد أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ يسلم " وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن عَمه نَحوه بِلَفْظ " وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم " وروى أَيْضا من طَرِيق ابْن إِسْحَق قَالَ حَدثنِي الزُّهْرِيّ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ " فليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم ثمَّ يسلم " (فَإِن قلت) هَذِه الرِّوَايَات تدل على أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام (قلت) رِوَايَات الْفِعْل متعارضة فَبَقيَ لنا رِوَايَة القَوْل وَهُوَ حَدِيث ثَوْبَان لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يسلم من غير فصل بَين الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان سالما من الْمعَارض فَيعْمل بِهِ لسلامته عَن الْمعَارض. ثمَّ الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَطَائِفَة من السّلف بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث وَقَالُوا إِذا شكّ الْمُصَلِّي فَلم يدر زَاد أَو نقص فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا سَجْدَتَانِ وَهُوَ جَالس عملا بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الشّعبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَجَمَاعَة كَثِيرَة من السّلف إِذا لم يدر كم صلى لزمَه أَن يُعِيد الصَّلَاة مرّة بعد أُخْرَى أبدا حَتَّى يستيقن وَقَالَ بَعضهم يُعِيد ثَلَاث مَرَّات فَإِذا شكّ فِي الرَّابِعَة فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَآخَرُونَ مَتى شكّ فِي صلَاته هَل

(7/312)


صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا لزمَه الْبناء على الْيَقِين فَيجب أَن يَأْتِي برابعة وَيسْجد للسَّهْو عملا بِحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه. فَلفظ مُسلم قَالَ أَبُو سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم فَإِن صلى خمْسا شفعن لَهُ صلَاته وَإِن كَانَ صلى إتماما لأَرْبَع كَانَتَا ترغيما للشَّيْطَان " وَلَفظ أبي دَاوُد " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليلق الشَّك وليبن على الْيَقِين فَإِذا استيقن التَّمام سجد سَجْدَتَيْنِ فَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَت الرَّكْعَة نَافِلَة والسجدتين وَإِن كَانَت نَاقِصَة كَانَت الرَّكْعَة تَمامًا لصلاته وَكَانَت السجدتان مرغمتين للشَّيْطَان " أَي مغيظتين لَهُ ومذلتين لَهُ مَأْخُوذ من الرغام وَهُوَ التُّرَاب وَمِنْه أرْغم الله أَنفه وَإِنَّمَا يكون إرغاما لِأَنَّهُ يبغض السَّجْدَة لِأَنَّهُ مَا لعن إِلَّا من إبائه عَن سُجُود آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَت الشَّافِعِيَّة فَحَدِيث أبي سعيد هَذَا مُفَسّر لحَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور فَيحمل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ الشَّك عرض لَهُ أول مرّة يسْتَقْبل وَإِن كَانَ يعرض لَهُ كثيرا بنى على أكبر رَأْيه لما رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم " إِذا شكّ أحدكُم فليتحر الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ " وَإِن لم يكن لَهُ رَأْي بنى على الْيَقِين لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر وَاحِدَة صلى أَو اثْنَيْنِ فليبن على وَاحِدَة فَإِن لم يدر ثِنْتَيْنِ صلى أَو وَاحِدَة فليبن على ثِنْتَيْنِ فَإِن لم يدر ثَلَاثًا صلى أَو أَرْبعا فليبن على ثَلَاث وليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَقُول إِذا سَهَا أحدكُم " إِلَى آخِره وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا وَلَفظه " إِذا سَهَا أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر وَاحِدَة صلى أَو ثِنْتَيْنِ فليجعلها وَاحِدَة وَإِذا شكّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاث فليجعلها ثِنْتَيْنِ وَإِذا شكّ فِي الثَّلَاث والأربع فليجعلها ثَلَاثًا ثمَّ ليتم مَا بَقِي من صلَاته حَتَّى يكون الْوَهم فِي الزِّيَادَة ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم " وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَلَفظه " فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا فليتم فَإِن الزِّيَادَة خير من النُّقْصَان " وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فِيهِ عمار بن مطر الرهاوي وَقد تَرَكُوهُ وعمار لَيْسَ فِي السّنَن وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا فِيمَا إِذا شكّ ثمَّ تحرى الصَّوَاب فَإِنَّهُ يَبْنِي على أكبر رَأْيه لما قُلْنَا وتبويب أبي دَاوُد يدل على هَذَا حَيْثُ قَالَ بَاب من قَالَ يتم على أكبر ظَنّه وَذكر الطَّبَرِيّ عَن بعض أهل الْعلم أَنه يَأْخُذ بِأَيِّهِمَا أحب لعدم التَّارِيخ قَالَ وَمِنْهُم من رجح حَدِيث أبي سعيد بِالْقِيَاسِ لِأَن من شكّ أَنه لم يفعل والركعة فِي ذمَّته بِيَقِين فَلَا يبرأ بشك وَفِي التَّوْضِيح وَقَالَ أَبُو عبد الْملك حَدِيث أبي هُرَيْرَة يحمل على كل ساه وَأَن حكمه السُّجُود وَيرجع فِي بَيَان حكم الْمُصَلِّي فِيمَا يشك فِيهِ وَفِي مَوضِع سُجُوده من صلَاته إِلَى سَائِر الْأَحَادِيث المفسرة وَهُوَ قَول أنس وَأبي هُرَيْرَة وَالْحسن وَرَبِيعَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَق وَمَا حمله عَلَيْهِ أَبُو عبد الْملك هُوَ مَا فسره اللَّيْث بن سعد قَالَه مَالك وَابْن الْقَاسِم وَعَن مَالك قَول آخر لَا يسْجد لَهُ أَيْضا حَكَاهُ ابْن نَافِع عَنهُ وَقَالَ ابْن عبد الحكم لَو سجد بعد السَّلَام كَانَ أحب إِلَيّ وَقَالَ آخَرُونَ إِذا لم يدر كم صلى أَعَادَهَا أبدا حَتَّى يحفظ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَالشعْبِيّ وَشُرَيْح وَعَطَاء وَمَيْمُون بن مهْرَان وَسَعِيد بن جُبَير وَقَول آخر أَنهم إِذا شكوا فِي الصَّلَاة أعادوها ثَلَاث مَرَّات فَإِذا كَانَ الرَّابِعَة لم يعيدوها وَالْقَوْلَان مخالفان للآثار وَلَا معنى لمن حد ثَلَاث مَرَّات وَقَالَ النَّوَوِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن حصل لَهُ الشَّك أول مرّة بطلت صلَاته وَإِن صَار عَادَة لَهُ اجْتهد وَعمل بغالب ظَنّه وَإِن لم يظنّ شَيْئا عمل بِالْأَقَلِّ ثمَّ قَالَ قَالَ أَبُو حَامِد قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم مَا رَأَيْت قولا أقبح من قَول أبي حنيفَة هَذَا وَلَا أبعد من السّنة (قلت) النَّقْل عَن إِمَام بِمَا لَيْسَ قَوْله والتشنيع عَلَيْهِ بِغَيْر وَجه أقبح من هَذَا فَكيف رأى النووى نقل هَذَا التشنيع الْبَاطِل عَمَّن فِيهِ ميل إِلَى التعصب الْفَاحِش عَن مثل الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الَّذِي شهد لأبي حنيفَة بِأَن النَّاس عِيَال لَهُ فِي الْفِقْه وَهَذَا الَّذِي نَقله عَن أبي حنيفَة وَنَقله أَيْضا ابْن قدامَة وَغَيره من الْمُخَالفين لَيْسَ بِصَحِيح وَلَا هُوَ بموجود فِي أُمَّهَات كتب أَصْحَابنَا الْمَشْهُورَة بل الْمَشْهُور فِيهَا أَنهم قَالُوا يسْتَقْبل لتقع صلَاته على وصف الصِّحَّة بِيَقِين حَتَّى قَالَ أَبُو نصر الْبَغْدَادِيّ الْمَشْهُور بالأقطع الِاسْتِئْنَاف أولى لِأَنَّهُ يسْقط بِهِ الشَّك بِيَقِين وَمَعَ هَذَا فَأَبُو حنيفَة عمل فِي كل وَاحِدَة من الْأَحْوَال الثَّلَاث بِحَدِيث مَعَ كَون قَول ابْن عمر مثله وروى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه من حَدِيث ابْن سِيرِين عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ أما أَنا فَإِذا لم أدر كم صليت فَإِنِّي أُعِيد وروى من حَدِيث جُبَير عَن ابْن عمر

(7/313)


فِي الَّذِي لَا يدْرِي ثَلَاثًا صلى أَو أَرْبعا قَالَ يُعِيد حَتَّى يحفظ وَعَن جرير بن مَنْصُور قَالَ سَأَلت ابْن جُبَير عَن الشَّك فِي الصَّلَاة فَقَالَ أما أَنا فَإِذا كَانَ فِي الْمَكْتُوبَة فَإِنِّي أُعِيد وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ يُعِيد وَكَانَ شُرَيْح يَقُول يُعِيد وَعَن لَيْث عَن طَاوس قَالَ إِذا صليت فَلم تدر كم صليت فأعدها مرّة فَإِن التبست عَلَيْك مرّة أُخْرَى فَلَا تعدها. وَقَالَ عَطاء يُعِيدهَا مرّة روى ذَلِك عَنهُ مَالك

(بَاب السَّهْو فِي الْفَرْض والتطوع)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم السَّهْو فِي الْفَرْض والتطوع هَل هُوَ سَوَاء فيهمَا أَو يفْتَرق حكمهمَا فَفِيهِ خلاف والأثر والْحَدِيث اللَّذَان فِي الْبَاب يدلان على أَن حكمه فيهمَا سَوَاء أما الْأَثر فَإِن ابْن عَبَّاس يرى أَن الْوتر غير وَاجِب وَمَعَ ذَلِك سجد فِيهِ وَأما الحَدِيث فَإِن قَوْله إِذا صلى فَإِن الصَّلَاة أَعم من الْفَرْض والتطوع على أَن قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث الْبَاب الَّذِي قبله " إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ أدبر الشَّيْطَان " فالنداء غَالِبا يكون للْفَرض وَقد اخْتلفُوا فِي إِطْلَاق الصَّلَاة على الْفَرْض وَالنَّفْل هَل هُوَ من الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ أَو الْمَعْنَوِيّ فَذهب جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ إِلَى الثَّانِي وَذهب الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ إِلَى الأول
(وَسجد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سَجْدَتَيْنِ بعد وتره) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يرى الْوتر سنة وَمَعَ هَذَا سجد فِيهِ فَدلَّ على أَن حكمه فِي السّنة مثل حكمه فِي الْفَرْض وَوصل هَذَا الْمُعَلق ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ رَأَيْت ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سجد بعد وتره سَجْدَتَيْنِ
256 - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَان فَلبس عَلَيْهِ حَتَّى يدْرِي كم صلى فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَقد مضى الحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي قبله مُسْتَوْفِي قَوْله " فَلبس " بِالْبَاء الْمُوَحدَة المخففة هُوَ الصَّحِيح أَي خلط عَلَيْهِ أَمر صلَاته وَمِنْهُم من يثقل الْبَاء من التلبيس

(بَاب إِذا كلم وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ بِيَدِهِ واستمع)
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا كلم الْمُصَلِّي وَالْحَال أَنه فِي الصَّلَاة فَأَشَارَ بِيَدِهِ يُعلمهُ أَنه فِي الصَّلَاة وكلم بِضَم الْكَاف على صِيغَة الْمَجْهُول
257 - (حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنِي ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو عَن بكير عَن كريب أَن ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر رَضِي الله عَنْهُم أَرْسلُوهُ إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالُوا اقْرَأ عَلَيْهَا السَّلَام منا جَمِيعًا وسلها عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد صَلَاة الْعَصْر وَقل لَهَا إِنَّا أخبرنَا أَنَّك تصليهما وَقد بلغنَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَنْهُمَا. وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَكنت أضْرب النَّاس مَعَ عمر بن الْخطاب عَنْهَا قَالَ كريب فَدخلت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فبلغتها مَا أرسلوني بِهِ فَقَالَت سل أم سَلمَة فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا فردوني إِلَى أم سَلمَة بِمثل

(7/314)


مَا أرسلوني بِهِ إِلَى عَائِشَة فَقَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَنْهَا ثمَّ رَأَيْته يُصَلِّيهمَا حِين صلى الْعَصْر ثمَّ دخل عَليّ وَعِنْدِي نسْوَة من بني حرَام من الْأَنْصَار فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة فَقلت قومِي بجنبه قولي لَهُ تَقول لَك أم سَلمَة يَا رَسُول الله سَمِعتك تنْهى عَن هَاتين وأراك تصليهما فَإِن أَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخري عَنهُ فَفعلت الْجَارِيَة فَأَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخرت عَنهُ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ يَا بنت أبي أُميَّة سَأَلت عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر وَإنَّهُ أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس فشغلوني عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بعد الظّهْر فهما هَاتَانِ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَفعلت الْجَارِيَة " أَي قَالَت يَا رَسُول الله فكلمته مثل مَا قَالَت لَهَا أم سَلمَة فَأَشَارَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ وَهَذِه عين التَّرْجَمَة لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلم وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَأَشَارَ بِيَدِهِ. (ذكر رِجَاله) وهم أحد عشر. الأول يحيى بن سُلَيْمَان بن يحيى أَبُو سعيد الْجعْفِيّ مَاتَ بِمصْر سنة ثَمَان وَيُقَال سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَه الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ. الثَّانِي عبد الله بن وهب وَقد تكَرر ذكره. الثَّالِث عَمْرو بن الْحَارِث. الرَّابِع بكير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة تَصْغِير بكر بن عبد الله بن الْأَشَج. الْخَامِس كريب بِضَم الْكَاف مولى ابْن عَبَّاس. السَّادِس عبد الله بن عَبَّاس. السَّابِع الْمسور بِكَسْر الْمِيم ابْن مخرمَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء الزُّهْرِيّ الصَّحَابِيّ. الثَّامِن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر على وزن أفعل القريشي الزُّهْرِيّ الصَّحَابِيّ عَم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَاتَ قبل الْحرَّة وَشهد حنينا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. التَّاسِع عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ. الْعَاشِر أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة وَاسم أبي أُميَّة حُذَيْفَة وَيُقَال سُهَيْل بن الْمُغيرَة. الْحَادِي عشر عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِخْبَار مُفردا فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَفِيه الْإِرْسَال والبلاغ وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه أَن شَيْخه كُوفِي سكن مصر وَابْن وهب وَعَمْرو مصريان والبقية مدنيون وَفِيه عَمْرو يروي عَن اثْنَيْنِ وَفِيه سِتَّة من الصَّحَابَة أَرْبَعَة من الرِّجَال وثنتان من النِّسَاء وَفِيه اثْنَان مذكوران باسم أَبِيه وَاثْنَانِ بِالتَّصْغِيرِ مجردان عَن النِّسْبَة وَوَاحِد بِلَا نِسْبَة أَيْضا وَفِيه أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن سُلَيْمَان وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَرْسلُوهُ " أَي أرْسلُوا كريبا إِلَى عَائِشَة قَوْله " وسلها " أَصله اسألها قَوْله " عَن الرَّكْعَتَيْنِ " أَي صَلَاة الرَّكْعَتَيْنِ قَوْله " أخبرنَا " على صِيغَة الْمَجْهُول قيل كَانَ الْمخبر عبد الله بن الزبير وروى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق " عبد الله بن الْحَارِث قَالَ دخلت مَعَ ابْن عَبَّاس على مُعَاوِيَة فأجلسه مُعَاوِيَة على السرير ثمَّ قَالَ مَا رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهمَا النَّاس بعد الْعَصْر قَالَ ذَلِك مَا يُفْتِي بِهِ النَّاس ابْن الزبير فَأرْسل إِلَى ابْن الزبير فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرتنِي بذلك عَائِشَة فَأرْسل إِلَى عَائِشَة فَقَالَت أَخْبَرتنِي أم سَلمَة فَأرْسل إِلَى أم سَلمَة فَانْطَلَقت مَعَ الرَّسُول " فَذكر الْقِصَّة وَاسم الرَّسُول كثير بن الصَّلْت سَمَّاهُ الطَّحَاوِيّ فِي رِوَايَته قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الله بن أبي لبيد " عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر لكثير بن الصَّلْت اذْهَبْ إِلَى عَائِشَة فسلها عَن رَكْعَتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد الْعَصْر فَقَالَ أَبُو سَلمَة فَقُمْت مَعَه قَالَ ابْن عَبَّاس لعبد الله بن الْحَارِث اذْهَبْ مَعَه فَجِئْنَاهَا فسألناها فَقَالَت لَا أَدْرِي سلوا أم سَلمَة قَالَ فسألناها فَقَالَت دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم بعد الْعَصْر فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقلت يَا رَسُول الله مَا كنت تصلي هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَ قدم عَليّ وَفد من بني تَمِيم أَو جَاءَتْنِي صَدَقَة فشغلوني عَن رَكْعَتَيْنِ كنت أصليهما بعد الظّهْر وهما هَاتَانِ " (قلت) كثير بن الصَّلْت ابْن معدي كرب الْكِنْدِيّ أَبُو عبد الله الْمدنِي قيل أَنه أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذكره ابْن حبَان فِي ثِقَات التَّابِعين وَكَانَ كَاتبا لعبد الْملك بن مَرْوَان وَهُوَ أَخُو زبيد بن الصَّلْت وَعبد الله بن الْحَارِث بن جُزْء الزبيدِيّ الصَّحَابِيّ قَوْله " إِنَّك تصليهما " بِحَذْف النُّون فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره " تصلينهما "

(7/315)


أَي الرَّكْعَتَيْنِ ويروى " تصليها " بإفراد الضَّمِير رَاجعا إِلَى الصَّلَاة قَوْله " وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَكنت أضْرب النَّاس " من الضَّرْب بالضاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ كَانَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يضْرب النَّاس عَلَيْهَا وروى السَّائِب بن يزِيد أَنه رأى عمر يضْرب الْمُنْكَدر على الصَّلَاة بعد الْعَصْر وروى " أصرف النَّاس " من الصّرْف بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء قَوْله " عَنْهَا " أَي عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر وَالْمعْنَى لأَجلهَا وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " عَنهُ " أَي عَن فعل الصَّلَاة وَقَوله " وَقَالَ ابْن عَبَّاس " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَكَذَا قَوْله " قَالَ كريب " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " سل أم سَلمَة " أَصله اسْأَل أم سَلمَة وَفِي رِوَايَة مُسلم " فَقَالَت سل أم سَلمَة فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا فردوني إِلَى أم سَلمَة " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى للطحاوي " أَن مُعَاوِيَة أرسل إِلَى عَائِشَة يسْأَلهَا عَن السَّجْدَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَقَالَت لَيْسَ عِنْدِي صلاهما وَلَكِن أم سَلمَة حَدَّثتنِي أَنه صلاهما عِنْدهَا فَأرْسل إِلَى أم سَلمَة فَقَالَت صلاهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدِي لم أره صلاهما قبل وَلَا بعد فَقلت يَا رَسُول الله مَا سَجْدَتَانِ رَأَيْتُك صليتهما بعد الْعَصْر مَا رَأَيْتُك صليتهما قبل وَلَا بعد فَقَالَ هما سَجْدَتَانِ كنت أصليهما بعد الظّهْر فَقدم عَليّ قَلَائِص من الصَّدَقَة فنسيتهما حَتَّى صليت الْعَصْر ثمَّ ذكرتهما فَكرِهت أَن أصليهما فِي الْمَسْجِد وَالنَّاس يرونني فصليتهما عنْدك " (قلت) القلائص جمع قلُوص وَهُوَ من النوق الشَّابَّة وَهِي بِمَنْزِلَة الْجَارِيَة من النِّسَاء قَوْله " ثمَّ دخل " أَي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " من بني حرَام " بحاء وَرَاء مهملتين مفتوحتين وهم من الْأَنْصَار (فَإِن قلت) إِذا كَانَ بَنو حرَام من الْأَنْصَار فَمَا الْفَائِدَة فِي قَوْلهَا من الْأَنْصَار (قلت) يحْتَمل أَن يكون هَذَا احْتِرَازًا من غير الْأَنْصَار فَإِن فِي الْعَرَب عدَّة بطُون يُقَال لَهُم بَنو حرَام بطن فِي تَمِيم وبطن فِي جذام وبطن فِي بكر بن وَائِل وبطن فِي خُزَاعَة وبطن فِي عذرة وبطن فِي بلَى قَوْله " فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة " وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي " فَأرْسلت إِلَيْهِ الْخَادِم " وَلم يعلم اسْمهَا قيل يحْتَمل أَن تكون بنتهَا زَيْنَب (قلت) هَذَا حدس وتخمين قَوْله " هَاتين " يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ قَوْله " يَا بنت أبي أُميَّة " قد ذكرنَا أَن أَبَا أُميَّة وَالِد أم سَلمَة قَوْله " عَن الرَّكْعَتَيْنِ " أَي اللَّتَيْنِ صليتهما الْآن قَوْله " نَاس من عبد الْقَيْس " وللبخاري فِي الْمَغَازِي " أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس بِالْإِسْلَامِ من قَومهمْ فشغلوني " وَقد مر أَن للطحاوي فِي رِوَايَة " قدم عَليّ وَفد من بني تَمِيم أَو جَاءَتْنِي صَدَقَة فشغلوني " وَقَالَ بَعضهم قَوْله من تَمِيم وهم وَإِنَّمَا هم من عبد الْقَيْس قلت لم يبين وَجه الْوَهم قَوْله " فهما هَاتَانِ " أَي اللَّتَان سألتهما يَا بنت أبي أُميَّة هَاتَانِ الركعتان اللَّتَان كنت أصليهما بعد الظّهْر فشغلت عَنْهُمَا وَقَالَ بَعضهم فِي رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أم سَلمَة عِنْد الطَّحَاوِيّ من الزِّيَادَة " فَقلت أمرت بهما فَقَالَ لَا وَلَكِن كنت أصليهما بعد الظّهْر فشغلت عَنْهُمَا فصليتهما الْآن " وَله من وَجه آخر عَنْهَا " لم أره صلاهما قبل وَلَا بعد " لَكِن هَذَا لَا يَنْفِي الْوُقُوع فقد ثَبت فِي مُسلم عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَنْهَا فَقَالَت كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر فشغل عَنْهُمَا أَو نسيهما أَو صلاهما بعد الْعَصْر ثمَّ أثبتهما وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة أثبتها أَي داوم عَلَيْهَا وَمن طَرِيق عُرْوَة عَنْهَا مَا ترك رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ (قلت) أَرَادَ هَذَا الْقَائِل بِمَا نَقله من كَلَام الطَّحَاوِيّ الغمز عَلَيْهِ والطَّحَاوِي مَا ادّعى نفي الْوُقُوع وَلَكِن ادّعى الانتفاء أَعنِي انْتِفَاء مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة بِمَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة فَإِنَّهُ روى أَولا مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة من تسع طرق. إِحْدَاهَا من رِوَايَة الْأسود ومسروق " عَن عَائِشَة قَالَت مَا كَانَ الْيَوْم الَّذِي يكون عِنْدِي فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا صلى رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر " وَاحْتج بِهِ قوم وَقَالُوا لَا بَأْس أَن يُصَلِّي الرجل بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ على أَنا نقُول أَن هَذِه الرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهَا الطَّحَاوِيّ من طَرِيق عبيد الله بن عبد الله غير حَدِيث الْبَاب فَإِن حَدِيث الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأَزْهَر وَحَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة " عَن مُعَاوِيَة أَنه أرسل إِلَى أم سَلمَة يسْأَلهَا عَن الرَّكْعَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ ركعهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد الْعَصْر فَقَالَت نعم صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدِي رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَقلت أمرت بهما " إِلَى آخر مَا ذَكرْنَاهُ وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا فِي مُسْنده حَدثنَا ابْن نمير قَالَ حَدثنَا طَلْحَة بن يحيى قَالَ زعم لي عبيد الله بن عبد الله بن عتيبة أَن مُعَاوِيَة أرسل إِلَى آخِره نَحوه وَلَكِن فِيهِ " يَا نَبِي الله أنزل عَلَيْك فِي هَاتين السَّجْدَتَيْنِ قَالَ لَا " انْتهى وَجه الِاسْتِدْلَال لِلْجُمْهُورِ بذلك أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أمرت بهَا فَدلَّ ذَلِك أَنَّهَا من خَصَائِصه

(7/316)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى " عَن أم سَلمَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله أفنقضيهما إِذا فاتتا قَالَ لَا " وَبِهَذَا بَطل مَا قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة أَن الأَصْل الِاقْتِدَاء بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعدم التَّخْصِيص حَتَّى يقوم دَلِيل بِهِ وَلَا دَلِيل أعظم وَأقوى من هَذَا وَهنا شَيْء آخر يلْزمهُم وَهُوَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يداوم عَلَيْهِمَا وهم لَا يَقُولُونَ بِهِ فِي الصَّحِيح الْأَشْهر فَإِن عورضوا يَقُولُونَ هُوَ من خَصَائِص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ فِي الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ الأَصْل عدم التَّخْصِيص وَهَذَا كَمَا يُقَال فلَان مثل الظليم يستحمل عِنْد الاستطارة ويستطير عِنْد الاستحمال وَيُقَال أَنه صلى بعد الْعَصْر تبيينا لأمته أَن نَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَبعد الْعَصْر على وَجه الْكَرَامَة لَا على التَّحْرِيم وَيُقَال أَنه صلاهما يَوْمًا قَضَاء لفائت رَكْعَتي الظّهْر وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فعل فعلا واظب عَلَيْهِ وَلم يقطعهُ فِيمَا بعد (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ جَوَاز اسْتِمَاع الْمُصَلِّي إِلَى كَلَام غَيره وفهمه لَهُ وَلَا يضر ذَلِك صلَاته. وَفِيه أَن إِشَارَة الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوهَا من الْأَفْعَال الْخَفِيفَة لَا تبطل الصَّلَاة. وَفِيه أَنه يسْتَحبّ للْعَالم إِذا طلب لَهُ تَحْقِيق أَمر مُهِمّ وَعلم أَن غَيره أعلم أَو أعرف بِأَصْلِهِ أَن يُرْسل إِلَيْهِ إِذا أمكنه. وَفِيه الِاعْتِرَاف لأهل الْفضل بمزيتهم. وَفِيه من أدب الرَّسُول أَن لَا يسْتَقلّ بِتَصَرُّف شَيْء لم يُؤذن لَهُ فِيهِ فَإِن كريبا لم يسْتَقلّ بالذهاب إِلَى أم سَلمَة حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِم. وَفِيه قبُول خبر الْوَاحِد وَالْمَرْأَة مَعَ الْقُدْرَة على الْيَقِين بِالسَّمَاعِ. وَفِيه لَا بَأْس للْإنْسَان أَن يذكر نَفسه بالكنية إِذا لم يعرف إِلَّا بهَا. وَفِيه يَنْبَغِي للتابع إِذا رأى من الْمَتْبُوع شَيْئا يُخَالف الْمَعْرُوف من طَرِيقَته والمعتاد من حَاله أَن يسْأَله بلطف عَنهُ فَإِن كَانَ نَاسِيا يرجع عَنهُ وَإِن كَانَ عَامِدًا وَله معنى مُخَصص عرفه للتابع واستفاده. وَفِيه إِثْبَات سنة الظّهْر بعْدهَا. وَفِيه إِذا تَعَارَضَت الْمصَالح والمهمات بَدَأَ بأهمها وَلِهَذَا بَدَأَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَدِيث الْقَوْم فِي الْإِسْلَام وَترك سنة الظّهْر حَتَّى فَاتَ وَقتهَا لِأَن الِاشْتِغَال بإرشادهم وبهدايتهم إِلَى الْإِسْلَام أهم. وَفِيه أَن الْأَدَب إِذا سُئِلَ من الْمُصَلِّي شَيْئا أَن يقوم إِلَى جنبه لَا خَلفه وَلَا أَمَامه لِئَلَّا يشوش عَلَيْهِ بِأَن لَا تمكنه الْإِشَارَة إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّة. وَفِيه دلَالَة على فطنة أم سَلمَة وَحسن تأتيها بملاطفة سؤالها واهتمامها بِأَمْر الدّين. وَفِيه إكرام الضَّيْف حَيْثُ لم تَأمر أم سَلمَة امْرَأَة من النسْوَة اللَّاتِي كن عِنْدهَا. وَفِيه زِيَارَة النِّسَاء الْمَرْأَة وَلَو كَانَ زَوجهَا عِنْدهَا. وَفِيه جَوَاز التَّنَفُّل فِي الْبَيْت. وَفِيه كَرَاهَة الْقرب من الْمُصَلِّي لغير ضَرُورَة. وَفِيه الْمُبَادرَة إِلَى معرفَة الحكم الْمُشكل فِرَارًا من الوسوسة. وَفِيه جَوَاز النسْيَان على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد مر الْبَحْث عَنهُ عَن قريب

(بَاب الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة وَالْفرق بَين الْبَابَيْنِ أَن فِي الْبَاب الأول كَانَت الْإِشَارَة بمقتض لَهُم وَهَذَا الْبَاب أَعم من ذَلِك وَقد مر الْبَحْث فِي الْإِشَارَة فِيمَا مضى
(قَالَه كريب عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي قَالَ مَا ذكر من الْإِشَارَة كريب عَن أم سَلمَة فِي حَدِيث الْبَاب السَّابِق
258 - (حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بلغه أَن بني عَمْرو بن عَوْف كَانَ بَينهم شَيْء فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصلح بَينهم فِي أنَاس مَعَه فحبس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحانت الصَّلَاة فجَاء بِلَال إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا أَبَا بكر إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد حبس وَقد

(7/317)


حانت الصَّلَاة فَهَل لَك أَن تؤم النَّاس. قَالَ نعم إِن شِئْت فَأَقَامَ بِلَال وَتقدم أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَكبر للنَّاس وَجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي فِي الصُّفُوف حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ فَأخذ النَّاس فِي التصفيق وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَا يلْتَفت فِي صلَاته فَلَمَّا أَكثر النَّاس الْتفت فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرهُ أَن يُصَلِّي فَرفع أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَدَيْهِ فَحَمدَ الله وَرجع الْقَهْقَرَى وَرَاءه حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ فَتقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى للنَّاس فَلَمَّا فرغ أقبل على النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس مالكم حِين نابكم شَيْء فِي الصَّلَاة أَخَذْتُم فِي التصفيق إِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء من نابه شَيْء فِي صلَاته فَلْيقل سُبْحَانَ الله فَإِنَّهُ لَا يسمعهُ أحد حِين يَقُول سُبْحَانَ الله إِلَّا الْتفت يَا أَبَا بكر مَا مَنعك أَن تصلي للنَّاس حِين أَشرت إِلَيْك فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يُصَلِّي بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله " فَأخذ النَّاس فِي التصفيق " لِأَن التصفيق يكون بِالْيَدِ وحركتها بِهِ كحركتها بِالْإِشَارَةِ وَيُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله " الْتفت " أَي أَبُو بكر لِأَن الِالْتِفَات فِي معنى الْإِشَارَة (فَإِن قلت) قد أنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم فِي التصفيق فَكيف تُؤْخَذ مِنْهُ إِبَاحَة الْإِشَارَة (قلت) لَا يضر ذَلِك لإباحة الْإِشَارَة أَلا ترى أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يَأْمُرهُم بِإِعَادَة الصَّلَاة بِسَبَب ذَلِك (فَإِن قلت) لم لَا يُؤْخَذ وَجه التَّرْجَمَة من قَوْله " حِين أَشرت إِلَيْك " (قلت) لَا يُطَابق هَذَا لِأَن هَذِه الْإِشَارَة وَقعت مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل أَن يحرم بِالصَّلَاةِ وَالْكَلَام فِي الْإِشَارَة الْوَاقِعَة فِي الصَّلَاة ثمَّ إِن هَذَا الحَدِيث قد مضى فِي بَاب من دخل ليؤم النَّاس أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي حَازِم بن دِينَار عَن سهل بن سعد وَفِي بَاب رفع الْأَيْدِي فِي الصَّلَاة لأمر نزل بِهِ وَقد تكلمنا فِيهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة وَقَالَ الْخطابِيّ فِيهِ أَن الصَّحَابَة بَادرُوا إِلَى إِقَامَة الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا وَلم يُنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عدم انتظارهم (قلت) لَا يفهم من لفظ الحَدِيث مبادرتهم وَإِنَّمَا كَانَت الْمُبَادرَة من بِلَال لَا لأجل أَن الْأَفْضَل أَدَاؤُهَا فِي أول الْأَوْقَات وَإِنَّمَا بَادر لِأَن الْجَمَاعَة قد حَضَرُوا وَرُبمَا كَانُوا يتضررون بِالتَّأْخِيرِ والانتظار إِلَى مَجِيء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما لَهُم من الْأُمُور الشاغلة
259 - (حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنِي ابْن وهب قَالَ حَدثنَا الثَّوْريّ عَن هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء قَالَت دخلت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَهِي تصلي قَائِمَة وَالنَّاس قيام فَقلت مَا شَأْن النَّاس فَأَشَارَتْ برأسها إِلَى السَّمَاء قلت آيَة فَأَشَارَتْ برأسها أَي نعم) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَأَشَارَتْ برأسها أَي نعم " والْحَدِيث مضى فِي بَاب الْفتيا بِإِشَارَة الْيَد وَالرَّأْس عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن ابْن وهب عَن هِشَام عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء الحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم وَمضى أَيْضا فِي بَاب صَلَاة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي الْكُسُوف فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن امْرَأَته فَاطِمَة بنت الْمُنْذر " عَن أَسمَاء بنت أبي بكر أَنَّهَا قَالَت أتيت عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خسفت الشَّمْس فَإِذا النَّاس قيام يصلونَ وَإِذا هِيَ قَائِمَة تصلي " الحَدِيث مطولا وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب وَالثَّوْري بالثاء الْمُثَلَّثَة سُفْيَان وَقد مضى شَرحه مُسْتَوْفِي
260 - (حَدثنَا إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته وَهُوَ شَاك جَالِسا وَصلى وَرَاءه

(7/318)


قوم قيَاما فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَن اجلسوا فَلَمَّا انْصَرف قَالَ إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِذا ركع فاركعوا وَإِذا رفع فارفعوا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَأَشَارَ إِلَيْهِم " والْحَدِيث مضى فِي بَاب إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ الحَدِيث بأطول مِنْهُ وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس قَوْله " وَهُوَ شَاك " أَي يشكو عَن انحراف مزاجه أَرَادَ أَنه مَرِيض وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ بعون الله كمل طبع الْجُزْء السَّابِع من عُمْدَة الْقَارِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ للْإِمَام الْبَدْر الْعَيْنِيّ ويتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْجُزْء الثَّامِن ومطلعه (كتاب الْجَنَائِز) نَسْأَلهُ سُبْحَانَهُ الْإِعَانَة لإتمامه على هَذَا الْوَجْه الْحسن وَمَا ذَلِك على الله بعزيز -

(7/319)