فيض القدير شرح
الجامع الصغير [ص:123] 8653 - (من خاف أدلج) بسكون الدال
مخففا سار من أول الليل وأما بالتشديد فمعناه سار من آخره
(ومن أدلج بلغ المنزل) يعني من خشي الله أتى منه كل خير
ومن أمن اجترأ على كل شر كذا في الكشاف وقال في الرياض:
المراد التشمير في الطاعة. وفي الترغيب معناه من خاف ألزمه
الخوف السلوك إلى الآخرة والمبادرة بالعمل الصالح خوف
القواطع والعوائق. وقيل هو حث على قيام الليل. جعل قيامه
من علامات الخوف لأن الخائف يدلج أي منعه الخوف من نوم كل
الليل والأظهر أنه ضرب مثلا لكل من خاف الردى أو فوت ما
يتمنى أن يصل إلى السير بالسرى ولا يركن إلى الراحة والهوى
حتى يبلغ المنى (ألا إن سلعة الله غالية) أي رفيعة القدر
(ألا إن سلعة الله الجنة) قال الطيبي: هذا مثل ضربه لسالك
الآخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس وأمانيه الكاذبة
أعوانه فإن تيقظ في سيره وأخلص في عمله أمن من الشيطان
وكيده ومن قطع الطريق انتهى وثمن هذه السلعة العمل الصالح
المشار إليه بقوله {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا}
وقال العلائي: أخبر أن الخوف من الله هو المقتضي للسير
إليه بالعمل الصالح والمشار إليه بالإدلاج وعبر ببلوغ
المنزلة عن النجاة المترتبة على العمل الصالح وأصل ذلك كله
الخوف
(ت) في الزهد (ك) في الرقاق (عن أبي هريرة) قال الترمذي:
حسن غريب وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي لكن تعقبه الصدر
المناوي بأن فيه عندهما يزيد بن سنان ضعفه أحمد وابن
المديني اه وقال ابن طاهر: يزيد متروك والحديث لا يصح
مسندا وإنما هو من كلام أبي ذر
(6/123)
8654 - (من خبب) بخاء معجمة ثم موحدة تحتية
مكررة (زوجة امرئ) أي خدعها وأفسدها (أو مملوكة فليس منا)
أي ليس على طريقتنا ولا من العاملين بقوانين أحكام شريعتنا
قال شيخنا الشعراوي: ومن ذلك ما لو جاءته امرأة غضبانة من
زوجها ليصلح بينهما مثلا فيبسط لها في الطعام ويزيد في
النفقة والإكرام ولو إكراما لزوجها فربما مالت لغيره
وازدرت ما عنده فيدخل في هذا الحديث ومقام العارف أن يؤاخذ
نفسه باللازم وإن لم يقصده. قال: وقد فعلت هذا الخلق مرارا
فأضيق على المرأة الغضبانة وأوصي عيالي أن يجوعوها لترجع
وتعرف حق نعمة زوجها. وكذا القول في العبد
(د عن أبي هريرة) وفيه هارون بن محمد أبو الطيب قال في
الميزان: قال ابن معين: كذاب ثم أورد له هذا الخبر
(6/123)
8655 - (من ختم القرآن أول النهار صلت عليه
الملائكة) أي استغفرت له الملائكة (حتى يمسي) أي يدخل في
المساء (ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح)
أي يدخل في الصباح يحتمل أن المراد بالملائكة الحفظة
ويحتمل أن المراد الملائكة الموكلين بالقرآن وسماعه
(حل عن سعد) بن أبي وقاص وفيه هشام بن عبد الله قال الذهبي
في الضعفاء: قال ابن حبان: كثرت مخالفته للأثبات ثم روى له
حديثين موضوعين ومصعب بن سعد قال أعني الذهبي: خرجه ابن
عدي
(6/123)
8656 - (من ختم له بصيام يوم) أي من ختم
عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه (دخل
الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب
(البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان قال الهيثمي:
رجاله موثقون
(6/123)
[ص:124] 8657 - (من خرج) لفظ رواية الترمذي
من خرج من بيته (في طلب العلم) أي الشرعي النافع الذي أريد
به وجه الله (فهو في سبيل الله) أي حكمه حكم من هو في
الجهاد (حتى يرجع) لما في طلبه من إحياء الدين وإذلال
الشيطان وإتعاب النفس كما في الجهاد فلذلك أشبهه وفي قوله
حتى يرجع إشارة إلى أنه بعد الرجوع وإنذار القوم له درجة
أعلى من تلك الدرجة لأنه حينئذ وارث الأنبياء في تكميل
الناقصين
(ت) في العلم (والضياء) في المختارة (عن أنس) وقال
الترمذي: حسن غريب ولم يرفعه بعضهم وفيه خالد بن يزيد
اللؤلؤي قال العقيلي: لا يتابع على كثير من حديثه ثم ذكر
له هذا الخبر قال الذهبي: واه مقارب
(6/124)
8658 - (من خضب شعره بالسواد سود الله
وجهه) دعاء أو خبر (يوم القيامة) وهذا وعيد شديد يفيد
التحريم وبه أخذ جمع شافعية فحرموه به لغير الجهاد فيجوز
به لإرهاب العدو ورجحه النووي ومنهم من فرق بين الرجل
والمرأة فأجازه لها دونه واختاره الحليمي
(طب) من رواية الوضين عن جنادة عن أبي الدرداء قال الزين
العراقي في شرح الترمذي: فيه الوضين بن عطاء ضعيف وقال ابن
حجر في الفتح: سنده لين وقال في الميزان: قال أبو حاتم:
هذا حديث موضوع اه. وذلك لأن فيه جعفر بن محمد بن فضال وهو
الدقاق قال الذهبي: كذبه الدارقطني ومحمد بن سليمان بن أبي
داود قال أبو حاتم: منكر الحديث وجنادة ضعفه أبو زرعة
(6/124)
8659 - (من خلقه الله لواحدة من المنزلتين
وفقه الله لعملها) فمن خلقه الله للسعادة أقدره على
أعمالها حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه {فمن يرد الله
أن يهديه يشرح صدره للإسلام} ومن خلقه للشقاوة منعه
الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشده {ومن يرد أن
يضله يجعل صدره ضيقا حرجا}
(طب عن عمران) رمز لحسنه
(6/124)
8660 - (من دخل البيت) أي الكعبة المعظمة
(دخل في حسنة وخرج من سيئئة مغفورا له) ترغيب عظيم في دخول
الكعبة قال العراقي: وندبه متفق عليه لكن محله ما لم يؤذ
أو يتأذى بنحو زحمة قال الشافعي: واستحب دخول البيت إن كان
لا يؤذي أحدا بدخوله
(طب هب عن ابن عباس) قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن
المؤمل وهو ضعيف وقال المحب الطبري: هو حسن غريب وقال
الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه عبد الله بن المؤمل
وفيه ضعف ووثقه ابن سعد
(6/124)
8661 - (من دخل الحمام بغير مئزر) ساتر
لعورته عن العيون (لعنه الملكان) أي الحافظان الكاتبان حتى
يستتر وفيه أن كشف العورة أو بعضها بحضرة من لا يحل له
النظر إليها حرام فإن كان بحضرة من يحل له النظر إليها أو
كان خاليا وكشفها لحاجة جاز
(الشيرازي عن أنس) بن مالك
(6/124)
8662 - (من دخلت عينه) أي نظر بعينه إلى من
في الدار من أهلها وهو بالباب (قبل أن يستأنس ويسلم فلا
إذن له) أي فلا ينبغي لرب الدار أن يأذن له (وقد عصى ربه)
ومن ثم جاز لرب الدار أن يرميه وإن انفقأت عينه
(طب) من حديث إسحاق بن يحيى (عن عبادة) بن الصامت قال
الهيثمي: وإسحاق لم يدرك عبادة وبقية رجاله ثقات اه
(6/124)
[ص:125] 8663 - (من دعا إلى هدى) أي إلى ما
يهتدى به من العمل الصالح ونكره ليشيع فيتناول الحقير
كإماطة الأذى عن الطريق (كان له من الأجر مثل أجور من
تبعه) فهبه ابتدعه أو سبق إليه لأن اتباعهم له تولد عن
فعله الذي هو من سنن المرسلين (لا ينقص ذلك) الإشارة إلى
مصدر كان (من أجورهم شيئا) دفع ما يتوهم أن أجر الداعي
إنما يكون بالتنقيص من أجر التابع وضمه إلى أجر الداعي
فكما يترتب الثواب والعقاب على ما يباشره ويزاوله يترتب كل
منهما على ما هو سبب فعله كالإرشاد إليه والحث عليه قال
البيضاوي: أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية
للثواب والعقاب بذاتها لكنه تعالى أجرى عادته بربط الثواب
والعقاب ارتباط المسببات بالأسباب وفعل ما له تأثير في
صدوره بوجه ولما كانت الجهة التي بها استوجب الجزاء
المتسبب غير الجهة التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره
من أجره شيئا وكذا يقال فيما يأتي إلى هنا كلام القاضي
وقال الطيبي: الهدى إما الدلالة الموصلة إلى البغية أو
مطلق الإرشاد وهو في الحديث ما يهتدي به من الأعمال وهو
بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له هدى يطلق على ما
قل وكثر والحقير والعظيم فأعظمه هدى من دعا إلى الله وعمل
صالحا وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى ولهذا عظم شأن
الفقيه الداعي المنذر حتى فضل واحد منهم على ألف عابد ولأن
نفعه يعم الأشخاص والأعصار إلى يوم الدين (ومن دعا إلى
ضلالة) ابتدعها أو سبق بها (فإن عليه من الإثم مثل آثام من
تبعه) لتولده عن فعله الذي هو من خصال الشيطان والعبد
يستحق العقوبة على السبب وما تولد منه كما يعاقب السكران
على جنايته حال سكره وإذا كان السبب محظورا لم يكن السكران
معذورا فالله يعاقب على الأسباب المحرمة وما تولد منها كما
يثيب على الأسباب المأمور بها وما تولد منها ولهذا كان على
قابيل القاتل لأخيه كفل من ذنب كل قاتل ومر أن ذا لا
يعارضه حديث " إذا مات الإنسان انقطع عمله " إلا من ثلاث
لأنه نبه بتلك الثلاث على ما في معناها من كل ما يدوم
النفع به للغير (ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) ضمير الجمع
في أجورهم وآثامهم يعود لمن باعتبار المعنى فإن قيل إذا
دعا واحد جمعا إلى ضلالة فاتبعوه لزم كون السيئة واحدة وهي
الدعوة مع أن هنا آثاما كثيرة قلنا تلك الدعوة في المعنى
متعددة لأن دعوى الجمع دفعة دعوة لكل من أجابها فإن قيل
كيف التوبة مما تولد وليس من فعله والمرء إنما يتوب مما
فعله اختيارا قلنا يحصل بالندم ودفعه عن الغير ما أمكن
<تنبيه> أخذ المقريزي من هذا الخبر أن كل أجر حصل للشهيد
حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بسببه مثله والحياة أجر
فيحصل للنبي صلى الله عليه وسلم مثلها زيادة على ماله من
الأجر الخاص من نفسه على هذا المهتدي وعلى ماله من الأجور
على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأحوال التي لا
تصل جميع الأمة إلى عرف نشرها ولا يبلغون معاشر عشرها
فجميع حسنات المسلمين وأعمالهم الصالحة في صحائف نبينا صلى
الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر مع مضاعفة لا
يحصيها إلا الله لأن كل مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل
له أجر ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه
مثلاه وللشيخ الثالث أربعة وللرابع ثمانية وهكذا تضعف كل
مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده إلى النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وبذلك يعرف تفضيل السلف على الخلف فإذا فرضت
المراتب عشرة بعد النبي كان للنبي صلى الله عليه وسلم من
الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار
أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا
كلما ازدادوا واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا
(حم م 4 عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري
(6/125)
[ص:126] 8664 - (من دعا لأخيه) في الدين
(بظهر الغيب) أي في غيبته (قال الملك الموكل به آمين ولك
بمثل) بالتنوين أي بمثل ما دعوت له به
(م د عن أبي الدرداء)
(6/126)
8665 - (من دعا على من ظلمه فقد انتصر) أي
أخذ من عرض الظالم فنقص من إثمه فنقص ثواب المظلوم بحسبه
وهذا إخبار بأن من انتصر ولو بلسانه فقد استوفى حقه فلا
إثم عليه ولا أجر له فالحديث تعريض بكراهة الانتصار وندب
العفو بجعل أجره على الله {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم
الأمور} وفيه شفقته على جميع أمته مظلومهم وظالمهم فأما
مظلومهم فأحب له العفو لئلا يحرم الأجر وظالمهم خوف أن
يدعو عليه المظلوم فيجاب وقد مدح الله المنتصرين من البغي
كما مدح العافين فحمل الثاني على من ندر منه البغي فيقال
عثرته والأول على ما إذا كان الداعي تجاوز جرأة وفجورا
(ت عن عائشة) ذكر في العلل أنه سئل عنه البخاري فقال: لا
أعلم أحدا رواه غير أبي الأحوص لكن هو من حديث أبي حمزة
وضعف أبا حمزة جدا اه
(6/126)
8666 - (من دعا رجلا بغير اسمه لعنته
الملائكة) أي دعت عليه بالبعد عن منازل الأبرار ومواطن
الأخيار ولعل المراد أنه دعاه بلقب يكرهه بخلاف ما لو دعاه
بنحو يا عبد الله
(ابن السني) أحمد بن محمد وكذا ابن لال (عن عمير بن سعد)
هما في الصحابة اثنان أنصاري وعبدي فكان ينبغي تمييزه قال
ابن الجوزي: قال النسائي: هذا حديث منكر
(6/126)
8667 - (من دعي إلى عرس) أي إلى وليمة عرس
(أو نحوه) كختان وعقيقة (فليجب) وجوبا في وليمة العرس عند
توفر الشروط المبينة في الفروع وندبا في غيرها وأخذ بظاهره
بعض الشافعية فأوجب الإجابة إلى الدعوة مطلقا عرسا أو غيره
بشرطه ونقله ابن عبد البر عن العنبري قاضي البصرة وزعم ابن
حزم بأنه قول جمهور الصحب والتابعين وهو الذي فهمه ابن عمر
من الخبر فعند عبد الرزاق قال ابن حجر: بإسناد صحيح عن ابن
عمر أنه دعي إلى طعام فقال رجل: أعفني فقال ابن عمر: إنه
لا عافية لك من هذا فقم وجزم باختصاص الوجوب بوليمة النكاح
المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية وبالغ
السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع
(م) في الوليمة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال في الميزان:
أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن راهويه عن عيسى عن بقية وليس
لبقية في الصحيح سواه أخرجه شاهدا اه ورواه عنه أبو داود
أيضا
(6/126)
8668 - (من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه)
مكافأة له على كظم غيظه وقهر نفسه لله (ومن حفظ لسانه) أي
عن الوقيعة في أعراض الناس أو عن النطق بما يحرم (ستر الله
عورته) عن الخلق فلا يطلع الناس على عيوبه
(طس) وكذا في الأوسط (عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وقال
الهيثمي: فيه عبد السلام بن هلال وهو ضعيف
(6/126)
8669 - (من دفن ثلاثة من الولد) أي من
أولاده ذكورا أو إناثا ولعل المراد من أولاد الصلب ويحتمل
شموله لأولاد الأولاد (حرم الله عليه النار) أي نار جهنم
بأن يدخل الجنة من غير عذاب بالكلية وظاهره أن الكلام في
المسلم. [ص:127]
(طب عن واثلة) بن الأسقع رمز لحسنه وقال الهيثمي: فيه سنان
مجهول
(6/126)
8670 - (من دل على خير) شمل جميع أنواع
الخصال الحميدة (فله) من الأجر (مثل أجر فاعله) أي له ثواب
كما لفاعله ثواب ولا يلزم تساوي قدرهما ذكره النووي أو أن
المراد المثل بغير تضعيف وقد مر هذا غير مرة
<تنبيه> علم من هذا الحديث وحدث من دعا إلى هدى المتقدم أن
كل أجر حصل الدال والداعي حصل للمصطفى صلى الله عليه وسلم
مثله زيادة على ما له من الأجر الخاص من نفسه على دلالته
أو هدايته للمهتدي وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصة
من الأعمال والمعارف والأجور التي لا تصل جميع أمته إلى
عرف نشرها ولا يبلغون عشر عشرها وهكذا نقول إن جميع
حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كل مسلم مسطرة في صحائف
نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر ويحصل
له من الأجور بعدد أمته أضعافا مضاعفة لا تحصى يقصر العقل
عن إدراكها لأن كل مهد ودال وعالم يحصل له أجر إلى يوم
القيامة ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه
مثلاه وللشيخ الثالث أربعة والرابع ثمانية وهكذا تضعف في
كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى
المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا فرضت المراتب عشرة بعد
النبي صلى الله عليه وسلم كان للنبي صلى الله عليه وسلم من
الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار
أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا
كل ما زاد واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا إلى يوم القيامة
وهذا أمر لا يحصره إلا الله فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة
والتابعين والمسلمين في كل عصر وكل واحد من الصحابة يحصل
له بعدد الأجور الذي ترتبت على فعله إلى يوم القيامة وكل
ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى الله عليه
وسلم وبه يظهر رجحان السلف على الخلف وأنه كلما ازاد الخلف
ازداد أجر السلف وتضاعف ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق
انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره
في الحياة وبعد الممات على الدوام ويكف عن إحداث البدع
والمظالم من المكوس وغيرها فإنها تضاعف عليه السيئات
بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل فليتأمل المسلم هذا
المعنى وسعادة الدال على الخير وشقاوة الدال على الشر وقد
مر بعض هذا في حديث من دعا
(حم م) في الجهاد وفيه قصة (د) في الأدب (ت) في العلم (عن
أبي مسعود) البدري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فاستحمله فقال: ما عندي فقال رجل: أنا أدله على من
يحمله فذكره
(6/127)
8671 - (من ذب) أي من دفع (عن عرض أخيه)
زاد في رواية لمسلم (بالغيبة) قال الطيبي: هو كناية عن
الغيبة كأنه قيل من ذب عن غيبة أخيه في غيبته وعلى هذا
فقوله بالغيبة ظرف ويجوز كونه حالا (كان حقا على الله أن
يقيه) وفي رواية أن يعتقه (من النار) زاد في رواية {وكان
حقا علينا نصر المؤمنين} قال الطيبي: هو استشهاد لقوله كان
حقا إلخ وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن
ينكر بلسانه فإن خاف فبقلبه فإن قدر على القيام أو قطع
الكلام لزمه وإن قال بلسانه اسكت وهو مشته ذلك بقلبه فذلك
نفاق قال الغزالي: ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو
بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقار للمذكور بل ينبغي
الذب عنه صريحا كما دلت عليه الأخبار
(حم طب عن أسماء بنت يزيد) قال المنذري: إسناد أحمد حسن
وقال الهيثمي:. إسناد حسن وقال الصدر المناوي: إسناده ضعيف
والمؤلف رمز لحسنه
(6/127)
8672 - (من ذبح لضيفه ذبيحة) إكراما له
لأجل الله (كانت فداءه من النار) أي نار جهنم فلا يدخلها
إلا تحلة القسم [ص:128] بل يكرم بالجنة كما أكرم ضيفه
بإحسان الضيافة
(ك) في تاريخه من حديث أبي عوانة عن عامر بن شعيب عن عبد
الوهاب الثقفي عن جده عن الحسن (عن جابر) بن عبد الله ثم
قال الحاكم: عامر بن شعيب روى أحاديث منكرة بل أكثرها
موضوع اه. فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به
من بيان القادح لا ينبغي
(6/127)
8673 - (من ذرعه) بذال معجمة وراء عين
مفتوحات أي غلبه (القيء وهو صائم) فرضا (فليس عليه قضاء)
يجب (ومن استقاء) أي تكلف القيء عامدا عالما (فليقض) وجوبا
لبطلان صومه وبهذا التفصيل أخذ الشافعي
(4 ك) في الصوم (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الدارمي
وابن حبان والدارقطني وغيرهم وذكر الترمذي أنه سأل عنه
البخاري فقال: لا أراه محفوظا وقد روي من غير وجه ولا يصح
إسناده وأنكره أحمد وقال الدارمي: زعم أهل البصرة أن هشاما
وهم فيه
(6/128)
8674 - (من ذكر الله ففاضت عيناه) أي
الدموع من عينه فأسند الفيض إلى العين مبالغة كأنها هي
التي فاضت ولما كان فيض العين تارة يكون من الخشية وتارة
يكون من الشوق وتارة من المحبة بين أن الكلام هنا في مقام
الخوف فقال (من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه لم
يعذبه الله يوم القيامة) فإنه تعالى لا يجمع على عبده
خوفين فمن خافه في الدنيا لم يخفه يوم الفزع الأكبر بل
يكون من الآمنين المطمئنين الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون
(ك) في التوبة (عن أنس) بن مالك وقال: صحيح وأقره عليه
الذهبي
(6/128)
8675 - (من ذكر الله عند الوضوء طهر جسده
كله) أي ظاهره وباطنه (فإن لم يذكر اسم الله) عند وضوئه
(لم يظهر منه إلا ما أصاب الماء) أي من الظاهر دون الباطن
وذلك موقع نظر الخلق وطهارة الباطن يعني القلب بالذكر
وخلوه عن الأخلاق الذميمة موقع نظر الحق فمن اقتصر على
طهارة ظاهره فهو كمن أراد أن يدعو ملكا لبيته وتركه مشحونا
بالقذر واشتغل في تخصيص ظاهر الدار وما أجدر من فعل ذلك
بالبوار
(عب عن الحسن) الضبي (الكوفي مرسلا) قال الذهبي: ثقة قال
عبد الحق: وفيه محمد بن أبان لا أعرفه الآن وقال ابن
القطان: فيه من لا يعرف البتة وهو مرداس بن محمد راويه عن
أبان اه ورواه الدارقطني عن أبي هريرة مسندا مرفوعا قال
الحافظ العراقي: وسنده أيضا ضعيف
(6/128)
8676 - (من ذكر امرءا بما) وفي رواية بشيء
(ليس فيه ليعيبه) به بين الناس (حبسه الله) عن دخول الجنة
(في نار جهنم حتى يأتي بنفاذ ما قال) أي وليس بقادر على
ذلك فهو كناية عن دوام تعذببه يعني طوله من قبيل الخبر
المار كلف أن يعقد بين شعيرتين ونحو ذلك
(طب عن أبي الدرداء) قال المنذري: إسناده جيد وقال
الهيثمي: رواه الطبراني عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف
(6/128)
8677 - (من ذكر رجلا بما فيه) من النقائص
والعيوب (فقد اغتابه) والغيبة حرام فعليه أن يستحله تمامه
عند مخرجه [ص:129] ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته اه بنصه
(ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن أبي هريرة) وفيه أبو
بكر بن أبي صبرة المدني قال في الميزان: ضعفه البخاري
وغيره وقال أحمد: كان يضع الحديث فقال ابن عدي: ليس بشيء
ثم ساق له أخبارا هذا منها
(6/128)
8678 - (من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي)
حيث أحرم نفسه فضل الصلاة عليه المقرب لدخول الجنة المبعد
عن النار قال في الأذكار: ويستحب لقارئ الحديث ومن في
معناه إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع صوته
بالصلاة والسلام عليه بلا مبالغة ولا يقتصر على أحدهما
والحديث يدل على وجوب الصلاة عليه كلما جرى ذكره وإليه صار
جمع من المذاهب الأربعة وقيل يجب ذلك في العمر مرة فقط
(ابن السني عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وليس
كما زعم فقد جزم النووي في الأذكار بضعف إسناده
(6/129)
8679 - (من ذكرت عنده فخطئ الصلاة علي خطئ
طريق الجنة) فلم ينجح قصده لبخله بما يرغب فيه عن مستحقه
وفي رواية لابن عاصم " من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ
طريق الجنة " قال في الإتحاف: ومعنى النسيان فيه الترك كما
قال تعالى {أتتك آياتنا فنسيتها} وليس المراد به الذهول
لأن الناسي غير مكلف
(طب عن الحسين) بن علي بن أبي طالب رمز لحسنه قال الهيثمي:
وفيه بشر بن محمد الكندي أو بشير فإن كان بشر فقد ضعفه ابن
المبارك وابن معين والدارقطني وغيرهم وإن كان بشير فلم أر
من ذكره اه وقال القسطلاني: حديث معلول
(6/129)
8680 - (من ذكرت عنده فليصل علي فإنه) اي
الشأن (من صلى علي مرة واحدة) أي طلب لي من الله دوام
التشريف (صلى الله عليه عشرا) أي رحمه وضاعف أجره عشر مرات
هكذا سياق الحديث عند مخرجيه والظاهر أن فيه حذفا والتقدير
من ذكرت عنده ولم يصل علي فقد شقي أو فقد فاته ثواب كثير
أو نحو ذلك
(ت) وكذا الطبراني وابن السني (عن أنس) بن مالك قال النووي
في الأذكار: وإسناده جيد قال الهيثمي: رجاله ثقات
(6/129)
8681 - (من ذهب بصره في الدنيا) أي بعمى أو
فقء عين أو تغويرها أو إخراجها (جعل الله له نورا يوم
القيامة إن كان صالحا) الظاهر أن المراد مسلما كما قالوه
في خبر أو ولد صالح يدعو له
(طس عن ابن مسعود) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه بشر بن
إبراهيم الأنصاري وهو ضعيف
(6/129)
8682 - (من ذهب في حاجة أخيه المسلم) لأجل
الله (فقضيت حاجته كتب له حجة وعمرة وإن لم تقض كتب له
عمرة) أي كتبت له بذلك أجر عمرة مقبولة مكافأة له على ذلك
(هب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين
(6/129)
8683 - (من رأى) من أخيه المؤمن (عورة) أي
عيبا أو خللا أو شيئا قبيحا (فسترها) عليه (كان كمن أحيا
موءودة من قبرها) يعني كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة أي
كمن رأى حيا مدفونا في قبره فأخرجه من القبر كيلا يموت
ووجه الشبه [ص:130] أن الساتر دفع عن المستور الفضيحة بين
الناس التي هي بمنزلة الموت فكأنه أحياه كما دفع الموت عن
الموءودة من أخرجها من القبر وهذا في عورة مسلم غير متجاهر
بفسقه كما مر
(خد) في الأدب (ك) في الحدود وصححه وأقره الذهبي (عن عقبة
بن عامر) قال كاتبه دجين: كان لنا جيران يشربون الخمر
فنهيتهم فأبوا فأردت أن أدعو لهم الشرط أي أعوان السلطان
فقال عقبة: دعهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول فذكره
(6/129)
8684 - (من رأى شيئا يعجبه) لفظ رواية
الديلمي والبزار شيئا فأعجبه له أو لغيره (فقال ما شاء
الله لا قوة إلا بالله) أي لا قوة على الطاعة إلا بمعونته
(لم تضره العين) وفي حديث عن عامر بن ربيعة فليدع بالبركة
قال السخاوي: وهذا مما جرب لمنع الإصابة بالعين
(ابن السني عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا البزار
والديلمي قال الهيثمي: وفيه أبو بكر الهذلي ضعيف جدا
(6/130)
8685 - (من رأى حية فلم يقتلها مخافة
طلبها) أي أن يطالب بدمها في الدنيا والآخرة ويحتمل أن
المراد مخافة أن تطلبه هي فتعدو عليه (فليس منا) أي ليس من
العاملين بأوامرنا المراعين لقوانيننا زاد أبو داود ما
سالمناهن منذ حاربناهن
(طب عن أبي ليلى) بفتح اللامين رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه
محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وبقية رجاله ثقات
(6/130)
8686 - (من رأى مبتلى) في بدنه أو دينه
فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير
ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء) سبق أن الطيبي زعم أن
الخطاب فيما ابتلاك يشعر بأن الكلام في عاص خلع الريقة من
عنقه لا في مبتلى بنحو مرض أو نقص خلفة ويسن السجود لذلك
شكرا لله على سلامته منه وفي الأذكار: قال العلماء: ينبغي
أن يقول هذا الذكر سرا بحيث يسمع نفسه ولا يسمعه المبتلى
إلا أن يكون بليته معصية فيسمعه إن لم يخف مفسدة
(ت) في الدعوات (عن أبي هريرة) وقال الترمذي: غريب اه.
ورمز لحسنه قال الصدر المناوي: وفيه عمرو بن دينار قهرمان
آل الزبير بصري ليس بقوي
(6/130)
8687 - (من رأى) يعني علم (منكم) معشر
المسلمين المكلفين القادرين فالخطاب لجميع الأمة حاضرها
بالمشافهة وغائبها بطريق التبع أو لأن حكمه على الواحد
حكمه على الجماعة (منكرا) أي شيئا قبحه الشرع فعلا أو قولا
ولو صغيرة (فليغيره) أي فليزله وجوبا شرعا وقال المعتزلة:
عقلا ثم إن علم أكثر من واحد فكفاية وإلا فعين لقوله تعالى
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} والواجب أن يزيله (بيده)
حيث كان مما يزال بها ككسر آلة لهو وآنية خمر (فإن لم
يستطيع) الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به لكون فاعله أقوى
منه (ف) الواجب تغييره (بلسانه) أي بالقول كاستغاثة أو
توبيخ أو تذكير بالله أو إغلاظ بشرط أن لا يغلب ظن أن
النهي يزيد عبادا أو أن لا يعلم عادة أنه لا يؤثر على ما
عليه الأكثر لكن في الروضة خلافه ثم إن كان المأمور ظاهرا
كصلاة وصوم لم يختص بالعلماء وإلا اختص بهم أو بمن علمه
منهم وأن يكون المنكر مجمعا عليه أو يعتقد فاعله تحريمه أو
حله وضعفت شبهته جدا كنكاح متعة ولا يناقض الخبر {عليكم
أنفسكم} [ص:131] لأن معناه إذا كلفتم ما أمرتم به لا يضركم
تقصير غيركم (فإن لم يستطع) ذلك بلسانه لوجود مانع كخوف
فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح
(فبقلبه) ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول
أو فعل فعل وهذا واجب عينا على كل أحد بخلاف الذي قبله
فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل طريق ممكن فلا يكفي
الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده ولا القلب لمن يمكنه باللسان
(وذلك) أي الإنكار بالقلب (أضعف الإيمان) أي خصاله فالمراد
به الإسلام أو آثاره وثمراته فالمراد به حقيقة من التصديق
وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل وصلاح الإيمان وجريان
شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة
في الإسلام قال القيصري: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أقوى شعب الإيمان بوجه وأضعفها بوجه فتغييره باليد واللسان
أقوى وتغييره بالقلب أضعف الإيمان
(حم م) في الإيمان (4) في مواضع متعددة من حديث طارق بن
شهاب (عن أبي سعيد) قال طارق: أول من بدأ يوم العيد
بالخطبة قبل الصلاة مروان فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل
الخطبة فقال: قد ترك ما هنالك فقال أبو سعيد: أما هذا فقد
قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
(6/130)
8688 - (من رآني في المنام) أي في حال
النوم وقال العصام في وقت النوم - فيه نظر - أي رآني بصفتي
التي أنا عليها وهكذا بغيرها على ما يأتي إيضاحه (فقد
رآني) أي فليبشر بأنه رآني حقيقة أي حقيقتي كما هي فلم
يتحد الشرط والجزاء وهو في معنى الإخبار أي من رآني فأخبره
بأن رؤيته حق ليست بأضغاث أحلامية ولا تخيلات شيطانية ثم
أردف ذلك بما هو تتميم للمعنى وتعليل للحكم فقال (فإن
الشيطان لا يتمثل بي) وفي رواية لمسلم فإن الشيطان لا
ينبغي له أن يتشبه بي وفي أخرى له لا ينبغي أن يتمثل في
صورتي وفي رواية لغيره لا يتكونني وذلك لئلا يتدرع بالكذب
على لسانه في النوم وكما استحال تصوره بصورته يقظة إذ لو
وقع اشتبه الحق بالباطل ومنه أخذ أن جميع الأنبياء كذلك
وظاهر الحديث أن رؤياه صحيحة وإن كان على غير صفته
المعروفة وبه صرح النووي مضعفا لتقييد الحكيم الترمذي
وعياض وغيرهما بما إذا رآه على صورته المعروفة في حياته
وتبعه عليه بعض المحققين ثم قال: فإن قيل كيف يرى على خلاف
صورته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين
والبدن الواحد لا يكون إلا في مكان واحد؟ قلنا التغيير في
صفاته لا في ذاته فتكون ذاته حيث شاء الله وصفاته متخيلة
في الأذهان والإدراك لا يشترط فيه تحقق الإبصار ولا قرب
المسافة ولا كون المتخيل ظاهرا على الأرض حيا حياة دنيوية
وإنما الشرط كونه موجودا اه وما ذكر ملخص من كلام القرطبي
حيث قال: اختلف في معنى الحديث فقال قوم من القاصرين هو
على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كما يرى في اليقظة
وهو قول يدرك فساده ببادئ العقل إذ يلزم عليه أن لا يراه
أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن لا يراه اثنان في
وقت واحد في مكانين وأن يحيى الآن ويخرج من قبره ويخاطب
الناس ويخلو قبره عنه فيزار غير جثته ويسلم على غائب لأنه
يرى ليلا ونهارا على اتصال الأوقات وهذه جهالات لا يتفوه
بالتزامها من له أدنى مسكة من عقل وملتزم ذلك مختل مخبول
وقال قوم من رآه بصفته فرؤياه حق أو بغيرها فأضغاث أحلام
ومعلوم أنه قد يرى على حالة مخالفة ومع ذلك تكون تلك
الرؤيا حقا كما لو رؤي قد ملأ بلدا أو دارا بجسمه فإنه يدل
على امتلاء تلك البلدة بالحق والشرع وتلك الدار بالبركة
وكثيرا ما وقع ذلك قال: والصحيح أن رؤيته على أي حال كان
غير باطلة ولا من الأضغاث بل حق في نفسها وتصوير تلك
الصورة وتمثيل ذلك المثال ليس من الشيطان بل مثل الله ذلك
للرائي بشرى فينبسط للخير أن إنذار فيزجر عن الشر أو تنبيه
على خير يحصل وقد ذكرنا أن المرئي في المنام أمثلة
المرئيات لا أنفسها غير أن تلك الأمثلة تارة تطابق حقيقة
المرئي وتارة لا وأن المطابقة قد تظهر في اليقظة على نحو
ما أدرك في النوم وقد لا فإذا لم تظهر في اليقظة كذلك
فالمقصود بتلك الصورة معناها لا عينها ولذا خالف المثال
[ص:132] صورة المرئي بزيادة أو نقص أو تغير لون أو زيادة
عضو أو بعضه فكله تنبيه على معاني تلك الأمور اه وحاصل
كلامه أن رؤيته بصفته إدراك لذاته وبغيرها إدراك لمثاله
فالأولى لا تحتاج لتعبير والثانية تحتاجه ولسلفنا الصوفية
ما يوافق معناه ذلك وإن اختلف اللفظ حيث قالوا هنا ميزان
يجب التنبيه له وهو أن الرؤية الصحيحة أن يرى بصورته
الثابتة بالنقل الصحيح فإن رآه بغيرها كطويل أو قصير أو
شيخ أو شديد السمرة لم يكن رآه وحصول الجزم في نفس الرائي
بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم غير حجة بل ذلك المرئي
صورة الشرع بالنسبة لاعتقاد الرائي أو خياله أو صفته أو
حكم من أحكام الإسلام أو بالنسبة للمحل الذي رأى فيه تلك
الصورة قال القونوي كابن عربي: وقد جربناه فوجدناه لم
ينخرم قالوا والمصطفى صلى الله عليه وسلم وإن ظهر بجميع
أسماء الحق وصفاته تخلقا وتحققا فمقتضى رسالته للخلق أن
يكون الأظهر فيه حكما وسلطنة من صفات الحق الهداية والاسم
الهادي والشيطان مظهر الاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة
فهما ضدان فلا يظهر أحدهما بصورة الآخر والنبي صلى الله
عليه وسلم خلق للهداية فلو ساغ ظهور إبليس بصورته زال
الاعتماد عليه فلذلك عصم صورته عن أن يظهر لها شيطان فإن
قيل عظمة الحق تعالى لا صورة له معينة توجب الاشتباه بخلاف
النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأيضا مقتضى حكمة
الحق أن يضل ويهدي من يشاء بخلاف النبي صلى الله تعالى
عليه وسلم فإنه مقيد بالهداية ظاهر بصورتها فتجب عصمة
صورته من مظهرية الشيطان اه وقال عياض: لم يختلف العلماء
في جواز صحة رؤية الله في النوم وإن رئي على صفة لا يليق
بجلاله من صفات الأجسام لتحقق أن المرئي غير ذات الله إذ
لا يجوز عليه التجسم ولا اختلاف الحالات بخلاف النبي صلى
الله عليه وسلم فكانت رؤيته تعالى في النوم من باب التمثيل
والتخييل وقال ابن العربي: في رؤية الله في النوم أوهام
وخواطر في القلب بأمثال لا تليق به في الحقيقة ويتعالى
عليها وهي دلالات للرائي على أمر كان ويكون كسائر المرئيات
وقال غيره: رؤيته تعالى في النوم حق وصدق لا كذب فيها في
قول ولا فعل
(حم خ ت عن أنس) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح قال
المصنف: والحديث متواتر
(6/131)
8689 - (من رآني) يعني في النوم (فقد رأى
الحق) أي الرؤيا الصحيحة الصادقة وهي التي يريها الملك
الموكل يضرب أمثال الرؤية بطريق الحكمة لبشارة أو نذارة أو
معاتبة ليكون على بصيرة من أمره وتوفيق من ربه وأبعد البعض
فقال: يمكن أن يراد بالحق هو الله مبالغة تنبيها على من
رآه على وجه المحبة والاتباع كأنه رأى الله كقوله من أحبني
فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله اه. وهذا يأباه
قوله (فإن الشيطان لا يتزيى بي) بالزاي المعجمة أي لا يظهر
في زيي وفي رواية فإن الشيطان لا يتكونني أي لا يتكلف كونا
مثل كوني ذكره الكرماني وقال غيره: قوله لا يتزيى بي أي لا
يستطيع ذلك يشير إلى أنه تعالى وإن مكنه من التصور في أي
صورة أراد فإنه لا يمكنه من التصور في صورة النبي. قال ابن
أبي جمرة: الشيطان لا يتصور بصورته أصلا فمن رآه في صورة
حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه
شين أو نقص فذلك خلل في دين الرائي قال: هذا هو الحق وقد
جرب فوجد كذلك وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يظهر
الرائي هل عنده خلل أم لا؟ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم
نوراني كالمرآة الصقيلة فما كان في الناظر فيها من حسن أو
غيره تصور فيها وهي في ذاتها حسنة لنقص ولا شين فيها وكذا
يقال في كلامه في النوم فما وافق سنته فهو حق وما لم
يوافقها فخلل في سمع الرائي قال: ويؤخذ من قوله فإن
الشيطان إلخ أن من تمثلت صورة المصطفى صلى الله عليه وسلم
في خاطره من أرباب القلوب وتصور له في عالم سره أنه يكلمه
أن ذلك يكون حقا بل هو أصدق من مرأى غيرهم لتنوير قلوبهم
(حم ق عن أبي قتادة) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح
(6/132)
8690 - (من رآني في المنام فسيراني في
اليقظة) بفتح القاف رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب
والشفاعة قال الدماميني: [ص:133] وهذه بشارة لرائيه بموته
على الإسلام لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة
باعتبار القرب منه إلا من تحقق منه الوفاة على الإسلام اه.
وقال جمع منهم ابن أبي جمرة: بل يراه في الدنيا حقيقة قال:
وذا عام في أهل التوفيق ومحتمل في غيرهم فإن خرق العادة قد
يقع للزنديق إغواء وإملاء وقد نص على إمكان رؤيته بل
وقوعها أعلام منهم حجة الإسلام وقول ابن حجر يلزم عليه أن
هؤلاء صحابة وبقاء الصحبة للقيامة رد بأن شرط الصحبة رؤيته
على الوجه المتعارف قال الحجة: وليس المراد أنه يرى بدنه
بل مثالا له صار آلة يتأدى بها المعنى والآلة تكون حقيقية
وخيالية والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من التشكل ليس
روح النبي صلى الله عليه وسلم ولا شخصه بل مثاله اه وقال
الشاذلي: لو حجب عني طرفة عين ما عددت نفسي مسلما وكان
بعضهم إذا سئل عن شيء قال: حتى أعرضه عليه ثم يطرق ثم
يقول: قال كذا فيكون كما أخبر لا يتخلف (ولا يتمثل الشيطان
بي) استئناف جواب لمن قال ما سبب ذلك يعني ليس ذلك المنام
من قبيل تمثل الشيطان بي في خيال الرائي بما شاء من
التخيلات
<فائدة> سئل شيخ الاسلام زكريا عن رجل زعم أنه رأى النبي
صلى الله عليه وسلم بقول له مر أمتي بصيام ثلاثة أيام وأن
يعيدوا بعدها ويخطبوا فهل يجب الصوم أو يندب أو يجوز أو
يحرم؟ وهل يكره أن يقول أحد للناس أمركم النبي عليه الصلاة
والسلام بصيام أيام لأنه كذب عليه ومستنده الرؤيا التي
سمعها من غير رائيها أو منه؟ وهل يمتنع أن يتسمى إبليس
باسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويقول للنائم إنه
النبي عليه الصلاة والسلام ويأمره بطاعة ليتوصل بذلك إلى
معصية كما يمتنع عليه التشكل في صورته الشريفة أم لا وبه
تتميز الرؤية له صلى الله عليه وآله وسلم الصادقة من
الكاذبة؟ وهل يثبت شيء من أحكام الشرع بالرؤية في النوم؟
وهل المرئي ذاته صلى الله عليه وسلم أو روحه أو مثل ذلك؟
أجاب لا يجب على أحد الصوم ولا غيره من الأحكام بما ذكر
ولا مندوب بل قد يكره أو يحرم لكن إن غلب على الظن صدق
الرؤية فله العمل بما دلت عليه ما لم يكن فيه تغيير حكم
شرعي ولا يثبت بها شيء من الأحكام لعدم ضبط الرؤية لا للشك
في الرؤية ويحرم على الشحص أن يقول أمركم النبي صلى الله
عليه وسلم بكذا فيما ذكر بل يأتي بما يدل على مستنده من
الرؤية إذ لا يمتنع عقلا أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى
الله عليه وسلم ليقول للنائم إنه النبي ويأمره بالطاعة
والرؤية الصادقة هي الخالصة من الأضغاث والأضغاث أنواع:
الأول تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأنه يرى أنه قطع رأسه
الثاني أن يرى أن بعض الأنبياء يأمره بمحرم أو محال.
الثالث ما تتحدث به النفس في اليقظة تمنيا فيراه كما هو في
المنام ورؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة
إدراك لذاته ورؤيته بغير صفته إدراك لمثاله فالأولى لا
تحتاج إلى تعبير والثانية تحتاج إليه ويحمل على هذا قول
النووي: الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كانت صفته المعروفة أو
غيرها وللعلماء في ذلك كلام كثير ليس هذا محل ذكره وفيما
ذكرته كفاية اه بنصه
(ق) في الرؤيا (د عن أبي هريرة) ورواه الطبراني وزاد ولا
بالكعبة وقال: لا تحفظ هذه اللفظة إلا في هذا الحديث
(6/132)
8691 - (من رأيتموه) أي علمتموه (يذكر أبا
بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (بسوء) وتنقيص (فإنما يريد
الإسلام) أي فإنما قصده بذلك تنقيص الإسلام والطعن فيه
فإنهما شيخا الإسلام وبهما كان تأسيس الدين وتقرير قواعده
وقمع المرتدين وفتح الفتوحات وفي رواية للديلمي من رأيتموه
يذكر أبا بكر وعمر بسوء فاقتلوه فإنما يريدني والإسلام.
وقوله فإنما إلخ استثناف بياني كأنه قيل ما سبب قتله فأجاب
بأن بينه وبينهما كمال اتحاد فمن سبهما فكأنه سبه ومن سبه
سب الإسلام فيقتل وهذا محمول على سب يتضمن تكفيرا بدليل
قوله في الحديث الآتي من سب الأنبياء قتل ومن سب أصحابي
جلد وهذا الحديث رواه الحافظ عبد الباقي
(ابن قانع) في معجم الصحابة في ترجمة الحجاج بن منبه من
حديث إبراهيم بن منبه بن الحجاج بن منبه (عن) أبيه عن جده
(الحجاج) بن منبه (السهمي) بفتح [ص:134] المهملة وسكون
الهاء وآخره ميم نسبة إلى سهم بن عمرو من ولده خلق كثير من
الصحابة فمن بعدهم قال في الميزان: هو حديث منكر جدا
وإبراهيم مجهول لا أعلم له راويا غير أحمد بن إبراهيم
الكربزي ولم يذكر ابن عبد البر ولا غيره الحجاج بن منبه في
الصحابة بل ذكروا الحجاج بن الحارث السهمي ممن هاجر إلى
أرض الحبشة وليس هو هذا وقال في الإصابة: في إسناده غير
واحد من المجهولين
(6/133)
8692 - (من رابط) من الرباط بكسر ففتح
مخففا وهو ملازمة الثغر أي المكان الذي بيننا وبين الكفار
(فواق ناقة) بضم الفاء وتفتح ما بين الحلبتين من الوقت
لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر وخص الناقة
بالذكر لكثرة تداولها لحلبها فهو أقرب للتعميم (حرمه الله
على النار) أي منعه عنها كما في {وحرام على قرية} ومعناه
حرم الله النار عليه والمراد نار الخلود وإلا فمعلوم أن من
رابط ولو طول عمره وعصى من جهة أخرى يدخل النار إن لم يعف
عنه ثم يخرج منها بالشفاعة والفضل
<تنبيه> قال ابن حبيب: الرباط شعبة من الجهاد وبقدر خوف
ذلك الثغر يكون كثرة الأجر وقال أبو عمرو: شرع الجهاد لسفك
دماء المشركين وشرع الرباط لصون دماء المسلمين وصون دمائهم
أحب إلي من سفك دماء أولئك وهذا يدل على أنه مفضل على
الجهاد
(عق) من حديث محمد بن حميد عن أنس بن جندل عن هشام عن أبيه
(عن عائشة) ثم قال أعني العقيلي: إن كان محمد بن حميد ضبطه
وإلا فليس أنس ممن يحتج بحديثه اه. وفي الميزان عن أبي
حاتم: أنس بن جندل مجهول وأورده العقيلي أيضا في ترجمة
سليمان بن مرقاع من حديثه وقال: منكر الحديث لا يتابع عليه
ذكره الحافظ في اللسان وسبقه ابن الجوزي فقال: حديث منكر
لا يعرف إلا بسليمان بن مرقاع ولا يتابع عليه وسليمان منكر
الحديث
(6/134)
8693 - (من رابط) أي راقب العدو في الثغر
المقارب لبلاده (ليلة في سبيل الله كانت تلك الليلة) أي
ثوابها (كألف ليلة صيامها وقيامها) أي مثل ثواب ألف ليلة
يصام يومها ويقام فيها فإضافة الصيام إلى الليل لأدنى
ملابسة وإلا فالليل لا يصام فيه قيل: وذا فيمن ذهب للثغر
لحراسة المسلمين فيه مدة لا في سكانه أبدا وهم وإن كانوا
حماة غير مرابطين قال ابن حجر: وفيه نظر لأن ذلك المكان قد
يكون وطنه وينوي الإقامة فيه لدفع العدو
(هـ عن عثمان) بن عفان وفيه هشام بن عمار وقد مر وعبد
الرحمن بن زيد بن أسلم قال في الكاشف: ضعفوه ومصعب بن ثابت
قال في الكاشف: بين لغلطه
(6/134)
8694 - (من راح روحة في سبيل الله) أي في
الجهاد لإعلاء كلمة الدين (كان له بمثل ما أصابه من
الغبار) أي غبار التراب (مسكا يوم القيامة) أي يكون ما أعد
له يوم القيامة من النعيم قدر ذلك الغبار الذي أصابه في
المعركة وفي ذهابه إليها مسكا يتنعم به وعلى هذا فالمراد
الحقيقة ويحتمل أنه من قبيل التشبيه البليغ أو الاستعارة
التبعية والمراد كثرة الثواب بكل روحة لغزو
(هـ والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك وفيه شبيب البجلي
قال أبو حاتم: لين نقله عنه في الكاشف
(6/134)
8695 - (من رآءى بالله) أي بعمل من أعمال
الآخرة المقربة من الله الجالبة لرضاه (لغير الله) أي فعل
ذلك لا لله بل ليراه الناس فيعتقد ويعظم أو يعطى (فقد برئ
من الله) يعني لم يحصل له منه تعالى على ذلك العمل ثواب بل
عقاب إن لم [ص:135] يعف عنه لكونه شركا خفيا وقد سئل
الشافعي عن الرياء فقال على البديهة هو فتنة عقدها الهوى
حيال أبصار قلوب العلماء فنظروا بسوء اختيار النفوس فأحبطت
أعمالهم اه. قال الغزالي: وذا يدل على علمه بأسرار القلب
وعلم الآخرة
(طب عن أبي هند) الداري يزيد قال الهيثمي: وفيه جماعة لم
أعرفهم
(6/134)
8696 - (من ربي صغيرا حتى يقول لا إله إلا
الله لم يحاسبه الله) أي في الموقف والصغير شامل لولد
وولده غيره لليتيم ولغيره وذلك لأن كل مولود يولد على فطرة
الإسلام وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما في الحديث
فمن رباه تربية موافقة للفطرة الأصلية حتى يعقل ويشهد
شهادة الحق جوزي على ذلك بإدخال الجنة بغير حساب مطلقا
ويحتمل أن المراد بغير حساب مفسر بكونه يسيرا سليم العاقبة
فلخلوه عن الضرر والمشقة عبر عنه بعدم الحساب مبالغة حثا
على تأديب الأطفال لا سيما الأيتام بآداب الإسلام ليتمرنوا
على ذلك وينشأوا عليه والظاهر أن الكلام في مجتنب الكبائر
ويحتمل الإطلاق وفضل الله واسع
(طس) عن أبي عمير عبد الكبير بن محمد عن الشاذكوني عن عيسى
بن يونس عن هشام عن عروة عن عائشة (عد) عن قاسم بن علي
الجوهري عن عبد الكبير عن الشاذكوني عن عيسى عن هشام عن
عروة (عن عائشة) ثم قال مخرجه ابن عدي: لا يصح وأصل البلاء
فيه من أبي عمير قال: وقد رواه إبراهيم بن البراء عن
الشاذكوني وإبراهيم حدث بالأباطيل قال الهيثمي: فيه سليمان
بن داود الشاذكوني وهو ضعيف اه. وقال في الميزان: متنه
موضوع وقال في اللسان: خبر باطل والشاذكوني هالك اه
(6/135)
8697 - (من رحم ولو ذبيحة عصفور) بضم أوله
وحكى فتحه قيل سمي به لأنه عصى وفر (رحمه الله) أي تفضل
عليه وأحسن إليه (يوم القيامة) ومن أدركته الرحمة يومئذ
فهو من السابقين إلى دار النعيم وخص العصفور بالذكر لكونه
أصغر مأكول ينذبح وإذا استلزمت رحمته رحمة الله مع حقارته
وهوانه على الناس فرحمة ما فوقه سيما الآدمي أولى وأفاد
معاملة الذبيحة حال الذبح بالشفقة والرحمة وإحسان الذبحة
كما ورد مصرحا به في عدة أخبار. وخرج أحمد خبر قيل: يا
رسول الله إني أذبح الشاة وأنا أرحمها فقال: إن رحمتها
رحمك الله وخرج عبد الرزاق أن شاة انفلتت من جزار حتى جاءت
النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعها فقال لها النبي صلى الله
عليه وسلم: اصبري لأمر الله وأنت يا جزار فسقها للموت سوقا
رفيقا ومن الرفق بها والرحمة بها أن لا يذبح أخرى عندها
ولا يحد السكين وهي تنظر فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم
برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظه فقال
أفلا قبل هذا؟ تريد أن تميتها موتات؟ رواه الطبراني وغيره
<تنبيه> قال ابن عربي: عم برحمتك وشفقتك جميع الجيوان
والمخلوقات ولا تقل هذا نبات هذا جماد ما عنده خبر نعم
عنده أخبار أنت ما عندك خبر فاترك الوجود على ما هو عليه
وارحمه برحمة موجده ولا تنظر فيه من حيث ما يقام فيه في
الوقت حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين
(خد طب والضياء) المقدسي (عن أبي أمامة) قال الهيثمي:
رجاله ثقات اه. وفي الميزان في ترجمة الوليد بن جميل عن
أبي حاتم وله أحاديث منكرة وساق منها هذا
(6/135)
8698 - (من رد عن عرض أخيه) في الدين أي رد
على من اغتابه وشان من أذاه وعابه (رد الله عن وجهه) أي
ذانه وخصه لأن تعذيبه أنكى في الإيلام وأشد في الهوان
(النار يوم القيامة) جزاء بما فعل وذلك لأن عرض المؤمن
كدمه فمن هتك عرضه فكأنه سفك دمه ومن عمل على صون عرضه
فكأنه صان دمه فيجازى على ذلك بصونه [ص:136] عن النار يوم
القيامة إن كان ممن استحق دخولها وإلا كان زيادة رفعة في
درجاته في الآخرة في الجنة والعموم المستفاد من كلمة من
مخصوص بغير كافر وغير فاسق متجاهر كما مر وزاد الطبراني في
روايته {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}
(حم ت عن أبي الدرداء) قال الترمذي: حسن قال ابن القطان:
ومانعه من الصحة أن فيه مرزوق التيمي وهو والد يحيى بن
بكير وهو مجهول الحال
(6/135)
8699 - (من رد عن عرض أخيه) في الإسلام
(كان له) أي الرد أي ثوابه (حجابا من النار) يوم القيامة
وذلك بظهر الغيب أفضل منه بحضوره وإذا رد عن عرضه فأحرى أن
لا يتولى ذلك فيغتابه بل ينبغي أن يكاشفه فيما ينكر منه
لكن بلطف فذلك من نصره له كما دل عليه خير انصر أخاك ظالما
أو مظلوما الحديث
(هق عن أبي الدرداء) رمز لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه لا
يوجد في أحد دواوين الإسلام الستة مع أن الترمذي خرجه
(6/136)
8700 - (من رد عادية ماء أو عادية نار فله
أجر شهيد) أي من صرف ماء جاريا متعديا أو متجاوزا إلى
إهلاك معصوم أو صرف نارا كذلك فله مثل أجر شهيد من شهداء
الآخرة مكافأة له على إنقاذه معصوما من الغرق أو الحرق
(النوسي) بفتح النون وسكون الواو وسين مهملة نسبة إلى نوس
(في كتاب) فضل (قضاء الحوائج) للناس (عن علي) أمير
المؤمنين
(6/136)
8701 - (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك)
بالله تعالى لاعتقاده أن لله شريكا في تقدير الخير والشر
{تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا} وهذا وارد على منهج الزجر
والتهويل وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه
والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد قالوا: يا رسول
الله ما كفارة ذلك قال: يقول أحدكم اللهم لا خير إلا خيرك
ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك اه. فينبغي لمن طرقته
الطيرة أن يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي
في حاجته متوكلا عليه
(حم طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة
وبقية رجاله ثقات ذكره الهيثمي
(6/136)
8702 - (من رزق في شيء فليلزمه) أي جعلت
معيشته في شيء فلا ينتقل عنه حتى يتغير ذكره الغزالي وذلك
أنه قد لا يفتح عليه في المنتقل إليه فيصير فارغا بطالا
والمسلم إذا احتاج أول ما يبذل دينه كما رواه البيهقي
(هب عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن عبد الله الأنصاري قال
الذهبي: اتهم أي بالوضع وهو ضعيف عن فروة بن يونس الكلابي
وقد ضعفه الأزدي عن هلال بن جبير قال أعني الذهبي: وفيه
جهالة ورواه عنه أيضا ابن ماجه قال الحافظ العراقي: بسند
حسن فما أوهمه صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة غير
جيد وممن خرجه لابن ماجه والديلمي وغيره
(6/136)
8703 - (من رزق تقى فقد رزق خير الدنيا
والآخرة) يعني من منحه الله الهداية والتقوى فقد أعطاه
الله خير الدارين وصار عليه كريما بقوله تعالى {إن أكرمكم
عند الله أتقاكم}
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان في الثواب (عن عائشة)
فيه عبد الصمد ابن النعمان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء
وقال: صدوق مشهور وقال الدارقطني: غير قوي وعيسى بن ميمون
فإن كان الخواص فقد ضعفوه أو القرشي وهو الظاهر فهو متهم
كما ذكره الذهبي
(6/136)
[ص:137] 8704 - (من رزقه الله امرأة صالحة
فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي) وذلك
لأن أعظم البلاء الفادح في الدين شهوة البطن وشهوة الفرج
وبالمرأة الصالحة تحصل العفة عن الزنا وهو الشطر الأول
فيبقى الشطر الثاني وهو شهوة البطن فأوصاه بالتقوى فيه
لتكمل ديانته وتحصل استقامته وهذا التوجيه أولى من قول بعض
الموالي المرأة الصالحة تمنع زوجها عن القباحة الخارجية
فعبر عن إعانتها إياه بالشطر بمعنى البعض مطلقا أو بمعنى
النصف انتهى. وقيد بالصالحة لأن غيرها وإن كانت تعفه عن
الزنا لكن ربما تحمله على التورط في المهالك وكسب الحطام
من الحرام وجعل المرأة رزقا لأنا إن قلنا إن الرزق ما
ينتفع به كما أطلقه البعض فظاهر وإن قلنا إنه ما ينتفع به
للتغذي كما عبر البعض فكذلك لأنه كما أن ما يتغذى به يدفع
الجوع كذلك النكاح يدفع التوقان إلى الباه فيكون تشبيها
بليغا أو استعارة تبعية قال ابن حجر في الفتح: هذا الحديث
وإن كان فيه ضعف فمجموع طرقه تدل على أنه لما يحصل به
المقصود من الترغيب في التزويج أصلا لكن في حق من يتأتى
منه النسل
(ك) في النكاح من حديث زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن يزيد
(عن أنس) بن مالك قال الحاكم: صحيح فتعقبه الذهبي بأن
زهيرا وثق لكن له مناكير اه. وقال ابن حجر: سنده ضعيف
(6/137)
8705 - (من رضى من الله باليسير من الرزق)
بأن لم يضجر ولم يتسخط وقنع بما أعطاه الله وشكره عليه
وأجمل في الطلب وترك الكد والتعب (رضى الله منه بالقليل من
العمل) فلا يعاقبه على إقلاله من نوافل العبادة كما مر
ويكون ثواب ذلك العمل القليل عند الله أكثر من ثواب العمل
الكثير مع عدم الرضا وطلب الإكثار والكد بالليل والنهار
فمن سامح سومح له ومن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط
وليس له إلا ما قدر فرغ ربك من ثلاث وفي الطبراني عن أبي
سعيد يرفعه من سخط رزقه وبث شكواه لم يصعد له إلى الله عمل
ولقي الله وهو عليه غضبان قال الحرالي: والرضا هو إقرار ما
ظهر عن إرادة
(هب عن علي) أمير المؤمنين وفيه إسحاق بن محمد الفروي
أورده الذهبي في الضعفاء وقال النسائي: ليس بثقة ووهاه أبو
داود وتركه الدارقطني وقال أبو حاتم: صدوق لقن لذهاب بصره
وقال مرة: يضطرب وقال الحافظ العراقي: رويناه في أمالي
المحاملي بإسناد ضعيف من حديث علي ومن طريق المحاملي رواه
في مسند الفردوس
(6/137)
8706 - (من رضي عن الله) بقضائه وقدره (رضي
الله تعالى عنه) بأن يدخله الجنة ويتجلى عليه فيها حتى
يراه عيانا. قال الطيبي: ولعلو شأن هذه المرتبة التي هي
الرضا من الجانبين خص الله كرام الصحب بها حيث قال: {رضي
الله عنهم ورضوا عنه} قال بعضهم: ورضا العبد عن الله أن لا
يختلج في سره أدنى حزازة من وقوع قضاء من أقضيته بل يجد في
قلبه لذلك برد اليقين وثلج الصدر وشهود المصلحة وزيادة
الطمأنينة ورضا الله عن العبد تأمينه من سخطه وإحلاله دار
كرامته وقال السهروردي: الرضا يحصل لانشراح القلب وانفساحه
وانشراح القلب من نور اليقين فإذا تمكن النور من الباطن
اتسع الصدر وانفتحت عين البصيرة وعاين حسن تدبير الله
فينزع التسخط والتضجر لأن انشراح الصدر يتضمن حلاوة الحب
وفعل المحبوب بموقع الرضا عند المحب الصادق لأن المحب يرى
أن الفعل من المحبوب مراده واختياره فيفنى في لذة رؤية
اختيار المحبوب عن اختيار نفسه وقال بعض العارفين: الرضا
عن الله باب الله الأعظم وجنة الدنيا ولذة العارفين
والرضوان عن الله في الجنة وهم في الدنيا راضون عنه
متلذذون بمجاري [ص:138] أقضيته سليمة صدورهم من الغل مطهرة
قلوبهم عن الفساد لا يتحاسدون ولا يتباغضون وقال ابن أبي
رواد: ليس الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف ولكن في الرضا
عن الله وقال ميمون بن مهران: من لم يرض بالقضاء فليس
لحمقه دواء وقال رجل لابن كرام: أوصني. فقال: اجتهد في رضا
خالفك بقدر ما تجتهد في رضا نفسك
(ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة)
(6/137)
8707 - (من رفع رأسه قبل) رفع (الإمام) من
المقتدين به (أو وضع) رأسه قبل وضع الإمام رأسه من غير عذر
(فلا) يجوز له ذلك ولا (صلاة له) أي كاملة فهو من قبيل لا
صلاة لجار المسجد إلا في المسجد هذا ما عليه الشافعي وكثير
من الحنفية وحمله بعضهم على نفي الصحة
(ابن قانع) في المعجم (عن شيبان) بفتح أوله المعجم ابن
مالك الأنصاري السلمي له وفادة
(6/138)
8708 - (من رفع حجرا عن الطريق) أي أماط عن
طريق الناس أذى من حجر أو غيره كشوك قاصدا إزالة الضرر
عنهم احتسابا وخص الحجر بالذكر لغلبته أو لكونه أعظم ضررا
أو بطريق التمثيل (كتبت له حسنة ومن كانت له حسنة دخل
الجنة) أي لا بد له من دخولها إما بلا عذاب بأن اجتنب
الكبائر أو لم يجتنبها وعفا عنه أو لم يعف عنه وعذب فإنه
لا بد أن يخرج من النار والعموم المستفاد من كلمة من مشروط
بالإيمان
(طب) من حديث أبي شبيبة المهري (عن معاذ) بن جبل قال أبو
شيبة: كان معاذ يمشي ورجل معه فرفع حجرا من الطريق فقلت:
ما هذا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
قال الهيثمي: رجاله ثقات
(6/138)
8709 - (من ركع ثنتي عشرة ركعة بني له بيت
في الجنة) الظاهر أنه أراد صلاة الضحى وذلك هو أكثرها عند
الشافعية وأفضلها عند كثير منهم
(طس عن أبي ذر)
(6/138)
8710 - (من ركع عشر ركعات فيما بين المغرب
والعشاء بني له قصر في الجنة) تمامه كما في رواية فقال
عمر: إذن تكثر قصورنا يا رسول الله وإنما استحق مصليها
القصر المذكور لأن ذلك الوقت وقت غفلة لاشتغال الناس فيه
بتناول الطعام والشراب فإذا ترك العبد شهوته وأقبل على
الله تعالى بإحياء ذلك الوقت المغفول عنه بالصلاة استحق
ذلك القصر العظيم في دار النعيم وظاهر الحديث أن ذلك لا
يشترط فيه المداومة وأن بكل عشر ركعات في ذلك الوقت قصر
وبه يصرح قول عمر إذن تكثر قصورنا
(ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن عبد الكريم بن الحارث مرسلا)
ورواه عنه أيضا ابن المبارك في الزهد وغيره
(6/138)
8711 - (من رمى بسهم في سبيل الله فهو له
عدل) بكسر العين وفتحها أي مثل (محرر) زاد الحكيم في
روايته ومن بلغ بسهم فله درجة في الجنة قال أبو نجيح
الراوي: فبلغت يومئذ ستة عشر سهما اه. والمعنى من رمى بسهم
بنية جهاد الكفار كان له ثواب مثل ثواب تحرير رقبة أي
عتقها
(ت ن ك) في الجهاد (عن أبي نجيح) بفتح النون السلمي أو هو
[ص:139] القيسي فلو ميزه لكان أولى قال: حاصرنا قطر الطائف
فسمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فذكره
قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي
(6/138)
8712 - (من رمى) أي سب (مؤمنا بالكفر) بأن
قال هو كافر وهو مؤمن فشبه السب بالرمي فيكون استعارة
مصرحة وذكر فعل الرمي استعارة تبعية ووجه الشبه أنه كما أن
الرمي يهلك ظاهرا فالسب يهلك باطنا فاشتركا في مطلق
الإهلاك لكن الثاني أولى كقول المرتضى كرم الله وجهه "
جراحات السنان لها التئام ". البيت. (فهو كقتله) في عظم
الوزر وشدة الإصر عند الله تعالى فقوله كقتله إشارة إلى
خبر عرض المؤمن كدمه يعني من سبه بالكفر هتك عرضه وعرض
المؤمن كدمه فمن سبه بالكفر فكأنه سفك دمه أو المراد حكمه
حكم قتله في الآخرة وحكمه فيها دخول النار
(طب عن هشام بن عامر) بن أمية الأنصاري البخاري رمز المصنف
لحسنه
(6/139)
8713 - (من رمانا بالليل) أي رمى إلى جهتنا
بالقسي ليلا وفي رواية بالنبل بدل الليل (فليس منا) لأنه
حاربنا ومحاربة أهل الإيمان آية الكفران أو ليس على
منهاجنا لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه
لا أن يرعبه فضمير المتكلم في الموضعين لأهل الإيمان وسببه
أن قوما من المنافقين كانوا يرمون بيوت بعض المؤمنين فقاله
ويشمل هذا التهديد كل من فعله من المسلمين بأحد منهم
لعداوة واحتقار ومزاح لما فيه من التفزيع والترويع وذهب
البعض إلى أن المراد بالرمي ليلا ذكره لغيره بسوء أو قذف
خفية تشبيها برمي الليل
<تنبيه> قد خفي معنى هذا الحديث ومعرفة سببه على بعض عظماء
الروم فأتى من الخلط والخبط بما يتعجب منه حيث قال عقب
سياقه الحديث يعني من ذكر المؤمنين بسوء في الغيبة. وتخصيص
الليل بالذكر لأن الغيبة أكثر ما تكون بالليل ولأنه يحتمل
أن يكون سبب ورود الحديث واقعا في الليل وفي قوله رمانا
استعارة مكنية وتبعية إلى هنا كلامه. وإنما أوردته ليتعجب
منه
(حم) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه قال
الهيثمي: وفيه يحيى بن أبي سليمان وثقه ابن حبان وضعفه
غيره وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني عن عبد الله
بن جعفر وزاد يونس ومن رقد على سطح لا جدار له فمات فدمه
هدر
(6/139)
8714 - (من روع مؤمنا) أي أفزعه فأخافه كأن
أشار إليه بنحو سيف أو سكين ولو هازلا أو أشار إليه بحبل
يوهمه أنه حية (لم يؤمن الله تعالى روعته) أي لم يسكن الله
تعالى قلبه (يوم القيامة) حين يفزع الناس من هول الموقف
وإذا كان هذا في مجرد الروع فما ظنك بما فوقه بل يخيفه
ويرعبه جزاءا وفاقا يقال أمن زيد الأسد وأمن منه سلم منه
وزنا ومعنى قال في المصباح وغيره: والأصل أن يستعمل في
سكون القلب اه. ومنه أخذ الشافعية أن المالك يحرم عليه أخذ
وديعته من تحت يد المودع بغير علمه لأنه فيه إرعابا له بظن
ضياعها قال بعض الأئمة: ولا فرق في ذلك بين كونه جدا أو
هزلا أو مزحا وجرى عليه الزركشي في التكملة نقلا عن
القواعد فقال: ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل
المزح حرام وقد جاء في الخبر لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه
لاعبا ومن ثم اتجه جزم بعضهم بحرمة كل ما فيه إرعاب للغير
مطلقا
<تنبيه> ما ذكر من معنى هذا الحديث في غاية الظهور وقد قرر
بعض موالي الروم تقريرا يمجه السمع وينبو عنه الطبع فقال:
المعنى أن من أفزع مؤمنا وخوفه بأن قال له لم تؤمن بالله
أي ما صدر منك الإيمان المنجي ولا ينفعك هذا الإيمان
والحال أنه آمن بالله روعته يوم القيامة أي أكون خصمه
وأخوفه بالنار يوم القيامة قال: وهذا على تقدير [ص:140] أن
يكون كلمة في قوله لم يؤمن بالله للنفي كما هو الظاهر
ويحتمل أن يكون للاستفهام أي أتعلم لأي شيء تؤمن بالله؟
والإيمان بالله لا بد أن يكون على وجه يعتد به في الآخرة
ولا فائدة في إيمانك هذا وقوله لم يؤمن بالله يجوز أن يكون
بالتاء الفوقية والياء التحتية إلى هنا كلامه وهو عجب (ومن
سعى بمؤمن) إلى سلطان ليؤذيه (أقامه الله تعالى مقام ذل
وخزي يوم القيامة) فالسعاية حرام بل قضية الخبر أنها كبيرة
وأفتى ابن عبد السلام في طائفة بأن من سعى بإنسان إلى
سلطان ليغرمه شيئا فغرمه رجع به على الساعي كشاهد رجع وكما
لو قال هذا لزيد وهو لعمر ولكن الأرجح عند الشافعية خلافه
لقيام الفارق وهو أنه لا إيجاب من الساعي شرعا
(هب عن أنس) بن مالك ثم قال أعني البيهقي: تفرد به مبارك
بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ومبارك هذا أورده
الذهبي في المتروكين وقال: قال أبو زرعة: ما أعرف له حديثا
صحيحا وعبد العزيز ضعفه ابن معين وغيره
(6/139)
8715 - (من زار قبري) أي من زارني في قبري
فقصد البقعة نفسها ليس بقربة كذا ذكره السبكي في الشفاء
وحمل عليه ما نقل عن مالك من منع شد الرحل لمجرد زيارة
القبر من غير إرادة إتيان المسجد للصلاة فيه (وجبت) أن حقت
وثبتت ولزمت (له شفاعتي) أي سؤالي الله له أن يتجاوز عنه
قال السبكي: يحتمل كون المراد له بخصوصه بمعنى أن الزائرين
يخصون بشفاعة لا تحصل لغيرهم عموما ولا خصوصا أو المراد
يفردون بشفاعة عمل يحصل لغيرهم ويكون إفرادهم بذلك تشريفا
وتنويها يحسب الزيادة أو المراد ببركة الزيارة يجب دخولهم
في عموم من تناله الشفاعة وفائدة البشرى بأنه يموت مسلما
وعليه يجب إجراء اللفظ على عمومه إذ لو أضمر فيه شرط من
الوفاة على الإسلام لم يكن لذكر الزيارة معنى إذ الإسلام
وحده كاف في نيلها وعلى الأولين يصح هذا الإضمار والحاصل
أن أثر الزيارة إما الموت على الإسلام مطلقا لكل زائر وإما
شفاعة تخص الزائر أخص من العامة وقوله شفاعتي في الإضافة
إليه تشريف لها إذ الملائكة وخواص البشر يشفعون فللزائر
نسبة خاصة فيشفع هو فيه بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الزائر
وفي ثبوت لفظة الزيارة رد على مالك حيث كره أن يقال زرنا
قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(عد هب) وكذا الدارقطني (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن
القطان: وفيه عبد الله بن عمر العمري قال أبو حاتم: مجهول
وموسى بن هلال البصري قال العقيلي: لا يصح حديثه ولا يتابع
عليه وقال ابن القطان: فيه ضعيفان. وقال النووي في
المجموع: ضعيف جدا. وقال الغرياني: فيه موسى بن هلال
العبدي قال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وقال أبو حاتم:
مجهول. وقال السبكي: بل حسن أو صحيح. وقال الذهبي: طرقه
كلها لينة لكن يتقوى بعضها ببعض قال ابن حجر: حديث غريب
خرجه ابن خزيمة في صحيحه. وقال في القلب في سنده شيء وأنا
أبرأ إلى الله من عهدته قال أعني ابن حجر: وغفل من زعم أن
ابن خزيمة صححه وبالجملة فقول ابن تيمية موضوع غير صواب
(6/140)
8716 - (من زارني بالمدينة) في حياتي أو
بعد وفاتي (محتسبا) أي ناويا بزيارته وجه الله وثوابه وقيل
له محتسبا لاعتداده بعمله فجعل حال مباشرته الفعل كأنه
معتد به والاحتساب طلب الثواب كما سبق (كنت له شهيدا
وشفيعا) أي شهيدا للبعض وشفيعا لباقيهم أو شهيدا للمطيع
شفيعا للعاصي وهذه خصوصية زائدة على شهادته على جميع الأمم
وعلى شفاعته العامة وفي رواية لمسلم كنت له شفيعا أو شهيدا
وأو فيه بمعنى الواو للتقسيم كما تقرر وجعلها للشك رده
عياض قال ابن الحاج: والمراد أنه شهيد له بالمقام الذي فيه
الأجر (يوم القيامة) مكافأة له على صنيعه قالوا: وزيارة
قبره الشريف من كمالات الحج بل زيارته عند الصوفية فرض
وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيا قال الحكيم: زيارة
قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم هجرة المضطرين هاجروا إليه
فوجدوه مقبوضا فانصرفوا فحقيق أن لا يخيبهم بل يوجب لهم
شفاعة تقيم حرمة زيارتهم. [ص:141]
(هب عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس بحسن ففيه
ضعفاء منهم أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي قال الذهبي:
ترك وقال أبو حاتم: منكر الحديث
(6/140)
8717 - (من زار قبر والديه) لفظ رواية
الحكيم أبويه (أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ عنده يس) أي
سورتها (غفر له) ذنوبه والظاهر المنقاس أن المراد الصغائر
وزاد في رواية وكتب برا بوالديه أي كان برا بهما غير عاق
مضيع حقهما فعدل عنه إلى قوله كتب لمزيد الإثبات وأنه من
الراسخين فيه مثبت في ديوان الأبرار ومنه قوله تعالى
{فاكتبنا مع الشاهدين} اي اجعلنا في زمرتهم قال بعض موالي
الروم: وتخصيص يوم الجمعة بالذكر إما أن يكون اتفاقيا إن
كانت المغفرة لقراءة يس سواء قرئت على القبر في يوم جمعة
أو غيرها وإما أن يكون قصديا إن كان سبب المغفرة قراءة يس
على القبر في يوم الجمعة دون غيرها لا يقال قصد الزائر
بقراءتها على قبرهما نفع والديه ومغفرتهما والحديث إنما دل
على المغفرة للزائر فقط لأنا نقول الظاهر إنما غفر له
لكونه سببا لحصول المغفرة بهما فدل على مغفرتهما بالأولى
وقوله والديه أو أبويه من باب التغليب
(عد) عن محمد بن الضحاك عن يزيد بن خالد الأصبهاني عن عمر
بن زياد عن يحيى بن سليم الطائفي عن هشام عن أبيه عن عائشة
(عن) أبيها (أبي بكر) الصديق ثم قال ابن عدي: هذا الحديث
بهذا الإسناد باطل وعمرو متهم بالوضع اه. ومن ثم اتجه حكم
ابن الجوزي عليه بالوضع وتعقبه المصنف بأن له شاهدا وهو
الحديث التالي لهذا وذلك غير صواب لتصريحهم حتى هو بأن
الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف ونحوه
(6/141)
8718 - (من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل
جمعة مرة غفر الله له) ذنوبه (وكتب برا) بوالديه وقضية
قوله كل اشتراط المداومة لحصول المغفرة فإما أن يحمل إطلاق
الحديث الذي قبله عليه وإما أن يقال إن الزيارة في جمعة
واحدة سبب حصول المغفرة والمداومة شرط لكتابته برا مع
المغفرة وظاهر الحديث أن حصول المغفرة والكتابة برا وإن لم
يقرأ يس فإما أن يحمل إطلاقه على الحديث الأول أو يقال إن
ما يقاسيه الزائر من نصب إدامة الزيارة كل جمعة يوجب
المغفرة والكتابة وإن لم يقرأ يس والفضل للمتقدم وفي رواية
لأبي الشيخ والديلمي عن أبي بكر من زار قبر والديه كل جمعة
أو أحدهما فقرأ عنده يس والقرآن الحكيم غفر له بعدد كل آية
وحرف منها. وهنا سؤال هو أن تحصيل الحاصل محال فإذا حصلت
المغفرة بحرف فما الذي يكفره بقية الحروف وأجيب بأن كل حرف
يكفر البعض فيكون من قبيل قولهم إذا قوبل الجمع بالجمع
تنقسم الآحاد وزعم أنه إنما يصح إذا تساوى عدد الذنوب
والحروف يرده أنه يمكن أن يقابل البعض من غير نظر إلى
الأفراد كواحد بثلاثة مثلا وفي رواية لأبي نعيم من زار قبر
والديه أو أحدهما يوم الجمعة كان كحجة قال السبكي:
والزيارة لأداء الحق كزيارة قبر الوالدين يسن شد الرحل
إليها تأدية لهذا الحق
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) ورواه الطبراني عنه بلفظه
لكنه قال وكان برا وزاد بعد قوله أحدهما سنة قال الهيثمي:
وفيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وقال العراقي: رواه
الطبراني وابن أبي الدنيا من رواية محمد بن النعمان يرفعه
وهو معضل ومحمد بن النعمان مجهول وشيخه يحيى بن العلاء
متروك وروى ابن أبي الدنيا من حديث ابن سيرين أن الرجل
ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو الله لهما من بعدهما
فيكتبه الله من البارين فقال العراقي: مرسل صحيح الإسناد
(6/141)
8719 - (من زار قوما فلا يؤمهم) أي لا يصلي
بهم إماما في موضعهم فيكره بغير إذنهم (وليؤمهم) ندبا (رجل
منهم) حيث كان في المزورين من هو أهل للإمامة فالساكن بحق
أولى بالإمامة من غيره كزائره ولا ينافيه خبر البخاري عن
عتبة أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره وأمه ببيته لأنه
بإذن عتبة ولأن الكلام في غير الامام الأعظم قال الزين
العراقي: وعموم [ص:142] الحديث يقتضي أن صاحب المنزل يقدم
وإن كان ولد الزائر وهو كذلك قال: وقضية التعبير بالقوم
الذي هو للرجال أن الرجل إذا زار النساء يؤمهن إذ لا حق
لهن في إمامة الرجال
(حم د ت) وكذا النسائي والبيهقي في السنن كلهم من حديث أبي
عطية وهو العقيلي مولاهم (عن مالك بن الحويرث) قال: كان
مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا نتحدث فحضرت الصلاة يوما
فقلنا يتقدم بعضكم حتى أحدثكم لم لا أتقدم سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الترمذي: حسن وتبعه
المؤلف فرمز لحسنه وتعقبه الذهبي فقال: هذا حديث منكر وأبو
عطية مجهول
(6/141)
8720 - (من زرع زرعا فأكل منه طير أو
عافية) أي كل طالب رزق (كان له صدقة) أي كان له فيما يأكله
العوافي ثواب كثواب الصدقة تصدق بها في اختياره قال في
الإتحاف: والعافية السباع أو نحوها مما يرد المياه والزرع
(حم) وكذا الطبراني في الكبير من طريق أحمد ولعل المصنف
أغفله ذهولا (وابن خزيمة) في صحيحه (عن خلاد بن السائب)
قال الهيثمي: إسناده حسن
(6/142)
8721 - (من زنى خرج منه الإيمان) إن استحل
وإلا فالمراد نوره أو أنه صار منافقا نفاق معصية لا نفاق
كفر أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في
حل قتاله أو قتله وليس بمستحضر حال تلبسه به حلال من آمن
به فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها عليه الشهوة والمعصية
تذهله عن رعاية الإيمان وهو تصديق القلب فكأنه نسي من صدق
به أو أنه يسلب الإيمان حال تلبسه به فإذا فارقه عاد إليه
أو المعنى خرج منه الحياء لأن الحياء من الإيمان كما مر في
عدة أخبار صحاح وحسان أو هو زجر وتنفير فغلظ بإطلاق الخروج
عليه لما أن مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهي منافية
لمصلحة نظام العالم في حفظ الإنسان وحماية الفروج وصيانة
الحرمات وتوقي العداوة والبغضاء بين الناس وغير ذلك (فإن
تاب تاب الله عليه) أي قبل توبته فينبغي أن يبادر بالتوبة
قبل هجوم هاذم اللذات فيكون قد باع أبكارا عربا أترابا
كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات مسافحات أو متخذات
أخدان وحور مقصورات في الخيام بخيثات مسبيات بين الأنام
(طب عن شريك) قال الحافظ في الفتح: سنده جيد رمز لحسنه
(6/142)
8722 - (من زنى أو شرب الخمر نزع منه
الإيمان) أي كماله (كما يخلع الإنسان القميص من رأسه) أبرز
المعقول بصورة المحسوس تحقيقا لوجه التشبيه ولم يذكر
التوبة لظهورها أو للتشديد والتهديد والتهويل وذلك لأن
الخمر أم الفواحش والزنا يترتب عليه المقت من الله وقد علق
سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل إلى الفلاح
بدونه فقال {قد أفلح المؤمنون} الآيات وهذا يتضمن أن من لم
يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين وأنه من الملومين العادين
ففاته القلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم فمقاساة
ألم الشهوة أيسر من بعض ذلك
(ك) في الإيمان من حديث عبد الله بن الوليد عن أبي حجيرة
(عن أبي هريرة) قال الحاكم: احتج مسلم بعبد الرحمن بن
حجيرة وبعبد الله وأقره الذهبي في التلخيص وقال في
الكبائر: إسناده جيد
(6/142)
8723 - (من زنى زنى به) بالبناء لما لم يسم
فاعله (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما
لا بد أن [ص:143] يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض
أهل داره حتما مقضيا وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع
النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون
سيئة {وجزاء سيئة سيئة مثلها} فيلزم أن يسلط على الزاني من
يزني به بنحو حليلته {والله عزيز ذو انتقام} فإن لم يكن
للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب
بوجه آخر فقوله زني به من قبيل المشاكلة إلا أن قوله ولو
بحيطان داره ينبو عنه والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد
المبالغة ويحتمل الحقيقة بأن يحك رجل ذكره بجداره فينزل
وكما أن الزنا يهتك العرض فكذا مسح الذكر بالجدار وتلوثه
بالمني وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله زني به
مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا هبه لنفسه أو لشخص من
أتباعه والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا
زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما
ورأيت في بعض التواريخ أن رجلا حصره البول فدخل خربة فبال
ثم تناول عظمة فاستجمر بها فبمجرد مسح ذكره بها أنزل
فأخذها وعرضها على بعض أهل التشريح فقالوا: إنها عظمة فرح
امرأة وفي هذه الأحاديث أن من زنى دخل في هذا الوعيد هبه
بكرا أو محصنا سواء كان المزني بها أجنبية أو محرمة بل
المحرم أفحش وهبه أعزب أم متزوج لكن المتزوج أعظم ولا يدخل
فيه ما يطلق عليه اسم الزنا من نظر وقبلة ومباشرة فيما دون
الفرج ومس محرم لأنها من اللمم
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا
الديلمي باللفظ المزبور
(6/142)
8724 - (من زنى) بالتشديد (أمة) أي رماها
بالزنا لا أنه زنى بها في الواقع وإلا لم يكن قوله (لم
يرها تزنى) له فائدة (جلده الله يوم القيامة بسوط من نار)
في الموقف على رؤوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية
جزاءا وفاقا وقوله لم يرها تزنى جملة حالية من فاعل زنى أو
من مفعوله والأمة أعم من كونها للقاذف أو لغيره قال
المهلب: أجمعوا على أن الحر إذا قذف عبدا أو أمة لم يجب
عليه الحد ودل هذا الحديث على ذلك لأنه لو وجب عليه في
الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة وإنما خص دلك بالآخرة
تمييزا للحر من المملوك اه. ومن تعقب حكاية الإجماع بما
ورد عن ابن عمر في أم الولد من أن قاذفها يحد فقد وهم لأن
مراده به بعد موت السيد
<تنبيه> قد أذنت هذه الأخبار بقبح الزنا وقد تظافر على ذلك
أرباب الملل والنحل بل وبعض البهائم ففي البخاري أن قردة
في الجاهلية زنت فرجمت وساقه الإسماعيلي مطولا عن عمرو بن
ميمون قال: كنت باليمن في غنم لأهلي فجاء قرد مع قردة
فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس
القرد سلا رفيقا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت
فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق فاستيقظ فرحا فشمها
فصاح فاجتمعت القردة فجعل يصيح ويرمى إليها فذهبت القردة
يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد فحفروا لهما حفرة فرجموهما
وذكر أبو عبيدة في كتاب الخيل من طريق الأوزاعي أن مهرا
نزى على امه فامتنع فأدخلت بيتا وجللت بكساء فأنزى عليها
فنزى فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه من أصله بأسنانه
(حم عن أبي ذر) رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن أبي جعفر
أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أحمد: ليس بقوي
(6/143)
8725 - (من زهد في الدنيا) واشتغل بالتعبد
(علمه الله بلا تعلم) من مخلوق (وهداه بلا هداية) من غير
الله (وجعل بصيرا) بعيوب نفسه (وكشف عنه العمى) أي رفع عن
بصيرته الحجب فانجلت له الأمور فعرف الأشياء النافعة وضدها
والظاهر أن المراد بالعلم علم طريق الآخرة كما يشير إليه
كلام حجة الإسلام قال الحجة: والذي يبعث على الزهد ترك
آفات الدنيا وعيوبها وقد أكثر الناس القول فيه ومنه قول
بعضهم تركت الدنيا لقلة غنائها وكثرة عنائها وسرعة فنائها
[ص:144] وخسة شركائها قال الإمام: لكن يجيء من هذا رائحة
الرغبة لأن من شكا فراق أحد أحب وصاله ومن ترك شيئا لمكان
الشركاء فيه أخذه لو انفرد به فالقول البالغ له أن الدنيا
عدوة الله وأنت محبه ومن أحب أحدا أبغض عدوه ولأنها وسخة
جيفة لكنها ضمخت بطيب وطرزت بزينة فاغتر بظاهرها الغافلون
وزهد فيها العاقلون
(حل) في مناقب المرتضي (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه
أيضا الديلمي وفيه ضعيف
(6/143)
8726 - (من ساء خلقه عذب نفسه) باسترساله
مع خلقه بكثرة الإنفعال والقيل والقال فلا تزال نفسه شكسة
يائسة فقيرة كزة محتاجة وأما صاحب الخلق الحسن فقلبه في
راحة لأن نفسه طيبة غنية وبينهما بون بعيد قلب معذب وقلب
مستريح (ومن كثر همه سقم بدنه) مع أنه لا يكون إلا ما قدر
(ومن لاحى الرجال) أي قاولهم وخاصمهم ونازعهم (ذهبت
كرامته) عليهم وأهانوه بينهم (وسقطت مروءته) وفي المثل من
لاحاك فقد عاداك قال الفضيل كما رواه عنه البيهقي في الشعب
لا تخالط إلا حسن الخلق فإنه لا يأتي إلا بخير ولا تخالط
سيء الخلق فإنه لا يأتي إلا بشر. وقال أبو حازم: سيء الخلق
أشقى الناس به نفسه هي منه في بلاء ثم زوجته ثم ولده
(الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (وابن السني وأبو نعيم)
كلاهما (في الطب) النبوي (عن أبي هريرة) وفيه سلام أو أبو
سلام الخراساني قال الذهبي: قال أبو حاتم: متروك
(6/144)
8727 - (من سأل الله الشهادة بصدق) قيد
السؤال بالصدق لأنه معيار الأعمال ومفتاح بركاتها وبه ترجى
ثمراتها (بلغه الله منازل الشهداء) مجازاة له على صدق
الطلب وفي قوله منازل الشهداء بصيغة الجمع مبالغة ظاهرة
(وإن مات على فراشه) لأن كلا منهما نوى خيرا وفعل ما يقدر
عليه فاستويا في أصل الأجر ولا يلزم من استوائهما فيه من
هذه الجهة استواؤهما في كيفيته وتفاصيله إذ الأجر على
العمل ونيته يزيد على مجرد النية فمن نوى الحج ولا مال له
يحج به يثاب دون ثواب من باشر أعماله ولا ريب أن الحاصل
للمقتول من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل
للناوي الميت على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد فهما وإن
استويا في الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي
أثرا زائدا وقربا خاصا وهو فضل الله يؤتيه من يشاء فعلم من
التقرير أنه لا حاجة لتأويل البعض وتكلفه بتقدير من بعد
قوله بلغه الله فأعط ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم حقها
وأنزلها منازلها يتبين لك المراد وفيه ندب سؤال الشهادة
بنية صادقة
(م 4) في الجهاد من حديث سهل بن أسعد بن سهل بن حنيف عن
أبيه (عن) جده (سهل بن حنيف) بضم المهملة مصغرا ولم يخرجه
البخاري واستدركه الحاكم فوهم وسهل هذا تابعي ثقة واسم
أبيه أسعد صحابي ولد في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم
وسماه باسم جده لأمه بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة وكناه
بكنيته وجده سهل بن حنيف بن وهب الأوسي شهد بدرا وثبت يوم
أحد وأبلى يومئذ بلاء حسنا وليس في الصحابة سهل بن حنيف
غيره ومن لطائف إسناد الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه
عن جده
(6/144)
8728 - (من سأل الله الجنة) أي دخولها بصدق
وإيقان وحسن نية (ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة
ومن استعاذ من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من
النار) وهذا القول يحتمل كونه بلسان القال بأن يخلق الله
[ص:145] فيها الحياة والنطق وهو على كل شيء قدير أو بلسان
الحال وتقديره قالت خزنة الجنة من قبيل قوله تعالى {واسأل
القرية} ويؤيده ذكر الجنة في قوله اللهم أدخله الجنة وإلا
لقالت اللهم أدخله إياي ويحتمل كونه التفات من التكلم إلى
الغيبة وكذا الكلام في قوله قالت النار وجاء في رواية ذكر
العدد في الاستجارة من النار ثلاثا وحذفه في سؤال الجنة
وهو تنبيه على أن الرحمة تغلب الغضب وعلى أن عذابه شديد
{إن الله شديد العقاب} فيكفي في طلب الجنة السؤال الواحد
بخلاف الاستجارة من النار قال السمهودي: لك أن تقول ما
الحكمة في تخصيص الثلاث مع أن الحسن بن سفيان روى عن أبي
هريرة مرفوعا ما سأل الله عز وجل عبد الجنة في يوم سبع
مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلانا سألني فأدخله وفي
رواية لأبي يعلى بإسناد على شرط الشيخين ما استجار عبد من
النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلانا استعاذ
بك مني فأعذه وأدخله الجنة وفي رواية للطيالسي من قال أسأل
الله الجنة سبعا قالت الجنة اللهم أدخله الجنة وفي رواية
له إن العبد إذا أكثر مسألة الله الجنة قالت الجنة يا رب
إن عبدك هذا سألنيك فأسكنه إياي الحديث. وأجيب بأنه خص
الثلاث في هذا الحديث لأنها أول مراتب الكثرة والسبعة في
غيرها لأنها أول مراتب النهاية في الكثرة لاشتمالها على
أقل الجمع من الأفراد وأقل الجمع من الأزواج
(ت) في صفة أهل الجنة (ن) في الاستعاذة وفي يوم وليلة وكذا
ابن ماجه في الزهد خلافا لما يوهمه اقتصار المصنف على ذينك
(ك) في باب الدعاء (عن أنس) بن مالك وقال: صحيح وسكت عليه
الذهبي وكذا رواه عنه ابن حبان في صحيحه بهذا اللفظ من هذا
الوجه
(6/144)
8729 - (من سأل الناس) نصب بنزع الخافض أو
مفعول به (أموالهم) بدل اشتمال منه (تكثرا) مفعوله أي
لتكثر ماله لا لحاجة (فإنما يسأل جمر جهنم) أي سبب للعقاب
بالنار أو هي قطع عظيمة من الجمر حقيقة يعذب بها كمانع
الزكاة لأخذه ما لا يحل أو لكتمه نعمة الله وهو كفران فإن
شاء (فليستقل منه) أي من ذلك السؤال أو من المال أو من
الجمر (أو فليستكثر) أي وإن شاء فليستكثر أمر توبيخ وتهديد
من قبيل {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ومن ثم قالوا: من
قدر على قوت يوم لم يحل له السؤال والقياس أن الدافع إن
علم بحاله أثم لإعانته على محرم إلا أن يجعله هبة لصحتها
للغنى
<فائدة> أخرج ابن عساكر أن مطرف بن عبد الله بن الشخير كان
يقول لابن أخيه إذا كانت لك حاجة اكتبها في رقعة فإني أصون
وجهك عن الذل
يا أيها المبتغى نيل الرجال. . . وطالب الحاجات من ذي
النوال
لا تحسبن الموت موت البلى. . . فإنما الموت سؤال الرجال
كلاهما موت ولكن ذا. . . أعظم من ذاك لذل السؤال
(حم م هـ عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري
(6/145)
8730 - (من سأل) الناس (من غير فقر) أي عن
غير حاجة بل لتكثير المال (فإنما) في رواية فكأنما (يأكل
الجمر) جعل المأكول نفس الجمر مبالغة في التوبيخ والتهديد
والمراد أنه يعاقب بالنار وقد يجعل على ظاهره وأن ما يأخذه
يطعمه في الآخرة على صورة الجمر كما يكوى مانع الزكاة بها
قال النووي: اتفقوا على النهي عن السؤال بلا ضرورة وفي
القادر على الكسب وجهان أصحهما أنها حرام لظاهر الحديث
والثاني يحل بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح في السؤال ولا
يؤذي المسؤول وإلا حرم اتفاقا
(حم وابن خزيمة) في صحيحه (والضياء) في المختارة (عن حبشي)
بضم الحاء المهملة فموحدة ساكنة فمعجمة بعدها ياء ثقيلة
بضبطه (ابن جنادة) السلولي بفتح المهملة شهد حجة الوداع
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح
(6/145)
8731 - (من سئل بالله) قال بعضهم: قوله سأل
يجوز كونه بصيغة المجهول وبصيغة المعلوم وقوله بالله أي
بحب الله ورضاه [ص:146] وقوله (فأعطى) يجوز كونه بصيغة
الفاعل أو المفعول أي أعطى السائل ما سأله امتثالا لآية
{ويطعمون الطعام على حبه} الآية (كتب له سبعون حسنة) أي إن
علم أن السائل لا يصرفه في نحو فسق والظاهر أن المراد
بالسبعين التكثير لا التحديد لشيوع استعمال السبعين فيه
لاشتمالها على جملة ما هو الأصل من كسور العدد فكأنها
العدد بأسره ولا منافاة بين هذا الحديث وقوله تعالى {من
جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} لأن المراد من الآية بيان
أقل مراتب الثواب في مقابلة من جاء بحسنة واحدة ولا نهاية
لأكثره كما يدل عليه {ليلة القدر خير من ألف شهر}
(هب عن ابن عمرو) بن العاص وفيه محمد بن مسلم الطائفي
أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه أحمد ووثقه ابن معين
(6/145)
8732 - (من سئل عن علم) علمه قطعا وهو علم
يحتاج إليه سائل في أمر دينه وقيل ما يلزم عليه تعليمه
كمريد الإسلام يقول علمني الإسلام والمفتي في حلال أو حرام
وقيل هو علم الشهادتين (فكتمه) عن أهله (ألجمه الله يوم
القيامة بلجام) فارسي معرب (من نار) أي أدخل في فيه لجاما
من نار مكافأة له على فعله حيث ألجم نفسه بالسكوت في محل
الكلام فالحديث خرج على مشاكلة العقوبة للدنب وذلك لأنه
سبحانه أخذ الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس
ولا يكتمونه وفيه حث على تعليم العلم لأن تعلم العلم إنما
هو لنشره ودعوة الخلق إلى الحق والكاتم يزاول إبطال هذه
الحكمة وهو بعيد عن الحكيم المتقن ولهذا كان جزاؤه أن يلجم
تشبيها له بالحيوان الذي سخر ومنع من قصد ما يريده فإن
العالم شأنه دعاء الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصراط
المستقيم وقوله بلجام من باب التشبيه لبيانه بقوله من نار
على وزان {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من
الفجر} شبه ما يوضع في فيه من النار بلجام في الدابة ولولا
ما ذكر من البيان كان استعارة لا تشبيها
(حم 4 ك عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: على
شرطهما وقال المنذري: في طرقه كلها مقال إلا أن طريق أبي
داود حسن وأشار ابن القطان إلى أن فيه انقطاعا وللحديث عن
أبي هريرة طرق عشرة سردها ابن الجوزي ووهاها وفي اللسان
كالميزان عن العقيلي: هذا الحديث لا يعرف إلا لحماد بن
محمد وأنه لا يصح اه. قال الذهبي في الكبائر: إسناده صحيح
رواه عطاء عن أبي هريرة وأشار بذلك إلى أن رجاله ثقات لكن
فيه انقطاع وساقه البيضاوي في تفسيره بلفظ من كتم علما عن
أهله قال الولي العراقي: ولم أجده هكذا
(6/146)
8733 - (من سب العرب فأولئك) أي السابون
(هم المشركون بالله) أي بسبهم لكون النبي صلى الله عليه
وسلم منهم أو نحو ذلك مما يقتضي طعنا في الشريعة أو نقصا
في ما جاء به صلى الله عليه وسلم وقال بعض علماء الروم:
المراد من سب جنس العرب من حيث إنهم عرب فإنه حينئذ كافر
لأن الأنبياء منهم فسب الجنس يستلزم سبهم وسبهم كفر ويؤيده
خبر حب العرب إيمان وبغضهم كفر والضمير المستتر في سب يعود
إلى من باعتبار اللفظ والجمع في اسم الإشارة والضمير في
فأولئك هم المشركون عبارة عن من باعتبار المعنى والفاء في
قوله فأولئك لتضمن معنى الشرط وضمير الفصل في هم المشركون
لتأكيد إفادة الحصر للمبالغة
(هب) من حديث مطرف بن مغفل عن ثابت البناني (عن عمر) بن
الخطاب وظاهر صنيع المصف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر
بخلافه فإنه عقبه ببيان حاله فقال: تفرد به مغفل هذا وهو
منكر بهذا الإسناد هذا لفظه وفي كلام الذهبي إشارة إلى أن
هذا الخبر موضوع فإنه قال في الضعفاء والمناكير: مطرف بن
مغفل عن ثابت له حديث موضوع ثم رأيته صرح بذلك في الميزان
فقال: مطرف بن مغفل له حديث موضوع ثم ساق هذا الخبر بعينه
(6/146)
8734 - (من سب أصحابي) أي شتمهم (فعليه
لعنة الله والملائكة والناس) أي الطرد والبعد عن مواطن
الأبرار ومنازل [ص:147] الأخيار والسب والدعاء من الخلق
(أجمعين) تأكيد لمن سب أو الناس فقط أي كلهم وهذا شامل لمن
لابس القتل منهم لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون
فسبهم كبيرة ونسبتهم إلى الضلال أو الكفر كفر
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الله بن
خراش وهو ضعيف
(6/146)
8735 - (من سب الأنبياء قتل) لانتهاكه حرمة
من أرسلهم واستخفافه بحقه وذلك كفر قال القيصري: إيذاء
الأنبياء بسبب أو غيره كعيب شيء منهم كفر حتى من قال في
النبي ثوبه وسخ يريد بذلك عيبه قتل كفرا لا حدا ولا تقبل
توبته عند جمع من العلماء وقبلها الشافعية (ومن سب أصحابي
جلد) تعزيرا ولا يقتل خلافا لبعض المالكية ولبعض منا في
ساب الشيخين ولبعض فيهما والحسنين
(طب) وكذا الأوسط والصغير (عن علي) أمير المؤمنين وفيه
عبيد الله العمري شيخ الطبراني قال في الميزان: رماه
النسائي بالكذب قال في اللسان: ومن مناكيره هذا الخبر
وساقه ثم قال: رواته كلهم ثقات إلا العمري
(6/147)
8736 - (من سب عليا) بن أبي طالب (فقد سبني
فقد سب الله) ومن سب الله فهو أعظم الأشقياء وفيه إشارة
إلى كمال الاتحاد بين المصطفى والمرتضى بحيث أن محبة
الواحد توجب محبة الآخر وبغضه يوجب بغضه ولا يلزم منه
تفضيل علي على الشيخين لما بين في علم الكلام وقد أساء بعض
علماء الروم الأدب مع الحضرة الإلهية حيث قال: فيه إشارة
إلى كمال المناسبة والاتحاد بين هؤلاء الثلاثة وأستغفر
الله من حكايته
(حم ك) في فضائل الصحابة من حديث أبي عبيد الله الجدلي (عن
أم سلمة) قال الجدلي: دخلت على أم سلمة فقالت أيسب رسول
فيكم فقلت سبحان الله قالت سمعته يقول فذكرته قال الحاكم:
صحيح قال الذهبي: والجدلي وثق وقال الهيثمي: رجال أحمد
رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة
(6/147)
8737 - (من سبح سبحة الضحى) أي صلى صلاتها
وذكر الله تعالى وقتها وداوم على ذلك (حولا مجرما) بالجيم
كمعظم بضبط المصنف أي حولا تاما (كتب الله له براءة من
النار) أي خلاصا من النار بسبب اشتغاله بذلك في ذلك الوقت
ودوامه عليه وإنما خصه وقت انتشار الناس في المعاش والغفلة
عن ذكر الله وعن الصلاة ولأن فيه كلم موسى ربه وألقى
السحرة سجدا كما نقل عن البيضاوي
(سمويه عن سعد) بن أبي وقاص
(6/147)
8738 - (من سبح) أي قال سبحان الله (في)
دبر (صلاة الغداة) أي عقب فراغه من الصبح وظاهر التقييد
بها أن ذلك من خواصها فلا يحصل الموعود به على قول ما يأتي
بقوله عقب غيرها ويحتمل أنه قيد اتفاقي (مئة تسبيحة) بأ
قال سبحان الله ثلاثة وثلاثين والحمد لله ثلاثة وثلاثين
والله أكبر كذلك ولا إله إلا الله مرة فيكون المجموع مئة
مرة وعبر عنه بالتسبيح أوله من تسمية الكل باسم جزئه
(وهلل) أي قال لا إله إلا الله (مئة تهليلة غفر له ذنوبه)
بهذا الشرط وهو من سبح والظاهر أن المراد الصغائر كما مر
نظائره غير مرة (ولو كانت) في الكثرة (مثل زبد البحر) وهو
ما يعلو على وجهه عند هيجانه واختصاص هذه الألفاظ بالذكر
واعتبار الأعداد المعينة بحكمة تخصها لا يطلع [ص:148]
عليها إلا من خصه الله بمعرفة أسرار الحروف التي تركب منها
هذا الذكر ومراتب قولها وسئل ابن حجر هل تحصل سنة التسبيح
والتكبير المسنون دبر الصلاة بذكرها مفرقة فأجاب بأنه يجوز
الضم بأن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ويغررها كذلك ويجوز التفريق بأن يقول سبحان
الله حتى يتم العدد وهكذا والأفضل التفريق لزيادة العمل
فيه بحركة الأصابع بالعدد
<تنبيه> قال الغزالي: لا تظن أن ما في التهليل والتقديس
والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه
الكلمات من غير حصول معانيها في القلب فسبحان الله كلمة
تدل على التقديس ولا إله إلا الله كلمة تدل على التوحيد
والحمد لله تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق فيما وعد
به من الحسنات والمغفرة ونحو ذلك بإزاء هذه المعارف وإنما
هو من أبواب الإيمان واليقين
<تنبيه> قال ابن حجر في الفتح: قال بعضهم: الأعداد الواردة
كالذكر عقب الصلاة إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي
بها على العدد لا يحصل له الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون
لتلك الأعداد حكمة وخاصة تفوت بمجاوزة ذلك قال شيخنا
الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي: فيه نظر لأنه أتى بالقدر
الذي رتب الثواب عليه فإذا زاد عليه من جنسه كيف يكون
الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله اه. ويمكن أن يفرق
بالنية فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الوارد ثم أتى
بالزيادة لم يضر وإلا ضر وقد بالغ القرافي في قواعده فقال:
من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعا لأن
شأن العظماء إذا حدوا شيئا أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه
مسيئا للأدب وقد مثله بعضهم بالدواء إذا زيد فيه سكرا مثلا
ضر ويؤيده الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص
مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة عليه لما
فيه من قطع الولاء لاحتمال أن يكون للولاء حكمة خاصة يفوت
بفوتها
(ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وقضية صنيع المؤلف أنه
لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في
الصلاة بزيادة ولفظه من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا
وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين
قتلك تسعة وتسعون ثم قال تمام المئة لا إله إلا الله وحده
لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت
خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر
(6/147)
8739 - (من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم
فهو له) قال البيهقي: أراه إحياء الموات وقال غيره: يحتمل
أن المراد بماء واحد المياه ويحتمل كون ما موصولة وجملة لم
يسبق صلتها وكونها نكرة موصوفة بمعنى شيء والأخيران أولى
كأنها أعم والحمل عليه أكمل وأتم فيشمل ما كل عين وبئر
ومعدن كملح ونفط فالناس فيه سواء ومن سبق لشيء منها فهو
أحق به حتى يكتفي وشمل من سبق لبقعة من نحو مسجد أو شارع
وخرج الكافر فلا حق له وقوله فهو له أي فهو أحق بما سبق
إليه من غيره يقدم منه بكفايته فإن زاد أزعج هذا ما قرره
جمع شارحون ومن وقف على سبب الحديث وتأمله علم أن المراد
إنما هو إحياء الموات ولذلك اقتصر عليه الإمام البيهقي
فذكره غيره غفلة واسترسال مع ظاهر اللفظ
(د) في الخراج (والضياء) المقدسي (عن أم جندب) كذا رأيته
في مسودة المؤلف بخطه من غير زيادة ولا نقصان وأم جندب
غفارية وأزدية وظفرية فكان ينبغي التمييز ثم إن الذي في
أبي داود إنما هو عن أم جندب بنت ثميلة عن أمها سودة بنت
جابر عن أمها عقيلة بنت أسمر عن أبيها أسمر بن مضرس الطائي
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا هو في الإصابة بخط
الحافظ ابن حجر عازيا لأبي داود. وقال: إسناده جيد وسبقه
إلى ذلك ابن الأثير وغيره فذهل المصنف عن ذلك كله قال
البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث. وقال ابن
السكن: ليس لأسمر إلا هذا الحديث الواحد
(6/148)
8740 - (من ستر) أي غطى (على مؤمن من عورة)
في بدنه أو عرضه أو ماله حسية أو معنوية ولو بنحو إعانته
علي ستر دينه [ص:149] (فكأنما أحيا ميتا) قيل: ولعل وجهه
أن مكشوف العورة يشبه الميت في كشف العورة وعدم الحركة
فكما أن الميت يسر أهله بعود الحياة إليه فكذا من كانت
عورته مكشوفة فسترت ففيه تشبيه بديع واستعارة تبعية اه.
ولا يخفى تكلفه ثم هذا فيمن لم يعرف بأذى الناس ولم يتجاهر
بالفساد وإلا ندب رفعه للحاكم ما لم يخف فتنة لأن الستر
يقويه على فعله وكذا يقال في الخبر الآتي وإلى ذلك أشار
حجة الإسلام حيث قال: إنما يرجوه عبد مؤمن يستر على الناس
عوراتهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم ولم يحرك لسانه بذكر
مساوئهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهونه لو سمعوه فهذا
أجدر بأن يجازى بمثله في القيامة ومحله أيضا في ذنب مضى
وانقضى أما المتلبس به فتجب المبادرة بمنعه منه بنفسه أو
بغيره كالحاكم حيث لم يخف مفسدة به أو بغيره من كل معصوم
وليس في الحديث ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه
أيضا
<تنبيه> إظهار السر كإظهار العورة فكما يحرم كشفها يحرم
إفشاؤها وكتمان الأسرار قد تطابق على الأمر به الملل وقد
قالوا: صدور الأحرار قبور الأسرار. وقيل: قلب الأحمق في
فيه ولسان العاقل في قلبه. وقيل لبعضهم: كيف أنت في كتم
السر قال: أستره وأستر أني أستره
(طب والضياء) المقدسي (عن شهاب) ورواه الطبراني في الأوسط
عن مسلمة بن مخلد قال رجاء بن حيوة: سمعت مسلمة بن مخلد
يقول: بينا أنا على مصر فأتى البواب فقال: إن أعرابيا
بالباب يستأذن فقلت: من أنت قال: جابر بن عبد الله فأشرفت
عليه فقلت: أنزل إليك أو تصعد قال: لا تنزل ولا أصعد حديث
بلغني أنك ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر
المؤمن جئت أسمعه قلت: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه
وآله وسلم يقول فذكره لكنه قال: فكأنما أحيا موءودة فضرب
بعيره راجعا
(6/148)
8741 - (من ستر أخاه المسلم في الدنيا) في
قبيح فعله وقوله (فلم يفضحه) بأن اطلع منه على ما يشينه في
دينه أو عرضه أو ماله أو أهله فلم يهتكه ولم يكشفه بالتحدث
ولم يرفعه الحاكم بالشرط المار (ستره الله يوم القيامة) أي
لم يفضحه على رؤوس الخلائق بإظهار عيوبه وذنوبه بل يسهل
حسابه ويترك عقابه لأن الله حيي كريم وستر العورة من
الحياء والكرم ففيه تخلق بخلق الله والله يحب التخلق
بأخلاقه ودعى عثمان إلى قوم على ريبة فانطلق ليأخذهم
فتفرقوا فلم يدركهم فأعتق رقبة شكرا لله تعالى أن لا يكون
جرى على يديه خزي مسلم
(حم عن رجل) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضية
تصرف المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك
بل هو في البخاري في المظالم والإكراه ومسلم في الأدب
ولفظهما من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ولفظ البخاري
من ستر على مسلم إلخ فليس فيما آثره إلا زيادة قوله في
الدنيا وهو صفة كاشقة فليس بعذر في العدول عما في الصحيحين
عندهم وممن رواه أيضا من الستة الترمذي في الحدود عن أبي
هريرة مرفوعا بلفظ ستره الله في الدنيا والآخرة وكذا أبو
داود والنسائي في الرجم فضرب المؤلف عن ذلك كله صفحا
واقتصاره على أحمد غير جيد على أن فيه عند أحمد مع كون
صحابيه مجهولا مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدني قال
الهيثمي: ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات
(6/149)
8742 - (من سره) أي أفرحه والفرح كيفية
نفسانية تحصل من حركة الروح التي هي القلب إلى خارج قليلا
قليلا (أن يكون أقوى) في رواية أكرم (الناس) في جميع أموره
وسائر حركاته وسكناته (فليتوكل على الله) لأنه إذا قوي
توكله قوي قلبه وذهبت مخافته ولم يبال بأحد {ومن يتوكل على
الله فهو حسبه} وكفى به حسيبا {أليس الله بكاف عبده} وليس
في الحديث ما يقتضي ترك الاكتساب بل يكتسب مفوضا مسلما
متوكلا على الكريم الوهاب معتمدا عليه طالبا منه غير ملاحظ
لتسبب معتقدا أنه لا يعطي ويمنع إلا الله فلا يركن إلى
سواه ولا يعتمد بقلبه على غيره قال الغزالي: طالب [ص:150]
الكفاية من غيره هو التارك للتوكل وهو المكذب بهذه الآية
فإن سؤاله في معرض الاستنطاق بالحق ولما أحكم أبناء الآخرة
هذه الخصلة وأعطوها حقها تفرغوا للعبادة وتمكنوا من التفرد
من الخلق والسياحة واقتحام الفيافي واستيطان الجبال
والشعاب فصاروا أقوياء العباد ورجال الدين وأحرار الناس
وملوك الأرض بالحقيقة يسيرون حيث شاؤوا وينزلون حيث أرادوا
لا عائق لهم ولا حاجز دونهم وكل الأماكن لهم واحد وكل
الأزمان عندهم واحد قال الخواص: ولو أن رجلا توكل على الله
بصدق نية لاحتاج إليه الأمراء ومن دونهم وكيف يحتاج ومولاه
الغني الحميد؟
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (التوكل عن ابن عباس)
رمز لحسنه ورواه بهذا اللفظ الحاكم والبيهقي وأبو يعلى
وإسحاق وعبد بن حميد والطبراني وأبو نعيم كلهم من طريق
هشام بن زياد بن أبي المقدام عن محمد القرطبي عن ابن عباس
قال البيهقي: في الزهد تكلموا في هشام بسبب هذا الحديث
(6/149)
8743 - (من سره) من السرور وهو انشراح
الصدر بلذة فيها طمأنينة النفس عاجلا وذلك في الحقيقة إنما
يكون إذا لم يخف زواله ولا يكون إلا فيما يتعلق بالأمور
الأخروية قال:
أشد الغم عندي في سرور. . . تيقن عنه صاحبه ارتحالا
(أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب) بضم الكاف وفتح
الراء جمع كربة وهي غم يأخذ بالنفس لشدته (فليكثر الدعاء
في الرخاء) أي في حال الرفاهية والأمن والعافية لأن من
شيمة المؤمن الشاكر الحازم أن يريش السهم قبل الرمي ويلتجئ
إلى الله قبل الاضطرار بخلاف الكافر الشقي والمؤمن الغبي
{وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة
منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا} فتعين
على من يريد النجاة من ورطات الشدائد والغموم أن لا يغفل
بقلبه ولسانه عن التوجه إلى حضرة الحق تقدس بالحمد
والابتهال إليه والثناء عليه إذ المراد بالدعاء في الرخاء
كما قاله الإمام الحليمي دعاء الثناء والشكر والاعتراف
بالمنن وسؤال التوفيق والمعونة والتأييد والاستغفار لعوارض
التقصير فإن العبد وإن جهد لم يوف ما عليه من حقوق الله
بتمامها ومن غفل عن ذلك ولم يلاحظه في زمن صحته وفراغه
وأمنه كان صدق عليه قوله تعالى {فإذا ركبوا في الفلك دعوا
الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}
(ت ك عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي
(6/150)
8744 - (من سره أن يحب الله ورسوله) أي من
سره أن يزداد من محبة الله ورسوله (فليقرأ) القرآن نظرا
(في المصحف) وهذا بناء على ما هو المتبادر أن فاعل يحب
العبد وقال بعض موالي الروم: فاعل يحب لفظ الجلالة والرسول
أي من سره أن يحبه الله ورسوله إلخ وذلك لأن في القراءة
نظر زيادة ملاحظة للذات والصفات فيحصل من ذلك زيادة ارتباط
توجب زيادة المحبة وكان بعض مشايخ الصوفية إذا سلك مريدا
أشغله بذكر الجلالة وكتبها له في كفه وأمره بالنظر إليها
حال الذكر قالوا: هذا أول شيء يرفع كما قاله عبادة بن
الصامت ويبقى بعده على اللسان حجة فيتهاون الناس فيه حتى
نذهب بذهاب حملته ثم تقوم الساعة على شرار الناس وليس فيهم
من يقول الله الله
(حل هب عن ابن مسعود) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي
خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه فإنه إنما ذكره مقرونا ببيان
حاله فقال عقبه: هكذا يروى هذا الإسناد مرفوعا وهو منكر
تفرد به أبو سهل الحسن بن مالك عن شعبة اه وفيه الحر بن
مالك العنبري قال في الميزان: أتى بخبر باطل ثم ساق هذا
الخبر وقال: إنما اتخذت المصاحف بعد النبي صلى الله عليه
وسلم قال في اللسان: وهذا التعليل ضعيف ففي الصحيحين نهى
أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو وما المانع أن يكون الله
أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أن صحبه يتخذون المصاحف؟
لكن الحر مجهول الحال
(6/150)
[ص:151] 8745 - (من سره أن يجد حلاوة) وفي
رواية لأبي نعيم طعم (الإيمان) استعار الحلاوة المحسوسة
للكمالات الإيمانية العقلية بقرينة إضافتها الى الإيمان
بجامع الالتذاذ بكل منهما (فليحب المرء لا يحبه) لشيء (إلا
لله) أي لا يحبه إلا لأجل الله لا لغرض آخر كإحسان وإنما
قال حلاوة الإيمان لأن أصل الإيمان الذي هو التصديق لا
يتوقف على تلك المحبة والمراد الحب العقلي الذي هو موجب
إيثار ما يقتضي العقل ورجحانه وإن كان على خلاف الهوى كحب
المريض للدواء لا الحب الطبيعي إذ {لا يكلف الله إلا
وسعها}
(حم ك) من حديث شعبة عن أبي بلح (عن أي هريرة) قال الحاكم:
صحيح واحتج مسلم بأبي بلح قال الذهبي: قلت لم لا يحتج به
وقد وثق وقال البخاري: فيه نظر اه وقال الحافظ العراقي في
أماليه: حديث أحمد صحيح وهو من غير طريق الحاكم
(6/151)
8746 - (من سره أن يسلم) من السلامة لا من
الإسلام أي من سره أن يسلم في الدنيا من أذى الخلق وفي
الآخرة من عقاب الحق (فليلزم الصمت) عما لا يعنيه ولا
منفعة فيه ليسلم من الزلل ويقل حسابه لأن خطر اللسان عظيم
وآفاته كثيرة ولسلامة اللسان حلاوة في القلب وعليها بواعث
من الطبع والشيطان وليس يسلم من ذلك كله إلا بتقييده بلجام
الشرع قال الغزالي: ومن آفات اللسان الخطأ والكذب والنميمة
والغيبة والرياء والنفاق والفحش والمراء وتزكية النفس
والخصومة والفضول والخوض في الباطل والتحريف في الزيادة
والنقص وإيذاء الخلق وهتك العورات وغير ذلك
(هب) وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] وابن أبي الدنيا (عن أنس)
قال الزين العراقي كالمنذري: إسناده ضعيف وذلك لأن فيه
محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال ابن أبي فديك: قال ابن
سعد: ليس بحجة وقال الهيثمي: فيه عثمان بن عبد الرحمن
الوقاصي وهو متروك وقال الذهبي في الضعفاء: تركوه وفي
الميزان: عن الأزدي عمر الوقاصي منكر الحديث وعن أبي حاتم
مجهول وله حديث باطل وساق هذا الخبر
(6/151)
8747 - (من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل
الجنة فلينظر إلى الحسن) بن علي أحد الريحانتين فإنه سيدهم
وأهل الجنة كلهم شباب كما دل عليه خبر أهل الجنة جرد مرد
لا يفنى شبابهم ولا يصح إضافة الشباب إليهم إلا بجعل
الإضافة للبيان كقوله تعالى {من بهيمة الأنعام} وفي رواية
الحسين بدل الحسن
(ع عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته وليس بمسلم ففيه
الربيع بن سعد الجعفي قال في الميزان: كوفي لا يكاد يعرف
ثم أورد هذا الخبر مما خرجه أبو يعلى وابن حبان
(6/151)
8748 - (من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى)
ابن مريم (فلينظر إلى أبي ذر) الغفاري فإنه في مزيد
التواضع ولين الجانب وخفض الجناح وكف النفس عن الشهوات
يقرب من عيسى الذي كان في ذلك على غاية الكمال ونهاية
التمام وفي رواية لابن عساكر أن أبا ذر يباري عيسى ابن
مريم في عبادته أخرج أيضا أن جبريل كان عند النبي صلى الله
عليه وسلم فأقبل أبو ذر فقال: هذا أبو ذر قال: وتعرفه قال:
هو في أهل السماء أعرف منه في أهل الأرض وأفادت هذه
الأحاديث أن أبا ذر تواضعه حقيقي لا يمازجه رياء ولا يشوبه
سفه وأنه عند إلهه سبحانه وتعالى بحال الرضا لتشبيهه بروح
الله الذي حاز قصب السبق في إظهار المسكنة والافتقار
للواحد القهار
(ع عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه أحمد بلفظ من أحب أن
ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم إلى ربه وصدقه وجده فلينظر
إلى أبي ذر قال الهيثمي: رجاله وثقوا والبزار عن أبي مسعود
بلفظ: من سره أن ينظر إلى شبيه عيسى خلقا وخلقا فلينظر إلى
[ص:152] أبي ذر قال الهيثمي: رجاله ثقات
(6/151)
8749 - (من سره أن يتزوج امرأة من أهل
الجنة فليتزوج) السيدة الفاضلة الجليلة حاضنة المصطفى صلى
الله عليه وسلم (أم أيمن) بركة الحبشية كان ورثها من أبيه
وزوجها من زيد بن حارثة فولدت له أسامة وهي التي دخل عليها
أبو بكر وعمر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي
فقالا: ما يبكيك فما عند الله خير لنبيه قالت: إني لأعلم
ذلك وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء فهيجتهما على البكاء
فبكيا وهذا الحديث يلحق أم أيمن بالعشرة المبشرة بالجنة
فإنه كما شهد لهم بها شهد لها بها فصار دخولها إياها
مقطوعا به والمراد بالعموم في قوله من سره أن يتزوج إلخ
ترغيب المؤمنين في أن يتزوجها واحد منهم فإن مات عنها أو
فارقها تزوجها غيره وهكذا محبة فيها لكونها من أهل الجنة
فإذا مات يكون معها في الجنة لأن المرء مع من أحب
(ابن سعد) في الطبقات (عن سفيان بن عقبة مرسلا) هو أخو
قبيصة الكوفي قال الذهبي: صدوق
(6/152)
8750 - (من سره أن ينظر إلى امرأة) أي
يتأملها بعين بصيرته لا ببصره فإنه إلى الأجنبية حرام أو
أن ذلك قبل نزول الحجاب أو وهي ملتفة بإزارها أو المخاطب
بذلك جماعة النسوة والمحارم فلا يقال النظر إلى الأجنبية
حرام (من الحور العين) أي إلى امرأة كأنها من الحور من حيث
الكمال والجمال وكونها من أهل الجنة (فلينظر إلى أم رومان)
بنت عامر بن عويمر الكنانية على ما في التجريد أو بنت سبع
بن دهمان على ما في الفردوس وهي زوج أبي بكر الصديق وأم
عائشة وعبد الرحمن صحابية كبيرة الشأن واسمها زينب وقيل
دعد وزعم الواقدي ومن تبعه أنها ماتت في حياة المصطفى صلى
الله عليه وسلم سنة سبع أو أربع أو خمس ونزل المصطفى صلى
الله عليه وآله وسلم قبرها واستغفر لها وجزم به الذهبي في
التجريد لكن قال ابن حجر: الصحيح أنها عاشت بعده وبكونها
زوجة الصديق يعلم خبط بعض موالي الروم حيث قال في محل
إشكال النظر إليها قال في الفردوس: وهي بنت سبيع بن دهمان
زوج أبي بكر أم عائشة
(ابن سعد) في طبقاته (عن القاسم بن محمد مرسلا) قضية تصرف
المصنف أنه لم يقف عليه مسندا لأحد وهو ذهول فقد خرجه أبو
نعيم والديلمي من حديث أم سلمة قالت: لما دفنت أم رومان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره إلخ وعلى هذا فأم
رومان ماتت في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم
(6/152)
8751 - (من سرته حسنته) لكونه راجيا ثوابها
مؤقنا بنفعها (وساءته سيئته فهو مؤمن) أي كامل الإيمان لأن
من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة فذلك يكون من
استحكام الغفلة على قلبه فإيمانه ناقص بل ذلك يدل على
استهانته بالدين فإنه يهون عظيما ويغفل عما لا يغفل الله
عنه والمؤمن يرى ذنبه كالجبل والكافر يراه كذباب مر على
أنفه فالمؤمن البالغ الإيمان يندم على خطيئته ويأخذه القلق
كاللديغ لإيقانه بخبر الآخرة وشرها بخلاف غير الكامل فإنه
لا ينزعج لذلك لتراكم الظلمة في صدره وعلى قلبه فيحجبه عن
ذلك ولهذا قال ابن مسعود فيما خرجه الحكيم الترمذي بأن
المؤمن إذا أذنب فكأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه فتقتله
والمنافق ذنبه كذباب مر على أنفه فعلامة المؤمن أن توجعه
المعصية حتى يسهر ليله فيما حل بقلبه من وجع الذنب ويقع في
العويل كالذي فارق محبوبه من الخلق بموت أو [ص:153] غيره
فيتفجع لفراقه فيقع في النحيب فالمؤمن الكامل إذا أذنب يحل
به أكثر من المصاب لحجبه عن ربه ومن أشفق من ذنوبه فكان
على غاية الحذر منها لا يرجو لغفرها سوى ربه فهو يقبل على
الله وهو الذي أراده الله من عباده ليتوب عليهم ويجزل
ثوابهم نعم السرور بالحسنة مقيد في أخبار أخر بأن شرطه ألا
ينتهي إلى العجب بها فيسر بما يرى من طاعته فيطمئن إلى
أفعاله فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة
الضعيفة الأمارة اللوامة فيهلك ولهذا قال بعض العارفين:
ذنب يوصل العباد إلى الله تعالى خير من عبادة تصرفه عنه
وخطيئة تفقره إلى الله خير من طاعة تغنيه عن الله
(تتمة) قال الراغب: من لا يخوفه الهجاء ولا يسره الثناء لا
يردعه عن سوء الفعال إلا سوط أو سيف وقيل من لم يردعه الذم
عن سيئة ولم يستدعه المدح الى حسنة فهو جماد أو بهيمة وليس
الثناء في نفسه بمحمود ولا مذموم وإنما يحمد ويذم بحسب
المقاصد
(طب عن أبي موسى) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال
الهيثمي: فيه موسى بن عتيك وهو هالك في الضعف نعم رواه
الطبراني عن أبي أمامة باللفظ المذكور قال الهيثمي: ورجاله
رجال الصحيح اه فعدول المصنف عن الطرق الصحيحة واقتصاره
على الضعيفة من سوء التصرف ثم ظاهر صنيعه أيضا أن ذا لم
يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وإلا لما عدل عنه وهو
ذهول فقد خرجه النسائي في الكبرى باللفظ المزبور عن عمر
فساق بإسناده إلى جابر بن سمرة أن عمر خطب الناس فقال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرته إلى آخر ما هنا قال
الحافظ العراقي في أماليه: صحيح على شرط الشيخين وأخرجه
أحمد في المسند بلفظ من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن
قال أعني العراقي: حديث صحيح اه
(6/152)
8752 - (من سعى بالناس) أي وشى بهم إلى
سلطان أو جائر ليؤذيهم وفي تعبيره بالناس إشعار بأن الكلام
فيمن دأبه ذلك وعادته (فهو لغير رشده أو فيه شيء منه) أي
من غير الرشد لأن العاقل الرشيد الكامل السعيد لا يتسبب
إلى إيذاءه الناس بلا سبب قال بعض الحنفية: وإذا كان
الساعي عادته السعي وإضاعة أموال الناس فعليه الضمان وإلا
فلا قال الراغب: والرشد عناية إلهية تعين الإنسان عند
توجهه في أموره فتقويه على ما فيه صلاحه وتفتره عما فيه
فساده وأكثر ما يكون ذلك من الباطن نحو قوله تعالى {ولقد
آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} وكثيرا ما يكون
ذلك بتقوية العزم أو بفسخه
(ك عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: له أسانيد هذا أمثلها
وتعقبه الحافظ العراقي بأن فيه سهل بن عطية قال فيه ابن
طاهر في التذكرة: منكر الرواية قال: والحديث لا أصل له
(6/153)
8753 - (من سكن البادية جفا) أي غلظ قلبه
وقسا فلا يرق لمعروف كبر وصلة رحم لبعده عن العلماء وقلة
اختلاطه بالفضلاء فصار طبعه طبع الوحش قال القاضي: وأصل
التركيب للنبو عن الشيء (ومن اتبع الصيد غفل) لحرصه الملهي
عن الترحم والرقة أو لأنه إذا اهتم به غفل عن مصالحه أو
لشبهه بالسباع وانجذابه عن الرقة قال الحافظ ابن حجر: يكره
ملازمة الصيد والإكثار منه لأنه قد يشغل عن بعض الواجبات
وكثير من المندوبات ودليله هذا الحديث وقال ابن المنير:
الاشتغال بالصيد لمن عيشه به مشروع ولمن عرض له وعيشه
بغيره مباح وأما التصيد لمجرد اللهو فهو محل النهي (ومن
أتى السلطان افتتن) لأنه إن وافقه في مرامه فقد خاطر بدينه
وإن خالفه فقد خاطر بروحه ولأنه يرى سعة الدنيا فيحتقر
نعمة الله عليه وربما استخدمه فلا يسلم من الإثم في الدنيا
والعقوبة في العقبى
<تنبيه> قال ابن تيمية: فيه أن سكنى الحاضرة يقتضي من كمال
الإنسان في رقة القلب وغيرها ما لا تقتضيه سكنى البادية
فهذا الأصل موجب كون جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية وقد
يتخلف المقتضي لمانع
(حم 3 عن ابن عباس) فيه من طريق الأربعة [ص:154] أبو موسى
لا يعرف البتة قال ابن القطان: وقول الدولابي أبو موسى
الثمالي لا يخرجه عن الجهالة وقال الكرابيسي: حديثه ليس
بالقائم وقول الترمذي حسن مبني على رأي من لا يبغي على
الإسلام مزيدا نعم له عند البزار سند حسن
(6/153)
8754 - (من سل سيفه) فقاتل به الكفار (في
سبيل الله) امتثالا لقوله تعالى {فاقتلوا المشركين} وغيرها
من الآيات (فقد بايع الله) إما من البيع لقوله تعالى {إن
الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}
وإما من البيعة لقوله تعالى {إن الذين يبايعونك إنما
يبايعون الله} والمعنى على كلا التقديرين من حارب الكفار
لإعلاء كلمة الله فقد بذل نفسه التي هي أحب الأشياء إليه
ولا أحد أنفس ممن بذل نفس ما عنده فيكون في أرفع منازل
الجنان وناهيك بذلك فضلا وورد في غير ما خبر أن الله يباهي
بسيف الغازي وسلاحه قال في المطامح: وإذا باهى الله بعبد
لم يعذبه أبدا وخص السيف بالذكر لأن استعماله في القتال
أغلب لا لإخراج غيره فكل من جاهد الكفار بقوس أو رمح أو
حجر أو غير ذلك كذلك
(ابن مردويه) في التفسير (عن أبي هريرة)
(6/154)
8755 - (من سل علينا السيف) أي أخرجه من
غمده لإضرارنا (فليس منا) حقيقة إن استحل ذلك وإلا فمعناه
ليس من العاملين على طريقتنا المتبعين لارشادنا الدلالة
الشقاق على النفاق وخرج بقوله علينا حمله لنا لنحو حراسة
أو دفع عدو
(حم م) في الإيمان (عن سلمة بن الأكوع) قالوا تفرد به مسلم
(6/154)
8756 - (من سلك طريقا) حسية أو معنوية
ونكره ليتناول أنواع الطريق الموصلة إلى تحصيل أنواع
العلوم الدينية (يلتمس) حال أو صفة أي يطلب فاستعار له
اللمس وهي رواية (فيه) أي في غايته أو سببه وإرادة الحقيقة
في غاية البعد للندرة (علما) نكره ليشمل كل علم وآلته
ويندرج فيه ما قل وكثر وتقييده بقصد وجه الله به لا حاجة
إليه لاشتراطه في كل عبادة لكن يعتذر لقائله هنا بأن تطرق
الرياء للعلم أكثر فاحتيج للتنبيه على الإخلاص وظاهر قوله
يلتمس أنه لا يشترط في حصول الجزاء الموعود به حصوله فيحصل
إذا بذل الجهد بنية صادقة وإن لم يحصل شيئا لنحو بلادة
(سهل الله له به) أي بسببه (طريقا) في الآخرة أو في الدنيا
بأن يوفقه للعمل الصالح (إلى الجنة) أي إلى السلوك المفهوم
من سلك ذكره بعضهم وقال الطيبي: الضمير في به عائد إلى من
والباء للتعدية أي يوفقه أن يسلك طريق الجنة قال: ويجوز
رجوع الضمير إلى العلم والباء سببية والعائد إلى من محذوف
والمعنى سهل الله له بسبب العلم طريقا من طرق الجنة وذلك
لأن العلم إنما يحصل بتعب ونصب وأفضل الأعمال أحزمها فمن
تحمل المشقة في طلبه سهلت له سبل الجنة سيما إن حصل
المطلوب قال ابن جماعة: والأظهر أن المراد أن يجازيه يوم
القيامة بأن يسلك به طريقا لا صعوبة له فيه ولا هول إلى أن
يدخله الجنة سالما فأبان أن العلم ساعد السعادة وأس
السيادة والمرقاة إلى النجاة في الآخرة والمقوم لأخلاق
النفوس الباطنة والظاهرة فهو نعم الدليل والمرشد إلى سواء
السبيل وتقديم الظرفين للإختصاص لأن تسهيل طريق الجنة خاص
بالله وغيره في مقابلته كالعدم لأنه في حقه غير مفيد وكذا
بالنسبة لسببه فإن غير هذا السبب من أسباب التسهيل كالعدم
لأنه أقوى الأسباب المسهلة وفيه حجة باهرة على شرف العلم
وأهله في الدنيا والآخرة لكن الكلام في العلم النافع لأنه
الذي يترتب عليه الجزاء المذكور كما تقرر
(ت) في العلم (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وقضية صنيع المؤلف
أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل للترمذي
مقتصرا وهو عجب من هذا الإمام المطلع فقد خرجه مسلم بلفظه
إلا أنه قال بدل يلتمس يطلب وما أراه إلا ذهل عنه
(6/154)
[ص:155] 8757 - (من سلم على قوم) أي بدأهم
بالسلام بدلالة السياق (فقد فضلهم) أي زاد عليهم في الفضل
(بعشر حسنات) لأنه ذكرهم السلام وأرشدهم إلى ما شرع لإظهار
الأمان بين الأنام وأولى الناس بالله ورسوله من بدأهم
بالسلام كما في حديث آخر وفيه أن ابتداء السلام وإن كان
سنة أفضل من رده وإن كان واجبا وزاد قوله (وإن ردوا عليه)
أي رد عليه كل منهم إشارة إلى أن ما أتى به وحده أفضل من
رد الجماعة أجمعين فإذا كانوا ثلاثة فردوا كلهم كان ما أتى
به وحده يفضل على ما أتى به الكل بعشر حسنات وبهذا التقرير
علم أن قول بعض موالي الروم قوله وإن ردوا عليه يشعر بأن
رد السلام ليس بواجب وليس كذلك فلا بد من التأمل من قبيل
الباطل كما لا يخفى على اللبيب الفاضل وقوله بقي في الحديث
شيء وهو أن رد السلام من الأفعال الحسنة كالسلام فمن رده
يحصل للمسلم فيلزم تساويهما في حصول عشر حسنات فكيف قوله
من سلم على قوم فقد فضلهم بعشر حسنات وإن ردوا عليه فلا بد
عن دفعه من الغبار انتهى. من قيل الهذيان كما لا يخفى على
أهل هذا الشأن
(عد) من حديث رجاء بن وداع الراسبي عن غالب عن الحسن (عن
رجل) قال غالب: بينما نحن جلوس مع الحسن إذ جاء أعرابي
بصوت له جهوري كأنه من رجال شنوءة فقال: السلام عليكم
حدثني أبي عن جدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره قال ابن عدي: لم يحضرني له غير هذا الحديث وضعفه
(6/155)
8758 - (من سمع المؤذن) وفي رواية لأبي
نعيم النداء بدل المؤذن (فقال مثل ما يقول) أي أجابه بمثل
قوله إلا في الحيعلتين والتثويب كما سبق (فله مثل أجره) أي
فله أجر كما للمؤذن أجر ولا يلزم منه تساويهما في الكم
والكيف كما مر نظيره غير مرة
(طب عن معاوية) الخليفة رمز لحسنه قال الهيثمي: هو من
رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو ضعيف فيهم وقال
المنذري: متنه حسن وشواهده كثيرة
(6/155)
8759 - (من سمع) بالتشديد أي من نوه بعلمه
وشهر ليراه الناس ويمدحوه (سمع الله به) أي شهره بين أهل
العرصات وفضحه على روؤس الأشهاد وإنما سمى فعل المرائي
سمعة ورياء لأنه يفعله ليسمع به ذكره القاضي وذكر نحوه
البيضاوي وقال النووي: معنى هذا الحديث من راءى بعلمه
وسمعه للناس ليكرموه ويعظموه فقد سمع الله به الناس وفضحه
يوم القيامة لكونه فعله رياء وسمعة لا لأجل الله وقيل
معناه من سمع بعيوب الناس أظهر الله عيوبه وقيل أسمعه
المكروه وقيل أراه ثواب ذلك ولا يعطيه إياه ليكون حسرة
عليه اه. قال بعض موالي الروم: وكل من هؤلاء القائلين خلط
المسألتين في الحديث فالظاهر أنه لا كذلك وأن قوله من سمع
سمع الله به مخصوص بالقول وقوله من راءى راءى الله به
بالفعل وعليه فمعنى الأول من أمر الناس بالمعروف ونهاهم عن
المنكر فإما أن يأمر نفسه بما أمر الناس به أو لا فإن كان
الأول سمع الله به الناس بالخير يوم القيامة أي يعطى ثوابه
ويدخله الجنة وإن كان الثاني سمع الله به الناس بالشر أي
يظهر فضيحته يوم القيامة ويدخله النار إن لم يعف عنه ومعنى
الثاني من فعل فعلا حسنا وأراد الناس فإما أن تكون إرادته
إياهم بنية خالصة بأن يرغبهم في ذلك الفعل الحسن ليحوزوا
ثوابه أو ليكرموه ويعظموه فإن كان الأول أثيب عليه أو
الثاني افتضح يوم القيامة وحاصل المعنى أن من سمع سمع الله
به إن خيرا فخير وإن شرا فشر ومن راءى راءى الله به إن
خيرا فخير وإن شرا فشر ويدل عليه إطلاق الأفعال في الحديث
مع ترك المفعول لكن يعكر عليه أن الرياء والسمعة مشهوران
في الشرف فقط (ومن راءى) بعمله والرياء إظهار العبادة بقصد
رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها (راءى الله به) أي بلغ
مسامع خلقه أنه مراء مزور وأشهره بذلك بين خلقه وقرع به
أسماعهم ليشتهر بأنه مراء فيفتضح بين الناس ذكره القاضي
[ص:156] وقال الزمخشري: السمعة أن يسمع الناس عمله وينوه
به على سبيل الرياء يعني من نوه بعمله رياء وسمعة نوه الله
بريائه وتسميعه وقرع به أسماع خلقه فتعارفوه وأشهروه بذلك
فيفتضح اه قال ابن حجر: ورد في عدة أحاديث التصريح بوقوع
ذلك في الآخرة فهو المعتمد وفيه ندب إخفاء العمل الصالح
قال ابن عبد السلام: لكن يستثنى من يظهره ليقتدى به أو
لينتفع به ككتابة العلم فمن كان إماما يستن بعلمه عالما
بما لله عليه قاهرا لشيطانه استوى ما ظهر من علمه وما خفي
لصحة قصده والأفضل في حق غيره الإخفاء مطلقا
(حم م) في آخر صحيحه (عن ابن عباس) قضية تصرف المصنف أن ذا
مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو وهم فقد خرجه البخاري في
الرقاق
(6/155)
8760 - (من سمى المدينة يثرب) بفتح فسكون
كانت سميت به باسم من يسكنها أولا (فليستغفر الله) أي
فليطلب منه المغفرة لما وقع فيه من الإثم (هي طابة هي
طابة) لأن اليثرب الفساد والتثريب التوبيخ والمؤاخذة
بالذنب واللوم ولا يليق بها ذلك وظاهر أمره بالاستغفار أن
تسميتها بذلك حرام لأن استغفارنا إنما هو عن خطيئة وهو
ظاهر كلام جمع منهم الدميري قالوا: وتسميتها في التنزيل
حكاية لقول المنافقين أو من باب مخاطبة الناس بما يعرفونه
اه. والأكثر على الكراهة ولا ينافي الكراهة ما في الصحيحين
في حديث الهجرة فإذا هي المدينة يثرب وفي رواية لا أراها
إلا يثرب لأن ذلك كان قبل النهي كما ذكره السمهودي تبعا
لصحاح الجوهري
(حم عن البراء) بن عازب ورواه أيضا أبو يعلى قال الهيثمي:
ورجاله ثقات اه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ورده ابن
حجر
(6/156)
8761 - (من سها في صلاته في ثلاث أو أربع
فليتم فإن الزيادة خير من النقصان) أخذ به الشافعية
فقالوا: من شك عمل بيقينه فيأخذ بالأقل وقالت الحنفية: إن
كان الشك ليس عادة له وجب البناء على المتيقن وإن كثر الشك
منه وجب العمل بما يقع عليه التحري للزوم الحرج بتقدير
الإلزام فإن لم يقع تحريه على شيء بنى على الأقل
(ك) في سجود السهو عن عمار بن مطر الرهاوي عن ابن ثوبان عن
أبيه عن مكحول عن كريب عن ابن عباس (عن عبد الرحمن بن عوف)
رفعه قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي فقال: بل عمار تركوه
(6/156)
8762 - (من سود) بفتح السين وفتح الواو
المشددة بضبطه أي من كثر سواد قوم بأن ساكنهم وعاشرهم
وناصرهم فهو منهم وإن لم يكن من قبيلتهم أو بلدهم (مع قوم
فهو منهم ومن روع) بالتشديد بضبطه (مسلما لرضا سلطان جيء
به يوم القيامة معه) أي مقيدا مغلولا مثله فيحشر معه ويدخل
النار معه
(خط عن أنس) بن مالك
(6/156)
8763 - (من شاب شيبة في الإسلام) وفي رواية
في سبيل الله (كانت له نورا يوم القيامة) أي يصير الشيب
نفسه نورا يهتدي به صاحبه ويسعى بين يديه في ظلمات الحشر
إلى أن يدخله الجنة والشيب وإن لم يكن من كسب العبد لكنه
إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه
فيكره نتف الشيب من نحو لحية وشارب وعنفقة وحاجب وعذار
للفاعل والمفعول به قال النووي: ولو قيل يحرم لم يبعد
(ت) في الجهاد (عن كعب بن مرة) البهزي صحابي نزل الأردن
رمز لحسنه قال: رأى حجام شيبة في لحية النبي صلى الله عليه
وسلم فأهوى ليأخذها فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم يده
فذكره قال الترمذي: حسن صحيح
(6/156)
[ص:157] 8764 - (من شاب شيبة في الإسلام
كانت له نورا) يوم القيامة (ما لم يغيرها) بالسواد لا
بغيره لورود الأمر بالتغيير بالغير وفي رواية أحمد ما لم
يخضبها أو ينتفها وفي رواية لأبي الشيخ من شاب شيبة في
سبيل الله كانت له نورا تضيء ما بين السماء والأرض إلى يوم
القيامة وفي الكبير والأوسط للطبراني من شاب شيبة في
الإسلام كانت له نورا يوم القيامة فقال له رجل: فإن رجالا
ينتفون الشيب قال: من شاء فلينتف نوره
(الحاكم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أم سليم) بنت ملحان
الأنصاري سهلة أو رميلة أو مليكة رمز لحسنه
(6/157)
8765 - (من شدد سلطانه بمعصية الله) أي قوي
حجته وبرهانه بارتكاب محرم كأن أقام بينة زورا أو نحوه
مستعينا ببعض الظلمة على خصمه (أوهن الله كيده يوم
القيامة) أي أضعف تدبيره ورده خاسئا إذ السلطان الحجة
والبرهان أو هو من السلاطة والشدة بالفتح الحملة يقال شد
على القوم في القتال شدا وشدادا أي حمل عليهم والمعنى من
خرج على السلطان من البغاة وشق عصاه بمعصية الله أوهن الله
كيده وعليه فالباء في بمعصية للملابسة حال من فاعل شدد أو
معنى شدد قوي من الشدة بالكسر القوة والصلابة والمراد من
قوي سلطانه أي إمامه الأعظم وأعانه على محرم كالظلم أضعفه
الله فالباء بمعنى على أو في للملابسة حال من المفعول
وأقرب الاحتمالات أولها
(حم عن قيس بن سعد) بن عبادة قال الهيثمي: وفيه ابن لهيعة
وبقية رجاله ثقات وقد رمز المؤلف لحسنه
(6/157)
8766 - (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب
منها) أي من شربها حتى مات وفي كلمة ثم إشارة إلى أن تراخي
التوبة لا يمنع قبولها ما لم يغرغر (حرم منها) بضم الحاء
وبالتخفيف وفي رواية مسلم حرمها (في الآخرة) يعني حرم دخول
الجنة إن لم يعف عنه إذ ليس ثم إلا جنة أو نار والخمر من
شراب الجنة فإذا لم يشربها في الآخرة لا يدخلها لأن شربها
مرتب على دخولها فكأنه قال من شربها لا يدخل الجنة أو
المراد جزاؤه أن يحرم شربها في الآخرة عقوبة له وإن دخلها
كذا في المنضد ورجح واعترض بأنه يتألم بذلك والألم العقوبة
والجنة ليست بدارها ورد بمنع تألمه لجواز نزع شهوتها منه
واعترض بأنه إذا لم يتألم لا يكون منعها جزاء فلا يرتدع
عنه في الدنيا والحديث ورد لذلك ومنع بأنه إذا لم يتألم لا
يلتذ بها أيضا وكفى به جزاء
(حم ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب ولفظ رواية مسلم من شرب
الخمر في الدنيا فلم يتب منها حرمها في الآخرة فلم يسقها
وخرج بقوله لم يتب ما لو تاب فلا يدخل في هذا الوعيد وفيه
أن التوبة من الذنب مكفرة له وبه صرح الكتاب والسنة قال
القرطبي: وهو مقطوع به في الكفر أما غيره فهل هو مقطوع أو
مظنون؟ قولان والذي أقوله أن من استقرأ الشريعة قرآنا وسنة
علم القطع واليقين أن الله يقبل توبة الصادقين
(6/157)
8767 - (من شرب الخمر أتى عطشان يوم
القيامة) وذلك لأن الخمر تدفع العطش فلما شربها مع تحريمها
عليه في الدنيا فقد استعجل ما يدفع العطش فيحرم منها يوم
القيامة جزاءا وفاقا ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب
بحرمانه فيا لها من حسرة وندامة حيث باع أنهارا من خمرة
لذة للشاربين بشراب نجس مذهب للعقل مفسد للدنيا والدين
وبقيته عند أحمد من حديث قيس ألا كل مسكر حرام
(حم) وكذا أبو يعلى (عن قيس بن سعد) بن عبادة (و) عن (ابن
عمرو) ابن العاص رمز المصنف لحسنه قال الزين العراقي: فيه
من لم يسم وقال تلميذه الهيثمي: فيه من لم أعرفهم
(6/157)
8768 - (من شرب خمرا) مختارا (خرج نور
الإيمان من جوفه) فالخارج بعض نوره لا كماله ولفظ رواية
الطبراني [ص:158] أخرج الله نور الإيمان إلخ
(طس) من رواية أبي عثمان الطنبدي (عن أبي هريرة) قال الزين
العراقي في شرح الترمذي: إسناده ضعيف وقال الهيثمي: فيه من
لم أعرفهم وقال المنذري: ضعيف وبه يعرف ما في رمز المؤلف
لحسنه
(6/157)
8769 - (من شرب مسكرا ما كان) أي أي شيء
كان سواء كان خمرا وهو المتخذ من العنب أو نبيذا وهو
المتخذ من غيره (لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما) زاد
أحمد فإن مات مات كافرا وخص الصلاة لأنها أفضل عبادات
البدن فإن لم تقبل فغيرها أولى وخص الأربعين لأن الخمر
يبقى في جوف الشارب وعروقه وأعصابه تلك المدة فلا تزول
بالكلية غالبا إلا فيها قال ابن العربي: وقوله لم تقبل له
صلاة أربعين يوما تعلقت به وبأمثاله الصوفية على قولهم إن
البدن يبقى أربعين يوما لا يطعم ولا يشرب لاجتزائه بما
تقدم من غذائه لهذه المدة بما يقتضيه فضيله وتوجيه ميراثه
وقالت الغالية منهم: إن موسى لما تعلق باله بلقاء ربه نسي
نفسه واشتغل بربه فلم يخطر له طعام ولا شراب على بال وذلك
على الله غير عزيز وورد به خبر وإلا فتعين الجائزات من غير
خبر من الله تعدى على دينه
(طب عن السائب بن يزيد) وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي
وهو متروك وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وقضية تصرف
المصنف حيث عدل للطبراني واقتصر عليه أنه لم يره مخرجا في
شيء من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد خرجه الترمذي
والنسائي وابن ماجه في الأشربة الأول عن ابن عمرو بن العاص
الكل مرفوعا بلفظ من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة
أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه هذا لفظهم ثم زادوا
فيه بعده
(6/158)
8770 - (من شرب بصقة من خمر) أي شيئا قليلا
بقدر ما يخرج من الفم من البصاق (فاجلدوه ثمانين) إن كان
حرا ومن فيه رق عليه نصب حد الحر وقد بين به أن ما أسكر
كثيره حرم قليله وإن كان قطرة واحدة وحد شاربه وإن لم
يتأثر من ذلك وقد استدل به من ذهب إلى أن حد الخمر ثمانون
وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي واختاره ابن
المنذر والقول الآخر للشافعي أنه أربعون وهو المشهور وجاء
عن أحمد كالمذهبين وظاهر الحديث أن الشارب ليس حده إلا ما
ذكر وإن تكرر منه الشرب لكن في حديث في السنن قال ابن حجر:
بطرق أسانيدها قوية أنه يقتل في المرة الرابعة ونقل
الترمذي الإجماع على ترك القتل وهو محمول على من بعد من
نقل غيره عنه القول به كعبد الله بن عمرو وبعض الظاهرية
قال النووي: وهو قول باطل مخالف لإجماع الصحابة فمن بعدهم
والحديث الوارد فيه منسوخ إما بحديث لا يحل دم امرىء مسلم
إلا بإحدى ثلاث وإما بأن الإجماع دل على نسخه قال الحافظ:
قلت بل دليل النسخ منصوص وهو ما خرجه أبو داود والشافعي من
طريق الزهري عن قبيصة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى أن قال فإذا شرب في الرابعة
فاقتلوه قال: فأتي برجل قد شرب فجلد ثم أتي به في الرابعة
قد شرب فجلده ثم أتي به فجلد ثم أتي به فجلده فرفع القتل
عن الناس فكان رخصة اه ثم قال الحافظ: وقد استقر الإجماع
على أن لا قتل فيه قال: وحديث قبيصة على شرط الصحيح لأن
إيهام الصحابي لا يضر وله شواهد منها عند النسائي وغيره عن
جابر فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه فأتي رسول الله صلى
الله عليه وسلم برجل قد شرب أربع مرات فلم يقتله فرأى
المسلمون أن الحد قد رفع ثم قال النسائي: هذا مما لا
اختلاف فيه بين أهل العلم. وقال: أحاديث القتل منسوخة وقال
الترمذي: لا نعلم بين أهل العلم في القديم والحديث اختلافا
في هذا قال: وسمعت محمدا يعني البخاري يقول: إنما كان هذا
يعني القتل في أول الأمر ثم نسخ بعد وقال ابن المنذر: فإن
الأصل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به ثم نسخ بجلده فإن
تكرر أربعا قتل ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة بالإجماع إلا
ممن شذ ممن لا يعد خلافه خلافا قال الحافظ: وأشار به إلى
بعض أهل الظاهر وهو ابن حزم
(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه حميد بن كريب
ولم أعرفه اه. [ص:159] ورواه أيضا عنه أبو يعلى باللفظ
المزبور قال ابن حجر: وسنده واه
(6/158)
8771 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أي مع
محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فاكتفى بأحد
الجزءين عن الآخر (دخل الجنة) ابتداء أو بعد تطهيره بالنار
فالمراد لا بد من دخولها وفي رواية للشيخين أدخله الله
الجنة على ما كان من العمل قال البيضاوي: فيه دليل على
المعتزلة في مقامين أحدهما أن العصاة من أهل القبلة لا
يخلدون في النار لعموم قوله من شهد الثاني أنه تعالى يعفو
عن السيئات قبل التوبة واستيفاء العقوبة فإن قوله على ما
كان من العمل حال من قوله أدخله الجنة والعمل غير حاصل
حينئذ بل الحاصل إدخاله استحقاق ما يناسب عمله من ثواب أو
عقاب فإن قيل ما ذكر يوجب أن لا يدخل أحد النار من العصاة
قلنا اللازم منه عموم العفو وهو لا يستلزم عدم دخول النار
لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول وقبل استيفاء العذاب
هذا وليس محتم عندنا أن يدخل النار أحد من الأمة بل العفو
عن الجميع بموجب وعده بنحو قوله {يغفر الذنوب جميعا}
(البزار) في مسنده (عن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني من
حديث جابر بلفظ من شهد أن لا إله إلا الله خالصا من قلبه
دخل الجنة ولم تمسه النار ورواه الشيخان بلفظ من شهد أن لا
إله إلا الله وجبت له الجنة وذكر المصنف أنه بهذا اللفظ
متواتر رواه نحو ثلاثين صحابيا
(6/159)
8772 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أداة
الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه
الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك
غيره معه وليس قصر قلب لأن أحدا من الكفار لم ينفها عن
الله وإنما أشرك معه غيره {ولئن سألتهم من خلق السماوات
والأرض ليقولن الله} (وأن محمدا رسول الله) صادقا من قلبه
كما قيد به في أخبار أخر وزعم أن شهد بمعنى صدق بقلبه فلا
يحتاج الى تقدير غير مرضي لأنه حينئذ إما أن يكون بمعنى
صدق مجردا عن الإقرار باللسان أو معه فالأول يستلزم محذورا
آخر وهو أن يكون المصدق بقلبه الذي لم يقر بلسانه بلا عذر
مؤمنا إذ لا يدخلها إلا مؤمن وليس كذلك والثاني يستلزم
الجمع بين المعنيين المختلفين بلفظ واحد وهو ممنوع ذكره
بعض الكاملين (حرم الله عليه النار) أي نار الخلود وإذا
تجنب الذنوب أو تاب أو عفي عنه وظاهره يقتضي عدم دخول جميع
من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم لكن قامت
الأدلة القطعية على أن طائفة من عصاة الموحدين يعذبون ثم
يخرجون بالشفاعة فعلم أن ظاهره غير مراد فكأنه قال إن ذلك
مقيد بمن عمل صالحا أو فيمن قالها تائبا ثم مات على ذلك أو
أن ذلك قبل نزول الفرائض والأوامر والنواهي أو خرج مخرج
الغالب إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية
وجاء في أحاديث مرت ويأتي بعضها تقييد ذلك بقوله الشهادة
مخلصا قال الحكيم: والإخلاص أن تخلص إيمانك حتى لا تفسده
شهوات نفسك
<تنبيه> قال محقق: قد يتخذ نحو هذا الحديث البطلة
والإباحية ذريعة إلى طرح التكاليف ورفع الأحكام وإبطال
الأعمال ظانين أن الشهادة كافية في الخلاص وذا يستلزم طي
بساط الشريعة وإبطال الحدود وللزواجر السمعية ويوجب كون
الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية غير متضمن طائلا
وبالأصل باطلا بل يقتضي كون الانخلاع من ربقة التكليف
والانسلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في
الخيط وترك الناس سدى من غير مانع ولا دافع وذلك مفض إلى
خراب الدنيا والأخرى قيل وفيه أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في
النار واعترض بأن المسألة قطعية والدليل ظني
(حم م ت عن عبادة) بن الصامت حدث به وهو في الموت وذكر أنه
لو لم يصل إلى تلك الحالة لما حدث به ضنا به
(6/159)
8773 - (من شهد شهادة) باطلة (يستباح بها
مال امرىء مسلم أو يسفك بها دمه) ظلما (فقد أوجب النار) أي
فعل فعلا [ص:160] أوجب له دخولها وتعذيبه بها فشهادة الزور
من الكبائر
(طب عن ابن عباس) ورواه عنه البزار أيضا وزاد من شرب شرابا
حتى يذهب عقله الذي رزقه الله إياه فقد أتى بابا من أبواب
الكبائر وقال الهيثمي: وفيه حاش واسمه حسين بن قيس وهو
متروك وزعم أنه شيخ صدوق رمز المصنف لحسنه
(6/159)
8774 - (من شهر سيفه) من غمده (ثم وضعه
فدمه هدر) أي من أخرجه من غمده للقتال وأراد بوضعه ضرب به
ذكره الديلمي وابن الأثير وقيل معنى وضعه ضرب به
(ن ك عن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام وأخرجه عنه أيضا
الطبراني مرفوعا وخرجه النسائي موقوفا قال ابن حجر: والذي
وصله ثقة
(6/160)
8775 - (من صام رمضان) أي في رمضان يعني
صام أيامه كلها (إيمانا) مفعول له أي صامه إيمانا بفرضيته
أو حال أي مصدقا أو مصدر أي صوم مؤمن (واحتسابا) أي طلبا
للثواب غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (غفر له ما
تقدم ذنبه) اسم جنس مضاف فيشمل كل ذنب لكن خصه الجمهور
بالصغائر وفي الحديث الآتي وما تأخر واستشكاله بأن الغفر
الستر فكيف يتصور فيما لم يقع منع بأن من لم يقع فرض وقوعه
مبالغة وفيه فضل رمضان وصيامه وأن تنال به المغفرة وبأن
الإيمان وهو التصديق والاحتساب وهو الطواعية شرط لنيل
الثواب والمغفرة في صوم رمضان فينبغي الإتيان به بنية
خالصة وطوية صافية امتثالا لأمره تعالى واتكالا على وعده
من غير كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة
الكف عن قضاء الوطر بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه
ولا يتمنى سرعة انصرامه ويستلذ مضاضته فإذا لم يفعل ذلك
فقد مر في حديث رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع
<تنبيه> قال في الروض: قال سيبويه: مما لا يكون العمل إلا
فيه كله المحرم وصفر يريد أن الاسم العلم يتناوله اللفظ
كله وكذا إذا قلنا الأحد أو الأثنين فإن قلنا يوم الأحد
شهر المحرم كان ظرفا ولم يجر مجرى المفعولات وذاك العموم
من اللفظ لأنك تريد في الشهر وفي اليوم ولذلك قال صلى الله
عليه وسلم من صام رمضان ولم يقل شهور رمضان ليكون العمل
كله قال: وهذه فائدة تساوي رحلة قال الكرماني: ولو ترك
الصوم فيه لمرض ونيته أنه لولا العذر صامه دخل في هذا
الحكم كما لو صلى قاعدا لعذر فإن له ثواب القائم
(حم ق) في الصوم (عن أبي هريرة) وفي الباب غيره أيضا
(6/160)
8776 - (من صام رمضان إيمانا) تصديقا بثواب
الله أو أنه حق (واحتسابا) لأمر الله به طالبا الأجر أو
إرادة وجه الله لا لنحو رياء فقد يفعل المكلف الشيء معتقدا
أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصا بل لنحو خوف أو رياء (غفر له
ما تقدم من ذنبه وما تأخر) قال الكرماني: من متعلق بغفر أي
غفر من ذنبه ما تقدم فهو منصوب المحل أو مبينة لما تقدم
فهو منصوب وهو مفعول ما لم يسم فاعله فمرفوع المحل والذنب
وإن كان عاما إلا أنه اسم جنس مضاف فيقتضي مغفرة كل ذنب
حتى تبعات الناس لكن علم من الأدلة الخارجية أن حقوق الخلق
لا بد فيها من رضا الخصم فهو عام خص بحق الله إجماعا بل
وبالصغائر عند قوم وظاهره أن ذلك لا يحصل إلا بصومه كله
فإن صام بعضه وأفطر بعضه لعذر كمرض وكان لولاه لصام لأنه
جاز الثواب لتقدم نية ذكره ابن جماعة والصوم أقسام: صيام
العوام عن مفسدات الصيام وصوم الخواص عنها وعن إطلاق
الجوارح في غير طاعة وصوم خواص الخواص حفظ قلوبهم عما سوى
الله ففطرهم ظاهرا كفطر المسلمين ولا يفطرون باطنا إلى يوم
الدين فإذا شاهدوا مولاهم ونظروا إليه عيانا أفطروا
(خط عن ابن عباس) ورواه أيضا أحمد والطبراني بهذه الزيادة
قال الهيثمي: ورجاله موثقون إلا أن حمادا شك في وصله
وإرساله وقال في اللسان في ترجمة عبد الله العمري بعد ما
نقل عن النسائي: إنه رماه بالكذب ومن [ص:161] مناكيره هذا
الخبر وما تقدم قال: تفرد العمري بقوله وما تأخر وقد رواه
الناس بدونها
(6/160)
8777 - (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال)
لم يقل ستة مع أن العدد مذكر لأنه إذا حذف جاز الوجهان
(كان كصوم الدهر) في أصل التضعيف لا في التضعيف الحاصل
بالفعل إذ المثلية لا تقتضي المساواة من كل وجه نعم يصدق
على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازا فأخرجه مخرج التشبيه
للمبالغة والحث وهذا تقرير يشير إلى أن مراده بالدهر السنة
وبه صرح بعضهم لكن استبعده بعض آخر قائلا: المراد الأبد
لأن الدهر المعرف باللام للعمر وخص شوال لأنه زمن يستدعي
الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعه عقب الصوم فالصوم حينئذ أشق
فثوابه أكثر وفيه ندب صوم الستة المذكورة وهو مذهب الشافعي
قال الزاهدي: وصومها متتابعا أو متفرقا يكره عند أبي حنيفة
وعن أبي يوسف يكره متتابعا لا متفرقا (1) وعن مالك يكره
مطلقا
(حم م 4) كلهم في الصوم واللفظ لمسلم ولفظ أبي داود فكأنما
صام الدهر (عن أبي أيوب) الأنصاري ولم يخرجه البخاري. قال
الصدر المناوي: وطعن فيه من لا علم عنده وغره قول الترمذي
حسن والكلام في راويه وهو سعد بن سعيد واعتنى العراقي بجمع
طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا رووه عن سعد بن سعيد
أكثرهم حفاظ أثبات
_________
(1) قال الحصكفي في شرح التنوير: وندب صوم الست من شوال
ولا يكره التتابع على المختار خلافا للثاني والاتباع
المكروه أن يصوم الفطر وخمسة بعده فلو أفطر الفطر لم يكره
بل يستحب ويسن
(6/161)
8778 - (من صام رمضان وستا من شوال
والأربعاء والخميس دخل الجنة) بالمعنى المار. قال بعض
موالي الروم: قوله الأربعاء والخميس يحتمل أن يكونا من
شوال غير الستة منه ويحتمل أن يكونا من جميع الشهور وهو
الظاهر
(حم عن رجل) من الصحابة قال الهيثمي: فيه من لم يسم وبقية
رجاله ثقات
(6/161)
8779 - (من صام ثلاثة أيام من كل شهر) قيل
الأيام البيض وقيل أي ثلاث كانت (فقد صام الدهر كله) وفي
رواية فذلك صوم الدهر كله ووجهه أن صوم كل يوم حسنة و {من
جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فمن صام ثلاثا من كل شهر
فكأنه صام الشهر كله
(حم ت ن هـ والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) قال الديلمي: وفي
الباب أبو هريرة وغيره
(6/161)
8780 - (من صام يوما في سبيل الله) أي لله
ولوجهه أو في الغزو أو الحج (بعد الله وجهه) أي ذاته
والعرب تقول وجه الطريق تريد به عينه (عن النار) أي نجاه
منها أو عجل إخراجه منها قبل أوان الاستحقاق عبر عنه بطريق
التمثيل ليكون أبلغ لأن من كان مبعدا عن عدوه بهذا القدر
لا يصل إليه ألبتة (سبعين خريفا) أي سنة أي نحاه وباعده
عنها مسافة تقطع في سبعين سنة إذ كل ما مر خريف انتقضت سنة
قيل لأنه آخر فصولها الأربع فهو من إطلاق اسم البعض على
الكل وذكر الخريف من ذكر الجزء وإرادة الكل وخصه دون غيره
من الفصول لأنه وقت بلوغ الثمار وحصول سعة العيش وذلك لأنه
جمع بين تحمل مشقة الصوم ومشقة الغزو فاستحق هذا التشريف
وذكر السبعين على عادة العرب في التكثير لكن هذا مقيد في
الغزو بما إذا لم يضعفه الصوم عن القتال وإلا ففطره أفضل
من [ص:162] صومه
(حم ق ت ن عن أبي سعيد) الخدري
(6/161)
8781 - (من صام يوم عرفة غفر الله له سنتين
سنة أمامه وسنة خلفه) وفي رواية لمسلم يكفر السنة التي
قبله أي التي هو فيها والسنة التي بعده أي التي بعدها أي
الذنوب الصادرة في العامين. قال النووي: والمراد غير
الكبائر وقال البلقيني: الناس أقسام: منهم من لا صغائر له
ولا كبائر فصوم عرفة له رفع درجات ومن له صغائر فقط بلا
إصرار فهو مكفر له باجتناب الكبائر ومن له صغائر مع
الإصرار فهي التي تكفر بالعمل الصالح كصلاة وصوم ومن له
كبائر وصغائر فالمكفر له بالعمل الصالح الصغائر فقط ومن له
كبائر فقط يكفر عنه بقدر ما كان يكفر من الصغائر
(هـ عن قتادة بن النعمان) رمز المصنف لصحته مع أن فيه هشام
بن عمار وفيه مقال سلف وعياض بن عبد الله قال في الكاشف:
قال أبو حاتم: ليس بقوي
(6/162)
8782 - (من صام يوما من المحرم فله بكل يوم
ثلاثون حسنة) ومن ثم ذهب جمع إلى أن أفضل الصيام بعد رمضان
المحرم وخصه بالذكر لأنه أول السنة فمن عظمه بالصوم الذي
هو من أعظم الطاعات جوزي بإجزال الثواب ولا تعارض بين قوله
ثلاثون حسنة وبين آية {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}
لأن الآية مبينة لأقل رتب الثواب ولا حد لأكثره كما يفهمه
{ليلة القدر خير من ألف شهر}
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه الهيثم بن حبيب ضعفه
الذهبي
(6/162)
8783 - (من صام يوما تطوعا لم يطلع عليه
أحد) من الناس (لم يرض الله له بثواب دون الجنة) أي دخولها
بغير عذاب أو مع السابقين الأولين والظاهر أنه لو أخفاه
جهده فاطلع عليه غيره اضطرارا لا اختيارا منه أنه لا يضر
في حصول الجزاء المذكور لأن المقصود بالجزاء من صام لوجه
الله من غير شوب رياء بوجهه وذلك حاصل
(خط عن سهل بن سعد) وفيه عصام بن الوضاح قال الذهبي: له
مناكير قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به
(6/162)
8784 - (من صام الأبد) أي سرد الصوم دائما
(فلا صام ولا أفطر) قال الزمخشري: لا نافية بمنزلتها في
قوله تعالى {فلا صدق ولا صلى} اه وقال النووي: هذا دعاء
عليه أو إخبار بأنه كالذي لم يفعل شيئا لأنه اعتاد ذلك لم
يجد رياضة ولا مشقة يتعلق بها مزيد ثواب فكأنه لم يصم اه.
ونوزع في الأول بأن الدعاء إنما يكون في مقابلة فعل منكر
أو قبيح ولا كذلك صوم الدهر من حيث إنه صوم فلا يحسن
الدعاء عليه وفي الثاني بمنع عدم حصول المشقة لأن الصوم
ليس كالفطر فلا يخلو عن مشقة غايته أن فطر يوم وصوم يوم
أشق فالأولى أن يقال معناه أن صومه وفطره سواء لا ثواب ولا
عقاب فلا ينبغي فعله وزعم أن هذا فيمن لم يفطر الأيام
المبينة رده ابن القيم بأنه ذكر ذلك جوابا لمن قال أرأيت
من صام الدهر ولا يقال في جواب من صام حراما لا صام ولا
أفطر فإن ذا مؤذن بأن فطره وصومه سواء كما تقرر ولا كذلك
من صام الحرام فصوم يوم وفطر يوم أفضل
(حم ن هـ ك) في الصوم (عن عبد الله بن الشخير) قال الحاكم:
صحيح وأقره الذهبي
(6/162)
8785 - (من صام ثلاثة أيام من شهر حرام:
الخميس والجمعة والسبت) بين الثلاثة أيام بقوله الخميس
والجمعة والسبت ولم [ص:163] يبين شهر حرام وقد قيل يحتمل
أنه ليعمه كما بين في تفسير قوله {الشهر الحرام} ووجه
كتابة سنتين أن صوم الثلاثة أيام يمنزلة عبادة سنة وكونها
من شهر حرام بمنزلة عبادة سنة (كتب له عبادة سنتين) وظاهر
الحديث حصول هذا الثواب الموعود وإن لم يداوم وفضل الله
واسع
(طس) من حديث يعقوب بن موسى المدني عن مسلمة (عن أنس) بن
مالك قال الهيثمي: ويعقوب مجهول ومسلمة إن كان الخشني فهو
ضعيف وإن كان غيره فلم أعرفه
(6/162)
8786 - (من صام يوما لم يخرقه كتب له عشر
حسنات) لأن صومه حسنة والحسنة تضاعف بالعشر والمراد كما في
الإتحاف لم يخرقه بما نهى الصائم عنه وقال بعض موالي
الروم: ضمير الفاعل فيه عائد إلى الصوم ويحتمل عوده إلى
اليوم الذي صام فيه وكيفما كان فمعناه أنه لم يصدر منه شيء
من المنكرات في ذلك اليوم وإلا أحبط ثوابه فلا يكتب له شيء
وفي قوله لم يخرقه استعارة تعرف بالتأمل
(د حم) وكذا الطبراني في الأوسط (عن البراء) بن عازب وفيه
خباب الكلبي مدلس ذكره الهيثمي
(6/163)
8787 - (من صبر على القوت الشديد) أي
المعيشة الضيقة والفقر المدقع (صبرا جميلا) أي من غير تضجر
ولا شكوى بل رضاء بالقضاء والقدر امتثالا لقوله تعالى {إن
الله مع الصابرين} (أسكنه الله من الفردوس حيث شاء) مكافأة
له على صبره على الضيق والضنك في الدنيا والفردوس أعلى
درجات الجنة وأصله البستان الذي يجمع محاسن كل بستان قال
بعض موالي الروم: والظاهر أن إضافة الجنة إلى الفردوس أي
الواقع في بعض الروايات من إضافة العام إلى الخاص كشجر
أراك وعلم الفقه ويوم الأحد وقيل من قبيل الإضافة البيانية
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) بن حبان في الثواب (عن البراء) بن
عازب وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال الذهبي: ضعفوه وفضيل
بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم
يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في الديباجة
مع أن الطبراني خرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور قال
الهيثمي: وفيه إسماعيل البجلي ضعفه الجمهور وبقية رجاله
رجال الصحيح
(6/163)
8788 - (من صدع رأسه) أي حصل له وجع في
رأسه والصداع وجع الرأس ويقال هو وجع أحد شقي الرأس
والمتبادر من الحديث الأول لكن يكون من قبيل التجريد كقوله
{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} الآية (في سبيل الله) أي في
الجهاد أو الحج أو نحو ذلك (فاحتسب) أي طلب بذلك الثواب من
عند الله (غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب) مكافأة له
على ما قاساه من مشقة السفر والغربة ومشقة الوجع ويؤخذ منه
أنه نبه بالصداع على غيره من الأمراض لا سيما إن كان أشق
والظاهر أن المراد الصغائر
(طب) وكذا البزار (عن ابن عمرو) بن العاص قال المنذري
والهيثمي: سنده حسن
(6/163)
8789 - (من صرع عن دابته) في سبيل الله
فمات (فهو شهيد) أي من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب
القتال وعلى ذلك ترجم البخاري باب فضل من صرع في سبيل الله
فمات فهو منهم أي من المجاهدين فلما كان الحديث ليس على
شرطه أشار إليه بالترجمة وفي الباب ما رواه أبو داود
والحاكم والطبراني عن أبي مالك الأشعري مرفوعا ومن وقصه
فرسه أو بعيره في سبيل الله أو لدغته هامة أو مات على أي
حتف شاء الله فهو شهيد والصرع كما في القاموس وغيره الطرح
[ص:164] على الأرض وعلة معروفة تمنع الأعضاء النفيسة عن
أفعالها منعا غير تام وسببه شدة تعرض في بعض بطون الدماغ
أو في بعض مجاري الأعضاء من خلط غليظ أو لزج فيمنع الروح
عن السلوك فيها سلوكا طبيعيا فتتشنج الأعضاء والمراد
بالحديث السقوط عن الدابة حال قتال الكفار بسببه على أي
وجه كان إما بطرح الدابة له أبو بعروض تلك العلة في تلك
الحالة عروضا ناشئا عن القتال كأن أورثه شدة الانفعال
(طب عن عقبة بن عامر) الجهني قال الهيثمي: رجاله ثقات وقال
ابن حجر: إسناده حسن
(6/163)
8790 - (من صلى الصبح) في رواية مسلم في
جماعة وهي مقيدة للإطلاق (فهو في ذمة الله) بكسر الذال
عهده أو أمانه أو ضمانه فلا تتعرضوا له بالأذى (فلا
يتبعنكم الله) ولفظ رواية مسلم فلا يطلبنكم الله وفي رواية
الترمذي فلا تخفروا الله (بشيء من ذمته) قال ابن العربي:
هذا إشارة إلى أن الحفظ غير مستحيل بقصد المؤذي إليه لكن
الباري سيأخذ حقه منه في إخفار ذمته فهو إخبار عن إيقاع
الجزاء لا عن وقوع الحفظ من الأذى وقال البيضاوي: ظاهره
النهي عن مطالبته إياهم بشيء من عهده لكن المراد نهيهم عن
التعرض لما يوجب المطالبة في نقض العهد واختفار الذمة لا
على نفس المطالبة قال: ويحتمل أن المراد بالذمة الصلاة
المقتضية للأمان فالمعنى لا تتركوا صلاة الصبح ولا
تتهاونوا في شأنها فينتقض العهد الذي بينكم وبين ربكم
فيطلبكم الله به ومن طلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه
أدركه ومن أدركه كبه على وجهه في النار وذلك لأن صلاة
الصبح فيها كلفة وتثاقل فأداؤها مظنة إخلاص المصلي والمخلص
في أمان الله وقال الطيبي: قوله لا يطلبنكم أو لا يتبعنكم
فيه مبالغات لأن الأصل لا تخفروا ذمته فجيء بالنهي كما ترى
وصرح به بضمير الله ووضع المنهي الذي هو مسبب موضع التعرض
الذي هو سبب فيه ثم أعاد الطلب وكرر الذمة ورتب عليه
الوعيد والمعنى أن من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا
تتعرضوا له بشيء ولو يسيرا فإنكم إن تعرضتم يدرككم ولن
تفوتوه فيحيط بكم من جوانبكم والضمير في ذمته يعود لله لا
إلى من تعرضتم
(ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وقضية صنيع المصنف
أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم
في الصلاة باللفظ المزبور وزاد ما سمعته
(6/164)
8791 - (من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت
الشمس فليصل الصبح) أي فليتمها بأن يأتي بركعة أخرى وتكون
أداء فلا دلالة فيه على قول أبي حنيفة إن طلوع الشمس في
صلاة الصبح مفسد لها وتوجيه الحديث على ما قيل النهي عن
الصلاة في الأوقات المكروهة خلاف الظاهر على أن بعضهم نازع
في نسبة ذلك إليه وخص الصبح لا لاختصاصها بهذا الحكم بل
لأن ذلك يغلب فيها لغلبة النوم
(ك) في الصلاة من حديث أبي النضر أحمد بن عتيق المروزي (عن
أبي هريرة) ثم قال: على شرطهما إن كان ابن عتيق حفظه وهو
ثقة ورواه الدارقطني بهذا اللفظ من حديث بشير بن نهيك عن
أبي هريرة وقال: أبو نهيك وثقه النسائي وغيره وقال أبو
حاتم: لا يحتج به
(6/164)
8792 - (من صلى البردين) بفتح الموحدة
وسكون الراء صلاة الفجر والعصر لأنهما في بردي النهار أي
طرفيه والمراد أداؤهما وقت الاختيار (دخل الجنة) مفهومه أن
من لم يصلهما لا يدخلها وهو محمول على المستحل أو أراد
دخولها ابتداء من غير عذاب وعبر بالماضي عن المضارع لمزيد
التأكيد بجعل متحقق الوقوع كالواقع وخصهما لزيادة شرفهما
أو لأنهما مشهودتان تشهدهما ملائكة الليل والنهار أو
لكونهما ثقيلتان مشقتان على النفوس لكونهما وقت التشاغل
والتثاقل ومن راعاهما راعى غيرهما بالأولى ومن حافظ عليهما
فهو على غيرهما أشد محافظة وما عسى يقع منه تفريط [ص:165]
فبالحرى أن يقع مكفرا فيغفر له ويدخل الجنة ذكره القاضي
وهكذا كله بناء على أن من شرطية وقوله دخل الجنة جواب
الشرط وذهب الفراء إلى أنها موصولة والمراد الذين يصلوهما
أول ما فرضت الصلاة ثم ماتوا قبل فرض الخمس لأنها فرضت
أولا ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ثم فرضت الخمس فهو خبر
عن ناس مخصوصين وهذا غريب
(م عن أبي موسى) الأشعري قضيته أن ذا مما تفرد به مسلم عن
صاحبه وهو ذهول فقد عزاه الديلمي للشيخين معا في الصلاة
(6/164)
8793 - (من صلى الفجر) أي صلاة الفجر
بإخلاص وفي رواية صلاة الصبح (فهو في ذمة الله) أي في
أمانته وخص الصبح لأن فيها كلفة لا يواظبها إلا خالص
الإيمان فيستحق الأمان (وحسابه على الله) أي فيما يخفيه
وهو تشبيه أي كالواجب عليه في تحقق وقوع محاسبته على ما
يخفيه من رياء أو غيره فيثيب المخلص ويجازي المسيء بعدله
أو يعفو عنه بفضله وزعم أن المراد حسابه على الله فيما
يفرط منه من الذنوب في غير الصلاة فإنه وإن حفظ من المحن
ذلك اليوم بصلاته إياها لكنه إذا فرط منه ذنب آخر قد يؤاخذ
به في الآخرة لا يخفى ما فيه من التكلف وقول بعض موالي
الروم معناه أنه لا يعرف قدر ثوابه إلا الله بعيد
(طب عن والد أبي مالك الأشجعي) قال الهيثمي: فيه الهيثم بن
يمان ضعفه الأزدي وبقية رجاله رجال الصحيح اه ورواه مسلم
بلفظ من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشي
من ذمة فإنه من يطلبه من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار
جهنم
(6/165)
8794 - (من صلى الغداة) أي الصبح مخلصا
(كان في ذمة الله حتى يمسي) أي يدخل في المساء قال بعضهم:
والظاهر أن القيد معتبر في الحديث الذي قبله وما كان من
قبيله وأفاد الحديث التهديد الأبلغ والوعيد الأشد على
إخفار ذمة الملك القهار والتحذير من إيذاء من صلى الغداة
وفي رواية لأبي داود من صلى الفجر ثم قعد بذكر الله حتى
تطلع الشمس وجبت له الجنة
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/165)
8795 - (من صلى العشاء في جماعة) أي معهم
(فكأنما قام نصف الليل) أي اشتغل بالعبادة إلى نصف الليل
(ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) نزل صلاة
كل من طرفي الليل منزلة نوافل نصفه ولا يلزم منه أن يبلغ
ثوابه ثواب من قام الليل كله لأن هذا تشبيه في مطلق مقدار
الثواب ولا يلزم من تشبيه الشيء بالشيء أخذه بجميع أحكامه
ولو كان قدر الثواب سواء لم يكن لمصلي العشاء والفجر جماعة
منفعة في قيام الليل غير التعب ذكره البيضاوي. وقال
الطيبي: لم يرد بقوله فكأنما صلى الليل كله ولم يقل قام
ليشاكل قوله صلى الصبح
(حم م) في الصلاة من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة (عن
عثمان) بن عفان قال عبد الرحمن: دخل عثمان المسجد بعد صلاة
المغرب فقعد وحده فقعدت إليه فقال: يا ابن أخي سمعت رسول
الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره وظاهره أنه
من تفردات مسلم عن صاحبه وعن بقية الستة وليس كذلك بل رواه
أبو داود والترمذي عن عثمان أيضا نعم هو مما تفرد به عن
البخاري
(6/165)
8796 - (من صلى العشاء في جماعة) أي معهم
أي ثم صلى الصبح في جماعة كما قيد به في روايات أخر (فقد
أخذ بحظه من ليلة القدر) أخذ به الشافعي فقال في القديم:
من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها قال
أبو زرعة: ولا يعرف له في الجديد ما يخالفه وفي المجموع ما
نص عليه في القديم ولم يتعرض له في الحديث بموافقة ولا
مخالفة فهو [ص:166] مذهبه بلا خلاف
(طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: فيه
مسلمة بن علي وهو ضعيف وذكره مالك في الموطأ بلاغا عن سعيد
بن المسيب اه. وقال الهيثمي: فيه مسلمة وهو ضعيف ورواه
الخطيب في التاريخ من حديث أنس بلفظ من صلى ليلة القدر
العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب
الوافر
(6/165)
8797 - (من صلى في اليوم والليلة) وفي
رواية في كل يوم وليلة (اثنتي عشرة ركعة) في رواية مسلم
سجد بدل ركعة (تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة) ذكر اليوم
دون الليلة وأن السنن الرواتب فيهما كما بينه خبر مسلم لأن
ذلك كان معلوما عندهم والمراد الحث على المداومة أو لأن
أكثر الصلاة في اليوم وفيه رد على مالك في قوله لا راتبة
لغير الفجر وهذا الحديث له تنمة عند الترمذي عن أم حبيبة
وهي بعد قوله في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها
وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة
الفجر
(حم م د ن هـ عن أم حبيبة) قالت: فما تركتهن منذ سمعتهن
وصحح الحاكم إسناده ولم يخرجه البخاري
(6/166)
8798 - (من صلى قبل الظهر أربعا غفر له
ذنوبه يومه ذلك) يعني الصغائر كما مر والأربع قبيل الظهر
من السنن الرواتب لكن المؤكد منها ثنتان والأفضل أن يصلي
الأربع بتسليمتين عند الشافعية وبتسليمة واحدة عند الحنفية
وفيه الصلاة الواحدة قد يرجى منها غفران ذنوب كثيرة وأن
الثواب من فضله تعالى وكرمه إذ لا يستحق العبد بأربع ركعات
غفران عدد ذنوب ولو كان على حكم الجزاء وتقدير الثواب
بالفعل كانت الصلاة الواردة تكفر سيئة واحدة كما مر
(خط) في ترجمة أبي سليمان الداراني من حديثه وماله غيره
(عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن عمر بن الفضل قال الذهبي:
متهم بالكذب
(6/166)
8799 - (من صلى قبل الظهر أربعا كان له) من
الأجر (كعدل رقبة) أي مثل عتق نسمة (من بني إسماعيل) خصه
لشرفه ولكونه أبا العرب ولمناسبته لعتقه في القصة المعروفة
بناء على أنه الذبيح فأفاد أن للفرائض رواتب وهو رأي
الجمهور وقال مالك: لا رواتب ولا توقيت لما عدا ركعتي
الفجر
(طب عن رجل) من الأنصار رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه عمرو
الأنصاري والرجل الأنصاري لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات
(6/166)
8800 - (من صلى الضحى أربعا وقبل الأولى
أربعا بنى له بيت في الجنة) وفي رواية بنى الله له بيتا في
الجنة والظاهر أن المراد بقوله وقبل الأولى الظهر فإنها
أول الصلوات المفروضة في ليلة الإسراء وهي أول الفرائض
المفعولة في الضحى والضحى كما يراد به صدر النهار يراد به
النهار كما في قوله تعالى {أن يأتيهم بأسنا ضحى} في مقابلة
قوله {بياتا} وفيه ندب صلاة الضحى وهو المذهب المنصور وزعم
أنها بدعة مؤول قال الحافظ العراقي: وقد اشتهر بين العوام
أن من صلاها ثم قطعها عمي فتركها كثير خوفا من ذلك ولا أصل
له
(طس عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه قال الهيثمي في موضع:
فيه جماعة لم أجد من ترجمهم وفي موضع: فيه جماعة لا يعرفون
(6/166)
8801 - (من صلى قبل العصر أربعا) من
الركعات (حرمه الله على النار) هذا لفظ الطبراني في الكبير
ولفظه في الأوسط [ص:167] لم تمسه النار وإلى ندب أربع قبل
العصر ذهب الشافعي لكنها عنده غير مؤكدة وخالف الحنفية
وأولوا الحديث بأنه ليس لبيان سنة العصر بل لمجرد بيان أن
من صلى قبله أربعا تطوعا حرم على النار
(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال: جئت ورسول الله صلى الله
تعالى عليه وآله وسلم قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر
فأدركته في آخر الحديث ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
من صلى إلخ فقلت: هذا حديث جيد فقال عمر بن الخطاب: ما
فاتك من صدر الحديث أجود قلت: فهات حدثنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة
رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف
وعزاه أعني الهيثمي في موضع آخر إلى أوسط الطبراني وقال:
فيه حجاج بن نصير الأكثر على ضعفه
(6/166)
8802 - (من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن
يتكلم) أي بشيء من أمور الدنيا ويحتمل الاطلاق (كتبتا)
بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة بإذن ربهم وفي رواية
رفعتا له (في عليين) علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما
عملته الملائكة وصلحاء النقلين سمي به لأنه سبب الارتفاع
إلى أعلى الجنة أو لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يكون
الكروبيون والمغرب في الأصل اسم زمان مفعل من الغروب وتسمى
صلاة المغرب صلاة الشاهد لطلوع نجم حينئذ يسمى الشاهد نسبت
إليه وما قيل إنه لاستواء الشاهد والحاضر والمسافر في
عددها فضعيف إذ الصبح لا تقصر ولا تسمى كذلك
(عب عن مكحول مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن أبي شيبة وعبد
الرزاق ورواه في مسند الفردوس مسندا عن ابن عباس بلفظ من
صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحدا رفعت له في
عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى قال
الحافظ العراقي: وسنده ضعيف
(6/167)
8803 - (من صلى بعد المغرب ست ركعات لم
يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة) قال
البيضاوي: إن قلت كيف تعدل العبادة القليلة الكثيرة فإنه
تضييع لما زاد من العمل الصالح وقد قال تعالى {إنا لا نضيع
أجر من أحسن عملا} قلت: الفعلان إذا اختلفا نوعا فلا إشكال
إذ القدر اليسير من جنس قد يزيد في القيمة والبدل على ما
يزيد مقداره ألف مرة وأكثر من جنس آخر وإن اتفقا فلعل
القليل يكتسب بمقارنة ما يخصه من الأوقات والأحوال ما
يرجحه عللا أمثاله ثم إن من العبادات يتضاعف ثوابها عشرة
أضعاف على مراتب العبادات كما قال عليه الصلاة والسلام
الصدقة بعشر أمثالها والقرض بسبعين فلعل القليل في هذا
الوقت والحال بسببها يضاعف أكثر ما يضاعف الكثير في غيرهما
فيعادل المجموع المجموع ويحتمل أن المراد أن ثواب القليل
مضعفا يعادل ثواب الكثير غير مضعف وهذا الكلام سؤالا
وجوابا يجري في جميع نظائره اه. وقال الطيبي: هذا وأمثاله
من باب الحث والترغيب فيجوز أن يفضل ما لا يعرف فضله على
ما يعرف وإن كان أفضل حثا وتحريضا
(ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الترمذي: غريب ضعيف اه.
وذلك لأن فيه عمر بن أبي خثعم قال البخاري: منكر الحديث
وضعفه جدا وقال ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح
بضع الحديث على الثقات
(6/167)
8804 - (من صلى ما بين المغرب والعشاء
فإنها) في رواية فإن ذلك (صلاة) في رواية من صلاة
(الأوابين) ثم تلى قوله تعالى {إنه كان للأوابين غفورا}
قال الزمخشري: هم التوابون الرجاعون عن المعاصي والأوب
والتوب والثوب أخوات والقصد والإيذان بفضل الصلاة فيما بين
العشاءين وهي ناشئة الليل وهي تذهب بملاغات النهار وتهذب
آخره قال [ص:168] الغزالي: وإحياء ما بين العشاءين سنة
مؤكدة لها فضل عظيم وقيل إنه المراد بقوله سبحانه وتعالى
{تتجافى جنوبهم عن المضاجع} وفي الكشاف عن علي بن الحسين
أنه كان يصلي بينهما ويقول أما سمعتم قوله تعالى {إن ناشئة
الليل هي أشد وطأ} ولم يبين عدة صلاة الأوابين تنبيها على
الإكثار من الصلاة بينهما زيادة على سنة المغرب والعشاء
قال بعض موالي الروم: والظاهر أن خبر من في الحديث محذوف
تقديره من صلى ما بين المغرب والعشاء يكون في زمرة
الأوابين المقبولين عند الله لمشاركتهم إياهم في تلك
الصلاة فقوله فإنها صلاة الأوابين أشار إلى أنه علة الحكم
المحذوف وقائم مقامه
(ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن محمد بن المنكدر) (مرسلا)
ورواه عنه أيضا ابن المبارك في الرقائق
(6/167)
8805 - (من صلى بين المغرب والعشاء عشرين
ركعة بنى الله له بيتا في الجنة) قال المظهر: المفهوم من
الحديث أن السنة المذكورة في الحديث المار والعشرين في هذا
الحديث هي مع الركعتين الراتبتين وقال ابن الصلاح: فيه ندب
صلاة الرغائب لأنه مخصوص بما بين العشاءين فهو يشملها من
جهة أن اثنى عشر داخلة في عشرين وما فيها من الأوصاف
الزائدة لا يمنع من الدخول في العموم وخالفه ابن عبد
السلام
(هـ عن عائشة) ورواه الترمذي عنها مقطوع السند
(6/168)
8806 - (من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن
يتكلم) يحتمل الإطلاق ويحتمل أن المراد الكلام السوء أخذ
من الخبر المار والحمل على الأعم أتم (غفر له بها ذنوب
خمسين سنة) يعني الصغائر الواقعة في هذه المدة ولا تدافع
بينه وبين خبر الاثنى عشر السابق لأن ذلك في الكتابة وهذا
في المحو وقد ورد في عظم فضل الصلاة بعد المغرب أخبار
كثيرة غير ما ذكر منها خبر من صلى بعد المغرب في ليلة
الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة منها بفاتحة الكتاب مرة
واحدة وإذا زلزلت خمس عشرة مرة هون الله عليه سكرات الموت
وأعاذه من عذاب القبر ويسر له الجواز على الصراط قال ابن
حجر: في أماليه سنده ضعيف
(ابن نصر) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن
غزوان قال في الميزان: عن أبي زرعة: منكر الحديث وعن ابن
حبان: يقلب الأخبار ويرفع الموقوف
(6/168)
8807 - (من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى
الله له قصرا في الجنة من ذهب) قال الحافظ الزين العراقي
في شرح الترمذي: يحتمل أن يكون الضحى مفعول صلى أي صلاة
الضحى وثنتي عشرة تمييز ويحتمل أن يكون مفعول صلى ثنتي
عشرة وأن يكون الضحى ظرفا أي من صلى وقت الضحى وتمسك به من
جعل الضحى ثنتي عشرة ركعة وهو ما في الروضة كأصلها لكن
الأصح عند الشافعية أن أكثرها ثمان ولا خلاف في أن أقلها
ركعتان ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال ووقتها المختار
إذا مضى ربع النهار وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم
يصليها في بعض الأحيان ويتركها في بعض خوف أن يعتقد الناس
وجوبها كما ترك المواظبة على التراويح لذلك
(ت هـ) في باب صلاة الضحى (عن أنس) بن مالك وذكر الترمذي
في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال: هو من حديث غيره وقال
المناوي: ذكر النووي هذا الحديث في الأخبار الضعيفة وقال
ابن حجر: سنده ضعيف
(6/168)
8808 - (من صلى ركعتين في خلاء لا يراه إلا
الله والملائكة كتب له براءة من النار) في الآخرة مما يعذب
به المنافق [ص:169] من النار أو يشهد له بأنه غير منافق
فإن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وهذا حالة
بخلافهم ذكره الطيبي وفيه دليل على شرف الصلاة التي تقع في
السر بحيث لا يطلع عليها أحد من الناس وأنها من أرجى
الصلاة وأقربها للقبول
(ابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه
أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي فاقتصار المصنف على
ابن عساكر غير جيد
(6/168)
8809 - (من) شرطية والمشروط (صلى) وجزاء
الشرط قوله الآتي وهو صلى الله عليه بها عشرا (علي واحدة)
زاد البزار في روايته من تلقاء نفسه (صلى الله عليه بها
عشرا) أي من دعا لي مرة رحمه الله وأقبل عليه بعطفه عشر
مرات والدعاء له بالمغفرة وإن كان تحصيل الحاصل لكن حصول
الأمور الجزئية قد يكون مشروطا بشروط من جملتها الدعاء ومن
ثم حرض أمته على الدعاء بالوسيلة والمراد برحمة الله له
إعطاء الفضل بالدرجات المقدرة له في علمه وذلك لا يتعدد
فذكر العشرة للمبالغة في التكثير لا لإرادة عدد محصور وفيه
فضل الصلاة عليه وأنه من أجل الأعمال وأشرف الأذكار كيف
وفيه موافقة على ما قال عزت قدرته {إن الله وملائكته يصلون
على النبي} صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو لم يكن للصلاة
عليه ثواب إلا أنه يرجى بها شفاعته كما في الخبر الآتي
لكان يجب على العاقل أن لا يغفل عن ذلك
(حم م 3) في الصلاة (عن أبي هريرة) واللفظ لمسلم ولم يخرجه
البخاري
(6/169)
8810 - (من صلى علي) أي طلب لي من الله
دوام التعظيم والترقي وقوله (واحدة) للتأكيد (صلى الله
عليه بها عشر صلوات) أي رحمه وضاعف أجره بشهادة {من جاء
بالحسنة فله عشر أمثالها} قال الطيبي: الصلاة من العبد طلب
التعظيم والتبجيل لجناب المصطفى ومن الله على العبد إن كان
بمعنى الغفران فيكون من باب المشاكلة من حيث اللفظ لا
المعنى وإن كان بمعنى التعظيم فيكون من الموافقة لفظا
ومعنى وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران (وحط عنه عشر
خطيئات) جمع خطيئة وهي الذنب (ورفع له عشر درجات) اي رتبا
عالية في الجنة وفائدة ذكره وإن كانت الحسنة بعشر أنه
سبحانه لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره فكذا جعل جزاء ذكر نبيه
ذكر من ذكره ولم يكتف بذلك بل زاده الحط والرفع المذكورين
وقال الحرالي: إن صلاة الله على عباده إقباله عليهم بعطفه
إخراجا لهم من حال ظلمه إلى رفعة نور {هو الذي يصلي عليكم
وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} فصلاته عليهم
إخراجهم من ظلمات ما أوقفتهم في حوب تلك الإبتلاءات
<تنبيه> ذكر هنا أن الواحدة بعشرة وفي خبر أحمد عن ابن
عمرو من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله
عليه وملائكته سبعين صلاة قال في الإتحاف: قد اختلف مقدار
الثواب في هذه الأحاديث ويجمع بأنه كان يعلم بهذا الثواب
شيئا فشيئا فكلما علم بشيء قاله
(حم خد ن) في الصلاة (ك) في الدعاء (عن أنس) بن مالك قال
الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وصححه ابن حبان وقال ابن حجر:
رواته ثقات
(6/169)
8811 - (من صلى علي حين يصبح عشرا وحين
يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة) أي تدركه فيها شفاعة
خاصة غير العامة وفي هذا الحديث وما قبله وبعده دلالة على
شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله وتكفير السيئات ورفع
الدرجات والإغاثة بالشفاعة عند شدة الحاجة إليها قال
الأبي: وقضية اللفظ حصول الصلاة بأي لفظ كان وإن كان
الراجح الصفة الواردة في التشهد وفيه دليل على فضل الصلاة
والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من [ص:170]
أفضل الأعمال وأجل الأذكار بموافقة الجبار على ما قال {إن
الله وملائكته يصلون على النبي} صلى الله عليه وسلم ولو لم
يكن للصلاة عليه ثواب إلا رجاء شفاعته لكفى
(طب عن أبي الدرداء) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: وفيه
انقطاع وقال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد
لكن فيه انقطاع لأن خالدا لم يسمع من أبي الدرداء
(6/169)
8812 - (من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى
علي نائيا) أي بعيدا عني (أبلغته) أي أخبرت به من أحد من
الملائكة وذلك لأن لروحه تعلقا بمقر بدنه الشريف وحرام على
الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فحاله كحال النائم الذي ترقى
روحه بحسب قواها إلى ما شاء الله له مما اختص به من بلوغه
غاية القدرة له بحسب قدره عند الله في الملكوت الأعلى ولها
بالبدن تعلق فلذا أخبر بسماعه صلاة المصلي عليه عند قبره
وذا لا ينافيه ما مر في خبر " حيثما كنتم فصلوا علي " من
أن معناه لا تتكلفوا المعاودة إلى قبري فإن صلاتكم تبلغني
حيث كنتم ما ذاك إلا لأن الصلاة في الحضور مشافهة أفضل من
الغيبة لكن المنهي عنه هو الاعتياد الرافع للحشمة المخالف
لكمال المهابة والإجلال
(هب عن أبي هريرة) قال ابن حجر في الفتح: سنده جيد وهو غير
جيد قال البيهقي: رواه في الشعب وفي كتاب حياة الأنبياء من
حديث محمد بن مروان عن الأعمش عن أبي هريرة وضعفه في كتاب
حياة الأنبياء بابن مروان هذا وأشار الى أن له شواهد اه.
وقال العقيلي: حديث لا أصل له وقال ابن دحية: موضوع تفرد
به محمد بن مروان السدي قال: وكان كذابا وأورده ابن الجوزي
في الموضوع وفي الميزان: ابن مروان السدي تركوه واتهم
بالكذب ثم أورد له هذا الخبر
(6/170)
8813 - (من صلى علي صلاة كتب الله له
قيراطا) أصله قراط بالتشديد قلب أحد المتجانسين ياء بدليل
جمعه على قراريط كدينار ودنانير (والقيراط مثل أحد) أي مثل
جبل أحد في عظم القدر وهذا يستلزم دخول الجنة لأن من لا
يدخلها لا ثواب له والمراد بالقيراط هنا نصيب من الآجر وهو
من مجاز التشبيه شبه المعنى العظيم بالجسم العظيم وخص
القيراط بالذكر لأن غالب ما تقع به المعاملة إذ ذاك كان به
فالمراد تعظيم الثواب فمثل للعيان بأعظم الجبال خلقا
وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حبا ويمكن كونه حقيقة بأن يجعل
الله عمله يوم القيامة جسما قدر أحد ويوزن كذا قرروه وقال
ابن العربي: تقدير الأعمال بنسبة الأوزان تقريبا للأفهام
وذلك لفقه بليغ وهو أن أصغر القراريط إذا كان من ثلاث حبات
فالذرة التي يخرج بها من النار جزء من ألف وأربعة وعشرين
جزءا من حبة من قيراط أكبره أكبر من جبل أحد وهو أكبر من
هذا البلد قال: وقراريط الحسنات هذا تقديرها أما قيراط
السيئات فهو من ثلاث حبات لا تزيد بل تمحقه الحسنة وتسقطه
(عب عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لحسنه
(6/170)
8814 - (من صلى صلاة لم يتمها زيد عليها من
سبحاته حتى تتم) الظاهر أن المراد إذا صلى صلاة مفروضة
وأخل بشيء من أبعاضها أو هيئاتها كملت من نوافله حتى تصير
صلاة مفروضة مكملة السنن والآداب ويحتمل أن المراد أنه إذا
حصل منه خلل في بعض الشروط أو الأركان ولم يعلم به في
الدنيا يتمم له من تطوعه ولا مانع من شموله للأمرين فتدير
(طب عن عائذ) بمثناة تحتية ومعجمة (ابن قرظ) شامي روى عنه
السكوني وغيره رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله ثقات
(6/170)
8815 - (من صلى خلف إمام فليقرأ بفاتحة
الكتاب) أي ولا يجزيه قراءة الإمام وهذا مذهب الشافعي وذهب
الحنفية إلى أنه تجزيه قراءة إمامه مطلقا تمسكا بخبر " من
صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة " قال في الفتح: وهو
حديث ضعيف [ص:171] عند الحفاظ
(طب عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه وفيه سعيد بن عبد
العزيز قال الذهبي: نكره
(6/170)
8816 - (من صلى عليه) وهو ميت (مئة من
المسلمين غفر له) ذنوبه ظاهره حتى الكبائر وفي رواية سبعون
وفي رواية أربعون وقد مر وجه الجمع
(هـ عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو الشيخ [ابن حبان] وغيره
(6/171)
8817 - (من صلى على جنازة في المسجد فلا
شيء عليه) أي لا حرج عليه فإنه جائز وبه أخذ الشافعي
والجمهور بل يسن في المسجد عند الشافعي وأما ما وقع في
رواية لأبي داود أيضا فلا شيء له فأجيب بأن الذي في نسخه
الصحيحة المعتمدة المسموعة فلا شيء عليه وبأنه لو صح حمل
على بعض الأجر فيمن صلى عليها في المسجد ولم يشيعها الى
المقبرة ويحضر الدفن أو جعل له بمعنى عليه كما في قوله
تعالى {وإن أسأتم فلها} جمعا بين الأدلة فقد صح في مسلم
وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على سهل بن بيضاء
في المسجد وصلى على سعد بن معاذ في المسجد فمن ثم ذهب
الشافعية إلى أن الصلاة عليه في المسجد أفضل عند أمن
التلويث وكرهه مالك والحديث يرد عليه قال ابن العربي: ولا
إشكال فيه بيد أن مالكا لاحتراسه وحسمه للذرائع منع من ذلك
(د عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وصالح مولى
التوؤمة أحد رجاله كذبه مالك وقال ابن حبان: تغير فصار
يأتي بأشياء تشبه الموضوعات
(6/171)
8818 - (من صلى صلاة فريضة فله) أي عقبها
(دعوة مستجابة ومن ختم القرآن) أي قراءة (فله دعوة
مستجابة) فإما أن تعجل في الدنيا وإما أن تدخر له في
الآخرة أو يعوض بما هو أصلح
(طب عن العرباض) بن سارية قال الهيثمي: فيه عبد الحميد بن
سليمان وهو ضعيف
(6/171)
8819 - (من صمت) عن النطق بالشر (نجا) من
العقاب والعتاب يوم المآب قال الغزالي: هذا من فصل الخطاب
وجوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وجواهر حكمه ولا يعرف ما
تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء وذلك أن خطر
اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء
ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل ومع ذلك إن
النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في
القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان فالخائض فيها قلما
يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب
ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم
ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من
تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة قال ابن حجر:
الأحاديث الواردة في الصمت وفضله كمن صمت نجا وحديث ابن
أبي الدنيا بسند رجاله ثقات أيسر العبادة الصمت لا يعارض
حديث ابن عباس الذي جزم بقضيته الشيخ في التنبيه من النهي
عن صمت يوم إلى الليل لاختلاف المقاصد في ذلك فالصمت
المرغب فيه ترك الكلام الباطل وكذا المباح إن جر إليه
والصمت المنهي عنه ترك الكلام في الحق لمن يستطيعه وكذا
المباح المستوي الطرفين
(حم ت) في الزهد (عن ابن عمرو) بن العاص وقال: غريب لا
نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة قال النووي في الأذكار بعد ما
عزاه للترمذي: إسناده ضعيف وإنما ذكرته لأبينه لكونه
مشهورا وقال الزين العراقي: سند الترمذي ضعيف وهو عند
الطبراني بسند جيد وقال المنذري: رواة الطبراني ثقات اه.
وقال ابن حجر: رواته ثقات
(6/171)
[ص:172] 8820 - (من صنع إليه معروف) ببناء
صنع للمجهول (فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في
الثناء (1)) لاعترافه بالتقصير ولعجزه عن جزائه فوض جزاءه
إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى قال بعضهم: إذا قصرت يداك
بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء بالجزاء الأوفى
(ت) في البر (ن) في يوم وليلة (حب عن أسامة) بن يزيد قال
الترمذي في جامعه: حسن صحيح غريب وذكر في العلل أنه سأل
عنه البخاري فقال هذا منكر وسعد بن الخمس أي أحد رجاله كان
قليل الحديث ويروون عنه مناكير ومالك ابنه مقارب الحديث
_________
(1) وهذا عند العجز عن مكافأته بالإحسان فإن قدر على
مكافأته فالجمع بينهما أفضل من الاقتصار على الدعاء
(6/172)
8821 - (من صنع) في رواية من اصطنع (إلى
أحد من أهل بيتي يدا كافأته عليها يوم القيامة) فيه من
الدلالة على عناية الله ورسوله بهم ما لا يخفى فهنيئا لمن
فرج عنهم كربة أو لبى لهم دعوة أو أنالهم طلبة والوقائع
الدالة على ذلك أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر فمن أراد
الوقوف على كثير منها فعليه بتوثيق عرى الإيمان للبارزي
ومؤلفات ابن الجوزي
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين وفيه عيسى
بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال في الميزان عن
الدارقطني: متروك الحديث وعن ابن حبان يروي عن آبائه أشياء
موضوعة فمن ذلك هذا وساق عدة أخبار هذا منها ورواه عنه
أيضا الجعابي في تاريخ الطالبين وفيه ما فيه
(6/172)
8822 - (من صنع صنيعة إلى أحد من خلف عبد
المطلب) أي ذريته والكلام في المسلمين (في الدنيا فعلي
مكافأته إذا لقيني) أي في القيامة يوم الفزع الأكبر ونعم
المجازي والمكافئ في محل الاضطرار
(خط) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي كامل الفزازي (عن عثمان)
بن عفان وفيه عبد الرحمن بن أبي الزياد أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: ضعفه النسائي وقد وثق وأبان بن عثمان متكلم
فيه وقال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح ورواه أيضا
الطبراني في الأوسط قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن المذكور
وهو ضعيف
(6/172)
8823 - (من صور صورة) ذات روح (في الدنيا
كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ) أي ألزم
ذلك وطوقه ولا يقدر عليه فهو كناية عن دوام تعذيبه واستفيد
منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا كما جاز في الآخرة لكن
ليس مقصود هذا التكليف طلب الامتثال بل تعذيبه على كل حال
وإظهار عجزه عما تعاطاه مبالغة في توبيخه وإظهارا لقبح
فعله ذكره القرطبي وهذا وعيد شديد يفيد أن التصوير كبيرة
وتمسك بعضهم بهذا الخبر على أنه أغلظ من القتل لأن وعيده
ينقطع بحمل قوله تعالى {خالدا فيها} على الأمد الطويل وهنا
لا يستقيم أن يقال يعذب زمنا طويلا ثم يخلص لكونه مغيا بما
لا يمكن وهو نفخ الروح فيها المستحيل حصوله ولهذا ذهب
المعتزلة إلى تخليده في النار وأهل السنة على خلافه وحملوا
الخبر على من يكفر بالتصوير كمن يصور صنما ليعبد أو يقصد
مضاهاة خلق الله وأما من لم يكفر به في حقه خرج مخرج الروع
والتهويل فهو متروك الظاهر وفيه أن أفعال العباد مخلوقة
لله للحوق الوعيد لمن تشبه بالخالق [ص:173] فكيف يقال إن
الله خالق حقيقة واعترض بأن الوعيد على خلق الجواهر لا
الأفعال والمعتزلة لم تقل بخلق الجواهر لغير الله وأجيب
بأن الوعيد لاحق بالشكل والهيئة وذلك غير جوهر واعترض بأنه
لو كان كذا كان تصوير غير ذي روح كذا ومنع بأن ذا رخص فيه
بأثر ورد فيه نعم الاستدلال بذلك غير مرضي من جهة أخرى وهو
أن المسألة قطعية والدليل من الآحاد
(حم ق ن) من حديث النضر بن أنس (عن ابن عباس) قال: كنت
جالسا عند ابن عباس فجعل يفتي ولا يقول قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم حتى سأله رجل فقال: إني أصور هذه الصورة
قال له ابن عباس: ادن فدنا فقال ابن عباس: سمعته يقول
فذكره
(6/172)
8724 - (من ضار) بشد الراء أي أوصل ضررا
إلى مسلم بغير حق (ضار الله به) أي أوقع به الضرر وشدد
عليه عقابه في العقبى (ومن شاق) بشد القاف أي أوصل مشقة
إلى أحد بمحاربة أو غيرها (شق الله عليه) أي أدخل عليه ما
يشق عليه مجازاة له على فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة
على نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق
طاقته
(حم 4 عن أبي صرمة) بصاد مهملة مكسورة وراء ساكنة مالك بن
قيس ويقال ابن أبي قيس ويقال قيس بن مالك أنصاري بخاري شهد
بدرا وما بعدها وكان شاعرا مجيدا رمز لحسنه قال الترمذي:
غريب قال في المنار: ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه
لؤلؤة وهو لا يعرف إلا فيه قال ابن القطان: وعندي أنه ضعيف
ثم أطال في بيانه
(6/173)
8825 - (من ضحى) أضحية (طيبة بها نفسه) أي
من غير كراهة ولا تبرم بالإنفاق (محتسبا لأضحيته كانت له
حجابا من النار) أي حائلا بينه وبين دخول نار جهنم
(طب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي: فيه
سليمان بن عمر النخعي وهو كذاب اه. فكان ينبغي للمصنف حذفه
من الكتاب
(6/173)
8826 - (من ضحى قبل الصلاة) أي ذبح أضحيته
قبل صلاة العيد (فإنما ذبح لنفسه) ولم يضح وفي رواية فإنما
هو لحم قدمه لأهله (ومن ذبح بعد الصلاة) للعيد (فقد تم
نسكه وأصاب سنة المسلمين) وهي التضحية
(ق عن البراء)
(6/173)
8827 - (من ضحك في الصلاة) زاد في رواية
قهقه (فليعد الوضوء) لبطلانه بالقهقهة وبه أخذ أبو حنيفة
ومر أن مذهب الشافعي عدم النقض به (و) ليعد (الصلاة)
لبطلانها بذلك أي بالاتفاق إن ظهر منه حرفان أو حرف مفهم
(خط) من حديث عبد العزيز بن حصين عن عبد الكريم أبي أمية
عن الحسن (عن أبي هريرة) وعبد الكريم تالف قال أحمد: ليس
في الضحك حديث صحيح اه. ورواه الدارقطني من عدة وجوه بعدة
أسانيد كلها ساقطة
(6/173)
8828 - (من ضرب غلاما) أي عبدا يعني قنا
ذكرا كان أم أنثى (له حدا لم يأته) أي لم يأت بموجب ذلك
الحد ولم يكن ذلك لمصلحته كتأديب وتعليم قال الطيبي: جملة
لم يأته صفة حدا والضمير المنصوب راجع إليه أي لم يأت
موجبه فحذف المضاف (أو لطمه) أي ضربه على وجهه بغير جناية
منه واللطم الضرب على الوجه ببطن الطف (فإن) ذلك ذنب منه
وإن (كفارته) أي ستره يوم القيامة وغفره أن (يعتقه) فإن لم
يفعل عوقب به في العقبى بقدر ما اعتدى به عليه [ص:174] أما
في أحكام الدنيا فلا يلزمه عتقه ولا يعاقب لأجله لكونه
ملكه هذا مذهب الأئمة الثلاثة وقال مالك: إن ضربه ضربا
مبرحا أو مثل به لزمه عتقه ويؤدب فإن لم يعتقه صار حرا
(م) في النذر (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري
(6/173)
8829 - (من ضرب مملوكه) حال كون السيد
(ظالما) له في ضربه إياه وفي أصول صحيحة ظلما بدل ظالما
(أقيد) وفي رواية اقتص (منه يوم القيامة) ولا يلزمه في
أحكام الدنيا شيء من قود أو عقل أو حد أو غيرها لتصرفه في
ملكه
(طب) وكذا البزار (عن عمار) بن ياسر قال الهيثمي كالمنذري:
رجاله ثقات ومن ثم رمز لحسنه
(6/174)
8830 - (من ضرب بسوط) وفي رواية من ضرب
سوطا (ظلما اقتص منه يوم القيامة) وإن كان المضروب عبده
(خد هق) وكذا البزار والطبراني (عن أبي هريرة) قال الهيثمي
كالمنذري: إسناده حسن اه. وفيه عبد الله بن شقيق العقيلي
قال في الميزان: ثقة لكن فيه نصب وقال يحيى: قال التيمي:
سيء الرأي فيه
(6/174)
8831 - (من ضم يتيما له أو لغيره) أي تكفل
بمؤونته وما يحتاجه (حتى يغنيه الله عنه وجبت له الجنة)
زاد في رواية ألبتة وهو نصب على المصدر والمراد به القطع
بالشيء والمراد أنه لا بد له من الجنة وإن تقدم عذاب لأن
المراد أنه يدخلها بلا عذاب ألبتة
(طس عن عدي بن حاتم) قال الهيثمي: فيه المسيب بن شريك وهو
متروك اه. فرمز المصنف لحسنه غير لائق وكما أنه لم يصب في
ذلك لم يصب في إيثاره هذا الطريق واقتصاره عليه مع وجود
أمثل منه ففي الباب خبر أحمد والطبراني عن عمرو بن مالك
القشيري يرفعه " من ضم يتيما من بين أبوين مسلمين إلى
طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة " قال الهيثمي:
فيه علي بن زيد وهو حسن الحديث وبقية رجاله رجال الصحيح
وخبرهما أيضا عن زرارة مرفوعا " من ضم يتيما بين مسلمين في
طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة البتة " قال
الهيثمي: حسن الإسناد
(6/174)
8832 - (من ضن بالمال أن ينفقه) في وجوه
البر (وبالليل أن يكابده فعليه بسبحان الله وبحمده) أي
فليلزم قول سبحان الله وبحمده قال في الفردوس: يقال ضن
بالشيء إذا بخل به فهو ضنين وهذا علق مضنة أي هو نفيس يضن
به والمكابدة تحمل الضيق لصلاة الليل والشدة في طلب
المعيشة
(أبو نعيم في) كتاب المعرفة (عن عبد الله بن حبيب) قال
الذهبي في الصحابة: مجهول عن عبيد الله بن عمير وفي
التقريب: عبد الله بن حبيب بن ربيعة بن عبد الرحمن السلمي
الكوفي المقرىء مشهور بكنيته ولأبيه صحبة وفيه عبيد الله
بن سعيد بن كثير قال الذهبي: فيه ضعف عن أبيه سعيد قال
السعدي: فيه غير لون من البدع وكان مختلطا غير ثقة قال
الذهبي: وهذا مجازفة
(6/174)
8833 - (من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى
مؤمنا) في الجهاد (فلا جهاد له (1)) أي كاملا أو لا أجر له
في جهاده
(حم [ص:175] د عن معاذ بن أنس) الجهني عن أبيه قال: غزوت
مع نبي الله صلى الله عليه وسلم غزوة فضيق الناس المنازل
وقطعوا الطريق فبعث مناديا ينادي بذلك رمز لحسنه وفيه عند
أحمد إسماعيل بن عياش
_________
(1) وكذا من ضيق طريق الحاج والمسجد والجامع وفيه دليل على
أنه يستحب للإمام إذا رأى بعض الناس فعل شيئا مما تقدم أن
يبعث مناديا ينادي بإزالة ما تضرر به الناس ويتأذون به
وهذا لا يختص بالجهاد بل أمير الحاج كذلك وكذا الأمير
الحاكم في المدينة ومن يتكلم في الحسبة ونحو ذلك
(6/174)
8834 - (من طاف بالبيت) الكعبة (سبعا) أي
سبعة أشواط (وصلى ركعتين كان كعتق رقبة) وفي رواية أبي
نعيم بدله كعدل رقبة يعتقها
(هـ) في الحج (عن ابن عمر) بن الخطاب. قال ابن الجوزي:
حديث لا يصح ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه بلفظ من طاف
بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة
(6/175)
8835 - (من طاف بالبيت خمسين مرة) قيل أراد
بالمرة الشوط ورد وقيل أراد خمسين أسبوعا (خرج من ذنوبه
كيوم ولدته أمه) والمراد أن الخمسين توجد في صحيفته ولو في
عمره كله لا أنه يأتي بها متوالية
(ت عن ابن عباس) ثم استغربه قال ابن الجوزي: فيه يحيى بن
اليمان قال أحمد: ليس بحجة وابن المديني: تغير حفظه وأبو
داود: يخطىء في الأحاديث ويقلبها وفيه شريك قال يحيى: ما
زال مخلطا
(6/175)
8836 - (من طلب) أي سأل من الله (الشهادة)
أي أن يموت شهيدا حال كونه (صادقا) أي مخلصا في طلبه إياها
(أعطيها) بالبناء للمفعول أي أجر الشهادة بأن يبلغه الله
منازل الشهداء كما فسره بذلك في رواية أخرى (ولو لم تصبه)
الشهادة بأن مات على فراشه وذلك أمر لا يطلع عليه إلا الله
أو من أطلعه الله عليه وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه
أو ما قبله جواب. قال عياض: هذا يدل على أن من نوى شيئا من
أفعال الخير ولم يفعله لعذر يكون بمنزلة من عمله ويدل على
ندب سؤال الشهادة ونية الخير لا يقال سؤالها ملزوم لتمني
لقاء العدو المنهي عنه لأنه لا يتعين في سؤالها كونه على
وجه يلزم منه ذلك بل يمكنه أن يقول اللهم إن قضيت بحضوري
لقاء العدو فهب لي الشهادة أو ما في معنى ذلك
(حم عن أنس) بن مالك
(6/175)
8837 - (من طلب العلم) الشرعي النافع (كان
كفارة لما مضى) من الذنوب. قال الحرالي: وإذا كان هذا فيمن
طلب فكيف بمن يفيده العامة والخاصة إذ هو أولى وأحق
(ت) في العلم (عن سخبرة) بسين مهملة مفتوحة وخاء معجمة
ساكنة وموحدة تحتية مفتوحة وراء بعدها تاء التأنيث وهو
الأزدي أو الأسدي في صحبته خلف قال مخرجه الترمذي: ضعيف
الإسناد اه وفيه نفيع وهو أبو داود الأعمى قال أبو داود:
ضعيف جدا وقال الذهبي: تركوه وكان يترفض ورواه الطبراني في
الكبير قال الهيثمي: وفيه أبو داود الأعمى كذاب
(6/175)
8838 - (من طلب العلم تكفل الله له برزقه)
تكفلا خاصا بأن يسوقه من حيث لا يحتسب فينبغي لطالبه أن
يتوكل على ربه ويقنع من القوت بما تيسر ومن اللباس بما ستر
قال الشافعي: لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس قيل: ولا غني
مكفي قال: ولا غني مكفي. وقال مالك: من لم يرض بالفقر لم
يبلغ من العلم ما يريد وقال أبو حنيفة: يستعان عليه بجمع
الهم وخوف العلائق
(خط) في ترجمة محمد بن القاسم السمسار (عن زياد بن الحارث
الصدائي) بضم الصاد وفتح الدال المهملتين نسبة إلى صداء
قبيلة من اليمن وفيه يونس بن عطاء أورده الذهبي في الضعفاء
وقال: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به
(6/175)
[ص:176] 8839 - (من طلب العلم فهو في سبيل
الله حتى يرجع) قال في الفردوس: ويروى من خرج في طلب العلم
إلخ. قال الغزالي: وهذا وما قبله وما بعده في العلم النافع
وهو الذي يزيد في الخوف من الله وينقص من الرغبة في الدنيا
وكل علم لا يدعوك من الدنيا إلى الآخرة فالجهل أعود عليك
فيه فاستعذ بالله من علم لا ينفع
(حل عن أنس) بن مالك وفيه خالد بن يزيد مضعف
(6/176)
8840 - (من طلب العلم ليجاري به العلماء)
أي يجري معهم في المناظرة والجدال ليظهر علمه رياء وسمعة
(أو ليماري به السفهاء) أي يحاججهم ويجادلهم مباهاة وفخرا
قال القاضي: المجاراة المفاخرة من الجري لأن كلا من
المتفاخرين يجري مجرى الآخر والمباراة المحاجة والمجادلة
من المرية وهو الشك فإن كلا منهما يشك فيما يقوله صاحبه أو
يشككه بما يورده على حجته أو من المرىء وهو مسح الحالب
الضرع ليستنزل منه اللبن فإن كلا من المتناظرين يستخرج ما
عند صاحبه والسفهاء الجهال فإن عقولهم ناقصة مرجوحة
بالإضافة إلى عقول العلماء (أو يصرف به وجوه الناس إليه)
أي يطلب العلم بنية تحصيل المال والجاه وصرف وجوه العامة
(أدخله الله النار) أي نار جهنم جزاءا بما عمل قال في
العوارف: إنما كان المراء وما معه سببا لدخولها لظهور
نفوسهم في طلب القهر والغلبة وهما من صفات الشيطنة قال حجة
الإسلام: روي عن معاذ أن من العلماء من يخزن علمه ولا يحب
أن يوجد عند غيره فذاك في الدرك الأول من النار ومن يكون
في علمه كالسلطان إن رد عليه غضب فذاك في الثاني ومن يجعل
علمه وغرائب حديثه لأهل الشرف والمال فهو في الثالث ومن
ينصب نفسه للفتيا فيفتي بالخطأ ففي الرابع ومن يتكلم بكلام
أهل الكتاب ففي الخامس ومن يتخذ علمه نبلا وذكرا في الناس
ففي السادس ومن يستفزه الزهو والعجب فإن وعظ عنف وأنف فذاك
في السابع وفي الخبر " إن العبد ينشر له لواء من الثناء ما
بين المشرق والمغرب وما يزن عند الله جناح بعوضة "
(ت) في العلم (عن كعب بن مالك) عن أبيه يرفعه رمز المصنف
لحسنه وقال: غريب وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة قال الذهبي
في الكبائر: واه وقال غيره: متكلم فيه من قبل حفظه وقال في
اللسان: عن العقيلي في الباب عن جمع من الصحب كلها لينة
الأسانيد قال: وقال العلائي: هذه الأحاديث بواطيل وقال في
المهذب: عن الدارقطني إسحاق متروك
(6/176)
8841 - (من طلب البدعة ألزمناه بدعته) الذي
وقفت عليه في نسخ من هذا الجامع طلب بالباء والذي رأيته في
أصول صحيحة من سنن البيهقي ومختصرها للذهبي بخطه من طلق
للبدعة اه. ولفظ الدارقطني من طلق في البدعة ألزمناه بدعته
وبه احتج من ذهب إلى أن الطلاق البدعي يلزم ويقع وإن كان
حراما ومن ذهب إلى عدم لزومه تمسك بخبر " من عمل عملا ليس
عليه أمرنا فهو رد "
(هق عن معاذ) بن جبل قال في المطامح: سنده ضعيف ورواه
الدارقطني من هذا الوجه ثم قال: فيه إسماعيل بن أبي أمية
البصري متروك الحديث وقال ابن الجوزي: لا يصح وأورده في
لسان الميزان وقال: قال ابن حزم: حديث موضوع وإسماعيل ساقط
يعني إسماعيل بن أبي عباد البصري أحد رجاله
(6/176)
8842 - (من ظلم قيد شبر) بكسر القاف وسكون
التحتية أي قدره (من الأرض طوقه) بضم الطاء المهملة وكسر
الواو المشددة مبنيا للمفعول (من سبع أرضين) بفتح الراء
وقد يسكن أي يوم القيامة فيجعل الأرض في عنقه كالطوق وقيل
[ص:177] أراد أطواق التكليف وقد مر ذلك فينبغي المبادرة
بالخروج من تلك الظلامة قبل أن يكون ممن باع جنة عرضها
السماوات والأرض بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات
{ومساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار} بأعطان
ضيقة آخرها الخراب والبوار وفي الحديث تهديد عظيم للغاصب
قال بعض شراح البخاري: سيما ما يفعله بعضهم من بناء الربط
والمدارس ونحوهما مما يظنون به القرب والذكر الجميل من غصب
الأرض لذلك وغصب الآلات واستعمال العمال ظلما بتقدير أن
يعطى من مال حرام المأخوذ ظلما الذي لم يقل بحل أخذه ولا
الكفار على اختلاف مللهم فيزداد هذا الظالم بإرادته الخير
على زعمه من الله بعدا
<تنبيه> هذا الحديث مما تمسك به المعتزلة على دوام تعذيب
صاحب الكبيرة في النار قالوا لأنه تعالى لا يبدل القول
لديه
(حم م ق عن عائشة وعن سعيد بن زيد) قال المصنف: وهذا
متواتر
(6/176)
8843 - (من عاد مريضا لم يزل في خرفة
الجنة) بضم الخاء وفتحها وسكون الراء ما يخترف أي يجتنى من
الثمر أي لم يزل في بستان يجتني منه الثمر شبه ما يحوزه
العابد من الثواب بما يحوزه المحترف من الثمر (حتى يرجع)
ويخرج من ذلك التشبيه التلويح بقرب المتناول وقيل المراد
بالخرفة هنا الطريق قال ابن جرير: وهو صحيح أيضا إذ معناه
عليه أن عائده لم يزل سالكا طريق الجنة لأنه من الأمور
التي يتوصل بها إليها
(م عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم وتمامه عند
مسلم قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال جناها
(6/177)
8844 - (من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ) أي
لجأ إلى ملجأ وأي ملجأ قال ابن العربي: دليل على أن كل من
صرح بالاستعاذة بالله لأحد في شيء فليجب إليه وليقبل منه
وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة قد
نكحها فقالت له: أعوذ بالله منك فقال: لقد عذت بمعاذ الحقي
بأهلك
(حم) من حديث عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن موهب
(عن عثمان) بن عفان (وابن عمر) بن الخطاب وقال ابن موهب:
إن عثمان قال لابن عمر: اذهب فافض قال: أو تعفيني قال:
عزمت عليك قال: لا تعجل أما سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول فذكره قال: نعم قال: فإني أعوذ بالله أن أكون
قاضيا قال الهيثمي: رجال ثقات رمز المصنف لحسنه
(6/177)
8845 - (من عال جاريتين) أي من ربى بنتين
صغيرتين وقام بمصالحهما من نحو نفقة وكسوة (حتى يدركا)
رواية البخاري حتى يبلغا (دخلت أنا وهو الجنة كهاتين) وضم
أصبعيه مشيرا إلى قرب فاعل ذلك منه أي دخل مصاحبا لي قريبا
مني يعني أن ذلك الفعل مما يقرب فاعله إلى درجة من درجات
المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس: هذا من كرائم
الحديث وغرره
(م ت عن أنس) بن مالك واستدركه الحاكم فوهم ورواه البخاري
بلفظ من عال جاريتين حتى يبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو
كهاتين قال الأكمل: في الكلام تقديم وتأخير فأما في جاء
ضمير يعود إلى من وقوله هو تأكيد له وقوله أنا معطوف عليه
وتقديره هو وأنا ثم قدم أنا لكون المصطفى صلى الله عليه
وعلى آله وسلم أصلا في تلك الخصلة أو قدم في الذكر لشرفه
اه. واعترض بأن تقديم المعطوف على المعطوف عليه لا يجوز
فالأولى جعل أنا مبتدأ وهو معطوف عليه وكهاتين الخبر
والجملة حالية بدون الواو نحو {اهبطوا بعضكم لبعض عدو}
(6/177)
8846 - (من عال أهل بيت من المسلمين) أي
قام بما يحتاجونه من نحو قوت وكسوة يومهم وليلتهم (غفر
الله له ذنوبه) أي الصغائر فقط
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين
(6/177)
8847 - (من عال ثلاث بنات) أي قام بما
يحتجنه من نحو نفقة وكسوة وغيرهما (فأدبهن) بآداب الشريعة
الإسلامية وعلمهن أمور دينهن (وزوجهن) من كفء عند احتياجهن
للزواج (وأحسن إليهن) بعد الزواج بنحو صلة وزيارة (فله
الجنة) أي مع السابقين الأولين قال ابن عباس: هذا من كرائم
الحديث وغرره قال الزين العراقي: في هذا الحديث تأكيد حق
البناء على حق البنين لضعفهن عن القيام بمصالحهن من
الاكتساب وحسن التصرف وجزالة الرأي
(د عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي:
رجاله موثقون
(6/177)
8848 - (من عد) بالتشديد بلفظ المصنف (غدا
من أجله فقد أساء صحبة الموت) فإن الموت مصاحب له إن لم
يفجأه اليوم وافاه في غد والقصد بهذا الحث على قصر الأمل
وأنه ينبغي للإنسان أن لا يطول أمله فيثقل عليه عمله ويقدر
قرب الموت ويتفكر في قصر العمل ويقول في نفسه إني أحتمل
مشقة العمل الصالح اليوم فلعلي أموت الليلة وأصبر الليلة
فلعلي أموت غدا فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص فالاستعداد
له أولى من الاستعداد للدنيا وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها
إلا أمدا قليلا ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم أو نفس فقرر
هذا على ما قلبك كل يوم وكلف نفسك على الطاعة يوما فيوما
فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصبر على الطاعة
نفرت واستعصت فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحا لا آخر له
وإن سوفت وتساهلت جاء الموت في وقت لا تحتسبه وتحسرت تحسرا
لا آخر له وعند الصباح يحمد القوم السرى {ولتعلمن نبأه بعد
حين} وأنشد ابن أبي الدنيا:
أيا فرقة الأحباب لا بد لي منك. . . ويا دار دنيا إنني
راحل عنك
ويا قصر الأيام ما لي وللمنى. . . ويا سكرات الموت ما لي
وللضحك
وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة. . . إذا كنت لا أبكي لنفسي
فمن يبكي
ألا أي حي ليس بالموت موقنا. . . وأي يقين منه أشبه بالشك
(هب) وكذا الخطيب (عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن
مخرجه البيهقي خرجه وسلمه وليس كذلك بل إنما ذكره مقرونا
ببيان حاله فقال عقبه: هذا إسناد مجهول وروي من وجه آخر
ضعيف اه بنصه
(6/177)
8849 - (من عرض عليه) طيب وفي رواية
(ريحان) أي نبت طيب الريح من أنواع المشموم وليس المراد
قصره على ما هو المتعارف عند الفقهاء من اختصاصه بما لا
ساق له منها (فلا يرده) برفع الدال على الفصيح المشهور
(فإنه خفيف المحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية مصدر
ميمي أي قليل المنة (طيب الريح) تعليل ببعض العلة لا
بتمامها والمراد لا يرده لأنه هدية قليلة نافعة ولا مؤونة
فيها ولا منة ولا يتأذى المهدي بها فردها لا وجه له قال
ابن القيم: هذا لفظ الحديث وبعضهم يرويه من عرض عليه طيب
فلا يرده وليس بمعناه فإن الريحان تخف مؤونته ويتسامح به
بخلاف نحو مسك وعنبر وظاهره أن رواية الطيب منكرة أو نادرة
والأشهر أكثر ريحان وليس كذلك فقد قال ابن حجر: رواه أحمد
وسبعة أنفس معه بلفظ الطيب ورواه مسلم بلفظ الريحان قال:
والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد وفيه الترغيب في
استعمال الطيب وعرضه من يستعمله
(م) في الطب (د) في الترجل وكذا النسائي في الزينة وابن
حبان في صحيحه كلهم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري
(6/177)
8850 - (من عزى ثكلى) بفتح المثلثة مقصورة
من فقدت ولدها (كسي بردا في الجنة) مكافأة له على تعزيتها
وذلك بأن يذكر لها الصبر وفضله والابتلاء وأجره والمصيبة
وثوابها وما في ذلك من الآيات والأخبار والآثار لكن لا
يعزي المرأة [ص:179] الشابة إلا محارمها أو زوجها (تتمة)
كتب ذو القرنين لأمه حين حضرته الوفاة مرشدا أن اصنعي
طعاما للنساء ولا يأكل منه من أثكلت ولدا ففعلت ودعتهن فلم
تأكل منهن واحدة وقلن ما منا امرأة إلا وقد أثكلت ما هي له
والدة فقالت: {إنا لله وإنا إليه راجعون} هلك ولدي وما كتب
بهذا إلا تعزية لي
(ت عن أبي برزة) ثم قال أعني الترمذي: وليس إسناده بالقوي
وقال البغوي: وهو غريب
(6/177)
8851 - (من عزى مصابا) أي حمله على الصبر
بوعد الأجر (فله) في رواية كان له (مثل أجره) أي له مثل
أجر صبره إذ المصيبة ليست فعله وقد قال تعالى {إنما تجزون
ما كنتم تعملون} كذا ذكره ابن عبد السلام واعترض قال
النووي: والتعزية التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف
حزنه ويهون مصيبته وذلك لأن التعزية تفعلة من العزاء وهو
الصبر والتصبير يكون بالأمر بالصبر وبالحث عليه بذكر ما
للصابرين من الأجر ويكون بالجمع بينهما وبالتذكير بما يحمل
على الصبر كما في حديث الصحيحين " إن لله ما أخذ وله ما
أعطى " ولا يتعين لها لفظ كتب الشافعي إلى ابن مهدي فأرسل
إليه تعزية في ابنه وكان جزع عليه
إني معزيك لا أني على طمع. . . من الحياة ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه. . . ولا المعزي ولو عاشا إلى
حين
(ت هـ) وكذا البيهقي في السنن (عن ابن مسعود) قال الترمذي:
غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم ويقال أكثر ما
ابتلى به على هذا الحديث نقموه عليه وقال في الأذكار:
إسناده ضعيف وذكره ابن الجوزي في الموضوع وقال الخطيب:
رواه جمع عن أبي عاصم وليس شيء منها ثابتا وقال الذهبي:
حماد بن الوليد واه وله طرق لا تصح وقال ابن حجر: كل
التابعين لعلي أضعف منه بكثير وليس فيها رواية يمكن التعلق
بها إلا طريق إسرائيل فقد ذكرها صاحب الكمال ولم أقف على
سندها اه وقال الزركشي في تخريج الرافعي بعد ما ساق للحديث
عدة طرق: هذا كله يرد على ابن الجوزي حيث ذكر الحديث في
الموضوعات وقال العلائي: له طرق لا طعن فيها وليس واهبا
فضلا عن كونه موضوعا
(6/179)
8852 - (من عشق) من يتصور حل نكاحه لها
شرعا لا كأمرد (فعف ثم مات مات شهيدا) أي يكون من شهداء
الآخرة لأن العشق وإن كان مبدأه النظر والسماع لكنهما غير
موجبين له فهو فعل الله بالعبد بلا سبب ولهذا قال أفلاطون:
ما أعلم الهوى غير أني أعلم أنه جنون إلهي لا محمود صاحبه
ولا مذموم وقال بعض الحكماء: العشق طمع يحدث في القلب قهرا
وكلما قوي زاد صاحبه قلقا وضجرا فيلتهب به الصدر فيحترق
الدم فيصير مع الصفراء سوداء وطغيانه يفسد الفكر ويؤدي
للجنون فربما مات وقتل نفسه وإذا كان فعل القلب وأكثر
أفعاله ضروريات فلا يؤاخذ به بل يؤجر عليه والمراد بالعفة
العفة عن إيتاء النفس حظها طلبا لراحة قلبه ومتابعة لهوى
نفسه وإن كان في غير محرم وكان صاحبه يأثم لكن رتبة
الشهادة سنية لا تنال إلا بفضيلة كاملة أو بلية شاملة
وإنما قارب وصف من عف وصف القتيل في سبيل الله لتركه لذة
نفسه فكما بذل المجاهد مهجته لإعلاء كلمة الله فهذا جاهد
نفسه في مخالفة هواها بمحبته للقديم خوفا ورهبة وإيثارا
على ما يحدث ذكره في البحر
(خط) في ترجمة عطية بن الفضل (عن عائشة) وفيه أحمد بن محمد
بن مسروق أورده الذهبي في الضعفاء وقال: لينه الدارقطني
وسويد بن سعيد فإن كان هو الدقاق فقد قال علي بن عاصم منكر
الحديث وإن كان الذي خرج له مسلم فقد أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: قال أحمد: متروك وأبو حاتم: صدوق وفيه أيضا
أبو يحيى القتات
(6/179)
[ص:180] 8853 - (من عشق فكتم وعف ومات مات
شهيدا) قال ابن عربي: العشق التقاء الحب بالمحب حتى خالط
جميع أجزائه واشتمل عليه اشتمال الصماء
(خط) في ترجمة عثمان المروزي (عن ابن عباس) وفيه سويد بن
سعيد قال أحمد: متروك وقال ابن معين: لو كان لي فرس ورمح
لغزوته قال ابن الجوزي: ومدار الحديث عليه فهو لا يصح
لأجله ورواه الحاكم من عدة طرق كلها معلولة وهذا الطريق
أمثلها فقد قال ابن حجر: عن بعضهم إنه أقواها حتى يقال إن
أبا الوليد الباجي رحمه الله تعالى نظم فيه:
إذا مات المحب جوى وعشقا. . . فتلك شهادة يا صاح حقا
رواه لنا ثقات عن ثقات. . . عن الحبر ابن عباس يرقى
وقد غلط في هذا الطريق بعض الرواة فأدخل إسنادا في إسناد
اه. وقال ابن القيم: هذا الحديث والذي قبله كله منهما
موضوع ولا يجوز كونه من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم
وأطال لكن انتصر الزركشي لتقويته فقال: أنكره ابن معين
وغيره على سويد لكنه لم ينفرد به فقد رواه الزبير بن بكار
قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون عن عبد العزيز
بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وهو إسناد صحيح وقد ذكره
ابن حزم في معرض الاحتجاج وقال: رواته ثقات
(6/180)
8854 - (من عفا عند القدرة) على الانتصار
لنفسه والانتقام من ظالمه (عفا الله عنه يوم العسرة) أي
يوم الفزع الأكبر وفي هذه العدة عموم لا يقاس أمره في
العظيم {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} فالعفو لذلك
مندوب ندبا مؤكدا أصالة ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال
فيرجع ترك العفو مندوبا إليه وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة
البغي وقطع مادة الأذى كما مر
(طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه العلاء بن
كثير وهو ضعيف
(6/180)
8855 - (من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا
الجنة) <تنبيه> قال الراغب: لذة العفو أطيب من لذة التشفي
لأن لذة العفو يلحقها حمد العاقبة ولذة التشفي يلحقها ذم
الندم والعقوبة وآلام حالات ذوي القدرة وهي طرف من الجزع
(خط عن ابن عباس) وفيه أحمد بن إسحاق البغدادي قال الخطيب:
روى عنه أبو عوانة خبرا معللا من عفا إلخ فما أوهمه صنيع
المؤلف أن الخطيب خرجه وسلمه غبر جيد
(6/180)
8856 - (من عفا عن قاتله دخل الجنة) أي مع
السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب أو هو إعلام بوفاته
على الإسلام والأمن من سوء الخاتمة
(ابن منده) الحافظ المشهور (عن جابر) بن عبد الله
(الراسبي) قال صالح جزرة نزل البصرة قال الذهبي في
الصحابة: جاء في حديث مظلم عن أبي شداد عنه اه. وهنا أمران
الأول أن المصنف أطلق العزو لابن منده فاقتضى أنه خرجه
ساكتا عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله هذا حديث غريب إن
كان محفوظا اه. الثاني أنه تبعه على قول الراسبي وليس
بصواب فقد قال أبو نعيم قوله الراسبي وهم وإنما هو
الأنصاري اه. بنصه وأقره عليه الحافظ ابن حجر
(6/180)
8857 - (من علق) على نفسه أو غيره من طفل
أو دابة (تميمة) هي ما علق من القلائد لرفع العين (فقد
أشرك) أي فعل فعل أهل الشرك وهم يريدون به دفع المقادير
المكتوبة قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد
العين فقد ظن [ص:181] أنها ترد القدر واعتقاد ذلك شرك
(حم ك عن عقبة بن عامر) الجهني قال المنذري: رواه أحمد
وأبو يعلى بإسناد جيد قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات
(6/180)
8858 - (من علق ودعة) بفتح أو سكون على نحو
ولده (فلا ودع الله له) أي لا جعله في دعة وسكون وهو لفظ
بنى من الودعة أي لا خفف الله عنه ما يخافه كذا ذكره ابن
الأثير وهذا دعاء أو خبر وكذا يقال في قوله (ومن علق تميمة
فلا تمم الله له) قال في مسند الفردوس: الودعة شيء يخرج من
البحر شبه الصدف يتقون به العين والتميمة خرزات تعلق على
الأولاد للعين فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
<تنبيه> قال ابن حجر كغيره: محل ما ذكر في هذا الخبر وما
قبله تعليق ما ليس فيه قرآن ونحوه أما ما فيه ذكر الله فلا
نهي عنه فإنه إنما جعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وذكره وكذا
لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء والسرف
(حم ك عنه) ورواه أيضا الطبراني قال الهيثمي: رجالهم ثقات
(6/181)
8859 - (من علم أن الصلاة عليه حق واجب) في
رواية بدل واجب مكتوب (دخل الجنة) لأنه إذا تيقن حقيقتها
وأنها عليه لا يتركها وإذا واظبها كفرت ما بينها من
الصغائر فدخل الجنة مع السابقين الأولين ومن جحد حقيقتها
كفر فلا يدخل الجنة بل مأواه النار خالدا فيها
(حم ك) في الإيمان (عن عثمان) بن عفان قال الحاكم: صحيح
وأقره الذهبي في التلخيص ولكنه في المهذب قال: فيه عبد
الملك مجهول وقال الهيثمي: رجال أحمد موثقون
(6/181)
8860 - (من علم أن الله ربه وأني نبيه
موقنا من قلبه) زاد الطبراني وأومأ بيده إلى جسده (حرمه
الله على النار) أي نار الخلود
<فائدة> سئل الصديق: بم عرفت ربك قال: عرفت ربي بربي فقيل:
هل يمكن بشر أن يدركه فقال: العجز عن درك الإدراك إدراك
وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه: بم
عرفت ربك قال: بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس
بالناس قريب في بعده بعيد في قربه
(البزار) في مسنده وكذا الخطيب وأبو نعيم في الحلية (عن
عمران) بن الحصين رمز لحسنه. قال الهيثمي: فيه عمران
القصير وهو متروك وعبد الله بن أبي القلوص
(6/181)
8861 - (من علم) من أهل القرى الخارجة عن
بلد الجمعة (أن الليل يأويه إلى أهله) إذا سار إلى محل
إقامتها (فليشهد الجمعة) أي فليحضر صلاتها ليصليها أي
يلزمه ذلك ومذهب الشافعي أن العبرة بسماع النداء تمسكا
بخبر الجمعة على من سمع النداء
(هق عن أبي هريرة) عده ابن الجوزي من الأحاديث الواهية
وأعله بمعارك بن عباد وقال الذهبي في المهذب: هذا الحديث
ضعيف بمرة وفيه عبد الله بن سعيد متروك
(6/181)
8862 - (من علم الرمي) أي رمي النشاب (ثم
تركه فليس منا) أي من علم رمي السهم ثم تركه فليس من
المتخلقين بأخلاقنا والعاملين بسنتنا أو ليس متصلا بنا ولا
داخلا في زمرتنا وهذا أشد ممن لم يتعلمه لأنه لم يدخل في
زمرتهم وهذا دخل ثم خرج فكأنه استهزاء به وهو كفران لتلك
النعمة الخطيرة فيكره ذلك كراهة شديدة لما في التهديد من
التشديد وثم للتراخي في الرتبة يعني رتبة الترك متراخية عن
رتبة التعلم فلا يقدر عليها لا للتراخي في الزمن للحوق
الوعيد له وإن [ص:182] كان الترك عقب التعلم وهذا تشديد
عظيم في نسيانه بعد تعلمه
(م) في الجهاد من حديث عبد الرحمن المهدي (عن عقبة بن
عامر) قال عبد الرحمن: قال رجل لعقبة كيف تختلف بين هذين
الغرضين وأنت شيخ كبير يشق عليك فقال سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول فذكره ولم يخرجه البخاري
(6/181)
8863 - (من علم) بفتح اللام المشددة بضبط
المصنف (علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل)
لأن العامل إنما يتلقى كيف تصحيح عمله من العالم فله الأجر
على حسب الانتفاع بعلمه
(هـ عن معاذ بن أنس) وفيه سهل بن معاذ ضعفه كثيرون لكن
الترمذي حسن له واحتج به الحاكم وهذا الخبر مما انفرد به
ابن ماجه
(6/182)
8864 - (من علم) بالتشديد بضبطه (آية من
كتاب الله أو بابا من علم أنمى الله أجره إلى يوم القيامة)
وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي من علم آية من كتاب الله أو
سنة في دين الله هيأ له الله من الثواب يوم القيامة ما لا
يكون ثواب أفضل مما تهيأ له
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري
(6/182)
8865 - (من عمر) بفتح العين وبالتشديد
بضبطه (ميسرة المسجد كتب الله له كفلين من الأجر) أي
نصيبين منه قاله لما ذكر أن ميسرة المسجد قد تعطلت وأصل
هذا الحديث أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما رغب في
تفضيل ميامن الصفوف عطل الناس ميسرة المسجد فقيل له ذلك
فذكره فأعطى أهل الميسرة في هذه الحالة ضعف ما لأهل
الميمنة من الأجر وليس لهم كما قال المؤلف وغيره ذلك في كل
حال وإنما خص بذلك هذه الحالة لما صارت معطلة
(هـ عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف
وقال ابن حجر في الفتح: في إسناده مقال
(6/182)
8866 - (من عمر) بفتح العين وبالتشديد
بضبطه (جانب المسجد الأيسر) بالصلاة فيه (لقلة أهله فله
أجران) قال ابن حجر: هذا وما قبله إن ثبت لا يعارض الخبر
إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف لأن ما ورد لمعنى
عارض يزول بزواله
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه بقية وهو مدلس وقد
عنعنه لكنه ثقة وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من
الستة مع أن ابن ماجه خرجه من حديث ابن عمر باللفظ المزبور
(6/182)
8867 - (من عمر) بضم العين والتشديد (من
أمتي سبعين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) أي بلغ أقصى
العذر أو لم يبق له عذر في الرجوع إلى الله بطاعته لما
شاهد من العبر مع ما أرسل إليه من الإنذار
(ك) وكذا القضاعي (عن سهل بن سعد) الساعدي وقال الحاكم:
على شرط البخاري ولم يخرجاه قال الزيلعي: ووهم إذ هو في
البخاري بلفظ من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه في
العمر
(6/182)
8868 - (من عمل عملا) أي أحدث فعلا (ليس
عليه أمرنا) أي حكمنا وإذننا (فهو رد) أي مردود عليه فلا
يقبل منه وفيه دليل للقاعدة الأصولية أن مطلق النهي يقتضي
الفساد لأن المنهي عنه مخترع محدث وقد حكم عليه بالرد
المستلزم [ص:183] للفساد قال الشيخ ابن حجر الهيثمي: وزعم
أن القواعد الكلية لا تثبت بخبر الواحد باطل قال العلائي:
وفيه أيضا دليل على اعتبار ما المسلمون عليه من جهة الأمر
الشرعي أو العادة المستقرة فإن عموم قوله ليس عليه أمرنا
يشمله قال: وهذا الحديث أصل من أصول الشريعة
(حم م عن عائشة) وعلقه البخاري في صحيحه
(6/182)
8869 - (من عير أخاه بذنب لم يمت حتى
يعمله) قال مخرجه الترمذي: قال أحمد بن منيع قالوا من ذنب
قد تاب منه
(ت) في الزهد من حديث محمد بن الحسن بن أبي يزيد عن ثور عن
خالد بن معدان (عن معاذ) بن جبل وقال أعني الترمذي: حسن
غريب وليس إسناده بمتصل اه. وقال البغوي: هو منقطع لأن
خالد بن معدان لم يدرك معاذا ومحمد بن الحسن ابن أبي يزيد
قال أبو داود وغيره: كذاب ومن ثم أورده ابن الجوزي في
الموضوع ولم يتعقبه المؤلف في مختصره سوى بأن له شاهدا وهو
قول الحسن كانوا يقولون من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم
يمت حتى يبتليه الله به ومن العجب أن المؤلف لم يكتف
بإيراده حتى أنه رمز لحسنه أيضا
(6/183)
8870 - (من غدا إلى المسجد) في رواية خرج
وفي رواية يخرج (وراح) أي ذهب ورجع وأصل الغدو الرواح
بغدوة والرجوع بعشية استملال في كل ذهاب ورجوع توسعا (أعد
الله) أي هيأ (له نزلا) أي محلا ينزله والنزل بضمتين المحل
الذي يهيأ للنزول فيه وبضم فسكون ما يهيأ للقادم من نحو
ضيافة فعلى الأول من في قوله (من الجنة) للتبعيض وعلى
الثاني للتبيين وفي رواية بدل من في وهي محتملة لهما وفي
رواية للبخاري أو راح بأو فعلى الواو لا بد من الأمرين حتى
يعد له النزل وعلى أو يكفي أحدهما في الإعداد وكذا يقال في
قوله (كلما غدا وراح) أي بكل غدوة وروحة إلى المسجد قال
بعضهم: الغدو والرواح كالبكرة والعشي في قوله {ولهم رزقهم
فيها بكرة وعشيا} أراد بهما الديمومة لا الوقتين المعلومين
لأن المسجد بيت الله فمن دخله لعبادة أي وقت كان أعد الله
له أجره لأنه أكرم الأكرمين لا يضيع أجر المحسنين وفي قوله
كلما إيماء إلى أن الكلام فيمن تعود ذلك
(حم ق) في الصلاة (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم
وغيره
(6/183)
8871 - (من غدا) أي ذهب (إلى صلاة الصبح
غدا براية الإيمان ومن غدا إلى السوق غدا براية إبليس) قال
الطيبي: تمثيل لبيان حزب الله وحزب الشيطان فمن أصبح يغدو
إلى المسجد كأنه يرفع أعلام الإيمان ويظهر شرائع الإسلام
ويتحرى في توهين أمر المخالفين وفيه ورد الحديث المار
فذلكم الرباط ومن أصبح يغدو إلى السوق فهو من حزب الشيطان
يرفع أعلامه ويشد من شوكته وينصر حزبه ويتوخى توهين دينه
وفي قوله يغدو إشارة إلى أن التبكير إلى السوق محظور وأن
من تأخر وراح بعد أداء وظائفه لطلب الحلال وما يقيم صلبه
ويتعفف به عن السؤال كان من حزب الله وهذا إعلام بإدامته
في الأسواق وجميع أعوانه وإذا كانت موطنه فينبغي أن لا
يدخلها الرجل إلا بقدر الضرورة كبيت الخلاء فحق من ابتلى
بدخولها أن يخطر بباله أنه بمحل الشيطان وحزبه
(هـ عن سلمان) الفارسي وفيه عنبس ابن ميمون قال في الكاشف:
ضعفه ابن معين وغيره
(6/183)
8872 - (من غدا أو راح) قال الزركشي: أصل
غدا خرج بغدو أي مبتكرا أو راح رجع بالعشي ثم قد يستعملان
في الخروج [ص:184] مطلقا توسعا وهذا الحديث وما قبله يصلح
أن يحمل على الأصل وعلى التوسع (وهو في تعليم دينه فهو في
الجنة) أي إن قصد به وجه الله وعمل بعلمه وإحياء الشريعة
وتنوير قلبه وتطهيره من كل غش ودنس وحقد وغل ليصلح بذلك
لقبول العلم والإطلاع على دقائقه وحقائق غوامضه فإن العلم
كما قيل صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن وكما لا تصح
الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر
عن الحدث والخبث فلا يحصل العلم الذي هو عبادة القلب إلا
بطهارته عن خبث الصفات ومساوئ الأخلاق والحاصل أن العلم إن
خلصت فيه النية زكا ونما وأدخل صاحبه الجنة وإن قصد به غير
الله حبط وضاع واستحق صاحبه النار
(حل عن أبي سعيد) الخدري وقال: غريب من حديث مسعر عن عطية
اه وفيه الفضل بن الحكم وفيه كلام
(6/183)
8873 - (من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا
خلق من خلق الله إلا كان له صدقة) أي يثاب عليه ثواب
الصدقة وإن لم يكن باختياره ولم يعلم به وهذا الحديث كما
ترى مدح لعمارة الأرض ويوافقه قوله تعالى {واستعمركم فيها}
وقوله {أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين
من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر
مما عمروها} وورد في أخبار وآيات أخر ذم عمارتها كخبر:
الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها وفي الحقيقة لا تعارض
ولا تخالف فإن ما جاء في ذم الدنيا وعمارتها فباعتبار من
رضيها حقا لنفسه وجعلها قاضية مراده كما قال تعالى {ورضوا
بالحياة الدنيا واطمأنوا بها} وما جاء في مدحها فباعتبار
تناولها واتفاق ما يحصل من الغلات على ما يحمد ولذلك قال
علي كرم الله وجهه: الدنيا دار تجارة لمن فهم عنها ودار
غنى لمن تزود منها
(حم) وكذا الطبراني في الكبير من هذا الوجه (عن أبي
الدرداء) رمز المصنف لحسنه وسببه أن رجلا مر بأبي الدرداء
وهو يغرس غرسا بدمشق فقال له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا تعجل علي سمعته يقول
فذكره قال الهيثمي: رجاله موثقون وفيهم كلام لا يضر
(6/184)
8874 - (من غزا في سبيل الله) أي للجهاد
(ولم ينو) وفي رواية وهو لا يريد (إلا عقالا) هو ما يربط
به ركبة البعير (فله ما نوى) قال الطيبي: العقال حبل يشد
به ركبة البعير وهو مبالغة في قطع النظر عن الغنيمة بل
يكون غزوه خالصا لله غير مشوب بغرض دنيوي فإنه ليس للإنسان
إلا ما نوى اه. وقال الزمخشري: أراد الشيء التافه الحقير
فضرب مثلا له
(حم ن ك عن عبادة) بن الصامت
(6/184)
8875 - (من غسل ميتا فليغتسل) قال أحمد:
هذا منسوح وكذا جزم أبو داود وفي خبر الحبر: ليس عليكم في
غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه أو يجمع بحمل الأمر على الندب
أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما يصرح به خبر عند الخطيب
وغيره. قال ابن حجر: وهذا أحسن ما جمع به بين مختلف هذه
الأحاديث
(حم عن المغيرة) بن شعبة وخرجه الترمذي في العلل ثم ذكر
أنه سأل عنه البخاري فقال لا يصح في هذا الباب شيء قال ابن
الجوزي: طرقه كلها لا تصح وقال الهيثمي: في سنده من لم يسم
اه لكن رمز المصنف لحسنه أخذا من قول الحافظ ابن حجر طرقه
كثيرة وفيه خلاف طويل وأسوأ أحواله أن يكون حسنا فإنكار
النووي على الترمذي تحسينه معترض وقال الذهبي: طرقه أقوى
من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء اه وذكر الماوردي أن بعض
المحدثين خرج له مئة وعشرين طريقا
(6/184)
[ص:185] 8876 - (من غسل الميت فليغتسل) قال
الخطابي: إنما أمر به لإصابة الغسل من رشاش المغسول وربما
كان ببدن الميت نجاسة وهو لا يعلم (ومن حمله) قال البغوي:
أي مسه (فليتوضأ) قال الخطابي: لم ار أحدا قال بوجوب
الوضوء من حمله وقيل معناه ليكن حامله على وضوء ليتأهب
للصلاة عليه حين وصوله المصلى خوف الفوت
(د هـ حب عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن وضعفه الجمهور
وقال ابن حجر: ذكر له البيهقي طرقا وضعفها ثم صحح وقفه
وقال البخاري: الأشبه موقوف وقال ابن الجوزي: فيه محمد بن
عمرو قال يحيى: ما زال الناس يتوقون حديثه
(6/185)
8877 - (من غسل ميتا فستره ستره الله من
الذنوب) يحتمل أن المراد ستر عورته ويحتمل أن المراد ستر
ما يبدو له من علامة ردية كظلمة ويحتمل الأمرين وهو أظهر
(ومن كفنه كساه الله من السندس) قال النووي: فيه أنه يسن
إذا رأى الغاسل ما يعجبه أن يذكره وإذا رأى ما يكره لا
يحدث به قال: وهكذا أطلقه أصحابنا لكن قال صاحب البيان: لو
كان الميت مبتدعا معلنا ببدعته فينبغي ذكر ما يكره منه
زجرا للناس عن البدعة
(طب عن أبي أمامة) وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه أبو
عبد الله الشامي لم أجد من ترجمه اه. وأورده ابن الجوزي في
الموضوعات فلم يصب فقد رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي
في المعرفة بزيادة ولفظه من غسل ميتا فكتم عليه غفر له
أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والإستبرق ومن
حفر له قبرا فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث
(6/185)
8878 - (من غسل ميتا فليبدأ) في تغسيله
(بعصره) يعني يمر يده على بطنه ليخرج ما فيه من أذى ثلاثا
ويتعهد مسح بطنه في كل مرة من الثلاث أرفق مما قبلها وهذا
مندوب لا واجب
(هق عن ابن سيرين مرسلا) ظاهره أن البيهقي لم يذكر له علة
سوى الإرسال والأمر بخلافه بل قال مرسلا وراويه ضعيف اه.
واستدرك عليه الذهبي في المهذب فقال: قلت فيه جماعة ضعفاء
(6/185)
8879 - (من غش) أي خان والغش ستر حال الشيء
(فليس منا) أي من متابعينا. قال الطيبي: لم يرد به نفيه عن
الإسلام بل نفي خلقه عن أخلاق المسلمين أي ليس هو على
سنتنا أو طريقتنا في مناصحة الإخوان كما يقول الإنسان
لصاحبه أنا منك يريد الموافقة والمتابعة قال تعالى عن
إبراهيم {فمن تبعني فإنه مني} وهذا قاله لما مر على صبرة
طعام فأدخل يده فيها فابتلت أصابعه فقال: ما هذا؟ قال:
أصابته السماء قال: أفلا صببته فوق الطعام ليراه الناس؟ ثم
ذكره
(ت عن أبي هريرة) ظاهر عدوله للترمذي واقتصاره عليه أنه لم
يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم فقد خرجه مسلم في
الصحيح بلفظ من غشنا فليس منا بل عزاه المصنف نفسه إلى
الشيخين معا في الأزهار المتناثرة وذكر أنه متواتر
(6/185)
8880 - (من غش العرب لم يدخل في شفاعتي) أي
يوم القيامة (ولم تنله مودتي) في ذلك الموقف الأعظم. قال
الحكيم: غشهم أن يصدهم عن الهدى أو يحملهم على ما يبعدهم
عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فقد قطع الرحم
بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فبسبب ذلك يحرم مودته
وشفاعته ومن غشهم حسدهم على ما آتاهم الله من فضله ووضع
رفعتهم وتحقير شأنهم وقال ابن تيمية: هذا كخبر يا سلمان لا
تبغضني فتفارق دينك قال: كيف أبغضك وبك هداني الله [ص:186]
قال: تبغض العرب فتبغضني اه فهذا قريب من معناه فإن الغش
للنوع لا يكون مع محبتهم بل لا يكون إلا مع استخفاف أو نقص
(حم ت) في المناقب عن حفص بن عمر الأحمسي عن مخارق عن طارق
(عن عثمان) وقال: غريب اه وحفص الأحمسي قال الذهبي: ضعفوه
وقال ابن تيمية: ليس عند أهل الحديث بذاك والرواية المنكرة
ظاهرة عليها وقد أنكر أكثر الحفاظ أحاديث حفص وقال البخاري
وأبو زرعة: هو منكر الحديث
(6/185)
8881 - (من غشنا فليس منا) أي ليس على
منهاجنا لأن وصف المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته
الزهد في الدنيا والرغبة فيها وعدم الشره والطمع الباعثين
علي الغش (والمكر والخداع في النار) أي صاحبهما يستحق
دخولها لأن الداعي إلى ذلك الحرص في الدنيا والشح عليها
والرغبة فيها وذلك يجر إليها وأخذ الذهبي من الوعيد على
ذلك أن الثلاثة من الكبائر فعدها منها
(طب حل عن ابن مسعود) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في
الكبير وللصغير معا: رجاله ثقات وفي عاصم بن بهدلة كلام
لسوء حفظه
(6/186)
8882 - (من غل بعيرا أو شاة أتى به يحمله
يوم القيامة) قال المظهر: معناه من سرق شيئا في الدنيا من
زكاة أو غيرها يجيء به يوم القيامة وهو حامله وإن كان
حيوانا له صوت رفيع ليعلم أهل الموقف حاله فتكون فضيحته
أشهر وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يشدد في الغلول
كثيرا وأمر الخليفتان الراشدان بعده بتحريق متاع الغال
فقيل هو منسوخ بالأخبار التي لم يذر التحريق فيها وقال ابن
القيم: الصواب أنه من باب التعزير والعقوبة المالية
الراجعة إلى اجتهاد الإمام بحسب المصلحة
(حم والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن أنيس) بالتصغير
(6/186)
8883 - (من غلب على ماء) مباح أي سبق إليه
(فهو أحق به) من غيره حتى تنتهي حاجته وليس لأحد إزعاجه
قبل انقضاء حاجته
(طب والضياء عن سمرة) بن جندب
(6/186)
8884 - (من فاته الغزو معي فليغز في البحر)
زاد في رواية فإن غزوة في البحر أفضل من غزوتين في البر
وفي رواية من عشر غزوات وبه استدل من فضل غزو البحر على
البر وعكس آخرون وعليه ابن عبد البر كما مر
(طس عن واثلة) ابن الأسقع قال الهيثمي: فيه عمرو بن الحصين
وهو ضعيف
(6/186)
8885 - (من فدى أسيرا من أيدي العدو) أي
الكفار (فأنا ذلك الأسير) أي فكأني أنا المأسور فرضا وقد
فداني فله من الأجر في فدائه مثل ماله في فدائي وهذا خرج
مخرج الترغيب الشديد والحث الأكيد على فكاك الأسرى وبذلك
الجهد في ذلك وأن فيه من الثواب ما لا يحيط بقدره ووصفه
إلا الوهاب
(طص عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أيوب بن أبي حجر قال
أبو حاتم: أحاديثه صحاح وضعفه الأزدي وبقية رجاله ثقات
(6/186)
8886 - (من فر من ميراث وارثه) بأن فعل ما
فوت بإرثه عليه في مرض موته (قطع الله ميراثه من الجنة يوم
القيامة) أفاد أن حرمان الوارث حرام بل قضية هذا الوعيد
أنه كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره من حديث سويد بن سعيد عن
عبد الرحيم بن يزيد العمي عن أبيه
(عن أنس) بن مالك وهؤلاء الثلاثة ضعفاء ومن ثم قال
الشيباني حديث ضعيف [ص:187] جدا انفرد به ابن ماجه وقال
الذهبي في الكبائر: في سنده مقال وقال المنذري: ضعيف
(6/186)
8887 - (من فرق بين والدة وولدها) بما يزيل
الملك (فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) فالتفريق
بين الأمة وولدها بنحو البيع أو الهبة حرام شديد التحريم
عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك بشرط كونه قبل التمييز عند
الشافعي وقبل البلوغ عند أبي حنيفة وكذا مالك في رواية ابن
غانم عنه وفي رواية عنه قبل أن يثغر وسواء رضيت الأم أم لا
عند الشافعي وقال مالك: يجوز برضاها وذهب بعض الأئمة إلى
منع التفريق بينهما مطلقا وقال كما قال ابن العربي: إنه
ظاهر الحديث لأنه لم يفرق بين الوالدة وولدها بلفظ بين
وفرق في جوابه حيث كرر بين في الثاني ليدل على عظم هذا
الأمر وأنه لا يجوز التفريق بينهما في اللفظ بالبيع فكيف
التفريق بين ذواتيهما؟ ذكره جمع. قال الطيبي: وفي درة
الغواص من أوهام الخواص أن يدخلوا بين المظهرين وهو وهم
وإنما أعادوها بين مظهر ومضمر لأن المضمر المتصل كجزء
الكلمة فلا يعطف عليه بخلاف المظهر لاستقلاله
(حم ت ك) في البيع (عن أبي أيوب) خالد بن يزيد الأنصاري
قال الترمذي: حسن غريب قال ابن القطان: ولم يصححه لأنه من
رواية ابن وهب عن حي بن عبد الله وحي نظر فيه البخاري وقال
أحمد: أحاديثه مناكير وقال ابن معين: لا بأس به فلا اختلاف
فيه ولم يصححه اه وظاهر تقريره له على تحسينه لكن علم
الحفاظ ابن حجر جزم بضعفه وتبعه السخاوي ورد تصحيح الحاكم
له بأنه منتقد
(6/187)
8888 - (من فرق) بين والدة وولدها (فليس
منا) أي ليس من العاملين بشرعنا المتبعين لأمرنا
(طب عن معقل بن يسار) قال الهيثمي: وفيه نصر بن طريف وهو
كذاب
(6/187)
8889 - (من فطر صائما) بعشائه وكذا بتمر
فإن لم يتيسر فبماء (كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من
أجر الصائم شيئا) فقد حاز الغني الشاكر أجر صيامه هو أو
مثل أجر الفقير الذي فطره ففيه دلالة على تفضيل غني شاكر
على فقير صابر ووقع في رواية البيهقي من فطر صائما أي فله
مثل أجر من عمل الصوم لا مثل أجر من عمل تفطير الصائم
ويجوز كون من بمعنى ما والأصل كان له أجر ما عمله وهو
الصوم
(حم ت هـ حب عن زيد بن خالد) الجهني قال في اللسان: عن
العقيلي ليس يروى هذا من وجه يثبت
(6/187)
8890 - (من فطر صائما) هو عام في القادر
على الفطر وغيره وكذا يقال في قوله (أو جهز غازيا فله مثل
أجره) قال الطيبي: نظم الصائم في سلك الغازي لانخراطهما في
معنى المجاهدة مع أعداء الله وقدم الصائم لأن الصوم من
الجهاد الأكبر جهاد النفس بكفها عن شهواتها
(هق عنه) أي عن زيد بن خالد وقضيته أنه لم يخرج في أحد
الستة والأمر بخلافه فقد رواه النسائي في الصوم بجملته
والترمذي وابن ماجه مقطعا في الصوم وفي الجهاد
(6/187)
8891 - (من قاتل لتكون كلمة الله) أي كلمة
توحيده وهي الدعوة إلى الإسلام (هي العليا) بضم العين
تأنيث أعلى (فهو) [ص:188] أي المقاتل (في سبيل الله) قدم
هو ليفيد الاختصاص فيفهم أن من قاتل للدنيا أو للغنيمة أو
لإظهار نحو شجاعة أو ذب عن نفس أو مال فليس في سبيل الله
ولا ثواب له نعم من قاتل للجنة ولم يخطر بباله إعلاء كلمة
الله فهو كالمقاتل للإعلاء إذ مرجعهما وهو رضا الله واحد
كذا قيل وهل يشترط مقاربة قصد الإعلاء للقتال أو يكفي عند
التوجيه؟ رجح البعض الثاني لكن أقول يشترط أن لا يأتي
بمناف بينهما كما هو ظاهر
(حم ق 4 عن أبي موسى) الأشعري عبد الله ابن قيس قال: سئل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل
رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فذكره
(6/187)
8892 - (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة)
بالضم والفتح ما بين الحلبتين (حرم الله على وجهه النار)
أي نار الخلود في الجحيم وإن مسه عذابها الأليم لذنب ما
قال أبو البقاء: في نصب فواق وجهان أحدهما أن يكون ظرفا
تقديره وقت فواق أو وقتا مقدرا بذلك والثاني أن يكون جاريا
مجرى المصدر أي قتالا بقدر الفواق
(حم عن) أبي نجيح (عمرو بن عنبسة) السلمي رمز لحسنه قال
الهيثمي: فيه عبد العزيز بن عبيد الله وهو ضعيف
(6/188)
8893 - (من قاد أعمى أربعين خطوة وجبت له
الجنة) أي دخولها وإن كان منه قبل ذلك ما كان لكن من البين
أن الكلام فيما إذا قاده لغير معصية بل لو قيل باشتراط قصد
الامتثال لم يبعد
(ع طب) عن ابن عمر قال الهيثمي: وفيه عندهما علي بن عروة
وهو كذاب (عد) بعدة أسانيد فيه عدة ضعفاء منها عن علي بن
إسماعيل بن أبي النجم عن عامر بن يسار عن محمد بن عبد
الملك الأنصاري وهو متروك عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر
ومنها عن إسماعيل بن محمد عن سليمان بن عبد الرحمن القشيري
عن ثور عن ابن المنكدر عن ابن عمر (حل هب) عن طريق ابن عدي
المذكورين (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال البيهقي: إسناده
ضعيف وقال ابن الجوزي: له عنه طرق فيها كذابون فهو موضوع
(عد) عن عبد الله بن محمد المكي عن عبد الله بن أبان
الثقفي عن الثوري عن عمرو بن دينار (عن ابن عباس) ثم قال
مخرجه ابن عدي: عبد الله بن أبان حدث عن الثقات بالمناكير
وهو مجهول اه. واقتطاع المؤلف ذلك من كلامه غير صواب (و)
من حديث ميمون بن سلمة عن المسيب بن واضح عن أبي البحتري
عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر (عن جابر) بن عبد
الله (هب عن أنس) من طريقين في أحدهما المعلى بن هلال وفي
الآخر أبو داود النخعي وبقية بن أسلم الثلاثة كذابون وتابع
أبا داود يوسف بن عطية وهو ضعيف اه. وتعقبه المصنف فلم يأت
بطائل
(6/188)
8894 - (من قاد أعمى) مسلما ويحتمل أن
الذمي كذلك (أربعين خطوة) لفظ رواية الخطيب أربعين ذراعا
(غفر الله له ما تقدم من ذنبه) الظاهر أن المراد الصغائر
على ما مر
(خط) في ترجمة البحتري (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عبد
الباقي ابن قانع أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال
الدارقطني: يخطئ كثيرا والمعلى بن مهدي قال أبو حاتم: يأتي
أحيانا بالمنكر
(6/188)
8895 - (من قال لا إله إلا الله) أي مخلصا
(نفعته) وفي رواية أبي نعيم أنجته (يوما من دهره) إن قرنها
بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الغزالي: ذكر
في بعض الروايات الصدق والإخلاص فقال مرة من قال لا إله
إلا الله مخلصا ومعنى الإخلاص مساعدة الحال للمقال (يصيبه)
وفي رواية أبي نعيم أصابه (قبل ذلك ما أصابه) لأنه إذا
أخلص [ص:189] عند قول تلك الكلمة أفاض الله على قلبه نورا
أحياه به فبذلك النور طهر جسده فنفعته عند فصل القضاء
وأهلته لجوار الجبار في دار القرار لكن ليس الغرض أنه يلفظ
بهذا الكلام فحسب بل أنه عقد ضميره على التوحيد وجعل دين
الإسلام مذهبه ومعتمده كما تقول قول الشافعي تريد مذهبه
أشار إلى ذلك الزمخشري
<فائدة> قال ابن عربي: أوصيك أن تحافظ على أن تشتري نفسك
من الله بعتق رقبتك من النار بأن تقول لا إله إلا الله
سبعين ألف مرة فإن الله يعتق رقبتك أو رقبة من تقولها عنه
بها ورد به خبر نبوي وأخبرني أبو العباس القسطلاني بمصر أن
العارف أبا الربيع المالقي كان على مائدة وقد ذكر هذا
الذكر عليها صبي صغير من أهل الكشف فلما مد يده للطعام بكى
فقيل: ما شأنك قال: هذه جهنم أراها وأمي فيها فقال المالقي
في نفسه: اللهم إني قد جعلت هذه التهليلة عتق أمه من النار
فضحك الصبي وقال: الحمد لله الذي خرجت أمي منها وما أدري
سبب خروجها قال المالقي: فظهر لي صحة الحديث قال ابن عربي:
وقد عملت أنا على ذلك ورأيت بركته
(البزار) في مسنده (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) ورواه عنه
أيضا الطبراني في معاجيمه باللفظ المزبور ولكنه قال بدل
يصيبه إلخ بعد ما يصيبه العذاب قال الطبراني: لم يروه عن
موسى الصغير إلا حفص تفرد به الحسين بن علي
(6/188)
8896 - (من قال لا إله إلا الله مخلصا) زاد
في رواية من قلبه (دخل الجنة) قال الطيبي: قوله مخلصا وفي
رواية بدله صدقا أقيم مقام الاستقامة لأن ذلك يعبر به قولا
عن مطابقة القول المخبر عنه ويعبر به فعلا عن تحري الأخلاق
المرضية كقوله تعالى {والذي جاء بالصدق وصدق به} أي حقق ما
أورده قولا بما نحراه فعلا وبهذا التقرير يندفع ما أوهمه
ظاهر الأخبار من منع دخول كل من نطق بالشهادتين النار وإن
كان من الفجار وقال الغزالي: معنى الإخلاص أن يخلص قلبه
لله فلا يبقى فيه شركة لغيره فيكون الله محبوب قلبه ومعبود
قلبه ومقصود قلبه ومن هذا حاله فالدنيا سجنه لمنعها له عن
مشاهدة محبوبه وموته خلاص من السجن وقدوم على المحبوب قال
الفخر الرازي: اشترط القول والإخلاص لأن أحكام الإيمان
بعضها يتعلق بالباطن وبعضها بالظاهر فمما يتعلق بالباطن
أحكام الآخرة وذا متفرع على الإخلاص الذي هو باطن عن الخلق
ومما يتعلق بالظاهر أحكام الدنيا وذا لا يعرف إلا بالقول
فصار الإخلاص ركنا أصليا في حق الله والقول ركنا شرعيا في
حق الخلق وقال الدقاق: معناه من قالها مخلصا في قالته دخل
الجنة في حالته وهي جنة المعرفة {ولمن خاف مقام ربه جنتان}
<فائدة> جلس الحسن البصري في جنازة النوار امرأة الفرزدق
وقد اعتم بعمامة سوداء وأسدلها بين كتفيه والناس بين يديه
ينظرون إليه فوقف عليه الفرزدق وقال: يا أبا سعيد يزعم
الناس أنه اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم قال: من
ومن قال: أنت وأنا قال: ما أنا بخيرهم ولا أنت بشرهم لكن
ما أعددت لهذا اليوم قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ
سبعين سنة قال: نعم والله العدة
(البزار) في مسنده (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي:
رجاله ثقات لكن من روى عنه البزار لم أقف له على ترجمة اه
وقد تناقض في هذا الحديث الحافظ العراقي فمرة حسنه وأخرى
ضعفه
(6/189)
8897 - (من قال سبحان الله) أي أنزهه عن
النقائص (العظيم وبحمده) في محل الحال أي نسبحه حامدين له
(غرست له بها نخلة في الجنة) أي غرست له بكل مرة نخلة فيها
وخص النخل لكثرة منافعه وطيب ثمره قال في المطامح: أسرار
الأذكار وترتيبها في التجليات والواردات لا يعرفه إلا أهل
السلوك والمنازلات والكلام فيه بغير ذوق كلام من وراء حجاب
قال العراقي: وغرس وغرز كلاهما بمعنى وضع على جهة الثبوت
(ت حب ك عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا النسائي وابن
السني في يوم وليلة وحسنه واستغربه الترمذي وقال الحاكم:
صحيح على شرط مسلم
(6/189)
[ص:190] 8898 - (من قال سبحان الله وبحمده
في يوم) واحد (مئة مرة) ولو متفرقة وفي أثناء النهار لكن
متوالية وفي أوله وأول الليل أفضل ذكره النووي (حطت
خطاياه) أي غفرت ذنوبه (وإن كانت مثل زبد البحر) كناية عن
المبالغة في الكثرة وهذا وأمثاله نحو ما طلعت عليه الشمس
كناية عبر بها عن الكثرة عرفا قال ابن بطال: والفضائل
الواردة في التسبيح والتحميد ونحو ذلك إنما هي لأهل الشرف
في الدين والكمال كالطهارة من الحرام وغير ذلك فلا يظن ظان
أن من أد من الذكر وأصر على ما شاء من شهواته وانتهك دين
الله وحرماته أن يلتحق بالمطهرين المقدسين ويبلغ منازل
الكاملين بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح
قال عياض: وظاهر قوله مثل زبد مع قوله في حديث التهليل
محيت عنه خطايا مئة سنة أن التسبيح أفضل لكون عدد الزبد
أضعاف المئة لكن قوله في التهليل ولم يأت أحد بأفضل مما
جاء به يقتضي أنه أفضل
(حم ق ت هـ عن أبي هريرة)
(6/190)
8899 - (من قال في القرآن بغير علم) أي من
قال فيه قولا يعلم أن الحق غيره أو من قال في مشكلة بما لا
يعرف من مذهب الصحب والتابعين (فليتبوأ مقعده من النار) أي
فليتخذ لنفسه نزلا فيها حيث نصب نفسه صاحب وحي يقوله ما
شاء قال ابن الأثير: النهي يحتمل وجهين أحدهما أن يكون له
في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتناول القرآن على
وفقه محتجا به لغرضه ولو لم يكن له هوى لم يلح له منه ذلك
المعنى وهذا يكون تارة مع العلم كمن يحتج منه بآية على
تصحيح بدعته عالما بأنه غير مراد بالآية وتارة يكون مع
الجهل بأن تكون الآية محتملة فيميل فهمه إلى ما يوافق غرضه
ويرجحه برأيه وهواه فيكون فسر برأيه إذ لولاه لم يترجح
عنده ذلك الاحتمال وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا
من القرآن فيستدل به بما يعلم أنه لم يرد به كمن يدعو إلى
مجاهدة القلب القاسي بقوله {اذهب إلى فرعون إنه طغى} ويشير
إلى قلبه ويومئ إلى أنه المراد بفرعون وهذا يستعمله بعض
الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسينا للكلام وترغيبا للسامع
وهو ممنوع الثاني أن يتسارع إلى تفسيره بظاهر العربية بغير
استظهار بالسماع والنقل يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من
الألفاظ المبهمة والمبدلة والاختصار والحذف والإضمار
والتقديم والتأخير فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى
استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة
من فسر القرآن بغير علم فالنقل والسماع لا بد منهما أولا
ثم هذه تستتبع التفهم والاستنباط ولا مطمع في الوصول إلى
الباطن قبل إحكام الظاهر إلى هنا كلامه
(ت) في التفسير (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا أبو داود في
العلم والنسائي في الفضائل خلافا لما أوهمه صنيع المصنف من
تفرد الترمذي به عن الستة ثم إن فيه من جميع جهاته عبد
الأعلى بن عامر الكوفي قال أحمد وغيره: ضعيف وردوا تصحيح
الترمذي له
(6/190)
8900 - (من قال في القرآن) وفي رواية
للترمذي وغيره من قال في كتاب الله وفي رواية من تكلم في
القرآن (برأيه) أي بما سنح في ذهنه وخطر بباله من غير
دراية بالأصول ولا خبرة بالمنقول (فأصاب) أي فوافق هواه
الصواب دون نظر كلام العلماء ومراجعة القوانين العلمية ومن
غير أن يكون له وقوف على لغة العرب ووجوه استعمالها من
حقيقة ومجاز ومجمل ومفصل وعام وخاص وعلم بأسباب نزول
الآيات والناسخ والمنسوخ منها وتعرف لأقوال الأئمة
وتأويلاتهم (فقد أخطأ) في حكمه على القرآن بما لم يعرف
أصله وشهادته على الله تعالى بأن ذلك هو مراده أما من قال
فيه بالدليل وتكلم فيه على وجه التأويل فغير داخل في هذا
الخبر ولما لم يتفطن بعض الناس لإدراك هذا [ص:191] المعنى
طعن في صحة الخبر وحاول إنكاره بغير دليل
(3 عن جندب) بن عبد الله البجلي رمز المؤلف لحسنه ولعله
لاعتضاده وإلا ففيه سهل بن عبد الله بن أبي حزم تكلم فيه
أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم وقال الترمذي: تكلم فيه
بعضهم
(6/190)
8901 - (من قام رمضان) أي قام بالطاعة في
رمضان أتى بقيام رمضان وهو التراويح أو قام إلى صلاة رمضان
أو إلى إحياء لياليه بالعبادة غير ليلة القدر تقديرا ويحصل
بنحو تلاوة أو صلاة أو ذكرا أو علم شرعي وكذا كل أخروي
ويكفي بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة
(إيمانا) تصديقا بوعد الله بالثواب عليه (واحتسابا) إخلاصا
ونصبهما على الحال أو المفعول له وجمع بينهما لأن المصدق
للشيء قد لا يفعله مخلصا بل لنحو رياء والمخلص في الفعل قد
لا يكون مصدقا بثوابه فلا ملجىء لجعل الثاني تأكيدا للأول
(غفر له ما تقدم من ذنبه) الذي هو حق لله تعالى والمراد
الصغائر قال الزركشي: كل ما ورد من إطلاق غفران الذنوب
كلها على فعل بعض الطاعات من غير توبة كهذا الحديث وحديث
الوضوء يكفر الذنوب وحديث من صلى ركعتين لا يحدث فيهما
نفسه غفر الله له فحملوه على الصغائر فإن الكبائر لا
يكفرها غير التوبة ونازع في ذلك صاحب الذخائر وقال: فضل
الله أوسع وكذا ابن المنذر في الأشراف فقال: في حديث من
قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من
ذنبه قال: يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها وحكاه ابن
عبد البر عن بعض معاصريه قيل: وأراد به أبا محمد الأصيلي
المحدث أن الكبائر والصغائر يكفرها الطهارة والصلاة لظاهر
الأحاديث قال: وهو جهل بين وموافقة للمرجئة في قولهم ولو
كان كما زعموا لم يكن للأمر بالتوبة معنى وقد أجمع
المسلمون أنها فرض والفروض لا تصح إلا بقصد ولقول المصطفى
صلى الله عليه وسلم كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر
وفيه جواز قوله رمضان بغير إضافة شهر قال أصحابنا ويكره
قيام الليل كله أي إدامته لا ليلة أو ليالي بدليل ندبهم
إحياء ليلتي العيد وغيرهما
(ق 4) في الصوم (عن أبي هريرة)
(6/191)
8902 - (من قام ليلة القدر) أي أحياها
مجردة عن قيام رمضان (إيمانا واحتسابا) إخلاصا من غير شوب
نحو رياء طلبا للقبول. هبه شعر بها أم لا هذا مصدر في موضع
الحال أي مؤمنا أو محتسبا أو مفعول من أجله قال أبو
البقاء: ونظيره في جواز الوجهين {اعملوا آل داود شكرا}
(غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي رواية وما تأخر قال الحافظ
ابن رجب: ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر
بخلاف صيام رمضان وقيامه وقد يقال يغفر لهم عند استكمال
القيام في آخر ليلة منه قبل تمام نهارها وتتأخر المغفرة
بالصوم إلى إكمال النهار بالصوم
(خ 3 عنه) أي عن أبي هريرة
(6/191)
8903 - (من قام ليلتي العيد) الفطر والأضحى
أي أحياهما (محتسبا) لله (لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) أي
لا يشغف بحب الدنيا لأنه موت أو يأمن من سوء الخاتمة {أومن
كان ميتا فأحييناه} أي كافرا فهديناه ويحصل ذا بمعظم الليل
وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة على ما مر
(هـ عن أبي أمامة) الباهلي
(6/191)
8904 - (من قام في الصلاة فالتفت رد الله
عليه صلاته) أي لم يقبلها بمعنى أنه لا يثيبه عليها وأما
الفرض فيسقط عنه ولا يلزمه قضاؤه فإن الالتفات بالوجه في
الصلاة لا يبطلها بل هو مكروه تنزيها فإن التفت بصدره بطلت
حقيقة
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه يوسف بن عطية وهو
ضعيف
(6/191)
[ص:192] 8905 - (من قام مقام رياء وسمعة
فإنه في مقت الله حتى يجلس) يعني حتى يترك ذلك ويتوب وفي
رواية أحمد من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به وسمع قال
المنذري: وإسناده جيد
(طب عن عبد الله الخزاعي) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه يزيد
بن عياض وهو متروك
(6/192)
8906 - (من قبل بين عيني أمه) إكراما لها
وشفقة وتعظيما واستعطافا (كان له ذلك) أي ثوابه (سترا من
النار) أي حائلا بينه وبينها مانعا له من دخوله إياها ثم
الذي وقفت عليه في أصول صحيحة بخط الحفاظ بزيادة ما بعد
قبل وهل مثل الأم أمهاتها والأب وآباه وفيه احتمال
(عد هب) كلاهما من حديث عقيل بن خويلد عن خلف بن يحيى
القاضي عن أبي مقاتل عن عبد العزيز بن أبي رواد عبد الله
بن طاوس عن أبيه (عن ابن عباس) قضية صنيع المصنف أن مخرجه
سكتا عليه وليس كذلك بل تعقبه ابن عدي بقوله منكر إسنادا
ومتنا وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته وقال البيهقي:
إسناده غير قوي اه وقال ابن الجوزي: موضوع فيه أبو مقاتل
لا تحل الرواية عنه اه وفي الميزان حفص بن سليم أبو مقاتل
السمرقندي وهاه ابن قتيبة شديدا وكذبه ابن مهدي وقال
السليماني: يضع الحديث ثم ساق له هذا الخبر قال في اللسان:
عن الحاكم والنقاش حدث بأحاديث موضوعة وكذبه وكيع اه. ومن
ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئا
(6/192)
8907 - (من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا)
بالله (قد حل دمه) لأنها شاركت إبليس في ضرر آدم وبنيه
وعداوتهم وتظاهرت معه فكانت سببا لإهباطه إلى الأرض
فالعداوة بين بنيها وبينهم متأصلة متأكدة لا تبقى في ضررهم
غاية فليس لها حرمة ولا ذمة
(حم) من حديث أبي الأحوص (عن ابن مسعود) قال أبو الأحوص:
بينا ابن مسعود يخطب فإذا بحية تمشي على الجدار فقطع خطبته
ثم ضربها بقضيبه فقتلها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول فذكره ورواه عنه أبو يعلى والبزار قال
الهيثمي بعد ما ذكر الثلاثة: رجال البزار رجال الصحيح
(6/192)
8908 - (من قتل حية أو عقربا فكأنما قتل
كافرا) ومن قتل كافرا كان فداءه من النار لأنه عادى الله
(خط عن ابن مسعود) وأخرجه عنه الديلمي لكن بدون العقرب
(6/192)
8909 - (من قتل حية فله سبع حسنات ومن قتل
وزغة) بفتحات سام أبرص قال الزمخشري: سمي وزغا لخفته وسرعة
حركته يقال لفلان وزغ أي رعشة وهو من وزغ الجنين في البطن
توزيغا إذا تحرك اه. (فله حسنة) ومن له حسنة دخل الجنة كما
في الخبر المار
(حم حب عن ابن مسعود)
(6/192)
8910 - (من قتل عصفورا) بضم أوله ونبه
بالعصفور لصغره على ما فوقه وألحق به تنزه المترفين
بالاصطياد لا لأكل أو حاجة وفي رواية فما فوقها وهو محتمل
لكونه فوقها في الحقارة والصغر وفوقها في الجثة والعظم
(بغير حقه) في رواية حقها والتأنيث باعتبار الجنس والتذكير
باعتبار اللفظ وحقها عبارة عن الانتفاع بها (سأله الله
عنه) في رواية عن قتله أي عاقبه وعذبه عليه (يوم القيامة)
تمامه عند مخرجه أحمد وغيره قيل: وما حقها يا رسول الله
قال: أن تذبحه [ص:193] فتأكله ولا تقطع رأسه فترمى بها فما
أوهمه صنيع المصنف من أن ما ذكره هو الحديث بتمامه غير
صحيح وفي رواية للقضاعي وغيره من قتل عصفورا عبثا جاء يوم
القيامة وله صراخ تحت العرش يقول رب سل هذا فيم قتلني من
غير منفعة قال البغوي: فيه كراهة ذبح الحيوان لغير الأكل
قال الخطابي: وفي معناه ما جرت به العادة من ذبح الحيوان
عند قدوم الملوك والرؤساء وعند حدوث نعمة ونحو ذلك من
الأمور
(حم عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وفيه صهيب مولى ابن
عامر قال الذهبي في المهذب: كان حذاء بمكة فيه جهالة وقد
وثق وهذا إسناده جيد اه
(6/192)
8911 - (من قتل كافرا (1)) وفي رواية
للبخاري من قتل قتيلا (فله سلبه) أي فله أخذ ثيابه التي
عليه والسلب بالفتح المسلوب (2) وهذا قاله يوم حنين فقتل
أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم قال ابن حجر: ووهم
من قال إنه قاله يوم بدر وإنما سماه قتيلا والقتيل لا يقتل
لاكتساب لباس مقدمات القتل فهو مجاز باعتبار الأول من قبيل
{ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} وهذا الخبر حمله أبو حنيفة
ومالك على أنه من التصرف بالإمامة العظمى فلا يكون السلب
للقاتل إلا إذا نقله الإمام إياه وحمله الشافعي على الفتيا
المقتضية للتشريع العام لأن ذلك هو الأغلب من تصرف النبي
صلى الله عليه وسلم فلا يخمس السلب عند نابل هو للقاتل وإن
لم ينقله الإمام
(ق د ت عن أبي قتادة) الأنصاري وفيه قصة (حم د عن أنس حم
هـ عن سمرة) بن جندب قال ابن حجر: وسنده لا بأس به وقال
الكمال بن أبي شريف في تخريج الكشاف: وهم الشرف الطيبي في
شرحه للكشاف حيث عزاه لأبي داود من حديث ابن عباس فإن الذي
فيه أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر من قتل قتيلا فله
كذا وكذا لم يقل فله سلبه
_________
(1) أو كفانا شره بأن أثخنه أو أعماه أو قطع يديه أو رجليه
أو أسره
(2) من ثياب وسلاح ومركوب يقاتل عليه أو ممسكا عنانه وهو
بقاتل راجلا وآلته كسرج ولجام وعقود وكذا لباس كمنطقة
وسواء وجنيية وهميان وما فيه من النفقة
(6/193)
8912 - (من قتل معاهدا) أي من له عهد منا
بنحو أمان قال ابن الأثير: وأكثر ما يطلق في الحديث على
أهل الذمة وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على
ترك الحرب (لم يرح) بفتح أوليه على الأشهر وقد تضم الياء
وتفتح الراء وتكسر (رائحة الجنة) أي لم يشمها حين شمها من
لم يرتكب كبيرة لا أنه لا يجدها أصلا كما يفيده أخبار أخر
جمعا بينه وبين ما تعاضد من الدلائل النقلية والعقلية على
أن صاحب الكبيرة إذا كان موحدا محكوما بإسلامه لا يخلد في
النار ولا يحرم من الجنة (وإن ريحها) الواو للحال (ليوجد)
في رواية يوجد بلا لام (من مسيرة أربعين عاما) وروي مئة
وخمس مئة وألف ولا تدافع لاختلافه باختلاف الأعمال والعمال
والأحوال أو القصد المبالغة في التكثير لا خصوص العدد
والوعيد يفيد أن قتله كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره لكن لا
يلزم منه قتل المسلم به
<تنبيه> قال ابن القيم: ريح الجنة نوعان نوع يوجد في
الدنيا تشمه الأرواح أحيانا لا تدركه العبارة ونوع يدرك
بحاسة الشم للأبد كما يشم رائحة الأزهار ونحوها وذا يشترك
أهل الجنة في إدراكه في الآخرة من قرب ومن بعد يدركه
الخواص في الدنيا وقد أشهد الله عباده في هذه الدار آثارا
من آثار الجنة وأنموذجا منها من الرائحة الطيبة واللذة
الشهية والمناظر البهية والمناكح الشهية والنعيم والسرور
وقرة العين
(حم خ) في الجزية (ن هـ) في الديات (عن ابن عمرو) بفتح
العين ومن ضمه فقد صحف ابن العاص رفعه
(6/193)
8913 - (من قتل معاهدا) بفتح الهاء أي من
عوهد أي صولح مع المسلمين بنحو جزية أو هدنة من إمام أو
أمان من مسلم ويجوز كسر الهاء على الفاعل قال في التنقيح:
والفتح أكثر (في غير كنهه) أي في غير وقته أو غاية أمره
والذي يحل فيه قتله وكنه الأمر حقيقته أو وقته أو غايته
والمراد الوقت الذي بيننا وبينه فيه عهد أو أمان (حرم الله
عليه الجنة) ما دام ملطخا بذنبه ذلك فإذا طهر بالنار صار
إلى ديار الأبرار وقال القاضي: حرم الله عليه الجنة ليس
فيه ما يدل على الدوام والإقناط الكلي فضلا عن القطع وقال
غيره: هذا التحريم مخصوص بزمان ما لقيام الأدلة على أن من
مات مسلما لا يخلد في النار وإن ارتكب كل كبيرة ومات على
الإصرار
(حم د ن ك عن أبي بكرة) قال في المهذب: هذا إسناد صالح
ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور الحاكم وقال: صحيح وأقره
الذهبي
(6/193)
8914 - (من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله) بعين
مهملة أي قتله ظلما بغير جناية ولا عن جريرة ولا عن قصاص
يقال عبطت الناقة إذا نحرتها من غير داء بها وقيل بمعجمة
من الغبطة الفرح والسرور لأن القاتل يفرح بقتل خصمه فإذا
كان المقتول مؤمنا وفرح بقتله (لم يقبل الله منه صرفا ولا
عدلا) أي نافلة ولا فريضة والرواية الأولى أولى كما في
المنضد لأن القاتل ظلما عليه القود هبه فرح بقتله أو لا
والقتل أكبر الكبائر بعد الكفر
(د والضياء) المقدسي (عن عبادة) بن الصامت ورجاله ثقات
(6/193)
8915 - (من قتل وزغا) بفتح الزاي والغين
المعجمتين معروف ويسمى سام أبرص (غفر الله له) لفظ رواية
الطبراني محا الله عنه (سبع خطيئات) لتشوف الشارع إلى
إعدامه لكونه مجبولا على الإساءة وقد كان ينفخ النار على
إبراهيم حين ألقى فيها وفي مسلم من قتل وزغا في أول ضربة
كتب له مئة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك
قال النووي: سبب تكثير الثواب في قتله أول ضربة الحث على
المبادرة بقتله والاعتناء به والحرص عليه فإنه لو فاته
ربما انفلت وفات قتله والمقصود انتهاز الفرصة بالظفر على
قتله اه. وفي رواية من قتله في أول ضربة له مئة وخمسون وفي
الثانية سبعون ووجهه ابن الكمال بأن التعب باطني وظاهري
والباطني تعب الاهتمام والإقدام والأول أولى بالاعتبار عند
التعارض ولهذا كان الأقل ضربا أكثر جزاءا مع أن الظاهر
المتبادر إلى الوهم خلافه اه. وتردد بعض الكاملين في إلحاق
الفواسق الخمس به في الثواب الموعود ثم رجح المنع لأن
الإلحاق بالقياس ممنوع لبطلان العدد المنصوص وبالدلالة
يحتاج لمعرفة لحوق فسادها إلى رتبة فساد الفواسق وهو غير
معروف ورجح البعض أنها مثلها لأنه صلى الله عليه وسلم
سماها فويسقة فلو عمل بها كذلك كان عملا بالنص
(طس عن عائشة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الكريم بن
أبي المخارق وهو ضعيف ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن هذا مما
لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وهو ذهول بالغ فقد خرجه مسلم
في الصحيح عن أبي هريرة بلفظ من قتل وزغا محا الله عنه سبع
خطيئات
(6/193)
8916 - (من قتله بطنه) أي مات بمرض بطنه
كالاستقاء أو الاسهال أو من حفظ البطن من الحرام والشبه
(لم يعذب في قبره) وإذا لم يعذب فيه لم يعذب في غيره لأنه
أول منازل الآخرة فإن كان سهلا فما بعده أسهل وإلا فعكسه
قال القرطبي: وحكمته أنه حاضر القلب عارفا بربه فلم يحتج
لإعادة السؤال بخلاف من يموت بغيره من الأمراض [ص:195]
فإنه يغيب عقولهم قال الطيبي: وفيه استعارة تبعية شبه ما
يلحق للمبطون من ازهاق نفسه به بما يزهق النفس بالمحدد
ونحوه والقرينة نسبة القتل إلى البطن
<تنبيه> هذا الحديث خص به حديث ابن ماجه والبيهقي من مات
مريضا مات شهيدا ووقى فتنة القبر
(حم ن حب عن خالد بن عرفطة) الليثي أو البكري (وعن سليمان
بن صرد) بضم المهملة وفتح الراء ابن أبي الجون الخزاعي كان
اسمه في الجاهلية سيار فسماه المصطفى صلى الله عليه وسلم
سليمان كان حبرا عابدا نزل الكوفة
(6/193)
8917 - (من قتل دون ماله) أي عنده ودون في
الأصل ظرف مكان بمعنى أسفل وتحت استعملت هنا بمعنى لأجل
التي للسببية توسعا مجازا لأن الذي يقاتل على ماله كأنه
يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه ذكره جمع (فهو شهيد) أي
في حكم الآخرة لا الدنيا أي له ثواب كثواب شهيد مع ما بين
الثوابين من التفاوت وذلك لأنه محق في القتال ومظلوم بطلبه
منه (ومن قتل دون دمه) أي في الدفع عن نفسه (فهو شهيد ومن
قتل دون دينه) أي في نصرة دين الله والذب عنه وفي قتال
المرتدين (فهو شهيد ومن قتل دون أهله) أي في الدفع عن بضع
حليلته أو قريبته (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا
لأن المؤمن بإسلامه محترم ذاتا ودما وأهلا ومالا فإذا أريد
شيء منه من ذلك جاز له الدفع عنه أو وجب على الخلاف
المعروف لكن إنما يدفعه دفع الصائل فلا يصعد إلى رتبة وهو
يرى ما دونه كافيا كما هو مقرر في الفروع فإذا أدى قتاله
لقتله فهو هدر
(حم 3 حب) والقضاعي (عن سعيد بن زيد) قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: من قتل
في سبيل الله قال: إن شهداء أمتي إذن لقليل قالوا: فمن هم
يا رسول الله فذكره قال المصنف: وهو متواتر
(6/195)
8918 - (هن قتل دون مظلمته) قال الطيبي:
يعني قدامها كقوله " تريك الندى ما دونها وهي دونه " (فهو
شهيد) قال ابن جرير: هذا أبين بيان وأوضح برهان على الإذن
لمن أريد ماله ظلما في قتال ظالمه والحث عليه كائنا من كان
لأن مقام الشهادة عظيم فقتال اللصوص والقطاع مطلوب فتركه
من ترك النهي عن المنكر ولا منكر أعظم من قتل المؤمن وأخذ
ماله ظلما
(ن والضياء) المقدسي وكذا أحمد والقضاعي (عن سويد بن مقرن)
بضم الميم وفتح القاف وشد الراء مكسورة (المزني) صحابي نزل
الكوفة وظاهر صنيع المصنف أن ذا الحديث وما قبله لا ذكر له
في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فهذا خرجه البخاري في
المظالم بلفظ من قتل دون ماله فهو شهيد وكذا رواه مسلم في
الإيمان
(6/195)
8919 - (من قدم من نسكه) أي حجته أو عمرته
(شيئا أو أخره فلا شيء عليه) يفسره أن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم في حجة الوداع بمنى يوم النحر ما سئل عن شيء من
الأعمال قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج
(هق عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه
(6/195)
8920 - (من قذف مملوكه) أي رماه بالزنا وفي
رواية عبده (وهو) أي والحال أنه: أي المملوك (بريء مما
قال) سيده [ص:196] فيه لم يحد لقذفه في حكم الدنيا لأن شرط
حد القذف الإحصان والقن غير محصن وعليه يستوي مملوكه
ومملوك غيره لكنه يعزر لمملوك غيره و (جلد) السيد (يوم
القيامة) أي ضرب يوم الجزاء الأكبر (حدا) لانقطاع الرق
بزوال ملك السيد المجازي وانفراد البارىء تعالى بالملك
الحقيقي وحصول التكافئ ولا تفاضل يومئذ إلا بالتقوى (إلا
أن يكون) المملوك (كما قال) من كونه زانيا فلا يحد في
الآخرة لا يقال قوله وهو بريء جملة حالية والأحوال شروط
فكأنه قال جلد يوم القيامة بشرط كونه بريئا فيفهم أنه إذا
لم يكن بريئا لا يجلد فلا ينافي قوله إلا أن يكون كما قال
لأنا نقول إن كان مفهوم الشرط غير معتبر وهو ما عليه جمع
فهذا مفهوم شرط وإن كان معتبرا وهو مذهب آخرين فينزل قوله
وهو بريء على أن المراد أنه يغلب على ظنه براءته والواقع
في نفس الأمر خلافها فحينئذ لا يحد لصدقه كذا قرره بعض
الأعاظم وقال الطيبي: الإستثناء مشكل لأن قوله وهو بريء
يأباه إلا أن يؤول قوله وهو بريء أن يعتقد ويظن براءته
ويكون العبد كما قال في الواقع لا ما اعتقد هو فحينئذ لا
يجلد لكونه صادقا فيه
(حم ق) في اللباس والنذر (د) في الأدب (ت) في البر كلهم
(عن أبي هريرة) قال: قال أبو القاسم هي التوبة فذكره ورواه
عنه أيضا النسائي
(6/195)
8921 - (من قذف ذميا) أي رماه بالزنا (حد
له يوم القيامة بسياط من نار) جمع سوط وهو معروف أما في
الدنيا فلا يحد مسلم لقذف ذمي لكن يعزر والقصد بالحديث
التحذير من قذفه وأنه حرام متوعد عليه بالعقوبة في الآخرة
لما فيه من إيذائه
(طب) وكذا ابن عدي (عن واثلة) بن الأسقع رمز لحسنه قال
الهيثمي: فيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك اه وأورده
ابن الجوزي في الموضوعات وقال: محمد بن محصن يضع وتعقبه
المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه
(6/196)
8922 - (من قرأ القرآن يتأكل به) أي يستأكل
به على حد {فمن تعجل في يومين} أي استعجل والباء للآلة
ككتبت بالقلم (الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه
لحم) أي من جعل القرآن ذريعة ووسيلة إلى حطام الدنيا جاء
يوم القيامة في أسوأ حال وأقبح صورة حيث عكس وجعل أشرف
الأشياء وأعزها وصلت إلى أذل الأشياء وأحقرها وذا أبلغ من
خبر لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس
في وجهه مزعة لحم لأنه أخبر عن وجهه أنه عظم صرف ثم أكده
بقوله وليس عليه لحم قال الأفضلي: من استجر الجيفة ببعض
الملاهي والمعازف أهون ممن استجرها بالمصحف
(هب عن بريدة) قال ابن أبي حاتم: لا أصل لهذا من حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ابن الجوزي: وفيه علي بن قادم
ضعفه يحيى وأحمد بن ضبير ضعفه الدارقطني اه. وأورده الذهبي
في المتروكين وقال: ضعفه ابن معين وكان شيعيا غاليا
(6/196)
8923 - (من قرأ مئة آية في ليلة كتب له
قنوت ليلة) أي عبادتها قال السهيلي: ويقبح إخراج الباء هنا
لتعلقها بما في ضمن الكلام من معنى التقرب والتهجد
وكدخولها هنا خروجها من قوله أمرتك الخير لأنك إذا أمرته
بخير فقد كلفته إياه وألزمته ففي ضمن الكلام ما يقتضي
حذفها بخلاف نهيت عن الشر فإنه ليس في اللفظ والمعنى إلا
ما يطلب حرف الجر وقال الأندلسي في شرح المفصل: قرأت
السورة وقرأت بالسورة من باب حذف الجار وإيصال الفعل ومثله
وسميته محمدا وبمحمد وقيل الباء زائدة والفعل من قسم
المتعدي وقال ابن أبي الربيع: الأصل في قراءة بالسورة أن
يعدى بنفسه فزيد حرف الجر لأن قرأت في معنى تلوت وتلوت لا
يتعدى بنفسه وقال أبو حيان في شرح التسهيل: خرج الشلوبين
[ص:197] قرأت بالسورة على أن الباء للإلصاق أي ألزقت
قراءتي بالسورة
(حم ن عن تميم) الداري قال الحافظ العراقي: إسناده صحيح
وقال الهيثمي: فيه سليمان بن موسى الشامي وثقه ابن معين
وأبو حاتم وقال البخاري: عنده مناكير
(6/196)
8924 - (من قرأ في ليلة) من الليالي ولو
قيل في الليل معرفا لأوهم أن الثواب مرتبا على القراءة
الواقعة في جنس الليل (مئة آية لم يكتب من الغافلين) الذي
وقفت عليه في مستدرك الحاكم عن أبي هريرة من قرأ عشر آيات
في ليلة لم يكتب من الغافلين ولم أر هذا اللفظ فيه فليحرر
(ك عن أبي هريرة) مرفوعا
(6/197)
8925 - (من قرأ سورة البقرة) أي اتخذ
قراءتها وردا وجعلها ديدنه وعادته (توج بتاج في الجنة) لما
في حفظها والملازمة على تلاوتها من الكلفة والمشقة
واشتمالها على الحكم والشرائع والقصص والمواعظ والوقائع
الغريبة والمعجزات العجيبة وذكر خالصة أوليائه والمصطفين
من عباده وتفضيح الشيطان ولعنه وكشف ما توسل به إلى تسويل
آدم وذريته ولذلك سماها مع آل عمران الزهراوين قال الطيبي:
وتخصيص ذكر التاج كناية عن الملك والسيادة كما يقال قعد
فلان على السرير كناية عنه
(هب) عن علي بن أحمد بن عبيد بن أبي عمارة المستملي عن
محمد بن النضر ابن الصلصال (عن الصلصال) بفتح الصاد ابن
الدلهمين بفتح الدال واللام وسكون الهاء وفتح الميم وأحمد
بن عبيد قال ابن عدي: ثقة له مناكير
(6/197)
8926 - (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة
مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) قال
التفتازاني: يعني لم يبق من شرائط دخول الجنة إلا الموت
وكأن الموت يمنعه ويقول لا بد من حضوري أولا لتدخل الجنة
اه قيل دبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده ورجح ابن تيمية
كونه قبله وفيه بعد ودبر الشيء كل شيء منه في دبر كدبر
الحيوان
<فائدة> في كتاب الصوم من شرح البخاري للقسطلاني روي أن من
أدمن قراءة آية الكرسي عقب كل صلاة فإنه لا يتولى قبض روحه
إلا الله
(ن حب عن أبي أمامة) أورده ابن الجوزي في الموضوعات لتفرد
محمد بن حميد به وردوه بأنه احتج به أجل من صنف في الصحيح
وهو البخاري ووثقه أشد الناس مقالة في الرجال ابن معين قال
ابن القيم: وروي من عدة طرق كلها ضعيفة لكنها إذا انضم
بعضها لبعض مع تباين طرقها واختلاف مخرجيها دل على أن له
أصلا وليس بموضوع وقال ابن حجر في تخريج المشكاة: غفل ابن
الجوزي في زعمه وضعه وهو من أسمح ما وقع له وقال الدمياطي:
له طرق كثيرة إذا انضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة ونقل
الذهبي في تاريخه عن السيف ابن أبي المجد الحافظ قال صنف
ابن الجوزي كتاب الموضوعات فأصاب في ذكره أحاديث مخالفة
للعقل والنقل ومما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث
بكلام بعضهم في أحد رواتها كفلان ضعيف أولين أو غير قوي
وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه ولا يعارض الكتاب
والسنة ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام رجل في رواته وهذا
عدوان ومجازفة فمن ذلك هذا الحديث
(6/197)
8927 - (من قرأ الآيتين) وفي رواية للبخاري
بالآيتين بزيادة الباء واللام للعهد (من آخر سورة البقرة)
يعني من قوله تعالى {آمن الرسول} إلى آخر السورة فآخر
الآية الأولى المصير ومن ثم إلى آخر السورة آية واحدة وأما
{اكتسبت} فليست رأس آية باتفاق العادين ذكره ابن حجر (في
ليلة كفتاه) بتخفيف الفاء أي أغتناه عن قيام تلك الليلة
بالقرآن [ص:198] وأجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقا هبه
داخل الصلاة أم خارجها أو أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد
لما اشتملا عليه من الإيمان والأعمال إجمالا أو وقتاه من
كل سوء مكروه وكفتاه شر الشيطان أو الآفات أو دفعتا عنه شر
الثقلين أو كفتاه بما حصل له بسبب قراءتهما من الثواب عن
طلب شيء آخر أو كفتاه قراءة آية الكرسي التي ورد أن من
قرأها حين يأخذ مضجعه أمنه الله على داره وجاء في حديث إنه
لم ينزل خير من خير الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه هاتان
الآيتان أما خير الآخرة فإن قوله {آمن الرسول} إلى قوله
{لا نفرق بين أحد من رسله} إشارة إلى الإيمان والتصديق
وقوله {سمعنا وأطعنا} إلى الإسلام والإنقياد والأعمال
الظاهرة وقوله {وإليك المصير} إشارة إلى جزاء العمل في
الآخرة وقوله {لا يكلف الله} إلخ إشارة إلى المنافع
الدنيوية لما فيهما من الذكر والدعاء والإيمان بجميع الكتب
والرسل وغير ذلك ولهذا أنزلتا من كنز تحت العرش وقول
الكرماني نقلا عن النووي كفتاه عن قراءة الكهف وآية الكرسي
رده ابن حجر بأن النووي لم يقل ذلك مطلقا
(4 عن ابن مسعود) البدري وقضية كلامه أن الشيخين لم يخرجاه
والأمر بخلافه فقد خرجاه من حديث ابن مسعود باللفظ المزبور
وزادا لفظ كل فقالا في كل ليلة
(6/197)
8928 - (من قرأ السورة التي يذكر فيها آل
عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تحجب الشمس)
أي تغرب ذلك اليوم أي إن قرأها نهارا فإن قرأها ليلا صلوا
عليه حتى تطلع الشمس وذلك لاشتمالها على جملة ما تحتويه
الكتب السماوية من الحكم النظرية والأحكام العملية
والتصفية الروحانية وبيان أحوال السعداء والأشقياء
والترغيب في الطاعة والترهيب في المعصية بالوعد والوعيد
إجمالا مع السؤال لما فيه صلاح الدارين والفوز بالحسنين
ولذلك شمل الله قارئها برحمته وسألت له الملائكة مفغرة
زلته
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه طلحة بن زيد الرقي وهو
ضعيف جدا وقال ابن حجر: طلحة ضعيف جدا ونسبه أحمد وأبو
داود إلى الوضع اه فكان ينبغي للمصنف حذفه
(6/198)
8929 - (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة
أضاء له من النور ما بين الجمعتين) فيندب قراءتها يوم
الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه قال
الطيبي: وقوله أضاء له يجوز كونه لازما وقوله ما بين
الجمعتين ظرف فيكون إشراق ضوء النهار فيما بين الجمعتين
بمنزلة إشراق النور نفسه مبالغة ويجوز كونه متعديا والظرف
مفعول به وعليهما فسر {فلما أضاءت ما حوله} وروى الديلمي
عن أبي هريرة يرفعه من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أعطى
نورا من حيث مقامه إلى مكة وصلت عليه الملائكة حتى يصبح
وعوفي من الداء والدبيلة وذات الجنب والبرص والجنون
والجذام وفتنة الدجال قال ابن حجر: وفيه إسماعيل بن أبي
زياد متروك كذبه جمع منهم الدارقطني
<تنبيه> قال ابن حجر: ذكر أبو عبيد أنه وقع في رواية شعبة
من قرأها كما أنزلت وأولها على أن المراد يقرؤها بجميع
وجوه القراءات قال وفيه نظر والمتبادر أنه يقرؤها كلها
بغير نقص حسا ولا معنى وقد يشكل عليه ما ورد من زيادات
أحرف ليست في المشهور مثل سفينة صالحة وأما الغلام فكان
كافرا ويجاب أن المراد المتعبد بتلاوته
(ك) في التفسير من حديث نعيم بن هشام عن هشيم عن أبي هاشم
عن أبي مجلز عن قيس بن عبادة عن أبي سعيد (هق عن أبي سعيد)
الخدري قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي فقال: قلت نعيم ذو
مناكير وقال ابن حجر في تخريج الأذكار: حديث حسن قال: وهو
أقوى ما ورد في سورة الكهف
(6/198)
[ص:199] 8930 - (من قرأ) الآيات (العشر
الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) مر تقريره غير
مرة فمن تدبرها لم يفتن بالدجال {أفحسب الذين كفروا أن
يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال الطيبي: التعريف فيه
للعهد وهو الذي يخرج آخر الزمان يدعي الإلهية إما نفسه أو
يراد به من شابهه في فعله ويجوز أن يكون للجنس لأن الدجال
من يكثر منه الكذب والتلبيس ومنه حديث يكون في آخر الزمان
دجالون كذابون
(حم م ن عن أبي الدرداء)
(6/199)
8931 - (من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم
من فتنة الدجال) لما في أولها من العجائب والآيات المانعة
لمن تأملها وتدبرها حق التدبر من متابعته والاغترار
بتلبيسه
(ت) في الفضائل (عن أبي الدرداء) وقال: حسن صحيح وصححه
البغوي
(6/199)
8932 - (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء
له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) قال الحافظ ابن
حجر في أماليه: كذا وقع في روايات يوم الجمعة وفي روايات
ليلة الجمعة ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها
وأما خبر أبي الشيخ عن الحبر الذي جمع بينهما فضعيف جدا
وخبر الضياء عن ابن عمر يرفعه من قرأ يوم الجمعة سورة
الكهف سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يضيء له
إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين ففيه محمد بن
خالد تكلم فيه ابن منده وغيره وقد خفي حاله على المنذري
حيث قال في الترغيب: لا بأس به ويحتمل أنه مشاه لشواهده
واعلم أن المتبادر إلى أكثر الأذهان أنه ليس المطلوب
قراءته ليلة الجمعة ويومها إلا الكهف وعليه العمل في
الزوايا والمدارس وليس كذلك فقد وردت أحاديث في قراءة
غيرها يومها وليلتها منها ما رواه التيمي في الترغيب من
قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر
كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروبا أي السماء
السابعة وهو غريب ضعيف جدا وما رواه الطبراني في الأوسط عن
ابن عباس مرفوعا من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران
يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تجب الشمس قال ابن
حجر: وفيه طلحة بن زيد ضعيف جدا بل نسب للوضع وخبر أبي
داود عن الحبر من قرأ سورة يس والصافات ليلة الجمعة أعطاه
الله سؤله وفيه انقطاع وخبر ابن مردويه عن كعب يرفعه "
اقرؤوا سورة هود يوم الجمعة " قال ابن حجر: مرسل سنده صحيح
(هب عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وهو تابع فيه للحافظ
ابن حجر قال البيهقي: ورواه الثوري عن أبي هاشم موقوفا
ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبي هاشم مرفوعا قال الذهبي
في المهذب: ووقفه أصح قال ابن حجر: ورجال الموقوف في طرقه
كلها أتقن من رجال المرفوع قال: وفي الباب عن علي وزيد بن
خالد وعائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم بأسانيد ضعيفة
(6/199)
8933 - (من قرأ يس كل ليلة غفر له) أي
الصغائر كنظائره
(هب عن أبي هريرة) وفيه المبارك بن فضالة أورده الذهبي في
الضعفاء والمتروكين وقال: ضعفه أحمد والنسائي وقال أبو
زرعة: مدلس
(6/199)
8934 - (من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورا له)
وقياسه أن من قرأها في يومه أمسى مغفورا له أي الصغائر كما
تقرر. [ص:200]
(حل عن ابن مسعود) أورده ابن الجوزي بهذا اللفظ من حديث
أبي هريرة وحكم بوضعه ورده المصنف بوروده من عدة طرق بعضها
على شرط الصحيح
(6/199)
8935 - (من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن
مرتين) أي دون يس كما هو بين
(هب عن أبي سعيد) الخدري قال في الميزان: هذا حديث منكر اه
وفيه طالوت بن عبادة قال أبو حاتم: صدوق وقال ابن الجوزي:
ضعفه علماء النقل ونازعه الذهبي وسويد أبو حاتم ضعفه
النسائي
(6/200)
8936 - (من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن
عشر مرات) لا يعارض ما قبله لاختلاف ذلك باختلاف الأشخاص
والأحوال والأزمان وكلاهما خرج جوابا لسائل اقتضى حاله ما
أجيب به
(هب عن أبي هريرة) سنده سند ما قبله وفيه ما فيه
(6/200)
8937 - (من قرأ يس ابتغاء وجه الله) أي
ابتغاء النظر إلى وجه الله في الآخرة أي لا للنجاة من
النار والفوز بالجنة فإن هذا أمر أجل وأعظم من ذلك (غفر له
ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر (فاقرؤها) ندبا (عند
موتاكم) أي من حضره الموت قال الطيبي: الفاء جواب شرط
محذوف أي إذا كان قراءة يس بالإخلاص تمحو الذنوب السالفة
فاقرؤوها على من شارف الموت حتى يسمعها ويجريها على قلبه
فيغفر له ما سلف
(هب عن معقل بن يسار) ضد اليمين
(6/200)
8938 - (من قرأ حم الدخان في ليلة) أي ليلة
كانت كما يفيده التنكير (أصبح) أي دخل في الصباح والحال
أنه (يستغفر له سبعون ألف ملك) أي يطلبون له من الله
الغفران لستر ذنوبه بالعفو عنها وعدم العقاب عليها
(ت) في فضائل القرآن عن سفيان بن وكيع عن زيد بن الحباب عن
عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي
هريرة) وقال: غريب ورواه ابن الجوزي في الموضوع
(6/200)
8939 - (من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة
غفر له) أي ذنوبه الصغائر كما تقرر
(ت) في فضائله عن نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحباب عن
هشام أبي المقدام عن الحسن (عن أبي هريرة) وقال: لا نعرفه
إلا من هذا الوجه وأبو المقدام يغفل والحسن لم يسمع من أبي
هريرة اه قال الصدر المناوي: فهو ضعيف منقطع لكن له شواهد
(6/200)
8940 - (من قرأ سورة الدخان في ليلة غفر له
ما تقدم من ذنبه) مفرد مضاف فيعم لكن قد علمت غير مرة أن
المراد الصغائر فحسب
(ابن الضريس) بضم المعجمة وشد الراء من حديث حماد بن سلمة
عن أبي سفيان طريف السعدي (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال
ابن حجر: ورواه غير حماد موصولا بذكر أبي هريرة لكن الحسن
لم يسمع من أبي هريرة على الصحيح قال النقاد: كل مسند جاء
فيه التصريح بسماعه منه وهم اه
(6/200)
8941 - (من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أو
يوم جمعة بنى الله له بها) أي بثواب قراءتها (بيتا في
الجنة) ومن لازم ذلك [ص:201] دخوله الجنة لأنه إنما بنى له
فيها ليسكنه
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه فضالة بن جبير ضعيف
جدا
(6/200)
8942 - (من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم
تصبه فاقة أبدا) هذا من الطب الإلهي وسبق أنه ينفع لحفظ
الصحة وإزالة المرض قال البيهقي: وكان ابن مسعود يأمر
بناته بقراءتها كل ليلة وقال الغزالي: سألت بعض مشايخنا
عما يعتاده أولياؤنا من قراءة سورة الواقعة في أيام العسرة
أليس المراد به أن يدفع الله به الشدة عنهم ويوسع عليهم في
الدنيا فكيف يصح إرادة متاع الدنيا بعمل الآخرة؟ فأجاب بأن
مرادهم أن يرزقهم قناعة أو قوتا يكون لهم عدة على عبادته
وقوة على دروس العلم وهذا من إرادة الخير لا الدنيا وقراءة
هذه السورة عند الشدة في أمر الرزق وردت به الأخبار
المأثورة عن السلف حتى عوتب ابن مسعود في أمر ولده إذ لم
يترك لهم دينارا فقال: خلفت لهم سورة الواقعة اه. وهذا
الخبر رواه أيضا ابن لال والديلمي أيضا باللفظ المزبور من
حديث ابن عباس وزادا فيه ومن قرأ في كل ليلة {لا أقسم بيوم
القيامة} لقي الله يوم القيامة ووجهه في صورة القمر ليلة
البدر
(هب عن ابن مسعود) وفيه أبو شجاع قال في الميزان: نكرة لا
يعرف ثم أورد هذا الخبر من حديثه عن ابن مسعود قال ابن
الجوزي في العلل: قال أحمد: هذا حديث منكر وقال الزيلعي
تبعا لجمع: هو معلول من وجوه أحدها الانقطاع كما بينه
الدارقطني وغيره الثاني نكارة متنه كما ذكره أحمد الثالث
ضعف رواته كما قال ابن الجوزي الرابع اضطرابه وقد أجمع على
ضعفه أحمد وأبو حاتم وابنه والدارقطني والبيهقي وغيرهم
(6/201)
8943 - (من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو
نهار فقبض في ذلك اليوم أو الليلة فقد أوجب الجنة) الموجود
في نسخ الشعب فمات من يومه أو من ليلته فقد أوجب الله له
الجنة
(عد هب عن أبي أمامة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي
خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بقوله انفرد به سليمان
بن عثمان عن محمد بن زياد اه. وممن جزم بضعفه الحافظ
العراقي
(6/201)
8944 - (من قرأ قل هو الله أحد مرة فكأنما
قرأ ثلث القرآن) لأنها متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة
والأحدية المنافية لمطلق الشركة المثبتة لجميع صفات الكمال
ونفي الولد والوالد الذي هو من لازم صمديته وأحديته والكفؤ
المتضمن لنفي الشبيه وهذه الأصول هي مجامع التوحيد
الاعتقادي المباين لكل شرك وضلال فمن ثم عدلت ثلثه
(حم ن والضياء) المقدسي (عن أبي) بن كعب أو عن رجل من
الأنصار كذا عبر به أحمد قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح
(6/201)
8945 - (من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات
فكأنما قرأ القرآن أجمع) إذ مدار القرآن على الخبر
والإنشاء والإنشاء أمر ونهي وإباحة والخبر خبر عن الخالق
وأسمائه وصفاته وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الإخلاص الخبر
عنه وعن أسمائه فعدلت ثلثا لكن ينبغي أن يعلم أنه لا يلزم
من تشبيه قارئها بمن قرأ القرآن كله أن يبلغ ثوابه ثواب
المشبه به إذ لا يلزم من تشبيه شيء بشيء أخذه بجميع أحكامه
ولو كان قدر الثواب متحدا لم يكن القارىء كله غير التعب
وفيه استعمال اللفظ في غير ما يتبادر للفهم لأن المتبادر
من إطلاق ثلث القرآن أن المراد ثلث حجة المكتوب مثلا وقد
ظهر أنه غير مراد
(عق عن رجاء الغنوي) وفيه أحمد بن الحارث الغساني قال في
الميزان: قال أبو حاتم: متروك الحديث [ص:202] وفي اللسان:
قال العقيلي: له مناكير لا يتابع عليها اه. قال أعني في
اللسان: ولا يعرف لرجاء الغنوي رواية ولا صحبة وحديث {قل
هو الله أحد} ثابت من غير هذا الوجه بغير هذا اللفظ اه
(6/201)
8946 - (من قرأ قل هو الله أحد) حتى يختمها
هكذا هو ثابت في رواية أحمد فكأنه سقط من قلم المصنف (عشر
مرات بنى الله له بيتا في الجنة) تمامه عند مخرجه أحمد
فقال عمر: إذن نستكثر يا رسول الله فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: الله أكبر وأطيب
(حم عن معاذ بن أنس) الجهني قال الهيثمي: فيه رشدين بن سعد
وزياد وكلاهما ضعيف وفيهما توثيق لين
(6/202)
8947 - (من قرأ قل هو الله أحد عشرين مرة
بنى الله له قصرا في الجنة) وفي هذا الحديث وما قبله إثبات
فضل {قل هو الله أحد} وقد قال بعضهم: إنها تضاهي كلمة
التوحيد لما اشتملت عليه من الجمل المثبتة والنافية مع
زيادة تعليل ومعنى النفي أنه الخالق الرزاق المعبود لأنه
ليس فوقه من يمنعه من ذلك كالوالد ولا من يساويه كالكفؤ
ولا من يعينه كالولد
(ابن زنجويه) حميدة في كتاب الترغيب من طريق حسن بن أبي
زينب عن أبيه (عن خالد بن زياد) الأنصاري قال أبو موسى:
ذكر بعض أصحابنا أنه غير أبي أيوب الأنصاري
(6/202)
8948 - (من قرأ قل هو الله أحد خمسين مرة
غفرت له ذنوب خمسين سنة) قال القرطبي: اشتملت سورة الإخلاص
على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال
وبيانه أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه
غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه
سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه
التحقيق إلا لشيء حاز جميع فضائل الكمال وذلك لا يصلح إلا
لله تعالى
(ابن نصر) أي محمد بن نصر من طريق أم كثير الأنصارية (عن
أنس) بن مالك
(6/202)
8949 - (من قرأ قل هو الله أحد مئة مرة في
الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة) أي سلامة بها (من
النار) فلا يدخله إلا تحلة القسم
(طب عن فيروز) الديلمي اليماني صحابي له أحاديث وهو الذي
قتل الأسود العنسي مدعي النبوة وهو ابن أخت النجاشي وقد
خدم النبي صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي: فيه محمد بن
قدامة الجوهري وهو ضعيف
(6/202)
8950 - (من قرأ قل هو الله أحد مئة مرة غفر
الله له خطيئة خمسين عاما ما اجتنب خصالا أربعا الدماء) أي
سفكها ظلما (والأموال) أي أخذها بغير حق (والفروج) المحرمة
(والأشربة) المسكرة وخص هذه الأربعة لأنها أمهات الكبائر
(عد هب عن أنس) بن مالك وظاهره أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه
والأمر بخلافه بل قالا تفرد به الخليل بن مرة وهو من
الضعفاء الذين لا يكتب حديثهم
(6/202)
[ص:203] 8951 - (من قرأ قل هو الله أحد
مائتي مرة غفر الله له ذنوب مائتي سنة) ومن فوائد قراءتها
العظيمة ما رواه الشيخان عن عائشة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاته
فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكر ذلك للمصطفى صلى
الله عليه وسلم فقال: اسألوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه
فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها فقال: أخبروه
أن الله يحبه
(عب عن أنس) بن مالك وفيه عبد الرحمن بن الحسن الأسدي
الأزدي أورده الذهبي وغيره في الضعفاء ورماه بالكذب ومحمد
بن أيوب الرازي قال الذهبي: قال أبو حاتم: كذاب وصالح
المري قال النسائي وغيره: متروك ومن ثم حكم ابن الجوزي
بوضعه لكن نوزع
(6/203)
8952 - (من قرأ في يوم قل الله أحد مائتي
مرة كتب الله له ألفا وخمس مئة حسنة إلا أن يكون عليه دين)
<فائدة> قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي: قال
الدارقطني: أصح شيء في فضائل سور القرآن " قل هو الله أحد
" وأصح شيء في فضل الصلاة صلاة التسبيح وقال العقيلي: ليس
في صلاة التسبيح حديث يثبت وقال ابن العربي: ليس فيها حديث
صحيح ولا حسن وبالغ ابن الجوزي فذكره في الموضوعات وصنف
المديني جزءا في تصحيحه فتنافيا والحق أن طرقه كلها ضعيفة
إلى هنا كلامه
(عد هب عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه
وأقره وليس كذلك فإنه أورده في ترجمة حاتم بن ميمون قال
ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به ثم إن ظاهر كلام المصنف أن
ذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه فكأنه ذهول فقد خرجه
الترمذي من حديث أنس هذا ولفظه " من قرأ قل هو الله أحد في
يوم مائتي مرة كتب الله له ألفا وخمس مئة حسنة إلا أن يكون
عليه دين "
(6/203)
8953 - (من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد
اشترى نفسه من الله) أي يجعل الله ثواب قراءتها عتقه من
النار وروى أبو الشيخ [ابن حبان] عن ابن عمر من قرأ " قل
هو الله أحد " عشية عرفة ألف مرة أعطاه الله ما سأله
(الخياري في فوائده عن حذيفة) بن اليمان
(6/203)
8954 - (من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله
أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبع مرات) زاد
في رواية قبل أن يتكلم وفي أخرى وهو ثان رجله قال ابن
الأثير: أي عاطف رجله في التشهد قبل أن ينهض قال: وفي حديث
آخر من قال قبل أن يثني رجله وهو ضد الأول في اللفظ ومثله
في المعنى لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالته التي هي
عليها في التشهد اه. (اعاذه الله بها من السوء إلى الجمعة
الأخرى) قال الحافظ ابن حجر: ينبغي تقييده بما بعد الذكر
المأثور في الصحيح وفيه رد على ابن القيم ومن تبعه في نفيه
استحباب الدعاء بعد السلام من الصلاة للمنفرد والإمام
والمأموم قال: وغاية الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها
وأمر بها فيها والمصلي مقبل على ربه يناجيه فإذا سلم
انقطعت المناجاة وانتفى قربه فكيف يترك سؤاله حال مناجاته
وقربه ثم يسأله بعد الانصراف؟ قال ابن حجر: وما ادعاه من
النفي المطلق مردود
(ابن السني) في عمل يوم وليلة (عن عائشة) قال ابن حجر:
سنده ضعيف وله شاهد من مرسل مكحول أخرجه سعيد بن منصور في
سننه عن فرج بن فضالة وزاد في أوله فاتحة الكتاب وقال في
آخره: كفر الله عنه [ص:204] ما بين الجمعتين وفرج ضعيف اه.
وأخذ حجة الإسلام بقضية هذا الخبر وما بعده فجزم بندبه في
بداية الهداية فقال: إذا فرغت وسلمت أي من صلاة الجمعة
فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات والإخلاص سبعا
والمعوذتين سبعا سبعا فذلك يعمصك من الجمعة إلى الجمعة
ويكون لك حرزا من الشيطان اه
(6/203)
8955 - (من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة
قبل أن يثني رجله) أي قبل أن يصرف رجله عن حالته التي
عليها في التشهد (فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وقل أعوذ
برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبعا سبعا) من المرات (غفر
الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) أي من الصغائر إذا
اجتنب الكبائر وقد سبق له نظائر وقد ألف الحافظ ابن حجر
كتابا وسماه الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة جمع
فيه ستة عشر خصلة تكفر ما تقدم وما تأخر: الحج وإسباغ
الوضوء وإجابة المؤذن وموافقة الملائكة في التأمين وصلاة
الضحى وقراءة الإخلاص والمعوذتين سبعا سبعا بعد سلام
الإمام من الجمعة قبل أن يثني رجله وقيام ليلة القدر وقيام
رمضان وصيامه وصوم عرفة والحج والعمرة من المسجد الأقصى
إلى المسجد الحرام ومن جاء حاجا يريد وجه الله ومن قضى
نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده ومن قرأ آخر الحشر ومن
قاد أعمى أربعين خطوة ومن سعى لأخيه المسلم في حاجة ومن
التقيا فتصافحا وصليا عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن أكل
أو لبس فحمد الله وتبرأ من الحول والقوة
<تنبيه> ما ذكره المؤلف من أن سياق الحديث هكذا الأمر
بخلافه بل سياقه عند مخرجه القشيري " من قرأ إذا سلم
الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب و {قل
هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}
سبعا سبعا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر
بعدد كل من آمن بالله واليوم الآخر " هكذا هو في الأربعين
أو هكذا نقله عنه الحافظ في الخصال المكفرة
(أبو الأسعد القشيري في) كتاب (الأربعين) له عن أبي عبد
الرحمن السلمي عن محمد بن أحمد الرازي عن الحسين بن داود
البلخي عن يزيد بن هارون عن حميد (عن أنس) بن مالك قال ابن
حجر في الخصال: وفي إسناده ضعف شديد فإن الحسين البلخي قال
الحاكم: كثير المناكير وحدث عن أقوام لا يحتمل منه السماع
منهم وقال الخطيب: حدث عن يزيد بن هارون بنسخة أكثرها
موضوع
(6/204)
8956 - (من قرأ القرآن فليسأل الله به) بأن
يدعو بعد ختمه بالأدعية المأثورة أو أنه كلما قرأ آية رحمة
سألها أو آية عذاب تعوذ منه ونحو ذلك (فإنه سيجيء أقوام
يقرؤون القرآن يسألون به الناس) قال النووي: يندب الدعاء
عقب ختمه وفي أمور الآخرة آكد
(ت) في فضائل القرآن (عن عمران) بن الحصين ثم قال: إسناده
ليس بذاك اه. رمز لحسنه ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي
أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول فساقه
(6/204)
8957 - (من قرض بيت شعر بعد العشاء) زاد
العقيلي في روايته الآخرة (لم تقبل له صلاة تلك الليلة)
ولا يزال كذلك (حتى يصبح) أي يدخل في الصباح وهذا في شعر
فيه هجو أو إفراط في مدح أو كذب محض أو تغزل بنحو أمرد
[ص:205] أو أجنبية أو الخمر أو نحو ذلك بخلاف ما كان في
مدح الإسلام وأهله والزهد ومكارم الأخلاق ونحو ذلك
(حم) من حديث قزعة بن سويد عن عاصم بن مخلد عن أبي الشعث
الصنعاني (عن شداد بن أوس) قال الهيثمي: قزعة بن سويد وثقه
ابن معين وضعفه الجمهور إلا أن ذا لا يقتضي على الحديث
بالوضع فقول ابن الجوزي هو لذلك موضوع ممنوع كما بينه
الحافظ ابن حجر في القول المسدد
(6/204)
8958 - (من قرن) أي جمع (بين حجة وعمرة
أجزأه لهما طواف واحد) لدخول أعمال العمرة في الحج
والإفراد أفضل بأن يحرم بالحج وحده ويفرغ منه ثم يحرم
بالعمرة من سنته فإن لم يعتمر فيها فالتمتع أفضل والقرآن
أفضل منه وبه قال الشافعي
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن
عمر قال الهيثمي: لين
(6/205)
8959 - (من قضى نسكه) أي حجه وعمرته (وسلم
المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من ذنبه) بالمعنى
المقرر في نظائره وذهب البعض إلى أن الحج يكفر الكبائر
أيضا والبعض إلى أنه يكفر حتى التبعات
(عبد بن حميد عن جابر) ابن عبد الله وفيه عبد الله بن
عبيدة الترمذي قال في الميزان: وثقه غير واحد وقال ابن
عدي: الضعف على حديثه بين وقال يحيى: ليس بشيء وقال أحمد:
لا يشتغل به ولا بأخيه وقال ابن حبان: لا راوي له أي هذا
الخبر غير أخيه فلا أدري البلاء من أيهما ثم ساقه
(6/205)
8960 - (من قضى لأخيه المسلم حاجة) ولو
بالتسبب والسعي فيها (كان له من الأجر كمن حج واعتمر) قال
حجة الإسلام: وقضاء حوائج الناس له فضل عظيم والعبد في
حقوق الخلق له ثلاث درجات الأولى أن ينزل في حقهم منزلة
الكرام البررة وهو أن يسعى في أغراضهم رفقا بهم وإدخالا
للسرور على قلوبهم الثانية أن ينزل منزلة البهائم
والجمادات في حقهم فلا ينلهم خيره لكن يكف عنهم شره
الثالثة أن ينزل منزلة العقارب والحيات والسباع الضارية لا
يرجى خيره ويتقى شره فإن لم تقدر أن تلحق بأفق الملائكة
فاحذر أن تنزل عن درجة الجمادات إلى مراتب العقارب والحيات
فإن رضيت النزول من أعلى عليين فلا ترض بالهوي في أسفل
سافلين فلعلك تنجو كفافا لا لك ولا عليك
(خط عن أنس) بن مالك وفيه من لم أعرفه
(6/205)
8961 - (من قضى لأخيه المسلم حاجة كان له
من الأجر كمن خدم الله عمره) وفي رواية بدله كان بمنزلة من
خدم الله عمره قيل: هذا إجمال لا تسع بيانه لطروس فإنه
يطلق في سائر الأزمان والأحوال فينبغي لمن عزم على معاونة
أخيه في قضاء حاجته أن لا يجبن عن إنفاذ قوله وصدعه بالحق
إيمانا بأنه تعالى في عونه وأمر الحسن ثابتا البناني
بالمشي في حاجة فقال: أنا معتكف فقال: يا أعمش أما تعلم أن
مشيك في حاجة أخيك خير لك من حجة بعد حجة؟ وأخذ منه ومما
قبله أنه يتأكد للشيخ السعي في مصالح طلبته ومساعدتهم
بجاهه وماله عند قدرته على ذلك وسلامة دينه وعرضه
(حل) وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان عن عيسى بن يعقوب بن
جابر الزجاج عن دينار مولى أنس (عن أنس) بن مالك وقضية
كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا لأعلى من أبي نعيم وإلا
لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه فقد خرجه البخاري
في تاريخه ولفظه من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره
وكذا الطبراني والخرائطي عن أنس يرفعه بسند قال الحافظ
العراقي: ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوع
(6/205)
[ص:206] 8962 - (من قطع سدرة) شجرة نبق زاد
في رواية الطبراني من سدر الحرم (صوب الله رأسه في النار)
أي نكسه أو أوقع رأسه في جهنم يوم القيامة والمراد سدر
الحرم كما صرح به في رواية الطبراني أو السدر الذي بفلاة
يستظل به ابن السبيل والحيوان أو في ملك إنسان فيقطعه ظلما
ذكره الزمخشري. قال: والحديث مضطرب الرواية
<فائدة> قال في المطامح: سمعت من بعض أشياخي حديثا مسندا
أن سدرة المنتهى قالت للمصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة
الإسراء استوص بأخواتي التي في الأرض خيرا
(د) في الأدب وكذا النسائي في السير خلافا لما يوهمه كلام
المصنف (والضياء) في المختارة (عن عبد الله بن حبشي) بحاء
مهملة مضمومة وموحدة ساكنة ومعجمة الخثعي نزل مكة وله صحبة
وفيه سعيد بن محمد بن حبر قال ابن القطان: لا يعرف حاله
وإن عرف نسبه وبيته وروى عنه جمع فالحديث لأجله حسن لا
صحيح اه. ورواه الطبراني بسند قال الهيثمي: رجاله ثقات
(6/206)
8963 - (من قطع رحما أو حلف على يمين فاجرة
رأى وباله) قبل أن يموت قال في الإتحاف: في جمع اليمين
الفاجرة مع القطيعة ما يلوح باشتراكهما في القطيعة لأن
اليمين الفاجرة قطعت الوصلة بين العبد وبين الله والقطيعة
قطعت ما بينه وبين الرحم وفي هذا الاقتران في التحذير ما
لا يخفى
(تخ عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا) القاسم بن عبد الرحمن
في التابعين هذلي ودمشقي وأموي لقي مئة من الصحابة ولعله
المراد هنا
(6/206)
8964 - (من قعد على فراش مغيبة) بفتح الميم
وبكسر الغين المعجمة وسكونها أيضا مع كسر الياء: التي غاب
زوجها (قيض الله له ثعبانا يوم القيامة) أي ينهشه ويعذبه
بسمه وفي رواية الطبراني مثل الذي يجلس على فراش المغيبة
مثل الذي ينهشه أسود من أساود يوم القيامة
(حم عن أبي قتادة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي كالمنذري:
فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف اه. لكن في الميزان عن
أبي حاتم هذا حديث باطل
(6/206)
8965 - (من كان آخر كلامه) في الدنيا (لا
إله إلا الله) قال أبو البقاء: آخر بالرفع اسم كان ولا إله
إلا الله في موضع نصب خبر كان ويجوز عكسه اه. قيل أهل
الكتاب ينطقون بكلمة التوحيد فلم لم يذكر قرينتها وأجاب
الطيبي بأن قرينتها صدورها عن صدر الرسالة. قال الكشاف في
{إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} لما علم
وشهر أن الإيمان بالله قرينته الإيمان بالرسول صلى الله
عليه وسلم لاشتماله كلمة الشهادة عليهما مزدوجين مقترنين
كأنهما واحد غير منفك أحدهما عن صاحبه انطوى تحت ذكر
الإيمان بالله برسوله صلى الله عليه وسلم (دخل الجنة)
لأنها شهادة شهد بها عند الموت وقد ماتت شهواته وذهلت نفسه
لما حل به من هول الموت وذهب حرصه ورغبته وسكنت أخلاقه
السيئة وذل وانقاد لربه فاستوى ظاهره بباطنه فغفر له بهذه
الشهادة لصدقه وقائلها في الصحة قلبه مشحون بالشهوات والغي
ونفسه شرهة بطرة ميتة على الدنيا عشقا وحرصا فلا يستوجب
بذلك القول مغفرة بخلاف قائلها عند الموت ومثل من قالها في
الصحة بعد رياضة نفسه وموت شهواته وصفائه عن التخليط قاله
الغزالي فنسأل الله أن يجعلنا في الخاتمة من أهل لا إله
إلا الله حالا ومقالا وظاهرا وباطنا حتى نودع الدنيا غير
ملتفتين إليها بل متبرمين منها ومحبين للقاء الله
(حم د) في الجنائز (ك) فيها (عن معاذ) بن جبل وقال الحاكم:
صحيح اه لكنه أعله ابن القطان بصالح بن أبي عريب فإنه لا
يعرف حاله ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد وتعقب بأن
ابن حبان [ص:207] ذكره في الثقات وانتصر له التاج السبكي
وقال: حديث صحيح
(6/206)
8966 - (من كان حالفا) أي من كان مريدا
للحلف (فلا يحلف إلا بالله) يعني باسم من أسمائه وصفة من
صفاته لأن في الحلف تعظيما للمحلوف وحقيقة العظمة لا تكون
إلا لله قاله لما أدرك عمر يحلف بأبيه والحلف بالمخلوق
مكروه كالنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والكعبة
لاقتضاء الحلف غاية تعظيم المحلوف به والعظمة محتصة بالله
تعالى فلا يضاهي به غيره وأما قسمه تعالى ببعض خلقه كالفجر
والشمس فعلى الإضماء أي ورب الفجر على أن اليمين من العبد
إنما هو لترجيح جانب الصدق وصدق الله قطعي لا يتطرق إليه
احتمال الكذب وإنما وقعت في كلامه جريا على عادة عباده
تنويها بشرف ما شاء من خلقه وتعليما لعباده شرعية القسم
وأخذ بهذا علي كرم الله وجهه ثم شريح وطاوس وعطاء فقالوا:
لا يقضي بالطلاق على من حلف به فحنث قال في المطامح: ولا
يعرف لعلي في ذلك مخالف من الصحابة اه
<فائدة> سئل شيخ الإسلام زكريا عن قوم جرت عادتهم إذا
حلفوا أن يقولوا ببركة سيدي فلان على الله هل هم مخطئون
بحلفهم بغير الله تعالى؟ أجاب يكره الحلف المذكور ويمنع
منه فإن لم يمتنع أدب إن قصد بعلى الاستعلاء على بابها
(ن عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه البخاري بلفظ من كان حالفا
فليحلف بالله أو ليصمت
(6/207)
8967 - (من كان سهلا هينا لينا حرمه الله
على النار) ومن ثم كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم
في غاية اللين فكان إذا ذكر أصحابه الدنيا ذكرها معهم وإذا
ذكروا الآخرة ذكرها معهم وإذا ذكروا الطعام ذكره معهم وقال
عمر فيما رواه الحاكم إنكم تؤنسون مني شدة وغلظة إني كنت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبده وخادمه فكان كما قال
الله تعالى {بالمؤمنين رؤوف رحيم} فكنت بين يديه كالسيف
المسلول إلا أن يغمدني لمكان لينه
(ك هق عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وأقره
الذهبي
(6/207)
8968 - (من كان عليه دين فهم بقضائه لم يزل
معه من الله حارس) يحرسه أي من الشيطان أو من السلطان أو
منهما حتى يوفي دينه لكن الظاهر أن المراد بالحارس المعين
(طس) من حديث ورقاء بنت هداب (عن عائشة) قالت ورقاء: كان
عمر إذا خرج من منزله مر على أمهات المؤمنين فسلم عليهن
قبل أن يأتي مجلسه فكان كلما مر وجد بباب عائشة رجلا فقال:
ما لي أراك هنا قال: حق أطلبه من أم المؤمنين فدخل عليها
فقال: أما لك كفاية في كل سنة قالت: بلى لكن علي فيها حقوق
وقد سمعت أبا القاسم يقول من كان إلخ وأحب أن لا يزال معي
من الله حارس
(6/207)
8969 - (من كان في المسجد ينتظر الصلاة) أي
في حكم من هو فيها في إجراء الثواب عليه وتناثر البر على
رأسه كما مر (فهو في الصلاة ما لم يحدث) حدث سوء والمراد
ينتقض طهره
(حم ن حب عن سهل بن سعد) الساعدي
(6/207)
8970 - (من كان في قلبه مودة لأخيه) في
الإسلام (ثم لم يطلعه عليها فقد خانه) والله لا يحب
الخائنين
(ابن أبي الدنيا في) كتاب فضل (الإخوان عن مكحول مرسلا)
(6/207)
[ص:208] 8971 - (من كان قاضيا فقضى بالعدل
فبالحرى) أي فجدير وخليق (أن ينقلب منه كفافا) نصب على
الحال أي مكفوفا من شر القضاء لا عليه ولا له وفي رواية
لأحمد والطبراني من كان قاضيا فقضى بجهل كان من أهل النار
ومن كان قاضيا عالما قضى بحق أو بعدل سأل المنقلب كفافا
(ت عن ابن عمر) بن الخطاب سببه كما بينه الترمذي في العلل
أن عثمان قال: لابن عمر اذهب فأفت بين الناس قال: أو
تعافيني يا أمير المؤمنين فقال: ما تكره منه وكان أبوك
يقضي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
وفيه عبد الملك بن أبي جميلة أورده الذهبي في الضعفاء
وقال: مجهول اه. وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال:
رجاله ثقات
(6/208)
8972 - (من كان له إمام فقراءة الإمام له
قراءة) أخذ بظاهره أبو حنيفة فلم يوجب قراءة الفاتحة على
المقتدي قالوا: وبه يخص عموم قوله تعالى {فاقرؤوا ما تيسر
من القرآن} وخبر لا صلاة إلا بقراءة والأئمة الثلاثة على
الوجوب لأن الحديث ضعيف من سائر طرقه (1)
(حم هـ) من حديث جابر الجعفي عن الزبير (عن جابر) بن عبد
الله قال مغلطاي في شرح ابن ماجه: ضعفه الدارقطني والبيهقي
وابن عدي وغيرهم وقال: عبد الحق الجعفي ساقط الحديث ثابت
الكذب قائل بالمرجئة قال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب منه وقال
الذهبي: هو واه بمرة وقال ابن حجر: طرقه كلها معلولة اه.
قال الذهبي: وله طرق أخرى كلها واهية
_________
(1) قال ابن قاسم العبادي في حاشيته على المنهج ويدل على
وجوبها على المأموم حديث عبادة بن الصامت قال: كنا نصلي
خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فثقلت عليه
القراءة فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلفي قلنا: نعم قال:
لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فما ورد أن قراءة الإمام
قراءة المأموم يحمل على السورة جمعا بينهما وخبر من صلى
خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة ضعيف عند الحافظ كما بينه
الدارقطني
(6/208)
8973 - (من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن
مصلانا) وفي رواية الخطيب لا يحضر مصلانا وأخذ بظاهره جمع
منهم الليث فأوجبوها على الموسر وأوجبها أبو حنيفة على من
يملك نصابا وجعلها الشافعية وأكثر المالكية سنة كفاية
لكنها متأكدة خروجا من الخلاف (1)
(هـ ك) في باب الأضحية (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح
وصحح الترمذي وقفه وقال ابن حزم: حديث لا يصح
_________
(1) قال الدميري: اختلف العلماء في وجوب الأضحية على
الموسر فقال جمهورهم: هي سنة في حقه إن تركها بلا عذر لم
يأثم ولا قضاء عليه. وقال ربيعة والأوزاعي والليث: أنها
واجبة على الموسر والمشهور عن أبي حنيفة أنها واجبة على
مقيم يملك نصابا وعندنا أنها سنة من سنن الكفاية في حق أهل
البيت الواحد
(6/208)
8974 - (من كان له شعر فليكرمه) بتعهده
بالتسريح والترجيل والدهن ولا يتركه حتى يتشعث ويتلبد لكنه
لا يفرط في المبالغة في ذلك للنهي عن الترجل إلا غبا
(هـ) في الترجيل (عن أي هريرة) رمز لحسنه وأصله قول ابن
حجر في الفتح: إسناده حسن وله شواهد من حديث عائشة في
الغيلانيات وسنده أيضا حسن اه. لكن قال الحافظ العراقي:
إسناده ليس بالقوي وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد
وهو وإن كان من أكابر العلماء ووثقه مالك لكن في الميزان
عن ابن معين والنسائي تضعيفه وعن يحيى ابن أبي حاتم: لا
يحتج به وعن أحمد: مضطرب الحديث ثم قال أعني في الميزان:
ومن مناكيره خبر من كان له شعر فليكرمه
(6/208)
[ص:209] 8975 - (من كان له صبي فليتصابى
له) أي من كان له ولد صغير ذكرا أو أنثى فليتصابى له بلطف
ولين في القول والفعل ويفرحه ليسره
(ابن عساكر) في تاريخه من حديث أبي سفيان القتبي (عن
معاوية) الخليفة قال أبو سفيان: دخلت على معاوية وهو مستلق
على ظهره وعلى صدره صبي أو صبية تناغيه فقلت: أمط هذا عنك
يا أمير المؤمنين قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه
وآله وسلم يقول فذكره وفيه محمد بن عاصم قال الذهبي في
الضعفاء: مجهول بيض له أبو حاتم وقضية كلام المصنف أنه لم
يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن
الديلمي خرجه باللفظ المزبور عن معاوية
(6/209)
8976 - (من كان له قلب صالح) أي نية صادقة
صالحة (تحنن الله عليه) أي عطف عليه برحمته
(الحكيم) الترمذي (عن بريد) تصغير برد
(6/209)
8977 - (من كان له مال فلير عليه أثره) فإن
الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده حسنا كما مر في عدة
أخبار قال الغزالي: وينوي بذلك امتثال أمر الله من ستر
عورته وتجمله وليحذر أن يكون قصده من لباسه مراءاة الخلق
(طب عن أبي حازم) الأنصاري مولى بني بياضة وأورد حديثه أبو
داود في المراسيل رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه يحيى
بن يزيد بن أبي بردة وهو ضعيف
(6/209)
8978 - (من كان له وجهان في الدنيا) يعني
من كان مع كل واحد من عدوين كأنه صديقه ويعده أنه ناصر له
ويذم ذا عند ذا أو ذا عند ذا يأتي قوما بوجه وقوما بوجه
على وجه الإفساد (كان له يوم القيامة لسانان من نار) كما
كان في الدنيا له لسان عند كل طائفة قال الغزالي: اتفقوا
على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق وللنفاق علامات هذه
منها نعم إن جامل كل واحد منهما وكان صادقا لم يكن ذا
لسانين فإن نقل كلام كل منهما للآخر فهو نمام دون لسان
وذلك شر من النميمة وقيل لابن عمر: إنا ندخل على أمرئنا
فنقول القول فإذا خرجنا قلنا غيره قال: كنا نعده نفاقا على
عهد المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فهذا نفاق
إذا كان غنيا عن الدخول على الأمير والثناء عليه فلو
استغنى عن الدخول فدخل فخاف إن لم يثن عليه فهو نفاق لأنه
المحوج نفسه إليه فإن استغنى عن الدخول لو قنع بقليل وترك
المال والجاه فدخل لضرورتهما فهو منافق وهذا معنى خبر حب
المال والجاه ينبت النفاق في القلب لأنه يحوج إلى رعايتهم
ومداهنتهم أما إن ابتلي به لضرورة وخاف إن لم يثن فهو
معذور فإن اتقاء الشر جائز
(د) في الأدب (عن عمار) بن ياسر رمز لحسنه قال الحافظ
العراقي: سنده حسن اه لكن قال الصدر المناوي: فيه شريك بن
عبد الله القاضي وفيه مقال نعم رواه البخاري في الأدب
المفرد بسند حسن
(6/209)
8979 - (من كان يؤمن بالله) أي إيمانا
كاملا منجيا من عذابه المتوقف على امتثال الأوامر الآتية
كمال الإيمان لا حقيقته وهو على المبالغة في الاستجلاب إلى
هذه الأفعال كما تقول لولدك إن كنت ابني فأطعني تهييجا له
على الطاعة ومبادرتها مع شهود حقوق الأبوة لا على أنه
بانتفاء طاعته تنتفي الأبوة (واليوم الآخر) وهو من آخر
أيام الحياة الدنيا إلى آخر ما يقع يوم القيامة وصف به
لأنه لا ليل بعده ولا يقال يوم إلا لما يعقبه ليل أي
بوجوده بما اشتمل عليه مما [ص:210] يجب الإيمان به فليفعل
ما يأتي فإن الأمر للوجوب حملا على حقيقته عند فقد الصارف
سيما وفرض انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الإيمان واكتفى بهما
عن الإيمان بالرسل والكتب وغيرهما لأن الإيمان باليوم
الآخر على ما هو عليه يستلزمه فإن إيمان اليهود به إيمان
بأن النار لا تمسهم أياما معدودة وأنه لا يدخل الجنة إلا
من كان هودا ونحو ذلك وإيمان النصارى به بأن الحشر ليس إلا
بالأرواح ليس إيمانا به على ما هو عليه والإيمان به كذلك
يستلزم الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو يستلزم
الإيمان بجميع ما جاء به وفي ذكره تنبيه وإرشاد لإيقاظ
النفس وتحرك الهمم للمبادرة لامتثال جواب الشرط وهو
(فليحسن) بلام الأمر هنا وفيما بعده ويجوز سكونها وكسرها
حيث دخلت عليها الفاء والواو بخلافها في ليصمت فمكسورة لا
غير وقول النووي هو بالضم اعترضوه (إلى جاره) أي من كان
يؤمن بجوار الله في الآخرة والرجوع إلى السكنى في جواره
بدار كرامته فليكرم جاره في الدنيا بكف الأذى وتحمل ما صدر
عنه منه والبشر في وجهه وغير ذلك كما لا يخفى رعايته على
الموفقين والجار من بينك وبينه أربعون دارا من كل جانب ثم
الأمر بالإكرام يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فقد يكون
فرض عين وقد يكون فرض كفاية وقد يكون مندوبا ويجمع الجميع
أن ذلك من مكارم الأخلاق (ومن كان يؤمن بالله واليوم
الآخر) أي يوم القيامة وصفه به لتأخره عن أيام الدنيا
ولأنه أخر إليه الحساب والإيمان به تصديق ما فيه من
الأحوال والأهوال (فليكرم ضيفه) الغني والفقير بطلاقة
الوجه والإتحاف والزيارة وقد عظم شأن الجار والضيف حيث قرر
حقهما بالإيمان بالله واليوم الآخر قال ابن تيمية: ولا
يحصل الامتثال إلا بالقيام بكفايته فلو أطعمه بعض كفايته
وتركه جائعا لم يكن له مكرما لانتفاء جزء الإكرام وإذا
انتفى جزءه كله وفي كتاب المنتخب من الفردوس عن أبي
الدرداء مرفوعا إذا أكل أحدكم مع الضيف فليلقمه بيده فإذا
فعل ذلك كتب له به عمل سنة صيام نهارها وقيام ليلها ومن
حديث قيس بن سعد من إكرام الضيف أن يضع له ما يغسل به حين
يدخل المنزل ومن إكرامه أن يركبه إذا انقلب إلى منزله إن
كان بعيدا ومن إكرامه أن يجلس تحته وأخرج ابن شاهين عن أبي
هريرة يرفعه من أطعم أخاه لقمة حلوة لم يذق مرارة يوم
القيامة (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا) أي
كلاما يثاب عليه قال الشافعي: لكن بعد أن يتفكر فيما يريد
التكلم به فإذا ظهر له أنه خير لا يترتب عليه مفسدة ولا
يجر إليها أتى به (أو ليسكت) وفي رواية للبخاري بدله يصمت
قال القرطبي: معناه أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين
على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو إما أن يتكلم بما يحصل
له ثوابا أو خيرا فيغنم أو يسكت عن شيء فيجلب له عقابا أو
شرا فيسلم وعليه فأو للتنويع والتقسيم فيسن له الصمت حتى
عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه وبفرض خلوه عن ذلك فهو
ضياع الوقت فيما لا يعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا
يعنيه وأثرها في رواية البخاري يصمت على يسكت لأنه أخص إذ
هو السكوت مع القدرة وهذا هو المأمور به أما السكوت مع
العجز لفساد آلة النطق فهو الخرس أو لتوقفها فهو العي
وأفاد الخبر أن قول الخير خير من الصمت لتقديمه عليه وأنه
إنما أمر به عند عدم قول الخبر قال القرطبي: وقد أكثر
الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل
تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان
وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن
يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات فحينئذ تخرج
تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة وهذا من جوامع
الكلم لأن القول كله خير أو شر أو آيل إلى أحدهما فدخل في
الخير كل مطلوب من فرضها وندبها فأذن فيه على اختلاف
أنواعه ودخل فيه ما يؤول إليه وما عدا ذلك مما هو شر أو
يؤول إليه فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت [ص:211] قال
بعضهم: اجتمع الحديث على أمور ثلاثة تجمع مكارم الأخلاق
وقال بعضهم: هذا الحديث من القواعد العظيمة العميقة لأنه
بين فيه جميع أحكام اللسان الذي هو أكثر الجوارح عملا
(حم ق ت هـ عن أبي شريح) بضم المعجمة وفتح الراء الخزاعي
الكعبي اسمه خويلد بن عمر أو غير ذلك حمل لواء قومه يوم
الفتح (وعن أبي هريرة)
(6/209)
8980 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)
أي يوم القيامة قالوا هذا من خطاب التهييج من قبيل {وعلى
الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} وقضيته أن استحلال هذا
المنهي عنه لا يليق بمن يؤمن بذلك فهذا هو المقتضي لذكر
هذا الوصف لا أن الكفار غير مخاطبين بالفروع ولو قيل لا
يحل لأحد لم يحصل الغرض (فلا يسق ماءه ولد غيره) يعني لا
يطأ أمة حاملا سباها أو اشتراها فيحرم ذلك إجماعا لأن
الجنين ينمو بمئة ويزيد في سمعه وبصره منه فيصير كأنه ابن
لهما فإذا صار مشتركا اقتضت المشاركة توريثه وهو ابن غيره
وتملكه وهو ابنه
(ت) وحسنه (عن رويفع) مصغر ابن ثابت الأنصاري يعد في
البصريين له صحبة ورواية. ولي لمعاوية غزة وإفريقية رمز
لحسنه ورواه أحمد وأبو داود وابن حبان بلفظ لا يحل لأحد
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره
(6/211)
8981 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)
خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له (فلا يروعن) بالتشديد
(مسلما) فإن ترويع المسلم حرام شديد التحريم ومنه يؤخذ أنه
كبيرة
(طب عن سليمان بن صرد) قال: صلى أعرابي مع النبي صلى الله
عليه وسلم ومعه قرن فأخذها بعض القوم فلما سلم قال
الأعرابي: القرن فكان بعض القوم ضحك فذكره رمز لحسنه قال
الهيثمي: رواه الطبراني من رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن
مسلم فإن كان هو العبدي فمن رجال الصحيح وإن كان المكي
فضعيف وبقية رجاله ثقات
(6/211)
8982 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)
أي يصدق بلقاء الله والقدوم عليه (فلا يلبس) أي الرجل
(حريرا ولا ذهبا) فإنه حرام عليه لما فيه من الخنوثة التي
لا تليق بشهامة الرجال
(حم ك عن أبي أمامة) ورواه عنه أيضا الديلمي والحارث بن
أبي أسامة
(6/211)
8983 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما) فقد يكون فيه نحو حية أو عقرب
وهو لا يشعر فيكون قد ألقى بنفسه الى التهلكة
(طب عن أبي أمامة) قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخفيه فلبس أحدهما ثم جاء غراب فالتبس الأخرى فرمى به
فوقعت منه حية فذكره. قال الهيثمي: صحيح إن شاء الله
(6/211)
8984 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فلا يدخل الحمام بغير إزار) ساتر لعورته والأولى كونه
سابغا (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته
الحمام) فإنه لها مكروه إلا لعذر كحيض ونفاس. قال الغزالي:
ويكره للرجل أن يعطيها أجرته فيكون كفاعل المكروه (ومن كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها
الخمر) وإن لم يشرب معهم لأنه تقرير على المنكر
(ت) في الاستئذان (ك) في الأدب (عن جابر) قال الترمذي: حسن
غريب وقال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال في
المنار بعد ما عزاه للترمذي: فيه ليث بن أبي سليم ضعيف وقد
رد من أجله أحاديث عدة وقضية صنيع المصنف أن الترمذي تفرد
به من بين الستة والأمر بخلافه فقد خرجه النسائي باللفظ
المزبور عن جابر المذكور فكان ينبغي للمصنف ضمه إليه
وإيثار الثاني فإن سنده أصح كما جزم به الصدر المناوي
وغيره ولهذا قال ابن حجر: أخرجه النسائي من حديث جابر
مرفوعا إسناده جيد [ص:212] وأخرجه الترمذي من وجه آخر بسند
فيه ضعف وأبو داود عن ابن عمر بسند فيه انقطاع وأحمد عن
ابن عمر
(6/211)
8985 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)
وفي رواية من كان يحب الله ورسوله (فليحب أسامة بن زيد)
فإنه حب رسوله وابن حبه
(حم عن عائشة) قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك قال الهيثمي:
رجاله رجال الصحيح
(6/212)
8986 - (من كتم شهادة إذا دعى إليها كان
كمن شهد بالزور) فكتمان الشهادة حرام شديد التحريم فهو من
الكبائر {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}
(طب) وكذا في الأوسط (عن أبي موسى) الأشعري وفيه عبد الله
بن صالح وثقه عبد الملك بن شعيب وضعفه جمع وذكر الهيثمي
كالمنذري أن جزرة كذبه وغيره ضعفه عن معاوية ابن صالح. قال
الذهبي في الضعفاء: ثقة وقال أبو حاتم: لا يحتج به عن
العلاء بن الحارث. قال الذهبي في الضعفاء: قال البخاري:
منكر الحديث
(6/212)
8987 - (من كتم على غال) أي ستر على من غل
في الغنيمة (فهو مثله) في الإثم في أحكام الآخرة لا الدنيا
ورأى بعض السلف أنه يحرق متاعه وعليه لا يعارضه الأمر
بالستر لأن المراد به الستر المندوب إليه كالستر على ذوي
الهيئات ممن انقضت معصيته
(د عن سمرة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد
قالوا: رجاله ثقات
(6/212)
8988 - (من كتم علما عن أهله ألجم) بالبناء
للمفعول والفاعل الله وفي رواية ألجمه الله (يوم القيامة
لجاما من نار) أي الممسك عن الكلام ممثل بمن ألزم نفسه
بلجام وتنكير علم في حيز الشرط يوهم شمول العموم لكل علم
حتى غير الشرعي وخصه كثير كالحليمي بالشرعي والمراد به ما
أخذ من الشرع أو توقف هو عليه توقف وجود كعلم الكلام أو
كمال كالنحو والمنطق والحديث نص في تحريم الكتم وخصه آخرون
بما يلزمه تعليمه وتعين عليه واحترز بقوله عن أهله كتمه عن
غير أهله فمطلوب بل واجب فقد سئل بعض العلماء عن شيء فلم
يجب فقال السائل: أما سمعت خير من كتم علما إلخ قال: اترك
اللجام واذهب فإن جاء من يفقهه فكتمته فليجمني وقوله تعالى
{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} تنبيه على أن حفظ العلم عمن
يفسده أو يضربه أولى وليس الظلم في إعطاء غير المستحق بأقل
من الظلم في منع المستحق وجعل بعضهم حبس كتب العلم من صور
الكتم سيما إن عزت نسخه وأخرج البيهقي عن الزهري إياك
وغلول الكتب قيل: وما غلولها قال: حبسها
(عد عن ابن مسعود) بإسناد ضعيف قال الزركشي: ورواه عبد
الله بن وهب المصري عن عبد الله بن عباس عن أبيه عن أبي
عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ من كتم علما
ألجمه الله بلجام من نار وهذا إسناده صحيح ليس فيه مجروح
وظن ابن الجوزي أن ابن وهب هو النشوي الذي قال فيه ابن
حبان دجال وليس كذلك اه ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه
وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وحسنه بلفظ من
علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار وقال
الذهبي: سنده قوي
(6/212)
[ص:213] 8989 - (من كثرت صلاته بالليل حسن
وجهه بالنهار) أي استنار وجهه وعلاه بهاءا وضيئا وفي
العوارف وجهان في معنى هذا الحديث أحدهما اكتسابه نورا
وضياءا والثاني أن وجوه أموره التي يتوجه إليها تحسن
وتدركه المعونة منه تعالى في تصاريفه وأسراره والتوفيق في
أقواله وأفعاله وقال غيره: التهجد بالليل يغسل الوجه عن
الكدورات الحادثة بالنهار عن رؤية الأغيار التي لها خدش في
القلب كالدنيا وجعل صاحب الكافي من الحنفية هذا دليلا على
أن حسن الوجه من الصفات التي يقدم بها للإمامة فقال: قوله
أحسنهم وجها أي أكثرهم صلاة بالليل لهذا الحديث قال في
الفتح: والمحدثون لا يثبتونه
(هـ عن جابر) بن عبد الله قال العقيلي: حديث باطل لا أصل
له ولم يتابع ثابتا عليه ثقة وأطنب ابن عدي في رده وأنه
منكر بل مثلوا به للموضوع غير المقصود وممن مثل له به
الحافظ العراقي في متن الألفية وقال: لا أصل له ولم يقصد
ثابت وضعه وإنما دخل على شريك وهو بمجلس إملائه عند قوله
حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فقال شريك متصل بالسند أو
المتن حين نظر إلى ثابت ممازحا له من كثرت صلاته إلخ معرضا
بزهده وعبادته فظن ثابت أن هذا متن السند فحدث به اه. ومن
العجب العجاب أن المؤلف قال في كتابه أعذب المناهل: إن
الحفاظ حكموا على هذا الحديث بالوضع وأطبقوا على أنه موضوع
هذه عبارته فكيف يورده في كتاب ادعى أنه صانه عما تفرد به
وضاع وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الذهبي: فيه
ثابت بن موسى الضبي الكوفي العابد قال يحيى: كذاب وقال
غيره: خبر باطل وقال الحاكم: هذا لم يثبت عن المصطفى صلى
الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم ينطق به قط علماء
الحديث
(6/213)
8990 - (من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر
سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به) لأن
السقط ما لا عبرة به ولا نفع فيه فإن كان لغوا لا إثم فيه
حوسب على تضييع عمره وكفران النعمة يصرف نعمة اللسان عن
الذكر إلى الهذيان وقلما سلم من الخروج إلى ما يوجب الآثام
فتصير النار أولى به من الجنة لذلك ولهذا قال لقمان لابنه
لو كان الكلام من فضة لكان السكوت من ذهب وقال الغزالي: لا
تبسطن لسانك فيفسد عليك شأنك وفي المثل السائر رب كلمة
تقول لصاحبها دعني ونظر بعضهم إلى رجل يكثر الكلام فقال:
يا هذا ويحك إنما تملي كتابا إلى ربك يقرأ على رؤوس
الأشهاد يوم الشدائد والأهوال وأنت عطشان عريان جوعان
فانظر ماذا تملي؟ ولابن المبارك:
احفظ لسانك إن اللسا. . . ن سريع إلى المرء في قتله
وإن اللسان دليل الفؤا. . . د يدل الرجال على عقله
ولابن مطيع:
لسان المرء ليث في كمين. . . إذا خلى عليه له إغاره
فصنه عن الخنا بلجام صمت. . . يكن لك من بليته ستاره
قال عمر للأحنف: يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح
استخف به ومن أكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه
ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه
مات قلبه وقال معاوية يوما: لو ولد أبو سفيان الخلق كلهم
كانوا عقلاء فقال له رجل: قد ولد من هو خير من أبي سفيان
فكان فيهم العاقل والأحمق فقال معاوية: من كثر كلامه كثر
سقطه
(طس) وكذا القضاعي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي:
وفيه من لا أعرفهم وأعاده في [ص:214] محل آخر وقال: فيه
جماعة ضعفاء وقد وثقوا اه. وفي الميزان: إنه خبر ساقط وذلك
في ترجمة إبراهيم بن الأشعث أحد رواته أن أبا حاتم قال:
كنا نظن به الخير فقد جاء بمثل هذا الحديث وذكر حديثا
ساقطا ثم ساق هذا الحديث بعينه وذكر ابن الحباب في الثقات
يغرب وينفرد ويخفي ويخالف اه وقال الزين العراقي: رواه في
الحلية عن ابن عمر وسنده ضعيف وابن حبان في روضة العقلاء
والبيهقي في الشعب موقوفا وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح
وقال العسكري: أحسب هذا الحديث وهما لأن هذا الكلام إنما
يروى عن عمر من قوله
(6/213)
8991 - (من كذب بالقدر) محركا (فقد كفر بما
جئت به) وفي رواية الطبراني فقد كفر بما أنزل على محمد صلى
الله عليه وسلم وهذا مسوق للزجر والتهويل والأصح عدم تكفير
أهل القبلة
(عد عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الخطاب قال ابن الجوزي:
حديث لا يصح وفيه سوار بن عبد الله قال أحمد والنسائي يحيى
متروك اه وفي الميزان قال الثوري: سوار ليس بشيء وفي
اللسان أورده العقيلي في ترجمته وقال: يروي في القدر
أحاديث صحاحا فأما بهذا اللفظ فلا يحفظ إلا عنه اه ثم
ناقشه ورواه الطبراني أيضا لكنه قال بما أنزل على محمد صلى
الله عليه وسلم قال الهيثمي: وفيه محمد بن الحسين القصاص
لم أعرفه وبقية رجاله ثقات
(6/214)
8992 - (من كذب في حلمه كلف يوم القيامة
عقد شعيرة) لأن الرؤيا نوع من الوحي يريه الله تعالى عبده
فمن كذب فيه فقد كذب في نوع من الوحي فاستحق الوعيد الشديد
وقيل معناه ليس أن ذلك عذابه وجزاؤه بل أن يجعل ذلك شعاره
ليعلم به أنه كان يزور الأحلام. قال القاضي: ولفظه كلف
يشعر بالمعنى الأول قال ابن العربي: وخص الشعير بذلك لما
بينهما من نسبة تلبسه بما لم يشعر به
(حم ت ك) في باب الرؤيا (عن علي) أمير المؤمنين قال
الحاكم: وتعقبه ابن القطان بأن فيه عبد الأعلى بن عامر
ضعفه أبو زرعة وغيره ثم إن كلام المصنف كالصريح في أن هذا
غير موجود في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه
بل هو كما قال الحافظ العراقي في البخاري من حديث ابن عباس
(6/214)
8993 - (من كذب علي متعمدا) أي من أخبر عني
بشيء على خلاف ما هو عليه (فليتبوأ) بسكون اللازم فليتخذ
أو فلينزل أصله من إباء الإبل وهي أعطانها أمر بمعنى الخبر
أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء عليه أي بوأه
الله ذلك أو خبر بلفظ الأمر ومعناه استوجب ذلك فليوطن نفسه
عليه والمراد أن هذا جزاؤه وقد يغفر له أو الأمر على
حقيقته والمعنى من كذب فليأمر نفسه بالبواء ويلزم عليه ذكر
الأخير الكرماني قال ابن حجر: وأولها أولاها (مقعده من
النار) قال الطيبي: فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب
وجزائه كما أنه قصد بالكذب التعمية فليقصد في جزائه البوار
وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك من أكبر الكبائر سيما في الدين
وعليه الإجماع ولا التفات إلى ما شذ به الكرامية [ص:215]
من حل وضع الحديث في الترغيب والترهيب واقتدى بهم بعض جهلة
المتصوفة فأباحوه في ذلك ترغيبا في الخير بزعمهم الباطل
وهذه غباوة ظاهرة وجهالة متناهية قال ابن جماعة وغيره:
وهؤلاء أعظم الأصناف ضررا وأكثر خطرا إذ لسان حالهم يقول
الشريعة محتاجة لكذا فنكملها ومن هذه الطبقة واضع حديث
فضائل القرآن وظاهر الخبر عموم الوعيد في كل كذب وتخصيصه
بالكذب في الدين لا دليل عليه ولو قصد الكذب عليه ولم يكن
في الواقع كذبا لم يدخل في الوعيد لأن إثمه من جهة قصده
واستشكل هذا بأن الكذب معصية مطلقا إلا لمصلحة والعاصي
متوعد بالنار فما الذي امتاز به الكاذب عليه وأجيب بأن
الكذب عليه يكفر متعمده عند جمع منهم الجويني لكن ضعفه
ابنه بأن الكذب عليه كبيرة وعلى غيره صغيرة ولا يلزم أن
يكون مقر الكاذبين واحدا
(حم ق ت هـ عن أنس) بن مالك (حم خ د ن هـ عن الزبير) بن
العوام (م عن أبي هريرة) الدوسي (ت عن علي) أمير المؤمنين
(حم هـ عن جابر) بن عبد الله (وعن أبي سعيد) الخدري (ت هـ
عن ابن مسعود) عبد الله (حم ك عن خالد بن عرفطة) العذري
وصحف من قال عرفجة (وعن زيد بن أرقم) الأنصاري الخزرجي (حم
عن سلمة بن الأكوع) هو أبو عمرو بن الأكوع (وعن عقبة بن
عامر) الجهني (وعن معاوية) بن أبي سفيان الخليفة (طب عن
السائب بن يزيد) بن سعيد بن ثمامة الكندي (وعن سلمان بن
خالد الخزاعي وعن صهيب) الرومي (وعن طارق) بالقاف (ابن
أشيم) بالمعجمة وزن أحمد بن مسعود الأشجعي (وعن طلحة بن
عبيد الله) أحد العشرة (وعن ابن عباس) بن عبد المطلب (وعن
ابن عمر) بن الخطاب (وعن ابن عمرو) بن العاص (وعن عتبة بن
غزوان) بفتح المعجمة وسكون الزاي ابن جابر المازني صحابي
جليل (وعن العروس بن عميرة وعن عمار بن ياسر) بكسر المهملة
(وعن عمرو بن مرة الجهني وعن المغيرة) بضم الميم (ابن شعبة
وعن يعلى بن مرة وعن أبي عبيدة بن الجراح وعن أبي موسى
الأشعري (طس عن البزار عن معاذ بن جبل وعن نبيط) بالتصغير
(ابن شريط) بفتح المعجمة الأشجعي الكوفي صحابي صغير (وعن
ميمونة) أم المؤمنين (قط في الأفراد عن أبي رمثة) بكسر
الراء وسكون الميم وبالمثلثة (وعن ابن الزبير وعن أبي رافع
وعن أم أيمن) بركة الحبشية (خط عن سلمان الفارسي وعن أبي
أمامة) الباهلي (ابن عساكر عن رافع بن خديج) بفتح المعجمة
وكسر المهملة (وعن زيد بن أسد عن عائشة ابن صاعد في طرقه
عن أبي بكر الصديق وعن عمر بن الخطاب وعن سعد بن بن أبي
وقاص وعن حذيفة بن أبي أسيد وعن حذيفة بن اليمان أبو مسعود
ابن الفرات في جزئه عن عثمان بن عفان البزار عن سعيد بن
زيد عن أسامة بن زيد وعن بريدة وعن سفينة وعن أبي قتادة
أبو نعيم في المعرفة عن جندع بن عمرو وعن مسعود بن المدحاس
وعن عبد الله بن زغب بن قانع عن [ص:216] عبد الله بن أبي
أوفي ك في المدخل عن عفان بن حبيب عد عن غزوان وعن أبي
كبشة ابن الجوزي في مقدمة الموضوعات عن أبي ذر وعن أبي
موسى الغافقي) ظاهر استقصاء المصنف في تعداده المخرجين
والرواة أنه لم يروه من غير ذكر وليس كذلك بل قال ابن
الجوزي: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وتسعون
صحابيا منهم العشرة ولا يعرف ذلك لغيره وخرجه الطبراني عن
نحو هذا العدد وذكر ابن دحية أنه خرج من نحو أربع مئة طريق
وقال بعضهم: رواه مائتان من الصحابة وألفاظهم متقاربة
والمعنى واحد ومنها من نقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده
من النار قالوا وهذا أصعب ألفاظه وأشقها لشموله للمصحف
واللحان والمحرف وقال ابن الصلاح: ليس في مرتبته من
التواتر غيره لكن نوزع
(6/214)
8994 - (من كذب علي فهو في النار) ظاهره
ولو مرة قال أحمد: فيفسق وترد شهادته ورواياته ولو تاب
وحسنت حالته تغليظا عليه وغالب الكذابين على النبي صلى
الله عليه وسلم زنادقة أرادوا تبديل الدين قال حماد: وضعت
الزنادقة أربعة عشر ألف حديث
<تنبيه> قال البيضاوي: ليس كل ما ينسب إلى الرسول صلى الله
عليه وسلم صدقا والاستدلال فيه جائزا فإنه روى عن شعبة
وأحمد والبخاري ومسلم أن نصف الحديث كذب وقد قال عليه
الصلاة والسلام إنه سيكذب علي فهذا الخبر إن كان صدقا فلا
بد أن يكذب عليه وقال من كذب علي متعمدا الحديث وإنما وقع
هذا من الثقات لا عن تعمد بل لنسيان كما روي أن ابن عمر
روى أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فبلغ ابن عباس قال: ذهب
أبو عبد الرحمن إنه صلى الله عليه وسلم مر بيهودي يبكي على
قبر فذكره أو لالتباس لفظ بلفظ أو تغيير عبارة ونقل
بالمعنى نظيره أن ابن عمر روى أنه وقف على قتلى بدر فقال
هل وجدتم ما وعد ربكم حفا ثم قال إنهم يسمعون ما أقول فذكر
ذلك لعائشة فقالت لا بل قال لتعلمون ما أقول إن الذي كنت
أقول لهم هو الحق أو لأنه ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم
حكاية فظن الراوي أنه من عنده أو لأن ما قاله مختص بسبب
فغفل الراوي عنه كما روي أنه قال التاجر فاجر فقالت عائشة:
إنما قاله في تاجر يدلس وقد يقع عن تعمد إما عن ملاحدة
طعنا في الدين وتنفيرا للعقلاء عنه وإما عن الغلاة
المتعصبين تقريرا لمذهبهم وردا لخصومهم كما روي أنه قال
سيجيء أقوام يقولون القرآن مخلوق فمن قال ذلك فقد كفر أو
جهلة القصاص ترقيقا لقلوب العوام وترغيبا لهم في الأذكار
أو لغير ذلك
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/216)
8995 - (من كذب في حلمه متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار) أشار بإيراده هذا الحديث غب الكذب عليه
إلى أن الكذب عليه في الرؤيا كالكذب عليه في الرواية وربما
كان أغلظ لاجتماع الكذب في رؤيا المنام مع الكذب عليه في
اليقظة ولما عجز الكذبة في هذه العصور وقبلها عن افتراء
الكذب في الرواية لجهلهم بمعرفة الأسانيد والمتون عدلوا
إلى وضع منامات مكذوبة فيها أوامر ونواه بألفاظ عامية
وكلمات ركيكة وتراكيب ضعيفة فعلى المكلف الضرب عن ذلك صفحا
واعتقاد أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى ترك
الناس على شريعة بيضاء ليلها كنهارها لا تحتاج إلى تتمة
ولا تفتقر إلى زيادة وحسبك في الرد عليهم {اليوم أكملت لكم
دينكم}
(حم عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه
(6/216)
8996 - (من كرم أصله وطاب مولده حسن محضره)
فكان مفتاحا للخير مغلاقا للشر ولا يذكر أحد في المجلس إلا
بخير
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي:
قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ورواه الديلمي
عن ابن عمر
(6/216)
[ص:217] 8997 - (من كظم غيظا) أي أمسك وكف
عن إمضائه من كظمت القربة إذا ملأنها وشددت رأسها ذكره
القاضي (وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا)
لأنه قهر النفس الأمارة بالسوء فانحلت ظلمة قلبه فامتلأ
يقينا وإيمانا ولهذا أثنى الله على الكاظمين الغيظ في
كتابه وكان ذلك من آداب الأنبياء والمرسلين ومن ثم خدم أنس
المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين فلم يقل له في
شيء فعله لم فعلته ولا في شيء تركه لم تركته
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن
أبي هريرة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: فيه من لم يسم
ورواه أبو داود باللفظ المزبور لكنه قال على أن ينفذه بدل
إنفاذه قال ابن طاهر: وفي إسناده مجهول وأورده في الميزان
في ترجمة عبد الجليل وقال: قال البخاري: لا يتابع عليه
ورواه الطبراني في الأوسط والصغير بلفظ من كظم غيظا وهو
قادر على إنفاذه زوجه الله من الحور العين يوم القيامة ومن
ترك ثوب جمال وهو قادر على لبسه كساه الله رداء الإيمان
يوم القيامة ومن أنكح عبدا وضع الله على رأسه تاج الملك
يوم القيامة قال الهيثمي: فيه بقية مدلس ورواه الطبراني من
حديث أبي مرحوم عن معاذ مرفوعا بلفظ " من كظم غيظا وهو
قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلق يوم القيامة
حتى يزوجه من أي الحور شاء " قال في المهذب: أبو مرحوم ليس
بذاك
(6/217)
8998 - (من كف غضبه) وفي رواية لسانه (ستر
الله عورته) أي من منع نفسه عند هيجان الغضب عن أذى معصوم
فعاجل ثوابه أن يستر عورته في الدنيا ومن ستره فيها لا
يهتكه في الآخرة ولا يعذبه بنارها لأن من وراء الستر الرضا
والنار إنما تلظت وتسعرت لغضبه فإذا كف العبد غضبه ستر
الله عورته وأما ما صح أن موسى اغتسل عريانا فوضع ثوبه على
حجر في خلوة ففر به فعدا وراءه يقول ثوبي يا حجر ويضربه
بعصاه حتى أثرت فيه فهو ضرب تأديب لا انتقام
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (عن ابن عمر) بن الخطاب قال
الزين العراقي: إسناده حسن
(6/217)
8999 - (من كفن ميتا) أي قام له بالكفن من
ماله واحتمال أن المراد فعل التكفين لا يلائم السياق (كان
له بكل شعرة منه حسنة) يعطاها في الآخرة والظاهر أن المراد
الميت المعسر العاجز عن الكفن وليس له من يلزمه مؤونة
تجهيزه ويحتمل التعميم وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي " من
كفن ميتا كساه الله من السندس "
(خط عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي: تفرد به أبو
العلاء خالد بن طهمان وتفرد به عنه الصلت بن الحجاج قال
يحيى: خالد ضعيف وابن عدي: عامة أحاديث الصلت منكرة وفي
الميزان: الظاهر أن هذا حديث موضوع
(6/217)
9000 - (من كنت مولاه فعلي مولاه) أي وليه
وناصره ولاء الإسلام {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} وخصه
لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته وفهمه وحسن سيرته وصفاء
سريرته وكرم شيمته ورسوخ قدمه قيل سببه أن أسامة قال لعلي:
لست مولاي إنما مولاي رسول الله فقال النبي صلى الله تعالى
عليه وعلى آله وسلم ذلك ومن الغريب ما ذكره في لسان
الميزان في ترجمة اسفنديار بن الموفق الواعظ أنه كان يتشيع
وكان متواضعا عابدا زاهدا عن ابن الجوزي [ص:218] أنه حكى
عن بعض العدول أنه حضر مجلسه فقال لما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه تغير وجه أبي بكر
وعمر ونزلت {فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا} الآية
هكذا ذكره الحافظ في اللسان بنصه ولم أذكره إلا للتعجب من
هذا الضلال وأستغفر الله قال ابن حجر: حديث كثير الطرق جدا
استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان وفي
بعضها قال ذلك يوم غدير خم وزاد البزار في رواية " اللهم
وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه
وانصر من نصره واخذل من خذله " ولما سمع أبو بكر وعمر ذلك
قالا فيما خرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص " أمسيت يا
بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة " وأخرج أيضا قيل لعمر
إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من الصحابة قال إنه
مولاي وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة أن النبي صلى الله
عليه وعلى آله وسلم لما قال ذلك طار في الآفاق فبلغ الحارث
بن النعمان فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
فقال: يا محمد أمرتنا عن الله بالشهادتين فقبلنا وبالصلاة
والزكاة والصيام والحج فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي
ابن عمك تفضله علينا فهذا شيء منك أم من الله فقال: "
والذي لا إله إلا هو إنه من الله " فولى وهو يقول: اللهم
إن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم حقا فأمطر علينا
حجارة من السماء أو اتتنا بعذاب أليم فما وصل لراحلته حتى
رماه الله بحجر فسقط على هامته فخرج من دبره فقتله ولا حجة
في ذلك كله على تفضيله على الشيخين كما هو مقرر بمحله من
فن الأصول
(حم هـ عن البراء) بن عازب (حم عن بريدة) بن الحصيب (ت ن
والضياء) المقدسي (عن زيد بن أرقم) قال الهيثمي: رجال أحمد
ثقات وقال في موضع آخر: رجاله رجال الصحيح وقال المصنف:
حديث متواتر
(6/217)
9001 - (من كنت وليه فعلي وليه) يدفع عنه
ما يكره قال الشافعي: عنى به ولاء الإسلام ورواه الديلمي
بلفظ " من كنت نبيه فعلي وليه " ولهذا قال أبو بكر فيما
أخرجه الدارقطني " على عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم
" أي الذين حث على التمسك بهم
(حم ن ك عن بريدة) بن الحصيب قال الهيثمي في موضع: رجاله
موثقون وفي آخر: رجاله ثقات وفي آخر: رجاله رجال الصحيح
(6/218)
9002 - (من لبس الحرير في الدنيا) أي من
الرجال كما أفاده الحديث المار " حرم الحرير والذهب على
ذكور أمتي وأحل لإناثهم " (لم يلبسه في الآخرة) أي جزاؤه
أن لا يلبسه فيها لاستعجاله ما أمر بتأخيره ووعد به فحرمه
عند ميقاته كوارث قتل مورثه {أذهبتم طيباتكم في حياتكم
الدنيا واستمتعتم بها} وهذا وعيد مقتض لهذا الحكم وقد
يتخلف لمانع وقد دلت النصوص القرآنية على أن التوبة لحوق
الوعيد وكذا الحسنات الماحية والمصائب المكفرة والدعاء
والشفاعة بل وشفاعة أرحم الراحمين إلى نفسه ولمالك الجزاء
إسقاطه وهذا الحديث نظير " من شرب الخمر في الدنيا لم
يشربها في الآخرة "
(حم ق) في اللباس (ن) في الزينة كلهم (عن أنس) بن مالك
(6/218)
9003 - (من لبس ثوب الشهرة) أي ثوب تكبر
وتفاخر والشهرة هي التفاخر في اللباس المرتفع أو المنخفض
للغاية ولهذا قال ابن القيم: هو من الثياب الغالي والمنخفض
وقال ابن الأثير: ظهور الشيء في شنعة حتى بظهره للناس
(أعرض الله عنه) أي لم ينظر الله إليه نظر رحمة ويستمر ذلك
(حتى يضعه متى وضعه) بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب
وقال ابن الأثير: المراد به ما ليس من لبس الرجال يعني
يشتهر بينهم بمخالفة ثوبه لألوان ثيابهم وليس ذا مختصا
[ص:219] بالثياب بل يحصل لمن لبس ما يخالف ملبوس الناس
فيعجبوا من لباسه ويعتقدوه وقال القاضي: المراد بثوب
الشهرة ما لا يحل لبسه وإلا لما رتب الوعيد عليه أو ما
يقصد بلبسه التفاخر والتكبر على الفقراء والإدلال والتيه
عليه وكسر قلوبهم أو ما يتخذه المساخر ليجعل به نفسه ضحكة
بين الناس أو ما يرائي به من الأعمال فكنى بالثوب عن العمل
وهو شائع والأظهر الأول لملاءمته لقوله ألبسه الله ثوب
مذلة
(هـ والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) وضعفه المنذري وقال
غيره: فيه وكيع بن محرز الشامي قال في الميزان: قال
البخاري رحمه الله تعالى: عنده عجائب وساق هذا منها وقال
أبو حاتم: لا بأس به
(6/218)
9004 - (من لبس ثوب شهرة) قال القاضي:
الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث يشتهر به (ألبسه الله يوم
القيامة) التي هي دار الجزاء وكشف الغطاء (ثوبا مثله) كذا
بخط المصنف وفي رواية ثوب مذلة أي يشمله بالذل كما يشمل
الثوب البدن في ذلك الجمع الأعظم بأن يصغره في العيون
ويحقره في القلوب لأنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على
غيره فيلبسه الله مثله (ثم تلهب فيه النار) عقوبة له بنقيض
فعله والجزاء من جنس العمل فأذله الله كما عاقب من أطال
ثوبه خيلاء بأن خسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة
ولبس الدنيء من الثياب يذم في موضع ويحمد في موضع فيذم إذا
كان شهرة وخيلاء ويمدح إذا كان تواضعا واستكانة كما أن لبس
الرفيع منها يذم إذا كان لكبر أو فخر ويمدح إذا كان تجملا
وإظهارا للنعمة
(د هـ) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري:
إسناده حسن اه وقال عبد الحق: فيه شريك بن عثمان بن أبي
زرعة اه قال ابن القطان: يوهم ضعف عثمان وما به ضعف اه.
ورواه عنه أيضا النسائي في الزينة فما أوهمه صنيع المصنف
من تفرد ذينك عن السنة به غير لائق
(6/219)
9005 - (من لبس الحرير) أي من الرجال (في
الدنيا) أي عامدا عالما بلا عذر (ألبسه الله يوم القيامة
ثوبا) أو قال يوما هكذا ذكره المنذري (من نار) جزاء بما
عمل وفي رواية " من لبس ثوب حرير في الدنيا ألبسه الله يوم
القيامة ثوب مذلة من النار أو ثوبا من النار " كذا ساقه
المنذري
(حم) وكذا الطبراني (عن جويرية) تصغير جارية قال الهيثمي:
فيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه اه. وقال المنذري عقب
عزوه لأحمد والطبراني: فيه جابر الجعفي قال: ورواه البزار
عن حذيفة رضي الله عنه موقوفا " من لبس ثوب حرير ألبسه
الله يوما من نار ليس من أيامكم ولكن من أيام الله الطوال
"
(6/219)
9006 - (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته)
الماحية لذلك (أن يعتقه) أي ندبا وأجمعوا على عدم وجوبه
قال ابن العربي: إذا لطمته فقد ظلمته وفعلت به ما ليس لك
فعله فتعين النظر في مغفرة ذلك الذنب بما يقارنه ويناسبه
من العمل وهو العتق لينجو اللاطم من النار باخراج الملطوم
من الرق فإن قيل: وباللطمة يستحق النار قلنا: حق الآدمي لا
يسقط إلا برضاه واللطمة قد تكون بسبب دخول صاحبها النار
بأن تصادفه وقد استوت حسناته وسيئاته فتوضع اللطمة في كفة
السيئات فترجح فيقتضي النار فيكون عتقها عاصما منها أجرا
في مقابل وزر محلا بمحل
(حم م د عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/219)
9007 - (من لعب بالنرد فقد عصى الله
ورسوله) وفي رواية مسلم " من لعب بالنردشير فكأنما صنع يده
في لحم الخنزير ودمه " والنردشير هو النرد ومعناه الفرس
حلو قيل: سبب حرمته أن واضعه سابور بن أزدشير أول ملوك
ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول
الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يوما والسواد والبياض
بالليل [ص:220] والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة
والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما
ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان
واللعب بها بالكسب فصار من يلعب بها حقيقا بالوعيد المفهوم
من تشبيه أحد الأمرين بالآخر لاجتهاده في إحياء سنة المجوس
المستكبرة على الله. وقد اتفق السلف على حرمة اللعب به
ونقل ابن قدامة عليه الإجماع ولا يخلو عن نزاع قال
الزمخشري: دخلت في زمن الحداثة على شيخ يلعب بالنرد مع آخر
يعرف بازدشير فقلت الأزدشير النردشير بئس المولى وبئس
العشير
(حم د هـ) في الأدب (ك) في الإيمان (عن أبي موسى) الأشعري
قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي ولم يضعفه أبو داود
قال ابن حجر: وهم من عزاه لمسلم
(6/219)
9008 - (من لعب بطلاق أو عتاق) أي قال:
طلقت زوجتي أو أعتقت عبدي هازلا (فهو كما قال) أي فيقع
الطلاق والعتق فإن هزلهما جد كما مر
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم
المكي وهو ضعيف فرمز المصنف لحسنه لا يحسن
(6/220)
9009 - (من لعق الصحفة ولعق أصابعه) من أثر
الطعام (أشبعه الله في الدنيا والآخرة) يحتمل الدعاء
والخبر قال زين الحفاظ العراقي: وينبغي في لعق الأصابع
الابتداء بالوسطى فالسبابة فالإبهام كما ثبت في حديث كعب
بن عجرة اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وسببه أن
الوسطى أكثرها تلوثا بالطعام لكونها أعظم الأصابع وأطولها
فينزل في الطعام منها أكثر منهما وينزل من السبابة فيه
أكثر من الإبهام لطول السبابة عليها ويحتمل أن البداءة
بالوسطى لأنه ينتقل منها إلى جهة اليمين في لعق الأصابع
وذلك لأن الذي يلعق أصابعه يكون بطن كفه إلى جهة وجهه فإذا
ابتدأ بالوسطى انتقل للسبابة على جهة يمينه ثم الإبهام
كذلك بخلاف ما لو بدأ بالإبهام فإنه ينتقل إلى جهة يساره
وهذا أظهر الاحتمالات
(طب عن العرباض) بن سارية قال زين الحفاظ العراقي: فيه شيخ
الطبراني إبراهيم بن محمد بن عزق ضعفه الذهبي وقال
الهيثمي: فيه رجل مجهول
(6/220)
9010 - (من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر)
قال الطيبي: صفة لغدوات أي غدوات كائنة في كل شهر (لم يصبه
عظيم من البلاء) لما في العسل من المنافع الدافعة للأدواء
وتخصيص الثلاث لسر علمه الشارع والعسل يذكر ويؤنث وأسماؤه
تزيد على المئة ومن منافعه أنه يجلي وسخ العروق والأمعاء
ويدفع الفضلات ويغسل خمل المعدة ويشدها ويسخنها باعتدال
ويفتح أفواه العروق ويحلل الرطوبة أكلا وطلاء وتغذية وينقي
الكبد والصدر والكلى والمثانة ويدر البول والطمث وينفع
السعال البلغمي وغير ذلك وهو غذاء من الأغذية ودواء من
الأدوية وشراب من الأشربة وحلوى من الحلاوات وطلاء من
الأطلية ومفرح من المفرحات
(هـ) عن إدريس بن عبد الكريم المغربي عن أبي الربيع
الزهراني عن سعيد بن زكريا المدائني عن الزهر بن سعيد عن
عبد الحميد بن سالم (عن أبي هريرة) قال في الميزان عن
البخاري: لا يعرف لعبد الحميد سماع من أبي هريرة وقال ابن
حجر في الفتح: سنده ضعيف لكنه قال: إن ابن ماجه خرجه من
حديث جابر والمؤلف قال: عن أبي هريرة فليحرر وأورده ابن
الجوزي في الموضوعات وقال الزبير: ليس بثقة وقال العقيلي:
ليس لهذا الحديث أصل ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا
وهو ما رواه أبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب عن أبي هريرة
مرفوعا من شرب العسل ثلاثة أيام في كل شهر على الريق عوفي
من الداء الأكبر الفالج والجذام والبرص
(6/220)
9011 - (من لقي الله) أي من لقي الأجل الذي
قدره الله يعني الموت (لا يشرك به) أي والحال أنه لقيه وهو
غير [ص:221] مشرك به (شيئا) قال أبو البقاء: شيئا مفعول
يشرك ومنه قوله تعالى {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} ويجوز
كونه في موضع المصدر وتقديره لا يشرك به إشراكا كقوله
تعالى {لا يضركم كيدهم شيئا} أي ضررا (دخل الجنة) أي من
مات مؤمنا غير مشرك بالله دخل الجنة بفضل الله ابتداء أو
بعد عتاب أو عقاب ومن مات مشركا دخل النار وخلد فيها
بالدلائل الدالة عليه فإن قيل أهل الكتاب ليسوا بمشركين
ولا يدخلون الجنة فالجواب أن الشرك هنا إن كان بمعنى الكفر
فقد اندفع السؤال وإلا كان الكفر مساويا للشرك في استحقاق
الخلود في النار فألحق به
(حم خ) في كتاب العلم (عن أنس) بن مالك قال: ذكر لي أن
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لمعاذ من لقي إلخ
قال: ألا أبشر الناس قال: لا أخاف أن يتكلوا كذا في
البخاري وزاد أحمد والطبراني ولم تضره معه خطيئة كما لو
لقيه وهو بشرك به دخل النار ولم ينفعه معه حسنة قال
الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح ما خلا التابعي فلم يسم ثم
إن ظاهر صنيع المؤلف أن هذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه
وليس كذلك بل رواه مسلم من حديث جابر بزيادة وزاد " ومن
لقيه يشرك به شيئا دخل النار "
(6/220)
9012 - (من لقي الله بغير أثر) أي علامة من
جراحة أو تعب نفساني أو غير ذلك (من جهاد) صفة وهي نكرة في
سياق النفي فتعم كل جهاد مع العدو والنفس والشيطان (لقي
الله وفيه ثلمة) أي نقصان يوم القيامة وأصلها أن تستعمل في
نحو الجدار ثم استعيرت هنا للنقص والأثر ما بقي من رسم
الشيء وحقيقته ما يدل على وجود الشيء ثم قيل إنه خاص بزمن
النبي صلى الله عليه وسلم وقيل عام
<تنبيه> الجهاد من الجهد وهو المشقة فإنه سفر عن الوطن
والسفر قطعة من العذاب مع ما فيه من المخاطرة بالنفس فلذلك
عظمت درجة المجاهد لعظيم ما يلقى وكثرة حسناته لأنه يقاتل
عن كل من وراءه من المسلمين ولولا الجهاد لوصل العدو إليهم
فكأنه ناب مناب الكل
(ت هـ ك) في الجهاد من حديث الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن
رافع عن سمى عن أبي صالح (عن أبي هريرة) قال الحاكم: هذا
حديث كبير غير أن إسماعيل لم يحتجا به وقال الذهبي في
موضع: إسماعيل ضعفوه وفي آخر: ضعيف واه اه
(6/221)
9013 - (من لقي العدو فصبر حتى يقتل أو
يغلب لم يفتن في قبره) أي لم يسأله الملكان منكر ونكير فيه
كما يسأل غيره لما مر
(طب ك عن أبي أيوب) الأنصاري قال الهيثمي: وفيه منصف بن
بهلول والد محمد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات
(6/221)
9014 - (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء
والمنكر) أي لم يفهم في أثناء صلاته أمورا تلك الأمور تنهى
عن الفحشاء والمنكر (لم يزدد) بصلاته (من الله إلا بعدا)
لأن صلاته ليست هي المستحق بها الثواب بل هي وبال يترتب
عليه العذاب قال الحرالي: هذه الآفة غالبة على كثير من
أبناء الدنيا واستدل به الغزالي على أن الخشوع شرط للصلاة
قال: لأن صلاة الغافل لا تمنع من الفحشاء والمنكر
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم ثقة
لكنه مدلس وقال الزيلعي: فيه يحيى بن طلحة اليربوعي وثقه
ابن حبان وضعفه النسائي وقال في الميزان: هو صويلح الحديث
وقال النسائي: ليس بشيء وساق له هذا الخبر ثم قال: أفحش بن
الجنيد فقال: هذا كذب وزور ورواه عنه أيضا ابن مردويه في
تفسيره. قال الحافظ العراقي: وسندهما لين ورواه علي بن
معبد في كتاب الطاعة والمعصية من حديث الحسن مرسلا بإسناد
صحيح
(6/221)
9015 - (من لم يأت بيت المقدس يصلي فيه
فليبعث) إليه (بزيت يسرج فيه) لينتفع بضوئه المصلون
والعاكفون فإن [ص:222] ذلك يقوم مقام الصلاة فيه فإن من
أعان على خير فله مثل أجره فاعله وذا قاله لما قالت له
ميمونة يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال ائتوه فصلوا
فيه قالت فإن لم نستطع فذكره
(هب عن ميمونة) أم المؤمنين رمز المصنف لحسنه وليس كما قال
ففيه عثمان بن عطاء الخراساني أورده الذهبي في الضعفاء
وقال: ضعفه الدارقطني وغيره وقال عبد الحق: إسناده ليس
بقوي
(6/221)
9016 - (من لم يأخذ من شاربه) ما طال حتى
يبين الشفة بيانا ظاهرا (فليس منا) أي ليس على طريقتنا
الإسلامية وأخذ بظاهره جمع فأوجبوا قصه والجمهور على الندب
كما مر غير مرة
(حم ت) في الاستئذان (ن) في الطهارة (والضياء) في المختارة
(عن زيد بن أرقم) قال الترمذي: حسن
(6/222)
9017 - (من لم يؤمن بالقدر) بالتحريك أي
القضاء الإلهي (خيره وشره فأنا منه بريء)
(ع عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه صالح بن سرح وهو خارجي
وأقول: فيه أيضا يزيد الرقاشي وهو متروك كما مر فتعقبيه
الجناية برأس الخارجي وحده خارج عن الإنصاف
(6/222)
9018 - (من لم يبيت الصيام) وفي رواية لابن
ماجه من لم يفرضه من الليل أي يقطع بالصوم من الليل والفرض
القطع وعند الدارقطني من لم يروضه أي يتعرض للصيام وينوبه
وفي رواية حكاها ابن العربي من لم يبت الصيام والبت القطع
(قبل طلوع الفجر) أي ينويه من الليل (فلا صيام له) ظاهره
فرضا كان أو نفلا وعليه جمع منهم ابن عمر ومالك وداود
الظاهري والمزني وخصه الأكثر بالفرض لخبر الدارقطني عن
عائشة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: " هل عندكم من
غداء قالت: لا قال: فإني إذا أصوم " الحديث وإذن للاستقبال
والاستثناف واتفقوا على اشتراط التبييت في كل فرض لم يتعلق
بزمن معين واختلفوا فيما له زمن معين فشرطه الأكثر فيه
أخذا بعموم الحديث غير أن مالكا وأحمد في إحدى روايتين
قالا لو نوى أول ليلة من رمضان صوم جميع الشهر أجزأ لأن
صوم الكل كصوم يوم واحد قال القاضي: وهو قياس مردود في
مقابلة النص ولم يشترط الحنفية التبييت في صوم رمضان
والنذر المعين وشرطوه في النذر غير المعين والقضاء
والكفارة
(قط) من طريق عبد الله بن عباد عن الفضل بن فضالة عن يحيى
بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة (هق عن عائشة)
قال الدارقطني: تفرد به عبد الله بن عباد عن الفضل وكلهم
ثقات اه. وقال الذهبي: هو واه وقال الزين العراقي: قال
الدارقطني: كلهم ثقات اه. يحتمل أن يراد به المفضل ومن
بعده دون عبد الله بن عباد فيكون مراده أنه المتهم به وأنه
عصب الجناية به ويحتمل أن يراد به رجاله كلهم عبد الله
وغيره فيكون تقوية للحديث والأول أقرب لأن غير واحد اتهم
عبد الله بهذا الحديث قال ابن حبان: يقلب الأخبار وعنده
نسخة موضوعة ثم ذكر هذا الحديث وفهم ابن العربي من كلام
الدارقطني تصحيحه فخطب له وادعى دعاوي عريضة
(6/222)
9020 - (من لم يجمع) فسكون أي يحكم النية
ويعقد العزيمة والإجماع العزم التام قال القاضي: يقال أجمع
على الأمر وجمع إذا صمم ومنه {وما كنت لديهم إذ أجمعوا
أمرهم} أي أحكموه بالعزيمة ولفظ رواية النسائي من لم يبيت
(الصيام [ص:223] قبل الفجر) أي الصادق (فلا صيام له) أي
صحيح فهو نفي للحقيقة الشرعية وإن وجد الإمساك وحمله من
يجوز الصوم بالنية نهارا مطلقا على نفي الكمال. قال
أصحابنا في الأصول: ومن البعيد تأويل الحنفية الحديث على
القضاء والنذر لصحة غيرهما بنية من النهار عندهم وذلك لأن
قصر العام النص في العموم على نادر لندرة القضاء والنذر
بالنسبة إلى صوم المكلف به في أصل الشرع
<تنبيه> قال ابن العربي: ألبست القدرية بهذا الحديث على
سلفنا الأصوليين وأسكنتهم في ضنك من النظر فقالت لهم: إن
النفي بلا إذا اتصل باسم على تفصيل فإنه مجمل وقاضوهم
وناظروهم فيه وما كان لهم أن يفعلوا فإن المصطفى صلى الله
تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يبعث لبيان المشاهدات فإذا
نفى شيئا وأثبته فإنما ينفيه ويثبته شرعا فليس في كلامه
بذلك احتمال فيدخله إجمال
(حم 3 عن حفصة) قال ابن حجر: سنده صحيح لكن اختلف في رفعه
ووقفه وصوب النسائي وقفه اه. وفي العلل للترمذي عن البخاري
أن هذا خطأ والصحيح وقفه على ابن عمر
(6/222)
9019 - (من لم يترك) من الأموات (ولدا ولا
والدا) يرثه (فورثته كلالة) هو أن يموت رجل ولا يدع ولدا
ولا والدا يرثانه والكلالة الوارثون الذين ليس فيهم والد
ولا ولد فهو واقع على الميت وعلى الوارث
(هق عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن) بن عوف الزهري اسمه عبد
الرحمن أو إسماعيل تابعي ثقة مكثر أحد الأئمة وفي موته
أقوال
(6/223)
9021 - (من لم يحلق عانته) يعني يزيل الشعر
الذي على فرجه وحوله وخص الحلق لأنه الأغلب (ويقلم أظفاره)
أي أظفار يديه ورجليه بقص أو غيره (ويجز شاربه) حتى تتبين
الشفة بيانا ظاهرا (فليس منا) أي ليس على سنتنا الإسلامية
فإن ذلك مندوب ندبا مؤكدا فتاركه متهاون بالسنة لا أن ذلك
واجب كما ظن
(حم عن رجل) رمز لحسنه وليس كما ظن فقد قال الحافظ
العراقي: هذا لا يثبت وفي إسناده ابن لهيعة والكلام فيه
معروف
(6/223)
9022 - (من لم يخلل أصابعه) أي أصابع يديه
ورجليه في الوضوء والغسل (بالماء خللها الله بالنار) أي
أدخل النار بينهما (يوم القيامة) جزاء له على إهماله
وتقصيره فيما طلب منه وهذا الوعيد محمول على من لم يصل
الماء لما بين أصابعه إلا بالتخليل فأفاد به أنه لا يجوز
ترك ما خفي كما هو بين أما من يصل الماء له بدونه فهو له
مندوب وتركه مكروه
(طب عن واثلة) بن الأسقع وضعفه المنذري ولم يبين وجهه
وبينه الهيثمي فقال: فيه العلاء بن كثير الليثي وهو مجمع
على ضعفه
(6/223)
9023 - (من لم يدرك الركعة) في الوقت (لم
يدرك الصلاة) أي أداء بل تكون قضاء
(هق) من حديث عبد العزيز بن محمد المكي (عن رجل) من
الصحابة رمز لحسنه وقال الذهبي في المهذب: لا أعرف المكي
(6/223)
9024 - (من لم يدع) يترك (قول الزور) الكذب
والميل عن الحق (والعمل به) أي بمقتضاه مما نهى الشرع عنه
زاد البخاري في الأدب والجهل وزاد ابن وهب في الصوم وعليه
فإفراد الضمير لاشتراكهما في تنقيص الصوم ذكره العراقي
(فليس لله حاجة) قال ابن الكمال: هذا وما أشبهه يتفرع على
الكناية كقوله تعالى {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما
بعوضة} أي ليس له اعتبار عند الله اه. وأصله قول الزين
العراقي فليس لله حاجة في كذا أي ليس مطلوبا له [ص:224]
فكنى به عن طلبه تعالى لذلك تجوزا إذ الطلب في الشاهد إنما
يكون غالبا عن حاجة الطالب (في أن يدع) أي يترك (طعامه
وشرابه) فهو مجاز عن الرد وعدم القبول قال البيضاوي: فنفى
السبب وأراد المسبب وإلا فهو سبحانه لا يحتاج إلى شيء وذلك
لأن الغرض من إيجاب الصوم ليس نفس الجوع والظمأ بل ما
يتبعه من كسر الشهوة وإطفاء ثائرة الغضب وقمع النفس
الأمارة وتطويعها للنفس المطمئنة فوجوده بدون ذلك كعدمه
ذكره كله البيضاوي رحمه الله تعالى فإن قيل: فيلزم الصائم
القضاء إذا كذب قلنا: سقوط القضاء من أحكام الدنيا وهي
تعتمد وجود الأركان والشرائط ولا خلل فيها فلا قضاء وأما
عدم القبول فمعناه عدم استحقاق الفاعل الثواب في الآخرة أو
نقصانه وذلك يعتمد اشتماله على الكمالات المقصودة وقول ابن
بطال رحمه الله تعالى: معنى قوله حاجة أي إرادة في صيامه
فوضع الحاجة موضع الإرادة رد بأنه لو لم يرد الله تركه لم
يقع وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور بل
التحذير من قوله وفيه كما قال الطيبي: دليل على أن الكذب
والزور أصل الفواحش ومعدن النواهي بل قرين الشرك قال تعالى
{فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} وقد علم
أن الشرك مضاد الإخلاص وللصوم مزيد اختصاص بالإخلاص فيرتفع
بما يضاده
(حم خ د ت هـ عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم
(6/223)
9025 - (من لم يذر) بفتح الياء وذال معجمة
أي يترك (المخابرة) وهي العمل على أرض ببعض ما يخرج منها
كذا فسره أصحابنا قال ابن رسلان: ولا يستقيم إذ العمل من
وظيفة العامل فلا يفسر العقد به (فليؤذن) بالبناء للمفعول
(بحرب من الله ورسوله) وجه النهي أن منفعة الأرض ممكنة
بالإجارة فلا حاجة للعمل عليها ببعض ما يخرج منها
(د ك عن جابر) وفيه عند أبي داود عبد الله بن رجاء أورده
الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: صدوق قال الفلاس: كثير الغلط
والتصحيف ورواه أيضا الترمذي في العلل وذكر أنه سأل عنه
البخاري فقال: إنما نهى عن تلك الشروط الفاسدة التي كانوا
يشترطونها فمن لم ينته فليؤذن بحرب
(6/224)
9026 - (من لم يرحم صغيرنا) أي من لا يكون
من أهل الرحمة لأطفالنا أيها المسلمون (ويعرف حق كبيرنا)
سنا أو علما (فليس منا) أي ليس على طريقتنا وسنتنا
(خد د عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه ورواه الحاكم
باللفظ المزبور وصححه وأقره الذهبي
(6/224)
9027 - (من لم يرض بقضاء الله ويؤمن بقدر
الله فليلتمس إلها غير الله) لا إله إلا هو فعلى العبد
الرضى بقضائه وقدره ولا يلزم من الرضا بالقضاء الرضا
بالمقضي
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه سهل بن أبي حزم وثقه
ابن معين وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات
(6/224)
9028 - (من لم يشكر الناس لم يشكر الله)
لأنه لم يطعه في امتثال أمره بشكر الناس الذين هم وسائط في
إيصال نعم الله عليه والشكر إنما يتم بمطاوعته فمن لم يطعه
لم يكن مؤديا شكره أو لأن من لم يشكر الناس مع ما يرى من
حرصهم على حب الثناء على الإحسان فأولى بأن يتهاون في شكر
من يستوي عليه الشكر والكفران احتمالان للبيضاوي والأول
أقرب ومن ثم اقتصر عليه ابن العربي حيث قال: الشكر في
العربية إخبار عن النعمة المبتدأة إلى المخبر وفائدته صرف
النعم في الطاعة وإلا فذلك كفران وأصل النعم من الله
والخلق وسائط وأسباب فالمنعم حقيقة هو الله وله الحمد وله
الشكر فالحمد خبر عن جلاله والشكر خبر عن إنعامه وأفضاله
لكنه أذن في الشكر للناس لما فيه من تأثير المحبة [ص:225]
والألفة وفي رواية لا يشكر الله من لا يشكر الناس قال ابن
العربي: روي برفع الله والناس ونصبهما ورفع أحدهما ونصب
الآخر قال الزين العراقي: والمعروف المشهور في الرواية
نصبهما ويشهد له حديث عبد الله بن أحمد: من لا يشكر الناس
لم يشكر الله
(حم ت) في البر (والضياء) في المختارة (عن أبي سعيد)
الخدري قال الترمذي: حسن وقال الهيثمي: سند أحمد حسن ولأبي
داود وابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة وقال: صحيح
(6/224)
9029 - (من لم يصل ركعتي الفجر) في وقتها
(فليصلهما بعد ما تطلع الشمس) فيه أن الراتبة الفائتة
تقتضى
(حم ت ك) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره
الذهبي
(6/225)
9030 - (من لم يطهره البحر) الملح أي ماؤه
(فلا طهره الله) دعا عليه فإنه الطهور ماؤه وفيه رد على
كره التطهر به من السلف وأخرج الدارقطني عن ابن عباس البحر
ماء طهور للملائكة إذا نزلوا توضؤوا وإذا صعدوا توضؤوا
(قط عن أبي هريرة) قال في المهذب: ساقه المؤلف يعني
البيهقي من حديث محمد بن حميد وهو واه اه وقال الغرياني في
مختصر الدارقطني: فيه سعيد بن ثوبان وأبو هند مجهولون
(6/225)
9031 - (من لم يقبل رخصة الله) يعني لم
يعمل بها (كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة) في عظمها تمسك
به الظاهرية فأوجبوا الفطر في السفر وقالوا: لو صامه لم
ينعقد صومه وذهب الجمهور إلى جواز الصوم بل إلى أفضليته
على الفطر وأجابوا عن هذا الحديث ونحوه بحمله على من يخاف
ضررا وعلى من وجد في نفسه رغبة عن الفطر ولم يحتمل قلبه
قبول رخصة الله تعالى
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب قاله ابن عمر لما جاءه رجل
فقال: إني أقوى على الصوم في السفر فقال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول فذكره. رمز لحسنه. قال الزين
العراقي في شرح الترمذي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني معا:
إسناده حسن وقال الهيثمي: إسناد أحمد حسن
(6/225)
9032 - (من لم يوتر فلا صلاة له) أي كاملة
(طس عن أبي هريرة)
(6/225)
9033 - (من لم يوص) عند موته (لم يؤذن له
في الكلام مع الموتى) عقوبة له على ما ترك ما أمر به
وتمامه عند مخرجه أبي الشيخ قيل: يا رسول الله ويتكلمون
قال: نعم ويتزاورون اه
(تتمة) أخرج ابن أبي الدنيا أن حفارا حفر قبرا ونام عنده
فأتاه امرأتان فقالت إحداهما: أنشدك بالله إلا ما صرفت عنا
هذه المرأة فاستيقظ فإذا بامرأة جيء بها فدفنها في قبر آخر
فرأى في تلك الليلة المرأتين تقول إحداهما: جزاك الله خيرا
فقال: ما لصاحبتك لم تتكلم فقالت: ماتت بغير وصية ومن لم
يوص لم يتكلم إلى يوم القيامة
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الوصايا عن
قيس) بن قبيصة
(6/225)
9034 - (من مات محرما حشر ملبيا) لأن من
مات على شيء بعث عليه كما هو نص الخبر الآتي ولذلك قال بعض
الصحابة: يحشر الناس يوم القيامة على مثل هيئتهم في الصلاة
من الطمأنينة والهدوء ومن وجود النعيم بها واللذة وغير ذلك
(خط عن ابن عباس) وسببه كما في تاريخ ابن عساكر عن الصولي
أن المغيرة المهلبي قال: سئل الحسن الخليع عن الأمين وأدبه
فوصف أدبا كثيرا قيل: فالفقه؟ قال: ما سمعت فقها ولا حديثا
إلا مرة نعى إليه غلام له بمكة فقال: حدثني أبي [ص:226] عن
أبيه عن المنصور عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن
أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
(6/225)
9035 - (من مات مرابطا في سبيل الله آمنه
الله من فتنة القبر) لأن المرابط ربط نفسه وسجنها وصيرها
حبيسا لله في سبيله لحرب أعدائه فإذا مات على ذلك فقد ظهر
صدق ما في ضميره فوقي فتنة القبر
(طب عن أبي أمامة) الباهلي رمز لحسنه وفيه محمد بن حفص
الحمصي عن محمد بن حمير وابن حفص قال في اللسان كأصله:
ضعفه ابن منده وتركه ابن أبي حاتم ووثقه ابن حبان وابن
حمير جهله الدارقطني وضعفه غيره ذكره فيه أيضا
(6/226)
9036 - (من مات على شيء بعثه الله عليه) أي
يموت على ما عاش عليه ويراعى في ذلك حال قلبه لا حال شخصه
لأن نظر الحق إلى القلوب دون ظواهر الحركات فمن صفات
القلوب تصاغ الصور في الدار الآخرة ولا ينجو فيها إلا من
أتى الله بقلب سليم كذا قرره حجة الإسلام
(حم ك) في الرقاق (عن جابر) قال الحاكم: على شرط مسلم
وأقره الذهبي
(6/226)
9037 - (من مات من أمتي) أي أمة الإجابة
والحال أنه (يعمل عمل قوم لوط) من إتيان الذكور شهوة من
دون النساء ودفن في مقابر المسلمين (نقله الله إليهم) أي
إلى مقابرهم فصيره فيهم (حتى يحشر) يوم القيامة (معهم)
فيكون معهم أينما كانوا
<تنبيه> في تذكرة العلم البلقيني عن ابن عقيل: جرت مناظرة
بين أبي علي بن الوليد وبين أبي يوسف القزويني في إباحته
جماع الولدان في الجنة فقال ابن الوليد: لا يمتنع أن يجعل
ذلك من جملة لذاتها لزوال المفسدة لأنه إنما منع منه في
الدنيا لقطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك
ولهذا أبيح شرب الخمر فيها وقال أبو يوسف: الميل إلى
الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه لأنه محل لم يخلق للوطء
ولهذا لم يبح في شريعة من الشرائع بخلاف الخمر وهو مخرج
الحدث والجنة منزهة من العاهات فقال ابن الوليد: العاهة
التلوث بالأذى وهو مفقود
(خط عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب
خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل إنما ذكره مقرونا ببيان علته
فإنه أورده في ترجمة عيسى بن مسلم الصفار المعروف بالأحمر
عن حماد بن زيد عن سهل عن أنس قال: وعيسى هذا حدث عن مالك
وحماد وابن عباس بأحاديث منكرة اه بنصه
(6/226)
9038 - (من مات) عام في المكلفين بقرينة
قوله (و) الحال أن (عليه صيام) هذا لفظ الشيخين ولم يصب من
عزاه لهما بلفظ صوم (صام عنه) ولو بغير إذنه (وليه) أي
جوازا لا لزوما عند الشافعي في القديم المعمول به كالجمهور
وبالغ إمام الحرمين وأتباعه فادعوا الإجماع عليه واعتراضه
بأن بعض الظاهرية أوجبه ساقط إذ الإمام قال: لا أقيم
للظاهرية وزنا والجديد وهو مذهب أبي حنيفة ومالك عدم جواز
الصوم عن الميت لأنه عبادة بدنية والمراد بوليه على الأول
كل قريب أو الوارث أو عصبته وخرج الأجنبي فلا يصوم إلا
بإذن الميت أو الولي بأجرة أو دونها
(حم ق د) في الصوم (عن عائشة) وصححه أحمد وعلق الشافعي به
على ثبوت الحديث وقد ثبت
(6/226)
9039 - (من مات) في رواية البخاري من أمتي
(لا يشرك بالله شيئا) اقتصر على نفي الشرك لاستدعائه
التوحيد بالاقتصار واستدعائه إثبات الرسالة باللزوم إذ من
كذب رسل الله فقد كذب الله ومن كذب الله فهو مشرك وهو
كقولك من توضأ صحت صلاته أي مع سائر الشروط فالمراد من مات
حال كونه مؤمنا بجميع ما يجب به الإيمان إجمالا في [ص:227]
الإجمالي وتفصيلا في التفصيلي (دخل الجنة) أي عاقبة أمره
دخولها ولا بد وإن دخل النار للتطهير وفيه دليل لجواز قياس
العكس وهو إثبات ضد الحكم لضد الأصل ورد لمن خالف فيه من
أهل الأصول
(حم ق عن ابن مسعود) ورواه مسلم من حديث جابر بزيادة قال:
جاء رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان قال: من مات لا
يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل
النار
(6/226)
9040 - (من مات بكرة فلا يقيلن إلا في قبره
ومن مات عشية فلا يبيتن إلا في قبره) لأن المؤمن عزيز مكرم
وإذا استحال جيفة ونتنا استقذرته النفوس ونفرت عنه الطباع
فهان فينبغي الإسراع بما يواريه ليستمر على عزته
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه الحكم بن
ظهيرة وهو متروك
(6/227)
9041 - (من مات وهو مدمن خمر لقي الله وهو
كعابد وثن) أي إن استحل شربها لكفره حينئذ
(طب حل) وكذا أحمد والبزار (عن ابن عباس) قال الهيثمي بعد
عزوه للطبراني وأحمد: رجال أحمد رجال الصحيح وفي إسناد
الطبراني زيد بن فاختة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات
(6/227)
9042 - (من مثل) بالتشديد (بالشعر) صيره
مثله بضم الميم بأن نتفه أو حلقه من الخدود أو غيره
بالسواد ذكره الزمخشري (فليس له عند الله خلاق) بالفتح حظ
ونصيب وما تقرر من أن المراد الشعر بالتحريك هو ما فهمه
جمع من شراح الحديث لكن حرر بعضهم على أن المراد بالشعر
الكسر أي الكلام المنظوم وعليه يدل صنيع الهيثمي كالطبراني
حيث ذكر الحديث فيما جاء في الشعر والشعراء وذكره بين
الأحاديث الواردة في ذم الشعر وزجر الشعراء
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه حجاج بن نصير ضعفه
الجمهور ووثقه ابن حبان وقال: يخطىء وبقية رجاله ثقات
(6/227)
9043 - (من مثل بحيوان) بالتشديد قطع
أطرافه وفي رواية بدل حيوان بأخيه (فعليه لعنة الله تعالى
والملائكة والناس أجمعين) عام مخصوص بغير القاتل الممثل
لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودي بين حجرين
لفعله ذلك يجارية من المدينة وعن جمع من السلف أن من قتل
لكفر أو ردة يمثل به بالحرق بالنار ونقل ذلك عن أبي بكر
وخالد بن الوليد وصح أن عليا كرم الله وجهه حرق المرتدين
فقال الحبر: لو كنت أنا لم أحرقهم بل أقتلهم بالسيف فإنه
لا يعذب بالنار إلا خالقها اه. فأشار رضي الله عنه إلى أن
المجتهد لا يقلد مجتهدا ولا ينكر عليه وأنه لو كان هو
الإمام ورفع إليه ذلك لم يحرقهم لأنه خلاف قضية اجتهاده
وبه يعرف أن مولانا ابن حجر الهيثمي قد جازف وأساء الأدب
حيث عبر عن ذلك بما لفظه فأنكر عليه ابن عباس اه (1) أو
خفي على الشيخ أن المجتهد لا ينكر على مجتهد كلا بل ذلك
مما طغى به القلم فزلت به القدم وأصل فعل الصديق والمرتضى
فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم بالعرنيين حيث قطع أيديهم
وأرجلهم وسمل أعينهم وتعذيبهم في الشمس فصاروا يطلبون
الماء فيقول النار وذلك لكونهم قتلوا ونهبوا وارتدوا وأجيب
بأجوبة منها أنه كان قبل تحريم المثلة
(طب عن [ص:228] ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس
كما ذكر فقد قال الهيثمي: فيه بقية وهو مدلس والأصم بن
هرمز ولم أعرفه
_________
(1) سبب قول ابن عباس ذلك أن المرتدين الذين حرقهم علي
كانوا ادعوا فيه الألوهية فلما حرقهم زاد كفر أصحابهم
وقالوا: لا يعذب بالنار إلا خالقها فلما بلغ ابن عباس قال
ذلك
(6/227)
9044 - (من مرض ليلة فصبر ورضي بها عن الله
خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فيه شمول للكبائر والقياس
استثناؤها كما مر
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة)
(6/228)
9045 - (من مس الحصا) أي سوى الأرض للسجود
فإنهم كانوا يسجدون عليها وقيل هو تقليب السبحة وعدها (فقد
لغا) أي وقع في باطل مذموم أو فعل ما لا يعنيه ولا يليق به
فيكره مس الحصى وغيره من أنواع اللعب في جميع الصلاة وألحق
به حال الخطبة بل يقبل بقلبه وجوارحه عليها
(هـ عن أبي هريرة) رمز لحسنه وعدول المصنف لابن ماجه
واقتصاره عليه كالصريح في أنه لم يره لواحد من الشيخين ولا
لغيرهما من الستة سواه: هو ذهول بالغ فقد خرجه مسلم وأبو
داود والترمذي والنسائي في باب التنظف والتبكير للجمعة
كلهم عن أبي هريرة
(6/228)
9046 - (من مس ذكره) في رواية لابن ماجه
فرجه قال الحرالي: والمس ملاقاة الجرمين بغير حائل
(فليتوضأ) ولفظ رواية الترمذي فلا يصلي حتى يتوضأ وذلك
لبطلان طهره بمسه وهذا الخبر عام مخصوص بمفهوم خبر إذا
أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حجاب
فليتوضأ إذ الإفضاء مبالغة المس ببطن الكف وبه رد قول أحمد
ظهر الكف كبطنها ومس المرأة فرجها كمس الرجل ذكره كما يدل
عليه رواية من مس فرجه ومس فرج غيره أفحش وأبلغ في اللذة
فهو أولى بالنقض هذا كله ما عليه الشافعية والحنابلة
قالوا: وخبر هل هو إلا بضعة منك بفرض صحته منسوخ أو محمول
على المس بحائل كما هو المناسب بحال المصطفى صلى الله عليه
وسلم ومنع الحنفية النسخ وأخذوا به مؤولين للحديث المشروح
بأنه جعل مس الذكر كناية عما يخرج منه قالوا وهو من أسرار
البلاغة يكنون عن الشيء ويرمزون إليه بذكر ما هو من روادفه
فلما كان مس الذكر غالبا يرادف خروج الحدث منه ويلازمه عبر
به عنه كما عبر عن المجيء من الغائط لما قصد الغائط لأجله
اه ولا يخفى بعده ومنشأ الخلاف أن خبر الواحد هل يجب العمل
به فقال الشافعية: نعم مطلقا وقال الحنفية: لا فيما تعم به
البلوى ومثلوا بهذا الحديث لأن ما تعم به البلوى يكثر
السؤال عنه فتقضى العادة بنقله تواترا لتوفر الدواعي على
نقله فلا يعمل بالآحاد فيه قلنا لا نسلم قضاء العادة بذلك
(مالك) في الموطأ (حم 4 ك) كلهم في الطهارة (عن بسرة) بضم
المهملة وسكون الموحدة (بنت صفوان) بن نوفل الأسدية أخت
عقبة بن أبي معيط لأمه قال الترمذي والحاكم: صحيح ورواه
عنه أيضا الشافعي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود وقال
الدارقطني: حديث ثابت وصححه ابن معين والبيهقي والحارمي
وهو على شرط البخاري بكل حال وعده المصنف من الأحاديث
المتواترة ونقل ابن الرفعة عن القاضي أبي الطيب أنه رواه
تسعة عشر صحابيا ونقل البعض عن ابن معين أنه لا يصح رده
ابن الجوزي وغيره بل أفردوه بتأليف
(6/228)
9047 - (من مشى إلى) أداء (صلاة مكتوبة
فهي) أي المشية والخصلة (كحجة) أي كثوابها (ومن مشى إلى
صلاة تطوع [ص:229] فهي كعمرة نافلة) أي كثوابها لكن لا
يلزم التساوي في المقدار. استدل به من ذهب إلى أن العمرة
سنة لا فرض
(طب عن أبي أمامة) قال في المطامح: فيه علتان انقطاع في
سنده لأن مكحولا رواه عن أبي أمامة ولم يسمع منه وفيه رجل
مجهول
(6/228)
9048 - (من مشى بين الغرضين كان له بكل
خطوة حسنة) والحسنة بعشر أمثالها
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه عثمان بن مطر وهو
ضعيف
(6/229)
9049 - (من مشى مع ظالم ليعينه) على ظلمه
(وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام) هذا مسوق للزجر
والتهويل والتهديد أو المراد خرج عن طريقه المسلمين أو
المراد إن استحل الظلم والمعاونة عليه
(طب والضياء) المقدسي (عن أوس بن شرحبيل) بضم المعجمة وفتح
الراء وسكون المهملة بن أوس صحابي قال المنذري: ضعيف غريب
وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه عياش بن موسى لم أجد
من ترجمه وبقية رجاله وثقوا وفي بعضهم كلام رواه عنه أيضا
الديلمي
(6/229)
9050 - (من ملك ذا رحم) أصله محل تكوين
الولد ثم استعير للقرابة فيقع على كل من بينك وبينه نسب
(محرم) وهو من لا يحل نكاحه من الأقارب (فهو حر) يعني يعتق
عليه بدخوله في ملكه قال الطيبي: وفهم من السياق معنى
الندب لجعله الجزاء من باب الإخبار والتنبيه على تحري
الأداء إذ لم يقل من ملك ذا رحم فيعتقه بل هو حر والجملة
الإسمية المقتضية للدوام والثبوت في الأزمنة الماضية
والآتية تنبىء عنه لأنه لم يكن في الأزمنة الماضية حرا
فاستبان أنه لا تمسك به للحنفية والمالكية في عتقهم كل
محرم وأنه ليس بحجة على الشافعي في قوله لا يعتق إلا الأصل
والفرع وقول بعضهم: ينزل على الأصول والفروع ممنوع لما فيه
من صرف العام على العموم لغير صارف يجاب بل نفي العتق عن
غيرهما للأصل المعقول وهو أنه لا عتق بدون إعتاق خولف في
الأصول لخبر لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه
فيعتقه أي بالشراء من غير حاجة إلى صيغة إعتاق وفي الفروع
لقوله تعالى {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد
مكرمون} دل على نفي اجتماع الولد به والعبدية وقول الترمذي
العمل على هذا الحديث عند أهل العلم فنحتاج نحن إلى بيان
مخصص له بخلاف الحنفية أجيب بأن مخصصه القياس على النفقة
فإنها لا تلزم عندنا لغير أصل وفرع
<تنبيه> قال أبو البقاء: عادة الفقهاء المولعين بالتدقيق
يوردون على هذا الحديث وأمثاله إشكالا هو أن من مبتدأ
تحتاج إلى خبر وخبره فهو حر وهو لا يعود على من بل على
المملوك فتبقى من لا عائد عليها وهذا عند المحققين ليس
بشيء لأن خير من قوله ملك وفي ملك ضمير يعود على من وقوله
فهو حر جواب الشرط
(حم هـ) في العتق (ت) في الأحكام (هـ ك) في العتق من حديث
الحسن (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم: على شرطهما وأقره
الذهبي وقال أبو داود والترمذي: لم يروه إلا حماد بن سلمة
عن قتادة عن الحسن وفيه علل أخرى انقطاعه ووقفه على عمر أو
على الحسن أو على جابر أو على النخعي
(6/229)
9051 - (من منح منحة) بكسر الميم أي عطية
وهي تكون في الحيوان وفي الرقبة والمنفعة والمراد هنا منحة
(ورق) قال الزمخشري: وهي القرض أي قرض الدراهم (أو منحة
لبن) قال: وهي أن يعيره أخوه ناقته أو شاته فيحلبها مدة ثم
يردها (أو هدى زقاقا) بزاي مضمومة وقاف مكررة الطريق يريد
أن من دل ضالا أو أعمى على طريقه ذكره ابن الأثير وقال
الطيبي: يروى بتشديد الدال إما للمبالغة من الهداية أو من
الهدية أي من تصدق بزقاق من نخل وهو السكة والصف من شجر
(فهو كعتق نسمة) وفي رواية كان له عتق رقبة قال ابن
العربي: ومن أسلف رجلا دراهم فهو [ص:230] أيضا منحة وفي
ذلك ثواب كثير لأن عطاء المنفعة مدة كعطاء العين وجعله
كعتق رقبة لأن خلصه من أسر الحاجة والضلال كما خلص الرقبة
من أصل الرق وللباري أن يجعل القليل من العمل كالكثير لأن
الحكم له وهو العلي الكبير والنسمة كل ذي روح وقيل كل ذي
نفس مأخوذ من النسم
(حم ت) في البر (حب عن البراء) بن عازب قال الحاكم: حسن
صحيح غريب وكذا قال البغوي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال
الصحيح
(6/229)
9052 - (من منح منحة) أي عطية (غدت بصدقة)
الجملة خبر من والضمير العائد محذوف تقديره غدت تلك المنحة
له ملتبسة بصدقة (وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها) منصوبان على
الظرفية أي في أول النهار وأول الليل والصبوح بالفتح الشرب
أول النهار والغبوق بالفتح الشرب أول الليل وقيل هما
مجروران على البدل
(م عن أبي هريرة)
(6/230)
9053 - (من منع فضل ماء أو كلأ) يعني أي
شخص حفر بئرا بموات للارتفاق فهو أحق بمائها وبما حولها من
الكلأ حتى يرتحل وعلى كل حالة يجب عليه بذل الفاضل عن
حاجته وحاجة ماشيته للمحتاج فإن لم يفعل وفي رواية لأحمد
من منع فضل مائه أو فضل كلئه واتفقت الروايات على أن
الجواب قوله (منعه الله فضله يوم القيامة) لتعديه بمنع ما
ليس له قال الرافعي: وله المنع من سقى الزرع به قال جمع:
والنهي عن بيع فضل الماء للتحريم وحمله على التنزيه يحتاج
لدليل
(حم عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه محمد بن راشد
الخزاعي وهو ثقة وقد ضعفه بعضهم قال ابن حجر: هذا من رواية
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي مسنده ليث بن سليم ورواه
الطبراني في الصغير من حديث الأعمش عن عمرو بن شعيب وقال:
لم يرو الأعمش عن عمرو غيره ورواه في الكبير من حديث واثلة
بلفظ آخر وإسناده ضعيف إلى هنا كلامه
(6/230)
9054 - (من نام عن وتره) في رواية بدله
حزبه وهو ما يجعله الإنسان على نفسه من نحو صلاة وتلاوة
كالورد (أو نسيه فليصله إذا ذكره) لفظ رواية الدارقطني إذا
أصبح وذكره زاد الترمذي وإذا استيقظ وفيه أن الوتر يقضى
دائما كالفرض وهو مذهب الشافعي واستدل به أيضا على أن
تأخير الوتر لآخر الليل أفضل أي إن وثق بيقظة وأنت خبير
بأنه لا دلالة فيه على ذلك
(حم ك عن أبي سعيد) الخدري وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
ضعيف وذكر القزويني ما يدل على أن الخبر واه ورواه
الدارقطني باللفظ المزبور عن أبي سعيد قال الغرياني: وفيه
محمد بن إسماعيل الجعفري قال أبو حاتم: منكر الحديث وعنه
محمد بن إبراهيم السمرقندي لم أر له ذكرا إلا أن يكون الذي
روى عنه ابن السماك فهو هالك وشيخ الجعفري عبد الله بن
سلمة بن أسد عن زيد بن أسلم لم أر له ذكرا
(6/230)
9055 - (من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا
يلومن إلا نفسه) حيث فعل ما يؤدي إلى ذلك وفي الميزان عن
مروان الطاطري بفتح الطاءين قلت لليث بن سعد: يا أبا
الحارث تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة عن عقيل عن
مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم من نام بعد العصر فقال:
أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل
(ع) عن عمرو بن حصين عن ابن علاثة قال الذهبي عن الأوزاعي
عن الزهري عن عروة (عن عائشة) وعمرو بن الحصين عن ابن
علاثة قال الذهبي في الضعفاء: تركوه وقال الهيثمي: رواه
أبو يعلى عن شيخه عمرو بن الحصين وهو متروك ورواه ابن حبان
عن أحمد بن يحيى بن زهير عن عيسى بن أبي حرب الصقال عن
خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن [ص:231] الزهري
عن عروة عن عائشة وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: خالد كذاب
والحديث لابن لهيعة فأخذه خالد ونسبه إلى الليث اه
(6/230)
9056 - (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن
نذر أن يعصي الله فلا يعصه) أي من نذر طاعة الله وجب عليه
الوفاء بنذره ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء به لأن النذر
مفهومه الشرعي إيجاب قربة وذا إنما يتحقق في الطاعة ويتصور
نذر الواجب بأن يوقته وينقلب المندوب بالنذر واجبا (1)
(حم خ 4) في الأيمان والنذور وغيرهما (عن عائشة) زاد
الطحاوي وليكفر عن يمينه قال ابن القطان: عندي شك في رفع
الزيادة
_________
(1) وهل يجب فيه كفارة أو لا قال الجمهور: لا وعن أحمد
والثوري وإسحاق وبعض الشافعية والحنفية نعم ونقل الترمذي
اختلاف الصحابة في ذلك كالقولين واتفقوا على تحريم النذر
في المعصية واختلافهم إنما هو في وجوب الكفارة
(6/231)
9057 - (من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته
كفارة يمين (1)) حمله مالك والأكثر على النذر المطلق كعلي
نذر وحمله كثيرون على نذر اللجاج والغضب
(هـ) في النذر (عن عقبة بن عامر) رمز لحسنه ورواه أبو داود
وغيره عن ابن عباس قال الصدر المناوي: في إسناد ابن ماجه
من لا يعتمد
_________
(1) قال الدميري اختلف العلماء في المراد بقوله صلى الله
عليه وسلم كفارة النذر كفارة يمين فحمله جمهور أصحابنا على
نذر اللجاج والغضب وهو أن يقول إنسان يريد الامتناع من
كلام زيد مثلا إن كلمت زيدا لله على حجة أو غيرهما فيكلمه
فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه وهذا هو الصحيح
من مذهبنا وحمله مالك وكثيرون على النذر المطلق كقوله علي
نذر وحمله أحمد وبعض أصحابنا على نذر المعصية كمن نذر أن
يشرب الخمر وحمله جماعة على جميع أنواع النذر فقالوا: هو
مخير في جميع أنواع النذر بين الوفاء بما التزمه وبين
كفارة يمين
(6/231)
9058 - (من نزل على قوم) في رواية بقوم
(فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم) لأن صوم التطوع حينئذ يورث
حقدا في النفس وجبر خاطر المضيف يورث المودة والمحبة في
الله وهو أعم نفعا ولا يعارضه خبر " إذا دعي أحدكم إلى
طعام وهو صائم فليقل إني صائم " لأن المراد به الفرض وبفرض
إرادة العموم فالأول فيما إذا نزل ضيفا فيجبر خاطر المضيف
بالفطر إن شق عليه صومه والثاني فيما إذا دعاه أهل بيته
إلى طعامه فيخبرهم بالواقع ولا يقدح فيه أنه دخل على أم
سليم فأتته بتمر وسمن فقال: " أعيدوا سمنكم في سقائه
وتمركم في وعائه فاني صائم " لأن أم سليم كانت عنده بمنزلة
أهل بيته هذا كله بفرض صحة الحديث المشروح وإلا فهو حديث
في سنده ضعيف
(ت عن عائشة) ثم قال: أعني الترمذي سألت محمدا يعني
البخاري عنه فقال: حديث منكر وقال عبد الحق: ما في رجاله
من يقبل حديثه وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح
(6/231)
9059 - (من نسي صلاة) مكتوبة أو نافلة
مؤقتة فلم يصلها حتى خرج وقتها (أو نام عنها) كذلك قال
الطيبي: ضمن نام معنى غفل أي غفل عنها في حال نومه
(فكفارتها) أي تلك المتروكة قال الطيبي: الكفارة عبارة عن
الفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة (أن
يصليها) وجوبا في المكتوبة وندبا في النفل (إذا ذكرها)
ويبادر بالمكتوبة وجوبا إن فاتت بغير عذر وندبا إن فاتت به
تعجيلا لبراءة ذمته وإذا شرع القضاء للناسي مع عدم الإثم
فالعامد أولى
(حم ق ت عن أنس) بن مالك وفي رواية عنه لمسلم " من نسي
صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " قضية صنيع
[ص:232] المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هؤلاء الأربعة
والأمر بخلافه فقد عزوه للستة كلهم
(6/231)
9060 - (من نسي الصلاة علي) أي تركها عمدا
على حد {نسوا الله فنسيهم} (خطئ) بفتح الخاء المعجمة وكسر
الطاء وهمز يقال خطئ في دينه إذا أثم وأخطأ سلك سبيل الخطأ
أو فعل غير الصواب (طريق الجنة) ومن أخطأ طريقها لم يبق له
إلا الطريق إلى النار
(هـ عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم
الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه بضعفه فقال: هذا حديث
إسناده ضعيف لضعف راويه جبارة بن المفلس وجابر بن يزيد
وقال المنذري: ضعيف وجبارة له مناكير وفي الميزان: عن ابن
معين كذاب وعن ابن نمير يضع الحديث فيرويه ولا يدري ومن
مناكيره هذا الخبر قال: وهذا بهذا الإسناد باطل اه. لكن
انتصر له ابن الملقن فقال: حديث ضعيف لكنه تقوى بما رواه
الطبراني عن الحسن بن علي مرفوعا " من ذكرت عنده فخطئ
الصلاة علي خطئ طريق الجنة " وتبعه الحافظ ابن حجر فقال:
خرجه ابن ماجه عن ابن عباس والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة
والطبراني عن الحسين بن علي قال: وهذه الطرق يسد بعضها
بعضا اه. فكان ينبغي للمؤلف استيعاب الطرق وفيه إشارة إلى
تقويته
(6/232)
9061 - (من نسي) مفعوله محذوف وهو صومه
بقرينة قوله (وهو صائم) أي والحال أنه صائم (فأكل أو شرب)
قليلا أو كثيرا كما رجحه النووي من الشافعية خصهما من بين
المفطرات لغلبتهما وندرة غيرهما كالجماع (فليتم صومه)
أضافه إليه إشارة إلى أنه لم يفطر وإنما أمر بالإتمام لفوت
ركنه ظاهرا ثم علل كون الصائم لا يفطر بقوله (فإنما أطعمه
الله وسقاه) فليس له فيه مدخل فكأنه لم يوجد منه فعل. قال
الطيبي: إنما للحصر أي ما أطعمه وما سقاه أحد إلا الله
تعالى فدل على أن النسيان من الله ومن لطفه في حق عباده
تيسيرا عليهم ودفعا للحرج وأخذ منه الأكثر أنه لا قضاء
وذهب مالك وأحمد إلى أن من أكل أو جامع ناسيا لزمه القضاء
والكفارة لأنه عبادة تفسد بالأكل والجماع فوجب أن تفسد
بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو وقعا في ابتداء الصوم
أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان طلوع الفجر عند أكله أو
جماعه فكذا وقوعهما في أثنائه ورد الأول بالمنع بأنه لم
يتعرض له فيه بل روى الدارقطني وابنا حبان وخزيمة سقوط
القضاء بلفظ " فلا قضاء عليه " والثاني بالفرق لأن النهي
في الصوم نوع واحد ففرق بين عمده وسهوه وفي الحج قسمان
أحدهما ما استوى عمده وسهوه كحلق وقتل صيد والثاني فرق في
وقت الصلاة كتطيب ولبس فالحق الجماع بالأول لأنه إتلاف
والثاني بأنه مخطئ في الوقت وهذا مخطئ في الفعل وبينهما
فرق ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء أو في عدد
الركعات بنى على صلاته ثم دليلنا خبر: من أكل أو شرب ناسيا
وهو صائم فليس عليه بأس وخبر: من أفطر رمضان ناسيا فلا
قضاء ولا كفارة وخبر: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فإن قيل:
لو كان النسيان عذرا كان في النية رد بأن الجماع وأخواته
من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال لأنها قصد وما كان
من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون المناهي فقد تسقط ولأن
النص فرق بينهما فلا ينتفي لأن الشيء لا يبقى مع المنافي
لتسويته ولأنها للشروع في العبادة والشروع فيها أليق
بالتغليظ ولأن النية مأمور بها للفعل والامتثال ولأن
المنهي عنه فإنه للامتناع والكف والترك والنسيان به غالب
فإن قيل: لا يبطل الصوم إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو
تداويا لورود النص بالأكل والشرب رد لأنه ألحق بها الغير
قياسا وإجماعا فإن قيل السهو والجهل عذر بالنسبة لكل مفطر
مطلقا لعموم النص ورد بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندرة
كثرة السهو
(حم ق هـ) في الصوم (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أنه
لم يروه من الستة إلا هؤلاء الثلاثة مع أن الجماعة كلهم
رووه بألفاظ متقاربة
(6/232)
[ص:233] 9062 - (من نصر أخاه) في الإسلام
(بظهر الغيب) زاد البزار في روايته وهو يستطيع نصره (نصره
الله في الدنيا والآخرة) جزاءا وفاقا ونصر المظلوم فرض
كفاية على القادر إذا لم يترتب على نصره مفسدة أشد من
مفسدة الترك فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط
الوجوب وبقي أصل الندب بالشرط المذكور فلو تساوت المفسدتان
خير وشرط الناصر كونه عالما بكون الفعل ظلما
(هق والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك ويروى عن يونس بن
عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال الذهبي في المهذب:
وأخطأ من رفعه
(6/233)
9063 - (من نظر إلى أخيه) في الدين (نظر
ود) أي محبة ولفظ رواية الطبراني محبة (غفر الله له) أي
ذنوبه. قال الحكيم: نظرة المودة قضاء المنية وقد أيس
المشتاق إلى الله أن ينظر الله في هذه الدار فإذا نظر إلى
عبده المطيع فإنما يقضي منيته من ربه ولا يشفيه ذلك فكل
لحظة بلحظ الله يريد التشفي من حرقات الشوق إلى رؤية ربه
وقد حبسه الله في هذا السجن بباقي أنفاسه فيستوجب بتلك
النظرة التي أورثتها العبرة من الحسرة المغفرة
(الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه باللفظ
المزبور الطبراني في الأوسط بزيادة فقال " من نظر إلى أخيه
نظر مودة لم يكن في قلبه عليه إحنة لم يطرف حتى يغفر له ما
تقدم من ذنبه " قال الهيثمي: فيه سوار بن مصعب متروك
(6/233)
9064 - (من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها في
غير حق أخافه الله يوم القيامة) قال الطيبي: قال الطيبي:
قوله يخيفه يجوز أن يكون حالا من فاعل نظر وأن يكون صفة
للمصدر على حذف الراجع أي بها
(طب) وكذا الخطيب في التاريخ والبيهقي في الشعب (عن ابن
عمرو) بن العاص قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال المنذري:
ضعيف وقال الهيثمي: ورواه الطبراني عن شيخه أحمد بن الرحمن
بن عقال وضعفه أبو عروبة
(6/233)
9065 - (من نفس) أي أمهل وفرج من تنفيس
الخناق أي إرحائه وقال عياض: التنفيس المد في الأجل
والتأخير ومنه {والصبح إذا تنفس} أي امتد حتى صار نهارا
(عن غريمه) بأن آخر مطالبته (أو محا عنه) أي أبرأه من
الدين المكتوب عليه (كان في ظل العرش يوم القيامة) لأن
الإعسار من أعظم كرب الدنيا بل هو أعظمها فجوزي من نفس عن
أحد من عيال المعسرين بتفريج أعظم كرب الآخرة وهو هول
الموقف وشدائده بالإزاحة من ذلك ورفعته إلى أشرف المقامات
ثم قالوا وقد يكون ثواب المندوب أكمل من ثواب الواجب
(حم م عن أبي هريرة)
(6/233)
9066 - (من نيح عليه) بكسر النون وسكون
التحتية مبنيا للمفعول من الماضي وفي رواية من نيح عليه
مضارع مبنى للمفعول وفي أخرى من يناح بألف مرفوعا على أن
من موصولة لا شرطية (يعذب) بجزمه على أن من شرطية ورفعه
بجعلها موصولة أو شرطية بتقدير فإنه يعذب أو خبر مبتدأ
محذوف أي فهو يعذب (بما نيح عليه) بإدخال باء السببية على
ما فهي مصدرية غير ظرفية أي بالنياحة أي مدة النواح عليه
والنون مكسورة عند الكل ذكره في الفتح ولبعضهم ما نيح بغير
موحدة قال العيني: ما في هذه الرواية للمدة أي يعذب مدة
النواح عليه ولا يقال ما ظرفية وهذا إذا أوصى به فإنه من
دأب الجاهلية فهو إنما يعذب بذنبه لا بذنب غيره فلا تدافع
بينه وبين آية {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أو المراد بالميت
المحتضر فإذا سمع الصراخ تحسر كما مر بما فيه
(حم ق ت عن المغيرة) بن شعبة قال علي بن ربيعة: [ص:234]
مات رجل فنيح عليه فرقى المغيرة المنبر فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال: ما بال هذا النواح في الإسلام سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
(6/233)
9067 - (من نوقش المحاسبة) نصب بنزع الخافض
أي من ضويق في محاسبته بحيث سئل عن كل شيء فاستقصى في
محاسبته حتى لم يترك منه شيء من الكبائر ولا من الصغائر
إلا وأوخذ به قال الحرالي: المحاسبة مفاعلة من الحساب وهو
استيفاء الأعداد فيما للمرء وعليه من الأعمال الظاهرة
والباطنة ليجازى بها ثم قال: وحقيقة المحاسبة ذكر الشيء
والجزاء عليه (هلك) أي يكون نفس المناقشة والتوقيف عليها
هلاكه لما فيه من التوبيخ أو أنها تفضي إلى العذاب لأن
التقصير غالب على العباد فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك
وعذب ولكن يغفر الله لمن يشاء
(طب) وكذا في الأوسط (عن ابن الزبير) رمز المصنف لحسنه وهو
فوق ذلك فقد قال المنذري بعد عزوه للطبراني في الكبير:
إسناده صحيح وقال الهيثمي: رجال الكبير رجال الصحيح وكذا
رجال الأوسط غير عمرو بن أبي عاصم النبيل وهو ثقة
(6/234)
9068 - (من نوقش الحساب) أي عوسر فيه
واستقصى فلم يسامح بشيء من نقش الشوكة وهو استخراجها كلها
ومنه انتقشت منه جميع حقي ذكره الزمخشري (عذب) وفي رواية
لمسلم هلك أي يكون نفس تلك المضايقة عذابا وسببا مفضيا
للعذاب على ما تقرر فيما قبله وفي خبر أحمد لا يحاسب أحد
يوم القيامة فيغفر له قال الحكيم: يحاسب المؤمن في القبر
ليكون أهون عليه في الموقف فيمحص في البرزخ فيخرج وقد اقتص
منه اه. ثم إن ذا لا يعارضه خبر ابن مردويه لا يحاسب رجل
يوم القيامة إلا دخل الجنة لعدم التنافي بين التعذيب
ودخولها إذ الموحد وإن عذب لا بد من إخراجه بالشفاعة أو
عموم الرحمة
(ق عن عائشة) وكذا رواه عنها أبو داود والترمذي وتمامه
قالت عائشة: فقلت أليس يقول الله {فأما من أوتي كتابه
بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا} الآية فقال: إنما ذلك
العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة هلك هكذا هو عند مخرجيه
المذكورين
(6/234)
9069 - (من هجر أخاه) في الإسلام (سنة) أي
بغير عذر شرعي (فهو كسفك دمه) أي مهاجرته سنة توجب العقوبة
كما أن سفك دمه يوجبها والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في
الإثم لا في قدره ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به
ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة
كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته ومن
المصلحة ما جاء من هجر بعض السلف لبعض فقد هجر سعد بن أبي
وقاص عمار بن ياسر وعثمان عبد الرحمن بن عوف وطاوس ووهب بن
منبه والحسن وابن سيرين إلى أن ماتوا وهجر ابن المسيب أباه
وكان زياتا فلم يكلمه إلى أن مات وكان الثوري يتعلم من ابن
أبي ليلى ثم هجره فمات ابن أبي ليلى فلم يشهد جنازته وهجر
أحمد بن حنبل عمه وأولاده لقبولهم جائزة السلطان وأخرج
البيهقي أن معاوية باع سقاية من نقد بأكثر من وزنها فقال
له أبو الدرداء: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال
معاوية: لا أرى به بأسا فقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وتخبرني عن رأيك لا أساكنك بأرض أنت فيها أبدا
(حب خد) في الأدب (ك) في البر والصلة (عن حدرد) قال
الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: سنده صحيح
وفي خبر أبي داود " من هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار "
قال العراقي: سنده صحيح
(6/234)
[ص:235] 9070 - (من وافق من أخيه) أي في
الدين (شهوة غفر له) أي ذنوبه الصغائر
(طب) من حديث نصر بن نجيح الباهلي عن عمرو بن حفص عن زياد
النميري عن أنس (عن أبي الدرداء) فيه شيئان الأول أن
المصنف سكت عليه وكان حقه أن يرمز إليه بعلامة الضعف لشدة
ضعفه بل قال ابن الجوزي: موضوع وعمرو بن حفص متروك وقال
الذهبي في الضعفاء: نصر بن نجيح عن عمران بن حفص عن زياد
النميري إسناده مجهول الثاني أنه اقتصر على عزوه للطبراني
فأشعر بانفراده به مع أن البزار خرجه باللفظ المزبور عن
أبي الدرداء ولما عزاه الهيثمي للطبراني والبزار قال: فيه
زياد النميري وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وضعفه غيره وفيه من
لم أعرفه هكذا قال
(6/235)
9071 - (من وافق) وفي رواية من صادف ويقال
مثله فيما يأتي (موته) من المؤمنين (عند انقضاء رمضان دخل
الجنة) أي بغير عذاب (ومن وافق موته عند انقضاء عرفة) أي
من وقف بها (دخل الجنة) كذلك (ومن وافق موته عند انقضاء
صدقة) تصدق بها وقبلت (دخل الجنة) أي من غير سبق عذاب وإلا
فكل من مات على الإيمان لا بد من دخوله إياها قطعا وإن لم
يوافق موته ما ذكر ولو عذب ما عذب
(حل) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) وفيه نصر بن حماد قال
الذهبي: قال النسائي: ليس بثقة ومحمد بن حجاوة قال أعني
الذهبي: قال أبو عوانة: الوضاح كان يغلو في التشيع
(6/235)
9072 - (من وجد سعة) من الأموات (فليكفن في
ثوب حبرة) كعنبة على الوصف والإضافة برد يماني مخطط ذو
ألوان ومنه ما روي أن رجلا قال: يا رسول الله رأيت سد
يأجوج كالبرد المحبر طريقة حمراء وطريقة سوداء قال: قد
رأيته قال المظهر: اختار بعض الأئمة كون الكفن حبرة لهذا
الحديث والأصح أفضلية الأبيض لأن أحاديثه أكثر اه. وذهب
بعض الحنفية إلى أنه يسن كون في أحد الأكفان حبرة لهذا
الحديث ويؤيده خبر أبي داود كفن النبي صلى الله عليه وسلم
في ثوبين وبرد حبرة وسنده حسن
(حم عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة
(6/235)
9073 - (من وجد من هذا الوسواس) بفتح الواو
أي وسوسة الشيطان أي شيئا (فليقل آمنا بالله ورسوله ثلاثا)
من المرات (فإن ذلك يذهب عنه) إن قاله بنية صادقة وقوة
يقين
(ابن السني عن عائشة) وفيه ليث بن سالم قال في الميزان: لا
يعرف روى عنه عبيد بن واقد خبرا منكرا اه وقال في اللسان:
قال ابن عدي: غير معروف وساق له هذا الخبر
(6/235)
9074 - (من وجد تمرا) وهو صائم (فليفطر
عليه) ندبا مؤكدا (ومن لا) يجده (فليفطر على الماء فإنه
طهور) فالفطر عليه يحصل السنة
(ت ن ك عن أنس) بن مالك قال الحاكم: على شرط البخاري ورواه
عنه أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم من فعل النبي صلى الله
عليه وسلم
(6/235)
9075 - (من وسع على عياله) وهم في نفقته
(في يوم عاشوراء) عاشر المحرم وفي رواية بإسقاط في (وسع
الله عليه في سنته كلها) دعاء أو خبر وذلك لأن الله سبحانه
أغرق الدنيا بالطوفان فلم يبق إلا سفينة نوح بمن فيها فرد
عليهم دنياهم يوم عاشوراء وأمروا بالهبوط للتأهب للعيال في
أمر معاشهم بسلام وبركات عليهم وعلى من في أصلابهم من
الموحدين [ص:236] فكان ذلك يوم التوسعة والزيادة في وظائف
المعاش فيسن زيادة ذلك في كل عام ذكره الحكيم وذلك مجرب
للبركة والتوسعة قال جابر الصحابي: جربناه فوجدناه صحيحا
وقال ابن عيينة: جربناه خمسين أو ستين سنة وقال ابن حبيب
أحد أئمة المالكية:
لا تنس ينسك الرحمن عاشورا. . . واذكره لا زلت في الأخبار
مذكورا
قال الرسول صلاة الله تشمله. . . قولا وجدنا عليه الحق
والنورا
من بات في ليل عاشوراء ذا سعة. . . يكن بعيشته في الحول
مجبورا
فارغب فديتك فيما فيه رغبنا. . . خير الورى كلهم حيا
ومقبورا
قال المؤلف: فهذا من هذا الإمام الجليل يدل على أن للحديث
أصلا
(طس) عن عبد الوارث بن إبراهيم عن علي بن أبي طالب البزار
عن هيصم بن شداخ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن
مسعود قال العقيلي: الهيصم مجهول والحديث غير محفوظ (هب)
من هذا الوجه (عن أبي سعيد) الخدري ثم قال: تفرد به هيصم
عن الأعمش وقال ابن حجر في أماليه: اتفقوا على ضعف الهيصم
وعلى تفرده به وقال البيهقي في موضع: أسانيده كلها ضعيفة
وقال ابن رجب في اللطائف: لا يصح إسناده وقد روي من وجوه
أخر لا يصح شيء منها ورواه ابن عدي عن أبي هريرة قال الزين
العراقي في أماليه: وفي إسناده لين فيه حجاج بن نصير ومحمد
بن ذكوان وسليمان بن أبي عبد الله مضعفون لكن ابن حبان
ذكرهم في الثقات فالحديث حسن على رأيه وله طريق آخر صححه
ابن ناصر وفيه زيادة منكرة اه. وتعقب ابن حجر حكم ابن
الجوزي بوضعه وقال المجد اللغوي: ما يروى في فضل صوم يوم
عاشوراء والصلاة فيه والانفاق والخضاب والادهان والاكتحال
بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه وفي القنية للحنفية
الاكتحال يوم عاشوراء لما صار علامة لبغض أهل البيت وجب
تركه
(6/235)
9076 - (من وصل صفا) من صفوف الصلاة (وصله
الله) أي زاد في بره وصلته وأدخله في رحمته (ومن قطع صفا)
منها (قطعه الله) أي قطع عنه مزيد بره قال الحرالي: والوصل
التكملة مع المكمل شيئا واحدا
(ن ك) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب ووهم من قال عمرو
بن العاص قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي
(6/236)
9077 - (من وضع الخمر على كفه) أي ليشربها
أو ليسقيها غيره أو نحو ذلك ثم دعا (لم تقبل له دعوة ومن
أدمن) أي داوم (على شربها سقي من الخبال) بفتح المعجمة
وخفة الموحدة جاء في خبر تفسيره بأنه عصارة أهل النار:
الفساد والجنون
(طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه
(6/236)
9078 - (من وطئ امرأته وهي حائض) أي في حال
حيضها (فقضى) أي قدر (بينهما ولد) أي العلوق بولد منه في
تلك الحالة (فأصابه) أي الولد أو الواطئ (جذام فلا يلومن
إلا نفسه) لتسببه فيما يورثه فلا يلزم الشارع لأنه قد حذر
منه فلما علم الرجل أن وطء الحائض مؤذ شرعا وطبعا وأقدم
عليه فكأنه وطن نفسه على حصول الأذى فلا يلومن إلا نفسه
(طس عن أبي هريرة) وفيه محمد بن السري متكلم فيه ورواه عنه
الديلمي أيضا
(6/236)
[ص:237] 9079 - (من وطئ أمته فولدت له) ما
فيه صورة آدمي ولو بقول أهل الخبرة (فهي معتقة عن دبر) منه
أن يحكم بعتقها بموته من رأس المال وإن أحبلها في المرض
أما لو لم تكن صورة خفية وقال أهل الخبرة: لو بقي لتصور
فلا تعتق
(حم عن ابن عباس)
(6/237)
9080 - (من وطئ على إزار) أي علاه برجله
(خيلاء) أي تيها وتكبرا (وطئه في النار) أي يلبس مثل ذلك
الثوب الذي كان يرفل فيه في الدنيا ويجره تعاظما في نار
جهنم ويعذب باشتعال النار فيه جزاء بما فعل
(حم عن صهيب) بضم المهملة الرومي رمز لحسنه ورواه الطبراني
باللفظ المزبور من حديث وهيب بن معقل
(6/237)
9081 - (من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر
ما بين رجليه) أراد شر لسانه وفرجه (دخل الجنة) أي بغير
عذاب أو مع السابقين قالوا وذا من جوامع الكلم
(ن ك) في الحدود (هب) كلهم (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا
الديلمي وغيره وفي سنده مقال ورواه أحمد بلفظ " ثنتان من
وقاه الله شرهما دخل الجنة ما بين لحبيه وما بين رجليه "
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير تميم بن يزيد مولى بني
زمعة وهو ثقة
(6/237)
9082 - (من وقر صاحب بدعة) وفي رواية من
وقر أهل البدع (فقد أعان على هدم الإسلام) لأن المبتدع
مخالف للسنة مائل عن الاستقامة ومن وقره حاول اعوجاج
الاستقامة لأن معاونة نقيض الشيء معاونة لرفع ذلك الشيء
فكان الظاهر أن يقال من وقر المبتدع فقد استخف السنة فوضع
موضعه أعان على هدم الإسلام إيذانا بأن مستخف السنة مستخف
للإسلام ومستخفه هادم لبنائه وهو من باب التغليظ فإذا كان
هذا حال الموقر فما حال المبتدع ومفهومه أن من وقر صاحب
سنة فقد أعان على تشييد الإسلام ورفع بنائه
(طب) وكذا أبو نعيم من طريقه عن الحسن بن علان الوراق عن
محمد بن محمد بن الواسط عن أحمد بن معاوية عن عيسى بن يونس
عن ثور عن ابن معدان (عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة
وسكون المهملة ورواه عن بشر أيضا البيهقي في الشعب قال ابن
الجوزي: موضوع أحمد حدث عنه بأباطيل ورواه ابن عدي عن
عائشة قال الحافظ العراقي: وأسانيدها كلها ضعيفة بل قال
ابن الجوزي: إنها كلها موضوعة
(6/237)
9083 - (من وقى شر لقلقه) أي لسانه
(وقبقبه) أي بطنه من القبقبة وهي صوت يسمع من البطن فكأنها
حكاية ذلك الصوت (وذبذبه) أي ذكره سمي به لتذبذبه أي تحركه
(فقد وجبت له الجنة) أي استحق دخولها
(هب عن أنس) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره
والأمر بحلافه بل قال عقبه في إسناده ضعف اه. وقال الحافظ
العراقي: سنده ضعيف
(6/237)
9084 - (من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسم
أحدهم محمدا فقد جهل) أي فعل فعل أهل الجهل مع ما في ذلك
من عظيم البركة التي فاتته وفي رواية لابن عساكر عن أبي
أمامة مرفوعا من ولد له مولود فسماه محمدا تبركا به كان هو
ومولوده في الجنة قال المؤلف في مختصر الموضوعات: هذا أمثل
حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن
(طب) عن أحمد بن النضر [ص:238] عن مصعب بن سعيد عن موسى بن
أعين عن ليث عن مجاهد (عد) عن عمر بن الحسين عن مصعب عن
أعين عن ليث عن مجاهد (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه مصعب
بن سعيد وهو ضعيف وأورده في الميزان في ترجمة ليث بن أبي
سليم وقال: قال أحمد: مضطرب الحديث لكن حدثوا عنه وضعفه
يحيى والنسائي وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: تفرد
به موسى عن ليث وليث تركه أحمد وغيره وقال ابن حبان: اختلط
آخر عمره وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل اه وتعقبه
المؤلف بأنه لم يبلغ أمره أن يحكم عليه بالوضع
(6/237)
9085 - (من ولد له ولد) في رواية مولود
(فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم
الصبيان) ريح تعرض لهم فربما غشي عليهم منها كذا قيل وأولى
منه قول الحافظ ابن حجر أم الصبيان هي التابعة من الجنة
(ع) وكذا البيهقي (عن الحسين) بن علي كرم الله وجهه قال
الهيثمي: فيه مروان بن سالم الغفاري وهو متروك وأقول:
تعصيبه الجناية برأسه وحده يؤذن بأنه ليس فيه مما يحمل
عليه سواه والأمر بخلافه ففيه يحيى بن العلاء البجلي
الرازي قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين قال: أحد كذاب
وضاع وقال في الميزان: قال أحمد: كذاب يضع ثم أورده له
أخبارا هذا منها
(6/238)
9086 - (من ولى شيئا من أمور المسلمين لم
ينظر الله في حاجته حتى ينظر في حوائجهم) أي بنصح ورفق
وصدق وهمة وحسن عزيمة والرفق يحسن وقعه عند عظم أثره فرفق
الإمام برعيته أعظم أجرا من رفق الرجل بأهل بيته ودونه
مراتب لا تحصى كرفق الإمام بالمقتدين في التطويل ورفق
المعلم بمن يعلمه ورفق رب الدين في اقتضائه
<فائدة> قال القاضي: الفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن
الحاجة ما يهتم به الإنسان وإن لم يبلغ حد الضرورة بحيث لو
لم يحصل لاختل به أمره والخلة ما كان كذلك مأخوذ من الخلل
لكن قد لا يبلغ حد الاضطرار بحيث لو لم يجد لامتنع التعيش
والفقر هو الاضطرار إلى ما لا يمكن التعيش دونه مأخوذ من
الفقار كأنه كسر فقاره ولذلك فسر الفقير بالذي لا شيء له
أصلا واستعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفقر
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه حسين بن قيس
وهو متروك وزعم محصن أنه شيخ صدوق وبقية رجاله رجال الصحيح
وقال المنذري: رجاله رجال الصحيح إلا حسين بن قيس المعروف
بحنش ولا يضر في المتابعات
(6/238)
9087 - (من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)
أي فقد عرض نفسه لعذاب يجد فيه ألما كألم الذبح بغير سكين
في صعوبته وشدته وامتداد مدته شبه به التولية لما في
الحكومة من الخطر والصعوبة أو ذبح بحيث لا يرى ذبحه أو
المراد أن التولية إهلاك لكن لا بألة محسوسة فينبغي أن لا
يتشوق إليه ولا يحرص عليه قال التوربشتي: شتان ما بين
الذبحين فإن الذبح بالسكين عناء ساعة والآخر عناء عمره أو
المراد أنه ينبغي أن تموت جميع دواعيه الخبيثة وشهواته
الردية فهو مذبوح بغير سكين فعلى هذا القضاء مرغب فيه وعلى
ما قبله محذر منه قال المظهر: خطر القضاء كثير وضرره عظيم
لأن النفس مائلة لما تحبه ومن له منصب يتوقع جاهه أو يخاف
سلطنته ويميل إلى الرشوة وهما الداء العضال وما أحسن قول
ابن الفضل:
ولما أن توليت القضايا. . . وفاض الجور من كفيك فيضا
ذبحت بغير سكين وإنا. . . لنرجو الذبح بالسكين أيضا
(د ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد
قال الحافظ العراقي: سنده صحيح
(6/238)
[ص:239] 9088 - (من وهب هبة فهو أحق منها
ما لم يثب منها) أخذ به مالك فجوز الرجوع في الهبة للأجانب
غير ذوات الثواب مطلقا إلا في هبة أحد الزوجين من الآخر
ومذهب الشافعية أنه بعد القبض ليس له طلب الثواب
(ك) في البيع (هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: على
شرطهما إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا اه. ونقل ابن حجر
عنه وعن ابن حزم أنهما صححاه وأقراه وإنما وقفت على نسخة
من تلخيص المستدرك للذهبي بخطه فرأيته كتب على الهامش بخطه
ما صورته موضوع اه. فلينظر بعد ما بين الحكم بالصحة والحكم
بالوضع من البون ثم رأيته في الميزان ساقه في ترجمة إسحاق
بن محمد الهاشمي وقال عقب قوله إلا أن يكون الحمل فيه على
شيخنا ما نصه قلت الحمل فيه عليه بلا ريب وهذا الكلام
معروف من قول عمر غير مرفوع اه
(6/239)
9089 - (من لا حياء له فلا غيبة له) أي فلا
تحرم غيبته أي لا يحرم ذكره بما تجاهر به من المعصية ليعرف
فيحذر
(الخرائطي في) كتاب (مساوى الأخلاق وابن عساكر) في تاريخه
(عن ابن عباس)
(6/239)
9090 - (من لا يرحم) بالبناء للفاعل (لا
يرحم) بالبناء للمفعول أي من لا يكون من أهل الرحمة لا
يرحمه الله أو من لا يرحم الناس بالإحسان لا يثاب من قبل
الرحمن {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} أو من لا يكون فيه
رحمة الإيمان في الدنيا لا يرحم في الآخرة أو من لا يرحم
نفسه بامتثال الأمر وتجنب النهي لا يرحمه الله لأنه ليس
عنده عهد فالرحمة الأولى بمعنى الأعمال والثانية بمعنى
الجزاء ولا يثاب إلا من عمل صالحا أو الأولى الصدقة
والثانية البلاء أي لا يسلم من البلاء إلا من تصدق أو غير
ذلك وهو بالرفع فيهما على الخبر وبالجزم على أن من موصولة
أو شرطية ورفع الأول وجزم الثاني وعكسه وأفاد الحث على
رحمة جميع الخلق مؤمن وكافر وحر وقن وبهيمة وغير ذلك ودخل
في الرحمة التعهد بنحو إطعام وتخفيف حمل ونحو ذلك
(حم د ق ت عن أبي هريرة ق عن جرير) بن عبد الله وسببه أن
النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قبل الحسين فقال
الأقرع بن حابس: لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر
إليه فذكره قال المصنف: هذا حديث متواتر
(6/239)
9091 - (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله)
قال الطيبي: الرحمة الثانية حقيقة والأولى مجازية إذ
الرحمة من الخلق العطف والرأفة وهو لا يجوز على الله ومن
الله الرضا عمن رحمه لأن من رق له القلب فقد عرض له
الإنعام أو إرادته والجزاء من جنس العمل فمن رحم خلق الله
رحمه الله قال الزين العراقي: وجاء في رواية تقييده
بالمسلمين فهل يحمل إطلاق الناس على التقييد أو الأمر أعم
ورحمة كل أحد بحسب ما أذن فيه الشارع فإن كانوا أهل ذمة
فيحفظ لهم ذمتهم أو حربيين دخلوا بإذن فيحفظ لهم ذلك لا أن
المراد بالرحمة مودتهم وموالاتهم
(حم ق ت عن جرير) بن عبد الله (حم ن عن أبي سعيد) الخدري
وفي الباب أنس وغيره
(6/239)
9092 - (من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه
من في السماء) أمره أو سلطانه فهو عبارة عن غاية الرفعة
ومنتهى الجلالة لا عن محل يستقر فيه ومن تمام الرحمة إيثار
الأطفال بذلك لضعفهم وتوقير الكبير لسنه وفي رواية بدل من
في السماء أهل السماء وفي شرح الحكم رؤي بعضهم في المنام
فقيل له: ما فعل الله بك قال: غفر لي ورحمني وسببه أني
مررت بشارع بغداد في مطر شديد فرأيت هرة ترعد من البرد
فرحمتها وجعلتها بين أثوابي
(طب) عن [ص:240] جرير بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وكان
حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقال
المنذري: إسناده جيد قوي
(6/239)
9093 - (من لا يرحم لا يرحم) أكثر ضبطهم
فيه بالضم على الخبر قاله القاضي وقال أبو البقاء: الجيد
أن يكون من بمعنى الذي فيرتفع الفعلان وإن جعلت شرطا
بجزمهما جاز (ومن لا يغفر لا يغفر له) دل بمنطوقه على أن
من لم يكن رحيما لا يرحمه الله ومن لا يغفر لا يغفر الله
له ومن شهد أفعال الحق في الخلق وأيقن بأنه المتصرف فيهم
رحمهم ومن لم يرحمهم واشتغل بهم عن الحق كان سببا لمقته من
الله وجلب كل رزية إليه ويدل على العكس بمفهومه وهو أن كل
من كان رحيما يرحمه الله الرحمن ومن يغفر يغفر الله له
(حم عن جرير) بن عبد الله قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح
(6/240)
9094 - (من لا يرحم لا يرحم ومن لا يغفر لا
يغفر له ومن لا يتب لا يتب عليه) في منطوقه ومفهومه العمل
المذكور فيما قبله
(طب عن جرير) بن عبد الله رمز المصنف لصحته لكن قضية كلام
الهيثمي أنه غير صحيح فإنه عزاه لأحمد والطبراني ثم قال:
رجال أحمد رجال الصحيح فأفهم أن رجال الطبراني ليسوا كذلك
وقد يقال لا مانع من كونه صحيحا مع كون رجاله غير رجال
الصحيح وقال المنذري: إسناده صحيح
(6/240)
9095 - (من لا يستحي من الناس لا يستحي من
الله) فلا يسامحه ولا يدع عقابه ومفهومه أن من يستحي من
الناس يستحي الله منه يعني أنه يسامحه ولا يعاقبه وقد مر
غير مرة أن حقيقة الحياء مستحيلة عليه تعالى
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم اه.
ولعل المصنف عرفهم حيث رمز لحسنه وسببه أن أنسا خرج لصلاة
فوجد الناس راجعين منها فتوارى عنهم ثم ذكره
(6/240)
9096 - (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)
قال ابن العربي: روي برفع الجلالة والناس ومعناه من لا
يشكره الناس لا يشكره الله وبنصبهما أي من لا يشكر الناس
بالثناء بما أولوه لا يشكر الله فإنه أمر بذلك عبيده أو من
لا يشكر الناس كمن لا يشكر الله ومن شكرهم كمن شكره وبرفع
الناس ونصب الجلالة وبرفع الجلالة ونصب الناس ومعناه لا
يكون من الله شاكرا إلا من كان شاكرا للناس وشكر الله
ثناؤه على المحسن وإجراؤه النعم عليه بغير زوال قال ابن
عطاء الله: إن كانت عين القلب تنظر إلى أن الله تعالى واحد
فالشريعة تقتضي أنه لا بد من شكر خليقته والناس في ذلك على
أقسام غافل منهمك في غفلته قويت دائرة حسه وانطمست حفرة
قدسه فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهده من رب العالمين
إما اعتقادا فشركه جلي وإما استنادا فشركه خفي وصاحب حقيقة
غائب عن الخلق بشهود الملك الحق وفني عن الأسباب بشهود
مسببها فهذا عبد مواجه بالحقيقة ظاهر عليه سناها سالك
للطريقة قد استوى على مداها غير أنه غريق الأنوار مطموس
الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناؤه على
بقائه وغيبته على حضوره وأكمل منه عبد شرب فازداد صحوا أو
غاب فازداد حضورا فلا جمعه يحجبه عن فرقه ولا فرقه يحجبه
عن جمعه ولا فناؤه يصرفه عن بقائه ولا بقاؤه يصده عن فنائه
يعطي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه فالأكمل مقام
البقاء المقتضي لإثبات الآثار وقد قال الله تعالى {أن اشكر
لي ولوالديك} وهو المشار إليه في هذا الخبر وما ضاهاه من
الأخبار
(ت عن أبي هريرة)
(6/240)
[ص:241] 9097 - (من يتزود في الدنيا) من
العمل الصالح (ينفعه في الآخرة) ولا يعول إلا على نفعها
قال تعالى {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
(طب هب والضياء) المقدسي (عن جرير) قال الهيثمي: رجاله
رجال الصحيح
(6/241)
9098 - (من يتكفل) أي يضمن (لي) من الكفالة
وهي الضمان (أن لا يسأل الناس شيئا) قال الطيبي: أن مصدرية
والفعل معها مفعول يتكفل أي من يلتزم لي عدم السؤال
(وأتكفل) بالرفع (له بالجنة) أي أضمنها له على كرم الله
وفضله وهو لا يخيب ضمان نبيه وفيه دلالة على شدة الاهتمام
بشأن الكف عن السؤال
(د ك عن ثوبان) فكان ثوبان يسقط سوطه وهو راكب وربما وقع
على عاتق رجل فيأخذه فيناوله فلا يأخذه منه حتى ينزل هو
فيأخذه رواه الطبراني
(6/241)
9099 - (من يحرم) من الحرمان وهو متعد إلى
مفعولين الأول الضمير العائد إلى من والثاني (الرفق) ضد
العنف فأل فيه لتعريف الحقيقة (يحرم الخير كله) بالبناء
للمجهول أي صار محروما من الخير ولامه للعهد الذهني وهو
الخير الحاصل من الرفق وفيه فضل الرفق وشرفه ومن ثم قيل
الرفق في الأمور كالمسك في العطور قال الأكمل: والحرمان
يتعدى إلى مفعولين يقال حرمت الرجل العطية حرمانا والمفعول
الأول الضمير العائد إلى من والثاني هو الرفق فأل لتعريف
الحقيقة وفي الخير للعهد الذهني والمعهود هو الخير المقابل
للرفق وهو خير كثير
(حم م) في البر (د) في الأدب وزاد كله (هـ عن جرير) بن عبد
الله ورواه مسلم من طريق آخر بلفظ من حرم الرفق حرم الخير
(6/241)
9100 - (من يخفر ذمتي) أي يزيل عهدي وينقصه
والخفرة بضم الخاء العهد والذمام (كنت خصمه) في رواية يوم
القيامة (ومن خاصمته خصمته) لأن المؤيد بالحجج الباهرة
والبراهين القاطعة
(طب) وكذا في الأوسط (عن جندب) قال: بلغني أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: فذكره هكذا في الطبراني قال
الهيثمي: ورجاله ثقات
(6/241)
9101 - (من يدخل الجنة ينعم) بفتح الياء
والعين أي يصب نعمه ويدوم نعيمه (فيها) فكأنه مظنة أن يقال
كف فقال (لا ييأس) بفتح الهمزة أي لا يفتقر وفي رواية
بضمها أي لا يحزن ولا يرى بأسا قيل: والصواب الأول وذا
تأكيد لما قبله وإنما جيء بالواو للتقرير على وزان {لا
يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (لا تبلى) بفتح
حرف المضارعة واللام (ثيابه) لأنها غير مركبة من العناصر
(ولا يفنى شبابه) إذ لا هرم ثم ولا موت {يطوف عليهم ولدان
مخلدون} أي يبقون أبدا على شكل الولدان وحد الرصانة وهذا
صريح في أن الجنة أبدية لا تفتى والنار مثلها وزعم جهم بن
صفوان أنهما فانيتان لأنهما حادثتان ولم يتابعه أحد من
الإسلاميين بل كفروه به وذهب بعضهم إلى إفناء النار دون
الجنة وأطال ابن القيم كشيخه ابن تيمية في الانتصار له في
عدة كراريس وقد صار بذلك أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان
لمخالفته نص القرآن وختم بذلك كتابه الذي في وصف الجنان
فكان من قبيل خبر إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما
يكون بينه وبينها إلا قدر ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل
بعمل أهل النار فيدخل النار وقد سلف عن الزمخشري في ذلك ما
فيه بلاغ فراجعه وقد قال السبكي في ابن تيمية هو ضال مضل
(م) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) قال: سئل النبي صلى الله
عليه وسلم عن الجنة فذكره ولم يخرجه البخاري وفي الباب ابن
عمر وغيره
(6/241)
[ص:242] 9102 - (من يرائي) أي يظهر للناس
العمل الصالح ليعظم عندهم وليس هو كذلك (يرائي الله به) أي
يظهر سريرته على رؤوس الخلائق ليفتضح أو ليكون ذلك حظه فقط
(ومن يسمع) الناس عمله ويظهره لهم ليعتقدوه ويبروه (يسمع
الله به) يوم القيامة أي يظهر للخلق سريرته ويملأ أسماعهم
مما انطوى عليه جزاءا وفاقا
(حم ت هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه
(6/242)
9103 - (من يرد) بضم المثناة تحت من
الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة بالوقوع في المقدور
وقيل اعتقاد النفع والضر وقيل ميل يتبعه الاعتقاد وهذا لا
يصح في الإرادة القديمة (الله به خيرا) أي جميع الخيرات
لأن النكرة تفيد العموم أو خيرا كبيرا عظيما كثيرا
فالتنوين للتعظيم (يفقهه في الدين) أي يفهمه أسرار أمر
الشارع ونهيه بالنور الرباني الذي أناخه في قلبه كما يرشد
إليه قول الحسن إنما الفقيه من فقه عن الله أمره ونهيه ولا
يكون ذلك إلا لعامل بعلمه ومر عن حجة الإسلام أن حقيقة
الفقه في الدين ما وقع في القلب ثم ظهر على اللسان فأفاد
العمل فأورث الخشية فالتقوى وأما الذين يتدارسون أبوابا
منه ليعزز به الواحد منهم فأجنبي من هذه الرتبة العظمى
وقال في موضع آخر: أراد الفقه المذكور العلم بمعرفة الله
وصفاته قال: وأما الفقه الذي هو معرفة الأحكام الشرعية فقد
استحوذ على أهله الشيطان واستغراهم الطغيان وأصبح كل منهم
بعاجل حظه مشغوفا فصار يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا
حتى ظل علم الدين مندرسا ومنار الهدى في الأقطار منطمسا
فتعين أن المراد هو علم الآخرة الذي هو فرض عين فنظر
الفقيه بالإضافة إلى صلاح الدنيا ونظر هذا بالإضافة إلى
صلاح الآخرة ولو سئل فقيه عن نحو الإخلاص والتوكل أو وجه
التحرز عن الرياء لما عرفه مع كونه فرض عينه الذي في
إهماله هلاكه ولو سئل عن اللعان والظهار يسرد من التفريعات
الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج لشيء منها وقد سمى
الله في كتابه علم طريق الآخرة فقها وحكمة وضياء ونورا
ورشدا
(حم ق عن معاوية) بن أبي سفيان (حم ت عن ابن عباس هـ عن
أبي هريرة) وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله بل
بقيته عند الشيخين والله المعطي وأنا القاسم خرجه البخاري
في العلم والخمس ومسلم في الزكاة ووجه ارتباط هاتين
الجملتين بما قبلهما أن إثبات الخير للمتفقه لا يكون
بالاكتساب فقط بل لمن يفتح الله عليه به على يد المصطفى
صلى الله عليه وسلم ثم ورثته
(6/242)
9104 - (من يرد الله به خيرا) بالتنكير في
سياق الشرط فيعم أي من يرد الله به جميع الخيرات (يفقهه)
بسكون الهاء لأنها جواب الشرط (في الدين) أي يفهمه علم
الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة
والأقيسة والنظر الدقيق بخلاف علم اللغة والنحو والصرف.
روى أن سلمان نزل على نبطية بالعراق فقال: هنا مكان نظيف
نصلي فيه قالت: طهر قلبك وصل حيث شئت فقال: فقهت أي فهمت
فمفهوم الحديث أنه من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد
الإسلام لم يرد الله به خيرا (ويلهمه برشده) بباء موحدة
أوله بخط المصنف وفيه كالذي قبله شرف العلم وفضل العلماء
وأن التفقه في الدين علامة على حسن الخاتمة وروى البخاري
في الصحيح معلقا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما
العلم بالتعلم هكذا ذكره معلقا بهاتين الجملتين ووصله ابن
أبي عاصم من حديث معاوية
(حل عن ابن مسعود) رمز لحسنه وهو فيه تابع لابن حجر حيث
قال في المختصر: إسناده حسن لكن قال الذهبي: هو حديث منكر
ورواه عنه الطبراني أيضا
(6/242)
[ص:243] 9105 - (من يرد الله يهده يفهمه)
علم الذات والصفات الناشئ عنه ملابسة كل خلق سني وتجنب كل
خلق دني فمن عرف سعة رحمته أثمرت معرفته سعة الرجاء ومن
عرف شدة نقمته أثمرت معرفته شدة الخوف وأثمر خوفه الكف عن
الذنوب والبكاء والحزن وحسن الإنقياد والإذعان ومن عرف
إحاطة علمه لكل معلوم ورؤيته لكل مبصر أثمر ذلك العلم
الحياء منه والمراقبة وإتقان العبادة وإصلاح القلب وإخلاص
العمل ومن عرفه بالتفرد بالضر والنفع لم يعتمد إلا عليه
ولم يفوض إلا إليه ومن عرفه بالعظمة والجلال هابه وعامله
بالذلة والافتقار ومن عرف أن النعم كلها منه أحبه وأثمرت
محبته آثارها فهذه بعض ثمرات المهتدي لفقه بعض الصفات
(السجزي عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه
(6/243)
9106 - (من يرد الله به خيرا) أي جميع
الخيرات أو خيرا غزيرا (يصب منه) بكسر الصادر عند الأكثر
والفاعل الله وروي بفتحها واستحسنه ابن الجوزي ورجحه
الطيبي بأنه أليق بالأدب لآية {وإذا مرضت فهو يشفين}
والضمير في قوله منه على التقديرين للخير قال الزمخشري: أي
ينل منه بالمصائب ويبتليه بها ليثيبه عليها وقال القاضي:
أي يوصل إليه المصائب ليطهره من الذنوب ويرفع درجته وهي
اسم لكل مكروه وذلك لأن الابتلاء بالمصائب طب إلهي يداوي
به الإنسان من أمراض الذنوب المهلكة ويصح عود الضمير في
يصب إلى من وفي منه إلى الله وإلى الخير والمعنى أن الخير
لا يحصل للإنسان إلا بإرادته تعالى وعليه فلا شاهد فيه
وإنما تركه لوضوحه لأن الخير الذي هو مراد لمن يحصل له
مختار مرضي به إذا كان بإرادة من الغير لا من نفسه فلأن
يكون ما يحصل بغير إرادة ورضا أولى
(حم خ) في الطب (عن أبي هريرة) ورواه عنه النسائي أيضا
(6/243)
9107 - (من يرد هوان قريش) القبيلة
المعروفة (أهانه الله) هذا أعظم من الخبر المار من أهان
قريشا إلخ لأنه جعل هوان الله لمن أراد هوانها لكنه إنما
خرج مخرج الزجر والتغليظ ليكون الإنتهاء عن أذاهم أسرع
امتثالا وإلا فحكم الله المطرد في عدله أنه لا يعاقب على
الإرادات
(حم ت ك) في المناقب (عن سعد) بن أبي وقاص قال الحاكم:
صحيح وأقره الذهبي وقال المناوي: سنده جيد
(6/243)
9108 - (من يسر على معسر) مسلم أو غيره
بإبراء أو هبة أو صدقة أو نظرة إلى ميسرة وإعانة بنحو
شفاعة أو إفناء يخلصه من ضائقة (يسر الله عليه) مطالبه
وأموره (في الدنيا) بتوسيع رزقه وحفظه من الشدائد ومعاونته
على فعل الخيرات (و) في (الآخرة) بتسهيل الحساب والعفو عن
العقاب ونحو ذلك من وجوه الكرامة والزلفى ولما كان الإعسار
أعظم كرب الدنيا لم يخص جزاؤه بالآخرة بل عممه فيهما
(هـ عن أبي هريرة)
(6/243)
9109 - (من يضمن) من الضمان بمعنى الوفاء
بترك المعصية فأطلق الضمان وأراد لازمه وهو أداء الحق الذي
عليه (لي ما بين لحييه) بفتح فسكون هما العظمان بجانبي
الفم وأراد بما بينهما اللسان وما يتأتى به النطق وغيره
فيشمل سائر الأقوال والأكل والشرب وسائر ما يتأدى بالفم من
الفعل والنطق باللسان أصل كل مطلوب (وما بين رجليه) أي
الفرج والمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من النطق
بالواجب والصمت عما لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من
وضعه [ص:244] في الحلال وكفه عن الحرام (أضمن) بالجزم جواب
الشرط (له الجنة) أي دخوله إياها وهذا تحذير من شهوة البطن
والفرج وأنها مهلكة ولا يقدر على كسر شهوتها إلا الصديقون
(خ) في الرقائق وغيرها (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه عنه
كثيرون منهم الترمذي
(6/243)
9110 - (من يعمل سوءا) دخل فيه البر
والفاجر والولي والعدو والمؤمن والكافر (يجز به في الدنيا)
زاد الحكيم في روايته عن ابن عمر أو الآخرة فأما في الآية
فقد أجمله وميز في الخبر بين الموطنين وأخبر بأن جزاءه إما
في الدنيا والآخرة وليس يجمع الجزاء فيهما ففسر في الخير
مجمل التنزيل وبين أن المؤمن يجزى بالسوء في الدنيا كتعب
وحزن والكافر يصيبه ذلك فيها ويعاقب أيضا في العقبى لأن
المؤمن صابر محتسب مذعن لربه والكافر ساخط على ربه مصر على
عداوته فيزداد نارا على نار
(ك عن أبي بكر) الصديق ورواه الحكيم عن الزبير قال: لما
صلب ابن الزبير بمكة قال ابن عمر رحمك الله أبا خبيب إن
كنت وإن كنت ولقد سمعت أباك يقول قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم فذكره قال ابن عمر فإن يك هذا بذاك فهه فهه يعني
جوزي به ومعناه أنه قاتل في حرم الله وأحدث فيه حدثا عظيما
اه
(6/244)
9111 - (من يك في حاجة أخيه) أي في قضاء
حاجة أخيه في الدين (يكن الله في حاجته) الحاجة اسم لما
يفتقر إليه الإنسان ومعناه على ظاهره ظاهر وكان لتقرير
الخبر وتأتي بمعنى صار وزائدة وتامة وهنا لا تصح لواحد
منها قال الأكمل: فينبغي أن الأولى بمعنى سعى لأن السعي في
الحاجة يستلزم الكون فيها والثانية بمعنى قضى ورد بأن
الاستمرار والانقطاع إنما يفهم من القرائن لا من كان وهنا
الغرض بيان كون الأول سببا للثاني فقط فإن تكرر السبب تكرر
المسبب وإلا فلا ولم يقل من قضى حاجته إشعارا بأن الله هو
الذي يقضيها وليس للعبد إلا المباشرة والكون في الحاجة أعم
من السعي فيها
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج عن
جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه
(6/244)
9112 - (منى مناخ من سبق) من الحاج وغيرهم
قال الطيبي: جملة مستأنفة لبيان موجب عدم البناء فيها أي
ليس مختصا بأحد إنما هو موضع العبادات من رمى وذبح وحلق
وغيرها فلا يجوز البناء فيها لأحد لئلا يكثر بها البناء
فتضيق على الحاج وهي غير مختصة بأحد بل هي موضع للمناسك
ومثلها عرفة ومزدلفة قال ابن العربي: هذا الحديث يقتضي
بظاهره أنه لا استحقاق لأحد بمنى إلا بحكم الإناخة بها
لقضاء النسك ثم بنى بعد ذلك بها لكن في غير موضع النسك ثم
أخربت قال: ورأيت بمدينة السلام يوم الجمعة كل أحد يأتي
بحصير أو خمرة بفرشها فإذا دخل الناس تحاموها فأنكرته وقلت
لفخر الإسلام الشاشي أيتخذ المسجد وطنا أو سكنا قال: لا بل
إذا وضع مصلاه كان أحق به لحديث منى مناح من سبق فإذا نزل
بمنى برحله ثم خرج لحاجته ليس لغيره نزع رحله قال ابن
العربي: وذا أصل في جواز كل مباح للانتفاع به دون
الاستحقاق والتملك
(ت هـ ك) في الحج (عن عائشة) قالت: يا رسول الله ألا نبني
لك بناء بمنى يظلك؟ قال: لا ثم ذكره قال الحاكم: على شرط
مسلم وأقره الذهبي وقال الترمذي: حسن قال في المنار: ولم
يبين لم لا يصح وعندي أنه ضعيف لأن فيه مسكة أم يوسف لا
يعرف حالها ولا يعرف روى عنها غير ابنها اه
(6/244)
9113 - (مناولة المسكين) أي إعطاؤه الصدقة
(تقي ميتة السوء) أي الموت مع الإصرار على معصية أو قنوط
من رحمه [ص:245] أو حرق أو لدغ أو نحوها. بين به أن أفضل
أنواع كيفيات التصدق وأعلاها المناولة وذلك لأن الله تفضل
على هذه الأمة بأخذ صدقاتهم بيده كما مر في أخبار ولم يكله
إلى ملائكته ولا لأحد من خلقه {وهو الذي يقبل التوبة عن
عباده ويأخذ الصدقات} فلذلك ندب أن يتولى المتصدق المناولة
وكان فضلها عظيما
(طب هب والضياء عن الحارث بن النعمان) كان قد عمي فاتخذ
خيطا في مصلاه بحجرته فيه صدقته فإذا جاء مسكين جره فناوله
منه فيقول أهله نكفيك فيقول سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه
(6/244)
9114 - (منبري هذا على ترعة من ترع الجنة)
أي موضع بعينه في الآخرة هناك أو المراد أن التعبد عنده
يورث الجنة فكأنه قطعة منها وقول البعض المراد منبر هناك
يبعده اسم الإشارة وأقول: جاء في رواية لأحمد والطبراني
تفسير الترعة بالباب عن بعض الصحابة
(حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ومن ثم
رمز المصنف لصحته
(6/245)
9115 - (منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا
غيره) فالمعاهد والمؤمن لا يجوز التعرض له نفسا وعضوا
ومالا ما دام عقد الأمان والمعاقدة باق ولذلك شروط وأحكام
مبنية في كتب الفروع
(ك عن علي) أمير المؤمنين
(6/245)
9116 - (منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب
دنيا) النهمة شدة الحرص على الشيء ومنه النهم من الجوع كما
في النهاية قال الطيبي: إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان لا
يشبعان استعارة لعدم انتهاء حرصهما وإن ذهب إلى الفرع يكون
تشبيها جعل أفراد المنهوم ثلاثة أحدها المعروف وهو المنهوم
من الجوع والآخرين من العلم والدنيا وجعلهما أبلغ من
المتعارف ولعمري إنه كذلك وإن كان المحمود منهما هو العلم
ومن ثم أمر الله رسوله بقوله {وقل رب ذدني علما} ويعضده
قول ابن مسعود عقبه لا يستويان أما صاحب الدنيا فيتمادى في
الطغيان وأما صاحب العلم فيزداد من رضا الرحمن وقال
الراغب: النهم بالعلم استعارة وهو أن يحمل على نفسه ما
يقصر قواها عنه فينبت والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى
اه. وهذا التقرير أقوى من قول الماوردي: في الحديث تنبيه
على أن العلم يقتضي ما بقي منه ويستدعي ما تأخر عنه وليس
للراغب فيه قناعة ببعضه قال حجة الإسلام: اجتمع في الإنسان
أربعة أوصاف سبعية وبهيمية وشيطانية وربانية فهو من حيث
سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع من التهجم على الناس
بنحو ضرب وشتم والبغضاء وغير ذلك ومن حيث سلط عليه الشهوة
يتعاطى أفعال البهائم كشره وحرص وشبق ومن حيث إنه في نفسه
أمر رباني كما قال تعالى {قل الروح من أمر ربي} يدعي لنفسه
الربوبية ويحب الاستيلاء والاستعلاء والتخصص والاستبداد
بالأمور والتعوذ بالربانية والانسلال عن رتبة العبودية
ويشتهي الإطلاع على العلوم كلها ويدعي لنفسه العلم
والمعرفة والإحاطة بحقائق الأمور ويفرح إذا نسب إلى العلم
وهو حريص على ذلك لا يشبع منه
(عد) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن
ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بالرد فقال:
محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف كان يسرق الحديث فيحدث بأشياء
منكرة اه. ومن ثم قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح
(البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ليث بن
أبي سليم وهو ضعيف
(6/245)
9117 - (موالينا منا) في الاستنان بسنتنا
والاحترام والإكرام لاتصالهم بنا فليس المراد أنه يحرم
عليهم أخذ الزكاة كما قيل
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه
مسلم بن سالم ويقال ابن مسلمة بن سالم ضعفه أبو داود
[ص:246] وغيره ووثقه ابن حبان وهذا حديث رواه أيضا ابن
قانع في معجمه من حديث إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أبيه
عن جده بلفظ " مولانا منا وابن أخينا منا وحليفنا منا "
(6/245)
9118 - (موت الغريب) وفي رواية موت الغربة
(شهادة) أي في حكم الآخرة زاد في الفردوس وإنه إذا احتضر
فرمى ببصره عن يمينه ويساره فلم ير إلا غريبا وذكر أهله
وولده فيتنفس فله بكل نفس يتنفسه يمحو الله عنه ألفي ألف
سيئة ويكتب له ألفي ألف حسنة اه قال البغدادي: وهذا فيمن
تغرب لقربة أو مباح كتجارة فمات غريبا متوحشا عن مؤانس
متحسرا في وحدته مستسلما في نفسه مسلما إلى ربه فيما ينزل
به فهو شهيد لصعوبة ما حل به
(هـ) وكذا القضاعي (عن ابن عباس) وفيه الهذيل بن الحكم قال
في الميزان: قال ابن حبان والبخاري: منكر الحديث جدا قال:
ومن مناكيره هذا الحديث وقال ابن حجر: حديث ضعيف لأنه يعني
ابن ماجه أخرجه من طريق الهذيل بن الحكم عن ابن أبي رواد
عن عكرمة والهذيل قال البخاري: منكر الحديث وزعم عبد الحق
أن الدارقطني صححه فتعقبه ابن القطان فأجاد اه. وسبقه له
البيهقي فقال عقب تخريجه في الشعب: أشار البخاري إلى تفرد
الهذيل به وقال: هو منكر الحديث اه. وقال المنذري: قد جاء
في أن موت الغريب شهادة جملة من الأحاديث لا يبلغ شيء منها
درجة الحسن وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف
بأنه ورد من طرق فيتقوى بها
(6/246)
9919 - (موت الفجأة) بفاء مضمومة مع المد
ومفتوحة مع القصر البغتة مصدر فجاء الأمر فجأة بغتة وزعم
الكرماني أنه في بعض الروايات بكسر الفاء (أخذة أسف) بفتح
السين أي غضب وبكسرها والمد أي أخذه غضبان يعني هو من أثار
غضب الله تعالى فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة ولم
يمرضه ليكون المرض كفارة لذنوبه كأخذة من مضى من العصاة
المردة كما قال تعالى {أخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} وهذا
وارد في حق الكفار والفجار لا في المؤمنين الأتقياء كما
أفصح به في الخير الآتي. قال ابن العربي: وليس موت القوم
فجأة إنما الفجأة موت اليقظة بغتة
(هـ حم د) في الجنائز (عن عبيد) بالتصغير (ابن خالد)
السلمي البهربي شهد صفين مع علي وأدرك زمن الحجاج قال
الأزدي: له طرق في كل منها مقال ولم يصح منها حديث اه وقال
المنذري: حديث عبيد هذا رجاله ثقات اه ولعله مستند المصنف
في إشارته لحسنه لكن ظاهر كلام ابن حجر توهينه فإنه لما
نقل عن ابن رشيد أن في إسناده مقالا أقره وسكت عليه لكنه
قال في تخريج المختصر: إسناده صحيح قال: وليس في الباب
حديث صحيح غيره
(6/246)
9120 - (موت الفجأة راحة للمؤمن) أي
المتأهب للموت المراقب له فهو غير مكروه في حقه بخلاف من
هو على غير استعداد منه كما أشار إليه بقوله (وأخذة أسف
للفاجر) أي الكافر أو الفاسق لما ذكر وقد مات إبراهيم
الخليل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلا مرض كما
بينه جمع وقال ابن السكن الهجري توفي إبراهيم وداود
وسليمان عليهم السلام فجأة قال: وكذلك الصالحون وهو تخفيف
عن المؤمن قال النووي في تهذيبه بعد نقله ذلك: قلت هو
تخفيف ورحمة في حق المراقبين وقال في الإحياء: وهو تخفيف
إلا لمن ليس مستعدا للموت لكونه مثقل الظهر <فائدة> يسمى
موت الفجأة الموت الأبيض قال الزمخشري: ومعنى بياضه خلوه
عما يحدثه من لا يعافص من توبة واستغفار وقضاء حق وغير ذلك
من قولهم بيضت الإناء إذا فرغته وهو من الأضداد
(حم هق عن عائشة) وفيه قصة قال الهيثمي: وفيه عبد الله بن
الوليد الوصافي وهو متروك وقال ابن حجر: حديث غريب فيه
صالح بن موسى وهو ضعيف لكن له شواهد
(6/246)
[ص:247] 9121 - (موتان الأرض) يعني مواتها
الذي ليس بمملوك (لله ورسوله فمن أحيا شيئا منها فهو له)
وإن لم يأذن الإمام مطلقا عند الشافعي وشرطه أبو حنيفة
مطلقا وقال مالك: إن تسامح الناس فيه لقربه من العمران لم
يشترط وإلا شرط
(هق عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي: تفرد بوصله معاوية
بن هشام قال الذهبي: قلت هذا مما أنكر عليه اه. وبه يعرف
أن المصنف لم يصب في رمزه لحسنه
(6/247)
9122 - (موسى بن عمران صفي الله) أي اصطفاه
الله برسالته وخصه بكلامه والكلام خصوصية اختص بها من بين
الأنبياء والرسل لم يشاركه فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب
وأصل الصفي ما يصطفيه الرئيس لنفسه دون أصحابه وجمعه صفايا
قال الشاعر:
لك المرباع منها والصفايا. . . وحكمك والنشيطة والفصول
(ن عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره
(6/247)
9123 - (موضع سوط في الجنة) خص السوط
بالذكر لأن من شأن الراكب إذا أراد النزول في منزل أن يلقى
سوطه قبل أن ينزل معلما بذلك المكان الذي يريده لئلا يسبقه
إليه أحد (خير من الدنيا وما فيها) لأن الجنة مع نعيمها لا
انقضاء لها والدنيا مع ما فيها فانية وهذا في محل سوط فما
الظن بأعلى ما فيها وهو النظر إلى وجه الله الكريم الذي
ينسي في لذته كل نعيم {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}
(خ ت هـ عن سهل بن سعد) الساعدي (ت عن أبي هريرة)
(6/247)
9124 - (مولى القوم) أي عتيقهم قال ابن
حجر: المراد بالمولى هو المعتق بفتح المثناة وأما المولى
من أعلى فلا يرد هنا وقال النووي في التهذيب: في هذا
الحديث سواء كان مولى عتاقة وهو الأكثر أو مولى حلف
ومناصرة أو مولى إسلام بأن أسلم على يد واحدة من قبيلة
كالبخاري مولى الجعفيين أسلم على يد أحدهم وقد ينسبون إلى
القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب الهاشمي مولى شقران مولى
المصطفى صلى الله عليه وسلم (من أنفسهم) أي ينتسب نسبتهم
ويرثونه إن كان مولى عتاقة فالمعتق يرث العتيق بالعصوبة
إذا فقد عصبة النسب فإن لم يكن مولى عتاقة فالمراد من
أنفسهم في الإكرام والاحترام وقيل المراد من أنفسهم في حكم
الحل والحرمة كمولى القرشي لا تحل له الصدقة وقيل القصد
بذلك جواز نسبة العبد إلى مولاه بلفظ النسبة
(خ) في الفرائض ووهم من زعم أنه ليس فيه (عن أنس) وفيه قصة
وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به إمام الفن عن صاحبه
وليس كذلك ففي الفردوس اتفقا على إخراجه ورواه أيضا أحمد
(6/247)
9125 - (مولى الرجل أخوه وابن عمه) المولى
الرب والمالك والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع
والجار وابن العم والصهر والمعتق وقد جاء أكثرها في
الأخبار فينزل على كل ما يليق به
(طب عن سهل بن حنيف) رمز لحسنه وفيه يحيى بن يزيد قال
الذهبي: ضعيف
(6/247)
9126 - (مهنة إحداكن) بفتح الميم وتكسر
خدمتها قال الزمخشري: والكسر عند الإثبات خطأ وفي رواية
إلى إحداكن [ص:248] (في بيتها تدرك جهاد المجاهدين إن شاء
الله) أي فضله وثوابه عند الله
(ع) وكذا البيهقي (عن أنس) بن مالك قال: جئن النساء إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن ذهب الرجال بالفضل
والجهاد فذكره. قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال ابن حبان:
روح أي أحد رجاله يروي عن الثقات الموضوعات لا تحل الرواية
عنه
(6/247)
9127 - (ميامن الخيل في شقرها) أي بركتها
في الأحمر الصافي منها والشقرة حمرة صافية وبقيته عند
مخرجيه أبي الشيخ والطيالسي وأيمنها ناصية ما كان واضح
الجبين محجل ثلاث قوائم طلق اليد اليمنى اه بنصه
(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه عنه
أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي
(6/248)
9128 - (ميتة البحر حلال وماؤه طهور) هو
بمعنى خبر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وفيه أن ما لا
يعيش إلا في البحر من جميع أنواع الحيوان ميتتها طاهرة يحل
أكلها ولو بصورة كلب وخنزير
(قط ك) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده عبد الله
(بن عمرو) بن العاص قال ابن حجر: هو من طريق المثنى عن عمر
والمثنى ضعيف اه. وقال الغرياني في مختصر الدارقطني: فيه
المثنى بن الصباح لينه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن عياش
لكن توبع
(6/248)
|