فيض القدير شرح الجامع الصغير

حرف الواو

(6/359)


9605 - (والله) أقسم تقوية للحكم وتأكيدا له (ما الدنيا في الآخرة) أي في جنب الآخرة (إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه) زاد في مسلم السبابة (هذه) وأشار بالسبابة وقيل بالإبهام ويحتمل أنه أشار بكل منهما مرة (في اليم) البحر (فلينظر) نظر اعتبار وتأمل (بم يرجع) وضعه موضع قوله فلا يرجع بشيء استحضارا لتلك الحالة بأن يستحضر مشاهدة السامع ثم يأمره بالتأمل والتفكر هل يرجع بشيء أم لا وهذا تمثيل تقريبي وإلا فأين المناسبة بين المتناهي وغيره والمراد أن نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة في المقدار كذلك أو ما الدنيا في قصر مدتها وفناء لذتها بالنسبة للآخرة في دوام نعيمها إلا كنسبة الماء الذي يعلق بالأصابع إلى باقي البحر
(حم م) في صفة الدنيا والاخرة (هـ) في الزهد (عن المستورد) بن شداد

(6/359)


9606 - (والله لأن) بفتح اللام وفتح همزة أن المصدرية الناصبة للمضارع (يهدي) بضم أوله مبني للمفعول (بهداك) أي لأن ينتفع بك (رجل واحد) يا علي بشيء من أمر الدين بما يسمعه منك إذ يراك تعلمه فيقتدي بك (خير لك من حمر) بسكون الميم جمع أحمر (النعم) بفتح النون أي الإبل وخص حمرها لأنها أكرمها وأعلاها وبها يضرب المثل في النفاسة وتشبيه أمور الآخرة في أعراض الدنيا إنما هو تقريب للفهم وإلا قذرة من الآخرة لا يعدلها ملك الدنيا
(د عن سهل بن سعد) الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليا وهو أرمد فقال علي: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما عليهم من حق الله تعالى فوالله إلخ

(6/359)


9607 - (والله إني لأستغفر الله) أي أطلب منه المغفرة (وأتوب إليه) طاهره أنه يطلب ويعزم على التوبة والمراد أنه يقول هذا (في اليوم أكثر من سبعين مرة) تصفية للقلب وإزالة للغاشية وهو وإن لم يكن له ذنب لكنه يجب أن يكون دائم الحضور فإذا التفتت نفسه إلى ما هو صورة حظ بشرى كأكل وشرب ونحو ذلك مما قد يخل بكمال الحضور عده ذنبا واستغفر الله منه والمراد بالسبعين التكثير لا التحديد كما مر غير مرة وفيه كالذي قبله وبعده جواز القسم بالله وإن نجح السعي المتطوع به أن يجمع المرء فيه بين الحقيقة وأدب الشريعة فإذا فعل ذلك نجح لأنه الصادق بغير يمين فكيف باليمين
(خ) في الدعوات (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الترمذي ولم يخرجه مسلم

(6/359)


9608 - (والله لا يلقي الله حبيبه في النار) قال ذلك لما مر في نفر من أصحابه وصبي في الطريق فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول ابني ابني فأخذته فقالوا يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار فذكره
(ك عن أنس) بن مالك

(6/359)


[ص:360] 9609 - (والله لا تجدون بعدي) أي بعد وفاتي (أعدل عليكم مني) قاله ثلاثا وقد جاء إليه مال فقسمه فقال رجل: ما عدلت منذ اليوم في القسمة فغضب ثم ذكره
(طب ك عن أبي بردة) الأسلمي (حم عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: فيه الأزرق بن قيس وثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح

(6/360)


9610 - (واكلي) يا عائشة (ضيفك) ندبا مؤكدا (فإن الضيف يستحي أن يأكل وحده) وكما تسن مؤاكلة الضيف يسن أن لا يقوم رب الطعام عنه ما دام الضيف يأكل أخرج الخطيب في تاريخه من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل مع القوم كان آخرهم أكلا
(هب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم

(6/360)


9611 - (والشاة إن رحمتها رحمك الله) قاله لقرة والد معاوية المزني لما قال له يا رسول الله إني لآخذ الشاة لأذبحها فأرحمها ولهذا ورد النهي عن ذبح حيوان بحضرة آخر ومن عجيبه ما نقله ابن عربي عن والده أنه رأى صائدا صاد قمرية فذبحها وزوجها ينظر إليها فطار في الجو حتى كاد يحتفي ثم ضم جناحيه وتكفن بهما وجعل رأسه مما يلي الأرض ونزل نزولا له دوي إلى أن وقع عليها فمات حالا
(طب عن قرة بن إياس) المزني والد معاوية (وعن مغفل بن يسار) ورواه أحمد أيضا عن قرة قال الهيثمي: ورجاله ثقات اه. لكن رواه الحاكم عن قرة أيضا فتعقبه الذهبي بأن عدي بن الفضل أحد رواته هالك انتهى فليحرر

(6/360)


9612 - (وأي داء أدوى) أي أقبح قال عياض: كذا روي غير مهموز من دوي إذا كان به مرض في جوفه والصواب أدوأ بالهمز من الداء لكنهم سهلوا الهمزة (من البخل) أي عيب أقبح منه وأي مرض أعظم منه لا شيء أعظم منه لأن من ترك الإنفاق خشية الإملاق لم يصدق الشارع فهو داء مؤلم لصاحبه في العقبى وإن لم يكن مؤلما في الدنيا فتشبيهه بالدواء من حيث كونه مفسدا للدين مورثا له سوء الثناء كما أن الداء يؤول إلى طول الضنى وشدة العناء ومن ثم عد بعضهم هذا الحديث من جوامع الكلم والبخل بفتح الباء والخاء وبضم الباء وسكون الخاء كذا في التنقيح
(حم عن جابر) بن عبد الله (ك) في المناقب (عن أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سيدكم يا بني سلمة قالوا: الجد بن قيس وإنا لنبخله فذكره ثم قال: بل سيدكم عمرو بن الجموح وفي رواية بشر بن البراء وذكر الماوردي أن للسبب تتمة وهو أنهم قالوا: وكيف يا رسول الله قال: إن قوما نزلوا بساحل البحر فكرهوا لبخلهم نزول الأضياف بهم فقالوا: نبعد النساء عنا لنعتذر للأضياف ببعدهن وتعتذر النساء ببعد الرجال ففعلوا فطال عليهم الأمد فاشتغل الرجال بالرجال والنساء بالنساء فذكره

(6/360)


9613 - (وأي وضوء أفضل من الغسل) قاله وقد سئل عن الوضوء بعد الغسل لكن ذهب الشافعي إلى أن الغسل يسن له وضوء وله تقديمه وتأخيره وتوسيطه لأدلة أخرى
(ك عن ابن عمر) بن الخطاب

(6/360)


9614 - (وأي المؤمن) أي وعده (حق واجب) أي بمنزلة الحق الواجب عليه في تأكد الوفاء
(د في مراسيله عن زيد بن أسلم) بفتح الهمزة واللام (مرسلا) ورواه ابن وهب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال في المنار: وهشام ضعيف

(6/360)


[ص:361] 9615 - (وجبت محبة الله على من أغضب) بالبناء للمفعول (فحلم) فلم يؤاخذ من أغضبه وهذا في الغضب لغير الله
(ابن عساكر) في تاريخه والأصبهاني في ترغيبه (عن عائشة) قال المنذري: فيه أحمد بن داود بن عبد الغفار المصري وقد وثقه الحاكم وقال في الميزان: كذبه الدارقطني وغيره ثم ساق من أكاذيبه هذا الخبر وقال في اللسان: قال ابن طاهر: كان يضع الحديث

(6/361)


9616 - (وجب الخروج على كل ذات نطاق في العيدين) قال في الفردوس: النطاق أن تلبس المرأة ثوبا ثم يشد وسطها بحبل ثم يرسل الأعلى على الأسفل والمراد بقوله وجب أنه متأكد يقرب من الوجوب فلا يجب الخروج حقيقة
(حم م عن عمرة بنت رواحة) الأنصاري رمز لحسنه ورواه البيهقي عنها وأبو نعيم في الحلية باللفظ المزبور من طريق محمد بن النعمان عن طلحة اليمامي عن امرأة من عبد القيس عن عمرة

(6/361)


9617 - (وددت أني لقيت إخواني) قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك قال: بلى أنتم أصحابي وإخواني (الذين آمنوا بي ولم يروني) لعله أراد أن ينقل أصحابه من علم اليقين إلى عين اليقين فيراهم هو وهم معه فإن قلت: كيف يتمنى رؤيتهم وهم حينئذ في علم الله لا وجود لهم في الخارج فالجواب: أن علم الأنبياء المستمد من علم الله وعلمه لا يختلف باختلاف النسب الزمانية فكذا علم أنبيائه حالة التجلي والكشف فهم لما خلقوا عليه من التطهير والتجرد عن الأدناس صارت مراءات الكون تتجلى في سرائرهم وصار الكون كله كأنه جوهرة واحدة وهم مرآته المصقولة التي تتجلى فيها الحقائق والدقائق لكن ذلك لا يكون إلا في مقام الجمع ووقف التجلي والتغريف وربما كان ذلك في أقل من لمحة ثم بعدها يرجع العبد لوطنه ويستقر في مركزه ويرجع إلى شهود تفرقته وأحكام حسه بمرأى من مشهده فلما لم يكن ذلك الحال غير مستمر تمنى أن يراهم رؤية كشف وإدراك في ذلك الآن ومن يتأمل ذلك يعرف أنه لا تعارض بين ذا وبين خبر تجلى لي علم ما بين المشرق والمغرب وخبر زويت لي الأرض ذكره بعض العارفين وقد دل إثبات الأخوة لهؤلاء على علو مرتبتهم وأنهم حازوا فضيلة الأخروية كما حاز المصطفى صلى الله عليه وسلم فضيلة الأولية وهم الغرباء الذين أشار إليهم بخبر بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء وهم الخلفاء الذين أشار إليهم بقوله رحم الله خلفائي وهم القابضون على دينهم عند الفتن كالقابض على الجمر وهم النزاع من القبائل وهم المؤمنون بالغيب إلى غير ذلك مما لا يعسر على الفطن استخراجه من الأحاديث
(حم) وكذا أبو يعلى (عن أنس) بن مالك لكن لفظ أبي يعلى متى ألقى إخواني إلخ قال الهيثمي: وفي رجال أبي يعلى محتسب أبو عائذ وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح غير أفضل بن الصباح وهو ثقة وفي إسناد أحمد حسن وهو ضعيف اه. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه

(6/361)


9618 - (ورسول الله معك يحب العافية) قاله لأبي الدرداء وقد قال يا رسول الله لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر وبذلك يعلم أن العافية من أجل نعم الله على عبده وأوفر عطاء وأجل منحة وفيه حجة لمن فضل الشاكر على الصابر قال الغزالي: النعمة إنما تعطى لمن يعرف قدرها وإنما يعرف قدرها الشاكر
(طب عن أبي الدرداء) قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم العافية وما أعد لصاحبها من الثواب إذا هو شكر وذكر البلاء وما أعد لصاحبه من الثواب إذا هو صبر فقلت: يا رسول الله لأن أعافى فأشكر إلخ ما تقدم فذكره. قال الذهبي: هذا حديث منكر قال [ص:362] الهيثمي: ضعيف جدا اه وذلك لأن فيه إبراهيم بن البراء قال العقيلي: حدث عن الثقات بالبواطيل وقال ابن عدي: حدث بالبواطيل وهو ضعيف جدا وأحاديثه كلها مناكير موضوعة كذا في الميزان

(6/361)


9619 - (وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم) أي فرجح ثواب حبر العلماء على ثواب دم الشهيد كما جاء مبينا هكذا عند الديلمي في مسنده والحديث يشرح بعضه بعضا ثم هذا خرج مخرج ضرب المثل بما يفيد أفضلية العلماء على المجاهدين وبعد ما بين درجتهما لأنه إذا كان مداد العلماء أفضل من دم الشهداء وأعظم ما عند المجاهد دمه وأهون ما عند العالم مداده فما ظنك بأشرف ما عند العالم من المعارف والتفكر في آلاء الله وتحقيق الحق وبيان الأحكام وهداية الخلق
(خط) من جهة محمد بن جعفر بإسناده إلى نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال مخرجه الخطيب: محمد بن جعفر غير ثقة يروي الموضوعات عن الثقات وروي له حديثا آخر ثم قال: الحديثان مما صنعت يداه. قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن الحسن بن أزهر من حديثه وقال: اتهمه الخطيب بوضع الحديث

(6/362)


9620 - (وسطوا الإمام) بالتشديد: أي اجعلوه وسط الصف لينال كل أحد عن يمينه وشماله حظه من نحو سماع وقرب كما أن الكعبة وسط الأرض لينال كل منها حظه من البركة أو المراد اجعلوه من واسطة قومه أي من خيارهم (وسدوا الخلل) بخاء معجمة ولام مفتوحة ما يكون بين الاثنين من الاتساع عند عدم التراص
(د عن أبي هريرة) قال في المهذب: سنده لين اه. وأصله قول عبد الحق: ليس إسناده بقوي ولا مشهور قال ابن القطان: ولم يبين علته وهي أن فيه يحيى بن بشير بن خلاد وأمه وهما مجهولان

(6/362)


9621 - (وصب المؤمن) أي دوام تعبه أو وجعه (كفارة لخطاياه) وهذا إذا صبر واحتسب قال في الفردوس: الوصب الوجع اللازم وجمعه أوصاب
(ك) في الجنائز (هب عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي

(6/362)


9622 - (وضع) ببنائه للمفعول والواضع الله كما صرح به في الرواية المارة (عن أمتي) أمة الإجابة (الخطأ) بفتحتين مهموز ضد الصواب (والنسيان) وهو ترك الشيء على ذهول وغفلة (وما استكرهوا عليه) من قول أو فعل قالوا وهذا حديث عظيم الشأن يحسن أنه يعد ربع الإسلام
(هق عن ابن عمر) بن الخطاب

(6/362)


9623 - (وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد) أي أن الله تعالى إله واحد لا شريك له (ولي بالبلاغ) أي بأني بلغت ما أرسلت به (أن لا يعذبهم) بنار جهنم والله تعالى {لا يخلف الميعاد} سيما مع وعده رسله
(د) وكذا الحاكم (عن أنس) بن مالك قال الحاكم: صحيح فتعقبه الذهبي في المهذب فقال: قلت هذا منكر لا يصح

(6/362)


9624 - (وفد الله ثلاثة: الغازي والحاج والمعتمر) زاد البيهقي في روايته " أولئك الذين يسألون الله فيعطيهم سؤلهم " ثم أخرج عن ابن عباس لو يعلم المقيمون ما للحاج عليهم من الحق لأتوهم حين يقدمون حتى يقبلوا رواحلهم لأنهم وفد الله من جميع الناس
(ن حب ك) في الحج (عن أبي هريرة) وقال: على شرط مسلم وأقره الذهبي

(6/362)


[ص:363] 9625 - (وفروا اللحى) أي لا تأخذوا منها شيئا (وخذوا من الشوارب) حتى تبين الشوارب بيانا ظاهرا (وانتفوا الإبط) أي أزيلوا شعره بأي وجه كان والنتف أولى لمن قوي عليه (وقصوا الأظافير) عند الاحتياج إليه والكل على جهة الندب المؤكدة والأولى في كل أسبوع مرة
(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: وفيه سليمان بن داود اليمامي ضعفوه

(6/363)


9626 - (وفروا عثانينكم) بعين مهملة فمثلثة جمع عثنون وهو اللحية (وقصوا سبالكم) ندبا لما في توفيرها من التشبه بالأعاجم بل المجوس وأهل الكتاب وفي خبر ابن حبان ما يصرح بذلك. قال الزين العراقي: هذا أولى بالصواب فلا اتجاه لقول الإحياء وغيرها لا بأس بترك سباله اه. وذكر نحوه الزركشي
(هب عن أبي أمامة) الباهلي وفي صحيح ابن حبان عن عمر نحوه

(6/363)


9627 - (وقت العشاء) أي أول وقت صلاتها (إذا ملأ الليل) يعني الظلام (بطن كل واد) والذي عليه العمل أن وقتها بمغيب الشفق الأحمر عند الشافعي لدليل آخر
(طس عن عائشة) قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت العشاء فذكره قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ورواه أحمد أيضا بسند رجاله موثقون

(6/363)


9628 - (وقروا من تعلمون) بحذف إحدى التائين للتخفيف (منه العلم ووقروا من تعلمونه العلم) فحق المعلم أن يجري متعلميه مجرى بنيه فإنه لهم في الحقيقة أشرف الأبوين وأبو الإفادة أعظم حقا من أبي الولادة فيوقرهم كما يوقر أولاده ويوقروه كما يوقروا آباءهم كما قال الاسكندر وقد سئل أمعلمك أكرم عليك أم أبوك قال: بل معلمي لأنه سبب حياتي الباقية ووالدي سبب حياتي الفانية فهو أحق بالتوقير من الأب وعلى العالم أن يعاملهم بالارشاد والشفقة ويتحنن عليهم وعليه أن يصرفهم عن الرذائل إلى الفضائل بل بلطف في المقال وتعريض في الخطاب والتعريض أبلغ من التصريح
(ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره

(6/363)


9629 - (وكل بالشمس تسعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته) فيه دلالة على أن في الملائكة كثرة واختصاص كل واحد أو طائفة منهم بعمل ينفرد به وفي خبر أن الإنسان موكل به ثلاث مئة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك البصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب في اليوم الصائف ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه عفير بن معدان وهو ضعيف جدا اه وتعصيبه الجناية برأس عفير وحده يوهم أنه ليس فيه مما يحمل عليه سواه والأمر بخلافه ففيه مسلمة بن علي الخشني قال في الميزان: شامي واه تركوه واستنكروا حديثه ثم ساق له أخبارا هذا منها وقال ابن الجوزي: لا يرويه غير مسلمة وقد قال يحيى: ليس بشيء والنسائي: متروك

(6/363)


9630 - (ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه) إيضاح بعد إبهام للتأكيد على وزان {كل أمة جاثية كل أمة} بنصب كل الثانية [ص:364] أبدلت الثانية من الأولى لأن في الثانية زيادة ذكر الجثو ولم يذكر ولد في المرة الثانية إذ لو ظهر فقيل ولد الرجل أطيب كسبه انقطع الثاني عن الأول بالكلية (فكلوا من أموالهم) أي فكلوا أيها الأصول من أموال فروعكم إذا كنتم فقراء لوجوب نفقتكم عليهم حينئذ
(د) من حديث عمارة بن عمير فقال: مرة عن عمته ومرة عن أمه عن عائشة (ك) في الربا من حديث عمارة المذكور عن أبيه (عن عائشة) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي ونوزعا بأنه اختلف فيه عن عمارة فمرة عن عمته وأخرى عن أمه وأخرى عن أبيه كما تقرر وعمته وأمه لا يعرفان كما قاله ابن القطان

(6/363)


9631 - (ولد الزنا شر الثلاثة) أي هو وأبواه لأن الحد قد يقام عليهما فيمحص ذنبهما وهذا لا يدرى ما يفعل به وقيل إنما ورد في معين موسوم بالشر أو النفاق أو فيمن قالت له أمه لست لأبيك فقتلها إذا عمل بعمل أبويه أو أنه شر الثلاثة أصلا وعنصرا ونسبا لأنه خلق من ماء الزنا وهو خبيث والعرق دساس وقد قضى بفساد الصل على فساد الفرع في آية {وما كانت أمك بغيا}
(حم د) في العتق (هق عن أبي هريرة)

(6/364)


9632 - (ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه) أي وزاد عليهما بالمواظبة عليه فالحديث على ظاهره ولا يحتاج لتأويل (تتمة) في مصنف عبد الرزاق عن الربعي أنه قرأ في بعض الكتب إن ولد الزنا لا يدخل الجنة إلى سبعة آباء فخفف الله عن هذه الأمة جعلها إلى خمسة آباء
(طب) وكذا في الأوسط عن ابن عباس قال الهيثمي: وفيه محمد بن أبي ليلى سيء الحفظ ومندل وثق وفيه ضعف (هق عن ابن عباس) قال الذهبي في المهذب: إسناده ضعيف وروى يعني البيهقي مثله من حديث عائشة وليس بالقوي اه

(6/364)


9633 - (ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه) فليس له عصبة من جهة أبيه لانتفائه عنه باللعان
(ك عن رجل) من الصحابة

(6/364)


9634 - (ولد آدم كلهم تحت لوائي يوم القيامة وأنا أول من يفتح له باب الجنة) وقد مر ما فيه أول الكتاب مبسوطا فتذكر
(ابن عساكر) في تاريخه (عن حذيفة) بن اليمان

(6/364)


9635 - (ولد نوح) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة) من الرجال (سام وحام ويافث) وسيأتي بيانهم في الحديث بعده
(حم ك) في أخبار الأنبياء (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي

(6/364)


9636 - (ولد نوح ثلاثة قسام أبو العرب وحام أبو الحبشة ويافث أبو الروم) قال الزين العراقي في كتاب القرب في فضل العرب: وقع لنا من حديث أبي هريرة مخالفا لحديث سمرة هذا في بعض وهو ما رواه أبو بكر البزار في مسنده عن أبي هريرة مرفوعا ولد نوح سام وحام ويافث فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم وولد حام القبط والبربر والسودان اه. قال: وهذا مخالف لحديث سمرة [ص:365] وحديث سمرة أولى بما هو الصواب
(طب عن سمرة) بن جندب (و) عن (عمران) بن الحصين رمز المصنف لحسنه وحقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي: رجاله موثقون

(6/364)


9637 - (ولد لي الليلة) في ذي الحجة سنة ثمان (غلام) من مارية القبطية (سريته فسميته باسم أبي إبراهيم) قال أبو زرعة: إن ذلك عقب ولادته اه وأخذ منه بعض المالكية أنه يسن أن يسمى ساعة ولادته وذهب الجمهور إلى أن السنة تأخيرها إلى يوم السابع تعلقا بخبر يوم سابعه وجمع ابن بزيزة بأن التسمية يوم الولادة والدعاء يوم السابع اه. وهو ركيك
(حم ق د عن أنس) بن مالك تمامه عند مسلم ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له أبو سيف فانطلق يأتيه فتبعته فانتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ كيره وقد امتلأ البيت دخانا فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول فقال أنس: لقد رأيته وهو يكبد نفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدمعت عيناه فقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون

(6/365)


9638 - (وهبت خالتي فاختة بنت عمرو) الزهرية (غلاما) في رواية أبي داود وأنا أرجو أن يبارك لها فيه (وأمرتها أن لا تجعله جازرا ولا صائغا ولا حجاما) لأن الجازر والحجام يخامران النجاسة ويباشرانها والصائغ في صنعته الغش وفيه كراهة الاحتراف بهذه الصنائع الثلاثة لما ذكر
(طب عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه ورواه الدارقطني عن عمر قال الهيثمي: فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك اه. فرمز المؤلف لحسنه لا يحسن وقال عبد الحق: لا يصح لأن فيه أبا ماجدة وقال ابن القطان: أبو ماجدة لا يعرف وغيره هذا منكر

(6/365)


9639 - (ويح) كلمة رحمة لمن وقع في هلكة لا يستحقها كما أن ويل كلمة عذاب لمن يستحقه وهما منصوبان إذا أضيفا بإضمار فعل وكذا إذا نكر أو يجوز ويح لزيد وويل له بالرفع على الابتداء قال الزمخشري: ويح وويب وويس ثلاثتها في معنى الترحم وقيل ويح رحمة لنازل به بلية وويس رأفة واستملاح وويب كويح وأما ويل فشتم ودعاء بالهلكة وعن الفراء أن ويح كلمة شتم ودعاء استعملوها استعمال قاتله الله في محل الاستعجاب ثم استعظموها فكفوا عنها بويح وأخويه اه (الفراخ فراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف) قالوا المراد يزيد بن معاوية وأضرابه من خلفاء بني أمية
(ابن عساكر) في تاريخه (عن سلمة بن الأكوع) ورواه عنه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور

(6/365)


9640 - (ويح عمار) بالجر على الإضافة وهو ابن ياسر (تقتله الفئة الباغية) قال القاضي في شرح المصابيح: يريد به معاوية وقومه اه وهذا صريح في بغي طائفة معاوية الذين قتلوا عمارا في وقعة صفين وأن الحق مع علي وهو من الإخبار بالمغيبات (يدعوهم) أي عمار يدعو الفئة وهم أصحاب معاوية الذين قتلوه بوقعة صفين في الزمان المستقبل (إلى الجنة) أي إلى سببها وهو طاعة الإمام الحق (ويدعونه إلى) سبب (النار) وهو عصيانه ومقاتلته قالوا وقد وقع ذلك في يوم صفين دعاهم فيه إلى الإمام الحق ودعوه إلى النار وقتلوه فهو معجز للمصطفى وعلم من أعلام نبوته وإن قول بعضهم المراد أهل مكة الذين عذبوه أول الإسلام فقد تعقبوه بالرد قال القرطبي: وهذا الحديث من أثبت الأحاديث وأصحها ولما لم يقدر معاوية على إنكاره قال: إنما قتله من [ص:366] أخرجه فأجابه علي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه قال ابن دحية: وهذا من علي إلزام مفحم لا جواب عنه وحجة لا اعتراض عليها وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتاب الإمامة: أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين أن عليا مصيب في قتاله لأهل صفين كما هو مصيب في أهل الجمل وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له لكن لا يكفرون ببغيهم وقال الإمام أبو منصور في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة: أجمعوا أن عليا مصيب في قتاله أهل الجمل طلحة والزبير وعائشة بالبصرة وأهل صفين معاوية وعسكره اه. (تتمة) في الروض الأنف أن رجلا قال لعمر رضي الله تعالى عنه: رأيت الليلة كأن الشمس والقمر يقتتلان ومع كل نجوم قال عمر: مع أيهما كنت قال: مع القمر قال: كنت مع الآية الممحوة اذهب ولا تعمل لي عملا أبدا فعزله فقتل يوم صفين مع معاوية واسمه حابس بن سعد
(حم خ عن أبي سعيد) الخدري قال: كنا نحمل في بناء المسجد لبنة لبنة وعمار لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح إلخ قال المصنف في الخصائص: هذا الحديث أي حديث عمار متواتر ورواه من الصحابة بضعة عشرة

(6/365)


9641 - (ويحك أوليس الدهر كله غدا) قاله لابن سراقة وقد قال له وهو متوجه إلى أحد يا رسول الله قيل لي إنك تقتل غدا فذكره فإن قيل ويح كلمة تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها كنا تقرر فما وجه الترحم على هذا القائل الجافي قلت الترحم عليه من حيث النظر لقلة فهمه وبلادة ذهنه وجمود طبعه حيث لم يتفطن إلى أن المراد بغدا ما يستقبل من الزمان
(ابن قانع) في المعجم (عن جعال) وقيل جعيل (ابن سراقة) الغفاري أو الضمري من أهل الصفة شهد أحدا

(6/366)


9642 - (ويحك إذا مات عمر) بن الخطاب الذي يفر منه الشيطان (فإن استطعت أن تموت فمت) قاله لرجل باعه إبلا بتأخير فلقيه علي فأخبره فقال: ارجع إليه فقل يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن يقضيني ففعل فقال أبو بكر فقال له فقل له فإن حدث بأبي بكر ففعل فقال عمر ففعل فقال قل له إن حدث بعمر ففعل
(طب عن عصمة بن مالك) قال: قدم رجل من أهل البادية بإبل فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه علي فقال: ما أقدمك قال: قدمت بإبل فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنقدك قال: لا لكن بعتها بتأخير قال: ارجع إليه وقل له إن حدث بك حادث فمن يقضيني قال أبو بكر قال فإن حدث بأبي بكر قال عمر فقال إذا مات عمر فمن يقضي فذكره قال الهيثمي: فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا اه فرمز المؤلف لحسنه غير حسن

(6/366)


9643 - (ويل) أي تحسر وهلك وهو في الأصل مصدر لا فعل له وإنما ساغ الابتداء به نكرة لأنه دعاء ذكره القاضي والخبر قوله (للأعقاب) أي التي لا ينالها ماء الطهر فاللام للعهد كما عليه البيضاوي كالباحي واحتمال إرادة الجنس بعيد لأنه يخرجه عن كونه وعيدا على الإخلال ببعض الوضوء وعلى هذا التقرير فالعقاب مخصوص بالأعقاب التي وقع التقصير في غسلها وقيل بل التقدير ويل لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها (من النار) في محل رفع صفة لويل ذكره الزركشي وغيره ومنع أبو البقاء تعلقه بويل من أجل الفصل بينهما وقال ابن فرحون: هو متعلق بمتعلق الخبر ومثل الأعقاب ما يشاركها في ذلك من بقية الأعضاء وهذا الحديث ورد على سبب وهو أنه رأى قوما يمسحون على أرجلهم فنادى بأعلى صوته وبل إلخ مرتين أو ثلاثا ولو كان الماسح مؤديا للفرض لما توعد بالنار فبطل مذهب الشيعة الموجبين للمسح. [ص:367]
(حم ق د ن هـ عن ابن عمرو) بن العاص (حم ق ت هـ عن أبي هريرة) ورواه أيضا مسلم عن عائشة وزاد قصته فقال: عن سالم مولى شداد دخلت على عائشة يوم توفي سعد بن أبي وقاص فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها فقالت له أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكرته قال المصنف: حديث متواتر

(6/366)


9644 - (ويل) قيل أصله وي فوصلوه باللام وقدروا أنها منه فأعربوه يقال وي لفلان أي حزن له وقيل ويلك وهو قبيح على المخاطب فعله (للأعقاب وبطون الأقدام) جمع قدم وهو ما يقوم عليه الشيء ويعتمد (من النار) فمن توضأ كما توضأ المبتدعة فلم يغسل باطن قدميه ولا عقبه بل يمسح ظهرهما فالويل لعقبه وباطن قدميه من النار أو الويل لفاعل ذلك على ما تقرر فعلم منه أن فرض الرجلين الغسل لا المسح وأن الجسد يعذب خلافا لبعض الفرق الزائغة. قيل نظر أبو هريرة إلى شاب وضيء فقال أرى لك قدمين نظيفين فابتغ بينهما موقفا صالحا يوم القيامة وإنما خص الأعقاب وبطون الأقدام لغلبة التساهل فيها والتهاون بها
(حم ك) في الطهارة وكذا الدارقطني (عن عبد الله بن الحارث) بن جزء الزبيدي قال الحاكم: صحيح ولم يخرج بطون الأقدام وأقروه عليه. قال الذهبي في المهذب: حديث أحمد صحيح وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات

(6/367)


9645 - (ويل) كلمة عذاب أو واد بجهنم أو صديد أهل النار قال ابن جماعة: لم يجيء في القرآن إلا وعيدا لأهل الجرائم (للأغنياء من الفقراء) ظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني يقولون يوم القيامة ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله عز وجل وعزتي لأدنينكم ولأباعدنهم ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} اه بنصه ومن كلامهم البليغ ويل للمساكين بتشديد السين من المساكين
(طس عن أنس) بن مالك وفيه جنادة بن مروان قال الذهبي في الضعفاء: ضعفه أبو حاتم فيقال ليس بقوي واتهم بحديث

(6/367)


9646 - (ويل للعالم من الجاهل) حيث لم يعلمه معالم الدين ويرشده إلى طريقه المبين مع أنه مأمور بذلك (وويل للجاهل من العالم) حيث أمره بمعروف أو نهاه عن منكر فلم يأتمر بأمره ولم ينته بنهيه إذ العالم حجة الله على خلقه قال الشافعي: العلم جهل عند أهل الجهل كما أن الجهل جهل عند أهل العلم
(ع عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا في مسند الفردوس قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف

(6/367)


9647 - (ويل) كلمة تقال لمن وقع في هلكة ولا يترحم عليه بخلاف ويح كذا في التنقيح (للعرب) يعني المسلمين (من شر قد اقترب) وهو الفتن التي حدثت بينهم من قتل عثمان وخروج معاوية على علي قال ابن حجر: ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة كما وقع في حديث آخر: يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قضعتها والخطاب للعرب (أفلح من كف يده) عن القتال ولسانه عن الكلام في الفتن لكثرة الخطر أو أراد ما يقع من مفسدة يأجوج ومأجوج أو من التتار من المفاسد الهائلة التي قالوا إنه لم يسمع وقوع مثلها في العالم من بدء الدنيا إلى الآن وقال القرطبي: أخبر بما يكون بعده بين العرب وقد وجد ذلك بما استؤثر عليهم من الملك والدولة وصار ذلك في غيرهم من الترك والعجم وتشتتوا في البوادي بعد أن كان العز والملك والدنيا لهم ببركته عليه الصلاة والسلام وما جاءهم به من الإسلام فلما كفروا النعمة فقتل بعضهم بعضا وسلب بعضهم أموال بعض سلبها الله منهم ونقلها لغيرهم {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم}
(د ك) في الفتن (عن أبي هريرة) قال: خرج النبي [ص:368] صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل للعرب إلخ قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاعا ثم إن هذا الحديث قد رواه الشيخان في صحيحيهما بزيادة ونقص ولفظه ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها قيل يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث

(6/367)


9648 - (ويل للذي يحدث فيكذب) في حديثه (ليضحك به القوم ويل له ويل له) كرره إيذانا بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة
(حم د) في الأدب (ت) في الزهد (ك) في الإيمان (عن) بهز بن حكيم عن أبيه عن جده (معاوية بن حيدة) وبهز بن حكيم سبق بيان حاله ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير

(6/368)


9649 - (ويل للمالك من المملوك) حيث كلفه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام أو قصر في القيام بحقه من نفقة وغيرها ونحو ذلك (وويل للمملوك من المالك) حيث لم يقم بما فرض عليه من حسن خدمته والجهد في نصيحته وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البزار وويل للغني من الفقير وويل للشديد من الضعيف وويل للضعيف من الشديد اه. بنصه
(البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان قال الهيثمي: ورواه البزار عن شيخه محمد بن الليث وقد ذكره ابن حبان في الثقات قال: يخطىء ويخالف وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه أيضا أبو يعلى وغيره

(6/368)


9650 - (ويل للمتألين من أمتي) قيل من هم قال (الذين يقولون فلان في الجنة وفلان في النار) أو ليكونن كذا أو ليغفرن الله لفلان أو لا يغفر له
(تخ عن جعفر العبدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين بينهما موحدة ساكنة نسبة إلى عبد القيس من ربيعة ينسب إليه خلق كثير (مرسلا) ورواه القضاعي مسندا

(6/368)


9651 - (ويل للمكثرين إلا من قال بالمال هكذا وهكذا) أي فرقه على من عن يمينه وشماله من الفقراء وأهل الحاجة والمسكنة وهذا من أدلة من فضل الفقر على الغنى
(هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه

(6/368)


9652 - (ويل للنساء من الأحمرين الذهب والمعصفر) قال في مسند الفردوس: يعني يتحلين بحلي الذهب ويلبسن الثياب المزعفرة وبتبرجن متعطرات متبخترات كأكثر نساء زمننا فيفتن بهن اه
(هب عن أبي هريرة) وفيه عباد بن عباد وثقه ابن معين وقال ابن حبان: يأتي بالمناكير فاستحق الترك نقله الذهبي ورواه أيضا أبو نعيم في الصحابة بهذا اللفظ لكنه قال الزعفران بدل المعصفر قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف

(6/368)


[ص:369] 9653 - (ويل للوالي من الرعية إلا واليا يحوطهم من ورائهم بالنصيحة) أي يحفظهم بها يقال حاطه يحوطه حوطا وحيطة وحياطة إذا كلأه ورعاه قال القاضي: والمراد بالنصيحة إرادته الخير لهم والصلاح ومنه سمي الخياط ناصحا لأنه يصلح
(الروياني) في مسنده (عن عبد الله بن مغفل)

(6/369)


9654 - (ويل لأمتي من علماء السوء) وهم الذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة فالواحد منهم أسير الشيطان أهلكته شهوته وغلبت عليه شقوته ومن هذا حاله فضرره على الأمة من وجوه كثيرة منها الاقتداء به في أفعاله وأقواله ومنها تحسينه للحكام ظلم الأنام وتساهله في الفتوى لهم وإطلاقه القلم واللسان بالجور وبالبهتان استكبارا أن يقول فيما لا علم عنده به لا أدري قال الغزالي: آفة العلم الخيلاء فلم يلبث العالم أن يتعزز بالعلم ويستعظم نفسه ويحتقر الناس وينظر إليهم نظره إلى البهائم ويستجهلهم ويترفع أن يبدأه بالسلام فإن بدأ أحدهم بالسلام أو رد عليه ببشر أو قام له أو أجاب له دعوة رأى ذلك صنيعة عنده وبرا عليه يلزمه شكره واعتقد أنه أكرمهم وفعل بهم ما لا يستحقونه وأنه ينبغي أن يخدموه شكرا له على صنيعته بل الغالب أيهم يبرونه ولا يبرهم ويزورونه ولا يزورهم ويستخدم من خالطه منهم ويسخره في حوائجه فإن قصر استنكره كأنهم عبيده أو أجراؤه وكأن تعلمه العلم صنيعة منه لديه ومعروف إليه أو استحقاق حق عليه. وقال الماوردي: الدنيا دار مرضى إذ ليس في بطن الأرض إلا ميت ولا على ظهرها إلا سقيم ومرض القلوب أكثر من مرض الأبدان والعلماء أطباء القلوب وقد مرضوا في هذه العصور مرضا شديدا عجزوا عن علاجه وصارت لهم أسوة في عموم المرض حتى ظهر نقصانهم فاضطروا إلى إغراء الخلق وإرشادهم إلى ما يزيدهم مرضا وهو حب الدنيا الذي تلبسوا به لما لم يقدروا على التحذير منه حذرا أن يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون أنفسكم؟ فلذلك عم الداء وعظم الوباء وانقطع الدواء وهلك الخلق لفقد الأطباء بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء فليتهم إذ لم يصلحوا لم يفسدوا وليتهم سكتوا وما نطقوا فإنهم لم يهمهم في مواعظهم إلا ما يزعق العوام ويستميل قلوبهم من تسجيع الكلام وتغليب أسباب الرجاء وذكر دلائل الرحمة لأن ذلك ألذ في الأسماع وأخف على الطباع لينصرف الخلق عن مجالس الوعظ وقد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي ومتى كان الطبيب جاهلا أو خائنا يضع الدواء في غير موضعه فالرجاء والخوف دواءان لكن لشخصين متضادي العلة
(تتمة) قال الحكيم: علماء السوء ضربان ضرب مكب على حطام الدنيا لا يسأم ولا يمل قد أخذ بقليه حبها وألزمه خوف الفقر فهو كالهمج يتقلب في المزابل من عذرة إلى عذرة ولا يتأذى بسوء رائحتها وإكبابه عليها كإكباب الخنازير فمسخوا في صورة الخنازير وضرب أهل تصنع ودهاء ومخادعة وتزين للمخلوقين شحا على رياستهم يتبعون الشهوات ويلتقطون الرخص ويخادعون الله بالحيل في أمور دينهم فاطمأنوا إلى الدنيا وأسبابها ورضوا من العلم بالقول دون الفعل فإذا حل بهم السخط مسخوا قردة فإن القردة جبلت على الخداع واللعب والبطالة وشأن الخنزير الإكباب على المزابل والعذرة. واعلم أن قضية كلام المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم لا أربح الله تجارتهم اه بنصه
<فائدة> روى سحنون عن ابن وهب عن عبد العزيز بن أبي حازم سمعت أبي يقول كان العلماء فيما مضى إذا لقى العالم من هو فوقه في العلم يقول هذا يوم غنيمة وإذا لقى مثله ذاكره وإذا لقى دونه لم يزه عليه واليوم يعيب الرجل من فوقه ابتغاء أن ينقطع عنه حتى يرى الناس أنه ليس بهم حاجة إليه ولا يذاكر مثله ويزهو على من هو دونه فهلك [ص:370] الناس اه هذا في ذاك الزمان فما بالك بالناس الآن وما انطووا عليه من جحد الفضائل مع قيام الدلائل وحب الرياسة والتعظيم والتسارع إلى نبذ من تلوح عليه شواهد العلم بالقصور ويلتمسون بكثرة الانتقاد العثرات ويسترون رسوم الحسنات ببعض السقطات وربما رأى بعضهم استحقاق العلم بالتوارث من الآباء لكون المنصب كان لأبيه وقد نص القرافي أنه من البدع المحرمة
(ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن أنس بن مالك) وفيه إبراهيم بن طهمان مختلف فيه وحجاج بن حجاج قال الذهبي: مجهول

(6/369)


9655 - (ويل لمن استطال على مسلم) قال في المناهج: وهو وصف قل من اتصف به إلا وقصرت به الخطى ووقع في ورطات الندم والخطأ (فانتقص حقه) أخذ منه حجة الإسلام أن ذلك كبيرة
(حل عن أبي هريرة) ثم قال: غريب من حديث الثوري تفرد به شعيب بن حرب وبشر بن إبراهيم الأنصاري

(6/370)


9656 - (ويل لمن لا يعلم وويل لمن علم ثم لا يعمل) قالها ثلاثا فالعلماء مثل القضاة عالم في الجنة وعالمان في النار والوعيد والتهديد إنما هو على إهمال العلم الشرعي النافع والعمل لوجه الله أما من تعاطى العلم ليدخله في محافل العلماء ويقدمه على الأقران والنظر أو يرفع منصبه في مجالس الأمراء وليتوصل به إلى الصلة والأرزاق وولاية الأوقاف ونحو ذلك فالجهل خير منه والويل لهذا العالم فإن الشيطان قد أغواه وأنساه متقلبه ومثواه ذكره الغزالي
(حل عن حذيفة) وفيه محمد بن عبدة القاضي قال الذهبي: ضعيف وهو صدوق

(6/370)


9657 - (ويل لمن لا يعلم ولو شاء الله لعلمه واحد من الويل وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع من الويل) أي أن العلم حجة عليه إذ يقال له ماذا عملت فيما علمت وكيف قضيت شكر الله فيه وذلك لأن صدور المعصية منه بترك العمل مع الإنعام عليه والإحسان إليه بتعليمه أقبح ألا ترى إلى قوله سبحانه {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} ومقابلة الإنعام بالمعصية لا شيء أقبح منه ومن ثم كان عقوق الوالدين عظيما لما يجب من شكر أنعمهما وقد خرج البيهقي عن الفضيل أنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد
(ص عن جبلة مرسلا) جبلة في الصحب والتابعين متعدد فكان ينبغي تمييزه رواه أحمد وأبو نعيم عن ابن مسعود بلفظ ويل لمن لا يعلم ولو شاء الله لعلمه وويل لمن يعلم ثم لا يعمل سبع مرات اه لكن ظاهر صنيعهما أنه موقوف

(6/370)


9658 - (ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا) أي سنة (قبل أن يبلغ قعره) قال القاضي: معناه أن فيها موضع يدوا فيه من جعل له الويل ولعله سماه بذلك مجازا
(حم ت حب ك) في التفسير (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: وأقره الذهبي وفيه عند أحمد والترمذي ابن لهيعة

(6/370)