مرقاة المفاتيح
شرح مشكاة المصابيح [بَابُ نُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5505 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ
يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ، حَكَمًا عَدْلًا،
فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ
الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ
أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا
مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو
هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ
مَوْتِهِ} [النساء: 159] الْآيَةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[5] بَابُ نُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5505 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ
فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ، حَكَمًا» ") : بِفَتْحَتَيْنِ
أَيْ حَاكِمًا (" عَدْلًا ") أَيْ: عَادِلًا، ("
فَيَكْسِرُ ") : بِالرَّفْعِ، وَقِيلَ بِالنَّصْبِ:
وَالْفَاءُ فِيهِ تَفْصِيلِيَّةٌ لِقَوْلِهِ: حَكَمًا
عَدْلًا، أَوْ تَفْرِيعِيَّةٌ أَيْ: يَهْدِمُ وَيَقْطَعُ
(" الصَّلِيبَ ") ، قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ
وَغَيْرِهِ: أَيْ فَيُبْطِلُ النَّصْرَانِيَّةَ وَيَحْكُمُ
بِالْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ:
الصَّلِيبُ فِي اصْطِلَاحِ النَّصَارَى خَشَبَةٌ
مُثَلَّثَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صُلِبَ عَلَى خَشَبَةٍ
مُثَلَّثَةٍ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، وَقَدْ يَكُونُ
فِيهِ صُورَةُ الْمَسِيحِ، (" وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ")
أَيْ: يُحَرِّمُ اقْتِنَاءَهُ وَأَكْلَهُ، وَيُبِيحُ
قَتْلَهُ، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ
أَعْيَانَهَا نَجِسَةٌ ; لِأَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِنَّمَا يَقْتُلُهَا عَلَى
حُكْمِ شَرْعِ الْإِسْلَامِ، وَالشَّيْءُ الطَّاهِرُ
الْمُنْتَفَعُ بِهِ لَا يُبَاحُ إِتْلَافُهُ انْتَهَى.
وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُبَاحُ لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ
أَوْ دُنْيَوِيَّةٍ، مَعَ أَنَّ فِي كَوْنِ الْخِنْزِيرِ
نَجِسُ الْعَيْنِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ خِلَافًا
لِلْعُلَمَاءِ، (" وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ") أَيْ: عَنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ، وَيَحْمِلُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ،
وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرَ دِينِ الْحَقِّ،
(8/3493)
وَقِيلَ: يَضَعُ الْجِزْيَةَ عَنْهُمْ
لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُحْتَاجٌ يَقْبَلُ الْجِزْيَةَ
مِنْهُمْ ; لِكَثْرَةِ الْمَالِ، وَقِلَّةِ أَهْلِ
الْحِرْصِ وَالْآمَالِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: ("
وَيَفِيضُ ") : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ فَاضَ الْمَاءُ
يَفِيضُ، إِذَا كَثُرَ حَتَّى سَالَ كَالْوَادِي عَلَى مَا
فِي الْقَامُوسِ، أَيْ يَكْثُرُ (" الْمَالُ حَتَّى لَا
يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ") أَيْ: مِنَ الرِّجَالِ، (" حَتَّى
تَكُونَ السَّجْدَةُ ") أَيِ: الْوَاحِدَةُ لِمَا فِيهَا
مِنْ لَذَّةِ الْعِبَادَةِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّجْدَةِ
نَفْسُهَا أَوِ الصَّلَاةُ بِكَمَالِهَا لِتَضَمُّنِهَا
لَهَا، (" خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ") ،
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى
الْأُولَى مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: وَيَفِيضُ الْمَالُ،
وَالثَّانِيَةُ غَايَةٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: فَيَكْسِرُ
الصَّلِيبَ إِلَخْ، أَقُولُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ
الثَّانِيَةَ بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى، أَوْ غَايَةٌ لِمَا
قَبْلَهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِلَّةِ لَهَا. قَالَ
التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمْ تَزَلِ
السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ فِي الْحَقِيقَةِ كَذَلِكَ،
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ يَرْغَبُونَ
فِي أَمْرِ اللَّهِ وَيَزْهَدُونَ عَنِ الدُّنْيَا، حَتَّى
تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ
الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
(ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ
شِئْتُمْ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159]
الْآيَةَ) : بِالنَّصْبِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهَا وَخَفْضُهَا
وَقَدَّمْنَا وَجْهَهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ
اللَّهُ: اسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى نُزُولِ عِيسَى -
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي آخِرِ الزَّمَانِ
; مِصْدَاقًا لِلْحَدِيثِ، وَتَحْرِيرُهُ: أَنَّ
الضَّمِيرَيْنِ فِي بِهِ وَقَبْلَ مَوْتِهِ لِعِيسَى،
وَالْمَعْنَى: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحَدٌ
إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى،
وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي
زَمَانِ نُزُولِهِ، فَتَكُونُ الْمِلَّةُ وَاحِدَةٌ،
وَهِيَ مِلَّةُ الْإِسْلَامِ انْتَهَى.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ
قَبْلَ خُرُوجِ الرُّوحِ، وَهُوَ لَا يَنْفَعُ، فَضَمِيرُ
بِهِ رَاجِعٌ إِلَى نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَمِيرُ مَوْتِهِ لِلْكِتَابِيِّ،
وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمْ يُؤْمِنُ عِنْدَ الْمَوْتِ
بِعِيسَى، وَأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ
وَلَا يَنْفَعُ، وَقِيلَ: ضَمِيرُ بِهِ لِلَّهِ
سُبْحَانَهُ أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمْ يُؤْمِنُ بِهِ تَعَالَى
عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا يَنْفَعُ، وَالْأُولَى مَذْهَبُ
أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي
الْآيَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
(8/3494)
5506 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
«وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا
عَادِلًا، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ
الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ، وَلَيَتْرُكَنَّ
الْقِلَاصَ، فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا، وَلَتَذْهَبَنَّ
الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ،
وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ»
" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا قَالَ: "
«كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ،
وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟» ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5506 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " «وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ
حَكَمًا عَادِلًا» ") : وَفِي نُسْخَةٍ: عَدْلًا وَهُوَ
أَبْلَغُ (فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ
الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ ") أَيْ:
لَيَحْكُمُ بِمَا ذُكِرَ، (" وَلَيَتْرُكَنَّ الْقِلَاصَ
") : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ، وَفِي نُسْخَةٍ
بِالْمَفْعُولِ، وَهُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِهِ: (" فَلَا
يُسْعَى عَلَيْهَا ") أَيْ: لَا يُعْمَلُ عَلَى
الْقِلَاصِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ الْقَلُوصِ
بِفَتْحِهَا، وَهِيَ النَّاقَةُ الشَّابَّةُ عَلَى مَا فِي
النِّهَايَةِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُتْرَكُ الْعَمَلُ
عَلَيْهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا لِكَثْرَةِ غَيْرِهَا،
أَوْ مَعْنَاهُ لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِأَنْ يَسْعَى عَلَى
أَخْذِهَا، وَتَحْصِيلِهَا لِلزَّكَاةِ لِعَدَمِ مَنْ
يَقْبَلُهَا، فَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: يَتْرُكُ
زَكَاتَهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا سَاعٍ، وَقِيلَ: لَا
يَكُونُ مَعَهَا رَاعٍ يَسْعَى، فَفِي الصِّحَاحِ: كُلُّ
مَنْ وَلِيَ أَمْرَ قَوْمٍ فَهُوَ سَاعٍ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي لَيَتْرُكَّنَ عِيسَى -
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِبِلَ الصَّدَقَةِ،
وَلَا يَأْمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْعَى عَلَيْهَا
وَيَأْخُذَهَا ; لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يَقْبَلُهَا
لِاسْتِغْنَاءِ النَّاسِ عَنْهَا وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ
الْعَمَلُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ تَرْكِ التِّجَارَاتِ،
وَالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ لِطَلَبِ الْمَالِ، وَتَحْصِيلِ
مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِاسْتِغْنَائِهِمْ ("
وَلَتَذْهَبَنَّ ") أَيْ: وَلَتَزُولَنَّ (" الشَّحْنَاءُ
") : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: أَيِ الْعَدَاوَةُ الَّتِي
تَشْحِنُ الْقَلْبَ وَتَمْلَؤُهُ مِنَ الْغَضَبِ ("
وَالتَّبَاغُضُ ") أَيِ: الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ
(" وَالتَّحَاسُدُ ") أَيِ: الَّذِي هُوَ بَاعِثُ
التَّبَاغُضِ، وَكُلُّهَا نَتِيجَةُ حُبِّ الدُّنْيَا،
فَتَزُولُ كُلُّ هَذِهِ الْعُيُوبِ بِزَوَالِ مَحَبَّةِ
الدُّنْيَا عَنِ الْقُلُوبِ. وَقَالَ الْأَشْرَفُ: بِهِمَا
تَذْهَبُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ
يَوْمَئِذٍ ; لِأَنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ يَكُونُونَ
يَوْمَئِذٍ عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ الْإِسْلَامُ،
وَأَعْلَى أَسْبَابِ التَّبَاغُضِ وَأَكْثَرُهَا هُوَ
اخْتِلَافُ الْأَدْيَانِ. قُلْتُ: الْيَوْمَ كَثِيرٌ مِنَ
الْبُلْدَانِ مُتَّفِقُونَ عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ،
وَفِيهِمْ عُلَمَاءُ الْأَعْلَامِ وَمَشَايِخُ الْكِرَامِ،
مَعَ كَثْرَةِ التَّبَاغُضِ وَالتَّحَاسُدِ وَالْعَدَاوَةِ
بَلِ الْمُقَاتَلَةِ وَالْمُحَارَبَةِ بَيْنَ الْحُكَّامِ،
وَلَيْسَ السَّبَبُ وَالْبَاعِثُ عَلَيْهَا إِلَّا حُبُّ
الْجَاهِ بَيْنَ الْأَنَامِ، وَالْمَيْلُ إِلَى الْمَالِ
الْحَرَامِ. (" وَلَيَدْعُوَنَّ ") : ضُبِطَ فِي نُسْخَةٍ
بِضَمِّ الْوَاوِ، وَنُسِبَ إِلَى النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا وَجْهَ لَهُ، فَالصَّوَابُ مَا
فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ أَنَّهُ بِفَتْحِ
الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ
عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمَعْنَى
لَيَدْعُوَنَّ النَّاسَ (" إِلَى الْمَالِ ") أَيْ:
أَخْذِهِ وَقَبُولِهِ (" فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ ") :
(8/3494)
أَيِ: اسْتِغْنَاءً بِعَطَاءِ الْأَحَدِ
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا) أَيْ:
لِمُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ مُسْلِمٍ،
فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنْ يَكُونَ قَرِينًا لَهُ، فِيهِ
نَوْعُ تَغْلِيبٍ لِلْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ. (قَالَ)
أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: (" كَيْفَ أَنْتُمْ ") أَيْ: حَالُكُمْ
وَمَآلُكُمْ (" إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ
وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ ") ؟ أَيْ: مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ،
وَقِيلَ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ الْمَهْدِيُّ، وَالْحَاصِلُ
أَنَّ إِمَامَكُمْ وَاحِدٌ مِنْكُمْ دُونَ عِيسَى،
فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيفَةِ، وَقِيلَ: فِيهِ
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ - لَا يَكُونُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلْ مُقَرِّرًا
لِمِلَّتِهِ وَمُعِينًا لِأُمَّتِهِ - عَلَيْهِمَا
السَّلَامُ.
وَفَى شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ مَعْمَرٌ: وَإِنَّكُمْ
وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ: فَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، قَالَ ابْنُ أَبِي
ذِئْبٍ فِي مَعْنَاهُ: فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ
وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: فَالضَّمِيرُ فِي
إِمَامِكُمْ لِعِيسَى، وَمِنْكُمْ حَالٌ، أَيْ:
يَؤُمُّكُمْ عِيسَى حَالَ كَوْنِهِ مِنْ دِينِكُمْ،
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إِمَامِكُمْ مِنْكُمْ
كَيْفَ حَالُكُمْ وَأَنْتُمْ مُكْرَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ
تَعَالَى، وَالْحَالُ أَنَّ عِيسَى يَنْزِلُ فِيكُمْ
وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، وَعِيسَى يَقْتَدِي بِإِمَامِكُمْ
تَكْرِمَةً لِدِينِكُمْ، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ
الْآتِي اهـ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ
فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ.
(8/3495)
5507 - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ
أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ " قَالَ: " فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا
فَيَقُولُ: لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ،
تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ» ". رَوَاهُ
مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5507 - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا
تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى
الْحَقِّ» ") : إِمَّا مُقَاتَلَةً حِسِّيَّةً أَوْ
مَعْنَوِيَّةً عَلَى ظُهُورِ الْحَقِّ، أَوْ حَالَ
كَوْنِهِمْ عَلَى الْحَقِّ (" ظَاهِرِينَ ") أَيْ:
غَالِبِينَ، أَيْ: عَلَى أَعْدَائِهِمْ ; قَالَ تَعَالَى:
{فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:
56] ، (" إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ") أَيْ: إِلَى قُرْبِ
قِيَامِ السَّاعَةِ، (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (" فَيَنْزِلُ
عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ ") أَيِ:
الْمَهْدِيُّ (" تَعَالَ ") : بِفَتْحِ اللَّامِ أَيِ:
احْضُرْ وَتَقَدَّمْ (" وَصَلِّ ") : بَدَلٌ أَوِ
اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ، وَالْمَعْنَى: أُمَّ (" لَنَا ")
أَيْ: فِي صَلَاتِنَا، فَإِنَّ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ
هُوَ الْأَفْضَلُ، وَأَنْتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّسُولُ الْكَمِلُ،
وَفِي رِوَايَةٍ: تَعَالَ فَصَلِّ لَنَا (" فَيَقُولُ: لَا
") أَيْ: لَا أَصِيرُ إِمَامًا لَكُمْ ; لِئَلَّا
يُتَوَهَّمَ بِإِمَامَتِي لَكُمْ نَسْخُ دِينِكُمْ،
وَقِيلَ: تَعَلَّلَ بِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ أُقِيمَتْ
لِإِمَامِكُمْ، فَهُوَ أَوْلَى بِهَا، لَكِنْ يُؤَيِّدُ
الْأَوَّلَ إِطْلَاقُ قَوْلِهِ: (" «إِنَّ بَعْضَكُمْ
عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ» ") أَيْ: دِينِيَّةٌ أَوْ
دُنْيَوِيَّةٌ، وَإِنَّ عَلَى الْإِعَانَةِ الْمَعِيَّةَ
(" تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ ") أَيْ:
إِكْرَامًا مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ
الْمُكَرَّمَةِ.
قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ: تَكْرِمَةَ اللَّهِ
نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ، وَالْعَامِلُ
مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْنَى: شَرَعَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ
إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، وَأَمِيرُهُمْ مِنْ
عِدَادِهِمْ، تَكْرِمَةً لَهُمْ وَتَفْخِيمًا
لِشَأْنِهِمْ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ
لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ.
قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ قِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ:
الْأَصَحُّ أَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَيَؤُمُّهُمْ،
وَيَقْتَدِي بِهِ الْمَهْدِيُّ ; لِأَنَّهُ أَفْضَلُ
وَإِمَامَتُهُ أَوْلَى. قَالَ ابْنُ أَبَى شَرِيفٍ: هَذَا
يُوَافِقُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِمَامُكُمْ
مِنْكُمْ، لَكِنَّهُ فِيهِ مَا يُخَالِفُهُ، وَهُوَ
حَدِيثُ جَابِرٍ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ
يَكُونَ صَلَّى بِهِمْ أَوَّلَ نُزُولِهِ ; تَنْبِيهًا
عَلَى أَنَّهُ نَزَلَ مُقْتَدًى بِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَى
شَرِيعَتِهِمْ، ثُمَّ دَعَى إِلَى الصَّلَاةِ فَأَشَارَ
بِأَنْ يَؤُمَّهُمُ الْمَهْدِيُّ ; إِظْهَارًا لِإِكْرَامِ
اللَّهِ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ. قُلْتُ: وَيُمْكِنُ
الْجَمْعُ بِالْعَكْسِ أَيْضًا، وَرُبَّمَا يُدَّعَى
أَنَّهُ الْأَوْلَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: إِمَامُكُمْ
مِنْكُمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ هُوَ الْإِمَامُ،
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ.
قَالَ: وَأَمَّا كَوْنُهُ أَفْضَلَ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ
بُطْلَانُ الِاقْتِدَاءِ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا
الْأَوْلَوِيَّةُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فَيُعَارِضُهَا
إِظْهَارُ تَكْرِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ
بِدَوَامِ شَرِيعَتِهِ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ.
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
(وَهَذَا الْبَابُ خَالٍ عَنِ الْفَصْلِ الثَّانِي)
يَعْنِي: عَنِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْحِسَانِ
عَلَى اصْطِلَاحِ الْبَغَوِيِّ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا
بِالْفَصْلِ الثَّانِي عَلَى مُصْطَلَحِ صَاحِبِ
الْمِشْكَاةِ، أَيِ: الْمَوْضُوعُ فِي الْأَحَادِيثِ
الزَّائِدَةِ لِصَاحِبِ الْمِشْكَاةِ عَلَى الْمَصَابِيحِ
الْمُنَاسِبَةِ لِلْبَابِ.
(8/3495)
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
5508 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ إِلَى الْأَرْضِ، فَيَتَزَوَّجُ، وَيُولَدُ لَهُ،
وَيَمْكُثُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَمُوتُ،
فَيُدْفَنُ مَعِي فِي قَبْرِي، فَأَقُومُ أَنَا وَعِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ بَيْنَ أَبَى بَكْرٍ
وَعُمَرَ» ". رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي (كِتَابِ
الْوَفَاءِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
وَهَذَا الْبَابُ خَالٍ عَنِ الْفَصْلِ الثَّانِي
5508 - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ إِلَى
الْأَرْضِ، فَيَتَزَوَّجُ، وَيُولَدُ لَهُ، وَيَمْكُثُ
خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً» ) ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ
يُخَالِفُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ عِيسَى رُفِعَ بِهِ
إِلَى السَّمَاءِ، وَعُمْرُهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ،
وَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِهِ سَبْعَ
سِنِينَ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْعَدَدِ أَرْبَعِينَ،
لَكِنَّ حَدِيثَ مُكْثِهِ سَبْعًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فَيَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ، أَوْ تَرْجِيحُ مَا
فِي الصَّحِيحِ، وَلَعَلَّ عَدَدَ الْخَمْسِ سَاقِطٌ مِنَ
الِاعْتِبَارِ لِإِلْغَاءِ الْكَسْرِ. (" ثُمَّ يَمُوتُ،
فَيُدْفَنُ مَعَهُ ") أَيْ: مُصَاحِبًا لِي (" فِي قَبْرِي
") أَيْ: فِي مَقْبَرَتِي، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْقَبْرِ
لِقُرْبِ قَبْرِهِ بِقَبْرِهِ، فَكَأَنَّهُمَا فِي قَبْرٍ
وَاحِدٍ، (" فَأَقُومُ أَنَا وَعِيسَى فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ
") أَيْ: مِنْ مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَفِي الْقَامُوسِ:
إِنَّ (فِي) تَأْتِي بِمَعْنَى (مِنْ) وَكَذَا فِي
الْمُغْنِي، (" بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ") رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا، أَيْ: حَالَ كَوْنِنَا قَائِمَيْنِ
وَاقِفَيْنِ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَحَدُهُمَا
عَنْ يَمِينِهِمَا إِيمَاءً إِلَى تَيَمُّنِهِ
بِالْإِيمَانِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ يَمَانٌ، وَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِمَا
لِيُسْرِ الْإِسْلَامِ وَعِزِّهِ بِهِ، وَهُوَ عُمَرُ،
وَسَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ بِرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ
عَنْهُ قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةُ
مُحَمَّدٍ وَعِيسَى بْنُ مَرْيَمَ يُدْفَنُ مَعَهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ بَقِيَ فِي الْبَيْتِ
مَوْضِعُ قَبْرٍ أَقْوَالٌ. وَالظَّاهِرُ اللَّائِقُ
بِمَقَامِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
أَنْ يَكُونَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ
اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ
الْجَزَرِيِّ أَنَّهُ يُدْفَنُ بَعْدَ عُمَرَ، وَلَعَلَّهُ
نَظَرَ إِلَى تَأَخُّرِ الدَّفْنِ بِاعْتِبَارِ تَأَخُّرِ
زَمَنِ الْمَوْتِ، أَوْ تَكْرِمَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ،
وَتَعْظِيمًا لِلصَّحَابِيَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ أَنْ
يَكُونَا بَيْنَ النَّبِيَّيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، وَاللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ ابْنُ
الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْوَفَاءِ) .
(8/3496)
|