إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه

كِتَابُ الصِّيَامِ
بَابُ: الصَّائِمِ يَصْبَحُ جُنُبًا
266 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيَنارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو

(1/317)


الْقَارِئِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «لَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ مَا أَنَا قُلْتُ مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ»

(1/318)


267 - وَكَذَلِكَ رَوَى الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ، وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَا صَوْمَ لَهُ»

ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
268 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّارُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ كَيْسَانُ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ

(1/319)


الرَّحْمَنِ أَبُو طُوَالَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَفْتِيهِ، وَأَنَا قَائِمَةٌ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصْبَحُ جُنُبًا أُرِيدُ الصِّيَامَ أَوْ أَصُومُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي قَدْ أَصْبَحُ جُنُبًا، فَأَغْتَسِلُ، ثُمَّ أُتِمُّ الصَّوْمَ» .
فَقَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمُكُمْ بِمَا أَتَّقِي»
269 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: وَثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: مَنْ أَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ الْغَدَاةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا صَوْمَ لَهُ.

(1/320)


فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَا يَقُولُ شَيْئًا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا، فَيَدْعُوهُ بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَغْتَسِلُ فَيَخْرُجُ، وَإِنَّ الْمَاءَ لَيَنْحَدِرُ عَنْ جِلْدِهِ، فَيَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ» .
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: صَدَقَتْ أُمِّي هِيَ أَعْلَمُ مِنِّي.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْتُ: إِذَا ثَبَتَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ احْتَمَلَ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا قَدْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ.

(1/321)


وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى مَنْ يُجْنِبُ مِنَ الْجِمَاعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْمَرُ بِالْإِمْسَاكِ، وَلَا يُعْتَدُّ لَهُ بِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ

بَابٌ: فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ
270 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورِ أنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا ابْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ،

(1/322)


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرَنَّ الصَّائِمُ: الْقَيْءُ، وَالْحِلْمُ، وَالْحِجَامَةُ "
271 - قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَبَا خَالِدُ بْنُ مِخْلَدٍ

(1/323)


الْبَجَلِيُّ، نَبَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَا ذُكِرَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْطَرَ هَذَانَ» ، ثُمَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ

(1/324)


ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
272 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، نَبَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ، نَبَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ،

(1/325)


نَبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَبَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحِْبيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» .

(1/326)


وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو رَافِعٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ.
وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَصْلَحُ مِنَ الْأَوَائِلِ.
قَالَ: حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ الْكِبَارِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.
فَأَمَّا حَدِيثُ خَالِدِ بْنُ مِخْلِدٍ الْبَجَلِيُّ، فَلَوْ صَحَّ كَانَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ طَعَنَ فِي خَالِدٍ، وَقَالَ: لَهُ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ

بَابٌ: فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
273 - قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ»

(1/327)


264 274 - وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ»

ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
275 - رَوَتْ مَيْمُونَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الصَّائِمِ يُقَبِّلُ امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: «قَدْ أَفْطَرَ» .

(1/328)


أَمَّا فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِإِنَّهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوَاطِئِ الْمُعْتَمِرَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ، فَلَا نَعْلَمُهُ ثَابِتًا، فَقَدْ رَخَّصَ فِي هَذَا لِلشَّيْخِ، وَكَرِهَ لِلشَّبَابِ

بَابُ: صِيَامِ عَاشُورَاءَ
276 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ، أَنَا ابْنُ الْمُظَفَّرِ، أَنَا ابْنُ أَعْيَنَ، ثنا الْفَرْبَرِيُّ، ثنا الْبُخَارِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ: «مَا هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي تَصُومُونَهُ» ، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» ، فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

(1/329)


هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
277 - وَفِيمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ، وَتَتَّخِذُهُ عِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوهُ أَنْتُمْ» 268 278 - وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ» ،
279- وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيْعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ نَحْوَ حَدِيثِ سَلَمَةَ

(1/330)


ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
280 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَامَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نُزِلَتْ فَرِيضَةُ رَمَضَانَ كَانَ رَمَضَانَ هُوَ الَّذِي نَصُومَهَ، فَتَرَكَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
281 - وَفِي أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ» 271 282 - وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرْنَا بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ، وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ، وَيَتَعَاهَدُنَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا بِهِ، وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهُ، وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا عِنْدَهُ»

(1/331)


بَابُ: صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا
283 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي وَكِيعٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْهِجْرِيُّ، عَنْ جُوَيْرِيَّةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ جُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟» فَقَالَتْ: لَا.
فَقَالَ: «أَتَصُومِينَ غَدًا؟» قَالَتْ: لَا.
قَالَ: «فَأَفْطُرِي» .
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ
284 - وَقَدْ أَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ» 274 285 - وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ: نَعَْمْ.
وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ "

(1/332)


275 276 - وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنَ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنَ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»

ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
287 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مَيْمُونُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا لَيْثٌ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَطُّ»

(1/333)


288 - وَكَذَلِكَ رَوَى زِرٌّ، عَنِ ابْنِ مَسْعِودٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَمَا رَأَيْتُهُ يَفْطُرُ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَطُّ» 278 289 - رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْطُرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَطُّ» .

(1/334)


قُلْتُ: ذِكْرُ هَذَا فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، لَا يَصْلُحُ.
لَأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْأُوَلَ ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ.
وَحَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، لَا تَثْبُتُ ثُبُوتَ الْأَوَّلِ، بَلْ وَلَوْ ثَبَتَتْ لَمْ تَضُرَّ، لَأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الْإِفْرَادِ، فَلَوْ نُقِلَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَهُ بِالصَّوْمِ كَانَ التَّعَارُضُ، وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ.
فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَامَهُ أَضَافَ إِلَيْهِ آخَرَ.
وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ إِفْرَادُ السَّبْتِ أَيْضًا بِالصَّوْمِ 279 290 - وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَصُومُوا السَّبْتَ إِلَّا فِيمَا فُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا عُودَ عِنَبٍ أَوْ لِحَا شَجَرٍ، فَلْيَمْضُغْهُ»

(1/335)


280 291 - وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» .
وَالسَّبَبُ فِي كَرَاهِيَةِ صَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ.
وَأَمَّا السَّبْتُ، فَهُوَ كَالْعِيدِ لِلْيَهُودِ، فَإِذَا أَفْرَدَهُ الْمُسْلِمُ بِالصَّوْمِ، فَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي تَعْظِيمِهِ

(1/336)