إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه كِتَابُ الْأَدَبِ
بَابُ: الِاكْتِفَاءِ بِكُنْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
382 - قَالَ أَحْمَدُ، ثنا هُشَيْمُ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ
الْقَاسِمَ، فَقُلْنَا لَا نُكْنِيكَ بِهِ حَتَّى نَسْأَلَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَذَكَرْنَا لَهُ، فَقَالَ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا
تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا بُعِثْتُ قَاسِمًا
بَيْنَكُمْ»
(1/429)
383 - قَالَ أَحْمَدُ ثنا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ بِالْبَقِيعِ
فَنَادَانِي رَجُلٌ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفْتُ
إِلَيْهُ، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ.
فَقَالَ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي»
.
وَقَدْ رَوَى نَحْوُ هَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو حُمَيْدٍ
السَّاعِدِيُّ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ
ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
384 - قَالَ ابْنُ شَاهِينَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
سُلَيْمَانَ الْأَشْعَثُ، ثنا أَبُو تَقِيٍّ هِشَامُ بْنُ
عَبْدِ الْمَلِكِ الْيَزَنِيُّ،
(1/430)
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ،
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَرانَ الحَجَبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ
صَفِيَّةَ بِنْتَ شَيْبَةَ تَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ:
إِنْ وُلِدَ لِي غُلَامٌ سَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا وَكَنَيْتُهُ
بِأَبِي الْقَاسِمِ، فَذُكِرَ لِي إِنَّكَ تَكْرَهُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: " مَا حَرَّمَ اسْمِي وَأَحَلَّ كُنْيَتِي، وَمَا
أَحَلَّ اسْمِي وَحَرَّمَ كُنْيَتِي؟ .
(1/431)
هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِذَاكَ، فَإِنَّ
مَرْوَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَرْوِي عَنْ أَقْوَامٍ لَا
يُعْرَفُونَ وَيُغَيِّرُ أَسْمَاءَهُمْ.
وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلوُبِ
وَيُغَيِّرُ اسْمَهُ.
وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ صِحَاحٌ بِلَا شَكٍّ، وَلَيْسَ
الْجَمْعُ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُحَرَّمٍ، إِنَّمَا كَانَ مَكْرُوهًا
فِي زَمَانِهِ خُصُوصًا لِلْكُنْيَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا
يُنَادَى الْمُعَظِّمُ بِكُنْيَتِهِ فَيَقَعُ الِاشْتِبَاهُ
كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا
يُكْرَهُ، قَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ
سَعْدٍ، كُلُّهُمْ يَكْنُونَ بأَبِي الْقَاسِمِ.
عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي
الْجَامِعِ بَيْنَ كُنْيَتِهِ وَاسْمِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ.
إِحْدَاهُنَّ: أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَمْعُ وَالْإِفْرَادُ.
وَالثَّالِثَةُ: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، وَهِيَ
الَّتِي اخْتَرْتُهَا
(1/432)
بَابُ: الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ
385 - قَالَ أَحْمَدُ ثنا هَاشِمٌ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا أَبُو
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا انْقَطَعَ
شَسَعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ
حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ» .
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ
(1/433)
386 - وَقَدْ أَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ
وَاحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا
جَمِيعًا»
ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
387 - قَالَ ابْنُ شَاهِينَ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْعَبَّاسِ الْكَرْخِيُّ، ثنا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ،
ثنا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «رُبَّمَا انْقَطَعَ شَسَعُ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ
حَتَّى يُصْلِحَهَا أَوْ تُصْلَحُ لَهُ» .
(1/434)
هَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَا تَدْخُلُ فِي
الَّناسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَإِنَّمَا الْعَمَلُ عَلَى
الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ، فَإِنَّهَا صِحَاحٌ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءٌ، ثُمَّ
وَجْهُهُ إِنْ ثَبَتَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي
الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ: كَانَ الرَّجُلُ
إِذَا انْقَطَعَ شَسَعُ نَعْلِهِ نَبَذَهَا أَوْ عَلَّقَهَا
بِيَدِهِ وَمَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ إِلَى أَنْ يَجِدَ
شَسَعًا.
وَهَذَا يَفْحُشُ وَيَقْبُحُ، فَأَمَّا أَنْ يَمْشِيَ خُطْوَةً
وَاحِدَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ إِلَى أَنْ يُصْلِحَ النَّعْلَ
فَلَيْسَ بِقَبِيحٍ، وَحُكُمُ الْقَلِيلُ بِخَلَافِ حُكْمُ
الْكَثِيرِ كَالْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ
يَمْشِيَ خَطْوَةً أَوْ خَطْوَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ
يَمْشِيَ مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَيرِدَ رِدَاءَهُ عَلَى
مَنْكِبَيْهِ وَلَا يَطْوِي ثَوْبَهُ
بَابُ: قَتْلِ الْحَيَّاتِ
388 - قَالَ أَحْمَدُ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: «اقْتُلُوا الْحَيَّاتَ، وَاقْتُلُوا ذَا
الطَّفِيتَيْنِ، وَالْأَبْتَرِ، فَإِنَّهُمَا يُسْقِطَانِ
الْحَبْلَ، وَيُطْمِسَانِ الْبَصَرَ» .
فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ، أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ
وَأَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا، فَنَهَانِي،
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِهِنَّ.
فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ
ذَوَاتِ الْبُيُوتِ.
(1/435)
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَهِيَ الْعَوَامِرُ.
قُلْتُ: قَوْلُ الصَّحَابِي: نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي
تَغْيِيرِ الْحُكْمِ وَبَعْضُ نَقَلَةِ الْحَدِيثِ يَرَى هَذَا
نَسْخًا وَلَيْسَ بِنَسْخٍ، إِنَّمَا هُوَ تَخْصِيصٌ فَهُوَ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}
[البقرة: 221] الْآيَةَ.
ثُمَّ قَالَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] فَخَصَّ
الْكِتَابِيَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُشْرِكَاتِ
بَابُ: تِذْكَارِ الشَّيْءِ بِشَدِّ الْخَيْطِ فِي الْأُصْبُعِ
389 - قَالَ ابْنُ شَاهِينَ، ثنا الْبَغَوِيُّ، ثنا زِيَادُ
بْنُ أَيُّوبَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ،
(1/436)
ثنا سَالِمُ أَبُو الْفَيْضِ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا أَشْفَقَ مِنَ الْحَاجَةِ
أَنْ يَنْسَاهَا رَبَطَ فِي خُنْصُرِهِ أَوْ خَاتِمِهِ
الْخَيْطَ لِيَذْكُرَ بِهِ»
ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
390 - قَالَ ابْنُ شَاهِينَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْنٍ، حَدَّثَنَا
الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ،
(1/437)
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحُسَيْنِ،
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَرَّكَ خَاتِمَهُ أَوْ عِمَامَتَهُ
أَوْ عَلَّقَ خَيْطًا فِي إِصْبَعِهِ لِيُذَكِّرَهُ حَاجَةً
فَقَدْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ تَعَالَى، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
يُذَكِّرُ الْحَاجَاتِ» هَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَا أَصْلَ
لَهُمَا وَلَا ثُبُوتَ، وَالثَّانِي أَشَدُّ بُعْدًا مِنَ
الْأَوَّلِ، فَلَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِمَا، وَلَا
يُقَالُ: نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ
بَابُ: الِاسْتِلْقَاءِ وَوَضْعِ رِجْلٍ عَلَى رِجْلٍ
391 - قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا
ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو
(1/438)
الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَضَعْ إِحْدَى رِجْلَيْكَ عَلَى
الْأُخْرَى إِذَا اسْتَلْقَيْتَ»
392 - قَالَ ابْنُ شَاهِينَ ثنا أَبُو بَكْرٍ
النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي عِمْرَانَ،
ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَقْلَيَ
الرَّجُلُ عَلَى قَفَاهِ، ثُمَّ يَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ
عَلَى الْأُخْرَى»
ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
393 - قَالَ أَحْمَدُ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
(1/439)
عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ،
قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى»
394 - قَالَ أَحْمَدُ ثنا حَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
أَخْبَرَنِي يَحْيَى يَعْنِي بْنَ جُرْجَةَ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ
عَمِّهِ «أَنَّهُ بَصَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى
ظَهْرِهِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» .
(1/440)
عَمُّ عَبَّادٍ هُوَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
قَالَ ابْنُ شَاهِينَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا
الْحَدِيثِ نَسَخَ حَدِيثَ جَابِرٍ.
قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ،
وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانَتْ
أُزُرُهُمْ فِيهَا ضِيقٌ وَقِصَرٌ وَمَا كَانُوا يَلْبَسُونَ
السَّرَاوِيلَاتِ، فَإِذَا اسْتَلْقَى أَحَدُهُمْ وَوَضَعَ
رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ،
فَإِذَا أَمِنَ هَذَا بِمِثْلِ لِبْسِ السَّرَاوِيلِ
وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتُرُ، فَلَا بَأَسَ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ
بَابُ: الْبُعْدِ عَنِ الْمَجْذُومِينَ
395 - قَالَ أَحْمَدُ ثنا وَكِيعٌ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
(1/441)
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
عُثْمَانَ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى
الْمَجْذُومِينَ»
396 - أَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْبُغْدَادِيُّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ
(1/442)
الرَّبِيعِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ
إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
السُّنِّيُّ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَاهِلِيُّ، ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، ثنا مُعَاوِيَةَ بْنُ
هِشَامٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: قَالَ
(1/443)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «كَلِّمِ الْمَجْذُومَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
قَيْدُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ»
397 - قَالَ ابْنُ السُّنِّيُّ وَأَنْبَا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا
الْوَلِيدُ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ مَجْذُومًا
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِيُبَايِعَهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «ائْتِهِ
فَأَعْلِمْهُ أَنِّي قَدْ بَايَعْتُهُ، فَلْيَرْجِعْ»
398 - وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مِنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا
تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ»
(1/444)
ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
399 - قَالَ ابْنُ شَاهِينَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
مَعْمَرٍ الْحَرْبِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ نَاصِحٍ، ثنا
يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ،
عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ " أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ
مَجْذِومِ، فَوَضَعَ يَدَهُ مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ، فَقَالَ:
كُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاللَّهِ تَوَكُّلًا عَلَى
اللَّهِ ".
(1/445)
قُلْتُ: الْعَمَلُ عَلَى الْأَحَادِيثِ
الْأُوَلِ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا لَا يَثْبُتُ، قَالَ أَبُو
أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ: لَا أَعْلَمُ يَرْوِي هَذَا
الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبٍ غَيْرُ مُفَضَّلٍ.
وَلَمْ أَرَ فِي حَدِيثِهِ أَنْكَرَ مِنْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ مُفَضَّلٌ بِالْقَوِيِّ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ هَذَا بِذَاكَ
بَابُ: رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ
400 - رَوَى قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَهُ فِي
الدُّعَاءِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ»
(1/446)
ذِكْرُ مَا يُخَالِفُ هَذَا
401 - رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رفَعَ يَدَيْهِ
فِي الدُّعَاءِ فِي الْكُسُوفِ» 387 402 - وَرَوَى أَبُو
بَرْزَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى رَجُلَيْنِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ» 388 403
- وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ» .
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُثْبِتُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ،
وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ
(1/447)
يُحْفَظْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ إِلَّا فِي
الِاسْتِسْقَاءِ، وَمَنْ أَثْبَتَ قُدِّمَ عَلَى مَنْ لَمْ
يُثْبِتْ
(1/448)
|