الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة (باب ذكر القصص التي تشتمل كل واحدة منها
عَلَى اسمين فصاعدا من الأسماء)
(حديث (200) زيد بْن كعب البهزي - أَبُو بَكْر الصديق)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى
بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ: أَنّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ فِي
حَجَّتِهِ / - فَقَالَ: - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ
إِذَا فِي بَعْضِ أَثْنَائِهَا حِمَارٌ عَقِيرٌ، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا حِمَارُ وَحْشٍ {قَالَ: " دَعُوهُ
فَإِنَّ لَهُ طَالِبًا " فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَهْزٍ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتَ هَذَا بِالأَمْسِ فَشَأْنُكُمْ
بِهِ} فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ،
ثُمَّ مَشَى حَتَّى إِذَا كَانَ بالأثاية بَيْنَ الْعَرْجِ
وَالرُّوَثْيَةِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ،
فَأَمَرَ رَجُلا يُقِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُجِيزَ آخِرَ
النَّاسِ أَنْ لا يتعرض له أحد.
(6/418)
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
اسم البهزي: زَيْد بْن كعب.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ
الرَّهَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
السَّلامِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى
بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
عِيسَى بْنِ طلحة - عن عمير ابن سَلَمَةَ: أَنَّ رَجُلا مِنْ
بَهْزٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا
كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بِوَادِي الرَّوْحَاءِ وَجَدَ
النَّاسَ حِمَارَ وَحْشٍ عَقِيرٍ، فَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَقِرُّوهُ
حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبَهُ " فَأَتَى الْقَوْمَ صَاحِبُهُ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَأْنُكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ!
فَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ فِي الرِّفَاقِ وَهُمْ
مُحْرِمُونَ، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالأَثَايَةِ
إِذَا بِظَبْيٍ حَاقِفٍ فِي شَجَرَةٍ فِيهِ سَهْمٌ، فَأَمَرَ
رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
رَجُلا يَقِفُ فِيهِ يَحْبِسُ النَّاسَ عَنْهُ.
قَالَ: واسم الرجل البهزي: زَيْد بْن كعب السلمي البهزي،
والرجل الَّذِي أمره رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أن يحبس النَّاس عن الظبي هو أبو بكر الصديق.
(6/419)
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ زِيَادٌ
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا
عَلِيٌّ هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَلَمَّا كُنَّا بِصِفَاحِ الرَّوْحَاءِ إِذَا حِمَارُ وَحْشٍ
عَقِيرٌ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَذَا الرَّجُلُ
عَقَرَهُ وَيُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنَا " فَمَا لَبِثْنَا أَنْ
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَهْزٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا
حِمَارٌ أَصَبْتُهُ فَشَأْنُكُمْ بِهِ {فَأَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بَكْرٍ
فَقَسَّمَهُ فِي الرِّفَاقِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ. حَتَّى إِذَا
كُنَّا بأثاية الْعَرْجِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لأَبِي بَكْرٍ: " قُمْ هَاهُنَا حَتَّى يَنْفِرَ النَّاسُ
وَيَمُرُّوا لا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ " قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ
عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا رَوَى عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ هذا
الحديث عن عمير بْنِ ثَابِتٍ الضَّمْرِيِّ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ لَمَّا
أَثْبَتَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ
أَبِيهِ: إنه فِي كتاب الثقفي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ
عُمَيْرِ بْنِ سَلَمة عن البهزي} قَالَ سُفْيَان: ظننت إنه عن
طلحة ولست استيقنه. فأمَّا الحديث فقد حدثك به.
(6/420)
(حديث (201) يعقوب - أَبُو مذكور - نعيم
بْن عَبْدِ اللَّهِ النحام)
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ حَفْصٍ
الْهَاشِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
اللُّؤْلُؤِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قال: حدثنا هشيم بن عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ وَإِسْمَاعِيلَ
بْنِ أَبِي خالد عن سلمة ابن كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - أَنَّ رَجُلا أَعْتَقَ غُلامًا
لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ،
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - فبيع بسبعمائة أو بتسعمائة.
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
اسم الغلام يَعْقُوب، ومولاه المنعم عَلَيْهِ بالعتق هُوَ
أَبُو مذكور، والمشتري لَهُ: نعيم بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن
النحام.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ الْحَرْبِيِّ
حَدَّثَكُمْ مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ
بْنُ ... قَالَ: حدثنا
(6/421)
إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ
يُقَالُ لَهُ: أَبُو مَذْكُورٍ كَانَ لَهُ غُلامٌ يُقَالُ
لَهُ: يَعْقُوبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ،
فَأَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " مَنْ
يَشْتَرِيهِ؟ " فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بن عبد الله النحام
بثمانمائة دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ وَقَالَ: " إِذَا
كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ
كَانَ فَضْلٌ فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ فَعَلَى
ذِي قَرَابَتِهِ " - أَوْ قَالَ: " عَلَى ذِي رحمه " - فإن كان
فضل فهاهنا وهاهنا! " قَالَ أَيُّوبُ بِيَدِهِ فَجَمَعَهَا،
أَوْ قَالَ بِهِمَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شماله.
(6/422)
(حديث (202) أسيد بْن حضير - عباد بْن بشر)
أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي
بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيِّ، أَخْبَرَكَ أَبُو يَعْلَى هُوَ
الْمَوْصِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ وَأَبُو
مُوسَى / - فَرَّقَهُمَا - حَدِيثَيْنِ: قَالَ: حَدَّثَنَا
مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي - وَأَخْبَرَكَ
ابْنُ نَاجِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى قَالَ:
حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَة
قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَا
مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- ذَاتَ لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ
الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا
افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ منهما وَاحِدٌ حَتَّى
أَتَى أَهْلَهُ.
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
هذان الرجلان أسيد بْن حضير وعباد بْن بشر الْأَنْصَارِيّ.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ
بْنِ فَارِسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ بن ثَابِتٍ (ح)
وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ -
وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: أخبرنا أحمد بن
(6/423)
جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي
بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ
حُضَيْرٍ وَعَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ كَانَا عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي لَيْلَةٍ
ظَلْمَاءَ حُنْدُسٍ، فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ أَضَاءَتْ
عَصَا أَحَدِهِمَا، فَكَانَا يَمْشِيَانِ بِضَوْئِهَا فَلَمَّا
تَفَرَّقَا أَضَاءَتْ عَصَا هَذَا وَعَصَا هذا!
(6/424)
(حديث (203) زِيَاد بْن لبيد بْن ثعلبة -
مَالِك بْن الدخشم)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّارُ وَأَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ
الْمُعَدَّلُ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصفار قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ
الْعَامِرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ
أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً
فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ " قَالَ:
فَاخْتَصَمَ رَجُلانِ مِنْ بَيَاضَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غرس أحدهما نَخْلا فِي
أَرْضِ الآخَرِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِصَاحِبِ الأَرْضِ بِأَرْضِهِ،
وَلِصَاحِبِ النَّخْلِ أن يخرج نخله منها!
(6/425)
قَالَ عروة: فلقد أخبرني الَّذِي
حَدَّثَنِي قَالَ: رأيتها وَإِنَّهُ ليضرب فِي أصولها بالفؤوس،
وَإِنَّهُ لنخل عم حَتَّى أخرجت [منها] والعم: قَالَ بعضهم:
الَّذِي ليس بالطويل ولا بالقصير، وقَالَ بعضهم: العم القديم،
وقَالَ بعضهم: الطويل.
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
صاحب الأرض: زِيَاد بْن لبيد بْن ثعلبة بْن سنان بْن عَامِر
بْن أُمَيَّة بْن بياضة الْأَنْصَارِيّ، والغارس فيها كَانَ:
مَالِك بْن الدخشم بْن مَالِك بْن الدخشم.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ
الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ
الْهَاشِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْن مُحَمَّدِ الزَّعْفَرَانِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْبُرْجَلانِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ عَنْ
زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا -
قَالَ: كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ،
فَغَرَسَهَا مَالِكُ بْنُ الدَّخْشَمِ وديًا، فَاخْتَصَمَا
إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَأَقَامَ زِيَادٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ، فَأَمَرَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
بِالْوَدَى يُجَبُّ وَقَدْ ضَرَبَ الْوَدَى بِالْحَلْقِ،
فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْوَدَى حَارِثَةُ بن النعمان ...
(6/426)
(حديث (204) امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ
عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ - رَبِيعة بْن عبدان)
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَاصِمٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُعْفِيُّ وَهُوَ الْحَسَنُ بن علي عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:
اخْتَصَمَ رَجُلانِ فِي أَرْضٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأحدهما من حضر موت فَجَعَلَ
يَمِينَ أَحَدِهِمَا، قَالَ: وَصَاحَ الآخَرُ وَقَالَ:
تَجْعَلُهَا يَمِينَهُ فَيَذْهَبُ بِأَرْضِي {قَالَ: قَالَ: "
بَلَى " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " إِنْ هُوَ اقْتَطَعَ أَرْضَكَ بِيَمِينِهِ
ظُلْمًا كَانَ مِمَّنْ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِ وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ "
فَقَالَ الآخَرُ: حَسْبِي} فَوَزَعَ الآخَرَ وَرَدَّهَا عليه.
(6/427)
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
هَذَا الرَّجُلُ المخاصم للحضرمي كَانَ: امْرَأَ القيس بْن
عاصم الكندي.
الحجة فِي ذلك: ما أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
الْمُقْرِي قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَدِيٌّ عَنْ رَجَاءِ بْنِ
حَيْوَةَ وَالْعَرْسُ بْنُ عُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَدِيٍّ
قَالَ: كَانَ بَيْنَ امْرِئِ الْقَيْسِ وبين رجل من حضر موت
خُصَومَةٌ، فَارْتَفَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " بَيِّنَتُكَ وإِلا
فَيَمِينُهُ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَلَفَ ذَهَبَ
بِأَرْضِي {قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ / - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا
لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ أَخِيهِ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ
عَلَيْهِ غَضْبَانُ} " فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، فَمَا لِمَنْ تَرَكَهَا؟ قَالَ: " الْجَنَّةُ "
قَالَ: فَاشْهَدْ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُهَا {
قَالَ جرير: فزاد أَيُّوب: وكنا جميعًا حين سمعنا من عدي.
قَالَ: قَالَ عدي فِي حديث العرس بْن عميرة، فنزلت هَذِهِ
الآَيَةُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه
وإيمانهم ثمنًا قليلًا} إلى آخرها [77: آل عمران] ولم أحفظها
من عدي.
أخبرنا مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا
أَبُو تميم بْن عَبْدِ اللَّهِ الكجي قَالَ: حَدَّثَنَا عليّ
بْن المديني قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى ابن سَعِيد قَالَ:
حَدَّثَنَا جرير بْن حازم قَالَ: حَدَّثَنَا عدي بْن عدي
قَالَ: حَدَّثَنِي رجاء بْن حَيْوَةَ وَالْعَرْسُ بْنُ
عُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عميره قَالَ: خاصم رَجُل من كندة
يُقال لَهُ: امرؤ القيس بْن عابس رجلًا من حضرموت فِي أرض إلى
رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وساق
الحديث نحوه إلى قولُه: " فإني أشهد أني قَدْ تركتها له} "
(6/428)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْن
عِيسَى الوزير قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ: فِي كتاب مُحَمَّد بْن
إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيّ فِي تسمية من روى عن رَسُول اللَّه
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - امرؤ القيس بْن عابس
سكن الكوفة، وروى عن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - حديثًا، ولم يذكر الحديث.
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر: وليس في الصحابة من يسمى
امرأ القيس غيره. حَدَّثَنِي العلاء بْن أبي المغيرة بن حزم
الأندلسي قَالَ: قرأت فِي كتاب عَبْد السَّلام بْن الْحَسَنِ
الْبَصْرِيّ عن أَبِي الْحَسَن بْن بشر بْن يَحْيَى الأسدي
قَالَ: امرؤ القيس بْن عابس بْن المنذر بْن ... بْن امرئ القيس
بْن عَمْرو بْن معاوية بْن الحارث بْن معاوية بْن ثور بْن مربع
الكندي، جاهلي وأدرك الْإِسْلَام، وفد عَلَى النَّبِيّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يرتد فِي أيام أَبِي
بَكْر، وأقام عَلَى الْإِسْلَام فِي الردة، وله غناء فِي الردة
وهو القائل:
(ألا أبلغ أبا بَكْر رسولا ... وخص بها جميع المسلمينا)
(فلست مجاورًا أبدًا قبيلا ... بما قال الرسول مكذبينا)
(دعوت عشائري للسلم حَتَّى ... رأيتهم أغاروا مفسدينا)
(فلست مبدلًا بالله ربا ... ولا متبدلًا بالسلم دينا)
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
واسم الحضرمي: رَبِيعة بْن عبدان.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ
حَجَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَ خَصْمَانِ
يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ: أَحَدُهُمَا امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ
عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ وَالآخَرُ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدَانَ،
قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا
اقْتَسَرَ عَلَيَّ أَرْضِي {فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَيِّنَتُكَ " قَالَ:
لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ} قَالَ: " إِذَنْ يَحْلِفُ " قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَنْ يَذْهَبُ بِهَا {فَقَالَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمَا
إِنَّهُ إِنْ حَلَفَ ظَالِمًا لِيَذْهَبَ بِأَرْضِهِ
لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالى وهو عليه غضبان} ".
(6/429)
(حديث (205) عيينة بْن حصن - الحر بْن قيس
بْن حصن)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْمُعَدَّل قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْن صَفْوَان
الْبَرْذَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا قال: حدثني عبد الرحمن ابن
صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ
مِنْ قُرَيْشٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: وَاللَّهِ مَا
تَقْسِمُ بِالْعَدْلِ، وَلا تُعْطِي الْجَزْلَ {فَغَضِبَ
عُمَرُ حَتَّى عُرِفَ فِي وَجْهِهِ} فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِلَى
جَنْبِهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ
اللَّهَ يَقُولُ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [199: الأعراف] فَقَالَ عُمَر:
صَدَقْتَ صَدَقْتَ {فَكَأَنَّمَا كَانَتْ نَارًا فَأُطْفِئَتْ}
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
القائل الأول: عيينة بْن حصن بْن حذيفة بن بدر الفزاري.
والقائل الثَّاني: ابْن أخيه الحر بْن قيس بْن حصن.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنِ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ [خَلِيٍّ] الْحِمْصِيُّ بِحِمْصَ
قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ
عَنْ أَبِيهِ (ح)
وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ - وَاللَّفْظُ
لِحَدِيثِهِ - قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ
الْهَرَوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عِيسَى الْحِيكَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بن حصن
(6/430)
ابن حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى
ابْن أخيه الحر بْن قيس بْنِ حِصْنٍ، وَكَانَ فِي النَّفَرِ
الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ
الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ
كُهُولا كَانُوا أَوْ شَبَابًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ
حِصْنٍ لابْنِ أَخِيهِ يَابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ
هَذَا الأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنُ لِي عَلَيْهِ؟ قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ
عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هَيَا ابْنَ
الْخَطَّابِ، وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلا
تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ {فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هُمَّ
أَنْ يُوقِعَ بِهِ} فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عن الجاهلين " وَإِنَّ هَذَا مِنَ
الْجَاهِلِينَ! قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ
حِينَ تلاها عَلَيْهِ الْحُرُّ - وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ
كتاب الله - عز وجل
(6/431)
(حديث (206) زيد بْن ثابت - عَمْرو بْن أم
مكتوم)
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس محمد ابن
يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ بِمِصْرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ
بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ
زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ يَعْنِي ابْنَ كُلَيْبٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الفلتان بْنِ عَاصِمٍ قَالَ:
كُنَّا قُعُودًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَأُنِزْلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ
عَلَيْهِ دَامَ بَصَرُهُ مَفْتُوحَةً عَيْنَاهُ وَقَرَعَ
سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ لِمَا جَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
{فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لِلْكَاتِبِ: " اكْتُبْ: {لا يَسْتَوِي
الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ [فَضَّلَ الله
المجاهدين بأموالهم وأنفسهم] على القاعدين درجة} [95: النساء]
قَالَ: فَقَامَ الأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا
ذَنْبُنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ} قَالَ: فقُلْنَا:
الأَعْمَى يَا رَسُولَ اللَّه يَقُولُ قَالَ: فَبَقِيَ
قَائِمًا يَقُولُ: أَتُوبُ إِلَى رسول الله -
- قَالَ لِلْكَاتِبِ: " اكْتُبْ: {غَيْر أُولِي الضَّرَرِ} .
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
كاتب الآية كَانَ: زَيْد بْن ثابت الْأَنْصَارِيّ الخزرجي،
وكان الأعمى: عَمْرو بْن أم مكتوم.
(6/432)
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ على أبي العباس ابن
حَمْدَانَ النَّيْسَابُوريُّ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ
أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنِ الْبَرَاءِ بْن
عَازِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {لا يستوي القاعدون من
المؤمنين} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - زَيْدًا فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ
مَكْتُومٍ فَشَكَا ضَرَارَتِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ {غَيْرُ
أُولِي الضَّرَرِ} .
(6/433)
(حديث (207) عتبان بْن مَالِك - مَالِك بْن
الدخشم)
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا ... عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي
صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ
ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن تعال فَخُطَّ فِي دَارِي
مَسْجِدًا أَتَّخِذْهُ مُصَلًّى {فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاجْتَمَعَ إِلَيْه
قَوْمُهُ، فَتَغَيَّبَ رَجُلٌ، فَغَمَزَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " فَلَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ
فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ} "
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
هَذَا الْأَنْصَارِيّ الَّذِي ذهب بصره: عتبان بْن مَالِك بْن
ثعلبة بْن العجلان ابن عُمَرَ بْن العجلان بْن زَيْد بن سالم
بن عوف.
(6/434)
والرجل المغموز: مَالِك بْن الدخشن،
وَيُقَال: الدخشم بالميم.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ
قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ ...
الْمَرْوَزِيِّ، حَدَّثَكُمْ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ
الْهِيَالِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سنان بن أبي شيبة، حدثنا
سليمان بن المغيرة قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَتْبَانَ
بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ
عَتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ،
قَالَ: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَبَعَثْتُ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّي فِي مَنْزِلِي
فَاتَّخِذْهُ مُصَلًّى {قَالَ: فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ
مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ يُصَلِّي فِي
مَنْزِلِي وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
أَسْنَدُوا عَظِيمَ ذَلِكَ إِلَى مَالِكِ ابن الدَّخْشَنِ}
قَالَ: وَرَوَى: أَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ. قَالَ:
وَرَوَى أَنَّهُ أَصَابَهُ شَرٌّ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلاةَ ثُمَّ قَالَ:
" أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي
رَسُولُ اللَّهِ؟ " قَالُوا: إِنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ مِمَّا
فِي قَلْبِهِ {قَالَ: لا يَشْهَدُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ لا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَيَدْخُلُ
النَّارَ} " أَوْ " تَطْعَمُهُ " قَالَ أَنَسٌ: وَأَعْجَبَنِي
هَذَا الْحَدِيثَ، قُلْتُ لابْنِي: اكْتُبْهُ فَكَتَبَهُ!
أخبرنا الْجَوْهَرِيّ قَالَ: أخبرنا عِيسَى بْن عَلِيّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا هَارُون الفروي قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فليح عن
مُوسَى بْن عقبة عن الزُّهْرِيّ - قَالَ الْبَغَوِيّ: وحدَّثني
ابْن الأموي / قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عن أَبِي إِسْحَاق فِي
تسمية من شهد بدرًا مَالِك بْن الدخشم بْن مَالِك بْن الدخشم
ابن موضحة بن غنم.
(6/435)
(حديث (208) أَبُو طلحة زَيْد بْن سهل -
أَبُو عبيدة عَامِر بْن الجراح)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ إِمْلاءً قَالَ: حَدَّثَنَا محمد
بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: حدثنا أبو الوليد الطيالسي
قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ
عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا:
أَيْنَ نَدْفِنُهُ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَكَانُ
الَّذِي مَاتَ فِيهِ {وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبَّادَانِ
أَحَدُهُمَا يُلَحِّدُ وَالآخَرُ يَشُقُّ، فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِمَا، فَجَاءَ الَّذِي يُلَحِدُّ فَلَحَدَّ النَّبِيَّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -}
وأخبرنا أَبُو عثمان سهل بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الخلنجي
بِأَصْبَهَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ داود قال:
حدثنا أسد ابن مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مبارك بْن فضالة عن
حميد الطويل عن أنس قَالَ: لما توفي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اختلفوا فقالوا: نستخير ربنا
فنرسل إلى اللاحد والضارح، فأيهما سبق تركناه {فأرسلوا إليهما
فسبق اللاحد صاحبه، فلحدوا لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -}
(6/436)
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
كَانَ الَّذِي يلحد القبور وقت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبُو طلحة زَيْد بْن سهل
الْأَنْصَارِيّ، والذي يضرحها: أَبُو عبيدة عَامِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجراح الفهري.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ
قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفُرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ
بْنُ الْجَرَّاحِ يُضَرِّحُ لأَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو
طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ يُلَحِّدُ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ،
فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ فأخذ بأعناقهما ثُمَّ قَالَ:
اذْهَبْ أَنْتَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاذْهَبْ أَنْتَ
إِلَى أَبِي طَلْحَةَ {اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّهُمَا جَاءَ حَفَرَ
لَهُ} فَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ
فَجَاءَ، وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَبَا
عُبَيْدَةَ، فَلُحِّدَ لرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
(6/437)
(حديث (209) أَبُو اليسر كعب بْن عَمْرو)
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سماك ابن حَرْبٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرَ أَنَّهُ
أَصَابَ مِنَ الْمَرْأَةِ دُونَ الْجِمَاعِ، فَلَمْ يَرُدَّ
عَلَيْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
شَيْئًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَقِمِ
الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا من الليل} الآية
[114: هود] فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ
خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَلْ لِلنَّاسِ
كَافَّةً "
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
صاحب هَذِهِ القصة: أبي اليسر كعب بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ.
(6/438)
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، وَأَبُو
سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ
الْمَرْوَزِيُّ - وَكَانَ يَبِيعُ الْبُرَّ فِي قَطِيعَةِ
الرَّبِيعِ - قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ
بْنِ بُرْهَانَ الْغَزَّالُ وَأَبُو الْفَتْحِ هِلالُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ وَأَبُو عَلِيٍّ
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ شَاذَانَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أحمد ابن عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الأَدَمِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ
مَوْهِبٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ بْنِ
عَمْرٍو قَالَ: أَتَتْنِي امْرَأَةٌ، وَزَوْجُهَا بَعَثَهُ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَعْثٍ
فَقَالَتْ بِعْنِي بِدِرْهَمٍ تَمْرًا - قَالَ:
وَأَعْجَبَتْنِي {فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا
هُوَ أَطْيَبُ مِنْ هَذَا} فَلَحِقَتْنِي فَغَمَزْتُهَا
وَقَبَّلْتُهَا {فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: هَلَكْتُ}
قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الأَمْرَ، فَقُلْتُ:
هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، تُبْ وَلا تُخْبِرَنَّ
بِهِ أَحَدًا {قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الأَمْرَ} فَقَالَ:
" أَخْلَفْتَ رَجُلًا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي
أَهْلِهِ بِهَذَا؟ " قَالَ: وَأَطْرَقَ عَنِّي {فَظَنَنْتُ
أَنِّي مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ لِي
أَبَدًا} فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ
النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
[114: هود] قَالَ: فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيَّ، فَتَلاهُنَّ عَلَيَّ! -
وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ / الأَصَمِّ.
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر: فِي هَذَا الحديث الأول:
أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، أله خاصة؟ وَقَدِ
اختلف في الرجل، فقيل: هُوَ عُمَر بْن الخطاب، وقيل: مُعَاذُ
بْن جبل، وقيل: إنه صاحب القصة أَبُو اليسر قَالَ: يا رَسُول
اللَّه ألي خاصة؟
وأمَّا من قَالَ: هُوَ عُمَر فَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد ابن جَعْفَرِ
بْنِ حَمْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنِ علقمة
(6/439)
وَالأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَقِيتُ
امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ
وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا، وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ
غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا {قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَزَلَتْ
هَذِهِ الآيَةُ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ: فَدَعَاهُ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ،
فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ
لِلنَّاسِ كَافَّةً؟
وأمَّا من قَالَ: هُوَ مُعَاذٌ فَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله اللؤلؤي قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ الْمَعْرُوفُ
بِالرَّيْوِيِّ بِصَنْعَاءَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ سِمَاكِ ابن
حَرْبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ
عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي
أَخَذْتُ امْرَأَةً مِنَ الْبُسْتَانِ فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ
شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا: قَبَّلْتُهَا
وَلَزَمْتُهَا وَلَمْ أَفْعَلْ غَيْرَ ذَلِكَ فَافْعَلْ بِي
مَا شِئْتُ} فَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئًا {فَذَهَبَ الرَّجُلُ، فَقَالَ
عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَ اللَّه ُعَلَيْهِ لَوْ سَتَرَ عَلَى
نَفْسِهِ} قَالَ: وَأَتْبَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَصَرَهُ ثُمَّ قَالَ: "
رُدُّوهُ عَلَيَّ " فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ:
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ
الليل} حتى بلغ {للذاكرين} قَالَ: فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ
جَبَلٍ: أَلَهُ وَحْدَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَمْ لِلنَّاسِ
كَافَّةً؟ قَالَ: " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً {".
وأمَّا من قَالَ: كَانَ السائل صاحب القصة فَأَخْبَرَنَا أبو
القاسم عبد العزيز ابن عَلِيٍّ بِمَكَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بن أبي
حَمْدَانَ الْمَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَأْمُونٌ وَهُوَ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ
يَعْنِي ابْنَ هِشَامِ بْنِ أَبِي كَرِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
التَّيْمِيُّ عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ:
أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فسأله عن
كَفَّارَتِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَقِمِ
الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ
الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذلك ذكرى للذاكرين}
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - أَلِي هذه؟ قال: " لمن عمل بها
من أمتي} ".
(6/440)
وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مؤمل قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ امْرَأَةً مَغِيبًا أَتَتْ رَجُلًا تَشْتَرِي مِنْهُ
شَيْئًا قَالَ: ادْخُلِي الدَّوْلَجَ حَتَّى أُعْطِيَكِ،
فَدَخَلَتْ فَقَبَّلَهَا وَغَمَزَهَا {فَقَالَتْ: وَيْحَكَ}
إِنِّي مَغِيبٌ {فَتَرَكَهَا وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ}
فَأَتَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ {فَقَالَ
عُمَرُ: وَيْحَكَ فَلَعَلَّهَا مَغِيبٌ} قَالَ: فَإِنَّهَا
مَغِيبٌ {قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرَهُ} فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَعَلَّهَا مَغِيبٌ {"
قَالَ: فَإِنَّهَا مَغِيبٌ} فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنَزَلَ الْقُرْآنُ {وَأَقِمِ
الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}
إِلَى قوله: {للذاكرين} قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَهِيَ فِيَّ خَاصَّةً أَوْ فِي النَّاسِ عَامَّةً؟
قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لا وَلا نَعِمَتْ عَيْنٌ لَكَ {بَلْ
هِيَ لِلنَّاسِ عَامَّةً} قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال: " صدق عمر ".
(6/441)
(حديث (210) المنذر بْن عائذ - جهم بْن
قثم)
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ
جَعْفَرٍ الْمُعَدَّلُ وَأَبِي الْفَتْحِ هِلالُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّار قَالَ إِبْرَاهِيمُ:
حَدَّثَنَا وَقَالَ هِلالٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الأشعث أحمد بن المقدام الْعِجْلِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ ممن لقي
الوفد وذكر ... نَضْرَة أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ: أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ،
وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرٍ، وَإِنَّا لا نَقْدِرُ
عَلَيْكَ إِلا فِي الشَّهْرِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَدْعُو
إِلَيْهِ / مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ
الْجَنَّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ أَوْ عَمِلْنَا بِهِ
{فَقَالَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ
أَرْبَعٍ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا، وَتُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ،
وَتَصُومُوا رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الْخُمْسَ مِنَ
الْمَغْنَمِ. وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَّاءِ،
وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ " قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا عَلْمُكَ بِالنَّقِيرِ؟ قَالَ: "
بَلَى} جِذْعٌ تَنْقُرُونَهُ تُلْقُونَ فِيهِ الْقَطِيعَاءَ
وَالتَّمْرَ، ثُمَّ تُصَيِّرُونَ عليها الماء حتى يغلي، فإذا
سَكَنَ شَرِبْتُمُوهُ، فَعَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يضرب ابن عمه
بالسيف! ".
(6/442)
قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ ضَرَبَهُ
كذلك، قال: كنت أخبؤها حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: فَفِيمَ نَشْرَبُ يَا
نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: اشْرَبُوا فِي أَسْقِيَةِ الأَدَمِ
الَّتِي يُلاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا " قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا كَثِيرَةُ الْجُرْذَانِ لا تَبْقَى
بِهَا أَسْقِيَةُ الأَدَمِ {قَالَ: " وَإِنْ أَكَلَتْهَا
الْجُرْذَانُ وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجُرْذَانُ} " -
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا - ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّه -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأَشُجَّ عَبْدِ
الْقَيْسِ: " إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ
وَرَسُولُهُ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ! "
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
اسم الأشج: المنذر بْن عائذ، واسم الَّذِي كَانَ بِهِ الضربة:
جهم بْن قثم.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِسْحَاقَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: حدثنا
(6/443)
أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الْمَنْقُرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ عبد الرحمن
الأعنق قال: حدثتني امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ
بْنِ صَبَّاحٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ أبان ابنة الوازع عن جدها
الوازع بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ جَدَّهَا خَرَجَ وَافِدًا إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَخَرَجَ مَعَهُ بِأَخِيهِ لأُمِّهِ يُقَالُ لَهُ: مَطَرُ بْنُ
هِلالٍ مِنْ عَنْزَةَ، وَخَرَجَ بِخَالِهِ أَوْ بِابْنِ
أُخْتِهِ مَجْنُونٍ وَمَعَهُمُ الأَشَجُّ، وَكَانَ اسْمُهُ
الْمُنْذِرُ بْنُ عَائِذٍ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ لِجَدِّهَا:
يَا زَارِعُ، خَرَجْتَ مَعَنَا بِرَجُلٍ مَجْنُونٍ وَفَتًى
شَابٍّ لَيْسَ مِنَّا وَافِدِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدعو له عسى أن يعافيه
اللَّهُ، وَأَمَّا الْفَتَى الْعَنْزِيُّ فَإِنَّهُ أَخِي
لأُمِّي، وَأَرْجُو أَنْ تُصِيبَهُ دَعْوَةَ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَمَا عَدَا أَنْ
قَدِمْنَا المدنية فَقِيلَ: هَذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا تَمَالَكْنَا أَنْ
وَثَبْنَا عَنْ رواحلنا فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا،
فَأَخَذْنَا بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ نُقَبِّلُهَا، فَأَنَاخَ
مُنْذِرٌ رَاحِلَتَهُ فعقلها، وَتَعَرَّى ثُمَّ عَمَدَ إِلَى
رَاحِلَتِنَا فأناخها راحلة راحلة فعقلها، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى
عَيْبَةٍ فَفَتَحَهَا فَوَضَعَ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ ثُمَّ
جَاءَ يَمْشِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشَجُّهُ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا
أَشَجُّ، إِنَّ فِيكَ لِخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ
وَرَسُولُهُ " فَقَالَ: " أَشَيْءٌ جُبِلْتُ عَلَيْهِ أَوْ
شَيْءٌ افْتَعَلْتُهُ؟ " قَالَ: " بَلْ جُبِلْتَ عَلَيْهِ {".
قَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى مَا يُحِبُّ
اللَّهُ} فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي {إِنِّي جِئْتُ مَعِي بِخَالٍ لِي - أَوِ ابْنِ
أُخْتٍ لِي - شَكَّ مَطَرٌ - مُصَابٍ تَدْعُو لَهُ أَنْ
يُعَاقِبَهُ اللَّه، وَهُوَ فِي الرِّكَابِ، فَأَتَيْتُهُ
وَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعَ الأَشَجُّ، فَفَتَحْتُ
عَيْبَتِي فَأَخْرَجْتُ ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ وَأَلْقَيْتُ
عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَأَلْبَسْتُهُ إِيَّاهُمَا، ثُمَّ
أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجِئْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ
الْمَجْنُونِ} فَقَالَ نبي الله: " اجْعَلْ ظَهْرَهُ مِنْ
قِبَلِي " وَأَخَذَ مِنْ مُؤَخِّرِهِ بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ،
فَرَفَعَ رِدَاءَهُ حَتَّى رَأَيْتُ إِبِطَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ
بِيَدِهِ ظَهْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: " اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ "
فَالْتَفْتَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ
بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَعَا لَهُ وَمَسَحَ وَجْهَهُ، فلم تزل تلك
المسحة أَوِ السَّحْنَةِ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ
كَأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهَ عَذْرَاءَ شَبَابًا، فَمَا كَانَ فِي
الْقَوْمِ بَعْدُ رَجُلٍ يَفْضُلُ عَلَيْهِ بِعَقْلٍ بَعْدَ
دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - ثم دعا لنا
(6/444)
عَبْدَ الْقَيْسِ - فَقَالَ: " خَيْرُ
أَهْلِ الْمَشْرِقِ، رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَ الْقَيْسِ إِذْ
أَسْلَمُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلا مَوْتُورِينَ إِذْ أَبَى
بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يُسْلِمُوا حَتَّى أُوتِرُوا " ثُمَّ
لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَنَا حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ {فَقَالَ
جَدِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مَعَنَا ابْنَ أُخْتٍ
لَنَا لَيْسَ مِنَّا} قَالَ: " ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ
مِنْهُمْ " ثُمَّ انْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ، فَقَالَ الأَشَجُّ:
أَنْتَ كُنْتَ يَا زَارِعُ أَمْثَلُ رَأْيًا مِنَّا فِيهِمَا
{قَالَ: وَكَانَ فِي الْقَوْمِ جَهْمُ بْنُ قُثْمٍ، كَانَ قَدْ
شَرِبَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْبَحْرَيْنِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ،
فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ فَضَرَبَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ،
فَكَانَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي سَاقِهِ} فَقَالَ بَعْضُ
الْقَوْمِ: يَا رسول الله، بأبي وأمي إِنَّ أَرْضَنَا
ثَقِيلَةٌ وَخْمَةٌ، وَإِنَّا نَشْرَبُ الشَّرَابَ عَلَى
طَعَامِنَا {فَقَالَ: " عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ يَشْرَبَ
الشَّرْبَةَ ثُمَّ يَزْدَادُ إِلَيْهَا الأُخْرَى حَتَّى
يَأْخُذَ فِيهِ الشَّرَابُ فَيَقُومُ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ
فَيَضْرِبُ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ} " فَجَعَلَ جَهْمٌ / يُغَطِّي
سَاقَهُ، قَالَ: فَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ
وَالْحَنْتَمِ.
(6/445)
(حديث (211) العباس بْن عَبْدِ المطلب -
أَبُو اليسر كعب بْن عَمْرو)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ [أَحْمَدُ بْنُ] مُحَمَّدِ بْنِ
أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابن
مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بن أبي فروة الرهاوي
بِالرَّقَّةِ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي يَزِيدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ أَبُو فَرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ بِرَجُلٍ قَدْ أَسَرَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَسَرَنِي، إِنَّمَا
أَسَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ هَيْأَتِهِ كَذَا
وَكَذَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ ".
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
كَانَ المأسور: الْعَبَّاس بْن عَبْدِ المطلب عم رَسُول اللَّه
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم بدر.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَخْتَرِيُّ الرَّزَّازُ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غالب قال: حدثنا حجاج
(6/446)
ابن الشَّاعِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
عَنِ الْبَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ بِالْعَبَّاسِ قَدْ أَسَرَهُ، فَقَالَ
الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ هَذَا الَّذِي
أَسَرَنِي {أَسَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنْزَعُ مِنْ
هَيْأَتِهِ كَذَا} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ
كَرِيمٍ ".
والأنصاري الَّذِي أسر الْعَبَّاس هُوَ: أَبُو اليسر كعب بْن
عَمْرو.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
الصَّوَّافُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
النُّفَيْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ
أَصْحَابِنَا عَنْ مِقْسَمٍ أَبِي الْقَاسِم عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو
الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ أَبُو الْيُسْرِ
مَجْمُوعًا وَكَانَ الْعَبَّاسُ رَجُلا جَسِيمًا، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لأَبِي الْيُسْرَ: " كَيْفَ أَسَرْتَ الْعَبَّاسَ يا أبا
اليسر؟ " فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَعَانَنِي
عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلا بَعْدُ،
هَيْأَتُهُ كَذَا وَهَيْأَتُهُ كَذَا {فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقد أعانك عليه ملك
كريم} ".
(6/447)
(حديث (212) الشيماء بِنْت بقيلة - خريم
بْن أوس الطائي)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو عَمْرٍو عبد الملك بن الحسن ابن يُوسُفَ الْمُعَدَّلُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ قَالَ:
حَدَّثَنَا محمد بن يحيى ابن أَبِي عَمْرٍو الْعَدَنِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي
خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي خَازِمٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ
أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مُثِّلَتْ لِي الْحِيرَةُ
كَأَنْيَابِ الْكِلابِ وَإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا " فَقَامٌ
رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي بِنْتَ
بُقَيْلَةَ {قَالَ: " هِيَ لَكَ} " قَالُوا: فَأَعْطَوْهُ
إِيَّاهَا، فَجَاءَ أَبُوهَا فَقَالَ: أَتَبِيعُهَا؟ قَالَ:
نَعَمْ. قَالَ: بِكَمْ؟ احْتَكِمْ مَا شِئْتَ {قَالَ: بِأَلْفِ
دِرْهَمٍ} قَالَ: أَخَذْتُهَا! قَالَ: لَوْ قُلْتَ: ثَلاثِينَ
أَلْفًا؟ قَالَ: وَهَلْ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنَ أَلْفٍ؟
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
بِنْت بقيلة اسمها: الشيماء. والرجل الَّذِي استوهبها من
رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوهبها
لَهُ: خريم بْن أوس الطائي.
(6/448)
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنِي أَبُو
طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطَّيِّبِ الْعِجْلِيُّ
الدَّسْكُرِيُّ لَفْظًا بِحُلْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْغِطْرِيفِ بْنِ
الْقَاسِمِ الْعَبْدِيُّ بِجُرْجَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صاعد قال: حدثنا زكريا ابن
يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَبوْ سُكَيْنٍ الطَّائِيُّ - قَالَ ابْنُ
صَاعِدٍ: وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ
وَالْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا،
قَالَ: حدثني عمر أَبُو زَحْرِ بْنِ حِصْنٍ عَنْ جَدِّهِ
حُمَيْدِ بْنِ مَنْهَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي خُرَيْمُ
بْنُ أَوْسٍ: هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ
مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ فَأَسْلَمْتُ، فَسَمِعَتْ عَبَّاسَ
بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني
أريد أمتدحك {فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لا يُفَضِّضُ اللَّهُ فَاكَ} " فَأَنْشَأَ
الْعَبَّاسُ يَقُولُ:
( [مِنْ] قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلالِ وَفِي ...
مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يَخْصِفُ الْوَرِقُ)
(ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلادَ لا بَشَرٌ ... أنَتْ وَلا مُضْغَةٌ
ولا علق)
(بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ
نِسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ)
(تُنْقَلُ مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِم ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ
بَدَا طَبَقُ)
(حَتَّى احْتَوَى بَيْتَكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ ... خَنْدَقِ
علياء تحتها النطق)
(وأنت لما ولدت أشرقت الأرض ... وضاءت بِنُورِكَ الأُفُقُ)
(فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي النُّورِ ... وَسُبُلِ
الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ {)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: / " هذا الْحِيرَةُ الْبَيْضَاءُ قَدْ رُفِعَتْ لِي،
وَهَذِهِ الشَّيْمَاءُ بِنْتُ نُفَيْلَةَ الأَزْدِيَّةُ عَلَى
بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أسود} "
(6/449)
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ
نَحْنُ دَخَلْنَا الْحِيرَةَ فَوَجَدْتُهَا كَمَا تَصِفُ
فَهِيَ لِي {، قَالَ: " هِيَ لَكَ} " ثُمَّ ارْتَدَّتِ
الْعَرَبُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا ارْتَدَّ أَحَدٌ مِنْ طَيِّئٍ،
وَكُنَّا نُقَاتِلُ قَيْسًا وَفِيهَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ،
وَكُنَّا نُقَاتِلُ بَنِي أسد وفيهم طلحة ابن خُوَيْلِدٍ
الْقَعْنَبِيُّ، وَكَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ
يَمْتَدِحُنَا بِالشِّعْرِ، فَكَانَ بَعْضُ مَا قَالَ فِينَا:
(جَزَى اللَّهُ عَنَّا طَيِّئًا فِي دِيَارِهَا ...
بِمُعْتَرَكِ الأَبْطَالِ خَيْرَ جَزَاءِ)
(هُمْ أَهْلُ رَايَاتِ السَّمَاحَةِ وَالنَّدَى ... إِذَا مَا
الصَّبَا أَلْوَتْ بِكُلِّ خِبَاءِ)
(هُمْ ضَرَبُوا قَيْسًا عَلَى الدِّينِ بَعْدَهَا ...
أَجَابُوا مُنَادِيَ طَلْحَةَ (بِوَلاءِ))
ثُمَّ سَارَ خَالِدٌ إِلَى مُسَيْلِمَةَ فَسِرْنَا مَعَهُ،
فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ مُسَيْلِمَةَ أَقْبَلْنَا نَاحِيَةَ
الْبَصْرَةِ، فَلَقِينَا هُرْمُزَ بِكَاظِمَةَ فِي جَمْعٍ هُوَ
أَعْظَمُ مِنْ جَمْعِنَا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشَدُّ
عَدَاوَةً لِلْعَرَبِ مِنْ هُرْمُزَ {فَخَرَجَ إِلَيْهِ
خَالِدٌ وَدَعَاهُ إِلَى الْبِرَازِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ،
فَقَتَلَهُ خَالِدٌ، وَكَتَبَ خَبَرَهُ إِلَى الصِّدِّيقِ
فَنَفَلَهُ سَلْبَهُ، فَبَلَغَتْ قُلُنْسُوةُ هُرْمُزَ مِائَةٍ
أَلْفٍ} وَكَانَتِ الْفُرْسُ إِذَا شَرُفَ فِيهَا الرَّجُلُ
جَعَلَتْ قُلُنْسُوتَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ
أَقْبَلْنَا عَلَى طَرِيقِ الطَّفِّ نُرِيدُ الْحِيرَةَ،
فَلَمَّا دَخَلْنَاهَا كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلَقَّانَا الشيماء
بنت بقيلة كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً
بِخِمَارٍ أَسْوَدَ، فَتَعَلَّقْتُ بِهَا، فَقُلْتُ: هَذِهِ
وَهَبَهَا لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَدَعَانِي خَالِدٌ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ
فَأَتَيْتُهُ بِهَا، وَكَانَتِ الْبَيِّنَةُ مُحَمَّدُ بْنُ
مَسْلَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيَّيْنِ،
فَسَلَّمَهَا إِلَيَّ خَالِدٌ {وَنَزَلَ إِلَيْنَا عَبْدُ
الْمَسِيحِ يُرِيدُ الصُّلْحَ، فَقَالَ لِي: تَبِعْنِيهَا؟
فَقُلْتُ: لا أَنْقُصُهَا مِنْ عَشْرِ [مِئَاتٍ] شَيْئًا}
فَأَعْطَانِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَسَلَّمْتُهَا إِلَيْهِ
{فَقِيلَ: لَوْ قُلْتَ: مِائَةَ أَلْفٍ لَدَفَعَهَا إليك}
قُلْتُ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ عَدَدًا أكثر من عشر مائة!
(6/450)
(حديث (213) عبد اللَّهِ بْن جَعْفَر -
الْحَسَن بْن عَلِيّ - عَبْد اللَّهِ بْن الْعَبَّاس)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ
الْمُعَدَّلُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
شَبِيبٍ الْعُمَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عمرو
بن نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا قَدِمَ
اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
فَحَمَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا وَالآخَرَ مِنْ خَلْفِهِ.
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
أما أحد الغلامين اللذين حملهما رَسُول اللَّه - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين يديه وخلفه فهو عَبْد
اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب، وأما الآخر فاختلف
فِيهِ، فقيل: الحسن ابن عليّ بْن أَبِي طَالِب، وقيل: عَبْد
اللَّهِ بْن عَبَّاس بْن عَبْدِ المطلب.
أما من قَالَ: هما الْحَسَن وابن جَعْفَر، فَأَخْبَرَنَا أبو
نعيم الحافظ قال:
(6/451)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ
قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ عَنْ
عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تَلَقَّى بِي
وَبِالْحَسَنِ، فَجَعَلَ أَحَدَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالآخَرَ
خَلْفَهُ عَلَى الدَّابَّةِ.
وأمَّا من قَالَ: هما ابْن الْعَبَّاس وابن جَعْفَر
فَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ
بْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لابْنِ الزُبَيْرِ: أَتَذْكُرُ إِذْ
تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نعم،
فحملنا وتركك!
آخر الجزء السادس من كتاب الأسماء المبهمة - يتلوه إن شاء الله
السابع منه.
(6/452)
(كتاب الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة
الجزء السابع بتجزئة المؤلف)
(7/453)
صفحة فارغة
(7/454)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حديث (214) أسامة بْن زَيْد - المقداد بْن الأسود)
حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الخطيب الحافظ البغدادي قراءة بلفظه من
أصله بدمشق فِي دار الأمير غرس الدولة ونحن نَسْمَع قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاسِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
قَادِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا / عَبْدُ السَّلامِ عَنْ يُونُسَ
بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي
الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِي السَّرِيَّةِ قَالَ: بَعَثَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-[سَرِيَّةً] وَأَنَا فِيهِمْ، قَالَ: فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ
أَصْحَابِنَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ:
فَلَمَّا غَشِيَهُ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَقَتَلَهُ
الرَّجُلُ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ:
اسْتَغْفِرِ اللَّهَ {قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيده: هكذا - وبسط علي بن
قَادِمٍ يَدَهُ وَجَعَلَ بَطْنَهَا إِلَى الأَرْضِ -
وَأَعْرَضَ وَقَالَ: " أَبَى اللَّهُ عَلَيَّ لِمَنْ قَتَلَ
الْمُسْلِمِينَ} أَبَى اللَّهُ عَلَيَّ لِمَنْ قَتَلَ
الْمُسْلِمِينَ! " ثلاثا.
(7/455)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
اختلف فِي هَذَا القاتل، فقيل: هُوَ أسامة بْن زَيْد بن حارثة
مَوْلَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- وقيل: هُوَ المقداد بْن عَمْرو المعروف بابن الأسود.
أما من قَالَ: هُوَ أسامة فَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي
بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ النَّجَّادُ قَالَ: قُرِئَ عَلَى
يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو ظَبْيَانِ قَالَ:
حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى
الْحَرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ - فَصَبَّحْنَا الْحَيَّ غُدْوَةً
فَهَزَمْنَاهُمْ، وَابْتَدَرْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ رَجُلا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُ قَالَ: لا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ وَأَوْجَرْتُهُ
الرُّمْحَ فَقَتَلْتُهُ {فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فحدثوه عن
مسيرنا قال: فصبحنا الحي غدوة فهزمناهم، وابتدر رجل من الأنصار
وأسامة رجلا منهم، فلما غشوه قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
فكف الأنصاري وأوجره أسامة الرمح فقتله} فَنَظَرَ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالَ: " يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَ رَجُلا يَقُولُ: لا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟ " قال: يا رسول الله، إنما كان متعوذا من
السلاح {قال: " فكيف تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ "
قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى وَدَدْتُ أَنِّي
لَمْ أَكُنْ أسلمت قبل يومئذ}
(7/456)
قال: فلما قتل عثمان قعد فِي بيته ولم يدخل
فِي شيء {
وأمَّا من قَالَ: كَانَ القاتل المقداد فَأَخْبَرَنَا أَبُو
الْغَنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بن علي ابن مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمَأْمُونِ الْهَاشِمِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ سَعِيدٍ الْبَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى
خُزَاعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
عَطَاءِ بْنِ مُقَدِّمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي
عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنَ عَبَّاسٍ
قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - سَرِيَّةً فِيهَا الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ،
فَلَمَّا أَتَوُا الْقَوْمَ وَجَدُوهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا
وَبَقِيَ رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيْرٌ لَمْ يَبْرَحْ، فَقَالَ:
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} فأهوى إليه
الْمِقْدَادُ فَقَتَلَهُ {فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ
أَصْحَابِهِ: أَقَتَلْتَ رَجُلا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا
اللَّهُ؟ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ
رَجُلا شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَتَلَهُ
الْمِقْدَادُ} فَقَالَ: " ادْعُوا لِي بِالْمَقْدَادِ {"
فَقَالَ: " يَا مِقْدَادُ، أَقَتَلْتَ رَجُلا قَالَ: لا إِلَهَ
إِلا اللَّهُ؟ فَكَيْفَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ غَدًا؟ "
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا
تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ
مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إِلَى
قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} [94: النساء]
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- لِلْمِقْدَادِ: " كَانَ رَجُلا مُؤْمِنًا يُخْفِي إِيمَانَهُ
مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَأَظْهَرَ إيمانه فقتلته} كَذَلِكَ
كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ قَبْلُ! "
واسم المقتول: مرداس بْن نهيك.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أُسَامَةَ بْنِ
زَيْدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
يَعْنِي مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ، فَلَمَّا شَهَرْنَا عليه
السلاح قال:
(7/457)
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ /
فَلَمْ نَنْزَعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ {فَلَمَّا
قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَخْبَرَنَاهُ خَبَرَهُ فَقَالَ: " فَمَنْ لَكَ
يَا أُسَامَةُ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟ " فَوَالَّذِي
بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا زال يرددها حتى لوددت أن مَا مَضَى
مِنْ إِسْلامِي لَمْ يَكُنْ وَأَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ
فَلَمْ أَقْتُلْهُ} فَقُلْتُ: إِنِّي أُعْطِي اللَّهَ عَهْدًا
أَلا أَقْتُلَ رَجُلا يَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَبَدًا
{فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: " بَعْدِي يَا أُسَامَةُ} " فَقُلْتُ: بَعْدَكَ!
(7/458)
(حديث (215) هبار بْن الأسود - نافع بْن
عَبْدِ القيس)
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْر الْحِيرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الأَصَمُّ قَالَ: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال: حدثنا
حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ: ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ:
أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ
حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الأَسْلَمِيُّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ
عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَهُ وَرَهْطًا مَعَهُ
إِلَى رَجُلٍ مِنْ عَدُوِّهِ فَقَالَ لَهُمْ: " إِنْ
قَدَرْتُمْ عَلَى فُلانٍ فَاحْرِقُوهُ بِالنَّارِ {" قَالَ:
فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا تَوَارَوْا عَنْهُ دَعَاهُمْ أَوْ
أَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ فَرَدَّهُمْ ثُمَّ قَالَ: " إِنْ
قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَاقْتُلُوهُ وَلا تَحْرِقُوهُ بالنار
فإنما يعذب بالنار رَبُّ النَّارِ} ".
روى مُغِيرَة بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الحزامي عن أبي الزناد عن
مُحَمَّد بْن حمزة ابن عَمْرو الأسلمي عن أَبِيه مثل ذلك.
(7/459)
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر - رَضِي اللَّه
عَنْهُ:
وهذا الرجل الَّذِي أمر النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بإحراقه إن قدر عَلَيْهِ هُوَ: هبار بْن الأسود
بْن المطلب بْن أسيد بْن عَبْدِ العزى بْن قصي - وكان كافرًا
ثُمَّ أسلم وحسن إسلامه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ
الدِّمَشْقِيُّ بِهَا قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ السُّلَمِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن
إسماعيل التميمي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَبْدِ الرَّحِيْمِ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الأَسْوَدِ -
وَكَانَ امْرَأً كَافِرًا - سَاقَ لابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[بَعِيرَهَا] فَطَعَنَهُ
فَسَقَطَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّةً فَقَالَ: " إِنْ
أَخَذْتُمُوهُ فَاجْعَلُوهُ بَيْنَ حُزْمَتَيْنِ حَطَبًا ثُمَّ
أَلْقُوا فِيهِ النَّارَ {" ثُمَّ قَالَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ}
لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ {إِنْ
أَخَذْتُمُوهُ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ اقْطَعُوا رِجْلَهُ} "
فَلَمْ تُصِبْهُ السَّرِيَّةُ وَأَصَابَهُ الْإِسْلَامُ
{فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ رَجُلا سَبَّابًا،
وَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقِيلَ: هُوَ ذَا هَبَّارٌ يُسَبُّ وَلا يَسُبُّ} فَأَتَى
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى
قَامَ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سُبَّ مَنْ سَبَّكَ ".
وروى أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعثهم فِي بعث، وأمرهم بإحراق رجلين.
كذا قَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ
الْمَطِيرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَ ... بْن عَرَفَةَ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ الأَشَجِّ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - فَقَالَ: " إِنْ وَجَدْتُمْ فُلانًا وَفُلانًا لرجلين
(7/460)
مِنْ قُرَيْشٍ فَأَحْرِقُوهُمَا
بِالنَّارِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ أَرَادَ الْخُرُوجَ: " إِنِّي
كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلانًا وَفُلانًا
بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بها إلا الله، فإن
وجدتموهما فَاقْتُلُوهُمَا {".
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ:
فَأَحَدُ هَذَيْنِ الرجلين: هبار الَّذِي ذكرنا قصته، والآخر:
نافع بْن عَبْدِ القيس. كذلك أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي
بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بن محمد ابن أَحْمَدَ
بْنِ كَيْسَانَ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
هَارُونَ قَالَ: حدثنا هارون ابن مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّةً
أَنَا فِيهِمْ فَقَالَ: " إِنْ ظَفَرْتُمْ بِهَبَّارِ بْنِ
الأَسْوَدِ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ فَحَرِّقُوهُمَا
بِالنَّارِ} " فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعَثَ إِلَيْنَا
فَقَالَ: " إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِتَحْرِيقِ هَذَيْنِ
الرَّجُلَيْنِ إِنْ ظَفَرْتُمْ بِهِمَا، ثُمَّ رَأَيْتُ
أَنَّهُ لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلا
اللَّهُ، فَإِنْ ظَفَرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا! ".
(7/461)
(حديث (216) علي بْن أَبِي طَالِب -
الْعَبَّاس بْن عَبْدِ المطلب - الْفَضْل بْن الْعَبَّاس)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - / - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَاءَ بِلالٌ
يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ فَقَالَ: " مُرُوا أَبَا بَكْرٍ
فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ {" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ
أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ: - قَالَ الْأَعْمَشُ: رَقِيقٌ -
وَمَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ يبكي فلا يستطيع، فلو أَمَرْتَ
عُمَرَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ} قَالَ: " مُرُوا أَبَا بَكْرٍ
يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ {"
فَأَرْسَلْنَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ،
فَوَجَدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادِي بين رجلين ورجاه
تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ} فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ
ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنْ مَكَانَكَ! " فَجَاءَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى
جَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ
يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ:
اللذان خرج النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يهادي بَيْنَهُما: عليّ بْن أَبِي طَالِب والعباس بْن عَبْدِ
المطلب، وقيل: عليّ والْفَضْل بْن الْعَبَّاس.
(7/462)
أما من قَالَ: هما عليّ والعباس
فَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ
عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
حَمْدَانَ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ
عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاشْتَدَّ
بِهِ وَجَعَهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي
بَيْتِي فَأُذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ
تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ: بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدٌ:
فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ، قال
لي عبد الله ابن عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ
الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا. قَالَ:
ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَلِيٌّ.
وأمَّا من قَالَ: هما عليّ والْفَضْل بْن عَبَّاس
فَأَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
أَخْبَرَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: أَوَّلُ مَا
اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ
يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأُذِنَ لَهُ {قَالَتْ: فَخَرَجَ
وَيَدٌ لَهُ على الفضل ابن عَبَّاسٍ وَيَدٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ
وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الأَرْضَ} قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
فَحَدَّثْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ
الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ هُوَ عَلِيٌّ!
ورواه مُوسَى بْن أَبِي عائشة عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ، وذكر أن الرجلين: عليّ والعباس كما ذكرنا
أولا.
(7/463)
(حديث (217) عمر بْن الخطاب - كعب بْن
مَالِك - قيس بْن صرمة - أَبُو قيس ابن عَمْرو)
أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رزق،
وأبو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ابن شَاذَانَ قَالا:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ
النَّجَّادُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ
الأَشْعَثِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد هُوَ
الْمَرْوَزِيّ قَالَ: أخبرني علي ابن الْحَسَنِ بْن واقد عن
أَبِيهِ عن يَزِيد النَّحْوِيّ عن عكرمة عن ابْنِ عَبَّاس
قَالَ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}
[183: البقرة] وكان النَّاس عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا صلوا العتمة حرم
عليهم الطعام والشراب والنساء، فصاموا إلى القابلة {واختان
رَجُل نفسه فجامع امرأته وَقَدْ صلى العشاء ولم يفطر، فأراد
اللَّه أن يجعل ذَلِكَ تيسيرًا لمن بقى ورخصة ومنفعة، فَقَالَ:
{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ
أَنْفُسَكُمْ} [187: البقرة] وكان هَذَا مما نفع اللَّه بِهِ
الناس ورخص لهم ويسر}
(7/464)
الَّذِي أصاب امرأته كَانَ عُمَر بْن
الخطاب. وروى أن كعب بْن مَالِك الْأَنْصَارِيّ أيضًا جامع
أهله فِي ذَلِكَ الوقت، كما أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي مريم قَالَ: أخبرنا ابْن وهب
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لهيعة: أن مُوسَى بْن جُبَيْر حدثه
أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّهِ بْن كعب ابن مَالِك يحدث عن
أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاس إِذَا صام الرجل فنام
حرم عَلَيْهِ الطعام والشراب حَتَّى يفطر من الغد، فرجع عُمَر
بْن الخطاب من عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذات ليلة قَدْ سهر عنده، فوجد امرأته
قَدْ نامت فأيقظها، ثُمَّ أرادها فَقَالَتْ: إني قَدْ نمت
{فوقع بها} وصنع مثل ذَلِكَ كعب بْن مَالِك! فغدا عُمَر إلى
رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخبره،
فأنزل اللَّه: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ
تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عليكم وعفا عنكم} إلى:
{وأتموا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [187: البقرة] .
أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ طلحة بْن عَلِيّ بْن الصقر الكتاني
قَالَ: حَدَّثَنَا / جعفر ابن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
الْحَكَمِ الواسطي قَالَ: أخبرنا جَعْفَر بْن مُحَمَّد المؤدب
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد الْقَاسِم بْن سلام قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي مريم عن ابْنِ لهيعة بإسناده نحوه
ولم يذكر فِيهِ ابْن وهب.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ: فإن كَانَ لرجل من
(7/465)
المسلمين عند عَمْرو بْن كعب خبر فِي سبب
نزول هَذِهِ الآية نَحْنُ نسوقه لنعلقه بهذه القصة.
أخبرنا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّان
قَالَ: أخبرنا دعلج بْن أَحْمَدَ قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بْن
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ أَنَّ سَعِيد بْن مَنْصُور
حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار عن
عكرمة قَالَ: كَانَ الرجل يأكل ويشرب ما لم ينم، فنام رَجُل من
المسلمين فحرم عَلَيْهِ الطعام والشراب إلى مثلها، فأصاب رجلًا
مرتين أَوْ ثلاثة ثُمَّ نزلت الرخصة: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ
الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [187: البقرة]
أخبرنيه أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ
بْنِ محمد ابن جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ
بْنُ الْعَلاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو عن
عكرمة قَالَ: كَانَ الرجل إِذَا نام حرم عَلَيْهِ الطعام
والشراب والنساء إلى مثلها {قَالَ: وكان رَجُل من الأنصار دأب
فِي أرضه يومه جميعًا يعمل فيها، فرجع إلى أهله وهو نصب}
فَقَالَتْ لَهُ امرأته: أمهل حتى أسخن لَكَ شيئًا، فنام ليلته،
فاجتمع عَلَيْهِ يومان لم يأكل ولم يشرب ثُمَّ نام ليلته ولم
يأكل ودأب يومه حَتَّى أنزل اللَّه تَعَالى: {أُحِلَّ لَكُمْ
لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ
لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} الآية كلها.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ:
اخْتُلِفَ فِي هَذَا الرَّجُلِ، فقيل: هُوَ قيس بْن صرمة،
وقيل: أَبُو قيس بْن عَمْرو، وقيل: صرمة بْن مَالِك، وقيل:
ضمرة بْن أنس.
فأمَّا من قَالَ: قيس بْن صرمة فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
مَخْلَدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُوسَى السَّطَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ (ح)
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ،
وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد ابن
سَلْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثَنَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قال: أخبرنا أبو أحمد
(7/466)
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا
صَامَ فَنَامَ لَمْ يَأْكُلْ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ
الْقَابِلَةِ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صَرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ
أَتَى امْرَأَتَهُ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ: عِنْدَكِ شَيْءٌ؟
قَالَتْ: لَعَلِّي أَذْهَبُ فَأَطْلُبُ {فَذَهَبَتْ،
وَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: خَيْبَةٌ لَكَ}
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَنَزَلَتْ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ
الرفث إلى نسائكم} إلى قوله: {من الفجر} - لَفْظُ أَبِي
أَحْمَدَ.
وأمَّا من قَالَ: هُوَ أَبُو قيس بْن عَمْرو فأخبرنا الْحَسَن
بْن عَلِيّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الملك قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْر قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْحَاق عن البراء بن عازب: أن أحدهم كَانَ إِذَا صام -
فذكر الحديث، إلا أَنَّهُ قَالَ: فنزلت فِي أَبِي قيس بْن
عَمْرو.
وأمَّا من قَالَ: صرمة بْن مَالِك فأخبرنا طلحة بْن عَلِيّ بْن
الصقر قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ
الواسطي قَالَ: أخبرنا جَعْفَر بْن مُحَمَّد المؤدب قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ:
أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
ليلى: أن رجلًا من الأنصار يقال له: صرمة بن مالك كَانَ شيخًا
كبيرًا، جاء إلى أهله عشاء وهو صائم، وكان إِذَا نام أحدهم قبل
أن يطعم لم يأكل شيئًا إلى مثلها، والمرأة إِذَا نامت لم يكن
لزوجها أن يقربها إلى مثلها {فلما جاء صرمة إلى أهله دعا
بعشائه، فقيل لَهُ: أمهل حَتَّى نجعل لَكَ طعامًا سخنًا تفطر
عَلَيْهِ} فوضع الشَّيْخ رأسه فنام {فجاءوا بطعامهم فَقَالَ:
قد كنت نمت فلم يطعمه} فبات ليلته يتسلق ظهرًا لبطن! فلما أصبح
أَتَى النَّبِِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فأخبره فنزلت الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ} فرخص لهم أن يأكلوا بالليل كُلِّه من أوله إلى
آخره.
(7/467)
وأمَّا من قَالَ: هُوَ ضمرة بْن أنس ففيما
كتب إليَّ [أبو] محمد عبد الرحمن ابن عثمان الدمشقي وحدثنيه
عَلَى بْن حُسَيْن بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد الثعلبي
وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ بِدِمَشْقَ عَنْهُ قَالَ: أخبرنا
إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْن أَبِي ثابت فِي
سنة ست وثلاثين وثلاثمائة قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانَ بْن
بكار البراد الحمصي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ بْن عَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عن سَعِيد
بْن أَبِي عروبة عن قيس بْن سعد / عن عَطَاء عن أَبِي
هُرَيْرَةَ عن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- مثل ما قَالَ اللَّه تَعَالى فِي كتابه وقولُه الحق:
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى
نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لباس لهن} إلى
قوله: {وأتموا الصيام إلى الليل} كَانَ المسلمون قبل أن تنزل
هَذِهِ الآية إِذَا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام
والشراب والنساء حَتَّى يفطروا {وإن عُمَر بْن الخطاب أصاب
أهله بعد صلاة العشاء، وإن ضمرة بْن أنس الْأَنْصَارِيّ غلبته
عينه بعد المغرب فنام ولم يشبع من الطعام حَتَّى صلى رَسُول
اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - العشاء، فقام
فأكل وشرب، فلما أصبحا أتيا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخبراه بذلك، فأنزل اللَّه: {أُحِلَّ
لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ
لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ
أَنَّكُمْ كنتم تختانون أنفسكم} يعني تجامعون النساء وتأكلون
وتشربون بعد العشاء {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ
فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كتب الله لكم} يعني
الولد {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ ثُمَّ أتموا الصيام إلى الليل} فكان ذَلِكَ عفوًا
ورحمة من الله - عز وجل}
(7/468)
(حديث (218) الحارث بْن عَمْرو - منظور بْن
زبان بْن سيار)
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حدثنا أبو العباس محمد ابن يَعْقُوبَ
الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا يحيى ابن أَبِي بَكْرٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ السُّدِّيِّ
عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَقِيتُ
خَالِي مَعَهُ رَايَةٌ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟
قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ تَزَوَّجَ
امْرَأَةً أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ فَأَمَرَنَا أَنْ نَقْتُلَهُ!
- وهكذا رَوَاهُ وكيع عن الْحَسَن بْن صالح، غير أَنَّهُ لم
يقل: من بني تميم، وتابعه أشعث بْن سوار عن عدي من رواية حَفْص
بْن غياث عَنْهُ. أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ
الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَوْلَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَسِيطٍ
الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله ابن عَمْرٍو عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَبِي أَنِيسَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ
زَيْدِ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيتُ عَمِّي
وَمَعَهُ رَايَةٌ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: بَعَثَنِي
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى
رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ
عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ - وَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَة بْن
الحجاج ومعمر بْن راشد وأبو مريم عَبْد الغفار بْن الْقَاسِمِ
عن عدي عن يَزِيد بْن البراء عن أَبِيهِ. وقَالَ شُعْبَة وأبو
مريم: قَالَ: لقيت خالي، ولم يقل: عمي. وقَالَ هُشَيْم عن أشعث
عن عدي عن البراء فِي هَذَا الحديث: قَالَ لقيت عمي، وسماه:
الحارث بْن عَمْرو - كذلك أخبرنا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ
الْقَطَّان قَالَ: أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْن أَحْمَدَ قَالَ:
أخبرنا مُحَمَّد بن علي بن زين أَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ
حَدَّثَهُمْ (ح)
وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي - وَاللَّفْظُ
لِحَدِيثِ سَعِيدٍ - قَالا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مَرَّ بِي عَمِّي
الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ عَقَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لواء، فعدلت إليه
(7/469)
فَقُلْتُ: أَيْنَ بَعَثَكَ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: بَعَثَنِي إِلَى
رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ
عُنُقَهُ.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر الحافظ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
وهذا الرجل الَّذِي تزوج امْرَأَة أَبِيهِ قيل: إنه منظور بْن
زبان بْن سيار بْن عَمْرو الفزاري.
كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الجبار السكري قال:
(7/470)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ
الْعَلائِيِّ قَالَ: الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنِ
الْبَرَاءِ أَنَّهُ قَالَ: لَقِيتُ خَالِي وَمَعَهُ
الْحَرْبَةُ، فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ
امْرَأَةَ أَبِيهِ هو: منظور بْن زبان بْن سيار.
(7/471)
(حديث (219) العباس بْن عَبْدِ المطلب -
عليّ بْن أَبِي طَالِب - عثمان بْن طلحة - شَيْبَة بْن عثمان)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ
الْمَتُّونِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ
يَعْنِي ابْنَ سَلامٍ عَنْ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: كُنْتُ
عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُبَالِي أَلا أَعْمَلَ
عَمَلا بَعْدَ الإِسْلَامِ إِلا أَنْ أَسْقِيَ الْحَاجَّ،
وَقَالَ آخَرُ: لا أُبَالِيَ أَلا أَعْمَلَ عَمَلا إِلا أَنْ
أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا عَمِلْتُمْ! قَالَ:
فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ: لا ترَفَعُوا
أَصْوَاتِكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَوْمُ جُمُعَةٍ،
وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى:
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ / الآخِرِ
وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [19: التوبة]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رضي الله عنه:
(7/472)
الرجل المذكور أولًا هُوَ: الْعَبَّاس بْن
عَبْدِ المطلب وكان يلي سقاية الحاج، والمذكور آخرًا هُوَ عليّ
بْن أَبِي طَالِب، وأمَّا المذكور وسطًا فهو: إما عثمان بْن
طلحة أَوْ شَيْبَة بْن عثمان وهما جميعًا صحابيان من بني عَبْد
الدار، وكانا يليان حجابة البيت، وَقَدْ ذكر أنهما تكلما
جميعًا فِي ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ
الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ بِشْرٍ الْهَرَوِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عُمَرَ
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: نَزَلَتَ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ
الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ المسجد الحرام} فِي الْعَبَّاسِ
وَعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَشَيْبَةَ تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا أَرَانِي إِلا تَارِكًا
سِقَايَتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {أَقِيمُوا سِقَايَتَكُمْ فَإِنَّ
لَكُمْ فِيهَا خيرا!} .
(7/473)
(حديث (220) هلال بْن مرة الأشجعي - معقل
بْن سنان الأشجعي)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا
هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَلاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ قَالَ: أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ
امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَلَمْ
يَدْخُلْ بِهَا فَسُئِلَ عَنْهَا شَهْرًا فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا
شَيْئًا، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي،
فَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنْ يَكُ
صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ: لَهَا صَدَقَةُ إِحْدَى نِسَائِهَا
وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ {فَقَامَ رَجُلٌ
مِنْ أَشْجَعَ فَقَالَ: أَشْهَدُ لَقَضَيْتَ فِيهَا بِقَضَاءِ
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي
تَزْوِيجِ بِنْتِ وَاشِقٍ} قَالَ: فَقَالَ: هَلُمَّ
شَاهِدَيْكَ! قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ الْجَرَّاحُ وَأَبُو
سِنَانٍ رَجُلانِ مِنْ أَشْجَعَ.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ:
(7/474)
زوج هَذِهِ المرأة التي هِيَ بروع: هلال
بْن مرة الأشجعي.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
سَعِيدٌ - وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ
بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ عمر اللُّؤْلُؤِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خلاس
وَأَبِي حَسَّانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَى فِي
رَجُلٍ - قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: تَزَوَّجَ امْرَأَةً
فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا
صَدَاقًا - ثُمَّ مِنْ هَاهُنَا إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ
سِيَاقُ أَبِي عمرو - قال: واختلفوا إليه شَهْرًا - أَوْ
قَالَ: مَرَّاتٍ - قَالَ: وَإِنِّي أَقُولُ فِيهَا: إِنَّ
لَهَا صَدَاقًا كَصَدَاقِ نِسَائِهَا لا وَكْسَ وَلا شَطَطَ،
وَإِنَّ لَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَإِنْ
يَكُ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي
وَمِنَ الشَّيْطَانِ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ
{فَقَامَ نَاسٌ مِنْ أَشْجَعَ فِيهِمُ الْجَرَّاحُ وَأَبُو
سِنَانٍ فَقَالُوا: يَابْنَ مَسْعُودٍ، نَحْنُ [نَشْهَدُ]
أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَضَاهَا فِينَا وَفِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَزَوْجِهَا
هِلالِ بْنِ مُرَّةَ َالأَشْجَعِيِّ كَمَا قَضَيْتَ} قَالَ:
فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَرَحًا شَدِيدًا
حِينَ وَافَقَ قَضَاؤُهُ قَضَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ:
واسم الرجل المذكور فِي الحديث الأول الَّذِي شهد لَهُ الجراح
وأبو سنان شهادته عَلَى قضاء رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذِهِ المرأة: معقل بْن سنان
الأشجعي.
(7/475)
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الإِمَامُ
بِأَصْبَهَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ
الطَّبَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ جَعْفَرٍ
الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون. قال
سليمان: وحدثنا الريوي وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مُرَّةَ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ - كِلاهُمَا
عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
عَلْقَمَةَ قَالَ: أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ
فَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ
لَهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى مَاتَ، فَرَدَدَهُمْ شَهْرًا
ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا
فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي! أَرَى أَنَّ
لَهَا صَدَاقَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا لا وَكْسَ وَلا
شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، فَقَامَ
مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ فَقَالَ: أَشْهَدُ
لَقَضَيْتُ فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ: امْرَأَةٍ
مِنْ بَنِي رُوَاسٍ، وَبَنُو رُوَاسٍ حَيٌّ مِنْ بَنِي عَامِرِ
بْنِ صعصعة.
(7/476)
(حديث (221) هلال بْن أُمَيَّة بْن عَامِر
- شريك بْن السحماء بْن عبدة)
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العباس محمد ابن
يَعْقُوبَ الأَصَمُّ / قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبيدة السري بن
يحيى بن أَخِي هَذَا، وَقَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجُلٌ يَرْمِي
امْرَأَتَهُ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا قَالَ {حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ
عَلَى رَسُولِهِ، فَدَعَاهُمَا فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ
أَنْزَلَ فِيكُمَا} " فَدَعَا الرَّجُلَ فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ
شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ
شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [6:
النور] : ثُمَّ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَمْسَكَ رَجُلٌ عَلَى فِيهِ ثُمَّ
قَالَ: وَيْحَكَ {كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ مِنْ لَعْنَةِ
اللَّهِ، وَوَعَظَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ وَقَالَ: لَعْنَةُ
اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ثُمَّ دَعَا
الْمَرْأَةَ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ
لِمِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ أَمْسَكَ عَلَى فِيهَا، ثُمَّ
قَالَ: وَيْحَكَ {كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ}
ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَقَالَتْ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ
كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ {فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمَا وَاللَّهِ
لَيَقْضِيَنَّ اللَّهُ بَيْنَكُمَا قَضَاءً فَصْلًا} " قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَوْلُودًا
بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرُ غَاشِيَةً مِنْهُ {كَانَ رَمَاهَا
بِرَجُلٍ مَاتَ عَنْهَا شَبِيهًا بها}
(7/477)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
الرجل الملاعن لهذه المرأة هُوَ: هلال بْن أُمَيَّة بْن عَامِر
بْن قيس بْن عَبْدِ الأعلم بْن عَامِر بْن كعب بْن واقف وهو
سالم بْن امرئ القيس بْن مَالِك بْن الأوس - وكان ممن شهد
بدرًا، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم وذكرهم اللَّه فِي
سورة (براءة) .
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ
الْهَاشِمِيُّ قال: حدثنا محمد ابن أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون قال:
أخبرنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: جَاءَ هِلالُ
بْنُ أُمَيَّةَ - وَهُوَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ تَابَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ - فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عِشَاءً فَرَأَى
عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَرَأَى بِعَيْنَيْهِ وَسَمِعَ
بِأُذُنَيْهِ، فلم يهجه حَتَّى أَصْبَحَ {ثُمَّ غَدَا عَلَى
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي مَسَاءً
فَرَأَيْتُ عِنْدَهُمْ رَجُلًا فَرَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ
وَسَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ} فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ
عَلَيْهِ {فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ
أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إنه لمن الصادقين}
الآيتين كلتيهما} فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَبْشِرْ يَا هِلالُ
قَدْ جعل الله لك فَرَجًا وَمَخْرَجًا {" قَالَ هِلالٌ: قَدْ
كنت أرجو ذاك مِنْ رَبِّي} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَرْسِلُوا إِلَيْهَا "
فَجَاءَتْ، فَتَلا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذكرها
(7/478)
وأخبرنا أَنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ
مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا، فَقَالَ هِلالٌ: وَاللَّهِ لقد صدقت
عليها {فقالت: كَذَبَ} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لاعِنُوا بَيْنَهُمَا {"
فَقِيلَ لِهِلالٍ: اشْهِدْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ
إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ
قِيلَ: يَا هِلالُ، اتَّقِ اللَّهَ إِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا
أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ} وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةَ
تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ {فَقَالَ: وَاللَّهِ لا
يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا كَمَا لَمْ يجلدني عليها} فشهد
الْخَامِسَةُ: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ
مِنَ الْكَاذِبِينَ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: اشْهَدِي {فَشِهَدْت
أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمِنَ الْكَاذِبِينَ}
فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ
فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ
وَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ
الْعَذَابَ {ثُمَّ تَلَكَّأَتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ:
وَاللَّهِ لا أَفْضَحُ قَوْمِي} فَشَهِدَتِ الْخَامِسَةُ:
أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ
{فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَلا يُدْعَى وَلَدُهَا
لأَبٍ، وَلا تُرْمَي وَلا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا
أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ} وَقَضَى أَلا
بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ وَلا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا
يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلاقٍ وَلا مُتَوَفَّى عَنْهَا
{وَقَالَ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ أُرَيْسِحَ أُثَيْبِجَ
حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِهِلالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ
أَوْرَقَ جَمَالِيًّا خَدْلَجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ
الأَلْيَتَيْنِ فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ} فَجَاءَتْ بِهِ
أَوْرَقَ جَعْدًا جَمَالِيًّا خَدْلَجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ
الأَلْيَتَيْنِ {فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَوْلا الأَيْمَانُ لَكَانِ لِي
وَلَهَا شأن} ".
(7/479)
قَالَ عكرمة: فكان بعد ذَلِكَ أميرًا عَلَى
مصر ولا يدعى لأب {
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
وَكَانَ الرجل الَّذِي رميت بِهِ: شريك بْن السحماء، والسحماء
أمه، وهي أيضًا أم البراء بْن مَالِك. وأمَّا هُوَ فشريك بْن
عبدة بْن معتب / بْن الجد بْن عجلان بْن حارثة بْن ضبيعة ابن
حرام بْن جعل بْن عَمْرو بْن جشم بْن ودم بْن ذبيان بن هيم بن
هل بن هنى ابن بلى بن عمرو بن الحاف بْن قضاعة شهد أَبُوهُ
عبدة بدرًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس محمد ابن
يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
الْوَرَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الْبِرْتِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
إِنَّ أَوَّلَ رَجُلٍ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فِي الْإِسْلَامِ:
هِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَذَفَهَا بِشَرِيكِ بْنِ
السَّحْمَاءِ، فَارْتَفَعُوا إِلَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنَزَلَتِ آيَةُ الْمُلاعَنَةُ
فَتَلاعَنَا} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ
[سَبْطًا] قَضِئَ الْعَيْنَيْنِ فَلِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ،
وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ
فَلِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءَ {" فَجَاءَتْ بِهِ لِشَرِيكِ
بْنِ السَّحْمَاءِ} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَوْلا مَا سَبَقَ مِنْ كِتَابِ
اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ! ".
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ:
قَدْ ذكرنا فيما تقدم فِي هَذَا الكتاب لعويمر العجلاني قريبًا
من هَذِهِ القصة فِي اللعان، وإسناد كل واحد من القصتين صحيح،
ليس يمتنع أن تكون
(7/480)
القصتان اتفق كونهما معًا فِي واحد وفي
زمنين متقاربين، ونزلت آية اللعان فِي تلك الحال، لا سيما أن
فِي حديث عويمر كره رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - المسائل، فدل عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ سبق
بالمسألة، وأن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - سئل عن ذَلِكَ غير مرة، وهذا يصحح القصتين معًا،
مَعَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الواحد بن محمد ابن
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ الْفَارِسِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن مخلد العطار
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن مَالِك قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو أسامة عن مجالد عن عَامِر عن جَابِر قَالَ: ما نزلت آية
التلاعن إلا لكثرة السؤال!
(7/481)
(حديث (222) الأقرع بْن حابس - عيينة بْن
حصن - بلال - عمار - خباب - صهيب)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ السُّلَمِيُّ
بِدِمَشْقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ بِشْرَ الْهَرَوِيَّ قَالَ:
قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الظَّهْرَانِيِّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
عَنِ قَتَادَةَ: أَنَّ نَاسًا مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالُوا
لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّ
سَرَّكَ أَنْ نَتَّبِعَكَ فَاطْرُدْ عَنَّا فُلانًا وَفُلانًا:
نَاسًا مِنَ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ اللَّهُ
تَعَالَى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [52: الأنعام]
قَالَ: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [53:
الأنعام] يَقُولُ: ابْتَلَيْنَا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ.
(7/482)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
القائل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذَا
القول رجلان هما: الأقرع بْن حابس التميمي وعيينة بْن حصن بْن
بدر الفزاري. والقوم الَّذِينَ أرادوا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طردهم: صهيب بْن سنان، وبلال بْن رباح،
وعمار بْن ياسر، وخباب ابن الأرت.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُعَدَّلُ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ
عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ وَكَانَ
قَارِئُ الأَزْدِ عَنْ أَبِي الكنود عن خباب ابن الأرث فِي
قَوْلِه تَعَالَى: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يريدون وجهه} إِلَى
قَوْلِهِ: {فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [52: الأنعام]
قَالَ: جَاءَ الأَقْرَعُ بِنُ حابس التميمي وعيينة بْن حصن
الْفَزَارِيُّ فَوَجَدَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ صُهَيْبٍ وَبِلالٌ وَعَمَّارٌ
وَخَبَّابٌ فِي نَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ،
فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَقَّرُوهُمْ، فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا
بِهِ فَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ
مَجْلِسًا يُعْرَفُ لَنَا، فَقُلْنَا: إِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ
تَأْتِيكَ فَنَسْتَحِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ
الأَعْبُدِ، فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَأَقِمْهُمْ عَنَّا،
فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ
{قَالَ: " نَعَمْ " قَالُوا: فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ
كِتَابًا} قَالَ: فَدَعَا بِالصَّحِيفَةِ وَدَعَا عَلِيًّا
لِيَكْتُبَ وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ! فَنَزَلَ
جِبْرِيلُ فَقَالَ: {وَلا تَطْرُدِ الذين يدعون ربهم
(7/483)
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ
وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا
مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ
فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [52: الأنعام] ثُمَّ ذَكَرَ
الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ فَقَالَ: {وَكَذَلِكَ
فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [53: الأنعام] يَقُولُ
اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ
بِالشَّاكِرِينَ} [53: الأنعام] ثُمَّ قَالَ: {وَإِذَا جَاءَكَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [54: الأنعام]
فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- بِالصَّحِيفَةِ، ثُمَّ دَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ فَقَالَ: "
سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ
الرَّحْمَةُ " فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى / وَضَعْنَا
رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَجْلِسُ مَعَنَا،
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ
وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تريد زينة الحياة
الدنيا} يَقُولُ: تَبْعُدُ عَنْهُمْ وَتُجَالِسُ الأَشْرَافِ
{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عن ذكرنا} يعني عيينة
الأقرع {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [28:
الكهف] قَالَ: هَلاكًا، قَالَ: أَمْرُ عُيَيْنَةَ
وَالأَقْرَعِ. قَالَ خَبَّابٌ: فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذَا
بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا قُمْنَا
وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ!
(7/484)
(حديث (223) معن بْن عدي - عويمر بْن ساعدة
- الْحُبَاب بْن المنذر)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ
بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ
بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَسَّالٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ خبرنا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ
نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّ
الأَنْصَارَ خَالَفُونَا وَاجْتَمَعُوا بِأَمْرِهِمْ فِي
سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلَيٌّ
وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ
إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: يَا أَبَا
بَكْرٍ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ
الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا
مِنْهُمْ لَقِينَا مِنْهُمْ رَجُلانِ صَالِحَانِ فَذَكَرَا مَا
تَمَالأَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ {فَقَالا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا
مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا
هَؤُلَاءِ الأَنْصَارَ} فَقَالا: لا عَلَيْكُمْ أَلا
تَقْرَبُوهُمْ، اقْضُوا أَمْرَكُمْ {فَقُلْتُ: وَاللَّهِ
لَنَأْتِيَنَّهُمْ} فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي
سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ
ظَهْرَانِيهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: سَعْدُ بْنُ
عُبَادَةَ. فَقُلْتُ: مَالَهُ؟ قَالُوا: يوعك {فلما جَلَسْنَا
قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا
هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ
اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَنْتُمْ مَعَاشِرَ
الْمُهَاجِرِينَ - رَهْطٌ مِنَّا، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ
مِنْ قَوْمِكُمْ وَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا
مِنْ أَصْحَابِنَا، وَأَنْ يَغْصِبُونَا مِنَ الأَمْرِ} قَالَ:
فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ - وَكُنْتُ زَوَّرْتُ
مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ
يَدَيْ أَبِي بكر،
(7/485)
وَكُنْتُ أُدَارِي بَعْضَ الْجِدِّ -
فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى
رِسْلِكَ {فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو
بَكْرٍ فَكَانَ هو أحكم مني وأوقر، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ
كَلِمَةً أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلا قَالَ فِي
بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا وَأَفْضَلَ حَتَّى سَكَتَ: قَالَ: مَا
ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَإِنَّهُ لا
يُعْرَفُ هَذَا الأَمْرُ إِلا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ؛
أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ
أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا
شِئْتُمْ: وَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ
الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا
قَالَ غَيْرَهَا، كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبُ
عُنُقِي لا يَقْرَبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ،
اللَّهُمَّ إِلا أَنْ تُسَوِّلَ لِي نَفْسِي شَيْئًا عِنْدَ
الْمَوْتِ لا أَجَدُهُ الآنَ} فَقَالَ قَائِلُ الأَنْصَارِ:
أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكِّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجِّبُ
{مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ}
وكثر اللغظ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ حَتَّى فَرَقْتُ مِنْ
أَنْ يَقَعَ اخْتِلافٌ {فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ، فَبَسَطَ
يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ المهاجرون ثم بايعه الأنصار}
(7/486)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
الرجلان الصالحان اللذان لقيا أبا بَكْر وعمر هما: معن بْن عدي
وعويمر ابن ساعدة.
والرجل الَّذِي قَالَ: منا أمير ومنكم أمير هو: الْحُبَاب بْن
المنذر.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ
قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ
الْوَرَّاقُ، حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ... قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ
عُيَيْنَةَ ثُمَّ قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ
الزُّهْرِيَّ - وَثَبَّتَنِي فِي بَعْضِهِ مَعْمَرٌ - عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ
مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كَانَ
مِنْ أَمْرِنَا حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَخَلَّفَتْ عَنَّا الأَنْصَارُ
بِأَسْرِهَا مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَتَخَلَّفَ عَنَّا
عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ،
فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ:
انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ،
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَهُوَ وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
الْجَرَّاحِ، فَلَقِينَا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ شَهِدَا
بَدْرًا: مَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ وَعُوَيْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ،
فَقَالا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟
قُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ! قَالا:
ارْجِعُوا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ بَيْنَكُمْ - وَسَاقَ
الْحَدِيثَ / إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ
الْمُنْذِرِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكِّكُ وَعُذَيْقُهَا
الْمُرَجِّبُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ - وَذَكَرَ
بَقْيَةَ الْحَدِيثِ.
(7/487)
(حديث (224) محمد بْن مَسْلَمَةَ - الضحاك
بْن خليفة)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَعَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ قَالا:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ
الْعَامِرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ:
أَنَّ رَجُلًا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَرْضٌ
لِرَجُلٍ، فَأَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَدَعَهُ أن يُرْسِلَ
الْمَاءِ فِي أَرْضِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
لَوْ لَمْ أَجِدْ مَسِيلًا إِلا عَلَى بَطْنِكَ لأَجْرَيْتُهُ
{
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْرٍ الحافظ: وكذا رواه سفيان بْن
عيينة وعبد السَّلام بْن حرب عن يَحْيَى بْن سَعِيد عن عَمْرو.
صاحب الأرض كَانَ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ، والذي أراد أن يجيز
الماء فِي أرضه: الضحاك بْن خليفة.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عُبَيْدِ اللَّهِ السِّمْسَارُ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ عن مالك عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى
الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ
سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ الْعَرِيضِ، فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ
بِهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ،
فَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمْ تَمْنَعْنِي وَهُوَ لَكَ
مَنْفَعَةٌ، تَشْرَبُ مِنْهُ أَوْلًا وَآخِرًا وَلا يَضُرُّكَ؟
فَأَبَى مُحَمَّدٌ} فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ، فَدَعَا عُمَرُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ
فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لا
{فَقَالَ عُمَرُ: لا تَمْنَعْ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ
لَكَ نَافِعٌ تشرب به أولا وأخيرا وَلا يَضُرُّكَ} فَقَالَ
مُحَّمَدٌ: لا وَاللَّهِ {فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ} فَأَمَرَ
عُمَرُ - وَقَالَ السَّمْسَارُ: فَأَمَرَهُ عُمَرُ - وقَالَ
العلاف: فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ فَفَعَلَ.
(7/488)
(حديث (225) قيس بْن علقمة - عليّ بْن
أَبِي طَالِب)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعْدٍ الْقَطَّانُ
عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي رَبَاحُ
بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ فِي
الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ
يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيدَ
بْنَ زَيْدٍ فَحَيَّاهُ الْمُغِيرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ
رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيرِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الْكُوفَةِ فَاسْتَقْبَلَ الْمُغِيرَةُ فَسَبَّ وَسَبَّ
{فَقَالَ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيرَةُ بْنَ شُعْبَةَ؟
أَلا أَسْمَعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُسَبُّونَ عِنْدَكَ وَلا تُنْكِرُ وَلا
تُغَيِّرُ؟ فَإِنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاي
وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَرْوِيَ عَنْهُ
كَذِبًا يَسْأَلُنِي عَنْهُ إِذَا لَقِيتُهُ أَنَّهُ قَالَ: "
أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ،
وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ،
وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ في الجنة، وسفيان بْنُ
مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ " وَتَاسِعُ الْمُسْلِمِينَ لَوْ
شِئْتُ أُسَمِّيَهُ سَمَّيْتُهُ} قَالَ: فَرَاحَ أَهْلُ
الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُونَهُ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ مَنِ
التَّاسِعُ؟ قَالَ: نَاشَدْتُمُونِي بِاللَّهِ وَاللَّهُ
عَظِيمٌ: أَنَا تَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ وَرَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَاشِرُ، ثُمَّ
أَتْبَعَ ذَلِكَ يَمِينًا: وَاللَّهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ
رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اغْبَرَّ فِيهِ وَجْهُهُ أَفْضَلُ مِنْ
عَمَلِ أَحَدِكُمْ لَوْ عَمَّرَ عُمْرَ نوح!
(7/489)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
الساب الشقي كَانَ: قيس بْن علقمة، والمسبوب: أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب - رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ الْحَرْشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ
الْمُثَنَّى عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الْحَارِثِ: أَنَّ
الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ
أَجْمَعُ مَا كَانَ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، فَدَخَلَ رَجُلٌ
يُدْعَى سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ
فَحَيَّاهُ الْمُغِيرَةُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ
رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الْكُوفَةِ يُدْعَى قَيْسَ بْنَ عَلْقَمَةَ فَاسْتَقَبَلَ
الْمُغِيرَةَ فَسَبَّ وَسَبَّ: فَقَالَ سَعِيدٌ: مَنْ هَذَا
الَّذِي يَسُبُّ يَا مُغِيرَةُ بْنَ شُعْبَةَ؟ أَلا أَسْمَعُ
أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - يُسَبُّونَ عِنْدَكَ وَلا تُغِيِّرُ؟ فَإِنِّي أَشْهَدُ
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
بِمَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاي وَوَعَاهُ قَلْبِي لَنْ أَرْوِيَ
عَلَيْهِ كَذِبًا مِنْ بَعْدِهِ يَسْأَلُنِي عَنْهُ إِذَا
لَقِيتُهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ
وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ،
وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ،
وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ " وَآخِرُ
تَاسِعِ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ
لَسَمَّيْتُهُ {فَرَجَّ أَهْلُ الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُونَهُ:
مَنِ التَّاسِعُ يَا صَاحِبَ / رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: تُنَاشِدُونِي اللَّهِ
وَاللَّهُ عَظِيمٌ: أَنَا تَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ وَرَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَاشِرُ}
وَاللَّهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاغْبَرَّ
فِيهِ وَجْهُهُ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ لو عمر عمر نوح!
(7/490)
(حديث (226) عُمَر بْن عَبْدِ اللَّهِ
التميمي - طلحة بْن عُمَرَ - عمرة بِنْت شيبة بْن جُبَيْر)
أخبرنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْقَاسِمِ
النرسي، أخبرنا أَبُو بَكْرٍ محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عن أَيُّوب عن نافع عن
نبيه ابن وهب قَالَ: بعث رَجُل من قريش إلى أبان بْن عثمان وهو
أمير الموسم يخطب إِلَيْه، فَقَالَ: ألا أراه عراقيًا جافيًا؟
المحرم لا ينكح ولا يُنكح! أخبرنا بذلك عثمان عن رَسُول
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
(7/491)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
الْقُرَشِيّ: عُمَر بْن عَبْدِ اللَّهِ التميمي، وأراد إن ينكح
ابنه وهو محرم فأنكر عَلَيْهِ أبان بْن عثمان بْن عفان، وروى
لَهُ الخبر الَّذِي سقناه.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ
الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ
الْهَاشِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
إِسْحَاقَ الْمَادَرَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
رَاشِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ
التَّيْمِيُّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ إن
ينكح ابنه وهو محرم، فَقَالَ لَهُ: أَبَانٌ: أَلا أَرَاكَ
عِرَاقِيًّا جَافِيًا؟ سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا
يَنْكِحُ الْمِحُرْمُ وَلا يُنْكَحُ ".
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر: واسم ابْن عُمَر بْن عُبَيْد
اللَّهِ الَّذِي أراد تزويجه: طلحة، والمرأة التي أراد أن
يزوجه بها: عمرة بِنْت شيبة بْن جُبَيْر.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عن نافع عن نبيه بْن
وهب أخي بني عَبْدِ الدَّارِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ
اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ
شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانِ بْنِ
عُثْمَانَ لِيُخْبِرَهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَمِيرُ الْحَاجِّ
وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبَانٌ
وَقَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا
يَنْكِحُ الْمِحُرْمُ وَلا يُنْكَحُ ولا يخطب ".
(7/492)
(حديث (227) أَبُو الجهم عَامِر بْن حذيفة
- أم شريك غزية بِنْت ودان)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْمُعَدَّلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنِ [ابْنُ] أَبِي ذِئْبٍ
عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ
فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ عَنْ أَمْرِهَا فَقَالَتْ:
طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلاثًا، فَكَانَ يَرْزُقُنِي طَعَامًا
فِيهِ شَيْءٌ {فَقُلْتُ: إِنْ كَانَتْ لِي النَّفَقَةُ
لأَطْلُبَنَّهَا وَلا أَقْبَلُ مِنْهُ هَذَا} فقال الوكيل: ليس
لك نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى {اعْتَدِّي عِنْدَ فُلانَةَ:
امْرَأةٌ كَانَتْ يَغْشَاهَا أَصْحَابُهُ. ثُمَّ قَالَ:
اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ أَعْمَى،
فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَأْذَنِينِي، فَلَمَّا انْقَضَتْ
عِدَّتُهَا آذَنَتْهُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ خَطَبَكِ؟ " قَالَتْ:
مُعَاوِيَةُ وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ} قَالَ: " أَمَّا
مُعَاوِيَةُ فَهُوَ غُلامٌ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ وَلا
شَيْءَ لَهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ سُوءٍ لا
خَيْرَ فِيهِ {انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ " فَكَرِهَتْهُ}
فَقَالَ لَهَا: " انْكِحِيهِ " فَنَكَحَتْهُ.
(7/493)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
الرَّجُلُ الَّذِي خطبها مَعَ معاوية: أَبُو الجهم عَامِر بْن
حذيفة العدوي وكان سيئ الخلق، فلهذا وصفه النَّبِيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالسوء، وكان يوصف بكثرة الضرب
للنساء، فهو معنى قول النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ -: " لا خير فِيهِ للنساء ".
وأمَّا المرأة التي قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - لفاطمة: " اعتدى عند فلانة " فهي: أم شريك،
وَيُقَال: إن اسمها غزية بِنْت ودان بْن عوف بن عمرو بن عامر
ابن رواحة بْن منقذ بْن عَامِر بْن لؤي بْن غالب.
الحجة فيما ذكرنا: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ (ح)
وَأَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُمْ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ
أَبِي الْجَهْمِ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ نَسْأَلُهَا
عَنْ حَدِيثِهَا فَقَالَتْ: نَعَمْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي
ثَلاثًا وَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلا نَفَقَةً،
فَأَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ لَمْ
يَجْعَلْ سُكْنَى وَلا نَفَقَةً {فَقَالَ: / " صَدَقَ،
وَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ " ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ
بَيْتَ أُمِّ شَرِيكٍ مُغْشًى} وَلَكِنِ اعْتَدِّي فِي بَيْتِ
ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، وَعَسَى أَنْ
تَنْزَعِي ثِيَابَكِ {" فَفَعَلْتُ. قَالَتْ: فَلَمَّا
انْقَضَتْ عِدَّتِي خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمٍ،
فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: " أَمَّا مُعَاوِيَةُ
فَرَجُلٌ لا مَالَ لَهُ، وَأَبُو الْجَهْمِ رَجُلٌ شَدِيدٌ
عَلَى النِّسَاءِ " قَالَتْ: فخطبني أسامة فتزوجته فبارك الله
لي}
(7/494)
(حديث (228) ماعز بْن مَالِك - فاطمة أمة
هزال)
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلادٍ الْعَطَّارُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
رَجَمَ رَجُلا مِنْ أَسْلَمَ وَرَجُلا وَامْرَأَةً مِنَ
الْيَهُودِ.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ:
اسم الأسلمي هَذَا: ماعز بْنِ مَالِكٍ.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا
حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هريرة قال: جاء ماعز ابن مَالِكٍ
الأَسْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي
قَدْ زَنَيْتُ {فَأَعْرَضَ عَنْهُ} ثُمَّ جَاءَ مِنْ شِقِّهِ
الأَيْمَنِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ زنيت!
(7/495)
فَأَعْرَضَ عَنْهُ {ثُمَّ جَاءَ مِنْ
شِقِّهِ الأَيْسَرِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ
زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ} ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ
زَنَيْتُ {قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ} فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
انْطَلِقُوا بِهِ، فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ
يَشْتَدُّ {فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فِي يَدِهِ لَحْيُ جَمَلٍ
فَضَرَبَهُ بِهِ فَصَرَعَهُ} فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَوَاهُ حِينَ
مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ {قَالَ: " فَهَلا تَرَكْتُمُوهُ} "
والمرأة التي زنى بها ماعز كانت: أمة لهزال واسمها فاطمة.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي
بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ نيخاب
الطَّيْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى
... قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانٌ
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرحمن عن نعيم ابن هَزَّالٍ: أَنَّ هَزَّالًا كَانَ
اسْتَرْجَمَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ لَهُمْ جَارِيَةٌ
قَدْ أَمَرُوهَا تَرْعَى غَنَمًا لَهُمْ يُقَالُ لَهَا
فَاطِمَةُ، وَأَنَّ مَاعِزًا وَقَعَ عَلَيْهَا، فَأَخَذَ
بِيَدِهِ هَزَّالٌ فَخَدَعَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَأَخْبِرْهُ، فَعَسَى أَنْ يَنْزِلَ فِيكَ قُرْآنٌ {فَأَمَرَ
بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَرُجِمَ، فَلَمَّا عَضَّهُ مَسُّ الْحِجَارَةِ انْطَلَقَ
يَسْعَى، فَاسْتَقَبَلَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ بَعِيرٍ - أَوْ
قَالَ: بِسَاقِ بَعِيرٍ - فضربه} فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا هَزَّالُ، لَوْ كُنْتَ
سَتَرْتَهُ بثوبك كان خيرا لك! ".
(7/496)
(حديث (229) أم سَلَمة - بادية بِنْت غيلان
- هيت - ماتع - هدم)
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
مَعْقِلٍ ... قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هُوَ
الذُّهْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ على
(7/497)
أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُخَنَّثٌ، فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ
غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ
نِسَائِهِ، وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: إِنَّهَا
إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ
أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا
هَاهُنَا {لا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ هَذَا} " فَحَجَبُوهُ {
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر الحافظ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
أم المؤمنين التي وجد النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - المخنث عندها هي: أم سَلَمة بِنْت أَبِي أُمَيَّة
المخزومي.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قُرِئَ
عَلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ،
حَدَّثَكُمْ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ
أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ عِنْدَهَا وَفِي
الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ الْمُخَنَّثُ لأَخِي أُمِّ
سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ
لَكُمُ الطَّائِفَ فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلانَ،
فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا
يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُمْ} ".
واسم بِنْت غيلان التي وصفها المخنث: بادية.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي
بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَخَلَ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ
فَوَجَدَ عِنْدَهَا مُخَنَّثًا وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: لَوْ قَدْ فَتَحْنَا الطَّائِفَ
لآتَيْتُكَ بَادِيَةَ بِنْتُ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ
بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا تَدْخُلَنَّ هَذَا
عَلَيْكُمْ! "
واسم المخنث: هيت، وقيل: ماتع.
أَمَّا مَنْ قَالَ: اسْمُهُ: هِيتٌ فَأَخْبَرَنَا / الْحَسَنُ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ:
(7/498)
حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ: حَدَّثَنَا
هِشَامُ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ
أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْتَ أُمِّ
سَلَمَةَ وَعِنْدَهَا مُخَنَّثٌ، فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُولُ
لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ
أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا
فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ
بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بثمان. فقال النبي -: " لا تدخلن
عَلَيْكُمْ هَذَا {" قَالَ ابْنُ جريج: اسمه هيت.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْر: والحاكي عن ابْنِ جريج هُوَ:
سُفْيَان بْن عيينة.
وأمَّا من سمي المخنث: ماتعا فَأْخَبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّل قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الضَّبِّيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ
يَزِيدَ عَنْ مُوسَى بْنِ عبد الرحمن بن عَيَّاشِ بْنِ أَبِي
رَبِيعَةَ قَالَ: كَانَ الْمُخَنَّثُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلاثَةً:
مَاتِعٌ، وَهَدْمٌ، وَهَيْتٌ. قَالَ: فَكَانَ مَاتِعٌ
لِفَاخِتَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ عَابِدٍ خَالَةِ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ
يَغْشَى بُيُوتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَيَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ، حَتَّى إِذَا حَاصَرَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الطَّائِفَ، سَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُولُ لِخَالِدِ بْنِ
الْوَلِيدِ: إِنِ افْتَتَحْتَ الطَّائِفَ غَدًا فَلا
تَتَفَلَّتَنَّ مِنْكَ بَادِيَةُ بِنْتُ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا
تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَذَا
الْخَبِيثُ تَفَطَّنَ لِهَذَا} لا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ
بَعْدَ هَذَا {" لِنِسَائِهِ} ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قافلا، حتى إذا كَانَ
بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ: " لا يَدْخُلَنَّ الْمَدِينَةَ {"
وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - الْمَدِينَةَ فَكُلِّمَ فِيهِ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ
مِسْكِينٌ وَلا بُدَّ لَهُ مِنْ شَيْءٍ} فجَعَلَ لَهُ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا فِي
كُلِّ سَبْتٍ يَدْخُلُ فَيَسْأَلُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى
مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فِي عَهْدِ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبِي
بَكْرٍ وَعَلَى عَهْدِ عُمَرَ - قَالَ: وَأَبْقَى رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَاحِبَيْهِ
مَعَهُ: هَدْمٌ وَالآخَرُ هِيتٌ.
(7/499)
(حديث (230) عَبْد اللَّهِ بْن جحش بْن
رئاب - مصعب بْن عمير)
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ جُحَيْشٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ
جَحْشٍ قَالَ: قِيلَ لَهَا: قُتِلَ أَخُوكِ {قَالَتْ: رَحِمَهُ
اللَّهُ وَإِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
وَقَالُوا: قُتِلَ زَوْجُكِ {قَالَتْ: وَاحُزْنَاهُ} فَقَالَ -
يَعْنِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
إِنَّ لِلزَّوْجِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَشُعْبَةٌ مَا هِيَ
لِشَيْءٍ! ".
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ -: هَذِهِ القصة كانت يَوْم أحد.
وأخو حمنة المقتول: عَبْد اللَّهِ بْن جحش بْن رئاب بْنِ
يَعْمُرَ بْنِ صَبْرَةَ بْنِ كَثِيْر بْن غنم بْن دودان بْن
أسد بْن خزيمة، وهو أول أمير أمر فِي الإسلام.
وزوج حمنة كَانَ: مصعب بْن عمير من بني عَبْد الدار، وهو حامل
لواء رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
يَوْمَ أُحُدٍ:
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ
الأَزْهَرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أبي حمنة قال:
(7/500)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ
الثَّلْجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ
الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ
قِصَّةَ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ: وقال عبد الله بْنُ جَحْشٍ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ قَدْ نَزَلُوا حَيْثُ
تَرَى، وَقَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقُلْتُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ
غَدًا فَيَقْتُلُونَنِي وَيَبْقُرُونَنِي وَيُمَثِّلُونَ بِي،
وَأَلْقَاكَ مَقْتُولًا قَدْ صُبِغَ هَذَا بِي، فَتَقُولُ
فِيمَ صُنِعَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ: فِيكَ {وَأَنَا
أَسْأَلُكَ أَجْرِي أَنْ تَلِيَ تَرِكَتِي مِنْ بَعْدِي}
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " نَعَمْ "، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ
وَمُثِّلَ بِهِ كُلَّ الْمَثَلِ، وَدُفِنَ هُوَ وَحَمْزَةُ فِي
قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَوَلِي تَرِكَتَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاشْتَرَى لابْنِهِ مَالا
بِخَيْبَرَ، وَأَقْبَلَتْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ وَهِيَ
أُخْتُهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا حَمْنُ احْتَسِبِي {" قَالَتْ:
مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " خَالُكِ حَمْزَةُ} "
قَالَتْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه راجعون - غَفَرَ
اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ - هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ {ثُمَّ
قَالَ: " احْتَسِبِي} " قَالَتْ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: " أَخُوكِ {" قَالَتْ: إِنَّا لِلَّهِ وإنا إليه
راجعون} - غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ - وَهَنِيئًا لَهُ
الشَّهَادَةُ {ثُمَّ قَالَ: " احْتَسِبِي} " قَالَتْ: مَنْ يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ {" قَالَتْ:
وَاحُزْنَاهُ} وَيُقَالُ: إِنَّهَا قَالَتْ: وَاعَقْرَاهُ
{فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: " إِنَّ لِلزَّوْجِ مِنَ الْمَرْأَةِ مَكَانًا ما هو
لأحد} ".
آخر الجزء السابع يتلوه الثامن منه مبدؤه (حديث)
(7/501)
(كتاب الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة
الجزء الثامن بتجزئة المؤلف)
(8/503)
صفحة فارغة
(8/504)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حديث (231) تميمة أو سهيمة: امْرَأَة رفاعة القرظي - عَبْد
الرَّحْمَنِ بْن الزُبَيْر)
حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
عَلِيّ بْن ثابت الخطيب الحافظ البغدادي قراءة بلفظه من أصله
بِدِمَشْقَ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ
عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
الإِسْمَاعِيلِيُّ، حَدَّثَكُمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ،
أَخْبَرَكَ ابْنُ يَامِينَ قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ بْنُ بَشَّارٍ قالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً من بني قريظة تزوجها
(8/505)
وتزوجها آخر، فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
- مَا مَعَهُ إِلا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ {فَقَالَ: " لا
حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ " قَالَ
بُنْدَارٌ: " حَتَّى تَذُوقِي مِنْ عُسَيْلَتِهِ " فَقَطْ.
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
هَذِهِ امْرَأَة رفاعة القرظي لما طلقها رفاعة تزوجها بعد
عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الزُبَيْر، فأرادت أن تفارقه وتراجع
رفاعة، فَقَالَ لها رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - هَذَا القول.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو عُمَرَوَ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ
سَنَةَ أربع وأربعين وثلاثمائة قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عِيسَى بْنِ حِبَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقَرَظِيُّ إِلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَتْ:
إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي وَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُبَيْرِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ
هَدْبَةِ الثَّوْبِ} فَقَالَ: " أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي
إِلَى رِفَاعَةَ؟ لا: حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ
عُسَيْلَتَكِ! " وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ
بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا
بَكْرٍ، أَلا تَسْمَعُ هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ: اسم هَذِهِ المرأة
تميمة، وقيل: سهيمة بِنْت وهب بْن عُبَيْد.
أما من سماها تميمة فَأَخْبَرَنا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ
(ح)
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
السِّمْسَارُ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ شَاذَانَ
وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم
(8/506)
الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ
عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقَرَظِيِّ
عَنِ الزُبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُبَيْرٍ:
أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْءَلٍ - وَقَالَ ابْنُ شَاذَانَ
الْعَلافُ -: ابْنُ سَمَوْءَلٍ - وَلَمْ ينسبه مُحَمَّد بْن
إدريس الشَّافِعِيّ، وقالوا -: طلق - زاد الْقَعْنَبِيّ
(امرأته) ثُمَّ اتفقا - تميمة بِنْت وهب فِي عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلاثًا،
فَنَكَحَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُبَيْرِ فَاعْتَرَضَ
عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا،
فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَهُوَ زَوْجُهَا
الأَوَّلُ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا، فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَهَاهُ أَنْ
يَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ: " لا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ
الْعُسَيْلَةَ ".
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ: وهكذا رَوَاهُ عن
مَالِك كافة أصحابه فِي كتاب الموطأ وغيره. والزبير الَّذِي
روى عَنْهُ المسور بْن رفاعة - وهو بضم الزاي وفتح الباء -
وأمَّا جَدّه والد عَبْد الرَّحْمَنِ فهو: الزَبِير بفتح الزاي
وكسر الباء.
وأمَّا من سمى هَذِهِ المرأة سهيمة فَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
الصَّيْدَلانِيُّ بِأَصْبَهَانَ قَالَ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو
الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ
الطَّبَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ
الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمَرْأَةَ
الَّتِي طَلَّقَ رِفَاعَةُ الْقُرْظِيُّ اسْمُهَا: سُهَيْمَةُ
بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ وَكَانَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ.
(8/507)
(حديث (232) عبد اللَّهِ بْن أَبِي - معاذة
- مسيكة)
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ
الْقُرَشِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُوسَى الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَوْدُودٍ الْحَرَّانِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شُعَيْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ
مَعْدَانَ قَالا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَعْيَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلٌ عَنْ أبي الزبير قال:
حدثني جابر: أن جَارِيَةٌ كَانَتْ لِبَعْضِ الأَنْصَارِ،
فَجَاءَتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدِي يُكْرِهُنِي عَلَى الْبِغَاءِ!
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ
عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [32: النور]
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
هَذَا الرجل المنسوب إلى الأنصار هُوَ: عَبْد اللَّهِ بْن
أَبِي سلول رأس المنافقين.
الحجة / فِي ذلك: ما أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ:
أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دعلج الْمُعَدَّل
قَالَ: أخبرنا محمد
(8/508)
ابن عَلِيّ بْن زَيْد الصائغ قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِد
يعني ابْن عَبْدِ اللَّهِ الواسطي عن حصين عن أبي مالك في
قولُه - عزَّ وجلَّ -: {وَلا تُكْرِهُوا فتياتكم على البغاء}
قَالَ: نزلت فِي عَبْد اللَّهِ بْن أبي سلول، وكانت لَهُ جارية
تكتسب عَلَيْهِ، فأسلمت وحسن إسلامها فأرادها أن تفعل كما كانت
تفعل فأبت عَلَيْهِ {
أخبرنا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَان عن جَابِر
فِي قولُه - تبارك وتعالى -: {وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ
اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [32:
النور] قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي يَقُولُ لجارية
لَهُ: اذهبي فابغينا شيئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ
أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بعد
إكراههن غفور رحيم} لهن.
أخبرنا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ الْقَطَّان قَالَ: أخبرنا
دعلج بْن أَحْمَدَ قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْنِ
زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن عكرمة: أن
عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي كَانَ لَهُ أمتان: مسيكة ومعاذة، فكان
يكرههما عَلَى الزنى} فَقَالَتْ إحداهما: إن كَانَ خيرًا فقد
استكثرنا مِنْهُ، وإن كَانَ غير ذلك فإنه ينبغي لي أن أدعه!
فأنزل اللَّه تَعَالى: {وَلا تكرهوا فتياتكم على البغاء}
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ: وَيُقَال: إن الآية
أنزلت فِي مسيكة خاصة.
الحجة فِي ذَلِكَ: ما أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ غانم بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي العلاء الأديب
بِأَصْبَهَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ الفضل بن شهريار
(8/509)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ
بْن يَحْيَى بْن ... قَالَ: أخبرنا قال: حدثنا ابن أبي عبيدة
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عن الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ
عَنْ حاتم قَالَ: كانت جارية لعبد اللَّه بْن أُبي يُقال لها:
مسيكة، فأكرهها، فأتت النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فشكت، فأنزل اللَّه تَعَالى: {وَلا تُكْرِهُوا
فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا
لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدنيا} .
(8/510)
(حديث (233) حمل بْن مَالِك بْن النابغة -
مليكة - عطيف)
أَخْبَرَنِي أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ
السُّكَّرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ
الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْن حَيْوَةَ
الْخَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَعِيدُ
بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ
أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ
أَبِيهِ أُسَامَةَ الْهُذَلِيِّ - وَكَانَ قَدْ صَحِبَ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:
كَانَ ذَلِكَ فِينَا: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ
ضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِعَمُودٍ فَقَتَلَتْهَا
وَقَتَلَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَرْأَةِ
بِالدِّيَةِ وَفِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ
{فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْقَاتِلَةِ: كَيْفَ نَعْقِلُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ، وَلا صَاحَ
فَاسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ} فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أسجاع أنت؟
".
(8/511)
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
اسم الرجل: حمل بْن مَالِك بْن النابغة الهذلي.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ
مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلانِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ
إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بحجر فقتلتها وَمَا فِي بَطْنِهَا،
فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا
غُرَّةَ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ
عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهُمْ،
فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ، وَلا
نَطَقَ وَلا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ {فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
إِنَّما هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ} " مِنْ أَجْلِ
سَجْعِهِ.
واسم إحدى المرأتين: مليكة، واسم الأخرى: عطيف، وَيُقَال: أم
عطيف. كذلك أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ،
وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ
الْعَلافُ. قَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا، وقَالَ عُثْمَانُ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ
الْحَسَنِ النَّجَّادُ قَالَ: قُرِئَ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: / حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنْ
سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ:
كانت امرأتان
(8/512)
ضُرَّتَانِ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا سَحْبٌ،
فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَأَسْقَطَتْ غُلامًا قَدْ
نَبَتَ شَعْرُهُ مَيِّتًا وَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ، فَقَضَى
عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ [قَالَ] عَمُّهَا: إِنَّهَا
قَدْ أَسْقَطَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ غُلامًا قَدْ نَبَتَ
شَعْرُهُ {قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْقَاتِلَةِ: إِنَّهُ
لَكَاذِبٌ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ} مَا اسْتَهَلَّ،
وَلا عَقَلَ، وَلا أَكَلَ وَلا شَرِبَ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ
{فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -: " أَسَجْعُ الْجَاهِلِيَّةِ وَكَهَانَتُهَا؟ أَدِّ
بِالصَّبِيِّ غُرَّةً " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ اسْمُ
إِحْدَاهُمَا: مُلَيْكَةَ، وَالأُخْرَى عُطَيْفَ.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللؤلؤي، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْدِ الرَّحْمَن
التمار، أن عَمْرو بْن طلحة حدثهم قَالَ: حَدَّثَنَا أسباط
بإسناده - نحوه - قَالَ فِي آخره: والأخرى: أم عطيف.
وَرُوِي أَنَّ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ أُمُّ عُطَيْفَ
وَالأُخْرَى أُمُّ مُكَلَّفٍ. كَذَلِكَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّسْتِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي
السَّرِيُّ بْنُ سَهْلٍ الْجُنْدَيَسَابُورِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدَةَ مُجَّاعَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ: أَنَّ حَمَلَ بن مالك ابن النَّابِغَةَ
كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ تُسَمَّى إِحْدَاهُمَا: أُمَّ
عُطَيْفَ وَالأُخْرَى أُمَّ مكلف، فضربت إِحْدَاهُمَا
الأُخْرَى بِفُسْطَاطٍ - أَوْ قَالَ: بِحَجَرٍ - فَمَاتَتْ
وَأَلْقَتْ جَنِينًا} فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَضَى عَلَى عَاقِلَةِ
الْمَرْأَةِ دِيَتَهَا وَقَضَى فِي الْجَنِيِن غُرَّةً:
عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ مِائَةً مِنَ الشَّاءِ. فَقَالَ
رَجُلٌ مِنْ عَاقِلَةِ الْمَرْأَةِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ
لا أَكِلَ وَلا شَرِبَ وَلا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ، أَلَيْسَ
مِثْلَ هَذَا يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَسَجَّاعٌ أَنْتَ؟ " أَوْ
قَالَ: " سَجْعٌ كسجع الجاهلية! "
(8/513)
وذكر أن الضاربة هِيَ أم عفيف بِنْت مسروح،
والمضروبة هِيَ مليكة بِنْت ساعدة الهذلي.
أَخْبَرَنَا ذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْن عِيسَى الوزير
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد
العزيز الْبَغَوِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبَّادٍ
الْمَكِّيُّ - وَأَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
الْفَتْحِ الْحَرْبِيُّ قَالَ: أخبرنا عمر ابن أَحْمَدَ بْنِ
عُثْمَانَ الْوَاعِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي
خَيْثَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ
الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ
بْنِ ... عَنْ عَمْرِو بْنِ تَمِيمِ بْنِ عُوَيْمِرٌ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَتْ أُخْتِي مُلَيْكَةُ
وَامْرَأَةٌ مِنَّا يُقَالُ لَهَا: أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ
مَسْرُوحٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ تَحْتَ رَجُلٍ
مِنَّا يُقَالُ لَهُ: حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ
أَحَدُ بَنِي هُذَيْلٍ، فَضَرَبَتْ أُمُّ عَفِيفٍ ابْنَةُ
مَسْرُوحٍ مُلَيْكَةَ بِمِسْطَحِ بَيْتِهَا وَهِيَ حَامِلٌ
فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى فِيهَا رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالدِّيَةِ،
وَفِي جَنِينِهَا بِغُرَّةِ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ
وَلِيدَةً {فَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ مَسْرُوحٍ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَنَغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ، وَلا نَطَقَ
وَلا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ} فَقَالَ النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَسَجَّاعٌ سَائِرَ
الْيَوْمِ؟ " - لفظهما سواء إلا فِي الحرف الَّذِي بينته.
(8/514)
(حديث (234) عقبة بْن الحارث - أم يَحْيَى
بِنْت إهاب)
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ
الْقَاسِمِ النَّرْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا وَالْهَيْثَمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ
ابْنِ أَبِِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِنْتَ
عَمٍّ لِي، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ:
إِنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا وَلَيْسَتْ بِعَدْلٍ {قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ " فَرَدَّهُ عَلَيْهِ} قَالَ:
فَفَارِقَهَا وَنَكَحَتْ غَيْرَهُ.
قَالَ الشيخ الحافظ:
(8/515)
هَذَا الرجل: عقبة بْن الحارث بْن عَامِر
بْن عَبْدِ مناف أَبُو سروعة الْقُرَشِيّ.
الحجة فِي ذلك: مَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ العزيز ابن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ اللُّؤْلُؤِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ الْمَعْرُوفُ بِالدَّبَرِيِّ
بِصَنْعَاءَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ -
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ عُقْبَةَ
أَيْضًا - قَالَ: تَزَوْجَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَتْ
أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا
جَمِيعًا {قَالَ: فَأَتَيْتُ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ،
وَقُلْنَا: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ} فَأَعْرَضَ عَنِّي {ثُمَّ
تَحَوَّلْتُ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنَّهَا كَاذِبَةٌ} قَالَ: " فَكَيْفَ / تَصْنَعُ
بِقَوْلِ هَذِهِ؟ دَعْهَا عَنْكَ {".
قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ يَقُولُ: قَالَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيْفَ
بِكَ وَقَدْ قِيلَ؟ ".
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
واسم المرأة التي تزوجها عقبة: أم يَحْيَى بِنْت أبي إهاب بْن
عزيز التميمي.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ الإِسْمَاعِيلِيِّ، أَخْبَرَكَ الْحَسَنُ
بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ عَنِ ابْنِ
الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ
اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ
عُقْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَكَحَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أبي
إهاب، فقالت سَوْدَاءُ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا} فَجِئْتُ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرْتُ
ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " كَيْفَ وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ ".
(8/516)
(حديث (235) عائشة - أم سَلَمة - زينب -
صفية)
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الْحَرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الصَّاغَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
هُوَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا
حُمَيْدٌ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنَّاطُ الأَزَجِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ يَعْقُوبُ
الْمُفِيدُ بِجرجرايا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السَّفْطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ - وَسَاقَ
الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِهِ - قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي
بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الإِسْمَاعِيلِيِّ،
أَخْبَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَحَدَّثَكُمُ
ابْنُ أَبِي عَوْنٍ النَّسَوِيُّ قَالَ: حدثنا أبو بشر ابن
خَلَفٍ قَالا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ:
حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَ
بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ
الْمُؤْمِنِينَ صَحْفَةً فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي
فِي بَيْتِهَا يَدُ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ
وَانْفَلَقَتْ {فَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفَلْقَتَيْنِ، ثُمَّ جَعَل فِيهَا
الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: "
غَارَتْ أُمُّكُمْ} " وَحَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أَتَى
بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ
الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ
الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ.
(8/517)
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
أم المؤمنين: التي كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بيتها: عَائِشَة بِنْت أَبِي بَكْر
الصديق، والتي أرسلت إلى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - الصحفة اختلف فيها. فقيل: هِيَ أم سَلَمة بِنْت
أَبِي أُمَيَّة، وقيل: هِيَ زينب بِنْت جحش، وقيل: هِيَ صفية
بِنْت حيي - رضوان اللَّه عليهن.
فأمَّا من قَالَ: هِيَ أم سَلَمة فَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ
مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أسد
بْن مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّهَا جَاءَتْ بِطَعَامٍ فِي صَحْفَةٍ لَهَا إِلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَأَصْحَابِهِ، فَجَاءَتْ عَائِشَةُ فِي كِسَاءٍ وَمَعَهَا
فِهْرٌ فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ! فجمع
(8/518)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - بَيْنَ فَلْقَيِ الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: " كُلُوا
غَارَتْ أُمُّكُمْ {" مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَحْفَةَ
عَائِشَةَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَعْطَى
صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ}
وأمَّا من قَالَ: هِيَ زينب فَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ
الْمُعَدَّلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ
جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ أَنَّ زَيْنَبَ
ابْنَةَ جَحْشٍ أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ
وَيَوْمِهَا جَفْنَةً مِنْ حَيْسٍ، فَقَامَتْ عَائِشَةُ
فَأَخَذَتِ الْقَصْعَةَ فَضَرَبَتْ بِهَا وَمَا فِيهَا
الأَرْضَ فَكَسَرَتْهَا {فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى قَصْعَةٍ لَهَا،
فَدَفَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - إِلَى زَيْنَبَ وَقَالَ: " هَذِهِ لَهَا مَكَانَ
صَحْفَتِهَا} " وَقَالَ لِعَائِشَةَ: " لَكِ الَّتِي
كَسَرْتِهَا {"
وأمَّا من قَالَ: هِيَ صفية فَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو
عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي
فَلِيتٌ الْعَامِرِيُّ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ
قَالَتْ: قَالَتْ: عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ صَانِعًا طَعَامًا
قَطُّ مِثْلَ صَفِيَّةَ صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فبعثت فأخذني أفكل فَكَسَرْتُ
الإِنَاءَ} فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ مَا
صَنَعْتُ؟ قَالَ: " إِنَاءٌ مِثْلُ إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مثل
طعام! ".
(8/519)
(حديث)
(236) زينب بِنْت عثمان بْن مظعون - خولة بِنْت حكيم بْن
أُمَيَّة
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العباس محمد ابن
يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحكيم الْمَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي فَدِيكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عن عمر بن حنين
عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَزَوَّجَ بِنْتَ خَالِهِ
عُثْمَانَ / بْنَ مَظْعُونٍ، قَالَ: وَذَهَبَتْ أُمُّهَا إِلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَتْ:
إِنَّ ابْنَتِي تَكْرَهُ ذَلِكَ {فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يُفَارِقَهَا
فَفَارَقَهَا} وَقَالَ: " لا تَنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى
تَسْتَأْمِرُوهُنَّ، فَإِذَا سَكَتْنَ فَهُوَ إِذْنُهُنَّ "
فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ
شُعْبَةَ.
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ:
اسم هَذِهِ الجارية: زينب بِنْت عثمان بْن مظعون، وأمها التي
أخبرت النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
كراهيتها تزويج عَبْد اللَّهِ بها هِيَ: خولة بِنْت حكيم بْن
أُمَيَّة.
الحجة فِي ذَلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ عبد الملك القرشي قال:
(8/520)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ
الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ عَلِيُّ
بْنُ حُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ
عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: تَزَوَّجَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ زَيْنَبَ بِنْتَ عُثْمَانَ بْنِ
مَظْعُونٍ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا، زَوَّجَهُ إِيَّاهَا
عَمُّهَا قُدَامَةُ بْنُ َمْظُعونٍ، فَأَرْغَبَهُمُ
الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي الصَّدَاقِ، فَقَالَتْ أُمُّ
الْجَارِيَةِ لِلْجَارِيَةِ: لا تُجِيزِي {فَكَرِهَتِ
الْجَارِيَةُ النِّكَاحَ، فَأَعْلَمَتْ رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ هِيَ وَأُمُّهَا،
فَرَدَّ نِكَاحَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَنَكَحَهَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ.
وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا علي ابن عُمَرَ بْنِ
أَحْمَدَ قَالَ: قُرِئَ عَلَى ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ
وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ
الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ
حُسَيْنٍ مَوْلَى آلِ حَاطِبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَتَرَكَ
بِنْتًا لَهُ مِنْ خولة بِنْت حكيم بْن أُمَيَّة، وَأَوْصَى
إِلَى أَخِيهِ قُدَامَةَ وَهُمَا خَالاي، فَخَطَبْتُ إِلَى
قُدَامَةَ بِنْتَ عُثْمَانَ فَزَوَّجْنِيهَا، وَدَخَلَ
الْمُغِيرَةُ إِلَى أُمِّهَا فَأَرْغَبَهَا فِي الْمَالِ،
فَحَطَّتْ إِلَيْهِ، وَحَطَّتِ الْجَارِيَةُ إِلَى هَوَى
أُمِّهَا، حَتَّى ارْتَفَعَ أَمْرُهُمْ إِلَى رَسُولُ اللَّهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ قُدَامَةُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنَةُ أَخِي} وَأَوْصَى بِهَا إِلَيَّ
فَزَوَّجْتُهَا بِابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ أُقَصِّرْ بِالصَّلاحِ
وَالْكَفَاءَةِ، وَلَكِنَّهَا امْرَأَةٌ وَإِنَّهَا حَطَّتْ
إِلَى هَوَى أُمِّهَا {فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هِيَ يَتِيمَةٌ لا تُنْكَحُ
إِلا بِإِذْنِهَا} "، فَانْتُزِعَتْ مِنِّي وَاللَّهِ بَعْدَ
أَنْ مَلَكْتُهَا فَزَوَّجُوهَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شعبة!
(8/521)
(حديث (237 رايطة بِنْت عَبْد اللَّهِ -
أَوْ زينب امْرَأَة ابْن مَسْعُود - زينب امْرَأَة أَبِي
مَسْعُود عقبة بْن عَمْرو)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الأَنْمَاطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ
الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْلَى
الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ
عَنِ الأَبْيَضِ بْنِ الأَغَرِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ
الأَصْبَغِ بْنِ نَبَاتَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ إِلَى
بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَتْ: سَلِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ الأُوَلِ عِنْدَهَا صَدَقَةٌ مِنْ مَالِهَا،
أَرَادَتْ أن تضعه في أَقَارِبَهَا، وَاكْتُمِي عَلَيَّ
{فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهَا
وَلَهَا أَجْرَانِ} "
هَذِهِ المرأة المهاجرة زَوْجَة عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود.
الحجة في ذلك: مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ الْفَسَوِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَاصِمٍ
عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَب
بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّةِ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ:
أن رسول
(8/522)
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - خَرَجَ عَلَى نِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِيهِنَّ
زَيْنَبُ وَهِيَ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: " يَا
نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ
{" قَالَتْ: فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: إِنَّ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ: كَيْتَ وَكَيْتَ، وَلِي بَنُو أَخٍ وَأَنْتَ زَوْجِي}
فَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْكُمْ تُجْزِئُ عَنِّي
بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ وَإِلا تَصَدَّقْتُ {فَاسْأَلِ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَا}
فَقَالَ: إِنِّي لأَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ فَأَنْتِ
فَسَلِيهِ {قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ
الأَنْصَارِ حَاجَتُهَا حَاجَتِي} فَخَرَجَ بِلالٌ مِنْ عند
(8/523)
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَقَلْتُ لَهُ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ
وَأَخْبِرْهُ: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ تَقُولانِ كَذَا وَكَذَا
{فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " عَلَيْكُمَا
السَّلامُ " وَهُوَ يَقُولُ: " إِنَّ صَدَقَةً تُضَعَّفُ
ضِعْفَيْنِ: ضِعْفَ الْقَرَابَةِ وَضِعْفَ الصَّدَقَةِ ".
وهذه الرواية في أن بلالًا استفتى لها رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أصح مما ذكر فِي الحديث
الأول.
والمرأة الأخرى المذكورة فِي هَذَا الحديث هِيَ امْرَأَة أَبِي
مَسْعُود عقبة بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ.
كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المظفر المصري
فيما أجاز لي، وَحَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ حَزْمٍ
الأَنْدَلُسِيُّ عَنْهُ قَالَ: / حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الزَّارِعُ قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي
ابْنَ يَزِيدَ النَّخَعِيَّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: انْطَلَقَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ
وَامْرَأَةُ أَبِي مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
تَكْتُمُ صَاحِبَتَهَا أَمْرَهَا، فَأَتَيَتَا الْحُجْرَةَ،
فَقَالَتَا لِبِلالٍ: إبت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقل: امْرَأَتَانِ لإِحْدَاهُمَا فَضْلُ
مَالٍ وَفِي حِجْرِهَا بَنُو أَخٍ لَهَا أَيْتَامٌ} وَقَالَتِ
الأُخْرَى: إِنَّ لِي فَضْلُ مَالِي وَلِي زَوْجٌ خَفِيفٌ
ذَاتُ الْيَدِ {فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَهُمَا كِفْلانِ} ".
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر:
اسم امْرَأَة أَبِي مَسْعُود أيضًا: زينب.
كَذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ
الثَّقَفِيَّةِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ
لِلنِّسَاءِ: " تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ
(8/524)
حُلِيِّكُنَّ {" فَقَالَتْ زَيْنَبُ
لِعَبْدِ اللَّهِ: أيجزي عَنِّي أَنْ أَضَعَ صَدَقَتِي فِيكَ
وَفِي بَنِي أَخِي وَأُخْتِي أَيْتَامٍ؟ وَكَانَ عَبْدُ
اللَّهِ خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ} فَقَالَ: سَلِي عَنْ ذَلِكَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَتْ
زَيْنَبُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ
يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ تَسْأَلُ عَمَّا جِئْتُ أَسْأَلُ
عَنْهُ {فَخَرَجَ إِلَيْنَا بِلالٌ، فَقُلْنَا لَهُ: سَلْ
رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلا
تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ} أَيُجْزِئُ عَنِّي أَنْ أَضَعَ
صَدَقَتِي بَنِي أَخِي أَيْتَامٍ أَوْ بَنِي أُخْتِي أَيْتَامٍ
فِي حِجْرِي؟ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " أَيُّ
الزَّيَانِبِ هِيَ؟ " فَقَالَ: زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ
اللَّهِ وَزَيْنَبُ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "
أَخْبِرْهُمَا أَنَّ لَهُمَا أَجْرَيْنِ: أَجْرَ الْقَرَابَةِ
وَأَجْرَ الصَّدَقَةِ {".
قَالَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ تَخْتَلِفِ
الرِّوَايَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ اسْمَ
امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود: زَيْنَبُ. وَقَالَ
غَيْرُهُ: اسمها ريطة، وَقِيلَ: رَائِطَةُ بِنْتُ عَبْدِ
اللَّهِ. فَمِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ بِذَلِكَ: مَا
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى
الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَصْرِيُّ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عياض عن هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ
أَبِيهِ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عن ريطة بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ امْرَأَةِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَكَانَتِ امْرَأَةً
صَنَّاعًا وَلَيْسَ لِعَبْدِ الله بن مسعود مال، وكان تُنْفِقُ
عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ ثَمَنِ صَنْعَتِهَا، قَالَتْ:
وَاللَّهِ لَقَدْ شَغَلَتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ عَنِ
الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ}
قَالَ: فَمَا أُحِبُّ أَنْ لَمْ يَكُنْ لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ
أَنْ تَفْعَلِي {فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هِيَ وَهُوَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا
وَأَشْتَرِي، وَلا لِوَلَدِي وَلا لِزَوْجِي، فَشَغَلُونِي
فَلا أَتَصَدَّقُ} فَهَلْ لِي فِي ذَلِكَ أَجْرٌ؟ فَقَالَ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَكِ فِي ذَلِكَ
أَجْرٌ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ فَأَنْفِقِي عَلَيْهِمْ! "
أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْحَرْبِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الواعظ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُود الزبيري قَالَ: أخبرنا محمد
بن عبد الحكم بإسناده مثله إلا أَنَّهُ قَالَ: عن عُبَيْد
اللَّهِ بْن عبد الله عن ريطة.
(8/525)
كتب إليَّ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عثمان
الدمشقي، وحدَّثني عَبْد العزيز بْن أَبِي طَاهِر الصوفي
عَنْهُ قَالَ: أخبرنا عليّ بْن يَعْقُوبَ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن
أَبِي العقب قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زرعة عَبْد الرَّحْمَنِ
بْن عَمْرو قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي
أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عن هشام بْن عروة عن أَبِيهِ
أن عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْدِ اللَّهِ أخبره عن رائطة ابْنَة
عَبْد اللَّهِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود - وكانت
امرأة صناعًا - ثُمَّ ساق مثل حديث أنس بْن عياض سواء.
أخبرنا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مخلد الوراق والحسين بْن جعفر
السلماسي وعلى ابن المحسن التنوخي وعبد الكريم المطرز قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
كَيْسَانَ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ
يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بْن غياث
قَالَ: أخبرنا حَمَّاد بْن سَلَمة قَالَ: أخبرنا هشام بْن عروة
عن عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبْدِ اللَّهِ الثقفي عن أخته رائطة
بِنْت عَبْد اللَّهِ - وكانت امْرَأَة عَبْد اللَّهِ بْن
مَسْعُود، وكانت امْرَأَة صناعًا تبيع من صناعتها - وساق
الحديث بطوله.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الفتح قَالَ: أخبرنا
عُمَر بْن أَحْمَدَ الواعظ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّد الْمَكِّيّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن المغيرة
المخزومي قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فَدِيكٍ عَنِ الضحاك
عن هشام عن أَبِيهِ: أن رائطة بِنْت عَبْد اللَّهِ امْرَأَةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود كانت امْرَأَة صناعًا - وذكر
بَقْيَة الحديث.
(8/526)
(حديث (238) النساء فِي حديث أم زرع)
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا / أَحْمَدُ بْنُ
يُوسُفَ بْنِ خَلادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ
مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرٍ الْوَرْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ
يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى
عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَذَاكَرْنَ مِنْ أَمْرِ أَزْوَاجِهِنَّ
شَيْئًا: قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٌّ،
عَلَى ظَهْرِ جَبَلٍ، لا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى وَلا سَمِينٌ
فَيُنْتَقَلْ {وَقَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لا أَبُثُّ
خَبَرَهُ؛ إني أَخَافُ أَلا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرُهُ
أَذْكُرُ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ} وَقَالَتِ الثَّالِثَةُ:
زَوْجِي الْعَشَنَّقُ؟ إِنْ أَنْطِقُ أُطَلَّقُ، وَإِنْ
أَسْكُتْ أُعَلَّقُ {قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي إِنْ
أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شرب شتف، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ،
وَلا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ} قَالَتِ
الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهْدٌ، وَإِنْ خَرَجَ
أَسَدٌ، وَلا يَسْأَلَ ُعَمَّا عَهِدَ {قَالَتِ السَّادِسَةُ:
زَوْجِي طَوِيلُ الْعِمَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ
الْبَيْتِ مِنَ النَّارِ} قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي
الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ {قَالَتِ
الثَّامِنَةُ: زَوْجِي عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ} كُلُّ دَاءٍ
لَهُ دَاءٌ: شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلا لَكِ
{قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي كَلِيلُ تِهَامَةَ؛ لا حَرَّ
وَلا قُرَّ وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ} قَالَتِ
الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ {مَنْ مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ
مِنْ ذَلِكَ} له إبل قليلات
(8/527)
الْمَسَارِحِ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ،
إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ
هَوَالِكَ {قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو
زُرْعٍ} وَمَا أَبُو زُرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ،
وَمَلأَ شَحْمَ عَضُدِي، بَجَّحَنِي فَبَجَحْتُ {وَجَدَنِي فِي
أهل غتيمة بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ
وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ} فَعِنْدَهُ أَقُول فَلا أُقَبَّحُ،
وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ {ابْنُ
أَبِي زَرْعٍ وَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ كَمسَلُّ شَطْبَةُ،
وَتُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةَ} بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ وَمَا
بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ {مِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا}
جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ وَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لا
تَبُثُّ خَبَرَنَا تَبْثِيثًا، وَلا تَنْقِلُ مِيرَتَنَا وَلا
تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا {قَالَتْ عَائِشَةُ: حَتَّى
ذَكَرَتْ كَلْبَ أَبِي زَرْعٍ - خَرَجَ وَالأَوْطَابُ
تَمْخُضُ، فَمَرَّ بِجَارِيَةٍ شَابَّةٍ تَلْعَبُ مِنْ تَحْتِ
دِرْعِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَأَعْجَبَتْهُ} فَطَلَّقَنِي
{وَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلا شَابًّا، فَرَكِبَ فَرَسًا
عَرَبِيًّا؛ وَأَخَذَ رَمْحًا خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ
نَعَمًا ثَرِيًا} فَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي
أَهْلَكِ {قَالَتْ: لَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ
مَا طَلَعَ ثَمَنَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ} - قَالَتْ:
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال لي: " كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ
لأُمِّ زَرْعٍ {".
قَالَ الشَّيْخ الحافظ أَبُو بَكْر: تابع عِيسَى بْن يونس
سَعِيد بْن سَلَمة بْن أَبِي الحسام وسويد بْن عَبْدِ العزيز
عَلَى إسناده عن هشام عن أخيه. ورواه جماعة عن هشام عن أَبِيهِ
- لم يذكروا عَبْد اللَّهِ أخا هشام فِيهِ - ورفعوا جميع المتن
إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا
أعلم أحدًا سمى النسوة فِي حديثه إلا من الطريق الَّذِي ذكره
وهو غريب جدًا} - أخبرناه أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ البجلي قَالَ: قرئ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن الْحَسَنِ بْن شاذان الْبَزَّاز وأنا
أسمع، قيل لَهُ: حدثكم
(8/528)
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ شبيب قَالَ:
حَدَّثَنَا الزُبَيْر بْن بكار، حدثني محمد بن الضحاك عن عثمان
الحرامي عن عَبْدِ العزيز بْن مُحَمَّد الدراوردي عن هشام بْنِ
عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: دخل عليّ رَسُول
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعندي بعض
نسائه، فَقَالَ: " يا عَائِشَة، أَنَا لَكَ كأبي زرع لأم زرع
{" قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
-: " إن قرية من قرى اليمن كَانَ بها بطن من بطون أهل اليمن،
وكان منهن إحدى عشرة امرأة، وإنهن خرجن إلى مجلس من مجالسهم،
فَقَالَ بعضهم لبعض: تعالين فلنذكر بعولتنا بما فيهم ولا نكذب}
فتبايعن عَلَى ذَلِكَ {فقيل للأولى: تكلمي بنعت زوجك}
فَقَالَتْ: الليل ليل تهامة، والغيث غيث غمامة، ولا حم ولا
حمامة {قيل للثانية: تكلمي} - وهي عمرة بنت عمرة - فَقَالَتْ:
المس مس أرنب، والريح ريح زرنب، فأغلبه والناس يغلب {فقيل
للثالثة: تكلمي} - وهي حيي بنت كعب - فقالت: ما لك {وما
مَالِك؟ لَهُ إبل كثيرة المسارح عظيمة المبارك، إِذَا سمعن صوت
الضيف أيقن أنهن هوالك} فقيل للرابعة: تكلمي! - وهي مهدد بِنْت
أَبِي هزومة -
(8/529)
قَالَتْ: زوجي لحم جمل غث، عَلَى جبل وعث،
لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتفى {فقيل للخامسة: تكلمي} - وهي
كبشة - قَالَتْ: زوجي رفيع العماد، كَثِيْر الرماد، قريب البيت
من النار {ولا يشبع ليلة يضاف، ولا ينام ليلة يخاف} فقيل
للسادسة: تكلمي {- وهي هِنْد - قَالَتْ: زوجي كل داء لَهُ داء:
إن حدث سبك، وإن مازحته / فلك، وإلا جمع كلا لَكَ} فقيل
للسابعة تكلمي {- وهي حيي بِنْت علقمة - قَالَتْ: زوجي إِذَا
خرج فهد، وإذا دخل أَسَدٌ، وَلا يَسْأَلَ ُعَمَّا عَهِدَ، ولا
يرفع اليوم فقيل للثامنة: تكلمي} - وهي بِنْت أوس بْن عَبْدِ -
فَقَالَتْ: زوجي إِذَا أكل التف، وإذا شرب اشتف، ولا يدخل الكف
فيعلم البث {فقيل للتاسعة: تكلمي} فقالت: زوجي من لا أذكره ولا
أبث خبره؛ أَخَافُ أَلا أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرُهُ أذكر عجره
وبجره {فقيل للعاشرة: تكلمي} - وهي كبشة بِنْت الأرقم -
فَقَالَتْ: نكحت العشنق، إن سكت علق، وإن تكلمت طلق {فقيل لأم
زرع وهي: أم زرع بِنْت أكيمل بْن ساعدة - تكلمي} فَقَالَتْ:
أَبُو زرع {وما أَبُو زرع؟ أناس من حل أُذُنَيَّ، وَمَلأَ
شَحْمَ عَضُدِي، بَجَّحَنِي فبجحت} وجدني فِي غنيمة أهلي،
فنقلني إلى أهل حامل وصاهل، فأنا عنده أنام فأتصبح، وأشرب
فأتقمح، وأتكلم فلا أقبح {وبنت أَبِي زَرْعٍ وَمَا بِنْتُ
أَبِي زرع؟ ملء إزارها، وصفر ردائها، وزين أهلها ونسائها} وابن
أَبِي زَرْعٍ وَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ مضجعه [كمسل شطبة.
ويشبعه ذراع الجفرة] .
قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لعائشة: " أَنَا لَكِ كأبي زرع لأم زرع ".
آخر الجزء الثامن من كتاب الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة.
وهو آخر الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلواته على محمد نبيه
وآله وصحبه أجمعين، صلاة دائمة إلى يوم الدين، حسبنا الله ونعم
الوكيل.
(8/530)
|