التوضيح الأبهر لتذكرة ابن الملقن في علم الأثر المقدمات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على محمد نبينا وعبده.
وبعد:
فإن من شرف المرء أن يسير على منهج السلف الصالح ويقتدي بهم
ويخدم ما تركه أولئك العلماء ليستفيد منه الخلف ويقف على
آرائهم التي سطروها لنا في كتبهم.
وكان للباحث الأخ عبد الله بن محمد عبد الرحيم شرف خدمة هذا
الكتاب الذي بين أيدينا، فتناوله تصحيحًا وشرحًا وتعقيبًا
وتعقبًا على من سبقه في تحقيق هذا الكتاب المفيد على صغر حجمه
وقلة مادته فكان كالمفتاح للمبتدئ والتذكير للمنتهي، ولم أجد
بعد قراءتي له موضعًا انتقده فيه في ضبط النص؛ لأنه قام بضبطه
كما ينبغي لا كما يجي. ومع هذا فلم يترك موضعًا يحتاج إلى
زيادة أو أيضًاح إلا وقام بها في الحاشية تسهيلا للباحث
المستفيد منه، فجاء عمله كاملًا والكمال لله وحده -عز وجل-
فنرجو من المولى العلي القدير أن يثيبه على قدر نيته وأن ينفع
به طلاب العلم في هذا التخصص العزيز.
أما الكتاب فهو شرح موجز لكتاب ابن الملقن المعروف بـ
"التذكرة" ومؤلفه الإمام المشهور في علم الحديث الإمام السخاوي
المتوفى سنة 902هـ أبدع في شرح غامضه، وأيضًاح مبهمه ومشكله
وأتى فيه بما لا نجد نظيره في كتابه "فتح المغيث" فصار مكملًا
له، والله يثيبه على جهده إنه ولي ذلك والقادر عليه.
كتبه د/ عبد الرحيم بن محمد القشقري
الأستاذ المشارك بكلية الحديث الشريف
ورئيس قسم علوم الحديث
حرر في 7/ 10/ 1417هـ
(1/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة
للعالمين، سيد الأولين والآخرين، النبي الصادق الأمين، وعلى
آله وصحبه وأتباعه السائرين على نهجه إلى يوم الدين وسلم
تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن الاشتغال بالعلوم الشرعية من أعظم القربات وأجل الطاعات
لمن صلحت نيته، واتبع سبيل سلفه الصالح، خاصة السنة النبوية
وعلومها -بعد الاهتمام بكتاب الله وعلومه- لذا "كان من أعظم ما
يسعى إليه الساعون، ويتنافس في الدعوة إليه المتنافسون، علوم
الحديث الكاشف النقاب، عن جمال وجوه مجملات الكتاب، والمدار
لتفصيل الحكام، وتبيين أقسام الحلال والحرام؛ إذ مستندها ما صح
من الخبار، وثبت حسنه من الآثار، ولا طريق لتعرف ذلك إلا بما
اصطُلح عليه من أصول تلك المسالك، ولما كان الشيء يشرف بشرف
موضوعه أو بمسيس الحاجة إليه كان فن مصطلح الحديث مما جمع
الأمرين وفاز بالشرفين؛ لأنه يُبصِّر
(1/4)
من سواء السبيل الجواد، ويرقي الهمم لتعرف
سنن الرشاد"1.
لذا تنوعت المصنفات من أهل الحديث في هذا الباب، وكثرت وتعددت،
فمن مؤلف لها في وريقات، ومن مصنف لها في مجلدة أو مجلدات وهلم
جرًّا. ومع هذا لم يثن ذلك الأئمة من التصنيف والتأليف والشرح
والتهذيب والتحقيق والتنقيح فيه، وما ذلك إلا إيمانا منهم
بوجوب الاستمرار على السنة المتبعة من منهج الأئمة السالفين،
وإكمالًا من المتأخرين في التصنيف والتأليف. وقد حاز كتاب
الحافظ ابن الصلاح قصب السبق في هذا الفن، فمن متناول له
بالتهذيب تارة، وبالاختصار أخرى، وبالتعليق والشرح مرات، وممن
اختصره وهذبه الحافظ ابن الملقن وذلك في كتابه "المقنع" كما
أشار إليه في مقدمته للتذكرة، ثم اقتضب رسالته المسماة بـ
"التذكرة" من كتابه المشار إليه آنفًا، والعلة في الاقتضاب هي
أن "يتنبه المبتدي ويتبصر بها المنتهي" "ل1/ أ-ب"، فجاء الإمام
السخاوي موضحا لهذه التذكرة محللا لألفاظها، متممًا لفوائدها،
جامعًا لمقاصدها فلم يكن مطولًا تطويلًا مملًا، ولا مختصرًا
اختصارًا مخلًا، أظهر تبحره في الفن، وعلوِّ كعبه فيه، وأجلى
مراد المؤلف من تذكرته، فيسره لمن طالعه وتطلب فيه مراده،
فرحمهما الله رحمة واسعة آمين.
ولأجل ذلك عزمت على تحقيقه وإخراجه مع التعليق عليه إكمالًا
للفائدة، ليخرج في هذه الحلة الجديدة، تليق بمصنف كهذا، ولا
أدعي العصمة في العمل أو السلامة من الخلل، فالكمال عزيز،
والخطأ والنقص
__________
1 قواعد التحديث للقاسمي "ص35-36".
(1/5)
وارد، فالمرجوّ من الله -جل وعلا- المغفرة
من الزلل، والثواب على العمل، إنه نعم المولى ونعم النصير.
والحمد لله رب العالمين.
وكتب
أبو أسامة عبد الله بن محمد عبد الرحيم
ابن حسين البخاري
المدينة النبوية
فجر الخميس 12/ 9/ 1416هـ
(1/6)
|