الغاية في شرح الهداية في علم الرواية

غَرِيب أَلْفَاظ الحَدِيث

(292 - (ص) ولغة الحَدِيث والغريبا ... فاعرف لتدعى عَالما أريبا)

(ش) : غَرِيب لفظ الحَدِيث: وَهُوَ مَا جَاءَ فى الْمَتْن من لفظ غامض، بعيد عَن الْفَهم،

(1/282)


لقلَّة اسْتِعْمَاله [/ 204] نوع مُهِمّ يتَعَيَّن بِهِ الْعِنَايَة، يقبح جَهله بالمحدثين خُصُوصا وبالعلماء عُمُوما، وَجمع النَّاظِم الْغَرِيب مَعَ اللُّغَة من ذكر الْخَاص بعد الْعَام، وَلَعَلَّه مفعول مقدم.
[والأريب] : الفطن. وَيجب أَن يتثبت فى هَذَا الْبَاب ويتحرى، فقد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد مَعَ جلالته عَن حرف من غَرِيب الحَدِيث، فَقَالَ: سلوا أَصْحَاب الْغَرِيب، فإنى أكره حَتَّى أَن أَتكَلّم فى قَول رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِالظَّنِّ. وَنَحْوه قَول الأصمعى

(293 - (ص) وَهُوَ كالأسماء مِنْهُ فَرد مؤتلف ... مُتَّفق مفترق ومختلف)

(ش) : أى والغريب فِيهِ مَا هُوَ كالأسماء المفردة، وَمِنْه مَا هُوَ كالمؤتلف والمختلف، كَأَن يأتى كلمة لِمَعْنى ومصحفها لِمَعْنى آخر، فيأتلفا فى الْخط ويختلفا فى النُّطْق، وَمِنْه مَا هُوَ كالمتفق والمختلف، بِأَن تأتى كلمة لمعنيين فَأكْثر، وسيتضح ذَلِك كُله مفصلا.

(294 - (ص) كآدمته خلطت مد اقصر ... مؤخرة الرحل أى اخر اكسر)

(ش) : هَذَا شُرُوع من النَّاظِم فى نوع من أَنْوَاع الْغَرِيب، وساقها على التَّرْتِيب فى حُرُوف المعجم، لَكِن من غير مُرَاعَاة لما بعد الْحَرْف الأول، وَلَو راعا ذَلِك مَعَ فصل مَا هُوَ كالمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، وكغير ذَلِك مِمَّا ذكره، لَكَانَ أحسن، لَكِن ضيق النّظم - فِيمَا يظْهر - مَنعه من ذَلِك، على أَنه - رَحمَه الله - قد انْفَرد بتنقيح

(1/283)


الْكَلَام فى هَذَا الْمِثَال، فَإِن ابْن الصّلاح، وَمن تبعه لم يتَعَرَّضُوا لما أوردهُ من الْأَلْفَاظ، وَغَايَة مَا ذكرُوا فى هَذِه التَّرْجَمَة الْحَث على تعلمه، وَذكر من صنف فِيهِ، وَنَحْو ذَلِك، وَأَن أَصَحه مَا جَاءَ مُفَسرًا فى رِوَايَة أُخْرَى إِن كَانَ وَأجْمع كتب هَذَا النَّوْع: [/ 205] " النِّهَايَة ل،، ابْن الْأَثِير، وَقد اعْتَمدهُ الْأَئِمَّة، وتنافسوا فى تَحْصِيله واختصاره، والاستدراك عَلَيْهِ، وَنَحْو ذَلِك، وَأما " مَشَارِق الْأَنْوَار " للقاضى عِيَاض فَإِنَّهُ أجل كتاب جمع بَين ضبط

(1/284)


الْأَلْفَاظ، وَقد نظمه الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن الموصلى أحد من أَخذ عَنهُ النَّاظِم فَأحْسن مَا شَاءَ.
وَقَوله: [كادمته] ، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فى حَدِيث أنس: " وعصرت عَلَيْهِ أم سليم عكة لَهَا فأدمته " أى خلطته، وَجعلت فِيهِ إدَامًا يُؤْكَل، قَالَ فى " التَّهْذِيب " آدمته بِمد الْهمزَة وَتَخْفِيف الدَّال، هُوَ الْأَكْثَر وَيُقَال بِغَيْر مد، وَرَوَاهُ القنازعى فى " الْمُوَطَّأ " بتَشْديد الدَّال على الْكثير.
وَقَوله: [مؤخرة الرحل] هى بِضَم أَوله ثمَّ همزَة سَاكِنة، وَأما الْخَاء الْمُعْجَمَة فَفِيهَا الْكسر، وَبِه جزم أَبُو عبيد، وَالْفَتْح، وَبِه جزم مكى، وَأنْكرهُ ابْن قُتَيْبَة، وَقيل: فِيهَا الْفَتْح لَكِن مَعَ تسهيل الْهمزَة، قَالَ فى " التَّهْذِيب "، أَيْضا مؤخرة الرحل هُوَ بِالْهَمْزَةِ والسكون، لُغَة قَليلَة فى آخرته، وَقد منع مِنْهَا بَعضهم، وَلَا تشدد، كَمَا هُوَ الحَدِيث: " إِذا وضع أحدكُم بَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل، فَلَا يبالى من مر وَرَاءه " وهى بِالْمدِّ: الْخَشَبَة الَّتِى يسْتَند إِلَيْهَا الرَّاكِب من كور الْبَعِير، وفى " النِّهَايَة " فى حَدِيث آخر: " مثل مؤخرته "، وسَاق نَحوه.

(1/285)


(295 - (ص) آذنه استماعه بَيَانا ... أى وَاحِدًا أَولا تقل ببانا)

(ش) : فِيهِ لفظتان إِحْدَاهمَا من مد الْهمزَة مَعَ الْمُعْجَمَة، وهى آذان، وَأَشَارَ فِيهَا إِلَى حَدِيث: " مَا أذن الله لشئ كَإِذْنِهِ لنبى يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ " وهى بِفَتْح الْهمزَة [/ 206] والذال الْمُعْجَمَة، قَالَ فى " الْمَشَارِق ": كَذَا فى أَكثر الرِّوَايَات، وَهُوَ الْمَعْرُوف فِيهِ وَمَعْنَاهُ مَا اسْتمع لشئ كاستماعه لهَذَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن، إِنَّمَا هى اسْتِعَارَة للرضى وَالْقَبُول لقرَاءَته، وَعَمله، وَالثَّوَاب عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أذن من الْإِذْن بِمَعْنى: الْإِبَاحَة، فَهُوَ مثله فى الْفِعْل مَقْصُور الْهمزَة مكسور الْمُعْجَمَة الثَّانِيَة، وهى من الْمُوَحدَة مَعَ مثلهَا، وهى [ببان] بموحدتين مفتوحتين، الثَّانِيَة مُشَدّدَة، لَا مُخَفّفَة، كَمَا هُوَ مُرَاده بقوله: [وَلَا تقل ببانا] يعْنى بِالتَّخْفِيفِ، وَإِن كَانَ لَا يمْنَع الْوَزْن تشديده، وَتَخْفِيف الأول، وَأَشَارَ بذلك إِلَى قَول عمر رضى الله عَنهُ: " لَوْلَا أَن أترك آخر النَّاس ببانا وَاحِدًا مَا فتحت على قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا " أى لَوْلَا أتركهم شَيْئا وَاحِدًا إِلَّا أَنه كَمَا قَالَ فى " النِّهَايَة ": إِذا قسم الْبِلَاد الْمَفْتُوحَة على الْغَانِمين، بقى من لم يحضر الْغَنِيمَة، وَمن لم يجِئ بعد من الْمُسلمين بِغَيْر شئ مِنْهَا فَلذَلِك تَركهَا لتَكون بَينهم جَمِيعًا.

(1/286)


(296 - (ص) بَالَام ثَوْر بذخا أى أشرا ... ضم أبردوا الْحمى وبالظهر اكسرا)

(ش) أَشَارَ إِلَى عدَّة أَلْفَاظ من الْمُوَحدَة أَوله [بَالَام] ، ففى الحَدِيث: " مَا إدام أهل الْجنَّة "؟ قَالَ: بَالَام وَالنُّون "، وَفسّر فى الحَدِيث بِأَنَّهُ " الثور "، وَالنُّون " الْحُوت "، وَالْأولَى: عبرانية، وَالثَّانيَِة: عَرَبِيَّة.
ثَانِيهمَا: [بذخا] وَهُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ، ثمَّ بالمعجمتين، كَمَا فى حَدِيث الزَّكَاة وَذكر الْخَيل: " وَرجل أتخذها أشرا وبطرا وبذخا "، وهى أَلْفَاظ مُتَقَارِبَة الْمَعْنى، فعد ابْن الْأَثِير الأشر: [/ 207] البطر وَقيل: أَشد البطر والبذخ بِالتَّحْرِيكِ: الْفَخر والتطاول، وَنَحْوه قَول النووى أَنه بِمَعْنى الأشر والبطر، قلت: وَلذَلِك فسره النَّاظِم بالأشر.
ثالثهما: [أبردوا الْحمى] وَهُوَ بِضَم الرَّاء، يعْنى مَعَ الْوَصْل، وَحكى فِيهِ الْكسر مَعَ الْهَمْز، لَكِن قَالَ الجوهرى: إِنَّهَا لُغَة ردئة، وَأما قَوْله: " أبردوا بِالظّهْرِ ". فَهُوَ بِالْكَسْرِ للراء آخرهَا اى أخروها عَن وَقت شدَّة الْحر، وهى من الْإِبْرَاد: الدُّخُول فى التبرد

(1/287)


(297 - (ص) والباذق الْخمر كبتع من عسل ... وبصر عينى سمع أذنى إِذا أحل)

(ش) فى هَذَا الْبَيْت عدَّة أَلْفَاظ من الْمُوَحدَة،
أَولهَا: [الباذق] قَالَ فى " النِّهَايَة " وَهُوَ بِفَتْح الْمُعْجَمَة: الْخمر تعريب باذه، وَهُوَ اسْم الْخمر بِالْفَارِسِيَّةِ أى لم يكن فى زَمَانه أَو سبق قَوْله فِيهِ وفى غَيره من جنسه، وَقَالَ فى " الْمَشَارِق " هُوَ نوع من الْأَشْرِبَة وَهُوَ الطلاء الْعصير الْمَطْبُوخ.
ثَانِيهَا: [البتع] وَهُوَ بِكَسْر الْمُوَحدَة بِاتِّفَاق، وَسُكُون الْمُثَنَّاة الفوقانية، وَذكر بعض أهل اللُّغَة فتحهَا، كقمع: شراب الْعَسَل، وفى " النِّهَايَة ": نَبِيذ الْعَسَل، وَقد جَاءَ مُفَسرًا فى الحَدِيث: وَهُوَ: " خمر أهل الْيمن.
ثَالِثهَا: [بصر عينى وَسمع أذنى] وَاخْتلف فى ضبط الصَّاد وَالْمِيم، فروى بصر وَسمع بِضَم الصَّاد وَكسر الْمِيم على الْفِعْل، وروى لسكون الصَّاد وَالْمِيم، وَفتح الرَّاء وَالْعين.
وَوجه النصب على الْمصدر، لِأَنَّهُ لم يذكر الْمَفْعُول بعده وَهُوَ الذى اخْتَارَهُ النَّاظِم كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: [إِذا أحل] وَلَكِن قَالَ فى " الْمَشَارِق: وَالرَّفْع فى الأول أوجه [/ 208] وَاقْتصر شَيخنَا على قَوْله بصر بِضَم الصَّاد، إِذا نظرت إِلَيْهِ غير مَانع، قَالَ: والإسم مِنْهُ الْبَصَر بِالضَّمِّ ثمَّ السّكُون.

(1/288)


(298 - (ص) والبضع فرج وبكسر فى الْعدَد ... وَبضْعَة افْتَحْ قِطْعَة من الْجَسَد)

(ش) أى من الْمُوَحدَة الْبضْع وَهُوَ بِالضَّمِّ: الْفرج، قَالَ شَيخنَا: وَيُطلق على الْجِمَاع والمباضعة: اسْم الْجِمَاع، وَأما بِكَسْر الْمُوَحدَة، فَهُوَ فى الْعدَد من ثَلَاث إِلَى تسع على الْمَشْهُور، وَقيل: إِلَى عشر، وَقيل من اثْنَيْنِ إِلَى عشرَة، وَقيل: من اثنى عشر إِلَى عشْرين، وَقيل: سبع، وَقيل: من وَاحِد إِلَى أَربع، [والبضعة] بِفَتْح الْمُوَحدَة، [الْقطعَة من الْجَسَد] ، بل قَالَ شَيخنَا: الْقطعَة من كل شئ، وَمِنْه:: " فَاطِمَة بضعَة منى ".

(299 - (ص) اتبع فَليتبعْ أُحِيل فاعجما ... ثغامة نبت اجد حن حرك بِمَا)

(300 - يعْنى السويق حَيْثُ أريقته ... والجعظرى الجواظ فظ كَرهُوا)

(ش) اشتملا على الْأَلْفَاظ من ثَلَاثَة حُرُوف فى الْمُثَنَّاة فى حَدِيث الْحِوَالَة: " وَإِذا أتبع أحدكُم على ملى فَليتبعْ " إِذا أُحِيل على قَادر فَليَحْتَلْ

(1/289)


(وَهُوَ) فى الأول بِسُكُون الْمُثَنَّاة، وَكسر الْمُوَحدَة على الْبناء للْمَفْعُول، وفى الثانى: سُكُون الْمُثَنَّاة، وَقَالَ الخطابى: أَصْحَاب الحَدِيث يرونه (أتبع) بتَشْديد التَّاء، وَصَوَابه بسكونها، بِوَزْن أكْرم، وَلَيْسَ هَذَا أمرا على الْوُجُوب، وَإِنَّمَا هُوَ الرِّفْق وَالْإِذْن وَالْإِبَاحَة.
وَمن الْمُثَلَّثَة [ثغامة] فى حَدِيث: " أَتَى بأبى قُحَافَة يَوْم الْفَتْح وَكَأن رَأسه ثغامة "، وهى بِفَتْح الْمُثَلَّثَة ثمَّ مُعْجمَة: نبت أَبيض [/ 209] الزهر وَالثَّمَر، يشبه الشيب وَقيل: هى شَجَرَة تبيض كَأَنَّهَا الثَّلج، وَأَخْطَأ من فسره بِأَنَّهُ طَائِر أَبيض.
وَمن الْجِيم [أجدح] فى قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " انْزِلْ فاجدح لنا " وهى صِيغَة أَمر بِالْجِيم، وَفتح الدَّال الْمُهْملَة، وَآخره حاء، قَالَ فى " النِّهَايَة ": هُوَ أَن تحرّك السويق بِالْمَاءِ، ويحوض عَلَيْهِ حَتَّى يستوى، وَكَذَلِكَ وَنَحْوه، والمجدح عود مجنح الرَّأْس تساط بِهِ الْأَشْرِبَة وَرُبمَا يكون لَهُ ثَلَاث شعب، وَمِنْهَا [جئثت] يعْنى قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فى حَدِيث بَدْء الوحى " فَرفعت رأسى فَإِذا الْملك الذى جاءنى بحراء [فجئثت] مِنْهُ "

(1/290)


وَهُوَ بِضَم الْجِيم بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة، ثمَّ مُثَلّثَة، ثمَّ تَاء الضَّمِير، كَذَا كَافَّة الروَاة، وَقيل بمثلثة بدل الْهمزَة، قَالَ فى " الْمَشَارِق ": أى رعبت، وَنَحْوه قَول ابْن الْأَثِير: فَرُعِبْت وَخفت، قَالَ: وَقيل: مَعْنَاهُ قلعت من مكانى، من قَوْله تَعَالَى {اجتثت من فَوق الأَرْض} .
وَمِنْهَا: [الجعظرى] بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمُهْملَة بعْدهَا مُعْجمَة مثناة مَفْتُوحَة، ثمَّ رَاء، ثمَّ تَحْتَانِيَّة، هُوَ: الْفظ الغليظ المتكبر، وَقيل: هُوَ الذى ينتفخ بِمَا لَيْسَ عِنْده.
[والجواظ] بِفَتْح الْجِيم أَيْضا، ثمَّ وَاو مُشَدّدَة، وَآخره مُعْجمَة، مِثَاله أَيْضا هُوَ الجموع المنوع، وَقيل: الْكثير اللَّحْم المختال فى مشيته، وَقيل: الْقصير الْبَطن، وَقَالَ فى " الْمَشَارِق ": قيل: إِنَّه الْفَاجِر، وَقيل: الذى لَا يَسْتَقِيم على أَمر وَاحِد لصانع هَاهُنَا و [هَاهُنَا] .
وَلَعَلَّ النَّاظِم فسرهما باللفظين بعدهمَا على طَرِيق اللف والنشر الْمُرَتّب، وَيكون تَفْسِير الجواظ: بالكريه تَفْسِيرا [/ 210] بِالْمَعْنَى، وَلَا يمْنَع ذَلِك نقل الْمُجْمل فى تَفْسِير [اللَّفْظ] ، وَهُوَ بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الْمُعْجَمَة الْمشَار أَنه الكرية الْخلق وَنَحْوه، قَول ابْن الْأَثِير: أَنه السَّيئ الْخلق، فَإِن النَّاظِم رتب كَمَا قدمنَا أَلْفَاظ هَذَا الْبَاب على الْحُرُوف، وَهُوَ الْآن فى الْجِيم لَا الْفَاء.

(1/291)


(301 - (ص) وحبة الْحميل بذر البقل ... حبلا من الحبال كثب الرمل)

(ش) : يعْنى أَن من غَرِيب الْحَاء الْمُهْملَة قَوْله: [الْحبَّة] فى حَدِيث أهل النَّار " فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فى حميل السَّيْل " وهى بِكَسْر الْمُهْملَة ثمَّ بموحدة مُشَدّدَة بذر البقل، قَالَه الْفراء، وَقيل: حب الرياحين، بِالْفَتْح، واحده: حَبَّة، بِالْكَسْرِ وَقيل: نبت صَغِير ينْبت فى الْحَشِيش، وَقيل غير ذَلِك، والحميل مَا يجِئ بِهِ السَّيْل، وَأما الْحبَّة بِالْفَتْح فهى: الْحِنْطَة، وَالشعِير، وَنَحْوهَا، وَقَوله [حبلا] إِلَى آخِره، أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله فى حَدِيث جَابر فى حَدِيثه فى صفة الْحَج: " كلما أَتَى حبلا من الحبال أرْخى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تصعد ". وَهُوَ بِفَتْح الْمُهْملَة، وَسُكُون الْمُوَحدَة: التل اللَّطِيف من الرمل الضخم، فَإلَى ذَلِك الْإِشَارَة بقوله: [من الحبال كثب الرمل] والكثيب بِالْمُثَلثَةِ الرمل المستطيل المحدودب.

(1/292)


(302 - (ص) وَخَاتم النبى زر الحجلة ... زر كَبِير للستور فَضله)

(ش) : يعْنى أَن [الحجلة] فى قَوْله: [كَانَ خَاتم النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مثل زر الحجلة] بِالتَّحْرِيكِ بَيت كالقبة يستر بالثياب، وَيكون لَهُ زار كبار، وَيجمع على: حجال، وَقيل فِيهِ غير ذَلِك ضبطا وتفسيرا، وَإِلَى تَرْجِيح هَذَا أَشَارَ النَّاظِم بقوله [/ 211] . [فَضله] و [الزر] بِكَسْر الزاى وَتَشْديد الرَّاء، وَاحِد الأزرار الَّتِى تدخل العرى كأزرار الْقَمِيص.

(303 - (ص) بَنَات حذف لصغار غنم ... حذف السَّلَام والحصا فاعجم)

(ش) يعْنى أَن [بَنَات حذف] وهى جمع بنت، فى قَوْله: فى حَدِيث الصَّلَاة: " سدوا خلل صفوفكم، لَا تتخللكم الشَّيَاطِين كَأَنَّهَا نَبَات حذف بإهمال أَوله وبتحريك الذَّال، وَآخره فَاء، هى: صغَار الْغنم الحجازية، واحدته: حذفة بِالتَّحْرِيكِ أَيْضا، و [حذف السَّلَام] يعْنى فى قَوْله: " حذف السَّلَام فى الصَّلَاة سنة "، هُوَ بإعجام الذَّال

(1/293)


وتخفيفه: ترك الإطالة فِيهِ. وَأما [الْحَصَا] فَالْمُرَاد قَوْله فى رمى الْجمار " عَلَيْكُم بِمثل حصا الْخذف "، فَهُوَ معجمتين الثَّانِيَة سَاكِنة، قَالَ فى " الْمُجْمل ": حذفت الْحَصَا، إِذا رميتها من بَين أصبعك يعْنى الْإِبْهَام والسبابة، وَهَذَا فى رمى الْجمار، وَالْحج، وفى " الصَّيْد ": " نهى عَن صيد الْخذف " " وَنهى عَن الْخذف "

(304 - (ص) بخربة جِنَايَة فافتح وَضم ... دَرَجَة سقط، وخرقة تضم)

(ش) أى [خربة] فى قَوْله: " إِن الْحرم لَا يعيذ عَاصِيا وَلَا فَارًّا بخربة جِنَايَة " فى الْمُعْجَمَة الْفَتْح وَالضَّم، وَيُطلق على خِيَانَة، قَالَ فى " الْمَشَارِق ": ضَبطه الأصيلى بِالضَّمِّ، وَغَيره بِالْفَتْح، وَهُوَ الذى ضبطناه فى كتاب مُسلم، وَالرَّاء فى كلتيهما سَاكِنة بعْدهَا مُوَحدَة، وَاقْتصر شيخى بِالْفَتْح على الْفَتْح، وَأَنَّهَا كَمَا ثَبت تَفْسِيرهَا فى رِوَايَة المستملى فى الْعلم من الصَّحِيح: السّرقَة، وَنقل البخارى فى " المغازى " عَن أَبى عُبَيْدَة أَنَّهَا: البلية، وَأما قَول ابْن الْأَثِير: أَنه قد جَاءَ فِي سِيَاق الحَدِيث فِي البخارى [/ 212] أَنَّهَا: الْخِيَانَة والبلية فَمَا وقفت عَلَيْهِ إِلَى الْآن، وَقيل: الْفساد وبفتحه،

(1/294)


الفعلة الْوَاحِدَة من الخرابة، وهى السّرقَة، وَأَشَارَ ابْن العربى إِلَى ضبط ثَالِث، وَهُوَ بِكَسْر أَوله وبالزاى بدل الرَّاء، والتحتانية بدل الْمُوَحدَة جعله من الخزى، وَالْمعْنَى صَحِيح، لَكِن لَا تساعد عَلَيْهِ الرِّوَايَة. وَقَوله: [دَرَجَة] يعْنى فى قَوْله: " كن نسَاء يبْعَثْنَ بالدرجة هى بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء وَالْجِيم، جمع: درج، بِالضَّمِّ، وَسُكُون الرَّاء، مثل: خرجَة وَخرج: السفط الصَّغِير وَشبهه، والسفط: مَا تضع فِيهِ الْمَرْأَة طيبها وحليها، وخف متاعها، كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة وفسروه، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ بِضَم الدَّال وَسُكُون الرَّاء، قَالَ: كَأَنَّهُ تَأْنِيث درج، وَقَالَ عِيَاض: وَيحْتَمل أَن يُرِيد بهَا خرقَة - يجمع فِيهَا الكرسف، وَهُوَ الْقطن الذى احتشت بِهِ، فقد قَالَ أَبُو عبيد: الدرجَة: الْخِرْقَة الَّتِى تلف وَتدْخل فى حَيا النَّاقة؛ إِذا عطفت على غير وَلَدهَا، وَإِذا كَانَ هَذَا معنى هَذِه الرِّوَايَة، فَهُوَ أشبه فى الِاسْتِعْمَال من الدرج الْمُسْتَعْمل لغيره، شبهوا الْخرق الَّتِى تسْتَعْمل فى هَذَا ويلف فِيهَا الكرسف بِتِلْكَ.

(305 - (ص) رموهم رشقا أرموا سكتوا ... تسبخى تخففى مُعْجمَة)

(ش) كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى قَوْلهم: [رموهم برشق] فى نبل بِكَسْر الرَّاء، وهى السِّهَام إِذا رميت على يَد وَاحِدَة، لَا يتَقَدَّم مِنْهَا شئ، وَأما رشقوهم بِالنَّبلِ رشقا فَهُوَ بِفَتْح الرَّاء، فَهُوَ الْمصدر، فَلَيْسَ فِيهِ رموا. وَالله أعلم. [وَارْمُوا] يعْنى فى قَوْله [/ 213] : " أرم الْقَوْم " بِفَتْح الْهمزَة، وَالرَّاء وَتَشْديد الْمِيم، مَعْنَاهُ. [سكتوا] و [تسبخى] يعْنى

(1/295)


فى حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا: أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سَمعهَا تَدْعُو على سَارِق سَرَقهَا، فَقَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " لَا تسبخى عَنهُ بدعائك " وَهُوَ بخاء مُعْجمَة أى لَا تخففى عَنهُ الْإِثْم الذى اسْتَحَقَّه بِالسَّرقَةِ.

(306 - (ص) سقط بى حرت سوادى مستمع ... سرى افْتَحْ الشَّخْص مصيخ مستمع)

يعْنى باللفظة الأولى: [سقط] فى نفسى من التَّكْذِيب، وَلَا إِذْ كنت فى الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ بِضَم السِّين الْمُهْملَة، وَكسر الْقَاف، وَآخره طاء مُهْملَة، مبْنى لما لم يسم فَاعله، قَالَ القاضى: كَذَا قيدناه عَن شُيُوخنَا، وَمَعْنَاهُ: تحيرت، يُقَال: سقط فى يَده إِذا تحير فى أمره. وَقَوله: [سوادى] وَهُوَ بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة أى سرى، قَالَ أَبُو عبيد: لِأَن السرَار لَا يكون إِلَّا بإدناء السوَاد من السوَاد وَمِنْه: " وَفِيكُمْ صَاحب السوَاد: أى السِّرّ

(1/296)


يعْنى عبد الله بن مَسْعُود وَأما قَوْله: [افْتَحْ] فَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن السوَاد بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة: هُوَ الشَّخْص، وَمِنْه (لَا يُفَارق سوَاده) ، وَقَوله لعَائِشَة رضى الله عَنْهَا: " أَنْت السوَاد الذى رَأَيْت أمامى "
وَقَوله: [مصيخ] يعْنى بِهِ مَا فى حَدِيث: " مَا من دَابَّة إِلَّا وهى مصيخة " وهى بِضَم الْمِيم بعْدهَا صَاد مُهْملَة وَبعد التَّحْتَانِيَّة خاء مُعْجمَة، أى مستمعة مقبلة على ذَلِك. وَقَالَ مَالك: مصيخة مستمعة مشفقة.

(307 - (ص) شعب افْتَحْ الصدع وطرف الْجَبَل ... فاكسر وَلَا صرورة فاهمل)

(ش) يعْنى: [بِالشعبِ] قَوْله اتخذ مَكَان الشّعب سلسلة وَهُوَ بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، بعْدهَا عين مُهْملَة، وَآخره مُوَحدَة، أى مَكَان الصدع والشق.
وَأما الشّعب الذى بِالْكَسْرِ وَمِنْه (فى شعب من الشعاب) ، فَهُوَ: طرف الْجَبَل.
وَقَوله: [لَا صرورة] فى حَدِيث: " لَا صرورة فى الْإِسْلَام " وَهُوَ بالصَّاد الْمُهْملَة وَمَعْنَاهُ: التبتل وَترك النِّكَاح، أى أَنه لَا ينبغى لأحد أَن يَقُول: لَا أَتزوّج، والصرورة أَيْضا الذى لم يحجّ قطّ، وَلَيْسَ من المُرَاد فى الحَدِيث.

(1/297)


(308 - (ص) ضمز سكت اعجمن طب سحر ... وطبقا عَم وقرنا وفقر)

(ش) أما [ضمز] وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ والزاى، فيشير بِهِ إِلَى مَا وَقع فى تَفْسِير: {وَأولَات الْأَحْمَال} من رِوَايَة أَبى الْهَيْثَم " ضمز لي بعض أَصْحَابه " يعْنى: سكتنى.
قَالَ القاضى عِيَاض: هَذِه الرِّوَايَة أشبه، وصوابها: ضمزنى، بالنُّون بدل اللَّام. وللقابسى ضمزنى بالزاى وَالْمُوَحَّدَة، وَمِنْه الأصيلى: فضمن بتَشْديد الْمِيم وَآخره نون، وَضَبطه شُيُوخ الهروى بتَخْفِيف الْمِيم وَكسرهَا قَالَ القاضى: وكل غير لمعلوم من كَلَام فى معنى مُسْتَقِيم بِهِ مَفْهُوم هَذَا الحَدِيث وَأما [طب] فَهُوَ فعل ماضى مبْنى بطاء مُهْملَة، وموحدة فيشير بِهِ إِلَى حَدِيث: " الرجل مطبوب " أى مسحور، قَالَ: " من طبه "؟ أى من سحره: " قَالَ لبيد بن الأعصم " والطب: السحر، وَهُوَ من الأضداد، وَقيل: كنوا بالطب عَن السحر، تفاؤلا كَمَا سموا اللديغ سليما. وَأما [طبق] فَهُوَ الذى بِمَعْنى الْعُمُوم يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث: " وكل رَحْمَة طباق مَا [/ 215] من السَّمَاء وَالْأَرْض " أى ملؤُهَا، كَأَنَّهَا تعمها، فَيكون طبقًا لَهَا، وَمِنْه حَدِيث الاسْتِسْقَاء: " أطبقت عَلَيْهِم سبعا " أى غيم، مثلهَا، والذى بِمَعْنى الْقرن يُشِير بِهِ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ فى شعر الْعَبَّاس

(1/298)


رضى الله عَنهُ: (إِذا مضى عَالم بدا طبق) يَقُول: إِذا مضى قرن، وَقيل للقرن طبق؛ لأَنهم طبق ينقرضون، ويأتى طبق آخر)
والذى بِمَعْنى الْفقر، يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث أَبى سعيد: سَمِعت النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: يكْشف رَبنَا عَن سَاق فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن ومؤمنة، وَيبقى كل من كَانَ يسْجد فى الدِّينَا لله رِيَاء وَسُمْعَة، فَيذْهب يسْجد فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا، فَلَا يقدر على الانحناء وَالسُّجُود "

(309 - (ص) وعركت حَاضَت عبيط طرى ... والعلقة والنزر وفرصة اكسر (ش) : اشْتَمَل على عدَّة أَلْفَاظ من حرفين فى الْعين الْمُهْملَة [عركت] وَهُوَ بِفَتْح الرَّاء أى حَاضَت، العارك: الْحَائِض، والعراك: الْحيض، [وعبيط] ، يعْنى فى حَدِيث

(1/299)


دم الْحيض، عبيط، بِفَتْح الْمُهْملَة، بعْدهَا مُوَحدَة، ثمَّ تَحْتَانِيَّة وطاء مُهْملَة، [أى طرى] غير متغير، قَالَه فى " الْمَشَارِق "، قَالَ: وَكَذَلِكَ لحم عبيط، وفى الْمُجْمل: الدَّم العبيط الذى لَا خلط فِيهِ: الطرى.
[والعلقة] ، يعْنى فى حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا: " الْعلقَة من الطَّعَام " وهى بِضَم الْمُهْملَة، وَسُكُون اللَّام، ثمَّ قَاف وهاء؛ [والنزر] بالنُّون ثمَّ الزاى ثمَّ الرَّاء الْيَسِير فِيهِ، وَمن الْفَاء: [فرْصَة] يعْنى فى حَدِيث: " خذى فرْصَة ممسكة وهى بِكَسْر الْفَاء [/ 216] وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا صَاد مُهْملَة، وهاء: قِطْعَة من قطن أَو صوف مطيبة بالمسك، وَقيل: ذَات مسك أى بجلدها.

(310 - (ص) والفتخ الْخَاتم لَا بفص ... وَقل تقلت عَن التفصى)

(ش) : يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث: " يلقين الفتخ " وهى بِفَتْح الْفَاء والمثناة الفوقانية،

(1/300)


وَآخره مُعْجمَة، فسر فى البخارى: بالخواتيم الْعِظَام يمْسِكهَا النِّسَاء، قيل: هى خَوَاتِيم لَا فصوص لَهَا وَتجمع أَيْضا فتاخا وفتخات، وفى " الجمهرة " فتخة حَلقَة من ذهب أَو فضَّة، لَا فص لَهَا، وَرُبمَا اتخذ لَهَا فص كالخاتم،
وَأما قَوْله: [وَقل] إِلَى آخِره، فَأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيث: " أَشد تفصيا من صُدُور الرِّجَال "، [والتفصى] بِالْمُثَنَّاةِ بعْدهَا فَاء، ثمَّ مُهْملَة: التفلت.
قَالَ فى " الْمَشَارِق: تفصيا: أى زوالا، وخروجا. يُقَال: تفصيت الْأَمر، أى خرجت مِنْهُ وتخلصت.

(311 - (ص) وقدح الرَّاكِب قدح سهم ... وَالْقلب للسوار حَيْثُ ضمُّوا)

(ش) : أما [قدح] بِفَتْح الْقَاف وَالدَّال الْمُهْملَة وَآخره مُهْملَة، فيشير بِهِ إِلَى حَدِيث: " لَا تجعلونى كقدح الرَّاكِب " وهى آنِية مَعْرُوفَة تروى الرجلَيْن وَالثَّلَاثَة، أى لَا تجْعَلُوا الصَّلَاة على بتأخر الدُّعَاء، لِأَن قدح الرَّاكِب يعلق آخر الرحل وَآخر مَا يعلق هُوَ إِمَّا [قدح] يعْنى بِكَسْر أَوله، وَسُكُون ثَانِيَة بعْدهَا مُهْملَة أَيْضا فَهُوَ: السهْم قبل أَن يراش وينصل، فَإِذا أرش ونصل فَهُوَ سهم.

(1/301)


وَقَوله: [وَالْقلب] يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث [/ 217] فَجعلت الْمَرْأَة تلقى قَلبهَا وَهُوَ بِضَم الْقَاف، كَمَا علم من قَول النَّاظِم، ثمَّ لَام سَاكِنة وَآخره مُوَحدَة، هُوَ: السوار من الْعظم، وَقيل: مَا كَانَ تَارَة وَاحِدَة.

(312 - (ص) وكرشى جماعتى وعيبتى ... كنانتى وحمر الكسعة)

(ش) : وَأما [الكرشى والعيبة] فيشير بهما إِلَى حَدِيث الْأَنْصَار كرشى قَالَ فى الْمُجْمل الكرشى: الْجَمَاعَة من النَّاس، وكرشى الرجل عِيَاله، وصغار وَلَده.
[وعيبتى] : بِفَتْح الْمُهْملَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة سَاكِنة وموحدة مَفْتُوحَة، أى مَوضِع سرى وأمانتى.
قَالَ عِيَاض: يُقَال عَيْبَة الرجل: أى مَوضِع سره وأمانته، مَأْخُوذ من عَيْبَة الثِّيَاب، الذى يضع الرجل فِيهَا مَتَاعه.
وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَدِيثِ: أَنهم جماعتى وصحابتى الَّذين اثق بهم وَاعْتمد عَلَيْهِم، وَأما [الكنانة] وهى بِكَسْر الْكَاف ونونين فهى: مستودع النشاب، سميت بذلك؛ لِأَنَّهَا تكنها أى تحفظها.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَلَا أرى عَيْبَة النشاب إِلَّا مَأْخُوذَة من هَذَا وَكَذَا فسر النَّاظِم العيبة بالكنانة وَأما [الكسعة] صَدَقَة، وهى بِضَم الْكَاف وَسُكُون الْمُهْملَة بعْدهَا عين مُهْملَة فهى الْحمر

(1/302)


(313 - (ص) وكفة الْوَزْن اكسرن وَالنُّون ضم ... أَلظُّوا إلزموا نفست النُّون ضم)

(ش) يعْنى أَن [كفة] الْمِيزَان: بِكَسْر الْكَاف، قَالُوا: وَكَذَا كل مستدير، وكفة الثَّوْب وهى بِضَم الْكَاف: طره، يكون فِيهِ من ديباج وَنَحْوه.
وَقَالُوا: وَكَذَا كل مستطيل. وَمن الأول كفة الْمِيزَان، وَمن الثانى فى إِسْلَام عَمْرو يعْنى ابْن الْعَاصِ بن وَائِل قَمِيص [/ 218] مكفوف أى لَهُ كفة.
و [أَلظُّوا] يعْنى فى الحَدِيث: " أَلظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام "، وَهُوَ بالظاء الْمُعْجَمَة، أى: [الزموا] ، واثبتوا عَلَيْهِ، وَأَكْثرُوا من قَوْله، والتلفظ بِهِ فى دعائكم، يُقَال: ألظ بالشئ إلظاظا، إِذا لزمَه، وثابر عَلَيْهِ.
[ونفست] يعْنى حَدِيث: " لَعَلَّك نفست؟ " بِضَم النُّون، هَكَذَا ضَبطه الأصيلى، وَكثير من الشُّيُوخ، قَالَ عِيَاض: وَكَذَا سمعناه من غير وَاحِد، وفى الْولادَة " فنفست بِعَبْد الله " كَذَا أَيْضا ضبطناه بِالضَّمِّ، قَالَ الهروى: يُقَال فى الْولادَة: بِضَم النُّون، وَفتحهَا وفى الْحيض: بِفَتْح النُّون لَا غير وَنَحْوه لِابْنِ الأنبارى، وَذكر أَبُو حَاتِم الأصمعى الْوَجْهَيْنِ

(1/303)


مَعًا فيهمَا، وَالِاسْم من الْولادَة وَالْحيض، والمصدر: النُّفَسَاء، والنفاسة، وَالْولد: منفوس، وَالْمَرْأَة: نفسَاء، مضموم وممدود، ونفسا مثل: سكرى، ونفساء بِالْفَتْح، وَالْجمع: نِفَاس مثل: كرام وَنَفس بِضَم النُّون وَالْفَاء، ونفساوات، ونفساوات.

(314 - (ص) والنئ لم ينضج بِهَمْزَة وَمد ... والنئ وَهُوَ الشَّحْم ياؤه تشد)

(ش) : يعْنى أَن [النئ] بِكَسْر النُّون، والهمزة، وَالْمدّ: الذى لم ينضج، وَمِنْه: " أَمر أَن تلقى لُحُوم الْحمر نيئة ونضيجة " والنئ: الَّتِى لم تطبخ.
وَأما [النئ] بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْيَاء فَهُوَ الشَّحْم.

(315 - (ص) نَقِيع مَوضِع ويهدب اكسر ... ضم صَوت الشَّاة قَالَ تَيْعر)

(ش) : يعْنى أَن [النقيع] وَهُوَ بِفَتْح النُّون، بعْدهَا قَاف، ثمَّ تَحْتَانِيَّة، وَعين مُهْملَة، مَوضِع حماه النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالْخُلَفَاء بعده وَهُوَ صدر وادى العقيق، وَذكره بَعضهم بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَأما [/ 291] [يهذب] وَمِنْه: " أينعت لَهُ ثَمَرَته فَهُوَ يهدبها ". هُوَ بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَضمّهَا، أى يجنيها. [وتيعر] يعْنى، قَوْله: " أَو شَاة تَيْعر " بِالْكَسْرِ تعارا بِالضَّمِّ، وَأكْثر مَا يُقَال لصوت العنز.

(1/304)


(316 - (ص) وَمَا أَتَى بمهمل ومعجم ... حنين صَوت الْأنف واهمل ثمَّ)

(ش) : هَذَا نوع من الْغَرِيب أخص مِمَّا قبله وَهُوَ مَا فِيهِ الإعجام، والإهمال، قَالَ فى " النِّهَايَة ": [الخنين] يعْنى بِالْمُعْجَمَةِ، فى حَدِيث: " كَانَ يسمع خنينه فى الصَّلَاة ": ضرب من الْبكاء دون الانتحاب، قَالَ: وأصل الخنين: خُرُوج الصَّوْت من الْأنف، كالحنين يعْنى بِالْمُهْمَلَةِ من الْفَم، وَحكي فِيهِ القاضى فى " الْمَشَارِق ": الْمُهْملَة، لكنه، قَالَ: إِنَّه بِالْمُعْجَمَةِ أَكثر، قَالَ: وَهُوَ الصَّوْت، قَالُوا: وَالْأول وهم، والخنين: بِالْمُعْجَمَةِ، تردد فى الْبكاء بِصَوْت غنة. وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ الشَّديد من الْبكاء.

(317 - (ص) ذَاته دَعَتْهُ خنقته ... ذلف الأنوف فطسها ذأفته)

(ش) : أى [ذأته] يعْنى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة ومثناة فوقانية، أى خنقته أَشد الخنق، حَتَّى أدلع لِسَانه، فَهُوَ كَمَا قَالَ فى " الْمَشَارِق ": مثل: دَعَتْهُ وفى الحَدِيث: " إِن الشَّيْطَان عرض لى بِقطع الصَّلَاة فأمكننى الله مِنْهُ فدعته " أى خنقته، والذعت: بِالذَّالِ، وَالدَّال: الدّفع العنيف، والدعت أَيْضا: التمعك فى التُّرَاب.

(1/305)


وَقَوله: [ذلف] هُوَ بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام.
قَالَ عِيَاض: وَرَوَاهُ بَعضهم بِالْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا روينَاهُ عَن التميمى بِالْوَجْهَيْنِ وبالمعجمة الْمَعْرُوف، وَالِاسْم الذلف: بِفَتْح اللَّام، وَالرجل أذلف، وَالْمَرْأَة ذلفاء مَمْدُود، وَقيل: [/ 220] مَعْنَاهُ فطس الأنوف، وَقيل: قصر الْأنف وَتَأَخر أرنبته، وَقيل: " تطأمن " فى أرنبته، وَقيل: سَمُرَة فى أرنبته.
وَقَوله: [ذأفته] بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة، وَفَاء، أى: أجهزت عَلَيْهِ، جَاءَ فى الحَدِيث حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد فى غَزْوَة بنى جذيمة: " من كَانَ مَعَه أَسِير فليذيف عَلَيْهِ " أى يُجهز عَلَيْهِ ويسرع فى قَتله، وَقد روى بِالْمُهْمَلَةِ.

(318 - (ص) وشعف الْجبَال شمت فرفض ... نهش صئصئ قصمته وهض)

(ش) : أى أَن [شعف] بالشين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة مفتوحتين، وَآخره فَاء، رُؤُوس الْجبَال، وَمِنْه: " يتبع بهَا شعف الْجبَال " أى رُؤُوس الْجبَال وأطرافها، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَهُوَ لأكثرة رُوَاة " الْمُوَطَّأ "

(1/306)


وَاخْتلف على يحيى بن يحيى فبعضهم يَقُول: شعب: بِضَم الْمُعْجَمَة، وَآخره مُوَحدَة، أى أطرافها، ونواحيها، وَمَا انفرج مِنْهَا. والشعب: مَا انفرج بَين الجبلين، وَهُوَ الْفَتْح، وَعند ابْن المرابط بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ وهم، وَعند الظَّن المسئ بِالسِّين الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة، وَآخره فَاء، وَهُوَ بعيد هُنَا، إِذْ السعف جريد النّخل.
وَأما [شمت] يعْنى: تشميت الْعَاطِس، فَيُقَال بِالْمُهْمَلَةِ، والمعجمة، وَأَصله: الدُّعَاء بِالْخَيرِ، قيل: أَصله من السمت: وَهُوَ الْهدى وَالْقَصْد، وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ على اللغتين، وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين: إِنَّمَا أَصله الشين من شماتته بالشيطان وقمعه بِذكر الله وَحده،
وَأما [رفض] وَالْمعْنَى بِهِ ماجاء فى حَدِيث ابْن صياد: " فرفضه "، فَقَالَ النووى: هُوَ فى أَكثر نسخ بِلَادنَا رفضه بالضاد الْمُعْجَمَة، وَقَالَ [/ 221] القاضى عِيَاض: روايتنا عَن الْجَمَاعَة بالصَّاد الْمُهْملَة، قَالَ بَعضهم: الرفص بالصَّاد الْمُهْملَة الضَّرْب بِالرجلِ مثل الرفس بِالسِّين، قَالَ: فَإِن صَحَّ هَذَا فَهُوَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ القاضى: لَكِن لم أجد هَذِه اللَّفْظَة فى أصُول اللُّغَة، وَوَقع فى رِوَايَة التميمى: (فرفضه) بضاد مُعْجمَة، وَهُوَ وهم، وفى البخارى فى كتاب " الْأَدَب " (فرفضه) بضاد مُعْجمَة، وَرَوَاهُ الْخطابِيّ فى " غَرِيبه " فرفصه بصاد مُهْملَة، أى: ضغطه حَتَّى ضم بعضه إِلَى بعض، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {بُنيان مرصوص} ، قَالَ النووى: يجوز أَن يكون معنى: فرفضه، بِالْمُعْجَمَةِ أى ترك سُؤَاله الْإِسْلَام، ليأسه مِنْهُ حِينَئِذٍ، ثمَّ شرع فى سُؤَاله عَمَّا يرى.
وَأما [نهش] وَهُوَ بهما تبعا كَمَا حَكَاهُ عِيَاض، وَاقْتصر الأصيلى على الإهمال. والنهس: بِالْمُهْمَلَةِ، الْأكل من اللَّحْم وَاحِدَة بأطراف الْأَسْنَان، وبالمعجمة بالأضراس. وَقَالَ

(1/307)


الخطابى: هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أبلغ مِنْهُ فى الْمُعْجَمَة، وَقَالَ ثَعْلَب: النهس: سرعَة الْأكل. وَأما [صئصئ] فبالصاد الْمُهْملَة مَكْسُورَة مَهْمُوزَة الْوسط، وَالْآخر، وقيدة أَبُو ذَر وَبَعض رُوَاة الصَّحِيحَيْنِ، وَقَيده جمَاعَة وَعَامة الشُّيُوخ عَن مُسلم بِالْمُعْجَمَةِ، قَالَ القاضى عِيَاض: كِلَاهُمَا صَحِيح، وبالمعجمة رَوَاهُ أَكثر مَشَايِخ الْمُوَطَّأ، وبالوجهين عِنْد التميمى فيهمَا، وَمَعْنَاهُ: الأَصْل، وَقيل: النَّسْل. وَأما [قضمته] فى بَاب من تسوك بسواك غَيره، فبالقاف، والمهملة، أى: شققته، ثمَّ مضغته: أى لينته بأسنانى، وَعند التميمى: فقضمته بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْمُعْجَمَة، أى: قطعت رَأسه بأسنانى والقضم: العض وفى [/ 222] البخارى فى " الْوَفَاة " مثله للقابسى وَابْن السكن، وَلذَلِك اخْتلف فِيهِ عِنْد (أَبى) ذَلِك.
وَأما [وهض] فَقَالَ الْحذاء: فى حَدِيث: " فرميناه حَتَّى وهضناه " بالضاد الْمُعْجَمَة أى أثخناه، وَعند غَيره بِالْمُهْمَلَةِ وَأَصله: السُّقُوط فَرَوَاهُ بَعضهم فى غير كتاب مُسلم: رهضناه، بالراء وَمَعْنَاهُ حبسناه، وَأَصله دَاء يَأْخُذ الدَّوَابّ فى جوانبها بِحَيْثُ لَا تمشى إِلَّا مَعَ غمز وعثار، والرهض نَفسه الغمز والعثار قَالَ [الدولابى] هُوَ بهاء مَفْتُوحَة ثمَّ صَاد مُهْملَة سَاكِنة، ثمَّ نون، مَعْنَاهُ، رميناه رميا شَدِيدا، وَقيل: أسقطناه إِلَى الأَرْض.

(319 - (ص) والخف والثقل تضار مطرقة ... ونضر الله تضاموا حَقَّقَهُ)

(ش) : هَذَا نوع آخر من الْغَرِيب، وَهُوَ مَا فِيهِ التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف مَعًا وَهُوَ حَدِيث: " وَلَا تضَارونَ " فى رُؤْيَته بتَشْديد الرَّاء، وَأَصله: تضاررون من الضَّرَر، روى بتَخْفِيف

(1/308)


الرَّاء من الضير وَكِلَاهُمَا وَاحِد، أى: لَا يُخَالف بَعْضكُم بَعْضًا فيكذبه وينازعه، فيضره بذلك، وَقيل: من المضايقة وَلَا تضايقون، والمضارة: المضايقة، وَيصِح أَن يكون المتضارون، بِفَتْح الرَّاء، أى الأولى، أى لَا يضركم غَيْركُمْ بمنازعته وجرأته وبمضايقته، أَو يكون يضاررون: بِكَسْرِهَا، أى: لَا تضروا أَنْتُم غَيْركُمْ بذلك؛ لِأَن المجادلة إِنَّمَا تكون فِيمَا يخفى، والمضايقة إِنَّمَا تكون فى الشئ يرى فى غير وَاحِد وجهة مَخْصُوصَة، وَقدر مُقَدّر، وَالله تَعَالَى متعال عَن ذَلِك، وَقيل: مَعْنَاهُ لَا تَكُونُوا أحزابا فى التراع فى [/ 223] ذَلِك وَقيل: تضاررون: لَا يمنعكم مِنْهُ مَانع.
وَأما [مطرقة] (كَأَن وُجُوههم كالمجان المطرقة) ، فروى بتَخْفِيف الرَّاء وتشديدها، وَأما [نضر الله] فى حَدِيث " نضر الله أمرءا سمع مقالتى "، فَقَالَ عِيَاض: بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد، وَالتَّخْفِيف أَكثر لأهل الْأَدَب، وَالتَّشْدِيد أَكثر لأكْثر الشُّيُوخ، قَالَ ابْن خَلاد: وَالتَّخْفِيف هُوَ الصَّحِيح وصححهما مَعًا عِيَاض، وَمَعْنَاهُ: نعمه، وَقيل: حسنه، وَقيل: أوصله نَضرة النَّعيم، وَقيل: وَجهه فى النَّاس، وَحسن حَاله وَوجه نضر وناضر ومنضور، وَالِاسْم: النضرة، والنضارة.
وَأما [تضاموا] فيروى بتَشْديد الْمِيم، وتخفيفها، قَالَه عِيَاض. فَمَعْنَى الْمُشَدّدَة من الإنضمام، أى لَا تزدحمون حِين النّظر إِلَيْهِ، وَهَذَا إِذا قَدرنَا (تضَامون) بِفَتْح الْمِيم الأولى

(1/309)


وَيكون تضَامون: بِكَسْرِهَا، أى تزاحمون غَيْركُمْ فى النّظر إِلَيْهِ كَمَا تضاررون. فَمن خفف الْمِيم فَمن الضيم، وَهُوَ الظُّلم، أى لَا يظلم بَعْضكُم بَعْضًا فى النّظر إِلَيْهِ وَيقدر على مَنعه لسهولته.

(320) (ص) تنسح نسحا جمة قد غَلطا ... حمارة سبيا وبالجيم خطا)

(ش) : هَذَا نوع آخر من الْغَرِيب وَهُوَ مَا فِيهِ وَجْهَان، ثَانِيهمَا غلط أَو ضَعِيف، وَمِنْه النقير: هى النَّخْلَة. [تنسح] بِالْحَاء الْمُهْملَة [نسحا] أى ينحى عَنْهَا قشرها وتملس وتنقر نقرا، أى يحْفر فِيهَا للانتباذ، قَالَ القاضى: كَذَا ضبطناه عَن كَافَّة شُيُوخنَا، وفى كثير من نسخ مُسلم عَن ابْن ماهان [تنسج] بِالْجِيم وَكَذَا ذكره الترمذى وَهُوَ خطأ وتصحيف لَا وَجه لَهُ وَكَذَا عِنْد [/ 224] ابْن الْحذاء تبقر بقرًا بِالْمُوَحَّدَةِ وَأما [حمارة] وَأَشَارَ إِلَى حَدِيث جَابر: " فَوَضَعته على حمارة من حَدِيد " فَقَالَ النووى: هُوَ بِكَسْر الْحَاء وَتَخْفِيف الْمِيم، أى أَعْوَاد تعلق عَلَيْهَا السقية من المَاء، وفى " النِّهَايَة ": ثَلَاثَة أَعْوَاد يشد بعض أطرافها إِلَى بعض، وَيُخَالف بَين أرجلها ويعلق عَلَيْهَا الْإِدَاوَة ليبرد المَاء، وَتسَمى بِالْفَارِسِيَّةِ سهباى.
والمتعارف [سبيا] كَمَا فسره النَّاظِم وَمن قَالَ: جمارة بِالْجِيم فقد أَخطَأ وصحف

(1/310)


(321 - (ص) وَكَافِر بالعرش الضَّمَان صَحَّ ... مسيك شدد وَافْتَحْ الْمِيم صَحَّ)

(ش) يعْنى أَن قَوْله فى مُتْعَة الْحَج فطناها، وَهَذَا [كَافِر بالعرش] صَحَّ مِنْهُ ضم الْعين وَالرَّاء وَآخره مُعْجَمه كَذَا رَوَاهُ الْأَشْيَاخ، وَعند بَعضهم بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء، قَالَ بَعضهم: وَهُوَ خطأ أَو تَصْحِيف، وَالْأَشْهر فى مَعْنَاهُ: مَا هُوَ الظَّاهِر مِنْهُ وَأَنَّهُمْ تمتعوه قبل إِسْلَام هَذَا. وَقيل: مَعْنَاهُ: كَافِر مُقيم بالكفور بِالضَّمِّ، وهى الْقرى. وَالْعرش: الْبيُوت هُنَا جمع عَرِيش، وَهُوَ كل مَا يستظل بِهِ، والسقف يُسمى عَرِيشًا، وبيوت مَكَّة تسمى عرشا، قَالَ: وَلَا تبعد هَذِه الرِّوَايَة على هَذَا التَّأْوِيل فى أَسمَاء مَكَّة الْعَرْش، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء.
وَقَوله: [مسيك] يُشِير بِهِ إِلَى قَول امْرَأَة أَبى سُفْيَان: " إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك " أَكثر الروَاة يضبطونه بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة، وَمَعْنَاهُ: الْمُبَالغَة فى الْبُخْل، وَرِوَايَة المتقنين وَأهل الْغَرِيب [مسيك] بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين وَكَذَا ضَبطه المستملى قَالَ [/ 225] عِيَاض: وَكَذَا قيدناه عَن أَبى بَحر فى مُسلم، وبالوجهين عَن أَبى الْحُسَيْن، والمسيك: الْبَخِيل، وَكَذَا ذكره أهل اللُّغَة.

(322 - (ص) وَصوب الْجِيم بنجل اغْتسل ... عائرة شَاة وبالقلب وَهل)

(ش) : أى أَن الْبُخْل فى حَدِيث ثُمَامَة، فَانْطَلق إِلَى نجل، وَذكر اغتساله بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَهُوَ: الغدير الذى لَا يزَال فِيهِ المَاء، وروى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة. قَالَ عِيَاض:

(1/311)


هَكَذَا هى رِوَايَة بِالْخَاءِ، وَذكره ابْن دُرَيْد بِالْجِيم، وَهُوَ المَاء الجارى، وَهُوَ الذى أَشَارَ النَّاظِم إِلَى تصويبه.
وَقَوله: [عايرة] يعْنى الْوَارِد فى قصَّة الْمُنَافِق إِذْ قَالَ: كالشاة بِفَتْح الْمُهْملَة، وَبعد التَّحْتَانِيَّة رَاء مُهْملَة، أى مترددة بَين غنمين. تعير إِلَى هَذَا مرّة، وَإِلَى هَذَا مرّة فَيذْهب ويجئ، لَا تدرى إِلَى أَيهمَا ترجح.
وَقَوله: [وبالقلب وَهل] أى وَمن قَالَ غائرا وراغبية بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ وَهل أى غلط.

(323 - (ص) ويستحلون الحرا الْخَزّ صَحَّ ... لم يبتئر ويأتبر يبتئر صَحَّ)

(ش) : يعْنى أَن قَوْله يسْتَحلُّونَ الْحر بالإهمال، وَتَخْفِيف الرَّاء وهم، اسْم لفرج الْمَرْأَة مَعْلُوم. وَرَوَاهُ بَعضهم بتَشْديد الرَّاء، وَهُوَ خطأ، وَالْأول: الصَّوَاب، وَصحح النَّاظِم بِالْخَاءِ والزاى الْمُعْجَمَة.
وَأما [يبتئر] وَهُوَ الذى وَقع فى حَدِيث أَبى سعيد أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ذكر رجلا مِمَّن كَانَ قبلكُمْ أَتَاهُ الله مَالا وَولدا، فَلَمَّا حضر، قَالَ لِبَنِيهِ: أى أَب كُنْتُم لكم؟ قَالُوا: خير أَب. قَالَ: " فَإِنَّهُ لم يبتئر عِنْد الله خيرا " فضبط بِفَتْح التَّحْتَانِيَّة وَسُكُون الْمُوَحدَة وَفتح [/ 226] المثناه الفوقانية بعد تَحْتَانِيَّة مَهْمُوزَة، وَآخره رَاء مُهْملَة. وَفَسرهُ قَتَادَة: لم يدّخر. وَحكى

(1/312)


[يأتبر] بِفَتْح التَّحْتَانِيَّة، وَسُكُون الْهمزَة، وَفتح الْمُثَنَّاة. (و) الفوقانية وَكسر الْمُوَحدَة. وهما صَحِيحَانِ، ومعناهما وَاحِد، وَالْأول أشهرهما. وَلذَلِك صَححهُ النَّاظِم. وَلَكِن يسكن همزته لضَرُورَة النّظم، وفى اللَّفْظَة غير ذَلِك مِمَّا لَا نطيل بههنا.