الفصل للوصل المدرج في النقل

باب: ذكر أخبار من وصل المرسل المقطوع بالمتصل المرفوع وأدرجه في الأحاديث
...
69- حديث آخر:
أخبرنا محمد بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَتُّوثِيُّ، نا أَحْمَدُ بن محمد بن عبد الله القطان، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وأنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأ أبو سهل بن زياد1، ثنا يحيى بن جعفر ـ هو ابْنُ أَبِي طَالِبٍ ـ أنا عَلِيُّ بْنِ عَاصِمٍ2 قَالَ: نا ـ وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ أنا ـ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ3، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
"قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ قَرَأَ عَلَى الجن؟ قال: ما شهده مِنَّا أَحَدٌ وَلا عَلِمْنَا بِهَا4 فقدناه تيك اللَّيْلَةَ، فَخِفْنَا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ اغْتَالَهُ، فَتَفَرَّقْنَا عَلَيْهِ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ نَطْلُبْهُ، فَلَمَّا
__________
1 هو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن زياد أبو سهل القطان.
2 في الأصل عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، والصواب علي بن عاصم كما ذكره المؤلف بعد ذلك.
3 ابن شراحيل أبو عمرو الشعبي ـ بفتح الشين المعجمة ـ.
4 في الأصل على الضمير علامة تضبيب، ولعلها بسبب تأنيث الضمير، وكأنه يرى أن الأولى تذكيره لرجوعه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي نظري أن التأنيث أولى، لرجوع الضمير إلى الليلة, والله أعلم.

(2/621)


بَدَا لَنَا الصُّبْحُ رَأَيْتُ عِيرًا، فَتَوَجَّهْتُ نَحْوَهَا لِنَسْأَلَهُمْ عَنْهُ، فَلَقِيتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ اللَّيْلَةَ، فَخِفْنَا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ اغْتَالَكَ، فَتَفَرَّقْنَا فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ نَطْلُبْكَ.
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَ يُرِينِي آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا أَرَادُوا الانْصِرَافَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُبَلِّغُنَا إِلَى بِلادِنَا؟ قَالَ: كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ بعرة فلدوابكم يكون علفاً، فلا تَسْتَنْجُوا بِزَادِ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهُمْ جِنُّ الجزيرة" 1.
حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الأُرْمَوِيُّ2 ـ لَفْظًا بِنَيْسَابُورَ ـ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ ـ بِنَسَا3، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ:
"سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ: هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (89/ب) ليلة الجنة؟ فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أنا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: لا، وَلَكِنْ كُنَّا مَعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
1 لم أقف عليه من رواية علي بن عاصم، عن ابن أبي هند.
2 قال السمعاني الأنساب 1/ 173: بضم الألف، وسكون الراء، وفتح الميم، وفي آخرها الواو، هذه النسبة إلى أرمية، وهي من بلاد أذربيجان.
3 قال في معجم البلدان 5/ 281-282: بفتح أوله ـ مقصور ـ والنسبة الصحيحة إليها نسائي، وقيل: نسوي أيضاً ـ وكان من والواجب كسر النون: وهي مدينة بخراسان بينها وبين سرخش يومان، وبينها وبين مرو خمسة أيام. اهـ.

(2/622)


ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ1 أَوِ اغْتِيلَ، قَالَ: فَبِتْنَا بشرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ، فَلَمْ نَجِدْكَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، قَالَ: أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا نِيرَانَهُمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: لَكُمْ كُلَّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يقع في أيديكم، أو فرماً يكون لحماً، وكل بعر عَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ" 2.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ3 الْحَافِظُ، نَا عبد الله بن جعفر بن أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ4، نا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: "قُلْتُ لابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ كُنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ بِمَكَّةَ، فَطَلَبْنَاهُ فِي الشِّعَابِ وَفِي الأَوْدِيَةِ فَقُلْنَا: اغْتِيلَ؟ ... اسْتُطِيرَ؟ قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بها قوم.
__________
1 قال ابن الأثير: أي ذهب به بسرعة كأن الطير حملته أو اغتاله أحد، والاستطارة والتطاير: التفرق والذهاب. النهاية 3/ 151-152.
2 هذه الرواية من طريق ابن خزيمة عن ابن المثنى، عن عبد الأعلى، انظرها في صحيح ابن خزيمة 1/ 44-45 ح 88، كتاب الطهارة، باب ذكر العلة التي من أجلها زجر عن الاستنجاء بالعظام والروث.
ومن طريق محمد بن المثنى عن عبد الأعلى ... به أخرجه مسلم 1/ 332 ح 150 من كتاب الصلاة.
وأخرجه أيضاً من هذا الطريق ـ الحافظ البيهقي في الكبرى 1/ 108-109.
3 أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إسحاق الأصبهاني.
4 سليمان بن داود الطيالسي.

(2/623)


فَلَمَّا أَصْبَحْنَا رَأَيْنَاهُ مُقْبِلا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِتْنَا بِشَرِّ ليلة بات بها قوم، فَقَدْنَاكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الجن فانطلقت أقرئهم1 القرآن، فانطلق بنا فأردنا بُيُوتَهُمْ وَنِيرَانَهُمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: كُلُّ عَظْمٍ لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسم2 يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا وَكُلُّ بَعَرَةٍ3 عَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بهاما، وقال: هما4 زاد إخوانكم الْجِنِّ" 5.
كَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَعَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ وُهَيْبِ بْنُ خَالِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ.
وتابعهم عدي بن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ عَدِيٍّ، فَرَوَاهُ عَنْ دَاوُدَ كَذَلِكَ سِيَاقَةً وَاحِدَةً مَرْفُوعًا مُتَّصِلا، وَبَعْضُ الْمَتْنِ لَيْسَ هُوَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرْوِيهِ مُرْسَلا لا يُسْنِدُهُ إِلَى أَحَدٍ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ "وَسَأَلُوهُ الزَّادَ" إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، فَأُدْرِجَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عاصم وعبد الأعلى.
__________
1 في الأصل: "أقرئهم" ووضع عليه علامة التضبيب، والتصويب من مسند الطيالسي.
2 هكذا في الأصل ومسند الطيالسي، وفي الروايات السابقة واللاحقة "اسم الله".
3 في هذا الموضع من الأصل علامة التضبيب، ولعله بسبب نصب "علفاً"، وهو كذلك منصوباً في مسند الطيالسي، وفي بعض الروايات السابقة ذكر الناصب له، وهو فعل "يكون علفاً"، وسيأتي في بعض الروايات "علف" بالرفع، والوجهان جائزان، والله أعلم.
4 في الأصل "هو" وعلم عليه بعلامة التضبيب، والتصويب من المسند الطيالسي، والسياق يقتضي ذلك، والله أعلم.
5 رواه أبو داود الطيالسي في المسند 37 ح 281 بهذا الإسناد والسياق، وأخرجه من طريق موسى بن إسماعيل عن وهيب، عن داود ... به الإمام أبو داود في سننه 1/ 67 ح 85، كتاب الطهارة، باب الوضوء بالنبيذ، إلا أنه عنده مختصرا إلى قوله: "ما كان معه أحد".

(2/624)


وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ وُهَيْبٍ وَيَزِيدَ، وَفِي رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
وَرَوَى الْحَدِيثَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَبِشْرُ بن المفضل (90/أ) عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، فَبَيَّنُوهُ وَفَصَّلُوا كَلامَ الشَّعْبِيِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُسْنَدِ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زريع مميزاً مبيناً، وهذا دليل عَلَى أَنَّ أَبَا دَاوُدَ حَمَلَ رِوَايَةَ يَزِيدَ عَلَى رِوَايَةِ وُهَيْبٍ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَهُمَا.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ عَنِ دَاوُدَ الْمُسْنَدَ مِنَ الْحَدِيثِ فَقَطْ دُونَ الْكَلامِ الَّذِي أَرْسَلَهُ الشَّعْبِيُّ.
وَرَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قِصَّةَ سُؤَالِ الْجِنُّ الزَّادَ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ.
وَرَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُدَ الْفَصْلَ الأَخِيرَ فِي النَّهْيِ عَنِ الاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثِ وَالْعِظَامِ حَسْبُ دُونَ مَا قَبْلَهُ.
ووصل عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ جَمِيعًا مَا رَوَيَاهُ
__________
1 أشار إلى روايات هؤلاء الجماعة التي فيها الإدراج الحافظ البيهقي بقوله في السنن الكبرى 1/ 109: ... ورواه جماعة عن داود مدرجاً في الحديث من غير شك.
كما نص على الإدراج في هذا الحديث الحافظ الدارقطني في العلل ـ نسخة في مكتبة خاصة، وهي غير مرقمة.

(2/625)


وَأَسْنَدَاهُ فَأَخْطَأَ فِيهِ خَطَأً فَاحِشًا؛ لأَنَّهُمَا تَرَكَا أَوَّلَ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْمُسْنَدُ، وَرَوَيَا مَا لَيْسَ بِمُسْنَدٍ، وَلَوْ رَوَيَا الْجَمِيعَ وَأَدْرَجَا الإِسْنَادَ كَانَ أَيْسَرَ لِوَهْمِهِمَا وَأَقْوَمَ بِعُذْرِهِمَا.
وأما حديث عدي بن عبد الرحمن الذي ساقه سياقة واحدة وأدرجه نحو ما تقدم:
فأخبرناه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْحَرْبِيُّ، نا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، نَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ ـ بِالرَّمْلَةِ1 ـ قَالا: نا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْكَلاعِيُّ، نا الربيع بن نوح، نا محمد بن حَرْبٍ2، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ3، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ4، عَنْ داود بن أبن هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: "قُلْتُ لابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ صَحِبَ رَسُولُ اللَّهِ
__________
1 قال ياقوت: الرملة واحدة الرمل، مدينة عظيمة بفلسطين، بينهما وبين بيت المقدس ثمانية عشر يوماً. اهـ ملخصاً من معجم البلدان 3/ 69.
2 الخولاني الحمصي المعروف بالأبرش ـ بالمعجمة ـ.
3 هو سعيد بن عبد الجبار أبو عثمان، ويقال أبو عثيم ـ مصغراً ـ الحمصي ـ، الزبيد ـ بضم الزاي مصغَّراًَ.
قال أبو محمد بن أبي حاتم في الجرح والتعديل ـ في ترجمة عَدِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ ـ 7/ 3: روى الربيع بن نوح عن مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عن عدي الطائي، عن ابن أبي هند بنسخة، ... فسألت أبي عن الزبيدي من هو؟ فقال: هو سعيد بن عبد الجبار، قال أبو محمد: سعيد هذا هو الذي قدم الريّ، ضعيف. اهـ. بتصرف.
هذا وضعفه أيضاً علي بن المديني، والنسائي، وابن عدي، وكان جرير يكذبه. التهذيب 4/ 53.
4 والد الهيثم بن عدي، ذكره ابن حبان وقال: روى الزبيدي عنه عن داود بن أبي هند نسخة مستقيمة. الثقات 7/ 291، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 7/3 ولم يذكر فيه شيئاً.

(2/626)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ لَيْلَةَ الْجِنِّ أَحَدٌ؟
فَقَالَ: فَقَدْنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ حَتَّى قُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا أَحَدٌ.
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا افْتَرَقْنَا نَطْلُبْهُ، فَإِذَا هُوَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا أَحَدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَانْطَلَقْتُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَسَأَلُونِي الزَّادَ" 1.
قَالَ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ: هَذَا آخِرُ حَدِيثِ يَحْيَى.
وَقَالَ أَحْمَدُ2 بْنُ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ: وَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: كُلُّ عَظْمٍ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ في أيديكم أوفر لحماً، وكل بعرة علف لِدَوَابِّكُمْ، فَلا تَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ وَلا بَعَرَةٍ، فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" 1.
وأما حديث إسماعيل بن3 علية الذي فصل بين كلام الشعبي الذي أرسله وبين ما قبله:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُمَيْرَوَيْهِ، أَخْبَرَكُمْ أَحْمَدُ (90/ب) بْنُ نَجْدَةَ، نا سَعِيدُ بْنُ منصور، نا
__________
1 لم أقف عليه من هذا الطريق بهذا السياق، والله أعلم.
2 في هذا الموضع من الأصل علامة تضبيب، وهو تنبيه على سقوط "عمرو"، إذ الصواب: أحمد بن عمرو بن جابر كما مرّ في الإسناد.
3 إسماعيل بن إبراهيم بن علية.

(2/627)


إسماعيل بن إبراهيم، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ1، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: "قُلْتُ لابْنِ مَسْعُودٍ: أَكُنْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: ما صحبه منا أحد، لكنا فَقَدْنَاهُ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا: اغْتِيلَ؟ اسْتُطِيرَ؟ مَا فَعَلَ؟ 2 فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ حَتَّى أَصْبَحْنَا، وَكَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ، إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ3، وَذَكَرُوا الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَانِي وَافِدُ الْجِنِّ، فَأَتَيْتُهُمْ فقرأت عليهم، فَانْطَلَقَ بِنَا، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ".
قَالَ الشَّعْبِيُّ: "وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، وَكَانُوا مِنْ جِنِّ الْجَزِيرَةِ، فَقَالَ: كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ رَوْثَةٍ أو بعرة علف لِدَوَابِّكُمْ، فَلا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمُ الْجِنِّ" 4.
وأما حديث ابن أبي زائدة بمثل هذه الرواية:
فأخبرناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، نا
__________
1 عامر بن شراحيل الشعبي.
2 في الأصل على هذه الكلمة تضبيب، ولعله بسبب أن هذه الكلمة لم تكن في الروايات السابقة، وهي في المسند 1/ 436.
3 في هذا الموضع من الأصل علامة تضبيب، ولعل ذلك تنبيه إلى الاختصار الحاصل في هذه الرواية، وهو مذكور في المسند 1/ 436.
4 رواية ابن علية هذه أخرجها الإمام مسلم في صحيحه حديث 150 من كتاب الصلاة 1/ 332.
ورواه أيضاً الإمام أحمد في المسند 1/ 436.
ورواه الترمذي في جامعه 5/ 382 ح 3258 تفسير سورة الأحقاف.

(2/628)


عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حدثني أبي، نا إسماعيل ويحيى1 بن أَبِي زَائِدَةَ الْمَعْنَى قَالا: 1 أنا داود، عن الشعبي.
وأخبرناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ الْخِرَقِيُّ، نا ابْنُ ذُرَيْحٍ2، نا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ3، نا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ4، نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: "قُلْتُ لابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ صَحِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةً بِمَكَّةَ فَقُلْنَا: اغْتِيلَ؟ اسْتُطِيرَ؟ مَا فَعَلَ؟ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ ـ أَوْ قَالَ: فِي السَّحَرِ ـ إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرُوا الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ".
قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: سَأَلُوهُ الزَّادَ ـ قَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ عَامِرٌ: فَسَأَلُوهُ لَيْلَتَئِذٍ الزَّادَ، وَكَانُوا مِنْ جِنِّ الْجَزِيرَةِ ـ فَقَالَ: كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ بعرة أو روثة علف لِدَوَابِّكُمْ، قَالَ: فَلا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" 5، لفظ حديث التميمي.
__________
1 في الأصل: "نا يحيى ... قال: "، والتصويب من المسند 1/ 436.
2 مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذُرَيْحٍ ـ بالمعجمة بعدها راء، بعدها مثناة تحتية، وآخره مهملة ـ كذا في ترجمة شيخه ـ مسروق ـ في التهذيب 10/ 112.
3 أبو سعيد الكندي الكوفي، قال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في ثقاته (التهذيب 10/ 112) . وقال في التقريب 334: صدوق له أوهام.
4 يحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ.
5 رواه أحمد في المسند 1/ 436.
وعزاه المزي في تحفة الأشراف 7/ 112 ح 9463 إلى النسائي ـ في التفسير من الكبرى ـ عن أحمد بن منيع، عن يحيى بن أبي زائدة ... به.
وأخرجه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه 1/ 44 ح 82.
وابن حبان في صحيحه 1/ 504 ح 1419.

(2/629)


وأما حديث بشر بن المفضل وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى:
فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، نا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا مسدد.
وأخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ نا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالا: نا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ.
قَالَ عُمَرُ: وَنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ الأَنْصَارِيُّ، نا جَمِيلُ1 بْنُ الْحَسَنِ، نا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، نا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
"قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ: أَشَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ لَيْلَةَ أَتَاهُ دَاعِي الْجِنِّ؟ قال: لا، كنا فقدناه فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَقُلْنَا: اغْتِيلَ؟ اسْتُطِيرَ؟ ".
قَالَ: فلما (91/أ) أَصْبَحْنَا تَفَرَّقْنَا فِي شِعَابِ مَكَّةَ، فَإِذَا هُوَ مُنْحَدِرٌ عَلَيْنَا مِنْ جَبَلِ حِرَاءَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رسول الله، فَقَدْنَاكَ اللَّيْلَةَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَقُلْنَا: اغْتِلْتُ؟ اسْتُطِرْتُ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الجن، قال: فانطلق بنا
__________
1 بفتح الجيم، ابن الحسن بن جميل العتكي، أبو الحسن الجهضمي الأهوازي، قال ابن عدي في الكامل 2/ 594: لا أعلم له حديثاً منكراً، وأرجو أنه لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات 8/ 164 وقال: يغرب، قال الحافظ في التقريب 57: صدوق يخطئ، أفرط فيه عبدان.

(2/630)


فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ".
قَالَ عامر: "فبلغني أنهم سألوا الزاد، فقال: كُلُّ عَظْمٍ وَقَعَ فِي أَيْدِيكُمْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَأَوْفَرِ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ بعرة علف لِدَوَابِّكُمْ، قَالَ: فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِالْبَعَرِ وَالْعِظَامِ، وَقَالَ: إِنَّهُ طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" 1. قَالَ عُمَرُ: لَفْظُ ابْنِ مَنِيعٍ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَنَحْوُهُ لَفْظُ مُسَدَّدٍ.
وأما حديث إسحاق بن أبي إسرائيل عن يزيد بن زريع:
فأخبرناه أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَطَّانُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْخَلَّالُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، نا جَدِّي، نا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: "قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ صَحِبْتَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، قَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ ... "، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، قَالَ عَامِرٌ: وَسَأَلُوهُ الزَّادَ ... فَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ2.
وأما حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ داود الذي اقتصر فيه على رواية المسند فقط:
فَحَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الأُرْمَوِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ ـ بِنَسَا ـ أنا الْحَسَنُ بْنُ سفيان، نا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
__________
1 لم أقف على رواية بشر بن المفضل ولا رواية عبد الأعلى، إلا أن أبا بكر بن أبي شيبة أخرج في المصنف 1/ 156، الجزء المقطوع على عامر الشعبي في النهي عن الاستنجاء بالبعر والعظم ـ فقط ـ وذلك من طريق عبد الأعلى.
2 لم أجده من رواية إسحاق بن أبي إسرائيل.

(2/631)


ابن إِدْرِيسَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث مُخْتَصَرًا إِلَى قَوْلِهِ: "وَآثَارِ نِيرَانِهِمْ"1.
وأما حديث عبد الوهاب بن عطاء عن داود الذي أفرده عما قبله وأسنده:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "سَأَلَتِ الجنُّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ لَيْلَةٍ لَقِيَهُمْ فِي بَعْضِ شِعَابِ مَكَّةَ الزَّادَ، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ عَظْمٍ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ قَدْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَالْبَعَرُ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ، فَقَالُوا: إِنَّ بني آدم يبخثون عَلَيْنَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: لا تستخبثوا بروث الدابة، ولا عظم، فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" 2.
وأما حديث حفص بن غياث المختصر من آخر المتن:
فَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حرب، نا زكريا ابن عَدِيٍّ3، نا حَفْصٌ عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يستنجى بالروث والعظم، وَقَالَ: إِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الجن" 4.
__________
1 أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 1/ 33 ح 150 من كتاب الصلاة.
2 لم أجده من طريق عبد الوهاب.
3 ابن الصلت التيمي مولاهم، أبو يحيى، نزيل بغداد.
4 رواه أبو عيسى الترمذي في جامعه 1/ 29 ح 18 كتاب الطهارة، باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به، عن هناد بن السري، عن حفص ... به، ورجح الترمذي رواية ابن علية التي فيها إرسال الشعبي للنهي عن الاستنجاء بالعظم والروث على هذه الرواية حيث قال: وكأنه رواية إسماعيل بن علية أصح من رواية حفص، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم. اهـ.
ورد هذا الترجيح الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي في الحاشية رقم "6" مستدلاً بكون حفص ثقة، وبأن الراوي قد يصل الحديث وقد يرسله مرة أخرى لسبب من الأسباب، وبأن حفصاً لم ينفرد بوصله، بل قد تابعه عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ـ سبق تخريجها من مسلم ـ اهـ.
وهذا الحديث أخرجه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عن حفص ... به، عن علقمة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... به، ولم يذكر فيه عبد الله بن مسعود. المصنف 1/ 155.

(2/632)


أخبرنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن عثمان التميمي ـ بدمشق ـ أنا القاضي أبو بكر (91/ب) يوسف
ابن القاسم الميانجي، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاكِرٍ، نا أَبُو سَعِيدٍ1 الأَشَجُّ، نا حفص عن داود.
وأخبرناه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَرْبِيُّ، نا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
قَالَ عُمَرُ: وَنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، نا عبد الله بن الوضاح اللؤلؤي.
قَالَ عُمَرُ: وَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرِ ـ بْنِ الْفَضْلِ ـ بالأُبُلَّة2 ـ قَالُوا: نا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الله بن سعيد الأشج.
__________
1 عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي.
2 بضم أوله وثانيه، وهي باء موحدة، وتشديد اللام وفتحها، بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى، وهي أقدم من البصرة، خرج منها جماعة من العلماء. معجم البلدان 1/ 76-78.

(2/633)


قَالَ: وَنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ1، وَأَبُو حَازِمٍ2 الْقَاضِي، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ3 قَالا: نا أَبُو هِشَامٍ4 الرِّفَاعِيُّ، قَالُوا: نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلا بِالْعِظَامِ، فَإِنَّهُ5 زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" 6.
قَالَ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ: اللَّفْظُ قَرِيبٌ.
70- حديث آخر:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ7 الْحَافِظُ، نَا عبد الله بن جعفر بن أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ8، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو عامر الخزاز9 صالح بن
__________
1 ابن صاعد.
2 عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ العبدوي.
3 لعله الأبنوسي، ذكره الخطيب في شيوخ تلميذه هنا، أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ. تاريخ بغداد 11/ 272.
4 محمد بن يزيد بن حمد بن كثير العجلي، قال ابن معين: ما أرى به بأساً، وقال العجلي: كوفي لا بأس به صاحب قرآن. وقال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه. وضعفه النسائي، وابن نمير والحافظ في التقريب 324، وغيرهم. التهذيب 9/ 526.
5 في هذا الموضع من الأصل تضبيب، لعله بسبب إفراده الضمير، وحقه التثنية.
6 لم أقف على تخريجه.
7 أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهاني.
8 سليمان بن داود الطيالسي.
9 بالخاء المعجمة، ثم زايين بينهما ألف، وثقه أبو داود السجستاني، والطيالسي، "وابن حبان، والبزار، ومحمد بن وضاح.
وضعفه ابن معين، والعجلي، وأبو حاتم، والدارقطني"، مات سنة 152هـ. التهذيب 4/ 391.

(2/634)


رُسْتُمَ، عَنْ ثَابِتٍ1، عَنْ أَبِي2 رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَجُلا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تُنَقِّي الأَذَى مِنَ الْمَسْجِدِ، فَدُفِنَتْ فَلَمْ يُؤْذِنُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا، فَانْطَلَقَ إِلَى الْقَبْرِ فَأَتَى عَلَى الْقُبُورِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مُمْتَلِئَةٌ عَلَى أَهْلِهَا ظُلْمَةً، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنَوِّرُهَا عَلَيْهِمْ بِصَلاتِي، ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْ أَخِي مَاتَ وَقَدْ دُفِنَ فَصَلِّ عَلَيْهِ قَالَ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الأنصاري" 3.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، نا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا مُسَدَّدٌ، نا حماد بن زيد عن ثابت، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ إِنْسَانًا أَسْوَدَ أَوْ إِنْسَانَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَ4، فَفَقَدَهَا رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ذَاكَ الإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَتْ أَوْ مَاتَ، قَالَ: فَهَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهَا، فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يُنَوِّرُهَا بِصَلاتِي عليها" 5.
__________
1 ابن أسلم البُناني ـ بضم الموحدة ونونين مخففتين ـ أبو محمد البصري.
2 نفيع بن الصائغ المدني نزيل البصرة.
3 رواه أبو داود الطيالسي في المسند 321 ح 2446.
4 كتب عليه في الأصل "كذا"، وهذا الشك وارد في أكثر الروايات كما سيأتي تخريجها.
5 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 47، هذه الرواية عن مسدد، ونحوه أخرجه مسلم 2/ 659 ح 71 من كتاب الجنائز عن أبي الربيع الزهراني وأبي كامل فضيل بن حسين الجحدري عن حماد بن زيد ... به.

(2/635)


أخبرنا هِلالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ، نا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ مَخْلَدٍ الْكُوفِيُّ، نا الْحِمَّانِيُّ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ فَصَلَّى عَلَى رجل بعد ما دُفِنَ ثُمَّ قَالَ: مُلِئَتْ هَذِهِ الْمَقْبَرَةُ نُورًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ مُظْلِمَةً" 1.
اتفق أبو داود الطيالسي ومسدد2 (92/أ) من طريق معاذ بن المثنى عنه على رواية هذا الحديث عن حماد بن زيد، عن ثابت البناني سياقة متقاربة، وتابعهما يحيى بن الحماني على رواية آخر المتن عن حماد.
وقرن أبو داود رواية حماد برواية أبي عامر الخزاز عن ثابت، ومن المتن كلام أدرج في حديث أبي هريرة وليس منه، وهو قوله: " إن هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا بِصَلاتِي عليها أو عليهم".
كان ثابت يرسل هذا الكلام (عَنِ) 3 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يسنده4، بين ذلك عارم5 بن الفضل، وعفان بن مسلم، ومحمد بن عبيد بن حساب6 جميعا عن حماد بن زيد.
__________
1 لم أجده بهذا السياق من رواية الحماني، والحماني متكلم فيه كما مرَّ بيان ذلك.
2 في هامش الأصل: "قوبل فصح إن شاء الله تعالى".
3 في الأصل "على"، ولعل ما أثبته أنسب للسياق، والله أعلم.
4 نص على ذكر الإدراج والإرسال في هذا الحديث الحافظ البيهقي في السنن الكبرى 4/ 47، وكذلك الحافظ في الفتح 1/ 553، وذكر أنه ذكر جميع طرقه وبينها في كتابه "تقريب المنهج في ترتيب المدرج"، وهو مفقود فيما أعلم.
5 بالمهملة والراء، هذا لقب لمحمد بن الفضل السدوسي.
6 بكسر الحاء وتخفيف السين المهملتين.

(2/636)


وقد روى هذا الحديث سليمان بن حرب، ومسدد من طريق أبي داود السجستاني عنه، ويونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن زيد، فاقتصروا على ذكر المسند منه فقط، دون ما أرسله ثابت.
أما حديث سليمان بن حرب ومسدد بذلك:
فَأَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن عمرو اللؤلؤي، نا أَبُو دَاوُدَ، نا سُلَيْمَانُ بن حرب ومسدد قالا: نا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ أَوْ رَجُلا كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ: مَاتَ، فَقَالَ: أَلا آذَنْتُمُونِي بِهِ، قَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ" 1.
وأما حديث يونس بن محمد عن حماد الموافق لهذه الرواية:
فأخبرناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، نَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا حَمَّادٌ ـ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ـ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ أَوْ رَجُلا كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَفَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: مَاتَ، فَقَالَ: أَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، قَالُوا: إِنَّهُ كَانَ قَالَ2، فقال2: "دلوني على قبره ودلوه، فأتى قبره، فصلى
__________
1 أخرجه أبو داود السجستاني في سننه 3/ 541 ح 3203، في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر عن سليمان ومسدد.
ومن طريق سليمان بن حرب "فقط" أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كنس المسجد والتقاط الخرق ... . الفتح 1/ 552 ح 458.
2 في هذين الموضعين إشارات تضبيب، وذلك أن الكلام غير مستقيم التركيب، وهو هكذا في مسند أحمد 2/ 353، ولعله سقط منه "كذا وكذا" بعد "كان" ـ أي يحقرون شأنه كما في بعض الروايات الآتية.

(2/637)


عَلَيْهِ1.
وأما حديث عارم بن الفضل الذي أورد فيه الكلمات التي كان ثابت يرسلها وبينها وميزها عن الألفاظ المسندة:
فأخبرناه مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرِ2 بْنِ شاذان، قالا: أنا حامد
ابن محمد الهروي، نا ـ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شَاذَانَ: أنا ـ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ،
نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ أَوْ رَجُلا كَانَ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ فَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ، فَذُكِرَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ذَاكَ الإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلا آذَنْتُمُونِي؟ قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: كَانَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَحَقَّرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ" 3.
قَالَ حَمَّادٌ: فَأَتْبَعَ ثَابِتٌ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ: "فَنُبِّئْتُ أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى قَبْرًا وَصَاحِبُهُ يُدْفَنُ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: فُلانٌ، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن هذه (92/ب) الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وإن الله ينورها بصلاتي عليها".
__________
1 رواه أحمد في مسنده 2/ 353.
2 الحسن بن أحمد بن إبراهيم.
3 إلى هذا القدر من الحديث أخرجه أبو عبد الله البخاري في كتاب الجنائز من صحيحه، باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن عن محمد بن الفضل ـ عارم ـ عن حماد بن زيد ... به. الفتح 3/ 204 ح 1337. وأما الجزء المرسل من الحديث فأخرجه الحافظ البيهقي في السنن الكبرى 4/ 47 عن أحمد بن عبدة الضبي، عن حماد ... به.

(2/638)


وأما حديث عفان عن حماد الموافق لرواية عارم هذه1:
فأخبرناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ الْقَطِيعِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي،
نا عَفَّانُ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ إِنْسَانًا كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَسْوَدَ، فَمَاتَ
أَوْ مَاتَتْ فَفَقَدَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الإِنْسَانُ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ؟ قَالَ: فَقِيلَ مَاتَ، فَقَالَ: هَلا آذَنْتُمُونِي بِهِ؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ2، قَالَ: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا، قَالَ: فَأَتَى الْقَبْرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا، قَالَ ثَابِتٌ: عِنْدَ ذَاكَ
أَوْ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ" 3.
وأما حديث محمد بن عبيد بن حساب عن حماد نحو هذه الرواية:
فأخبرناه أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْفَقِيهُ، نا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ4، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ ابن حِسَابٍ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ أَوْ رَجُلا كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ تُوُفِّيَتْ فَفَقَدَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهَا بعدُ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ أَوْ مَاتَتْ، قَالَ: فَهَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟ قَالُوا: إِنَّهُ كَانَ مِنْ أَمْرِهَا، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا" 5، وَذَكَرَ كَلامَ ثابت6.
__________
1 في هذا الموضع من الأصل إشارة تضبيب!!!
2 هنا علامة التضبيب، ولعله لسقوط كلمة "ليلاً" الموجودة في أصل الرواية في المسند 3/ 388.
3 رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 388.
4 أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
5 لم أقف على رواية ابن حساب هذه.
6 في هامش الأصل "بلغ مقابلة في السابع عشر حسب الطاقة، والله أعلم".

(2/639)


71- حديث آخر:
أخبر1 الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن علي بن ثابت الخطيب ـ بدمشق1 يوم قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ، أنا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن عيسى البرقي، نا خَلَفُ بْنُ مُوسَى بْنِ خلف2.
قال: وأخبرنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلَّافُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ مُوسَى، نا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ3 وَالْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ4، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ5 أن عبد الله
ابن مَسْعُودٍ قَالَ: "تَحَدَّثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَكْرَيْنَا6 الْحَدِيثَ، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأنبياء بأتباعها، وإذا النَّبِيُّ مَعَهُ ثُلَّةٌ مِنْ أُمَّتِهِ، وَإِذَا النَّبِيُّ مَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ، وَإِذَا النَّبِيُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَإِذَا النَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَقَدْ أَنْبَأَكُمُ اللَّهُ عَنْ قَوْمِ لُوطٍ، فَقَالَ: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} 7.
قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِي مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ8 مِنْ بني إسرائيل، فلما
__________
1 في هذين الموضعين من الأصل كلمة"كذا" ولعل ذلك تنبيهاً على أن ما بينهما سياقها يقتضي أنها ليست من كلام المؤلف، ولعلها من زيادات الناسخ، والله أعلم.
2 أيضاً في هذا الموضع كلمة "كذا"، وخلف هذا هو العمي ـ بفتح العين المهملة وتشديد الميم ـ قال الحافظ: صدوق يخطئ. التقريب 93.
3 ابن أبي الحسن يسار البصري مولى الأنصار.
4 ابن مطر العدوي، أبو نصر البصري.
5 هو الصحابي رضي الله عنه.
6 قال في النهاية 4/ 170: أي أطلناه وأخّرناه.
7 الآية 78 من سورة هود.
8 بالضم والفتح: الجماعة المتضامة من الناس وغيرهم. النهاية 4/ 144.

(2/640)


رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبُونِي وَرَاعُونِي1، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قُلْتُ:
يَا رَبِّ، أَيْنَ أُمَّتِي؟ قَالَ: انْظُرْ عَنْ يمينك، فنظرت، فإذا الطراب2 طراب مَكَّةَ قَدْ سُدَّ مِنْ وُجُوهِ الرِّجَالِ، فَقَالَ: أَرَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ؟ قُلْتُ: رَضِيتُ، "قَالَ: انْظُرْ عَنْ يَسَارِكَ، فَإِذَا الأُفْقُ قَدْ سُدَّ من وجوه الرِّجَالِ، قَالَ: أَرَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فقلت: يا رَبِّ، رَضِيتُ"3، قَالَ: وَمَعَ هَؤُلاءِ (93/أ) سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عُكّاشة بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِ اسْتَطَعْتُمْ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ، فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أصحاب الطراب، فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ الأُفْقِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ نَاسًا يَتَهَاوَشُونَهُ4 كَثِيرًا، قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَنْ يَتْبَعُنِي مِنْ أُمَّتِي رُبْعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرَ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرَ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرَ الْقَوْمُ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} 5 ثم تذاكروا بَيْنَهُمْ؛ مِنْ هَؤُلاءِ السَّبْعِينَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْمٌ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ لم يعرفوا غيره،
__________
1 أي أفزعوني. النهاية 2/ 277-278.
2 بالمهملة والراء: الطرق الضيقة المتفرقة. النهاية 3/ 117، القاموس 1/ 101.
3 ما بين علامتي التنصيص أُلحق في الهامش، وكتب "صح أصل".
4 قال في النهاية 5/ 282: الهوش: الاختلاط: أي يدخل بعضهم في بعض. اهـ. وهذه الكلمة في معجم الطبراني الكبير 10/ 5 ح 9765: يتهاوشون بدون "الهاء"، ولعله أصوب، والله أعلم.
5 الآيتان 39، 40 من سورة الواقعة.

(2/641)


وَمَاتُوا وَهُمْ عَلَيْهِ، حَتَّى رُفع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هُمُ الَّذِينَ لا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْتَرِقُونَ،
وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" 1.
لَفْظُ الْحَدِيثِ لِمُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ وَحَدِيثُ الْبِرْتِيِّ مِثْلُهُ لا يُخَالِفُهُ إِلا في الكلمة والحرف.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حمدان، نا عبد الله بن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، نا محمد
ابن بَكْرٍ2، أنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن والعلاء بن زياد، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عبد الله بن مسعود قال: "تَحَدَّثْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ ... "3، فَذَكَرَهُ.
اتفق موسى بن خلف العمي وسعيد بن أبي عروبة على رواية هذا الحديث عن قتادة، عن الحسن والعلاء بن زياد جميعا عن عمران بن حصين.
ورواه معمر بن راشد، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وشيبان بن
__________
1 أخرجه من طريق موسى بن خلف الحافظ أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير 10/ 5 ح 9765، وذلك من طريق شيخه علي ابن عبد العزيز البغوي، عن خَلَفُ بْنُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ العمي، عن أبيه ... به.
2 ابن عثمان البرساني ـ بالموحدة والراء المهملة ـ أبو عبد الله أو عثمان البصري، وثقه أبو داود وابن سعد وابن حبان والعجلي وابن معين في رواية الدارمي عنه. وقال أحمد: صالح الحديث. وقال أبو حاتم: محله الصدق. التهذيب 9/ 77-78. وقال الحافظ في التقريب 291: صدوق يخطئ.
3 رواه الإمام أحمد في المسند 1/ 420 عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عن قتادة به، وأخرجه من طريق ابن أبي عروبة الحافظ الطبراني
في المعجم الكبير 10/ 7 ح 9768.

(2/642)


عبد الرحمن النحوي من رواية الحسن بن موسى الأشيب عنه، ثلاثتهم عن قتادة، عن الحسن وحده عن عمران،
لم يذكروا العلاء بن زياد في إسناده. وساق معمر وشيبان المتن بطوله سياقة واحدة.
وكذلك ساقه أبو عمر1 الحوضي عن هشام الدستوائي، عن قتادة.
وبعض المتن ليس من حديث ابن مسعود، وإنما حديث ابن مسعود من أوله إلى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سبقك به عكاشة"، وما بعده كان يرسله الراوي ولا يسنده إلى أحد، ويقول فيه: وذكر لنا، وأحسب بل لا أشك أن القائل ذلك قتادة، فإنه كان كثيرا ما يفعل هذا في الأحاديث.
وقد روى أحمد بن حنبل عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام، عن قتادة من أول الحديث إلى (93/ب) قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سبقك بها عكاشة" لم يزد على ذلك2.
وذكر يعقوب بن شيبة أنه رأى هذا الحديث في كتاب بعض أصحابهم عن عبد الصمد، عن الدستوائي من أوله إلى قوله عليه السلام: "سبقك بها عكاشة"، وبعده: وبلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنْ استطعتم فداً لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي أَنْ تَكُونُوا من السبعين فافعلوا".
قال الخطيب: روى أبو داود الطيالسي الحديث بطوله عن هشام، إلا أنه جوده وبين المسند الموصول والمرسل والمقطوع، وفصل بينهما في روايته.
__________
1 حفص بن عمر النمري الحوضي.
2 سيأتي تخريجها، وكذلك الروايات السابقة لها قريباً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

(2/643)


فأما حديث معمر عن قتادة:
فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بن منصور الرمادي، نا عبد الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
"أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ: عُرِضت عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ اللَّيْلَةَ بِأُمَمِهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الثَّلاثَةُ1، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى مَرَّ عليَّ مُوسَى مَعَهُ كَبْكَبَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَعْجَبُونِي، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ فَقِيلَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بني إسرائيل.
قال: قلت: فَأَيْنَ أُمَّتِي؟ قَالَ: فَقِيلَ: انْظُرْ عن يمينك، فنظرت، فإذا الطراب قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، قَالَ: ثم قيل لي: انْظُرْ عَنْ يَسَارِكَ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا الأُفْقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، فَقِيلَ لِي: أَرَضِيتَ؟ فَقُلْتُ: رَضِيتُ يَا رَبِّ، رَضِيتُ
يَا رَبِّ، قال: فقيل لي: فإن هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فداً لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي، إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا فَافْعَلُوا، فَإِنْ قَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أهل الطراب، فَإِنْ قَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الأُفْقِ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ ثَمَّ ناساً يتهاشون، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ السَّبْعِينَ، قَالَ: فَدَعَا لَهُ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يجعلني منهم،
__________
1 هكذا في الأصل، وفي المصنف 10/ 408، ومسند أحمد 1/ 401، وأما الطبراني في المعجم 10/ 6 فإنه قال: ثلة، وقد وضع عليها في الأصل هنا علامة تضبيب، والله أعلم.

(2/644)


فَقَالَ: قَدْ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ، قَالَ: ثُمَّ تَحَدَّثْنَا فَقُلْنَا: مَنْ ترون هؤلاء السبعين ألفاً؟ 1 قوم ولدوا في الإسلام ولم يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا حَتَّى مَاتُوا، فبلغ (94/أ) ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْتَرِقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وعلى ربهم يتوكلون" 2.
وأخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَدَّلُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، نا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عن عبد الله بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ3.
رَوَاهُ أبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى، فَسَاقَ الْمَتْنَ بِطُولِهِ، إِلا أَنَّهُ قَدَّمَ الْفَصْلَ الَّذِي فِي ذِكْرِ عُكَّاشَةَ عَلَى قَوْلِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا إِلَى آخِرِ الْفَصْلِ، كما روى موسى
ابن خَلَفٍ، وَبِخِلافِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ، فَيَكُونُ ذِكْرُ عُكَّاشَةَ فِي رِوَايَةِ"4 مَعْمَرٍ
مِنَ الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا إلى ذكر عكاشة في الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الآخَرِينَ يَكُونُ ذِكْرُ عُكَّاشَةَ مِنَ الْمُسْنَدِ، وَالْفَصْلُ الآخَرُ مِنَ الْمُرْسَلِ، وَهُوَ الصواب.
__________
1 في هذا الموضع من الأصل تضبيب، والعبارة هي هكذا في الأصل والمصنف ومسند أحمد والمعجم الكبير.
2 رواه عبد الرزاق في المصنف 10/ 408 ح 19519، رواه من طريقه كل من الإمام أحمد في المسند 1/ 401، والطبراني
في الكبير 10/ 6-7 ح 9766.
3 لم أجد رواية الحسن الأشيب هذه.
4 ما بين إشارتي التنصيص ألحق في الهامش، وكتب بعده (صح أصل) .

(2/645)


وروى يونس بن محمد المؤدب عن شيبان المسند من الحديث فقط، على1 مثل ما رواه أحمد بن حنبل عن عبد الصمد ابن عبد الوارث، عن هشام، عن قتادة.
أخبرناه علي بن محمد بن عبد اللَّهِ الْمُعَدَّلُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ2 الرَّزَّازُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
ـ هُوَ ابْنُ الْمُنَادِي ـ نا يُونُسُ بْنُ محمد أبو محمد، ثنا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ
ابن حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:
"تَحَدَّثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى أَهْلِنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهَا عُرِضَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ الأَنْبِيَاءُ بِأُمَمِهَا وَأَتْبَاعِهَا مِنْ أُمَمِهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الثَّلاثَةُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ الْيَسِيرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَا مَعَهُ أَحَدٌ، قَالَ: وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى لُوطٍ، فَقَالَ: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} 3. قال: حتى أتىعليَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَوْكَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبُونِي، فَقُلْتُ: رَبِّي، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي إسرائيل، قُلْتُ: رَبِّي، فَأَيْنَ أُمَّتِي؟ قَالَ: انظر عن يمينك، فإذا الطراب طراب مَكَّةَ قَدْ سُدَّتْ4 بِوُجُوهِ الرِّجَالِ.
__________
1 كانت العبارة في الأصل: (على ما مثل ما رواه ... ) ووضع على (ما) الأولى علامة التضبيب، فلعلها زائدة لا محل لها هنا، والله أعلم.
2 بالموحدة والخاء المعجمة ـ وقد مر مراراً، والرزاز ـ براء وزايين.
3 الآية 78 من سورة هود.
4 في هذا الموضع من الأصل إشارة تضبيب.

(2/646)


قَالَ: فَقُلْتُ: رَبِّ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، قَالَ: فَقِيلَ لي: رضيت؟ قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ، رَضِيتُ، قَالَ: انْظُرْ عَنْ يَسَارِكَ، قَالَ: فَإِذَا الأُفْقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، قَالَ: قِيلَ لِي: أَرَضِيتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: رَبِّ رَضِيتُ، قَالَ: فَإِنَّ مَعَ هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَأَنْشَأَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَحَدُ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، قَالَ: فَأَنْشَأَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ1، فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ" 2.
وأما حديث أبي عمر الحوضي عن هشام (94/ب) عن قتادة:
فَأَخْبَرَنِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَزَارِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْخَلَّالُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، نا جَدِّي، نا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نا هِشَامٌ ـ يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ ـ عن قتادة، عن الحسن بن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ:
"تَحَدَّثْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَا إِلَى رِحَالِنَا، ثُمَّ غدونا عَلَيْهِ، فَقَالَ: عُرِضَ عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ الْبَارِحَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الثَّلاثَةُ أَوْ الثُّلَّةُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ مُوسَى فِي كَبْكَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَعْجَبَتْنِي، فَقُلْتُ: رَبِّ، أُمَّتِي؟ قِيلَ: انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا بَشَرٌ كَثِيرٌ يتهاوشون، قيل: انظر يسارك، فإذا الطراب مُنْسَدٌّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، قِيلَ: هَذِهِ أمتك، قلت: رب، رضيت،
__________
1 هنا إشارة تضبيبن إشارة إلى حذف جملة "ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ"، والله أعلم.
2 لم أقف عليه من طريق شيبان بن عبد الرحمن.

(2/647)


رَبِّ، رَضِيتُ، قَالَ: فَإِنَّ لَكَ سِوَى هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ: فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ1، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهِ
أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: قَدْ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ.
فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ فَافْعَلُوا، فَإِنْ قَصَّرْتُمْ فَكُونُوا
مِنَ الَّذِينَ رَأَيْتُ عن اليمين، فَإِنْ قَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الطراب2، فإني رَأَيْتُ ثَمَّ بَشَرًا كَثِيرًا يَتَهَاوَشُونَ، فَتَذَاكَرْنَا السَّبْعِينَ، فَقُلْنَا: هُمْ قَوْمٌ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ3 فَمَاتُوا عَلَيْهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: بَلْ هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرِقُونَ، وَلا يَكْتَوُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} 4 5
__________
1 في الأصل هنا إشارة تضبيب.
2 في الأصل "الضراب" بالضاد المعجمة ـ أخت الصاد، ولم أجده في شيء من طرق الحديث بل كلها ـ بالطاء المهملة ـ أخت الظاء ـ وقد ذكر معناه في أول الحديث، والله أعلم.
3 هنا علامة تضبيب.
4 الآيتان 39، 40 من سورة الواقعة.
5 رواه الطبراني في المعجم الكبير 10/ 7 ح 9767 عن أبي مسلم الكشي، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي، عن هشام ... به، إلا أنه قال ـ في نهاية الإسناد ـ نحو حديث معمر، ولم يسق لفظه.

(2/648)


وأما حديث أحمد بن حنبل عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام الذي اقتصر فيه على سياقة المسند فقط1:
فأخبرناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، نَا عَبْدُ الصَّمَدِ،
نَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عن عبد الله بن مسعود أَنَّهُ قَالَ:
"تَحَدَّثْنَا لَيْلَةً عِنْدَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى أَهْلِنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ بِأُمَمِهَا وَأَتْبَاعِهَا مِنْ أُمَمِهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الثلاثة من أمته، والنبي مَعَهُ الْعِصَابَةُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ النَّفَرُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ معه (95/أ) الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ مَا مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أعجبوني، قلت: ربِّ، من هؤلاء؟ فَقَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قُلْتُ: يَا رَبِّ، فَأَيْنَ أُمَّتِي؟ قَالَ: انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ، فإذا الطراب طراب مَكَّةَ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، فقلت: مَنْ هَؤُلاءِ يَا رَبِّ؟ قَالَ: أُمَّتُكَ، قُلْتُ: رَضِيتُ رَبِّ، قَالَ: رضيت؟ قلت: نعم، قال: فانظر عَنْ يَسَارِكَ، قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا الأُفْقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، فقال: رضيت؟ فقلت: رَضِيتُ، قِيلَ: فَإِنَّ مَعَ هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ.
فَأَنْشَأَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَحَدُ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ أنشأ رجل منهم آخر
__________
1 هنا إشارة تضبيب.

(2/649)


فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ" 1.
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَزَارِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْخَلَّالُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب، جَدِّي قَالَ: وَرَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ كتاب أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنِ الدَّسْتُوَائِيِّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهُ ـ إِلَى قَوْلِهِ: "سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ"، ثُمَّ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: وبلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنْ استطعتم فداً لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ فَافْعَلُوا" 2.
قَالَ جَدِّي: فَفَصَلَ هَذَا الرَّاوِي عَنْ هِشَامٍ هَذَا الْحَدِيثَ، فَجَعَلَ أَوَّلَهُ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قِصَّةِ عُكَّاشَةَ، وَجَعَلَ آخِرَهُ أنه بلغه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كأنه عن غيره من حملة الْحَدِيثِ، لا أَدْرِي إِلَى مَنْ قَصَدَ مِنْهُمْ فَأَرْسَلَ آخِرَهُ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ مِمَّنْ رَوَاهُ فَجَعَلُوا أَوَّلَ الْحَدِيثِ وَآخِرَهُ مُسْنَدًا، وَلَمْ يَفْصِلُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ2.
وأما حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ3 عَنْ هشام4 الذي ساقه بطوله، وميز مسنده من مرسله كما ذكره يعقوب بن شيبة أنه رآه في كتاب صاحبه عن عبد الصمد5:
__________
1 رواه الإمام أحمد في المسند 1/ 420 عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام ... به.
2 لم أقف على رواية يعقوب بن شيبة هذه، والله أعلم.
3 سليمان بن داود.
4 ابن أبي عبد الله الدستوائي.
5 ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم.

(2/650)


فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ1، نَا عبد الله بن جعفر بن أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نَا هِشَامٌ،
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عن عبد الله بن مسعود قَالَ:
"كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى أَهْلِنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عرض عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ بِأُمَمِهَا وَأَتْبَاعِهَا مِنْ أممها، فجهل يمر النبي معه الثلة، والنبي مَعَهُ الْعِصَابَةُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالنَّبِيُّ مَا مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ حَتَّى مَرَّ عليَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ من بني إسرائيل (95/ب) فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبُونِي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قُلْتُ: يَا رَبِّ، فَأَيْنَ أُمَّتِي؟ قِيلَ: انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا الطراب طراب مَكَّةَ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ. قُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قِيلَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، قِيلَ: رَضِيتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَدْ رَضِيتُ، قِيلَ: انْظُرْ عَنْ يَسَارِكَ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا الأُفْقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ، قُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قِيلَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، "قِيلَ: رَضِيتَ؟ "2، قُلْتُ: نَعَمْ رَبِّ، رَضِيتُ، قِيلَ: فَإِنَّ مَعَ هَؤُلاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَأَنْشَأَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَخُو3 بَنِي أَسَدٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فقال: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ آخر فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ بْنُ محصن.
__________
1 أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إسحاق الأصبهاني.
2 هذه الجملة كتب في الهامش وكتب بعدها "صح أصل".
3 كتب في هذا الموضع من الأصل "كذا"، ولعله تنبيهاً إلى أنه تقدم سابقاً بـ "أَحَدُ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ"، وهو كذلك "أخو بني أسد في مسند الطيالسي".

(2/651)


قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فداً لَكُمْ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ فَكُونُوا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أهل الطراب1، فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الأُفْقِ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ ثمَّ نَاسًا يَتَهَاوَشُونَ كَثِيرًا.
قَالَ: وذكر لنا أن رجلاً من المؤمنين أو أناساً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تَرَاجَعُوا بَيْنَهُمْ فَقَالُوا: مَا تَرَوْنَ السَّبْعِينَ؟ حَتَّى صُيِّرُوا2 مِنْ أُمُورِهِمْ أَنْ قَالُوا: نَاسٌ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ فَلَمْ يَزَالُوا يعملون به3 حتى ماتوا4 عَلَيْهِ، فَبَلَغَ حَدِيثُهُمْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ليس كذاكم5، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ لا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْتَرِقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يتوكلون، وذكر لنا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أن يكون من اتبعني رُبْعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ: إِنِّي لأَرْجُو
أَنْ تَكُونُوا الشَّطْرَ، قَالَ: فَكَبَّرُوا، وَتَلا هَذِهِ الآيَةَ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} 6.
__________
1 في مسند الطيالسي ـ بالظاء المعجمة، وهي الجبال الصغيرة، وإحداها: ظرِب على وزن كتِف، أما الطاء المهملة ولعله المناسب للسياق ـ الطرق الضيقة المتفرقة. النهاية 3/ 117، 156.
وقال في الصحاح للجوهري 1/ 17 ـ طرب ـ: والمطارب: الطرق المتفرقة، وإحداها مطربة.
2 في مسند الطيالسي "صبروا" بالموحدة، وقال محققه في الحاشية = 2 = لعله سبروا ـ بالمهملة والموحدة ـ، ولعل ما في المتن هنا أنسب للسياق، والله أعلم.
3 هنا علامة تضبيب.
4 في الأصل "موتوا".
5 هكذا في الأصل وفي مسند الطيالسي.
6 رواه أبو داود الطيالسي في المسند 53-54 ح 404.

(2/652)


72- حَدِيثٌ آخَرُ:
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ (نا محمد بن أحمد اللؤلؤي، نا أَبُو دَاوُدَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ) 1، نا ابْنُ وَهْبٍ2، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ3 اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ4 أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ قَاعِدًا عَلَى الْمِنْبَرِ، فَأَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا، إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ أَخْبَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَقْتِ الصَّلاةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ5 يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلاةِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ـ يَحْسِبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ6 الشَّمْسُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ
__________
1 ما بين القوسين سقط من الأصل، وكتب أمامه في الهامش بخط مغاير "سقط من هنا رجلان وأكثر"، والتصويب من أمرين: الأول: وجود الحديث في سنن أبي داود عن ابن وهب بهذا الإسناد والسياق. ثانياً: الجادة عند الخطيب أن يروي سنن أبي داود بهاذ الإسناد.. أبو عمر الهاشمي عن اللؤلؤي ... وقد تكرر هذا الإسناد عند الخطيب في كتابنا هذا أكثر من أربعين موضعاً، والله تعالى أعلم.
2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري.
3 وثقه ابن معين والعجلي. وقال ابن عدي: يروي عنه ابن وهب نسخة صحيحة. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان في الثقات 6/ 74: يخطئ، كان القطان يسكت عنه. وضعفه القطان أخِراً وأحمد والنسائي وغيرهم.
التهذيب 1/ 208، وقال في التقريب 26: صدوق يهم.
4 مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزهري.
5 اسمه عقبة بن عمرو الأنصاري البدري.
6 في الأصل هنا علامة تضبيب، والكلمة هكذا أيضاً في سنن أبي داود.

(2/653)


بَيْضَاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّلاةِ فَيَأْتِي ذي الْحُلَيْفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّي المغرب حين تَسْقُطُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الأُفْقُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حَتَّى يجتمع (96/أ) النَّاسُ، وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ1، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ كَانَتْ صَلاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ، لَمْ يعد إلى أن يسفر" 2. هكذا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عن أسامة بن زيد.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظُ، أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ،
نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ3 التِّرْمِذِيُّ، نَا أَبُو صَالِحٍ4، نَا اللَّيْثُ5، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ محمد
ابن مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى كَرَاسِيِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَعَ عُمَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَدَعَاهُ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاةِ الْعَصْرِ، فَأَمْسَى قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا، فَلَمَّا رَجَعُوا قَالَ عُرْوَةُ: هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى
__________
1 الغلس ـ بفتح الغين المعجمة واللام وآخره المهملة ـ هو ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصبح. النهاية في غريب الحديث 3/ 377.
2 رواه أبو داود السجستاني في باب المواقيت من كتاب الصلاة من سننه 1/ 278 ح 394.
وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 250 ح 1 من باب ذكر بيان المواقيت، وكذلك أخرجه أيضاً البيهقي في سننه 1/ 363
باب جماع أبواب المواقيت، كلاهما من طريق الربيع بن سليمان، عن عبد الله بن وهب به مثله، ومن طريق أبي داود أخرجه
ابن عبد البر في التمهيد 8/ 18.
3 محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي.
4 عبد الله بن صالح بن محمد الجهني المصري، كاتب الليث بن سعد، سبق الكلام عليه وبيان ما قيل فيه.
5 ابن سعد الفهمي المصري الإمام.

(2/654)


مَعَهُ وَأَخْبَرَهُ بِوَقْتِ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: أَخْبَرَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ
أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تنزَّل1 عَلَّيَ جِبْرِيلُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد يصلي الظهر حين تَزِيغَ الشَّمْسُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مرتفعة يسير الرجل حتى يَنْصَرِفُ (الرَّجُلُ) 2 مِنْهَا إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ ـ سِتَّةَ أَمْيَالٍ ـ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتِ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الأُفْقُ، وَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيُغَلِّسُ بِهَا، ثم صلاها يوماً فَأَسْفَرَ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى الإِسْفَارِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" 3.
وَقَدْ وَهِمَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ إِذْ سَاقَ جَمِيعَ هَذَا الحديث بهذا الإسناد، لأَنَّ قِصَّةَ الْمَوَاقِيتِ لَيْسَتْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ فِيهَا: وَبَلَغَنَا أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولَ الشَّمْسُ
إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ4. بَيَّنَ ذَلِكَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ5 فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وفصل
__________
1 في المعجم الكبير للطبراني "نزل".
2 كتب على هذه الكلمة "كذا"، وهي ليست في رواية الطبراني في المعجم الكبير.
3 رواه الطبراني في الكبير 17/ 259 ح 716 من طريق أبي صالح ويحيى بن بكير عن الليث.
4 نص على ذلك أيضاً الحافظ الدارقطني في العلل (نسخة في مكتبة خاصة) حيث ذكر أن أسامة أدرجه ـ يعني مواقيت الصلاة ـ في حديث أبي مسعود، وخالفه يونس وابن أخي الزهري، فروياه عن الزهري قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ مواقيت الصلوات الخمس بغير إسناد فوق الزهري.
5 في الأصل "زيد" والصواب ما أثبته، وهو الأيلي ـ بفتح الهمزة وسكون التحتانية ـ، وهو معروف بروايته عن الزهري، هذا ولم أقف على يونس بن زيد في التراجم ولا في تلاميذ الزهري أيضاً، والعلم عند الله.

(2/655)


حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ الْمُسْنَدَ مِنَ حديث المواقيت1 المرسل، وأورد كل واحد منهما مفرداًَ.
وَقَدْ رَوَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، وَاللَّيْثُ
ابن سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَمَعْمَرُ بْنُ راشد، وعبيد الله بن زِيَادٍ الرُّصَافِيُّ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قِصَّةَ الْمَوَاقِيتِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ بِسَبِيلٍ، وَاللَّهُ أعلم2.
وأما حَدِيثُ مَالِكٍ:
فَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عبيد الله3 الحرفي4، وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ5 قَالُوا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، نا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ، نا عَبْدُ الله بن مسلمة
ابن قعنب (96/ب) الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ6 بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ
__________
1 في الأصل "الموافق" والتصويب مما سيأتي في آخر هذه الترجمة عند ما يسوق المؤلف رواية يونس هذه.
2 ذكر ذلك أيضاً الدارقطني في العلل، وابن عبد البر في التمهيد 8/ 12.
3 في الأصل "عبد الله" ـ مكبراً ـ، والتصويب من تاريخ بغداد 10/ 303 واللباب 1/ 357.
4 بضم الحاء المهملة وسكون الراء وكسر الفاء ـ هذه النسبة للبقال في بغداد ولمن يبيع الأشياء التي تتعلق بالبقالين، وإلى قبائل شتى، وممن ينسب للأول أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبيد الله بن محمد بن الحسين الحرفي. انظر اللباب 1/ 357.
5 الحسن بن أحمد بن إبراهيم المعروف بابن شاذان.
6 قال ابن عبد البر في التمهيد 8/ 11: ظاهر رواية مالك هذه يدل على الانقطاع، لقوله أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ... فدخل عليه عروة، ولم يذكر فيه سماعاً لابن شهاب من عروة، ولا سماعاً لعروة من بشير بن أبي مسعود ... إلى أن قال: وهذا الحديث متصل عند أهل العلم مسند صحيح لوجوه ... ثم ذكر هذه الوجوه....، ومنها الروايات الأخرى التي جاءت مصرحة بالسماع.

(2/656)


عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلاةَ يوماً وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ:
"مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ (نَزَلَ) 1 فَصَلَّى، فَصَلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُ".
قَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ: أَعْلَمُ ما تحدث به يَا عُرْوَةُ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلاةِ، قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ2.
قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي3 بِهِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قبل أن تظهر" 4.
__________
1 ما بين القوسين سقط من الأصل وأثبته من الموطأ، والسياق يقتضي إثباته والله أعلم.
2 رواه مالك في الموطأ 1/ 3 ح 1، 2 من كتاب وقوت الصلاة بهذا الإسناد والسياق، ومن طريق القعنبي عن مالك أخرجه البخاري في أول كتاب مواقيت الصلاة (الفتح 2/ 3 ح 521) ، ومسلم في باب أوقات الصلوات الخمس من كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/ 425 ح 167، ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 274.
3 في الأصل تضبيب، لأن هذه الكلمة كانت "حدثني" مسندة للمذكر، والتصويب من الموطأ ومسلم والتمهيد.
4 راجع تخريجه في الحاشية السابقة قريباً.

(2/657)


وأما حديث عقيل1:
فأخبرناه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظُ، أنا أَحْمَدُ بن محمد بن عبد الله الْقَطَّانُ، نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ2 التِّرْمِذِيُّ،
نَا أَبُو صَالِحٍ3، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ـ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز على المدينة ـ فقال:
أمسى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بِصَلاةِ الْعَصْرِ ـ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ ـ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ:
"يَا مُغِيرَةُ، أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتَ، قَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أُمِرْتُ".
قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَاعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةَ، أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ الصَّلاةَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: كذلك كان بشير
ابن أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ4.
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ: نا ابْنُ بكير5، حدثني الليث بنحوه.
__________
1 بضم أوله وفتح القاف ـ ابن خالد بن عقيل ـ بفتح أوله وكسر القاف ـ الأيلي ـ بالياء التحتية، كذا في التهذيب
لابن حجر 7/ 255-256.
2 محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي.
3 عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد.
4 أشار الدارقطني إلى رواية عقيل هذه عن الزهري في العلل، ولم يسق لفظها، هذا وأخرج الطبراني في الكبير 17/ 260 ح 717 عن رشدين بن سعد، عن عقيل ويونس نحوه، ورشدين ضعيف. التقريب 103.
5 يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بكير.

(2/658)


وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ1:
فَأَخْبَرَنَاهُ أبو علي أحمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصَّيْدَلانِيُّ ـ بِأَصْبَهَانَ ـ أنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطبراني، نا إسحاق
ابن إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ عُرْوَةَ ابن الزبير، قال عروة: أمسى المغيرة بِصَلاةِ الْعَصْرِ ـ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ ـ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتَ، لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ خَمْسَ مرات بقوله2، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أُمِرْتُ".
فَقَالَ عمر لعروة: (97/أ) اعْلَمْ مَا تَقُولُ، أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ وَقْتَ الصَّلاةِ. فَقَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ
ابن أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ3.
وأما حديث الليث بن سعد:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُمْ أحمد بن سلمة4.
__________
1 عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن جريج المكي.
2 هكذا في الأصل أوله ـ موحدة ـ وفي الطبراني الكبير 17/ 257 ح 712: يقوله ـ بالمثناة التحتانية ـ وفي المصنف
لعبد الرزاق 1/ 541 ح 2045: بقوله يقوله.
3 رواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف 1/ 541 ح 2045.
ومن طريقه أخرجه الطبراني 17م 257 ح 712.
4 ابن عبد الله أبو الفضل البزاز ـ آخره راء ـ النيسابوري.

(2/659)


قَالَ الْبَرْقَانِيُّ1: وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيِّ2، أَخْبَرَكَ الْفِرْيَابِيُّ3 وَالْحَسَنُ ـ هو ابن سفيان ـ قال: حدثنا قُتَيْبَةُ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الأَزْهَرِ، حَدَّثَكُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالا: نا اللَّيْثُ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: أَمَا أَنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: عُمَرُ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ:
"سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ،
ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، فَحَسَبَ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ" 4 لَفْظُ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سُفْيَانَ بن عيينة:
فأخبرناه أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بْنِ رِزْقٍ (الثَّانِي) 5 ـ بِبَغْدَادَ ـ وَأَبُو حفص عمر بن أحمد
ابن عثمان البزاز ـ
__________
1 أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن غالب الخوارزمي.
2 أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
3 جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.
4 رواه البخاري في بدء الخلق باب الملائكة (الفتح 6/ 305 ح 3221) عن قتيبة، عن الليث، وراه مسلم 1/ 425 ح 166 من كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، عن قتيبة وابن رمح، كلاهما عن الليث بن سعد ... به.
ومن طريق ابن رمح أخرجه ابن ماجه 1/ 219 ح 668 كتاب الصلاة، ومن طريق قتيبة أيضاً أخرجه الإمام النسائي في سننه 1/ 245 كتاب المواقيت.
5 هكذا في الأصل، ولم أجد من ذكر هذا الوصف في ترجمته، ولا أدري ما المراد به.
انظر ترجمته في تاريخ بغداد 1/ 351، والبداية والنهاية 12/ 12، ثم وجدت العبارة الآتية ... أغفل عبد الغني: الثاني: بالثاء المعجمة باثنتين ـ هكذا ـ من فوقها والنون: هو أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن رزق الثاني، من شيوخ الخطيب البغدادي. اهـ.
مشتبه النسبة لعبد الغني الأزدي ص 11 حاشية 1، وانظر الإكمال لابن ماكولا 1/ 577 حاشية المحقق.

(2/660)


بِعُكْبَرَا1 ـ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الْمُعَدَّلُ ـ بِالنَّهْرَوَانِ2 ـ قَالُوا: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بن عمر بن علي
ابن حَرْبٍ الطَّائِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ أَتَانِي، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ حتى عد الصلاة الْخَمْسَ".
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: اتَّقِ اللَّهَ وَانْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ.
قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.
__________
1 بضم المهملة وسكون الكاف وفتح الباء الموحدة ـ وقد يمد ويقصر، اسم بليدة من نواحي دجلة قرب صريفين، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، كذا في معجم البلدان 4/ 142.
2 في معجم البلدان 5/ 324: بفتح النون وكسر الهاء، وأكثر ما يجري على الألسنة بكسر النون، وهي ثلاثة نهروانات: الأعلى والأوسط والأسفل، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، حدها الأعلى متصل ببغداد، وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه مع الخوارج مشهورة.
3 رواه الطبراني في الكبير 17/ 258 ح 714، والبيهقي في الكبرى 1/ 363.
وأخرجه أيضاً الحافظ ابن عبد البر في التمهيد 8/ 16.
وأشار إليه أبو داود في السنن 1/ 279 ح 394، ولم يسق لفظه.

(2/661)


وأما حديث شعيب بن أبي حمزة:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُّ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، أنا علي
ابن مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْجَكَّانِيُّ1، نا أَبُو الْيَمَانِ2، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزبير يحدث عمر
ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ، وَكَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلاةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: أَخَّرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ صَلاةَ الْعَصْرِ ـ وَهُوَ أمير الْكُوفَةِ ـ فَدَخَلَ3 عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عقبة بن عمرو الأنصاري جَدُّ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ ـ أَبُو أُمِّهِ، وَكَانَ4 مِمَّنْ4 شَهِدَ بَدْرًا4 ـ فَقَالَ:
مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتَ، لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أمرت".
__________
1 بالجيم وقد تقدم ضبطه.
2 الحكم بن نافع البهراني ـ بفتح الموحدة ـ الحمصي.
3 في الأصل تضبيب، لعله سقوط ـ حرف الفاء ـ وقد أثبته من صحيح البخاري.
4 في هذه المواضع علامات تضبيب، والنص في البخاري " ... جد زيد بن حسن، شهد بدراً". وزيد هو ابن الحسن بن علي
ابن أبي طالب، لأن أمه أم بشير بنت أبي مسعود، وكانت قبل الحسن عند سعيد بن زيد ... ، قال الحافظ ابن حجر: واختلف
في شهوده ـ أبي مسعود ـ بدراً، فالأكثر على أنه لم يشهدها، ولم يذكره محمد بن إسحاق ومن تبعه من أصحاب المغازي
في البدريين، وقال الواقدي وإبراهيم الحربي: لم يشهد بدراً، وإنما نزل بها فنسب إليها، وكذا قال الإسماعيلي ... ، قال الحافظ:
لم يكتف البخاري في جزمه بأنه شهد بدراً بذلك، بل بقوله إنه شهد بدراً، فإن الظاهر أنه من كلام عروة بن الزبير، وهو حجة في ذلك، لكونه أدرك أبا مسعود، ... واختار أبو عبيد بن سلام أنه شهدها، وبذلك جزم الكلبي ومسلم في الكنى. اهـ ملخصاً من الفتح 7/ 318-319، كتاب المغازي.

(2/662)


فَفَزِعَ عُمَرُ حِينَ حَدَّثَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِذَلِكَ، وَقَالَ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ يَا عُرْوَةَ، إِنَّ جبريل لهو أَقَامَ لَهُمْ وَقْتَ الصَّلاةِ، قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ1.
قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي صَلاةَ العصر والشمس في حجرتها (97/ب) قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ الشَّمْسُ" 2.
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَتَعَلَّمُ وَقْتَ الصَّلاةِ بِعَلامَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدنيا3.
وأما حديث معمر:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصَّيْدَلانِيُّ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَخَّرَ صَلاةَ العصر مرة، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ أَخَّرَ الصَّلاةَ مَرَّةً ـ يَعْنِي الْعَصْرَ ـ فَقَالَ لَهُ أَبُو مَسْعُودٍ: "أَمَا وَاللَّهِ يَا مُغِيرَةُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى عَدَّ خمس صلوات".
__________
1 إلى هذا القدر من الحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدراً. الفتح 7/ 317 ح 4007 عن
أبي اليمان عن شعيب ... به.
2 هذه الزيادة لم أجدها في حديث شعيب عند البخاري، وقد سبق تخريجها من الصحيحين وموطأ مالك، لكن من غير طريق، والله أعلم.
3 لم أقف على هذه الزيادة من رواية شعيب، وسيأتي تخريجها من حديث معمر بن راشد.

(2/663)


فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةَ، أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ سَنَّ وَقْتَ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ حَدَّثَنِي بَشِيرُ
ابن أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: فَمَا زَالَ عُمَرُ يَتَعَلَّمُ1 وَقْتَ الصَّلاةِ بِعَلامَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا2.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ3:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ حَسَنُ بْنُ محمد بن عبد الله حَسْنَوَيْهِ الْكَاتِبُ ـ بِأَصْبَهَانَ ـ نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
ابن عِيسَى بْنِ يَزِيدَ الْخَشَّابُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رُسْتُمَ، نا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ4 عَنْ جَدِّهِ3، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عُمَرُ يُؤَخِّرُ الصَّلاةَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: أَخَّرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَوْمًا صَلاةَ الْعَصْرِ، وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ جَدُّ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ أبو أمه، وكان شهد5
__________
1 كتب على هذه الكلمة في الأصل "كذا"، وقد سبقت في حديث شعيب "يتعلم" بتقديم التاء الفوقية على المهملة، وفي الطبراني والمصنف "يعلم"، وفي مسند أحمد "يتعلم".
2 رواه عبد الرزاق في المصنف 1/ 540 ح 2044، والطبراني في الكبير 17/ 256 ح 711، والإمام أحمد في المسند من طريق عبد الرزاق 5/ 120-121.
3 الرصافي أبو منيع، ذكره ابن حبان في الثقات 7/ 145، ووثقه الدارقطني، وقال الذهلي في علل حديث الزهري: أخرج إلي جزءاً من حديث الزهري، فنظرت فيها، فوجدتها صحاحاً. قال الذهبي ـ الميزان 3/ 8 ـ: مجهول مقارب الحديث، أخرج له البخاري تعليقاً في كتاب الطلاق.
راجع أيضاً التهذيب 7/ 13-14.
4 في التقريب 64: حجاج بن أبي منيع يوسف، وقيل: عبيد الله بن زياد الرصافي، ثقة.
5 في هذا الموضع من الأصل إِشارة تضبيب اا اا

(2/664)


بَدْرًا1، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ، أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتَ، لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلَ فَصَلَّى بِرَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أُمِرْتُ".
فَفَزِعَ عُمَرُ حِينَ حَدَّثَهُ عُرْوَةُ ذَلِكَ، فَقَالَ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ يَا عُرْوَةَ، إِنَّ جِبْرِيلَ لَهُوَ أَقَامَ وَقْتَ الصَّلاةِ.
قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ زَوْجُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي صَلاةَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ".
فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَتَعَلَّمُ وَقْتَ الصَّلاةِ بِعَلامَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا3.
وأما حديث يونس بن يزيد عن الزهري الذي أورد فيه حديث أبي مسعود عن حديث (98/أ) المواقيت:
فأخبرناه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ4 التِّرْمِذِيُّ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ5،
نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا يُونُسُ، عَنِ
__________
1 انظر الهامش السابق.
2 في الأصل بين هاتين الكلمتين "يعني" ولا يستقيم السياق بها، فحذفتها، والله أعلم.
3 لم أقف عليه من رواية عبيد الله بن زياد.
4 مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ.
5 ابن معاوية، أبو عبد الله الخزاعي المروزي، العالم بالفرائض، سكن مصر، عرف بشدته على الجهمية وأهل الأهواء، وثقه أحمد والعجلي، وقال ابن معين مرة: ثقة، ومرة قال: من أهل الصدق، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وضعفه النسائي وغيره، وبالغ بعضهم، فاتهمه بالوضع. راجع تفصيل الكلام عنه في الكامل لابن عدي 7/ 2482-2485، التهذيب 10/ 458، ورجح الحافظ في التقريب 359: إنه صدوق يخطئ كثيراً ...

(2/665)


الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عُمَرُ يُؤَخِّرُ الصَّلَوَاتِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَقَالَ عُرْوَةُ لِعُمَرَ: أَخَّرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ صَلاةَ الظُّهْرِ1 وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ ـ وَهُوَ جَدُّ زَيْدِ بن الحسن، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا ـ فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أُمِرْتُ".
فَفَزِعَ عمر حين حدثه عن ذلكن قَالَ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ، أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلاةِ، قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ عُرْوَةُ2: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْفَيْءُ".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَتَعَلَّمُ وَقْتَ الصَّلاةِ بِعَلامَةٍ حَتَّى فارق الدنيا3.
__________
1 في سائر الروايات: صلاة العصر.
2 هنا علامة تضبيب.
3 لم أجد رواية يونس هذه.

(2/666)


وَأَمَّا حَدِيثُ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الذي أرسل فيه حديث المواقيت:
فأخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ شَبِيبٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: أنا أَبِي1 عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ:
"وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ، فَإِذَا أَبْرَدَ عَنْهَا
فِي شِدَّةِ الْحَرِّ صَلاهَا حِينَ يَكُونُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ، وَيُصَلِّي أَوَّلَ صَلاةِ الْعَصْرِ حِينَ يَكُونُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، كَذَا فِي الأَصْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ يَرَى اللَّيْلَ وَيَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ، وَيُصَلِّي صَلاةَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ شَفَقُ اللَّيْلِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، وَيُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَوَّلُ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ، وَالإِسْفَارُ آخِرُ وَقْتِهَا، وَكَانَ لا يَكَادُ يُصَلِّيهَا كُلَّ يَوْمٍ إِلا بغلس" 2.
أخبرناه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، نَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: "بَلَغَنَا أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي صَلاةَ الظُّهْرِ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ، فَإِذَا أَبْرَدَ عَنْهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ صَلاهَا حِينَ يَكُونُ فَيْءُ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَيُصَلِّي صَلاةَ الْعَصْرِ حِينَ يَكُونُ فَيْءُ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ إِلَى أَنْ يكون فيء مثليه (98/ب) ، وَيُصَلِّي صَلاةَ الْمَغْرِبِ حِينَ يَرَى أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَغِيبُ غَسَقُ الليل
__________
1 هو شبيب بن سعيد، أبو سعيد التميمي الحبطي ـ بالمهملة والموحدة المفتوحتين ـ.
2 لم أقف على هذه الرواية أيضاً.

(2/667)


إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، وَيُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَبِينَ أَوَّلُ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ، وَالإِسْفَارُ آخِرُ وَقْتِهَا، وَكَانَ
لا يَكَادُ يُصَلِّيهَا كُلَّ يَوْمٍ إلا بغلس" 1.2
73- حديث آخر:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُعَدَّلُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِي، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي أَبُو أُوَيْسِ3 بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ4، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذِنَ لِلنَّاسِ في الحج فتداك5 الناس بالمدينة لِيَخْرُجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا جاؤوا ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تَسْأَلُهُ عَنْ ذلك، فقال: اغسلي واستدفري6 بِثَوْبٍ ثُمَّ أَهِلِّي، فَلَمَّا ظَهَرَ عَلَى الْبَيْدَاءِ7 أَوِ اسْتَوَتْ لَهُ
__________
1 لم أجد هذه الرواية أيضاً من هذا الطريق، واللفظ جاء من طريق أخرى في مسلم وغيره، والله أعلم.
2 في هامش الأصل "بلغ مقابلة في الثامن عشر حسب الطاقة والله أعلم".
3 اسمه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال عنه الحافظ في التقريب 178: صدوق يهم، وقال عن ابنه إسماعيل ص 34: صدوق يخطئ في أحاديث من حفظه.
4 ابن علي بن الحسين المعروف بالصلاق.
5 هكذا في الأصل، والمعنى: ازدحموا. انظر النهاية 2/ 128.
6 هكذا في الأصل ـ بدال مهملة ـ وفي المسند 3/ 320 بالذال المعجمة، وجميع الروايات كما في سيأتي في التخريج بالثاء المثلثة، وفي تاج العروس 3/ 226:.... واستذفر الأمر: اشتد عزمه عليه وصلب له، واستذفرت المرأة: استثفرت ـ بالثاء المثلثة ـ وذفر البنت كفرح. اهـ ملخصاً.
7 هكذا في الأصل، ووصع عليه إشارة تضبيب، وفي جميع الروايات ... حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، والبيداء: الأرض الملساء، وكل مفازة لا شيء بها فهي بيداء. وقال ياقوت: تعد من الشرف أمام ذي الحليفة. انتهى ملخصاً من معجم البلدان 1/ 523.

(2/668)


الأَرْضُ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهَلَّ النَّاسُ، قال جابر: فإني لا أنظر مَدَّ بَصَرِي مِنْ بَيْنَ يَدِي، وَمَدَّهُ1 عَنْ1 وَرَائِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي مِنَ النَّاسِ رُكْبَانًا وَمُشَاةً، قَالَ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي يَقُولُ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ لا شَرِيكَ لَكَ.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا لا نَعْرِفُ إِلا الْحَجَّ، فَخَرَجْنَا وَرَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَالْقُرْآنُ يُنَزَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، وَإِنَّمَا نَفْعَلُ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَلِمْنَاهُ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ سبعاً رملنا ثَلاثًا، وَمَشَيْنَا أَرْبَعًا، ثُمَّ تَلا
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} 2، فَصَلَّى عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ رَكْعَتَيْنِ ـ قَالَ جَعْفَرٌ: وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ـ قَالَ جَابِرٌ: ثُمَّ اسْتَلَمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّكْنَ حِينَ انْصَرَفَ ثُمَّ ذَهَبْنَا إِلَى الصَّفَا، قَالَ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ رَبُّنَا تَعَالَى، وَالنَّاسُ يَمْشُونَ كنفتيه3، فَرَقَى حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، فَقَالَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ"،
ثُمَّ نَزَلَ وَمَشَى حَتَّى تَصَوَّبَتْ4 قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، ثُمَّ مَشَى حتى أصعدت5 قَدَمَاهُ ثُمَّ مَشَى حَتَّى جَاءَ المروة، فَأصعد5 فِيهَا حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، فَقَالَ: "لا إِلَهَ إِلا الله وحده، لا شريك
__________
1 في هذين الموضعين إشارة تضبيب!!!
2 الآية 125 من سورة البقرة.
3 وفي رواية: كنفيه أي محيطين به. النهاية 4/ 204-205.
4 هكذا في الأصل، وفي سنن النسائي 5/ 240-241، في مسلم 2/ 888: حتى إذا انصبت قدماه.
5 هكذا في الأصل، وفي بقية الروايات صعدت، وصعد بدون ألف.

(2/669)


لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ـ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ـ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وهزم الأحزاب وحده" فعل ذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ الْمَرْوَةِ: هَذَا المنحر وكل (99/أ) فَجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ، قَالَ جَعْفَرٌ: يَعْنِي مَنْحَرَ الْعُمْرَةِ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحْلِلْ بِعُمْرَةٍ، فَإِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ ـ يَعْنِي الْهَدْيَ ـ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ إِلا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ نَبِيُّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلا تَحْلُلْ، قَالَ: فَدَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، وَقَدْ لَبِسَتْ ثِيَابَهَا صَبِيغًا1 وَاكْتَحَلَتْ، فأنكر ذلك عليها، فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكِ بِهَذَا؟ فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي، فَقَالَ عَلِيٌّ: فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ بِالَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صَدَقْتَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَ مِنَ الْمَدِينَةِ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ بَدَنَةً، وَأَتَاهُ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِسَبْعٍ وَسِتِّينَ بَدَنَةً، فَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي قَدِمَ بِهِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا ثَلاثًا (وستين) 2 وَأَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا بَقِيَ وَأَشْرَكَ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ، وَقَالَ بِمِنًى: هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَأَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ ببضعة3، فجعلت في
__________
1 كتب على هذه الكلمة في الأصل "كذا".
وذكر ابن الأثير في النهاية 3/ 10 هذه الجملة من الحديث وقال: أي مصبوغة غير بيض، وهو فعيل بمعنى مفعول.
2 في الأصل "ثلاثين"، وفي جميع الروايات عند مسلم وأحمد وأبي داود والطيالسي والموصلي وغيرهم ـ كما سيأتي تخريجه ـ "ستين"، وهو الصواب إن شاء الله.
3 أي قطعة من اللحم.

(2/670)


قِدْرٍ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ مِنَ لُحُومِهَا، وَحَسَوْا1 مِنْ مَرَقِهَا، وَذَبَحَ كَبْشًا، وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي أول يوم النحر، وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَهَا، وَرَمَى الْجِمَارَ الثلاث في كل يوم يقف2 عِنْدَ جَمْرَتَيِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَلا يَقِفْ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلا الأَيَّامَ الَّتِي بَعْدَ يَوْمَ النَّحْرِ".
كَذَا رَوَى أَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ ابن عَبْدِ اللَّهِ، وَفِيهِ كَلِمَاتٌ لَمْ يَسْمَعْهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ جَابِرٍ، فَأُدْرِجَتْ فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ قَوْلُ عَلِيٍّ: فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ بِالَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدقت.
وكان مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يُرْسِلُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَنْ عَلِيٍّ، وَيَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ.
بَيَّنَ ذَلِكَ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فِي رِوَايَتِهِمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جعفر بن محمد ابن عَلِيٍّ.
وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُدْرِجُ فِي رِوَايَتِهِ أَيْضًا أَحْرُفًا، وَيَجْعَلُهَا مَرْفُوعَةً، وَهِيَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ فيهما بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
وَذَكَرَ قِرَاءَةَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ خَاصَّةً فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بمرفوع،
__________
1 أي شربوا.
2 في الأصل "يقول" ووضع عليه علامة التضبيب، وما أثبته هو الموافق لما في الروايات الأخرى.

(2/671)


وإنما هو حكاية جعفر (99/ب) ابن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ كَمَا بَيَّنَهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ جَعْفَرٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وُهَيْبٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ جعفر، عن أبيه وقالا: لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ "فِي حَدِيثِ"1 جَابِرٍ.
وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرٍ حَدِيثَ الْحَجِّ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ: بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} "2.
وأما حديث وهيب عن جعفر الذي ميز فيه قصة علي مع فاطمة وذكر قراءة السورتين في ركعتي الطواف، وأن ذلك ليس من حديث جابر:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، نَا عبد الله بن جعفر بن أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا وهيب
ابن خَالِدٍ قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: "أَقَامَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعًا لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الْحَجِّ"3، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ سَبْعًا رَمَلَ فِي ذَلِكَ ثَلاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} 4.
__________
1 ما بين إشارتي التنصيص ألحق في الهامش، وكتب بعده "أصل".
2 الآية رقم واحد من سورة الصمد، والآية رقم واحد من سورة الكافرون.
3 رواه أبو داود سليماد بن داود الطيالسي في المسند 232 ح 1668 عن وهيب، عن جعفر الحديث وبكامله مبيناً مفصلاً.
وأخرجه أيضاً أبو يعلى الموصلي في مسنده 4/ 23 ح 2027 عن العباس بن الوليد النرسي، عن وهيب بن خالد ... به.
4 الآية رقم 125 من سورة البقرة.

(2/672)


فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ أَبِي: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ1: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 2، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 3. ولم يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ.
قَالَ: ثُمَّ أَتَى الرُّكْنَ فَاسْتَلَمَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ وَقَدِ اكْتَحَلَتْ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكِ بهذا؟ فَقَالَتْ: أَمَرَنِي بِهِ أَبِي.
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: فَكَانَ عَلِيٌّ يُحَدِّثُ بِالْعِرَاقِ، قَالَ: ذَهَبْتُ إِلَى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي ذَكَرَتْ، فَقَالَ: صَدَقَتْ، أَنَا أَمَرْتُهَا، قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثًا، وَسَاقَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
وأما حديث ابن جريج4 عن جعفر الموافق لرواية وهيب:
فأخبرناه أَبُو الْقَاسِمِ غَيْلانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السِّمْسَارُ، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ5 الْفَقِيهُ قال: قرئ على يحيى
ابن جَعْفَرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: "عَمِدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} 6.
__________
1 سميت بذلك لاشتمالها على توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الألوهية، والله أعلم.
2 آية رقم واحد من سورة الكافرون.
3 آية رقم واحد من سورة الصمد.
4 عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن جريج المكي.
5 في الأصل: "سليمان" بالياء آخر الحروف، والتصويب من تاريخ بغداد 4/ 189 وغيره، وهو المعروف بالنجاد الحنبلي.
6 سورة البقرة آية: 125.

(2/673)


قال أبي: ويقرأ فيهما بالتوحيد1 و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 2 وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ إِلَى أن قال: فإذا فاطمة
قد حلت وَلَبِسَتْ ثِيَابَهَا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيٌّ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَمَرَنِي بِهِ أَبِي، قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ بالكوفة ـ قال أبي: هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِرٌ ـ: فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا أَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ3.
وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ جَعْفَرٍ نَحْوَ هَاتَيْنِ:
فأخبرناه الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ4 الْهَاشِمِيُّ، نا محمد بن أحمد اللؤلؤي، نا أَبُو دَاوُدَ5، نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ6، نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ7 هذا (100/أ) الْحَدِيثَ، وَأَدْرَجَ الْحَدِيثَ عِنْدَ قَوْلِهِ:
{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} 8، قال: فقرأ فيها بالتوحيد، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ ـ قَالَ أَبِي: هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِرٌ ـ فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا، وذكر قصة فاطمة9.
__________
1 يعني سورة الصمد.
2 آية رقم (1) من سورة الكافرون.
3 لم أقف عليه من رواية ابن جريج عن جعفر ...
4 القاسم بن جعفر.
5 سليمان بن الأشعث السجستاني.
6 ابن كثير العبدي، أبو يوسف الدورقي.
7 في هذا الموضع من الأصل علامة تضبيب، لعله إشارة لانقطاع الكلام.
8 الآية 125من سورة البقرة.
9 انظر السنن لأبي داود 2/ 465 ح 1909 كتاب المناسك، باب صفة حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأخرجه أحمد في المسند 3/ 320 مطولاً، وأدرج فيه هذه الألفاظ أيضاً، وكذلك أخرجه مطولاً كروية أحمد عن يحيى الحافظ
أبو يعلى الموصلي 4/ 93 ح 2126 عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حرب، عن يحيى ... به.

(2/674)


وأما حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر ببيان الأحرف التي أدرجها يحيى القطان في روايته ووصلها بعمود1 الحديث المرفوع وموافقة حاتم وهيباً وابن جريج عليها:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ـ حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ،
نَا إِسْحَاقُ ـ هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ ـ نا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الْحَجِّ الطَّوِيلِ، وَقَالَ فِيهِ: "ثُمَّ رَجَعَ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إلى المقام فجعله بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَقَالَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} 2 فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ"، قَالَ جَعْفَرٌ: "وَكَانَ أبي يقول ـ ولا أعلمه ذكره
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 3.
__________
1 هكذا في الأصل، ولعل المراد بصلب أو متن الحديث المرفوع.
2 الآية 125من سورة البقرة.
3 رواه مسلم مطولاًَ 2/ 886 ح 147 من كتاب الحج عن أبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه.
ورواه أبو داود في سننه 2/ 455 ح 1905 باب صفة حج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عدة من شيوخه عن حاتم ... به مطولاً، ومدرج فيه هذه الأحرف، وانظر أيضاً سنن ابن ماجه 2/ 1022 ح 3074 باب حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وسنن الدارمي 1/ 375 ح 1857 باب في صفة الحج من كتاب المناسك، وغير هؤلاء، وحاتم بن إسماعيل المدني قال الحافظ
في التقريب 58: صحيح الكتاب صدوق يهم. اهـ

(2/675)


74- حديث آخر:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي1 بَكْرٍ، أَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، نا الْحَسَنُ بْنُ سَلامٍ، نا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
عَنْ خَالِدٍ الحذاء وعاصم2، وأخبرنا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ وَبُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3 الرُّومِيُّ، قَالا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْبُنْدَارُ، نا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بن شاكر الصاغ، نا قبيصة بن عقبة، ونا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ وَعَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ،
عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، أفرضهم زيد، وأقرأهم أُبي، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عبيدة ابن الْجَرَّاحِ" 4.
كَذَلِكَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَبِيصَةُ [بْنُ] 5 عُقْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَعَاصِمٍ الأحول.
__________
1 أَبُو بَكْرٍ = أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن شاذان.
2 ابن سليمان أبو عبد الرحمن الأحول البصري.
3 في تاريخ بغداد 7/ 135 ذكر باسم بشرى بن مسيس أبو الحسن الرومي، وقد مر في أكثر من موضع في هذا الكتاب للخطيب باسم بشرى بن عبد الله.
4 رواه أبو نعيم في الحلية 3/122 عن مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ البندار به سنداً ومتناً، ثم قال: هذا حديث غريب من حديث الثوري، لم يروه عنه عن عاصم وخالد فيما أعلم إلا قبيصة.
وأخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث 114 عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، عَنْ عباس الدوري، عن قبيصة به.
وأخرجه من طريق قبيصة الإمام الطحاوي في مشكل الآثار 1/ 350-351 إلا أنه لم يذكر فيه: "أقرأهم أبي".
5 في الأصل (عن) والصواب ما أثبته كما في ترجمته في التهذيب 8/ 347.

(2/676)


فَانْفَرَدَ بِتَجْوِيدِهِ وَالْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَاصِمٍ1، وَخَالَفَهُ وَكِيعُ بْنُ الجراح، وعبد اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ2، وَقُطْبَةُ بْنُ الْعَلاءِ3، فَرَوَوْهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ وحده عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ. ورواه عن خالد كذلك عبد الوهاب الثقفي، ووهيب ابن خَالِدٍ، وَعُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْقَاضِي, وَرَوَاهُ مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ،
عَنِ ابْنِ عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووهم في الْقَوْلِ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو قِلابَةَ يُسْنِدُ جَمِيعَ الْمَتْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُرْسِلُهُ غَيْرَ ذِكْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُسْنِدُهُ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.
رَوَى ذَلِكَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ مُبَيَّنًا مُفَصَّلا، وميز المسند من المرسل أَنْ سَاقَهُ سِيَاقَةً وَاحِدَةً، وَرَوَاهُ حماد بن
__________
1 التجويد تستعمل عند المحدثين لمعنيين فيما أعلم: الأول: تدليس التسوية، والثاني: بمعنى الضبط والإتقان، وقد تقدم الكلام
على هذا مراراً في حواشي سابقة. وقبيصة لم يذكره أحد في المدلسين، ولم يذكر في ترجمته أنه يدلس، وكذلك عرف بمخالفته
في حديث الثوري، وهذا الحديث مما لم يضبطه، ولذلك لم يتبين لي مراد الخطيب بقوله: "فانفرد بتجويده"، والله تعالى أعلم. راجع ترجمة قبيصة في التهذيب 8/ 347.
2 عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي، أبو عبد الرحمن الكوفي.
3 ابن منهال الكوفي، قال البخاري في الكبير 7/ 191: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: كتبنا عنه وما علمنا إلا خيراً، وأنكر
على البخاري إدخاله في الضعفاء، وقال: هو شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أبو زرعة عن قطبة أنه يحدث عن الثوري بأحاديث منكرة. الجرح والتعديل 7/ 141-142. وقال ابن عدي في الكامل 6/2076: أرجو أنه لا بأس به.
4 نص الحافظ في الفتح 7/ 93 في مناقب أبي عبيدة بن الجراح على أن أوله مرسل، والمرفوع فقط: "وإن لكل أمة أميناً.."، وكذلك نص على ذلك أبو عبد الله الحاكم في معرفة علوم الحديث 114.

(2/677)


زيد ومعمر بن راشد ذِكْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو قَحْذَمٍ1 النَّضْرُ بْنُ مَعْبَدٍ، عن أبي قلابة عن (100/ب) النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلا.
وَقَدْ أَفْرَدَ شُعْبَةُ بْنُ الحجاج في روايته عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قلابة المسند من هذا الحديث فقط في ذكر أبي عبيدة.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث بِطُولِهِ. فَأَمَّا سَعِيدٌ فَلا أَعْلَمُ رَوَاهُ إِلا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِي عَنْ مِهْرَانَ بْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْهُ. وَأَمَّا مَعْمَرٌ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَأَسْنَدَهُ عَنْهُ وَوَصَلَهُ داود بن عبد الرحمن العطار، وَأَرْسَلَهُ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ همام.
فأما حديث وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء:
فأخبرناه الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، نا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ2 الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ3، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وأقرأها لكتاب الله أُبيّ، وأعلمها بالفرائض زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ" 4.
وَأَمَّا حَدِيثُ الأَشْجَعِيِّ5 عَنْ سُفْيَانَ بِمُتَابَعَةِ وَكِيعٍ: فأخبرناه الحسن بن
__________
1 أوله قاف ثم جاء مهملة بعدها ذال معجمة ثم ميم.
2 ابن مهران أبو المنازل.
3 عبد الله بن زيد.
4 رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 184.
وأخرجه ابن ماجه في سننه 1/ 55 ح 155 المقدمة ـ فضائل خباب ـ.
5 عبيد الله بن عبد الرحمن.

(2/678)


أَبِي طَالِبٍ، نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بن علي، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، نَا يَعْقُوبُ2 الدَّوْرَقِيُّ، نا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ3، نا الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ4.
وَأَمَّا حَدِيثُ قُطْبَةَ بْنِ الْعَلاءِ5 عَنْ سُفْيَانَ مِثْلَ ذَلِكَ:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ6 عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الإِمَامُ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، نا الْقَاسِمُ
ابن مُحَمَّدٍ الدَّلالُ الْكُوفِيُّ، نا قُطْبَةُ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْغَنَوِيُّ7، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ،
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ،
وَأَصْدَقُهُمْ حياءًَ عُثْمَانُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ
هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ ابن الْجَرَّاحِ" 8.
وأما حديث عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء بموافقة هذه الروايات عن الثوري، عن خالد:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن يعقوب الشيباني9 الحافظ،
ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، نا أَبُو بَكْرِ
__________
1 هو القاضي المحاملي.
2 ابن إبراهيم بن كثير العبدي.
3 أبو الوليد العتكي، ثقة. الجرح والتعديل 3/ 371.
4 رواية الأشجعي هذه أخرجها الطحاوي في مشكل الآثار 1/ 484.
5 تقدم قريباً الكلام عنه.
6 سقط من الأصل كلمة (أبو) وأثبتها من موارد الخطيب البغدادي 484.
7 بفتح الغين المعجمة والنون، وفي آخرها الواو ثم ياء النسبة، هذه النسبة إلى غني بن أعصر، وقيل بعصر. اللباب 2/ 392.
8 لم أقف على رواية قطبة هذه في معاجم الطبراني ولا غيرها، والله أعلم.
9 بالشين المعجمة، المعروف بابن الأخرم النيسابوري. تذكرة الحفاظ 3/ 864.

(2/679)


ابن1 خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ2، نا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أُبيّ ابن كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلا، وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عبيدة بن الجراح" 3.
أخبرنا (101/أ) أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُرْوَةَ الْبُنْدَارُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، نا مُحَمَّدُ بن عبد الله الأزدي، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ.
وأما حديث وهيب4 عن خالد مثل حديث الثقفي عنه:
فأخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ العزيز، وأخبرناه الحسن5
ابن أَبِي الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بن حنبل، حدثني أبي قالا:
نا عَفَّانُ 6، نا وُهَيْبٌ، نا خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عن
__________
1 أبو بكر محمد بن خلاد بن كثير الباهلي البصري.
2 ابن عبد المجيد بن الصلت، أبو محمد الثقفي البصري.
3 رواية عبد الوهاب الثقفي أخرجها الإمام الترمذي 5/ 665 ح 3791 كتاب المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل، وزيد
ابن ثابت، وأبيّ، وأبي عبيدة، وكذلك أخرجها الإمام ابن ماجه القزويني 1/ 55 ح 154 ـ المقدمة باب فضائل خباب.
4 بالتصغير ـ ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم، أبو بكر البصري.
5 في الأصل (الحسين) مصغراً، ولعل الصواب ما أثبت، ويكون هو الحسن بن علي التميمي، راوي كتب الإمام أحمد عن أبي بكر القطيعي، بدليل الجادة المعروفة عن الخطيب، وقد تقدم باسم الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ في الحديث رقم 30، ورقم 48، والله تعالى أعلم.
6 ابن مسلم أبو عثمان الصفار.

(2/680)


أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، ـ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ ـ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرأهم لِكِتَابِ اللَّهِ أُبي بْنُ كَعْبٍ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جَبَلٍ، أَلا، وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ" 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ2 عَنْ خَالِدٍ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا:
فَأَخْبَرَنِيهِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخَلالُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَرَّاقُ وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ، قَالا:
نا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَذَّاءُ، أنا شَاذَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا عمر بن حبيب العدوي الْقَاضِي، نا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأَقْوَاهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَشَدُّهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ والحرام معاذ ابن جبل، وأفرضهم زيد، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ3 هَذِهِ الأمة أبو عبيدة بن
__________
1 انظر مسند الإمام أحمد 3/ 281.
ومن طريق عفان بن مسلم عن وهيب بن خالد أخرجه أيضاً الطحاوي في مشكل الآثار 1/ 350.
2 عمر ـ بضم أوله ـ ابن حبيب بن محمد العدوي القاضي البصري، أجمعوا على تضعيفه، مات سنة 207هـ. التهذيب 7/ 431.
3 في الأصل "وأمينها" وكتب عليه علامة التضبيب، وما أثبته هو المتفق مع الروايات السابقة ومع السياق هنا.

(2/681)


الْجَرَّاحِ 1.
وأما حديث معلى بن عبد الرحمن2 عن سفيان الذي وهم فيه، فرواه عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عن ابن عمر:
فأخبرنيه أَبُو الْقَاسِمِ3 الأَزْهَرِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، نا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو عُبَيْدٍ4 وَعَبْدُ الله بن محمد
ابن إِسْحَاقَ5 الْمَرْوَزِيُّ، قَالا: نا خَلَفِ بن مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، نا مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نا سُفْيَانُ
عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ زيد بن ثابت، وأقرأهم أُبيّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ" 6.
وَأَمَّا حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عن خالد الذي بين فيه المسند من المرسل وفصل بينهما:
فَأَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ، نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ،
نا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ7 نا
__________
1 لم أقف على رواية عمر بن حبيب.
2 الواسطي، قال الحافظ في التقريب 343: متهم بالوضع ورمي بالرفض. اهـ.
3 عبيد الله بن أحمد الصيرفي.
4 في الأصل "أبو عبيدة" آخره تاء، ووضع عليه علامة التضبيب، وصوب في الهامش، وهو كذلك بدون تاء كما في تاريخ بغداد 12/ 447، ويعرف بأبي عبيد المحاملي أخو القاضي أبي عبد الله المحاملي.
5 ابن يزيد بن نصر بن مهران المعروف بحامض رأسه. تاريخ بغداد 10/ 124.
6 لم أقف على هذه الرواية، والحديث بهذا اللفظ عن ابن عمر أخرجه ابن عدي في الكامل 6/ 2097 في ترجمة كوثر بن حكيم الحلي، وهو مجمع على تضعيفه. وانظر أيضاً لسان الميزان 4/ 490.
7 سليمان بن داود.

(2/682)


إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، نا خَالِدٌ (101/ب) الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زيد
ابن ثابت، قال: قال أَنَسٌ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عبيدة
ابن الْجَرَّاحِ" 1.
وأما حديث حماد بن زيد عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة الذي أرسل جميعه وَأُدْرِجَ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ، أنَا أحمد بن جعفر بن حمدانن نا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمُقْرِئُ، نا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّازُ،
نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: "أَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن أَرْحَمُ النَّاسِ بِالنَّاسِ أَوْ إِنَّ أَرْحَمَ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنَّ أَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَإِنَّ أَصْدَقَهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَإِنَّ أَقْرَأَهُمْ أُبيّ بْنُ كَعْبٍ، وَإِنَّ أفرضهم زيد ابن ثَابِتٍ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هذه الأمة أبو عبيدة
ابن الجراح" 2.
__________
1 لم أقف على الفصل المرسل من هذا الحديث، وأما الجزء المرفوع منه فقد أخرجه من طريق إسماعيل بن علية الإمام مسلم
في صحيحه 4/ 1181 ح 53 من فضائل الصحابة من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب عن ابن علية به.
وأخرجه البخاري عن عمرو بن علي الفلاس عن عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عن خالد الحذاء به. الفتح 7/ 92-93 ح 3744، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح.
2 لم أجد رواية حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.

(2/683)


وأما حديث معمر عن عاصم بموافقته حمادا على هذه الرواية:
فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدَّلُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي قلابة، قال معمر: وسمعت قتادة يقوله أيضا، قال: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في دين اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح، وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ، وأقرأهم أُبيّ، وأفرضهم زيد"، قال قتادة في حديثه: "وأقضاهم علي" 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قَحْذَمٍ2 عَنْ أَبِي قِلابَةَ مِثْلَ هَذَا:
فَأَخْبَرَنِيهِ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ هَاشِمٍ الْبَزَّازُ3،
نا أَبِي، نا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، نا أَبُو قَحْذَمٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ4، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عثمان، وأقرأهم لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ ابن جَبَلٍ ـ وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا وَأَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ـ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ أمتي أبو
__________
1 لم أجده من رواية معمر عن عاصم.
2 قحذم ـ بالمهملة والذال المعجمة ـ النضر بن معبد، ذكره ابن حبان في الثقات 7/ 535، ضعفه ابن عدي في الكامل 7/ 2490، والعقيلي في الضعفاء 4/ 291، وضعفه النسائي وابن معين. لسان الميزان 6/ 165.
3 بزايين بينهما ألف، هكذا في الأصل وفي تاريخ بغداد 3/ 180.
4 في هذا الموضع من الأصل علامة تضبيب، لعلها تنبيهاً إلى الإرسال في هذه الرواية حيث لم يذكر الصحابي أنس رضي الله عنه، وقد نص على ذلك المؤلف قبل أن يسوق الرواية.

(2/684)


عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ" 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ شعبة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة المقصور على المسند فقط:
فأخبرناه أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُرْوَةَ الْبُنْدَارُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشافعي، نا إبراهيم
ابن عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ دَنُوقَا2، نا عَفَّانُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنا إِسْمَاعِيلُ بن إسحاق بن مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: وَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ3، نا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ.
قَالُوا: نا شُعْبَةُ، أنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ" 4.
وَأَمَّا حَدِيثُ سعيد بن أبي عروبة الذي رواه عنه مهران بن أبي عمر5:
فأخبرناه بد الله بن علي بن محمد القرشي، أنبأ أبو جعفر محمد بن
__________
1 لم أجد رواية أبي قحذم فيما وقفت عليه من المصادر.
2 بالدال المهملة والنون بعدها واو ثم قاف وآخره ألف، كذا في الأصل وتاريخ بغداد 6/ 135.
3 هو الكديمي القرشي تقدم الكلام عنه.
4 أخرجه من طريق عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعْبَةَ الإمام أحمد في المسند 3/ 245، وأخرجه البخاري من طريق سليمان بن حرب
عن شعبة في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق ... الفتح 13/ 232 ح 7255.
5 مهران ـ بكسر أوله ـ أبو عبد الله العطار الرازي، صدوق له أوهام سيئ الحفظ. التقريب: 349.

(2/685)


الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْيَقْطِينِيُّ1، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ2، ثنا مِهْرَانُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن قتادة3 (102/أ) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَرْحَمُ أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَشَدُّهُمْ حياءً عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرأهم أَبِي، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ" 4.
وَأَمَّا حَدِيثُ داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر الموافق لهذه الرواية عن قتادة عن أنس:
فَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ علي بن مروان الأنصاري، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأُشْنَانِيُّ5، وَأَخْبَرَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي6 عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ الْكَاتِبُ، نا محمد بن جرير الطبري، قالا:
نا سفيان بن وكيع، بنا حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ7، عَنْ دَاوُدَ الْعَطَّارِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ
__________
1 بفتح الياء وسكون القاف وكسر الطاء وسكون الياء تحتها نقطتان وبعدها نون، هذه النسبة إلى يقطين ـ اسم جد.
اللباب 3/ 416.
2 قال ابن حجر في التقريب 295: محمد بن حميد بن حيان الرازي، حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه.
3 في هامش الأصل: "قوبل فصح إن شاء الله".
4 لم أجد رواية ابن أبي عروبة.
5 الأشناني ـ بالشين المعجمة بعدها نون ثم ألف ونون، كذا في الأصل وتاريخ بغداد 2/ 234.
6 هو القاضي علي بن المحسن التنوخي البصري.
7 ابن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ـ بضم الراء بعدها همزة خفيفة ـ أبو عوف الكوفي.

(2/686)


رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ،
وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وأفرضهم زيد، وأقرأهم أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هذه الأمة أبو عبيدة
ابن الْجَرَّاحِ" 1.
وأما حديث عبد الرزاق عن معمر المرسل الذي لم يذكر في إسناده أنسا:
فَأَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ،
نا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بكر، وأقواهم في دين الله عُمَرُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عثمان، وأمين أمتي أبو عبيدة ابن الجراح، وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ، وأقرأهم أُبَيٌّ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ" 2.
وَإِرْسَالُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَصَحُّ مِنْ إِيصَالِهِ. فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قِلابَةَ فَالصَّحِيحُ مِنْهُ الْمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ ذِكْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ حَسْبُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُرْسَلٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ3، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 رواه الترمذي في جامعه 5/ 664 ح 3790 كتاب المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل وزيد وأبي وأبي عبيدة من طريق سفيان بن وكيع الرؤاسي عن حميد به سنداً ومتناً.
2 لم أقف على هذه الرواية في مصنف عبد الرزاق ولا في غيره أيضاً.
3 قال الحافظ في الفتح 7/ 93: "إن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري وغيره ـ في ذكر أبي عبيدة ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

(2/687)