المدخل إلى كتاب الإكليل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الشيخ الامام العالم أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ
بْنُ عبد الله الحافظ الحمد الله الذى علمنى ما لم أعلم وكان
فضله على كثيرا وصلى الله على خير الطاهرين محمد سيدنا وعلى
آله وسلم تسليما قَالَ الْحَاكِمُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ
هِمَّةَ الأمِيرِ الأَجَلِّ الْمُظَفَّرِ عِمَادِ الدولة صاحب
الجيش دام اللَّهُ سُلْطَانَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَعْرِفَةِ
أَحْوَالِ الشَّرِيعَةِ عِنْدَ ابْتِدَائِهَا وَمَرَاتِبِ
الصَّحَابَةِ إِلَى انْتِهَائِهَا بِالأسَانِيدِ الَّتِي هِيَ
الْمِرْقَاةُ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهَا
أَخبرنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدُوسٍ الْعَنْزِيُّ قَالَ حدثنا عثمان بن سعيد الدرامى
حدثنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيُّ حدثنَا ضَمْرَةُ
بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ
قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ علم قَالَ إِسْنَادُ
الْحَدِيثِ
حدثنِي أَبُو الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَافِظِ قَالَ حدثنَا أبو
عبد الهه بْنُ أَبِي عَوْفٍ حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
التِّرْمِذِيُّ حدثنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
الهزلى قَالَ قَالَ لِيَ الزُّهْرِيُّ يَا هُذَلِيُّ
أَيُعْجِبُكَ الْحَدِيثُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا أنَّهُ
يُعْجِبُ ذُكُورَ الرِّجَالِ وَيَكْرَهُهُ مُؤَنَّثُوهُمْ
سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الأسَدَ
أبَازِيَّ يَقُولُ حدثنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
سُلَيْمَانَ الْعَطَّارُ حدثنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ
أَبِي سَلَمَةَ حدثنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ يَقُولُ فِي قوله سبحانه وتعالى وانه
(1/27)
لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون قَالَ قَوْلُ
الرَّجُلِ حدثنِي أَبِي عَنْ جَدِّي
سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ
سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ الْعِلْمَ بِلا
حُجَّةٍ مَثَلُ حَاطِبِ ليل يحمل حطب فِيهَا أَفْعَى
تَلْدَغُهُ وَهُوَ لا يَدْرِي
قَالَ نُمَيْرٌ أَبُي الْعَبَّاسِ عَنِ الرَّبِيعِ مَثَلُ
الَّذِي يَطْلُبُ الْحَدِيثَ بِلا إِسْنَادٍ
حدثنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ الزَّعِيمُ
بِمَرْوَ حدثنِي أَحْمَدُ بْنُ الْخِضْرِ الْخُزَاعِيُّ حدثنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
حدثنَا بَقِيَّةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ به خَالِدٍ عَنْ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ أَكْثِرُوا مِنَ الأحَادِيثِ
فَإِنَّهَا السِّلاحُ
أَخبرنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ قَالَ
حدثنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ حدثنِي عُثْمَانُ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ حدثنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُرَيْمِ
بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ سُوَادَةَ بْنِ أَبِي
الْجَعْدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ محمد ابن عَلِيٍّ
الْبَاقِرُ قَالَ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ بَصَرُهُ بِالْحَدِيثِ
أَوْ فِطْنَتُهُ لِلْحَدِيثِ
حدثنِي نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَدْلُ حدثنِي إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْمُوَلِّدِ حدثنِي أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ
الْمَالِكِيُّ حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سالم
حدثنى الحميوى قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ
يَقُولُ مَا مِنْ أَحَدٍ يَطْلُبُ الحديث الا وفى وجهه
(1/28)
نَضْرَةٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم نضر الله امرءا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا
فَبَلَّغَهُ
أَخبرنِي محمد بن يعقوب المقرىء حدثنِي أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ حدثنِي
الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ حدثنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ
حَسَّانٍ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ
الَإسْنَادُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ
سِلَاحٌ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يُقَاتِلُ
سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ
سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدُّورِيَّ سَمِعْتُ
قُرَادًا أَبَا نُوحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ كُلُّ
عِلْمٍ ليس فيه حدثنا أو خبرنا فَهُوَ خَلٌّ وَبَقْلٌ
سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ حدثنِي مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ كَانَ
أَبِي يَحْكِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ إِذَا رَوَيْنَا الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ
وَفَضَائِلَ الْأَعْمَالِ تَسَاهَلْنَا فِي الْأَسَانِيدِ
وَسَمَحْنَا فِي الرِّجَالِ وَإِذَا رَوَيْنَا فِي الْحَلَالِ
وَالْحَرَامِ وَالْأَحْكَامِ تَشَدَّدْنَا فِي الْأَسَانِيدِ
وَانْتَقَدْنَا الرِّجَالَ
سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ
يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ
صَالِحَ بْنَ حاتم بن ورد ان
(1/29)
يَقُولُ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ
يَقُولُ لِكُلِّ دِينٍ فُرْسَانٌ وَفُرْسَانُ هَذَا الدِّينِ
أَصْحَابُ الْأَسَانِيدِ
قَالَ الْحَاكِمُ وَلَمَّا اسْتَكْفَانِيَ الْأَمِيرُ أَبُو
عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لِجَمْعِ
الْكِتَابِ الَّذِي يَجْمَعُ بَيَانَ مَا اسْتَدْعَاهُ
وَجَمَعْتُ مِنْهُ بِعَوْنِ اللَّهِ ثُمَّ بِدَوْلَتِهِ
الْعَالِيَةِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمِي وَسَمَّيْتُهُ
كِتَابَ الْإِكْلِيلِ وَكَانَ الطَّرِيقُ إِلَيْهِ رِوَايَةَ
مَا نُقِلَ إِلَيْنَا فِي كُلِّ فَصْلٍ مِنْ فُصُولِهِ
بِأَسَانِيدِهَا اقْتِدَاءًا بِمَنْ تَقَدَّمَنَا مِنْ
أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ إِخْرَاجِ الْغَثِّ وَالسَّمِينِ
فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ وَهَذِهِ الْمَسَانِيدُ الَّتِي
صُنِّفَتْ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى رِوَايَاتِ الصَّحَابَةِ
مُشْتَمِلَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الْمُعَدَّلِينَ مِنَ الرُّوَاةِ
وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَجْرُوحِينَ كَمُسْنَدِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ
بْنِ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ
الْمُسْنَدَ عَلَى تَرَاجِمِ الرِّجَالِ فِي الْإِسْلَامِ
وَبَعْدَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ حنبل واسحق بن ابراهيم الحنظلى
وأبى خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ الْقَوَادِسِيُّ ثُمَّ كثرت المسانيد لمخرجة عَلَى
تَرَاجِمِ الرِّجَالِ كُلِّهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ بَيْنَ
الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ
وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الصَّحِيحَ أَبُو عَبْدِ الله محمد بن
اسماعيل لجعفى البخارى ثم أبو الحسن مُسْلِمٌ الْحَجَّاجُ
الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ وَإِنَّمَا صَنَّفَاهُ
عَلَى الْأَبْوَابِ لَا عَلَى التَّرَاجِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ
الْأَبْوَابِ وَالتَّرَاجِمِ أَنَّ التَّرَاجِمَ شَرْطُهَا
أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُتَرْجِمُ عَلَى
هَذَا الْمُسْنَدِ فَيَقُولُ ذِكْرُ مَا رَوَى قَيْسُ بْنُ
أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُخَرِّجَ كُلَّ مَا رُوِي عَنْ
قَيْسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ صَحِيحًا كَانَ أَوْ سَقِيمًا
فَأَمَّا مُصَنِّفُ الْأَبْوَابِ
(1/30)
فَإِنَّهُ يَقُولُ ذِكْرُ مَا صَحَّ
وَثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ أَوِ الصَّلَاةِ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ
وَلَعَلَّ قَائِلًا يَقُولُ وَمَا الْغَرَضُ فِي تَخْرِيجِ
مالا يَصِحُّ سَنَدُهُ وَلَا يُعَدَّلُ رُوَاتُهُ وَالْجَوَابُ
عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهٍ
مِنْهَا أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ مُخْتَلَفٌ فيهما
وربما عدل امام وجرج غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الْإِرْسَالُ
مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنَ الْأَئِمَّةِ مَنْ رَأَى الْحُجَّةَ
بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ
الِاقْتِدَاءُ بِالْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ
كَانُوا يُحدثونَ عَنِ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ فَإِذَا
سُئِلُوا عَنْهُمْ بَيَّنُوا أَحْوَالَهُمْ وَهَذَا مَالِكُ بن
أنس أَهْلِ الْحِجَازِ بِلَا مُدَافَعَةٍ رَوَى عَنْ عَبْدِ
الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ
تَكَلَّمُوا فِيهِمْ ثُمَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ
بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ
الْحِجَازِ بَعْدَ مَالِكٍ رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أبى يحى الْأَسْلَمِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ
سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ
الْمَجْرُوحِينَ
وَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ إِمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ رَوَى عَنْ
جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ وَأَبِي الْعَطُوفِ
الْجَرَّاحِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْجَزَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا
مِنَ الجروحين ثُمَّ بَعْدَهُ أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي وَأَبُو عَبْدِ الله محمد بن الحسن
الشيبنى حدثا جَمِيعًا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَجْرُوحِينَ
وَكَذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِمَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ قَرْنًا
بَعْدَ قَرْنٍ وَعَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا
لَمْ يَخْلُ حَدِيثُ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَرِيقَيْنِ
عَنْ مَطْعُونٍ فِيهِ مِنَ الْمُحدثينَ وَلِلْأَئِمَّةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنْ
يَعْرِفُوا الْحَدِيثَ مِنْ أَيْنَ مَخْرَجُهُ وَالْمُنْفَرِدُ
به عدل أو مجروح
(1/31)
سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ
يَعْقُوبَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ
الدُّورِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بن معين يَقُولُ لَوْ
لَمْ نَكْتُبِ الْحَدِيثَ مِنْ ثَلَاثِينَ وَجْهًا مَا
عَقَلْنَاهُ
أَخبرنِي أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ الْحَنْظَلِيُّ
الْحَافِظُ بِهَمَذَانَ قَالَ حدثنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْقَاضِي بِالدِّينَوَرِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ
الَأَثْرَمَ يَقُولُ رَأَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبلٍ يَحْيَي بْنَ
مَعِينٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِصَنْعَاءَ فِي زَاوِيَةٍ وَهُوَ
يَكْتُبُ صَحِيفَةَ مَعْمَرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَنَسٍ فَإِذَا
اطَّلَعَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ كَتَمَهُ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ
تَكْتُبُ صَحِيفَةَ مَعْمَرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَنَسٍ
وَتَعْلَمُ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فَلَوْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ
أَنْتَ تَتَكَلَّمُ فِي أَبَانٍ ثُمَّ تَكْتُبُ حَدِيثَهُ
عَلَى الْوَجْهِ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ أَكْتُبُ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
عَنْ مَعْمَرٍ عَلَى الْوَجْهِ فَأَحْفَظُهَا كُلَّهَا
وَأَعْلَمُ انها موضوعة حتى لا يجىء بَعْدَهُ إِنْسَانٌ
فَيَجْعَلُ بَدَلَ أَبَانٍ ثَابِتًا وَيَرْوِيهَا عَنْ
مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فَأَقُولُ لَهُ كَذِبْتَ
إِنَّمَا هِيَ عَنْ أَبَانٍ لَا عَنْ ثَابِتٍ
أَخبرنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بِبَغْدَادَ حدثنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ قَالَ قَالَ يَحْيَي بْنُ مَعِينٍ
كَتَبْنَا عَنِ الكذابيين وَسَجَرْنَا بِهِ التَّنُّورَ
وَأَخْرَجْنَا بِهِ خبرا نضجا
قال لحاكم رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ
وَالشَّامِ يَشْهَدُونَ لِأَهْلِ خُرَاسَانَ بِالتَّقَدُّمِ
فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ لِسَبْقِ الْإِمَامَيْنِ أَبِي
عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ
النَّيْسَابُورِيِّ إِلَيْهِ وَتَفَرُّدِهِمَا بِهَذَا
النَّوْعِ مِنَ الْعِلْمِ جَزَاهُمَا اللَّهُ عَنِ
الْإِسْلَامِ خَيْرًا
وَقَدْ صَنَّفْتُ أَنَا عَلَى كِتَابِ كُلٍّ مِنْهُمَا
كِتَابًا وَعَرَّفْتُ شَرْطَ كُلٍّ مِنْهُمَا الصَّحِيحَ
وَالسَّقِيمَ مِمَّا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفْنَا
فِيهِ وَأَنَا مُبَيِّنٌ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ الْبُلْغَةُ
إِنْ شاء الله تعالى
(1/32)
ذِكْرُ مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ الصَّحِيحِ
قَالَ لحاكم رَحِمَهُ اللَّهُ وَالصَّحِيحُ مِنَ الْحَدِيثِ
مُنْقَسِمٌ عَلَى عَشَرَةِ أَقْسَامٍ خَمْسَةٌ مُتَّفَقٌ
عَلَيْهَا وَخَمْسَةٌ مِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمُتَّفَقِ عليها اخْتِيَارُ
الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مِنَ
الصَّحِيحِ وَمِثَالُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيهِ
الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ بِالرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ رَاوِيَانِ
ثِقَتَانِ ثُمَّ يَرْوِيهِ عَنْهُ التَّابِعِيُّ الْمَشْهُورُ
بِالرِّوَايَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَلَهُ رَاوِيَانِ ثِقَتَانِ
ثُمَّ يَرْوِيهِ عَنْهُ مِنَ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ
الْحَافِظُ الْمُتْقِنُ الْمَشْهُورُ وَلَهُ رُوَاةٌ ثِقَاتٌ
مِنَ الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ ثُمَّ يَكُونُ شَيْخُ
الْبُخَارِيِّ أَوْ مُسْلِمٍ حَافِظًا مُتْقِنًا مَشْهُورًا
بِالْعَدَالَةِ فِي رِوَايَتِهِ فَهَذِهِ الدَّرَجَةُ
الْأُولَى مِنَ الصَّحِيحِ
وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ بِهَذِهِ الشَّرِيطَةِ لَا
يَبْلُغُ عَدَدُهَا عَشْرَةُ آلَافِ حَدِيثٍ وَقَدْ كَانَ
مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَرَادَ أَنْ يُخَرِّجَ الصَّحِيحَ
عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ
(1/33)
فِي الرُّوَاةِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ هذا
الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَدْرَكَتْهُ الْمَنِيَّةُ رَحْمَةُ
اللَّهِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي حَدِّ الْكُهُولَةِ وَكَيْفَ
يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ حَدِيثَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا يَبْلُغُ عَشْرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ وَقَدْ رَوَى
عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ
صَحِبَوهُ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ سَنَةً بِمَكَّةَ قَبْلَ
الْهِجْرَةِ ثُمَّ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ حَفِظُوا
عَنْهُ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ وَنَوْمَهُ وَيَقَظَتَهُ
وَحَرَكَاتِهِ وَسُكُونَهُ وَقِيَامَهُ وَقُعُودَهُ
وَاجْتِهَادَهُ وَعِبَادَتَهُ وَسِيَرَهُ وَمَغَازِيَهُ
وَسَرَايَاهُ وَمِزَاحَهُ وَزَجْرَهُ وَخُطَبَهُ وَأَكْلَهُ
وَشُرْبَهُ وَمَشْيَهُ وَسُكُوتَهُ وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلِهِ
وَتَأْدِيبَهُ فَرَسِهِ وَكُتُبَهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ
وَالْمُشْرِكِينَ وَعُهُودَهُ وَمَواثِيقَهُ وَأَلْحَاظَهُ
وَأَنْفَاسَهُ وَصِفَاتِهِ وَهَذَا سِوَى مَا حَفِظُوا عنه من
أحكام الشرعية وَمَا سَأَلُوهُ عَنِ الْعِبَادَاتِ
وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَتَحَاكَمُوا فِيهِ إِلَيْهِ
وَقَدْ نُقِلَ إِلَيْنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ الْعُنُقَ فاذا وجد فجوة نعى وأه
مَشَى عَنْ زَمِيلٍ لَهُ وَأَنَّهُ مَازَجَ صَبِيًّا فَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ ما فعل
النغيز ومازح عجوزا فقال ان الجنة
(1/34)
لا تدخلها عجوزا وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغظ اذا نام وأه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرِجْلَتَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ فزقه ترق
عين بقه وأه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ وَهُوَ
قَائِمٌ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بل قَائِمًا مِنْ
جُرْحٍ كَانَ بِمَأْبَضَيْهِ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ مِنْ
هَذَا النَّوْعِ يَطُولُ شَرْحُهُ
وَهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةُ الرَّاوُونَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى مَنْ صَحِبُوهُ وَمَاتُوا قَبْلَهُ
وَقُتِلُوا بَيْنَ الصُّفُوفِ أَوْ تَبَدَّدُوا وَلَمْ
تَظْهَرْ لَهُمْ رِوَايَةٌ وَلَا حَدِيثٌ وَأَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَامَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ
وَبَيْنَ يَدَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ عَنَانٍ وَقَدْ
كَانَ الْوَاحِدُ مِنَ الْحُفَّاظِ يَحْفَظُ خَمْسَمِائَةِ
أَلْفِ حَدِيثٍ
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ
الرَّازِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ
بْنَ مُسْلِمِ بْنِ وَارِهٍ كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ بَنْيَسابُورَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الْعِرَاقِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ صَحَّ
مِنَ الْحَدِيثِ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ وَكَسْرٍ
وَهَذَا الْفَتَى يَعْنِي أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ قَدْ
حَفِظَ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي
يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنَ خُزَيْمَةَ
يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ يَقُولُ كَانَ
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَاهَوَيْهِ يُمْلِي سَبْعِينَ
أَلْفَ حَدِيثٍ حِفْظًا
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنِ أَبِي دَارِمٍ الْحَافِظَ بالكوفة
يقول سمعت أبا
(1/35)
الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ
سَعِيدٍ الْحَافِظَ يَقُولُ أَحْفَظُ لِأَهْلِ البيت ثلاثمائة
أَلْفِ حَدِيثٍ
سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَافِظَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا
الْعَبَّاسِ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ ظَهَرَ لِأَبِي كريب بالكوفة
ثلاثمائة أَلْفِ حَدِيثٍ
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَارِمٍ يَقُولُ كَتَبْتُ
بأصابعى عن أبى جعفر الخضرمى مُطَيِّنٍ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ
سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بن يحيى
يقول سمعت محمد بن الْمُسَيَّبِ الْأَرْغِيَانِيَّ يَقُولُ
كُنْتُ أَمْشِي بِمِصْرَ وَفِي كُمِّي مِائَةُ جُزْءٍ فِي
كُلِّ جُزْءٍ أَلْفُ حَدِيثٍ
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ كَانَ فِي عَصْرِنَا
جَمَاعَةٌ بَلَغَ الْمُسْنَدُ الْمُصَنَّفُ لَهُ عَلَى
تَرَاجِمِ الرِّجَالِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفُ جُزْءٍ
مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
حَمْزَةَ الْأَصْفَهَانِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَاسَرْجِيُّ
الْقِسْمُ الثَّانِي من الصحيح المتفق عليها الْحَدِيثُ
الصَّحِيحُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ رَوَاهُ
الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ إِلَى الصَّحَابِيِّ وَلَيْسَ لِهَذَا
الصَّحَابِيِّ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٍ وَمِثَالُ ذَلِكَ حَدِيثُ
عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ
بِالْمُزْدَلِفَةِ فُقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْتُ من
جبلى طيىء أتعبت
(1/36)
نَفْسِي وَأَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي وَاللَّهِ
مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ
فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله
عليه وسلم منصلى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَقَدْ أَتَى
عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَقَدْ تَمَّ
حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ
قَالَ الْحَاكِمُ وَهَذَا حَدِيثٌ من أصول الشريعة مقبول متد
اول بَيْنَ فُقَهَاءِ الْفَرِيقَيْنِ وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ
ثِقَاتٌ وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحَيْنِ إِذْ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
مُضَرَّسٍ غَيْرُ الشَّعَبِيِّ
وَشَوَاهِدُ هَذَا كَثِيرَةٌ فِي الصَّحَابَةِ كُعُمَيْرِ بْنِ
قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرُ ابْنِهِ
عُبَيْدٍ وَأَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ
غَيْرُ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَيْسِ بْنِ أبى أَبِي
غَرْزَةَ الْغِفَارِيِّ عَلَى كَثْرَةِ رِوَايَتِهِ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ
لَهُ رَاوٍ غَيْرُ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ
وَأَبُو وَائِلٍ مِنْ أَجِلَّةِ التَّابِعِينَ بِالْكُوفَةِ
أَدْرَكَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَسَامَةَ
بْنِ شَرِيكٍ وَقُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ عَلَى اشْتِهَارِهِمَا
فِي الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ لَهُمَا رَاوٍ غَيْرُ زِيَادِ بْنِ
عِلَاقَةَ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ومرادس بن مالك
الاسلمى والمستورد ابن شَدَّادٍ الْفِهْرِيِّ وَدُكَيْنِ بْنِ
سَعِيدٍ الْمُزَنِيِّ كُلِّهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ
لهم راو غير قيس
(1/37)
بن أبى حازم ونو من كبار التابعين أدرك
أبابكر وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَوُلِدَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
والشواهد لماذكرناه كَثِيرَةٌ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ
وَالْأَحَادِيثُ مُتَدَاوَلَةٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ
مُحْتَجٌّ بِهَذِهِ الْأَسَانِيدِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا
القسم الثالث الصحيح المتفق عليها أَخْبَارُ جَمَاعَةٍ مِنَ
التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعُونَ ثِقَاتٌ
إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا
الرَّاوِي الْوَاحِدُ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْين وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْبَدٍ
وَزِيَادِ بْنِ الْحَرْثِ وَغَيْرِهِمْ لَيْسَ لَهُمْ رَاوٍ
غَيْرُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ مَكَّةَ
وَكَذَلِكَ الزُّهْرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ تَفَرَّدَ
بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ
عَمْرِو بْنِ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُقْبَةَ بْنِ سُوَيْدٍ
الْأَنْصَارِيِّ وَسِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ
وغيرهم وقدتفرد يَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ
جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالرِّوَايَةِ مِنْهُمْ يُوسُفَ
بْنِ مَسْعُودٍ الزُّرَقِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ
الْأَنْصَارِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ
وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذِهِ
الرِّوَايَاتِ شَيْءٌ وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ بِنَقْلِ الْعَدْلِ
عَنِ الْعَدْلِ مُتَدَاوَلَةٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ محتج بها
(1/38)
الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنَ الصَّحِيحِ
الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْأَفْرَادُ
الْغَرَائِبُ الَّتِي يَرْوِيهَا الثِّقَاتُ الْعُدُولُ
تَفَرَّدَ به ثِقَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ وَلَيْسَ لَهَا طُرُقٌ
مُخَرَّجَةٌ فِي الْكُتُبِ مِثْلُ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى يَجِيءَ
رَمَضَانُ
وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ أَحَادِيثَ الْعَلَاءِ أَكْثَرَهَا
فِي الصَّحِيحِ وَتَرَكَ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ مِمَّا تَفَرَّدَ
بِهِ الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ الْمَكِّيِّ عَنْ
أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَقُولُ فِي التَّشَهُّدِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ
ثِقَةٌ مُخَرَّجٌ حَدِيثُهُ فِي الصحيح البخارى ولم يخرج هذه
الْحَدِيثَ إِذْ لَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
مِنْ وَجْهٍ الصحيح
وَحَدِيثُ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عائشة رضى الله عنها أها قَالَتْ طُبَّ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ
يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلَا
يَفْعَلُهُ
قَالَ الْحَاكِمُ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ
وَهُوَ شاذ بمرة وكذلك حديث أبى زكير يحى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
قَيْسٍ وَهُوَ ثِقَةٌ مُخَرَّجٌ حَدِيثُهُ فِي كِتَابِ
مُسْلِمٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها أنها
(1/39)
قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا الْبَلَحَ بالتمر قان
الشَّيْطَانَ إِذَا رَآهُ قَالَ عَاشَ ابْنُ آدَمَ حَتَّى
أَكَلَ الْجَدِيدَ بِالْخَلِقِ
قَالَ الْحَاكِمُ وَشَوَاهِدُ هَذَا الْقِسْمِ كَثِيرَةٌ
كُلُّهَا صَحِيحَةُ الْإِسْنَادِ غير مخرجة فى الكتابيين
يُسْتَدَلُّ بِالْقَلِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَلَى
الْكَثِيرِ الَّذِي تَرَكْنَاهُ
الْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنَ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
أَحَادِيثُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنْ آبَائِهِمْ عن
أجدادهم ولم يتواتر الرِّوَايَةُ عَنْ آبَائِهِمْ
وَأَجْدَادِهِمْ إِلَّا عَنْهُمْ كَصَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَجَدِّ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جده أياس بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ
الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَجَدِّ بَهْزِ بْنِ
حَكِيمٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ وَجَدُّ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ السَّهْمِيُّ وَجَدُّ إِيَاسِ ابن مُعَاوِيَةَ
وقُرَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ جماعتهم صحابيون وأحفادهم
ثقات والاحاديث على كثرتها مجتج بها فى كتب العلماء
(1/40)
وَقَالَ أَيْضًا فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ
الْخَمْسَةُ مُخَرَّجَةٌ فِي كُتُبِ الْأَئِمَّةِ مُحْتَجٌّ
بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَرَّجْ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْهَا
حَدِيثٌ لِمَا بَيَّنَّاهُ فى كل قسم منها
(1/41)
وَأَمَّا الْأَقْسَامُ الْخَمْسَةُ
الْمَخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهَا فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْهَا
الْمَرَاسِيلُ
وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ التَّابِعِيِّ أَوْ تَابِعِ
التَّابِعِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرْنٌ أَوْ قَرْنَانِ وَلَا يَذْكُرُ
سَمَاعَهُ فِيهِ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ فَهَذِهِ أَحَادِيثُ
صَحِيحَةٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ
كَإِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ
أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ
ثَابِتٍ وَأَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
الْقَاضِي وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
الشَّيْبَانِيِّ فَمَنْ بَعْدَهَمُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ
مُحْتَجٌّ بِهَا عِنْدَ جَمَاعَتِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ
إِنَّهُ أَصَحُّ مِنَ المتصل المسند قان التَّابِعِيَّ إِذَا
رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ الَّذِي سَمِعَهُ أَحَالَ الرِّوَايَةَ
عَلَيْهِ وَإِذَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُهُ إِلَّا بَعْدَ
اجْتِهَادٍ فِي مَعْرِفَةِ صِحَّتِهِ
وَالْمَرَاسِيلُ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ
الْحَدِيثِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ غَيْرُ مُحْتَجٌّ بِهَا
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ
مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْأَصْبَحِيِّ
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ
وَمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ
وَحُجَّتُهُمْ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةُ
نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فى الدين ولينذروا
(1/43)
قومهم اذا رجعوا اليهم فَقَرَنَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى الرِّوَايَةَ بِالسَّمَاعِ مِنْ نَبِيِّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَدَائِهِ إِلَى مَنْ
وَرَاءهُ وَهَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ نَضَّرَ اللَّهُ
امراء سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا حَتَّى يُؤَدِّيهَا إِلَى
مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا
حدثنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ
يَحْيَي الْأَزَامِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حدثنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ
بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنَ
الَّذِينَ يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِنَ الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ ثُمَّ
يَأْتِي مِنْ بعد ذلك قوما سِمَانٌ يُحِبُّونَ السَّمْنَ
وَيَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْئلُوا
حدثنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ
حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ حدثنَا
ابْنُ وَهْبٍ أَخبرنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَيْدِ
بْنِ وَاقِدٍ عَنْ حِزَامِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ
بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حدثوا عنى كما سمعتم
(1/44)
حدثنَا عَلِيُّ بْنُ شَاذَانَ يَقُولُ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ
أَبَا إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ ابْنَ
الْمُبَارَكِ قُلْتُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُقَالُ مَنْ صلى على
أبويى فَقَالَ مَنْ رَوَاهُ قُلْتُ شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ
فَقَالَ ثِقَةٌ قُلْتُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ
ثِقَةٌ عَمَّنْ فَقُلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ بَيْنَ الْحَجَّاجِ بنِ
دِينَارٍ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَفَازَةٌ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ
الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الصَّحِيحِ الْمُخْتَلَفِ فِي
صِحَّتِهِ رِوَايَاتُ الْمُدَلِّسِينَ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا
أَسْمَاعَهُمْ فِي الرِّوَايَةِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ عِنْدَ
جَمَاعَةَ مَنْ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ
الْكُوفَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ جَمَاعَةِ مَنْ قَدَّمْنَا
ذِكْرَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَعْنَى
التَّدْلِيسِ أَنْ يَقُولَ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ
الزُّهْرِيُّ حدثنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَوْ يَقُولَ
قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ جَابِرًا
وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مَشْهُورٌ سَمَاعُهُ مِنْهُمَا
جَمِيعًا إِلَّا إِنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ السَّمَاعَ فِي هَذِهِ
الرِّوَايَةِ وَقَدْ عُرِفَ بِأَنَّهُ يُدَلِّسُ فِيمَا
يَفُوتُهُ سَمَاعُهُ كَمَا حدثنَاهُ أَبُو الطَّيِّبِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيُّ قَالَ حدثنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ المروزى قال حدثنا عَلِيُّ بْنُ
خَشْرَمٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي
مَجْلِسِهِ فَقَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَقِيلَ لَهُ حدثكُمُ
الزُّهْرِيُّ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَقِيلَ لَهُ
سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ لَا لَمْ أسمعه من
(1/45)
الزُّهْرِيِّ وَلَا مِمَّنْ سَمِعَهُ عَنِ
الزُّهْرِيِّ حدثنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ معمر بن
الزُّهْرِيِّ وَكَذَلِكَ قَتَادَةُ بْنُ دُعَامَةَ إِمَامُ
أَهْلِ الْبَصْيرَةِ إِذَا قَالَ قَالَ أَنَسٌ أَوْ قَالَ
الْحَسَنُ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالتَّدْلِيسِ عَنْهُمَا
أَخبرنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
الْعَنْزِيُّ قَالَ حدثنَا عُثْمَانُ بْنُ بن سعيد الدرامى
قَالَ حدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ
قَالَ حدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابن مَهْدِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ
شُعْبَةَ يَقُولُ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ
فَإِذَا قَالَ حدثنَا كَتَبْتُ وَإِذَا لَمْ يَقُلْ لَمْ
أَكْتُبْهُ
فَأَمَّا أهل الكوفة فمنهم م دَلَّسَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ
يُدَلِّسْ وَقَدْ دَلَّسَ أَكْثَرُهُمْ وَالْمُدَلِّسُونَ
عَنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ
أَبِي خَالِدٍ وَغَيْرُهُمَا فَأَمَّا الطَّبَقَةُ
الثَّانِيَةُ فَمِثْلُ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ
أُسَامَةَ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ محمد بن حازم الضَّرِيرِ
وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَمْ يُدَلِّسُوا
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ
سُلَيْمَانَ الزَّاهِدَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ
سَلَمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ أَبِي
السَّقَرِ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ أبى أسامة فقال يحى بْنُ
سَعِيدٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَذَكَرَ الْخبر فَقَالَ
أَتَرَوْنِي أُدَلِّسُ أكم واله لَأَنْ أَعَضُّ عَنْ مَجْلِسِي
هَذَا أجب إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ حدثنِي يَحْيَى
بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
المسيب بن حُزْنٍ الْقُرَشِيِّ
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَخْبَارُ
الْمُدَلِّسِينَ كَثِيرَةٌ وَضَبَطَ الْأَئِمَّةُ عَنْهُمْ مَا
لَمْ يُدَلِّسُوا وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا دَلَّسُوا وَمَا
لَمْ يُدَلِّسُوا ظَاهِرٌ فِي الاحبار
(1/46)
الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الصَّحِيحِ
الْمُخْتَلَفِ فِيهِ خبر يَرْوِيهِ ثِقَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ
عَنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُسْنِدُهُ
ثُمَّ يَرْوِيهِ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ
فَيُرْسِلُونَهُ وَمِثَالُهُ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَجِبْ
فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ هكذا رواه عدى بن ثابت عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ وَقَدْ وَقَفَهُ سَائِرُ
أَصْحَابِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ
وَهَذَا الْقِسْمُ مِمَّا يَكْثُرُ وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا
الْمِثَالِ عَلَى جُمْلَةٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ
هَكَذَا فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ صَحِيحَةٌ عَلَى مَذْهَبِ
الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ الْقَوْلَ عِنْدَهُمْ فِيهَا قَوْلُ مَنْ
زَادَ فِي الْإِسْنَادِ أَوِ الْمَتْنِ إِذَا كَانَ ثِقَةً
فَأَمَّا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهَا
عِنْدَهُمْ قَوْلُ الْجُمْهُورِ الَّذِي أَرْسَلُوهُ لِمَا
يُخْشَى مِنَ الْوَهْمِ عَلَى هَذَا الْوَاحِدِ لِقَوْلِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْطَانُ مَعَ
الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثنين أبعد
(1/47)
الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنَ الصَّحِيحِ
الْمُخْتَلَفِ فِيهِ رِوَايَاتُ مُحدث صَحِيحِ السَّمَاعِ
صَحِيحِ الْكِتَابِ مَعْرُوفٍ بِالسَّمَاعِ ظَاهِرِ
الْعَدَالَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَا يُحدث بِهِ
وَلَا يَحْفَظُهُ كَأَكْثَرِ مُحدثي زَمَانِنَا هَذَا فَإِنَّ
هَذَا الْقِسْمَ مُحْتَجٌّ بِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ
الْحَدِيثِ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلَا يَرَيَانِ الْحُجَّةَ بِهِ
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
فَحدثنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ شُعَيْبٌ
الْعَدْلُ قَالَ حدثنَا أَسَدُ بْنُ نُوحٍ قَالَ حدثنَا أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ
الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ
قَالَ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ إِلَّا
إِذَا سَمِعَهُ مِنْ فَمِ الْمُحدث فَيَحْفَظُهُ ثُمَّ يُحدث
بِهِ
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
فَحدثنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ قَالَ حدثنَا أَبُو حَاتِمٍ
الرَّازِيُّ قَالَ حدثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ
الْحِزَامِيُّ قَالَ حدثنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ
مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِمَّنْ
لَا يَعْرِفُ مَا يُحدث بِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ
أَقْوَامًا لَهُمْ فَضْلٌ وَصَلَاحٌ مَا أَخَذْتُ عَنْ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ حَرْفًا قِيلَ وَلِمَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ما يحدثون به
(1/48)
القسم الخامس مِنَ الصَّحِيحِ
الْمُخْتَلَفِ فِيهِ رِوَايَاتُ الْمُبْتَدِعَةَ وَأَصْحَابُ
الْأَهْوَاءِ فَإِنَّ رِوَايَاتِهِمْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ
الْحَدِيثِ مَقْبُولَةٌ إِذَا كَانُوا فِيهَا صَادِقِينَ
فَقَدْ حدث مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فِي
الْجَامِعِ الصَّحِيحِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ
الرَّوَاجِنِيِّ
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ
خُزَيْمَةَ يَقُولُ حدثنَا الصَّدُوقُ فِي رِوَايَتِهِ
الْمُتَّهَمُ فِي دِينِهِ عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ وَقَدِ
احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ بِمُحَمَّدِ
بْنِ زِيَادٍ الِالْهَانِيِّ وَحَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ الرحبى
وهما مما اشْتُهِرَ عَنْهُمَا النَّصْبُ وَاتَّفَقَ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِأَبِي
مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
مُوسَى وَقَدِ اشْتُهِرَ عَنْهُمَا الْغُلُوُّ
قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا جَعَلْتُ
هَؤُلَاءِ مِثَالًا لِآخَرِينَ فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ
فَإِنَّهُ يقول لايؤخذ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى
هَوَاهُ وَلَا مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي حَدِيثِ النَّاسِ
وَإِنْ كُنْتَ لَا تَتَّهِمُهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لحاكم رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ
صِحَّةِ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَشَرَةِ أَقْسَامٍ عَلَى
اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِهِ فِيهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ
مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ لَيْسَ يصح من
(1/49)
الْحَدِيثِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فَإِذَا نَظَرْنَا وَتَأَمَّلْنَا
فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ جَمَعَ كِتَابًا فِي
التَّارِيخِ عَلَى أَسَامِي مَنْ رُوِيَ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ
مِنْ زَمَانِ الصَّحَابَةِ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ
وَمِائَتَيْنِ فَبَلَغَ عَدَدُهُمْ قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِينَ
أَلْفَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ جَمَعْتُ أَنَا أَسَامِيهِمْ وما
اختلفا فيه فاحتج بأحداهما وَلَمْ يَحْتَجُّ بِهِ آخَرُ فَلَمْ
يَبْلُغُوا أَلْفَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ثُمَّ جَمَعْتُ مَنْ
ظَهَرَ جَرْحُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِينَ أَلْفًا
فَبَلَغُوا مِائَتَيْنِ وستة وَعِشْرِينَ رَجُلًا
فَلْيَعْلَمْ طَالِبُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ أَكْثَرَ
الرُّوَاةِ لِلْأَخْبَارِ ثِقَاتٌ وَأَنَّ الدَّرَجَةَ
الْأُولَى مِنْهُمْ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الْكِتَابَيْنِ
الصَّحِيحَيْنِ لِلْوُجُوهِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا لَا
لِجَرْحٍ فِيهِمْ
وَأَنَا ذَاكِرٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرَهُ
وَحَسُنَ تَوْفِيقِهِ سَبَبَ الْجَرْحِ وَمَا يُوهَمُ أَنَّهُ
جَرْحٌ وَلَيْسَ بِجَرْحٍ لِيُوقَفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ
فِيهِ وَاللَّهُ الْمُعِينُ على ذكر بمنه
(1/50)
|