النكت على كتاب ابن الصلاح الفصل الثاني: نسبة
الكتاب إلى مؤلفه الحافظ ابن حجر
هناك عدد وفير من الدلائل لإثبات نسبة كتاب النكت إلى الحافظ
ابن حجر:
أولا: أن خمس نسخ لهذا الكتاب قد اتفقت على نسبة الكتاب إلى
الحافظ ابن حجر وقد يكون هناك نسخ أخرى للكتاب لم نطلع عليها
تشارك هذه النسخ في نفس الدلالة.
ثانيا: أن الحافظ قد ذكر هذا الكتاب في كتابه العظيم فتح
الباري في عدد من المواضع.
منها: أنه ذكره في الفتح 1/386 في الكلام على حديث بهز في ستر
العورة وفي 13/545 و546 حيث قال فيما يتعلق بحديث كفارة المجلس
(وقد تتبعت طرقه ... وقد خرجت طرقه فيما كتبته على علوم الحديث
وقال مرة أخرى في الكلام على بعض روايات الحديث المذكور: وقد
استوعبت طرقها وبينت اختلاف أسانيدها وألفاظ متونها فيما علقته
على علوم الحديث لابن الصلاح في الكلام على الحديث المعلول) .
وهذا الذي قاله موجود في النكت في نوع المعلل.
ثالثا: ذكر الحافظ بعض مؤلفاته في هذا الكتاب، كأن يحيل على
هذا بحث فيها
(1/195)
أو استيفاء ترجمة ونحو ذلك فقد ذكر عددا من
كتبه فيه كتغليق التعليق وشرح البخاري وترتيب المدرج وغفران ما
تقدم من الذنوب وتهذيب التهذيب.
رابعا: أن الذين ترجموا للحافظ ابن حجر قد ذكروا هذا الكتاب في
عداد مؤلفاته كالسخاوي في الجواهر والدرر ل 155 والسيوطي في
نظم العقيان ص47 وفي ذيل الطبقات ص381 وكذلك الذين ألفوا كتبا
في فنون العلم مثل كشف الظنون ذكر النكت في مؤلفات الحافظ وذكر
قطعة من مقدمتها على عادته وكذلك ذكرها الكتاني في الرسالة
المستطرفة.
خامسا: هناك كتب ألفت في علوم الحديث قد عولت كثيرا على هذا
الكتاب واستقت منه معلومات كثيرة أعطت هذه الكتب قيمة وفي نفس
الوقت حفظت هذه البحوث التي استقتها منه. ومن تلك الكتب فتح
المغيث للسخاوي وتدريب الروي للسيوطي وتوضيح الأفكار للصنعاني
وقد أشرت في التعليقات على نص النكت إلى كثير من المواضع من
هذه الكتب المستفيدة من النكت خصوصا توضيح الأفكار.
هل كمل الحافظ تأليف هذا الكتاب؟
والجواب: أن الحافظ لم يكمله.
فالنسخ الموجودة تنتهي بالنوع الثاني والعشرين وهو المقلوب بل
النسخة اليمنية لم تصل إلا إلى أثناء النوع العشرين وهو
المدرج. بل قد نص على عدم إكماله تلميذه العليم بمؤلفاته وهو
الحافظ السخاوي قال في الجوهر والدرر ل155/أفي أثناء عدّ
مؤلفات الحافظ: (النكت على ابن الصلاح وعلى النكت التي عملها
على شيخه العراقي لم يكمل) قال: (وهو في مجلد ضخم مسود زيادة
على نكت شيخه العراقي ومباحثه معه وهو نحو حجم الأصل بيض منه
إلى المقلوب) ونص السيوطي في نظم العقيان ص47 على أن الحافظ لم
يكمل هذا الكتاب.
(1/196)
ويفهم من كلام السخاوي أن تأليف الحافظ قد
تجاوز نوع المقلوب وإن كان لم يكمل الكتاب، ولا ندري إلى أي حد
وصل وعلى كل حال فمن المؤكد أنه وصل إلى النوع الثاني والعشرين
المقلوب وهو الذي تمكن الحافظ من تبييضه.
ولعل من أهم أسباب عدم إكمال الكتاب اشتغال الحافظ بالكتابة في
عدد من التآليف استغرقت جهوده وهو يكتب في هذا الكتاب وذاك
موزّعا أوقاته عليها فلم يتوفر له من الوقت ما يسمح له بإنجاز
هذا الكتاب. والله أعلم.
(1/197)
|