النكت على كتاب ابن الصلاح النوع العاشر:
المنقطع
71-قوله/ (ي156) (ص) 1: "بعد أن ذكر في أمثلة المنقطع رواية
عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق"2 ... الحديث.
فهذا الإسناد إذا تأمله الحديثي ظنه متصلا إلى آخره، وفيه
أمران:
أحدهما: أن هذا المثال إنما يصلح للحديث المدلس لأن كل راو من
رواته قد لقي شيخه فيه وسمع منه وإنما طرأ الانقطاع فيه من قبل
التدليس.
والأولى في مثال المنقطع أن يذكر ما انقطاعه فيه من عدم اللقاء
- كمالك عن ابن عمر - رضي الله عنه -، والثوري عن إبراهيم
النخعي/ (?92/أ) وأمثال ذلك.
الثاني: قوله: أن الحديثي إذا تأمله ظنه متصلا، يريد بقوله
الحديثي المبتدى في طلب الحديث.
وقد ظن بعضهم أنه أراد به المحدث، فقال: "كان ينبغي أن يقول:
غير الحديثي، لأن المحدث إذا نظر في إسناد فيه مدلس قد عنعنه
لم يحمله على الاتصال من أجل التدليس، فالأليق3 حمل كلامه على
أنه أراد بقوله الحديثي المبتدي - والله أعلم -.
__________
1 مقدمة ابن الصلاح ص52.
2 عن أبي إسحاق عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: "إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين ... " الحديث ذكره
الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 28-29) .
3 في (ب) فأليق.
(2/572)
72- قوله: (ص) 1: "ومنها 2: ما حكاه الخطيب
عن بعض أهل العلم بالحديث أن المنقطع ما روي عن التابعي أو من
دونه موقوفا عليه"3.
قلت: والمبهم المذكور هو: الحافظ أبو بكر: أحمد بن إبراهيم
البرديجي، ذكر ذلك في جزء له لطيف تكلم فيه على المرسل
والمنقطع.
وفات المصنف/ (ر81/أ) من حكاية في المنقطع ما قاله أبو الحسن
إلكيا الهراسي4 في تعليقه، فإنه ذكر فيه: أن مصطلح المحدثين أن
المنقطع ما يقول فيه الشخص: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - من غير إسناد أصلا.
والمرسل: ما يقول فيه حدثني فلان عن رجل.
قال ابن الصلاح في فوائد رحلته: "هذا لا يعرف عن أحد من
المحدثين ولا عن غيرهم، وإنما هو من كسبه5 - والله أعلم –".
ثم إن المصنف لم يتعرض لحكم المنقطع كما تعرض لحكم المرسل
وحكاية الخلاف في قبوله ورده.
وقد قال ابن/ (ي157) السمعاني: "من منع من قبول المرسل، فهو
أشد منعا لقبول المنقطعات، ومن قبل المراسيل اختلفوا".
قلت: وهذا على مذهب من يفرق بين المرسل والمنقطع، أما من يسمي
الجميع مرسلا على ما سبق تحريره 6، فلا - والله أعلم -.
__________
1 مقدمة ابن الصلاح ص53.
2 أي من المذاهب في المنقطع.
3 الكفاية ص21.
4 هو علي بن محمد بن علي أبو الحسن الطبري الملقب بعماد الدين
فقيه شافعي مفسر درس بالنظامية ووعظ واتهم بمذهب الباطنية من
كتبه أحكام القرآن. مات سنة 504. الأعلام 5/149، انظر وفيات
الأعيان 3/286.
5 لعله هذا هو السبب في إهمال ابن الصلاح حكاية هذا الخلاف.
6 انظر ص543.
(2/573)
وكذلك/ (92/ب) لم يذكر المصنف مدارك
الانقطاع، وقد ذكر منه1 شيئا في "النوع الثامن والثلاثين"2
وهو: المراسيل الخفي إرسالها، وسأذكر بسط ذلك هناك إن شاء الله
- والله أعلم -.
__________
1 كذا في جميع النسخ ولعل الصواب: "منها" لأن الضمير عائد إلى
"المدارك".
2 مقدمة ابن الصلاح ص 260 قال ابن الصلاح: " ... والمذكور في
هذا الباب ما عرف فيه الإرسال: (أ) بمعرفة عدم السماع من
الراوي فيه (ب) أو عدم اللقاء ... (ج) ومنه: ما كان الحكم
بإرساله محالا على مجيئه من وجه آخر بزيادة شخص واحد أو أكثر
في الموضع المدعى فيه الإرسال ... ".
(2/574)
|