النكت على مقدمة ابن الصلاح

النَّوْع الثَّامِن الْمَقْطُوع

116 - (قَوْله) يُقَال فِي جمعه المقاطيع والمقاطع
يَعْنِي كنظير مَا سبق فِي المسانيد وَالْمَنْقُول عَن جُمْهُور الْبَصرِيين من النَّحْوِيين إِثْبَات الْيَاء فِي الِاخْتِيَار والكوفيين والجرمي تَجْوِيز إِسْقَاطهَا اخْتِيَارا وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك
117 - (قَوْله) وَهُوَ مَا جَاءَ عَن التَّابِعين (أ 63) مَوْقُوفا عَلَيْهِم من أَقْوَالهم وأفعالهم

(1/420)


قلت فِي إِدْخَاله فِي أَنْوَاع الحَدِيث تسَامح كثير فَإِن أَقْوَال التَّابِعين ومذاهبهم لَا مدْخل لَهَا فِي الحَدِيث فَكيف يكون نوعا مِنْهُ نعم يَجِيء هُنَا مَا بَين فِي الْمَوْقُوف من أَنه إِذا كَانَ ذَلِك لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهِ أَن يكون فِي حكم الْمَرْفُوع وَبِه صرح ابْن الْعَرَبِيّ وَادّعى أَنه مَذْهَب مَالك وَلِهَذَا أَدخل عَن سعيد بن الْمسيب صَلَاة الْمَلَائِكَة خلف الْمُصَلِّي
118 - (قَوْله) فِي كَلَام الشَّافِعِي وَالطَّبَرَانِيّ
وَكَذَلِكَ فِي كَلَام أبي بكر الْحميدِي وَالدَّارَقُطْنِيّ
119 - (قَوْله) أَحدهَا قَول الصَّحَابِيّ كُنَّا نَفْعل كَذَا إِلَى آخِره
حَاصله حِكَايَة قَوْلَيْنِ الْوَقْف مُطلقًا وَالتَّفْصِيل بِأَن تضيفه إِلَى زمَان

(1/421)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَولا وأهمل مَذَاهِب أَحدهَا أَنه مَرْفُوع مُطلقًا وَبِه قَالَ الْحَاكِم وَرجحه من الْأُصُولِيِّينَ الإِمَام الرَّازِيّ
وَقَالَ ابْن الصّباغ فِي الْعدة إِنَّه الظَّاهِر وَمثله بقوله عَائِشَة كَانَت الْيَد لَا تقطع فِي الشَّيْء التافه وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي شَرحه على البُخَارِيّ والوسيط عَن

(1/422)


ظَاهر كَلَام كثير (د 41) من الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء قَالَ وَهُوَ قوي فَإِن ظَاهره أَنه فعله على وَجه يحْتَج بِهِ وَلَا يكون إِلَّا بِرَفْعِهِ
وَالثَّانِي التَّفْصِيل بَين أَن يكون ذَلِك الْفِعْل مِمَّا لَا يخفى غَالِبا فمرفوع وَإِلَّا فموقوف وَبِه قطع الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَغَيره حَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي أَوَائِل شرح مُسلم
وَقَالَ غَيره أما إِذا كَانَ فِي الْقِصَّة اطِّلَاعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا شكّ فِي رَفعه كَقَوْل ابْن عمر كُنَّا نقُول -[و] رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ أفضل هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَيسمع ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يُنكره رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الْكَبِير وَأَصله فِي الصَّحِيح

(1/423)


وَالثَّالِث إِن ذكره الصَّحَابِيّ فِي معرض الْحجَّة حمل على الرّفْع وَإِلَّا فعلى الْوَقْف حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ فِي أُصُوله

(1/424)


120 - (قَوْله) وَذكر الْحَاكِم فِي حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة إِلَى آخِره
وَتبع الْحَاكِم فِي ذَلِك أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن سعيد الْمُقْرِئ وَحَكَاهُ المُصَنّف عَن الْخَطِيب أَيْضا
قيل وَلم يُوجد فِي الْجَامِع هَذَا وَإِنَّمَا فِيهِ حَدِيث قرع الأظافير من حَدِيث أنس وَلم يتَعَرَّض لكَونه مَوْقُوفا وَهُوَ عَجِيب فقد سبق نَقله عَنهُ فِي الْمَوْقُوف
وَحَدِيث الْمُغيرَة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن شَيْخه الْحَاكِم فِي الأمالي من طَرِيق مُحَمَّد بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة ثمَّ قَالَ قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حسان هُوَ أَخُو هِشَام بن حسان

(1/425)


غَرِيب الحَدِيث
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد روينَاهُ فِي الْجَامِع من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْتَصر عَن أنس ابْن مَالك
قَالَ السُّهيْلي وَمعنى الحَدِيث أَن بَابه الْكَرِيم لَيْسَ لَهُ حلق
وَقَالَ غَيره بل ذَلِك أدبا وإجلالا
121 - (قَوْله) الثَّانِي قَول الصَّحَابِيّ أمرنَا بِكَذَا
فِيهِ أُمُور
أَحدهَا حَاصله حِكَايَة قَوْلَيْنِ الرّفْع وَالْوَقْف وَفَاته حِكَايَة ثَالِث وَهُوَ التَّفْصِيل بَين أَن يكون الرَّاوِي أَبَا بكر الصّديق فَيحمل على أَن الْآمِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا يَقُول أمرنَا إِلَّا وآمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لِأَن غير النَّبِي) لَا يَأْمُرهُ وَلَا يلْزمه أَمر غَيره [وَلَا تَأمر عَلَيْهِ أحد من الصَّحَابَة وَأما غير أبي بكر الصّديق إِذا قَالَ أمرنَا فَإِنَّهُ يجوز أَن يكون أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو غَيره] لِأَن أَبَا بكر

(1/426)


تَأمر على الصَّحَابَة وَوَجَب عَلَيْهِم امْتِثَال أمره وَهَذَا الْمَذْهَب غَرِيب جدا [قد] حَكَاهُ ابْن الْأَثِير فِي مُقَدّمَة جَامع الْأُصُول
وَقد ضعف بِأَن غير أبي بكر كَانَ أَمِيرا فِي زمن وَكَانَ أَبُو بكر بن حَكِيم فِي بعض الْغَزَوَات لَكِن إِمَارَة غير (أ 46) أبي بكر لم تعلم إِلَّا فِي الحروب
الثَّانِي خرج بِقَيْد الصَّحَابِيّ مَا إِذا قَالَ التَّابِعِيّ ذَلِك قَالَ الْغَزالِيّ [وَهُوَ] يحْتَمل الْوَقْف والإرسال قَالَ لكنه لَا يَلِيق بالعالم أَن يُطلق ذَلِك إِلَّا وَهُوَ يُرِيد من تجب طَاعَته
قَالَ ابْن الْأَثِير وَالِاحْتِمَال فِي قَول التَّابِعِيّ أظهر مِنْهُ فِي قَول الصَّحَابِيّ
وَجزم ابْن الصّباغ فِي الْعدة بِأَنَّهُ مُرْسل (وَحكى فِيمَا إِذا قَالَ ذَلِك سعيد بن الْمسيب هَل يكون حجَّة وَجْهَيْن)
الثَّالِث لَو صرح بِالْأَمر كَقَوْلِه أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَهُوَ مَرْفُوع بِلَا خلاف لانْتِفَاء الْإِشْكَال

(1/427)


لَكِن حكى القَاضِي أَبُو الطّيب وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَغَيرهم عَن دَاوُد وَبَعض الْمُتَكَلِّمين أَنه لَا يكون حجَّة حَتَّى ينْقل لنا لَفظه وَهَذَا ضَعِيف بَاطِل إِلَّا أَن يُرِيدُوا لَا يكون حجَّة فِي الْوُجُوب كَمَا هُوَ ظَاهر تَعْلِيلهم
122 - (قَوْله) وَهَكَذَا قَول الصَّحَابِيّ من السّنة كَذَا فَالْأَصَحّ أَنه مُسْند مَرْفُوع
مُقَابل الْأَصَح خلاف الْكَرْخِي

(1/428)


والصيرفي وَحَكَاهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان عَن الْمُحَقِّقين قَالُوا يحْتَمل أَن يُرِيد سنة غير الرَّسُول فَلَا تحمل على سنته وَجزم [بِهِ] ابْن حزم فِي كتاب الإحكام فَقَالَ قَول الصَّحَابِيّ من السّنة كَذَا أَو أمرنَا بِكَذَا لَيْسَ بِمُسْنَد وَلَا يقطع بِأَنَّهُ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ السّنة عِنْده على مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَاحْتج بِمَا فِي البُخَارِيّ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ أَلَيْسَ حسبكم سنة نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن حبس أحدكُم عَن الْحَج طَاف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة ثمَّ حل من كل شَيْء حَتَّى (يحجّ قَابلا) فيهدي أَو يَصُوم إِن لم يجد هَديا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَا خلاف بَين أحد من الْأمة كلهَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة

(1/429)


وَالسَّلَام إِذْ صد عَن الْبَيْت لم يطف بِهِ وَلَا بالصفا والمروة
بل أحل حَيْثُ كَانَ بِالْحُدَيْبِية وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن عمر لم يَقع [مِنْهُ] قطّ وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ بِأم الْقُرْآن على الْجِنَازَة فِي الصَّلَاة وجهر وَقَالَ إِنَّهَا سنة
وَعَن أنس أَنه أفطر فِي منزله فِي رَمَضَان قبل أَن يخرج إِلَى السّفر وَقَالَ إِنَّهَا سنة انْتهى
وَخرج بالصحابي التَّابِعِيّ وَللشَّافِعِيّ فِيهِ قَولَانِ هَل هُوَ مَرْفُوع أَو مَوْقُوف

(1/430)


وحكاهما القَاضِي أَبُو الطّيب وَجْهَيْن وأشهرهما أَنه مَوْقُوف على بعض الصَّحَابَة وَثَانِيهمَا أَنه مَرْفُوع مُرْسل
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَالأَصَح الْوَقْف
قلت وَيَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى من مَوضِع الْخلاف سعيد بن الْمسيب على قَاعِدَة الشَّافِعِي فَإِن قَوْله من السّنة لَا يبعد حمله على الْمُرْسل وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ سنة بعض الصَّحَابَة وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ صَنِيع الشَّافِعِي فِي رِوَايَته عَن سعيد من السّنة تعاقل الْمَرْأَة وَالرجل إِلَى ثلث الدِّيَة وَلم يعْمل بِهِ وَهُوَ مُشكل على قبُوله مراسيله
وَقد ذكر الكيا الهراسي فِيهِ احْتِمَالَيْنِ فِي كتاب بعض مُفْرَدَات أَحْمد
123 - (قَوْله) وَلَا فرق بَين أَن يَقُول ذَلِك فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بعده
قلت يَقْتَضِيهِ تَسَاوِي الْأَمريْنِ وَهَذَا صَحِيح بِالنِّسْبَةِ إِلَى أصل الِاحْتِجَاج

(1/431)


إِلَى أَنَّهُمَا يتفاوتان فِي الْقُوَّة وَالظَّاهِر أَن ذكره ذَلِك فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبعد عَن الِاحْتِمَال من ذكره بعده فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون الْآمِر والناهي من أدْرك الْخُلَفَاء لَكِن احْتِمَال إِرَادَته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهر [قلت] وَالْخلاف فِي هَذَا قريب مِنْهُ فِي الَّذِي قبله
فَائِدَة

ويلتحق بقول الصَّحَابِيّ من السّنة كَذَا لَا تلبسوا [علينا] سنة نَبينَا كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن الْعَاصِ فِي عدَّة أم الْوَلَد
وَقَوله أصبت السّنة كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن عمر (أ 56) فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَكَذَا قَوْله سنة أبي الْقَاسِم - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي مُتْعَة

(1/432)


الْحَج
وأقربها للرفع سنة أبي الْقَاسِم ثمَّ وَلَا تلبسوا ثمَّ أصبت السّنة
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الْخَارِج من الْمَسْجِد بعد الْأَذَان أما هَذَا فقد عصى أَبَا الْقَاسِم وَقَوله من لم يجب الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله فَحكى

(1/433)


الْمُنْذِرِيّ عَن بَعضهم أَنه مَوْقُوف وَذكر ابْن عبد الْبر أَنه مُسْند عِنْدهم قَالَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا وَذَاكَ أَنَّهُمَا مسندان (د 43) مرفوعان ويلتحق بِهِ قَول [عمار] فِي صَوْم يَوْم الشَّك
124 - (قَوْله) الثَّالِث إِلَى آخِره
مَا اخْتَارَهُ فِي تَفْسِير الصَّحَابِيّ سبقه إِلَيْهِ الْخَطِيب [و] كَذَلِك الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ قَالَ إِذا أخبر الصَّحَابِيّ عَن سَبَب وَقع فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أخبر عَن نزُول آيَة فِيهِ فَذَلِك مُسْند لَكِن قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك تَفْسِير الصَّحَابِيّ الَّذِي شهد الْوَحْي والتنزيل عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم حَدِيث مُسْند
وَالتَّحْقِيق أَن يُقَال إِن كَانَ ذَلِك التَّفْسِير مِمَّا لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِيهِ فَهُوَ فِي

(1/434)


حكم الْمَرْفُوع وَإِن كَانَ يُمكن أَن يدْخلهُ الِاجْتِهَاد فَلَا يحكم عَلَيْهِ بِالرَّفْع
وَمِمَّا أهمله المُصَنّف ويليق ذكره هُنَا تَأْوِيل الصَّحَابِيّ الْخَبَر على أحد محتمليه وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي اللمع إِذا احْتمل اللَّفْظ أَمريْن احْتِمَالا وَاحِدًا فَصَرفهُ إِلَى أَحدهمَا كَمَا رُوِيَ عَن عمر أَنه حمل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الذَّهَب بِالذَّهَب رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء على الْقَبْض فِي الْمجْلس فقد قيل يقبل لِأَنَّهُ أعرف بِمَعْنى الْخطاب وَفِيه نظر عِنْدِي انْتهى
وَقَالَ شَيْخه القَاضِي أَبُو الطّيب يجب قبُوله على الْمَذْهَب كتفسير ابْن عمر

(1/435)


التَّفَرُّق بالأبدان دون الْأَقْوَال
125 - (قَوْله) الرَّابِع من قبيل الْمَرْفُوع الْأَحَادِيث الَّتِي قيل فِي أسانيدها عِنْد ذكر الصَّحَابِيّ يرفع الحَدِيث أَو يبلغ بِهِ أَو ينميه وَحكمه حكم الْمَرْفُوع عِنْد أهل الْعلم انْتهى
قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك وَلَك أَن تَقول مَا الْحِكْمَة فِي عدُول التَّابِعِيّ عَن قَوْله عَن الصَّحَابِيّ قَالَ أَو سَمِعت إِلَى ذَلِك وَقد اشار إِلَى الْجَواب الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ فَقَالَ يشبه أَن يكون التَّابِعِيّ قد تحقق أَن الصَّحَابِيّ رفع لَهُ الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير أَنه شكّ هَل قَالَ لَهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَو قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا لم يُمكنهُ الْجَزْم بِمَا قَالَه لَهُ أَتَى بِلَفْظ يرجع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله
126 - (قَوْله) وَإِذا قَالَ الرَّاوِي عَن التَّابِعِيّ يرفعهُ أَو يبلغ بِهِ

(1/436)


مَرْفُوع
هَكَذَا جزم بِهِ وَيَنْبَغِي أَن يطرقه خلاف من قَول التَّابِعِيّ من السّنة كَذَا وَقد سبق فِيهِ قَولَانِ أَو وَجْهَان لَكِن الصَّحِيح أَنه مَوْقُوف وَهنا مَرْفُوع مُرْسل وَالْفرق أَن يرفع الحَدِيث أبلغ فِي الرّفْع من السّنة كَذَا
بَقِي من الْأَنْوَاع مثل قَول أبي قلَابَة عَن أنس من السّنة إِذا تزوج الْبكر أَقَامَ عِنْدهَا سبعا قَالَ أَبُو قلَابَة وَلَو شِئْت لَقلت إِن أنسا رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/437)


اخْتلفُوا فِي هَذَا وَنَحْوه فَجزم النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم أَنه مَرْفُوع وَأَن مَعْنَاهُ لَو شِئْت أَن أقوله بِنَاء على الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لقلته وَلَو قلته كنت صَادِقا
وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد يحْتَمل وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن يكون ظن رَفعه من السّنة لفظا فَيجوز عَنهُ مَرْفُوعا
الثَّانِي أَن يكون رأى أَن قَول أنس من السّنة فِي حكم الْمَرْفُوع
فَلَو شَاءَ لعبر عَنهُ بِأَنَّهُ مَرْفُوع على حسب اعْتِقَاده أَنه فِي حكم الْمَرْفُوع قَالَ وَالْأول أقرب لِأَن قَوْله من السّنة يَقْتَضِي أَن يكون مَرْفُوعا بطرِيق اجتهادي مُحْتَمل وَقَوله إِنَّه رَفعه نَص فِي رَفعه وَلَيْسَ للراوي أَن ينْقل مَا هُوَ ظَاهر مُحْتَمل إِلَى مَا هُوَ نَص غير مُحْتَمل
وَمِنْهَا ترك الصَّحَابِيّ رِوَايَة كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب اللبَاس عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة الْفطْرَة خمس أَو خمس من الْفطْرَة (أ 66)

(1/438)