النكت على مقدمة ابن الصلاح النَّوْع الْعشْرُونَ المدرج
حَقه أَن يَقُول تَمام الْعشْرين أَو نَحوه فَإِن الْعشْرين
اسْم للمجموع وَلَيْسَ هُوَ المُرَاد هُنَا وَإِنَّمَا
المُرَاد وَاحِد مِنْهَا وَهُوَ مكملها وَقد وَقع التَّعْبِير
بالتكميل فِي كَلَام الشَّافِعِي فِي الْأُم وَقد رَجَعَ
المُصَنّف إِلَى الصَّوَاب فِيمَا سَيَأْتِي إِذْ قَالَ
النَّوْع الموفي ثَلَاثِينَ
210 - (قَوْله) [فِي تَعْرِيفه] أَن يذكر الصَّحَابِيّ أَو من
بعده عقب مَا يرويهِ إِلَى آخِره
هَكَذَا قَيده بالعقب وَلَا شكّ أَن المدرج قد يكون فِي أول
الحَدِيث أَو وَسطه وَقد ذكر الْخَطِيب فِي كتاب المدرج (أ
117) كثيرا من أمثلته كَحَدِيث أبي هُرَيْرَة أَسْبغُوا
الْوضُوء ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار وكحديث بسرة
(2/241)
من مس ذكره أَو أنثييه أَو رفغه
فَليَتَوَضَّأ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَذَا رَوَاهُ
(2/242)
عبد الحميد عَن هِشَام وَوهم فِي ذكر
الْأُنْثَيَيْنِ والرفغ وَالْمَحْفُوظ أَنه من قَول عُرْوَة
نعم ضعف الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الاقتراح الطَّرِيق إِلَى
الحكم بالإدراج إِذا وَقع فِي الْوسط فَقَالَ وَمِمَّا يضعف
أَن يكون مدرجا فِي أثْنَاء لفظ الرَّسُول لَا سِيمَا إِن
كَانَ مقدما على اللَّفْظ الْمَرْوِيّ أَو مَعْطُوفًا عَلَيْهِ
بواو الْعَطف كَمَا لَو قَالَ من مس أنثييه وَذكره
فَليَتَوَضَّأ بِتَقْدِيم لفظ الْأُنْثَيَيْنِ على الذّكر فها
هُنَا يضعف الإدراج لما فِيهِ من اتِّصَال هَذِه اللَّفْظَة
بالعامل الَّذِي هُوَ من لفظ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم انْتهى
(2/243)
قيل وَهَذَا ذكره مِثَالا وَإِلَّا فَلم
يرد تَقْدِيم الْأُنْثَيَيْنِ وَهَذَا عَجِيب فقد ذكر رِوَايَة
تَقْدِيمهَا على الذّكر فِي كِتَابه الإِمَام من جِهَة
الطَّبَرَانِيّ وَقَالَ هُنَاكَ إِنَّمَا يكون الإدراج بِلَفْظ
تَابع يُمكن استقلاله عَن اللَّفْظ السَّابِق فيدرجه الرَّاوِي
وَلَا يفصل
211 - (قَوْله) وَمن أمثلته مَا روينَاهُ فِي التَّشَهُّد
إِلَى آخر الحَدِيث
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمَا ذكره من الإدراج ذكره الْأَئِمَّة
مِنْهُم أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنَيْهِمَا
(2/244)
وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي
صَحِيحَيْهِمَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَنَقله عَن
الْحفاظ والخطيب فِي كِتَابه المدرج وَغَيرهم وَنقل
النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَأما قَول
الْخطابِيّ فِي المعالم اخْتلفُوا فِيهِ هَل هُوَ من قَول
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من قَول ابْن مَسْعُود
وَمرَاده اخْتِلَاف الروَاة فِي وَصله وفصله لَا اخْتِلَاف
الْحفاظ فَإِنَّهُم متفقون على أَنَّهَا مدرجة على أَنه قد
اخْتلف على زُهَيْر فِيهِ فَرَوَاهُ
(2/245)
المقرىء وَأَبُو النَّضر هَاشم بن
الْقَاسِم ومُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ [وَيحيى بن يحيى
النَّيْسَابُورِي وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ] وَيحيى بن
أبي بكير الْكرْمَانِي وَغَيرهم هَكَذَا مدرجا وَرَوَاهُ
شَبابَة بن سوار عَنهُ ففصله كَمَا سبق
(2/246)
212 - (قَوْله) الْقسم الثَّانِي مِثَاله
حَدِيث ابْن عُيَيْنَة إِلَى آخِره
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة زَائِدَة
وَشريك فرقهما وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة سُفْيَان بن
عُيَيْنَة كلهم عَن عَاصِم قَالَ مُوسَى بن هَارُون الْحمال
وَذَلِكَ عندنَا وهم وَإِنَّمَا أدرج عَلَيْهِ وَهُوَ من
رِوَايَة عَاصِم عَن عبد الْجَبَّار بن وَائِل عَن بعض أَهله
عَن وَائِل هَكَذَا رَوَاهُ مُبينًا زُهَيْر بن مُعَاوِيَة
وَأَبُو بدر شُجَاع بن الْوَلِيد
(2/247)
فميزا قصَّة تَحْرِيك الْأَيْدِي من تَحت
الثِّيَاب وفصلاها من الحَدِيث وذكرا إسنادهما كَمَا ذكرنَا
قَالَ مُوسَى بن هَارُون الْحمال وَهَذِه رِوَايَة مضبوطة
اتّفق عَلَيْهِ زُهَيْر وشجاع بن الْوَلِيد وهما أثبت لَهُ
رِوَايَة مِمَّن روى رفع الْأَيْدِي من تَحت الثِّيَاب عَن
عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن وَائِل
213 - (قَوْله) فِي الثَّالِث إِلَى آخِره
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ من طَرِيق مَالك
(2/248)
وَلَيْسَ فِي الأول وَلَا تنافسوا وَهِي
فِي الحَدِيث الثَّانِي قَالَ الْخَطِيب وَقد وهم فِيهَا ابْن
أبي مَرْيَم على مَالك عَن ابْن شهَاب وَإِنَّمَا يَرْوِيهَا
مَالك فِي حَدِيثه عَن أبي الزِّنَاد
214 - (قَوْله) فِي الرَّابِع أَن يروي عَن جمَاعَة بَينهم
اخْتِلَاف فِي إِسْنَاده إِلَى آخِره
مَا ذكره من رِوَايَة ابْن مهْدي وَابْن كثير عَن سُفْيَان
بِلَا إدراج يَقْتَضِي أَن
(2/249)
غَيرهمَا رُوِيَ عَنهُ خلاف ذَلِك وَهُوَ
كَذَلِك فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله يشبه أَن يكون
الثَّوْريّ جمع بَين الثَّلَاثَة لِابْنِ مهْدي وَابْن كثير (أ
118) فَجعل اثْنَيْنِ مِنْهُم وَاحِدًا وَلم يذكر بَينهم
خلافًا وَحمل حَدِيث وَاصل على حَدِيث الْأَعْمَش وَمَنْصُور
وَقد فصل الثَّوْريّ ليحيى بن سعيد فحدثه عَن مَنْصُور
وَالْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل وحدثه
عَن وَاصل عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ
الدَّارَقُطْنِيّ وَالتَّفْصِيل هُوَ الصَّوَاب لِأَن (د 72)
شُعْبَة ومهدي بن مَيْمُون روياه عَن وَاصل عَن أبي وَائِل عَن
عبد الله كَمَا رَوَاهُ يحيى عَن الثَّوْريّ انْتهى
وَاعْلَم أَنه اخْتلف على ابْن مهْدي أَيْضا فَرَوَاهُ
مُحَمَّد بن بشار عَن ابْن مهْدي
(2/250)
عَن سُفْيَان عَن وَاصل عَن أبي وَائِل عَن
ابْن شُرَحْبِيل وَهَذَا يقْدَح فِي الْمِثَال إِلَّا أَن
يُقَال لَعَلَّه لما روى سُفْيَان والعبدي الحَدِيث عَن
الثَّلَاثَة جمعا روى ابْن مهْدي حَدِيث وَاصل على انْفِرَاده
وَأَشَارَ الدَّارَقُطْنِيّ إِلَى أَن الْأَعْمَش أَيْضا قد
اخْتلف عَلَيْهِ فروى أَبُو شهَاب وَأَبُو مُعَاوِيَة وشيبان
الحَدِيث عَن الْأَعْمَش كَمَا تقدم
215 - (قَوْله) وَاعْلَم أَنه لَا يجوز تعمد شَيْء من الإدراج
الْمَذْكُور فِي هَذَا النَّوْع
فِيهِ أَمْرَانِ
أَحدهمَا لم يبين حكم فَاعل ذَلِك وَقد سبق فِي التَّدْلِيس
أَن الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ وَابْن السَّمْعَانِيّ فِي
القواطع قَالُوا إِن فَاعله مَجْرُوح سَاقِط الْعَدَالَة
وَهُوَ مِمَّن يحرف الْكَلم عَن موَاضعه وَكَانَ مُلْحقًا
بالكذابين
(2/251)
الثَّانِي لم يتَكَلَّم على تفَاوت هَذِه
الْمَرَاتِب وأقواها فِي الْمَنْع الأول لخلطه الْمَرْفُوع
بالموقوف ونسبته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا
لم يقلهُ وأخفها الْأَخير لرجوع الْخلاف إِلَى الْإِسْنَاد
خَاصَّة لَا سِيمَا إِذا كَانَ الْكل ثِقَات
(2/252)
|