اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر

معرفَة الْمُتَشَابه

وَإِن اتّفقت الْأَسْمَاء خطا (ونطقا، وَاخْتلفت الْآبَاء نطقا مَعَ ائتلافهما خطا) كمحمد بن عقيل - بِفَتْح الْعين -، وَمُحَمّد بن عقيل بضَمهَا، الأول نيسابوريي وَالثَّانِي فريابي بِكَسْر الْفَاء وهما محدثان مشهوران وطبقتهما مُتَقَارِبَة. وكموسى بن عَليّ بِفَتْح الْعين، وكموسى بن عَليّ بضَمهَا، الأول جمَاعَة لَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة وَلَا فِي تَارِيخ البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم، وَابْن أبي خَيْثَمَة، وَالْحَاكِم، وَابْن يُونُس وَأبي نعيم، وثقات ابْن حبَان، وطبقات ابْن سعد، وكامل ابْن عدي مِنْهُم أحد.
وَفِي " تَارِيخ بَغْدَاد " للخطيب مِنْهُم رجلَانِ متأخران: مُوسَى

(2/328)


ابْن عَليّ أَبُو بكر الْأَحول الْبَزَّار روى عَن جَعْفَر الْفرْيَابِيّ. ومُوسَى بن عَليّ أَبُو عِيسَى الْخُتلِي روى عَنهُ ابْن الْأَنْبَارِي وَابْن مقسم وَفِي " تَارِيخ ابْن عَسَاكِر " مُوسَى بن عَليّ أَبُو عمرَان الصّقليّ النَّحْوِيّ روى عَن أبي ذَر الْهَرَوِيّ.
وَذكر فِي " تَلْخِيص الْمُتَشَابه " رَابِعا: مُوسَى بن عَليّ الْقرشِي مَجْهُول.

(2/329)


وَمِنْهُم: مُوسَى بن عَليّ بن قداح أَبُو الْفضل الْخياط الْمُؤَذّن، سمع مِنْهُ ابْن عَسَاكِر، وَابْن السَّمْعَانِيّ. ومُوسَى بن عَليّ بن غَالب الْأمَوِي الأندلسي.
ومُوسَى بن عَليّ بن عَامر الجزيري الأشبيلي / النَّحْوِيّ، ذكرهمَا ابْن الْأَبَّار.
2 - وَالثَّانِي: مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ الْمصْرِيّ أَمِير مصر. وكأيوب بن بشير وَأَيوب بن بشير الأول أَبوهُ مكبر عجلي، وَالثَّانِي أَبوهُ مصغر عدوي بَصرِي.

(2/330)


أَو بِالْعَكْسِ: كَأَن يخْتَلف الْأَسْمَاء نطقا، وتأتلف خطا، لَو قَالَ: نطقا لَا خطا لَكَانَ أخصر. وتتفق الْآبَاء خطا ونطقا كشريح بن النُّعْمَان، وسريج بن النُّعْمَان، الأول بالشين الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة الْكُوفِي وَهُوَ تَابِعِيّ يروي عَن عَليّ حَدِيثا وَاحِدًا فِي

(2/331)


السّنَن الْأَرْبَعَة وَالثَّانِي: بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْجِيم وَهُوَ ابْن مَرْوَان اللؤلويي لبغدادي من شُيُوخ البُخَارِيّ وكمحمد ...
فَهُوَ النَّوْع الَّذِي يُقَال لَهُ: الْمُتَشَابه. وَكَذَا إِن وَقع ذَلِك الِاتِّفَاق فِي الِاسْم وَاسم الاب وَالِاخْتِلَاف فِي النِّسْبَة، وَقد صنف فِيهِ أَي فِي الْمُتَشَابه الْخَطِيب كتابا جَلِيلًا سَمَّاهُ " تَلْخِيص الْمُتَشَابه " وَهُوَ من أحسن كتبه ثمَّ ذيل عَلَيْهِ هُوَ - أَيْضا - بِمَا فَاتَهُ وَهُوَ كتاب كثير

(2/332)


الْفَوَائِد عَظِيم العائدة. ويتركب مِنْهُ وَمِمَّا قبله أَي المؤتلف والمختلف والمتفق والمفترق كَمَا قَالَ (الْكَمَال) ابْن أبي شرِيف أَنْوَاع مِنْهَا: أَن يحصل الِاتِّفَاق أَو الِاشْتِبَاه فِي الِاسْم وَاسم الْأَب مثلا إِلَّا فِي حرف أَو حرفين فَأكْثر من أَحدهمَا أَو مِنْهُمَا، وَهُوَ على قسمَيْنِ:
1 - إِمَّا بِأَن يكون الِاخْتِلَاف بالتغيير مَعَ أَن عدد الْحُرُوف ثَابت فِي الْجِهَتَيْنِ.
2 - أَو يكون الِاخْتِلَاف بالتغيير مَعَ نُقْصَان بعض الْأَسْمَاء عَن بعض.
فَمن أَمْثِلَة الأول: مُحَمَّد بن سِنَان - بِكَسْر السِّين ونونين بَينهمَا ألف - وهم جمَاعَة / مِنْهُم العوقي بِفَتْح الْعين وَالْوَاو ثمَّ قَاف - نسبته إِلَى العوقة بطن من عبد الْقَيْس، أَو محلّة لَهُم بِالْبَصْرَةِ شيخ

(2/333)


البُخَارِيّ. وَمُحَمّد بن سيار - بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء التَّحْتِيَّة وَبعد الْألف رَاء - وهم جمَاعَة، مِنْهُم: اليمامي شيخ عمر بن يُونُس.
وَمِنْهَا: مُحَمَّد بن حنين - بِضَم الْمُهْملَة ونونين الأولى مَفْتُوحَة بَينهمَا يَاء تَحْتَانِيَّة - تَابِعِيّ يروي عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره.
وَمُحَمّد بن جُبَير - بِالْجِيم بعْدهَا مُوَحدَة وَآخره رَاء - وَهُوَ مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم تَابِعِيّ مَشْهُور.

(2/334)


وَمن ذَلِك: معرف بن وَاصل - كُوفِي مَشْهُور - ومطرف بن وَاصل، بِالطَّاءِ بدل الْعين، شيخ آخر يروي عَنهُ أَبُو حُذَيْفَة النَّهْدِيّ بِفَتْح فَسُكُون نِسْبَة إِلَى نهد بطن من قضاعة، وَقيل: من هَمدَان.
وَمِنْه - أَيْضا - أَحْمد بن الْحُسَيْن صَاحب إِبْرَاهِيم بن سعيد وَآخَرُونَ، وأحيد بن الْحُسَيْن مثله لَكِن بدل الْمِيم يَاء تَحْتَانِيَّة، وَهُوَ شيخ بخاري يروي عَنهُ عبد الله بن مُحَمَّد البيكندي بموحدة تحتية

(2/335)


(مَفْتُوحَة) ثمَّ مثناة تحتية (سَاكِنة، وكاف مَفْتُوحَة وَنون سَاكِنة ودال مُهْملَة) .
وَمن ذَلِك - أَيْضا - حَفْص بن ميسرَة شيخ مَشْهُور من طبقَة مَالك، وجعفر بن ميسرَة شيخ لِعبيد الله بن مُوسَى الْكُوفِي. الأول بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْفَاء بعْدهَا صَاد مُهْملَة، وَالثَّانِي بِالْجِيم وَالْعين الْمُهْملَة بعْدهَا فَاء ثمَّ رَاء. كَذَا وَقع للمؤلف ورده الشَّيْخ قَاسم: بِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يكون مِنْهُ / لِأَن عدد الْحُرُوف لم تكن ثَابِتَة فِي الْجِهَتَيْنِ اه يم وَقَالَ الشّرف الْمَنَاوِيّ: حق حَفْص وجعفر أَن لَا يذكرَا فِي هَذَا الْقسم بل فِي الثَّانِي، لِأَن الِاخْتِلَاف فِيهِ مَعَ نُقْصَان الأول عَن الثَّانِي، لكنه ذكره فِي الأول لكَون الْفَاء مَعَ الْوَاو تشبه الصَّاد.
وَمن أَمْثِلَة الثَّانِي: عبد الله بن زيد جمَاعَة مِنْهُم فِي الصَّحَابَة:

(2/336)


صَاحب الْأَذَان، وَاسم جده عبد ربه. وراوي حَدِيث الْوضُوء وَاسم جده عَاصِم، وهما أنصاريان.
وَعبد الله بن يزِيد بِزِيَادَة يَاء فِي أول اسْم الْأَب وَالزَّاي مَكْسُورَة - وهم أَيْضا جمَاعَة - مِنْهُم فِي الصَّحَابَة: الخطمي يكنى أَبَا مُوسَى،

(2/337)


وَحَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ. والقارئ لَهُ ذكر فِي حَدِيث عَائِشَة وَقد زعم بَعضهم أَنه الخطمي وَفِيه نظر. قَالَ: الْكَمَال ابْن أبي شرِيف: وَجه النّظر أَن الخطمي لم يتَحَقَّق طول صحبته للنَّبِي، بل لَعَلَّه كَانَ صَغِيرا فِي عهد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام. والقارئ ثبتَتْ كَمَال صحبته، من ذَلِك أَنه سَمعه يقْرَأ فَقَالَ: لقد أذكرتني بِقِرَاءَتِك آيَة كَذَا. فِي قصَّة لَهُ فلتراجع. انْتهى.

(2/338)


وَقَالَ الشَّيْخ قَاسم: بعد قَوْله وَفِيه نظر مَا نَصه: قَالَ المُصَنّف فِي تَقْرِير هَذَا: تمسك من زعم أَن الْقَارئ هُوَ الخطمي بِأَن الْقَارئ كَانَ صَغِيرا فِي زمن رَسُول الله فَكيف يكون مَذْكُورا؟ وَوجه النّظر إِنَّه لَو كَانَ صَغِيرا لما ذكر فِي / حَدِيث عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا فِي الصَّحِيح، وَهُوَ أَن النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام سَمعه من اللَّيْل يقْرَأ، فَقَالَ رَسُول الله: ذَكرنِي آيَة أنسيتها. أَو كَمَا قَالَ.
فَهَكَذَا ذكر، قَالَ بعض من يدعى علم هَذَا الْفَنّ: قد يُقَال لَا مُنَافَاة بَين كَونه صَغِيرا وَهُوَ مَذْكُور لأمر مَا، وَلَو قرر وَجه النّظر

(2/339)


بِهَذَا كَانَ أولى، إِذْ لَا يلْزم من ذكره أَن لَا يكون صَغِيرا. انْتهى.
قَالَ الشَّيْخ قَاسم: وَالظَّاهِر أَن من قَالَ كَانَ صَغِيرا إِنَّمَا أَرَادَ أَنه لم يكن بِحَيْثُ يحضر النَّبِي، وَمن أجَاب بِأَنَّهُ لَو كَانَ صَغِيرا - يعْنى بالحيثية الْمَذْكُورَة - لما كَانَ لَهُ ذكر على هَذَا الْوَجْه وَهُوَ أَنه يقْرَأ الْقُرْآن لَيْلًا. انْتهى.
وَمِنْهَا: عبد الله بن يحيى قَالَ الْمَنَاوِيّ: حق هَذَا أَن يذكر فِي الْقسم الأول لِأَن عدد حُرُوف يحيى ونجى سَوَاء. وهم جمَاعَة، وَعبد الله بن نجى - بِضَم النُّون وَفتح الْجِيم وَتَشْديد الْيَاء - تَابِعِيّ مَعْرُوف يروي عَن عَليّ. أَو يحصل الِاتِّفَاق فِي الْخط والنطق لَكِن يحصل الِاخْتِلَاف أَو الِاشْتِبَاه بالتقديم وَالتَّأْخِير: إِمَّا فِي الاسمين جملَة، أَو

(2/340)


نَحْو ذَلِك. كَأَن يَقع التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي الِاسْم الْوَاحِد فِي بعض حُرُوفه بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يشْتَبه بِهِ. مِثَال الأول: الْأسود بن يزِيد النخعيي تابعيي كَبِير حَدِيثه فِي الْكتب السِّتَّة وَيزِيد بن الْأسود الخزاعيي صحابيي لَهُ فِي السّنَن حَدِيث وَاحِد. وَيزِيد بن الاسود الجرشِي التَّابِعِيّ المخضرم / المشتهر بالصلاح، يكنى أَبَا

(2/341)


الْأسود وَسكن الشَّام، وَهُوَ الَّذِي استسقى بِهِ مُعَاوِيَة فسقوا للْوَقْت حَتَّى كَادُوا لَا يبلغون مَنَازِلهمْ.
وَهُوَ ظَاهر. وَمِنْه عبد الله بن يزِيد، وَيزِيد بن عبد الله.
وَمِثَال الثَّانِي: أَيُّوب بن سيار بِفَتْح السِّين وَشدَّة الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَأَيوب بن يسَار بِفَتْح الْيَاء وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة الأول: مدنِي مَشْهُور وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وَالْآخر مَجْهُول.

(2/342)


وكالوليد بن مُسلم التَّابِعِيّ الْبَصْرِيّ روى عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ والوليد بن مُسلم الْمَشْهُور الدِّمَشْقِي روى عَنهُ أَحْمد وَالنَّاس. وَمُسلم بن الْوَلِيد بن رَبَاح الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَعنهُ الدَّرَاورْدِي.

(2/343)


معرفَة طَبَقَات الروَاة

خَاتِمَة: من المهم عِنْد الْمُحدثين معرفَة طَبَقَات الروَاة، وَفَائِدَته الْأَمْن من تدَاخل المشتبهين، وَإِمْكَان الِاطِّلَاع على تلبيس المدلسين، وَالْوُقُوف على حَقِيقَة المُرَاد من العنعنة يعْنى هَل هِيَ مَحْمُولَة على السماع أَو مُرْسلَة؟ أَو مُنْقَطِعَة؟ ذكره الشَّيْخ قَاسم.
والطبقة فِي اصطلاحهم: عبارَة عَن جمَاعَة اشْتَركُوا فِي السن ولقاء الشُّيُوخ، وَقد يكون الشَّخْص الْوَاحِد من طبقتين باعتبارين، كأنس بن مَالك فَإِنَّهُ من حَيْثُ ثُبُوت صحبته للنَّبِي يعد بِضَم الْمُثَنَّاة تَحت وَفتح الْعين فِي طبقه الْعشْرَة مثلا. وَمن حَيْثُ صغر السن يعد فِي طبقَة من بعدهمْ، فَمن نظر إِلَى الصَّحَابَة بِاعْتِبَار الصُّحْبَة جعل الْجَمِيع طبقَة وَاحِدَة / كَمَا صنع ابْن حبَان وَغَيره.
وَمن نظر إِلَيْهِم بِاعْتِبَار قدر زَائِد كالسبق إِلَى الْإِسْلَام، أَو شُهُود

(2/344)


الْمشَاهد الفاضلة جعلهم طَبَقَات وَإِلَى ذَلِك جنح (صَاحب الطَّبَقَات أَبُو عبد الله) مُحَمَّد بن سعد الْبَغْدَادِيّ، وَكتابه أجمع مَا جمع فِي ذَلِك.
وَكَذَا من جَاءَ بعد الصَّحَابَة وهم التابعون من نظر إِلَيْهِم بِاعْتِبَار (الْأَخْذ عَن بعض الصَّحَابَة فَقَط جعلهم طبقَة وَاحِد كَمَا صنع ابْن حبَان، وَمن نظر إِلَيْهِم بِاعْتِبَار) اللِّقَاء قسمهم كَمَا فعل مُحَمَّد بن سعد وَلكُل وَجه.

(2/345)


معرفَة المواليد والوفيات

وَمن المهم - أَيْضا - معرفَة موالديهم ووفياتهم بِفَتْح الْفَاء وَالتَّخْفِيف وَيتَعَيَّن الاعتناء بِهِ ليعرف اتِّصَال الحَدِيث وانقطاعه.
وبمعرفتها يحصل الْأَمْن من دَعْوَى الْمُدَّعِي للقاء بَعضهم وَهُوَ فِي نفس الْأَمر لَيْسَ كَذَلِك. وَمَنَافع التَّارِيخ عَظِيمَة، وفوائده جليلة، أَلا ترى إِلَى وَاقعَة رَئِيس الرؤساء مَعَ الْيَهُودِيّ الَّذِي أظهر كتابا فِيهِ أَن الْمُصْطَفى عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام أسقط الْجِزْيَة عَن أهل خَيْبَر، وَفِيه شَهَادَة الصَّحَابَة - وَمِنْه عَليّ كرم الله وَجهه - فَوَقع رَئِيس الرؤساء وَالنَّاس فِي حيرة. فعرضه على الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فَتَأَمّله وَقَالَ: هَذَا مزور. فَقيل لَهُ: من أَيْن لَك ذَلِك؟ فَقَالَ: فِيهِ شَهَادَة مُعَاوِيَة وَهُوَ أسلم عَام الْفَتْح، وَفتح خَيْبَر سنة سبع. وَفِيه شَهَادَة سعد بن معَاذ وَقد مَاتَ فِي وقْعَة بني قُرَيْظَة قبل خَيْبَر بِسنتَيْنِ ففرح النَّاس بذلك.

(2/346)


معرفَة الْبلدَانِ والأوطان

وَمن المهم: معرفَة بلدانهم وأوطانهم، وَفَائِدَته الْأَمْن من / تدَاخل الاسمين إِذا اتفقَا لَكِن افْتَرقَا بِالنّسَبِ. وَقد ادّعى قوم الرِّوَايَة عَن قوم فَنظر فِي التَّارِيخ فَظهر أَنهم زَعَمُوا الرِّوَايَة عَنْهُم بعد وفاتهم بسنين كَثِيرَة، كَمَا سَأَلَ الْحَاكِم مُحَمَّد بن حَاتِم الكسي عَن مولده لما

(2/347)


حدث عَن عبد بن حميد فَقَالَ: سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ. فَقَالَ: هَذَا سمع من عبد بن حميد بعد مَوته بِثَلَاث عشرَة سنة.
وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش: كنت بالعراق فَأَتَانِي أهل الحَدِيث فَقَالُوا: هُنَا رجل يحدث عَن خَالِد بن معدان. فَأَتَيْته فَقلت: إِنَّك تزْعم أَنَّك سَمِعت مِنْهُ بعد مَوته بِسبع سِنِين، لِأَن خَالِدا مَاتَ سنة سِتّ وَمِائَة.

(2/348)


قَالَ حَفْص بن غياث: إِذا اتهمتم الشَّيْخ فحاسبوه بِالسِّنِينَ - يَعْنِي سنه وَسن من كتب عَنهُ.
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: لما اسْتعْمل الروَاة الْكَذِب استعملنا لَهُم التَّارِيخ. وَقَالَ حسان: لم تستعين على الْكَذَّابين بِمثل التَّارِيخ.
وَقَالَ الْحميدِي: ثَلَاثَة أَشْيَاء من علم الحَدِيث يجب الاهتمام بهَا: الْعِلَل، والمؤتلف والمختلف، ووفيات الشُّيُوخ.
وَفِي أَسمَاء الْبلدَانِ والأوطان كتب كَثِيرَة: لِابْنِ قَانِع،

(2/349)


والأكفاني، وَالْمُنْذِرِي، والمفضل، والحسيني ثمَّ الدمياطي والحافظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ، ثمَّ وَلَده شيخ الاسلام أَحْمد وَغَيرهم.

(2/350)