تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ط طيبة [النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ
الْمَرَاسِيلُ الْخَفِيُّ إِرْسَالُهَا]
(النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ، الْمَرَاسِيلُ
الْخَفِيُّ إِرْسَالُهَا) أَيِ انْقِطَاعُهَا، (هُوَ فَنٌّ
مُهِمٌّ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ يُدْرَكُ بِالِاتِّسَاعِ فِي
الرِّوَايَةِ وَجَمْعِ الطُّرُقِ) لِلْأَحَادِيثِ، (مَعَ
الْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ، وَلِلْخَطِيبِ فِيهِ كِتَابٌ)
سَمَّاهُ: " التَّفْصِيلُ لِمُبْهَمِ الْمَرَاسِيلِ ".
وَأَصْلُ الْإِرْسَالَ، ظَاهِرٌ: كَرِوَايَةِ الرَّجُلِ
عَمَّنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ، كَرِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَالِكٍ عَنِ ابْنِ
الْمُسَيَّبِ.
وَخَفِيٌّ: وَهُوَ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا.
(وَهُوَ مَا عُرِفَ إِرْسَالُهُ لِعَدَمِ اللِّقَاءِ) لِمَنْ
رَوَى عَنْهُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ، (أَوْ) لِعَدَمِ
(السَّمَاعِ) مَعَ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ، أَوْ لِعَدَمِ سَمَاعِ
ذَلِكَ الْخَبَرِ بِعَيْنِهِ مَعَ سَمَاعِ غَيْرِهِ،
وَيُعْرَفُ مَا ذُكِرَ إِمَّا بِنَصِّ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ
عَلَيْهِ، أَوْ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ؛ كَإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ
بِذَلِكَ، فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
كَحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، مَرْفُوعًا:
«رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الْحَرَسِ» .
(2/663)
النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَلَاثُونَ:
مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهَذَا
عِلْمٌ كَبِيرٌ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ؛ فِيهِ يُعْرَفُ
الْمُتَّصِلُ مِنَ الْمُرْسَلِ، وَفِيهِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ
وَمِنْ أَحْسَنِهَا وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ " الِاسْتِيعَابُ
" لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ؛ لَوْلَا مَا شَانَهُ بِذِكْرِ مَا
شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَحِكَايَتُهُ عَنِ
الْأَخْبَارِيِّينَ.
وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ ابْنُ الْأَثِيرِ الْجَزَرِيُّ فِي
الصَّحَابَةِ كِتَابًا حَسَنًا جَمَعَ كُتُبًا كَثِيرَةً
وَضَبَطَ وَحَقَّقَ أَشَيَاءَ حَسَنَةً، وَقَدِ اخْتَصَرْتُهُ
بِحَمْدِ اللَّهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[تدريب الراوي]
فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يَلْقَ عُقْبَةَ، كَمَا قَالَ الْمِزِّيُّ
فِي الْأَطْرَافِ.
وَكَأَحَادِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ
عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ قَالَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: هَلْ تَذْكُرُ
مِنْ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا.
(وَمِنْهُ مَا يُحْكَمُ بِإِرْسَالِهِ لِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ بِزِيَادَةِ شَخْصٍ) بَيْنَهُمَا كَحَدِيثٍ رَوَاهُ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْغٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ
مَرْفُوعًا: «إِنْ وَلَّيْتُمُوهَا أَبَا بَكْرٍ فَقَوِيٌّ
أَمِينٌ» .
فَهُوَ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ.
وَرَوَى أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ.
(وَهَذَا الْقِسْمُ مَعَ النَّوْعِ السَّابِقِ) وَهُوَ
الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ (يُعْتَرَضُ بِكُلٍّ
مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ) ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ
الْحُكْمُ لِلزَّائِدِ، وَرُبَّمَا كَانَ لِلنَّاقِصِ،
وَالزَّائِدُ وَهْمٌ، وَهُوَ يَشْتَبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ
أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَلَا يُدْرِكُهُ إِلَّا النُّقَّادُ،
(وَقَدْ يُجَابُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ) . |