فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي

[الْمَرْفُوعُ]
95 - وَسَمِّ مَرْفُوعًا مُضْافًا لِلنَّبِي ... وَاشْتَرَطَ الْخَطِيبُ رَفْعَ الصَّاحِبِ
96 - وَمَنْ يُقَابِلْهُ بِذِي الْإِرْسَالِ ... فَقَدْ عَنَى بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ.
وَقُدِّمَ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِتَمَحُّضِهِ فِي شَرِيفِ الْإِضَافَةِ (وَسَمِّ) أَيُّهَا الطَّالِبُ (مَرْفُوعًا مُضَافًا لِلنَّبِي) أَيْ: وَسَمِّ كُلَّ مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْرِيرًا، مَرْفُوعًا ; سَوَاءٌ أَضَافَهُ إِلَيْهِ صَحَابِيٌّ أَوْ تَابِعِيٌّ، أَوْ مَنْ بَعْدَهُمَا، حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ وَلَوْ تَأَخَّرُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَّصِلُ، وَالْمُرْسَلُ، وَالْمُنْقَطِعُ، وَالْمُعْضَلُ، وَالْمُعَلَّقُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ، وَيَخْرُجُ الْمَوْقُوفُ وَالْمَقْطُوعُ لِاشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ الْمَخْصُوصَةِ.
(وَاشْتَرَطَ) الْحَافِظُ الْحُجَّةُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْخَطِيبُ) الْآتِي فِي الْوَفَيَاتِ فِيهِ (رَفْعَ الصَّاحِبِ) فَقَطْ، وَلَفْظُهُ: الْمَرْفُوعُ مَا أَخْبَرَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ عَنْ قَوْلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فِعْلِهِ، فَعَلَى هَذَا مَا يُضِيفُهُ التَّابِعِيُّ فَمَنْ بَعْدَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُسَمَّى مَرْفُوعًا.
وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ، مَعَ أَنَّ شَيْخَنَا قَدْ تَوَقَّفَ فِي كَوْنِهِ قَيْدًا ; فَإِنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْخَطِيبِ لِلصَّحَابِيِّ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، أَوِ الْغَالِبِ ; لِكَوْنِ غَالِبِ مَا يُضَافُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصَّحَابَةِ، لَا أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْيِيدِ، فَلَا

(1/131)


يَخْرُجُ حِينَئِذٍ عَنِ الْأَوَّلِ، وَيَتَأَيَّدُ بِكَوْنِ الرَّفْعِ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى الْمَتْنِ دُونَ الْإِسْنَادِ. انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ.
(وَمَنْ يُقَابِلْهُ) أَيِ: الْمَرْفُوعَ (بِذِي الْإِرْسَالِ) أَيْ: بِالْمُرْسَلِ ; كَأَنْ يَقُولَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ: رَفَعَهُ فُلَانٌ، وَأَرْسَلَهُ فُلَانٌ، مِثَالُهُ حَدِيثُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» .
قَالَ الْآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْهُ، فَقَالَ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ عِيسَى، وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مُرْسَلٌ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى.
(فَقَدْ عَنَى) الْقَائِلُ (بِذَاكَ) اللَّفْظِ (ذَا اتِّصَالِ) أَيِ: الْمُتَّصِلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ رَفْعٌ مَخْصُوصٌ ; إِذِ الْمَرْفُوعُ أَعَمُّ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ النَّفِيسِ مَشَى عَلَى ظَاهِرِ هَذَا، فَقَيَّدَ الْمَرْفُوعَ بِالِاتِّصَالِ.