مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية ـ[مفتاح السعيدية في شرح الألفية
الحديثية]ـ
المؤلف: شمس الدين ابن عمار المالكي المتوفى سنة (844 هـ)
دراسة وتحقيق: د. شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
الناشر: مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق
التراث والترجمة، صنعاء - اليمن
الطبعة: الأولى، 1432 هـ - 2011 م
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
(/)
مفتاح السعيدية
في شرح الألفية الحديثية
حقوق الطبع محفوظة
سلسلة أعمال حديثية
تنشر لأول مرة (8)
مفتاح السعيدية
في شرح الألفية الحديثية
تصنيف
شمس الدين ابن عمار المالكي
المتوفى سنة (844هـ)
دراسة وتحقيق
د. شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
(/)
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فبين يديك أخي القارئ الكريم آخر أعمال المجموعة الأولى من
مشروعنا الذي أطلقنا عليه اسم «مشروع سلسلة أعمال حديثية تنشر
لأول مرة»، والذي عمدنا فيه إلى إخراج كنوز تراثية لا تزال
قابعة في عالم «ألَّا مطبوع»، فنزيح عنها-بحول الله وقوته-
غبار الزمان، ونكشف الستار عن مكنونها وخباياها، لنخرجها إلى
عالم «المطبوع» في حُلَّةٍ قشيبة-بعون الله وتوفيقه- ليعم
الانتفاع بها بين أهل العلم وطلابه.
أما المجموعة الأولى من أعمال هذه السلسلة والتي أنجزناها
كاملة فهي:
1 - «قضاء الوطر من نزهة النظر» للَّقاني المالكي، طبع عن
المكتبة الأثرية بالأردن في ثلاثة مجلدات.
2 - «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» للحافظ ابن قطلوبغا
طبع عن مركز النعمان في تسعة مجلدات.
3 - «التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء
والمجاهيل» للحافظ ابن كثير، في أربعة مجلدات.
4 - «تجريد الأسماء والكنى» للفراء، في مجلدين.
5 - «شرح ألفية العراقي» للعيني، في مجلد.
(1/5)
6 - «بهجة المحافل وأجمل الوسائل في
التعريف برواة الشمائل» للقاني المالكي، في مجلدين.
7 - «ذيل لب اللباب في الأنساب» لابن العجمي، في مجلد.
8 - «مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية» لابن عمار
المالكي، في مجلد.
وأنا أعمل بِجِدٍّ في هذا المشروع بإزاء مشروعي الآخر «موسوعة
العلامة الألباني» والذي صدر منه العمل الأول «جامع تراث
الألباني في العقيدة» في تسعة مجلدات، سائلاً المولى عز وجل أن
يُنْعِم عليِّ بالأسباب المعينة على إنجاز هذه الأعمال وأن
يجعل ذلك في ميزان حسناتي يوم ألقاه.
وكما عودنا الإخوة القُرَّاء فقد قدمنا لهذا العمل بمقدمة
نافعة نعدها مدخلاً جيدًا لمن رام حسن الاستفادة، والله من
وراء القصد.
وكتب
شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
في صنعاء اليمن حرسها الله
في يوم الأربعاء 28/ 11/1432هـ
الموافق 26/ 10/2011م
(1/6)
شكر وعرفان
إنها لمن أعظم مِنَنِ الله علينا أن وفقنا فوفَّينا بما وعدنا
به الإخوة القراء من إنجاز المجموعة الأولى من مشروعنا «مشروع
سلسلة أعمال حديثية تنشر لأول مرة»، فأنجزنا جميع العناوين
المذكورة آنفًا، وقد وَقَعَت بمجموعها في ثلاث وعشرين مجلدًا،
لنتوجه إلى العمل على المجموعة الثانية التي تحتوي على كتب
حديثية هامة سأرجئ ذكرها إلى موضع آخر، وأتوقع أن تقع المجموعة
الثانية من المشروع فيما يقارب خمسين مجلدًا، أسأل الله أن
يعينني على إنجازها كما أنجزنا المجموعة الأولى بفضله وحده
ومنِّه وكرمه.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يشكر الله من
لا يشكر الناس»، لذا فأنا أتوجه بشكر خاص لأخي الكريم فؤاد
الزيلعي الذي أعده من شركاء النجاح في هذا المشروع، فما يبذله
من جهود مشكورة في صف وتنسيق الكتب، وإعانتي في فهرستها
ومراجعتها، يُعَدُّ من أهم الأسباب التي سخرها الله لنجاح هذا
المشروع، وأتمنى من الله أن يديم الود والتعاون بيننا لنكمل
مشروعنا على أتمِّ وجه.
وكما أشكر الأخوة حفظ الله الزيلعي، وفضل النهاري اللذين شاركا
في مراحل المقابلة على المخطوط جزاهما الله خيرا.
والحمد لله أولا وآخراً وظاهراً وباطناً.
(1/7)
مقدمة الدراسة
والتحقيق
المبحث الأول (1)
ترجمة المصنف (2)
اسمه ونسبه ولقبه وكنيته ومذهبه:
هو محمد بن عمار بن محمد بن أحمد، الشمس، أبو ياسر، ولقبه بعض
شيوخه ناصر الدين أبو عبد الله بن الزين أبي ياسر أو أبي شاكر
القاهري المصري المالكي والد أبي سهل، ويعرف بابن عمار.
مولده ونشأته وطلبه للعلم:
ولد أذان عصر يوم السبت، العشرين من جمادى الثانية، سنة ثمان
وستين وسبعمائة، بقناطر السباع.
ونشأ في كنف والده.
_________
(1) توسعنا قبل ذلك في التعريف بالألفية ومصنفها والكلام على
شروحها وذلك في مقدمة تحقيقنا على شرح السيوطي على الألفية، ثم
مقدمة تحقيقنا على شرح العيني على الألفية، فليراجع هناك.
(2) مصادر الترجمة: «الضوء اللامع» (8/ 232 ـ 235)، وقد اختصرت
الترجمة منه، و «ذيل رفع الإصر» (ص301).وهدية العارفين (2/
49).
(1/8)
وكان صالحاً فحفظ القرآن، والعمدة،
والشاطبية، وألفية الحديث، والنحو، والرسالة الفرعية، ومختصر
ابن الحاجب الأصلي، وغير ذلك.
مشايخه:
عرض ابن عمار على جماعة:
كالتقي عبد الرحمن بن البغدادي.
وأبي عبد الله بن مرزوق الكبير.
والصدر المناوي.
والضياء العفيفي.
ونصر الله الكناني الحنبلي.
والبلقيني.
وابنه البدر.
والأبناسي.
وإمام الصرغتمشية.
والغماري.
والنورين الدميري أخي بهرام، وعلي بن قطز الحكري المقري، وعلى
كل من الثلاثة الأخيرين قرأ الشاطبية تامة.
وكذا قرأ القرآن والعمدة بتمامها على الولي عبد الله الجبرتي،
وأجازوه
(1/9)
كلهم في آخرين.
وأخذ علوم الحديث عن العراقي، وقرأ عليه نكته على ابن الصلاح
دراية بحضرة الهيثمي رفيقه.
وابن الملقن قرأ عليه تقريب النووي، وقطعة من شرحه للعمدة.
والبلقيني قرأ عليه قطعة من محاسن الاصطلاح له، ولازمه في دروس
التفسير بالبرقوقية، والعربية.
والصرف عن المحب بن هشام، ولازمه مدة.
وكذا لازم الغماري حتى أخذ عنه أيضاً النحو واللغة وغيرهما من
العلوم اللسانية، والعروض، مع قطعة من الكشاف، ومن شرح له على
ابن الحاجب الظاهر أنه الأصلي، والعز بن جماعة، في كثير من
الفنون التي كان يقرئها، وقرأ هو عليه كل مختصر ابن الحاجب
الأصلي، مع قطعة من كلٍّ من التلخيص، ومن شرحيه المطول،
والمختصر.
وأخذ أصول الفقه أيضاً عن ابن خلدون، مع سماع قطعة من مقدمة
تاريخه.
وتفقه في الابتداء بأبي عبد الله محمد الزواوي.
ثم لقي أبا عبد الله بن عرفة باسكندرية في قفوله من الحج فقرأ
عليه قطعة صالحة من مؤلفه الشهير.
وكذا أخذ الفقه أيضاً عن بهرام، وعبيد البشكالسي، وابن خلدون،
وناصر الدين أحمد بن التنسي وآخرين.
(1/10)
وطلب الحديث بنفسه فقرأ وسمع أشياء
بالقاهرة وإسكندرية، فكان من شيوخه بالقاهرة الصلاح الزفتاوي،
وابن أبي المجد، والتنوخي، وابن الشيخة، والمطرز، والتاج
الصردي، والأبناسي، والبلقيني، والعراقي، والهيثمي، والغماري،
والمراغي، وعبيد البشكالسي، والسويداوي، والحلاوي، والنجم
البالسي، وإمام الصرغتمشية، والتاج بن الفصيح، والجوهري،
والشمس محمد بن إبراهيم العاملي، ومنهم باسكندرية البهاء عبد
الله الدماميني، والزين محمد بن أحمد الفيشني المرجاني، وابن
الموفق، وابن قرطاس، في آخرين كالفخر بن أبي شافع، ومحمد بن
التقي التونسي، والتاجين ابن موسى وابن الخراط، وناصر الدين
محمد بن عبد الرحيم الحراني، وابن الهزبر.
وأجاز له أبو الخير بن العلائي، وأبو حفص البالسي، وابن قوام،
ومحمد بن محمد بن يفتح الله، وفاطمة ابنة ابن المنجا، وفاطمة
وعائشة ابنا ابن عبد الهادي، وطائفة.
وأذن له معظم شيوخه في الإقراء والإفتاء كابن عرفة، وابن
الملقن، والعز بن جماعة.
تدريسه وأعماله:
استقر ابن عمار معيداً بجامع طولون بل مدرساً للفقه بالمسلمية
بمصر عوضاً عن ابن مكين، وبقبة الصالح إسماعيل داخل
البيمارستان عوضاً عن ابن خلدون، وعمل لكل منهما أجلاساً
حافلاً شهده الأكابر، وبالبرقوقية بعد البساطي.
(1/11)
ودرس وأعاد وأفتى وحدث وأفاد وانتفع به
الأفاضل خصوصاً في إقامته بمصر.
وناب في القضاء مسؤولاً، بل استخلفه الشمس بن معبد المدني
بمرسوم حين سفره.
رحلاته:
حج ابن عمار في سنة خمس وثمانمائة حجة الإسلام، وكانت الوقفة
الجمعة، وزار بيت المقدس.
مصنفاته:
صنف ابن عمار قديماً بحيث قرض الغماري بعض تصانيفه، ووقف عدة
من شيوخه على بعضها، ومنها:
1 - «غاية الإلهام في شرح عمدة الأحكام» في ثلاث مجلدات.
2 - و «الأحكام في شرح غريب عمدة الأحكام».
3 - و «زوال المانع في شرح جمع الجوامع».
4 - و «جلاب الموائد في شرح تسهيل الفوائد» في ثمان مجلدات.
5 - و «الكافي في شرح المغنى» لابن هشام في أربع مجلدات.
6 - واختصر «توضيح ابن هشام وشرحه».
7 - و «شرح مختصر ابن الحاجب» الفرعي كتب منه إلي أثناء
النكاح، وقطعة من أواخره.
(1/12)
8 - واختصر «شرح ألفية العراقي» للمؤلف،
وهو الذي بين يديك.
علومه وأوصافه:
كان ابن عمار إماماً عالماً علامة في الفقه وأصوله والعربية
والصرف، متقدماً فيهما، مشاركاً في كثير من الفنون، ممتع
المحاضرة، أماراً بالمعروف، كثير الابتهال، محظوظاً في استجلاب
الأكابر بعزة نفس وشهامة قل أن يوجد في آخر عمره في مذهبه
مجموعه.
ووصفه الحافظ ابن حجر في بعض ما أثبته له بالشيخ الإمام
العلامة الفقيه الفاضل الفهامة المفيد المحدث.
وذكره في إنبائه باختصار فقال: الشيخ الإمام العالم العلامة.
وفاته:
مات ابن عمار في محل سكنه بالناصرية من بين القصرين، يوم
السبت، رابع عشر ذي الحجة، سنة أربع وأربعين، وصلي عليه بباب
النصر، ودفن بحوش الحنابلة أصهاره تجاه تربة كوكاي رحمه الله.
نظمه:
من نظمه:
يا رب يا غفار يا باري ... تدارك برحماك ابن عمار
(1/13)
المبحث الثاني
منهج المصنف في كتابه
قال المصنف في مقدمة كتابه وهو يتحدث عن الألفية:
فقويَ العزم، واستخرت الله تعالى في إبراز تعليقة بحاله،
موضحةً ألفاظه ومعانيه، ومفصحةً عن ألفاظه ومبانيه، آمًّا في
ذلك شرح الناظم، مع التذييل بفوائد ليس الإهمال مرجعها.
وأهم ما يستفاد من هذه العبارة أنه:
1 - اعتمد في شرحه هذا على شرح الناظم -العراقي-، والناظر في
شرحه يتبين له أنه اختصره من شرح العراقي وتابعه في كثير من
عباراته، وهذا مصداق قوله: آمًّا في ذلك شرح الناظم، أي أنه
جعله إمامًا له في شرحه.
2 - الفائدة الثانية أنه ذيل على ما أخذه من شرح العراقي
بفوائد لم تقع فيه، رأى أنه يقبح به إهمالها لأهميتها.
وأكثر هذه الفوائد والزوائد تدور في الغالب حول شرح كلمة لم
يتعرض لشرحها العراقي، وبيان أهمية استعمالها في النظم دون
غيرها، كما في شرحه كلمة «المقتدر» في بداية الكتاب (1).
_________
(1) «مفتاح السعيدية» (2 / أ).
(1/14)
أو في ضبط عَلَمٍ يُشكل، كما في ضبطه
لحَمْد الخطابي (1)، وكذا ابن رُشَيْد (2)، واليعْمُرِي (3).
أو في إعراب كلمة وبيان متعلقها، كقوله عند قول الناظم:
......................... ... من الشذوذ مع راو ما اتهم
بكذب ولم يكن فردا ورد ... .............................
فقال: "بكذب متعلق باتهم" (4)، فهذا كله مما لم يتعرض له
العراقي في شرحه.
كما أنه يتوسع في تعريف الأعلام والبلدان بأكثر من العراقي.
وابن عمار غالبًا ما يميز زوائده هذه بقوله: «قلت» (5)
وأحياناً لا ينص على ذلك, وإنما يُعْرَفُ ذلك بالمقابلة.
_________
(1) المصدر السابق (13 / أ).
(2) المصدر السابق (15 / ب).
(3) المصدر السابق (15 / ب).
(4) المصدر السابق (13 / أ).
(5) المصدر السابق (15 / ب).
(1/15)
المبحث الثالث
الإضافة التي نقدمها بنشر هذا
الكتاب
الحق أن هذا الكتاب له مميزات تجعله من الكتب الهامة المتعلقة
بألفية الحافظ العراقي، وأهم مميزاته:
1 - أن مصنفه من تلاميذ الحافظ العراقي، بل قد قرأ عليه نكتاً
كان العراقي كتبها على الألفية، مما يدل على استيعابه لموضوع
التصنيف، ووقوفه على مرادات ناظم الألفية بشكل مباشر.
2 - أن هذا الشرح يُعد أقدم شروح الألفية بعد شرحي مصنفها
الكبير والمتوسط، حتى قال السخاوي في خاتمة فتح المغيث (1):
وما علمت عليها -أي على الألفية- لسواه شرحاً.
3 - أن هذا الشرح احتوى من النكات والفوائد ما لا يوجد في غيره
من شروح الألفية المطبوعة.
_________
(1) (4/ 523).
(1/16)
المبحث الرابع
رموز المصنف
أكثر المصنف من إيراد الرموز في كتابه، وغالبها إنما استخدمها
للاختصار، وأهم هذه الرموز:
(ش): يرمز بها للشرح أحيانا، وللشارح أحيانًا أخرى.
(ن): رمز للناظم العراقي.
(خ): رمز إلى آخره، واستخدمها للبخاري أحيانًا.
(ت): رمز للترمذي.
(ح): يرمز بها للحديث، ولحينئذ.
(ق): رمز لابن ماجه القزويني.
(ن): رمز للنسائي.
(د): رمز لأبي داود.
وبقيت رموز أخرى نبهنا على المراد منها في حواشي التحقيق.
(1/17)
المبحث الخامس
إثبات نسبة الكتاب إلى مصنفه
جاء في مقدمة هذا الكتاب ما نصه: قال سيدُنا وشيخُنا العالمُ
العلَّامة القدوة، شيخ المسلمين، محمد أبو ياسر شمس الدين بن
الشيخ الصالح القدوة عَمَّار المالكي رحمه الله ونفعنا بعلومه
والمسلمين آمين.
مما يبين بجلاء صحة نسبة هذا الكتاب لابن عمار المالكي، لذا
فقد نسبه إليه مَن تَرْجَمَه كالسخاوي في الضوء اللامع، كما
نسبه إليه في آخر فتح المغيث (1).
_________
(1) (4/ 523).
(1/18)
المبحث السادس
تسمية الكتاب
نص ابن عمار المالكي نفسه على تسمية كتابه في مقدمته بقوله:
وسميتها -أي تعليقته على الألفية- بـ «مفتاح السعيدية في شرح
الألفية الحديثية»، وهذه هي التسمية التي اعتمدناها في نشرتنا
للكتاب.
وعنوان الكتاب يوحي بأنه شرح مستقل على الألفية وليس مختصرًا
من شرح آخر، ولعله من أجل ذلك ذكر بعض من صنف في أسماء الكتب
لابن عمار هذا شرحاً على الألفية، كصاحب "هدية العارفين"، إلا
أن الواقع - كما أشار إليه ابن عمار نفسه في مقدمته- أنه استمد
شرحه من شرح الناظم، لكن لعله لما كانت فيه فوائد ونكات زيادة
على ما في شرح الناظم جعله وكأنه شرح مستقل.
(1/19)
المبحث السابع
النسخة الخطية التي حققت عليها الكتاب
- هي من محفوطات (المكتبة الأزهرية) بمصر، برقم (1325) مصطلح.
- تقع في (187) ورقة، ومسطرتها (17) سطراً في الصفحة.
- خطها واضح في الجملة إلا في بعض المواضع.
- وعليها تعليقات وتصحيحات كثيرة.
- ناسخها هو محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد الدالاصي
الأنصاري المالكي.
- ولم يتبين لي من تاريخ نسخها الذي أثبته في خاتمة الكتاب إلا
اليوم والشهر وهو التاسع من شهر ذي الحجة الحرام.
- إلا أنه يظهر أنه نسخها في المئة التاسعة لأن مقدمة الناسخ
للكتاب توحي بأنه من تلاميذ ابن عمار المالكي حيث قال في مقدمة
الكتاب: قال سيدُنا وشيخُنا العالمُ العلَّامة القدوة، شيخ
المسلمين، محمد أبو ياسر شمس الدين بن الشيخ الصالح القدوة
عَمَّار المالكي ...
-الكلمات التي وقعت على الجانب الأيسر من أول صفحات المخطوط لم
تظهر بسبب خلل في التصوير على ما يبدو.
(1/20)
-وقع خرم ظاهر بعد (ق11/أ) فسقط شرح
الأبيات (41، 42، 43) من الألفية، كما يؤكد وقوع الخرم
التعقيبة التي وقعت في أسفل (ق11/أ) حيث كُتِب فيها (بالظن)،
لكن الصفحة التالية بدأت بكلمة (الصلاح).
- كما وقع خرم كبير بعد (ق120/أ) حيث انتقل الشرح من البيت رقم
(605) إلى بيت رقم (786)، أي من باب الإشارة بالرمز إلى باب
معرفة الصحابة، ويؤكد الخرم كذلك التعقيبة التي وقعت في أسفل
(ق120/أ) حيث كتب فيها: (قلت: ورمز) لكن الصفحة التالية بدأت
بقوله: (أخرج من رواه).
- ويدل ما ذكرناه من موضوع التعقيبة أن الخرم لم يقع سهوًا من
المصور بل النسخة التي بين يديه فيها خرم.
(1/21)
صور من النسخة
الخطية
(1/22)
النص المحقق
(1/25)
صور من النسخ الخطية
Description: 02Description: 187
النص المحقق
النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
قال سيدُنا وشيخُنا العالمُ العلَّامة القدوة، شيخ المسلمين،
محمد أبو ياسر شمس الدين بن الشيخ الصالح القدوة عَمَّار
المالكي [رحمه الله] ونفعنا بعلومه والمسلمين آمين.
الحمد لله الذي خَصَّنَا بالكتاب [والسنة] فدفع عنا ببركتهما
الخسف الظاهر فجاءت البشرى، وما بقي حَديث (1).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الكاشف بميزان ذهب فصاحِتِهِ
عن شريعةٍ طاهرةٍ مَيَّزَت لنا الطَّيِّب من الخبيث، ورضي الله
عن أصحابه الذين كانوا سعدَ السعود، ففدوه بأنفسهم وأموالهم،
وأجابوه في الدركات ... ، ولسان حاله هل من معين.
أما بعد: فإن أجلَّ العلوم بعد علوم الكتاب علمُ الحديث، وهو
كما قال الناظم: خطير وقعه، كثير نفعه، عليه مدار الأحكام، وبه
يُعْرَف الحلال والحرام. انتهى.
وسئل بعض العلماء ... : ما بالنا نرى قوماً يشتغلون بالقرآن
وعلومه وقراءته، وقوماً يشتغلون بالحديث وعلومه ونقله، وقوماً
يشتغلون بالفقه ... ، وقوماً يشتغلون بالأدب ومحاسنه، وكل منهم
يُقْبِلُ على الفَنِّ الذي هو فيه لا يشتغل بغيره؟ فقال: تلك
الطرق إلى الله تعالى ... انتهى.
ولأهل الحديث اصطلاح لابد للطالب من فَهْمِه، فلهذا نُدِب إلى
تقديم
_________
(1) كذا.
(1/26)
العناية بكتب في علمه، وكان الإمام المحدث
تقي الدين [2 - أ] ابن الصلاح صنف مصنفاً اعتنى العلماء به
بعده فعكفوا عليه، فاختصره اختصاراً مفيداً النوويُّ في كتابه
المسمى بـ «الإرشاد»، ثم اختصر «الإرشاد» في كتابه «التقريب
والتيسير» فأجاده، وقرأتُه قراءةَ بحثٍ على شيخنا العلامة سراج
الدين أبي حفص عمر النحوي (1)، وأجازني، واختصره جماعة آخرهم
التاج التبريزي، وقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة فما قصر،
وشيخنا الناظم أبو المعالي عبد الرحيم بن الحسين العراقي رحمه
الله تعالى في هذه المنظومة الألفية، بعد أن كتب عليها نكتاً
قرأتها على شيخنا وأجازني بها، ثم إنه شرحها شرحين كبيراً
ومتوسطاً، وكنتُ قبل أن أقف عليه بحثتُ على شيخنا الإمام
العالم سراج الدين أبي حفص عمر البُلْقيني طائفة من «مختصره»
المترجم بـ «محاسن الاصطلاح» لما قرئ في بحثنا «الألفية» هذه،
فقويَ العزم، واستخرت الله تعالى في إبراز تعليقة بحاله،
موضحةً ألفاظه ومعانيه، ومفصحةً عن ألفاظه ومبانيه، آمًّا في
ذلك شرح الناظم، مع التذييل بفوائد ليس الإهمال مرجعها، راجياً
لك النفع والانتفاع، والعون على التذكرة بالمغفرة والرحمة ونفي
الابتداع، وسميتها بـ «مفتاح السعيدية في شرح الألفية
الحديثية» واللهَ أسأل الغفران والعفو عن زلات القدم، إنه
الحاكمُ بالحق المدبِّرُ الحَكَم.
قوله:
1 - يَقُوْلُ رَاجِي رَبّهِ المُقْتَدِرِ ... عَبْدُ الرَّحيمِ
بنُ الحُسيْنِ الأَثَريْ
_________
(1) هو البلقيني الآتي ذكره.
(1/27)
[2 - ب]
ش (1): قُلْتُ: مُقْتَدِر بمعنى قادر على ما أراد، فقال (ن)
(2): «المقتدر» دون غيره من الصفات إعلاماً بأنه في مقام
الرجاء والخوف، مقتدياً بقوله تعالى {يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ
وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء:57]، وأنه يؤمن بالقدرِ
خيرِه وشَرِّهِ حُلْوِه ومُرِّه، لا غرو أنه بذلك أثري، وفاق
قول الزواوي (3): «يقول راجي عفو ربه الغفور» (4).
و «الأَثَري» بفتح الهمزة والمثلثة نِسْبَةً إلى الأثر:
الحديث، واشتُهِر جماعةٌ بذلك ومنهم الخَلَّال الحسين بن عبد
الملك (5) وابن منصور عبد الكريم.
وقوله:
2 - مِنْ بَعْدِ حَمْدِ اللهِ ذي الآلاءِ ... على امْتِنَانٍ
جَلَّ عَنْ إحْصَاء
ش: الآلاء واحده «ألًا» بفتح الهمزة والتنوين كرحًى: النِّعَم،
وقيل: «إلاً» كمعاً، بكسر أوله [وقيل] (6): كنِحىً بكسر أوله
وسكون العين منوناً.
_________
(1) رمزٌ للشرح، كما مر التنبيه عليه في المقدمة.
(2) رمزٌ للناظم، كما مر التنبيه عليه في المقدمة.
(3) هو يحيى بن عبد المعطي الزواوي المتوفي سنة (628هـ)، له
منظومة في النحو سماها «الدرة الألفية، بما في علم العربية».
«هدية العارفين»: (ص2/ 219)، و «اكتفاء القنوع»: (ص463).
(4) هذه الفقرة من زيادات ابن عمار المالكي على شرح الناظم.
(5) هو أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد
الخلال الأثري، المتوفي سنة (532هـ). «سير أعلام النبلاء»:
(19/ 620 - 621).
(6) ما بين المعقوفتين زيادة من عندي يقتضيها السياق.
(1/28)
وقوله:
3 - ثُمَّ صَلاَةٍ وسَلامٍ دَائِمِ ... على نَبِيِّ الخَيْرِ
ذِي المَرَاحِم
ش: قلت هو بجر «صلاةٍ وسلامٍ دائم» عطفاً على «حَمْد» المخفوض
بـ «بَعْد».
و «المراحم» واحده مَرْحَمَة: الرَّحْمة، وفي «مسلم» (1): «أنا
نبي الرَّحمة» أو «المرحمة» أو «الملحمة»، روايات ثلاث.
وقوله:
4 - فَهَذِهِ المَقَاصِدُ المُهِمَّهْ ... تُوْضِحُ مِنْ
عِلْمِ الحدِيْثِ رَسْمَهْ
ش: قلت: و «تُوضِح» بِضَمِّ أوَّله من أَوْضَح رُباعياً.
و «الرَّسم» لغةً: الأثر، ومنه رَسْمُ الدَّار: أَثَرُهَا
اللَّاصِق بالأرض. واصطلاحاً: أَثَر أهل الحديث المبني على
أصولهم (2)، وفيه الإشارة بالرَّسم إلى دُرُوس كثيرٍ من علم
الحديث، وأنه بقيت منه آثار يُهْتَدَى بها.
وقوله:
5 - نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً لِلمُبتَدِيْ ... تَذْكِرَةً
لِلْمُنْتَهِي والْمُسْنِد
ش: قلت: هو بنصب «تبصرةً وتذكرة» على المفعول لأجله، أي: لأجل
التبصرة والتذكرة [3 - أ].
_________
(1) (7/ 90 رقم 2355)، وانظر: «شرح الناظم»: (2/ 99) مع حاشية
التحقيق.
(2) عبارة الناظم في شرحه (2/ 99): آثار أهله [أي أهل الحديث]
التي بنوا عليها أصولهم.
(1/29)
و «المسند» بكسر النون اسم فاعل من
أَسْنَدَ -رباعياً- الحديث إذا رواه بإسناده. والمُسْنَدي
بفتحها: اسم مفعول، منه عبد الله بن محمد شيخ البخاري (1).
وقوله:
6 - لَخَّصْتُ فيهَا ابْنَ الصَّلاحِ أَجْمَعَهْ ...
وَزِدْتُهَا عِلْمَاً تَرَاهُ مَوْضِعَهْ
ش: قلت: «أَجْمَعَه» بالنصب توكيداً لقوله «ابنَ الصلاح» على
حذف مضاف أي: كتاب ابن الصلاح، وفيه التأكيد «بأجمع» دون «كل»
على حد قوله:
إذن ظللت أبكي أجمعا
وابنُ الصلاح هو: الإمام تقي الدين أبو عَمرو عثمان بن عبد
الرحمن، قرأ على والده ابن الصلاح وكان من جملة مشايخ الأكراد.
انتهى.
ويعني أنه في هذه المنظومة لَخَّصَ كتابَ ابن الصلاح مسألة
وقسماً، وأسقط كثيراً من الأمثلة والتعاليل، ونسبة القول
لقائله، والمكَرَّر، وزاد بها زيادات [يُعْثَر] على طريق كونها
زيادة على ما نَبَّه عليه في (ش).
وقوله:
7 - فَحَيْثُ جَاءَ الفِعْلُ والضَّميْرُ ... لِواحِدٍ وَمَنْ
لَهُ مَسْتُوْرُ
_________
(1) سمي بذلك لأنه كان يطلب المسندات ويرغب عن المراسيل
والمقاطيع. «تهذيب الكمال»: (16/ 59).
(1/30)
ش: اصطلح على تعيين ابن الصلاح بما [نقله]
(1) من كتابه بعلامات منها:
أن يأتي بفعلٍ مُسْنَد لواحدٍ غير مذكور ألبَتَّة مثل: «وقال:
بان لي.
ومنها أن يأتي بضمير واحد غير مُقَيَّد بما قبله مثل: «كذا
له».
ومنها: أن يُطْلِقَ لفظَ الشيخ مثل: «فالشيخ فيما بعد».
وإلى هذا يشير بقوله:
8 - كَـ (قَالَ) أوْ أَطْلَقْتُ لَفْظَ الشَّيْخِ مَا ...
أُرِيْدُ إلاَّ ابْنَ الصَّلاحِ مُبْهَمَا
ش: مُبْهَماً بفتح الهاء وكسرها، اسم فاعل أو اسم مفعول من
«أبْهَمَ» الرُّبَاعي.
وقوله:
9 - وَإِنْ يَكُنْ لاثْنَيْنِ نَحْوُ (الْتَزَمَا) ...
فَمُسْلِمٌ مَعَ البُخَارِيِّ هُمَا
ش: يعني إذا كان الفعل والضمير لاثنين فالمراد: البُخَاري
ومسلم، مثل: و «اقطع بصحةٍ لما [3 - ب] قَدْ أَسْنَدَا».
وقوله:
10 - وَاللهَ أرجُوْ في أُمُوْرِي كُلِّهَا ... مُعْتَصمَاً في
صَعْبِهَا وَسَهْلِهَا
ش: قلت هو بنصب اسم الله تعالى هاهنا بوقوع الرَّجَاء على
مُقَدَّم على القائل فيه لِضَرْبٍ من العناية والاهتمام
بالمرجو لا إله إلا هو، والعرب تُقَدِّمُ ما
_________
(1) كلمة لم تظهر لي في الأصل، فاستبدلتها بما بين المعقوفين.
(1/31)
اهتُمَّ ببيانه أعني نحو قوله: {إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: نعبدك ونستعينك،
فَقَدَّم المفعول لِضَرْبٍ من العناية بالمعبود تعالى، ولو أتى
به على أصله وقال: «أرجو الله» لجاز إلا أنه يكون خبراً ساذجاً
فلا تخصيص ولا دلالة على العنايةِ به.
وقد وُفِّق لما وُفق له هذا الناظم العلَّامة قبله جار الله
تعالى من ابتداءً «المفصَّل النحوي»: الله أَحْمد على أن
جَعَلَني من علماء العربية، انتهى.
و «الله»: اسمٌ من أسماء الخالق خاصٌ لا يشركه فيه غيره، ولا
يُدْعَى به أحدٌ سواه، قَبَضَ اللهُ الألسنةَ عن ذلك.
و «مُعْتَصَماً»: بفتح الصاد اسم مفعول بمعنى الاعتصام،
ونُصِبَ على المفعول الثاني لـ «أرجو» والتقدير: وأرجو الله في
أموري كلها اعتصاماً. وبكسرها حالاً اسم فاعل من اَعْتَصَم وزن
افْتَعَل.
قوله:
(1/32)
|