مقدمة ابن الصلاح معرفة أنواع علوم الحديث ت فحل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} (2)
الحمدُ للهِ الْهَادِي مَنِ اسْتَهْدَاهُ، الواقِي (3) مَنِ اتَّقاهُ، الكافي مَنْ تحرّى رضاهُ، حمداً بالغاً أمدَ التمامِ ومنتهاهُ (4). والصلاةُ والسلامُ الأتمَّانِ (5) الأكملانِ على نبيِّنا والنبيِّينَ (6)،
__________
(1) ورد في نسخة (جـ) سند النسخة المنقولة عَنْهَا هذِهِ النسخة عَلَى النحو الآتي:
((الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله عَلَى سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وسلّم، قرأت عَلَى الشَّيْخ الإمام الحبر ابن مُحَمَّد أحمد بن قاسم بن عَبْد الرحمان بن أبي بَكْر الحرازي جَمِيْع " علوم الحَدِيْث " لابن الصَّلاح بمكة المشرفة في شهور سنة خمس وخمسين وسبع مئة، قَالَ: قرأت عَلَى العلاَّمة رضي الدين إبراهيم بن مُحَمَّد بن إبراهيم الطبري جميعه في سنة ثلاث عَشْرَة وسبع مئة، قَالَ: أنبأنا الإمام الحافظ تقي الدين ابن (كذا، والصواب أبو) عمرو عثمان بن عبد الرحمان بن عثمان بن موسى بن نصر النصري الشهرزوري الشافعي المعروف بـ (ابن الصلاح) إجازة.
قال: وأخبرنا عنه سماعاً الإمام أمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب بن أبي البركات الحسن ابن عساكر قال: أملى علينا ابن الصلاح - نوّر الله بالعلم صدره ورفع بالعمل الصالح في الدارين قدره - بمدينة دمشق بدار السنة الأشرفية، وكان ابتداء إملائه علينا ونحن نسمع بعد صلاة الجمعة السابع من رمضان المعظّم من عام ثلاثين وست مئة، فقال: ... )).
(2) الكهف: 10. ولم ترد الآية الكريمة في (أ) و (ب)، وهي من (جـ) و (ع) و (م).
(3) قال الحافظ ابن حجر في نكته 1/ 223: ((بالقاف، وهو مشتق من قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللهُ} عملاً بأحد المذهبين في الأسماء الحسنى - والأصحّ عند المحققيين: أنها توقيفية.
وأمّا قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا لَهُم مِنَ اللهِ مِنْ وَاقٍ} فلا توقيف فيه على ذلك؛ لكن اختيار الغزالي: أن التوقيف مختص بالأسماء دون الصفات، وهو اختيار الإمام فخر الدين أيضاً. وعلى ذلك يحمل عمل المصنف وغيره من الأئمة)). وانظر: القواعد المثلى ص 13، وص 28.
(4) قال الحافظ ابن حجر في نكته 1/ 223: ((اعترض عليه بأن هذه دعوى لا تصح وكيف يتخيل شخص أنه يمكنه أن يحمد الله حمداً يبلغ منتهى التمام. والفرض أن الخلق كلهم لو اجتمع حمدهم لم يبلغ بعض ما يستحقه تعالى من الحمد فضلاً عن تمامه والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا أحصي ثناءً عليك))، مع ما صح عنه في حديث الشفاعة: ((أن الله يفتح عليه بمحامد لم يسبق إليها)).
والجواب: أن المصنف لم يدَّعِ أن الحمد الصادر منه بلغ ذلك، وإنما أخبر أن الحمد الذي يجب لله هذه صفته، وكأنه أراد أن الله مستحقٌ لتمام الحمد، وهذا بيِّن من سياق كلامه)).
(5) لم ترد في النسخ الخطية و (م)، وهي من (ع) والتقييد.
(6) للحافظ ابن حجر تعليق حول هذا التعبير. انظره في نكته 1/ 224.

(1/71)


وآلِ كُلٍّ (1) ما رجى راجٍ مغفرتَهُ ورحماهُ، آمينَ.
هذا (2)، وإنَّ عِلْمَ الحديثِ (3) مِنْ أفضلِ العلومِ الفاضلةِ، وأنفعِ الفنونِ النافعةِ، يُحبُّهُ ذكورُ الرجالِ وفحولَتُهُم (4)، ويُعْنَى (5) بهِ محقِّقُو العلماءِ وكَمَلَتُهُم، ولا يكرهُهُ مِنَ الناسِ إلاَّ رُذالتُهم (6) وسَفِلتُهُم (7).
وهو مِنْ أكثرِ العلومِ تولُّجاً (8) في فنونها، لا سيَّما الفقهُ (9) الذي هو إنسانُ
__________
(1) قوله: ((وآل كل))، أضافه إلى الظاهر، ولم يقل: وآلهم؛ خروجاً من الخلاف؛ لأن بعضهم لا يجيز إضافته إلى المضمر. وانظر: نكت الزركشي 1/ 13 مع حاشية المحقق، ونكت ابن حجر 1/ 225.
(2) قال الزركشي في نكته 1/ 13: ((هو فاصل عن الكلام السابق للدخول في غرض آخر، ونظيره في التخلص قوله تعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِيْنَ لَشَرَّ مَآبٍ}، ولعل هذا السبب في أن المصنف لم يذكر
(أما بعد)، وإن ورد أن النبي كان يقولها في خطبه)).
فهذا إذن من التفنن الذي لا حجر فيه، على قول ابن حجر في نكته 1/ 225.
(3) قال ابن حجر في نكته 1/ 225: ((أولى التعاريف لعلم الحديث - يريد علم الحديث دراية -: معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي)). وانظر: تفصيل هذا في البحر الذي زخر 1/ 226، وتدريب الراوي 1/ 40.
(4) ورد هذا المعنى في كلام الزهري - رحمه الله -. انظر: نكت الزركشي 1/ 14.
(5) هو بضم الياء وفتح النون على البناء للمفعول (المجهول)، وهو من الأفعال الملازمة للبناء للمفعول، ويجوز فيه البناء للفاعل (المعلوم) أيضاً، ولكن البناء للمفعول أفصح. انظر: الصحاح 6/ 2440، واللسان 15/ 104، ونكت الزركشي 1/ 21، والتقييد والإيضاح: 12.
(6) الرُّذَالة: -بضمِّ الراء وفتح الذال- هو الرديء، والرذل: الدون والخسيس، يقال: رجل رذل ومرذول، وهو الدون في منظره وحالاته. انظر: أساس البلاغة: 229، واللسان 11/ 280، ونكت الزركشي1/ 23.
(7) السَّفِلة: - بفتح السين وكسر الفاء - هم السُّقاط من الناس، والمراد: أسافل الناس وغوغاؤهم. انظر: اللسان 11/ 337، ونكت الزركشي 1/ 23.
(8) قال ابن حجر في نكته 1/ 227: ((أي دخولاً في فنونها، والمراد بالعلوم هنا الشرعية، وهي: التفسير والحديث والفقه؛ وإنما صار أكثر لاحتياج كل من العلوم الثلاثة إليه. أمّا الحديث: فظاهر. وأمّا التفسير: فإنّ أولى ما فسر به كلام الله تعالى، ما ثبت عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ويحتاج الناظر في ذلك إلى معرفة ما ثبت مما لم يثبت. وأمّا الفقه: فلاحتياج الفقيه إلى الاستدلال بما ثبت من الحديث دون ما لم يثبت، ولا يتبين ذلك إلا بعلم الحديث)).
(9) الاسم الواقع بعد (لا سيَّما) إذا كان معرفة جاز فيه وجهان: الجر والرفع، أما إذا كان نكرة ففيه ثلاثة أوجه: الجر والرفع والنصب، وليس هذا محل توجيه ذلك. =
=والمشهور في استعمالها أن يقال: (ولا سيَّما)، وذكروا أنها تخفّف وقد تحذف الواو، وربّما حذفوا (لا) فيقال: (سيما)، وهي لغة ضعيفة. انظر توجيه هذا الكلام وشواهده في اللسان 14/ 411، ونكت الزركشي 1/ 25 مع حاشية المحقق، ومتن اللغة 3/ 258.

(1/72)


عُيونِها؛ ولذلكَ كَثُرَ غَلطُ العاطلينَ (1) منهُ مِنْ مُصَنِّفِي الفقهاءِ، وظهرَ الخللُ في كلامِ الْمُخلِّينَ بهِ مِنَ العلماءِ. ولقدْ كانَ شأنُ الحديثِ فِيْمَا مَضَى عظيماً، عظيمةً جموعُ طَلبَتِهِ (2)، رفيعةً مقاديرُ حُفَّاظِهِ وحملَتِهِ. وكانتْ علومُهُ بحياتِهِم حيَّةً، وأفنانُ فنونِهِ (3) ببقائِهِم غَضَّةً (4)، ومغانيهِ (5) بأهلِهِ آهِلَةً (6). فلمْ يزالُوا في انقراضٍ، ولَمْ يزلْ في اندراسٍ حتَّى آضتْ (7) بهِ الحالُ إلى أنْ صارَ أهلُهُ إنَّما هُمْ شِرْذِمةٌ (8) قليلةُ العَدَدِ (9)
__________
(1) في جميع النسخ الخطية: ((الغالطين))، وأشار ناسخ (أ) إلى أنها في نسخة: ((العاطلين))، وما أثبتناه من (م) و (ع) والتقييد، وهو الأجود معنًى.
(2) قال الزركشي في نكته 1/ 27: ((وهذا شيء كالمتواتر عند من نظر تراجمهم وأحوالهم)) ثمَّ ساق أمثلة كثيرة على ذلك، فراجعه تجد فائدة.
(3) قال ابن حجر في نكته 1/ 227: ((الأفنان: جمع فنن - بفتحتين - وهو الغصن، والفنون: جمع فنّ، وهو الضرب من الشيء، أي: النوع. ويجمع أيضاً على أفنان؛ لكن المراد هنا بالأفنان جمع فنن كما تقدّم)). وانظر: اللسان 13/ 326.
(4) قال ابن حجر في نكته 1/ 227: ((غضّة، أي: طرية، وهي استعارة مناسبة للفنن، وفيه الجناس بين أفنان وفنون)). وانظر: الصحاح 3/ 1095.
(5) في (أ): ((معانيه)) بالمهملة. قال ابن حجر 1/ 228: ((المغاني - بالغين المعجمة -: جمع مغنى مقصور، وهو المكان الذي كان مسكوناً، ثمَّ انتقل أهله عنه؛ فكأنه أطلق عليه (مغنى)؛ باعتبار ما آل إليه الأمر، وكان قبل ذلك مسكوناً بأهله المستحقين له لا بغيرهم)). وانظر: اللسان 15/ 139.
(6) قال ابن حجر 1/ 228: ((فيه جناس خطي في قوله: بأهله آهلة، بوزن فاعلة)). وعن مصطلح الجناس الخطي ومفهومه، انظر: الإيضاح في علوم البلاغة 217.
(7) الأيض: العود إلى الشيء، يقال: آضَ يئيضُ أيْضاً، أي: عاد. والأيض: الرجوع، يقال: آض فلان إلى أهله، أي: رجع إليهم، وآض كذا، أي: صار. وأصل الأيض: العود، تقول: فعل ذلك أيضاً، إذا فعله مُعاوداً له، راجعاً إليه. انظر: تاج العروس 18/ 235.
(8) الشرذمة - والدال لغة فيها -: الجماعة القليلة من الناس، ومنه قوله تعالى: {وإِنَّهُمْ لَشِرْذِمَةٌ لَنَا غَائِضُونَ}. وانظر: مقاييس اللغة 3/ 273، ومتن اللغة 3/ 300.
(9) في (جـ): القدر.

(1/73)


ضعيفةُ العُدَدِ، لا تُعْنى على الأغلبِ في تحمُّلِهِ بأكثرَ مِنْ سماعهِ غُفْلاً (1)، ولا تتعنَّى في تقييدِهِ بأكثَرَ مِنْ كتابتِهِ عُطْلاً (2)، مُطَّرِحِيْنَ علومَهُ التي بها جُلَّ قدرُهُ، مباعدينَ معارفَهُ التي بها فُخِّمَ أمرُهُ.
فحينَ كادَ الباحثُ عنْ مُشْكلِهِ لا يُلْفِي لهُ كاشفاً، والسائلُ عنْ علمِهِ لا يَلْقى بهِ عارفاً، مَنَّ اللهُ الكريمُ - تباركَ وتعالى - عليَّ (3) - ولَهُ الحمدُ أجمعُ (4) - بكتابِ ... " معرفةَ أنواعِ علمِ الحديثِ "، هذا الذي باحَ (5) بأسرارهِ الخفيَّةِ، وكشفَ عَنْ مشكلاتِهِ الأبيَّةِ، وأحكمَ (6) معاقدَهُ، وقعَّدَ قواعدَهُ، وأنارَ معالِمَهُ، وبيَّنَ أحكامَهُ (7)، وفصَّلَ أقسامَهُ، وأوضحَ أصولَهُ، وشرحَ فروعَهُ وفصولَهُ، وجمعَ شتاتَ علومِهِ (8) وفوائدَهُ، وقنصَ شواردَ نُكتِهِ وفرائدَهُ (9). فاللهَ العظيمَ الذي بيدِهِ الضّرُّ والنَّفْعُ والإعطاءُ والمنعُ أسألُ، وإليهِ أضَّرَّعُ وأبتهلُ، متوسلاً إليهِ بكلِّ وسيلةٍ، متشفِّعاً (10)) إليهِ بكلِّ شفيعٍ، أنْ
__________
(1) الغُفْل - بضمِّ الغين وسكون الفاء - هو الذي لا علامة به، يقال: أرضٌ غُفْلٌ، لا عَلَمَ بها ولا أثر عمارة، وأرضٌ غُفْلٌ: لم تمطر، ورجلٌ غُفْلٌ: لم يجرِّب الأمور.
قال ابن حجر 1/ 228: ((وهي استعارة، يقال: أرض غُفْلٌ: لا عَلَمَ بها ولا أثر عمارة، فكأنه شبَّه الكتاب بالأرض، والتقييد بالنقط والشكل والضبط بالعمران)). وانظر: الصحاح 5/ 1783، ونكت الزركشي 1/ 40.
(2) عُطُل: بضمتين، ويجوز إسكان الطاء، معناه: الخلو من الشيء، وأصل استعماله في الحَلي، ويقال: عَطِلَ من المال والأدب، فهو عُطْلٌ. انظر: مقاييس اللغة 4/ 351، واللسان 11/ 454، ونكت الزركشي 1/ 40.
ولا بدَّ من التنبيه على أن المصنِّف أشار بذلك إلى أن الاقتصار على السماع والكتابة أدنى درجات علم الحديث. وانظر تفصيل ذلك في: نكت الزركشي 1/ 41، ونكت ابن حجر 1/ 228.
(3) ليست في (جـ) و (م).
(4) في (ع) والتقييد: ((أن أجمع)). ولم ترد (أن) في شيء من النسخ الخطية ولا (م).
(5) في (م): ((أباح)).
(6) في (أ) حاشية نصها: ((أي أتقن المسائل المقررة)).
(7) ساقطة من ب.
(8) ((شتات علومه))، سقطت من (ب).
(9) ساقطة من (أ)، وفي (جـ): ((وفريده))، وفي التقييد: ((وفوائده)).
(10) في (ب) و (جـ): ((مستشفعاً))، وسقطت: ((بكل وسيلة)) من (ب).

(1/74)


يجعلَهُ مَلِيّاً بذلكَ وأملى (1)، وافياً بكلِّ ذلكَ وأوفى، وأنْ يُعَظِّمَ الأجرَ والنَّفْعَ بهِ في الدارَينِ، إنَّهُ قريبٌ مجيبٌ، وما توفيقي إلاَّ باللهِ عليهِ توكَّلْتُ وإليهِ أُنيبُ.
وهذهِ فِهْرِسْتُ (2) أنواعِهِ:
فالأوَّلُ منها: معرفةُ الصحيحِ مِنَ الحديثِ.
الثاني: معرفةُ الحسَنِ منهُ.
الثالثُ: معرفةُ الضعيفِ منهُ.
الرابعُ: معرفةُ الْمُسْنَدِ.
الخامسُ: معرفةُ الْمُتَّصِلِ.
السادسُ: معرفةُ المرفوعِ.
السابعُ: معرفةُ الموقوفِ.
الثامنُ: معرفةُ المقطوعِ، وهو غيرُ المنقطعِ (3).
التاسعُ: معرفةُ المرسلِ.
العاشرُ: معرفةُ المنقطعِ.
الحادي عشرَ: معرفةُ الْمُعْضَلِ، ويليهِ تفريعاتٌ، منها: في الإسنادِ الْمُعَنْعَنِ، ومنها: في التعليقِ.
الثاني عشرَ: معرفةُ التدليسِ وحكمُ الْمُدَلَّسِ.
الثالثَ عشرَ: معرفةُ الشَّاذِّ.
__________
(1) قال العراقي في التقييد: 13: ((استعمل المصنِّف هنا ((ملياً وأملى)) بغير همز على التخفيف، وكتبه بالياء لمناسبة قوله: ((وفياً وأوفى))، وإلاّ فالأول مهموز من قولهم: مَلُؤَ الرجلُ - بضم اللام وبالهمز - أي: صار مليئاً، أي: ثقة، وهو مَلِئٌ بَيِّن الملاء والملاءة، ممدودان، قاله الجوهري)). وانظر: الصحاح 1/ 73.
(2) في (م) والتقييد: ((فهرسة)) بالتاء المربوطة.
قال ابن حجر 1/ 231: ((الصواب أنها بالتاء المثناة وقوفاً وإدماجاً، وربما وقف عليها بعضهم بالهاء وهو خطأ. قال صاحب تثقيف اللسان: فهرست -بإسكان السين- والتاء فيه أصلية، ومعناها في اللغة: جملة العدد للكتب، لفظة فارسية، قال: واستعمل الناس منها فهرسَ الكتبَ يفهرسها فهرسة، مثل دَحْرَجَ. وإنما الفهرست: اسم جملة العدد، والفهرسة: المصدر، كالفذلكة، يقال: فذلكت إذا وقفت على جملته)).
وجاء في القاموس المحيط وشرحه التاج 16/ 349: ((الفِهْرِس - بالكسر - قال الليث: هو الكتاب الذي تجمع فيه الكتب، وقال: ليس بعربي محض، ولكنّه معرَّب، وقال غيره: هو معرَّب فِهْرِسْت، وقد اشتقّوا منه الفِعْل فقالوا: فَهْرَسَ كتابَهُ فَهْرَسَةً، وجمعُ الفَهْرَسَةِ: فهارِس)). وانظر: نكت الزركشي 1/ 55، والنكت الوفية 254 ب و 259 ب، والمعجم الوسيط 2/ 704.
(3) في (م): ((المتقطع)).

(1/75)


الرابعَ عشرَ: معرفةُ الْمُنْكَرِ.
الخامسَ عشرَ: معرفةُ الاعتبارِ والمتابعاتِ والشواهدِ.
السادسَ عشرَ: معرفةُ زياداتِ الثقاتِ وحكمِها.
السابعَ عشرَ: معرفةُ الأَفرادِ.
الثامنَ عشرَ: معرفةُ الحديثِ المعلَّلِ.
التاسعَ عشرَ: معرفةُ الْمُضْطَرِبِ مِنَ الحديثِ.
العشرونَ: معرفةُ الْمُدْرَجِ منَ الحديثِ.
الحادي والعشرونَ: معرفةُ الحديثِ الموضوعِ.
الثاني والعشرونَ: معرفةُ المقلوبِ.
الثالثُ والعشرونَ: معرفةُ صِفَةِ مَنْ تُقبَلُ روايتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ روايتُهُ.
الرابعُ والعشرونَ: معرفةُ كيفيةِ سماعِ الحديثِ وتحمّلِهِ، وفيهِ: بيانُ أنواعِ الإجازةِ وأحكامِها، وسائرِ وجوهِ الأخذِ والتحمُّلِ، وعِلْمٌ جَمٌّ (1).
الخامسُ والعشرونَ: معرفةُ كتابةِ الحديثِ وكيفيّةِ ضَبْطِ الكتابِ وتقييدِهِ، وفيهِ معارفُ مهمّةٌ رائقةٌ.
السادسُ والعشرونَ: معرفةُ كيفيّةِ روايةِ الحديثِ وشرطِ أدائهِ وما يتعلَّقُ بذلكَ، وفيهِ كثيرٌ من نفائسِ هذا العلمِ.
السابعُ والعشرونَ: معرفةُ آدابِ المحدِّثِ.
الثامنُ والعشرونَ: معرفةُ آدابِ طالبِ الحديثِ.
التاسعُ والعشرونَ: معرفةُ الإسنادِ العالي والنازلِ.
النوعُ (2) الْمُوَفِّي ثلاثينَ: معرفةُ المشهورِ مِنَ الحديثِ.
الحادي والثلاثونَ: معرفةُ الغريبِ والعزيزِ منَ الحديثِ.
الثاني والثلاثونَ: معرفةُ غريبِ الحديثِ.
الثالثُ والثلاثونَ: معرفةُ الْمُسَلْسَلِ.
الرابعُ والثلاثونَ: معرفةُ ناسخِ الحديثِ ومنسوخِهِ.
__________
(1) في (ع): ((فيه علم جم))، وكلمة: ((فيه)) لم ترد في شيء من النسخ و (م) والتقييد.
(2) سقطت من (ع) و (م)، وهي من جميع النسخ والتقييد.

(1/76)


الخامسُ والثلاثونَ: معرفةُ الْمُصَحَّفِ منَ أسانيدِ الأحاديثِ ومتونِها.
السادسُ والثلاثونَ: معرفةُ مُخْتَلِفِ الحديثِ.
السابعُ والثلاثونَ: معرفةُ المزيدِ في متَّصِلِ الأسانيدِ.
الثامنُ والثلاثونَ: معرفةُ المراسيلِ الخفيِّ إرسالُهَا.
التاسِعُ والثلاثونَ: معرفةُ الصحابةِ - رضي الله عنهم -.
الموفِّي أربعينَ: معرفةُ التابعينَ - رضي الله عنهم -.
الحادي والأربعونَ: معرفةُ الأكابرِ مِنَ الرّواةِ (1) عنِ الأصاغرِ.
الثاني والأربعونَ: معرفةُ الْمُدَبَّجِ وما سواهُ منْ روايةِ الأقرانِ بعضُهُم عَنْ بعضٍ.
الثالثُ والأربعونَ: معرفةُ الإخوةِ والأخواتِ مِنَ العلماءِ والرواةِ.
الرابعُ والأربعونَ: معرفةُ روايةِ الآباءِ عَنِ الأبناءِ.
الخامسُ والأربعونَ: عكسُ ذلكَ (2): معرفةُ روايةِ الأبناءِ عنِ الآباءِ.
السادسُ والأربعونَ: معرفةُ (3) مَنِ اشتركَ في الروايةِ عنهُ راويانِ متقدِّمٌ ومتأخِّرٌ تباعدَ ما بينَ وفاتَيْهِما.
السابعُ والأربعونَ: معرفةُ مَنْ لَمْ يروِ عنهُ إلاَّ راوٍ واحدٌ.
الثامنُ والأربعونَ: معرفةُ مَنْ ذُكِرَ بأسماءٍ مختلفةٍ أو نعوتٍ متعدِّدَةٍ.
التاسعُ والأربعونَ: معرفةُ (4) المفرداتِ مِنْ أسماءِ الصحابةِ والرواةِ والعلماءِ.
الْمُوَفِّي خمسينَ: معرفةُ الأسماءِ والكُنَى.
الحادي والخمسونَ: معرفةُ كنى المعروفينَ بالأسماءِ دونَ الكنى.
الثاني والخمسونَ: معرفةُ ألقابِ المحدِّثينَ.
الثالثُ والخمسونَ: معرفةُ المؤتَلِفِ والمختَلِفِ.
الرابعُ والخمسونَ: معرفةُ المتَّفِقِ والمفترِقِ.
الخامسُ والخمسونَ: نوعٌ يتركَّبُ مِنْ هذينِ النوعينِ.
__________
(1) في (أ) و (ع): ((الأكابر الرواة))، وفي (م) والتقييد: ((أكابر الرواة))، وما أثبتناه من (ب) و (ج‍).
(2) ((عكس ذلك)) لَم ترد في (ب).
(3) في (أ): ((معرفةُ رواية)).
(4) ساقطة من (ب).

(1/77)


السادسُ والخمسونَ: معرفةُ الرواةِ المتشابهينَ في الاسمِ والنَّسبِ المتمايزِينَ بالتقديمِ والتأخيرِ في الابن والأبِ.
السابعُ والخمسونَ: معرفةُ المنسوبينَ إلى غيرِ آبائهِم.
الثامنُ والخمسونَ: معرفةُ الأنسابِ التي باطنُها على خلافِ ظاهرِها.
التاسعُ والخمسونَ: معرفةُ المبهماتِ.
الْمُوَفِّي ستينَ: معرفةُ تواريخِ الرواةِ في الوَفَياتِ وغيرِها.
الحادي والستونَ: معرفةُ الثِّقَاتِ والضُّعفاءِ مِنَ الرواةِ.
الثاني والستونَ: معرفةُ مَنْ خَلَطَ في آخرِ عمرِهِ مِنَ الثقاتِ.
الثالثُ والستونَ: معرفةُ طبقاتِ الرواةِ والعلماءِ.
الرابعُ والستونَ: معرفةُ الموالي مِنَ الرواةِ والعلماءِ.
الخامسُ والستونَ: معرفةُ أوطانِ الرُّواةِ وبلدانِهِم.
وذلكَ آخِرُها، وليسَ بآخرِ الممكنِ في ذلكَ فإنَّهُ قابلٌ للتنويعِ (1) إلى ما لا يحصى، إذ لا تُحصى أحوالُ رواةِ الحديثِ وصفاتُهُم، ولا أحوالُ متونِ الحديثِ وصفاتُهُا، وما مِنْ حالةٍ منها ولا صفةٍ إلاَّ وهيَ بصدَدِ أنْ تُفْرَدَ بالذِّكْرِ وأهلُها، فإذا هيَ نوعٌ على
حِيالِهِ (2) ولكنَّهُ نَصَبٌ من غيرِ أَرَبٍ، وحسبُنَا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ.
__________
(1) كانت للمنكتين والشرّاح والمختصرين لكتاب ابن الصلاح في هذا المقام اعتراضات، ذكرها الزركشي في نكته 1/ 56، ومن ثَمَّ أجملها ابن حجر 1/ 232، وهي:
أ. تداخل بعض الأنواع مع بعضها الآخر. انظر: اختصار علوم الحديث لابن كثير 1/ 98.
ب. عدم الدِّقَّة في الترتيب.
جـ. إهماله أنواعاً أخر.
ثُمَّ تولَّى الإجابة عن كلّ واحد منها، ولولا خشية الإطالة لنقلنا لك كلامه، فعُدْ إليه فإنّه نفيس قلَّ أن تجده.
قلنا: ولذلك نجد بعض من اختصر كتاب ابن الصلاح خالفه في ترتيب مباحث الكتاب، كما فعل ابن جماعة في المنهل الروي، وابن حجر في النخبة وغيرهما.
أمَّا كونه قد أهمل بعض الأنواع؛ فَقَدْ زاد البلقيني في محاسنه خمسة أنواع مَعَ الشرح والأمثلة 612 - 674. وزاد الزَّرْكَشِيّ في نكته أنواعاً أخر مَعَ أمثلتها وشرحها 1/ 56 - 85، ثُمَّ أشار ابن حجر في نكته 1/ 233 إلى إمكان الزيادة عَلَى مَا ذكره ابن الصَّلاح، ووعد بأنه سيذكر أنواعاً عندما يفرغ من النكت مَعَ الكلام عَلَى كُلّ نَوْع بما لا يقصر، ونجد مِثْل تِلْكَ الزوائد والفوائد في النزهة: 54؛ لذا كان أمام السيوطي سعة في الأمر ليقول في البحر الذي زخر 1/ 248 - 251:
((وزدت أنواعاً فتمّت مئة)) ثُمَّ سردها. ولكنَّ المتأمّل لكلام ابن الصلاح يجد أنه سدّ الباب على من يروم الاستدراك عليه، فقال في نهاية كلامه: ((ولكنّه نصب من غير أرب)).
(2) في (جـ): ((خياله))، وفي (م): ((حاله)).

(1/78)