شرح ألفية العراقي عبد الكريم الخضير شرح ألفية الحافظ
العراقي (55)
تَلْخِيْصُ المُتَشَابِهِ - المُشْتَبَهُ المَقْلُوبُ - مَنْ
نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيْهِ - المَنْسُوبُونَ إِلَى خِلاَفِ
الظَّاهِرِ – المُبْهَمَاتُ.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله،
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:
تَلْخِيْصُ المُتَشَابِهِ
وَلَهُمُ قِسْمٌ مِنَ النَّوْعَيْنِ ... مُرَكَّبٌ مُتَّفِقُ
الَّلَفظَيْنِ
فِي الاسْمِ لَكِنَّ أَبَاهُ اخْتَلَفَا ... أَوْ عَكْسُهُ أوْ
نَحْوُهُ وَصَنَّفَا
فِيْهِ الْخَطِيبُ نَحْوُ مُوسَى بنِ عليْ ... وَابْنِ عُلَيٍّ
وَحَنَانَ الأَسَدِيْ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف الناظم -رحمه الله تعالى-: تلخيص المتشابه.
هذا الباب مزيج من البابين السابقين، من المؤتلف والمختلف، ومن
المتفق والمفترق، يكون أحد الجزأين الابن أو الأب من الباب
الأول، ويكون الثاني من الباب الثاني، فهل يدل العنوان على
هذا؟ هو مركب من النوعين، تلخيص المتشابه، يعني إذا قرأت
العنوان الأصل أن العنوان يفهم منه .. ، الترجمة لا بد أن تكون
مما تفهم وتفصح عن المعنى المراد لما ترجم له به، فهل نفهم من
قوله: تلخيص المتشابه، قول غيره ممن ألف في علوم الحديث، بل في
مصنف خاص للخطيب البغدادي تلخيص
المتشابه في الرسم، يدل على المراد؟ يدل على محتوى
الكتاب؟ تلخيص المتشابه بالرسم؟ يعني الباب الأول والثاني
كلاهما من المتشابه يعني المتماثل في الصورة وفي النطق أحياناً
هذا متشابه.
(54/1)
والتلخيص لعل المراد به جمع البابين في باب
واحد، يعني فيكون هذا خلاصة ما في البابين السابقين، يعني أنت
إذا احتجت طعام له طعم معين، أنت تشتري إذا لم يكن مركب جاهز
تشتري الأجزاء، تريد شراباً لا حامض ولا حلو تشتري البرتقال
والليمون وتخلطهما، صح وإلا لا؟ هذا في البابين السابقين
البرتقال على حدة، والليمون على حدة، فإذا خلطتهما في ترجمة
واحدة ظهر لك تلخيص الشراب المشتمل على الطعم المركب من
النوعين، يعني مثل ما قالوا في "حسن صحيح" يعني الحسن مشرب
بصحة، والصحة مشربة بحسن، وعلى هذا يكون حسن صحيح في مرتبة بين
الصحيح والحسن، والشراب الحامض الحلو بين الحلو الخالص وبين
الحامض الخالص.
هذا فيه خلط وتركيب من النوعين السابقين، بأن يكون الاسم الأول
من النوع الأول من المؤتلف والمختلف، سلام والاسم الثاني من
النوع الثاني، أو العكس الاسم الأول من النوع الثاني, والاسم
الثاني من النوع الأول، يعني أبو عمرو الشيباني مع أبي عمرو
السيباني بالسين، الاسم الأول من النوع الثاني متفق ومفترق،
والاسم الثاني النسبة من النوع الأول تتحد في الصورة وتختلف في
النطق، ومثله لو جاءنا سلام ابن محمد وسلاّم بن محمد، الأول من
النوع الأول، والثاني من النوع الثاني.
قال -رحمه الله-: "تلخيص المتشابه"
ولهم قسم من النوعينِ ... مركب متفق اللفظينِ
في الاسم. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
متفق اللفظين في الاسم، أو الكنية أبو عمرو.
. . . . . . . . . لكن أباه اختلفا ... أو عكسه. . . . . . . .
.
يكون الاتفاق في الثاني دون الأول مثلما مثلنا.
في الاسم لكن أباه اختلفا ... أو عكسه أو نحوه. . . . . . . .
.
يعني قريب منه، قريب منه جداً، ولو لم يكن باللفظ.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وصنفا
فيه الخطيب. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
(تلخيص المتشابه في الرسم) مطبوع في مجلدين، ومن أنفس ما كتب
في الباب "وصنفا * فيه الخطيب" وكل الأبواب التي سبقت صنف فيها
الخطيب.
في أول الأمر في المقدمة قلنا: إن الحافظ ابن نقطة قال: إن
المحدثين كلهم عيال على كتب الخطيب؛ لأنه ما من نوع من أنواع
علوم الحديث إلا وصنف فيه.
(54/2)
. . . نحو موسى بن علي ... وابن عُلي. . .
. . . . . .
موسى بن علي جمع، وموسى بن عُلي بن رباح، موسى مع موسى متفق
مفترق، وعلي مع عُلي مؤتلف ومختلف، موسى بن عُلي بن رباح من
رواة الصحيح، ومخرج له في مسلم وغيره، وكان يكره التصغير،
وأبوه كذلك يكره، ولا يجعل من صغره في حل، كما ذكر ذلك ابن
حبان في ترجمته وغيره، وهذه جادة مسلوكة، قد يكون الأصل علي،
ويصغر في الصبا فيقال: عُلي، وما زال مستعمل إلى الآن، علي،
كما يقال في عَدي عُدي، وكل الأسماء تصغر حتى ما لا يجوز
تصغيره، يعني الاسم المركب المضاف إلى اسم من أسماء الله -جل
وعلا-، يعني يصغر صدره، عبيد فلان، عبيد العزيز، عبيد الكريم،
لكن العامة يصغرون الاسم الإلهي، اسم الله -جل وعلا-، وهذا لا
يجوز بحال.
. . . . . . . . . ... وابن عُلي وحنان الأسدي
حنان الأسدي يتفق مع من؟ إيش قال الشارح؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ مع حبان ابن؟ في حبان الأسدي؟ هو يلتبس حنان مع حبان من
المؤتلف والمختلف، والأسدي مع الأسدي من المتفق والمفترق.
أبو عمرو الشيباني مع أبي عمرو السيباني واضح في المثال في
الكنية وفي النسبة، أبو عمرو الشيباني إمام من أئمة اللغة، وإن
كنتم تذكرون في درس الواسطية لما مر قول ابن القيم:
. . . . . . . . . ... وأبو عبيدة صاحب الشيباني
الإخوان كلهم قالوا: الشيباني أحمد بن حنبل، وليس الكلام صحيح؛
لأن أبا عبيدة ليس بصاحب لأحمد، يعني يختلف معه في كثير من
مسائل الاعتقاد، لكنه صاحب لأبي عمرو الشيباني هذا، وهذا مما
يبين أهمية المهمل، بيان المهمل، في كل علم، وفي كل فن، فطالب
العلم إذا لم يكن على خبرة واهتمام من هذا الشأن يقع في بعض
هذه الأخطاء، لكنها تحتاج إلى معاناة، تحتاج إلى مراجعة وتحتاج
.. ، ما تأتي بسهولة إلا لعالم مطلع واسع الاطلاع يتمكن من
هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
والمبهمات ستأتي آخر فصل مما يُقرأ الآن، لكن الشيخ الألباني
لا شك أنه في هذا الباب، يعني في جملة الحديث وعلومه إمام،
لكنه ليس بالمعصوم، فقوله في المبهمات يعرض على أقوال من صنف
في المبهمات.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
(54/3)
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . إلا الشيخ، وأنت ما استطعت أن تصل بنفسك؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب والشيخ بنى كلامه على دلائل على روايات صرحت به وإلا على
إيش؟
طالب: هو بنى كلامه على اختلاف الراويين؛ لأن الراويين يعني
اختلفا في الاسم واسم الأب، وكلاهما ينقل عن الشيخ، كلاهما يضع
الشيخ. . . . . . . . .
طيب اختلفا اختلاف مؤثر أو هذا اسم وهذا لقب، وهذا إلى أبيه
وهذا إلى جده فيكون الاثنان واحد؟
طالب: الاسم.
ورجح الشيخ أحدهما دون الآخر، وهما في الحقيقة اثنان ليس
بواحد؟ هذا الموضح يحلها -إن شاء الله-، موضح أوهام الجمع
والتفريق؛ لأنه قد يظن. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال سعة اطلاع الشيخ تجعل الإنسان يأنس بقوله ويركن
إليه، وإن لم يجزم به، نعم.
أحسن الله إليك.
المُشْتَبَهُ المَقْلُوبُ
وَلَهُمُ المُشْتَبَهُ المَقْلُوْبُ ... صَنَّفَ فِيْهِ
الحَافِظُ الخَطِيْبُ
كابْنِ يَزِيْدَ الاسْوَدِ الرَّبَّانِيْ ... وَكَابْنِ
الاسْوَدِ يَزِيْدَ اثْنَانِ
المشتبه المقلوب، يعني ما
يأتي الاسم مطابق للاسم، واسم الأب مطابق لاسم الأب، إنما يكون
مقلوباً، يكون الاسم موافق لاسم أبي الثاني، والعكس.
ولهم المشتبه المقلوبُ ... صنف فيه الحافظ الخطيبُ
يعني علي بن نصر ونصر بن علي، قد يظن أن هذا هو هذا، لكنه
مقلوب، وقد يظن في أمثلة أخرى أن هذا أب لهذا، يقول:
ولهم المشتبه المقلوبُ ... صنف فيه الحافظ الخطيبُ
(54/4)
صنف فيه الحافظ الخطيب يعني ما مر علينا
باب إلا وللخطيب فيه تصنيف، ومع ذلك يقع بعض طلاب العلم فيه،
وأنه متأثر بأصول الفقه، وأصول الفقه متأثر بعلم الكلام،
والخطيب يعني كأنهم يرونه ليس من أهل الحديث، نعم له مصنف في
أصول الفقه، وله مصنفات في علوم أخرى، لكن لا يضيره هذا، هذه
دعاوى من يزعم أنه بصدد تجريد علوم الحديث مما دخلها من علوم
أخرى، وكررنا مراراً أن علوم الحديث ينقسم إلى قسمين: القسم
الأول: ما مرجعه ومرده إلى الرواية المحضة، هذا المرجع فيه
أئمة الحديث، الحافظ العراقي مراراً ينقل عن الغزالي، وينقل عن
غيره، وينقل عن الرازي، صرح بالرازي مراراً، والغزالي مراراً،
والغزالي هو صرح عن نفسه قال: بضاعة من الحديث مزجاة، طيب ويش
اللي خلي العلماء ينقلون عنه؟ الرازي قال عنه الألوسي في قصة
ذكرها في تفسير سورة النصر نقلها عن الرازي قال: تفرد بذكرها
الإمام، يعني الحديث، الحديث مجموعه قصة النبي -عليه الصلاة
والسلام- طرف فيها، قال: تفرد بذكرها الإمام؛ لأنه إذا أطلق
الإمام معروف عندهم أنه الرازي، لا سيما الشافعية، الإمام
عندهم الرازي عند متأخريهم، ولعمري أنه إمام في معرفة ما لا
يعرفه أهل الحديث، وكتابه مشحون بالموضوعات.
(54/5)
يقول من يدعو إلى هذه الدعوة وهي تجريد
علوم الحديث من نقل أقوال هؤلاء المتكلمين، إذا كان هذا وضع
الغزالي، وهذا وضع الرازي، ووضع الآمدي وفلان وفلان ليش تذكر
أقوالهم في كتب علوم الحديث؟ نقول: القسم الأول الذي مرده إلى
الرواية هذا لا مدخل لهم فيه، لا هم ولا غيرهم ممن جاء بعد
الأئمة، بعد عصور الرواية هذا لا مدخل، أما ما مرده الرواية
والفهم بين المسائل التي تحتاج إلى فهم هذا كل إنسان له مدخل،
لا سيما إذا كان من أهل العلم، يعني لما نقل ابن الصلاح عن
أحمد بن حنبل ويعقوب بن شيبة التفريق بين (أن) و (عن)، بين
الإسناد المؤنن والمعنعن، وقال: إن المعنعن متصل، والمؤنن غير
متصل، وذكر في ذلك قصة عمار التي يرويها محمد بن الحنفية، قال:
عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر
به، قال: هذا متصل، وعن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال: هذا منقطع، والسبب اختلاف الصيغة،
ما هو بسبب اختلاف الصورة، يعني هذا لو أعملت ذهنك يا متأخر،
يا متكلم، يا فقيه، يا أصولي تبي تفهم الفرق، وأنه في الإسناد
الذي فيه (عن) يروي القصة عن صاحبها فتكون متصلة، وفي الإسناد
الذي فيه (أن) يروي قصة لم يشهدها، فتكون منقطعة، فليس مرد ذلك
اختلاف الصيغ، مثل هذا الكلام هل يقف هذا على أحمد ونسلم
وخلاص؟ أو يعقوب بن شيبة وهما جبلان من أعلام السنة والحفظ
والإتقان والضبط؟ لا نقف عند هذا، ولذلك قال الحافظ العراقي
كما تقدم:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
(54/6)
يعني ما وقع على النكتة التي حصل فيها
التفريق، التي من أجلها حصل التفريق، نحن نقبل الكلام الذي
يفيد، ولنا عقول نميز، نعم إذا وجدنا كلام لإمام من أئمة
الحديث، أو ممن له عناية في السنة، ونفس الكلام قاله أمثال
هؤلاء نضرب عنه صفحاً، لماذا؟ لأننا نغري به طلاب العلم إذا
ذكرناه، وإذا أعرضنا عنه أمتناه، وأمتنا قوله، لكن إذا كانت
إماتته تميت الفكرة التي قالها وهي مقبولة، لا ينبغي .. ،
والحق يقبل ممن جاء به، والحكمة ضالة المؤمن، فأنا عندي هذه
الدعوة غير مؤثرة في العلم، والتجريد حقيقة يفقد بعض المسائل
التي مردها إلى الفهم،، يفقد كتب علوم الحديث منها، وهي حلقة
متصلة مع ما يقوله المتقدمون؛ لأن هذا يكمل هذا.
كابن يزيد الأسود الرباني ... . . . . . . . . .
يزيد بن الأسود النخعي العالم الرباني التابعي الجليل، وذكره
بعضهم في الصحابة، الرباني، وقد اختلف في تعريفه، فمنهم من
قال: هو العالم المتعلم العالم المعلم، يعني يتعلم فيكون من
أهل العلم فيعلم غيره، لا يقتصر في علمه على نفسه، ومنهم من
يقول: من يربي الطلاب بصغار العلم قبل كباره، ومنهم من يقول:
هو المخلص في علمه، أقوال، وكلها يعني مطلوبة، لكن لا يعني
أننا نكلف شخص نفع الله به طبقة من الطبقات من طبقات
المتعلمين، طبقات المنتهين فنقول لك: أنت ما أنت من الربانيين؛
لأنك ما تعلم صغار العلم؛ لأنه يوجد من يعلم الكبار، لكن لا
يستطيع أو لا يحسن التعامل مع الصغار، هل نقول: هذا ليس
برباني؟ نعم؟ مع أنه مأثور عن ابن عباس، وكل هذا فيه إغراء على
تعليم الطلاب الصغار؛ لئلا يتركوا؛ لأن تعليم الكبار أريح من
تعليم الصغار، أسهل، ولذا لا تجدون أصحاب الشهادات العليا
الذين يرون أنفسهم يُحفّظون الناس القرآن ويلقنونهم، موجود؟
موجود يا إخوان؟ قليل نادر، يعني سمعنا في الأحساء واحد أو
اثنين.
طالب: مصر.
هاه؟
(54/7)
ومصر وغيره، والأمة فيها خير وبركة، لكن
عموماً يعني هل يوجد مثل هذا؟ ما يوجد، يترك هذا لحفاظ فيهم
خير وفيهم -إن شاء الله- بركة، لكن يبقى أن القرآن أهم
المهمات، نعم إذا كان يحسن شيء لا نكلفه بما لا يحسنه، هناك
أمثلة زملاء في المرحلة الثانوية في المعاهد العلمية زميلان
أحدهما خطيب يتكلم في المناسبات ولا يسكت، والثاني لا يحسن أن
يركب جملة أمام الناس، لكنه مظنة للإفتاء، ويسأل ويجيب، هل
نكلف هذا نقول له: اخطب بالناس، أو نقول لهذا: أفت الناس؟
ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نارِ
والأمثلة حتى في الكبار تجد بعضهم إذا أراد أن يعبر عن موضوع
تقول: كيف يصنف هذا من الكبار وهو لا يحسن أن يتكلم؟ لكن إذا
سئل في المسائل العلمية الدقيقة أجاب ببراعة، والعكس تجد بعض
الناس مستعد يتكلم بالساعات، ومع ذلك إذا سئل تجد الجواب مجرد
إنشاء، فأقول: الذي يحسن تعليم الكبار ولا يحسن التعامل مع
الصغار هذا يلزم الكبار، ولا تثريب عليه، ولا يكلف أن ينزل في
أسلوبه إلى الصغار حتى لو نزل يوم ما نزل الثاني، ما يقدر،
والعكس، يعني بعض الجهات تطلب علماء، جهات، هجر بادية ينقصهم
معرفة الوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة، ثم بعد ذلك يقولون: لا،
نبي الشيخ فلان، ويكلفون هذا الشيخ الكبير مع أن مدرسي المعاهد
أفضل من هذا الشيخ بالنسبة لهم، وعندهم معهد، فأقول: ينزل
الناس منازلهم كما جاء في الخبر: "أمرنا أن ننزل الناس
منازلهم" ولا نكلف أحد فيما لا يحسنه، أو نقحمه فيما يصعب عليه
ويشق عليه، وما دام الله نافع به اتركه، إلا إذا رأيت منه
تقصير وتراخي، وأن في وقته سعة يمكن أن ينفع أكثر، فيقال له:
العمر قصير، استغل، سواءً من هذا النوع أو من هذا النوع.
كابن يزيد الأسود الرباني ... وكابن الأسود يزيد اثنانِ
(54/8)
يزيد بن الأسود الجرشي التابعي الجليل،
عابد زاهد، استسقى به معاوية، خطب معاوية في صلاة الاستسقاء ثم
دعاه ووقف عند المنبر، وقال: ادعُ يا يزيد، رفع يديه فدعا،
نزلت الأمطار فما استطاع الناس أن يصلوا إلى بيوتهم، في بعض
الروايات يقول: إن يزيد هذا قال: فضحتني يا معاوية، اللهم
اقبضني إليك، فمات في مكانه، يعني الأمة بحاجة إلى أمثال
هؤلاء، افترض أن هذا ما هو من أهل العلم، وليس من أهل التعليم،
لكنه صالح في نفسه، يأكل الحلال الخالص، ونيته وقلبه سليم،
تحتاجه الأمة في مثل هذا، وكثير من الناس إذا رأى من هذا النوع
يقول: هذا وجوده مثل عدمه، صلاحه لنفسه، هذا الكلام ليس بصحيح،
إنما النفع أن ينفع غيره المتعدي، أما ينفع نفسه هذا وجوده مثل
عدمه، هذا الكلام باطل بلا شك، ولا تكلف الأمة أن تكون كلها
على وتيرة واحدة، أو على سمت واحد، لو كانت على سمت واحد كلهم
علماء لتعطلت المصالح، ولو كانت كلهم عوام لضلوا وأضلوا،
وهكذا.
"وكابن الأسودِ" يزيد بن الأسود الجرشي "اثنانِ" والثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يزيد بن الأسود، يزيد بن الأسود النخعي، والأسود بن يزيد
الجرشي والثاني: الخزاعي، الأسود بن يزيد الخزاعي اثنان، فيزيد
بن الأسود مع الأسود بن يزيد من باب المشتبه المقلوب، ويزيد بن
الأسود مع يزيد بن الأسود من المتفق والمفترق، فهذه الأبواب
كلها متداخلة.
سم.
أحسن الله إليك.
مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيْهِ
وَنَسَبُوا إِلَى سِوَى الآبَاءِ ... إمَّا لأُمٍّ كَبَنِيْ
عَفْرَاءِ
وَجَدَّةٍ نَحْوُ ابنِ مُنْيَةٍ، وَجَدْ ... كَابْنِ جُرَيْجٍ
وَجَمَاعَةٍ وَقَدْ
يُنْسَبُ كَالمِقْدَادِ بالتَّبَنِّيْ ... فَلَيْسَ للأَسْوَدِ
أَصْلاً بِابْنِ
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
(54/9)
"من نسب إلى غير أبيه" وهؤلاء فيهم كثرة في
الرواة وغيرهم، إما أن ينسب لأمه، أو ينسب إلى زوج أمه، أو
ينسب إلى عمه، أو ينسب لشخص لأدنى مناسبة، كثيراً ما ينسب
الولد لزوج الأم؛ لأنه يربيه ويذهب معه ويقال: هذا ابن فلان،
ولا يعرف أن أكثر الناس علاقته بهذا الولد، ويوجد الآن أمثلة،
زوج الأم إذا بلغ الابن -الولد ولد الزوجة- إذا أكمل السن
النظامية للدخول في المدرسة، يذهب به إلى المدرسة ويقال له:
هات ما يثبت ابن من هذا؟ هذا فلان ولدك؟ نعم ولدي، ويمشي، الآن
حصل في هذا تشديد، وكان التشديد يجب أن يكون من أزمان متطاولة،
لا سيما وأن الأمور مضبوطة الآن، ما في قبول إلا في إثباتات،
فيوجد فلان ابن فلان، نُسب إلى عمه الذي هو زوج أمه؛ لأنه هو
الذي أدخله المدرسة سئل عن اسمه وسئل عن اسمه، هذا سئل عن اسمه
فقيل: عبد الله، وهذا سئل عن اسمه فقال: فلان، وهو في الحقيقة
ليس بابنه، مع أن المسألة الوعيد الشديد الوارد فيها عظيم،
الأحاديث الصحيحة وعيد عظيم بالنسبة لمن انتسب إلى غير أبيه.
ونسبوا إلى سوى الآباءِ ... إما لأمٍ كبني عفراء
معاذ ومعوذ وعوذ أو عوف بني عفراء أمهم، وعبد الله بن بحينة
أمه صحابي، وروايته في الصحيحين، وغيرهم كثير، ابن أم مكتوم،
وهو حامل أمامة بنت زينت، نسبة إلى أمها، هذا موجود، والنسبة
إلى الأم أخف من النسبة إلى غيرها، وكذلك النسبة إلى الجد؛
لأنه أب كما جاءت به النصوص، يعني ما في كذب، وهو ابن هذه
المرأة، لكن الأصل أن ينتسب الإنسان إلى أبيه، وجد مخالفات
كثيرة في هذا في الرواة وغيرهم، من ينتسب إلى أمه، من ينتسب
إلى جده، من ينتسب إلى أدنى مهنة يزاولها، وينتسب إلى شخص
لأدنى مناسبة.
وجدة نحو ابن مُنية. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
يعلى بن منية، وهو صحابي جليل، ومنية جدته أم أبيه، وقال
بعضهم: إنها هي أمه، فيكون من النوع الأول، ولكن الأكثر على
أنها جدته.
طالب:. . . . . . . . .
منية ضبطوها بالتخفيف.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هي مضبوطة بالضبطين، لكن بالنسبة للنظم لا بد أن تضبط بهذا،
والجواز معلوم.
(54/10)
وجدة نحو ابن منية وجد ... . . . . . . . .
.
يعني نسب إلى جدته كما نسب إلى جده "كابن جريج" ابن جريج ينسب
إلى جده عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، منسوب إلى
جده، فأكثر ما يقال: ابن جريج، عبد الملك بن جريج، وجماعات
فيهم كثرة الذين ينسبون إلى الجد، أحمد بن حنبل، إمام المذهب
المعروف، أحمد بن محمد بن حنبل، لكن يختصرون لا سيما إذا اشتهر
بما نسب إليه، لذلك تقول: أحمد بن حنبل أو تقول: أحمد بن محمد؟
أيهما أشهر؟ أحمد بن حنبل، ما ينازع في هذا أحد.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وقد
ينسب كالمقداد بالتبني ... . . . . . . . . .
المقداد بن الأسود تبناه الأسود بن عبد يزيد، تبناه فنسب إليه،
وكان التبني جائزاً في الجاهلية وصدر الإسلام، وكان يقال لزيد
بن حارثة: زيد بن محمد بالتبني.
ينسب كالمقداد بالتبني ... فليس للأسود أصلاً بابنِ
ليس ابناً له، بل هو مولى، وكان تحته ضباعة بنت الزبير بن عبد
المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، الزبير بن عبد
المطلب هو عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأي نسب أشرف من
هذا، ومع ذلك حديثها في الحج والاستثناء يوم قالت: إني أريد
الحاجة وأجدني شاكية، قال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما
استثنيت)) الإمام البخاري ما وضعه في كتاب الحج، ولا في كتاب
الإحصار، ولا .. ، حتى جزم جمع من الكبار أن البخاري لم يخرج
الحديث، لكنه خرجه في كتاب النكاح باب الأكفاء في الدين، من
أجل أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب تحت هذا المولى، وليس
ولداً للأسود؛ لأن الأسود بن عبد يزيد هذا ليس بمولى، من أقحاح
العرب، وليس بابناً له، وإنما تبناه فنسب إليه وإلا فهو مولى،
نعم.
أحسن الله إليك.
المَنْسُوبُونَ إِلَى خِلاَفِ الظَّاهِرِ
وَنَسَبُوا لِعَارِضٍ كَالْبَدْرِيْ ... كَذَلِكَ التَّيْمِيْ
سُلَيْمَانُ نَزَلْ
نَزَلَ بَدْراً عُقْبَةُ بْنُ عَمْرِو ... تَيْماً وَخَالِدٌ.
. . . . . . . .
تيما، تيما، نزل تيما.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
تنوين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، قصر، نعم.
(54/11)
وَنَسَبُوا لِعَارِضٍ كَالْبَدْرِيْ ...
نَزَلَ بَدْراً عُقْبَةُ بْنُ عَمْرِو
كَذَلِكَ التَّيْمِيْ سُلَيْمَانُ نَزَلْ ... تَيْما وَخَالِدٌ
بِحَذَّاءٍ جُعِلْ
جُلُوْسُهُ وَمِقْسَمٌ لَمَّا لَزِمْ ... مَجْلِسَ عَبْدِ
اللهِ مَوْلاَهُ وُسِمْ
المنسوبون إلى خلاف الظاهر: يعني إذا سمعت عن أبي مسعود البدري
هل يتردد أحد أنه منسوب إلى غزة بدر؟ يمكن أن يتردد أحد في
كونه منسوباً إلى بدر؟ لا سيما وأنه صحابي، من السابقين، وممن
حضر العقبة وقيل: بدري، الذي جرى عليه الناظم أن أبا مسعود
عقبة بن عمرو البدري الأنصاري لم يشهد بدراً، وهذا قول أكثر
أهل العلم، وإنما نزل بدراً فنسب إليها، قيل له: بدري؛ لأنه
نزلها، نزل بدر، فنسب إليها، لكن الإمام البخاري -رحمه الله
تعالى- في صحيحه ذكره فيمن شهد بدراً، وفي الصحيح خبر يدل على
أنه شهدها، وأما الكثير بل الأكثر من أهل العلم قالوا: إنه
نزلها ولم يشهد، ولا شك أن المثبت عند أهل العلم مقدم على
النافي، لا سيما وأن ظاهر النسبة مقتضٍ لذلك، ظاهر النسبة على
بدر هو المتبادر إلى الذهن، فلا يترك هذا الظاهر إلا بمعارضٍ
قوي.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم لماذا لا يقال: ابن مسعود البدري؟ عبد الله بن مسعود
البدري؟ ما قيل إلا أبو مسعود البدري؟ نعم؟ يعني ما قيل: أبو
بكر البدري، ولا قيل: عمر البدري، ولا قيل من حضر بدر إلا هو؟
نعم؟ أبو بكر شهد بدر لماذا لم ينسب إليها؟
طالب: هم يقولون: شهد بدراً. . . . . . . . . ولا قيل إلا في
نفر من ضمنهم أبو مسعود.
هاه؟
طالب: ما قيل بدري إلا في نفر. . . . . . . . .
لا، يمكن أن يقال: أن شهوده بدراً أعظم مناقبه، فيعرف بها؛
لأنها أعظم ما عنده من مناقب، وكون الإنسان ينتسب إلى شيء مع
أن غيره يشاركه فيه، ولا ينسب إليه لا يضير، فكثير من الرواة
والصحابة وغيرهم ينسبون إلى قبائلهم أو إلى أجدادهم مع أنهم
معهم من يشاركهم في هذه القبائل، يعني لما يقال: أبو هريرة
الدوسي، يعني ما في دوسي إلا أبو هريرة؟ أو يقال: عبد الله بن
مسعود الهذلي، ما من هذيل إلا عبد الله بن مسعود؟ مع أنه يندر
أن ينسب إلى دوس أو إلى هذيل.
(54/12)
كذلك التيمي سليمان نزل ... تيما. . . . .
. . . .
تيما معروف أنها بلد، وكانت في السابق في حدود الشام، أعني في
التقسيم القديم للأقاليم تيما في حدود الشام، ولذلك لما أجلى
عمر -رضي الله عنه- اليهود إلى تيما، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على التقسيم القديم تبع الشام، كما أن ما كان جنوب الطائف يقال
له: يمن.
كذلك التيمي سليمان نزل ... تيما وخالد بحذاء جعل
جلوسه. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
يعني ليس منسوباً إلى بني التيم كأبي بكر مثلاً أبو بكر تيمي
ابن تيم الله، وهذا منسوب إلى البلد تيما.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وخالد بحذاء جعل
جلوسه. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
يعني الذي جعل هذه النسبة تعلقه وتلحقه جلوسه عند الحذائين،
وما حذا قط، خالد الحذاء ما حذا قط، لكنه يجلس عندهم، وتزوج
امرأة في حيهم، فصار لقربهم منه يجلس عندهم، فنسب إليهم.
جلوسه ومقسم لما لزم ... مجلس عبد الله مولاه وسم
مقسم مولى ابن عباس هو في الحقيقة ليس بمولى، لكنه لزمه للأخذ
عنه فنسب إليه للملازمة، والنسبة تكون لأدنى مناسبة، الكافيجي
نسبة إلى إيش؟ إلى كافية ابن الحاجب، نسب إليها؛ لأنه لزم
تدريسها، ومقسم لما لزم ابن عباس نسب إليه "مجلس عبد الله
مولاه وسم" يعني صار له وسم وعلامة؛ لأن الاسم من الوسم عند
من؟ الكوفيين نعم، ومن السمو عند البصريين.
سم.
أحسن الله إليك.
المُبْهَمَاتُ
وَمُبْهَمُ الْرُّوَاةِ مَا لَمْ يُسَمّى ... . . . . . . . .
.
يُسْمَى، يُسْمَى.
أحسن الله إليك.
وَمُبْهَمُ الْرُّوَاةِ مَا لَمْ يُسْمَى ... كَامْرَأَةٍ فِي
الْحَيْضِ وَهْيَ أَسْمَا
وَمَنْ رَقَى سَيِّدَ ذَاكَ الحَيِّ ... رَاقٍ أَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ
وَمِنْهُ نَحْوُ ابْنِ فُلاَنٍ عَمِّهِ ... عَمَّتِهِ
زَوْجَتِهِ ابْنِ أُمِّهِ
(54/13)
المبهمات: جمع المبهم وهو الذي لم يسم
أصلاً، فيختلف عن المهمل الذي ذكر اسمه فقط، وذكر ما لا يتميز
به، المبهم عن رجل عن فلان، يعني ما سمي، ويرد هذا في السند
كما يرد في المتن، عن رجل، وأن رجلاً سأل النبي -عليه الصلاة
والسلام-، جاء رجل، جاء أعرابي، هذه مبهمات، والأهم فيها ما
كان في الأسانيد، فتبيين المبهم وتعيينه يتوقف عليه التصحيح
والتضعيف، ومن هنا جاءت أهميته.
بمناسبة ذكر سليمان التيمي وأنه نسب إلى تيما، في تسمية هذه
العائلة والأسرة المباركة آل تيمية، هل نزلوها؟ هل هو نسبة
لجدتهم التي سميت؟ أو أنهم مروا بتيما ورأوا جارية صغيرة فحفظ
صورتها بعضهم، فلما رجع وجدوا الأم قد ولدت جارية تشبهها فقال:
هذه تيمية؟ وإن لم يكن اسمها تيمية.
على كل حال كلام أهل العلم في هذا معروف، والنسبة لهذه
المناسبة، وقد يقال كما قال بعضهم: إن جدتهم اسمها تيمية، فهي
نسبة إلى غير الظاهر.
المبهمات، قلنا: إن المبهم الذي لم يسمّ عن رجل في السند، أو
أن رجلاً، أو أن أعرابياً سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- في
المتن، وتعيين المبهم وكذلك المهمل في السند أهم مما في المتن؛
لأنه إذا كان في السند ترتب عليه معرفة صحة الحديث أو ضعفه،
إحنا ما ندري حتى يسمى، ولو عدله من روى عنه، حدثني رجل ثقة،
وقال: هو ثقة عندي لا يكفي، على ما تقدم.
ومبهم التعديل ليس يكتفي ... به الخطيب والفقيه الصيرفي
(54/14)
لماذا لا يكتفى به؟ لماذا ننقل كلام
الصيرفي والخطيب في مثل هذه المسائل، وهي من مهمات علوم
الحديث؛ لأن العلة ظاهرة؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ولا يكون ثقة
عند غيره، بعضهم يستثني إذا قال: حدثني الثقة إذا كان إماماً
متبوعاً فعلى من يقلده أن يقبل قوله، إذا قال مالك: حدثني
الثقة لزم المالكية كلهم قبول هذا التعديل، وكذلك لو قاله
الشافعي أو أحمد؛ لأنهم يقلدونه في الخلاصة التي هي الحكم،
فكيف بالوسائل التي بها يثبت الحكم؟ هذا الموضوع -موضوع
المبهمات- فيه مؤلفات كثيرة، ألف فيه الخطيب كتاباً حافلاً،
وابن بشكوال والنووي وجمع الولي أبو زرعة ابن الحافظ العراقي
الكتب التي تقدمت في كتب سماه: (المستفاد من مبهمات المتن
والإسناد) طبع قديماً في الرياض بتحقيق الشيخ: حماد الأنصاري،
ثم طبع محققاً في ثلاثة مجلدات، فهو كتاب مهم جداً، يقابله
المبهمات في القرآن، وللسهيلي كتاب في تعيين هذه المبهمات التي
جاءت في القرآن.
المبهم في السند عرفنا أثره على الحكم على الحديث، وأما في
المتن فله أثر، لكن ليس مثل الأثر المرتب على الإبهام في
السند، له أثر إذا عرفنا هذا المبهم، وعرفنا أنه متقدم الإسلام
أو متأخر تعاملنا مع ما يعارضه من النصوص على ضوء هذا.
قلنا: إذا كان متأخر الإسلام قلنا: هذا ناسخ، إذا ما بقي من
وجوه الجمع إلا هذا، وإذا كان متقدم الإسلام قلنا: إنه منسوخ؛
لأن هذا الراوي متقدم، والثاني المعارض له متأخر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أعرف أنا الآن، لكن لو قال: يندرج في القول الذي قال: إنه
يلزم من يقلده أن يقبل التوثيق المبهم، أما الشافعي ومالك
موجود بكثرة.
قال -رحمه الله-:
ومبهم الرواة ما لم يسمى ... . . . . . . . . .
بالتخفيف، وهي لغة كما تقدم.
. . . . . . . . . ... كامرأة في الحيض وهي أسما
(54/15)
جاءت امرأة فسألت النبي -عليه الصلاة
والسلام-، أجابها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال عند طهرها:
((خذي فرصة ممسكة)) قال: وهي أسماء، ويختلف العلماء في نسبتها،
فمنهم من قال: أسماء بنت السكن، ومنهم من يقول: هي بنت شكل،
وفي صحيح مسلم ما يدل على القول الأخير، وبعضهم يقول: أن السكن
تصحف عن شكل أو العكس، حتى أن الدمياطي علق على نسخته من صحيح
مسلم، وهي أسماء بنت شكل، قال: صوابه السكن، تصحفت الكلمة، لكن
رد عليه أهل العلم ابن حجر وغيره كلهم ردوا عليه.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . وهي أسما
ومن رقى سيد ذاك الحي ... راقٍ أبي سعيد الخدري
حي من الأعراب لدغ سيدهم فجاءوا إلى هذه السرية، وفيهم أبو
سعيد وغيره، ثلاثون عدتهم، استضافوهم فلم يضيفوهم، فلدغ سيدهم
فجاءوا: هل فيكم من راق؟ قالوا: لا نرقي إلا بجعل، اتفقوا على
ثلاثين رأس من الغنم، لكن من الذي رقاه؟ جاء في رايات كثيرة
أنه أبو سعيد الخدري راوي الحديث، وجاء ما يدل على أنه غيره؛
لأنه وصفه بأنه شاب من الأنصار، ما كنا نظنه يحسن الرقية،
فقلنا له لما رجع: أتحسن الرقية؟ قال: ما زدت على أن رقيته
بفاتحة الكتاب، ولا يمنع أن يكني عن نفسه أبو سعيد الخدري، ما
يمنع أن يكني عن نفسه، ويتحدث عن نفسه على أسلوب التجريد، أن
يجرد من نفسه شخصاً آخر يتحدث عنه، كما في الحديث الصحيح حديث
سعد بن أبي وقاص: عن سعد بن أبي وقاص أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- أعطى رهطاً وسعد جالس، قالوا: هذا فيه تجريد؛ لأن سعد
بن أبي وقاص جرد من نفسه شخصاً آخر وتحدث عنه، ومثله هنا أبو
سعيد جرد من نفسه شاب من الأنصار، وهو صغير السن، من صغار
الصحابة، وكونه يقول: إنه لا يحسن الرقية يمكن أول ما قام ما
عنده إلا الفاتحة، وهو كان يظن أن الرقية تحتاج إلى شيء أكثر
من هذا، ثم لما شفي قال: ما زدت على أن قرأت عليه فاتحة
الكتاب.
(54/16)
وبمناسبة الرقية يعني ينتشر بين الناس بين
الرقاة منهم من يوصي بقراءة القرآن كله على المريض، ومنهم من
يوصي بقراءة البقرة كاملة، مع أن النص جاء في الفاتحة، وآية
الكرسي أعظم آية في كتاب الله، والمعوذتين، النبي -عليه الصلاة
والسلام- كان يعوذ الحسن والحسين بهما، وهناك آيات لا علاقة
لها بالمرض ولا المريض.
(54/17)
ومن الطرائف أن شخصاً من طلاب العلم فيه
نكتة ودعابة دُعي إلى رقية شخص عرف بالموبقات، قال لهم: يا
الإخوان أنا ما أنا براقٍ هذا لما يعافيه الله يرجع لموبقاته
ومنكراته، قالوا: احتسب أنت لعل الله يهديه على يديك، فرقاه
بقوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ
إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة
الفرقان] يكررها مراراً، وجاب آيات السرقة، وآيات الخمر، وجاب
هذه الموبقات التي يستعملها هذا الشخص، يعني هل هذه بالفعل
تدخل في الرقية أو هي دعوة؟ هي دعوة هذه ليست رقية، حتى أن بعض
العلماء يكرر على أن البقرة فيها آيات يعني ما فائدة المريض من
آية الدين مثلاً، أو قصة البقرة، أو غيرها من القصص التي ذكرت،
ويقول: إن قراءة البقرة كاملة قد تحول بين الراقي وبين تدبر ما
يقرأ، وهذا مرده إلى (من) {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} [(82)
سورة الإسراء] إذا قلنا: بيانية والقرآن كله شفاء ما يمنع أن
تقرأ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [(1) سورة المسد]
على مريض، وإذا قلنا: إنها تبعيضية فمن القرآن ما هو للرقية،
ونفع في هذا الباب، ومنه ما هو للأحكام، ومنه ما هو للآداب،
ومنه ما هو قصص، ومنه ما هو أخبار وهكذا، فالقرآن فيه هذه
الأنواع، فالأحكام بعض القرآن، القصص بعض القرآن، الشفاء في
بعض القرآن، يعني لو جاء مريض وقال: جزاك الله خير اقرأ عليّ،
أو ارقني، ثم قرأت: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [(1)
سورة الهمزة] و {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [(1)
سورة المسد] وجمعت من السور هذه {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ
زِلْزَالَهَا} [(1) سورة الزلزلة] مع أنهم يقرءونها على المرأة
إذا تعسرت ولادتها، تقرأ هذه السور، بعضهم يقول: ليست هذه هي
الطريقة، ولم يعرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مكث ساعة
يقرأ على مريض، ما عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مكث
ساعة أو حتى من تبعه بإحسان يمكث ساعة أو ساعات يرقي مريض، لكن
قد يُستدرج الراقي يرى أن هذا المرقي بمزيد، يعني تدل القرائن
على أنه لو زاد استفاد المرقي، لا سيما من فيه مس، مثل
(54/18)
هذا يقال له: زد، ما دام دلت القرائن على
أن الزيادة تنفع، يقال له: زد.
طالب:. . . . . . . . .
ما في شيء، ثبت عن عائشة -رضي الله عنها-.
طالب: قراءة البقرة.
تفر منها الشياطين، تقرأها في البيت، ما هو بعلى المريض،
يستعمل في مورده.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثلما ذكرنا أن بعض الآيات لا علاقة لها بكثير من
الأمراض، ومرد هذا أولاً وأخراً إلى (من) هل هي بيانية فيكون
القرآن كله شفاء، حتى لو قرأت تبت، ويش المانع؟ {وَنُنَزِّلُ
مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [(82) سورة الإسراء] ومن
قال: إنها تبعيضية، وهذا أمر ظاهر يعني، أنه أبعاض القرآن، منه
ما هو أحكام، ومنه ما هو عقائد، ومنه ما هو قصص، ومنه ما هو
كذا، وليكن منه ما هو شفاء.
ومن رقى سيد ذاك الحي ... راقٍ أبي سعيد الخدري
لأن أبا سعيد أبهمه في الرواية، وقصته في الصحيحين، لكنه لم
يسم، ومع ذلك جاء في الترمذي وغيره تكرار قراءة الفاتحة سبع
مرات.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
راقٍ، راقٍ، لكن ويش إعرابها؟
ومن رقى سيد ذاك الحي ... راقٍ أبي سعيد. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذه موجودة في أكثر النسخ، وفيها أبو في بعض النسخ،
لكن وجهه الشُراح، ويش قالوا؟
طالب:. . . . . . . . .
كمل، كمل، شوف اللي في الشرح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما نبي القصة، نبي ....
طالب:. . . . . . . . .
على؟ كامرأة، عطف يعني مع حذف حرف العطف، كامرأة وراقٍ بالجر،
ويكون أبي سعيد بدل من راقٍ.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . الخدري
ومنه نحو ابن فلان عمه ... . . . . . . . . .
(54/19)
يعني حدث فلان بن فلان عن عمه ولم يسمه،
"عن عمه * عمته" كذلك عطف مع حذف حرف العطف، حدث فلان عن فلان
عن عمته، "زوجته" نعم يحدث الرجل عن زوجته مما تعلمه ولا
يعلمه، كما أنه يحدث عن من هو في سنه، ومن هو دونه كما تقدم في
رواية الأكابر عن الأصاغر "ابن أمه" يعني كما قالت أم هانئ بنت
أبي طالب: زعم ابن أمي، تعني أخاها علي بن أبي طالب، أنك قاتل
من أجرته، أو أنه قاتل من أجرته، أم هانئ أجارت رجل من
المشركين، فقال علي بن أبي طالب .. ، إما نسبه إلى النبي -عليه
الصلاة والسلام- أو من تلقاء نفسه، زعم أنه يقتله، كأن علياً
-رضي الله عنه- رأى أن المرأة لا تجير؛ لأنها ليست من أهل
الجهاد، وليست من أهل القتال، فقال النبي -عليه الصلاة
والسلام-: ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) والشاهد: زعم ابن
أمي، ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) فإجارة المرأة إما أن
تكون صحيحة على سبيل الاستقلال، أو بإجارة الإمام لإجارتها،
بإجارة الإمام، يعني بتبني الإمام كلامها، إذا تبناه الإمام
صار هو الذي أجار، ولذلك ما ارتفع الخلاف في إجارة المرأة، هل
تجير الكافر أو لا تجير؟ ما ارتفع الخلاف؛ لأن من يقول تجير
قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- نفذ إجارة أم هانئ، ومن قال:
لا تجير، قال: لم ينفذه استقلالاً، وإنما نفذ بعد أن تبناه
النبي -عليه الصلاة والسلام-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
(54/20)
|