التلخيص الحبير ط قرطبة

 [كِتَابُ الْبُيُوعِ] [بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ]
(كِتَابُ الْبُيُوعِ) بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ
1123 - (1) - حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ أَطْيَبِ الْكَسْبِ، فَقَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» . الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُد، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ صَوَابٌ، فَإِنَّهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنُ رَافِعِ بْنُ خَدِيجٍ. وَقَوْلُ الْحَاكِمِ: عَنْ أَبِيهِ، فِيهِ تَجَوُّزٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى وَائِلِ بْنِ دَاوُد، فَقَالَ شَرِيكٌ: عَنْهُ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ خَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمِّهِ، رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ أَيْضًا، وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ الْأَوَّلَ، لَكِنْ قَالَ: عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّ عَمَّ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ: الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، قَالَ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ فَالْحُكْمُ لِلثَّوْرِيِّ.
قُلْت: وَقَوْلُهُ: جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيدٌ، وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ وَائِلٍ، عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا، قَالَهُ الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَهُ قَبْلَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: الْمُرْسَلُ أَشْبَهُ، وَفِيهِ عَلَى الْمَسْعُودِيِّ اخْتِلَافٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ، عَنْ وَائِلِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَخْلِيطِ الْمَسْعُودِيِّ، فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ أَخَذَ عَنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ.

(3/5)


وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ ذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ، وَرِجَالُهُ لَا بَأْسَ بِهِمْ.
1124 - (2) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ. وَعَنْ جَابِرٍ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ، وَالْكَلْبِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ» . ثُمَّ قَالَ: هَذَا مُنْكَرٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ

(3/6)


أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ: «لَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ» - الْحَدِيثَ - وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.
(تَنْبِيهٌ) :
رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اسْتِثْنَاءَ كَلْبِ الصَّيْدِ، لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْمُهَزَّمِ عَنْهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَوَرَدَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
1125 - (3) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَرَسُولَهُ حَرَّمَ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاللَّفْظَيْنِ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ؛ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْنَامَ. وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ وَزَادَ:

(3/7)


«وَإِنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» .
1126 - (4) حَدِيثُ: أَنَّهُ «سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَأَرِيقُوهُ» . ابْنُ حِبَّان فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «وَكُلُوهُ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» . وَأُمًّا قَوْلُهُ: «فَأَرِيقُوهُ» . فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهَا جَاءَتْ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وَلَمْ يُسْنِدْهَا، وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ: «خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا سَمْنَكُمْ» . وَفِي لَفْظٍ «أَلْقُوهَا» . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّان فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُفَصَّلًا، لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْت الْبُخَارِيُّ يَقُولُ: هُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، انْتَهَى. وَمِمَّنْ خَطَّأَ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ أَيْضًا الرَّازِيَّانِ وَالدَّارَقُطْنِيّ: وَأُمًّا الذُّهْلِيُّ فَقَالَ: طَرِيقُ مَعْمَرٍ مَحْفُوظَةٌ، لَكِنَّ طَرِيقَ مَالِكٍ أَشْهَرُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ وَأَبَا دَاوُد ذَكَرَا فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ مَعْمَرٍ الْوَجْهَيْنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَفِظَهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَهِمْ فِيهِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ الْأَيْلِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَخَالَفَهُمَا أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ فَرَوَوْهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(3/8)


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِ التَّفْصِيلَ اعْتِمَادًا عَلَى عَدَمِ وُرُودِهِ فِي طَرِيقِ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ، لَكِنْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: أَنَّ يَحْيَى الْقَطَّانِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ النَّسَائِيُّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ مُقَيَّدًا بِالْجَامِدِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُقَوَّرَ وَمَا حَوْلَهَا فَيُرْمَى بِهِ. وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ مُقَيَّدًا بِالْجَامِدِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَوَهِمَ مَنْ غَلَّطَهُ فِيهِ وَنَسَبَهُ إلَى التَّغَيُّرِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَقَدْ تَابَعَهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِيمَا رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1127 - (5) حَدِيثُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» . أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ يُوسُفِ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَصَرَّحَ هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ يُوسُفَ، حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، حَدَّثَهُ، وَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَأَبَانْ الْعَطَّارُ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَأَدْخَلُوا بَيْنَ يُوسُفَ وَحَكِيمٍ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُصْمَةَ، قَالَ

(3/9)


التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ حَكِيمٍ، وَرَوَاهُ عَوْفٌ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ حَكِيمٍ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ سِيرِينَ مِنْهُ، إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَيُّوبَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمٍ، مَيَّزَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَزَعَمَ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُصْمَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بَلْ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَجْهُولٌ وَهُوَ جَرْحٌ مَرْدُودٌ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ثَلَاثَةٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ.
1128 - (6) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ دِينَارًا إلَى عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ، وَبَاعَ أَحَدَهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك» . أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، وَفِي إسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، عَنْ أَبِي لَبِيَدٍ لِمَازَةَ بْنِ زَبَّارٍ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مَجْهُولٌ، لَكِنْ

(3/10)


وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ حَرْبٌ: سَمِعْت أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَيْهِ: وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ لِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ سَمِعْت الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ بِهِ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ: إنْ صَحَّ قُلْت بِهِ. وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ: إنَّ صَحَّ حَدِيثُ عُرْوَةَ فَكُلُّ مَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ رَضِيَ فَالْبَيْعُ وَالْعِتْقُ جَائِزٌ، وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ عَنْهُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّمَا ضَعَّفَهُ لِأَنَّ الْحَيَّ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ شَبِيبَ بْنَ غَرْقَدَةَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ؛ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ الْحَيِّ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ الْحَيَّ حَدَّثُوهُ عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ: هُوَ مُرْسَلٌ. قُلْت: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي إسْنَادِهِ مُبْهَمٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ نَحْوَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ هَذَا الشَّيْخِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ فِيهِ مَجْهُولًا لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ؟ .
1129 - (7) حَدِيثُ: «أَنَّهُ نَهَى الثُّنْيَا فِي الْبَيْعِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا» . زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ

(3/11)


«إلَّا أَنْ تُعْلَمَ» . وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الثُّنْيَا.
1130 - (8) - حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» . مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَدَّ تَفْسِيرَ الْغَرَرِ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَأَنَسٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى، وَعَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا.
(فَائِدَةٌ) :
قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْغَرَرِ الْخَطَرُ وَقِيلَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ جَانِبَيْنِ الْأَغْلَبُ مِنْهُمَا

(3/12)


أَخْوَفُهُمَا وَقِيلَ الَّذِي يَنْطَوِي عَنْ الشَّخْصِ عَاقِبَتُهُ.
1131 - (9) حَدِيثُ: «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ، فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ» الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْكُرْدِيُّ مَذْكُورٌ بِالْوَضْعِ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ. وَجَاءَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُرْسَلَةٍ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالرَّاوِي عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى ثُبُوتِهِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ اتِّفَاقَ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَطَرِيقُ مَكْحُولٍ الْمُرْسَلَةِ عَلَى ضَعْفِهَا أَمْثَلُ مِنْ الْمَوْصُولَةِ، وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، أَنَّ طَلْحَةَ اشْتَرَى مِنْ عُثْمَانَ مَالًا، فَقِيلَ لِعُثْمَانَ: إنَّك قَدْ غُبِنْت، فَقَالَ عُثْمَانُ: لِي الْخِيَارُ لِأَنِّي بِعْت مَا لَمْ أَرَهُ، وَقَالَ طَلْحَةُ: لِي الْخِيَارُ لِأَنِّي اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ فَقَضَى أَنَّ الْخِيَارَ لِطَلْحَةَ، وَلَا خِيَارَ لِعُثْمَانَ.
(فَائِدَةٌ) :
يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: «لَا تَنْعَتُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا» .
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ يَقُومُ مَقَامَ الْعِيَانِ، قُلْت: وَأَخْذُ هَذَا مِنْ هَذَا مِنْ غَايَةِ الْبُعْدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
1132 - (10) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ، أَوْ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ» . الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ

(3/13)


عُمَرُ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
قُلْت: وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَرَوَاهُ وَكِيعٌ مُرْسَلًا، قُلْت: كَذَا فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُد وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ، قُلْت: وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ الْمُرْسَلَةِ ذِكْرُ اللَّبَنِ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
1133 - (11) - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ، إنَّهُ غَرَرٌ» . مَوْقُوفٌ، أَحْمَدُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِيهِ إرْسَالٌ بَيْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ اللَّهِ، وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: اُخْتُلِفَ فِيهِ وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ، وَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا، رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ لَهُ وَلَفْظُهُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا فِي ضُرُوعِ الْمَاشِيَةِ قَبْلَ أَنْ تُحْلَبَ، وَعَنْ الْجَنِينِ فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ، وَعَنْ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ، وَعَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ، وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» .

(3/14)


[بَابُ الرِّبَا]
1134 - (1) حَدِيثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَكِنْ قَالَ: «وَشَاهِدَيْهِ» . بِالتَّثْنِيَةِ، وَزَادَ وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» . وَلَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِبَعْضِهِ، وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد: «وَشَاهِدَهُ» . وَلِلْبَيْهَقِيِّ: «وَشَاهِدَيْهِ أَوْ شَاهِدَهُ» .
وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ نَحْوُهُ، وَلِلْبُخَارِيِّ فِي بَابِ ثَمَنِ الْكَلْبِ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ» . وَفِيهِ: «وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ»
1135 - (2) - حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ» الْحَدِيثُ عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِلشَّافِعِيِّ بِسَنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ،

(3/15)


وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ الْأَشْعَثِ، عَنْ عُبَادَةَ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُبَادَةَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ «طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ: كُنْت بِالشَّامِ فِي حَلَقَةٍ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، فَجَاءَ أَبُو الْأَشْعَثِ فَجَلَسَ، فَقَالُوا لَهُ: حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيثَ عُبَادَةَ فَذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: وَفِي آخِرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ: فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَ ذِكْرِ النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: «إلَّا يَدًا بِيَدٍ» قُلْت: هُوَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هِيَ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: «فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ» . إلَى آخِرِهِ، قُلْت: رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ، وَزَادَ: «الْآخِذُ وَالْمُعْطِي سَوَاءٌ» ، وَهَذَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ فِي السِّتَّةِ. وَعَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُسْلِمٍ

(3/16)


وَعَنْ أَنَسٍ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ. وَعَنْ بِلَالٍ فِي الْبَزَّارِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ مَعْلُولٌ، وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي الْفَضْلِ وَفِي النَّسِيئَةِ وَفِي الْيَدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1136 - (3) - حَدِيثُ: «الرَّاشِي أَوْ الْمُرْتَشِي فِي النَّارِ» . كَذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ: " أَوْ " وَلَمْ أَرَهُ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ أَيُّوبَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَنْ يُنْظَرُ فِي أَمْرِهِ سِوَى شَيْخِهِ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَقَدْ قَوَّاهُ النَّسَائِيُّ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي أَوَاخِرِ الْفَضَائِلِ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ وُلِّيَ عَلَى عَشْرَةٍ فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةً يَدُهُ إلَى عُنُقِهِ، فَإِنْ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَمْ يَرْتَشِ فِي حُكْمِهِ وَلَمْ يَحِفْ» - الْحَدِيثَ - وَفِي إسْنَادِهِ سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَجَلِيُّ كُوفِيٌّ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ الْحَاكِمُ
1137 - (4) - حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كُنْت أَسْمَعُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» . مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ قِصَّةٌ.

(3/17)


حَدِيثُ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ» الْبَيْهَقِيّ بِهَذَا اللَّفْظِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ النَّسَائِيّ بِزِيَادَةٍ فِيهِ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
1139 - (6) - حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» . أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَفِي الْإِسْنَادِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ

(3/18)


فِيهِ، وَلَكِنْ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ وَفِي الْخِلَافِيَّاتِ، مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَصَحَّحَهُ.
1140 - (7) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَامِلَ خَيْبَرَ أَنْ يَبِيعَ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ يَبْتَاعَ بِهَا جَنِيبًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْجَنِيبُ نَوْعٌ مِنْ التَّمْرِ وَهُوَ أَجْوَدُهُ، وَالْجَمْعُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ تَمْرٌ رَدِيءٌ مُخْتَلَطٌ لِرَدَاءَتِهِ، وَعَامِلُ خَيْبَرَ هُوَ سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ، حَكَاهُ مَحَلِّيٌّ عَنْ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي مُبْهَمَاتِهِ، قَالَ: وَقِيلَ: مَالِكُ بْنُ صَعْصَعَةَ
1141 - (8) حَدِيثُ: " أَنَّهُ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فَاسْتَدْرَكَهُ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: «لَا تُبَاعُ الصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ بِالصُّبْرَةِ مِنْ الطَّعَامِ، وَلَا الصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ الطَّعَامِ»
1142 - (9) - حَدِيثُ «فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ» - الْحَدِيثَ - مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَعَزَى

(3/19)


الْبَيْهَقِيّ لَفْظَ أَبِي دَاوُد لِتَخْرِيجِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَصْلَ الْحَدِيثِ، وَلَهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، فِي بَعْضِهَا «قِلَادَةٌ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ» . وَفِي بَعْضِهَا «ذَهَبٌ وَجَوْهَرٌ» . وَفِي بَعْضِهَا «خَرَزُ ذَهَبٍ» وَفِي بَعْضِهَا «خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ بِذَهَبٍ» وَفِي بَعْضِهَا «بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا» . وَفِي أُخْرَى «بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ» . وَفِي أُخْرَى «بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ» .
وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بُيُوعًا شَهِدَهَا فُضَالَةُ قُلْت: وَالْجَوَابُ الْمُسَدَّدُ عِنْدِي أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَا يُوجِبُ ضَعْفًا، بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ مَحْفُوظٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُفْصَلْ، وَأَمَّا جِنْسُهَا وَقَدْرُ ثَمَنِهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالِاضْطِرَابِ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي التَّرْجِيحُ بَيْنَ رُوَاتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ ثِقَاتٍ، فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ رِوَايَةِ أَحْفَظِهِمْ وَأَضْبَطِهِمْ، وَيَكُونُ رِوَايَةُ الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ شَاذَّةً، وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي يُجَابُ بِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَقِصَّةِ جَمَلِهِ وَمِقْدَارِ ثَمَنِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
1143 - (10) - حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ . قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا إذًا» . وَيُرْوَى: نَهَى عَنْ ذَلِكَ. مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ.

(3/20)


وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْبَزَّارُ. كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ، فَقَالَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْبَيْضَاءُ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ مُخْتَصَرَةً «نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً» وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: أَنَّ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَدَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ عُثْمَانَ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَافَقُوا مَالِكًا عَلَى إسْنَادِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ، قَالَ: وَسَمَاعُ أَبِي مِنْ مَالِكٍ قَدِيمٌ، قَالَ: فَكَأَنَّ مَالِكًا كَانَ عَلَّقَهُ عَنْ دَاوُد، ثُمَّ لَقِيَ شَيْخَهُ، فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ دَاوُد، ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى التَّحْدِيثِ بِهِ عَنْ شَيْخِهِ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَهُوَ مُرْسَلٌ قَوِيٌّ، وَقَدْ أَعَلَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: الطَّحَاوِيُّ، وَالطَّبَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ،

(3/21)


وَعَبْدُ الْحَقِّ، كُلُّهُمْ أَعَلَّهُ بِجَهَالَةِ حَالِ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: إنَّهُ ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: قَدْ رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ ثِقَتَانِ، وَقَدْ اعْتَمَدَهُ مَالِكٌ مَعَ شِدَّةِ نَقْدِهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ، وَجَزَمَ الطَّحَاوِيُّ بِوَهْمِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُوَ أَبُو عَيَّاشَ الزُّرَقِيُّ زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ، وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ، وَصَحَّحَ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ
(فَائِدَةٌ) :
رَوَى أَبُو دَاوُد، وَالطَّحَاوِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ، عَنْ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً.» قَالَ الطَّحَاوِيُّ: هَذَا هُوَ أَصْلُ الْحَدِيثِ فِيهِ ذِكْرُ النَّسِيئَةِ، وَرَدَّ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: خَالَفَ يَحْيَى مَالِكًا، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ عُثْمَانَ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَلَمْ يَذْكُرُوا النَّسِيئَةَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَى عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ فِي الْغَرِيبَيْنِ: الْبَيْضَاءُ حَبٌّ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَفِي الصِّحَاحِ إنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الشَّعِيرِ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ.
1144 - (11) - حَدِيثُ " رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» . مَالِكٌ، وَعَنْهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ، وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَحَكَمَ بِضَعْفِهِ، وَصَوَّبَ الرِّوَايَةَ الْمُرْسَلَةَ الَّتِي فِي الْمُوَطَّأِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ ثَابِتُ بْنُ زُهَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى،

(3/22)


عَنْ نَافِعٍ أَيْضًا، وَأَبُو أُمَيَّةَ ضَعِيفٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ أَقْوَى مِنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ جَزُورًا نُحِرَتْ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِعَنَاقٍ فَقَالَ: أَعْطُونِي مِنْهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصْلُحُ هَذَا. الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، عَنْ إبْرَاهِيمِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(3/23)


[بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا]
حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» . تَقَدَّمَ قَبْلُ بِبَابَيْنِ.
1145 - (1) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ» . وَرُوِيَ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ عَسْبِ الْفَحْلِ» . وَهِيَ رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ، الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فَاسْتَدْرَكَهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ نَافِعٍ بِاللَّفْظِ الثَّانِي، وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ، وَالسُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ مِنْ حَدِيثِ شَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ بِالْوَقْفِ، قَالَ: وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ» . وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَعَسْبِ التَّيْسِ» . وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلَتْ أَبِي عَنْهُ؟ فَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ فُضَيْلٍ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْأَعْمَشَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ

(3/24)


أَبِي سَعِيدٍ كَالْأَوَّلِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَابْنُ الْقَطَّانِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَزَّارُ، وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ.
1146 - (2) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَفْسِيرُهُ، وَفَصَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ، وَهُوَ فِي الْمُدْرَجِ لِلْخَطِيبِ، وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْحَبَلُ وَالْحَبَلَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ فِيهِمَا وَغَلَطَ مَنْ سَكَّنَهَا وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَوَافَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ وَفَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِبَيْعِ وَلَدِ النَّاقَةِ الْحَامِلِ فِي الْحَالِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَيُؤَيِّد الْأَوَّلَ رِوَايَةُ الْبَزَّارِ قَالَ فِيهَا وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ وَأَغْرَبَ ابْنُ كَيْسَانَ فَقَالَ الْمُرَادُ بَيْعُ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ وَالْحَبَلَةُ الْكَرْمُ، حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ وَادَّعَى تَفَرُّدَهُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ وَافَقَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الْأَلْفَاظِ، وَنَسَبَهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ إلَى الْمُبَرِّدِ.
1147 - (3) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ» . إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ

(3/25)


سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَوَصَلَهُ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَالِكٍ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَهُوَ فِي الْبُيُوعِ لِابْنِ أَبِي عَاصِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ وَالْبَزَّارِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ
1148 - (4) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ،

(3/26)


وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ.
1149 - (5) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ» . مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلِلْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ» - يَعْنِي إذَا قَذَفَ الْحَصَاةَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ -.
1150 - (6) حَدِيثُ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» . الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهُ، وَهُوَ فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِهِ، عَنْهُ، بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ» . وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ
1151 - (7) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» . بَيَّضَ لَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ، وَاسْتَغْرَبَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى، وَالْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ

(3/27)


مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الذُّهْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِهِ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ مَشْهُورَةٍ، وَرَوَيْنَاهُ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ مَشْيَخَةِ بَغْدَادَ لَلدِّمْيَاطِيِّ، وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ أَنَّهُ قَالَ: غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ، وَابْنَ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمَ مِنْ حَدِيثِ: عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ» .
1152 - (8) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ. مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ.
1153 - (9) حَدِيثُ: «أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ مَوَالِيهَا أَنْ تَعْتِقَهَا وَيَكُونَ وَلَاؤُهَا لَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ، وَقَالَ: شَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» . - الْحَدِيثَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهَا، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا الْعِتْقَ، إلَّا أَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ الْوَلَاءَ.
1154 - (10) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ» . - الْحَدِيثَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَمَا تَقَدَّمَ.
1155 - (11) حَدِيثُ: «أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَوَالِيَهَا لَا يَبِيعُونَهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ، فَقَالَ لَهَا: اشْتَرِي وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» . - الْحَدِيثَ -

(3/28)


مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا بِهَذَا اللَّفْظِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَالُوا: إنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ: «اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» . وَلَمْ يُتَابِعْهُ سَائِرُ الرُّوَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ نَمِرٍ تَابَعَ هِشَامًا عَلَى هَذَا، فَرَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَهُ.
1156 - (12) حَدِيثُ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِاللَّفْظَيْنِ.
1157 - (13) حَدِيثُ: «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» . مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا، مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ الْعَدَوِيِّ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ: «مَنْ احْتَكَرَ يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ، وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ» .
1158 - (14) حَدِيثُ: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» . ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَإِسْحَاقُ، وَالدَّارِمِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو يَعْلَى، وَالْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ

(3/29)


1159 - (15) حَدِيثُ: «مَنْ احْتَكَرَ الطَّعَامَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ» . أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، زَادَ الْحَاكِمُ: «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ» وَفِي إسْنَادِهِ أَصَبْغُ بْنُ زَيْدٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةٍ، جَهَّلَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَعَرَّفَهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ.
وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَحَكَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
1160 - (16) - حَدِيثُ: «أَنَّ السِّعْرَ غَلَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ» . - الْحَدِيثَ - أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ

(3/30)


وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: بَلْ أَدْعُو. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ، فَقَالَ: بَلْ اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ» . - الْحَدِيثَ - وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَلِابْنِ مَاجَهْ، وَالْبَزَّارِ، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوُ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ أَيْضًا، وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوُهُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الطَّبَرَانِيِّ الصَّغِيرِ وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي الْكَبِيرِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَخْرَجَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ.
1161 - (17) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ

(3/31)


1162 - (18) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
1163 - (19) حَدِيثُ: «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ
1164 - (20) حَدِيثُ: «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» . قَالَ: وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ أَنْ يَقْدَمَ السُّوقَ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، وَلَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا طُرُقٌ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، عَنْ

(3/32)


ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا هِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنْ حَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَوْمَأَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ.
1165 - (21) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ.
1166 - (22) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي حَدِيثٍ بِمَعْنَاهُ،

(3/33)


وَفِي الرِّسَالَةِ لِلشَّافِعِيِّ لَا أَحْفَظُهُ ثَابِتًا وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيّ بِأَنَّهُ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ، فَذَكَرَهَا.
1167 - (23) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَادَى عَلَى قَدَحٍ وَحِلْسٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فَقَالَ رَجُلٌ: هُمَا عَلَيَّ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ آخَرُ: عَلَيَّ بِدِرْهَمَيْنِ» - الْحَدِيثَ - أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ بِنَحْوِهِ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ: «إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ» . - الْحَدِيثَ - وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ الْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهْلِ حَالِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، وَنَقَلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْحِلْسُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يَكُونُ تَحْتَ بَرْذعَةِ الْبَعِيرِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
1168 - (24) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» .

(3/34)


مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ. وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» قَوْلُهُ: فِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ. قُلْت: وَرَدَ فِيهِ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، فَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَتِهِ» .
1169 - (25) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ النَّجْشِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(3/35)


حَدِيثُ: «لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا» . الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْرٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ، مِنْ مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ وَرَاوِيهِ عَنْهُ ضَعِيفٌ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ، كَذَا قَالَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّهُ ثَابِتٌ.
قُلْت: عَزَاهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَزَاهُ الْجِيلِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِرَزِينٍ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ أَحَدِ الضُّعَفَاءِ وَرَوَاهُ فِي تَرْجَمَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشَ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ «لَا يُوَلَّهَنَّ وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ» . قَالَ: وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي غَيْرِ الشَّامِيِّينَ.
1171 - (27) - حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَفِي سِيَاقِ أَحْمَدَ عَنْهُ قِصَّةٌ، وَفِي إسْنَادِهِمْ حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ

(3/36)


طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ كَثِيرٍ الإسكندراني، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارِمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْهُ.
1172 - (28) - حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا. قِيلَ: إلَى مَتَى؟ قَالَ: حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ» الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَفِي سَنَدِهِ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو الْوَاقِعِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، رَمَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بِالْكَذِبِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي أَوَّلُهُ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ - الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ: فَنَفَلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد: بَابَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُدْرَكَاتِ.
1173 - (29) - حَدِيثُ «عَلِيٍّ: أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدَّ الْبَيْعَ» . أَبُو دَاوُد وَأَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ بَيْنَ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبِ وَعَلِيٍّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَرَجَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ لِشَوَاهِدِهِ، لَكِنْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ

(3/37)


وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، «عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: قَدِمْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْيٍ، فَأَمَرَنِي بِبَيْعِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتهمَا» . - الْحَدِيثَ - وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ رِوَايَةَ الْحَكَمِ هَذِهِ، لَكِنْ حَكَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْعِلَلِ: أَنَّ الْحَكَمَ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمُ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَمِنْ مَيْمُونٍ، فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ هَذَا، وَمَرَّةً عَنْ هَذَا.
1174 - (30) - قَوْلُهُ: «رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَجْرِ» ، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ فِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَإِنَّهُ ضَعُفَ بِسَبَبِهِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُطَوَّلًا وَفِيهِ: «وَالْمَجْرُ مَا فِي الْأَرْحَامِ» . وَأَشَارَ إلَى تَفَرُّدِ مُوسَى بِهِ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ بِمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، لَكِنَّ الْأَسْلَمِيَّ أَضْعَفُ مِنْ مُوسَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا.
(تَنْبِيهٌ) :
الْمَجْرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ آخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ أَنْ يُبَاعَ الْبَعِيرُ أَوْ غَيْرُهُ بِمَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ اشْتِرَاءُ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ خَاصَّةً.

(3/38)


قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» . مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَسُمِّيَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ ضَعِيفَةٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، مِنْ طَرِيقِ الْهَيْثَمِ بْنِ الْيَمَانِ، عَنْهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ثِقَةٌ، وَالْهَيْثَمُ ضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُقَالُ: إنَّ مَالِكًا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: إنَّ الْأَسْلَمِيَّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْعُرْبَانِ فِي الْبَيْعِ فَأَحَلَّهُ» . وَهَذَا ضَعِيفٌ مَعَ إرْسَالِهِ، وَالْأَسْلَمِيُّ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى.
(تَنْبِيهٌ) :
ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ أَوْ يَكْتَرِيَ، ثُمَّ يَقُولُ الَّذِي اشْتَرَى أَوْ اكْتَرَى: أُعْطِيك دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا عَلَى إنْ أَخَذْت السِّلْعَةَ فَهُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَك، وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

(3/39)


حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ» . مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
1177 - (33) حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ» . رَوَاهُ مَالِكٌ بَلَاغًا وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ النَّسَائِيّ فِي الْعِتْقِ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْمَعُ مِنْك أَحَادِيثَ أَفَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَكْتُبَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا كَتَبَ كِتَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ مَكَّةَ» : " لَا يَجُوزُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ، وَلَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَمِيعًا، وَلَا بَيْعٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَمَنْ كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضَاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَبْدٌ، أَوْ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَقَضَاهَا إلَّا أُوقِيَّةً فَهُوَ عَبْدٌ ". قَالَ النَّسَائِيُّ: عَطَاءٌ هُوَ الْخُرَاسَانِيُّ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَفِي الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ

(3/40)


ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا بِسَنَدٍ ضَعِيفِ، وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ
1178 - (34) - حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْهِرَّةِ» . مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْهُ، وَهِيَ طَرِيقٌ مَعْلُولَةٌ، وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ تَفَرَّدَ بِهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُصِبْ، فَهُوَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلٍ عَنْهُ، وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ زَيْدٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْهُ، وَأَوْمَأَ الْخَطَّابِيُّ إلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ النَّسَائِيَّ قَالَ: إنَّهُ مُنْكَرٌ، وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ

(3/41)


فِي طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ: الْأَعْمَشُ يَغْلَطُ فِيهِ، وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ. قَوْلُهُ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ.
قُلْت: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: قَدْ يُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: كُنْت قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْت لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا فَجِئْت أَتَقَاضَاهُ - الْحَدِيثَ - إبَاحَةُ بَيْعِ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَهُوَ فَهْمٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ، انْتَهَى. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ. رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَزَّارُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا.
1179 - (35) حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يُفْرَكَ» . الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَة عَنْ حَمَّادٍ بِلَفْظِ: «حَتَّى يَشْتَدَّ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَوْلُهُ: «حَتَّى يُفْرَكَ» . إنْ كَانَ بِخَفْضِ الرَّاءِ عَلَى إضَافَةِ الْإِفْرَاكِ إلَى الْحَبِّ كَانَ بِمَعْنَى حَتَّى يَشْتَدَّ، وَإِنْ كَانَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ خَالَفَ ذَلِكَ، وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ. قُلْت: الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: «حَتَّى يَشْتَدَّ» . لِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيِّ،

(3/42)


وَابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ وَغَيْرِهِمْ.
1180 - (36) - حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ» . أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادٌ.
1181 - (37) - حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ» . مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ مُرْسَلِ عَمْرَةَ، وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» . وَلِلدُّولَابِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ. قَالَ: فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ مَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: طُلُوعُ الثُّرَيَّا» .

(3/43)


حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ مِنْ عَاصِرِهِ» ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامَ الْقِطَافِ، حَتَّى يَبِيعَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ، أَوْ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، فَقَدْ تَقَحَّمَ النَّارَ عَلَى بَصِيرَةٍ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا - يَعْنِي سُمْرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ - بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا - الْحَدِيثَ - وَفِي الْبَابِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي لَعْنِ بَائِعِ الْخَمْرِ، وَمُبْتَاعِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ.
1183 - (39) - قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْمَنَاهِي بَيْعُ الْعَيْنَةِ - يَعْنِي لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ الْمَنَاهِي - وَإِلَّا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ عَقَدَ لَهَا الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنِهِ بَابًا سَاقَ فِيهِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ بِعِلَلِهِ، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ بَيْعِ الْعِينَةِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطَاءٍ، «عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ وَمَا يَرَى أَحَدُنَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ أَصْبَحَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبَّ إلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ. إذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ، وَتَبِعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ ذُلًّا فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ» . صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الزُّهْدِ

(3/44)


لِأَحْمَدَ، كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمُسْنَدِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَأَحْمَدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قُلْت: وَعِنْدِي أَنَّ إسْنَادَ الْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مَعْلُولٌ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، لِأَنَّ الْأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ وَلَمْ يُنْكِرْ سَمَاعَهُ مِنْ عَطَاءٍ، وَعَطَاءٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فَيَكُونُ فِيهِ تَدْلِيسُ التَّسْوِيَةِ بِإِسْقَاطِ نَافِعٍ بَيْنَ عَطَاءٍ وَابْنِ عُمَرَ، فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْمَنَاهِي بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ، لَنَا اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ، رَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ وَأَنَّ الزُّبَيْرَ اشْتَرَى حُجْرَةَ سَوْدَةَ، وَأَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ بَاعَ دَارَ النَّدْوَةِ، وَأَوْرَدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ دُورِهَا وَبَيَّنَ عِلَلَهَا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِنَقْلِ الِاتِّفَاقِ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى الدُّورَ مِنْ أَصْحَابِهَا حَتَّى وَسَّعَ الْمَسْجِدَ، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ فِي زَمَانِهِمَا مُتَوَافِرِينَ، وَلَمْ يُنْقَلْ إنْكَارُ ذَلِكَ.

(3/45)


[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فِي بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي.

(3/46)


[بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ]
1184 - (1) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَهُ عِنْدَهُمْ أَلْفَاظٌ أُخْرَى، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ هَذِهِ الْأَسَاطِينِ، وَلَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ طُرُقٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَزَادَ: «لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» .
(تَنْبِيهٌ) :
لَمْ يَبْلُغْ ابْنَ عُمَرَ النَّهْيُ الْمَذْكُورُ، فَكَانَ إذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ يُتِمَّ بَيْعَهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيْهَةً، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَلِلتِّرْمِذِيِّ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا ابْتَاعَ بَيْعًا وَهُوَ قَاعِدٌ؛ قَامَ لِيَجِبَ لَهُ، وَلِلْبُخَارِيِّ قِصَّةٌ لِابْنِ عُمَرَ مَعَ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ.

(3/47)


وَفِي الْبَابِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ؛ أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ. وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ؛ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ سُمْرَةَ؛ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَعَنْ جَابِرٍ؛ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ.
1185 - (2) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ عَنْ وَالِدِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ» . مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: «لَا يَجْزِي» .
1186 - (3) - حَدِيثُ الْخِيَارِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اخْتَرْ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ.

(3/48)


حَدِيثُ «ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يُبَايِعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ - الْحَدِيثَ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْعُقْدَةُ الرَّأْيُ، وَالْخِلَابَةُ كَالْخِدَاعِ وَمِنْهُ بَرْقٌ خَالِبٌ لَا مَطَرَ فِيهِ.
1188 - (5) - قَوْلُهُ: وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ؛ أَصَابَتْهُ آفَةٌ فِي رَأْسِهِ، فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ - الْحَدِيثَ - كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْجَارُودِ، وَالْحَاكِمِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَغَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقِيلَ: إنَّ الْقِصَّةَ لِمُنْقِذٍ وَالِدِ حِبَّانَ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قُلْت: وَهُوَ فِي ابْنِ مَاجَهْ وَتَارِيخِ الْبُخَارِيِّ، وَبِهِ جَزَمَ عَبْدُ الْحَقِّ، وَجَزَمَ ابْنُ الطَّلَّاعِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْأَوَّلِ،

(3/49)


وَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ.
1189 - (6) - قَوْلُهُ: «وَجُعِلَ لَك ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «قُلْ: لَا خِلَابَةَ، وَاشْتَرِطْ الْخِيَارَ ثَلَاثًا» . قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَلَيْسَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ سِوَى قَوْلِهِ: «لَا خِلَابَةَ» . انْتَهَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا» فَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: «إذَا بِعْت فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، وَأَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ» . وَصَرَّحَ بِسَمَاعِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» . فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ «طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنَّهُ كَلَّمَهُ عُمَرَ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: لَا أَجِدُ لَكُمْ شَيْئًا أَوْسَعَ مِمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ، إنَّهُ كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَكَذَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبُخَارِيِّ فِي تَارِيخِهِ، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ قَالَ: كَانَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: «ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ» ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الِاشْتِرَاطِ: فَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مُنْكَرَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا، انْتَهَى. وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْعَ، وَقَالَ: الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» .
1190 - (7) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْمُتَخَايِرَيْنِ: لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا» . تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ بَيْعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» .

(3/50)


حَدِيثُ: «أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى غُلَامًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَانَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَدَّهُ مِنْ عَيْبٍ وَجَدَهُ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: قَدْ اسْتَغَلَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ.
1192 - (9) - حَدِيثُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا» . مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَادَّعَى أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخْرِجْهَا فَلَمْ يُصِبْ. وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ عِنْدَ أَحْمَدَ،

(3/51)


وَالدَّارِمِيِّ. وَعَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ؛ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ؛ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا بِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ. وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمِّهِ؛ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
1193 - (10) - حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمَنْ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا يَعْلَمُ فِيهِ عَيْبًا إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ» أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِمَاسَةَ عَنْهُ، وَمَدَارُهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَتَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ.

(3/52)


وَفِي الْبَابِ عَنْ وَاثِلَةَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَابْنِ مَاجَهْ.
1194 - (11) - حَدِيثُ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: كَانَ إذَا بَاعَ شَيْئًا، وَأَرَادَ أَنْ يُوجِبَ الْبَيْعَ قَامَ وَمَشَى قَلِيلًا» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(3/53)


[بَابُ الْمُصَرَّاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ]
1195 - (1) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ لِلْبَيْعِ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَحْلِبَهَا، إنَّ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْهُ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَيْسَ فِيهِ " مَنْ " وَلَهُ طُرُقٌ وَأَلْفَاظٌ وَاخْتِلَافٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِيهِ، بَيَّنَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: وَرُوِيَ: «بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا ثَلَاثًا» . هَذَا اللَّفْظُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ نَقْلًا عَنْ ابْنِ دَاوُد شَارِحِ الْمُخْتَصَرِ وَتَبِعَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَتَبِعَهُمْ الْغَزَالِيُّ، وَكَأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ: فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ثَلَاثًا بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا.
(تَنْبِيهٌ) :
قَوْلُهُ: لَا تُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى وَزْنِ لَا تُزَكُّوا وَالْإِبِلُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ لَا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَالْمُصَرَّاةُ هِيَ الَّتِي تُرْبَطُ أَخْلَافُهَا فَيُجْمَعُ اللَّبَنُ.
1196 - (2) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» . مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ.

(3/54)


حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «مَنْ ابْتَاعَ مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا مِثْلَ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا» . أَبُو دَاوُد بِهِ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: " مِثْلَ " وَضَعَّفَهُ بِجَمِيعِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
1198 - (4) - حَدِيثُ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ: تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
1199 - (5) - حَدِيثُ: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ،

(3/55)


وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَزَادَ: «إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» . وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ فِي الزِّيَادَةِ: مَا وَافَقَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ وَاهٍ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا.
(تَنْبِيهٌ) :
الَّذِي وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ: " الْمُسْلِمُونَ " بَدَلَ: " الْمُؤْمِنُونَ ".
1200 - (6) حَدِيثُ: «أَنَّ مَخْلَدَ بْنَ خُفَافٍ ابْتَاعَ غُلَامًا فَاسْتَغَلَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ بِهِ عَيْبًا، فَقَضَى لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِرَدِّهِ وَرَدِّ غَلَّتِهِ، فَأَخْبَرَهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي مِثْلِ هَذَا: أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، فَرَدَّ عُمَرُ قَضَاءَهُ وَقَضَى لِمَخْلَدٍ بِالْخَرَاجِ» . الشَّافِعِيُّ،

(3/56)


وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مَخْلَدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مُخْتَصَرًا أَيْضًا.
1201 - (7) حَدِيثُ: «مَنْ أَقَالَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ صَفْقَةً كَرِهَهَا، أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَا رَوَاهُ عَنْ الْأَعْمَشِ؛ إلَّا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَلَا عَنْ حَفْصٍ؛ إلَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَرَوَاهُ عَنْ الْأَعْمَشِ أَيْضًا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ الْفَرْوِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِلَفْظِ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا» وَقَالَ: إنَّ إِسْحَاقَ تَفَرَّدَ بِهِ، وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ مَعْمَرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَا مُحَمَّدٌ مِنْ أَبِي صَالِحٍ.

(3/57)


حَدِيثُ: أَنَّ ابْنُ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ، فَأَصَابَ زَيْدٌ بِهِ عَيْبًا، فَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَتَرَافَعَا إلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لِابْنِ عُمَرَ، أَتَحْلِفُ أَنَّك لَمْ تَعْلَمْ بِهَذَا الْعَيْبِ؟ فَقَالَ: لَا، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَبَاعَهُ ابْنُ عُمَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يُسَمِّ زَيْدَ بْنُ ثَابِتٍ، وَفِيهِ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْهُ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ سَالِمٍ، وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْمُشْتَرِيَ، وَتَعْيِينُ هَذَا الْمُبْهَمِ ذَكَرَهُ فِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَفِي الشَّامِلِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ بِغَيْرِ إسْنَادٍ، وَزَادَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا.

(3/58)


[بَابُ الْقَبْضِ وَأَحْكَامِهِ]
1203 - (1) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، زَادَ ابْنُ حِبَّانَ: «نَهَى أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يُحَوِّلَهُ» ، وَلِلْحَاكِمِ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِلَفْظِ: «نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ بِحَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ» .
1204 - (2) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُسْتَوْفَى» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ. الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ: «قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ» . وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِ: «وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ» .
(تَنْبِيهٌ) :
يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قِيَاسِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ.

(3/59)


حَدِيثُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَرِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» . ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ: «لَا يَحِلُّ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ» ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدِيثٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1206 - (4) حَدِيثُ: «أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ لَهُ: انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا، وَرِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا» . الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: إنِّي أَمَّرْتُك عَلَى أَهْلِ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، لَا يَأْكُلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَانْهَهُمْ عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ، وَعَنْ الصَّفْقَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ الْوَاحِدِ، وَأَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ» . وَمِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْأَيْلِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، «عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَهُ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ نَهَاهُ عَنْ سَلَفٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ» . فَهَذَا قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَطَاءٍ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ، عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، فِي حَدِيثٍ.
1207 - (5) - حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» . أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ بِالضَّعْفِ وَالِاضْطِرَابِ
1208 - (6) - حَدِيثُ «ابْنِ عُمَرَ: كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذَ مَكَانَهَا الْوَرِقَ وَأَبِيعُ بِالْوَرِقِ، وَآخُذَ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(3/60)


فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ بِالْقِيمَةِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ: «لَا بَأْسَ بِهِ بِالْقِيمَةِ» وَلَفْظُ النَّسَائِيّ: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «مَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ سِمَاكٍ، وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ قَالَ: سُئِلَ شُعْبَةُ عَنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ هَذَا، فَقَالَ شُعْبَةُ: سَمِعْت أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَفَعَهُ لَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَنَا أُفَرِّقُهُ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْبَقِيعُ الْمَذْكُورُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَمْ تَكُنْ كَثُرَتْ إذْ ذَاكَ فِيهِ الْقُبُورُ، وَقَالَ ابْنُ بَاطِيشٍ: لَمْ أَرَ مَنْ ضَبَطَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالنُّونِ.

(3/61)


حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» . الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ طَرِيقِ ذُؤَيْبِ بْنِ عِمَامَةَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَوَهِمَ، فَإِنَّ رَاوِيَهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ لَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْعَجَبُ مِنْ شَيْخِنَا الْحَاكِمِ كَيْفَ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَالْعَجَبُ مِنْ شَيْخِ عَصْرِهِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بَشْرَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ شَيْخِ الدَّارَقُطْنِيِّ فِيهِ فَقَالَ: عَنْ مُوسَى غَيْرِ مَنْسُوبٍ، ثُمَّ رَوَاهُ الْمِصْرِيُّ أَيْضًا بِسَنَدِهِ فَقَالَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ وَهُوَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَحِلُّ عِنْدِي الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ فِي هَذَا حَدِيثٌ يَصِحُّ، لَكِنَّ إجْمَاعَ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدِينٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَهْلُ الْحَدِيثِ يُوهِنُونَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَدْ جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بِأَنَّ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ تَفَرَّدَ بِهِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَهْمَ فِي قَوْلِهِ: مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَنَهَى أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: أَبِيعُ هَذَا بِنَقْدٍ، وَأَشْتَرِيهِ بِنَسِيئَةٍ حَتَّى يَبْتَاعَهُ وَيُحْرِزَهُ، وَنَهَى عَنْ كَالِئٍ بِكَالِئٍ» : دَيْنٍ بِدِينٍ. وَهَذَا لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ أَيْضًا، عَنْ عِيسَى بْنِ سَهْلٍ، وَكَانَ الْوَهْمُ فِيهِ مِنْ الرَّاوِي عَنْهُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْلَى زُنْبُورٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْكَالِئُ مَهْمُوزٌ قَالَ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ حَسَّانَ هُوَ بَيْعُ النَّسِيئَةِ بِالنَّسِيئَةِ وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو عُبَيْدَ فِي الْغَرِيبِ وَكَذَا نَقَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ

(3/62)


وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ هُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا نَقْلُ أَحْمَدَ الْإِجْمَاعَ الْمَاضِيَ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِلَافُ فِيمَا يَجِبُ بِهِ الْبَيْعُ بِلَفْظِ نَهَى عَنْ الدَّيْن بِالدَّيْنِ.
1210 - (8) - حَدِيثُ «ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جُزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَهُ طُرُقٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1211 - (9) - قَوْلُهُ: رُوِيَ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ، صَاعُ الْبَائِعِ، وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» . ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ، وَفِيهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ فِي الْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُمَا ابْنُ عَدِيٍّ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ جِدًّا.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: «أَنَّ عُثْمَانَ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ كَانَا يَبْتَاعَانِ التَّمْرَ وَيَخْلِطَانِهِ فِي غَرَائِرَ، ثُمَّ يَبِيعَانِهِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ، فَنَهَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ: أَنْ يَبِيعَا حَتَّى يَكِيلَاهُ لِمَنْ ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا» . وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(3/63)


وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، وَقَالَ فِي آخِرِهِ، فَيَكُونُ لَهُ زِيَادَتُهُ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ مَوْصُولًا مِنْ أَوْجُهٍ إذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ قَوِيَ، مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.

(3/64)


[بَابُ بَيْع الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ]
(بَابُ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) 1212 - (1) حَدِيثُ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» . الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «قَدْ أُبِّرَتْ» . وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ عِنْدَنَا وَبِهِ نَأْخُذُ.
(تَنْبِيهٌ) :
وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ، «قَبْلَ أَنْ تُؤَبَّرَ» . وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ النَّاسِخِ، وَكَذَا عَزَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ الْمُخْتَصَرِ فَوَهِمَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ عَلَى الصَّوَابِ.
1213 - (2) حَدِيثُ: «رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ نَخْلًا مِنْ آخَرَ وَاخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُبْتَاعُ: أَنَا أَبَّرْتُهُ بَعْدَ مَا ابْتَعْتُ، قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَبَّرْتُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَتَحَاكَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَضَى بِالثَّمَرَةِ لِمَنْ أَبَّرَ مِنْهُمَا» . الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ الطَّلَّاعِ فِي الْأَحْكَامِ إلَى الدَّلَائِلِ لِلْأَصِيلِيِّ مُسْنَدًا إلَى ابْنِ عُمَرَ.

حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1214 - (3) حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ

(3/65)


حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ: حُمْرَتُهُ، وَصُفْرَتُهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «قَالَ: مَا صَلَاحُهُ؟ قَالَ: تَذْهَبُ عَاهَتُهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ.
1215 - (4) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَرَأَيْت إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فِيمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَقَدْ بَيَّنْت فِي الْمُدْرَجِ: أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَوْقُوفَةٌ مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ، وَأَنَّ رَفْعَهَا وَهْمٌ، وَبَيَانُهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ.
1216 - (5) حَدِيثُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ

(3/66)


الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: تَحْمَرُّ أَوْ تَصْفَرُّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «حَتَّى تَحْمَارَّ وَتَصْفَارَّ» . وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: «حَتَّى تُشَقِّحَ. قِيلَ: وَمَا تُشَقِّحُ؟ قَالَ: تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا» . وَبَيَّنَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ رَاوِيهِ عَنْ جَابِرٍ، وَلِلْبَزَّارِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُطْعِمَ» .
(تَنْبِيهٌ) :
تُزْهَى مِنْ أَزْهَى وَتَزْهُو مِنْ زَهَا وَكِلَاهُمَا مَسْمُوعٌ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ.

حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ» . تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ عَنْ أَنَسٍ.

حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» . يَأْتِي.
1217 - (6) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» ، وَالْمُحَاقَلَةُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الزَّرْعَ بِمِائَةٍ فَرَقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ التَّمْرَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِمِائَةِ فَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ. الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَفَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ الْمُحَاقَلَةَ كَمَا أَخْبَرْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ نَحْوُهُ، وَاتَّفَقَا عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ» .

(3/67)


وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا. وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَتَفْسِيرُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ فِي الْأَحَادِيثِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْصُوصًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ انْتَهَى. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكُلُّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا.

(3/68)


وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي النَّسَائِيّ. وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الطَّبَرَانِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْمُحَاقَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقْلِ جَمْعِ حَقْلَةٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهِيَ السَّاحَاتُ جَمْعُ سَاحَةٍ.
1218 - (7) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَهِيَ: بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، إلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ» . الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ. وَاتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
1219 - (8) - حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، إلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» . الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ.
1220 - (9) حَدِيثُ: رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُد وَهُوَ ابْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» . شَكَّ دَاوُد. وَهُوَ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

(3/69)


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيِّ، سَمِعْت مَالِكًا، وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدَّثَك دَاوُد، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ صَحِيحِهِ ذَلِكَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ.
1221 - (10) - حَدِيثُ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ، وَعِنْدَهُمْ فُضُولُ قُوتٍ مِنْ تَمْرٍ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» . هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ بِغَيْرِ إسْنَادٍ، فَقَالَ: قِيلَ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ أَوْ قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيَدٍ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَإِمَّا غَيْرُهُ: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ؟ قَالَ: فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ، فَذَكَرَهُ، وَذَكَرَهُ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: وَالْعَرَايَا الَّتِي أَرْخَصَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِيمَا ذَكَرَهُ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيَدٍ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقُلْت: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ؟ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ مُعَلَّقًا أَيْضًا. وَقَدْ أَنْكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ إنْكَارَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ إسْنَادًا، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ لَهُ إسْنَادًا فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَمْ يُسْنِدْهُ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ السِّيَرِ.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْكَافِي بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ.

(3/70)


حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ، وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ الْجَوَائِحَ» .
1223 - (13) حَدِيثُ: «أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ تَمْرَةً فَأَذْهَبَتْهَا الْجَائِحَةُ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ فَأَبَى أَلَّا يَفْعَلَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَتَأَلَّى أَلَّا يَفْعَلَ خَيْرًا. فَأُخْبِرَ الْبَائِعُ بِمَا ذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمَحَ بِهِ لِلْمُبْتَاعِ» . الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِهِ نَحْوُهُ مُرْسَلٌ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَوْصُولًا، وَقَالَ: حَارِثَةُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مُخْتَصَرًا.

(3/71)


[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]
1224 - (1) حَدِيثُ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ» - الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَبِي دَاوُد، وَابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ نَحْوُهُ.

(3/72)


[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]
1225 - (1) - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ» . الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «قَالَ أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: حَضَرْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِالْبَائِعِ أَنْ يُسْتَحْلَفَ ثُمَّ يُخَيَّرَ الْمُبْتَاعُ إنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي صِحَّةِ سَمَاعِ أَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ أَبِيهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ، ثُمَّ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ فِي تَسْمِيَةِ وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، وَوَقَعَ فِي النَّسَائِيّ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُبَيْدٍ.
وَرَجَّحَ هَذَا أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَالْحَاكِمُ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ بِلَفْظِ الْبَابِ وَفِيهِ

(3/73)


انْقِطَاعٌ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.
1226 - (2) - قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا» . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «تَحَالَفَا أَوْ تَرَادَّا» . أَمَّا رِوَايَةُ التَّحَالُفِ فَاعْتَرَفَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّذْنِيبِ أَنَّهُ لَا ذِكْرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ. وَإِنَّمَا تُوجَدُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَكَأَنَّهُ عَنَى الْغَزَالِيَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الْوَسِيطِ، وَهُوَ تَبِعَ إمَامَهُ فِي الْأَسَالِيبِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ التَّرَادِّ فَرَوَاهَا مَالِكٌ بَلَاغًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَاهَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُسْتَمْلِي، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، نَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، نَا مَنْصُورٌ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا: «الْبَيِّعَانِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْبَيْعِ تَرَادَّا» .
رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ وَمَا أَظُنُّهُ حَفِظَهُ، فَقَدْ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ: أَنَّ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَوْصُولٌ، وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُد،

(3/74)


وَالنَّسَائِيِّ، وَالْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَصَحَّحَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْحَاكِمُ، وَحَسَّنَهُ الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُنْقَطِعٌ إلَّا أَنَّهُ مَشْهُورُ الْأَصْلِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ فُرُوعِهِ.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِالِانْقِطَاعِ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِالْجَهَالَةِ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِيهِ، وَجَدِّهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " بَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْإِمَارَةِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا، يَعْنِي مِنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ " فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَالْحَدِيثَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ اُخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ أَبِيهِ.
1227 - (3) - قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ: «اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا تَحَالَفَا» رَوَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَقَالَ: عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَانْفَرَدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: «وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ» ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَأُمًّا قَوْلُهُ فِيهِ: " تَحَالَفَا فَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا عِنْدَهُمْ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ " الْبَيْعَ ".

(3/75)


[بَابُ السَّلَمِ]
قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] السَّلَمُ. الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، وَأَذِنَ فِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: 282] الْآيَةَ، وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَوْضَحْته فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ.
1228 - (1) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسَلِّفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ، وَالسَّنَتَيْنِ، وَرُبَّمَا قَالَ: وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسَلِّفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» . الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَفْظُهُ: فِي التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، وَرُبَّمَا قَالَ: السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ.
1229 - (2) حَدِيثُ: «أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ إلَى مَيْسَرَةٍ» . التِّرْمِذِيُّ،

(3/76)


وَالنَّسَائِيُّ (11) ، وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ، قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرٌ، وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
أَعَلَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: بِحَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ وَقَالَ: إنَّهُ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إنَّهُ صَدُوقٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ غَفْلَةً، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهَذَا لَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ، فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَفَلَاتِهِ، انْتَهَى. وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ غَفَلَاتِ الْمُعَلِّلِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ حَرَمِيُّ بَلْ لَمْ نَرَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ، إنَّمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ وَالِدِهِ عُمَارَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَكَانَ حَرَمِيُّ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، بَيَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ.
1230 - (3) - حَدِيثُ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَا.
1231 - (4) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ ". عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ

(3/77)


ابْنِ عُمَرَ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) :
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يُعَارِضُ هَذَا، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ بَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ فَكَرِهَهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: " الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ؟ " فَكَرِهَهُ
، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى فِيهِ الْجَوَازَ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا عَلَى التَّنْزِيهِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ، وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ» . وَفِي إسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمِ بْنِ جُوتِيٍّ وَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ.
1232 - (5) - حَدِيثُ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ بَاعَ بَعِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ» ، مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ صَالِحٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ الْحَسَنِ وَعَلِيٍّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يُعَارِضُ هَذَا، رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَرِهَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَهُ عَنْهُ.
1233 - (6) حَدِيثُ: " أَنَّ أَنَسًا كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى مَالٍ: فَجَاءَ الْعَبْدُ بِالْمَالِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَنَسٌ، فَأَتَى الْعَبْدُ عُمَرَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ". هَذَا الْأَثَرُ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِلَا إسْنَادٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَاتَبَنِي أَنَسٌ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَكُنْت فِيمَنْ فَتَحَ تُسْتَرَ، فَاشْتَرَيْت رِقَّةً فَرَبِحْتُ فِيهَا فَأَتَيْت أَنَسًا بِكِتَابَتِي ". فَذَكَرَهُ.

(3/78)


[بَابُ الْقَرْضِ]
1234 - (1) حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ بَازِلًا» . هَذَا اللَّفْظُ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ فِي الْوَسِيطِ، وَهُوَ تَبَعُ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ، وَزَادَ: أَنَّهُ صَحَّ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقٌّ فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا. فَقَالَ لَهُمْ: اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطَوْهُ إيَّاهُ. فَقَالُوا: إنَّا لَا نَجِدُ إلَّا سِنًّا هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَوْ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إبِلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إلَّا خِيَارًا رُبَاعِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ» . . . الْحَدِيثَ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ.
(تَنْبِيهٌ) :
الْبَكْرُ الصَّغِيرُ مِنْ الْإِبِلِ، وَالرُّبَاعِيُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا لَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَأَمَّا الْبَازِلُ فَهُوَ مَا لَهُ ثَمَانُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُورِدُوا الْحَدِيثَ بِلَفْظِهِ وَلَا بِمَعْنَاهُ. وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ «الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: بِعْت مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكْرًا فَأَتَيْته أَتَقَاضَاهُ، فَقُلْت: اقْضِنِي ثَمَنَ بَكْرِي، قَالَ: لَا أَقْضِيك إلَّا نَجِيبَةً. فَدَعَانِي فَأَحْسَنَ قَضَائِي، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: اقْضِنِي بَكْرِي فَقَضَاهُ بَعِيرًا» . الْحَدِيثَ.
1235 - (2) حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَرْضٍ جَرَّ

(3/79)


مَنْفَعَةً» . وَفِي رِوَايَةٍ «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا» . قَالَ عُمَرُ بْنُ بَدْرٍ فِي الْمُغْنِي: لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَأَمَّا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: إنَّهُ صَحَّ، وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَفِي إسْنَادِهِ سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْقُوفًا: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا» . وَرَوَاهُ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْن كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ.
1236 - (3) - حَدِيثُ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَمَرَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» . تَقَدَّمَ فِي الرِّبَا.
حَدِيثٌ «خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَرِيبًا.
1237 - (4) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ» . الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: نَهَى السَّلَفُ عَنْ إقْرَاضِ الْوَلَائِدِ، وَكَأَنَّهُ تَبِعَ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ كَذَا قَالَ، بَلْ زَادَ: أَنَّهُ صَحَّ عَنْهُمْ، وَأَمَّا الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ فَعَزَاهُ إلَى الصَّحَابَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: مَا نَعْلَمُ فِي هَذَا أَصْلًا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا، مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ.

(3/80)