التلخيص الحبير ط قرطبة [كِتَابُ الظِّهَارِ]
1764 - (1) - حَدِيثُ: «أَنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهَرَ
مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ
فِي اسْمِهَا وَنَسَبَهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْتَكِيهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ
فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] » الْحَاكِمُ، وَابْنُ مَاجَهْ
مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «تَبَارَكَ
الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ، إنِّي لَأَسْمَعُ
كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، وَيَخْفَى عَلَيَّ
بَعْضُهُ، وَهِيَ تَشْتَكِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي
آخِرِهِ قَالَ: وَزَوْجُهَا ابْنُ الصَّامِتِ، وَأَصْلُهُ فِي
الْبُخَارِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ
يُسَمِّهَا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ يُوسُفَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ
مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: «ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي
أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ
الْحَاكِمُ أَيْضًا، وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ
أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "
كَانَتْ جَمِيلَةُ امْرَأَةَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ
امْرَأً بِهِ لَمَمٌ، فَإِذَا اشْتَدَّ بِهِ لَمَمُهُ ظَاهَرَ
مِنْ امْرَأَتِهِ ". وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد عَنْ
عَطَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَخِي عُبَادَةَ،
فَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهُ وَقَالَ: هَذَا مُرْسَلٌ، لَمْ
يُدْرِكْهُ عَطَاءٌ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ:
خَوْلَةُ بِنْتُ الصَّامِتِ وَهُوَ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ
زَوْجُ ابْنِ الصَّامِتِ، وَرَجَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهَا
خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ،
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
(3/443)
أَنَّ الْمَرْأَةَ خُوَيْلَةَ بِنْتَ
خُوَيْلِدٍ، وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ
ضَعِيفٌ.
1765 - (2) - حَدِيثُ: «أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ جَعَلَ
امْرَأَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إنْ غَشِيَهَا
حَتَّى يَنْصَرِفَ رَمَضَانُ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
اعْتِقْ رَقَبَةً» . ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ
بِلَفْظِ: ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَنْسَلِخَ
رَمَضَانُ، ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ فَأَمَرَهُ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيرِ
رَقَبَةٍ. أَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ،
وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ: «أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاضِيَّ
جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إنْ غَشِيَهَا
حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ. . .» الْحَدِيثُ، وَأَمَّا
اللَّفْظُ الثَّانِي فَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ،
وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إلَّا النَّسَائِيَّ مِنْ حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ:
«كُنْت امْرَأً أُصِيبُ مِنْ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ
غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، خِفْت أَنْ
أُصِيبَ مِنْ امْرَأَتِي شَيْئًا، فَظَاهَرْت مِنْهَا حَتَّى
يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَخْدُمُنِي
ذَاتَ لَيْلَةٍ فَكُشِفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَمَا لَبِثْت
أَنْ نَزَوْت عَلَيْهَا» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَأَعَلَّهُ
عَبْدُ الْحَقِّ بِالِانْقِطَاعِ، وَأَنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ
يُدْرِكْ سَلَمَةَ، قُلْت: حَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ
الْبُخَارِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) :
نَصَّ التِّرْمِذِيُّ عَلَى أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ
يُقَالُ لَهُ: سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ أَيْضًا، وَهَذَا
الْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّةِ
تَعْلِيقِ الظِّهَارِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ
بِأَنَّ الَّذِي فِي السُّنَنِ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى
جَوَازِ التَّعْلِيقِ، وَإِنَّمَا هُوَ ظِهَارٌ مُؤَقَّتٌ لَا
مُعَلَّقٌ،
(3/444)
وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ عَنْ
الْبَيْهَقِيّ يَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ،
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1766 - (3) - حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ
وَوَاقَعَهَا: لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ. وَيُرْوَى:
اعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» أَصْحَابُ السُّنَنِ،
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ
عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، فَقَالَ: لَا تَقْرَبْهَا
حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَك اللَّهُ» . لَفْظُ النَّسَائِيّ،
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «اعْتَزِلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ مَا
عَلَيْك» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد قَالَ:
«فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْك» . وَرِجَالُهُ
ثِقَاتٌ لَكِنْ أَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ
بِالْإِرْسَالِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَلَا يَضُرُّهُ
إرْسَالُ مَنْ أَرْسَلَهُ، وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ طَرِيقٌ
أُخْرَى شَاهِدَةٌ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ طَرِيقِ
خُصَيْفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي:
رَأَيْت سَاقَهَا فِي الْقَمَرِ فَوَاقَعْتهَا قَبْلَ أَنْ
أُكَفِّرَ، قَالَ: كَفِّرْ، وَلَا تَعُدْ» . وَفِي الْبَابِ
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا
بِاخْتِصَارٍ، وَلَفْظُهُ عَنْ
(3/445)
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ
يُكَفِّرَ، قَالَ: " كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ". وَقَالَ: حَسَنٌ
غَرِيبٌ، وَبَالَغَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ:
لَيْسَ فِي الظِّهَارِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
1767 - (4) - حَدِيثُ عُمَرَ: إذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ
أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَمْسَكَهُنَّ
فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. الْبَيْهَقِيُّ مِنْ
رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمِنْ رِوَايَةِ
مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمِيعًا عَنْ عُمَرَ جَمِيعًا
فِي رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَفِي رِوَايَةِ
ابْنِ الْمُسَيِّبِ: مِنْ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ، قَالَ: عَلَيْهِ
كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَبِهِ قَالَ
عُرْوَةُ وَالْحَسَنُ وَرَبِيعَةُ، وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ
الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
(3/446)
|