تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ط ابن حزم

مبادئ اللغة 1:
قوله2: مسألة: في القرآن المعرب3 وهو عن ابن عباس4 [رضي الله
__________
1 جرت عادة الأصوليين أن تصدر كتب الأصول بمباحث خارجة عن المقاصد الأساسية المذكورة في الكتاب، يسمونها المبادئ، وتكون جزءا من الكتاب دون العلم.
والمبادئ، من بدأ: هي ما يبدأ به قبل الشروع في مقاصد العلم، سواء كانت خارجة عنه وتسمى مقدمات، كمعرفة الحد والغاية وبيان الموضوع والاستمداد, أو داخلة وتسمى مبادئ، كتصور الموضوع، والأعراض الذاتية، والتصديقات التي منها تتألف قياسات العلم.
انظر: حاشية التفتازاني 1/ 6، 12, وانظر القاموس المحيط مادة بدأ 1/ 8 ومادة "بدو" 4/ 304.
2 أي: قول الإمام ابن الحاجب -عليه رحمة الله- وهكذا في كل ما يأتي في المتن، أو في الاستدراكات. وسأكتفي بهذا التنبيه عما سيأتي بعد ذلك.
3 وقع في مختصر المنتهى ص24 قوله: "في القرآن معرب" ووقع في نسخة ف "وفي" بدل "في". والمعرب: هو ما تكلمت به العرب، وهو في الكلام الأعجمي.
وهل وقع مثل ذلك في القرآن الكريم؟ اختلف الأئمة في وقوع المعرب في القرآن؛ فالأكثرون قالوا بعدم وقوعه فيه, منهم الإمام الشافعي، والقاضي أبو بكر، وغيرهما، وقال آخرون: بوجوده. والكل متفقون على أن كتاب الله تعالى قد نزل بلسان عربي مبين، ولكن الخلاف في كلمات استعملتها العرب، وأصبحت عربية بالاستعمال، وأصلها في كلام العجم. فالقائلون بالمنع، قالوا: إنها عربية بالأصل والاستعمال, والقائلون بوقوعه قالوا: إنها أعجمية بالأصل، عربية بالاستعمال.
انظر: الرسالة للإمام الشافعي ص41, 42, والمعرّب للجواليقي ص52, 53, والمهذب فيما وقع في القرآن من المعرب للسيوطي ص57-65.
4 هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم, ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حبر الأمة وترجمان القرآن، من فقهاء الصحابة وحفاظهم، مات سنة ثمانٍ وستين بالطائف, رضي الله عنه.
الإصابة 4/ 141, تذكرة الحفاظ 1/ 40, التقريب 1/ 425, التهذيب 5/ 276.

(1/83)


عنه] 1 وعكرمة2.
قال البخاري -رحمه الله- في باب قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- ونومه، وما نسخ من قيام الليل:
1- قال ابن عباس: "نَشَأ: قام بالحبشية, "وِطَاء"3 مواطأة للقرآن"4.
2- وكذلك نقل عن عكرمة أنه قال: " {حَصَبُ جَهَنَّمَ} 5 الحَصَب: الحطب بلغة الحبشة"6.
__________
1 ليست في الأصل وهي من ف. وفي مختصر المنتهى: وهو عن ابن عباس وعكرمة, رضي الله عنهم.
2 هو الإمام عكرمة بن عبد الله مولى ابن عباس, أصله بربري. تابعي مشهور ثقة ثبت، عالم بالتفسير، أجمع أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديثه. مات سنة سبع ومائة.
تذكرة الحفاظ 1/ 95, التقريب 2/ 30, التهذيب 7/ 263.
وانظر القولة في مختصر المنتهى للإمام ابن الحاجب -رحمه الله- ص16، 24.
3 سورة المزمل: الآية 6. و"وطاء" بكسر الواو وبألف بعد الطاء ممدودا على زنة "كتاب" مصدر "واطأ" قراءة ابن عامر وأبي عمرو. وقرأ الباقون {وَطْئًا} بفتح الواو مصدر "وطئ". انظر إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي ص609.
4 صحيح البخاري 2/ 46 باب "11" معلقا بصيغة الجزم, وفيه "بالحبشة". وقال الحافظ في موافقة الخبر الخبر خ ل5 ب و6 أ: ووصله البيهقي، من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ا. هـ. قلت: وذكره السيوطي في كتاب المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب ص152 بنحوه, وبإسناد البيهقي. وقال الحافظ في الفتح 3/ 23: وصله عبد بن حميد، بإسناد صحيح، عن سعيد بن جبير عنه ... إلخ.
5 سورة الأنبياء: الآية 98, والآية هي قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} .
6 في صحيح البخاري, كتاب بدء الخلق، باب "10" صفة النار وأنها مخلوقة 4/ 88, معلقا بصيغة الجزم.
وفي كتاب التفسير، باب "1" سورة الأنبياء 5/ 240 معلقا أيضا وجزم به.
قال الحافظ في الفتح 6/ 332: وصله ابن أبي حاتم، من طريق عبد الملك بن أبجر، سمعت عكرمة بهذا.
وقال الزركشي في المعتبر خ ل2 ب:
ورواه إسحاق بن راهويه، في تفسيره، فقال: ثنا أبو سعيد الأشج, ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، سمعت عكرمة.

(1/84)


قوله: قالوا {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَة} وقال: "ابدءوا بما بدأ الله به" 1.
3- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما2- في حديثه الطويل:
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} 3 "أبدأ 4 بما بدأ الله به" ".
رواه مسلم, وهذا لفظه.
والنسائي ولفظه: "ابدءوا بما بدأ الله به" 5.
__________
1 انظر مختصر المنتهى ص"27".
2 هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي -بفتحتين- صحابي جليل، وأبوه صحابي أيضا، من أهل بيعة الرضوان. غزا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع عشرة غزوة، وكان من فقهاء الصحابة. مات سنة ثلاث وسبعين, وقيل بعدها, رضي الله عنه.
الإصابة 1/ 434, تذكرة الحفاظ 1/ 43, تهذيب التهذيب 2/ 42.
3 سورة البقرة: الآية 158.
4 في ف "ابدأوا" وفي الصحيح كما هو في الأصل.
5 مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم, حديث "147" 2/ 886-892.
والنسائي في كتاب المناسك، باب القول بعد ركعتي الطواف, 5/ 236 مختصرا بلفظ: $"فابدءوا".
ورواه مختصرا أيضا بلفظ: "نبدأ" في هذا الباب، وفي باب ذكر الصفا والمروة 5/ 240.
وأخرج حديث جابر أيضا مختصرا، في باب: كيف يطوف أول ما يقدم؟ وعلى أي شقيه يأخذ إذا استلم الحجر؟ وفي باب: الرمل من الحجر إلى الحجر، وفي باب: القراءة في ركعتي الطواف, وفي باب: التكبير على الصفا, وباب: التهليل على الصفا. ولم يذكر قراءته -صلى الله عليه وسلم- عند الصفا. انظر 5/ 228-241.
والحديث أخرجه أبو داود: في كتاب مناسك الحج، باب صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث "1905" 2/ 455-464 بطوله.
وأخرجه الترمذي: في أبواب الحج، باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل المروة حديث "862" 3/ 207 مختصرا, ولفظه: "نبدأ بما بدأ الله به".
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أهل العلم، أنه يبدأ بالصفا قبل المروة، فإن بدأ بالمروة قبل الصفا لم يُجْزِهَ وبدأ بالصفا.
وأخرجه الإمام مالك في الموطأ، في كتاب الحج، باب البدء بالصفا في السعي, حديث "126" 1/ 372 مختصرا ولفظه: "نبدأ ... ".

(1/85)


قوله: قالوا: رد على قائل ومن عصاهما فقد غوى. وقال: قل {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 1.
4- عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه2- "أن رجلا خطب عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال له رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت, قل: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} " رواه مسلم3.
__________
1 انظر مختصر المنتهى ص"28".
2 هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج -بفتح المهملة وسكون المعجمة- بن امرئ القيس بن عدي الأمير الطائي, أبو طريف -بفتح الطاء- صحابي جليل مشهور. مات سنة ثمانٍ وستين, وقيل: سنة ست وستين, وعمره مائة وعشرون سنة, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 4/ 469, تهذيب التهذيب 7/ 166, سير أعلام النبلاء 3/ 162.
توضيح:
رشد -بفتح الشين وكسرها- بمعنى: اهتدى. والرشد: إصابة وجه الأمر، والسير على الطريق الأسدّ. والرشاد: خلاف الغي, ويقال للمسافر: راشدا مهديا، ولمن يقول أريد أن أفعل كذا: رشدت ورشد أمرك.
انظر مادة "رشد" في أساس البلاغة ص163, وفي القاموس المحيط 1/ 305, والصحاج مادة "رشد" 2/ 474.
غوى -بفتح الواو- أي: ضل, وهو من الغي وهو: الانهماك في الشر, أعاذنا الله تعالى والمسلمين. النهاية في غريب الحديث 3/ 396.
3 مسلم: في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة, حديث "48" 2/ 594.
وأخرجه أبو داود: في كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس, حديث "1099" 1/ 660.
وأخرجه أيضا في كتاب الأدب، باب "85" حديث "4981" 5/ 259 بنحوه.
وأخرجه النسائي، في كتاب النكاح, باب ما يكره في الخطبة 6 / 90, وأخرجه الإمام أحمد 4/ 256. =

(1/86)


...........................................................
__________
= توضيح:
قوله: "بئس الخطيب أنت".
بئس: فعل ماضٍ بمعنى الذم. والبؤس: الفقر. والبأس: العذاب والشدّة.
انظر مادة "بئس" في أساس البلاغة ص14, والقاموس المحيط 2/ 206.
وقد اختلف العلماء في سبب إنكار النبي -صلى الله عليه وسلم- على الرجل؛ فقال القاضي عياض وآخرون: إنما أنكر عليه لتشريكه في الضمير المقتضي للتسوية، وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه. ورد بأنه ورد مثله في كلامه, صلى الله عليه وسلم. وأجيب عنه باحتمال الخصوص.
وقال النووي: إن سبب النهي: أن الخطب شأنها البسط والإيضاح، واجتناب الإشارات والرموز.
وقال القرطبي: إن سبب النهي: أن هذا الخطيب وقف على "ومن يعصهما".
وقال السندي: إن ذلك يختلف حكمه بالنظر إلى المتكلمين والسامعين.
والأخير هو الأقرب فيما أرى -والله أعلم- فإنه جاء في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله كما تقدم؛ ففي سنن أبي داود 2/ 591, 592 من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب فقال في خطبته: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا".
انظر تفصيل المسألة في شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 159, 160, وشرح السيوطي على سنن النسائي، وحاشية السندي عليه أيضا 6/ 90, 91.

(1/87)


..............................................................
__________
استدراك: جاء في مختصر المنتهى "ص39 و40" قوله: مسألة: يستحيل كون الشيء واجبا حراما إلى أن قال: قالوا: لو صحت -أي الصلاة- في الدار المغصوبة, لصح يوم النحر, يعني: وهو منهيّ عنه.
"قلت": لم يذكر هذا المصنف، وذكره الزركشي في المعتبر خ ل4 ب، وابن حجر في الموافقة خ ل8 أ. وحديث النهي عن صوم يومي الفطر والأضحى, مخرج في الصحيحين وغيرهما، عن جماعة من الصحابة, رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر".
أخرجه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، واللفظ لمسلم.
فالبخاري: في كتاب الصوم، باب "66" صوم يوم الفطر 2/ 249 وفيه زيادة.
ومسلم: في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى. حديث "141" 2/ 800.
وأبو داود: في كتاب الصوم، باب في صوم العيدين. حديث "2417" 2/ 803, وفيه زيادة أيضا.
والترمذي: في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم يوم الفطر والنحر. حديث "772" 3/ 133 وقال أبو عيسى: "حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح".

(1/88)


قوله: قالوا: لو كان لكان تركه معصية؛ [لأنها] 1 مخالفة الأمر، ولما صح "لأمرتهم بالسواك".
5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه2- قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".
رواه البخاري ومسلم3.
__________
1 في الأصل "لأنه", وفي نسخة ف ومختصر المنتهى ص"41" كما أثبته.
2 هو عبد الرحمن بن صخر -على الأشهر- الدوسي اليماني، الصحابي الجليل، حافظ الصحابة وفقيههم، اختُلف في اسمه كثيرا, ويقال: كان اسمه في الجاهلية عبد شمس أبا الأسود فسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، وكناه أبا هريرة. مات سنة سبع وقيل: سنة ثمانٍ وقيل: تسع وخمسين, وهو ابن ثمانٍ وسبعين, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 7/ 425, الاستيعاب 4/ 1768, تذكرة الحفاظ 2/ 32, تهذيب التهذيب 12/ 262, سير أعلام النبلاء 2/ 578.
3 البخاري في كتاب الجمعة، باب "8" السواك يوم الجمعة 1/ 214 ولفظه: "مع كل صلاة".
وفي كتاب التمني، باب "8" كراهية تمني لقاء العدو 8/ 131 مختصرا.
وفي كتاب الصوم، باب "26" السواك الرطب واليابس للصائم 2/ 234 معلقا بصيغة الجزم، ولفظه: "عند كل وضوء".
ومسلم: في كتاب الطهارة، باب السواك. حديث "42" 1/ 220 وفيه لفظه.
وأخرجه أبو داود: في كتاب الطهارة, باب السواك. حديث "46" 1/ 40.
وأخرجه الترمذي: في أبواب الطهارة، باب ما جاء في السواك. حديث "22" 1/ 34.
وأخرجه النسائي: في كتاب الطهارة، باب الرخصة في السواك بالعشي للصائم 1/ 12.
وأخرجه أيضا في السنن الكبرى، في الصلاة وفي الصوم، وفيه زيادة.
انظر تحفة الأشراف 10/ 166.
وأخرجه الإمام ابن ماجه: في كتاب الطهارة وسننها، باب السواك. حديث "287" 1/ 105.
وأخرجه الإمام مالك في الموطأ: في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك. حديث "114" و"115" الأول مختصرا، والثاني بلفظ: "عند كل وضوء".
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 245، 250، 259، 287، 399، 400، 429، 433، 460، 509، 517، 531.
وفي بعض أحاديثه زيادة، وفي لفظ بعضها: "عند كل وضوء".
وأخرجه الدارمي: في كتاب الطهارة، باب في السواك 1/ 174.
وفي كتاب الصلاة: باب ينزل الله إلى السماء الدنيا 1/ 348, وفيه زيادة.

(1/89)


...........................................................
__________
استدراك: في مختصر المنتهى ص"43":
قوله: في خطاب الوضع، كالحكم على الوصف بالسببية الوقتية، كالزوال.
قال الحافظ في الموافقة خ ل9 آ: كأنه يشير إلى حديث خباب بن الأرتّ ... وساق حديثه بإسناده.
"قلت": لم يذكر هذا الحافظ ابن كثير في كتابه.
وحديث خباب -رضي الله عنه- أخرجه الإمام مسلم: في كتاب الصلاة، باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحرة. حديث "189" ولفظه عنه قال: "شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة في الرمضاء، فلم يشكنا" وفي الحديث رقم "190" 1/ 433.
وأخرجه النسائي: في كتاب الصلاة، باب وقت صلاة الظهر. حديث "675" 1/ 222.
وأخرجه الإمام أحمد: 5/ 108، 110.
توضيح:
الرمضاء: الأرض الشديدة الحرارة. والرمض, محركة: شدة وقع الشمس على الأرض. انظر مادة "رمض" في القاموس 2/ 344.
فلم يشكنا -وهي بضم الياء وسكون المثلثة وكسر الكاف- أي: لم يزل شكواهم. يقال: أشكيت الرجل؛ إذا أزلت شكواه. انظر مادة "شكا" في النهاية 2/ 497.
وقد شكا الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يجدونه من الرمضاء، وسألوه أن يؤخّر صلاة الظهر، فلم يجبهم إلى ذلك.
وقد اختلف العلماء -عليهم رحمة الله- هل التقديم في صلاة الظهر أفضل من تأخيرها، أم الإبراد فيها؟ فقال بعضهم: الإبراد رخصة، والتقديم أفضل، واعتمدوا حديث خباب, وحملوا حديث الإبراد الذي أخرجه الإمام مسلم في الصلاة "1/ 430" حديث رقم "180" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا اشتد الحر أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم" وكذلك الأحاديث الصحيحة الأخرى في الباب، حملوها على الترخيص والتخفيف في التأخير, وبهذا قال بعض الشافعية وغيرهم.
قال النووي: والصحيح استحباب الإبراد، وبه قال جمهور العلماء، وهو المنصوص عن الشافعي, رحمه الله تعالى. وبه قال جمهور الصحابة؛ لكثرة الأحاديث الصحيحة فيه المشتملة على فعله -صلى الله عليه وسلم- والأمر به في مواطن كثيرة، ومن جهة جماعة من الصحابة, رضي الله عنهم. ا. هـ.
وللجمع بين حديث خباب، وحديث الإبراد، قالوا: إن حديث خباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا على قدر الإبراد؛ لأن الإبراد يؤخر بحيث يحصل للحيطان فيء يمشون فيه, ويتناقص الحر. =

(1/90)


........................................................................
__________
= وقيل: معناه: فلم يشكنا، أي: لم يحوجنا إلى الشكوى ورخّص لنا في الإبراد. قال السندي: وعلى هذا يظهر التوفيق بين الأحاديث.
على أن جماعة من العلماء قالوا بالنسخ. قال القرطبي: ويحتمل هذا منه -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يؤمر بالإبراد.
انظر النووي على صحيح مسلم 5/ 117, 118, وشرح السيوطي على سنن النسائي، وحاشية السندي عليه أيضا 1/ 247, 248.

(1/91)


.............................................................
__________
استدراك: في مختصر المنتهى ص"46":
قوله: المحكوم عليه ... إلى أن قال: اُعْتُبر طلاق السكران وقتله.
"قلت": لم يذكر المصنف هذا.
وقال الحافظ في الموافقة ل9 ب كأنه اعتمد على ما في الموطأ, ثم ذكره الحافظ.
وهو في الموطأ: في كتاب الطلاق, باب "82" جامع الطلاق 2/ 588.
عن الإمام مالك: "أنه بلغه أن سعيد بن المسيّب وسليمان بن يَسَار سُئِلا عن طلاق السكران, فقالا: إذا طلق السكران جاز طلاقه, وإذا قَتَل قُتِل به".
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا. انتهى.
وقال الحافظ: وقد ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أن طلاق السكران لا يقع. وساق الحافظ أثرا بإسنادة إلى ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال: قال رجل لعمر بن عبد العزيز: إني طلقت امرأتي وأنا سكران, قال: فكان رأي عمر بن عبد العزيز مع رأينا؛ أن يجلده ويفرق بينه وبين امرأته، حتى حدثه أَبَان بن عثمان عن أبيه قال: ليس على مجنون ولا سكران طلاق. قال: فقال عمر بن عبد العزيز: كيف تأمروني أن أفرق بينه وبين امرأته، وهذا يخبرني عن عثمان بهذا؟! قال: فجلده ولم يفرق بينه وبين امرأته.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا موقوف صحيح, أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن ابن أبي ذئب.
ثم قال الحافظ بعد ذلك: ويمكن الجمع بين القولين بالحمل على الطافح والنشوان, والله أعلم.
انظر الموافقة "خ ل9 ب و10 أ" والمصنف لابن أبي شيبة, كتاب الطلاق, باب من يرى طلاق السكران جائزا "5/ 39".

(1/92)


قوله: وقول ابن عباس: سرق الشيطان من الناس آية1.
6- قال أبو عبيد القاسم بن سلّام2 في كتاب فضائل القرآن: ثنا إسماعيل بن إبراهيم3 عن الليث4 عن مجاهد5، عن ابن عباس قال: "آية من كتاب الله أغفلها الناس: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " إسناده جيد6.
7- وروى البيهقي7 في السنن الكبير، في كتاب الصلاة من حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير8، قال: أخبرني عمر بن ذر9، عن
__________
1 انظر مختصر المنتهى ص49.
2 هو الإمام القاسم بن سلّام -بتشديد اللام - بن عبد الله, أبو عبيد البغدادي، الحافظ، الثقة، الحجة, المجتهد، صاحب الأموال والغريب والمصنفات. مات سنة أربع وعشرين ومائتين بمكة.
تاريخ بغداد 12/ 403-416, تذكرة الحفاظ 1/ 417, التقريب 8/ 315, السير 10/ 490.
3 هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم -بكسر الميم وسكون القاف وفتح السين- أبو بشر الأسدي، مولاهم، البصري، الكوفي الأصل، الإمام الثبت المشهور بابن علية -بضم العين- وهي أمه. مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائة.
تذكرة الحفاظ 1/ 322, التقريب 1/ 65, التهذيب 1/ 275.
4 هو الإمام الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي, المصري, الحافظ، الثقة, فقيه مصر ومحدثها، ومن يفتخر بوجوده الإقليم. مات في القاهرة سنة خمس وسبعين ومائة.
تذكرة الحفاظ 1/ 224, التقريب 2/ 138, التهذيب 8/ 459, السير 8/ 136.
5 هو الإمام مجاهد بن جبر أبو الحجاج، المكي المخزومي، مولاهم، الثقة الفقيه, شيخ القراء والمفسرين. مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة، وله ثلاث وثمانون. تذكرة الحفاظ 1/ 92, التقريب 2/ 229, التهذيب 10/ 42, السير 4/ 449.
6 في باب ذكر "بسم الله الرحمن الرحيم" وفضلها وحديثها, لوحة 149.
"قلت": وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/ 7, وقال: وأخرجه أبو عبيد، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس.
7 هو الإمام أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى الحافظ، أبو بكر البيهقي، النيسابوري، الخسروجردي، صاحب السنن والمصنفات. توفي بنيسابور سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.
تذكرة الحفاظ 3/ 1132, طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 8.
8 هو محمد بن جعفر بن كثير الأنصاري, مولاهم، المدني، ثقة، من السابعة.
التقريب 2/ 150، والتهذيب 9/ 49.
9 هو عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني -بسكون الميم- المرهبي -بضم الميم وسكون الراء- أبو ذر الكوفي، ثقة، رُمِي بالإرجاء. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة, وقيل غير ذلك.
التقريب 2/ 55, التهذيب 7/ 444, الجرح والتعديل 6/ 107, ميزان الاعتدال 3/ 194.

(1/93)


أبيه1, عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "إن الشيطان استرق من أهل القرآن أعظم آية في القرآن: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "2.
__________
1 هو ذر بن عبد الله الهمداني أبو عمر المرهبي، ثقة عابد، رمي بالإرجاء، مات قبل المائة.
التقريب 1/ 238, التهذيب 3/ 218, الجرح 3/ 453, الميزان 2/ 32.
2 في باب افتتاح القراءة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والجهر بها إذا جهر بالفاتحة 2/ 50.
وقال: "كذا كان في كتابي، عن أبيه، عن ابن عباس، وهو منقطع".
قال الحافظ في الموافقة خ ل10 ب بعد أن ذكر حديث البيهقي هذا:
رجاله ثقات، لكنه منقطع بين ذر -وهو ابن عبد الله المرهبي- وابن عباس، فإن بينهما سعيد بن جبير ... ثم قال: وقد أخرجه ابن خزيمة في كتابه في البسملة هكذا. وأخرجه في وجه أصح منه, من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس بنحوه. وكذا أخرجه ابن المنذر في الأوسط، وأخرجه سعيد بن منصور من وجه ثالث عن ابن عباس.... ا. هـ.
"قلت": وقال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار 2/ 181: وروى عبد العزيز بن حصين، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: "سرق الشيطان من أئمة المسلمين آية من فاتحة الكتاب، أو قال: من كتاب الله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".
قال ابن عباس: نسيها الناس كما نسوا التكبير في الصلاة، والله ما كنا نقضي السورة حتي ينزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .
ثم قال أبو عمر: عبد العزيز بن حصين وإن كان ضعيفا, فإنه لم يأت في حديثه هذا إلا بما جاء به الثقات. ا. هـ.
توضيح:
إن المراد بالإغفال والاستراق هو عدم الجهر بالبسملة في الصلاة. فإن كتاب الله تعالى محفوظ وإن نصوص الكتاب العزيز قاطعة في أن القرآن محفوظ بحفظ الله تعالى. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الآية 9 من سورة فصلت] , وقال تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [الآية 42 من سورة فصلت] . وتواترت الدلالات على آيات حفظه، فما استطاع عدو أن يحرف فيه نقطة، أو يغير حرفا أو كلمة، ولا مردة الشياطين من أن تسترق أو تتسمع, قال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ، وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ، إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الآيات 16، 17، 18 من سورة الحجر] .

(1/94)


قوله: مسألة: فعله -صلى الله عليه وسلم- ما1 وضح فيه أمر الجِبِلَّة2؛ كالقيام، والقعود، والأكل، والشرب, أو تخصيصه3 كالضحى، والوتر، والتهجد، والمشاورة، والتخيير، والوصال، والزيادة، على أربع4.
أما تخصيصه بالضحى والوتر.
8- فعن ابن عباس قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
"ثلاث هن عليّ فرائض, وهن لكم تطوع: الوتر، والنحر، وصلاة الضحى".
هذا الحديث لم يروه أحد من أهل الكتب الستة.
__________
1 في ف "فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما". وفي الأصل والمختصر كما أثبته.
2 الجبلة: الخلقة والطبيعة، وجبلهم الله تعالى, يجبِّل ويجبِل: خلقهم. وجبله الله على الكرم: خلقه, وهو مجبول عليه.
قال تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} [الآية: 184 في سورة الشعراء] .
انظر: مادة "جبل" في أساس البلاغة ص51، وفي القاموس المحيط 3/ 356.
وأفعاله -صلى الله عليه وسلم- الجبلية, أي: التي لم يقصد بها التشريع من المباحات -كما قطع به الأكثر- له ولأمته.
وقال ابن النجار: لكن لو تأسى به متأسٍ فلا بأس، كما فعل ابن عمر, رضي الله عنهما "فإنه كان إذا حج يجرّ بخطام ناقته حتى يبركها حيث بركت ناقته صلى الله عليه وسلم؛ تبركا بآثاره" ثم قال: وإن تركه لا رغبة عنه ولا استكبارا، فلا بأس. ثم قال: ونقل ابن الباقلاني والغزالي قولا، أنه يندب التأسي به. ا. هـ.
وقال محقق شرح الكوكب المنير, في تعليقه: "أيد هذا شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: دلالة أفعاله العادية، على الاستحباب أصلا وصفة".
انظر: شرح التفتازاني على ابن الحاجب 2/ 22, وشرح الكوكب المنير 2/ 178-183, والمسودة ص191.
3 أي: ما اختص به صلى الله عليه وسلم من أفعال دون أمته، وقد خص صلى الله عليه وسلم بواجبات، ومحظورات، ومباحات، وكرامات, كما قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وخصائصه -صلى الله عليه وسلم- كثيرة أفردت بالتصانيف.
انظر شرح الكوكب 2/ 178.
4 انظر المسألة في مختصر المنتهى ص51.

(1/95)


وإنما رواه الإمام أحمد في مسنده1, والحاكم في مستدركه2.
__________
1 مسند أحمد 1/ 23.
وأحمد: هو الإمام، الحافظ، الحجة، الفقيه، الناقد، أبو محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الذهلي الشيباني المروزي البغدادي، أبو عبد الله ذو المناقب, وموقفه المحمود في محنة القول بخلق القرآن معروف، صاحب المذهب. توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين.
تاريخ بغداد 4/ 412، وتذكرة الحفاظ 2/ 431، وكتاب مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي.
2 المستدرك: في كتاب الوتر 1/ 300, وقال الذهبي: قلت: ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب منكر، ويحيى: ضعفه النسائي، والدارقطني ا. هـ.
والحاكم: هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم الضبي النيسابوري, الحافظ، الثقة، الإمام، صاحب المستدرك. توفي سنة 405 هـ.
تذكرة الحفاظ 3/ 1039.
"قلت": وأخرجه الدارقطني: في كتاب الوتر، باب صفة الوتر، وأنه ليس بفرض ... إلخ 2/ 21 وفيه: "وركعتا الفجر" بدلا من "وصلاة الضحى".
وأخرجه البيهقي: في السنن الكبرى، في كتاب الصلاة، باب جماع أبواب التطوع وقيام شهر رمضان 2/ 468.
وقال: أبو جناب الكلبي اسمه يحيى بن أبي حية، ضعيف, وكان يزيد بن هارون يصدقه ويرميه بالتدليس. ا. هـ.
وكلهم رووه من طريق أبي جناب الكلبي.
وقال الزركشي في المعتبر ل. أ: رواه البيهقي في خلافياته وضعفه، وعده ابن عدي من منكراته.
وقال الحافظ في الموافقة خ ل12 ب: وللحديث طرق أخرى وساقها بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه. وقال الحافظ: وهو أيضا ضعيف؛ لضعف جابر بن يزيد.
ثم قال: ويدل على عدم وجوبها عليه، ما اتفق عليه الشيخان؛ البخاري في التهجد, باب "32" من لم يصل الضحى ورآه واسعا 2/ 53, 54, ومسلم في صلاة المسافرين, باب استحباب صلاة الضحى ... إلخ. حديث "77" 1/ 497, من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما سبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبحة الضحى ... ".
ولمسلم "في المسافرين أيضا حديث "75" 1/ 496" عن عبد الله بن شقيق قال: =

(1/96)


وهو ضعيف:
لأنه رواه أبو جناب الكلبي -واسمه يحيى بن أبي حية1- عن عكرمة عن ابن عباس, وأبو جناب ضعّفه: يحيى بن سعيد القطان2،
__________
= قلت لعائشة, رضي الله عنها: "أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى؟ قالت: لا, إلا أن يجيء من مغيبه".
وله "في المسافرين حديث "78" 1/ 407".
عن معاذ عن عائشة قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله". فيجمع بين الأول والثالث بما دل عليه الثاني، وذلك كان في الدلالة على عدم المواظبة.
وروى الترمذي "في أبواب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الضحى, حديث "477" 2/ 342" عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى حتى نقول: لا يدع, ويدعها حتى نقول: لا يصلي".
"قلت": وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن غريب".
ثم قال الحافظ: ويدل على أن الوتر ليس واجبا عليه -صلى الله عليه وسلم- ما ثبت في الصحيحين "أنه كان يوتر على راحلته، ولا يصلي عليها المكتوبة".
"قلت": في صحيح البخاري "2/ 13 و14" في كتاب الوتر, باب "5" الوتر على الدابة، وفي باب "6" الوتر في السفر, عن ابن عمر قال: كان "النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، ويومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته".
ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها, باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت, حديث 36، 37، 38، 39، "1/ 487".
ثم قال الحافظ في الموافقة ل13 أ: "ودعوى خصوصيته بإيقاع هذا الواجب على الراحلة تحتاج إلى دليل، وكذا دعوى أن الواجب عليه في الحضر دون السفر". ا. هـ.
1 هو: يحيى بن أبي حية -بمهملة وتحتانية مشددة- الكلبي أبو جناب الكوفي, مشهور بكنيته, واسم أبيه حي -بفتح الحاء وتشديد الياء- ضعفوه لكثرة تدليسه. مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
التقريب 2/ 346, التهذيب 11/ 201, الجرح والتعديل 9/ 138, الميزان 4/ 371.
وانظر ما أورده المصنف فيه عن الأئمة من أقوال، وانظر الهوامش.
2 هو الإمام يحيى بن سعيد بن فروخ -بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة- التيمي, مولاهم, البصري، أبو سعيد القطان, الحافظ المتقن، إمام النقاد. توفي سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
تذكرة الحفاظ 1/ 298, التقريب 2/ 248, التهذيب 11/ 216.
وانظر تضعيفه لأبي جناب في: تاريخ الضعفاء الصغير ص119, والتهذيب 11/ 201, 202, والجرح والتعديل 9/ 139, والميزان 4/ 371.

(1/97)


ويحيى بن معين1، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني2، وعثمان بن سعيد الدارمي3، ومحمد بن سعد [الكاتب] 4 -كاتب الواقدي5- وأبو جعفر
__________
1 هو الإمام الفرد، يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام -بكسر الباء- بن عبد الرحمن المري الغطفاني, مولاهم البغدادي، أبو زكريا العالم، الحافظ، الثقة, الناقد، الفذ، إمام الجرح والتعديل. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين عن سبع وسبعين سنة.
تاريخ بغداد 14/ 177, تذكرة الحفاظ 2/ 431, التقريب 2/ 358, التهذيب 11/ 280.
وانظر تضعيفه لأبي جناب في الجرح والتعديل 9/ 38 في رواية ابن أبي خيثمة عنه, وفي المجروحين 3/ 11, وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة عنه قوله فيه: "ضعيف ضعيف", وفي رواية جعفر بن أبان عنه قوله فيه: "ليس بشيء".
2 هو: الإمام إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني أبو إسحاق, الحافظ، الثقة، المصنف، نزيل دمشق ومحدثها. مات سنة ست وخمسين ومائتين.
تذكرة الحفاظ 1/ 549, التقريب 1/ 46, التهذيب 1/ 180.
وانظر تضعيفه لأبي جناب في التهذيب 11/ 202.
3 هو: الإمام عثمان بن سعيد بن خالد التيمي الدارمي السجستاني أبو سعيد، الثقة، الناقد. توفي سنة ثمانين ومائتين.
تذكرة الحفاظ 2/ 622, وطبقات الشافعية 2/ 302.
وانظر تضعيفه لأبي جناب الكلبي: في تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي ص238.
ونقل ابن محرز عنه فيه قوله: "ليس بقوي".
4 ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل, وأثبتها من نسخة ف.
وهو: محمد بن سعيد بن منيع الهاشمي, مولاهم أبو عبد الله البصري. كاتب الواقدي، نزيل بغداد، صاحب الطبقات، صدوق فاضل. مات ببغداد سنة ثلاثين ومائتين.
تاريخ بغداد 5/ 321, تذكرة الحفاظ 2/ 425, التقريب 2/ 163, التهذيب 9/ 182, الميزان 3/ 560.
وانظر تضعيفه لأبي جناب في الطبقات الكبرى 6/ 360.
5 الواقدي: هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم، المدني القاضي، نزيل بغداد، ولي القضاء فيها، حافظ بحر، لكنه متروك على سعة علمه. مات سنة سبع ومائتين.
تذكرة الحفاظ 1/ 348, التقريب 2/ 914, التهذيب 9/ 363, الميزان 3/ 662.

(1/98)


أحمد بن عبد الله العجلي1, ويعقوب بن سفيان الفارسي2.
وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير3.
وقال عمرو بن علي الفلاس4: متروك الحديث.
وقال أبو حاتم الرازي5: لا يكتب حديثه، ليس بقوي.
وقال النسائي: ليس بثقة6.
وقال أبو نعيم الفضل بن دكين7: ثقة، إلا أنه كان يُدَلّس.
__________
1 هو: الإمام أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي، أبو الحسن نزيل طرابلس الغرب، من الحفاظ المتقنين الأثبات. مات سنة إحدى وستين ومائتين.
تذكرة الحفاظ 2/ 560.
وانظر كلامه في أبي جناب في ترتيب ثقات العجلي خ ل58 ب قال: "وكان يدلس, لا بأس به".
وانظر تهذيب التهذيب 2/ 560.
2 هو: الإمام يعقوب بن سفيان بن جوان -بفتح الجيم والواو المثقلة- الفارسي، الفسوي, أبو يوسف الحافظ، الحجة، إمام أهل الحديث بفارس. مات سنة سبع وسبعين ومائتين.
تذكرة الحفاظ 2/ 582, التقريب 2/ 375, التهذيب 11/ 385.
وانظر تضعيفه لأبي جناب في المعرفة والتاريخ 3/ 108, قال: "وهو ضعيف, كان يدلس".
3 انظر تهذيب التهذيب 11/ 202.
4 هو: الإمام عمرو بن علي بن بحر بن كثير -بالتصغير- أبو حفص، الفلاس الصيرفي الباهلي البصري، الحافظ، الثقة، الناقد. مات سنة تسع وأربعين ومائتين.
التقريب 2/ 75, التهذيب 8/ 80.
وانظر ما قاله في أبي جناب: في الميزان 4/ 371, وفي التهذيب 11/ 202.
5 هو: الإمام محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي أبو حاتم, أحد الأئمة الثقات الأثبات. مات سنة سبع وسبعين ومائتين.
التقريب 2/ 143, التهذيب 9/ 31.
وانظر ما قاله في أبي جناب: في الجرح والتعديل 9/ 139.
6 انظر الضعفاء والمتروكين له ص110.
7 هو: الإمام الفضل بن عمرو بن حماد بن زهير بن درهم التيمي، مولى آل طلحة, الملائي الكوفي, أبو نعيم, الحافظ، الثقة, الثبت. وهو مشهور بكنيته، ودكين -بالتصغير- لقب لأبيه. مات سنة ثماني عشرة ومائتين، وقيل: تسع عشرة.
التقريب 2/ 110, التهذيب 8/ 270.
وانظر ما قاله فيه: في الجرح والتعديل 9/ 138, وفي التهذيب 11/ 202.

(1/99)


وقال ابن معين في رواية عنه1, وأبو زرعة الرازي2, وعبد الرحمن بن يوسف بن خِراش3: كان صدوقا.
زاد أبو زرعة، وابن خراش: وكان يدلس.
وذكره ابن حبان4 في ثقاته5, وذكره في كتاب الضعفاء أيضا6.
وأما التهجد: فقال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} 7.
وأما المشاورة: فلقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} 8.
__________
1 انظر: تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي ص238.
"قلت": وقال ابن محرز عن ابن معين قوله فيه: "ليس بقوي". انظر معرفة الرجال خ ل4 ب.
2 هو الإمام عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ -بتشديد الراء- المخزومي، أبو زرعة الرازي, الحافظ، الثقة. مات سنة أربع وستين ومائتين.
التقريب 1/ 536, التهذيب 7/ 30.
وانظر قوله: في كتاب الضعفاء له 2/ 696.
3 هو: عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش -بكسر المعجمة- المروزي. حافظ، وناقد بارع، وكان رافضيا متروكا. قال الإمام الذهبي: معاند للحق، فما انتفع بعلمه، فلا رضي الله عنه. ا. هـ. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع, مات ابن خراش سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين.
تذكرة الحفاظ 2/ 684, ميزان الاعتدال 2/ 600.
وانظر كلامه في أبي جناب: في التهذيب 11/ 202.
4 هو: الإمام محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ بن معبد البستي، أبو حاتم الحافظ، الثقة، الناقد، الفقيه، المصنف، صاحب الصحيح المسمى بالتقاسيم والأنواع. مات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة, رحمة الله عليه وعلى جميع العلماء العاملين.
تذكرة الحفاظ 3/ 125, طبقات الشافعية 3/ 131.
5 انظر الثقات 7/ 597.
6 انظر المجروحين 3/ 111.
7 سورة الإسراء: الآية 79.
8 سورة آل عمران: الآية 159.

(1/100)


وأما التخيير:
9- ففي الصحيحين، عن عائشة -رضي الله عنها1- قالت: "لما أُمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال: "إني ذاكر لك أمرا, فلا عليك ألا تعجلي، حتى تستأمري أبويك" قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: "إن الله -عز وجل- قال لي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ... } الآية {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ ... } 2 الآية". قالت: فقلت: في هذا أستأمر أبوي! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: نعم, فعل أزواج النبي مثلما فعلت3.
وفي رواية لهما قالت: "خيرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يعدها شيئا"4.
__________
1 هي: أم المؤمنين عائشة الصديقة, بنت الصديق، الحافظة، العالمة، الفقيهة. ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح, رضي الله تعالى عنها.
الإصابة 8/ 16, التقريب 2/ 606.
2 سورة الأحزاب: الآيتان 28، 29, وتمامها:
{..... فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} .
3 البخاري في كتاب التفسير في الأحزاب, باب "4" قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ ... } إلخ, وفي باب "5" قوله: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ....} 6/ 22، 23.
وفي كتاب الطلاق, باب "6" إذا قال: فارقتك أو سرحتك ... إلخ, معلقا بصيغة الجزم, مختصرا جدا 6/ 166.
ومسلم: في كتاب الطلاق، باب بيان تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا ببينة، حديث "22" 2/ 1103 باختلاف يسير جدا في ألفاظهما.
وأخرجه الترمذي: في كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأحزاب, حديث "3204" 5/ 351 وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي: في كتاب النكاح، باب فيما افترض الله -عز وجل- على رسوله ... إلخ 6/ 55.
وفي كتاب الطلاق: باب التوقيت في الخيار 6/ 159.
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الطلاق، باب الرجل يخير امرأته, حديث "2053" 1/ 662.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند: 6/ 103، 163، 248.
4 البخاري: في كتاب الطلاق، باب "5" من خيَّر نساءه ... إلخ "6/ 165". =

(1/101)


وأما الوصال:
10- ففي الصحيحين، عن ابن عمر1: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الوصال, فقالوا: إنك تواصل2! فقال: "إني لست كأحدكم, إني أظل يطعمني ربي ويسقيني" 3.
__________
= عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خيرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يعد ذلك علينا شيئا".
ومسلم: في كتاب الطلاق, باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا ببينة, حديث "28" 2/ 1104.
وأخرجه أبو داود: في كتاب الطلاق, باب في الخيار, حديث "2203" 2/ 653.
وأخرجه الترمذي: في أبواب الطلاق، باب ما جاء في الخيار، حديث "1179" 3/ 474.
وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح".
والنسائي: في كتاب الطلاق، باب في المخيرة تختار زوجها 6/ 161.
وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب الرجل يخير امرأته, حديث "2052" 1/ 661.
توضيح:
اختلف العلماء في الخيار في الطلاق, هل يعتبر طلاقا, أم لا؟ وفيما إذا اختارت نفسها، أو زوجها, فقال جمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار: إن من خير زوجته فاختارته، لا يقع عليه بذلك طلاق. لكن اختلفوا فيما إذا اختارت نفسها، هل يقع طلقة واحدة رجعية أو بائنا أو يقع ثلاثا؟ فقال عمر وعبد الله بن مسعود, رضي الله عنهما: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة, وروي عنهما أنهما قالا: يملك الرجعة.
وإلى قولهما ذهب أكثر أهل الحديث، وأهل الفقه، من الصحابة ومن بعدهم, رضي الله عنهم أجمعين.
انظر كلام الترمذي في الجامع الصحيح عقب حديث الباب 3/ 474, 475.
وانظر تفصيل المسألة في الفتح 9/ 367-369، وعارضة الأحوذي 5/ 137-140، وتحفة الأحوذي 4/ 349, 350.
1 هو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب, العدوي القرشي. وُلد بعد المبعث بيسير، واستُصغر يوم أحد. وهو من فقهاء الصحابة، وأحد المكثرين منهم، وكان من أشد الناس اتباعا للأثر. مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها، أو أول التي تليها, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 4/ 181, التقريب 1/ 435, التهذيب 5/ 328, السير 3/ 203.
2 في ف "تفعله", وما أثبته من الأصل ومن الصحيحين.
3 البخاري: في كتاب الصوم، باب "48" الوصال ومن قال: ليس من الليل صيام ... إلخ 2/ 242. =

(1/102)


11- وفيهما، عن أبي هريرة1.
12- وعائشة، مثله2.
__________
= ومسلم: في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم, حديث "55" و"56" 2/ 774.
"قلت": وأخرجه أبو داود: في كتاب الصوم، باب في الوصال, حديث "2360" 2/ 766.
وأخرجه الإمام مالك: في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصيام, حديث "38" 1/ 100.
ولفظهم فيه اختلاف يسير عن لفظ الحديث في الكتاب.
توضيح:
الوصال: المواصلة في الصوم, وهو: أن يصوم يومين أو ثلاثة لا يفطر فيها.
انظر جامع الأصول 6 / 380.
قال الحافظ في الموافقة: خ ل14 ب: "قوله: والوصال: يريد أن من خصائصه -صلى الله عليه وسلم- جواز الوصال....".
1 البخاري: في كتاب التمني، باب "9" ما يجوز في اللّوّ, وقول الله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} 8/ 131.
ومسلم: في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم, حديث "57" و"58" 2/ 774, 775.
وأخرجه الإمام مالك: في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم, حديث "39" 1/ 301.
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 377 و516.
2 البخاري: في كتاب الصوم، باب "48" الوصال, ومن قال: ليس في الليل صيام ... إلخ 2/ 242.
ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم, حديث "61" 2/ 776.
وأخرجه الإمام أحمد 6/ 89 و93.
توضيح:
قال الزركشي في المعتبر خ ل8 أ:
"قلت: إن أراد المصنف بكون الوصال من الخصائص، مطلق الوصال, فلا يصح؛ لما في صحيح البخاري "في كتاب الصوم باب "48" الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام ... إلخ 2/ 242" عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " ... فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر...." وإن أراد زيادة عليه, ففي الصحيحين عن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الوصال وقال: "إني لست كهيئتكم" فلما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما ثم يوما, ثم قال: ومواصلته -صلى الله عليه وسلم- بهم ليس تقريرا، بل =

(1/103)


وأما الزيادة على أربع:
ففي كتب السير، والتواريخ أن النبي -صلى الله عليه وسلم1- عقد عَقْدَه على خمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة، وجمع بين إحدى عشرة، ومات عن تسع بلا خلاف. كذا قال سيف بن عمر2, عن سعيد3، عن قتادة4، عن أنس5 وابن عباس.
وأجمع المسلمون قاطبة على أن الزيادة على أربع كان من خصائص رسول الله, صلى الله عليه وسلم6.
ولا عبرة بمخالفة الشيعة في ذلك7.
__________
1 في نسخة ف: "أنه صلى الله عليه وسلم".
2 هو: سيف بن عمر التميمي الكوفي البرجمي، ويقال له: الضبي, ويقال غير ذلك. ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ، من الثامنة. مات زمن الرشيد, رحمهما الله تعالى.
التقريب 1/ 344, التهذيب 4/ 295, الميزان 2/ 255.
3 هو: سعيد بن أبي عروبة, واسمه مهران اليشكري, مولاهم، أبو النضر البصري. ثقة، حافظ لكنه كثير التدليس، واختلط, وكان أثبت الناس في قتادة, من السادسة. مات سنة ست وقيل: سبع وخمسين.
التقريب 1/ 302, التهذيب 4/ 63, الكواكب النيرات ص190.
4 هو: قتادة بن دعامة -بكسر الدال- بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري. ثقة، ثبت، يقال: ولد أكمه. رأس الطبقة الرابعة, مات سنة بضع عشرة ومائة.
التقريب 2/ 133, التهذيب 8/ 35.
5 هو: الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام الأنصاري، الخزرجي، النجاري، المدني، الإمام، المقرئ المحدث، راوية الإسلام, خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. مات سنة اثنتين, وقيل: ثلاث وتسعين وقد جاوز المائة, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 1/ 126, التقريب 1/ 84, التهذيب 1/ 376, السير 3/ 396.
6 انظر تاريخ الطبري في ذكر الخبر عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم 3/ 160 وما بعدها، والبداية والنهاية للمصنف 5/ 291، 292 وما بعدهما، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 27, وانظر فتح الباري 1/ 387, 388، والخصائص الكبرى للسيوطي 3/ 298, والمحلى 11/ 36.
7 قال أبو حيان في تفسيره البحر المحيط 3/ 163 عند تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ.... =

(1/104)


قوله: وما سواهما، إن وضح أنه بيان بقول أو قرينة, مثل: "صلوا" و "خذوا" 1.
هاتان اللفظتان، كل واحدة منهما في حديث.
أما الأول:
13- فعن مالك بن الحويرث2 قال: قال لنا رسول الله, صلى الله عليه وسلم: $"صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري ومسلم3.
__________
أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [سورة النساء، الآية: 3] . ذهب بعض الشيعة إلى أنه يجوز النكاح بلا عدد كما يجوز التسري بلا عدد، وليست الآية تدل على توقيت بالعدد بل تدل على الإباحة.
قلت: وقد أشار الحافظ في الفتح 9/ 139 إلى ما أشار إليه المصنف.
"وأقول": على أن البعض منهم لا يجيزون ذلك؛ فقد عد الحلي -منهم- أن الزيادة على الأربع من خصائصه -صلى الله عليه وسلم- وأن الإجماع انعقد على حرمة الزيادة على الأربع, وأن الشيعة جميعا يجيزون نكاح المتعة ولا يقيدونه بعدد, ونكاح المتعة أجيز، ثم نسخ جوازه يوم خيبر بالسنة الصحيحة، فهو كذلك من ذلك اليوم وإلى قيام الساعة نكاح باطل، وحرام, ولا عبرة بقول أهل البدع وما يفعلون، فإنهم يتبعون الهوى، ويمشون في الضلال. أعاذنا الله تعالى والمسلمين من شر المبتدعين وهوى المفسدين وعصمنا بكتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- آمين.
انظر: النهاية في مجرد الفقه والفتاوى ص451-454 وص489-493.
وانظر: شرائع الإسلام 2/ 271 و2/ 305, 306.
وانظر: دعائم الإسلام 2/ 235 و251.
وانظر: رسالة تحريم نكاح المتعة، لأبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي, المتوفى سنة 490, عليه رحمة الله تعالى.
وانظر: مقدمة محققها الشيخ حماد الأنصاري.
وانظر: فتح الباري 9/ 166-174, وانظر: شح النووي على مسلم 9/ 179-190.
وانظر: العلاقات الجنسية غير الشرعية 1/ 138-194.
1 انظر مختصر المنتهى ص"51".
2 هو: مالك بن الحويرث -بالتصغير- أبو سليمان الليثي، صحابي نزل البصرة. مات سنة أربع وتسعين, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 5/ 719, التقريب 2/ 224, التهذيب 10/ 13.
3 البخاري: في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة ... إلخ 1/ 155. =

(1/105)


وأما الثاني:
14- فعن جابر قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرمي على راحلته يوم النحر, ويقول: "لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" " رواه مسلم1.
ورواه النسائي ولفظه:
__________
= وفي كتاب الأدب، باب "27" رحمة الناس بالبهائم 7/ 77.
وفي كتاب أخبار الآحاد، باب "1" ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق ... إلخ 8/ 132.
"قلت": جاء لفظ هذا الحديث ضمن قصة, وقد ذكر الإمام البخاري اللفظ الذي جاء به المصنف في هذه المواضع الثلاثة، وقد انفرد الإمام البخاري بإيراد اللفظ المذكور في الحديث. وأصل الحديث: أخرجه الإمام البخاري، في مواضع أخرى1، وأخرجه مسلم أيضا وغيره، ولكن ليس فيه اللفظ الذي في حديث الباب. ومنهم من ذكر الحديث بطوله, ومنهم من اختصره.
فالإمام البخاري: في كتاب الأذان أيضا، باب "17" من قال: ليؤذن في السفر مؤذن 1/ 154, وفي باب "35" اثنان فما فوقهما جماعة 1/ 160.
وفي باب "49" إذا استووا في القراءة, فليؤمهم أكبرهم 1/ 167, وفي باب "140" المكث بين السجدتين 1/ 199.
وأخرجه في كتاب الجهاد والسير, باب "42" سفر الاثنين 3/ 215.
والإمام مسلم: في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة, حديث "292 و293" 1/ 465 و466.
"قلت": وأخرجه أبو داود: في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة, حديث "589" 1/ 395.
والترمذي: في أبواب الصلاة، باب ما جاء في الأذان في السفر, حديث "205" 1/ 399.
وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح".
والنسائي: في كتاب الإمامة، باب تقديم ذوي السن 2/ 77.
وابن ماجه: في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من أحق بالإمامة, حديث "979" 1/ 313.
والإمام أحمد 3/ 436 و5/ 53.
1 مسلم: في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ... إلخ, حديث "310" 2/ 943.

(1/106)


"يا أيها الناس, خذوا 1 مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا" 2.
قوله: مسألة: العمل بالشاذ غير جائز، مثل: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات"3.
15- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "نزلت "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فسقطت متتابعات".
رواه الدارقطني, وقال: هذا إسناد صحيح4.
قوله: وكالقطع من الكوع، والغسل إلى المرافق5.
أما القطع من الكوع: فلم أر6 في حديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بقطع يد سارق من كوعه7.
16- إلا ما روى ابن عدي8 من حديث خالد بن عبد الرحمن
__________
1 في نسخة ف: "خذوا عني" وفي الأصل وسنن النسائي كما أثبته.
2 النسائي: في كتاب مناسك الحج، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم 5/ 270.
3 انظر المسألة في مختصر المنتهى ص"50".
4 رواه الدارقطني: في سننه, كتاب الصيام، حديث "60، 61" 2/ 192 عن عروة عن عائشة, رضي الله عنهما.
والدارقطني: هو الحافظ علي بن عمر بن أحمد, أبو الحسن الدارقطني, ولد سنة 306هـ.
قال الخطيب: كان فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته, انتهى إليه علم الأثر، والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال، وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة. توفي سنة 385هـ.
تذكرة الحفاظ 3/ 991، تاريخ بغداد 12/ 34.
5 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"51".
6 في ف "أجد".
7 في ف بعدها: "ولكن هو ظاهر الأحاديث, ونقل عن أبي بكر وعمر أنهما قالا: إذا سرق السارق, فاقطعوا يده من كوعه" وسقط منها: روايات ابن عدي والبيهقي التاليات.
8 هو: الإمام عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك الجرجاني، أبو أحمد معروف بابن عدي، صاحب كتاب الكامل. ثقة, حافظ, إمام في الجرح والتعديل. توفي سنة خمس وستين وثلاثمائة.
تذكرة الحفاظ 1/ 940.

(1/107)


المروزي الخراساني1, ثنا مالك2 عن ليث3 عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو4.
قال: "قطع النبي -صلى الله عليه وسلم- سارقا من المفصل"5.
وهذا إسناد حسن, ومالك هذا هو مالك بن مِغْوَل.
17 و18- وقد رواه البيهقي من حديث جابر6, وعدي أيضا7.
19 و20- ونقل عن أبي بكر، وعمر أنهما قالا: "إذا سرق السارق, فاقطعوا يده من كوعه"8.
__________
1 هو: أبو الهيثم، نزيل الشام ومصر، وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم الرازي: شيخ لا بأس به. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال العقيلي: في حفظه شيء. وقال ابن عدي: ليس بذاك.
التقريب 1/ 215, التهذيب 3/ 103, الجرح والتعديل 3/ 341, الميزان 633.
2 هو: مالك بن مغول -بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو- الكوفي, أبو عبد الله, ثقة, ثبت، من كبار السابعة. مات سنة تسع وخمسين على الصحيح.
التقريب 2/ 226, التهذيب 10/ 22.
3 هو: الليث بن أبي سليم -بالتصغير- بن زنيم -بالزاي والنون مصغرا- واسم أبيه أيمن, وقيل غير ذلك. قال الحافظ: صدوق اختلط، ولم يتميز حديثه فترك.
من السادسة, مات سنة ثمان وأربعين.
التقريب 2/ 138, التهذيب 8/ 465, الكواكب النيرات ص493, الميزان 3/ 420.
4 هو: الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم السهمي, أحد السابقين المكثرين من الصحابة, وأحد العبادلة الفقهاء. مات في ذي الحجة ليلة الحرة, سنة ثلاث وستين, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 4/ 192, تذكرة الحفاظ 1/ 39, التقريب 1/ 436, التهذيب 5/ 337, السير 3/ 79.
5 انظر: الكامل خ. جـ1 قسم 2/ 234, 235. وقال ابن عدي: "هذا الحديث عن مالك بن مغول، لا أعرفه إلا من رواية خالد عنه".
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى في السرقة, باب السارق يسرق ... إلخ 8/ 271, من طريق أبي أحمد بن عدي.
6 البيهقي في السنن 8/ 271.
7 انظر المصدر السابق 8/ 271.
8 لم أقف على هذه الرواية عنهما -رضي الله عنهما- فيما رجعت إليه من المراجع. وقال الحافظ في التلخيص 4/ 71: لم أجده عنهما.
وقد ذكره الزركشي في المعتبر "خ ل9 ب" وعزاه للبيهقي.

(1/108)


ولا يمكن الاحتجاج هنا1 بالإجماع كما ادعاه بعضهم؛ لأن المسألة فيها خلاف قديم. قال في الإبانة2: وقالت الخوارج3: [تقطع يد] 4 السارق من منكبه5. وقال في المستظهري6: وحكى عن قوم من السلف:
21- أنه يقطع أصابع اليد, دون الكف.
رواه الدارقطني عن علي7.
__________
1 في ف "ههنا".
2 لم أقف عليه.
3 الخوارج: جمع خارج, وهو الذي خلع طاعة الإمام الحق وأعلن عصيانه وألّب عليه، بعد أن يكون له تأويل. والخوارج أصحاب بدعة مشهورة, ويقولون: إن العبد يصير كافرا بالذنب, وقد استحلوا دماء المسلمين بناء على معتقدهم الفاسد. ويقال للخوارج: الحرورية, والنواصب، والشراة، والحكمة, والمارقة, وغير ذلك.
انظر كشف الفريد لخالد الحاج 1/ 88-96, وأصول الدين للبغدادي ص332.
4 وقع في الأصل: "يقطع السارق" وما أثبته من ف.
5 قال ابن حزم في المحلى 13/ 404: "وأما الخوارج, فرأوا في ذلك -أي في السرقة- قطع اليد من المرفق أو المنكب" وانظر فتح القدير لابن الهمام 5/ 394 قال: وعن الخوارج من أن القطع في المنكب؛ لأن اليد اسم لذلك -الله أعلم بصحته- وبتقدير ثبوته هو خلاف للإجماع.
6 لم أقف على الكتاب, ومؤلفه هو:
الإمام الكبير عبد الله بن أحمد بن عبد الله, أبو بكر الشاشي, ويعرف بالقفال الصغير، المروزي, شيخ الخراسانيين، أحد علماء الشافعية المشهورين. مات سنة سبع عشرة وأربعمائة.
طبقات الشافعية 5/ 53، وفيات الأعيان 2/ 249، النجوم الزاهرة 4/ 265.
7 لم أقف على الرواية عن علي -رضي الله عنه- في سنن الدارقطني.
والذي وقفت عليه في المصنف لعبد الرزاق 10/ 185 من طريق: معمر عن قتادة "أن عليا كان يقطع اليد من الأصابع، والرجل من نصف القدم".
وروي عنه "أنه كان يفرق بين اليد والرجل، فيقطع اليد من المفصل، ويقطع الرجل من شطر القدم". أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8/ 371.
وروى عبد الرزاق، عن الثوري، عن يحيى بن عبد الله التيمي, عن حبال بن رفيدة =

(1/109)


وأما الغسل إلى المرافق.
22- فعن أبي هريرة, رضي الله عنه "أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح برأسه, ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم [غسل] 1 رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث" رواه مسلم2.
قوله: قالوا: خلع نعله فخلعوا نعالهم, فأقرهم على استدلالهم وبيّن العلة3.
__________
= التيمي "أن عليا كان يقطع الرجل من الكف" أخرجه في المصنف 10/ 185.
وذكر ابن حزم في المحلى 3/ 404 في القطع, فقال:
"عن علي في ذلك قطع الأصابع من اليد, وقطع نصف القدم من الرجل".
توضيح:
المفصل: مفرد مفاصل، وهي الأعضاء.
والمفصل: الحاجز بين الشيئين، وكل ملتقى عظمين من الجسد. والمراد هنا: تقطع يد السارق من المفصل الذي يلي الإبهام، وهو مفصل الكف، أو مفصل الزند من اليد، ويسمى: الكوع والرسغ, وتقطع رجل السارق اليسرى من مفصل الكعب إن سرق ثانية.
انظر مادة "فصل" في القاموس المحيط 4/ 30, ومختار الصحاح ص505, والنهاية 4/ 209.
وانظر الأم 8/ 264, والمحلى 13/ 404, 405, وبدائع الصنائع 9/ 4277, والهداية 2/ 126, وفتح القدير 5/ 394.
1 ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل, وأثبتها من ف وصحيح مسلم.
2 في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء, حديث "34" 1/ 216.
وتتمة الحديث:
" ... يتوضأ وقال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "أنتم الغرّ المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته، وتحجيله" ".
"قلت": وأخرجه الإمام البخاري في كتاب الوضوء, باب "3" فضل الوضوء والغر المحجلين من آثار الوضوء 1/ 43 بنحوه مختصرا, ولم يذكر فيه صفة وضوء أبي هريرة, رضي الله عنه.
وأخرجه الإمام أحمد 2/ 334, 362 و400-523 بنحو حديث البخاري.
3 انظر القولة في مختصر المنتهى ص"52".

(1/110)


23- عن أبي سعيد الخدري1, رضي الله عنه "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى فخلع نعله، فخلع الناس نعالهم, فلما انصرف قال: "لم خلعتم نعالكم؟ " قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا, فقال: "إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما 2 خبثا, فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما؛ فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض, ثم ليصل فيهما" ".
رواه أبو داود, وإسناده صحيح. ورواه ابن خزيمة3 في صحيحه، وأبو حاتم بن حبان, والحاكم في المستدرك4، وقال: على شرط مسلم5.
24- وقوله: قلنا: لقوله: "صلوا".
تقدم في هذه المسألة6.
__________
1 هو: الصحابي الجليل سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري، أبو سعيد الخدري. استُصغر في أحد ثم شهد ما بعدها, ومات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين, وقيل: سنة أربع وسبعين, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 3/ 78, التقريب 1/ 289, التهذيب 3/ 479.
2 في ف "فيهما".
3 هو: الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري, الحافظ، الفقيه، صاحب الصحيح والمصنفات. مات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
تذكرة الحفاظ 2/ 720، الجرح والتعديل 7/ 196, الثقات 9/ 156.
4 في ف "مستدركه".
5 أبو داود: في كتاب الصلاة, باب الصلاة في النعل, حديث "650" 1/ 426.
وابن خزيمة: في جماع أبواب الصلاة على البسط، باب المصلي يصلي في نعليه ... إلخ, حديث "1107" 2/ 107 بنحوه.
وابن حبان: في كتاب المواقيت، باب الصلاة في النعلين, وأين يضعهما إذا خلعهما؟ حديث "360" ص107 "موارد".
والحاكم في المستدرك: في كتاب الصلاة 1/ 260, وأقره الذهبي على تصحيحه.
"قلت": وأخرجه: الإمام أحمد 3/ 20.
وأخرجه الدارمي: في سننه, في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعلين 1/ 320.
"كلهم باختلاف يسير مع لفظ حديث الباب, وأقرب الألفاظ إليه لفظ الحاكم وأحمد".
6 انظر مختصر المنتهى ص52, وانظر الحديث رقم 13.

(1/111)


قوله: لما أمرهم بالتمتع, تمسكوا بفعله1.
في البخاري، ومسلم، وغيرهما.
25 و26- عن جابر, وابن عمر, وغيرهما "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع أمر من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة، أن يحل من إحرامه، وأن يجعل حجته عمرة، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثبت على إحرامه، وأن الناس استعظموا ذلك، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لولا أن معي الهدي لأحللت" "2.
__________
1 انظر مختصر المنتهى ص52.
2 حديث جابر, رضي الله عنه.
في البخاري: في كتاب الحج، باب "33" التمتع والقران والإفراد ... إلخ 2/ 152.
وفي باب "81" تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ... إلخ 2/ 171.
وفي كتاب العمرة، باب "6" عمرة التنعيم 2/ 200.
وفي كتاب التمني، باب "3" قول النبي, صلى الله عليه وسلم: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت" 8/ 128.
وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب "27" "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- على التحريم, إلا ما تعرف إباحته" 8/ 161.
ومسلم: في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام, وأنه يجوز الإفراد والتمتع والقران. حديث "138" و"141" و"142" و"143".
وفي باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث "147" 2/ 882-886.
وأخرجه أبو داود: في كتاب المناسك، باب في إفراد الحج, حديث "1787", "1788" 2/ 386,387.
وفي باب صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث "1905 " 2/ 455-464.
وأخرجه: ابن ماجه، في كتاب المناسك، باب فسخ الحج, حديث "2980" 2/ 992, مختصرا.
وفي باب حجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث "3074" 2/ 1022-1027.
وأما حديث ابن عمر، رضي الله عنه:
فأخرجه البخاري: في كتاب الحج، باب "104" باب من ساق البُدْن معه 1/ 181.
ومسلم: في كتاب الحج, باب وجوب الحج على المتمتع والقارن, حديث "174" 2/ 501.
"قلت": وفي الباب عن عائشة، وابن عباس، وأنس، وأسماء بنت أبي بكر, رضي الله عنهم أجمعين.
فحديث عائشة, رضي الله عنها: =

(1/112)


وهذه هي مسألة فسخ الحج إلى العمرة، التي اختلف الأئمة فيها1.
__________
= أخرجه البخاري: في كتاب الحج، باب "34" التمتع والقران والأفراد ... إلخ 2/ 151.
وفي باب "115" ذبح الرجل البقر عن نسائه, من غير أمرهن 2/ 184.
وفي باب "124" ما يؤكل من البدن وما يتصدق به ... إلخ 2/ 187.
وأخرجه مسلم: في كتاب الحج، في باب بيان وجوه الإحرام ... إلخ, حديث "111" و"125" و"128" و"130" 2/ 870 و876 و877 و879.
وأخرجه أبو داود: في كتاب المناسك, باب إفراد الحج, حديث "1778" و"1781" و"1783" 2/ 381-383.
وأخرجه ابن ماجه, في كتاب المناسك, حديث "3029" 2/ 320.
وأخرجه الإمام أحمد 6/ 164 و194 و243 و253 و266 و273 و274.
وحديث ابن عباس, رضي الله عنه:
أخرجه البخاري: كتاب الحج، باب "34" التمتع والقران والإفراد ... إلخ 2/ 251.
وفي باب "37" قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ... إلخ 2/ 153.
ومسلم: في كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج, حديث "198" و"201" و"203" و2/ 910, 911.
وأبو داود: في كتاب المناسك، باب إفراد الحج, حديث "1792" 2/ 389.
وحديث أنس، رضي الله عنه:
أخرجه البخاري: في كتاب الحج، باب "32" ومن أهلّ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ 2/ 149.
ومسلم: في كتاب الحج، باب إهلال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهديه, حديث "213" 2/ 914.
وأبو داود: في كتاب المناسك، باب في القران, حديث "1796" 2/ 391.
وأخرجه الترمذي: في أبواب الحج، باب ما جاء في الرخصة للرعاة أن يرعوا يوما ويدعوا يوما, حديث "954" 3/ 281.
وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".
وحديث أسماء, رضي الله تعالى عنها:
أخرجه مسلم: في كتاب الحج، باب ما يلزم من أحرم بالحج ثم قدم مكة في الطواف والسعي, حديث "191" 2/ 907.
1 ذهب ابن عباس -رضي الله عنه- وكثير من الظاهرية، إلى أن الفسخ واجب، وأنه ليس لأحد أن يحج إلا متمتعا.
وذهب كثير من السلف والخلف إلى أنه وإن جاز التمتع، فليس لمن أحرم مفردا أو قارنا، أن يفسخ. =

(1/113)


27- وقوله: قلنا: كقوله: "خذوا" 1.
تقدم في هذه المسألة2.
قوله: قالوا: لما اختلف في الغسل بغير إنزال، سأل عمر عائشة، فقالت: "فعلته أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاغتسلنا"3.
28- أما سؤال عمر, فقد رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسند أبي بن كعب4 في حديثه فيه "أن عمر بن الخطاب بعث إلى عائشة -رضي الله عنهما- يسألها عن ذلك, فقالت: إذا جاوز الختان الختان, فقد وجب الغسل"5.
وهو من طريق غريب وليس ببدع أن يكون صحيحا, وأن يكون عمر بعث
__________
= وذهب الإمام أحمد وكثير من الفقهاء إلى أن الفسخ هو الأفضل, وأنه إن حج مفردا أو قارنا ولم يفسخ جاز.
والفسخ جائز ما لم يقف بعرفة، وسواء كان قد نوى عند طواف القدوم أو غير ذلك، وسواء كان قد نوى عند الإحرام في القران، أو الإفراد، أو أحرم مطلقا.
وجواز الفسخ: لمن لم يكن ساق الهدي، وأما من ساق الهدي فلا يفسخ بلا نزاع، والأفضل عند هؤلاء لكل من لم يسق الهدي أن يحل من إحرامه بعمرة تمتع، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بذلك في حجة الوداع.
انظر فتاوى شيخ الإسلام 26/ 280, وفتح الباري 3/ 416-419, وانظر المجموع للإمام النووي 7/ 144-147, والمغني لابن قدامة 3/ 484, والمحرر في الفقه 1/ 236، والإفصاح لابن هبيرة 1/ 264.
1 انظر مختصر المنتهى ص52.
2 انظر الحديث رقم "14".
3 انظر مختصر المنتهى ص52.
4 هو الصحابي الجليل أُبَيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن النجار الأنصاري، الخزرجي، أبو المنذر وأبو الطفيل، سيد القراء. اختلف في سنة موته اختلافا كبيرا، قيل: سنة تسع عشرة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 1/ 27, التقريب 1/ 48, التهذيب 1/ 187, السير 1/ 389.
5 مسند أحمد 5/ 155 وفيه محمد بن إسحاق, وقد رواه بالعنعنة وهو مدلس.

(1/114)


أبا موسى الأشعري1 إليها, يسألها عن ذلك، كما رواه مسلم في صحيحه2:
29- عن أبي موسى الأشعري, رضي الله عنه "أنهم ذكروا ما يوجب الغسل، فقام أبو موسى إلى عائشة فسلم ثم قال: ما يوجب الغسل؟ فقالت: على الخبير سقطت؛ قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل" "3.
30- وله عنها "أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يجامع امرأته ثم يكسل،
__________
1 هو: الصحابي الجليل عبد الله بن قيس بن سليم -بضم السين وفتح اللام- بن حَضَّار -بفتح المهملة وتشديد الضاد- أبو موسى الأشعري أمّره عمر ثم عثمان, وهو أحد الحَكَمَين بصفين. مات سنة خمسين وقيل: بعدها, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 4/ 211, تذكرة الحفاظ 1/ 13, التقريب 1/ 441, السير 2/ 380.
2 هذا ما في نسخة الأصل, وأما الذي في نسخة "ف" فقد جاء "وأما سؤال عمر -رضي الله عنه- عائشة -رضي الله عنها- عن هذا, فغريب لا يكاد يعرف، ولم أره في شيء من الكتب إلى الآن، وإنما المشهور ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- أنهم ذكروا ما يوجب الغسل" ... إلخ "أي: التالي".
3 مسلم: في كتاب الحيض، باب نسخ "الماء من الماء" ووجوب الغسل بالتقاء الختانين. حديث "88" 1/ 271, 272 بأطول من حديث الباب، حيث اختصر المصنف كلام أبي موسى, رضي الله عنه. وأخرجه الإمام أحمد 6/ 67 بنحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه في كتاب الطهارة, باب ما يوجب الغسل, حديث "939" و"954" 1/ 254 و248 بنحوه أيضا.
توضيح:
قولها, رضي الله عنها: على الخبير سقطت, أي: صادفت خبيرا بحقيقة ما سألت عنه, عارفا وحاذقا فيه.
ومعنى إذا جلس بين شعبها الأربع: قال الإمام النووي, رحمه الله: اختلف العلماء في المراد بالشعب الأربع، فقيل: اليدان والرجلان، وقيل: الرجلان والفخذان ... إلخ. ومعنى مس الختان الختان: إذا غيب الميل في المكحلة، وليس معناه حقيقة المس. والختان: موضع القطع من الذكر ومن الفرج. ومعنى الحديث: "أن إيجاب الغسل لا يتوقف على نزول المني، بل متى ما غابت الحشفة في الفرج، وجب الغسل على الرجل والمرأة". قال النووي: وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه خلاف لبعض الصحابة ومن بعدهم، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرناه.
انظر تفصيل المسألة في شرح النووي على مسلم 4/ 40-42.

(1/115)


[وعائشة جالسة] 2 فقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه, ثم نغتسل" "2.
31- وروى الترمذي بإسناد صحيح، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "إذا جاوز الختان الختان, فقد وجب الغسل. فعلته أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاغتسلنا"3.
__________
1 ساقطة من الأصل, وأثبتها من ف وصحيح مسلم.
2 مسلم: في كتاب الحيض, باب نسخ الماء من الماء, حديث "89" 1/ 272.
3 الترمذي: في أبواب الطهارة، باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل, حديث "108" 1/ 180 هكذا رواه موقوفا على عائشة -رضي الله عنها- وقال: وفي الباب عن أبي هريرة, وعبد الله بن عمرو, ورافع بن خديج.
وأخرجه أيضا عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا في الحديث الذي بعده رقم "109" 1/ 182, 183 وقال أبو عيسى: "حديث عائشة حسن صحيح".
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان, حديث "608" 1/ 199.
وأخرجه الإمام مالك: في كتاب الطهارة, باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان, حديث "72" بلفظ: "إذا جاوز الختان الختان" وفي حديثهما قصة.
وأخرجه الإمام أحمد 6/ 161.
وأخرجه عبد الرزاق: في كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل, حديث "941" 1/ 246, كلهم موقوفا على عائشة, رضي الله عنها.
قال الحافظ في التلخيص 1/ 134 في حديث عائشة هذا: قال, أي الترمذي: ثنا محمد بن المثنى, ثنا الوليد. ثم قال: حسن صحيح. وصححه أيضا ابن حبان، وابن القطان، وأعله البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه، ورواه غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلا، واستدل على ذلك بأن أبا الزناد قال: سألت القاسم بن محمد: سمعتَ في هذا الباب شيئا؟ فقال: لا. وأجاب من صححه بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه ثم تذكر فحدث به ابنه, أو كان حدث به ابنه ثم نسي, ولا يخلو الجواب عن نظر. ثم قال: قال النووي في التنقيح: هذا الحديث أصله صحيح إلا أن فيه تغييرا، وتبع في ذلك ابن الصلاح فإنه قال في مشكل الوسيط: هو ثابت من حديث عائشة, بغير هذا اللفظ، وأما بهذا اللفظ فغير مذكور، انتهى. وقد عُرف من رواية الشافعي ومن تابعه أنه مذكور باللفظ المذكور. وأصله في مسلم بلفظ: "إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان, فقد وجب الغسل".
وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- على الحديث في الجامع الصحيح للإمام الترمذي 1/ 181.

(1/116)


قوله: وتمسك الشافعي1 -رحمه الله- في القيافة، بالاستبشار وترك الإنكار؛ لقول المدلجي2, وقد بدت له أقدام زيد3 وأسامة4: إن هذه الأقدام بعضها من بعض5.
32- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسرورا، تبرق أسارير وجهه, فقال: "ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض" ".
رواه البخاري، ومسلم6.
__________
1 هو: الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد هشام بن المطلب، القرشي المطلبي, الشافعي المكي الثقة، الحافظ، نسيب رسول الله وناصر سنته، صاحب المذهب. ولد سنة خمسين ومائة, وتوفي سنة أربع ومائتين, رحمه الله تعالى.
تذكرة الحفاظ 2/ 361, التقريب 2/ 143, التهذيب 9/ 25, الثقات 9/ 30, سير أعلام النبلاء 10/ 5, مناقب الإمام الشافعي للرازي والبيهقي.
2 مجزز المدلجي: هو ابن الأعور بن جعدة. قال ابن حجر نقلا عن ابن يونس في تاريخ مصر: لا أعلم له رواية، وقد شهد الفتوح بعد النبي, صلى الله عليه وسلم. وقيل له: مجز؛ لأنه كان إذا أسر أسيرا جزّ ناصيته, وأطلقه رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 5/ 775.
3 هو: الصحابي الجليل زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، أبو أسامة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور، من أول الناس إسلاما. استشهد يوم مؤتة سنة ثمانٍ, وهو ابن خمس وخمسين, رضي الله تعالى عنه.
الإصابة 2/ 598, التقريب 1/ 273, التهذيب 3/ 401.
4 هو: الصحابي الجليل أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل، الكلبي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. مات سنة أربع وخمسين وهو ابن خمس وسبعين بالمدينة, رضي الله تعالى عنه. الإصابة 1/ 49, التقريب 1/ 53, التهذيب 1/ 208.
5 انظر مختصر المنتهى ص"53".
6 البخاري: في كتاب الفرائض، باب "31" القائف 8/ 12 وفيه لفظه.
وفي كتاب المناقب، باب "23" صفة النبي صلى الله عليه وسلم 4/ 166.
وفي كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب "17" مناقب زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم 4/ 213.
ومسلم في كتاب الرضاع، باب العمل بإلحاق القائف الولد, حديث "38، 39، 40" 2/ 1081, 1082. =

(1/117)


قوله: قالوا: الفعل أقوى؛ لأنه يتبين به القول.
33 و34- مثل: "صلوا" و "خذوا عني" 1.
تقدم بيان هذين الحديثين2.
__________
= "قلت": وأخرجه أبو داود: في كتاب الطلاق، باب في القافة, حديث "2267" و"2268" 2/ 698, 699.
وأخرجه الترمذي: في أبواب الولاء والهبة, حديث "2129" 4/ 440, وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح".
وأخرجه النسائي: في كتاب الطلاق، باب القافة 6/ 184, 185.
وأخرجه ابن ماجه: في كتاب الأحكام، باب القافة 2/ 787.
وأخرجه الإمام أحمد 6/ 82 و226.
توضيح:
القائف: هو الذي يعرف الشَّبَه ويميز الأثر. سمي بذلك؛ لأنه يقفو الأشياء فكأنه مقلوب من القافي.
وفي الحديث إشارة إلى قصة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- عندما تكلموا في نسبه؛ لأنه جاء أسود, فجاء مجززا المدلجي وكان قد غُطي كل من أسامة وزيد، فنظر إلى أقدامهما وقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
وفي هذا الحديث دليل على أن القائف الحاذق يعتبر قوله، ويلزم منه حصول التوارث بين الملحق والملحق به.
انظر الفتح 12/ 57.
1 انظر مختصر المنتهى ص54.
2 انظر الحديث رقم "13 و14".

(1/118)