الدلائل في غريب الحديث حَدِيثُ عَمَّارُ بْنِ يَاسِرٍ رَحِمَهُ
اللَّهُ
(2/810)
434 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ حِينَ
تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَانْتَشَطَ زَيْنَبَ مِنْ حِجْرِهَا، وَقَالَ: دَعِي هَذِهِ
الْمَقْبُوحَةَ الْمَشْقُوحَةَ الَّتِي قَدْ آذَيْتِ بِهَا رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نا
أَبِي، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ
(2/811)
الِانْتِشَاطُ: الْأَخْذُ وَالتَّنَاوُلُ،
وَقَالَ رُؤْبَةُ يَذْكُرُ طَرِيقًا: تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغَلَاةِ
الْوَهَقْ
وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلنَّاقَةِ النَّشِيطَةِ، وَهِيَ الَّتِي
يُصِيبُهَا الْقَوْمُ فِي مَمَرِّهِمْ لِغَارَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ
قَصْدٍ لَهَا
435 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مَحْمُودُ
بْنَ آدَمَ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ
بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَسِّدًا بردًا لَهُ فِي ظِلِّ
الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَدْعُو
اللَّهَ لَنَا، أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، قَالَ: فَجَلَسَ مُحْمَرًا
وَجْهُهُ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ تَحْفَرُ
لَهُ الْحَفِيرَةُ، ثُمَّ يُنْشَرُ بِالْمِنْشَارِ مَا يَصُدُّهُ عَنْ
دِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ لَيُنْشَطُ مَا
بَيْنَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ مَا يَصُدُّهُ عَنْ دِينِهِ،
وَلَيُتَمِّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّجُلُ مَا
بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا لَا يَخَافُ، وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ "
(2/812)
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ كَانَ
دَلْوًا دُلِّيَتْ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَنَاوَلَهَا أَبُو بَكْرٍ،
ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، فَانْتُشِطَتْ مِنْ
يَدِهِ.
(2/813)
يُقَالُ: نَشِطَ الرَّجُلُ الدَّلْوَ
يَنْشَطُهَا: إِذَا جَذَبَهَا صُعُدًا، وَيُقَالُ: بِئْرُ آلِ فُلَانٍ
أَنْشَاطٌ، أَيْ جَذْبَهٌ وَاحِدَةٌ.
وَالشَّقِيحُ: اتِّبَاعٌ لِلْقَبِيحِ، يُقَالُ: قُبْحًا لَهُ،
وَشُقْحًا، وَقَبْحًا لَهُ وَشَقْحًا.
وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ، أَنَّهُ لَيْسَ بِإِتِّبَاعٍ، وَلَا
تَوْكِيدٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَا أُفْرِدَ، فَهُوَ كَلَامٌ عَلَى حِدَةٍ
وَإِنْ ضُمَّ الْأَحْيَانُ إِلَى غَيْرِهِ، يُقَالُ: الْقُبَاحَةُ
وَالشَّقَاحَةُ، وَهُوَ مِنْ شَقَحَ الْبُسْرُ، إِذَا تَهَيَّأَ
لِيُلَوِّنَ، وَهُوَ أَقْبَحُ مَا يَكُونُ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ لِعَمَّارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَتَنَاوَلُ
مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ: اسْكَتْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا
436 - أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ، قَالَ " جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى عَمَّارٍ، فَنَالَ مِنْ
(2/814)
عَائِشَةَ، فَقَالَ: «اغْرُبْ مَقْبُوحًا
مَنْبُوحًا، تُؤْذِي حَلِيلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
(2/815)
فَالْمَنْبُوحُ: الْمَطْرُودُ تَنْبِحُهُ كِلَابُ الْحَيِّ، وَأَنْشَدَ
أَبُو زَيْدٍ فِي الْقُبْحِ: وَأَنْتَ امْرُؤٌ عِنْدَ الْخِوَانِ
كَأَنَّمَا ... زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْكَ ابْنَ حَيَّانَ قَابِحُ
قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مِنْهُ: قَبَحْتُ وَجْهَهُ أَقْبَحُهُ
قَبْحًا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: هَذَا الْأَمْرُ مَقْبَحَةٌ
لَكَ، أَيْ يَعِيبُكَ وَيُقَبِّحُكَ
تَمَّ حَدِيثُ عَمَّارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ |