النهاية في غريب الحديث
والأثر حرف الهاء
بَابُ الْهَاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ
(هَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ الرِّبا «لَا تَبيعُوا الذَّهبَ بالذَّهب إِلَّا
هَاءَ وهَاء» هُو أَنْ يَقُولَ كُلُّ واحِدٍ مِنَ البَيِّعيْن: هاءَ
«1» فيُعْطِيه مَا فِي يَدِه، كَحديثِه الآخَر «إِلَّا يَداً بِيَدٍ»
يَعْني مُقابَضَةً فِي المَجْلس.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: هَاكَ وهَاتِ: أَيْ خُذْ وَأعْطِ.
قَالَ الخطَّابي: أصحابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونه «هَا وهَا» ساكنَةَ
الألِفِ. وَالصَّوَابُ مَدُّها وفَتْحُها، لِأَنَّ أصْلَها هَاكَ: أَيْ
خُذْ، فحُذِفَتِ الْكَافُ وعُوِّضَتْ مِنْهَا المَدَّة والهَمْزَة.
يُقَالُ للواحِد: هَاء، وللاثْنين: هَاؤُمَا، وَلِلْجَمِيعِ: هَاؤُم.
وغَيْرُ الخطَّابي يُجيز فِيهَا السُّكون عَلَى حَذْفِ العِوَض،
وتَتَنَزَّلُ مَنْزلة «هَا» الَّتِي للتَّنْبِيه.
وَفِيهَا لُغَاتٌ أُخْرَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ، لِأَبِي مُوسَى «هَا، وَإِلَّا جَعَلْتُك
عِظَةً» أَيْ هَاتِ مَن يَشْهَدُ لَك عَلَى قَوْلِك.
ومنه حديث علي «ها، إنّ هاهنا عِلْماً، وأوْمَأَ بيَدِه إِلَى صَدْرِه،
لَوْ أصَبْتُ لَهُ حَمْلَةً» هَا مَقْصُورة: كَلِمَةُ تَنْبيه
للمخاطَب، يُنَبَّه بِهَا عَلَى مَا يُساقُ إِلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ.
وَقَدْ يُقْسَم بِهَا. فَيُقَالُ:
لَا هَا اللَّهِ مَا فَعَلْتُ: أَيْ لَا واللَّهِ، أُبْدِلَتِ الْهَاءُ
مِنَ الْوَاوِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي قَتادة يومَ حُنَين «قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا
هَا اللَّهِ إِذًا، لَا يَعْمِدُ إِلَى أسَدٍ مِنْ أُسْد اللَّه،
يُقاتِلُ عَنِ اللَّه وَرَسُولِهِ فيُعْطيك سلبه» هكذا جاء الحديث
«لاها اللَّه إِذًا» وَالصَّوَابُ «لاَ هَا اللَّهِ ذَا» بِحَذْفِ
الْهَمْزَةِ، وَمَعْنَاهُ: لَا واللَّهِ لَا يكونُ ذَا، أَوْ لَا
واللَّهِ الأمْرُ ذَا، فَحُذِفَ
__________
(1) في الأصل: «ها» وما أثبت من ا، واللسان.
(5/237)
تَخْفيفا. وَلَكَ فِي أَلِفِ «هَا»
مَذْهَبان: أحدُهُما تُثْبِتُ ألفَها؛ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَها
مُدْغَمٌ، مِثْل دَابَّة، وَالثَّانِي أنْ تَحْذِفَها لاْلتقاءِ
السَّاكِنَيْن.
بَابُ الهاء مع الباء
(هَبَبَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لامْرأةِ رِفَاعة: لَا، حَتَّى تَذُوقِي
عُسَيْلَتَه، قَالَتْ: فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي هَبَّةً» أَيْ مَرَّةً
واحِدَة، مِنْ هِبَابِ الفَحْل، وَهُوَ سِفَادُه.
وَقِيلَ: أرادَتْ بِالْهَبَّةِ الوَقْعَةَ، مِنْ قَوْلِهِمُ: احْذَرْ
هَبَّةَ السَّيف: أَيْ وقْعَتَه.
(س) وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ «هَبَّ التَّيْسُ» أَيْ هَاج للسِّفاد.
يقال: هَبَّ يَهِبُّ يَهُبُّ «1» هَبِيباً وهِبَاباً.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمر «فَإِذَا هَبَّتِ الرّكابُ» أَيْ قامَتِ
الإبِلُ للسَّير. يُقَالُ: هَبَّ النَّائمُ هَبّاً وهُبُوباً [أَيِ «2»
] اسْتَيْقَظ.
(هـ) وَفِيهِ «لقَد رأيتُ أصحابُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُبُّون إلَيْها كَمَا يَهُبُّون إِلَى
المَكْتُوبة» يَعْني رَكْعَتي المَغْرِب «3» : أَيْ يَنْهَضُون
إِلَيْهَا. والْهِبَابُ: النَّشاط.
(هَبَتَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ قَتْل أُمَيَّة بْنِ خَلَف وابْنه «فَهَبَتُوهُمَا
حَتَّى فَرَغُوا مِنْهُمَا» أَيْ ضَربُوهما بالسَّيْف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «لمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُونٍ عَلَى
فِراشَه قَالَ: هَبَتَهُ المَوْتُ عِندي مَنْزِلةً حَيْث لَمْ يَمُتْ
شَهيدا» أَيْ حَطَّ مِنْ قَدْره فِي قلْبي. وهَبَط وَهَبَتَ أخَوَان.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «نُوْمُه سُبَاتٌ، ولَيْلُه هُبَاتٌ»
هُوَ مِنَ الْهَبْتِ: اللِّينِ وَالِاسْتِرْخَاءِ. يُقَالُ: فِي فلانٍ
هَبْتَةٌ «4» : أَيْ َضعْف.
(هَبَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «دُلُّوني عَلَى مَوْضع بئرٍ يُقْطَع
«5» به هذه الفَلاةُ،
__________
(1) بالكسر والضم، كما في القاموس.
(2) ساقط من ا، والنسخة 517.
(3) في الهروي: «الفجر» .
(4) ضبط في ا: «هُبْتة» بالضم.
(5) في الهروي: «تُقْطَع» .
(5/238)
فَقَالَ: هَوْبَجَةٌ تُنْبِتُ الْأَرْطَى»
الْهَوْبَجَةُ: بَطْنٌ مِنَ الْأَرْضِ مُطْمَئِنٌّ.
(هَبَدَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُمر وَأمّه «فزَوَّدَتْنا مِنَ الْهَبِيدِ»
الْهَبِيدُ: الحَنْظَل يُكْسَر ويُسْتَخْرَجُ حَبُّه ويُنْقَع؛
لِتَذْهَب مَرَارَتُه، ويُتَّخَذ مِنْهُ طَبيخٌ يُؤكَلُ عِنْدَ
الضَّرُورة.
(هَبَرَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «انْظُرُوا شَزْراً واضرِبُوا هَبْراً»
الْهَبْرُ: الضَّرْب والقَطْعُ.
وَقَدْ هَبَرْتُ لَهُ مِنَ اللَّحْم هَبْرَةً: أَيْ قَطَعْتُ لَهُ
قِطْعة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ هَبَرَ الْمُنَافِقَ حَتَّى بَرَدَ»
.
(هـ) وَحَدِيثُ الشُّرَاة «فَهَبَرْنَاهُمْ بالسُّيوف» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قَوْلِهِ تعالى: كَعَصْفٍ
مَأْكُولٍ قَالَ: هُوَ الْهَبُّورُ قِيلَ: هُوَ دُقاق الزَّرْع،
بالنَّبَطِيَّة.
ويَحْتَمل أَنْ يَكُونَ مِنَ الْهَبْرِ: القَطْع.
(هَبَطَ)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً» أَيْ نَسْألُكَ
الغِبْطَةَ ونَعُوذُ بِكَ مِن الذُلِّ والإنْحِطاطِ والنُّزُول.
يُقَالُ: هَبَطَ هُبُوطاً، وأَهْبَطَ غيرَه «1» .
(هـ) وَمِنْهُ شِعْرُ الْعَبَّاسِ:
ثُمَّ هَبَطْتَ البِلادَ لا بشر ... أنت وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ
أَيْ لمَّا أهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الدُّنيا كُنْتَ فِي صُلْبِه،
غيرَ بالغٍ هَذِهِ الأشْياء.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي العَصْفِ المأكُول. قَالَ: «هُوَ
الهَبُوطُ» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالطَّاءِ. قَالَ سُفْيَانُ:
هُوَ الذَّرُّ الصَّغير.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أُراه وَهْماً، وَإِنَّمَا هُوَ بِالرَّاءِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الطُّفَيْل بْنِ عَمْرٍو «وَأَنَا أَتَهَبَّطُ
إِلَيْهِمْ مِنَ الثَّنيَّة» أَيْ أتَحَدَّرُ. هَكَذَا جَاءَ فِي
الرِّوَايَةِ. وَهُوَ بِمَعْنَى أنْهَبِط وأهْبِط.
(هَبَلَ)
- فِيهِ «مَن اهْتَبَلَ جَوْعَةَ مُؤْمِنٍ كَانَ لَهُ كَيْتَ وكَيْتَ»
أَيْ تَحَيَّنَها واغْتَنَمَها، مِنَ الْهُبَالَةِ «2» : الغَنيمة.
__________
(1) في ا: «وهَبَطَ غَيْرَه» . قال في القاموس: «وَهَبَطَه، كَنَصَره:
أنْزَلَه. كأهْبَطَه» .
(2) هكذا ضُبِط بالضم في الأصل، واللسان. وضبط في ا: «الهَبالة»
بالفتح.
(5/239)
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ
«واهْتَبَلُوا هَبَلَهَا» .
(هـ) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «فَاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَه» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «والنِّساء يَوْمَئِذٍ لَمْ
يُهَبِّلْهُنَّ اللَّحْمُ» أَيْ لَمْ يَكْثُر عَلَيْهِنَّ. يُقَالُ:
هَبَّلَهُ اللَّحْمُ، إِذَا كَثُر عَلَيْهِ وركِب بعضُه بَعْضًا.
وَيُقَالُ للمُهَيَّجِ المُرَبَّلِ: مُهَبَّلٌ، كَأَنَّ بِهِ وَرَماً
مِنْ سِمَنِه.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، حِينَ فَضَّل الوَادِعيُّ سُهْمانَ الخَيل
عَلَى المَقاريف، فأعْجَبه فَقَالَ:
«هَبِلَتِ الوادِعيَّ أُمُّه، لَقَدْ أذْكَرَتْ بِهِ» يُقَالُ:
هَبِلَتْهُ أمُّه تَهْبَلُهُ هَبَلًا، بِالتَّحْرِيكِ: أَيْ ثَكِلَتْه.
هَذَا هُوَ الأصلُ. ثُمَّ يُسْتَعْمل فِي مَعْنَى المَدْح والإعْجاب.
يَعْنِي مَا أعْلَمَه وَمَا أصَوبَ رَأْيَهُ! كقَوله عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «ويْلُمِّه مِسْعَرُ حَرْب» وَقَوْلِ
الشَّاعِرِ «1» :
هوتْ أُمُّه مَا يَبعثُ الصُّبْحُ غادِياً ... وَمَاذَا يُرَى فِي
اللَّيل حِينَ يُؤُوبُ
وَقَوْلِهِ: «أذكَرَتْ بِهِ» : أَيْ ولَدَتْه ذَكَراً مِنَ الرِّجال
شَهْماً.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لأمِّك هَبَلٌ» أَيْ ثُكْلٌ «2» .
(س) وَحَدِيثُ الشَّعبْيّ «فَقِيلَ لِي: لأُمِّك الْهَبَلُ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُراقة «ويْحَكِ، أوهَبِلْتِ؟»
هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وكسر الباء.
وقد استعاره هاهنا لفَقْد المَيْز والعَقْل مِمَّا أَصَابَهَا مِنَ
الثُّكْل «3» بوَلَدِها، كَأَنَّهُ قَالَ: أفَقَدْتِ عَقْلَكِ بفَقْد
ابْنِك، حَتَّى جَعَلْتِ الجِنانَ جَنَّةً وَاحِدَةً؟
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ» أَيْ ثَكِلَتْهم
الثَّكُول، وَهِيَ- بِفَتْحِ الْهَاءِ- مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا
يَبْقى لَهَا وَلَدٌ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ «قَالَ يَوْمَ أحُد: اُعْلُ هُبَلُ»
هُبَلْ بِضَمِّ الْهَاءِ: اسم صَنَم لهم معروف كانوا يَعْبُدونه.
__________
(1) هو كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه. الصحاح واللسان (هوى) وفيهما:
«وماذا يؤدِّي اللَّيلُ» .
(2) في الأصل، واللسان: «ثكل ... الثّكل» وضبطته بالضم ن ا. وهو بوزن
قُفْل، كما في المصباح. وذكر صاحب القاموس أنه بالضم. قال: ويُحَرَّك.
(3) فى الأصل، واللسان: «ثكل ... الثّكل» وضبطته بالضم ن ا. وهو بوزن
قُفْل، كما في المصباح. وذكر صاحب القاموس أنه بالضم. قال: ويُحَرَّك.
(5/240)
(هـ) وَفِيهِ «الخَيْرُ والشَّرُّ خُطَّا
«1» لِابْنِ آدَمَ وَهُوَ فِي الْمَهْبَلِ» هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ:
موضعُ الوَلدِ مِنَ الرَّحِم. وَقِيلَ: أقْصاه.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ «فتَحْمِلُهم فتَطْرحهم بِالْمَهْبَلِ» هُوَ
الهوَّة الذاهِبةُ فِي الْأَرْضِ.
(هَبْلَعَ)
(س) فِي شِعر خُبيب بْنِ عَدِيّ:
جَحْم نارٍ هَبَلَّعِ «2»
الْهَبَلَّعُ: الأكُول. وَقِيلَ: إِنَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ، فَيَكُونُ
مِنَ البَلْع.
(هَبَنْقَعَ)
(س) فِيهِ «مَرَّ بِامْرَأَةٍ سَوْدَاء تُرَقِّصُ صَبِيّاً لَهَا
وَتَقُولُ «3» :
يَمْشي الثَّطَا ويَجْلِس الْهَبَنْقَعَة
هِيَ أَنْ يُقْعِيَ ويَضُمَّ فَخِذَيه ويَفْتَح رِجْليه. والْهَبَنْقَع
والْهَبَاقِع: الْقَصِيرُ المُلَزَّزُ الخَلْق، والنُّونُ زائِدَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزِّبْرِقان «تَمْشِي الدِّفِقَّى وتَقْعُدُ
الهَبَنْقَعَة» .
(هَبْهَبَ)
(س) فِيهِ «إِنَّ فِي جهَنّم وادِياً يُقَالُ لَهُ: هَبْهَبْ، يَسْكُنه
الجبَّارون» الْهَبْهَبْ:
السَّريع. وهَبْهَبَ السّرابُ، إِذَا تَرَقْرَقَ.
(هَبَا)
(س) فِي حَدِيثِ الصَّوم «وَإِنْ حَالَ بَيْنَكم وبَيْنَه سَحابٌ أَوْ
هَبْوَةٌ فأكْمِلُوا العِدّة» أَيْ دُون الْهِلَالِ. والْهَبْوَةُ:
الغَبَرة. ويُقالُ لِدُقاقِ التُّراب إِذَا ارْتَفَع: هَبَا يَهْبُو
هَبْواً.
__________
(1) في الهروي: «حَظٌّ» .
(2) البيت بتمامه، كما في السيرة النبوية، لابن هشام 3/ 185:
وما بِي حِذارُ الموتِ إنِّي لَمَيِّتٌ ... ولكن حِذارِي جَحْمُ نارٍ
مُلَفّعِ
وفي الأصل، وا، واللسان: «حجم» بتقديم المهملة على المعجمة. وأثبته
بتقديم المعجمة على المهملة من السيرة. والجحم: اضطرام النار. وفي
اللسان: «هِبْلَع» قال صاحب القاموس: الهَبَلَّعُ، كعَمَلَّسٍ
وقِرْطاسٍ ودِرْهَم: الأكول العظيم اللَّقْم.
(3) انظر مادة (ذأل) فيما سبق 31- النهاية 5.
(5/241)
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «ثُمَّ اتَّبَعَه
مِنَ النَّاس رَعاعٌ «1» هَبَاءٌ» الْهَبَاءُ فِي الْأَصْلِ: مَا
ارْتَفع مِنْ تَحْت سَنابِك الخَيْل، والشَّيءُ المُنْبَثُّ الَّذي
تَراه فِي ضَوْء الشمسِ، فَشَبَّه بِهِ أتْباعه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سُهَيل بْنِ عَمْرٍو «أقْبَلَ يَتَهَبَّى كَأَنَّهُ
جَملٌ آدَمُ» التَّهَبِّي: مَشْيُ المُخْتال المُعْجِب، مِنْ هَبَا
يَهْبُو هَبْواً، إِذَا مَشَى مَشْياً بَطِيئًا. وَجَاءَ يَتَهَبَّى،
إِذَا «2» جَاءَ فارِغاً يَنْفُضُ يَدَيْه.
وَفِيهِ «أَنَّهُ حَضَر ثَرِيدَةً فَهَبَّاهَا» أَيْ سَوَّى مَوْضِعَ
الأصابِع مِنْهَا. كَذَا رُوِيَ وشرح.
باب الهاء مع التاء
(هَتَتَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ إراقَةِ الْخَمْرِ «فَهَتَّهَا فِي البَطْحاءِ» أَيْ
صَبَّها عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى سُمِعَ لَها هَتِيتٌ: أَيْ صَوْت.
(هـ) وَفِيهِ «أقْلِعُوا عَن الَمعاصِي قَبْل أنْ يأخُذَكُم اللَّهُ
فيَدَعَكُم هَتّاً بَتّاً» الْهَتُّ: الكَسْر.
وهَتَّ ورقَ الشَّجَر، إِذَا أخَذَه. والبَتُّ: القَطْع. أَيْ قَبْلَ
أنْ يَدَعَكُم هَلْكَى مَطْرُوحين مَقْطُوعين.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الحسَن «واللَّه مَا كَانُوا بِالْهَتَّاتِينَ،
ولكنَّهم كَانُوا يَجْمَعون الكَلامَ ليُعْقَلَ «3» عَنْهُمْ»
الْهَتَّاتُ: المِهذار. وهَتَّ الْحَدِيثَ يَهُتُّهُ هَتّاً، إِذَا
سَرَدَه وتابَعه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ عَمْرو بْنُ شُعَيب وفُلان يَهُتَّانَ
الكَلام» .
(هَتَرَ)
(هـ) فِيهِ «سَبَق المُفَرِّدون «4» ، قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدون «4»
؟ قَالَ: الَّذِينَ أُهْتِرُوا فِي ذِكر اللَّه عَزَّ وجَلّ» وَفِي
رِوَايَةٍ «الْمُسْتَهْتِرُونَ بِذكْر اللَّه» يَعْني الَّذِينَ
أُولِعُوا بِهِ. يُقال: أُهْتِرَ فُلان بكذا،
__________
(1) ضبط في الأصل: «رِعاع» بالكسر. وهو خطأ شائع.
(2) هذا شرح الأصمعي، كما ذكر الهروي.
(3) في الهروي: «فيعقل» .
(4) في الأصل واللسان: «المُفْرِدُون» بالكسر والتخفيف. وفي الهروي:
«المُفْرَدُون» بالفتح والتخفيف. وضبطته بالكسر مع التشديد من ا، ومما
سبق في مادة (فرد) وهي رواية مسلم (باب الحث على ذكر اللَّه تعالى، من
كتاب الذكر والدعاء والاستغفار.
(5/242)
واسْتُهْتِرَ، فَهُوَ مُهْتَرٌ بِهِ،
ومُسْتَهْتَرٌ: أَيْ مُولَع بِهِ لَا يَتَحَدّث بغَيره، وَلَا يَفْعَلُ
غَيرَه.
وَقِيلَ: أَرَادَ بقَوله «أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّه» كَبِرُوا فِي
طاعَتِه وهَلَكَت أقْرانُهم، مِنْ قَوْلِهِمْ: أُهْتِرَ الرجُل فَهُوَ
مُهْتَرٌ، إِذَا سَقَط فِي كلامِه مِنَ الكِبَرِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «المُسْتَبَّانِ شَيْطانَانِ، يَتَهاتَرانِ
ويَتَكاذَبانِ» أَيْ يَتَقاوَلانِ ويَتَقابِحَانِ فِي القَوْل. مِنَ
الهِتْر، بالكَسْر، وَهُوَ الباطِل والسَّقَط مِنَ الْكَلَامِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أعوذُ بِك أَنْ أكُونَ مِن
الْمُسْتَهْتَرِينَ» أَيِ المُبْطِلين فِي القَول والمُسْقِطِين فِي
الكَلام.
وَقِيلَ: الذَّين لَا يُبالُون مَا قِيلَ لهُم وَمَا شُتِمُوا بِهِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ المُسْتَهْتَرِينَ بالدُّنْيا.
(هَتَفَ)
(س) فِي حَدِيثِ حُنَين «قَالَ: اهْتِفْ بالأنْصار» أَيْ نادِهِم
وادْعُهُم. وَقَدْ هَتَفَ يَهْتِفُ هَتْفاً. وهَتَفَ بِهِ هِتَافاً،
إِذَا صَاحَ بِهِ وَدَعاه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَدْرٍ «فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ» أَيْ يَدْعُوهُ
وَيُنَاشِدُهُ.
(هَتَكَ)
- فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فَهَتَكَ العَرْصَ «1» حَتَّى وقَعَ
بِالْأَرْضِ» الْهَتْكُ: خَرْق السِّتْر عَمَّا وَرَاءه. وَقَدْ
هَتَكَهُ فَانْهَتَكَ، والاسْم: الْهُتْكَةُ. والْهَتِيكَةُ:
الفَضيحةُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ نَوْف البِكَاليِّ «كُنْتُ أبِيتُ عَلَى بَابِ
دَارِ عَليِّ، فَلَمَّا مَضَتْ هُتْكَةٌ مِنَ اللَّيل قُلْتُ كَذا»
الْهُتْكَةُ: طائِفة مِنَ اللَّيل. يُقال: سِرْنا هُتْكَةً مِنَ
اللَّيْلِ، كَأَنَّهُ جَعَل اللَّيْلَ حِجَاباً، فُكُلّمَا مَضَى مِنْه
ساعةٌ فَقَدْ هُتِكَ بِهَا طائِفةٌ مِنْه.
(هَتَمَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِهَتْمَاءَ» هِيَ التَّي
انْكَسَرت ثَناياهَا مِنْ أصْلِها وانْقَلَعَت.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّ أَبَا عُبَيدَة كَانَ أَهْتَمَ
الثَّنايَا» انْقَطَعَتْ ثَناياهُ يومَ أحُدٍ لمَّا جَذَب بِهَا
الزَّرَدَتَيْن اللَّتَيْن نَشِبتَا فِي خَدِّ رسُول اللَّه صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________
(1) في اللسان: «العِرْض» وانظر الخلاف فيه في مادة (عرص) فيما سبق.
(5/243)
باب الهاء مع الجيم
(هَجَدَ)
- فِي حَدِيثِ يَحْيى بْنِ زكَريَّا عَلَيْهِمَا السَّلام «فنَظر إِلَى
مُتَهَجِّدي عُبَّاد بَيْتِ المَقْدِس» أَيِ المُصَلِّين بِاللَّيْلِ.
يُقال: تَهَجَّدْتُ، إِذَا سَهِرْتَ، وَإِذَا نِمْتَ، فَهُوَ مِنَ
الأضْداد. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
(هَجَرَ)
(س) فِيهِ «لَا هِجْرَةَ بَعْد الفَتْح، ولكِنْ جهادٌ ونِيَّة» .
(س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَةُ حتَّى تَنْقَطِعَ
التَّوبَة» الهِجْرة فِي الأصْل: الاسْم مِنَ الْهَجْرِ، ضِدّ
الوَصْلِ. وَقَدْ هَجَرَهُ هَجْراً وهِجْرَاناً، ثُم غَلَب عَلَى
الخُرُوج مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، وتَركِ الْأُولَى للثَّانية. يُقال
مِنْهُ: هَاجَرَ مُهَاجَرَةً.
والْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ: إحْدَاهُما الَّتِي وَعَدَ اللَّه عَلَيْهَا
الْجَنَّةَ فِي قَوْلِهِ «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» فكَان
الرَّجُل يَأتي النبيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويَدَعُ
أهْلَه وَمَاله، لَا يَرْجِع فِي شَيْءٍ مِنْهُ، ويَنْقَطِع بِنَفْسه
إِلَى مُهاجَرِه، وَكَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَكْرَه أَنْ يَمُوت الرَّجُلُ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَر مِنْهَا،
فَمِن ثَمَّ قَالَ: «لكِن البَائِس سَعْد بنُ خَوْلَةَ» ، يَرْثي لَهُ
رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ ماتَ بِمَكّة.
وَقَالَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَل مَنَايَانَا
بِهَا» . فلمَّا فُتِحَتْ مَكّةُ صارَت دَارَ إسْلام كالمدِينَة،
وانْقَطَعت الهِجْرَة.
والهِجْرة الثَّانِيَة: مَن هَاجَرَ مِن الأعْرابِ وغَزَا مَعَ
المُسْلمين، وَلَمْ يَفْعَلْ كَمَا فَعَل أصْحابُ الهِجْرة الْأُوْلَى،
فَهُوَ مُهَاجِرٌ، ولَيْس بِدَاخِل فِي فَضْل مَنْ هاجَر تِلْك
الهِجْرَة، وهُو المرادُ بِقَوْلِهِ: «لَا تنْقَطِع الهجرةُ حَتَّى
تَنْقَطِع التَّوبَة» .
فهَذا وجْه الجَمْع بَيْن الْحَدِيثَيْنِ. وَإِذَا أُطْلِق فِي
الْحَدِيثِ ذِكْرُ الهِجْرَتَيْن فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِمَا هِجْرةُ
الحَبَشَة وهجْرةُ الْمَدِينَةِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سَتَكون هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ
أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ» الْمُهَاجَرُ،
بِفَتْحِ الْجِيمِ: موضِع المُهاجَرَة، ويُريدُ بِهِ الشَّامَ؛ لأنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرج مِنْ أَرْضِ العرَاق
مَضَى إِلَى الشَّام وَأَقَامَ بِهِ.
(5/244)
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «هَاجِرُوا
وَلَا تَهَجَّرُوا» أَيْ أخْلِصُوا الهِجْرةَ للَّه، وَلَا
تَتَشَبَّهوا بالمهاجِرين عَلَى غَيْر صحَّة مِنْكُمْ. يُقَالُ:
تَهَجَّرَ وتَمَهْجَرَ، إِذَا تَشَبَّه بالمُهاجِرين.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْر هَذِهِ الكَلِمَة فِي الْحَدِيثِ، اسْماً
وفِعْلا، ومُفْرداً وجَمْعاً.
(س) وَفِيهِ «لَا هِجْرَةَ بَعْد ثلاثٍ» يُرِيدُ بِهِ الْهَجْر ضِدّ
الوَصل. يَعْني فِيمَا يَكُون بَيْن الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَتْب
ومَوْجِدَة، أَوْ تَقْصِيرٍ يَقَع فِي حُقُوق العِشْرَة والصُّحْبَة،
دونَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الدِّين، فإنَّ هِجْرة أهْلِ
الأهْواء والبِدَع دَائمة عَلَى مَرِّ الأوقاتِ، مَا لَمْ تَظْهر
منْهُم التَّوْبة والرُّجُوع إِلَى الحقِّ، فإنَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى كعْب بْنِ مَالِكٍ
وَأَصْحَابِهِ النِّفاقَ حِينَ تَخَلّفوا عَنْ غَزْوة تَبوك أمَر
بِهِجْرانِهم خَمْسين يَوْماً. وَقَدْ هَجَرَ نِساءَه شَهراً،
وهَجَرَتْ عَائِشَةُ ابنَ الزُّبَير مُدَّة. وَهَجر جَمَاعةٌ مِنَ
الصَّحَابَةِ جَماعةً مِنْهُمْ وماتُوا مُتَهَاجِرِينَ. وَلَعَلَّ
أحَدَ الأمْرَيْن مَنْسُوخٌ بالآخَر.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مِنَ الناسِ مَنْ لَا يَذْكُر اللَّهَ
إِلَّا مُهَاجِراً» يُرِيدُ هِجْرَان القَلْب وتَرْكَ الإخْلاص فِي
الذِّكْر. فكأنَّ قَلْبَه مُهاجرٌ للسَانه غَيْرُ مواصلٍ لَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ «وَلَا يَسْمَعون القُرآنَ إِلَّا
هَجْراً «1» » يريدُ التَّرْكَ لَهُ والإعْراضَ عَنْهُ. يُقَالُ:
هَجَرْتُ الشَّيءَ هَجْراً «2» إِذَا تَرَكْتَه وأغْفَلْتَه.
وَرَوَاهُ ابنُ قُتَيْبَة فِي كِتَابِهِ «وَلَا يَسْمَعون القَوْلَ
إِلَّا هُجْراً» بِالضَّمِّ. وَقَالَ: هُوَ الخَنَا والقَبيحُ مِنَ
الْقَوْلِ.
قَالَ الخَطَّابي: هَذَا غَلَطٌ فِي الرِّوَايَةِ وَالْمَعْنَى،
فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الرِّوَايَةِ «وَلَا يسْمَعون الْقُرْآنَ» .
ومَن رَواه «القَوْلَ» فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْقُرْآنَ، فَتَوهَّم
أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَ النَّاسِ. والقرآنُ ليْسَ مِنَ الخَنَا
والقَبيحِ مِنَ القَول.
(هـ) وَفِيهِ «كُنت نَهَيْتُكم عَنْ زِيَارَةِ القُبُور فزُورُوها
وَلَا تَقُولوا هُجْراً» أَيْ فُحْشا.
يُقَالُ: أَهْجَرَ فِي مَنْطقه يُهْجِرُ إِهْجَاراً، إِذَا أفْحَش.
وَكَذَلِكَ إِذَا أَكْثَرَ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي.
وَالِاسْمُ: الْهُجْر، بِالضَّمِّ. وهَجَرَ يَهْجُرُ هَجْراً «3» ،
بِالْفَتْحِ، إِذَا خَلَط فِي كَلَامِهِ، وإذا هَذَى.
__________
(1) في ا، واللسان: «هُجْرا» بالضم.
(2) في اللسان: «هُجْرا» بالضم أيضا.
(3) ضبط في الأصل: «هَجَراً» بفتحتين. وليس في المعاجم.
(5/245)
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا طُفْتُمْ
بالبَيْت فَلَا تَلْغُوا وَلَا تَهْجِرُوا» يُروَى بِالضَّمِّ
وَالْفَتْحِ، مِنَ الفُحْش وَالتَّخْلِيطِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثِ مرضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ «قَالُوا: مَا شأنُه؟ أهَجَرَ؟» أَيِ اخْتَلَف كلامُه
بِسَبَبِ المرضِ، عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ. أَيْ هَلْ تَغَيَّر
كلامُه واخْتَلَط لِأَجْلِ مَا بِهِ مِنَ الْمَرَضِ؟
وَهَذَا أحْسَنُ مَا يُقَالُ فِيهِ، وَلَا يُجْعل إِخْبَارًا،
فَيَكُونُ إمَّا مِنَ الفُحْش أَوِ الهَذَيان. وَالْقَائِلُ كانَ
عُمَرَ، وَلَا يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ.
(هـ) وَفِيهِ «لَوْ يَعْلَمُ الناسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا
إِلَيْهِ» التَّهْجِيرُ: التَّبْكِيرُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ والمُبادَرَة
إِلَيْهِ. يُقَالُ: هَجَّرَ يُهَجِّرُ تَهْجِيراً، فَهُوَ مُهَجِّرٌ،
وَهِيَ لُغَةٌ حجازِيَّة، أرادَ المبادَرة إِلَى أوَّلِ وَقْتِ
الصَّلَاةِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «فَالْمُهَجِّرُ إِلَيْهَا كالمُهدى
بَدَنَةً» أَيِ المُبَكِّر إِلَيْهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي
الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ»
أَرَادَ صلاةَ الْهَجِيرِ، يَعْنِي الظُّهْر، فحَذَف الْمُضَافَ.
والْهَجِيرُ والْهَاجِرَةُ: اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار.
والتَّهْجِيرُ، والتَّهَجُّرُ، والْإِهْجَارُ:
السَّيْر فِي الْهَاجِرَةِ. وَقَدْ هَجَّرَ النهارُ، وهَجَّرَ
الرَّاكِبُ، فَهُوَ مُهَجَّرٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو «وَهَلْ مُهَجِّرٌ كَمَنْ
قَالَ؟» أَيْ هَلْ مَن سَارَ فِي الْهَاجِرَةِ كَمَنْ أَقَامَ فِي
الْقَائِلَةِ؟ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ، عَلَى اخْتِلَافِ
تَصَرُّفه.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «مَاءٌ نَمِيرٌ ولَبَنٌ هَجِيرٌ» أَيْ فائقٌ
فَاضِلٌ. يُقَالُ: هَذَا أَهْجَرُ مِنْ هَذَا:
أَيْ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَيُقَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مَا لَهُ هِجِّيرَى غَيْرَها» الْهِجِّيرُ
والْهِجِّيرَى: الدَّأبُ والعَادَةُ والدَّيْدَنُ.
(س) وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا «عَجِبْتُ لتَاجِرِ هَجَرٍ وَرَاكِبِ
الْبَحْرِ» هَجَرٌ: اسْمُ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ بالبَحْرَيْن، وَهُوَ
مُذَكَّر مَصْروفٌ، وَإِنَّمَا خَصَّها لِكَثْرة وبَائِها. أَيْ إنَّ
تاجِرَهَا وراكِبَ الْبَحْرِ سواءٌ فِي الْخَطَرِ.
(5/246)
فأمَّا هَجَر الَّتِي تُنْسَب إِلَيْهَا
القِلالُ الْهَجَرِيَّة فهي قَرْية من قُرَى الْمَدِينَةِ.
(هِجْرِسٌ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّ عُيَيْنة بْنَ حِصْن مَدّ رجْلَيْه بَيْنَ يَدَي
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ
فُلَانٌ «1» : يَا عَيْنَ الْهِجْرِس، أتَمُدّ رِجْلَيْك بَيْنَ يَدَيْ
رَسُولِ اللَّه؟» الْهِجْرِسُ: وَلَدُ الثَّعْلَبِ. والْهِجْرِسُ
أَيْضًا: القِرْد.
(هَجَسَ)
(س) فِيهِ «وَمَا يَهْجِسُ «2» فِي الضَّمَائِرِ» أَيْ مَا يَخْطُر
بِهَا ويَدُورُ فِيهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْأَفْكَارِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قُباث «وَمَا هُوَ إِلَّا شَيءٌ هَجَسَ فِي نَفْسِي»
.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «فَدَعَا بِلَحْمٍ عَبِيط وخُبْزٍ
مُتَهَجِّسٌ» أَيْ فطَيرٍ لَم يَخْتَمِر عَجِينُه.
وَرَوَاهُ بعضُهم بِالشِّينِ، وَهُوَ غَلَط.
(هَجَعَ)
(س) فِي حَدِيثِ الشُّورَى «طَرَقَنِي بَعْد هَجْعٍ مِنَ الليلِ»
الْهَجْعُ والْهَجْعَةُ والْهَجِيعُ: طائفةٌ مِنَ اللَّيل.
والْهُجُوعُ: النَّومُ لَيْلاً.
(هَجَلَ)
(هـ) فِيهِ «دَخَل المسْجدَ وإذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
يَذْرَعُون المسجدَ بِقَصَبَةٍ، فأخَذ القَصَبَة فَهَجَلَ بِهَا» أَيْ
رَمَى بِهَا. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَا أعْرِفُ هَجَلَ بِمَعْنَى
رَمَى، ولَعلَّه نَجَل [بِهَا] «3» .
(هَجَمَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ» أَيْ
غَارَت ودَخَلَت فِي مَوضِعها.
وَمِنْهُ الْهُجُومُ عَلَى القُوْم: الدُّخُول عَلَيْهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ «فضَمَمْنا صِرْمَتَه إِلَى
صِرْمَتِنا فكانَتْ لَنَا هَجْمَة» الْهَجْمَةُ منَ الْإِبِلِ: قَريبٌ
مِنَ الْمِائَةِ.
__________
(1) هو أُسَيْد، كما صرَّح به الهروي. والزمخشري في الفائق 3/ 194.
(2) هكذا بالكسر في الأصل، وا، والقاموس، ضبط القلم. ونص صاحب المصباح
على أنه من باب قتل.
(3) زيادة من ا، والهروي.
(5/247)
(هَجَنَ)
(هـ) فِي صِفَة الدَّجَّالِ «أزْهَرُ هِجَانٌ» الْهِجَانُ: الأبْيض.
ويَقَع عَلَى الواحِد والاثْنَين والجَميع والمؤنَّث، بلَفْظ واحِد.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الهِجرة «مَرَّا بَعَبْدٍ يَرْعَى غَنَما،
فاسْتسْقَاهُ مِنَ اللَّبَن، فقال:
والله ما لي شَاةٌ تُحْلَب غَيْرَ عَنَاقٍ حَمَلَت أوّلَ الشِّتاء فَما
بِهَا لَبَن وَقَدِ اهْتُجِنَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ائتِنَا بِها» اهْتُجِنَتْ: أَيْ تَبَيَّن
حَمْلُها. والْهَاجِنُ: الَّتِي حَمَلتْ قبلَ وقتِ حَمْلِها.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «اهْتُجِنَتِ الْجَارِيَةُ، إِذَا وُطِئت
وَهِيَ صَغِيرَةٌ» . وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ مِنَ الْبَهَائِمِ.
وَقَدْ هَجَنَتْ هِيَ تَهْجِنُ «1» هُجُوناً. واهْتَجَنَهَا الفَحْل،
إِذَا ضَرَبَها فألقَحها.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ
حَرْفٌ أخُوها أبُوها مِن مُهْجَّنَةٍ
أَيْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي صِغَرِها.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمُهَجَّنَةِ أَنَّهَا مِن إبِلٍ كِرام. يُقَالُ:
امرأةٌ هِجَانٌ، وناقةٌ هِجَان: كَرِيمة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ
هَذَا جَنَاىَ وَهِجَانُه فيهْ
أَيْ خالِصُه وخِيَارُه. هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ «2» .
والْهَجِينُ فِي النَّاسِ والخَيْلِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ قِبَلِ
الْأُمِّ، فَإِذَا كَانَ الأبُ عَتِيقاً والأمُّ لَيْسَتْ كَذَلِكَ
كانَ الوَلَدُ هَجِيناً. والإقْرافُ مِنْ قِبَلِ الأبِ.
(هَجَا)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمَّ إنَّ عَمْرو بْنَ الْعَاصِ هَجَانِي وَهُوَ
يَعْلم أنِّي لسْتُ بشاعِر، فَاهْجُهْ، اللَّهُمَّ والْعَنْه عَدَدَ ما
هَجانِي، أو مكان ماهجانى» أَيْ جازِه عَلَى الْهِجَاءِ جَزاء
الهِجَاء. وَهَذَا كَقَوْلِهِ «مَنْ يُرَائِي يُرائِي اللَّه بِهِ»
أَيْ يُجازِيه على مُراآتِه.
__________
(1) بالكسر والضم، كما في القاموس.
(2) انظر مادة (جنى) فيما سبق.
(5/248)
باب الهاء مع الدال
(هَدَأَ)
(س) فِيهِ «إيَّاكُم والسَّمَرَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرِّجْل» الْهَدْأَةُ
والْهُدُوءُ: السُّكون عَنِ الحَرَكاتِ. أَيْ بَعْدَ مَا يَسْكُن
الناسُ عَنِ المَشْي والاخْتلافِ فِي الطُّرُق.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَواد بْنِ قَارِبٍ «جَاءَنِي بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ
اللَّيْلِ» أَيْ بَعْد طَائِفَةٍ ذَهَبَتْ مِنْهُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيم «قَالَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِها: هُوَ أَهْدَأُ مِمَّا كَانَ» أَيْ أسْكَنُ، كَنَتْ بِذَلِكَ
عَنِ المَوْت، تَطْيِيباً لِقَلْب أَبِيهِ.
(هَدَبَ)
(س) فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ أَهْدَبَ
الأشْفارِ» وَفِي رِوَايَةٍ «هَدِبَ الأشْفارِ» أَيْ طَويلَ شَعَر
الأجفانِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ زِياد «طَويلُ العُنُقِ أَهْدَبُ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ وفْد مَذْحِج «إنَّ لَنا هُدَّابَهَا» الْهُدَّابُ:
وَرَقُ الْأَرْطَى. وكلّ مالم يَنبَسِط وَرَقُه، كالطَّرْفاء
والسَّرْوِ، وَاحدَتُها: هُدَّابَة.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كأنِّي أنظُر إِلَى هُدَّابِها» هُدْبُ
الثَّوب، وهُدْبَتُهُ، وهُدَّابُهُ: طَرَفُ الثَّوْب مِمَّا يَلِي
طُرَّتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ امْرَأَةِ رِفاعة «إنَّ مَا «1» مَعَه مِثلُ
هُدْبَةُ الثَّوْب» أرَادَتْ مَتَاعَه، وَأَنَّهُ رِخْوٌ مثلُ طَرَف
الثَّوب، لَا يُغْني عَنْهَا شَيْئًا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ «لَهُ أذُنٌ هَدْبَاءُ» أَيْ
مُتَدَلِّية مُسْتَرخِيَة.
وَفِيهِ «مَا منْ مُؤمن يَمْرَضُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ هُدْبَةً «2»
مِن خَطايَاه» أَيْ قِطْعَة مِنْهَا وطائفَة.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «هِيَ مِثْل الْهِدْفَة، وَهِيَ القِطْعَةُ،
وهَدَبَ الشَّيءَ، إِذَا قَطَعَه، وهَدَبَ الثَّمَرة، إِذَا اجْتَناها
«3» » يَهْدِبُهَا هَدْباً.
__________
(1) في الأصل: «إنما» وما أثبت من ا، واللسان.
(2) في ا: «هِدْبة» بالكسر.
(3) في الفائق 3/ 197: «قطفها» .
(5/249)
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خبَّاب «ومِنَّا مَن
أيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرتُه فَهُوَ يَهْدِبُهَا» أَيْ يَجْنيها.
(هَدَجَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِلَى أَنِ أبْتَهَج بِهَا الصَّغِيرُ وهَدَجَ
إِلَيْهَا الكَبير» الْهَدَجَانُ بِالتَّحْرِيكِ: مِشْيَة الشَّيخ.
وَقَدْ هَدَجَ يَهْدِجُ، إِذَا مَشَى مَشْياً فِي ارْتِعاش.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَإِذَا شَيْخٌ يَهْدِج» .
(هَدَدَ)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمّ إِنِّي أعُوذ بِكَ مِنَ الْهَدِّ والْهَدَّةِ»
الْهَدُّ: الهَدْم، والْهَدَّةُ: الخَسْف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ «ثُمَّ هَدَّتْ ودَرَّتْ»
الْهَدَّةُ: صَوْتُ مَا يَقَعُ مِنَ السَّحَابِ. وَيُرْوَى «هَدَأَتْ»
: أَيْ سَكَنَت.
(س) وَفِيهِ «إِنَّ أَبَا لَهَبٍ قَالَ: لَهَدَّ مَا سَحَركُم
صاحِبُكُم» لَهَدَّ: كَلمة يُتَعَجَّب بِهَا.
يُقَالُ: لَهَدَّ الرجُلُ: أَيْ مَا أجْلَدَه! وَيُقَالُ: إِنَّهُ
لَهَدَّ الرجُلُ: أَيْ لَنِعْم الرجُل، وَذَلِكَ إِذَا أثْنِي عَليه
بِجَلَدٍ وشِدَّةٍ، وَاللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ.
وَفِيهِ لُغَتَانِ: مِنْهُمْ مَن يُجْريه مُجْرَى المَصْدر، فَلَا
يُؤنِّثُه وَلَا يُثَنِّيه وَلَا يَجْمَعه، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤنِّث
ويُثَنِّي ويَجْمَع، فَيَقُولُ: هَدَّاكَ، وهَدُّوكَ، وهَدَّتْكَ.
(هَدَرَ)
(س) فِيهِ «أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ آخَر، فنَدَرَ سِنُّه
فَأَهْدَرَهُ» أَيْ أبْطَلَه. يُقَالُ:
ذَهَبَ دَمُه هَدَراً وهَدْراً، إِذَا لَمْ يُدْرَك بثأرِه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنِ اطَّلَع فِي دَارِ [قَوْمٍ] «1» بغَير
إذْنٍ فقد هَدَرَتْ عَيْنُه» أي إنْ فَقَأوها ذَهَبَتْ باطِلةً لَا
قِصاصَ فِيهَا وَلَا دِيَة. يُقَالُ: هَدَرَ دَمُهُ يَهْدِرُ»
هَدْراً: أَيْ بَطَلَ. وأَهْدَرَهُ السُّلْطَانُ.
وَفِيهِ «هَدَرْتَ فأطْنَبْتَ «3» » الْهَدِيرُ: تَرْدِيدُ صَوْتِ
البَعير في حَنْجَرَتِه.
__________
(1) زيادة من ا. وهي في مسند أحمد 2/ 385، 414، 527 من حديث أبي هريرة.
(2) بالكسر والضم، والمصدر: هَدْراً، وهَدَراً، كما في القاموس.
(3) في ا: «فأطنيت» بياء مثناة تحتية.
(5/250)
وَفِي حَدِيثِ مُسَيْلِمة ذكرُ
«الْهَدَّارِ» هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ: ناحِيَة
باليَمامَة كانَ بِهَا مَوْلِدُ مُسَيْلِمَة.
(هَدَفَ)
(هـ) فِيهِ «كانَ إذَا مَرَّ بِهَدَفٍ مائِلٍ أسْرَع المَشْيَ»
الْهَدَفُ: كلُّ بِناء مُرْتَفِع مُشْرِف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «قَالَ لَهُ ابْنُه عبدُ الرَّحْمَنِ.
لَقَدْ أَهْدَفْتَ لِي يَوْمَ بدْر فَضِفْتُ عنكَ، فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ: لَكِنَّك لَوْ أهْدَفْتَ لِي لَمْ أضِفْ عَنْكَ» يُقَالُ:
أَهْدَفَ لَهُ الشيءُ واسْتَهْدَفَ، إِذَا دَنَا مِنْهُ وانْتَصَب لَهُ
مُسْتَقبِلا. وضِفْتُ عَنْك: أَيْ عَدَلْتُ ومِلْتُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ «قَالَ لَعَمْرو بْنِ الْعَاصِ: لَقَدْ
كُنْتَ أَهْدَفْتَ لِي يَومَ بَدْرٍ، ولكنِّي اسْتَبْقَيْتُك لِمثل
هَذَا اليَوْم» وَكَانَ عبدُ الرَّحْمَنِ وعَمْرو يوْمَ بَدْر مَعَ
الْمُشْرِكِينَ.
(هَدَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أعْطِهِم صَدَقَتك وإنْ أَتَاكَ
أَهْدَلُ «1» الشَّفَتَيْن» الْأَهْدَلُ: المُسْتَرْخِي الشَّفَة
السُّفْلَى الغَليظُها. أَيْ وَإِنْ كَانَ الآخِذُ أسْوَدَ حَبَشِيّاً
أَوْ زِنْجيّاً.
وَالضَّمِيرُ فِي «أعطِهم» لِلُولاةِ وأُولِي الأمْر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زِياد «أهْدَب أَهْدَلَ» .
وَفِي حَدِيثِ قُسّ «ورَوْضَة قَدْ تَهَدَّلَ أغْصانُها» أَيْ تَدَلَّت
واسْتَرْخَت، لِثَقَلِها بالثَّمرة.
(س) وَحَدِيثِ الْأَحْنَفِ «مِن ثِمارٍ مُتَهَدِّلَةٍ» .
(هَدَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ بَيْعَة العَقَبة «بَلِ الدَّمَ الدَّمَ والْهَدْمَ
الهَدْمَ» يروَى بِسُكُونِ الدَّالِ وفتحِها، فَالْهَدَمُ بالتَّحريك:
القَبْرُ. يَعْنِي إِنِّي أُقْبَرُ حَيْث تُقْبَرُون. وَقِيلَ: هُوَ
المَنْزِل: أَيْ مَنْزِلُكُم مَنْزِلي، كحَديثه الْآخَرِ «المَحْيَا
مَحْياكُم والمَمات مَمَاتُكُم» أَيْ لَا أُفارِقُكُم.
والْهَدْمُ بِالسُّكُونِ وَبِالْفَتْحِ أَيْضًا: هُوَ إهْدَارُ دَم
القَتيل. يُقَالُ: دِمَاؤُهمْ بَيْنَهُمْ هَدْمٌ: أَيْ مُهْدَرَةٌ.
وَالْمَعْنَى إنْ طُلِبَ دَمُكُم فَقد طُلِبَ دَمِي، وإنْ أُهْدِرَ
دَمُكُم فَقد أُهْدِرَ دَمِي، لاسْتِحْكامِ الأُلْفَةِ بَيْنَنا،
وَهُوَ قولٌ مَعْروف لِلعَرَب، يَقُولون: دَمِي دَمُك وهَدْمِي
هَدْمُك، وذلك عِنْد المُعاهَدة والنُّصْرة.
__________
(1) في ا: «أهدلَ» بالنصب.
(5/251)
وَفِي حَدِيثِ الشُّهَدَاء «وصاحِبُ
الْهَدَمِ شَهِيد» الْهَدَمُ بالتَّحريك: البِنَاءُ المَهْدُوم، فَعَلٌ
بِمَعْنى مَفْعُول. وبالسُّكُون: الفِعْل نَفْسُه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «منْ هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّهِ فهُو مَلْعُون»
أَيْ مَن قَتل النَّفْس المُحَرّمة، لأنَّها بُنْيانُ اللَّهِ
وتَركيبُه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذ مِن
الْأَهْدَمَيْنِ» هُوَ أَنْ يَنْهَارَ عَلَيْهِ بِنَاء، أَوْ يَقَعَ
فِي بِئرٍ أَوْ أُهْوِيَّة. والْأَهْدَمُ: أفْعَلُ، مِنَ الهَدَم،
وَهُوَ مَا تَهَدَّمَ مِن نَواحِي البِئر فَسقَط فِيهَا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «وَقَفَتْ عَلَيْهِ عَجُوزٌ عَشَمَةٌ
بِأَهْدَامٍ» الْأَهْدَامُ: الأخْلاق مِنَ الثِّياب، واحِدُها: هِدْمٌ،
بِالْكَسْرِ. وهَدَمْتُ الثَّوْب، إِذَا رَقَعْتَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لبسْنا أهْدَامَ البِلَى» .
(س) وَفِيهِ «مَنْ كَانَتِ الدُّنيا هَدَمَهُ «1» وسَدَمَه» أَيْ
بُغْيَتَه وشَهْوَتَه. هَكَذَا رَوَاهُ بعضُهم. والمحفُوظ «هَمّه
وسَدَمَه» .
(هَدَنَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الفِتْنَة «هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ» الْهُدْنَةُ:
السُّكون. والْهُدْنَةُ:
الصُّلْح والمُوادَعَة بيْن المُسْلمين والكُفَّار، وبَيْن كُلِّ
مُتَحارِبَيْن. يُقَالُ: هَدَنْتُ الرَّجُل وأَهْدَنْتُهُ، إِذَا
سَكَّنْتَه، وهَدَنَ هُوَ، يَتَعَدّى وَلَا يَتَعَدّى. وهَادَنَهُ
مُهَادَنَةً: صَالحَه، والاسْم مِنْهُما: الْهُدْنَة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «عُمْيَاناً فِي غَيْب الهُدْنَة» أَيْ
لَا يَعْرِفون مَا فِي الفِتْنَة مِنَ الشَّرّ، وَلَا مَا فِي
السُّكُونِ مِنَ الخَيْر.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلْمان «مَلْغَاةُ أوَّل اللَّيل مَهْدَنَةٌ
لآخِره» مَعْناه إِذَا سَهِر أَوَّلَ اللَّيل وَلَغَا فِي الْحَدِيثِ
لَمْ يَسْتَيْقِظ فِي آخِره للتَّهَجُّد والصَّلاة، أَيْ نَوْمُه آخِرَ
اللَّيْلِ بِسَبب سَهَره فِي أوَّله.
والمَلْغَاة والْمَهْدَنَةُ: مَفْعَلَة، مِنَ اللَّغْو والْهُدُونُ:
السُّكون: أَيْ مَظِنَّةٌ لَهُما.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «جَبَاناً هِدَاناً» الْهِدَانُ: الأحْمَق
الثَّقيل.
(هَدَهَ)
(س) فِيهِ «إِذَا كَانَ بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ ومَكَّة «2» »
الْهَدَةُ بالتَّخْفيف: اسْمُ
__________
(1) في الأصل «هَدْمه» بالسكون. وضبطته بالتحريك من اواللسان.
(2) في ياقوت: بين مكة والطائف.
(5/252)
مَوْضِعٍ بالحِجاز، والنِّسْبة إِلَيْهِ:
هَدَوِىٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. ومنْهُم مَنْ يُشَدِّد الدَّال.
فأمَّا الهَدَاة التَّي جَاءَتْ فِي ذكْر قَتْلِ عَاصِمٍ، فَقِيلَ:
إنَّها غَيْرُ هَذِهِ. وَقِيلَ: هيَ هيَ.
(هَدْهَدَ)
(هـ) فِيهِ «جَاءَ شيطانٌ إِلَى بِلال فَجَعَلَ يُهَدْهِدُهُ كَمَا
يُهَدْهَدُ الصَّبيُّ» الْهَدْهَدَة:
تَحْريكُ الأمِّ ولدَها لِيَنَامَ.
(هَدَا)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْهَادِي» هُوَ الذَي بَصَّر
عِبَادَه وعَرَّفَهُم طَريقَ مَعْرِفَتِه حتَّى أقّرُّوا
بِرُبُوبيَّتِه، وهَدَى كُلَّ مَخْلُوق إلى ما لا بُدَّ لَهُ مِنْهُ
فِي بقائِه وَدَوامِ وجودِه.
وَفِيهِ «الْهَدْيُ الصَّالح والسَّمت الصَّالح جُزءٌ مِن خَمْسة
وعِشْرين جُزْءاً مِنَ النُّبُوّة» الْهَدْيُ:
السِّيرة والهَيئة والطَّريقَة.
ومَعْنى الْحَدِيثِ أنَّ هَذِهِ الخِلاَل مِنْ شمَائل الْأَنْبِيَاءِ
ومِن جُمْلَة خِصالهم، وأنَّها جُزء مَعْلُوم مِنْ أَجْزَاءِ
أفْعَالِهم. وَلَيْسَ المعْنى أنَّ النُّبوّة تَتَجزَّأ، وَلاَ أنَّ
مَن جَمع هَذِهِ الخلالَ كَانَ فِيهِ جزءٌ مِنَ النُّبُوَّة، فإنَّ
النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة وَلَا مُجْتَلبَة بالأسْباب، وإنَّما هِيَ
كرامَة مِنَ اللَّه تَعَالَى.
وَيَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ أرادَ بالنُّبُوَّة مَا جَاءَتْ بِهِ
النُّبُوّة ودَعَت إِلَيْهِ، وتَخْصِيصُ هَذَا العددَ ممَّا يَسْتَأثر
النبيُّ بمعرِفته.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «واهْدُوا هَدْيَ عَمَّار» أَيْ سِيرُوا بِسِيرَته
وَتَهَيَّأُوا بِهَيْئَته. يُقَالُ: هَدَى هَدْيَ فُلانٍ، إِذَا سَار
بِسِيرَته.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إنَّ أحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ
مُحَمَّدٍ» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «كنَّا نَنْظُر إِلَى هَدْيِهِ وَدَلِّه»
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِعليّ: سَلِ اللَّهَ الْهُدَى» وَفِي
رِوَايَةٍ «قُلِ اللَّهُمَّ اهْدِني وسَدِّدْني، واذكُر بالهُدى
هِدايَتكَ الطّريقَ، وبالسَّداد تَسْديدَكَ السَّهْمَ» الْهُدَى:
الرَّشاد والدّلالةُ، ويُؤَنث ويُذَكّر. يُقال: هَدَاهُ اللَّه
لِلدِّين هُدًى. وهَدَيْتُهُ الطّريقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ هِدايةً:
أَيْ عَرَّفْتُه. وَالْمَعْنَى إِذَا سَأَلْتَ اللَّه الْهُدَى
فأخْطِرْ بِقَلْبِك هِدايَة الطَّرِيقِ، وسَلِ اللَّه الاسْتِقامَة
فِيهِ، كَمَا تَتَحرَّاهُ فِي سُلوك الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ سالِكَ
الفَلاة يَلْزَم الْجَادَّةَ وَلَا يُفَارِقُهَا، خَوفاً مِنَ
الضَّلَالِ. وَكَذَلِكَ الرَّامي إِذَا رَمَى شَيْئًا سَدَّد السَّهْم
نَحْوَه ليُصيبَه، فأخْطِرْ ذَلِكَ بِقَلْبِك لِيكون مَا تَنْوِيه مِنَ
الدُّعاء عَلَى شاكِلَة مَا تَسْتَعمِله فِي الرَّمْي.
(5/253)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سُنَّةُ الخُلَفاء
الرَّاشِدين الْمَهْدِيِّينَ» الْمَهْدِىُّ: الَّذِي قَدْ هَداه اللَّه
إِلَى الحَقّ.
وَقَدِ اسْتُعْمِل فِي الْأَسْمَاءِ حَتَّى صَارَ كالأسْماء الغالِبَة.
وَبِهِ سُمِّي المَهْديُّ الَّذِي بَشَّر بِهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَجيء فِي آخِر الزَّمان. ويُريد
بالخُلَفاء المَهْديِّين أَبَا بَكْرٍ وعُمر وَعُثْمَانَ وعَليّا،
رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي كُلّ مَنْ سارَ
سَيرَتَهُم.
(س) وَفِيهِ «مَنْ هَدَى زُقاقاً كَانَ لَهُ مِثْل عِتْق رَقَبَة» هُو
مِنْ هِدَاية الطَّرِيقِ: أَيْ مَنْ عَرَّف ضَالًّا أَوْ ضَريراً
طَرِيقَهُ.
ويُروَى بِتَشْدِيدِ الدَّال، إمَّا للمُبالَغة، مِنَ الهِداية، أَوْ
مِنَ الهَديَّة: أَيْ مَنْ تَصَدَّق بزقاقٍ مِنَ النَّخْل: وَهُوَ
السِّكَّة والصَّفُّ مِنْ أشْجارِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَهْفة «هَلَكَ الْهَدِىُّ وماتَ الوَدِيُّ»
الهَديُّ بِالتَّشْدِيدِ كالهَدْيِ بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ مَا يُهْدَى
إِلَى البَيْت الحَرام مِنَ النَّعَم لِتُنْحر، فأُطْلق عَلَى جَميع
الإبِل وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَدْياً، تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ ببَعْضِه.
يُقال: كَمْ هَدْىُ بَني فُلان؟ أَيْ كَمْ إبِلُهُم. أَرَادَ هَلَكَت
الْإِبِلُ ويَبِسَتِ النَّخِيلُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «الهَدْي والهَدِيِّ» فِي الْحَدِيثِ.
فَأَهْلُ الْحِجَازِ وبَنُو أسَدٍ يُخَفِّفُون، وتَيْم وسُفْلَى قَيْسٍ
يُثَقِّلونَ. وقد قرىء بِهِمَا. وواحِد الْهَدْيِ والْهَدِىِّ:
هَدْيَةٌ وهَدِيَّةٌ. وجَمْعُ المخَفَّفِ: أَهْدَاءٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «فَكَأَنَّمَا أَهْدَى دَجاجة، وكأنَّما
أهْدَى بَيْضَة» الدَّجاجَة والبَيْضَة لَيْسَتا مِنَ الهَدْيِ،
وإنَّما هُوَ مِنَ الإبِل والبَقَر، وَفِي الغَنَم خِلافٌ، فَهُو
مَحْمول عَلَى حُكْم مَا تَقَدَّمَه مِن الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ لمَّا
قَالَ «أهْدَى بدَنةَ وأهْدَى بَقَرةَ وَشَاةً» أتْبَعَه بالدّجاجَة
والبيْضة، كَمَا تَقُول:
أكَلْتُ طَعاماً وشَراباً، والأكْلُ يَخْتَصُّ بالطَّعام دُون
الشَّرَابِ. ومثْله قوْلُ الشَّاعِرِ:
مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً «1»
والتّقَلُّد بالسَّيْف دُونَ الرُّمْح.
__________
(1) صدره كما في الصحاح (قلد) :
يا ليتَ زوجَكِ قد غَدَا
(5/254)
(س) وَفِيهِ «طَلَعَت هَوَادِي الخَيْل»
يَعْني أوائِلَها. والْهَادِي والْهَادِيَةُ: العُنُق؛ لأنَّها
تَتَقدَّم عَلَى البَدَن، ولأنَّها تَهْدِي الجسَد.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَالَ لِضُباعَة: ابْعَثِي بِهَا فإنَّها
هَادِيَةُ الشَّاةِ» يَعْني رَقَبَتَها.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ خَرج فِي مَرَضه الَّذِي ماتَ فِيهِ يُهَادِي
بَيْنَ رَجُلَين» أَيْ يَمْشي بَيْنَهما مُعْتَمِداً عَلَيْهما، مِنْ
ضَعْفه وتَمايُلِه، مِن تَهَادَتِ المَرأةُ فِي مَشْيها، إِذَا
تَمايَلَتْ. وكُلُّ مَن فَعَل ذَلِكَ بأحَدٍ فَهُوَ يُهَادِيهِ. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ «بَلَغَني أَنَّ عَبْدَ
اللَّه بْنَ أَبِي سَلِيط «1» قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ
بْنِ حارِثَة- وَقَدْ أخَّر صَلَاةَ الظُّهْرِ- أَكَانُوا يُصَلُّون
هَذِهِ الصلاةَ الساعَةَ؟ قَالَ: لَا واللَّه، فَمَا هَدَى ممَّا
رَجَع» أَيْ فَمَا بَيَّن، وَمَا جَاءَ بِحُجَّةٍ مِمَّا أجابَ،
إِنَّمَا قَالَ: لَا واللَّه، وسَكَتَ. والمَرْجوع الجَواب، فَلَمْ
يجيءْ بِجَواب فِيهِ بَيانٌ وحُجَّة لِمَا فَعَلَ مِنْ تَأخِير
الصَّلَاةِ.
وهَدَى بمعْنَى بَيَّنَ، لُغَة أهْل الغَوْر، يَقُولون: هَدَيْتُ لَك
بِمَعْنَى بَيَّنْتُ لَك. ويُقال: بِلُغَتِهم نَزَلَتْ «أوَلَم يَهْدِ
لَهُم» .
باب الهاء مع الذال
(هَذَبَ)
(هـ) فِي سَريَّة عَبْدِ اللَّه بْنِ جَحْش «إِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم
الطَّلَبَ فَهَذِّبُوا» أَيْ أسْرِعُوا السَّيْر. يُقال: هَذَبَ
وهَذَّبَ وأَهْذَبَ، إِذَا أسْرَعَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَر «فَجَعَل يُهَذِّبُ الرُّكُوع» أَيْ يُسْرع
فِيهِ ويُتَابعُه.
(هَذَذَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «قَالَ لَهُ رجُل: قَرَأتُ
المُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: أهَذّاً كَهَذِّ الشِعْر؟» أرادَ
أتَهُذُّ القُرآن هَذًّا فَتُسْرِع فِيهِ كَمَا تُسْرع فِي قِرَاءة
الشِّعْر؟. والْهَذُّ: سُرْعَةُ القَطْعِ. ونَصَبه على المَصْدرِ.
__________
(1) في الأصل: «سُلَيْط» بضم ففتح. وضبطته بفتح فكسر من ا، واللسان.
وانظر المشتبه 367.
(5/255)
(هَذَرَ)
(هـ س) فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «لَا نَزْرٌ وَلَا هَذَرٌ «1» » أَيْ
لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثيِر.
والْهَذَرُ، بالتَّحريك: الهَذَيَانُ، وَقَدْ هَذَرَ يَهْذِرُ
ويَهْذُرُ هَذْراً بالسُّكون، فَهُوَ هَذِرٌ، وهَذَّارٌ ومِهْذَارٌ:
أَيْ كَثير الكَلامِ. والاسْمُ الْهَذَرُ، بالتَّحريك.
(س) وَفِي حَدِيثِ سَلْمان «مَلْغاةُ أَوَّلِ اللَّيلِ مَهْذَرَةٌ
لآخِره» هَكَذا جَاء فِي رِوَاية. وَهُوَ مِنَ الهّذْر: السُّكُون.
والروَايةُ بالنُّون. وَقَدْ تَقَدَّمَ «2» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَا شَبِع رَسُولُ اللَّه صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن الكِسَر الْيَابِسَةِ حَتَّى فَارَقَ
الدُّنْيَا، وَقَدْ أَصْبَحْتُمْ تَهْذِرُونَ الدُّنيا» أَيْ
تَتَوَسَّعُون فِيهَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيد تَبْذِيرَ المَال
وتَفْريقَهُ فِي كلِّ وَجْه.
ورُوِي «تَهُذُون الدُّنْيَا» وَهُوَ أشْبَه بالصَّواب. يَعْنِي
تَقْتَطِعُونَها إِلَى أنْفُسِكم وتَجْمَعُونَها، أَوْ تُسْرِعُون
إنْفاقَها.
وَفِيهِ «لَا تَتَزَوَّجَنَّ هَيْذَرَةً» هِيَ الكَثيرة الْهَذْرِ مِن
الْكَلَامِ. وَالْيَاءُ «3» زَائِدَةٌ.
(هَذْرَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لأَنْ أقْرَأ القُرآن فِي ثلاثٍ
أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أنْ أقْرأه فِي ليلةٍ كَمَا تَقْرَأ «4»
هَذْرَمَةً» .
وَفِي رِوَاية «قِيلَ لَهُ: اقْرَأ القُرآن فِي ثلاثٍ، فَقَالَ: لأنْ
أقْرَأ البَقَرةَ فِي لَيْلةٍ فادّبّرَها أحَبُّ إليَّ مِن أَنْ
أَقْرَأَ كَمَا تَقُولُ هَذْرَمَةً» الْهَذْرَمَةُ: السُّرْعَةُ فِي
الْكَلَامِ والمَشْي. ويُقال للتَّخْليط: هَذْرَمَةٌ.
وَأَخْرَجَ الهَروي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَقَدْ أصْبَحْتمْ
تُهَذْرِمُونَ الدُّنيا» وَقَالَ: أَيْ تَتَوَسَّعون فِيهَا. وَمِنْهُ
هَذْرَمَةُ الْكَلَامِ، وهُو الإكْثارُ والتّوسُّع فِيهِ.
(هَذَمَ)
(س) فِيهِ «كُلْ ممَّا يَليك، وَإِيَّاكَ والْهَذْمَ» كَذَا رواه بعضهم
بالذال المعجمة،
__________
(1) في الأصل واللسان: «هَذْر» بالسكون. وأثبتُّه بالتحريك من ا، ومما
سبق في مادة (نزر) .
(2) انظر (هدن) .
(3) في الأصل، وا، واللسان: «والميم» ولا ميم هنا. والزائد هو الياء،
كما أشار مصحح الأصل.
(4) في الأصل: «يُقْرأ» وأثبتُّ ما في ا، والنسخة 517. وفي اللسان:
«تقول» .
(5/256)
وَهُوَ سُرْعَةُ الأكْلِ. والْهَيْذَامُ:
الأكُولُ. قَالَ أَبُو مُوسَى: أظُنُّ الصَّحيحَ بالدَّال المُهْمَلةَ،
يُريدُ بِهِ الأكْل مِن جَوانِب القَصْعَة دُونَ وسَطِها، وهُو مِنَ
الهَدَمِ: مَا تَهَدَّم مِنْ نَواحي الْبِئْرِ.
باب الهاء مع الراء
(هرب)
(هـ) فيه «قال له رجل: ما لي ولعيالى هارب ولا قارب غيرها» أى ما لي
صَادِرٌ عَنِ المَاء وَلَا وَارِدٌ سَوَاهَا، يَعْني نَاقَتَه.
(هَرَتَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أكَلَ كَتِفاً مُهَرَّتَةً» أرَاد قدَ تَقَطَّعت
مِنْ نُضْجهَا. وَقِيلَ: إِنَّمَا هُو «مُهَرَّدَةٌ» بالدَّال. ولحْمٌ
مُهَرَّدٌ، إِذَا نَضِجَ حتَّى تَهَرَّأَ «1» .
(س) وَفِي حَدِيثُ رجَاء بْنِ حَيْوَة «لَا تُحَدِّثْنا عَنْ
مُتَهَارِتٍ» أَيْ مَتَشَدِّقٍ مِكْثَارٍ، مِنْ هَرَتِ الشِّدْقِ،
وَهُوَ سَعَتُهُ، وَرجُلٌ أَهْرَتُ.
(هَرَجَ)
(هـ) فِيهِ «بَيْن يَدَيِ السَّاعةِ هَرْجٌ» أَيْ قِتالٌ واخْتِلاطٌ.
وَقَدْ هَرَجَ النَّاسُ يَهْرِجُونَ هَرْجاً، إِذَا اخْتَلَطُوا.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. وأصْلُ الْهَرْجِ: الكَثْرةُ فِي
الشَّيء والاتِّساعُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فَذَلِكَ حِينَ اسْتَهْرَجَ لَهُ
الرَّأيُ» أَيْ قَوِيَ واتَّسَعَ. يُقَالُ: هَرَجَ الفَرَسُ يَهْرِجُ،
إِذَا كَثُر جَرْيُه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «لأكُونَنَّ فِيهَا مِثْلَ الجَملِ
الرَّدَاحِ، يُحْمَلُ عَلَيْهِ الحِمْلُ الثَّقيلُ فَيَهْرَجُ
فَيبْرُكُ وَلَا يَنْبَعِثُ حَتَّى يُنْحَر» أَيْ يَتَحَيَّرُ
ويَسْدَرُ. يُقَالُ: هَرِجَ البَعيرُ يَهْرَجُ هَرَجاً، إِذَا سَدِرَ
مِنْ شِدَّة الحرِّ وثِقَل الحِمْل.
(س) وَفِي حَدِيثِ صِفَة أهلِ الجنةِ «إِنَّمَا هُم هَرْجاً مَرْجاً»
الْهَرْجُ: كَثْرَةُ النِّكَاحِ. يُقَالُ:
بَات يَهْرُجُهَا لَيلَتَه جَمْعاءَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرداء «يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ
البَهائم» أَيْ يَتَسافَدُون. هَكَذَا
__________
(1) في الأصل، والنسخة 517: «تَهَرَّى» وما أثبتُّ من ا، والقاموس
(هرأ) 33- النهاية 5.
(5/257)
أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى وشَرَحَهُ.
وَأَخْرَجَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ: أَيْ
يَتَسَاوَرُون «1» .
(هَرَدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَنَّهُ يَنْزل بَيْنَ
مَهْرُودَتَيْنِ» أَيْ فِي شُقّتَيْن، أَوْ حُلّتَيْن. وَقِيلَ:
الثَّوبُ الْمَهْرُودُ: الَّذِي يُصْبَغ بالوَرْسِ ثُمَّ بالزَّعْفَران
فيَجيء لَوْنُه مِثْلَ لَوْنِ زَهْرة الحَوذَانَة.
قَالَ القُتَيْبي: هُوَ خَطأ مِنَ النَّقَلة. وأرَاه: «مَهْرُوَّتَيْن»
: أَيْ صَفْراوَيْن. يُقَالُ: هَرَّيْتُ العِمَامَة إِذَا لَبسْتَها
صَفْرَاء. وكأنَّ فَعَلْتُ منْه: هَرَوْتُ، فَإِنْ كَانَ مَحْفوظاً
بِالدَّالِ فَهُوَ مِنَ الْهَرْدِ: الشَّقّ، وخطّىء ابن قتيبة فى
استداركه واشْتقاقِه.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: القَولُ عندَنا فِي الْحَدِيثِ «بَيْن
مَهْرُودَتَيْنِ» يُرْوَى «2» بِالدَّالِ وَالذَّالِ: أَيْ بَيْن
مُمَصَّرَتَيْن، عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ نَسْمَعه
إِلَّا فِيهِ. وَكَذَلِكَ أشياءُ كثيرةٌ لَمْ تُسْمَع إِلَّا فِي
الْحَدِيثِ. والمُمَصَّرَةُ مِنَ الثِّيَابِ: الَّتِي فِيهَا صُفْرة
خَفيفَة. وَقِيلَ: الْمَهْرُودُ: الثوبُ الَّذِي يُصْبَغ بالعُروق،
والعُروقُ يُقَالُ لَهَا: الْهُرْدُ.
(س) وَفِيهِ «ذابَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى صَارَ مِثْلَ
الْهُرْدَةِ» جَاءَ تفسيرُه فِي الْحَدِيثِ «أَنَّهَا العَدَسَةُ» .
(هَرْذَلَ)
(س) فِيهِ «فأقْبَلَتْ تُهَرْذِلُ» أَيْ تَسْترخي فِي مَشْيها.
(هَرَرَ)
- فِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ أكْل الْهِرِّ وثَمَنِه» الْهِرُّ
والْهِرَّةُ: السِّنَّوْرُ. وَإِنَّمَا نَهى عَنْهُ لِأَنَّهُ
كالوَحْشِيّ الَّذِي لَا يَصحُّ تَسْلِيمُه، فَإِنَّهُ يَنْتَابُ
الدُّورَ وَلَا يُقيِم فِي مكانٍ واحِدٍ، وَإِنْ حُبِسَ أَوْ رُبِطَ
لَمْ يُنْتَفَع بِهِ، وَلِئَلَّا يَتَنازَع الناسُ فِيهِ إِذَا
انْتَقَل عَنْهُمْ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا نُهيَ عَنِ الوَحْشِيّ مِنْهُ دُونَ الإنْسِيّ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ قَارِئَ الْقُرْآنِ وَصَاحِبَ الصَّدَقَةِ،
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه أرأيْتَكَ «3» النَّجْدَةَ الَّتِي
تَكُونُ فِي الرَّجُل، فَقَالَ: ليْسَت لهُما بِعِدْلٍ، إنَّ الكَلْبَ
يَهِرُّ مِنْ وراءِ أهْلِه» مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّجاعَة غَريزَة فِي
الْإِنْسَانِ، فَهُوَ يَلْقَى الحُروب ويُقاتِل طَبْعاً وحَمِيَّةً لَا
حِسْبَةً، فَضربَ
__________
(1) الذي في الفائق 3/ 202: «أي يتسافدون» وفي الدر النثير: «يتثاورون»
.
(2) في ا: «ويروى» .
(3) في الأصل: «أرأيتُكَ» بالضم. وهو خطأ. انظر مادة (رأى) .
(5/258)
الكَلْب مَثَلا، إذْ كَانَ مِنْ طَبْعَه
أَنْ يَهِرَّ دُونَ أهْلِه ويَذُبَّ عَنْهُمْ. يُريد أنَّ الجهَاد
والشَّجاعَة ليْسَا بمِثْل الْقِرَاءَةِ والصَّدقَة. يُقال: هَرَّ
الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فَهُوَ هَارٌّ وهَرَّارٌ، إِذَا نَبَحَ
وكَشَر عَنْ أنْيابه. وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُه دُونَ نُباحه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيح «لَا أعْقِل الكَلْبَ الْهَرَّارَ» أَيْ
إِذَا قَتَل الرجُلُ كَلْبَ آخَر لَا أوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا إِذَا
كَانَ نَبَّاحاً؛ لأنهُ يُؤذِي بنُبَاحِه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ «الْمَرْأَةُ الَّتِي تُهَارُّ
زُوْجَها» أَيْ تَهِرُّ فِي وَجْهه كَمَا يَهِرُّ الكلبُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيْمَة «وَعَادَ لَها المَطِيُّ هَارّاً» أَيْ
يَهِرُّ بَعْضُها فِي وَجْه بَعْضٍ مِنَ الجَهْد.
وَقَدْ يُطْلَق الْهَرِيرُ عَلَى صَوْت غَير الكَلْب.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنِّي سَمْعتُ هَرِيراً كَهَرِير الرَّحا» أَيْ
صَوْتَ دَوَرَانها.
(هَرَسَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّه عَطِشَ يَوْم أُحد، فَجاءه عَلِيٌّ بِمَاء مِنَ
الْمِهْرَاسِ، فَعافَه وغَسَل بِهِ الدَّمَ عَنْ وَجْهِه»
الْمِهْرَاسُ: صَخْرة مَنْقُورَة تَسَع كَثيِرا مِن المَاء، وَقَدْ
يُعْمَل مِنْهَا حِياضٌ لِلماء.
وَقِيلَ: الْمِهْرَاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: اسْم ماءٍ بأحُدٍ. قَالَ
«1» .
وقَتِيلاً بِجانِبِ المِهْراسِ
(هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ «أَنَّهُ مَرَّ بِمِهْرَاسٍ يَتَجاذَوْنَه «2»
» أَيْ يَحْملونَه ويَرْفَعُونه.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ «فَقُمْتُ إِلَى مِهْراسٍ لَنا فَضَربْتُه بأسْفَله
حتى تَكَسَّرتْ» .
__________
(1) هو شبل بن عبد الله، مولى بني هاشم يذكر حمزة بن عبد المطلب، وكان
دُفن بالمهراس. وصدر البيت:
واذكُرُوا مَصْرعَ الحسينِ وزَيْدٍ
الكامل، للمبرد، ص 1178. ونسب ياقوت في معجم البلدان 4/ 697 هذا الشعر
لسُدَيف بن ميمون: والرواية عنده:
واذْكُرَنْ مقتل الحسين وزَيْد
(2) في الأصل، وا: «يتحاذونه» بالحاء المهملة. وصححته بالمعجمة من
الهروي، واللسان، ومما سبق في مادة (جذا) .
(5/259)
(هـ) وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «فَإِذَا
جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ «1» هَذَا كَيْفَ نَصْنَع؟» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ «كأنَّ فِي جَوْفي شَوْكَةَ
الْهَرَاسِ» هُوَ شَجَرٌ أَوْ بَقْلٌ ذُو شَوْك، وهُو مِنْ أحْرارِ
البُقُول.
(هَرَشَ)
- فِيهِ «يَتَهَارَشُونَ تَهَارُشَ الكِلاب» أَيْ يَتَقَاتَلونَ
وَيَتَواثَبُونَ. والتَّهْرِيشُ بَيْن الناسِ كَالتَّحْرِيشِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَإذا هُم يَتَهَارَشُونَ»
هَكَذَا رَواه بعضُهم. وفسَّره بالتَّقاتُل. وَهُوَ فِي «مُسْند
أَحْمَدَ» بالوَاو بَدَلَ الرَّاء. والتَّهَاوُشُ: الاخْتِلاط.
(س) وَفِيهِ ذِكْرُ «ثَنِيَّة هَرْشَى» هيَ ثَنِيَّة بَينَ مَكَّة
وَالْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: هَرْشَى: جَبَلٌ قُرْبَ الجُحْفَة.
(هَرَفَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ رُفْقَةً جَاءَتْ وهُم يَهْرِفُونَ بصَاحِبٍ لهُم»
أَيْ يَمْدَحُونه ويُطْنِبُون فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ الْمَثَلُ «لَا تَهْرِفْ قَبْل أنْ تَعْرِف» أَيْ لَا تَمْدحْ
قَبْلَ التَّجْرِبَة.
(هَرَقَ)
(س) فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «أنَّ امْرَأةً كانَت تُهَرَاقُ الدّمَ»
كَذَا جَاءَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه. والدَّمَ مُنْصُوب. أَيْ
تُهْراقُ هِيَ الدَّمَ. وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى التَّمييز وَإِنْ كَانَ
مَعْرِفة، وَلَهُ نَظائر، أَوْ يَكُونُ قدْ أُجْريَ تُهَرَاق مُجْرَى:
نُفِسَت المَرأةُ غُلاماً، ونُتِجَ الفَرَسُ مُهْراً.
ويَجُوز رَفْع الدَّمِ عَلَى تَقْدِير: تُهَرَاقُ دِمَاؤها، وتَكون
الألِفُ واللامُ بَدَلاً مِنَ الإضَافَة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ
يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ أَيْ عُقْدَة نِكاحِه
أَوْ نِكاحِهَا.
وَالْهَاءُ فِي هَرَاقَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزة أرَاقَ. يُقَالُ: أَرَاقَ
المَاء يُرِيقُهُ، وهَرَاقَهُ يُهَرِيقُهُ، بفَتْح الهَاء، هِرَاقَةً.
ويُقالُ فِيهِ: أَهْرَقْتُ المَاءَ أَهْرِقُهُ إِهْرَاقاً، فيُجْمَع
بَيْن البَدَلِ والمُبْدَل. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هِرَقْلُ)
(س) فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ «لمَّا أُرِيدَ
عَلَى بَيْعَةَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي حَياة أَبِيهِ، قَالَ:
جِئتم بِهَا هِرَقْلِيَّةً وقُوقِيَّةً» أرادَ أَنَّ البَيْعَة
لأوْلادِ المُلوك سُنّة مُلوكِ الرُّوم والعَجَم وهِرَقْل: اسْم مَلِك
الرُّوم. وقد تكرر في الحديث.
__________
(1) في الهروي، واللسان: «إلى مهراسكم» .
(5/260)
(هَرِمَ)
(س) فِيهِ «اللَّهْمّ إِنِّي أعوذُ بِكَ مِنَ الْأَهْرَمَيْنِ،
البنَاءِ وَالبئر» هَكَذَا رُوي بالرَّاء، والمَشْهور بِالدَّالِ.
وَقَدْ تقدَّم.
(س) وَفِيهِ «إنَّ اللَّه لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَع لَهُ دَوَاءً
إِلَّا الْهَرَمَ» الْهَرَمُ: الكِبَر. وقَد هَرِمَ يَهْرَمُ فهُو
هَرِمٌ. جَعَل الْهَرَمَ دَاءً تَشْبِيهاً بِهِ، لأنَّ المَوْتَ
يَتَعَقَّبه كالأدْوَاء.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَرْكُ العَشاءِ مَهْرَمَةٌ» أَيْ مَظِنَّة
لِلْهَرَم. قَالَ القُتَيْبي: هذِه الكَلِمَة جارِيَة عَلَى ألْسِنَة
النَّاس، ولَسْتُ أدْرِي أرسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ابْتَدأهَا أَمْ كانَتْ تُقالُ قَبْلَه؟
(هَرْوَلَ)
- فِيهِ «مَن أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُه هَرْوَلَةً» الْهَرْوَلَةُ:
بَيْنَ المَشْي والْعَدْوِ، وَهُو كِنَايَة عَنْ سُرْعَة إجَابة اللَّه
تَعالى، وقَبُولِ تَوْبَة العَبْد، ولُطْفه وَرَحْمَته.
(هَرَا)
(س) في حديث أبي سَلَمة «أنه صلى اللَّه عليه وسلم قَال: ذَاك
الْهِرَاءُ شَيْطانٌ وُكِّلَ بالنُّفُوس» قِيل: لَمْ يُسْمَعِ
الْهِرَاءُ أَنَّهُ شَيْطَانٌ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
والْهُرَاءُ فِي اللُّغة:
السَّمْح الجَوَاد، والهَذَيَانُ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لَحِنيفَة النَّعَم، وَقَدْ جَاءَ مَعَهُ
بِيتيم يَعْرضه عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ قَارَب الاحْتِلامَ، وَرَآه
نَائِما فَقَالَ: لَعَظُمَتْ هَذه هِرَاوَةُ يَتيم» أَيْ شَخْصُه
وجُثَّتُه. شَبَّهه بالهِرَاوة، وَهِيَ العَصَا، كَأَنَّهُ حِينَ رَآهُ
عَظَيمَ الجُثَّة اسْتَبْعَد أنْ يُقالَ لَهُ يَتيم، لأنَّ اليُتْمَ
فِي الصِّغَر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطِيح «وخَرج صاحِبُ الهِرَاوة» أرادَ بِهِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنَّه كَانَ يُمْسِك
القَضِيبَ بِيدِه كَثِيرا. وَكَانَ يُمْشَى بالعَصَا بَين يَدَيه،
وتُغْرَزُ لَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا.
(5/261)
باب الهاء مع الزاي
(هَزَجَ)
- فِيهِ «أدْبَر الشيطانُ ولَهُ هَزَجٌ ودَزَجٌ» وَفِي رِوَاية
«وَزَجٌ» «1» الْهَزَجُ:
الرَّنَّة، والوَزَجُ دُونه، والْهَزَجُ أَيْضًا: صَوْتُ الرَّعْد
والذِّبَّان، وضَرْبٌ مِن الأغانِي، وبَحْرٌ مِنْ بُحور الشِّعْر.
(هَزَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ وَفْد عَبْدِ القَيْس «إِذَا شَرِبَ قَامَ إِلَى ابْنِ
عَمِّه فَهَزَرَ سَاقَه» .
الْهَزْرُ: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ بالخَشَب وَغَيْرِهِ.
(س) وَفِيهِ «أنَّه قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أنْ يُحْبَسَ حَتَّى
يَبْلُغَ المَاءُ الكَعْبَيْن» مَهْزُورُ:
وَادِي بَني قُرَيْظَة بالحِجازِ، فأمَّا بتَقْديم الرَّاء عَلَى
الزَّايِ فَموْضِع سُوقِ المَدينَة، تَصَدَّق بِهِ رَسُولُ اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُسلِمين.
(هَزَزَ)
(هـ) فِيهِ «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْت سَعْد» الهَزُّ فِي الأصْل:
الحَرَكَة. واهْتَزَّ، إِذَا تَحَرَّك. فاسْتَعْمَلَه فِي مَعْنى
الارْتِياح. أَيِ ارْتاحَ بصُعُودِه «2» حينَ صُعِدَ بِهِ،
واسْتَبْشَر، لكرَامتِه عَلَى رَبِّه. وكلُّ مَنْ خَفَّ لأمْرٍ
وارْتاحَ لَهُ فَقَد اهْتَزَّ لَهُ.
وَقِيلَ: أرادَ فَرِح أهْلُ العَرْش بمَوْته.
وَقِيلَ: أرادَ بالعَرْش سَرِيرَه الَّذِي حُملَ عَلَيْهِ إِلَى
القَبْر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فانْطَلَقْنا بالسَّفَطَيْن «3» نَهُزُّ
بِهِمَا» أَيْ نُسْرِع السَّيْر بِهما. ويُرْوى «نَهِزُ» ، مِنَ
الوَهْز، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «إنِّي سَمِعْتُ هَزِيزاً كَهَزِيزِ الرَّحَا» أَيْ
صَوْتِ دَوَرَانِهَا.
(هَزَعَ)
- فِيهِ «حَتَّى مَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْل» أَيْ طَائِفَةٌ مِنْهُ،
نَحو ثُلُثِه أَوْ رُبُعِه.
__________
(1) في الأصل: «وزَجٌّ» بالتنوين. وأثبتُّه مخففا من ا، واللسان.
(2) في الهروي: «بروحه» .
(3) في اللسان: «بالسِّقْطَيْن» .
(5/262)
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إيَّاكُم
وتَهْزِيعَ الأخْلاقِ وَتصَرُّفَها» هَزَّعْتُ الشَّيء تَهْزِيعاً:
كَسَّرْتُه وفَرَّقْتُه.
(هَزَلَ)
(س) فِيهِ «كانَ تَحْتَ الْهَيْزَلَة» قِيل: هِيَ الرَّايَة، لأنَّ
الرِّيحَ تَلْعَبُ بِهَا، كأنَّها تَهْزِلُ مَعَها. والْهَزْلُ
واللَّعِب مِنْ وَادٍ وَاحدٍ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَر وأهْلِ خَيْبَر «إنَّما كانَت هُزَيْلَة مِن أَبِي
القاسِم» تَصْغِير هَزْلَة، وَهِيَ المَرّة الواحِدة مِنَ الهَزْل،
ضِدِّ الجِدِّ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ مازِن «فأذْهَبْنا الأمْوالَ، وأَهْزَلْنَا الذَّرارِيَّ
والعِيَالَ» أَيْ أضْعَفْنَا. وهِي لُغَة فِي هَزَل، ولَيْسَت
بِالعَالِيَة. يُقال: هُزِلَتِ الدَّابَّةُ هُزَالًا، وهَزَلْتُهَا
أنَا هَزْلًا، وأَهْزَلَ القَوْمُ، إِذَا أصَابَتْ مَواشِيَهم سَنَةٌ
فَهُزِلَتْ. والْهُزَالُ: ضِدُّ السِّمَن. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
(هَزَمَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا عَرَّسْتُم فاجْتَنِبُوا هَزْمَ الْأَرْضِ، فإنَّها
مَأْوَى الْهَوَامِّ» .
هُوَ مَا تَهَزَّمَ مِنْها: أَيْ تَشَقَّق. ويَجُوز أَنْ يَكُونَ
جَمْعَ هَزْمَةْ، وهُو المُتَطامِنُ مِنَ الْأَرْضِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي
الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ فِي هَزْمِ بَنِي بَياضَة» هُوَ مَوْضع
بِالْمَدِينَةِ.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّ زَمْزَمَ هَزْمَةُ جِبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»
أَيْ ضَرَبَها برِجْله فَنَبَعَ الماءُ.
والْهَزْمَةُ: النُّقْرَة فِي الصَّدْر، وَفِي التُّفَّاحَة إِذَا
غَمَزْتَها بِيَدِك. وهَزَمْتُ الْبِئْرَ، إِذَا حَفَرْتَها.
(س) وَفِي حَدِيثِ المُغِيرة «مَحْزُون الْهَزْمَةِ» يَعْني الوَهْدَة
الَّتِي فِي أعْلَى الصَّدْرِ وتَحْتَ العُنُقِ. أَيْ إنَّ المَوْضِعَ
مِنْهُ حَزْنٌ خَشِنٌ، أَوْ يُريدُ بِهِ ثِقَلَ الصَّدْرِ، مِن
الحُزْنِ وَالْكَآبَةِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «فِي قِدْرٍ هَزِمَةٍ» مِنَ
الْهَزِيمِ، وَهُوَ صَوْتُ الرَّعْد. يُريدُ صَوْتَ غَلَيَانِهَا.
(5/263)
بَابُ الْهَاءِ مَعَ الشِّينِ وَالصَّادِ
وَالضَّادِ وَالطَّاءِ
(هَشَشَ)
- فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «لَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ حِمَى رسولِ
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنْ هُشُّوا هَشّاً» أَيِ
انْثُروه نَثْراً بِلِينٍ وَرِفْقٍ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «لَقَدْ راهَنَ النبيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا سَبْحَةُ»
فَجَاءَتْ سابِقَةً فَلَهَشَّ لِذَلِكَ وأعْجَبَه» أَيْ فَلَقَدْ
هَشَّ، وَاللَّامُ جوابُ القَسَم المَحْذُوف، أَوْ لِلتَّأْكِيدِ.
يُقَالُ: هَشَّ لهذا الأمر يَهَشُّ يَهِشُّ «1» هَشَاشَةً، إِذَا
فَرِحَ بِهِ واسْتَبْشَر «2» ، وارْتاحَ لَهُ وخَفَّ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «هَشِشْتُ يَوْمًا فقَبَّلْتُ وَأَنَا
صائِمٌ» .
(هَشَمَ)
- فِي حَدِيثِ أحُد «جُرحَ وَجه رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وهُشِمَتِ البَيْضَةُ عَلَى رأسِه» الْهَشْمُ: الكَسْر.
والْهَشِيمُ مِنَ النباتِ: اليابِسُ المُتَكَسِّر. والبَيْضَة:
الخُوذَة.
(هَصَرَ)
(س) فِيهِ «كَانَ إِذَا رَكَعَ هَصَرَ ظَهْرَه» أَيْ ثَناهُ إِلَى
الْأَرْضِ. وأصْلُ الْهَصْرِ: أَنْ تَأخُذَ برَأسِ العُود فَتَثْنِيَه
إِلَيْكَ وتَعْطِفَهُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي طَالِبٍ فنَزلَ
تَحْتَ شَجَرةٍ فَتَهَصَّرَتْ أغصانُ الشَّجَرَةِ» أَيْ تَهَدَّلَتْ
عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «لمَّا بَنَى مسجدَ قُبَاء رَفَعَ حَجَراً ثَقيلاً
فَهَصَرَهُ إِلَى بَطْنِه» أَيْ أضافَهُ وأمالَهُ.
(س) وَفِي حَدِيثُ ابْنِ أُنَيس «كَأَنَّهُ الرِّئبال الْهَصُور» أَيِ
الأسَدُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَفْتَرِسُ ويَكْسِر. ويُجْمَع عَلَى:
هَوَاصِرَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُرَّة:
ودَارَتْ رَحَاها بالُّليُوثِ الهَواصِرِ
[هـ] وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
__________
(1) من بابَيْ تِعب وضرب. كما ذكر صاحب المصباح.
(2) في الأصل: «واستَسرَّ» وما أثبت من ا، والنسخة 517.
(5/264)
فَرُبَّما [رُبَّما] «1» أضْحَوْا
بِمَنْزِلَةٍ تَهابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ المَهاصِيرُ جَمْع مِهْصَارٍ،
وَهُوَ مِفْعالٌ مِنْهُ.
(هَضَبَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَناموا حَتَّى طلعتِ الشَّمْسُ وَالنَّبِيُّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمٌ، فَقَالَ عُمرُ: أَهْضِبُوا
لِكَيْ يَنْتَبِهَ رسولُ اللَّه» أَيْ تَكَلَّموا وامْضُوا. يُقَالُ:
هَضَبَ فِي الْحَدِيثِ وأَهْضَبَ، إِذَا اندَفَع فِيهِ، كَرِهُوا أنْ
يُوقِظُوه، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَيقِظَ بكلامِهم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ لَقِيط «فأرْسَل السماءَ بِهَضْبٍ» أَيْ مَطَرٍ،
ويُجْمَع عَلَى أَهْضَابٍ، ثُمَّ أَهَاضِيب، كقَولٍ وأقْوَالٍ
وَأَقَاوِيلَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «تَمْرِيه الجَنُوبُ درَرَ أَهَاضِيبِهِ» .
وَفِي حَدِيثِ قُسّ «ماذَا لَنَا بِهَضْبَةٍ» الْهَضْبَةُ:
الرَّابِيَة، وجَمْعُها: هِضَبٌ «2» وهَضَبَاتٌ، وهِضَابٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ذِي المِشْعار «وأهْل جِنَاب الْهِضَبِ»
والجِنَابُ بالكَسْر:
اسْمُ مَوْضع.
(س) وَفِي وَصْفِ بني تميم «هَضْبَةٌ حَمْراء» قيل: أَرَادَ بالهَضْبَة
المَطْرةَ الكَثيرةَ القَطْر.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الرَّابِيَة.
(هَضَمَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ امْرَأَةً رأتْ سَعْدا مُتَجَرِّداً وَهُوَ أميرُ
الْكُوفَةِ، فَقَالَتْ: إِنَّ أميرَكُم هَذَا لَأَهْضَمُ الكَشْحَيْن»
أَيْ مُنْضَمُّهُما. الْهَضَمُ بِالتَّحْرِيكِ: انضِمامُ الجَنْبَيْن.
ورجلٌ أَهْضَمُ وامرأةٌ هَضْمَاءُ. وأصْلُ الْهَضْمِ: الْكَسْرُ.
وهَضْمُ الطَّعَامِ: خِفَّتُه. والْهَضْمُ: التَّواضُع.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وذكَرَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ «واللَّهِ
إِنَّهُ لَخَيْرُهُم، وَلَكِنَّ المؤمنَ يَهْضِمُ نَفْسَه» أَيْ يَضَع
مِنْ قَدْرِه تَواضُعاً.
__________
(1) ساقط من الأصل، وا، والنسخة 517، واللسان. وقد تُرك مكانَه بياض،
وقال مصححه: إنه هكذا بالأصل. وقد استكملته من اللسان مادة (سطح) .
(2) في الأصل: «هَضَب» وفي ا: «هَضْب» وأثبته بكسر ففتح من القاموس.
قال في اللسان: والجمع: هَضْبٌ، وهِضَبٌ، وهِضاب» .
(5/265)
(س) وَفِيهِ «العَدْوُّ بِأَهْضَامِ
الغِيطَان» هيَ جَمْع هِضْمٍ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ المُطْمَئِنُّ مِنَ
الْأَرْضِ. وَقِيلَ: هيَ أسَافلُ من الأوْديَة، مِنَ الْهَضْمِ:
الكَسْر، لِأَنَّهَا مَكَاسِرٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «صَرْعَى بأثْناءِ هَذَا النَّهْر، وأَهْضَام
هَذَا الغَائط»
(هَطَعَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «سِرَاعاً إِلَى أمْرِه مُهْطِعين إِلَى
مَعَادِه» الْإِهْطَاعُ: الإسْراعُ فِي العَدْو. وأَهْطَعَ، إِذَا
مَدَّ عُنُقَه وصَوّبَ رأسَه.
(هَطَلَ)
(هـ) فِيهِ «اللَّهُمَّ ارزُقْني عَيْنَيْن هَطَّالَتَيْنِ» أَيْ
بَكَّاءَتَيْن ذَرَّافَتَيْن للدُّمُوع.
وَقَدْ هَطَلَ المَطَرُ يَهْطِلُ، إِذَا تَتابَع.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «إِنَّ الْهَيَاطِلَةَ لمَّا نَزلَتْ
بِهِ بَعِلَ بِهِمْ» هُمْ قَوْمٌ مِنَ الهنْدِ.
وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، كَأَنَّهُ جَمْعُ هَيْطَلٍ. وَالْهَاءُ
لِتَأْكِيدِ الجَمْع.
(هَطَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شَرَابِ أهلِ الْجَنَّةِ «إِذَا
شَرِبُوا مِنْهُ هَطَمَ طَعَامَهُم» الْهَطْمُ: سُرْعَةُ الهَضْم.
وأصْلُه الحَطْمُ، وَهُوَ الكَسْر، فقُلبتِ الحَاءُ هاءً.
باب الهاء مع الفاء
(هَفَتَ)
(هـ) فِيهِ «يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ» أَيْ يَتَساقَطُون، مِنَ
الْهَفْتِ: وَهُوَ السُّقُوط قِطْعَةً قِطْعَةً. وأكْثَر مَا
يُسْتَعْمَل التَّهَافُتُ فِي الشَّرِّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرة «والقَمْلُ يَتَهَافَتُ عَلَى
وَجْهِي» أَيْ يَتَساقَط. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هَفَفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، فِي تَفْسِيرِ السَّكينَة «1» «وَهِيَ ريحٌ
هَفَّافَةٌ» أَيْ سَريعَة المُرورِ فِي هُبُوبِها.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «الرِّيحُ الْهَفَّافَةُ: السَّاكنَةُ
الطيِّبة» . والْهَفِيفُ: سُرْعَة السَّيْر، والخِفَّةُ.
وَقَدْ هَفَّ يَهِفُّ.
__________
(1) التي في قوله تعالى: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ
مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ
رَبِّكُمْ كما ذكر الهروي.
(5/266)
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وذَكَر
الحَجَّاج «هَلْ كَانَ إِلَّا حِمَاراً هَفَّافاً؟» أَيْ طَيَّاشاً
خَفيفاً.
(س) وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ «كانَت الأرضُ هِفّاً عَلَى الْمَاءِ» أَيْ
قَلِقَةً لَا تَسْتَقِرُّ، مِنْ قَوْلِهم:
رَجُلٌ هِفٌّ: أَيْ خَفِيفٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَر «واللَّهِ مَا فِي بَيْتِك هِفَّةٌ وَلَا
سُفّة» الْهِفَّةُ: السَّحابُ لَا مَاءَ فِيهِ.
والسُّفَّة: مَا يُنْسجُ مِنَ الخُوصِ كالزَّبِيل: أَيْ لَا مَشْرُوبَ
فِي بَيْتِك وَلَا مَأكُول.
وَقَالَ الجَوْهري: الْهِفُّ، بالكَسْر: سَحَابٌ «1» رَقيق لَيْسَ
فِيهِ مَاءٌ.
(هـ) وَفِيهِ «كَانَ بَعْضُ العُبَّاد يُفْطِرُ عَلَى هِفَّةٍ
يَشُوِيها» هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: نَوْع مِنَ السَّمك.
وَقِيلَ: هُوَ الدُّعْمُوص «2» . وَهِيَ دُوَيْبَّة تَكُون فِي
مُسْتَنْقَع الْمَاءِ.
(هَفَكَ)
(س) فِيهِ «قُلْ لأمَّتِكَ فَلْتَهْفَكْه فِي القُبور» أَيْ لِتُلْقِه
فِيهَا. وَقَدْ هَفَكَهُ، إِذَا ألقاهُ. والتَّهَفُّكُ: الاضْطِراب
والاسْترْخاء فِي المشْي.
(هَفَا)
(هـ س) فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «أَنَّهُ وَلّى أبَا غَاضِرَةَ
الْهَوَافِي» أَيِ الإبلَ الضَّوالَّ، واحِدَتُها: هَافِيَةٌ، مِنْ
هَفَا الشّيءُ يَهْفُو، إِذَا ذَهَب. وهَفَا الطَّائر، إِذَا طارَ.
والرِّيحُ، إِذَا هَبَّتْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «إِلَى مَنَابِتِ الشِّيح ومَهَافِي الرِّيح»
جَمْعُ مَهْفًى، وَهُوَ مَوْضِع هُبُوبِها فِي البَراريّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «تَهْفُو منْه الرِّيحُ بِجَانِبٍ
كَأَنَّهُ جَنَاحُ نَسْرٍ» يَعْني بَيْتاً تَهُبُّ مِنْ جانِبه رِيحٌ،
وَهُوَ فِي صِغَرِهِ كَجَنَاحِ نَسْرٍ.
باب الهاء مع القاف والكاف
(هَقَعَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «طَلِّقْ ألْفاً يَكْفيك منها هَقْعَةُ
الجوزاء» الْهَقْعَةُ:
__________
(1) في الصِحاح: «السحاب الرقيق» .
(2) في الهروي: «قال المبرّد: الهفّ: كبار الدّعاميص» .
(5/267)
مَنْزِلَة مِنْ مَنازل القَمر فِي بُرْج
الجَوْزاء، وَهِيَ ثَلاثَةُ أنْجُمٍ كالأثَافِيّ: أَيْ يَكْفِيك مِنَ
التّطْلِيق ثَلاثُ تَطْليقَات.
(هَكَرَ)
- فِي حَدِيثِ عُمر وَالعجوز «أقْبَلتُ مِنْ هَكْرَانَ وكَوْكَب» هُمَا
جَبَلانِ مَعْرُوفانِ بِبِلادِ العَرَب.
(هَكَمَ)
- فِي حَدِيثِ أُسامة «فخَرجْتُ فِي أثَرِ رَجُل مِنْهُم جَعَلَ
يَتَهَكَّمُ بي» أي يَسْتَهْزِىءُ بِي ويَسْتَخِفُّ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ حَدْرَد «وَهُوَ
يَمْشِي القَهْقَرَى ويقُول: هَلُمَّ إِلَى الجَنّة، يَتَهَكَّم بِنَا»
.
[هـ] وَقَوْلُ سُكَيْنَة لِهِشَامٍ «يَا أحْولُ، لقَدْ أصْبَحْتَ
تَتَهَكَّم بِنَا» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَلَا مُتَهَكِّم» .
بَابُ الْهَاءِ مع اللام
(هَلَبَ)
[هـ] فِيهِ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ مَا بَيْن عانَتِي وهُلْبَتِي»
الْهُلْبَةُ: مَا فَوْقَ العَانَةِ إِلَى قَريبٍ مِن السُّرَّة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «رَحِمَ اللَّهُ الْهَلُوبَ، ولَعَن اللَّهُ
الهَلُوب» الْهَلُوبُ: المَرْأة «1» الَّتِي تَقْرُب مِنْ زَوْجها
وَتُحِبُّهُ، وَتَتَبَاعَدُ مِنْ غَيْرِهِ. والْهَلُوبُ أَيْضًا:
التَّي لَها خِدْنٌ تُحِبُّه وتُطِيعُه وتَعْصِي زَوْجَها.
وهُو مِن هَلَبْتُهُ بِلِسَانِي، إِذَا نِلْتَ مِنْهُ نَيْلاً شدِيداً،
لأنَّها تَنَال إِمَّا مِنْ زَوْجِها وإمَّا مِنْ خِدْنِها.
فَتَرَحَّمَ عَلَى الْأُولَى ولَعَنَ الثَّانِيَةَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ خَالِدٍ «مَا مِنْ عَمَلي شيءٌ أرْجَى عِنْدِي
بَعْد لَا إلهَ إِلَّا اللَّهُ مِن لَيْلَةٍ بِتُّهَا وَأَنَا
مُتَتَرِّسٌ بِتُرْسِي والسَّماءُ تَهْلُبُنِي» أَيْ تُمْطِرُني.
يُقَالُ: هَلَبَتِ السَّماءُ، إِذَا مَطَرَتْ «2» بِجَوْدٍ.
(س) وَفِيهِ «إنَّ صاحِبَ رَاية الدَّجَّال فِي عَجْبِ ذَنْبَه مِثْلُ
ألْيَة البَرَق، وَفِيهَا هَلَبَاتٌ
__________
(1) هذا شرح ابن الأعرابي، كما ذكر الهروي.
(2) في الهروي: «أمطرت» .
(5/268)
كَهَلَبَاتِ الفَرَس» أَيْ شَعَرَاتٌ، أوْ
خُصَلاتٌ مِنَ الشَّعر، وَاحِدَتُها: هَلْبَةٌ. والْهُلْبُ: الشّعَر.
وَقِيلَ: هُوَ مَا غَلُظَ مِن شَعَر الذَّنَب وغيْره.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ «أفْلَتَ «1» وانْحَصَّ الذَّنَبُ،
فَقَالَ: كَلا، إِنَّهُ لَبِهُلْبِهِ» وفَرَسٌ أَهْلَبُ، ودَابَّةٌ
هَلْبَاءُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ تَمِيم الدارِيّ «فَلَقِيَهُم دَابَّةٌ أَهْلَبُ»
ذَكَّر الصِّفَة؛ لأنَّ الدَّابَّة تَقَعُ عَلَى الذَّكَر والأنْثَى.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو «2» «الدَّابَّةُ الْهَلْبَاءُ
التِّي كَلَّمَتْ تَمِيماً الدَّارِيَّ هِيَ دَابَّةُ الْأَرْضِ
الَّتِي تُكَلّمُ النَّاس» يَعْني بِهَا الجَسَّاسَة.
وَمِنْهُ حديث المغيرة «ورَقَبَةٌ هَلْبَاءُ» أي كثيرة العَشّر.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «لَا تَهْلُبُوا أذْنابَ الخَيْل» أي لا
تَسْتَأصِلُوها بالجَزِّ والقَطْع.
يُقَالُ: هَلَبْتُ الفَرَسَ، إِذَا نَتَفْتَ هُلْبَهُ، فَهُوَ
مَهْلُوبٌ.
(هَلَسَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي الصَّدَقة «وَلَا يَنْهَلِسُ» الْهُلَاسُ:
السِّلّ، وَقَدْ هَلَسَهُ المَرضُ يَهْلِسُهُ»
هَلْساً. وَرَجُلٌ مَهْلُوسٌ العَقْل: أَيْ مَسْلُوبُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ أَيْضًا «نَوازِعُ تَقْرَعُ العَظْمَ وتَهْلِسُ
اللَّحْم» .
(هَلَعَ)
[هـ] فِيهِ «مِن شَرِّ مَا أعْطِيَ العَبْدُ شُحٌّ هَالِعٌ وجُبْنٌ
خَالِعٌ» الْهَلَعُ: أشَدُّ الجَزَع والضَّجَر. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ هِشَامٍ «إنَّها لَمِسْيَاعٌ هِلْوَاعٌ» هِيَ التَّي
فِيهَا خِفَّة وحِدّة.
(هَلَكَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا قَالَ الرَّجُل: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُو أهْلَكُهم»
يُرْوَى بفَتْح الْكَافِ وضَمِّها، فمَن فَتَحها كَانَتْ فِعْلاً
ماضِياً، ومَعْناه أنَّ الغَالِينَ الَّذين يُؤيْسُون النَّاس مِن
رحْمة اللَّه يَقُولون: هَلَكَ النّاسُ: أَيِ اسْتَوْجَبوا النَّارَ
بِسُوء أعْمَالهم، فَإِذَا قَالَ الرَّجُل ذَلِكَ فَهُوَ الَّذي
أوْجَبَه لَهُم
__________
(1) هكذا ضبط في الأصل، وا، واللسان، ومجمع الأمثال 2/ 14. وسبق في
مادة (حصص) : «أفْلَتَّ» .
(2) في الأصل: «ابن عمر: والدابة» وما أثبت من ا، واللسان.
(3) في الأصل، وا: «يَهْلُسُه» بالضم. وأثبتُّه بالكسر من القاموس.
(5/269)
لَا اللَّهُ تَعالى، أَوْ هُوَ الَّذِي
لَمَّا قَالَ لَهُم ذَلِكَ وآيَسَهُم حَمَلَهُم عَلَى تَرْك الطَّاعَة
والانْهِماكِ فِي الْمَعَاصِي، فَهُوَ الَّذِي أوْقَعَهُم فِي
الْهَلَاكِ.
وَأَمَّا الضَّمُّ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ
فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ: أَيْ أكْثَرُهُم هَلاكا. وَهُوَ الرَّجُل يُولَعُ
بعَيْب النَّاسِ ويَذْهَب بنَفْسِه عُجْباً، ويَرَى لَهُ عَلَيْهِمْ
فَضْلا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّال، وذَكَر صِفته، ثُمَّ قَالَ «ولكنَّ
الْهُلْكَ «1» كُلَّ الهُلْكِ أَنَّ ربَّكم ليْس بأعْوَرَ» وَفِي
رِوَايَةٍ «فإمَّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ «2» فَإِنَّ رَبَّكم ليْس
بأعْوَرَ» الْهُلْكُ: الهَلاك.
ومَعْنى الرِّوَايَةِ الْأُولَى: الْهَلَاكُ كُلُّ الْهَلَاكِ
للدَّجَّال؛ لِأَنَّهُ وَإِنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّة ولَبَّسَ عَلَى
الناسِ بِمَا لَا يَقْدِر عَلَيْهِ البَشَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِر
عَلَى إِزَالَةِ العَوَر، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى مُنَزَّه عَنِ
النَّقائص والعُيُوب.
وَأَمَّا الثَّانية: فَهُلَّكٌ- بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ- جَمْعُ
هَالِكٍ: أَيْ فإنْ هَلَكَ بِهِ ناسٌ جَاهِلُونَ وضَلُّوا، فاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّه لَيْسَ بِأَعْوَرَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: افْعَلْ كَذَا
إمَّا هَلَكَتْ هُلَّكٌ، وهُلُكٌ، بِالتَّخْفِيفِ، مُنَوّناً وغَيْرَ
مُنَوْنٍ. ومَجْراه مَجْرى قَوْلهم: افْعَل ذَاك عَلَى مَا خَيَّلَتْ
«3» : أَيْ عَلَى كُلِّ حالٍ.
وهُلُكٌ: صِفَةٌ مُفْرَدَة بِمَعْنَى هَالِكَة، كَناقَةٍ سُرُحٍ،
وامرأةٍ عُطُلٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَكَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ فإنَّ
ربَّكم لَيْسَ بأعوَرَ.
(هـ) وَفِيهِ «مَا خَالَطَتِ الصَّدَقَةُ مَالاً إِلَّا أَهْلَكَتْهُ»
قِيل: هو حَضٌّ عَلَى تَعْجيل الزَّكَاةِ مِنْ قَبْل أنْ تَخْتَلطَ
بِالْمَالِ بَعْدَ وجوبِها فِيهِ فتَذْهبَ بِهِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ تَحْذير العُمَّالِ عَنِ اخْتِزال شَيْءٍ مِنْهَا
وخَلْطِهِم إيَّاه بِهَا.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يأخذ الزكاة وهو غَنِيٌّ عنها.
__________
(1) في الأصل، واللسان: «ولكن الهلكُ» وأثبته بالنصب من ا، والهروي،
والفائق 1/ 554
(2) في الهروي: «فإمّا هَلَكَ كُلَّ الهلك» وفي اللسان: «فإما هلك
الهُلُك» ويوافق ما عندنا الفائق 1/ 555.
(3) في الأصل، وا: «تَخَيَّلْتَ» وما أثبت من اللسان والفائق. قال في
الأساس: «وافعل ذلك على ما خَيَّلَتْ: أي على ما أَرتْكَ نَفْسُك
وشبّهت وأوهمت» .
(5/270)
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أتَاهُ سائِل
فَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ وأَهْلَكْتُ» أَيْ هَلَكَتْ عِيَالي.
وَفِي حَدِيثِ التَّوبَة «وَتَرَكَهَا بِمَهْلَكَةٍ» أَيْ مَوْضع
الْهَلَاكِ، أَوِ الهلاكِ نَفْسِهِ، وجَمْعُها:
مَهَالِكُ، وتُفْتَح لامُهَا وتُكْسَرُ، وهُمَا أَيْضًا: المَفازَة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ زَرْع «وَهُوَ أَمامَ القَوْم فِي
المَهالِك» أَيْ فِي الْحُرُوبِ، فَإِنَّهُ لثِقَتِه بِشجاعَتِه
يَتَقَدَّم وَلَا يَتَخَلَّف.
وَقِيلَ: أرادَتْ أَنَّهُ لِعلْمِه بالطُّرُق يَتَقَدَّم القَوْمَ
يَهْدِيهم وَهُمْ عَلَى أَثَرِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مَازِنٍ «إنِّي مُولَعٌ بالخمْر والْهُلُوكِ مِنَ
النِّساء» هِيَ الفاجِرَة، سُمِّيت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَتَهَالَكُ:
أَيْ تَتَمايَلُ وتَتَثَنَّى عِنْدَ جِمَاعِها. وَقِيلَ: هِيَ
المُتساقِطَة عَلَى الرِّجَالِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَتَهَالَكْتُ عَلَيْهِ [فسألتُه «1» ] »
أَيْ سَقَطْتُ عَلَيْهِ ورَمَيْتُ بنَفْسي فَوْقَه.
(هَلَلَ)
(هـ) قَدْ تَكَرَّرَ فِي أَحَادِيثِ الْحَجِّ ذِكْرُ «الْإِهْلَالِ»
وَهُوَ رَفْع الصَّوْت بالتّلْبِيَة.
يُقَالُ: أَهَلَّ المُحْرم بِالْحَجِّ يُهِلُّ إِهْلَالًا، إِذَا
لَبَّى وَرَفَعَ صَوْتَه. والْمُهَلُّ، بضمِّ الْمِيمِ: مَوضِع
الْإِهْلَالِ، وَهُوَ الميقاتُ الَّذِي يُحْرِمُون مِنْهُ، ويَقَع
عَلَى الزَّمان والمصْدر.
وَمِنْهُ «إهْلالُ الْهِلَالِ واسْتِهْلَالُهُ» إِذَا رُفع الصَّوتُ
بالتَّكْبير عنْد رُؤيَتِه.
واسْتِهْلَالُ الصَّبيِّ: تَصْويتُه عِنْدَ ولادَتِه. وأَهَلَّ
الهِلالُ، إِذَا طَلَع، وأُهِلَّ واسْتَهَلَّ، إِذَا أُبْصِرَ،
وأَهْلَلْتُهُ، إِذَا أبْصَرْتَه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أنَّ نَاساً قَالُوا لَهُ: إنَّا بَيْن
الجِبَال لَا نُهِلُّ الهِلالَ إِذَا أهَلَّه الناسُ» أَيْ لَا
نُبْصِرُه إِذَا أبْصَرَه الناسُ، لأجْلِ الجبَالِ.
(هـ) وَفِيهِ «الصبِيُّ إِذَا وُلِدَ لَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ
حَتَّى يَسْتَهلَّ صَارِخاً» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الجَنِينِ «كَيْفَ نَدِيَ مَن لَا أكَل وَلَا شَرِب
ولاَ اسْتَهَلَّ» وقد تَكررت فيهما الأحاديث.
__________
(1) زيادة من ا، واللسان.
(5/271)
وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ «فَلَمَّا رَآهَا
اسْتَبْشَر وتَهَلَّلَ وجْهُه» أَيِ اسْتَنَارَ وظَهَرَتْ عَلَيْهِ
أمَارَاتُ السُّرُور.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ النابِغَة الجَعْدِيّ «فَنَيَّفَ عَلَى المِائِة،
وَكَأَنَّ فَاهُ البَرَدُ المُنْهَلُّ» كُلُّ شَيْءٍ انْصَبَّ فَقَد
انْهَلَّ. يُقال: انْهَلَّ المَطَرُ يَنْهَلُّ انْهِلَالًا، إذَا
اشْتَدَّ انْصِبَابُه «1» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإسْتسقاء «فالَّفَ اللَّه السَّحابَ وهَلَّتْنَا»
هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَاية لِمُسْلِم «2» .
يُقال: هَلَّ السّحابُ، إِذَا مَطَر بِشِدَّة.
وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبٍ:
لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحُورِهِمُ ... ومَا لَهُم «3» عَن
حِياضِ المَوْتِ تَهْلِيلُ
أَيْ نُكُوصٌ وتَأخُّر. يُقال: هَلَّلَ عَنِ الأمْر، إِذَا وَلَّى
عَنْه ونَكَص.
(هَلُمَّ)
- قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «هَلُمَّ» «4» ومَعْنَاه
تَعَالَ. وفِيه لُغَتَان: فأهْلُ الحِجاز يُطِلِقُونَه عَلَى الواحدِ
والجَمِيع، والاثْنَيْنِ والمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ واحِدٍ مَبْنِّيٍ عَلَى
الفَتْح. وبَنُو تَمِيم تُثَنِّي وتَجْمَع وتُؤَنِّث، فتَقُول: هَلُمَّ
وهَلُمِّي وهَلُمَّا وهَلُمُّوا.
(هَلَا)
- فِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا ذُكر الصَّالحُون فَحَيّ هَلًا
بعُمَر» أَيْ فأقْبِلْ بِهِ وأسْرِع. وَهِيَ كَلِمَتَان جُعِلتَا
كَلِمَةً واحِدَة، فَحَيَّ بمعْنى أقْبِل، وهَلًا بمعْنَى أَسْرِعْ،
وَقِيلَ:
بِمَعْنَى اسْكُنْ عِنْد ذِكْرِه حَتَّى تَنْقَضِيَ فَضائلُه. وَفِيهَا
لُغات.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «هَلا بِكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك»
هَلَّا بالتَّشْدِيد، حَرْف مَعْناهُ الحَثُّ والتَّحْضِيضُ.
__________
(1) زاد الهروي، قال: «وسمعت الأزهري يقول: انهل السماءُ بالمطر هَللا.
قال: ويقال للمطر: هَلَلٌ وأُهْلُول» .
(2) انظر حواشي ص 361 من الجزء الرابع.
(3) في شرح ديوانه ص 25: «ما إن لهم» .
(4) ذكر الهروي فيه حديثا، وهو: «لَيُذادَنَّ عن حَوْضِي رِجالٌ
فأناديهم: ألا هَلُمَّ» قال: أي تَعالَوا.
(5/272)
باب الهاء مع الميم
(هَمَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وسَائِر النَّاس هَمَجٌ رَعَاعٌ» الْهَمَجُ:
رُذَالَةُ النَّاس.
والْهَمَجُ: ذُبَابٌ «1» صَغِير يَسْقَطُ عَلَى وُجُوه الغَنَم
والحَمير. وَقيل: هُو البَعُوضُ، فشَبَّه بِهِ رَعَاع النَّاس. يُقال:
هُمْ هَمَجٌ هَامِجٌ، عَلَى التَّأكيِد.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ أَيْضًا «سُبْحان مَن أدْمَجَ قَوائِم الذَرَّةِ
والْهَمَجَةِ» هِيَ واحدَة الْهَمَجِ.
(هَمَدَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أخْرَج بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الْأَرْضِ
النَّبَاتَ» أرضٌ هَامِدَةٌ:
لَا نَباتَ بِهَا ونَبَاتٌ هَامِدٌ: يابِسٌ. وهَمَدَتِ النَّار، إِذَا
خَمِدَتْ «2» ، والثَّوبُ، إِذَا بَلِيَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُصْعَب بْنِ عُمَير «حَتَّى كادَ يَهْمُدُ مِن
الجُوع» أَيْ يَهْلِك.
(هَمَزَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الاستِعاذَة مِنَ الشَّيطان «أمَّا هَمْزُه
فالمُوتَةُ» الْهَمْزُ: النَّخْسُ والغَمْزُ، وكُلّ شَيْءٍ دَفَعْتَه
فَقَد هَمَزْتُهُ. والموتَة: الجُنُون «3» . والْهَمْزُ أَيْضًا:
الغِيبَةُ والوَقِيعَةُ فِي النَّاسِ، وذِكْرُ عُيوبِهم. وَقَدْ هَمَزَ
يَهْمُزُ يَهْمِزُ «4» فهُو هَمَّازٌ، وهُمَزَةٌ لِلمُبالَغَة. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هَمَسَ)
- فِيهِ «فجَعَل بَعْضُنا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ» الْهَمْسُ: الكَلام
الخَفِيُّ لَا يَكادُ يُفْهَم.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ هَمَسَ» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ كانَ يَتَعَوّذ مِن هَمز الشَّيْطان وَهَمْسِه»
هُو مَا يُوَسْوِسُه فِي الصُّدُور.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا «5»
هُوَ صَوْتُ نَقْلِ أخْفافِ الإبل.
__________
(1) هذا شرح ابن السِّكِّيت، كما ذكر الهروي. وقبله: «الهَمَجُ: جمع
هَمَجَة. وهو ... » .
(2) من بابي نَصَر وسَمِع، كما في القاموس.
(3) هذا شرح أبى عبيدة، كما ذكر الهروي.
(4) بالضم، والكسر، كما في القاموس.
(5) انظر مادة (رفث) 35- النهاية 5.
(5/273)
(س) وَفِي رَجْز مُسَيْلِمة «والذِّئب
الْهَامِسُ، واللَّيل الدَّامِس» الْهَامِسُ: الشَّديدُ.
(هَمَطَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ النَّخَعيِّ «سُئِل عَن عُمَّالٍ يَنْهَضُون إِلَى
القُرَى فَيَهْمِطُونَ النَّاسَ، فَقَالَ: لَهُمُ المَهْنَأُ، وَعَليهم
الوِزْرُ» أَيْ يَأخُذُون مِنْهُم عَلَى سَبيل القَهْر والغَلَبة.
يُقَالُ: هَمَطَ مَالَه وطَعَامَه وعِرْضَه، واهْتَمَطَهُ، إِذَا
أخَذَه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة مِنْ غَيْر وَجْه.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «كَانَ العُمَّال يَهْمِطُونَ، ثُمَّ
يَدْعُون فيُجَابُونَ» يُريدُ أَنَّهُ يَجُوز أكلُ طَعَامهم وَإِنْ
كَانُوا ظَلَمة، إِذَا لَمْ يَتَعَيَّن الحَرامُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه «لا غزو إِلَّا أكْلَةٌ
بِهَمْطَةٍ» اسْتَعْمل الْهَمْطَ فِي الأخْذِ بِخُرْق «1» وعَجَلة
ونَهْب.
(هَمَكَ)
(س هـ) فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ «إِنَّ الناسَ انْهَمَكُوا
فِي الخَمْرِ» الِانْهِمَاكُ:
التَّمادِي فِي الشَّيْءِ واللَّجَاجُ فِيهِ.
(هَمَلَ)
- فِي حَدِيثِ الحَوْض «فَلَا يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ
النَّعَم» الْهَمَلُ: ضَوَالُّ الْإِبِلِ، واحِدُها: هَامِلٌ. أَيْ
إِنَّ النَّاجيَ منْهُم قَلِيلٌ فِي قِلة النَّعَم الضَّالّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ طَهْفة «ولَنَا نَعمٌ هَمَلٌ» أَيْ مُهْمَلَةٌ لَا
رِعَاءَ لَهَا، وَلَا فِيهَا مَن يُصْلحُها ويَهْديها، فهي كالضالّة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سُراقة «أتَيْتُه يَوْم حُنَيْن فسألتُه عَنِ
الْهَمَلِ» .
(هـ س) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَطَن بْنِ حَارِثَةَ «عَلَيْهِمْ فِي
الْهَمُولَةِ الراعِيَةِ فِي كُلِّ خَمْسِينَ ناقَةٌ» هِيَ الَّتِي
أُهْمِلَتْ، تَرْعَى بِأَنْفُسِهَا وَلَا تُسْتَعْمَلُ، فَعُولَة
بِمَعْنَى مفْعُولَة.
(هَمَمَ)
(هـ) فِيهِ «أصْدَقُ الْأَسْمَاءِ حارِثٌ «2» وهَمَّامٌ» هُوَ فَعَّال،
مِنْ هَمَّ بِالْأَمْرِ يَهُمُّ، إِذَا عَزَم عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا
كَانَ أصْدَقَها لِأَنَّهُ مَا مِنْ أحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَهُمُّ بأمرٍ
خَيْراً كَانَ أو شَرّاً.
__________
(1) في الأصل: «بِخَرَق» بفتحتين. وأثبته بضم فسكون من ا، واللسان.
وكلا الضبطين صحيح، كما في القاموس.
(2) الذي في الهروي: «أحبُّ الأسماء إلى اللَّه عبد الله وهمام؛ لأنه
مامن أحدٍ إلا وهو عبد اللَّه، وهو يَهمّ بأمرٍ رَشِد أم غَوِي» .
وانظر (حرث) فيما سبق.
(5/274)
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
شَمِّر فَإِنَّكَ ماضِي الْهَمِّ شَمِّيرُ
أَيْ إِذَا عَزَمْتَ عَلَى أمرٍ أمْضَيتَه.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُسّ «أيُّها المَلِكُ الْهُمَامِ» أَيِ العظيمُ
الهِمَّةِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أُتِيَ برجُلٍ هِمٍّ» الْهِمُّ بِالْكَسْرِ:
الكَبير الْفَانِي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «كَانَ يأمُر جُيوشه أَلَّا يَقْتُلُوا هِمّاً
وَلَا امْرَأَةً» .
وَمِنْهُ شِعْرُ حُمَيْد:
فحَمَّلَ الهِمَّ كِنَازاً جَلْعَدَا «1»
وَفِيهِ «كانَ يَعُوّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَيَقُولُ:
أُعِيذُكُمَا بكَلِماتِ اللَّه التَّامَّة، مِنْ كُلِّ سامَّة
وهَامَّةٍ» الْهَامَّةُ: كُلُّ ذاتِ سَمّ يَقْتُل. والجمعُ:
الْهَوَامُّ. فأمَّا مَا يَسُمُّ وَلَا يَقْتُل فَهُوَ السَّامة،
كالعَقْرب والزُّنْبُور. وَقَدْ يَقَع الهوامُّ عَلَى مَا يَدِبُّ مِنَ
الْحَيَوَانِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُل كالحَشراتِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْب بْنِ عُجْرَة «أتُؤذيك هَوَامَّ رأسِك؟»
أَرَادَ الْقَمْلَ.
وَفِي حَدِيثِ أولادِ الْمُشْرِكِينَ «هُمْ مِنْ آبائِهم» وَفِي
رِوَايَةٍ «هُمْ مِنْهُمْ» أَيْ حُكْمُهُم حُكْمُ آبائِهِم وأهْلِهم.
(هَيْمَنَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْمُهَيْمِنُ» هُوَ الرَّقيبُ.
وَقِيلَ: الشَّاهِدُ. وَقِيلَ:
المؤتَمَنُ. وَقِيلَ: الْقَائِمُ بِأُمُورِ الخَلْق. وَقِيلَ: أصْلُه:
مُؤَيْمِنٌ، فأُبْدِلتِ الْهَاءُ مِنَ الهَمزة، وَهُوَ مُفَيْعِل مِنَ
الْأَمَانَةِ.
وَفِي شِعر الْعَبَّاسِ:
حَتَّى احْتَوى بَيْتُك المُهَيْمنُ مِن ... خِنْدِفَ عَلْياءَ
تَحْتَها النُّطْقُ
أَيْ بَيْتُك الشاهدُ بشَرَفِك.
وَقِيلَ: أَرَادَ بالبَيْتِ نفسَه، لأنَّ البَيْتَ إِذَا حَلَّ فَقَدْ
حلَّ به صاحِبُه.
__________
(1) في ديوان حميد ص 77:
فحَمِّلِ الهَمَّ كلازاً جَلْعَدَا
(5/275)
وَقِيلَ: أَرَادَ ببَيْتِه شَرَفَه.
والْمُهَيْمِنُ مِنْ نَعْتِه، كَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى احْتَوى شَرَفُك
الشاهدُ بفَضْلِك عُلْيَا الشَّرَف، مِنْ نَسَب ذَوي خِنْدِفَ الَّتِي
تَحْتَها النُّطُقُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عِكْرِمَة «كَانَ عليٌّ أعْلَمَ بِالْمُهَيْمِنَاتُ»
أَيِ القَضايَا، مِنَ الْهَيْمِنَةِ، وَهِيَ الْقِيَامُ عَلَى الشَّيء،
جَعَل الفِعل لَهَا، وَهُوَ لأرْبابِها القَوّامِين بِالْأُمُورِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «خَطَبَ فَقَالَ: إنِّي مُتكلِّمٌ بكلماتٍ
فَهَيْمِنُوا عَلَيْهِنَّ» أَيِ اشْهَدُوا.
وَقِيلَ: أَرَادَ أمِّنُوا، فقَلَب «1» الهمْزةَ هَاءً، وإحْدَى
المِيمَين يَاءً، كقولِهم: إيْمَا، فِي إِمَّا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ وُهَيْب «إِذَا وَقَعَ الْعَبْدُ فِي
أُلْهَانِيَّةِ الرَّبِّ ومُهَيْمِنِيَّةِ الصِّدِّيقِين لَمْ يَجدْ
أَحَدًا يَأْخُذْ بِقَلْبِهِ» الْمُهَيْمِنِيَّةُ: منْسُوبٌ إِلَى
المُهيْمِنِ، يُرِيدُ أمانَة الصِّدِّيقِين، يَعْنِي إِذَا حَصَل
الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الدَّرجة لَمْ يُعْجِبه أحدٌ، وَلَمْ يُحِبَّ
إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ النُّعمان يَوْمَ نَهَاوَنْد «تعاهَدُوا
هَمَايِنَكُمْ فِي أحْقِيكم، وأشاعكم فِي نِعَالِكُمْ» الْهَمَايِنُ:
جَمْعُ هِمْيَانٍ، وَهِيَ المِنْطَقةُ والتِّكَّة، والأحْقِي: جمْعُ
حَقْوٍ، وَهُوَ مَوضع شَدِّ الإزارِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «حَلَّ
الْهِمْيَانُ» أَيْ تِكَّة السَّراويل.
(هَمْهَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ ظَبْيان «خَرَجَ فِي «2» الظُّلْمة فسَمِع هَمْهَمَةً»
أَيْ كَلَامًا خفِيّاً لَا يُفْهَمُ. وَأَصْلُ الْهَمْهَمَةُ: صَوْت
الْبَقَرِ.
(هَمَا)
(س) فِيهِ «قَالَ لَهُ رجلٌ: إنَّا نُصِيبُ هَوامِيَ الْإِبِلِ،
فَقَالَ: ضالَّةُ المُؤمن حَرَقُ النَّار» الْهَوَامِي: المُهْمَلة
الَّتِي لَا راعِيَ لَهَا وَلَا حافِظَ، وَقَدْ هَمَتْ تَهْمِي فَهِيَ
هَامِيَةٌ، إِذَا ذَهَبَتْ عَلَى وجْهِها. وكُلُّ ذاهِبٍ وجارٍ مِنْ
حَيَوانٍ أَوْ ماءٍ فَهُوَ هَامٍ.
وَمِنْهُ «هَمَى المطرُ» ولعلَّه مقلوبُ هام يَهِيمُ.
__________
(1) عبارة الهروي: «فقلب إحدى الميمين ياء فصار: أيمنوا، ثم قلب الهمزة
هاءً» وفي اللسان: «قلب إحدى حرفي التشديد في «أمِّنوا» ياءً، فصار:
أيمنوا، ثم قلب الهمزة هاءً، وإحدى الميمين ياءً، فقال: هَيْمِنوا» .
(2) في ا: «إلى» .
(5/276)
باب الهاء مع النون
(هَنَّأَ)
- فِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ «فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ» أَيْ
ذَكَّرَهُ الْمَهَانِئَ والأمانيَّ.
وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْرِضُ للإنسانِ فِي صلاتِه مِنْ أَحَادِيثِ
النفسِ وتَسْويل الشَّيْطانِ. يُقَالُ: هَنَأَنِي الطَّعامُ
يَهْنُؤُنِي، ويَهْنِئُنِي، ويَهْنَأُنِي. وهَنَأْتُ الطَّعام: أَيْ
تَهَنَّأْتُ بِهِ. وكُلُّ أمْرٍ يأتيِك مِنْ غَير تَعَبٍ فَهُوَ
هَنِيءٌ. وَكَذَلِكَ الْمَهْنَأُ والْمُهَنَّأُ: وَالْجَمْعُ:
الْمَهَانِئُ. هَذَا هُوَ الْأَصْلُ بِالْهَمْزِ. وَقَدْ يُخَفَّف.
وَهُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أشْبَهُ، لأجلِ مَنَّاهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي إِجَابَةِ صَاحِبِ الرِّبا إِذَا
دَعَا إِنْسَانًا وَأَكَلَ طعامَه «قَالَ:
لَكَ الْمَهْنَأُ وَعَلَيْهِ الوِزْرُ» أَيْ يَكُونُ أكْلُكَ لَهُ
هَنِيئاً، لَا تُؤاخَذُ بِهِ، وَوِزْرُه عَلَى مَنْ كَسَبَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخِعيِّ فِي طَعَامِ العُمَّال الظَّلَمة «لهُمُ
المَهْنأ وعليهِم الوِزْرُ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «لأنْ أُزَاحِمَ جَمَلاً قَدْ
هُنِئَ بالْقَطِرانِ أحَبُّ إليَّ مِنْ «1» أنْ أُزاحِمَ امْرَأَةً
عَطِرَةً» هَنَأْتُ البعيرَ أَهْنَؤُهُ، إِذَا طَلَيْتَه بِالْهِنَاءِ،
وَهُوَ القَطِرانُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي مالِ الْيَتِيمِ «إنْ كُنْتَ
تَهْنَأُ جَرْبَاهَا» أَيْ تعالِجُ جَرَبَ إبِله بالقَطِران.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لأبِي الهَيْثَم بن التَّيِّهَان: لا أرَى
لك هَانِئاً» قال الخطّابى: المشهور فى الرواية «ما هنا» وَهُوَ
الخادِم، فإنْ صَحَّ فَيَكُونُ اسمَ فاعِل، من هَنَأْتُ الرَّجُلَ
أَهْنَؤُهُ هَنْأً، إِذَا أعْطَيْتَه. والْهِنْءُ بِالْكَسْرِ:
العَطَاء. والتَّهْنِئَةُ: خِلافُ التَّعْزية. وَقَدْ هَنَّأْتُهُ
بالْوِلاية.
(هَنْبَثَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ فاطمَةَ قَالَتْ بَعْدَ مَوتِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أنْبَاءٌ وهَنْبَثَةٌ ... لَوْ كُنْتَ شاهِدَها
لَمْ يَكْثَرِ الخَطْبُ «2»
إنَّا فَقَدْناكَ فَقْدَ الأرضِ وابِلَهَا ... فاخْتَلَّ قَوْمُك
فاشْهَدْهُمْ ولا تَغِب
__________
(1) في الهروي: «أحبُّ إليَّ من مال كذا» .
(2) في اللسان، والفائق 1/ 52، 3/ 217: «لم تكثُرِ الخُطَبُ» .
(5/277)
الْهَنْبَثَةُ: واحدَة الْهَنَابِثِ،
وَهِيَ الْأُمُورُ الشِّدادُ المُخْتلِفَةُ. والْهَنْبَثَةُ:
الاخْتِلاطُ فِي القوْل.
والنُّونُ زَائِدَةٌ.
(هَنْبَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ كَعْبٍ، فِي صِفة الْجَنَّةِ «فِيهَا هَنَابِيرُ
مِسْكٍ يَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهَا رِيحاً تُسَمَّى المُثِيرَةَ» هِيَ
الرِّمالُ المُشْرِفة، واحِدُها: هُنْبُورٌ، أَوْ هُنْبُورَةٌ.
وَقِيلَ: هِيَ الْأَنَابِيرِ، جَمْع أَنْبَارٍ، فَقُلبتِ الْهَمْزَةُ
هَاءً، وَهِيَ بِمَعْنَاهَا.
(هَنْبَطَ)
(س) فِي حَدِيثِ حَبِيب بْنِ مَسْلَمة «إِذْ نَزَل الْهُنْبَاطُ «1» »
قِيلَ: هُوَ صاحِبُ الجَيْش بالرُّوميَّة.
(هَنَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ لرجُل شَكَا إِلَيْهِ خالِداً،
فَقَالَ: هلْ يَعْلَم ذَلِكَ أحَدُ مِنْ أَصْحَابِ خالِدٍ؟ فَقَالَ:
نَعَمْ، رجُلٌ طوِيلٌ فِيهِ هَنَعٌ» أَيِ انْحِناء «2» قليلٌ. وَقِيلَ:
هُوَ تَطامُنُ العُنُقِ.
(هَنَنَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي الأحْوص الجُشَميِّ «فتَجْدَع هَذِهِ
وَتَقُولُ: صَرْبَى، وتَهُنُّ هَذِهِ وَتَقُولُ: بَحيرة» الْهَنُ
والْهَنُّ، بالتَّخفيف وَالتَّشْدِيدِ: كِنَايَةٌ عَنِ الشَّيْءِ لَا
تَذْكُره باسْمِه، تَقول:
أتانِي هَنٌ وهَنَةٌ، مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا، وهَنَنْتُهُ أَهُنُّهُ
هَنّاً، إِذَا أصَبْتَ مِنْهُ هَناً. يُرِيدُ أَنَّكَ تشُقُّ أُذُنَها
أَوْ تُصِيبُ شَيْئًا مِنْ أعضائِها.
قَالَ الْهَرَوِيُّ: عَرَضْتً ذَلِكَ عَلَى الْأَزْهَرِيِّ فأنْكَره.
وَقَالَ: إِنَّمَا هُو «وتَهِنُ هَذِهِ» : أَيْ تُضْعِفُه. يُقَالُ:
وَهَنْتُهُ أَهِنُهُ وَهْناً فَهُوَ مَوْهُونٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَنِي» يَعْنِي الفَرْجَ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن تَعزَّى بعَزَاء الجاهِليَّة فأعِضُّوه
بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تَكْنُوا» أَيْ قُولوا لَهُ: عَضَّ أيْرَ أبيكَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «هَنٌ مِثْلُ الخَشَبَة غَيرَ أَنِّي لا
أكْني» يَعْني أنه أفْصَحَ باسْمِه؛
__________
(1) هكذا ضُبِط بالضم في الأصل. وضبط فى ابالكسر، وفي اللسان بالفتح.
وذكره صاحب القاموس في (هبط) : «الهَيْباط» بياء تَحتيه. وصَوَّبه
الشارح بالنون.
(2) هذا قول شَمِر، كما ذكر الهروي.
(5/278)
فيكُون قَدْ قَالَ: أَيْرٌ مثْلُ
الخَشَبَة، فلمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْكِيَ كَنَى عَنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وذَكَر لَيْلَة الجِنِّ فَقَالَ «ثُمَّ
إِنَّ هَنِيناً أتَوْا عَلَيْهِمْ ثِيابٌ بِيضٌ طِوالٌ» هَكَذَا جَاءَ
فِي «مُسْنَد أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ» فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ حديثِه
مضْبُوطا مُقيَّدا، وَلَمْ أجِدْه مشْروحاً فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُب
الغرِيب، إِلَّا أنَّ أَبَا مُوسَى ذَكَر «1» فِي غَرِيبه عَقيبَ
أَحَادِيثِ الهَنِ والهَنَاة «2» :
[س] وَفِي حَدِيثِ الجِنّ «فَإِذَا هُوَ بهَنِينٍ كأنَّهم الزُّطُّ»
ثُمَّ قَالَ: جَمْعُهُ جَمْعَ السَّلامة، مِثْل كُرَةٍ وكُرِين،
فَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْكِنَايَةَ عَنْ أشخاصِهِم.
(هَنَا)
- فِيهِ «ستكُونُ هَنَاتٌ وهَنَاتٌ، فَمْن رأيْتُموهُ يَمْشِي إِلَى
أمْة مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُفَرِّقَ جماعَتَهم
فاقْتُلوه» أي شُرُورٌ وفساد. يقال: فِي فُلَانٍ هَنَاتٌ. أَيْ خِصَالُ
شَرّ، وَلَا يُقَالُ فِي الخَيْر، وواحِدُها: هَنْتٌ، وَقَدْ تُجْمع
عَلَى هَنَوَاتٍ. وَقِيلَ: واحِدُها: هَنَةٌ، تأنيثُ هَنٍ، وَهُوَ
كِنَاية عَنْ كُلّ اسْمِ جنْس.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطِيح «ثُمَّ تَكُونُ هَنَاتٌ وهَنَاتٌ» أَيْ
شَدائدُ وأمُورٌ عِظامٌ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي البَيْت هَنَاتٌ مِن قَرَظٍ» أَيْ قَطَعٌ
مُتَفَرِّقة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْأَكْوَعِ «قَالَ لَهُ: ألاَ تُسْمِعُنا مِنْ
هَنَاتِكَ» أَيْ مِنْ كَلِماتِك، أَوْ مِنْ أرَاجِيزِك. وَفِي
رِوَايَةٍ «مِنْ هُنَيَّاتِكَ» عَلَى التَّصْغير. وَفِي أخْرى «مِنْ
هُنَيْهَاتِكَ» عَلَى قَلْب الْيَاءِ هَاءً.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أَقَامَ هُنَيَّةً» أَيْ قَلِيلًا مِنَ الزَّمان،
وَهُوَ تَصْغِير هَنَةٍ. وَيُقَالُ:
هُنَيْهَة، أَيْضًا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وذَكَر هَنَةً مِنْ جِيرَانِه» أَيْ حَاجَةً،
ويُعَبَّرُ بِهَا عَنْ كُلّ شَيء.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «قُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ» أَيْ يَا
هذِه، وتُفْتَح النُّون وتُسَكَّنُ:
__________
(1) في الأصل واللسان. «ذكره» وما أثبت من ا، والنسخة 517.
(2) وكذلك ذكره صاحب اللسان في مادة (هنا)
.
(5/279)
وتُضَمُّ الهاءُ الْآخِرَةُ وتُسَكَّن.
وَفِي التَّثْنِيَة: هَنْتَانِ، وَفِي الْجَمْعِ: هَنَواتٌ وهَنَاتٌ،
وَفِي المُذكَّر:
هَنٌ وهَنَانٌ وهَنُونَ. وَلَكَ أَنْ تُلْحِقها الْهَاءَ لِبيان
الحركة، فتقول: يا هَنَهْ، وأنْ تُشْبِع الْحَرَكَةَ فَتصير ألِفاً
فَتَقُولَ: يَا هَنَاهْ، وَلَكَ ضَمُّ الْهَاءِ، فَتَقُولُ: يَا
هَنَاهُ أقْبِلْ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «هَذِهِ اللَّفْظَة تَخْتصُّ بالنِّداء» .
وَقِيلَ: مَعْنَى يَا هَنْتَاهُ: يَا بَلْهاء، كأنَّها نُسِبَت إِلَى
قِلَّة المَعْرِفة بِمكَايدِ الناسِ وشُرُورِهم.
وَمِنَ المذكَّر حَدِيثُ الصُبَيّ بْنِ مَعْبَد «فقُلْت: يَا هَنَاهُ
إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الجِهادِ» .
بَابُ الهاء مع الواو
(هَوَأَ)
[هـ] فِيهِ «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلاة وَكَانَ قلبُه
وهَوْؤُهُ إِلَى اللَّهِ انصرَفَ كَمَا وَلَدَتْهُ أمُّه» الْهَوْءُ
بِوَزْن الضَّوْءِ: الهِمَّة. وفُلان يَهُوءُ بنَفْسِه إِلَى
المَعالِي: أَيْ يَرْفَعُها ويَهُمُّ بِها.
(هَوَتَ)
(هـ) فِيهِ «لمَّا نَزَل وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» بَاتَ
يُفَخِّذُ عَشِيرَتَهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ بَاتَ
يُهَوِّتُ» أَيْ يُنَادِي عَشِيرَتَه. يُقَالُ: هَوَّتَ بِهِم
وهَيَّتَ، إِذَا نَادَاهُم.
والأصْلُ فِيهِ حِكايُةُ الصَّوتِ.
وَقِيلَ: هُوَ أنْ يَقُولَ: يَاهْ يَاهْ. وَهُوَ نِدَاء الرَّاعِي
لِصَاحِبه مِنْ بَعِيد. ويَهْيَهْتُ بِالْإِبِلِ، إِذَا قُلْتَ لهَا:
يَاهْ يَاهْ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «وَدِدْتُ أنَّ مَا بَيْنَنا وبَيْن
العَدُوّ هَوْتَةٌ لاَ يُدْرَك قَعْرُها إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ»
الْهَوْتَةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: الْهُوَّةُ مِنَ الْأَرْضِ،
وَهِيَ الوَهْدةُ العَمِيقة. أَرَادَ «1» بِذَلِكَ حِرْصاً عَلَى
سَلامَة المُسْلِمينَ، وحَذَراً مِنَ القِتَال. وَهُوَ مِثْلُ قَوْل
عُمَر: وَدِدْتُ أنَّ مَا وَرَاء الدَّربِ جَمْرةٌ واحِدة ونَارٌ
تُوقَدُ، يأكُلون مَا وَرَاءه ونَأكُلُ مَا دُونَه.
(هَوَجَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «هَذَا الْأَهْوَجُ البَجْباجُ»
الْأَهْوَجُ: المُتَسَرِّع إِلَى الْأُمُورِ كَمَا يَتَّفِقُ. وَقِيلَ:
الأحْمَقُ القَليلُ الهِدَايَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أمَا واللَّه لَئِنْ شَاء لَتَجِدنَّ
الأشْعَثَ أَهْوَجَ جَريئاً» .
__________
(1) هذا قول القتيبي، كما ذكر الهروي.
(5/280)
(س) وَفِي حَدِيثِ مَكْحول «مَا فَعَلْتَ
فِي تِلْكَ الْهَاجَةِ؟» يُريدُ الحاجَة، لأنَّ مَكْحُولاً كَانَ فِي
لِسَانِهِ لُكْنَةٌ، وَكَانَ مِنْ سَبْيِ كابُلَ، أوْ هُو عَلَى قَلْب
الحَاءِ هَاءً.
(هَوَدَ)
[هـ] فِيهِ «لَا تأخُذه فِي اللَّهِ هَوَادَةٌ» أَيْ لَا يَسْكُن عنْدَ
وُجُوب حَدٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُحَابِي فِيهِ أحَداً.
والْهَوَادَةُ: السُّكُون والرُّخْصَة والمُحابَاةُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أُتِيَ بِشَارِبٍ، فَقَالَ:
لأبْعَثَنَّك إِلَى رَجُلٍ لَا تأخُذُه فِيكَ هَوَادَةٌ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثُ عِمران بْنِ حُصَين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِذَا
مُتُّ فَخَرجْتُم بِي فأسْرِعُوا المَشْيَ وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا
تُهَوِّدُ اليَهُودُ والنَّصَارى» هُو المَشْيُ الرُّوَيْدُ
المُتأنِّي، مِثْل الدَّبيبِ ونَحْوِه، مِنَ الهَوادَةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا كُنْتَ فِي الجَدْب
فأسْرِعِ السَّير وَلَا تُهَوِّدْ» أَيْ لَا تَفْتُر.
(هَوَرَ)
(هـ) فِيهِ «مَنْ أطاعَ رَبَّه فَلا هَوَارَةَ عَلَيْه» أَيْ لَا
هَلاكَ. يُقَالُ: اهْتَوَرَ الرجُلُ، إِذَا هَلَك.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وُقيَ الْهَوْرَاتِ»
يَعْني المَهالِكَ، واحِدَتُها: هَوْرَةٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّهُ خَطَبَ بالبَصْرة فقال: مَنْ
يَتَّقِي اللَّهَ لَا هَوَارَةَ عَلَيْهِ. فلَم يَدْرُوا مَا قَالَ،
فَقَالَ يَحْيى بْنُ يَعْمَر: أَيْ لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ» .
(هـ) وَفِيهِ «حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيلُ» أَيْ ذَهَب أكْثَرُه، كَمَا
يَتَهَوَّرُ البِنَاءُ إِذَا تَهَدَّم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الصَّبْغاء «فَتَهَوَّرَ القليبُ بِمَنْ
عَلَيْه» يُقَالُ: هَارَ البِنَاءُ يَهُورُ، وتَهَوَّرَ، إِذَا سقَطَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خُزَيمة «تَرَكَتِ الْمُخَّ رَارًا وَالْمَطِيَّ
هَارًا» الْهَارُ: السَّاقِطُ الضَّعِيف.
يُقَالُ: هُو هَارٍ، وهَارٌ، وهَائِرٌ، فأمَّا هَائر فَهُوَ الأصْلُ،
مِنْ هَارَ يَهُورُ. وأمَّا هَارٌ بِالرَّفْعِ فَعلى حَذْفِ الهَمْزَة.
وأمَّا هَارٍ بالجَرِّ، فَعَلى نَقْل الهَمْزة إِلَى [مَا «1» ] بَعْدَ
الرَّاء، كَمَا قَالُوا فِي شَائِكُ السِّلاح:
شَاكِي السِّلاح، ثُمَّ عُمِل بِهِ مَا عُمِلَ بالمَنْقُوصِ، نَحْوُ
قاضٍ ودَاعٍ.
__________
(1) تكملة يلتئم بها الكلام.
(5/281)
ويُرْوَى «هَارّاً» بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ
تَقَدَّمَ «1» .
(هَوَشَ)
(هـ س) فِي حَدِيثِ الإسْرَاء «فَإِذَا بَشَرٌ كَثِيرٌ يَتَهَاوَشُونَ»
الْهَوْشُ:
الِاخْتِلَاطُ: أَيْ يَدْخُل بَعْضُهُمْ فِي بَعْض.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إيَّاكُم وهَوْشَاتِ الأسْواق»
ويُرْوَى بالْيَاء. أَيْ فِتنَها وَهَيْجَها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «كُنْتُ أُهَاوِشُهُمْ فِي
الجَاهِليَّة» أَيْ أُخَالِطُهُم عَلَى وَجْهِ الإفْسَاد.
(هـ) وَفِيهِ «مَن أَصَابَ مَالًا مِن مَهَاوِشَ أذْهَبَه اللَّه فِي
نَهابِرَ» هُو كُلُّ «2» مَالٍ أُصِيبَ مِن غَير حِلِّهِ وَلَا يُدْرَى
مَا وَجْهُه. والْهُوَاشُ بالضَّمِّ: مَا جُمِع مِنْ مَالٍ حَرَامٍ
وَحَلالٍ؛ كَأَنَّهُ جَمْعُ مَهْوَش، مِنَ الْهَوْشِ: الجَمْعِ
والخَلْطِ، والمِيمُ زَائِدَةٌ.
وَيُرْوَى «نَهَاوِشُ» بِالنُّونِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُرْوَى
بالتَّاء وَكَسْرِ الْوَاوِ، جَمْعُ تَهْوَاشٍ، وهُو بِمَعْناه.
(هَوَعَ)
(س) فِيهِ «كَانَ إِذَا تَسَوَّك قَالَ: أُعْ أُعْ، كَأَنَّهُ
يَتَهَوَّعُ» أَيْ يَتَقَيَّأُ.
والْهُوَاعُ: القَيءُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلْقَمة «الصَّائم إِذَا تَهَوَّعَ فَعَلَيْه
القَضاءُ» أَيْ إِذَا اسْتَقَاء.
(هَوَكَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّه قَالَ لِعُمَر فِي كَلَامِ: أمُتَهَوِّكُونَ أنْتمْ
كَمَا تَهَوَّكَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ لقَدْ جئتُ بِهَا
بَيْضَاءَ نَقِيَّةً» التَّهَوُّكُ كالتَّهُوُّر، وَهُوَ الوُقُوع فِي
الأمْرِ بِغَيْرِ رَوِيَّة.
والْمُتَهَوِّكُ: الَّذِي يقَعَ فِي كُلِّ أمْرٍ. وَقِيلَ: هُوَ
التَّحَيُّر.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أنَّ عُمَر أَتَاهُ بصَحِيفَةٍ أخَذَهَا مِن
بَعْض أَهْلِ الكتَاب، فَغَضِبَ وَقَالَ:
أمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْن الخَطَّاب؟» .
(هَوَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ «إِنَّ مُحمَّداً لَمْ يُنَاكِر
أحَداً قَطُّ إِلَّا كانَتْ
__________
(1) وسيجيء: «هاماً» .
(2) هذا شرح أبي عبيد، كما ذكر الهروي.
(5/282)
معَه الْأَهْوَالُ» هِيَ جَمْع هَوْلٍ،
وَهُوَ الخَوْفُ والأمْرُ الشَّديدُ. وَقَدْ هَالَهُ يَهُولُهُ، فَهُوَ
هَائِلٌ ومَهُولٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَر «لَا أَهُولَنَّكَ» أَيْ لَا أُخِيفُك
فَلَا تَخَفْ مِنِّي.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الوَحْي «فَهُلْتُ» أَيْ خِفْتُ ورَعَبْتُ،
كقُلْتُ مِنَ القَول.
(س [هـ] ) وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث «رَأَى جِبريلَ يَنْتَثِر «1» مِنْ
جَنَاحِه الدُّرُّ والتَّهَاوِيلُ» أَيِ الأشْيَاء المُخْتَلفة
الْأَلْوَانِ. وَمِنْهُ يُقَالُ لِمَا يَخْرُج فِي الرِّيَاضِ مِنْ
ألْوانِ الزَّهْر: التَّهَاوِيلُ، وَكَذَلِكَ لِمَا يُعَلَّق عَلَى
الهَوادِج مِنْ ألوانِ العِهْنِ والزِّينَة. وَكَأَنَّ واحِدَها
تَهْوَالٌ. وأصْلُها مِمَّا يَهُولُ الإنْسَانَ ويُحَيّره.
(هَوَمَ)
(هـ) فِيهِ «اجْتَنِبُوا هَوْمَ الأرضِ، فإنَّها مَأوَى الهَوامِّ»
كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ.
وَالْمَشْهُورُ بالزَّاي. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَالَ الخطَّابي: لَسْتُ
أدْري مَا هُوْمُ الْأَرْضِ. وَقَالَ غَيْرُه: هَوْمُ الْأَرْضِ:
بَطْنٌ منْها، فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ رُقَيْقَة «فَبَيْنَا أنَا نَائِمةٌ أَوْ
مُهَوَّمَةٌ» التَّهْوِيمُ: أوْلُ النَّوْم، وهُو دُون النَّوْم
الشَّديد.
(هـ) وَفِيهِ «لَا عَدْوى وَلَا هَامَةَ» الْهَامَةُ: الرَّأسُ، واسْمُ
طائرٍ. وَهُوَ المُرادُ فِي الْحَدِيثِ. وَذَلِكَ أنهُم كَانُوا
يَتَشَاءَمُون بِهَا. وَهِيَ مِنْ طَير اللَّيل. وَقِيلَ: هِيَ
البُومَةُ. وَقِيلَ:
كانَتِ العَرَبُ تَزْعُم أنَّ رُوحَ القَتِيل الَّذِي لَا يُدْرَكُ
بِثَأرِه تَصِير هَامَةً، فتَقُول: اسْقُوني، فَإِذَا أُدْرِكَ
بِثَارِه طَارَتْ.
وَقِيلَ: كانُوا يَزْعُمُون أَنَّ عِظام الْمَيِّتِ، وَقِيلَ رُوحه،
تَصِيرُ هَامَةً فتَطِيرُ، ويُسَمُّونه الصَّدَى، فنَفَاه الإسْلامُ
ونهاهُمْ عَنْهُ.
وذَكَره الْهَرَوِيُّ فِي الْهَاءِ وَالْوَاوِ. وذَكَره الْجَوْهَرِيُّ
فِي الْهَاءِ وَالْيَاءِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ والنَّسَّابَةِ
«امِنْ هَامِهَا أَمْ مِنْ لَهَازِمِهَا؟» أى
__________
(1) فى الأصل، وا: «ينتشر» بالشين المعجمة، وأثبته بالثاء المثلثة من
اللسان، ومن تصليح بحواشى الهروى. ويؤيده ما فى مسند أحمد 1/ 412، 460،
من حديث عبد الله بن مسعود.
(5/283)
مِن أشْرَافِها أنْتَ أَمْ مِن أوْسَاطِها؟
فشَبّه الأشْرافَ بالهَامِ، وَهِيَ جَمْعُ هَامَةٍ: الرَّأسِ.
وَفِي حَدِيثِ صَفْوانَ «كُنَّا مَعَ رسولِ اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إذْ نَادَاه أعْرابي بِصَوْتٍ
جَهْوَرِيّ: يَا مُحمَّدُ، فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنحْوٍ مِنْ صَوْته: هَاؤُمْ» هَاؤُمْ: بمعْنَى
تَعَالَ، وَبِمَعْنَى خُذْ. وَيُقَالُ للجماعة، كقوله تعالى: هاؤُمُ
اقْرَؤُا كِتابِيَهْ. وَإِنَّمَا رَفَع صَوْتَه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ مِنْ طَريق الشَّفَقَة عَلَيْهِ، لِئَلَّا يَحْبَطَ
عَمَلُه، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ
صَوْتِ النَّبِيِّ فَعَذَره لِجَهْله، ورَفَع النَّبيُّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَه حَتَّى كَانَ مِثْلَ صَوْتِه أَوْ فَوْقَه،
لِفَرْطِ رأفِتَه بِهِ.
(هَوَنَ)
(هـ س) فِي صفَته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «يَمْشِي هَوْناً»
الْهَوْنُ: الرِّفْق وَاللِّينُ والتّثَبُّتُ. وَفِي رِوَايَةٍ «كانَ
يَمْشي الْهُوَيْنَا» تَصْغِير الْهُونَى، تَأنِيثُ الْأَهْوَنِ،
وَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ.
(هـ) وَمِنْهُ «1» الْحَدِيثُ «أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَّا» أَيْ
حُبّاً مُقْتَصِداً لاَ إفْرَاطَ فِيه.
وإضَافَةُ «مَا» إِلَيْهِ تُفيد التَّقْلِيل. يَعْني لَا تُسْرِفْ فِي
الحُبِّ والبُغْضِ، فَعَسى أَنْ يَصيرَ الحَبيبُ بَغيضاً، والبَغيضُ
حَبِيباً، فَلَا تَكُون قَدْ أسْرَفْتَ فِي الحُبّ فتَنْدَمَ، وَلَا
فِي البُغْضِ فتَسْتَحِييَ.
(هَوَهَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «كُنْتُ الْهَوْهَاةَ
الْهُمَزَةَ» الْهَوْهَاةُ: الأحْمقُ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «رَجُلٌ هُوهَةٌ بِالضَّمِّ: أَيْ جَبَان» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عَذابِ القَبر «هَاهْ هَاهْ» هَذِهِ كَلمَة تُقال
فِي الإبْعاد، وَفِي حِكَايَةِ الضَّحِك.
وَقَدْ تُقال للتَّوجُّع، فَتكُون الْهَاءُ الْأَوْلَى مُبْدَلَة مِنْ
هَمْزَة آهْ، وَهُوَ الألْيَقُ بِمَعْنى هَذَا الْحَدِيثِ. يُقَالُ:
تَأَوَّهَ وتَهَوَّهَ، آهَةً وهَاهَةً.
(هَوَا)
- فِي صِفَتِه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كأنَّما يَهْوِي مِن
صَبَب» أَيْ يَنْحَطُّ، وَذَلِكَ مِشْيَة القَوِيّ مِنَ الرِّجَالِ.
يُقَالُ: هَوَى يَهْوِي هَوِيّاً، بِالْفَتْحِ، إِذَا هَبَط. وهَوَى
يَهْوِي هُوِيّاً، بِالضَّمِّ، إِذَا صَعِدَ. وَقِيلَ بالعَكْس. وهَوَى
يَهْوِي هُوِيّاً أَيْضًا، إِذَا أسْرَع فِي السَّير.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ البُراق «ثم انْطلق يَهْوِي» أي يسرع.
__________
(1) أخرجه الهروى من حديث على كرّم الله وجهه.
(5/284)
(س) وَفِيهِ «كُنْتُ أسْمَعُه الْهَوِيُّ
مِنَ اللَّيْلِ» الْهَوِيُّ بِالْفَتْحِ: الحِينُ الطَّويل مِنَ
الزَّمانِ.
وَقِيلَ: هُوَ مُخْتَصٌّ باللَّيل.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «إِذَا عَرَّسْتُم فاجْتَنِبُوا هُوِىَّ «1» الأرضِ»
هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ جَمْع هُوَّة، وَهِيَ الحُفْرةُ
والمُطْمَئِنّ مِنَ الْأَرْضِ. وَيُقَالُ لَهَا الْمَهْوَاةُ أَيْضًا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «وَوَصَفَتْ أباهَا قَالَتْ:
وامْتَاحَ مِنَ الْمَهْوَاةِ» أَرَادَتِ الْبِئْرَ الْعَمِيقَةَ.
أَيْ أَنَّهُ تَحَمَّلَ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْه غَيْرُه.
(س) وَفِيهِ «فَأَهْوَى بِيَدِه إِلَيْهِ» أَيْ مَدّها نَحْوه
وأمَالَها إِلَيْهِ. يُقَالُ: أهْوَى يَدَه وبِيَده إِلَى الشَّيء
لِيَأخُذَه. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ بَيْع الخِيَار «يَأخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ البَيْع مَا
هَوِيَ» أَيْ مَا أحَبَّ. يُقَالُ مِنه:
هَوِيَ بِالْكَسْرِ، يَهْوَى هَوًى.
وَفِي حَدِيثِ عَاتِكَةَ:
فهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوَازِبُ
أَيْ خالِيَةٌ بَعِيدَة العُقُول، من قوله تعالى وَأَفْئِدَتُهُمْ
هَواءٌ.
باب الهاء مع الياء
(هَيَأَ)
(س) فِيهِ «أقِيلُوا ذَوِي الْهَيَئَاتِ عَثَراتِهِم» هُمُ الَّذين لَا
يُعْرَفُون بالشَّرِّ، فَيَزِلُّ أحَدُهم الزَّلَّة.
والْهَيْئَةُ: صُورَةُ الشَّيء وشَكْلُه وحَالَتُه. ويُريدُ بِهِ ذَوي
الهَيْئاتِ الحَسَنَةِ الذَيِن يَلْزَمُون هَيْئَةً وَاحِدَةً وسَمْتاً
وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلفُ حَاَلاتُهم بالتَّنَقُّل مِنْ هَيْئَة إِلَى
هَيْئَةٍ.
(هَيَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُبَيد بْنِ عُمير «الْإِيمَانُ هَيُوبٌ» أَيْ
يُهَابُ أهْلُه، فَعول بِمَعْنَى مَفْعُول. فالنَّاسُ يَهَابُونَ أهْلَ
الإيِمان، لأنَّهم يَهَابُون اللَّه تَعَالَى ويَخافُونَه.
وَقِيلَ: هُوَ فَعُولٌ بِمَعْنَى فاعِل: أَيْ أنَّ المُؤمِنَ يَهَابُ
الذُّنُوبَ فيتّقيها. يقال: هَابَ
__________
(1) فى ا: «هوى» .
(5/285)
الشَّيءَ يَهَابُهُ، إِذَا خَافَهُ وَإِذَا
وَقَّرَهُ وعَظَّمَه.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «وقَوَّيْتَنِي عَلَى مَا أهَبْتَ بِي
إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتِك» يُقَالُ: أَهَبْتُ بالرَّجُلِ، إِذَا
دَعَوْتَه إلَيْك.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبير فِي بِناء الكَعْبَة «وأَهَابَ
النَّاسَ إِلَى بَطْحِهِ» أَيْ دَعَاهُمْ إِلَى تَسْوِيَته.
(هَيَجَ)
- فِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ «هَاجَتِ السَّماءُ فمُطِرْنَا» أَيْ
تَغَيَّمَتْ وكَثُرَتْ رِيحُها.
وهَاجَ الشَّيءُ يَهِيجُ هَيْجاً، واهْتَاجَ: أَيْ ثَارَ. وهَاجَهُ
غَيْرُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ المُلاعَنة «رَأى مَعَ امْرأتِه رَجُلاً، فَلَم
يَهِجْهُ» أَيْ لَمْ يُزْعِجْه وَلَمْ يُنَفِّرْه.
وَفِيهِ «تَصْرَعُها مَرَّةً وتَعْدِلُها أُخْرَى، حَتَّى تَهِيجَ»
أَيْ تَيْبَسَ وتَصْفَرَّ. يُقَالُ: هَاجَ النَّبْتُ هِيَاجاً، إِذَا
يَبِسَ واصْفَرَّ. وأَهَاجَتْهُ الرِّيحُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنَّا مَعَ النبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فأمَرَ بِغُصْنٍ فَقُطع أوْ كانَ مَقْطُوعاً قَدْ هَاجَ
وَرَقُه» .
(هـ) وَحَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا يَهِيجُ عَلَى التَّقْوَى زرْعُ قَوْمٍ»
أرادَ مَنْ عَمِلَ للَّه عَمَلاً لَمْ يَفْسُدْ عَمَلُه وَلَمْ
يَبْطُل، كَمَا يَهِيجُ الزَّرْعُ فيَهْلِك.
وَفِي حَدِيثِ الدِّيات «وَإِذَا هَاجَت الإبِلُ رَخُصَتْ ونَقَصَتْ
قِيمتُها» هَاجَ الفَحْلُ، إِذَا طَلَبَ الضِّرَابَ، وَذَلِكَ ممَّا
يُهْزِلُه فَيَقِلُّ ثَمَنُه.
(س) وَفِيهِ «لَا يَنْكُلُ فِي الْهَيْجَاءِ» أَيْ لَا يَتَأخَّر فِي
الحُروب. والهَيْجَاء تُمَدُّ وتُقْصَر.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الهَيْجَا سَرابِيلُ
(هَيَدَ)
(هـ) فِيهِ «كُلُوا واشْرَبُوا وَلَا يَهِيدَنَّكُمْ الطَّالِعُ
المُصْعِدُ» أَيْ لَا تَنْزَعِجُوا للفَجْر المُسْتَطِيل فَتمْتَنِعُوا
بِهِ عَنِ السُّحُور»
، فإنَّه الصُّبح الكاذب. وأصل الْهَيْدِ:
__________
(1) فى الأصل، وا، واللسان: «السَّحور» بالفتح. وانظر مادة (سحر) فيما
سبق.
(5/286)
الحَرَكة، وَقَدْ هِدْتُ الشَّيءَ
أَهِيدُهُ هَيْداً، إِذَا حرَّكْتَه وأزْعَجْتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «مَا مِنْ أحدٍ عَمِل للَّه عَمَلاً
إِلَّا سَارَ فِي قَلْبِه سَوْرَتَانِ، فَإِذَا كَانَتِ الأُولَى للَّه
فَلَا تَهِيدَنَّهُ الآخِرةُ» أَيْ لَا تُحَرّكَنَّهُ وَلَا
تُزِيلَنَّه عَنْهَا. وَالْمَعْنَى: إِذَا أرَادَ فِعْلاً وصَحَّت
نِيَّتُه فِيهِ فوَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنَّكَ تُريد
بِهَذَا الرِّياءَ فَلَا يَمْنُعه ذَلِكَ عَنْ فِعْله.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قِيلَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، هِدْهُ، فَقَالَ: بَلْ عَرْشٌ كعَرْشِ مُوسَى» أَيْ «1»
أصْلِحْهُ. وَقِيلَ «2» : هُوَ الإصْلاحُ بَعْد الهَدْم.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَا نَارُ لَا تَهِيدِيهِ» أَيْ «3» لَا
تُزْعِجِيهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «لَوْ لَقِيتُ قَاتِلَ أَبِي فِي
الْحَرَمِ مَا هِدْتُهُ» .
(س) وَفِي حديث زَيْنب «مَا لي لَا أزَالُ أسْمَع اللَّيلَ أجْمَعَ:
هِيدْ هِيدْ. قِيلَ:
هَذِهِ عِيرٌ لعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف» هِيدْ بِالْكَسْرِ: زَجْر
للإبِل، وضَرْبٌ مِنَ الحُدَاء. وَيُقَالُ فِيهِ:
هَيْدٌ هَيْدٌ، وهَادٌ.
(هَيْدَرَ)
(س) فِيهِ «لَا تَتَزَوَّجَنَّ هَيْدَرَةً» أَيْ عَجُوزاً أدْبَرَت
شَهْوَتُها وحَرارَتُها.
وَقِيلَ: هُوَ بالذَّال الْمُعْجَمَةِ، مِنَ الهَذَر، وَهُوَ
الْكَلَامُ الْكَثِيرُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ.
(هَيَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ «لَا تُعَرِّفُوا عَلَيْكُمْ
فُلاناً فَإِنَّهُ ضَعيفٌ مَا عَلِمْتُه، وعَرِّفوا عَلَيْكُمْ فُلاناً
فَإِنَّهُ أَهْيَسُ ألْيَسُ» الْأَهْيَسُ: الَّذي يَهُوسُ: أَيْ
يَدُور. يَعْنِي أَنَّهُ يَدُورُ فِي طَلَب مَا يَأكُلُه، فَإِذَا
حَصَّلَه جَلَسَ فَلَم يَبْرَح. والأصْل فِيهِ الوَاوُ، وإنَّما قَالَ
بِالْيَاءِ لِيُزَاوِجَ ألْيَس.
(هَيَشَ)
(هـ) فِيهِ «لَيْسَ فِي الْهَيْشَاتِ قَوَدٌ» يُريدُ القَتِيلَ يُقْتَل
فِي الْفِتْنَةِ لَا يُدْرَى مَن قَتَلَه. وَيُقَالُ بِالْوَاوِ
أَيْضًا.
(هـ) وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إيَّاكُم وهَيْشَاتِ
الأسْواقِ» .
__________
(1) هذا شرح ابن قتيبة، كما في الهروي.
(2) القائل هو أبو عبيد، كما في الهروي.
(3) وهذا شرح ابن الأعرابي، كما ذكر الهروي أيضا.
(5/287)
(هَيَضَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «لمَّا تُوفيّ رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: واللَّهِ لَوْ نَزَل بالجِبال الرَّاسيَات
مَا نَزل بِي لَهَاضَهَا» أَيْ كَسَرَها: والْهَيْضُ: الكَسْرُ بَعْدَ
الجَبْر. وهُو أشَدّ مَا يَكُون مِنَ الكَسْر. وَقَدْ هَاضَهُ الأمْرُ
يَهِيضُهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ والنَّسَّابة:
يَهيضُه حِيناً وحِيناً يَصْدَعُهْ
أَيْ يَكْسِرهُ مَرَّةً ويَشُقُّهُ أخْرى.
(هـ) وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ «قِيلَ لَه: خَفِّضْ «1» عَلَيْكَ فإنَّ
هَذَا يَهِيضُكَ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَر بْنِ عَبْدِ العَزيز «2» «اللَّهُمَّ قَدْ
هَاضَنِي فَهِضْهُ» .
(هَيَعَ)
(هـ) فِيهِ «خَير الناسِ رجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِه فِي سَبيل
اللَّه، كُلَّما سَمِعَ هَيْعَةً طارَ إليْها» الْهَيْعَةُ: الصَّوتُ
الَّذِي تَفْزَع مِنْهُ وتَخَافُه مِنْ عَدُوّ. وَقَدْ هَاعَ يَهِيعُ
هُيُوعاً «3» إِذَا جَبُنَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنْتُ عِنْد عُمَر فَسَمِعَ الْهَائِعَة،
فَقال: مَا هَذا؟ فَقِيل: انْصَرَفَ الناسُ مِن الوِتْر» يَعْنِي
الصِّياحَ والضَّجَّة.
(هَيَقَ)
(هـ) فى حديث أحد «انحزل عَبْدُ اللَّه بنُ أُبَيّ فِي كَتِيبَةٍ
كأنَّه هَيْقٌ يَقْدُمُهُمْ» الْهَيْقُ: ذَكَر النَّعام. يُرِيدُ
سُرْعَةَ ذَهَابِه.
(هَيَلَ)
(هـ) فِيهِ «أنَّ قَوْمًا شَكُوْا إِلَيْهِ سُرْعَة فَنَاء طَعامِهم،
فَقَالَ: أتَكِيلُونَ أمْ تَهِيلُونَ؟ قَالُوا: نَهِيلُ، قَالَ:
فَكِيلُوا وَلا تَهِيلُوا» كُلُّ شَيْءٍ أرْسَلْتُه إرْسالاً مِن طَعام
أَوْ تُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ فَقَدْ هِلْتَهُ هَيْلًا. يُقَالُ: هِلْتُ
المَاءَ وأَهَلْتُهُ، إِذَا صَبَبْتَه وأرْسَلتَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ العَلاء «أوْصَى عِند مَوْتِهِ: هِيلُوا عليَّ
هذا الكَثيبَ ولا تَحْفِروا لِي» .
__________
(1) في الهروي: «خَفِّف عليك فإن هذا مِمّا يَهيضك» .
(2) وهو يدعو على يزيد بن المهلّب، لما كسر سجنه وأفلت. كما ذكر
الهروي.
(3) زاد الهروى: «وهيعانا» .
(5/288)
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الخَنْدَق «فَعادَت
كَثِيباً أَهْيَلَ» أَيْ رَمْلاً سَائِلا.
(هَيَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الاسْتسقاء «أغْبَرَّتْ أرْضُنَا وهَامَتْ
دَوَابُّنا» أَيْ عَطِشَت. وقَد هَامَتْ تَهِيمُ هَيَمَاناً،
بالتَّحريك.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أنَّ رَجُلاً باعَه إبِلاً
هِيماً» أَيْ مِرَاضاً، جَمْع أَهْيَمَ، وَهُوَ الَّذِي أصابَهُ
الْهُيَامُ، وَهُوَ دَاءٌ يُكْسِبُها العَطَش فَتَمُصُّ الْمَاءَ
مَصّاً وَلَا تَرْوَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قَوْلِهِ تَعالى: فَشارِبُونَ
شُرْبَ الْهِيمِ
. قَالَ: هَيَامُ الْأَرْضِ» الْهَيَامُ بالفتْح: تُرَاب يُخالِطُه
رَمْل يُنَشِّف المَاءَ نَشْفاً.
وَفِي تقَديره وَجْهان: أحَدُهُمَا: أَنَّ الْهِيمَ جَمْع هَيَامٍ،
جُمِعَ عَلَى فُعُل ثُمَّ خُفِّف وكُسِرتِ الهَاء لأجْلِ اليَاء.
والثَّاني: أَنْ يَذْهَب إِلَى المَعْنى، وأنَّ المُرادَ الرّمالُ
الْهِيمُ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَرْوَى. يُقَالُ:
رَمْلٌ أهْيَمُ.
وَمِنْهُ حديثُ الخَنْدَق «فعادَتْ كثيِباً أَهْيَمَ» هَكَذَا جَاءَ
فِي رِوَايَةٍ، والمَعْروف «أَهْيَلَ» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَدُفِنَ فِي هَيَامٍ مِن الأرْضِ» .
وَفِي حَدِيثِ خُزَيمة «وَتَرَكتِ المَطيَّ هَاماً «1» » هِيَ جَمْع
هَامَة، وهِي الَّتي كَانُوا يَزعُمُون أنَّ عِظامَ الميِّت تَصيرُ
هَامَةً فتَطِيرُ مِنْ قَبْرِه. أَوْ هُوَ جَمْع هَائِمٍ، وهُو
الذَّاهبُ عَلَى وجْهِه، يُريدُ أَنَّ الْإِبِلَ مِن قِلَّة المَرْعَى
مَاتَتْ مِن الجَدْب، أوْ ذَهَبَت عَلَى وَجهِها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عكْرمة «كَانَ عَليٌّ أعلمَ بِالْمُهَيِّمَاتِ»
كَذَا جَاء فِي رِوَايَةٍ. يُرِيدُ دَقائِقَ المَسائل الَّتي تُهَيِّمُ
الإنسانَ وتَحَيِّرهُ. يُقَالُ: هَامَ فِي الأمْرِ يَهِيمُ، إِذَا
تَحَيَّر فِيهِ. ويُرْوَى «الْمُهَيْمِنَات» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(هَيَنَ)
(هـ) فِيهِ «المُسْلِمُون هَيْنُونَ لَيْنُون» هُمَا تَخْفِيف
الهَيِّنِ واللَّيّن. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: العَرَب تَمْدَحُ
بِالْهَيْنِ اللَّيْن، مُخَفَّفَيْن، وتَذُمُّ بهمَا مُثَقَّلَين.
وهَيِّنٌ: فيعل، من الهون،
__________
(1) سبقت «هارا» 37- النهاية 5.
(5/289)
وَهُوَ السَّكينَة والوَقَارُ والسُّهولَة،
فَعَيْنُه وَاوٌ. وشيءٌ هَيْنٌ وهَيِّنٌ: أَيْ سَهْلٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «النِّسَاءُ ثَلَاثٌ، فَهَيْنَةٌ لَيْنَةٌ
عَفِيفَةٌ» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ سَارَ عَلَى هِينَتِهِ» أَيْ عَلَى عَادَتِه فِي
السُّكون والرِّفْق. يُقَالُ: امْشِ عَلَى هِينَتِكَ: أَيْ عَلَى
رِسْلِكَ.
وَفِي صِفَتِه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَيْس بالجَافي وَلَا
الْمُهِين» يُرْوَى بِفَتْحِ الْمِيمِ وضَمِّها، فالفَتْح مِنَ
الْمَهَانَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْمِيمِ. وَالضَّمُّ مِن
الْإِهَانَةِ: الاسْتِخْفَافِ بالشَّيء والإسْتِحْقار.
وَالِاسْمُ: الْهَوَانُ. وَهَذَا بَابُه.
(هَيْنَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ إِسْلَامِ عُمَرَ «مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ؟» هِيَ
الكلامُ الخَفيُّ لَا يُفْهَمُ.
وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الطُّفيل بْنِ عَمرو «هَيْنَمَ فِي المَقَامِ» أَيْ
قَرأ فِيهِ قِراءةً خَفِيَّة.
(هِيهِ)
(س) فِي حَدِيثِ أميَّة وَأَبِي سُفيان «قَالَ: يَا صَخْرُ هِيهِ،
فقُلْتُ: هِيْهاً» هِيهِ بمَعْنَى إِيهِ، فأبْدلَ مِنَ الهَمْزَة
هَاءً. وَإِيهٍ: اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الفِعْل، ومَعْنَاهُ الأمْرُ.
تَقُول للرَّجُل: إِيهِ، بغَير تَنْوين، إِذَا اسْتَزَدْتَه مِنَ
الْحَدِيثِ المَعْهُود بَيْنَكُما، فَإِنْ نَوَّنْتَ: اسْتَزَدْتَه مِن
حَديثٍ مَا غَيْرِ مَعْهُود، لأنَّ التَّنْوين للتَّنْكير، فَإِذَا
سَكَّنْتَه وكَفَفْتَه قُلْتَ: إِيهاً، بالنَّصْب. فالمَعْنَى أنَّ
أميَّة قَالَ لَهُ: زِدْنِي مِنْ حَديثِك، فَقَالَ لَهُ أَبُو
سُفْيانَ: كُفَّ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «هَيْهَاتَ» وَهِيَ كَلِمَة
تَبْعيد مَبْنيَّةٌ عَلَى الْفَتْحِ. ونَاسٌ يَكْسِرُونَها. وَقَدْ
تُبْدَل الْهَاءُ هَمْزَةً، فَيُقَالُ: أَيْهَاتْ، ومَن فَتَحَ وَقَفَ
بالتَّاء، ومَنْ كَسَر وَقَفَ بالهَاء.
(5/290)
|