تصحيح التصحيف وتحرير
التحريف حرف الضاد المعجمة
(ز) يقولون: ضارة المرأة. والصواب: ضَرّة المرأة، والجمع ضَرائِر، قال
الشاعر:
............ ... ضَرائِر حِرمِيٍّ تفاحَشَ غارُها
والضِّرُّ: تزوج المرأة على ضَرَّة، وروى بعضهم: تزوج على ضِرّ وضُرّ،
وإضرار، ويقال: رجل مُضِرّ وامرأة مُضِرّة، مثله.
قلت: قوله الضِّرُّ: تزوج المرأة على ضِرّ، هو بالكسر من الضاد، يقال:
نكحت فلانة على ضِرّ وعلى ضُرّ أيضاً بضم الضاد.
(وح) ويقولون: الَّبْعَة العرجاء، ووجه القول: الضَّبُعُ العرجاء، لأن
الضَّبُع اسم يختص بأنثى الضباع، والذكر منها ضِبْعان، ومن أصول
العربية أن كل شيء يختص بالمؤنث مثل حِجْر وأتان وضَبُع وعَناق، لا
تدخل عليه هاء التأنيث، وحكى ثعلب قال: أنشدني ابن الأعرابي في أماليه:
(1/354)
تفرَّقَتْ غَنَمي يوماً فقُلتُ لها ... يا
رَبِّ سَلِّطْ عليها الذئبَ والضَّبُعا
قلت: ولأربابِ المعاني في هذا البيت كلام، وهل هو دعاء لها أو عليها،
وقد ذكرتُ ذلك في كتابي حَلْي النّواهِد على ما في الصحاح من
الشّواهِد. انتهى.
وقال الحريري رحمه الله تعالى: وفي مسائل الضبُع مسألة لطيفة قَلّ مَن
اطّلع على خَبْئِها، وهي أن من أصول العربية التي يطرد حكمها أنه متى
اجتمع المذكر والمؤنث غلب حكم المذكر على المؤنث لأنه هو الأصل إلا في
موضعين: أحدهما: أنك إذا أردت تثنية الذكر والأنثى من الضباع قلت:
ضَبُعان فأجريت التثنية على لفظ المؤنث الذي هو ضَبُع، لا على لفظ
المذكر الذي هو ضِبْعان، وفُعِلَ ذلك فِراراً مما يجتمع من الزوائد لو
ثُنّي على لفظ المذكر.
الثاني: أنهم في باب التاريخ أرخوا بالليالي دون الأيام مراعاة للأسبق
من الشهر.
(ق) ولا تقل: الضَّبَغْطَغ. وإنما هو الضَّبَغْطَى: شيء يُفَزَّعُ به
الصبيان، قال الراجز:
وزوجها زَوَنْزَكٌ زَوَنْزَى
يُفَزَّع إن فُزّع بالضَّبَغْطَى
(1/355)
قلت: الزَّوَنْزَك، بزايين بينهما واو
مفتوحة ونون ساكنة وفي آخره بعد الزاي الثانية كاف، وهو القصير،
والزَّوَنْزَى بعد الزاي الثانية ألف مقصورة، مثله.
(و) العامة تقول: ضَجّ القوم، إذا صاحوا وجَلَّبوا.
والصواب: أضَجّوا، وإنما يقال ضَجّوا، إذا جَزِعوا.
(م) ولا يفرقون بين الضُّر بالضم وبين الضَّر بالفتح. والضُّر بالضم:
السُّقْم، وبالفتح ضد النفع.
(ص) ويقولون ضَرَعُ الشاة. والصواب ضَرْع، بالإسكان.
(ز) ويقولون: هو ذو نَفْعٍ وضُرٍّ. والصواب ضَرٌ، بفتح الضاد، يقال
ضَرّه يضُرُّه ضَرّاً، وضارَه يَضيره ضَيْراً.
(و) تقول العامة: ضُرِسَ الرجل، بضم الضاد. والصواب فتح الضاد وكسر
الراء.
(ص) تقول الخاصة: الضَّعَفا والفَقَرا. وتقول العامة الضَّعْفا، بإسكان
العين مع القصر. وقول العامة أشبه لأن فَعْلَى أصل في جمع فعِيل إذا
كان بمعنى مَفعول كجريح وجرحى وقتيل وقتلى.
(1/356)
(و) العامة تقول: ضُعِفَ الشيء، بضم الضاد.
والصواب فتح الضاد وضم العين.
والعامة تقول: قَوّى اللهُ ضَعْفَك، وهو دعاء على الشخص لا له، إلا أن
يريد بذلك قوّى اللهُ ضَعيفَك، فإنه قد روينا عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: (إنّي ضعيف فقَوِّ في رِضاك ضَعْفي، وصواب الكلام أن
تقول: قوّى اللهُ منك ما ضَعُفَ.
قلت: ولقد قال يوماً بعض أصحاب ديوان الإنشاء بالشام فيما عاب به كلام
القاضي الفاضل، رحمه الله تعالى: قول الفاضل اللهم ضَعْ في ضَعْفي
قوّةً هذا دعاء على نفسه، لأنه يسأل من الله عز وجل أن يقوي ضعفه،
فحفظها جماعة الديوان عليه واستجهلوه في هذا الكلام وكونه فهم عن
الفاضل هذا الفهم.
وقد قلت أنا كان وكان قد بلغت من العمر أربعين سنة:
يا رَبِّ ضعْ في ضَعْفي قوّةً وجنبني الأذى ... فالحال منّي تغيَّرَ
والنهدّتِ الأركانْ
نصفُ الثمانينَ عُمري وذا الكِبَرُ قدْ هدّني ... لوْ كان نصف الميَّة
للعُمرِ عندي كانْ
(1/357)
(ص) يقولون: قَدِم الأميرُ في ضَفَفٍ،
يعنون في كثرة وحفدة. وإنما: الضَّفَفُ: قلّة الطعام وكثرة الآكلين.
والحَفَف: أن يكون الطعام على قدر آكليه.
قلت: قال ابن السكيت: الضّفَف كثرة العيال، وأنشد لبشير بن النَّكْث:
لا ضَفَفٌ يَشْغَلُه ولا ثَقَلْ
وقال مالك بن دينار: حدثنا الحسن قال: ما شَبع رسولُ الله صلى الله
عليه وسلم من خُبزٍ ولحْمٍ قط إلا على ضَفَف، قال مالك: فسألتُ بدوياً
عنها فقال: تناولاً مع الناس. وقال الخليل: الضَّفَف: كثرة الأيدي على
الطعام. وقال أبو زيد: الضّفَف: الضيق والشدة، وقال ابن الأعرابي مثله،
تقول: رجل ضَفُّ الحالِ. وقال الأصمعي: أن يكون المال قليلاً ومن يأكله
كثيراً. وقال الفراء: الضفف: الحاجة. ويقال أيضاً: لقيته على ضفف، أي
على عجلة، والضفف أيضاً ازدحام الناس على الماء.
(م ز) ويقولون: ضِفْدَع بفتح الدال. والصواب: ضِفْدِع على
(1/358)
مثال فِعْلِل، وفِعْلَل بالفتح قليل في
كلامهم.
ويجمع على ضفادع، وبعض العرب يقول ضفادِي بالياء في موضع العين.
قلت: الصواب كسر الضاد والدال.
(م ز) ويقولون: ضَلْع الإنسان. والصواب: ضِلْع وضِلَع والجمع أضلاع
وضُلوع، يقال: هم على ضِلَعٍ جائرة، إذا كانوا على غير استقامة.
قلت: يريد الصواب فتح اللام أو سكونها وكسر الضاد.
(و) العامة تقول: ضُمِر البطنُ، فتضم الضاد وتكسر الميم، ومنهم من يفتح
الضاد ويضم الميم. والصواب فتح الضاد والميم.
(م ح ز) ويقولون في تصغير ضَيْعَة: ضُوَيْعة، ويجمعونها على ضِيَع.
والصواب ضُيَيْعَة، وإن شئتَ قلتَ ضِيَيْعَة، بكسر أوله، وكذلك كل ما
كان أصله الياء من هذا المثال، والجمع ضِياع.
(ح) ويقولون: الصيف ضيّعتَ اللّبن، بفتح التاء. والصواب كسرها، لأنه
مثَلٌ، والأمثال تَجيءُ على أصل صيغها وأوّلية وَضْعِها؛ وهذا أصله أن
عمرو بن عَمرو بن عُدَس كان تزوج ابنة عمة أبيه
(1/359)
دَخْتَنوس بنت لقيط بن زُرارة بعدما أسنّ،
وكان أكثرَ قومِه مالاً، فلم تزلْ تسأله الطلاقَ حتى طلقها، فتزوجها
عُمير بن مَعبد بن زُرارة، وكان شاباً مُمْلِقاً، فمرّتْ بها ذات يوم
إبل عمرو، وكانت في ضُرّ، فقالتْ لخدمتها: قولي له اسقنا من اللبن،
فلما أبلغتْه قال لها: قولي لها، الصيفَ ضيعتِ اللّبن، فلما أدتْ
جوابَه إليها ضربتْ يدها على كتف زوجها وقالت: هذا ومَذْقَةٌ خيرٌ.
وإنما خَصّ الصيف بالذكر لأنهاسألتْه الطلاقَ فيه.
(1/360)
|