تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْعين والذال)
ع ذ ث
مهمل.
(بَاب الْعين والذال مَعَ الرَّاء)
ع ذ ر)
عذر، ذرع، ذعر: مستعملة.
عذر: قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ}
(الْأَعْرَاف: 164) نزلت فِي قوم من بني إِسْرَائِيل وَعظوا الَّذين
اعتدَوا فِي السبت من الْيَهُود، فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم: {لِمَ
تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} (الْأَعْرَاف: 164) ،
فَقَالُوا يَعْنِي الواعظين: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} .
الْمَعْنى: قَالُوا: موعظتنا إيَّاهم معذِرة إِلَى ربكُم. فَالْمَعْنى:
أَنهم قَالُوا: الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَاجِب علينا، فعلينا موعظة
هَؤُلَاءِ ولعلّهم يتّقون. وَيجوز النصب فِي {مَعْذِرَةً} فَيكون
الْمَعْنى: نعتذر معذرة بوعظنا إيّاهم إِلَى ربّنا. والمَعْذِرة: اسْم
على مفعِلة من عَذَر، يعذِر، وأقيم مُقَام الِاعْتِذَار؛ كَأَنَّهُمْ
قَالُوا: موعظتنا اعتذار إِلَى ربّنا، فأقيم الِاسْم مُقام
الِاعْتِذَار.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَجَآءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ
لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} (التّوبَة: 90) رَوَى الضحّاك عَن ابْن عَبَّاس
أَنه قَرَأَ: (وَجَاء المُعْذِرون من الْأَعْرَاب) . وَقَالَ: لعن الله
(2/183)
المعذِّرين قلت: يذهب ابْن عبّاس إِلَى أَن
المُعْذِرين هم الَّذين لَهُم عُذْر والمعذّرون بِالتَّشْدِيدِ الَّذين
يَعْتَذِرُونَ بِلَا عذر، وَكَأَنَّهُم المقصرون الَّذين لَا عُذْر
لَهُم وَالْعرب تَقول: أعذر فلَان أَي كَانَ مِنْهُ مَا يُعذَر بِهِ.
وَمِنْه قَوْلهم: قد أعذر من أنذر. وَيكون أعذر بِمَعْنى اعتذر
اعتذاراً يُعذَر بِهِ.
وَمِنْه قَول لَبيد يُخَاطب ابْنَتَيْهِ:
فقوما فقولا بِالَّذِي قد علمتما
وَلَا تخمِشا وَجها وَلَا تحلقا الشَعَرْ
إِلَى الْحول ثمَّ اسْم السَّلَام عَلَيْكُمَا
وَمن يبك حولا كَامِلا فقد اعتذرْ
فَجعل الِاعْتِذَار بِمَعْنى الْإِعْذَار، والمعتذِر يكون مُحِقاً
وَيكون غير مُحِقّ؛ والمعاذير يشوبها الْكَذِب.
وَاعْتذر رجل إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز، فَقَالَ لَهُ: عَذَرتك غير
معتذِر.
وَيَقُول: عذرتك دون أَن تعتذر
وَقَرَأَ يَعْقُوب الحضرميّ وَحده: (وَجَاء المُعْذِرون) سَاكِنة
الْعين، وَسَائِر قرّاء الْأَمْصَار قرءوا: {وَجَآءَ الْمُعَذِّرُونَ}
(التَّوْبَة: 90) بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الذَّال، مِمَّن قَرَأَ
{الْمُعَذِّرُونَ} فَهُوَ فِي الأَصْل: المعتذرون، فأدغمت التَّاء فِي
الذَّال لقرب المخرجين، وَمعنى المعتذرين: الَّذين يَعْتَذِرُونَ،
كَانَ لَهُم عذر أَو لم يكن، وَهُوَ هَهُنَا شَبيه بِأَن يكون لَهُم
عذر. وَيجوز فِي كَلَام الْعَرَب: المعِذّرون بِكَسْر الْعين؛ لِأَن
الأَصْل: المعتذرون فأسكنت التَّاء وأدغمت فِي الذَّال ونُقِلت حركتها
إِلَى الْعين، فَصَارَ الْفَتْح فِي الْعين أولى الْأَشْيَاء، وَمن كسر
الْعين جرّه لالتقاء الساكنين، وَلم يُقرأ بِهَذَا.
وَيجوز أَن يكون {الْمُعَذِّرُونَ} : الَّذين يعذّرون يوهمون أَن لَهُم
عذرا وَلَا عذر لَهُم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن فهم عَن مُحَمَّد بن سَلاَّم
الجُمَحيّ عَن يُونُس النحويّ أَنه سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى:
{وَجَآءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ} (التَّوْبَة: 90)
فَقَالَ: قلت ليونس: (المُعْذرون) مخفّفة كَأَنَّهَا أَقيس؛ لِأَن
المُعْذِر: الَّذِي لَهُ عُذْر، والمعذّر: الَّذِي يعْتَذر ولاعذر
لَهُ. فَقَالَ يُونُس: قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: كِلاَ
الْفَرِيقَيْنِ كَانَ مسيئاً، جَاءَ قوم فعذَّروا، وجَلَّح آخَرُونَ
فقعدوا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَوْله:
{وَجَآءَ الْمُعَذِّرُونَ} . قَالَ: مَعْنَاهُ: المعتذرون.
وَيُقَال: عذَّر الرجل يَعِذّر عِذّاراً فِي معنى اعتذر.
وَيجوز عِذِّر يَعِذّر فَهُوَ مُعِذِّر، واللغة الأولى أجودهما.
قَالَ: وَمثله هَدّى يَهدّى هِدّاءً إِذا اهْتَدَى. وهِدَّى يهِدِّي.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَمَّن لاَّ يَهِدِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلاَّ أَن يُهْدَى} (يُونس: 35) .
قلت: وَيكون {الْمُعَذِّرُونَ} بِمَعْنى المقصّرين على مفعِّلين من
التعذير وَهُوَ التَّقْصِير. يُقَال: قَامَ فلَان قيام تعذير فِيمَا
استكفيتُه إِذا لم
(2/184)
يُبَالغ وقصّر فِيمَا اعتُمد عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث أَن بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا عُمِل فيهم
بِالْمَعَاصِي نَهَاهُم أَحْبَارهم تعذيراً، فعمَّهم الله بالعقاب،
وَذَلِكَ إِذا لم يبالغوا فِي نهيهم عَن الْمعاصِي وداهنوهم وَلم
ينكروا أعمالَهم بِالْمَعَاصِي حقّ الْإِنْكَار.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لن يهْلك
النَّاس حَتَّى يُعْذِروا من أنفسهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبيدة: يَقُول حَتَّى تكْثر ذنوبهم
وعيوبهم.
قَالَ: وَفِيه لُغَتَانِ، يُقَال أعذر الرجل إعذاراً إِذا صَار ذَا عيب
وَفَسَاد.
وَكَانَ بَعضهم يَقُول: عَذَر يَعْذِر بِمَعْنَاهُ، وَلم يعرفهُ
الأصمعيَّ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أرى أَخذ هَذَا إلاَّ من العُذْر، يَعْنِي:
يعذِروا من أنفسهم باستيجابهم الْعقُوبَة فَيكون لمن يعذّبهم العذرُ
فِي ذَلِك.
قَالَ: وَهُوَ كالحديث الآخر: (لن يهلِك على الله إِلَّا هَالك) ،
وَمِنْه قَول الأخطل:
فَإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزَارٍ تواضعت
فقد عَذَرْتنا فِي كلاب وَفِي كَعْب
ويروى: أعذرتْنا أَي جعلَتْ لنا عذرا فِيمَا صنَعْنا. وَمِنْه قَول
النَّاس: من يَعْذِرني من فلَان. وَقَالَ ذُو الإصبع العَدْوانيّ:
عذَيرَ الحيّ من عَدْوا
ن كَانُوا حَيَّة الأَرْض
أَي هاتِ عَذِير الحيّ من عَدْوان أَي من يَعْذِرني، كَأَنَّهُ قَالَ:
هَات من يَعْذِرني. وَمِنْه قَوْله:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك من مُرَاد
وَهَذَا يرْوى عَن عليّ ح. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَن عَذِيري من
فلَان أَي مَن يَعْذِرني مِنْهُ، كَأَنَّهُ يخبر بإساءته إِلَيْهِ
واستيجابه المجازاة، فَيَقُول: من يَعْذِرني مِنْهُ إِذا جازيتُه بِسوء
فعله. قَالَ: وعذير الرجل: مَا يروم وَمَا يحاول ممَّا يُعْذَر
عَلَيْهِ إِذا فعله. قَالَ العجَّاج يُخَاطب امْرَأَته:
جاريَ لَا تستنكري عذيري
سَعْيي وإشفاقي على بَعِيري
وَذَلِكَ أَنه عزم على السّفر فَكَانَ يرُمّ رَحْل راحلتِه لسفره،
فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: مَا هَذَا الَّذِي تَرُمّ؟ فخاطبها بِهَذَا
الشّعْر، أَي لَا تنكري مَا أحاول. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو
عُبَيْدَة: أَعْذَر فلَان من نَفسه أَي أُتِي من قِبَل نَفْسه. قَالَ:
وعَذّر يُعَذّر من نَفسه أَي أُتِي من نَفسه. قَالَ يُونُس: هِيَ لُغَة
للْعَرَب. قَالَ: وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة. يُقَال: أَما تُعْذِرني من
هَذَا بِمَعْنى: أما تُنْصفني مِنْهُ، يُقَال: أعذِرني من هَذَا أَي
أنصِفني مِنْهُ. وَيُقَال: لايُعْذِرك من هَذَا الرجل أحد، مَعْنَاهُ:
لَا يُلزِمه الذنبَ فِيمَا تضيف إِلَيْهِ وتشكوه بِهِ. وَمِنْه
قَوْلهم: من يَعذرني من فلَان أَي من يقوم بعُذْري إِن أَنا جازيته
بسُوء صَنِيعه فَلَا يُلزمني لوماً على مَا يكون منّي إِلَيْهِ.
وَيُقَال: اعتذر فلَان اعتذاراً وعِذْرة ومَعْذِرة من ذَنبه فعذَرته.
قَالَ: وتعذَّر عليَّ هَذَا الأمرُ إِذا لم يستقم. أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ: عذيري من فلَان أَي من يَعْذِرني. ونصبه على إِضْمَار هلمّ
معذرتَك إيَّاي. قَالَ: والعذير أَيْضا:
(2/185)
الْحَال، وَجمعه عُذُر، وَرُبمَا خُفِّفَ
فَقيل: عُذْر. وَقَالَ حَاتِم:
وَقد عذرتْني فِي طِلابكم العُذْرُ
قَالَ: والعُذْرة: الناصية، وَجَمعهَا عُذَر. وَقَالَ طَرَفة:
وهِضَبَّاتٍ إِذا ابتل العُذْر
والعُذْرة: وَجَع فِي الْحلق، يُقَال مِنْهُ: رجل مَعْذُور. وَقَالَ
جرير:
غَمْز الطَّبِيب نغانغ الْمَعْذُور
وَيُقَال: فلَان أَبُو عُذْر فُلَانَة إِذا كَانَ افْترعها وَقَالَ
الأصمعيّ: أعذرْت الْغُلَام وَالْجَارِيَة وعَذَرتهما، لُغَتَانِ إِذا
خُتِنا. وَقَالَ الراجز:
تلوية الخاتن زُبّ المُعْذَر
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُذْرة: خاتَم البِكر،
والعُذْرة: وَجَع الحَلْق، والعُذْرة: العَلاَمة. وَقَالَ أَبُو الْحسن
اللِحياني: لِلْجَارِيَةِ عُذْرتان، إِحْدَاهمَا تخفِضها، وَهُوَ
مَوضِع الْخَفْض من الْجَارِيَة، والعُذْرة الثَّانِيَة قِضَّتها،
سمّيتا عُذْرة بالعَذْر وَهُوَ الْقطع؛ لِأَنَّهَا إِذا خُفِضت قطعت
نَوَاتها، وَإِذا افْتُرِعَتْ انْقَطع خَاتم عُذْرتها. وَيُقَال
لقُلْفة الصبيّ أَيْضا عُذْرة. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم استعذر أَبَا بكر من عَائِشَة، كَأَنَّهُ عَتَب
عَلَيْهَا بعض الْأَمر فَقَالَ لأبي بكر: (اعذِرني مِنْهَا إِن
أدّبتُها) . وَقَالَ أَبُو زيد: سَمِعت أعرابيَّيْن تميميَّاً وقيسيّاً
يَقُولَانِ: تعذّرت إِلَى الرجل تعذُّراً فِي معنى اعتذرت اعتذاراً.
وَقَالَ الْأَحْوَص بن محمَّد الأنصاريّ:
طريد تلافاه يزِيد برَحْمَةٍ
فَلم يُلْفَ من نَعمائه يتعذَّر
أَي يعْتَذر، يَقُول: أنعم عَلَيْهِ نعْمَة لم يحْتَج إِلَى أَن
يعْتَذر مِنْهَا. وَيجوز أَن يكون معنى قَوْله يتَعَذَّر أَي يذهب
عَنْهَا. وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: تعذّروا عَلَيْهِ أَي فرّوا
عَنهُ وخَذَلوه. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ
قَالَ: قَوْلهم: اعتذرت إِلَيْهِ هُوَ قَطْع مَا فِي قلبه، يُقَال:
اعتذرتِ المياهُ إِذا تقطَّعت، واعتذرت المنازلُ إِذا دَرَسَتْ، ومررت
بمنزل معتذر: بالٍ. وَقَالَ لَبِيد:
شهورَ الصَّيف واعتذرت إِلَيْهِ
نِطافُ الشيطين من الشِمال
وَقَالَ ابْن أَحْمَر فِي الِاعْتِذَار بِمَعْنى الدُرُوس:
قد كنتَ تعرف آيَات فقد جَعَلت
أطلالُ إلْفِك بالوَدْكاء تعتذر
وأُخِذ الِاعْتِذَار من الذَّنب من هَذَا؛ لأنّ من اعتذر شابَ اعتذارَه
بكذب يعفي على ذَنْبه. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيت البِكْر عَذْراء من
ضِيقها، وَمِنْه يُقَال: تعذَّر عليَّ هَذَا الأمرُ. قَالَ
الْمُنْذِرِيّ: وَقَالَ أَبُو طَالب المفضَّل بن سلَمَة: الِاعْتِذَار
قَطْع الرجل عَن حَاجته، وقَطْعه عمَّا أمْسك فِي قلبه. قَالَ:
والاعتذار: مَحْو أثر الموجِدة من قَوْلهم: اعتذرتِ المنازلُ إِذا
دَرَسَت. أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ يُقَال لأثر الجُرْح: عاذر.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وبالظهر مني من قَرَا الْبَاب عاذر
(2/186)
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الْإِعْذَار: مَا
صُنع من الطَّعَام عِنْد الخِتان، وَقد أعذرت. وَأنْشد:
كلَّ الطَّعَام تشْتَهي ربيعَهْ
الخُرْسَ والإعذارَ والنقيعَهْ
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: العَذِيرة: طَعَام الخِتان. قَالَ: وعَذَرْت
الغلامَ وأعذرته. وَفِي حَدِيث عليّ ح أَنه عَاتب قوما فَقَالَ: مَا
لكم لَا تنظفون عَذِرَاتكم قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: العَذِرة
أَصْلهَا فِنَاء الدَّار، وإيّاها أَرَادَ عليّ. قَالَ أَبُو عبيد:
وَإِنَّمَا سُمِّيت عَذِرة النَّاس بِهَذَا لِأَنَّهَا كَانَت تُلْقَى
بالأفنية، فكُني عَنْهَا باسم الفِناء؛ كَمَا كني بالغائط وَهِي
الأَرْض المطمئنَّة عَنْهَا. وَقَالَ الحطيئة يذكر الأفنية:
لعمري لقد جرّبتكم فوجدتكم
قِباح الْوُجُوه سَيّئي العَذِرات
والمعاذر جمع مَعْذِرة، وَمن أمثالهم: المعاذر مكاذب. وَقَالَ الله
عزَّ وجلَّ: {بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (القِيَامَة: 15)
قَالَ بَعضهم: وَلَو أدلى بكلّ حُجَّة يَعتذِر بهَا. وَجَاء فِي
التَّفْسِير أَيْضا: وَلَو ألْقى ستوره، المعاذير: الستور بلغَة أهل
الْيمن، وَاحِدهَا مِعْذار. وَيُقَال: أعذر فلَان فِي ظهر فلَان
بالسياط إعذاراً إِذا ضربه فأثَّر فِيهِ شَتَمه فَبَالغ فِي شَتمه
حَتَّى أثر بِهِ فِيهِ، وَقَالَ الأخطل:
وَقد أعذرن فِي وَضَح العِجَانِ
وَترك المَطَرُ بِهِ عاذراً أَي أثرا، والعِذَار: سِمَة. وَقَالَ
الْأَحْمَر: من السِمَات العُذُر، وَهِي سِمَة فِي مَوضِع العِذَار،
وَقد عُذِر الْبَعِير فَهُوَ مَعْذُور. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي
قَول الشَّاعِر:
ومخاصمٍ قاومتُ فِي كَبَد
مثل الدِهَان فَكَانَ لي العُذْرُ
قَالَ: العُذْر: النُجْحُ. ولي فِي هَذَا الْأَمر عُذْر وعُذْرَى
ومَعْذِرة أَي خُرُوج من الذَّنب. وَيُقَال فِي الْحَرْب: لمن العُذْر
أَي النُجْح والغَلَبة. وَقَالَ الأصمعيّ: خلع فلَان مُعَذَّره إِذا لم
يُطع مُرْشداً، وَأَرَادَ بالمعذَّر: الرَسَن ذَا العِذارين.
والعَذْراء: الرَمْلة الَّتِي لم تُوطأ. ودُرَّة عَذْراء: لم تُثْقب.
وَيُقَال: مَا عِنْدهم عَذِيرة أَي لَا يَعْذرون، وَمَا عِنْدهم
غَفِيرة أَي لَا يَغفرون. وعذراء: قَرْيَة بِالشَّام مَعْرُوفَة.
والعَذَارَى: هِيَ الْجَوَامِع كالأغلال تجمع بهَا الْأَيْدِي إِلَى
الْأَعْنَاق، واحدتها عذراء. وَقَالَ اللحيانيّ: هِيَ العَذِرة
والعَذِبة لِمَا سقط من الطَّعَام إِذا نُقِّي. وَيُقَال: اتخذ فلَان
فِي كَرْمه عِذَاراً من الشّجر أَي سِكَّة مصطفَّة. وعذارا الْحَائِط
والوادي: جانباه. وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال للرجل إِذا عاتبك على
أَمر قبل التقدّم إِلَيْك فِيهِ: وَالله مَا استعذرت إليّ وَمَا
استنذرت، أَي لم تقدِّم إليَّ المعذرة والإنذار. والاستعذار: أَن تَقول
لَهُ: اعذِرني مِنْك. وعذار اللجام: مَا وَقع مِنْهُ على خدّي
الدَّابة. وَقَالَ النَّضر: عذارُ اللجام: السَّيْران اللَّذَان
يُجمعان عِنْد الْقَفَا. وَقَالَ الْكسَائي: أعذرْت الْفرس: جعلت لَهُ
عِذَاراً. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: عَذَرت الفَرَس: جعلت لَهُ
(2/187)
عِذَاراً. وَقَالَ ابْن المظفَّر: عَذَرت
الْفرس فَأَنا أَعْذِره بالعِذَار وأعذرته إِذا جعلت لَهُ عِذَاراً،
وعذَّرته تعذيراً بالعِذار. قَالَ: والعِذَار: طَعَام البِنَاء وَأَن
يَسْتَفِيد الرجل شَيْئا جَدِيدا يتَّخذ طَعَاما يَدْعُو عَلَيْهِ
إخوانه. وعذَّر فلَان تعذيراً للخِتان وَنَحْوه. وحِمَار عذَوَّر،
وَهُوَ الْوَاسِع الجَوْف. ومُلْك عذَوَّر: وَاسع عريض. والعُذْرة: نجم
إِذا طلع اشتدَّ غَمّ الحَرّ، وَهِي تطلع بعد الشعْرى وَلها وَقْدَة
وَلَا ريح لَهَا وَتَأْخُذ بالنَفْس ثمَّ يطلع سُهَيْل بعْدهَا.
وَقَالَ المازنيّ: العواذير: جمع العاذر وَهُوَ الأَثَر. وَقَالَ أَبُو
وَجْزة السعديّ:
إِذا الحَيّ والحَوْم المُيَسِّر وَسْطنا
وَإِذ نَحن فِي حَال من الْعَيْش صَالح
وَذُو حَلَق نُقْضَى العواذيرُ بَينه
يلوح بأخطار عِظَام اللقائح
وَقَالَ الأصمعيّ: الحَوْم: الْإِبِل الْكَثِيرَة، المُيَسِّر: الَّذِي
قد جَاءَ لَبَنه. وَذُو حَلَق يَعْنِي إبِلا مِيسَمُها الْحَلَق.
والعواذير: جمع عاذور، وَهُوَ أَن يكون بَنو الْأَب ميسَمُهم وَاحِدًا
فَإِذا اقتسموا مَا لَهُم قَالَ بَعضهم لبَعض: أَعْذِر عنّي، فيخطّ فِي
المِيسم خَطاً أَو غَيره ليعرف بذلك سِمَة بَعضهم من بعض. والعاذُور
أَيْضا: مَا يُقطع من مَخْفِض الْجَارِيَة. وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ:
{فَرْقاً فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ} (المرسلات: 5، 6)
فِيهِ قَولَانِ. أَحدهمَا: فالملقيات ذكرا للإعذار والإنذار،
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُمَا نصبا على الْبَدَل من قَوْله:
{ذِكْرًا} . وَفِيه وَجه ثَالِث وَهُوَ أَن تنصبهما بقوله: {ذِكْرًا}
الْمَعْنى: الملقيات إِن ذكرت عذرا أَو نذرا. وهما اسمان أُقيما مُقام
الْإِعْذَار والإنذار، وَيجوز تخفيفهما مَعًا وتثقيلهما مَعًا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العُذُر جمع العاذر وَهُوَ
الأبداء يُقَال: قد ظهر عاذِره، وَهُوَ دَبُوقاؤه. والعُذُر جمع عِذَار
وَهُوَ المستطِيل من الأَرْض. والعِذَار: اسْتِوَاء شَعَر الْغُلَام،
يُقَال: مَا أحسن عِذاره أَي خَطَّ لِحيتِه. والعَذَر: الْعَلامَة،
يُقَال: أَعْذِر على نصيبك أَي أعلِم عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو مَالك
عَمْرو بن كِرْكِرة: يُقَال: ضربوه فأعذروه أَي ضربوه فأثقلوه.
ذعر: اللَّيْث: ذُعِر فلَان ذُعْراً فَهُوَ مَذْعوراً أَي أُخيف.
والذُعْر: الفَزَع، وَهُوَ الِاسْم. وَرجل متذعّر. ثَعْلَب عَن ابْن
الأعرابيّ قَالَ: الذَعَر: الدَهَش من الْحيَاء. قَالَ: والذَعْراء
والذُعْرة: الفُنْدُورة. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الذُعرة: أم سُؤيد.
والذَعْرة: الفَزْعة. وَقَالَ ابْن بزرج: ذَعَرته وأذعرته بِمَعْنى
وَاحِد وَأنْشد:
غَيران شَمَّصَه الوُشاةُ فأذعروا
وَحْشاً عَلَيْك وجدتَهنَّ سُكُونا
وَالْعرب تَقول للناقة الْمَجْنُونَة: مَذْعُورَة، ونُوق مذعَّرة: بهَا
جُنون.
ذرع: فِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَذْرع
ذِراعيه من أَسْفَل الجُبَّة إذراعاً، قَالَ النَّضر: أَذْرع
ذِرَاعَيْهِ أَي أخرجهُمَا. وَرجل ذَرِيع الْيَد بِالْكِتَابَةِ أَي
سريع الْيَد. الحرّانيّ عَن ابْن السّكيت: هَذَا ثوب سَبْع فِي
(2/188)
ثَمَانِيَة فَقَالُوا: سبع لِأَن الأذرع
مؤنَّثة، تَقول: هَذِه ذِرَاع، وَقلت: ثَمَانِيَة لِأَن الأشبار
مذكّرة. وَقَالَ اللَّيْث: الذِّرَاع من طَرَف الْمرْفق إِلَى طرف
الإصبع الْوُسْطَى. وَقد ذَرَعت الثَّوْب وَغَيره أَذْرَعه فَأَنا ذارع
وَهُوَ مذروع. وَالرجل يذرِّع فِي سِبَاحته تذريعاً. قَالَ: والذِرَاع:
اسْم جَامع فِي كل مَا يسمَّى يدا من الروحانيين ذَوي الْأَبدَان.
قَالَ: ومذاريع الدابَّة: قَوَائِمهَا، وَاحِدهَا مذراع، وَيُقَال:
مذراع، وثَوْر مَوْشِيّ المذَارع. ومذارع الأَرْض: نَوَاحِيهَا. أَبُو
عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المذارع: هِيَ الْبِلَاد الَّتِي بَين
الرِّيف والبَر؛ مثل القادسيَّة والأنبار، وَهِي المَزَالِف أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: موت ذَريع: سريع فاشٍ، لَا يكَاد النَّاس يتدافنون.
والذِرَاع: سِمَة بني ثَعْلَبَة من اليمَن. قَالَ: وذِراع الْعَامِل
صَدْر الْقَنَاة. قَالَ: والذَرِيعة: حَلْقة يعلَّم عَلَيْهَا
الرَّمْي. والذريعة: جَمَل يَستتِر بِهِ الرَّامِي من الصَّيْد فيرميه.
ويسيَّب الجَمَل مَعَ الصَّيْد حَتَّى يأتلفا، وَيَمْشي الصيَّاد إِلَى
جَنْبه فَيَرْمِي الصيدَ إِذا أكثبه. أَبُو عبيد: الذَرَع: ولد
الْبَقَرَة الوحشيَّة، وأُمّه مُذْرِع.
وَقَالَ اللَّيْث: هنّ المُذْرِعات أَي ذَوَات ذِرْعان. قَالَ:
وَأَذْرعَات: بلد تنْسب إِلَيْهِ الْخمر.
وَأنْشد بَعضهم:
تنوّرتُها من أذرعاتٍ وَأَهْلهَا
بيثربَ أدنى دارِها نظر عَال
قَالَ: وَهَذَا أَكثر الرِّوَايَة. وَقد أنْشد بِالْكَسْرِ بِغَيْر
تَنْوِين من أَذْرُعَات، فأمّا الْفَتْح فخطأ، لِأَن نصب تَاء
الْجَمِيع وفتحه وحفضها كسر. قَالَ وَالَّذِي أجَاز الْكسر بِلَا صَرْف
فَلِأَنَّهُ اسْم لَفظه لفظ جمَاعَة لوَاحِد. وَالْقَوْل الْجيد عِنْد
جَمِيع النَّحْوِيين الصّرْف، وَهُوَ مثل عَرَفات، والقُرّاء كلهم فِي
قَوْله: {مِّنْ عَرَفَاتٍ} (الْبَقَرَة: 198) على الْكسر والتنوين،
وَهُوَ اسْم لمَكَان وَاحِد، وَلَفظه لفظ جمع. أَبُو الْهَيْثَم:
المذرَّع من النَّاس: الَّذِي أُمّه أشرف من أَبِيه. قَالَ: والهَجِين:
الَّذِي أَبوهُ عَرَبِيّ وأمّه أَمَة. وَأنْشد هُوَ أَو غَيره:
إِذا باهليّ تَحْتَهُ حنظليَّة
لَهُ ولد مِنْهَا فَذَاك المذرَّعُ
وَإِنَّمَا سمّي مذرَّعاً تَشْبِيها بالبَغْل، لِأَن فِي ذِرَاعَيْهِ
رَقْمين كرَقْمَتَيْ ذِرَاع الحِمَار نَزَع بهما إِلَى الْحمار فِي
الشّبَه، وأُمّ الْبَغْل أكْرم من أَبِيه. الذوارع الزِقاق، وَاحِدهَا
ذارع. وَقَالَ الْأَعْشَى:
والشاربون إِذا الذوارع أُغْليت
صَفْو الفِضَال بطارف وتِلاد
أَبُو عبيد: امْرَأَة ذِرَاع إِذا كَانَت خَفِيفَة الْيَدَيْنِ
بالغَزْل. وَيُقَال: ذرَّع فلَان لبعيره إِذا قَيَّده بِفضل خِطامه فِي
ذِرَاعَيْهِ، وَالْعرب تسمّيه تذريعاً. وَيُقَال: ضقت بِالْأَمر
ذَرْعاً وذِرَاعاً، نصبت ذرْعاً لِأَنَّهُ خرج مُفَسرًا محوَّلاً؛
لِأَنَّهُ كَانَ فِي الأَصْل ضَاقَ ذرعي بِهِ، فلمَّا حُوّل الْفِعْل
خرج قَوْله ذَرْعاً مُفَسرًا. وَمثله قَرِرْت بِهِ عَيناً وطِبت بِهِ
نَفْساً.
والذَرْع يوضع مَوضِع الطَّاقَة. وَالْأَصْل فِيهِ
(2/189)
أَن يَذْرَع البَعِيرُ بيدَيْهِ فِي سَيره
ذَرْعاً على قَدْر سَعَة خَطْوه، فَإِذا حَملته على أَكثر من طَوْقه
قلت: قد أبطرت بعيرك ذَرْعَه، أَي حَملته من السّير على أَكثر من طاقته
حَتَّى يَبْطَر ويَمُدَّ عُنُقه ضَعْفاً عمَّا حُمِل عَلَيْهِ.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: هُوَ لَك على حَبْل الذِّرَاع، أَي
أُعَجِّله لَك نَقْداً. والحَبْل عِرْق فِي الذِّرَاع، وَيُقَال:
مَالِي بِهِ ذَرْع وَلَا ذِرَاع أَي مَا لي بِهِ طَاقَة. وفَرَس ذَريع:
شريع وَاسع الخَطْو. وَفرس مذرّع إِذا كَانَ سَابِقًا، وَأَصله الْفرس
يلْحق الوحشيّ وفارسُه عَلَيْهِ، فيطعُنه طعَنْة تَفُور بِالدَّمِ
فتلطِّخ ذراعي الْفرس بذلك الدَّم فَيكون عَلامَة لسبْقه. وَمِنْه قَول
تَمِيم بن أُبَيْ بن مقبل يصف الْخَيل فَقَالَ:
خلال بيُوت الحيّ مِنْهَا مذرَّع
والضَبُع مُذَرَّعة لسواد فِي أذرعها وَمِنْه قَول الْهُذلِيّ:
مذرَّعة أُمَيْمَ لَهَا فَلِيل
وذرعات الدابَّة: قوائمه. وَمِنْه قَول ابْن خذَّاق العبديّ يصف فرسا:
فأمْست كتيس الرَبْل تعدو إِذا عدت
على ذَرِعات يعتلينَ خُنُوسا
أَي على قَوَائِم يعتلين مَن جاراهن وهنّ يخْنِسْن بعض جريهنّ أَي
يُبْقين مِنْهُ، يَقُول: لم يَبْذلن جَمِيع مَا عِنْدهن من السَير.
وَيُقَال: فلَان ذَريعتي اللَّيْلَة أَي سبَبي ووُصلتي الَّذِي بِهِ
أتسبَّب إِلَيْك، أُخِذ من الذَرِيعة. وَهُوَ الْبَعِير الَّذِي يستتِر
بِهِ الرَّامِي من الصَّيْد ويخاتله حَتَّى يُكْثِبُه فيرميه.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَة يصف امْرَأَة:
طافت بِهِ ذَات ألوان مشبّهة
ذَريعة الجِنّ لَا تُعْطِي وَلَا تدعُ
أَرَادَ كَأَنَّهَا جِنّية لَا يُطمَع فِيهَا وَلَا يُعلَم مافي
نَفسهَا. أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: التذريع: الخَنِق، وَقد ذرَّعته
إِذا خَنَقته. وَقَالَ أَبُو زيد: ذرّعته تذريعاً إِذا جعلت عُنُقه
بَين ذراعك وعضدِك فخَنَقْته. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تذرَّع فلَان
الجريدَ إِذا وَضعه على ذراعه فشَطَّبه. وَمِنْه قَول قيس بن الخَطيم:
ترى قَصَد المُرّان تُلْقَى كَأَنَّهَا
تَذَرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشواطب
قَالَ: والخِرْصان أَصْلهَا القضبان من الجريد، والشواطب جمع الشاطبة.
وَهِي الْمَرْأَة الَّتِي تقشُر العَسِيب ثمَّ تلقيه إِلَى المنقّية
فتأخذ كلّ مَا عَلَيْهِ بسكّينها حَتَّى تتركه رَقِيقا، ثمَّ تلقيه
المنقّية إِلَى الشاطبة ثَانِيَة فتشطُبه على ذراعها وتتذرّعه. وكل
قضيب من شَجَرَة خُرْص. وَهَذَا كُله قَول الأصمعيّ حَكَاهُ عَنهُ ابْن
السّكيت. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: التذرّع، قدر ذِرَاع ينكسر
فَيسْقط. قَالَ: والتذرّع والقِصَد عِنْده وَاحِد. قَالَ: والخِرْصان:
أَطْرَاف الرماح الَّتِي تلِي الأسِنَّة، الْوَاحِد خِرْص وخُرْص
وخَرْص. قلت: وَقَول الأصمعيّ أشبههما بِالصَّوَابِ. وَيُقَال: ذرع
الْبَعِير يَده إِذا مدَّها فِي السّير. وَيُقَال اقصِد بذرعك أَي لَا
تَعْدُ بك قدرَك.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مذارع الْوَادي: أضواجه ونواحيه. وَيُقَال:
هَذِه نَاقَة تذارع بُعْدَ
(2/190)
الطَّرِيق أَي تمدّ بَاعهَا وذراعها
لتقطعه. وَهِي تذارع الفلاة وتَذْرعها إِذا أسرعت فِيهَا كَأَنَّهَا
تقيسها. وَقَالَ الراجز يصف الْإِبِل:
وَهن يَذْرَعن الرَقَاق السَمْلَقا
ذَرْع النواطي السُحُل المرقَّقا
والنواطي: النواسج، الْوَاحِدَة ناطية. وَيُقَال: ذَرَّع فلَان بِكَذَا
إِذا أقرَّ بِهِ، وَبِه سمّي المذرِّع أحد بني خَفَاجة بن عُقَيل
وَكَانَ قتل رجلا من بني عَجْلان ثمَّ أقرَّ بقتْله فأقيد بِهِ فسمّي
المذرِّع. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أَنْت ذرَّعت بَيْننَا هَذَا
وَأَنت سحلته، يُرِيد: سبَّبْته، وَرجل ذَرِع: حَسَن العِشرة
والمخالطة. وَمِنْه قَول خَنْساء:
جَلْد جميل مُخِيل بارع ذَرِع
وَفِي الحروب إِذا لاقيت مسعار
وَيُقَال: ذراعته مذارعة إِذا خالطته. أَبُو زيد: الإذراع: كَثْرَة
الْكَلَام والإفراطُ فِيهِ، وَقد أَذْرع إِذا أفرط فِي الْكَلَام.
وَيُقَال ذَرَعه الْقَيْء إِذا سَبَق إِلَى فِيهِ، وَقد أذرعه الرجل
إِذا أخرجه. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: ذَرَّع فلَان تذريعاً إِذا حرَّك
ذِرَاعه فِي السَّعْي واستعان بهَا. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اندرع
وانذرع واندر أَو رَعَف واسترعف إِذا تقدّم. قَالَ: والذَرِع:
الطَّوِيل اللِّسَان بالشرّ. وَهُوَ السَيَّار الليلَ وَالنَّهَار.
(بَاب الْعين والذال مَعَ اللَّام)
ع ذ ل
عذل، لذع، ذعل (ذلع) : مستعملة.
عذل: قَالَ اللَّيْث: العَذْل: اللَوْم. وَقَالَ غَيره: العَذَل مثله.
وَهُوَ مصدر عَذَل يَعْذِلُ عَذْلاً وعَذَلاً. والعُذَّال جمع العاذل.
والعواذل من النِّسَاء جمع العاذلة، وَيجوز العاذلات.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَذْل: الإحْراق،
فَكَأَن اللائم يُحْرِق بعَذْله قلب المعذول. قَالَ: وَقَول الْعَرَب:
هَذِه أيّامٌ مُعْتَذِلات إِذا كَانَت نِهَايَة فِي الْحر من هَذَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هَذِه أَيَّام معتذلات بذال مُعْجمَة إِذا
كَانَت شَدِيدَة الحَرّ.
وَأنْشد أَبُو نصر عَن الأصمعيّ:
لوَّامة لامت بلومٍ شِهَبِ
قَالَ: الشِهَب أَرَادَ: الشهَاب، كَأَن لومها يحرقه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: العُذُل: الأيَّام الحارَّة. قَالَ:
وَجمع العاذل العِرْقِ عُذُل أَيْضا. وَفِي حَدِيث ابْن عبّاس أَنه
سُئِلَ عَن الْمُسْتَحَاضَة، فَقَالَ: ذَاك العاذل يغذو.
قَالَ أَبُو عُبَيد: العاذل: هُوَ اسْم العِرْق الَّذِي يسيل مِنْهُ دم
الِاسْتِحَاضَة.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: عَذَلْنا فلَانا فاعتذل أَي لَام نَفْسَه
وأعْتب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سَمِعت الكِلابيّ يَقُول: رَمَى فلَان
فَأَخْطَأَ ثمَّ اعتذَل أَي رمى ثَانِيَة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: سَمِعت
المفضّل الضّبيّ يَقُول: كَانَت
(2/191)
الْعَرَب تَقول فِي الْجَاهِلِيَّة لشعبان:
عاذل، ولشهر رَمَضَان: ناتق، ولشوال: وَعِل، وَلِذِي القَعْدة: وَرْنة،
وَلِذِي الحِجَّة: بُرَك، ولمحرّم: مؤتمر، ولصَفَر: ناجر، ولربيع
الأول: خَوّان، ولربيع الآخِرِ: وَبْصان. ولجمادي الأولى: رُنَى،
وللآخرة: حُنَين، ولرجب: الأصمّ.
لذع: قَالَ اللَّيْث: لَذَع يَلْذَع لَذْعاً. وَهِي حُرْقة كحُرْقة
النَّار. قَالَ: ولذعتُ فلَانا بلساني. قَالَ: والقَرْحة إِذا قيَّحت
تلتذع، والقَيْح يلذعها. قَالَ: والطائر يَلْذَع الجناحَ إِذا رَفْرَف
ثمَّ حَرّك شَيْئا قَلِيلا جناحيه.
أَبُو عبيد: اللَوْذَعِيّ: الحَدِيد الفؤادِ. وَقَالَ الهذليّ:
فَمَا بالُ أهل الدَّار لم يتفرّقوا
وَقد خَفَّ عَنْهَا اللوذعيُّ الحُلاحِلُ
وَقيل: هُوَ الحَديد النفْس. وَيُقَال: لَذَع فلَان بعيره فِي فَخذه
لَذْعة أَو لَذْعتين بطَرَف المِيسَم. وَجَمعهَا اللَذَعات.
ذعل: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الذَعَل: الْإِقْرَار
بعد الْجُحُود. قلت: وَهَذَا حرف غَرِيب مَا رَأَيْت لَهُ ذكرا فِي
الْكتب.
ذلع: قَالَ بعض المصحِّفين: الأذلعيّ بِالْعينِ الضخم من الأيور
الطويلُ. قلت: وَالصَّوَاب: الأذْلغِيّ، بالغين لَا غير.
(بَاب الْعين والذال مَعَ النُّون)
ع ذ ن
أهملت وجوهها مَا خلا: الإذعان (عذن) .
ذعن: قَالَ الله جلّ وعزَّ: {وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُو
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (النُّور: 49) .
قَالَ ابْن الأعرابيّ: (مذعنين) مقرّين خاضعين.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: جَاءَ فِي التَّفْسِير: مُسْرِعين. قَالَ:
والإذعان فِي اللُّغَة: الْإِسْرَاع مَعَ الطَّاعَة، تَقول: قد أذعن لي
بحقّي مَعْنَاهُ: قد طاوعني لِما كنت ألتمِسه مِنْهُ، وَصَارَ يُسرع
إِلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الإذعان: الانقياد، أذعن إِذا انْقَادَ وسَلِس
بِنَاؤُه: ذَعِن يذْعن ذَعَناً. وناقة مذعان: سَلِسة الرَّأْس منقادة
لقائدها. قَالَ: وَقَوله: مذعنين: منقادين.
عذن: أهمله اللَّيْث. وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن عَرّام أَنه قَالَ:
العذَانة: الإست. وَالْعرب تَقول: كَذَبت عَذّانته وكذّانته بِمَعْنى
وَاحِد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أعذن الرجل إِذا آذَى
إنْسَانا بالمخالفة.
(بَاب الْعين والذال مَعَ الْفَاء)
ع ذ ف
عذف، ذعف: مستعملان.
ذعف: قَالَ اللَّيْث: الذُعَاف: سمّ سَاعَة. وَطَعَام مذعوف: جُعل
فِيهِ الذعاف.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: موت ذُؤاف وذُعاف. وَأنْشد:
سقتهنّ كأساً من ذُعَاف وجَوْزلا
وحيَّة ذَعْف اللعَاب: سريعة الْقَتْل.
عذف: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ:
(2/192)
العُذُوف: السُّكُوت. قَالَ: والذُعُوف:
المرارات.
أَبُو عَمْرو: مَا ذقت عَذُوفاً وَلَا عَدُوفاً أَي مَا ذقت شَيْئا.
وَقد مرَّ تَفْسِيره فِيمَا تقدم.
(بَاب الْعين والذال مَعَ الْبَاء)
ع ذ ب
عذب، بذع، ذعب: مستعملة.
عذب: قَالَ اللَّيْث: عَذُب المَاء يَعْذُب عُذُوبة فَهُوَ عَذْب: طيب.
وأعذب الْقَوْم إِذا عَذُب ماؤهم. قَالَ: واستعذَبوا إِذا استقوا مَاء
عَذْباً. وعذب الْحمار يَعذُب عُذوباً فَهُوَ عاذب وعَذُوب إِذا لم
يَأْكُل العَلَف من شدّة الْعَطش. قَالَ: ويَعْذُب الرجل عَن الْأكل
فَهُوَ عاذب: لَا صَائِم وَلَا مفطر. وأعذبته إعذاباً، وعذَّبته
تعذيباً. كَقَوْلِك فَطَمته عَن هَذَا الْأَمر. وكل من مَنعته شَيْئا
فقد أعذبته وعذّبته. قَالَ: وعذَّبته تعذيباً وَعَذَابًا من الْعَذَاب.
وعَذَبة السَّوْط: طَرَفه، وأطراف السيور عَذَبها وعَذَباتها. وعَذَبة
قضيب الجَمَل: أسَلَته المستدِقّ فِي مقدَّمه. والجميع العَذَب.
وعَذَبة شِرَاك النَّعْل: المرسلةُ من الشرَاك. والعُذَيب: مَاء
مَعْرُوف بَين الْقَادِسِيَّة ومُغِيثة. وَفِي حَدِيث عليّ أَنه شَيَّع
سريَّة فَقَالَ: أَعذِبوا عَن النِّسَاء.
قَالَ أَبُو عبيد: يَقُول: امنعوا أَنفسكُم عَن ذكر النِّسَاء وشَغْل
الْقُلُوب بهنّ؛ فَإِن ذَلِك يكسركم عَن الغَزْو. وكلّ مَن منعته
شَيْئا فقد أعذبته.
وَقَالَ عَبِيد بن الأبرص:
وتبدّلوا اليَعْبُوب بعد إلاههم
صنما فقِرّوا يَا جَدِيل وأَعْذِبوا
قَالَ والعاذب والعَذُوب سَوَاء.
وَيُقَال للْفرس وَغَيره: بَات عَذُوباً إِذا لم يَأْكُل شَيْئا وَلم
يشرب لِأَنَّهُ مُمْتَنع من ذَلِك. وَأنْشد:
فَبَاتَ عَذُوباً للسماء كَأَنَّهُ
سُهَيل إِذا مَا أفردته الْكَوَاكِب
يصف ثوراً وَحْشياً بَات فَرِداً لَا يَذُوق شَيْئا.
قَالَ: والعَذُوب: الَّذِي لَيْسَ بَينه وَبَين السَّمَاء سُترة.
وَكَذَلِكَ العاذب. قلت: وَقَول أبي عبيد فِي العَذُوب والعاذب: أَنه
الَّذِي لَا يَأْكُل وَلَا يشرب أصوب من قَول اللَّيْث: إِن العَذُوب:
الَّذِي يمْتَنع عَن الْأكل لعطشه.
وَيُقَال: أعذب عَن الشَّيْء إِذا امْتنع، وأعذب غَيره إِذا مَنعه
فَيكون لَازِما وواقعاً، مثل أملق إِذا افْتقر، وأملق غَيره. أَبُو
عبيد: العَذَبة: الخَيط الَّذِي يُرفع بِهِ الْمِيزَان، وعَذَبة
اللِّسَان: طَرَفه.
وَقَالَ غَيره: العَذَب: مَا يخرج على أثَر الْوَلَد من الرَحِم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: العَذَابة:
الرَحِم.
وَأنْشد:
وَكنت كذاتِ الْحيض لم تُبقِ ماءها
وَلَا هِيَ من مَاء العَذَابة طَاهِر
قَالَ: والعذابة: رَحِم الْمَرْأَة.
وَقَالَ اللحياني: استعذبت عَنْك: أَي انْتَهَيْت.
(2/193)
وَيُقَال: مَرَرْت بِمَاء مَا بِهِ عَذَبة
أَي لارِعْيَ فِيهِ وَلَا كلأ.
وَيُقَال: اضْرِب عَذَبة، الْحَوْض حَتَّى يظْهر المَاء أَي اضْرِب
عَرْمَضه.
وَقَالَ الكسائيّ: العَذَبة: الغُصْن وَجَمعهَا عَذَب. وعَذَب النوائح
هِيَ المآلي: وَهِي المعاذب أَيْضا وَاحِدهَا معذبة. وعَذُوبات
النَّاقة: قَوَائِمهَا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: عذَّبت السَّوْط فَهُوَ معذَّب إِذا جعلت لَهُ
عِلاَقة.
قَالَ: وعَذَبة السَّوْط: عِلاَقته.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للجِلدة المعلَّقة خَلْف مُؤْخِرة الرحل من
أَعْلَاهُ عَذَبة وذوَابة. وَأنْشد:
قَالُوا صدقت ورفَّعو لمطيّهم
سَيْراً يُطير ذوائبَ الأكوار
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لخِرْقة النائحة عَذَبة ومِعْوَز. وَجمع
العذبة معاذب على غير قِيَاس.
بذع: قَالَ ابْن المظفّر: البَذَع: شبه الفَزَع. والمبذوع كالمذعور.
وَيُقَال: بُذِعوا فابذعَرُّوا أَي فزعوا فتفرّقوا. قلت: وَمَا سَمِعت
هَذَا لغير اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: البَذْع:
قَطرْ حُبْ المَاء.
قَالَ وَهُوَ المَذْع أَيْضا. يُقَال: مَذَع وبَذَع إِذا قَطَر.
ذعب: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ أَنه قَالَ: رَأَيْت الْقَوْم مذعاً بيِّن
كَأَنَّهُمْ عُرْف ضِبْعان، ومثعابِّين بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ أَن
يَتْلُو بعضُهم بَعْضًا قلت: وَهَذَا عِنْدِي مَأْخُوذ من انثعب المَاء
وانذعب إِذا سَالَ واتصل جَرَيَانه فِي النَّهر.
(بَاب الْعين والذال مَعَ الْمِيم)
ع ذ م
اسْتعْمل من وجوهه: عذم، مذع.
عذم: قَالَ ابْن المظفّر: العَذْم: الْأَخْذ بِاللِّسَانِ واللومُ،
وَقد عَذَم يَعْذِم عَذْما إِذا عَنَف فِي لومه. والعَذِيمة:
الْمَلَامَة.
وَقَالَ الراجز:
يظلّ من جاراه فِي عذائم
من عُنْفُوان جَرْيه العُفاهِم
وَفرس عَذُوم أَي عَضُوض. قَالَ: والعُذّام: شجر من الْحَمْض يَنْتمىء،
وانتماؤه: انشداخ ورقه إِذا مسِسَتْه، وَله ورق كورق القاقلّ، والواحدة
عُذَّامة. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الصَيْداويّ عَن الرياشيّ أَنه
قَالَ: العَذْم: العَضُ. وَذكر عَن عُمَارة بِإِسْنَاد لَهُ أَنه
قَالَ: العَذْم: المَنْع، يُقَال: لأعْذِمنَّك عَن ذَلِك. قَالَ:
وَالْمَرْأَة تَعْذِم الرجل إِذا أَربع لَهَا بالْكلَام أَي تشتمه إِذا
سَأَلَهَا الْمَكْرُوه، وَهُوَ الإرباع. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الأعرابيّ قَالَ: العُذُم: البراغيث، وَاحِدهَا عَذُوم. والعُذُم:
اللوّامون والمعاتِبون. وَفِي (النَّوَادِر) : عَذَمته عَن كَذَا
وَكَذَا وأعذمته أَي منعته.
مذع: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: إِذا أخبر
الرجل بِبَعْض الْخَبَر وكتم بَعْضًا قلت: مَذَع يَمْذَع مَذْعاً وماش
(2/194)
يميش مَيْشاً. وَقَالَ غَيره: يُقَال للكذّاب: المَذَّاع، وَقد مَذَع
إِذا كَذَب. وَقَالَ الْمفضل مَذَع فلَان يَمِينا إِذا حَلَف. أَبُو
الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَذْع: سيلان المزادة. المَذْع:
السيلان من العيونِ الَّتِي تكون فِي شَغَفَات الْجبَال. وَقَالَ أَبُو
زيد: المَذّاع، الكذوب الَّذِي لَا وَفَاء لَهُ وَلَا يَحفظ أحدا
بِظهْر الغَيْب. |