تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْهَاء وَالْفَاء)
هـ ف ب: مهمل)
هـ ف م
اسْتعْمل من وجوهه:
فهم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: فهمتُ الشَّيْء: أَي عقَلْتُه وعَرَفته
وفَهَّمتُ فلَانا وأفْهمتُه ورجلٌ فهِم: سريعُ الفَهم، وَيُقَال: فَهْم
وفَهَمٌ وتفهَّمْتُ الْمَعْنى: إِذا تَكَلّفْتَ فَهْمَه.
(بَاب الْهَاء وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
هـ ب م
أُهملت وجوهه إِلَّا بهم.
بهم: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يحْشر
النَّاس يَوْم الْقِيَامَة غرلًا بُهْمَاً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: البهْم وَاحِدهَا بَهِيم،
وَهُوَ الَّذِي لَا يخلِط لَوْنَه لونٌ سِواه، من سوادٍ كَانَ أَو
غَيره.
قَالَ أَبُو عبيد: فَمَعْنَاه عِنْدِي أَنه أَرَادَ بقوله: بُهْمَاً
يَقُول: لَيْسَ فيهم شيءٌ من الْأَعْرَاض والعاهات الَّتِي تكونُ فِي
الدُّنيا: من العَمَى والعَرَج والجُذام والبَرَص، وَغير ذَلِك من
صُنوف الْأَمْرَاض وَالْبَلَاء، وَلكنهَا أجسادٌ مُبْهَمَةٌ مصحَّحة
لخُلُود الأبَد.
وسُئل ابْن عبّاس عَن قَول الله جلّ وعزّ ثَنَاؤُهُ: {وَحَلَائِلُ
أَبْنَآئِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} (النِّساء: 23) وَلم
يُبَيِّن: أَدَخلَ بهَا الابنُ أم لَا؟ فَقَالَ ابْن عبّاس: أَبْهِموا
(6/177)
مَا أَبهَمَ الله. قلت: وَقد رأيتُ كثيرا
من أهل العِلم يذهَبون بِمَعْنى قَوْله: أَبهِموا مَا أبهمَ الله،
إِلَى إِبْهَام الْأَمر واشتباهِه، وَهُوَ إشكاله واشتباهه، وَهُوَ
غَلَط.
وكثيرٌ من ذَوِي الْمعرفَة لَا يميّزون بَين المُبْهَم وغيرِ المُبهم
تمييزاً مُقنِعاً شافياً وَأَنا أُبيّنه لَك بعون الله وتوفيقه؛ فقولُه
جلّ وعزّ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ
وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الاَْخِ
وَبَنَاتُ الاُْخْتِ} (النِّساء: 23) هَذَا كلُّه يسمَّى التَّحْرِيم
المُبهم، لِأَنَّهُ لَا يحِلّ بوجهٍ من الْوُجُوه وَلَا سببٍ من
الْأَسْبَاب، كالبهيم من ألوان الْخَيل الَّذِي لَا شِيَةَ فِيهِ
تُخالفُ معظمَ لَونه.
ولمّا سُئل ابنُ عَبَّاس عَن قَوْله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ}
(النِّساء: 23) ، وَلم يبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ؟ أجَاب فَقَالَ:
هَذَا من مُبهَم التحريمِ الَّذِي لَا وَجْهَ فِيهِ غير التَّحْرِيم
سواءٌ دخَلتم بنسائكم أَو لمْ تدْخلُوا بهنّ؛ فأُمَّهاتُ نِسَائِكُم
مُحرّمات من جَمِيع الْجِهَات.
وَأما قَوْله: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِى فِى حُجُورِكُمْ مِّن
نِّسَآئِكُمُ اللَّاتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (النِّساء: 23) فالرّبائب
هَاهُنَا لسن من المبهمَة، لأنّ لهنَّ وَجْهين مُبَيَّنين أُحْلِلْنَ
فِي أَحدهمَا وحُرِّمْن فِي الآخر، فَإِذا دُخِل بأمَّهات الرّبائب
حَرُمَتْ الرَّبائب، وَإِن لمْ يُدْخَل بأمَّهات الرّبائب لم
يَحرُمْنَ، فَهَذَا تفسيرُ المُبهَم الَّذِي أَرَادَ ابنُ عَبَّاس،
فافهمْه.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنشَدَه:
أَعْيَيْتَنِي كلَّ العَيا
ءِ فَلَا أَغَرُّ وَلاَ بَهِيمُ
قَالَ: يُضرَب مَثَلاً لِلْأَمْرِ إِذا أَشكل وَلم تَتّضِح جِهَتُه
واستقامتُه ومعرفتُه، وَأنْشد فِي مثله:
تفرّقتِ المَخاضُ على يَسارٍ
فَمَا يَدرِي: أيُخْثِر أمْ يُذِيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: بابٌ مُبهَم: لَا يُهتَدَى لفتحه إِذا أُغْلِق،
وليلٌ بَهيم: لَا ضوءَ فِيهِ إِلَى الصّباح.
وَقَالَ ابْن عَرَفة: البَهِيمة: مُسْتَبْهِمَةٌ عَن الْكَلَام، أَي
مُنْغَلِقٌ ذَاك عَنْهَا؛ وَيُقَال: أبهمتُ الْبَاب، إِذا سَدَدْتَه.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ
الاَْنْعَامِ} (المَائدة: 1) يَعْنِي الْأزْوَاج الثَّمَانِية
الْمَذْكُورَة فِي سُورَة الْأَنْعَام، وَإِنَّمَا قيل لَهَا بَهِيمَة
الْأَنْعَام لأنّ كلّ حيّ لَا يُميِّز فَهُوَ بَهِيمة، وَإِنَّمَا قيل
لَهُ: بَهِيمَة لِأَنَّهُ أُبهِم عَن أَن يميِّز.
قَالَ: وَقيل للإبهام الإصبع: إبهامٌ؛ لِأَنَّهَا تُبْهِمُ الكَفّ: أَي
تُطبِق عَلَيْهَا.
قَالَ: وَطَرِيق مُبْهَم: إِذا كَانَ خفيّاً لَا تستبين. وَيُقَال:
ضرَبَه فَوَقع مُبْهماً: أَي مغشيّاً عَلَيْهِ لَا يَنطِق وَلَا
يميِّز.
وَقَالَ اللَّيْث: البَهْمة: اسمٌ للذّكر وَالْأُنْثَى من أَوْلَاد
بَقَر الوَحش وَالْغنم والماعِز، والجميع البَهْم والبِهَام، والبَهْم
أَيْضا: صِغارُ الغَنَم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: يُقَال لأَوْلَاد الْغنم ساعةَ تَضعُها من
الضَّأْن والمَعْز جَمِيعًا ذكرا أَو
(6/178)
أثنى: سَخْلة، وجمعُها سِخال، ثمّ هِيَ
البَهْمة للذّكر وَالْأُنْثَى، وَجَمعهَا بَهْمٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هم يُبَهِّمون البَهْمَ: إِذا حرّموه
عَن أمّهاته فرَعَوْه وحدَه.
قَالَ: والبِهام: جمعُ بَهْم، والبَهْم: جمع بَهْمة، وَهِي أَوْلَاد
الضَّأْن، والبَهْمة اسمٌ للمذكّر والمؤنّث.
قَالَ: والسِّخال: أولادُ المِعْزَى، والواحدة سَخْلة للمؤنث
والمذكَّر، وَإِذا اجتمعَت البِهام والسِّخال قلتَ لَهما جَمِيعًا:
بِهام.
قَالَ: وَيُقَال: هِيَ الإبْهام للإصبع، وَلَا يُقَال: البِهام،
وَيُقَال: هَذَا فرسٌ جَوادٌ وبَهِيم، وَهَذِه فرسٌ جَواد وَبَهيم
بِغَيْر هَاء: وَهُوَ الَّذِي لَا يَخلِط لونَه شيءٌ سوى مُعظم لونِه.
رَوَى سُفيانُ عَن سَلَمَة بن كُهَيل عَن خَيْثمة عَن عبد الله بن
مَسْعُود فِي قَول الله تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى
الدَّرْكِ الاَْسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النِّساء: 145) ، قَالَ: فِي
تَوابِيتَ من حَدِيد مُبْهَمةٍ عَلَيْهِم.
قَالَ أَبُو بكر بنُ الأنباريّ: المُبهمَة: الَّتِي لَا أَقفالَ
عَلَيْهَا. يُقَال: أمرٌ مُبْهَم: إِذا كَانَ ملتَبساً لَا يُعرَف
مَعْنَاهُ وَلَا بابُه.
قَالَ: ورجُل بُهْمَة: إِذا كَانَ شُجاعاً لَا يَدرِي مُقاتِلُه من
أَيْن يَدْخُل عَلَيْهِ.
قلت: والحروف المُبهَمة: الَّتِي لَا اشتِقاق لَهَا، وَلَا يُعرَف
لَهَا أصُول، مثل الَّذِي وَالَّذين وَمَا وَمن وَعَن، وَمَا
أشبَهَهَا.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: كَلَام مُبْهَم: لَا يُعرَف لَهُ وجهٌ يُؤتَى
مِنْهُ، مَأْخُوذ من قَوْلهم: حائطٌ مُبهَم: إِذا لم يكن فِيهِ بَاب،
وَمِنْه يُقَال: رجلٌ بُهْمة: إِذا لم يُدْرَ من أَيْن يُؤْتى لَهُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أبهَمَ عليّ الأمرُ: إِذا لم يَجْعَل لَهُ
وجْهاً أعرِفُه. ولونٌ بَهِيم: لَا يُخالِفُه غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: البُهْمَى: نبتٌ تَجِدِ بِه الغنمُ وَجْداً شَدِيدا
مَا دَامَ أخضَر، فَإِذا يَبِس هَرَّ شوكُه وامتَنَع، وَيَقُولُونَ
للواحدة: بُهْمَى، وللجميع؛ بُهْمَى.
قَالَ: وَيُقَال للواحدة: بُهْمَاة، وَأنْشد ابْن السّكيت:
رَعَتْ بارضَ البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً
وصَمْعاء حَتَّى آنَفَتْها نصالُها
وَالْعرب تَقول: البُهْمَى: عَقْر الدّار، وعَقَار الدَّار: يُرِيدُونَ
أَنه من خِيار المَرْتَع فِي جَنابِ الدّار.
والإبهام: الإصبَعُ الكُبرى الَّتِي تلِي المُسبِّحة، والجميع
الأباهيم، وَلها مَفصِلان.
وكلّ ذِي أَربع من دوابّ الْبر وَالْبَحْر يُسمَّى بَهيمة.
وَقَالَ الْأَخْفَش: بُهمَى لَا تُصرَف، والواحدة بُهْماة.
والبَهايم: أَجْبُلٌ بالحِمَى على لونٍ وَاحِد. قَالَ الرّاعي:
بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رَأَى ذَا مَعارِكٍ
أَتَى دونه والهَضْبَ هَضْبَ البهايم
وأَبهمَت الأرضُ فَهِيَ مُبهِمة: إِذا أنبتَتْ البُهمى.
(6/179)
وَبَهَّمَ فلانٌ بموضِع كَذَا: إِذا أقامَ
بِهِ وَلم يَبرَحْه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: البُهْمة الْفَارِس الَّذِي لَا يُدرَى من أَيْن
يُؤتَى من شدَّة بأسِه.
قَالَ: والبُهْمة أَيْضا: هم جماعةُ الفُرْسان، وَقَالَ متمّم ابْن
نُوَيْرة:
وللشَّرْب فابكِي مالِكاً ولِبُهْمَةٍ
شديدٍ نواحِيها على من تشجَّعا
وهم الكُماةُ، وَقيل لَهُم: بُهْمة لِأَنَّهُ لَا يُهتَدَى لقتالهم.
وَقَالَ غيرُه: البُهْمة: السَّواد أَيْضا. وَيُقَال للّيالي الثَّلَاث
الَّتِي لَا يَطلُع فِيهَا القَمَر: بُهَم، وَهِي جمعُ بُهْمة.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجل بُهْمة، إِذا كَانَ لَا ينثني عَن
شَيْء أَرَادَهُ. واستَبهَم الأمرُ: إِذا استغْلَق فَهُوَ مُسْتبهِمُ.
(6/180)
هَذِه أَبْوَاب الثلاثي من معتل الْهَاء
أهملت الْهَاء مَعَ الْخَاء (إِذا) دخلهما حُرُوف العلَّة.
(بَاب الْهَاء والغين)
هـ غ (وَا يء)
هيغ: الحرَّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال: إِنَّهُم لَفي
الأهْيَغَيْنِ: من الخِصب وحُسن الْحَال، وعامٌ أَهيَغُ: إِذا كَانَ
مُخصِباً كثير العُشْب.
سلَمة، عَن الفرَّاء قَالَ: الأهْيَغان: الْأكل والنِّكاح، قَالَ رؤبة:
يَغْمِسْنَ من يَغْمِسْنه فِي الأهْيَغِ
(بَاب الْهَاء وَالْقَاف)
هـ ق (وَا يء)
قوه، قاه، قهى، هقى، وهق، هيق، أقه.
قيه قاه: قَالَ اللَّيْث: القاهُ: الطَّاعَة، وَيُقَال: بِمَنْزِلَة
الجاه، وَفِي الحَدِيث أَن رجلا من أهل الْيمن قَالَ للنَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا أهلُ قاهٍ، فَإِذا كَانَ قاهُ أحدِنا دعَا من
يُعينه، فعَمِلوا لَهُ، أَطعَمَهم وسقاهم من شراب يُقَال لَهُ:
المِزْر. فَقَالَ: أَله نَشْوةٌ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَلَا تشربوه.
قَالَ أَبُو عبيد: القاهُ: سرعَة الْإِجَابَة، وحُسنُ الْإِجَابَة
والمعاونة، يَعْنِي أَن بَعضهم يعاون بَعْضًا فِي أَعْمَالهم، وأصلهُ
الطَّاعَة وَمِنْه قَول رؤبة:
تالله لَوْلَا النّارُ أَن نَصْلاهَا
لَمَا سمعنَا لأميرٍ قَاهَا
قَالَ: يُرِيد الطَّاعَة، وَمِنْه قَول المخبَّل: واستَيْقَهوا
للمحلِّم، أَي أطاعوه، إلاّ أَنه مقلوب، قدم الْيَاء وَكَانَت الْقَاف
قبلهَا، وَهَذَا كَقَوْلِهِم: جَذَب وجَبَذ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: القاهُ، والأقْه: الطَّاعَة،
وَمِنْه يُقَال: أقاهَ الرَّجُلُ، وأَيْقَه، وَيُقَال: مَالك عليَّ
قاهٌ: أَي سُلْطَان.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: القاهُ: الطّاعة، عَرَفَتْه بَنو أَسد. قلت
أَنا: الَّذِي يتوجّه عِنْدِي فِي قَوْله: إِنَّا أهلُ قاهٍ: أَي أهل
طَاعَة لمن يتَمَلَّك علينا، وَهِي عادتُنا، فَإِذا أمَرَنا بأمرٍ أَو
نَهَانَا عَن أمرٍ أَطعْناه، وَلم نرَ خِلَافه، وَقَوله: فَإِذا كَانَ
قاهُ أحدِنا دَعَا من يُعينه، أَرَادَ فَإِذا كَانَ ذُو قاهِ أحدِنا
دَعَا الناسَ إِلَى مَعُونته أطعَمَهم وسقاهم.
(6/181)
قَالَ الدِّينوري: إِذا تناوب أهلُ
الجَوْخان، فَاجْتمعُوا مرّة عِنْد هَذَا، وَمرَّة عِنْد هَذَا،
وتعاونوا على الدِّياس فَإِن أهلَ الْيمن يسمون ذَلِك القاه، ونَوبةُ
كلّ رجل قاهَة، وَذَلِكَ كالطاعة لَهُ عَلَيْهِم، لِأَنَّهُ تناوبٌ قد
ألزموه أنفسَهم، فَهُوَ وَاجِب لبَعْضهِم على بعض.
قهى أقه: أَبُو عُبَيْدَة، عَن الْأَصْمَعِي: القُوهَة: اللَّبن
الحُلو.
وَقَالَ اللَّيْث: القاهِيُّ: الرجلُ المخصب فِي رَحْله، وَإنَّهُ لفي
عيشٍ قاهٍ: أَي رَفِيهٍ بيِّن القُهُوَّة والقَهْوَةِ وهم قاهِيُّون.
أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: يُقَال للرجل الْقَلِيل الطُّعم: قد أَقهَى
وأَقهم.
وَقَالَ أَبُو زيد: أقهى الرجُل: إِذا قلَّ طُعْمُه، وأَقْهَى عَن
الطَّعَام: إِذا قَذِره فَتَركه وَهُوَ يَشْتَهيه.
وَقَالَ أَبُو السَّمْح: المقْهِي: الأجِمُ الَّذِي لَا يَشْتَهِي
الطعامَ من مَرَض أَو غَيره، وأَنشد شمر:
لَكالمسْكِ لَا يُقهي عَن الْمسك ذائقُه
والقهوة: الْخمر؛ سُمِّيتْ قهوةً، لِأَنَّهَا تُقهِي الإنسانَ: أَي
تُشْبِعُه. وَقَالَ غَيره: سُمِّيتْ قهوة؛ لأنّ شاربَها يُقْهِي عَن
الطَّعَام: أَي يكرههُ ويأجَمُه.
وَقَالَ الشَّاعِر يذكر نسَاء:
فأَصبحنَ قد أَقْهَينَ عني كَمَا أَبَتْ
حِياضَ الإمِدَّانِ الهِجانُ القَوامحُ
يصف نسَاء سَلوْنَ عَنهُ لمّا كبر.
قوه: الثِّيَاب القُوهِيَّة مَعْرُوفَة منسوبةٌ إِلَى قُهِسْتَان.
قَالَ ذُو الرّمّة:
من القُهز والقُوهِيِّ بِيضُ المقَابغ
وَحدثنَا حَاتِم بنُ مَحْبُوب، عَن عبد الْجَبَّار، عَن سُفْيان، عَن
عَمْرو بن دِينَار: قَالَ فِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لأهل نَجْرَان: لَا يُحرَّك راهبٌ عَن رهبانيته، وَلَا وُقاهٌ عَن
وُقاهيته، وَلَا أُسْقُفٌّ عَن أُسقفيته، شهد أَبُو سفيانَ بنُ حَرب،
والأقرعُ بنُ حَابِس. قلت: هَكَذَا رَوَاهُ لنا أَبُو يزِيد بِالْقَافِ
والصوابُ لَا يحرَّك وافِهٌ عَن وُفْهِيته، كَذَلِك كتبه أَبُو
الْهَيْثَم فِي كتاب ابنُ بُزُرْج بِالْفَاءِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوافه: القيِّم الَّذِي يقوم على بَيت النَّصَارَى
الَّذِي فِيهِ صَليبُهم بلغَة أهل الجزيرة، قَالَ: وَفِي الحَدِيث:
(لَا يُغَيَّرُ وافهٌ عَن وُفهيته) . قلت: وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي
(واهفٌ) وكأنهما لُغتان.
هيق: قَالَ اللَّيْث: الهَيْق: الدَّقيق الطَّويل، وَلذَلِك سُمِّي
الظَّليم: هَيْقاً. ورجُلٌ هيق، يُشَبَّه بالظليم لنفاره وجُبنه.
وَقَالَ غيرُه: الهيق من أَسمَاء الظليم، وَالْأُنْثَى هيْقة وَأنْشد:
كَهدَجان الرَّألِ خَلْفَ الهَيْقَةِ
وهق: قَالَ اللَّيْث: الوَهَق: الحَبْل المُغارُ يُرمَى فِي أُنشُوطةٍ
فيُؤخَذ بِهِ الدّابة وَالْإِنْسَان.
والمُواهقَة: المواظبَة فِي السَّير، ومَدُّ الْأَعْنَاق؛ تَقول:
تَوَاهَقَت الرِّكابُ، وَقَالَ رؤبة:
تَنشَّطَتْها كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ
(6/182)
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: المواهقة:
أَن تسيرَ مثل سَيرِ صاحِبِك.
وَقَالَهُ أَبُو عَمْرو: وَهِي المُوَاضَخَة والمُواغَدَة، كلُّه
وَاحِد.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : فلانٌ مُتَّقِهٌ لفُلَان ومُؤتَقِهٌ:
أَي هائبٌ لَهُ مطيعٌ.
هقي: اللَّيْث: فلانٌ يَهقِي فُلاناً: إِذا تناوَلَه بقبيح.
وَقَالَ الباهليّ: هَقَى يَهْقِي، وهَرَف يَهْرِف: إِذا هَذَى فَأكْثر،
وأنشدَ:
أيُترَك عيرٌ قاعدٌ عِنْد ثَلَّةٍ
وَعالاتِها يَهْقِي بِأمِّ حَبِيبِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: هَقَى، وهَرَفَ، إِذا هَذَى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: توهَّقَ الحَصا: إِذا حَمِي من الشَّمْس،
وَأنْشد:
وَقد سَرَيتُ الليلَ حَتَّى غَرْدقا
حَتَّى إِذا حامِي الحَصا توهَّقا
وأهمل الليثُ وغيرهُ الْهَاء مَعَ الْخَاء، وَأنْشد مُحَمَّد بن سهل
الكُمَيْت:
إِذا ابتَسَر الحَربَ أخْلامُها
كِشافاً وهُيِّخَت الأَفْحُلُ
الابتسار: أَن يَضْرِب الفحلُ النَّاقة على غير ضَبَعةٍ. وأخْلامُها:
أصحابُها الْوَاحِد خِلم.
هيخ: قَالَ هُيِّخَت: أُنيخَتْ، وَهُوَ أَن يُقَال لَهَا عِنْد
الإناخة: هِخْ هِخْ وإخْ إخْ. يَقُول: ذَلَّلَتْ هَذِه الحروبُ
الفُحُولة فأناختْها.
وَقَالَ محمدّ بن سهل: هُيِّخَت الناقةُ: إِذا أُنِيختْ ليَقرَعها
الفحلُ، وهُيِّخ الفحلُ: أَي أُنِيخَ ليَبْرُك عَلَيْهَا فيضربها.
قلت: هَذِه الْهَاء مَعَ الْخَاء لَيست بأصليَّة، أَصْلهَا هَمْزة قلبت
هاءُ.
(بَاب الْهَاء وَالْكَاف)
(هـ ك (وَا يء)
كهي، هوك، هكي.
كهي: عَمْرو، عَن أَبِيه: أَكهَى الرجل: إِذا سَخَّن أَطْرَاف
أَصَابِعه بِنَفَسِه.
قلت: أصلُ أَكْهَى أَكَهَّ، فقُلبتْ إِحْدَى الهاءين ألفا.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَهاة: النَّاقة الضَّخمة كَادَت تدخُل فِي
السِّنّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: نَاقَة كَهاةٌ: عَظِيمَة السَّنام جليلةٌ
عِنْد أَهلهَا، وَجَاءَت امرأةٌ إِلَى ابْن عبَّاس فَقَالَت: فِي
نَفسِي مسألةٌ وَأَنا أَكْتَهِيك أنْ أُشافِهك بهَا: أَي أُجِلُّك
وأعظِّمك. قَالَ: فاكتُبيها فِي بطاقة: أَي فِي رُقعة، وَيُقَال: فِي
نِطاقة. وَالْبَاء تُبدل من النُّون فِي حُروفٍ كَثِيرَة.
وَقَالَ غَيره: رجل أَكْهَى: أَي جبانٌ ضَعِيف، وَقد كَهِيَ كَهاً.
وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
وَلَا جُبَّإٍ أَكْهَى مُرِبَ بِعِرْسِه
يُطالِعُها فِي شَأْنه: كَيفَ يَفْعَلُ
(6/183)
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الأكْهاء:
المتحيِّرون، والأكْهاء: النُّبلاء من الرِّجَال.
قَالَ: وَيُقَال: كاهَاهُ، إِذا فاخره أيُّهما أَعظم بَدَناً، وهاكاهُ
إِذا استَصْغَر عقلَه. وَقَوله:
وَإِن تَكُ إنْساً مَا كَها الإنْسُ يفْعَلُ
يُرِيد: مَا هَكَذَا الإنْس يَفعل، فَترك ذَا وقَدّم الكافَ.
وحدّثنا المنذريّ، عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن النَّضر قَالَ:
حدَّثني حسنُ بنُ عبد الله بن عِياضٍ الأسْلميّ قَالَ: حدَّثني مالكُ
بنُ إِيَاس بن مَالك بن أَوْس الأسْلَمي قَالَ: حدَّثني أبي إياسُ بنُ
مَالك عَن أَبِيه مَالك بن أَوْس أَنَّه حدَّثه أَن رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر تَأوَّبَا أَبَاهُ أَوْسَ بن عبد الله
يقَحْدواتٍ دُوَيْن الجُحْفة من دون رابغ، وَقد ظلعتْ برَسُول الله
ناقتُه القَصْوى، فَدَعَا أوسُ بنُ عبد الله بفَحْل إبِله، فَحَمل
عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَدَفه، فَسَلَك بهَا
(قَفَا قَحْدواتٍ) ، ثمَّ سَلك بِهِ فِي أَحيَاء، ثمَّ سَلَك بِهِ فِي
ثَنِيَّة المُرَّة، ثمَّ أَتَى بِهِ من طَرْف صَخْرَة (أَكْهَى) ثمَّ
أَتَى بِهِ من دُون (العَصَوَيْن) ثمَّ أَتَى بِهِ من (كشَذ) ، ثمَّ
سَلَك بِهِ (مَدْلَجة تُعَهِّن) ، وصلَّى بهَا، وبَنَى بهَا مَسْجداً،
ثمّ أَتَى بِهِ من الغَثْيَانة، ثمّ أجَاز بِهِ وَادي العَرْج ثمَّ سلك
بِهِ ثنية رَكوبه ثمّ علا (الخلائقَ) ، ثمَّ دخل بِهِ الْمَدِينَة.
يُقَال: حَجَرٌ أَكْهَى: لَا صَدْع فِيهِ.
قَالَ ابْن هَرْمة:
كَمَا أعْيَت على الرّاقِين أَكْهَى
تعيَّتْ لَا مِياهَ وَلَا فِراغا
هوك: رُوِيَ عَن عمر بن الخطّاب أَنه قَالَ للنَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إنّا نسمَعُ أحاديثَ فِي يَهودَ تُعجِبُنا، أفترى أَن نَكتبها؟
فَقَالَ: أَمُتَهوِّكُون أَنْتُم كَمَا تَهَوَّكتْ اليَهودُ
والنَّصارى؟ لقد جئتُكم بهَا بَيْضاء نقيّة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ أُمُتَحَيِّرون أَنْتُم فِي الْإِسْلَام
حَتَّى تأخذوه من اليَهود؟ والهَوَكُ: الحُمْق، وَقد هَوِك فَهُوَ
أَهْوَكُ وهَوَّاك، وَقد هَوَّكه غَيره، وَمثله الأهْوَج. .
(بَاب الْهَاء وَالْجِيم)
(هـ ج (وَا يء))
هجا، هاج، جهى، جاه. وَجه، وهج، هوج.
هجا: قَالَ اللَّيْث: هَجَا يَهْجو هِجاءً، مَمْدُود: وَهُوَ الوقِيعة
فِي الْأَشْعَار.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو زيد: الهجاء: الْقِرَاءَة. قَالَ:
وَقلت لرجل من قيس: أَتَقْرَأُ من الْقُرْآن شَيْئا؟ فَقَالَ: وَالله
مَا أَهْجُو مِنْهُ حَرْفاً: يُرِيد: مَا أَقْرَأُ مِنْهُ حَرْفاً.
قَالَ: ورويتُ قصيدةً فَمَا أهْجُو اليومَ مِنْهَا بيْتَيْن: أَي مَا
أرْوِي.
وَقَالَ غَيره: فُلَانَة تَهْجُو صُحْبةَ زَوجهَا: أَي تَذُمّه، وتشكو
من صُحْبَته.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اللَّهُمَّ
إِن فلَانا هجاني فاهجُه اللَّهُمَّ مَكَان مَا هَجَاني) وَمعنى قَوْله
(اهجه) اللَّهُمَّ: أَي جازِه على هِجائه إيّاي جزاءَ هِجائه، وَهَذَا
كَقَوْلِه جلّ وعزّ: {يَنتَصِرُونَ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ
مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا}
(6/184)
(الشّورى: 40) وَكَقَوْلِه: {فَمَنِ
اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ} (البَقَرَة: 194) ؛
فَالثَّانِي مجازاة وَإِن وافَق اللَّفْظُ اللَّفْظَ فِي هَذِه
الْحُرُوف.
وَمن مَهْمُوز هَذَا الْبَاب:
قَالَ اللَّيْث: يُقَال: قد هَجَأً غَرْثِي يَهْجَأُ هَجْأً: إِذا ذهب
عَنهُ وَانْقطع.
وَيُقَال: قد أَهْجَأَ طعامُكم غَرْثِي: إِذا قطعَه إهجاءً، وَأنْشد:
فَأَخْزَاهُم رَبِّي ودَلَّ عليهمُ
وأطعَمهمْ من مَطْعمٍ غير مُهْجِىء
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: هَجَأْتُ الطعامَ: أكلتُه.
وَقَالَ غَيره: أهجأتُه حقَّه، وأهْجَيْتُه حَقَّه: إِذا أدَّيْتَه
إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الهَجَأ يُقصَر ويُهْمَز،
وَهُوَ كل مَا كنتَ فِيهِ فَانْقَطع عَنْك. وَقَالَ: وَمِنْه قولُ
بشّار وقصرَه وَلم يَهْمِزْ؛ والأصلُ الْهَمْز:
وقَضَيْتُ من وَرَقِ الشبابِ هِجاً
من كل أَحْورَ راجحٍ حَسَبُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: الهجاء ممدودٌ تهجِية الحرُوف، تَقول تهجّأت
وتهجَّيْتُ، بهَمْزٍ وتبديل.
شمر، قَالَ ابْن شُمَيْل: فلانٌ على هِجاء فلانٍ أَي على قَدْرِه
ومثاله.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الهِجَا الشِّبَع من الطَّعام،
والمهاجاه بَين الشاعِرَين بتهاجَيان.
هوج: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الهَوجَ مصدرُ الأهْوَج، وَهِي النَّاقة
وَهُوَ الأحمق، وَيُقَال للشّجاع الَّذِي يَرمي بِنَفسِهِ فِي
الْحَرْب: أهْوَج، وَيُقَال للطُّوال إِذا أَفرَط فِي طُوله: أهْوَجُ
الطُّول. قَالَ: والهوْجاء من صفة النَّاقة خاصّة، وَلَا يُقَال: جملٌ
أهوَج، وَهِي النَّاقة السريعة لَا تَتعاهَدُ مواطِىءَ مناسِمِها من
الأَرْض.
والهُوجُ من الرِّياح: الَّتِي تَحمل المُورَ وتَجرُّ الذَّيل،
والواحدة هَوْجاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهوْجاء من الرِّياح كلّها:
الشَّدِيدَة الهبوب.
أَبُو عَمْرو: فِي فلانٍ عَوَجٌ وهَوَج، بِمَعْنى وَاحِد.
هيج: قَالَ اللَّيْث: هاج البَقْل إِذا اصفَرّ وطالَ فَهُوَ هائج،
وَيُقَال: بل هِيجَ، وهاجَتِ الأرضُ فَهِيَ هائجة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا تمّ يُبسُ النّبات قيل: قد هَاجَتْ
الأرضُ تَهيج هِياجاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله: {أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ} (الزُّمَر: 21) قَالَ: يهيجُ: يَأْخُذ فِي الجَفاف فتَبتدىء
بِهِ الصُّفْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: هاجَ الفَحْل هِياجاً، واهتاج اهتياجاً، إِذا ثار
وهَدَر، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء يثور للمشقّة وَالضَّرَر، تَقول: هاجَ
بِهِ الدمُ، وهاجَ الشرُّ بَين الْقَوْم.
والهَيْجاء: الحَرْب تُمَدّ وتُقْصَر. وَتقول: هَيَّجْتُ الشرَّ
بَينهم، وهَيّجت الناقَة فانبعثتْ، وَيُقَال: هِجْتُه فهَاج. رَوَاهُ
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد، وَأنْشد غَيره:
هِيهِ وإنْ هِجناكَ يَا بن الأصْوَلِ
(6/185)
وَقَالَ اللَّيْث: هِيجِ، مجرورٌ فِي زَجْر
النَّاقة، وَأنْشد:
تَنْجو إِذا قَالَ حادِيها لَهَا: هِيجي
وَقَالَ اللَّيْث: الهاجَةُ: الضِّفْدِعَة الْأُنْثَى. والنَّعامة
يُقَال لَهَا: هاجَة، وتصغيرُها هُوَيْجَة. وَيُقَال: هُيَيْجَة، وَجمع
الهاجةِ هاجَات.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للسَّحاب أوّل مَا يَنْشأ: هاجَ لَهُ
هَيْجٌ حَسَن، وأَنشَد قولَ الرّاعي:
تَراوَحُها رَواعِدُ كلِّ هَيْجٍ
وأرواحٌ أَطَلْنَ بهَا الحَنِينَا
وَيُقَال: يومُنا يومُ هَيْجٍ، أَي يومُ غيْم وَمطَر، ويومُنا يومُ
هَيْج أَيْضا، أَي يومُ ريح. وَقَالَ الرّاعي:
ونارِ وَدِيقَةٍ فِي يومِ هَيْجٍ
من الشِّعْرَى نَصبْتُ لَهَا الجَبَينا
يُرِيد يَوْم رِيح.
وَقَالَ النَّضر: المِهْياج من الْإِبِل: الَّذِي يَعْطَش قبل
الْإِبِل، وهاجَت الإبلُ إِذا عطَشَتْ.
قَالَ: والمِلْواح مِثلُ المِهْياج.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهَيْج: الصُّفرة والهَيْج:
الجَفاف، والهَيْج: الْحَرَكَة، والهَيْج: الفِتْنة والهَيْج: هَيَجان
الدَّم أَو الْجِمَاع أَو الشَّوق.
جوه: قَالَ اللَّيْث: الجاه الْمنزلَة عِنْد السُّلْطَان، وَلَو
صَغَّرْتَ قلت: جُوَيهة، ورَجُل وَجِيه: ذُو وجاهة.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: جُهْتُ فلَانا بِمَا كَرِه فَأَنا أُجُوهُه
بِهِ، إِذا أنتَ تَقَبَّلْتَه بِهِ.
وَقَالَ: وَأَصله من الوَجْه فقُلبت، وَكَذَلِكَ الجاهُ أصلُه الوَجْه.
وَيُقَال: فلانٌ أَوْجَهُ من فلَان، من الجَاه، وَلَا يُقَال: أَجْوَه.
والعَرَب تَقول للبعير: جاهِ لَا جُهْتَ، وَهُوَ زَجرٌ للجَمل خاصَّة.
وَجه: قَالَ اللَّيْث: الوَجه: مستقبَلُ كلِّ شَيْء. والجِهة: النَّحو،
تَقول: كَذَا على جِهَة كَذَا، وَتقول: رجلٌ أحمَر من جِهتِه الْحمرَة،
وأسوَد، من جِهَته السَّواد.
والوِجْهة: القِبلة، وشَبَهتُها فِي كلِّ وِجْهة أَي فِي كلِّ وجهٍ
استقبلتَه، وأَخذت فِيهِ. وَتقول: توجَّهوا إِلَيْك ووجَّهوا، كلٌّ
يُقَال، غير أنَّ قَوْلك: وجَّهوا إِلَيْك على معنى وَلَّوْا وُجوهَهم.
والتَّوجُّه الفِعْل اللَّازِم.
قَالَ شمر: قَالَ الْفراء سمعتُ امْرَأَة تَقول: أَخَاف أَن تَجُوهَني
بأكثَر من هَذَا، أَي تستقبلني.
قَالَ شمر: أرَاهُ مأخوذاً من الوَجه فَإِنَّهُ مقلوب قَالَ: والوُجاه
والتُّجاه لُغَتَانِ، وَهُوَ مَا استقبَل شيءٌ شَيْئاً، تَقول: دارُ
فلانٍ تُجاه دارِ فلَان، والمُواجَهة: استقبالُك الرجل بِكَلَام أَو
وَجْهٍ.
وَفِي حَدِيث أم سَلَمَة أنّها لما وَعَظْت عائشةَ حِين خرجتْ إِلَى
البَصْرة قَالَت لَهَا: لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
عارَضَكِ بعضَ الفَلَوات ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَل إِلَى مَنْهَل قد
وَجَّهتِ سِدافَته وتركتِ عُهَيْداه. فِي حَدِيث طَوِيل قولُها:
وجّهْتِ سِدافته أَي أخذتِ وَجْهاً هَتكْتِ سِتْرَك فِيهِ قَالَ
القُتَيْبيُّ: وَيجوز أَن يكون معنى وجّهتِها أَي أَزلتِها من المكَان
الَّذِي أُمِرْتِ أَن تلزميه وجعلتِها أمامك.
(6/186)
قَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم أَيْنَمَا
أُوجِّهْ ألْقَ سَعْدا، مَعْنَاهُ أَيْن أتوجه، قلت: ومثلُها قدَّم
وتقدَّم وبيّن وتبيَّن، بِمَعْنى وَاحِد. والعَرَبُ تَقول: وَجِّه
الحَجَرِ جِهَة مَاله وجهةٌ مَاله؛ يُضَرب مَثَلاً لِلْأَمْرِ إِذا لم
يَستَقِم من جهةٍ أَن يُوجَّه لَهُ تدبيرٌ من جهةٍ أُخْرَى. وأصلُ
هَذَا فِي الحَجَر يوضَع فِي البِناء فَلَا يَسْتَقِيم فيُقلَب على
وجهٍ آخر فيستقيم. وَقَالَ أَبُو عبيد فِي بَاب الْأَمر يحسن
التَّدْبِير والنَّهْي عَن الخُرْق فِيهِ: وَجِّه الحجَر وجْهةً مَاله،
وَيُقَال: وِجهةٌ مَاله بِالرَّفْع، أَي دَبِّر الْأَمر على وَجْهه
الَّذِي يَنْبَغِي أَن يوجَّه عَلَيْهِ، وَفِي حُسن التّدبير.
وَيُقَال: ضَرَب وَجْهَ الْأَمر وعينه. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة:
يُقَال وَجِّه الحجرَ جِهَة مَاله، يُقَال فِي مَوضِع الحَضِّ على
الطَّلَب، لِأَن كل حجر يُرمَى بِهِ فَلهُ وجهٌ، فعلى هَذَا الْمَعْنى
رَفْعُه، وَمن نَصبه فَكَأَنَّهُ قَالَ: وجِّه الْحجر جِهتَهَ، وَمَا
فَضْلُ، وَمَوْضِع الْمثل ضَع كل شَيْء مَوْضِعه. وَقَالَ ابْن
الْأَعرَابِي: وجِّه الحجَر جِهةً مَاله وجهةٌ مَاله ووِجهةً مَاله
ووجهةٌ مَاله، ووَجْهاً مَاله، ووجهٌ مَاله.
وَيُقَال: وجّهتِ الرِّيحُ الحصَا توجيهاً، إِذا ساقَتْه، وَأنْشد:
تُوجِّه أبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ
وَيُقَال: قادَ فلانٌ فلَانا فوجَّه، أَي انْقَادَ واتَّبَع.
وَيُقَال للرجل إِذا كَبِر سنُّه: قد تَوَجَّه.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: شَمِط،
ثمَّ شاخَ، ثمَّ كبِر، ثمَّ توجَّه، ثمَّ دلَف، ثمَّ دَبّ، ثمَّ مَجّ،
ثمَّ ثَلَّبَ، ثمَّ الْمَوْت.
وَيُقَال: أتيتُه بوجْهِ نَهارٍ، وشبابِ نَهارٍ وصَدْرِ نَهارٍ، أَي
فِي أوَّله وَمِنْه قَوْله:
من كَانَ مَسْرُورا بِمَقْتَلِ مالكٍ
فليأتِ نِسْوَتَنا بَوجْهِ نَهارِ
وَقيل فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُو صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْءَاخِرَهُ} (آل عِمرَان: 72) : إِنَّه صَلَاة الصُّبْح،
وَقيل: هُوَ أوَّل النَّهار.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: نظر فلَان إليّ بِوُجَيْه سَوْءٍ وبجُوه
سَوْء وبِجِيه سَوْءٍ.
وَقَالَ الأصمعيّ: وجَهتُ فلَانا: ضربتُ وجههَ فَهُوَ مَوْجُوهٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: أَتى فلَان فلَانا فأَوْجهَه وأَوْجأَه،
إِذا رَدَّه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْخَلِيل فِي قوافي الشّعْر: التأسيس،
والتوجيه، والقافية، وَذَلِكَ مثل قَول النَّابِغَة:
كِليني لِهَمَ يَا أُمَيْمةَ نَاصبِ
فالباء هِيَ القافية، وَالْألف الَّتِي قبل الصَّاد: تأسيس، وَالصَّاد:
تَوْجِيه بَين التأسيس والقافية، وَإِنَّمَا قيل لَهُ: تَوْجِيه، لِأَن
لَك أَن تغيره بِأَيّ حرف شِئت.
وَيُقَال: خرج الْقَوْم فوجَّهوا للنَّاس الطريقَ توجيهاً، إِذا
وَطَّئُوه وسَلَكُوه حَتَّى استبان أَثَرُ الطّريق لمن يَسلُكُه.
وَيُقَال: أَوْجَهَتْ بِهِ أمُّه حِين وَلَدَتْه، إِذا خَرَجَ يَدَاهُ
أَولا وَلم تلده يَتْناً.
قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: لفلانٍ جاهٌ فيهم، أَي منزلَة وقَدْر،
فأخِّرَت الواوُ من مَوضِع الْفَاء، وجُعِلتْ فِي مَوضِع الْعين،
فَصَارَ جَوْهاً، ثمَّ جَعلوا الواوَ ألفا فَقَالُوا: جاه.
(6/187)
وَقَالَ ابْن السّكيت: فلانٌ أحمَقُ مَا
يَتَوجَّه، أَي مَا يُحسِن أَن يَأْتِي الغائطَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: عِنْدِي امرأةٌ قد أوْجَهَتْ، أَي قَعَدَتْ عَن
الْولادَة.
جهى: شمر أَجْهَى لَك الأمرُ وَالطَّرِيق، أَي وَضَح، وأَجْهت السماءَ
أَي تقشّعَتْ. وبيْتٌ أَجْهَى: لَا سَقْف لَهُ.
وَقَالَت أم جَابر العَنْبرية: الجَهاءُ والمُجْهِيَة: الأَرْض الَّتِي
لَيْسَ فِيهَا شَجَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْجَهْوة: الدُّبُر.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: أَجَهَتِ السماءُ فَهِيَ مُجْهيَة، إِذا
أَصْحَت، وأَجْهَتْ لَك السُبُل، أَي استبانت، وبيتٌ أَجْهَى: لَا
سِتْرَ عَلَيْهِ، وبيُوتٌ جُهْوٌ بِالْوَاو وعَنْزٌ جَهْوَاءُ: لَا
يَستر ذَنبُها حياهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جاهَاه، إِذا فاخَرَه.
وهج: قَالَ اللَّيْث: الوَهَج: حَرُّ النَّار وَالشَّمْس من بعيد. وَقد
توهَّجَت النَّار، ووَهِجَتْ تَوْهَج.
وَيُقَال للجَوْهر إِذا تلألأ: يَتوهَّج، ووَهَجَان الجَمْر: اضطرامُ
توهُّجه، وَأنْشد:
مُصْمَقِرُّ الهَجِير ذُو وَهَجانِ
(بَاب) الْهَاء والشين)
(هـ ش (وَا يء))
هاش، شاه، شهو.
شهو: فِي الحَدِيث: (إِن أخوَفَ مَا أخافُ عَلَيْكُم الرِّياء والشهوَة
الخَفيَّة) .
قَالَ أَبُو عبيد: ذهب بهَا بعضُ النَّاس إِلَى شَهْوَة النِّسَاء
وغيرِها من الشهوَات، وَهُوَ عِنْدِي لَيْسَ بمخصوص بِشَيْء وَاحِد،
وَلكنه فِي كل شَيْء من المعاصِي يُضمِره صاحبُه ويُصِرّ عَلَيْهِ،
فَإِنَّمَا هُوَ الْإِصْرَار وَإِن لم يَعملْه.
وَقَالَ غيرُ أبي عبيد: هُوَ أَن يرَى جَارِيَة حسناءَ فيغُضّ طَرْفَه،
ثمَّ ينظرُ إِلَيْهَا بقَلْبه كَمَا كَانَ يَنظر بعيْنه، وَقيل: هُوَ
أَن ينظر إِلَى ذاتِ مَحْرَم لَهُ حَسْناء وَيَقُول فِي نَفسه: ليتَها
لم تحرُم عليَّ.
قَالَ أَبُو سعيد: الشهْوَة الْخفية من الْفَوَاحِش مَا لَا يَحِلّ
مِمَّا يَستخفِي بِهِ الْإِنْسَان، إِذا فعَله أخفاه، وكَرِه أَن
يطّلِع عَلَيْهِ النَّاس.
قَالَ الأزهريّ: القَوْل: مَا قَالَ أَبُو عبيد فِي الشَّهْوَة
الخفيَّة، غيرَ أَنِّي أَستحسِن أَن أَنصِب قولَه: والشهْوة الْخفية،
وأَجعلَ الواوَ بِمَعْنى مَعَ، كَأَنَّهُ قَالَ: أخوَفُ مَا أَخافُ
عَلَيْكُم الرِّياء مَعَ الشَّهْوَة الخفيَّة للمعاصي، فَكَأَنَّهُ
يُرائي الناسَ بتركِه الْمعاصِي، والشّهوَةُ لَهَا فِي قَلبه مُخفاةٌ،
وَإِذا استَخفَى بهَا عَمِلَها.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ شَهْوان، وامرأةٌ شَهْوَى، وَأَنا إِلَيْهِ
شَهْوانُ.
وَقَالَ العَجَّاج:
فهيَ شَهاوَى وهوَ شَهوانيُّ
وَقوم شَهاوَى: ذَوُو شَهوة شَدِيدَة للْأَكْل. وَيُقَال: شَهِيَ
يَشْهَى، وشَها يَشهُو، إِذا اشتَهَى.
قَالَ ذَلِك أَبُو زيد. والتشهِّي: اقتراح شهوةٍ بعدَ شَهْوَة.
(6/188)
يُقَال؛ تشهّتِ المرأةُ على زَوْجها
فأَشهاها، أَي أطلَبَها شهواتِها.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: شاهَاهُ فِي إِصَابَة
العَيْن، وهاشَاهُ، إِذا مازَحَه.
هوش هيش: (قَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: سمعتُ التَّميميَّات يَقُلن:
الهَوش والبَوْش: كثرةُ النَّاس والدوابّ، ودخلنا السوقَ فَمَا كِدْنا
نخْرج من هَوْشها وبَوْشِها.
وَيُقَال: اتَّقوا هَوْشات السُّوق أَي اتَّقوا الضلال فِيهَا، وَأَن
يُحْتال عَلَيْكُم فتُسرَقوا.
وَقَالَ أَبُو زيد: هاشَ القومُ بعضُهم إِلَى بعض لِلْقِتَالِ. قَالَ:
والمصدَر الهَيْش. ورأيتُ هَيشةً، أَي جمَاعَة، وَأنْشد للطِّرِماح:
كَأَن الخَيْمَ هاشَ إليَّ مِنْهُ
نِعاجُ صَرائمٍ جُمِّ القُرونِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هاشَ يَهيشُ هَيْشاً) .
وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود: إيّاكم وهوْشاتِ اللَّيل وهَوْشَات
الْأَسْوَاق، وَبَعْضهمْ يَروِيه وهَيْشَات.
قَالَ أَبُو عبيد: الهَوْشة: الفِتْنة والهَيْج والاختلاط، يُقَال
مِنْهُ: قد هَوَّشَ القومُ، إِذا اختَلَطوا، وكل شَيْء خَلَطْتَه فقد
هوّشْتَه.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
تَعفَّتْ لِتَهْتانِ الشِّتاء وهَوَّشَتْ
بهَا نائجاتُ الصَّيف شرقيَّةً كُدْرا
وصَفَ منازلَ هبّت بهَا رِياح الصَّيف فخَلطتْ بعضَ أثرِها بِبَعْض.
وَفِي حديثٍ آخر: من أصَاب مَالا من مهاوِشَ أذهبهُ الله فِي نهابِر.
قَالَ أَبُو عبيد: المهَاوِش: كل مَا أُخِذ من غير حِلِّه. قَالَ:
وَهُوَ شبيهٌ بِمَا ذُكِر من الهَوْشات.
وَقَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: قولُ العامّة: شَوَّشْتُ الأمرَ،
صَوَابه: هَوَّشْت.
قَالَ: وشَوَّشْت خطأ.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أُغِيرَ على مالِ الحيِّ فَنفرتِ الإبلُ
واختلَط بَعْضهَا بِبَعْض، قيل: هاشَتْ تهُوش، فهيَ هَوائشُ.
وَيُقَال: رأيتُ هُواشةً من النَّاس، وهُوَيشةً، أَي جمَاعَة مختلِطة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إبلٌ هَوّاشة، أَي أخِذت من هَاهُنَا
وَهَاهُنَا، وَمِنْه: مَن اكْتسب مَالا من مَهاوِشَ، ويُروَى من
نهاوِش؛ وَهَذَا مِن أنْ يُنهَشَ من كل مَكَان.
وَرَوَاهُ بَعضهم: من تهاوِش وَذُو هاشٍ: مَوضِع ذكَره زُهير فِي شعره.
والهَيشات: نحوٌ من الهَوْشات، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: رجل ذُو دغَواتٍ
ودَغَياتٍ.
وَفِي حَدِيث آخر: لَيْسَ فِي الهَيشات قَوَد، عُنِي بِهِ القتِيل
يُقتَل فِي الْفِتْنَة لَا يُدرَى مَن قتَله.
وَقَالَ أَبُو زيد: هاشَ القومُ بعضُهم إِلَى بعض هيْشاً، إِذا وثب
بَعضهم إِلَى بعض لِلْقِتَالِ، وَرَأَيْت هَيشةً من النَّاس، أَي
جمَاعَة. وتهيَّشَ القومُ بعضُهم إِلَى بعض تهيُّشاً.
(6/189)
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الهَيْش:
الحَلَب الرُّوَيد، جَاءَ بِهِ فِي بَاب حَلَب الغَنَم.
وَقَالَ أَبُو زيد: هَذَا قتيلُ هَيْشٍ، إِذا قُتل وَقد هاشَ بعضُهم
إِلَى بعض. والهَيْشة: أمَّ حُبَين. قَالَ بِشر بن المعتمِر:
وهَيْشةٌ تأكلُها سُرْفَةٌ
وسِمْعُ ذِئبٍ همُّه الحُضْرُ
وَقَالَ:
أَشْكُو إِلَيْك زَمَانا قد تَعرَّقَنا
كَمَا تَعرَّق رأسَ الهَيْشة الذِّيبُ
يَعْنِي أمَّ حُبَين.
شوه: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رَمَى
الْمُشْركين يومَ حُنين بكفَ من حَصًى وَقَالَ: شَاهَت الوجوهُ،
فَكَانَت هزيمةُ الْقَوْم.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: يَعْنِي قَبُحَت الوُجوه.
يُقَال شاهَ وَجهه يَشُوه، وَقد شَوَّهه الله، ورجُلٌ أشْوَه، وامرأةٌ
شَوْهاءَ، وَالِاسْم الشُّوهَة.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشُّوهَة:
البُعْد، وَكَذَلِكَ البُوهَة يُقَال: شُوهَةً لَهُ وبُوهَةً، وَهَذَا
يُقَال فِي الذّمّ. قَالَ: والشُّوهَة: الْإِصَابَة بالعَين.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجل شائِه البَصَر، وشاهِي البَصَر،
وَهُوَ الْحَدِيد البَصَر.
ابْن بُزُرج: يُقَال: رجل شَيُوهٌ، وَهُوَ أَشْيَهُ الناسِ، وَيُقَال:
إِنَّه يَشُوهُه ويَشِيهُه، أَي يَعينُه.
وَقَالَ شمر: رجلٌ شاهُ البَصر وشاهِي البَصر بِمَعْنى. قَالَ: وفَرسٌ
شَوْهاءُ، إِذا كَانَت حديدةَ النَّفْس، وَلَا يُقَال للذَّكر أشْوَه،
وَيُقَال: هُوَ الطَّوِيل إِذا جُنِب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: عَن أبي المكارم: إِذا سمعْتَنِي أتكلَّم
فَلَا تُشَوِّه عليّ، أَي لَا تقُل مَا أَفْصحَك، فتُصيبني بِالْعينِ.
وَقَالَ غيرُه: فلانٌ يتشوَّه أموالَ النَّاس لِيُصيبَها بالعَيْن.
وَيُقَال: امرأةٌ شَوْهاءُ، إِذا كَانَت قبيحة، وَامْرَأَة شوهاء إِذا
كَانَت حَسناء، وَهَذَا من الأضْداد. وَقَالَ الشَّاعِر:
وبجارةٍ شوْهاءَ ترقُبُني
وَحَماً يَظَلُّ بمَنْبِذِ الحِلْسِ
ورُوي عَن مُنْتَجِع بن نَبْهَان أَنه قَالَ: امرأةٌ شَوْهاء، إِذا
كَانَت رائعة حَسَنة، قَالَ: وفَرَسٌ شَوْهاء، إِذا كَانَت واسعةَ
الشِّدق.
قَالَ: وَلَا يُقَال للذَّكَر أشوَه، إِنَّمَا هِيَ صفةٌ للْأُنْثَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الأشْوَه: السَّرِيع الْإِصَابَة بالعَين،
وَالْمَرْأَة شَوْهاء. قَالَ: والشَّوَهُ مصدر الأشوه، والشَّوهاء،
وهما القَبيحا الْوَجْه والخلقة، قَالَ: وفَرَسٌ شَوْهأ، وَهِي الَّتِي
فِي رَأسهَا طُول، وَفِي مِنْخَرَيْها وفمِها سَعة.
وَقَالَ اللِّحياني: شُهتُ مالَ فلانٍ شَوْهاً، أَي أَصَبْتُه بعيني،
ورجلٌ أشوَه وامرأةٌ شَوْهاء، إِذا كَانَ يُصِيب الناسَ بعيْنه.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشُّوَّه الحُسَّد، وَالْوَاحد شائِه.
وَقَالَ اللِّحياني: شُهْتُ فلَانا: أفزَعْتُه، وَأَنا أَشُوهُه
شَوْهاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الأشْوَه: الشَّديد الْإِصَابَة بالعَين،
وَالْمَرْأَة شَوْهاء.
(6/190)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إنَّ نفسَه لتَشُوه
إِلَى كَذَا، أَي تَطَمح إِلَيْهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الشَّوْهاء الَّتِي تُصيبُ
بالعَين فتَنفُذُ عينُها. والشّوْهاء: القَبيحة، والشُّوْهاء:
المَليحة، والشَّوْهاء: الواسعة الفَم، والشوهاء: الصغِيرة الفَم.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف فَرَساً:
فَهِيَ شَوْهاءُ كالجُوالِق فُوها
مُستجافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
اللَّيْث: الشاه تصغَّر شُوَيْهَة، والعَدَد شِياه، والجميع شاءٌ،
فَإِذا تَركوا هاءَ التَّأْنِيث مَدُّوا الألفَ، وَإِذا قالوها
بِالْهَاءِ قَصَرُوا، وَقَالُوا: شاةٌ، وتُجمَع على الشَّوِيِّ أَيْضا.
قَالَ ثَعْلَب: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الشاءُ والشَّوِيّ والشِّيّهُ
وَاحِد. وأرضٌ مُشَاهَةٌ: كثيرةُ الشَّاءِ.
وَيُقَال للثَّوْر الوحشيّ: شَاة، وَالشَّاة أصلُها شاهة، فحُذِفَت
الْهَاء الْأَصْلِيَّة، وأُثْبِتَتْ هَاء الْعَلامَة الَّتِي تنقَلب
تَاء فِي الإدراج. وَقيل فِي الْجمع: شاءٌ، كَمَا قَالُوا: ماءٌ،
وَالْأَصْل: ماهةٌ وماءَةٌ، وَجَمعهَا مِياهٌ.
وَفِي الحَدِيث أنّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (بَينا
أَنا نائمٌ رأيتُني فِي الجنّة، فَإِذا امرأةٌ شَوْهاء إِلَى جَنب
قَصْر، فقلتُ: لمَن هَذَا الْقصر؟ قَالُوا: لِعُمَر) .
ورَوى أَبُو حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة عَن المُنْتَجع أنّه قَالَ:
الشّوْهاء: المرأةُ الحَسنة الرائِعة.
(بَاب الْهَاء وَالضَّاد)
(هـ ض (وَا يء))
ضهى، (ضاهي) ، ضهو، وهض، هاض، هضى.
هضي: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: هاضاهُ إِذا اسْتَحْمَقَه،
واستَخَفَّ بِهِ.
وَقَالَ: الأَهْفاءُ: الجماعاتُ من النَّاس. والهَضَّاء بتَشْديد
الضَّاد: الجَماعةُ من النّاس.
ضهى: قَالَ اللَّيْث: المُضاهاةُ: مُشاكلةُ الشَّيْء بالشَّيْء،
وربَّما هَمزوا فِيهِ. قَالَ الله جلّ وعزّ: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ} (التَّوْبَة: 30) .
وَقَالَ الفرّاء: يُضَاهُون أَي يُضارِعُون قولَ الَّذين كفَرُوا،
لقَولهم: اللات والعُزّى.
قَالَ: وبعضُ الْعَرَب يَهمِز فَيَقُول: {يُضَاهِئُونَ} (التّوبَة: 30)
، وَقد قرأَ بهَا عَاصِم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى قولِه: (يضاهون قَول الَّذين كفرُوا) أَي
يُشَابِهون فِي قولِهم هَذَا قولَ مَن تقدّم من كَفَرَتِهم، أَي
إِنَّمَا قَالُوهُ اتّباعاً لَهُم. قَالَ: وَالدَّلِيل على ذَلِك قولُه
جلّ وعزّ: {اتَّخَذُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً} (التّوبَة: 31)
أَي قَبِلُوا مِنْهُم أنّ المسيحَ والعُزَيْرَ ابْنا الله.
قَالَ: واشتقاقُه من قَوْلهم: امرأةٌ ضَهْيَاء وَهِي الَّتِي لَا
يَظهَر لَهَا ثَدْي؛ وَقيل: هِيَ الَّتِي لَا تَحيض، فكأنّها رَجُل
شَبَهاً.
قَالَ: وضَهْياءُ فَعْلاءُ، الْهمزَة زَائِدَة كَمَا زِيدتْ فِي شَمأل،
وَفِي غِرْقِىء البَيْض.
(6/191)
قَالَ: وَلَا نَعلم لهمزَةٍ زِيدتْ غيرَ
أوَّلٍ إِلَّا فِي هَذِه الْأَسْمَاء.
قَالَ: وَيجوز أَن تكون الضَّهْيَأُ بوَزْن الضَّهْيَع: فَعْيَلاً
وَإِن كَانَت لَا نَظِير لَهَا فِي الْكَلَام. فقد قَالُوا:
كَنَهْبَلُ، وَلَا نظهير لَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّهْيَأُ بِوَزْن الضَّهْيَع مهموزٌ مَقْصُور،
مثلُ السَّيَال وجَناتُهما وَاحِد فِي سِنْفَةٍ، وَهِي ذَات شَوْكٍ
ضَعِيف.
قَالَ: ومَنِبيها الأودية والجِبال.
ورَوَى ثَعْلَب عَن عَمرٍ وَعَن أَبِيه قَالَ: أضَهَى فلانٌ إِذا رَعَى
إبِلَه الضَّهْيَأَ، وَهُوَ نَباتٌ مَلبَنةٌ مَسمَنة.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: ضَهْيَأَ فلانٌ أَمرَه إِذا مَرَّضَه وَلم
يَصرِمه.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّهْيَاء: الَّتِي لم تَحِض قَطّ. وَقد ضَهِيَتْ
تَضْهَى ضَهًى.
قَالَ: والضَّهْوَاء الَّتِي لم تَنْهَد. (قلت: رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن
أَصْحَابه الضَّهْيَاء على فَعْلاء: المرأةُ الَّتِي لَا تحيض، وجمعُها
ضُهْيٌ. قَالَ ذَلِك الأصمعيّ والكسائيّ مَعًا، ومَدَّاها.
وَقَالَ شمر: امرأةٌ ضَهْياء وضَهْواء بِالْوَاو وَالْيَاء.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فلانٌ ضَهِيُّ فلَان، أَي نظيرُه.
وَفِي الحَدِيث (أشَدُّ النَّاس عذَابا يومَ الْقِيَامَة الَّذين
يُضاهُون خَلْقَ الله) ، أَرَادَ المصوِّرِين، وَكَذَلِكَ معنى قولِ
عمر لكعب: ضاهَيْتَ اليهوديةَ، أَي عارضتَها.
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: المضاهاةُ المتابَعة، يُقَال:
فلَان يُضاهي فلَانا، أَي يُتابِعه.
ضهو: عمر عَن أَبِيه: الضَّهْوة: بِركةُ المَاء، والجميع أضْهَاء.
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: ضاهأْتُ الرجلَ: رَفَقْتُ بِهِ.
ورُوِي أنّ عِدّةً من الشُّعَرَاء دَخَلوا على عبدِ الْملك، فَقَالَ:
أَجِيزوا:
وضَهْيَاءَ من سِرِّ المَهارِي نَجيبةٍ
جلستُ عَلَيْهَا ثمَّ قلت لَهَا إخِّ
فَقَالَ الرَّاعِي:
لِنَهْجَعَ واستَبْقَيتُها ثمَّ قَلَّصَتْ
بسُمْرٍ خِفافِ الوَطْءِ واريةِ المُخِّ
والضَّهْيَاء من النُّوق: الَّتِي لَا تَضْبَع وَلَا تَحمِل، وَمن
النِّسَاء: الَّتِي لَا تحيض.
هيض: رُوي عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت فِي أَبِيهَا: (لَو نَزَل
بالجبال الراسيات مَا نَزَل بِأبي لهاضَها) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ وغيرُه: قولُها: لَهاضَها، الهَيْض:
الكَسْر بعد جُبورِ العَظْم، وَهُوَ أشدّ مَا يكون من الكَسْر،
وَكَذَلِكَ النُّكْس فِي المَرَض بعد الِانْدِمَال. وَقَالَ ذُو
الرُّمّة:
وَوجه كقَرْن الشَّمْس حُرّ كَأَنَّمَا
تَهيضُ بِهَذَا القَلْب لَمْحتُه كَسْرا
وَقَالَ القطاميّ:
إِذا مَا قلتُ قد جَبَرتْ صُدُوعٌ
تُهاضُ وَمَا لماهِيضَ اجتِبار
(6/192)
وَقَالَ اللَّيْث: الهَيْضة: معاوَدة
الهَمّ والحُزْن، والمَرْضة بعد المَرْضة.
وَقَالَ غيرُه: أَصَابَت فلَانا هَيْضَةٌ، إِذا لم يوافِقْه شَيْء
يأكُلُه وتغيَّر طبعُه، وَرُبمَا لَان من ذَلِك بطنُه فكثُر اختلافُه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُستهاض: الْمَرِيض يَبرأ فيَعمل عملا يَشُقُّ
عَلَيْهِ، فيُنْكَس.
وهض: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال لِما اطمأنّ من الأَرْض: وَهْضة.
وَقَالَ أَبُو السَّميْدَع: هِيَ الوهْضة والوَهْطة وَذَلِكَ إِذا
كَانَت مُدَوَّرة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول عَائِشَة: لَهاضَها؛ أَي لألانَها.
والهَيْضُ: اللِّين.
(بَاب الْهَاء وَالصَّاد)
(هـ ص (وَا يء))
صهى، (صهوة) ، وهص، هيص، هصى: مستعملة.
صهى: قَالَ اللَّيْث: الصَّهْوة: مؤخَّر السَّنام، وَهِي الرادفة
ترَاهَا فَوق العَجُز مؤخَّرَ السَّنام. وَقَالَ ذُو الرمَّة يصف
نَاقَة:
لَهَا صَهْوَةٌ تتلو مِحالاً كَأَنَّهَا
صَفاً دَلَصَتْه طَحْمَةُ السَّيلِ أخلَقُ
قَالَ: والصَّهَوات مَا يُتخذ فَوق الرَّوابي من البُروج فِي أعاليها،
وَأنْشد:
أَزْنأَنِي الحُبُّ فِي صُهَا تَلَفٍ
مَا كنتُ لَوْلَا الرَّبابُ أَزْنَؤُها
وَقَالَ النَّضر: الصَّهْوة: مكانٌ متطامِن أحدَقت بِهِ الْجبَال،
وَهِي الصُّهاوية؛ سُمِّيتْ صَهْوَةُ الفَرَس وَهُوَ مَوضِع لِبْدِه من
الظَّهر لِأَنَّهُ متطامِن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الصَّهَوات أوساطُ المَتْنَيْن إِلَى
القَطاة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصَّهْوة أَعلَى كلِّ شَيْء، وَأنْشد:
فأقسَمْتُ لَا أَحْتَلُّ إلاّ بصَهْوَةٍ
حَرامٍ عليَّ رَمْلُه وشَقائِقُهْ
(ابْن الْأَعرَابِي: تَيْسٌ ذُو صَهَوات، إِذا كَانَ سميناً، وَأنْشد:
ذَا صَهَواتٍ يَرتَعِي الأَدلاسا
كأنَّ فوقَ ظَهْرِه أَحلاسا
مِن شَحمِه ولَحمِه دِحاسا
(ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: هاصاه، إِذا كَسَر صُلبَه، وصاهاه إِذا
رَكِب صَهْوَته. قَالَ: وصَهَا، إِذا كَثُر مالهُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعَل
يَندَى، قيل: صَها يَصْهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: صِهْيَوْنُ هِيَ الرُّوم، وَقيل: بَيت المَقدِس.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَإِن أَحْلبَتْ صِهْيَوْنُ يَوْمًا عَلَيْكُمَا
فإِنّ رَحَا الحَرْب الدَّكُوك رَحَاكُما
هصى: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأهْصاء الأشِدَّاء. وَقَالَ:
هَصَى، إِذا أسَنَّ.
وهص: قَالَ اللَّيْث: الوَهْص: شِدَّةُ غَمزِ وَطْء القَدَم على
الأَرْض، وَأنْشد:
على جِمالٍ تَهِضُ المَواهِصا
(6/193)
وَكَذَلِكَ إِذا وَضَع قدمَه على شَيْء
فشَدَخه. تَقول: وهَصَه.
وَفِي حَدِيث عمر: من تَوَاضعَ رفعَ الله حكْمَتَه، وَمن تكبَّر وعَدا
طَوْزَ، وَهَصَه الله إِلَى الأَرْض.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قولُه وَهَصه يَعْنِي كَسَره ودَقَّه، يُقَال:
وهَصْتُ الشَّيْء وَهْصاً ووَقَصْتُه وَقْصاً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ شمر: سَأَلت الكلابِيّين عَن قَوْله:
كأنّ تَحت خُفِّها الوَهّاصِ
مِيظَبَ أُكْمِ نِيطَ بالمِلاصِ
فَقَالُوا: الوَهّاص: الشَّديد. والمِيظَب: الظُّرَر، قَالَ: والمِلاصُ
الصَّفا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوَهْص والوَهْسُ والوَهْزُ: وَاحِد، وَهُوَ
شدَّة الغَمْز.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مَوْهوصُ الخَلْق: لازِمٌ عظامُه بعضُها
بَعْضًا، وَأنْشد:
مُوَهَّصٌ مَا يتشكى الفائقا
وَقَالَ ابْن بُزرج: بَنو مَوْهَصَى: هُمُ العَبيد. وَأنْشد:
لحَى الله قوما يُنكِحون بناتِهِم
بَنِي مَوْهَصَى حُمْرَ الخُصَى والحناجِرِ
هيص: أَبُو عَمْرو: هَيْصُ الطير: سَلْحُه، وَقد هاصَ يَهيصُ، إِذا
رَمَى بِهِ.
وَقَالَ العجاج:
مَهايِصُ الطَّيْرِ على الصُّفِيِّ
ويُروَى: (مَواقِعُ الطَّيْرِ)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهَيْصُ: العُنْف بالشَّيْء،
والهَيْصُ: دَقُّ العُنُق.
(بَاب الْهَاء وَالسِّين)
(هـ س (وَا يء))
سَهَا، هسا، وهس، هاس، (يهيس ويهوس) .
سَهْو (سَهَا) : قَالَ اللَّيْث: السَّهْو الغَفْلة عَن الشَّيْء
وذَهابُ الْقلب عَنهُ. وَإنَّهُ لساهٍ بيِّنُ السَّهْو، والسُهُوّ،
وسها الرجلُ فِي صَلاته، إِذا غَفَل عَن شَيْء مِنْهَا.
أَبُو عبيد: السَّهْوة: النَّاقة اللّينة السّير، وَيُقَال: بعيرٌ ساهٍ
راهٍ، وجِمالٌ سَواهٍ رَواهٍ لَواهٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ساهاه: غافَلَه، وهاسَاه، إِذا سَخِر
مِنْهُ، فَقَالَ: هِيسَ هِيسَ.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الأَساهِيّ والأساهيج: ضروبٌ مختلِفة من
سَيْر الْإِبِل.
وَقَالَ غَيره: بغلةٌ سَهْوة، وَهِي اللّيّنة السّير لَا تُتْعِب
راكبها، فَإِنَّهَا تُساهِيه.
قَالَ: والمُساهاة: حُسنُ العِشرة، وَلَا يُقَال للبَغْل: سَهْو،
وَكَذَلِكَ النَّاقة. قَالَ زُهَيْر:
كِنازُ البَضِيع سَهْوَةُ السَّيْر بازِلُ
وَقَول العجاج:
حُلْوُ المُساهاة وإِن عادَى أَمَرّ
قَالَ شمر: حُلْوُ المُساهاه، أَي المُياسرة والمُساهَلة.
ورُوي عَن سَلمانَ أنّه قَالَ: يوشِك أَن يَكْثُرَ أهلُها، يَعْنِي
الكُوفة، فتملأ مَا بَين النّهْرَيْنِ حَتَّى يَغْدُو الرجلُ على
البَغْلة السَّهْوَة فَلَا تُدْرِكُ أقصاها.
(6/194)
وَيُقَال: أفعَلُ ذَلِك سَهْواً رَهْواً،
أَي عَفْواً بِلَا تَقاضٍ.
وَيُقَال: يَروحُ على بني فلَان مِن المالِ مَا لَا يُسْهَى وَلَا
يُنهَى، أَي لَا يُعَدُّ كَثْرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: معنى لَا يُسْهَى لَا يُحزَر.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ذهبتْ تميمٌ فَلَا تُسْهَى وَلَا تُنْهَى،
أَي لَا تُذْكَر.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: البيتُ المُعَرَّس الَّذِي عُمِلَ لَهُ
عَرْس، وَهُوَ الْحَائِط يُجعَل بَين حائطَي البيْت لَا يَبْلُغ أقصاه،
ثمَّ يوضَع الْجَائِز من طَرَف العَرس الدّاخل إِلَى أقْصَى الْبَيْت.
وسُقِّف البيتُ كلُّه، فَمَا كَانَ بَين الحائطَين فَهُوَ السَّهْوَة
وَمَا كَانَ تَحت الْجَائِز فَهُوَ الْمُخْدَع.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: والسَّهْوَة: صُفَّةٌ بَين
بَيْتَيْن أَو مُخْدَع، وجمعُها سِهاء. قَالَ: والسَّهْوَة فِي كَلَام
طَيْىء: الصَّخْرَة الَّتِي يقوم عَلَيْهَا السّاقي. والسّهوة:
الكَنْدُوخ والسهوَة: الرّوشَنُ، والسّهْوة: الغَفْلَة، والسّهْوة:
الكُوَّة بَين الدارَين.
ورَوى الخَرَّاز عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: السّهْوَة: الحَجَلَة
أَو مثل الحَجَلة، والسهوة: بيتٌ على المَاء يَستظِلُّون بِهِ تَنصبه
الْأَعْرَاب.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: قَالَ أَبُو ليلى: السَّهْوة: سُترة تكون
قُدَّام فناءِ الْبَيْت، رُبمَا أحاطت بِالْبَيْتِ شِبْه سُورٍ حول
الْبَيْت.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: حَملتْ بِهِ أمُّه سَهواً، أَي على حَيْض.
وَقَالَ اللَّيْث: المُساهاة حسنُ المخَالقة، وَأنْشد؛
حُلو المُساهاةِ وإنْ عادى أَمَرّ
قَالَ: والسُّهى كُوْيكِب خفيّ صَغِير. يُقَال: إِنَّه الَّذِي يُسمى:
أسلم مَعَ الْكَوْكَب الْأَوْسَط من بَنَات نعش وَمِنْه الْمثل السائر:
(أُريها السُّها وترِيني القَمَرْ)
هسا: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأهْساء:
المتحيِّرون.
هوس هيس: قَالَ اللَّيْث: الهَوَسُ: الطَّوَفان باللَّيل، والطَّلَب
فِي جُرأة، تَقول: أسدٌ هَوَّاس، وَرجل هَوَّاسة: مجرَّب شُجَاع.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الهَوْس: الأكْل الشَّديد.
وَالْعرب تَقول:
النَّاس هَوْسَى، وَالزَّمَان أهْوَسُ
قَالَ: الناسُ يَأْكُلُون طيِّبات الزَّمَان، والزمانُ يأكُلهم
بِالْمَوْتِ.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: هُسْتُه هَوْساً، وهِسْتُه هَيْساً،
ووَهَسْتُه وَهْساً، وَهُوَ الكَسْر والدَّقّ، وأَنشد:
إنَّ لنا هَوَّاسةً عَرِيضاً
قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: الهَوِسةُ من النُّوق: الَّتِي يتردَّد
فِيهَا الضَّبَعة، وَأنْشد:
فِيهَا هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ
أَبُو عبيد: الهَيْسُ: السيْر أيّ ضَرْبٍ كَانَ وأَنشد:
إِحْدَى لياليكِ فهِيسي هِيسِي
(6/195)
لَا تَنعَمِي الليلةَ بالتَّعريسِ
شمر عَن ابْن الأعرابيَّ: إنَّ لُقمان بن عَاد قَالَ فِي صفة النَّمل:
أقبلتْ مَيْسا، وأَدبَرتْ هَيْسا. قَالَ: تهِيس الأرضَ: تدُقُّها.
وَقَالَ اللَّيْث: العَرَب تَقول للغَارة إِذا استباحتْ قَرْيَة
فاستأصَلتْها: هِيسِى هِيسِي، وَقد هِيسَ القومُ هَيْساً.
وَيُقَال: مَا زِلْنا ليلتنا نهِيس، أَي نَسْرِي.
وهس: قَالَ اللَّيْث: الوَهْس: شدَّة السَّيْر، وهَسوا وتوهَّسوا
وتواهَسوا، وسيرٌ وَهِسٌ. والوَهْس أَيْضا فِي شِدّة البُضع والأكْل
وَالشرب وَأنْشد:
كَأَنَّهُ ليثُ عَرِينٍ دِرْباسْ
بالعَثَّرَيْن ضَيْغَمِيٌّ وَهَّاسْ
شمر: الوَهْس: شدّة الغَمْز، ومرَّ يَتوهَّس أَي يَغمِز الأَرْض
غَمْزاً شَدِيدا، وَكَذَلِكَ يَتوهَّز.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: التوهُّس: مَشيُ المثقَل فِي الأَرْض.
وَقَالَ غَيره: الوَهِيسَة (أَن يُطبَخ) الجرادُ ثمَّ يُجفَّف ثمَّ
يُدَقّ ثمَّ يُقمَح ويؤكل بدَسَم.
(بَاب الْهَاء وَالزَّاي)
(هـ ز (وَا يء))
هزأ، زها، (زهَى) ، وهز، هوز.
هزأ: أَبُو عليّ عَن الْأَصْمَعِي: قَالَ يُونُس: إِذا قَالَ الرجلُ:
هَزِئْتُ مِنْك، فقد أَخطَأ، إِنَّمَا هُوَ هَزِئتُ بك واستهزأت بك.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال سَخِرتُ مِنْك، وَلَا يُقَال
سَخِرْتُ بك.
قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا رَوَى لَهُ ابْن الفَرَج: نَزَأْتُ
الرَّاحلَة وهَزَأْتُها إِذا حرَّكتهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الهُزْءُ: السُخْرية، يُقَال: هَزِىءَ بِهِ يهزَأ
بِهِ واستهزأ بِهِ. وَرجل هُزَأَةٌ يَهَزَأُ بالنَّاس، وَرجل هُزْأَة:
يُهزأُ بِهِ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {) (الْبَقَرَة: 14، 15)
قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُو صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ اللَّهُ
يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي} الْقِرَاءَة الجيِّدة على
التَّحْقِيق، فَإِذا خَفَّفتَ الهمزَ جعلتَ الْهمزَة بَين الْوَاو
والهمزة فَقلت: مُستهزِئون، فَهَذَا الِاخْتِيَار بعد التَّحقيق.
وَيجوز أَن يُبَدل مِنْهَا ياءٌ، فَيُقَال: مستهزِيُون فَأَما
مُستهْزون فضعِيف، لَا وجهَ لَهُ إلاّ شاذّاً على قَول من أَبدَل من
الْهمزَة يَاء فَقَالَ فِي استهزأت: استهزيت، فَيجب على استهزَيْت
مُسْتهزُون.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {الله يستهزىء بهم أَي يُجازِيهم على هُزْئهمْ
بِالْعَذَابِ، فسُمِّي جزاءُ الذَّنْب باسمه، كَمَا قَالَ الله جلّ
وعزّ: {يَنتَصِرُونَ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ
عَفَا} (الشّورى: 40) .
شمر عَن ابْن الأعرابيِّ: أَهزَأَه البَرْدُ. وأَهرأَه، إِذا قَتَلَه
ومثلُه أزعَلَه وأَرْغَلَهُ فِيمَا تعَاقَب فِيهِ الزّاي والرَّاء.
زها: فِي (النَّوَادِر) زَهَوْتُ فلَانا بِكَذَا أَزْهَاه، أَي
حَزَرْتُه، وزهوْته بالخشبة: ضَربته بهَا.
(6/196)
وَقَالَ اللَّيْث: الزّهْو: الكِبْر
والعَظَمة، وَرجل مَزْهُوٌّ، أَي معجَب بِنَفسِهِ.
قَالَ: والرِّيح تَزْها النَّباتَ، إِذا هَزَّتْه بعد غِبِّ الْمَطَر.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
فِي أقحوانٍ بلَّه طَلُّ الضّحا
ثمَّ زَهَتْه ريحُ غَيمٍ فازدَهَا
والسراب يَزْها القُورَ والحُمُولَ كأنّه يَرفَعها.
قَالَ: والأمواجُ تَزْها السَّفِينَة. تَرفَعها.
وازدهَيْتُ فلَانا، أَي تهاونْتُ بِهِ. والزَّهْو: الفَخْر، وَقَالَ
الهذليّ.
مَتى مَا أَشأْ غير زَهْوِ الملو
كِ أجعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ
وروى أنسُ بن مَالك (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَن
بيع الثّمر حَتَّى يَزْهُو. قيل لأَنَس: وَمَا زَهْوُه؟ قَالَ: أَن
يَحْمَرَّ أَو يَصْفَرَّ) .
وروى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهَى عَن بَيْع
النَّخْل حَتَّى يُزْهِيَ.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: زها النبتُ إِذا نَبَتَ ثمرتُه،
وأَزْهَى، إِذا احمرّ أَو اصفرّ.
قَالَ: وَزَها النباتُ: طَال واكتَهل وَأنْشد:
أَرَى الحُبَّ يَزْها لي سَلامة كَالَّذي
زَهَا الطَّلُّ نَوْراً واجهَتْه المَشارِقُ
يُرِيد: يزيدها حُسْناً فِي عَيْني.
وروى ابْن شُمَيْل عَن أبي الْخطاب أَنه قَالَ: لَا يُقَال إلاّ
يُزْهِي للنَّخْل، قَالَ: وَهُوَ أَن يحْمرّ أَو يصفَرّ، قَالَ: وَلَا
يُقَال: يَزْهُو.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ظهرتْ فِيهِ الْحمرَة قيل: أَزْهَى.
وَقَالَ خالدُ بن جَنْبة: زُهِيَ لنا حَمْلُ النَخْل فنَحسِبه أكثرَ
ممّا هُوَ، وزُهِيَ فلانٌ، إِذا أُعجِب بِنَفسِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: زَهْوُ النَّبَات: نَوْرُه.
قَالَ: وَيُقَال: يَزْهُو فِي النّخل خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ يُزْهِي؛
والإزْهاء أَن يحمرَّ أَو يصفَرَّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ظَهَر فِي النَّخل الحُمْرة، قيل:
أَزْهَى يُزْهِي، وَهُوَ الزَّهْو، وَفِي لغةِ أهلِ الحجار: الزُّهُوّ.
اللَّيْث: الزَّهْو: المنظَر الحَسَن والنّبت الناضر.
ابْن بُزُرج: قَالُوا: زُهاءُ الدُّنْيَا: زينتها وإيناقُها.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا وَردت الإبلُ الماءَ فشربتْ، ثمَّ
سارتْ بعد الوِرْد لَيْلَة أَو أَكثر، وَلم تَرْع حَولَ المَاء، قيل:
زَهْت تَزْهو زَهْواً، وَقد زَهَوْتها أَنا، بِغَيْر ألف.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّهْو أَن تَشرب الإبلُ ثمَّ تُمدّ فِي طلب
المَرعَى وَلَا ترعَى حولَ المَاء. وَأنْشد:
من المؤلفات الزَّهْوَ غيرِ الأَوارِكِ
وَقَالَ أَبُو سعيد: لَا أعرِف مَا قَالَ فِي الزَّهْو، قَالَ: وَقَالَ
ابْن الْأَعرَابِي: الْإِبِل إبلان: إبلٌ زاهية زالَةُ الأحْناكِ لَا
تَقْرَب العِضاهَ، وَهِي الزَّواهِي، وإبلٌ عاضِهةٌ
(6/197)
ترعَى العِضاهَ وَهِي أحمَدُها وخَيرُها،
وَأما الزّاهية الزّالّة الأحْناك عَن العِضاه فَهِيَ صاحبةُ الحَمْضِ
وَلَا يُشبِعها دُون الحَمْض شَيْء.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: والزَّهْو: الكذِب. وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَلَا تقولَنَّ زَهْوٌ مَا تُخبِّرني
لم يَترك الشَّيْبُ لي زَهْواً وَلَا العَوَرُ
الأصمعيّ: فِي فلَان زَهْو أَي كِبْر، وأصلُه الاستخفاف، وَقد زُهِيَ
يُزْهَى زَهْواً إِذا كَانَ بِهِ كِبْر. وَلَا يُقَال: زَهَى. وازدَهَى
فلانٌ فلَانا، إِذا استخفّه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: هم زُهاءُ مائَة، أَي قَدْرُ مائَة، وهم
قومٌ ذَوُو زُهاءٍ، أَي ذَوُو عَدَدٍ كثير، وَأنْشد:
تقلّدْتَ إبريقاً وعَلَّقْتَ جَعْبَةً
لتُهلِكَ حَيّاً ذَا زُهاءٍ وجامِنِ
الإبريق: السَّيْف، وَيُقَال: قوْسٌ فِيهَا تَلاميع.
أَبُو عبيد، زَهَت الشاةُ زَهْواً، إِذا أَضْرَعَتْ ودَنا وِلادُها.
وزُهَاءُ الشَّيْء: شخصُه.
وَيُقَال: زَها المُرَوِّحُ المِرْوحةَ وزَهّاها، إِذا حَرَّكها.
وَقَالَ: مُزاحمٌ العُقَيليّ يصف ذَنَب الْبَعِير:
كمِرْوحة الدّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّوها
بكفِّ المزَهِّي سَكْرةَ الرِّيح عُودُها
فالمُزَهِّي: المحرِّك. زَهاه وزَهَّاهُ، يَقُول: هَذِه المِروحةُ
بكَفّ المُزَهِّي: المحرِّك لسكون الرِّيح.
اللِّحياني: رجل إنْزَهوٌ ورجالٌ إنْزَهْوُون، إِذا كَانُوا ذَوِي
كِبْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: زهَا البُسْر وأَزْهَى وزهَّى،
وشَقَّح، وشَقَح، وأَشَقَح وأَفْضَحَ لَا غير.
قَالَ: والزَّهْوُ: الكِبْر، والزَّهو الكَذِب، والزَّهو: الظُّلْم،
وَمِنْه قَوْله:
مَتى مَا أشأ غيرَ زَهْوِ المُلوك
وَقَالَ أَبُو زيد: زَكا الزرعُ وزَها، إِذا نَمَا، وَقَالَهُ
اليَزيديّ. قَالَ: وازدَهاه وازدَفاه إِذا استَخَفّه.
شمِر عَن خَالِد بن جَنْبَه، قَالَ: الزَّهْو من البُسْر حِين يَصفَرَّ
ويحمرَّ ويَحِلّ جَزْمُه، قَالَ: وجَزْمُه للشِّراء والبَيْع. قَالَ:
وَأحسن مَا يكون النّخل إِذْ ذَاك، قَالَ: وزُهِيَ فلانٌ إِذا أُعجِب
بِنَفسِهِ.
وَيُقَال: لَهُ إبلٌ زُهاءُ مائَة ولُهَاءُ مائَة أَي قَدْرُ مائَة.
وَكم زُهاؤكُمْ، أَي حَزْرهم، وَأنْشد:
كأنّما زُهاؤه لمنْ جَهَرْ
وَفِي الحَدِيث: (إِذا سمعتُم بناسٍ يأْتونَ من قِبَل الْمشرق أُولِي
زُهاء يعجَب الناسُ من زِيِّهم، فقد أظلّت الساعةُ) . قَوْله: أُولي
زُهاء: أولي عددٍ كثير.
وهز: أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: وهَزْتُه ولَهَزْتُه ونَهَزْتُه
بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأَوهَزُ الحسَن المِشْية، مأخوذُ من
الوَهازة، وَهِي مِشية الخفِراتِ.
(6/198)
وَمِنْه قولُ أمّ سَلَمة لعَائِشَة:
قُصارَى النِّساء قِصَرُ الوِهازة.
وَقَالَ ابْن مُقبل يصِف نسَاء:
يَمِحْن بأطرافِ الذُّيولِ عَشِيّةً
كَمَا وَهَزَ الوعْثُ الهِجانَ المُزَنَّما
شبَّه مَشْيَ النِّسَاء بمشي إبلٍ فِي وَعْثٍ قد شَقَّ عَلَيْهَا.
وَقَالَ رُؤْبة:
كلُّ طَويلٍ سَلبٍ وَوَهْزِ
قَالُوا: الوَهْز الغليظ الرَّبْعَة. وَقَالَ شمِر: يُقَال: ظَلّ
يتوهّز فِي مِشْيته ويتَوهّسُ، أَي يَغمِز الأَرْض غَمْزاً شَدِيدا.
ووَهَز القَملَة إِذا قَصَعَها، وَأنْشد شمر:
يَهِزُ الهَرانِعُ لَا يَزالُ ويَفتَلي
بأذلَّ حيثُ يكونُ مَن يتذَلَّلُ
والوَهْز: الشديدُ الملزَّزُ الخَلْق.
هوز: الحرّاني، عَن ابْن السكّيت: مَا أَدْرِي أيَّ الهُوز هُوَ؟ وَمَا
أَدْري أيُّ الطَّمْس هُوَ؟ وَقَالَ أَبُو العبّاس: يُقَال: مَا فِي
الهُوز مِثلُه. ومافي الغاطِ مِثلُهُ، أَي لَيْسَ فِي الخَلْق مِثلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَهْواز: سَبْعُ كُوَرٍ بَين البَصْرة وَفَارِس،
لكلّ كُورة مِنْهَا اسْم ويجمعهنّ الأهْوازُ، وَلَا يُفرَد وَاحِدَة
مِنْهَا بَهوْزٍ.
وهَوَّز: حروفٌ وُضعتْ لحساب الجُمَّل، الْهَاء خَمْسَة، وَالْوَاو
سِتَّة، وَالزَّاي سَبْعَة.
(بَاب الْهَاء والطاء)
(هـ ط (وَا يء))
طها، هيط، (طه) ، وهط، هطى: مستعملة
هطا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هَطا، إِذا رَمَى، وطَهَا إِذا
أَذْنب. قَالَ: والهُطَى: الصِّراع، والهُطَى: الضَّرب الشَّديد.
طها: فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أنَّه ذكر حَدِيثا عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ: أسَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ: أَنا مَا
طَهوِي؟ قَالَ أَبُو عبيد: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبه، لِأَن الطَّهْوَ فِي
كَلَامهم الإنضاجُ للطعام، وَرجل طاهٍ وقومٌ طُهاةٌ. وَقَالَ: امْرُؤ
الْقَيْس:
فَظَل طُهاةُ اللَّحْم مِنْ بَين مُنْضِجٍ
صَفِيفَ شِواء أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ
قَالَ أَبُو عُبَيد: فتَرَى أنَّ أَبَا هُرَيرة جَعَل إحكامَه
للْحَدِيث وإتقانَه إيّاه، كالطّاهي المُجِيد المُنضِج لطعامِه،
يَقُول: فَمَا كَانَ عَملي إنْ كنتُ لم أَحْكِمْ هَذِه الرّواية
الَّتِي رَوَيْتُها عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كإحكام
الطّاهي للطّعام، وَكَانَ وَجْهُ الْكَلَام أَن يَقُول: فَمَا طَهْوِي؟
أَي فَمَا كَانَ إِذا طَهْوِي؟ ولكنّ الحَدِيث جَاءَ على هَذَا اللّفظ.
قلت: والّذي عِنْدِي فِي قَوْله: (أَنا مَا طَهْوِي) : أَنا أيُّ شَيْء
طَهْوِي، على التَّعَجُّب، كأنّه أَرَادَ أيُّ شَيْء حِفْظي وإحكامي
مَا سمعتُ.
قلت: ورَوَى أحمدُ بنُ يحيى عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطُّهَى:
الذَّنْب من قَول أبي هُرَيرة: (أَنا مَا طَهْوِي) أَي مَا ذَنْبي
إنّما قَالَه النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت: وقولُ ابْن الأعرابيّ أشبه بِمَعْنى الحَدِيث وَالله أعلم وَهُوَ
حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل.
قَالَ: والطُّهَى: الطَّبيخ.
(6/199)
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّهْوُ: علاجُ اللّحم
بالشَّيِّ والطَّبخ، والطاهي ذُوه؛ يُقَال: هُوَ يَطْهو اللَّحْم
طَهْواً وَيُقَال: يَطْها.
عَمْرو عَن أَبِيه: أطهَى حَذَق صِناعَته.
وَطَهَت الإبلُ تَطَهى طَهْياً، إِذا انتشَرَتْ فذهبتْ فِي الأَرْض.
وَقَالَ:
ولَسْنا لِباغي المُهْمَلات بِقِرْفةٍ
إِذا مَا طَهَا بالليلِ مستتراتُها
ورَواه بَعضهم: إِذا ماطَهَا، من مِاط يَمِيط:
مَدَّ لَنا فِي عُمْرِه رَبُّ طَهَا
أَرَادَ رَبُّ طه السُّورَة
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الطَّهاءُ والطَّخاء والطَّخاف والعَماء،
كلُّه السَّحَاب المرتفِع.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ قَالَ: إِذا نُسِب إِلَى طُهَيَّة قيل:
طُهَوِيّ وطَهَوِيّ وطُهْوِيّ. قلت: من قَالَ طَهَوِيّ جَعل الأصلَ
طَهْوَه أنشدَ الباهليّ للأَحول الكِنديّ:
وليت لنا من ماءِ زمزمَ شربَةً
مبرَّدةً باتت على الطَّهَيانِ
الطهيان اسْم قُلة جبلٍ وَفِي (النَّوَادِر) : مَا أَدْرِي أيّ
الطَّهْياء هُوَ؟ وَأي الضَّحياء هُوَ؟ وأيُّ الوضَح هُوَ؟
وهط: فِي حَدِيث ذِي المشْعار الهَمْدانيّ: على أنّ لَهُم وِهَاطها
وعَزازها.
قَالَ القُتَيبيّ: الوِهاط: المواضعُ المطمئنَّة، واحدُها وَهْط، وَبِه
سُمِّي الوَهْط، وَهُوَ مالٌ كَانَ لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
بالطَّائف.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَهْط: الْمَكَان من الأَرْض المطئنُّ المستوي
يُنْبِت العِضَاهَ والسَّمُرَ بِهِ الطَّلْح والعُرْفُط وَهِي الوِهاط.
قَالَ: والوَهْط: شِبْه الوهن والضَّعف، يقالُ رَمَى طائراً فأَوْهطَه،
وأَوْهطَ جَناحَه، وَالْفِعْل: وَهط يَهِط، أَي ضَعُف.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: الإيهاط أَن يَصرَعه صَرعةً لَا يَقُوم
مِنْهَا.
وَقَالَ عرَّام السُّلميُّ: أَوْرَطْتُ الرجلَ وأَوْهطْتُه، إِذا
أوقَعْتَه فِيمَا يكره.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وهطَه ووَهصه، إِذا كَسَره، وَأنْشد:
يمرُّ أخفافاً يَهِطْن الجنْدَلا
هيط: سمعتُ الْمُنْذِرِيّ يَقُول: سمعتُ أَبَا طَالب يَقُول فِي
قَوْلهم: مَا زلْنا بالهِيَاط والمِيَاط.
قَالَ الفَرّاء: الهِياط: أشدُّ السَّوْق فِي الوِرْد والمِيَاط: أشدُّ
السَّوْق فِي الصّدَر.
قَالَ: وَمعنى ذَلِك بالمجيء والذهاب.
وَقَالَ اللحياني: الهياط: الإقبال، والمياط: الإدبار.
وَقَالَ غَيرهمَا: الهياط: اجْتِمَاع النَّاس للصُّلح، والمياط:
التَّفَرُّق عَن ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الهياط الدُّنُوّ، والمياط: التباعُد. وَقد أُمِيتَ
فِعلُ الهياط.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: تهايط الْقَوْم تهايُطاً، إِذا اجْتَمعُوا
وَأَصْلحُوا أَمرهم، وتمايَطُوا تمايُطاً: تَباعَدُوا وَفَسَد مَا
بَينهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُطْ هُطْ، إِذا أمرتَه بالذهاب
والمجيء. وَيُقَال: بَينهمَا
(6/200)
مُهايَطة ومُمايَطة ومغايطة ومُشايطة:
كلامٌ مُخْتَلف فِي (نَوَادِر الأعرابيّ) .
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهائط: الذَّاهِب، والمائط: الجائي.
وَيُقَال: هاطاه، إِذا اسْتَضْعَفَه.
(بَاب الْهَاء وَالدَّال)
(هـ د (وَا يء))
هدى، هدأ، دها، (دهي، دهو) دها، هاد، وهد، وده، دهدى.
هدى: قَالَ اللَّيْث: الهُدَى: نقيض الضَّلَالَة. وَيُقَال: هُدِيَ
فاهْتَدَى.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {قُلِ اللَّهُ يَهْدِى
لِلْحَقِّ} (يُونس: 35) يُقَال: هَدَيْتُ إِلَى الْحق، وهدَيْتُ للحق،
بِمَعْنى وَاحِد؛ لِأَن هَدَيْتُ يتعدّى إِلَى المَهْدِيِّين، وَالْحق
يتعدَّى بِحرف جرّ، الْمَعْنى الله يَهدِي من يَشَاء إِلَى الْحق.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الهُدَى: البَيان، والهُدَى:
إِخْرَاج شَيْء إِلَى شَيْء، والهُدَى أَيْضا: الطَّاعَة والوَرَع.
والهُدَى الْهَادِي فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ
هُدًى} (طاه: 10) أَي هادِياً.
قلت والطريقُ يسمَّى هُدًى، وَمِنْه قولُ الشماخ:
وَقد وَكَّلَتْ بالهُدَى إنسانَ ساهِمَةٍ
كَأَنَّهُ من تمَامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَمَّن لاَّ يَهِدِّى صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلاَّ أَن يُهْدَى} (يُونُس: 35) يَقُول: تَعْبدُونَ مَا لَا
يَقدِرَ على أَن ينْتَقل من مَكَانَهُ إِلَّا أَن تنقلُوه.
وَقَالَ الزّجاج: قرىء: {ُ} أمْ مَن لَا يَهْدِي بِإِسْكَان الْهَاء
وَالدَّال.
قَالَ: وَهَذِه قِرَاءَة مَرْوية، وَهِي شَاذَّة.
قَالَ: وَقِرَاءَة أبي عَمْرو: {أَمن لَا يهدى بِفَتْح الْهَاء،
وَالْأَصْل: يَهتَدي، وَقِرَاءَة عَاصِم (أَمن لَا يهدى) بِكَسْر
الْهَاء بِمَعْنى يَهتَدي أَيْضا، وَمن قَرَأَ (أمّن لَا يَهْدِي)
خَفِيفَة فَمَعْنَاه يَهتَدي أَيْضا. يُقَال: هَدَيْتُه فَهَدِي، أَي
اهتَدَى.
وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله جلّ وعزّ: {يُنصَرُونَ وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى
فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ
يَكْسِبُونَ} (فُصّلَت: 17) أَي بَيَّنا لَهُم طريقَ الهُدَى وَطَرِيق
الضَّلَالَة، فاستحبُّوا، أَي آثروا الضَّلَالَة على الهُدَى. وَقَوله
جلّ وعزّ {أَعْطَى كُلَّ شَىءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (طاه: 50) قَالَ:
مَعْنَاهُ خَلَقَ كلَّ شَيْء على الْهَيْئَة الَّتِي بهَا يَنتَفِع
وَالَّتِي هِيَ أصلح الخَلْق لَهُ، ثمَّ هداه لمعيشته، وَقد قيل: ثمَّ
هداه لموْضِع مَا يكون مِنْهُ الوَلَد، وَالْأول أبيَن وأوضح.
وَقَالَ الأصمعيّ: هداه يَهْدِيه فِي الدّين هُدًى، وهَداه يَهْدِيه
هِدَايةً، إِذا دَلَّه على الطَّرِيق، وهَدَيْتُ العَروسَ فَأَنا
أهْدِيها هِداءً وأَهْدَيْتُ الهَدِيَّةَ إهداءً، وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ
إِلَى بَيت الله إهداءً، والهَدْي خَفِيف، وَعَلِيهِ هَدْيةٌ، أَي
بَدَنةٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الهَدِيّ: الرجلُ ذُو الحُرْمة، وَهُوَ أَن
يَأْتِي القومَ يستجيرُهم أَو يأخذُ مِنْهُم عَهداً، فَهُوَ هَدِيّ مَا
لم يُجَر أَو يَأْخُذ العَهْد، فَإِذا أَخَذ العهدَ أَو أُجِير فَهُوَ
حينئذٍ جارٌ. وَقَالَ زُهير:
فلَم أَرَ معشَراً أسَرُوا هَدِيّاً
وَلم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُستباءُ
(6/201)
وَقَالَ عنترة فِي قِرْوَاشٍ:
هَدِيُّكُم خيرٌ أبَا من أبيكُم
أبرُّ وأَوْفَى بالجِوار وأَحْمَدُ
أَبُو الْهَيْثَم لِابْنِ بزرج: أَهدَى الرجلُ امرأتَه: جَمَعها
إِلَيْهِ وضَمّها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال للأسير أَيْضا: الهَدِيُّ، وَقَالَ
المتلمِّس:
كطُرَيْفه بن العَبْد كَانَ هَدِيَّهم
ضَرَبوا صَميمَ قَذالِه بمُهنَّدِ
قَالَ: وأظنّ الْمَرْأَة إِنَّمَا سميت هدِيّاً لهَذَا الْمَعْنى،
لِأَنَّهَا كالأسيرة عِنْد زَوجهَا، وَقَالَ عنترة:
أَلا يَا دَار عَبلة بالطَّوِيِّ
كرَجْع الوَشْم فِي كفِّ الهَدِيّ
قَالَ: وَقد يجوز أَن تكون سُمِّيتْ هدِيّاً؛ لِأَنَّهَا تُهدَى إِلَى
زَوجهَا، فَهِيَ هَدِيّ فَعِيل فِي معنى مفعول.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي بَاب الْهَاء وَالْفَاء: يُقَال للرّجل إِذا
حَدَّث بِحَدِيث فعَدَل عَنهُ قبل أَن يفرغ إِلَى غَيره: خُذْ عني
هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خُذْ فِيمَا كنت فِيهِ وَلَا تَعدِل عَنهُ.
كَذَا أخبَرَني أَبُو بكر عَن شمِر، وقيَّده فِي كِتَابه المسموع من
شمِر: خُذْ فِي هِدْيَتِك وقِدْيَتِك، أَي خُذ فِيمَا كنتَ فِيهِ
بِالْقَافِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: نَظَر فلانٌ هِدْيَة أمره، أَي جِهة
أمره، وَيُقَال: هَدَيْتُ بِهِ أَي قَصَدْتُ بِهِ.
وَيُقَال: مَا أشبَه هَدْيَه بَهْدِي فلَان، أَي سَمْتَه. وتركَهُ على
مُهَيْدِيته، أَي على حَاله.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: يُقَال: هدَيتُ هَدْيَ فلَان، إِذا سِرتَ
سِيرته.
وَفِي الحَدِيث: (اهْدُوا هَدْيَ عمّار) .
وَقَالَ أَبُو عَدنان: فلَان حَسَن الهَدْي، وَهُوَ حُسن المَذْهب فِي
أُمُوره كلِّها. وَقَالَ زيادُ ابْن زيد العدوِيّ:
ويُخبِرُني عَن غائبِ المرءِ هَدْيُه
كَفَى الهَدْيُ عمّا غَيّبَ المرءُ مُخْبِراً
وفلانٌ يذهبُ على هِدْيَتِه، أَي على قَصْدِه، وأقرأنِي ابنُ
الْأَعرَابِي لعَمْرو بنُ أَحْمَر الباهليّ:
نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه
لمّا اخْتَلسْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ
أَي تَرَك وَجْهَه الَّذِي كَانَ يُريدهُ، وسَقَط لمّا أَن صَرَعتُه.
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو: ضلَّ الموضعَ الَّذِي كَانَ يَقصِد
لَهُ برَوْقِه من الدَّهَش.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال لَيْسَ لهَذَا الْأَمر هِدْيَةٌ، وَلَا
قِبْلة، وَلَا دِبْرَة وَلَا وِجْهَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: لَك عِنْدِي مِثلها هُدَيَّاها.
شمِر، قَالَ ابْن شُمَيْل: اسْتَبَق رَجلان، فلمَّا سبَق أحدُهما
صاحبَه تَبالحَا، فَقَالَ الْمَسْبُوق؛ لَمْ تَسْبِقْني، فَقَالَ لَهُ
السَّابِق: فأَنت على هُدَيّاها، أَي أعاوِدُك ثَانِيَة، وَأَنت على
بُدْأَتِك، أَي أعاوِدُك.
قَالَ شمر: تَبَالحَا أَي، تَجاحَدا.
(6/202)
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إنّ أحسنَ
الهدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد، أَي أحسنَ الطَّرِيق والهِداية والطريقة
والنحو والهيئة.
وَفِي حَدِيثه: كنّا ننظرُ إِلَى هَدْيه ودَلِّه.
قَالَ أَبُو عبيد: وأحدُهما قريبُ الْمَعْنى من الآخر، وَقَالَ عمرَان
بن حطَّان:
وَمَا كَانَ فِي هَدْي عَلَيَّ غَضاضةٌ
وَمَا كنتُ من مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه فِيمَا يُهدَى إِلَى مكَّة من النَّعَم وغيرِه
من مالٍ أَو متاعٍ فَهُوَ هَدِيٌّ وهَدْيٌ، وقُرِىء بِالْوَجْهَيْنِ.
والهِداء: الرَّجل البَليد الضَّعِيف. وَجمع الهَدِيَّة هَدَايَا،
ولُغة أهلِ الْمَدِينَة: هدَاوَى والهَدْيُ السُّكون. قَالَ الأخْطَل:
وَمَا هدَى هَدْيَ مَهزومٍ وَمَا نَكَلا
يَقُول: لمْ يُسرِع إسراعَ المنْهزِم، وَلَكِن على سكونٍ وحُسْن هدْي.
وَقَالَ أَبُو زيد: الهدَاوَى لُغةُ عُلْيا مَعَدّ وسُفْلاها
الْهَدَايَا.
أَبُو بكر: رجلٌ هِداء وهِدان للثقيل الوَخم.
قَالَ الأصمعيّ: لَا أَدْري أَيهمَا سمعتُ أَكثر. قَالَ الرَّاعِي:
هِداءٌ أخُو وَطْبٍ وصاحبُ عُلْبَةٍ
يَرى المجدَ أَن يَلقَى خِلاَء وأمْرُعا
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج فِي مَرَضه
يُهادَى بَين اثْنَيْنِ.
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ أنّه كَانَ يَعتمد عَلَيْهِمَا من ضَعفه
وتمايُله. وَكَذَلِكَ كلُّ من فَعل ذَلِك بأَحدٍ فَهُوَ يُهاديه.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف نسَاء يُهادِين جَارِيَة ناعمةً:
يُهادِين جَمّاء المرافِق وَعْثَةً
كَلِيلةَ حَجم الكَعب رَيّا المخلْخَلِ
فَإِذا فعلتْ ذَلِك المرأةُ فتمايلتْ فِي مشيها من غير أَن يُماشيها
أحد، قيل: هِيَ تَهادَى. قَالَه الأصمعيّ: قَالَ الْأَعْشَى:
إِذا مَا تَأَتَّى تُرِيدُ القيامَ
تَهادَى كَمَا قد رأيتَ البَهِيرا
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَمَا فَضْلَةٌ من أَذْرِعاتٍ هوَتْ بهَا
مُذكَّرَةٌ عَنْسٌ كهادية الضَّحْلِ
أَرَادَ بهاديةِ الضَّحل أتان الضَّحْل، وَهِي الصَّخْرَة الملساء.
وَيُقَال: هُوَ يُهاديه الشِّعْرَ ويُهاجِيه الشِّعر، بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بَعَثَ إِلَى
ضُباعَة وذَبَحت شَاة فطَلَب مِنْهَا، فَقَالَت: مَا بقِي إلاّ
الرَّقبة، فبَعث إِلَيْهَا أنْ أرسِلِي بهَا، فإِنها هاديةُ الشَّاة.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الهادية من كلّ شَيْء أوّله وَمَا
تقدَّم مِنْهُ. وَلِهَذَا قيل: أقبلَت هَوادِي الخَيل، إِذا بَدَت
أعناقُها، لِأَنَّهَا أوَّل شَيْء من أجسادها وَقد تكون الهوادي أوّلَ
رَعِيل يطلعُ مِنْهَا، لِأَنَّهَا المتقدّمة.
يُقَال: قد هَدَت تَهْدِي، إِذا تقدَّمَت. وَقَالَ عَبيد يذكرُ الخَيل:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوَابساً
يَهدِي أوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُرَّبُ
(6/203)
أَي يتقدّمهنّ، وَقَالَ الْأَعْشَى وذَكر
عَشاهُ وأنّ عَصَاهُ تَهديه:
إِذا كَانَ هادِي الْفَتى فِي البلا
دِ صدْرَ القَناةِ أَطاعَ الأمِيرا
فقد يكون إنّما سَمَّى العَصا هادياً؛ لِأَنَّهُ يُمسكُها فهِي
تَهدِيه؛ تَتقدَّمه، وَقد يكون من الْهِدَايَة، لِأَنَّهَا تدلّه على
الطَّرِيق، وَكَذَلِكَ الدَّلِيل يسمّى هادِياً؛ لأنّه يتقدّم القومَ
ويَتبعونه وَيكون أَن يَهديَهم للطريق.
وَقَالَ اللَّيْث: لُغَةُ أهلِ الغَوْر فِي معنى بَيَّنتُ لَك: هدَيتُ
لَك. وَقَوله جلّ وعزّ: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} (طاه: 128) : نبيِّن
بهم.
وهادِياتُ الوَحْش: أوائلها، وَهِي هَوادِيها.
وَيُقَال: فَعَلَ بِهِ هُدَيّاها أَي مثلَها.
وَيُقَال: أهدَى وهدَّى، بِمَعْنى وَاحِد. وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
أقولُ لَهَا هَدِّي وَلَا تَذْخَرِي لحمِي
وَالْعرب تسمِّي الإبلَ هَدِيّاً، يَقُولُونَ: كم هَدِيُّ بني فلَان
أَي كم إبِلُهم، سُمِّيَتْ هَدِيّاً لِأَنَّهَا تُهدَى إِلَى الْبَيْت:
/ /
وَجَاء فِي حَدِيث فِيهِ ذكر السّنَة والْجَدب هَلك الهدِيُّ، وَمَات
الوَدِيّ، أَي هلكَت الإبلُ ويَبِسَ النَّخْل، وامرأةٌ مِهداءٌ بالمدّ،
إِذا كَانَت تُهْدِي لجاراتها وَأما المِهدَى بالقَصْر، فَهُوَ الطَّبق
الَّذِي يُهدَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ المؤرِّج: هاداني فلانٌ الشِّعرَ وهادَيتُه، أَي هاجاني
وهاجَيْتُه.
والهاديَة: الصَّخْرَة الناتئة فِي المَاء. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
مذكَّرة عنسٌ كهادِية الضَّحْلِ
هدأ: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: الهَدَأ مصدَرُ الأهدأ، رجلٌ أَهْدَأ
وَامْرَأَة هَدْآء، وَذَلِكَ أَن يكون مَنكبُه منخفضاً مستوياً، أَو
يكون مائلاً نحوَ الصَّدْر غيرَ منتصب، يُقَال منكِبٌ أَهَدَأ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رجل أهدأ، إِذا كَانَ فِيهِ انحناء، وَأنْشد فِي
صفة الرّاعي:
أَهْدَأُ يَمشي مِشْيةَ الظليمِ
وَقَالَ أَبُو زيد: هَدَأ الرجلُ هدوءاً، إِذا سَكَن.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: يُقَال: نظرتُ إِلَى
هَدئه بالهَمْز، وهديه، قَالَ: وَإِنَّمَا أسقطوا الهمزَة فَجعلُوا
مَكَانهَا الْيَاء، وأصلُها الْهَمْز، من هدَأَ يَهْدَأ، إِذا سكن.
قَالَ: وهَدِىءَ وهتِىءَ، إِذا انحنى.
وَقَالَ اللحيانيّ: أتيتُه بعد هَدْءٍ من اللَّيْل، وَهْدأةٍ هدِىءٍ
على فعيل وهُدُوء على فعُول.
غيرُه: أهدأَت المرأةُ صبيَّها، إِذا قارَبته وسكَّنته لينام، فَهُوَ
مُهْدَأٌ.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
شَئِزٌ جَنْبِي كَأَنِّي مَهْدَأُ
ألصق القَينُ على الدّفّ الإبر
قَالَ: سَمِعت ابْن الْأَعرَابِي يرويهِ: مُهْدَأ وَهُوَ الصبيُّ
المعَلَّل لينام، وَرَوَاهُ غيرُه: كَأَنِّي مَهْدَأ، أَي بعد هَدْءٍ
من اللَّيْل.
وده: أَبُو عبيد عَن الْفراء: استودَهت الإبلُ واستَيْدَهَتْ بِالْوَاو
وَالْيَاء إِذا اجْتمعت،
(6/204)
وانساقت، وَمِنْه استيداهُ الْخصم، إِذا
غُلِب فانقاد، وَيُقَال: استَوْدَهَ الخصمُ.
وَأنْشد الأصمعيّ لأبي نُخَيلَة:
حَتَّى اتلأبُّوا بعد مَا تبدُّدِ
واستَيْدَهوا للقَرَب العَطَوَّدِ
أَي انقادوا وذَلُّوا، وَهَذَا مَثل.
وَقَالَ ابْن السّكيت: استَوْدَهَ الخصمُ واستتَيْده، إِذا غُلِب ومُلك
عَلَيْهِ أَمرُه. وَقَالَ غَيره: استيده الأمرُ، واستنده وايْتَدَه،
وانْتَدَه إِذا اتلأبَّ:
وَفِي (النَّوَادِر) : والوَدْهاء: الحسَنة اللَّوْن فِي بَيَاض.
دها: قَالَ اللَّيْث: الدَّهْيُ والدَّهْوُ: لُغَتَانِ فِي الدَّهاء.
وَيُقَال: دهوتُه ودهَيتُه فَهُوَ مَدْهُوٌّ، ومدهِيٌّ، ودهيته ودهوته،
نَسَبتُه إِلَى الدَّهاء، وَرجل داهيةٌ، أَي مُنْكَرٌ بصيرٌ بالأمور.
وتدهَّى الرجُل: فعل فعلَ الدُّهاة والمصدر الدَّهاء. وَكَذَلِكَ كلُّ
مَا أَصَابَك من مُنكَر من وَجه المأْمَن، تَقول: دُهِيتُ، وَكَذَلِكَ
إِذا خُتِلْتَ عَن أمرٍ والدَّهياء هِيَ الداهية من شَدَائِد الدَّهْر
وَأنْشد:
وأخو محافظَة إِذا نزلتْ بِهِ
دَهياءُ داهيةٌ من الأزْمِ
ابْن بُزرج: دَهِي الرجُل ودَهَى وَهُوَ يدَهى ويدهو، كلُّ ذَلِك
للرّجل الداهية.
قَالَ العجّاج:
وبالدَّهاء يُخْتَلُ المدْهِيُّ
وَقَالَ:
لَا يعْرفُونَ الدَّهْيَ من دهائها
أَو يَأْخُذ الأَرْض على مِيدائها
ويروى: الدَّهْوَ من دَهائها
وَيُقَال: غَرْبٌ دَهْيٌّ، أَي ضخم.
قَالَ الراجز:
الغَرْبُ دَهْيٌ غَلْفَقٌ كبيرُ
والحوضُ من هَوْذَلِه يَفُور
هَوْذَلِه: صَبُّه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال من الدهاء داهيةٌ دَهياء، وداهية دَهواء.
وَقَالَ اللحيانيّ: دها فلانٌ يَدْهَا ويَدْهو دَهاءً ودهاءَة، ودَهِيَ
يدَهى دَهاء ودهياً، وَإنَّهُ لدَاهٍ، ودَهِيٌّ وَدَهٍ؛ فَمن قَالَ:
داهٍ قَالَ: من قوم دُهاة، وَمن قَالَ: دَهِيٌّ قَالَ: من قوم أدْهياء،
وَمن قَالَ دَهٍ قَالَ: من قومٍ دَهِين، مِثلُ عَمِين.
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدَّهِيُّ: الْعَاقِل.
وَيُقَال: هُوَ داهٍ ودَهٍ، ودَهِيّ.
وَمَا دهاك، أَي مَا أَصَابَك.
وَيُقَال: دهدَيْتُ الحجرَ ودهدهته فتَدَهْدَى وتدَهْدَهَ، وَيُقَال:
مَا أَدْرِي أيُّ الدَّهْداء هُوَ؟ أَي أيّ الْخلق هُوَ. وَقَالَ:
وَعِنْدِي للدَّهداء النائين.
هود هيد: قَالَ اللَّيْث: الهَوْد: التَّوْبَة. قَالَ الله جلّ وعزّ:
{إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} (الأعرَاف: 156) أَي تُبنا إِلَيْك.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَسَعِيد بن جُبَير،
وَإِبْرَاهِيم، والهُودُ: هم الْيَهُود، هادُوا يهودُون هوداً،
وسُمِّيت اليهودُ اشتقاقاً من هادُوا، أَي ثابوا.
(6/205)
وَقَالَ الزّجاج: قَالَ المفسّرون فِي
قَوْله جلّ وعزّ: {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} (الأعرَاف: 156) إِنَّا
تُبْنا إِلَيْك، وَأما قَوْله جلّ وعزّ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ
حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ} (الأنعَام: 146) فَمَعْنَاه دَخَلوا فِي
الْيَهُودِيَّة.
وَفِي الحَدِيث: (كلّ مَوْلُود يُولَد على الفِطرة فأَبَواه يُهوِّدانه
أَو ينصِّرانه) ، مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يعلِّمانه دينَ اليهوديّة
ويُدخِلانه فِيهِ.
وَقَالَ الْفراء، فِي قَول الله: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ
إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (البَقَرَة: 111) .
قَالَ: يُرِيد يَهُوداً، فحذَف الْيَاء الزَّائِدَة ورَجَع إِلَى
الفِعل من الْيَهُودِيَّة، وَهِي فِي قِرَاءَة أُبَيّ: (إِلَّا من
كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا) .
قَالَ: وَيجوز أَن يُجْعَل هُوداً جمعا، واحدُه هائد وهُود، مثل جائل
وعائط من النُّوق، والجميع جُولٌ وعُوط، وَجمع اليَهودِيّ يَهود، كَمَا
يُقَال فِي جمع المَجُوسيّ مجُوس، وَفِي جمع العَجَميّ والعربيّ عَرَب
وعَجَم.
أَبُو عبيد، التهوُّد: التَّوْبَة وَالْعَمَل الصَّالح وَقَالَ
زُهَيْر:
سِوَى رُبَعٍ لَم يأْتِ فِيهَا مخانةً
وَلَا رَهقاً مِن عائدٍ متهودِ
قَالَ: المتهوِّد: المتقرِّب {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} (الأعرَاف:
156) أَي تُبْنا إِلَيْك ورَجَعْنا وقَرُبنا من الْمَغْفِرَة.
وَقَالَ شمر: المتهوِّد: المتوصّل بهوادةٍ إِلَيْك، قَالَه ابْن
الأعرابيّ، قَالَ: والهَوادَة: الحُرْمَة، والسبَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هادَ، إِذا رَجَع من خيرٍ إِلَى شَرّ،
أَو من شَرّ إِلَى خير، ودَاهَ إِذا عَقَل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: التهويد: السّير الرفيق.
وَفِي حَدِيث عمر: أَن ابْن حُصَين أَنه أَوْصَى عِنْد مَوته: إِذا
مِتُّ فخرجتم بِي فأَسرعوا المشيَ وَلَا تُهَوِّدوا كَمَا تُهَوِّد
اليهودُ وَالنَّصَارَى.
قَالَ أَبُو عبيد: التهويد: المشيُ الرُّوَيد، مثل الدَّبِيب وَنَحْوه،
وَكَذَلِكَ التهويد فِي المَنطق، وَهُوَ السَّاكِن.
وَقَالَ الرَّاعِي يصف نَاقَة:
وخَوْدٍ من اللائي يُسَمَّعْن بالضُّحَى
قَرِيصَ الرُّدافَى بالغِناء المُهوَّدِ
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: هوَّد الرجلُ، إِذا سَكَن، وهوَّد، إِذا
غَنَّى، وهوَّد، إِذا اعتَمَد على السّيْر وَأنْشد:
سَيراً يُراخِي مُنَّةَ الجليد
ذَا قُحَمٍ وليسَ بالتَّهوِيدِ
أَي لَيْسَ بالسير الليّن.
وَقَالَ غَيره: هوَّدَه الشرابُ، إِذا خَثَّره فأَنامَه:
وَقَالَ الأخطل:
ودَافَع عني يومَ جِلِّقَ غمرَةً
وصَمَّاءَ تُنْسيني الشرابَ المهوِّدا
وَقَالَ شمِر: الهَوْدة: مُجْتَمع السَّنام وقَحْدَتُه، وجمعُها
هَوْدٌ.
(6/206)
هيد هادَ يهيد.
قَالَ يُونُس: يُقَال فلانٌ يُعطى الهَيْدَان والزَّيدان، أَي يُعطِي
من يَعرف وَمن لَا يَعرف.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَيْد: الْحَرَكَة، يُقَال: هِدْتُه أَهِيده
هَيْداً كَأَنَّك تحركه ثمَّ تُصلحه.
وَقَالَ: وهِدْت الرجلَ أَهيدُه هَيْداً وهِيداً وهاداً، إِذا زجرَته
عَن الشَّيْء وصرَفْته عَنهُ، يُقَال مِنْهُ: هِدْهُ، فَمَا يُقال
لَهُ: هَيْد، وَمعنى هِدْهُ، أَي أَزِلْه عَن مَوْضِعه، وَأنْشد:
حَتَّى استقامتْ لَهُ الآفاقُ طَائِعَة
فَمَا يُقَال لَهُ هَيدٌ وَلَا هادُ
أَي مَا يمنَع من شَيْء، وَيجوز: مَا يُقَال لَهُ هَيدٍ بالخَفض فِي
مَوضِع رفعٍ، على حِكَايَة صَهٍ وغارِقٍ ونحوِه. والهَيْد من قَوْلك:
هادَني هَيدٌ أَي كَرَثَنِي.
قَالَ: والهِيد فِي الحُداء كَقَوْلِه:
مُعاتَبة لهنّ حَلاَ وحَوْبا
وجُلُّ غِنائهنّ هيَا وهِيدِ
وَذَلِكَ أنَّ الحاديَ إِذا أَرَادَ الحُداء قَالَ: هِيدِ هيدِ ثمَّ
زَجَل بصوْته.
روى أَبُو عبيد لِابْنِ عمرَ قَالَ: لَو لقيتُ قاتِلَ أبي فِي الحرَم
مَا هِدتُه، قَالَ: يُرِيد: مَا حرَّكْتُه، وَأنْشد:
فَمَا يُقَال لَهُ هَيْدٌ وَلَا هادُ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: مَا يُقَال لَهُ هِيدٌ وَلَا هادٌ، يُقَال
مِنْهُ: هِدْتُ الرجلَ، وَأنْشد الْأَحْمَر:
فَمَا يُقَال لَهُ هِيدٌ وَلَا هادُ
شمر: هِيدٌ وهَيْد جائزان، وَالْعرب تَقول: هَيْدَ مالَك، إِذا
استفهموا الرجل عَن شَأْنه، كَمَا تَقول: يَا هَذَا مَالك.
والهَيْدُ: الشَّيْء المضطرب، وَمِنْه قَوْله:
أذاك أم تعطِيك هَيْداً هيدَبا
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو زيد: قَالُوا يَقُول مَا قَالَ لَهُ هَيْدَ
مَالك، فنَصبوا، وَذَلِكَ أَن يَمُرّ بِالرجلِ البعيرُ الضالّ فَلَا
يُعوِّجُه وَلَا يلتفتُ إِلَيْهِ، ومرَّ بعيرٌ فَمَا قَالَ لَهُ:
هَيْدِ مالَك، بِجرِّ الدَّال، حَكَاهُ ابْن الأعرابيّ، وَأنْشد لكعب
بن زُهَيْر:
لَو أَنَّهَا آذَنَتْ بِكْراً لقُلتُ لَهَا:
يَا هَيْدِ مالَكِ أَو لَو آذَنَتْ نَصَفَا
وَفِي الحَدِيث أَنه قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
مَسْجده: يَا رسولَ الله هِدْه فَقَالَ: (عَرْشٌ كعَرش مُوسَى) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله هِدْه، كَانَ ابْن عُيينة يَقُول: مَعْنَاهُ
أَصْلِحْه. قَالَ: وتأويله كَمَا قَالَ. وأصلُه أَنه يُراد بِهِ
الْإِصْلَاح بعد الهدْم، وكلُّ شَيْء حرَّكتَه فقد هِدْتَه تهيدُه
هَيْداً، فكأنَّ الْمَعْنى أَنه يُهْدَم ويُستأنف بِنَاؤُه ويُصلَح.
وَيُقَال: لَا يهيدنّك هَذَا عَن رأيكَ، أَي لَا يُزيلنّك.
وَقَالَ الْحسن: مامن أحد عمل لله عملا إِلَّا سَار فِي قَلْبه
سوْرتان، فَإِذا كَانَت أُوليهمَا لله فَلَا تَهِيدَنَّه الآخرةُ، أَي
لَا يمنعنَّه ذَلِك من الْأَمر الَّذِي قد تقدَّمتْ فِيهِ نِيَّتُه
لله.
قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال مَا هادَه كَذَا وَكَذَا، أَي مَا حرّكه
وَمَا يَهيدُه.
(6/207)
قَالَ: وَلَا يُنطَق بِيَهِيد إلاَّ بِحرف
جَحْد.
وهد: قَالَ اللَّيْث: الوَهْد: المكانُ المنخفِض كَأَنَّهُ حُفرة،
تَقول: أرضٌ وَهْدة، ومكانٌ وَهْد، والوَهْد يكون اسْما للحُفْرة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوَهْدة: النُّقْرة المنتقَرة فِي الأَرْض
أشدُّ دُخولاً فِي الأَرْض من الْغَائِط، وَهُوَ أضيَقُ من الْغَائِط
وَلَيْسَ لَهَا جُرْف، وعَرْضُهَا رُمْحان وثلاثةٌ، لَا تُنْبِت
شَيْئا.
دهدى: قَالَ اللَّيْث: تَقول تَدَهْدَى الحَجَرُ وغَيرُه تَدَهْدِياً،
إِذا تَدحرَج ودَهْدَيتُه دهْداة ودِهداءً، إِذا دحرجَته.
والدُّهدِيَّة: الخَراء المستدير الَّذِي يُدَهدِيه الجُعَلُ.
(بَاب الْهَاء وَالتَّاء)
(هـ ت (وَا يء))
هَيت، (هِيت) ، هوت، وهْت، هتى، تاه.
وهت: الوَهْتة: الهبْطة من الأَرْض، وجمعُها وَهْت. وَقد وهتَه يَهته
وَهْتاً، إِذا ضَغَطه فَهُوَ مَوْهوتٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: المُوهِت: اللّحم المُنْتِن، وَقد أَيهت
إيهاتاً.
هيت: قَالَ الله جلّ وعزّ مخبرا عَن زَليخا صَاحِبَة يُوسُف أَنَّهَا
لمّا راودَت يُوسُف عَن نَفسه: قَالَت لَهُ: {هَيْتَ لَكَ} (يُوسُف:
23) .
قَالَ الْفراء بإسنادٍ لَهُ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: أَقْرَأَنِي
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هَيْتَ لَكَ} . قَالَ الْفراء:
وَيُقَال إِنَّهَا لغةٌ لأهلِ حَوْران سَقَطَتْ إِلَى مَكَّة فتكلّموا
بهَا. قَالَ: وَأهل الْمَدِينَة يقرءُون: هِيتَ لكَ، يكسرون الْهَاء
وَلَا يهمِزون. قَالَ: وَذكر عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا قرآ:
{هئت لَك، يُرادُ بِهِ فِي الْمَعْنى: تهيَّأتُ لَك، وَأنْشد الْفراء:
أبلغ أميرَ المؤمني
نَ أخَا العِراق إِذا أَتَيْتَا
أَن العِراقَ وأهلَه
عُنُقٌ إليكَ فَهْيَتَ هَيْتا
وَمَعْنَاهُ: هلُمَّ هلُمَّ
وَقَالَ الْفراء فِي (المصادر) : من قَرَأَ: هَيْتَ لَك فَمَعْنَاه:
هَلُمّ لَك.
قَالَ: وَلَا مَصدَر لهَيْت، وَلَا يُصرَف.
وَقَالَ الْأَخْفَش: {هَيْتَ لَكَ} (يُوسُف: 23) مَفْتُوحَة،
مَعْنَاهَا: هلُمّ لَك. قَالَ: وَكَسَرَ بَعضهم التَّاء، وَهِي لُغَة،
فَقَالَ: {} {هَيْتِ لَك ورفَع بعضٌ التَّاء فَقَالَ: هَيْتُ لَك
وكَسَر بعضٌ الْهَاء وفَتَح التَّاء فَقَالَ: هِيتَ لَك، كلّ ذَلِك
بِمَعْنى وَاحِد.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ابْن اليزيديّ، عَن أبي زيد، قَالَ {هَيْتَ
لَكَ} ، بالعبرانية هَيْتَا لَجْ أَي تَعَالَهْ، أَعرَبَه الْقُرْآن.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيت؛ موضعٌ على شاطىء الفُرات. وَقَالَ رؤبة:
والحوتُ فِي هِيتَ رَذَاها هِيتُ
قلتُ: الرِّوَايَة فِي قَول رؤبة:
وَصَاحب الْحُوت وأينَ الحُوتُ؟
فِي ظلمات تَحتهنّ هِيتُ
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: تَحتَهنَّ هِيتُ، أَي
هوّةٌ من الأَرْض.
(6/208)
قَالَ: وَيُقَال للمَهْواة: هوّتَةٌ
وهُوَّةٌ وهوْتَةٌ، وَجمع الهُوتة هُوت.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سُمّيَت هِيتُ هِيتَ لأنّها فِي هُوّة من
الأَرْض انقلَبَتْ الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا.
وَرُوِيَ عَن عُثْمَان أَنه قَالَ: وَدِدْت أنّ مَا بَيْننَا وَبَين
العَدُوِّ هَوْتَةً لَا يُدرَك قَعْرُها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: قيل لأمّ هِشَام البَلَوِيّة: أَيْن مَنزلك؟
فَقَالَت: بهَاتا الهَوْتَةِ.
قيل: وَمَا الهَوْتَةُ؟ قَالَت: بهاتَا الوَكْرَة.
قيل: وَمَا الوَكْرة؟ قَالَت: بهاتَا الصُّدَاد. قيل: وَمَا الصُّدَاد؟
قَالَت: بِهاتَا المَوْرِدة.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: وَهَذَا كُله الطَّرِيق المنحدِر إِلَى المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي الشَّتْم: صَبّ الله عَلَيْك هَوْتَةً
ومَوْتَةً.
هوت وهيت: فِي الحَدِيث أنّه لما نزَلَتْ: {الْمُعَذَّبِينَ وَأَنذِرْ
عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ} (الشُّعَرَاء: 214) باتَ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يُفخِّذ عَشِيرتَه فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لقد
بَات يُهوِّت.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّهيِيتُ: الصوتُ بِالنَّاسِ، وَهُوَ
فِيمَا قَالَ أَبُو زيد: أَن يَقُول لَهُ: يَا هِيَاه، وَأنْشد أَبُو
زيد:
قد رابَني أَن الكَرِيَّ أَسْكَتَا
لَو كَانَ مَعْنِيَّا بِنَا لَهيّتَا
وَقَالَ غَيره: يُقَال: هَيَّتَ بالقَوْم تَهْيِيتاً، وهَوَّت بهم
تَهوِيتاً، إِذا ناداهم، وهَيَّت النَّذيرُ. وَالْأَصْل فِيهِ حكايةُ
الصَّوت، كَأَنَّهُمْ حَكَوْا فِي هَوَّت: هَوْتَ هَوْتَ، وَفِي
هَيَّتَ: هَيْتَ هَيْتَ.
والعَرَب تَقول للكَلْب إِذا أُغْرى بالصَّيْد: هَيْتاه هَيْتاه.
وَقَالَ الراجز يَذكر ذِئْباً:
جَاءَ يُدِلُّ كَرِشاءِ الغَرْبِ
وقلتُ: هَيْتاهُ فتَاه كَلْبِي
هتى: قَالَ اللَّيْث: المُهاتاة من قَوْلك: هاتَ، يُقَال: اشتقاقُه من
هاتَى يُهاتِي، الْهَاء فِيهَا أصليَّة.
وَيُقَال: بل الْهَاء مُبدَلة من الْألف المقطوعة فِي آتَى يُؤاتِي،
وَلَكِن العَرَب أماتت كلّ شَيْء مِن فِعْلِها غير الأمرِ بهاتِ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: إِذا أَمرتَ رجلا
أَن يعطيك شَيْئا قلت لَهُ: هاتِ يَا رجلُ، وللاثنين: هاتِيَا،
وللجميع: هاتُوا، وللمرأة: هاتِي، فزِدتَ يَاء تكون فَرْقاً بَين
الْأُنْثَى والذَّكَر، ولجماعة النِّسَاء: هاتِينَ، وَيُقَال: هاتَى
يُهاتِي مُهاتاةً. وَقَالَ ابْن السّكيت نَحوه. وراد فَقَالَ: يُقَال:
هاتِ لَا هَاتيْتَ وهاتِ إِن كَانَت بك مُهاتاة.
قَالَ: وَتقول: أنتَ أخذتَه فهاتِه. وللاثنين: أَنْتُمَا أخذْتُماه
فهاتِياه، وللجماعة: أنتمْ أخذتُمُوه فهاتُوه، وللمرأة: أنتِ أخذتِيه
فهاتِيه، وللجماعة: أنتنّ أخذْتُنَّه فهاتِينَه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: هاتاه، إِذا ناوَلَه شَيْئا،
وتاهاهُ، إِذا فاخَره.
وَقَالَ المفصَّل: هاتِ وهاتِيَا وهاتوا، أَي قَرِّبوا.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ}
(6/209)
(البَقَرَة: 111) أَي قرِّبوا.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: هاتِ: أَي أعطِ.
توه تيه: قَالَ أَبُو زيد: قَالَ لي رجلٌ من بني كلاب: أَلْقَيْتَني
فِي التُّوهِ، يُرِيد فِي التِّيه.
وَيُقَال: مَا أَتْيَه فُلاناً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال تاهَ يَتِيهُ تُوهاً وتَيهاً، والتِّيه
أعمُّها.
وَيُقَال: توَّهْتُه وتيَّهْتُه، وَالْوَاو أعمّ.
قَالَ: والتَّيْهاء: الأرضُ الَّتِي لَا يُهتدى فِيهَا، يُقَال: أَرض
تِيهٌ وتَيْهاء، وَأَرْض مَتْيَهةٌ وَأنْشد:
مُشْتَبِهٍ مُتَيِّهٍ تَيْهاؤُهُ
وَقَالَ غَيره: تَيْهان وتَيَّهانٌ، إِذا كَانَ جَسُوراً يَرْكب رأسَه
فِي الْأُمُور، وناقة تَيْهانة، وَأنْشد:
يَقدُمُها تَيْهَانَةٌ جَسورُ
لَا دِعْرِمٌ نامَ وَلَا عَثُورُ
شمر عَن ابْن شُمَيْل التَّيْهاء: المَضِلَّة الواسعة بَين الأرَضِين،
الَّتِي لَا أَعْلَام فِيهَا، وَلَا جبال وَلَا آكام.
وَقَالَ شمر: يُقَال: أَرضٌ تيْهاء وتِيهٌ ومِتْيَهةٌ، أَي يَتِيهُ
فِيهَا الْإِنْسَان.
وَقَالَ العجاج:
تِيهِ أَتاوِيه على السُّقّاطِ
وَيُقَال: مكانٌ مِتْيَهٌ: الَّذِي يُتَيِّه الإنسانَ، قَالَ رؤبة:
يَنوِي اشتقاقاً فِي الضَّلالِ المِتْيَهِ
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: طاحَ يطِيح طَيْحاً، وتاهَ يَتِيه تَيْهاً
وتَيَهاناً، وَمَا أطوَحَه وأتْوَهَه، وأَطْيَحه وأَتْيَهَه، وَقد طوّح
نفسَه وتوَّهَها.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سمعتُ عَرّاماً يَقُول: تاهَ بَصرُ الرجل وتاف،
إِذا نَظَر إِلَى الشَّيْء فِي دَوامٍ، وَأنْشد:
فَمَا أَنْسَ من أشْياء لَا أَنسَ نَظْرتي
بِمَكَّة إِنِّي تائِفُ النَّظراتِ
وتافَ عني بَصرُك وتاهَ، إِذا تَخطَّى.
هتأ: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: هَتِىءٌ من اللَّيْل وهتَاءٌ وهزِيعٌ،
وَاحِد.
أَبُو عبيد: تَهتَّأ الثوبُ وتَهمّأ ووتَفَسّأ إِذا انْقَطع وبَلِي،
حَكَاهُ عَن الكسائيّ.
ابْن السكّيت: ذَهبَ هِتْءٌ من اللَّيْل، وَمَا بَقِي إلاّ هِتْءٌ،
وَمَا بقيَ من غَنمهمْ إِلَّا هِتْءٌ، وَهُوَ أقلُّ من الذاهبة.
ورَوَى سَلَمة عَن الْفراء: فِيهَا هتَأٌ شَدِيد وهُتُوءٌ، يُرِيد
شَقٌّ وخَرْق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الهَتِىءُ والأَهتَاءُ؛ ساعاتُ
اللَّيل.
قَالَ: والأتْهَاءُ: الصَّحارِي الْبَعِيدَة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: جَاءَ بعد هَدْأة من اللَّيل
وهثْأَة.
وَقَالَ اللّحياني: جَاءَ بعد هَتىءِ على فَعيلٍ من اللّيل، وهتْءٍ على
فَعْل، وهتْي بِلَا همْز، وهَتَاءٍ وهَيْتَاء ممدودان.
أأُهْمِلت الْهَاء مَعَ الظَّاء
(6/210)
(بَاب الهَاء والذال)
(هـ ذ (وَا يء))
هذى، هذأ، هوذ.
هذأ: قَالَ أَبُو زيد فِيمَا رَوَى عَنهُ ابْن هاني: هَذأْتُ العَدُوَّ
هذْأً، إِذا أَبَرْتَهُمْ وأفنيتهم.
قَالَ: وهذأْتُه بلساني، إِذا آذَيْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَذْءُ أَوحَى من الهَذِّ، يُقَال: هَذأْتُه
بالسَّيف هذْءاً، وَسيف هذَّاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: هذَأْتُ اللحمَ بالسكين هذْءاً: إِذا قطعْتَه بِهِ،
وهذْأْتُه بلساني: إِذا أسمَعْتَه مَا يكرَه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ إِذا فَسدتْ القرحة وتقطعت.
قيل: تهذّأت تهذُّأ وأَرِضَتْ أَرضًا وتذيأت تَذيُّؤاً.
هذى: قَالَ اللَّيْث: الهَذَيان: كلامٌ غيرُ مَعْقُول مثل كَلَام
المُبَرْسَم والمَعْتوه، يُقَال: هذَى يَهْذِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هذَى، إِذا هَذَر بِكَلَام لَا يُفهم،
وذَها، إِذا تكبّر، بالذَّال قلت: لم أَسْمَع ذَهَا، إِذا تكبر لغيره.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا فَسَدَت القُرحة وتقطعت قيل:
تَهذَّأَتْ تَهذُّؤاً، وتذيّأتْ تذَيُّؤاً.
أما هَذَا وَهَذَانِ، فالهاء فِي هَذَا: تَنْبِيه، وَذَا: إشارةٌ إِلَى
شَيْء حَاضر، وَالْأَصْل: إِذا ضُمّ إِلَيْهَا: هَا، وتفسيرهما فِي
كتاب الذَّال.
وَقَالَ النَّضر: قَالَ أَبُو الدُّقيش لرجل قَالَ: أَيْن فلَان؟
فَقَالَ: هُوَ ذَا. قلتُ: وَنَحْو ذَلِك حفظتُه عَن أعرابِ بني مُضَرّس
وَغَيرهم.
وَقَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: قَالَ بعض أهل الْحجاز: هُوَذَا
بِفَتْح الْوَاو، وَقَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا خطأ مِنْهُ، لِأَن
الْعلمَاء الموثوق بعلمهم اتَّفقُوا على أَن هَذَا من تَحْرِيف
الْعَامَّة. والعَرَبُ إِذا أَرَادَت مَعْنى هُوَذَا قَالَت: هأنذا
أَلقَى فلَانا، وَيَقُول الِاثْنَان: هَا نَحن ذانِ نَلْقَاهُ.
وَيَقُول الرِّجَال: هَا نَحن أولاء نَلْقَاهُ.
وَيُقَال الْمُخَاطب: هَا أَنت ذَا تلقى فلَانا، وللاثنين: هَا
أَنْتُمَا ذانِ، وللجماعة: هَا أنتمْ أُولاء. وَيُقَال للْغَائِب: هاهو
ذَا يلقاه، وهاهما ذانِ، وهاهم أُولاء، ويُبنَى التَّأْنِيث على
التَّذْكِير، وَتَأْويل قَوْلهم: هأنذا أَلْقَاهُ قد قَرُب لقائي
إِيَّاه.
اللحياني: هذَوْتُ وهذَيتُ بِمَعْنى.
هوذ: قَالَ ابْن شُمَيْل: الهَاذةُ: شَجَرَة لَهَا أغصانٌ سَبِطة لَا
ورق لَهَا، وَجَمعهَا الهاذُ. قلت: هَكَذَا رُوِي عَن النَّضر،
وَالَّذِي سمعناه من العَرَب وحصلناه لأئمة اللُّغَة الحاذّ فِي
الْأَشْجَار.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَوْذة: القطاة الْأُنْثَى قلت: وَبهَا سمي الرجل
هَوْذَة.
(بَاب الهَاء والثاء)
(هـ ث (وَا يء))
ثاه، وهث، هاث، ثها، هثا، (ثاهى، هاثى) .
(6/211)
ثيه: قَالَ اللَّيْث: الثاهة: اللَّهاة. وَيُقَال: هِيَ اللِّثَة.
ثها هثا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ثَها، إِذا حَمُقَ، وهَثَا، إِذا
احمرَّ وجههُ.
قَالَ: وَيُقَال: ثَاهاه إِذا قاوَله، وهاثاه: إِذا مازَحه ومايله.
وهث: قَالَ اللَّيْث: الوَهْث: الانهماك فِي الشَّيْء، والواهث: الملقي
نَفسه فِي الشَّيْء، وتوهَّث فِي الْأَمر، إِذا أَمعَن فِيهِ.
هاث: قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: هِثْتُ لَهُ من المَال أَهِيث
هيثاً وهَيَثاناً، إِذا حَثَوتَ لَهُ، وَأنْشد غيرُه قولَ رؤبة:
فأَصْبحتْ لَو هايثَ المُهايِثُ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُهايَثَة: المكاثَرة. يُقَال: هاث لَهُ من
مَاله. وَقَالَ فِي قَوْله
مَا زَالَ بيعُ السَّرِقِ المُهايِثُ
قَالَ: المهايث: الْكثير الأخْذ.
قَالَ: وَيُقَال: هاث من المَال يهيث هيثاً، إِذا أصَاب مِنْهُ حَاجته.
وَقَالَ الأصمعيّ: عاثَ فِي المَال وهاثَ، إِذا أَفسد فِيهِ، وأَخَذَ
بِغَيْر رِفْق. |