تهذيب اللغة

كتاب حرف الدَّال
أَبْوَاب المضاعف من حرف الدَّال
د ت: مهمل.

(بَاب الدَّال والظاء)
د ظ)
دظ: قَالَ اللَّيْث: الدَّظّ هُوَ الشَّلّ بلُغَة أهلِ اليَمن، يُقَال: دَظَظْناهم فِي الْحَرْب، وَنحن نَدُظُّهمْ دَظّاً.
قلت: لَا أحفَظُ الدّظّ لغير اللّيث.
د ذ: مهمل.

(بَاب الدَّال والثاء)
د ث)
دث: أهمَلَهُ اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتَعْمل عِنْد الثِّقات.
روَى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: من الأمطار الدّثّ وَهُوَ الضَّعِيف، وَقد دَثَّتْ السَّمَاء تَدِثّ دَثّاً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدّثّة والهَدْنةُ للمطر الضَّعِيف.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَرض مَدثُوثةٌ وَقد دُثّتْ دثّاً، قَالَ: وَيُقَال: دَثَثْتُه أَدُثُّه دثّاً وَهُوَ الرَّمْيُ المتقارِبُ من وراءِ الثِّيابِ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدُّثَّةُ الزُّكام الْقَلِيل. قَالَ: والدُّثَّاثُ صَيَّادُو الطَّيْر بالمِخْذَفَة.
ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدّثّ والدَّفّ الْجَنب، والدّثّ: الضرْب المؤلم، والدّثّ: الرمْيُ بالحِجَارة، والدّث الزُّكام، ودُثّ فلانٌ دثّاً وَهُوَ التواءٌ فِي بعض جسدِه.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالرَّاء)
د ر، ر د: (مستعملة) .
در: قَالَ اللَّيْث: دَرّ اللبنُ يَدِر دَرّاً، وَكَذَلِكَ النَّاقة إِذا حُلِبَتْ فأَقبَل مِنْهَا على الحالب شَيْء، كثير، قيل: دَرّتْ وَإِذا اجْتمع فِي الضَّرْع من العُرُوقِ وَسَائِر الجَسَد قيل: درَّ اللبنُ ودرّت العُرُوق إِذا امتلأتْ دَماً. ودَرّت السماءُ إِذا كثُرَ مطرُها، وسحابةٌ مِدْرار وناقةٌ دَرُرْوٌ.
ورُوي عَن عمر بن الخطّاب أَنه أَوصَى عُمَّاله حِين بَعثهمْ فَقَالَ فِي وصيَّته لَهُم: أُدِرُّوا لِقحة الْمُسلمين.
قَالَ اللَّيْث: أَرَادَ بذلك فَيْئَهم وخراجهم،

(14/43)


قَالَ: وَالِاسْم من ذَلِك الدَّرّة.
وَقَالَ غَيره: يُقَال دَرَّت الناقةُ تَدِر وتَدُرّ إِذا امْتَلَأت لَبَنًا، وأدَرّها فصيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُون الفصيل، إِذا مَسَح ضَرْعها، وَيُقَال للسماء إِذا أخالتْ: دُرِّي دُبَسْ بضمّ الدَّال، رَوَى ذَلِك عَن الْعَرَب ابنُ الْأَعرَابِي وَهَذَا من دَرَّ يدُرّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دَرّتْ الناقةُ تَدِر دُرُوراً ودرّاً، وتدُرّ أَيْضا، قَالَ: ودرَّ السِّراجُ وسراج درّارٌ ودَرِير، ودَرَّ الفَرَسُ دِرّة فَهُوَ دَرِير إِذا أسْرَعَ فِي عَدْوه، قَالَ: وأصلُ الدّرّ فِي كَلَام الْعَرَب اللّبَن. قَالَ: وَيُقَال: لله دَرُّك.
وَقَالَ اللَّيْث: لله دَرّك مَعْنَاهُ لله خيْرُك وفِعالُكَ، يُقَال هَذَا لمن يُمدح ويتعجب من عمله، وَإِذا شتَموا قَالُوا: لَا درّ درُّهُ أَي لَا كثُر خيْرُه. قَالَ: والدَّرِير من الخيْل السَّريع المكتَنز الخلْق المقتدِر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْلهم: لله دَرُّك، أَي لله مَا خرج مِنْك من خير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدَّرّ الْعَمَل من خير أَو شرّ، وَمِنْه قولُهم: لله درُّك يكون مدحاً، وَيكون ذمّاً كَقَوْلِهِم: قاتَله الله مَا أكفره، وَمَا أشعَرَه.
قَالَ: والدَّرُّ النّفْس. والدَّرّ اللَّبن، ودَرَّ وجهُ الرجل يَدِرّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد العِلة، ودرَّ الخَراج يدرّ إِذا كثُر، ودرَّ الشَّيْء إِذا جُمِع، ودرّ إِذا عُمِل.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدِّرَّة فِي الأمطار أَن يَتبَع بعضُها بَعْضًا، وجمعُها دِرَرٌ.
سَلمَة عَن الفرَّاء قَالَ: الدَّردَرَّى الَّذِي يذهب وَيَجِيء فِي غير حَاجَة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الإدرار فِي الْخَيل أَن يُقلَّ الفرسُ يدَه حينَ يعْتَق فيرفعها وَقد يضعُها فِي الْخَببِ.
وَقَالَ الزجَّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ} (النُّور: 35) من قَرَأَ بِغَيْر همز، نسبَه إِلَى الدُّر فِي صفائِه وحُسْنه. قَالَ: وقرئت (دِرِّيٌّ) بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ الْفراء: من الْعَرَب من يَقُول: كَوْكَب دِرّيّ ينسبُه إِلَى الدُّر، كَمَا قَالُوا: بَحْرٌ لُجّيّ ولِجّيّ، وقرئتْ دِرِّيءٌ بِالْهَمْز وسنذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّر العِظام من اللُّؤْلُؤ، الْوَاحِدَة دُرّة، قَالَ: والكوكب الدُّرّيّ: الثاقبُ المضيء وَجمع الْكَوَاكِب دراريّ. قَالُوا: ودَرَّايةُ: من أَسمَاء النِّسَاء. والدُّرْدُورُ: موضعٌ من الْبَحْر يجيشُ مَاؤُهُ وقلَّما تسلم السَّفِينَة مِنْهُ، يُقَال: لجَّجُوا فوقعوا فِي الدُّرْدُور، وَيُقَال: دَرِدَ الرجُل فَهُوَ أَدْرَدُ إِذا سَقطتْ أسنانُه وظهرَتْ دَرادِرُها وجمعُه الدُّرْدُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: أَعيَيْتني بأُشُرٍ، فكيفَ أرجوكِ بدُرْدُرٍ.

(14/44)


قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: هَذَا يُخاطب امرأتَه يَقُول: لم تقبَلي الأدبَ وَأَنت شَابَّةٌ ذَات أشُرٍ فِي ثغرك، فَكيف الْآن وَقد أسنَنْتِ حَتَّى بدتْ دَرَادرُك وَهِي مَغارِزُ الْأَسْنَان، ودرَّد الرجل إِذا سَقَطت أَسْنَانه وَظَهَرت درادره.
قَالَ: ومثلُه: أعتيتني من شُبَّ إِلَى دُبَّ، أَي من لدن شبَبتَ إِلَى أَن دَببْتَ، والدِّرّة: درَّة السُّلْطَان الَّتِي يضْرب بهَا.
الْأَصْمَعِي، يُقَال: فلَان دَرَرَكَ أَي قُبالتك.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
كَانَت مَناجعَها الدَّهْنا وجَانِبُها
والقُفُّ ممّا ترَاهُ فوْقَهُ دَرَرَا
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال هُوَ على درَر الطَّرِيق، أَي على مَدْرَجته.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: فلَان على دُرَر الطَّرِيق، ودَارِي بِدَرَرِ دَارك أَي بحذائها إِذا تقابلَتا.
وَفِي حَدِيث عَمرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لمعاوية: أتيتُك وأَمرُك أشدُّ انفِضاحاً من حُقِّ الكهول، فَمَا زلتُ أَرُمُّه حَتَّى تركتُه مثل فلكة المُدِرِّ.
وَذكر القُتيبيّ هَذَا الحَدِيث فأخطأَ فِي لَفظه وَمَعْنَاهُ: وحُقُّ الكهول بَيتُ العنْكبوت وَقد مرَّ تفسيرُه، وَأما المُدِرُّ فَهُوَ الغزّال: وَيُقَال للمغزَل نَفسهَا الدَّرّارَة، وَقد أدرَّت الغزَّالة درّارَتها، إِذا أدارتْها لتستحكم قوَّة مَا تغزله من قطن أَو صُوف، وضرَب فلكةَ المُدرّ مثلا لاستحكام أمرِه بعد استرخائه، واتساقه بعد اضطرابه، وَذَلِكَ أَن الغزَّال يُبالغ فِي إحكام فلكة مِغزَله وتقويمها لِئَلَّا تقلقَ إِذا أدَرَّ الدّرّارَة.
أَبُو عبيد: سمعتُ الأمويّ يَقُول: يُقَال للمِعزَى إِذا أَرَادَت الفحلَ قد استدرّت استدرِاراً، وللضأن قد استوْبلتْ استِبيالاً.
وَفِي حَدِيث ذِي الثُّديّة الْمَقْتُول بالنهْروان، كَانَت لَهُ ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعة تدَرْدَرُ أَي تمرْمَرُ وترجرَج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت عظيمَة الألْيَتين، فَإِذا مشتْ رَجفَتا هِيَ تَدَرْدَرُ. وَأنْشد فَقَالَ:
أُقسم إِن لم تأْتنا تَدَرْدَرُ
ليُقطعنَّ من لسانٍ دُرْدُرُ
قَالَ والدُّردُرُ هَاهُنَا طرف اللِّسَان، وَيُقَال: هُوَ أصلُ اللِّسَان، وَهُوَ مَغرز السنّ فِي أَكثر الْكَلَام.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
لما رأتْ شَيخا لَهَا دَوْدرَّى
فِي مثل خيْط العهْن المُعَرَّى
قَالَ: الدوْدرّى من قَوْلهم فرس درير، والدليلُ عَلَيْهِ قولُه:
فِي مثل خيْط العِهن المُعرى

(14/45)


يُرِيد بِهِ الْخذرُوفَ، والمُعرّى: جُعلتْ لَهُ عُروَة، والدَّرْدارُ ضرب من الشّجر مَعْرُوف.
رد: قَالَ اللَّيْث: الردُّ مصدرُ رددتُ الشيءَ، ورُدُودُ الدَّراهِم واحدُها رَدُّ، وَهُوَ مَا زُيِّفَ، فرُدَّ على ناقِدِه بعدَ مَا أُخذَ مِنْهُ.
قَالَ: والرَّدّ مَا صَار عِماداً للشَّيْء يَدفَعه ويَردّه.
قَالَ: والرَّدّةُ: تَقاعُس فِي الذّقَن.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْإنْسَان إِذا كَانَ فِيهِ عيب: فِيهِ نَظْرة ورَدَّة وخَيْلة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَبُو ليلى: فِي فلَان رَدَّة أَي يَرتدّ البَصَر عَنهُ من قُبحِه.
قَالَ: وفِيه نَظْرة أَي قُبْح.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرْأَة إِذا اعتراها شَيْء من جمالٍ وَفِي وجهِها شَيْء من قَباحة: هِيَ جميلَة، وَلَكِن فِي وجهِها بعض الرَّدَّة. ورَدّادٌ: اسْم رجل كَانَ مُجَبِّراً يُنسب إِلَيْهِ المُجَبِّرون، وكلُّ مجبِّر يُقَال لَهُ: رَدَّادٌ.
وَفِي حَدِيث الزُّبير فِي دَار لَهُ وقَفَها فَيكْتب: وللمَرْدُودة من بَنَاتِي أَن تسكُنَها، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المردُودة من النِّسَاء المطلَّقة.
ورُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ لسُراقَة بن مَالك: (أَلا أدُلُّك على أفضل الصّدَقة ابنتُكَ مَرْدُودَةٌ عَلَيْك لَا كاسبَ لَهَا غَيرُك) ، أَرَادَ أنّها مطلَّقة من زَوجِها، فأَنفِق عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرُّدَّى: الْمَرْأَة الْمَرْدُودَة المطلّقة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: نَاقَة مُرْمِدٌ على مثالِ مُكرِم، ومُرِدٌّ مِثَال مُقِل إِذا أشرق ضَرْعها ووَقَع فِيهِ اللَّبن.
قَالَ أَبُو عبيد: وأَنشد غيرُه:
تَمشِي من الرِّدّة مَشْيَ الحُفَّلِ
وَقَالَ غَيره: ناقةٌ مُرِدّ إِذا شَربت الماءَ فَورِم ضَرعُها وحياؤها من كثْرة الشّرْب، يُقَال: نُوقٌ مَرادٌّ، وَكَذَلِكَ الجِمال إِذا أَكْثرتْ من الشّرب فثَقُلتْ.
ورَجُلٌ مُرِدّ إِذا طَالَتْ عُزْبَتُه فَتَرَادَّ الماءُ فِي ظَهره.
وَيُقَال: بَحْر مُرِدّ أَي كثيرُ المَاء، وأَنشدَ:
رَكبَ البحرُ إِلَى البحرِ إِلَى
غَمَراتِ الْمَوْت ذِي المَوْجِ المُرِدّ
ورُوِي عَن عمرَ بن عبد الْعَزِيز أنّه قَالَ: لَا رِدِّ يدَي فِي الصَّدَقة. يَقُول: لَا تُردُّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرِّدِّيدَى من الرَّدّ فِي الشَّيْء.
أَبُو تُرَاب عَن زَائِدَة: يُقَال: رَدَّه عَن الْأَمر ولَدَّه، أَي صَرَفه عَنهُ بِرِفْق، قَالَ: والرِّدّ الظَّهْر والحَمُولة من الْإِبِل.
قلتُ: سمّيتْ رِدّاً لأنّها تُرَدّ مِن مَرتَعها إِلَى الدَّار إِذا احتَمَلَ أهلُها، قَالَ زُهير:

(14/46)


رَدَّ القِيانُ جِمَالَ الحَيِّ فاحْتَملوا
إِلَى الظَّهيرة وأَمْرٌ بيْنهم لَبِكُ
ابْن الأعرابيّ: الرُّدُدُ: القِباحُ من النَّاس، يُقَال: فِي وَجهه رَدَّة وَهُوَ رَادٌّ، وارتَدَّ الرجُل عَن دِينه رِدّة إِذا كَفَر بعد إِسْلَامه، وأَمرُ الله لَا مَرَدّ لَهُ. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَاللَّام)
(د ل)
دلَّ، لدَّ: مُسْتَعْمل.
دلّ: فِي الحَدِيث: أَن أصحابَ عبد الله بنِ مَسْعُود كَانُوا يَرحَلُون إِلَى عمرَ بن الْخطاب فينظرُون إِلَى سَمْتِه وهَدْيه ودَلِّهِ فَيَتشَبَّهون بِهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: أما السَّمْت فَيكون بمعنيين: أحدُهما حُسْنُ الهيئةِ والمَنظَر فِي الدِّين وهيئة أهلِ الْخَيْر، وَالْمعْنَى الثَّانِي أَن السَّمْتَ الطَّرِيق، يُقَال: الزَمْ هَذَا السَّمْتَ، وَكِلَاهُمَا لَهُ معنى، إمَّا أَرَادوا هَيْئَةَ الْإِسْلَام أَو طَريقَة أهْلِ الْإِسْلَام.
وقولُه: إِلَى هَدْيِه ودَلِّهِ فإنّ أحدَهما قريب من الآخر، وهما من السكينَة والوَقار فِي الْهَيْئَة والمَنظَر وَالشَّمَائِل وغيرِ ذَلِك.
وَقَالَ عدِيّ بن زَيْد يمدح امْرَأَة بحُسن الدَّلّ فَقَالَ:
لمَ تَطَلَّعْ من خِدْرِها تبتغي خِبَّا
وَلَا سَاءَ دَلُّها فِي العِناقِ
ورُوِي عَن سعد أنَّه قَالَ: بَينا أَنا أَطُوف بِالْبَيْتِ إذْ رأيْتُ امْرَأَة أعجبَني دَلُّها، فأردتُ أَن أَسأَل عَنْهَا، فخِفتُ أَن تكون مَشْغُولَة وَلَا يَغُرَّكَ جَمالُ امْرَأَة لَا تَعرِفها.
وَقَالَ شمر: الدَّلاَلُ للْمَرْأَة، والدَّلُّ حُسْن الحَدِيث وحُسْن المَزْح والهيئة، وَأنْشد فَقَالَ:
فَإِن كَانَ الدَّلاَلُ فَلَا تلِحّي
وَإِن كَانَ الوَداعُ فبالسَّلامِ
قَالَ: وَيُقَال هِيَ تَدِلّ عَلَيْهِ، أَي تجترىءُ عَلَيْهِ، يُقَال: مَا دَلَّك عليَّ أَي مَا جَرَّأك عليَّ، وأَنشدَ:
فَإِن تَكُ مَدْلولاً عليّ فإنني
لِعَهْدِكَ لَا غُمْرٌ ولستُ بِفانِي
أَرَادَ، فَإِن جَرَّأَكَ عَلَيَّ حِلْمِي فإنّي لَا أُقِرُّ بالظُّلْم.
وَقَالَ قيس بنُ زُهَيْر:
أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عليَّ قومِي
وَقد يُسْتَجهَلُ الرجلُ الحَليمُ
قَالَ مُحَمَّد بنُ حبيب: دَلَّ عليّ قومِي، أَي جَرَّأَهم، وفيهَا يَقُول:
وَلَا يُعْيِيكَ عُرْقوب لِلأيٍ
إِذا لم يُعْطِكَ النَّصفَ الخَصِيمُ
وَقَوله: عُرْقوب لِلأْي، يَقُول: إِذا لم يُنْصِفك خَصْمُك فأَدخِل عَلَيْهِ عُرْقوباً يَفْسَخُ حجّته، والمُدِلُّ بالشجاعة: الجَريء.

(14/47)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُدَلِّل الّذي يتجنَّى فِي غيرِ موضعِ تَجَنَ. قَالَ: ودَلَّ فلَان إِذا هَدَى، ودَلَّ إِذا افتخرَ.
سَلَمة عَن الفرّاءَ، الدَّلّ: المِنَّةُ، والدَّلَّةُ الإدْلال.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: دَلَّ يَدُلُّ إِذا هَدَى، ودَلَّ يَدِلّ إِذا مَنَّ بعَطائه، والأدَلُّ المَنّان بعَمَله.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال تدلَّلَتِ المرأةُ على زَوْجِها، وَذَلِكَ أَن تُرِيَه جَراءةً عَلَيْهِ فِي تَغَنُّجِ وشَكْلٍ كأنّها تُخالِفه، وَلَيْسَ بهَا خلاف.
قَالَ: والبازِيُّ يُدِلّ على صَيْده. والدِّلّةُ مِمّن يُدِلّ على من لَهُ عِنْده مَنزِلة شِبهُ جَراءة مِنْهُ.
ابْن السكّيت عَن الفرّاء: دَليلٌ من الدِّلالة والدَّلالة بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدِّلِّيلَى من الدَّلالة.
وَقَالَ شمر: دَلَلْتُ بِهَذَا الطَّرِيق دَلالةً، أَي عرفتُه، ودلَلْتُ بِهِ أَدُلّ دَلالة، وَقَالَ أَبُو زيد: أَدْلَلْتُ بالطّريق إدلالاً.
قَالَ: وقلتُ: وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول لآخَر: أما تَندَلّ على الطّريق، وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي:
مَا لَكَ يَا أحمقُ لَا تَنْدَلُّ
وَكَيف يَندَلُّ امرؤٌ عِثْوَلُّ
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّلْدُل شيءٌ عَظِيم أعظمُ من القُنْفُذ ذُو شوك. والتّدلدُل كالتَّهدُّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: من أَسمَاء الْقُنْفُذ، الدُّلْدُل والشَّيْهمَ والأَزْيبُ.
اللّحياني: وَقع القومُ فِي دَلدال وبَلْبالٍ إِذا اضطَرَب أمرُهم وتذَبذَب، وقومٌ دَلْدال إِذا تَدَلْدَلُوا بَين أَمريْن فَلم يستقيموا، وَقَالَ أَوْس:
أمْ مَنْ لِحَيَ أَضاعوا بعضَ أمرِهُم
بَين القُسوطِ وَبَين الدِّين دَلْدال
وَقَالَ ابْن السكّيت: جَاءَ القومُ دُلْدُلا إِذا كَانُوا مُذَبذَبين لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، وَقَالَ أَبُو مَعْدان الباهليّ:
جَاءَ الحَزَائمُ والزَّبائنُ دُلْدُلا
لَا سابِقِين وَلَا مَعَ القُطَّانِ
فعَجِبتُ مِن عَمرو وماذا كُلِّفتْ
وتجيءَ عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ
قَالَ: والحَزيمَتان والزَّبينَتانِ من باهلة، وهما حَزيمة وزَبينة، فجمعهما، وَتَدَلْدَلَ الشَّيءُ وَتَدَرْدَرَ إِذا تحرَّك.
وَقَالَ الكسائيَّ: دلدَل فِي الأَرْض وبَلْبَل وقَلْقَل ذهبَ فِيهَا.
لد: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خير مَا تداويتُم بِهِ اللَّدُود والحِجامةُ والمشيُّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّدُود: مَا سُقِيَ الإنسانُ فِي أحد شِقَّي الفَمِ، وَإِنَّمَا

(14/48)


أَخذ اللَّدُودُ من لَدِيدَيِ الْوَادي وهما جانِباه، وَمِنْه قيل للرجل: هُوَ يتلدَّد إِذا تلفَّت يَمِينا وشِمالاً، ولَدَدْتُ الرُّجلَ ألُدُّه لَدَّا إِذا سقيتَه، كَذَلِك وجمعُ اللَّدود أَلِدَّة. وَقَالَ ابْن أحمَر:
شَربتُ الشُّكاعَى والْتَدَدْتُ أَلِدَّةً
وأقبَلْتُ أَفْواهَ العُروقِ المكَاوِيَا
والوَجُور فِي وَسَط الفَم.
وَقَالَ الفرَّاء: اللَّد: أَن يُؤخَذ بِلِسَان الصبيّ فيُمَدَّ إِلَى أحَدِ شِقَّيه ويُوجَر فِي الآخر الدواءُ فِي الصَّدَف، بَين اللِّسَان وَبَين الشَّدْق.
قَالَ: والدَّيدَان صَفْحتا العُنُق، وأَنشدَ:
لَدَدْتُهُمُ النَّصِيحة كلَّ لَدِّ
فَمَجُّوا النُّصْحَ ثمَّ ثَنَوْا فقاءُوا
وَقَالَ رؤبة:
على لَدِيديْ مُصْمَئِل صِلْخادْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّديد الرَّوْضة الزَّهراء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (الْبَقَرَة: 204) معنى الْخصم فِي اللُّغَة الألَدُّ الشديدُ الخصومةِ، واشتقاقُه من لَدِيدَيِ العُنُق، وهما صَفْحتاه، وتأويلُه أنّ خصمَه أيّ وجهٍ أخَذ من وُجُوه الْخُصُومَة غَلَبَهُ فِي ذَلِك، يُقَال رجُلٌ ألَدُّ، وامرأةٌ لَداء، وقومٌ لدٌّ وَقد لَدِدْتَ يَا هَذَا تَلَد لَدّاً، ولَدَدْتُ فلَانا ألُدّه لَدّاً إِذا جادَلْته فغلبْتَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل أَلَنْدَد ويَلَنْدَد وَهُوَ الشَّديد الخُصومة، وَقَالَ الشَّاعِر يذكر نَاقَة:
بعيدةُ بَينَ العَجْبِ والمتلدَّدِ
أَرَادَ أَنَّهَا بعيدَة مَا بَين الذنَب والعُنُق.
وَقَالَ اللَّيث: هُذَيل تَقول: لَدّهُ عَن كَذَا وَكَذَا أَي حَبَسه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لَدَّدَ بِهِ وبَدَّدَ بِهِ إِذا سَمَّع بِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّلِيلة: المحجة البَيْضاء وَهِي الدُّلى.

(بَاب الدَّال وَالنُّون)
(د ن)
دن، ند، (دوان) ددن: (مستعملة) .
الدَّدَن: اللهْو واللَّعب.
ددن: ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هُوَ اللَّهْو، والديْدَيون، وَهُوَ دَدٌ ودَدَا ودَيْدٌ ودَيدَانٌ وَدَدَنٌ كلُّها لُغَات صَحِيحَة.
وَفِي الحَدِيث: مَا أَنا مِن دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِني.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: فِيهِ لُغات، يُقَال: اللَّهْو دَدٌ مثل يَدٍ ودَداً مثل قَفَّا وعَصاً، ودَدَنٌ مِثل حَزَن، وأَنشد:
أيّها القلبُ تَعلّقْ بِدَدَنْ
إِن هَمِّي فِي سَماعٍ وَأَذَنْ

(14/49)


وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكنتَ كَمَنْ قَضَى اللُّبَانَةَ من دِدِ
(دنّ) : وَقَالَ: سَيْفٌ دَدَانٌ أَي كَهام.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنّ مَا عَظُم من الرّواقيد، والجميع الدِّنان، وَهُوَ كَهَيئَةِ الجُبِّ، إلاّ أنَّه طَوِيل مُستوِي الصَّنْعَة، فِي أَسْفَله كَهَيئَةِ قَوْنَس البَيْضة.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الأَدَنّ من النّاس: المُنحنِي الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: الأدَنُّ من الدوابّ الّذي يَدَاهُ قصيرَتان وعُنْقُه قريبَة من الأَرْض، وأَنشد:
بَرَّحَ بالصِّينيّ طُول المَنّ
وسَيْرُ كلِّ راكبٍ أَدّنِّ
معترِضٍ مثل اعتراضِ الطُّنّ
وَقَالَ الراجز:
وَلَا دَنَنٌ فيهِ وَلَا إخْطاف
والإخطاف صِغَر الجَوف، وَهُوَ شَرّ عُيُوب الْخَيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَدَنّ الّذي كأنّ صُلْبه دَنّ، وأَنشد:
قد حَطَأت أُمُّ خيْثَمٍ بِأَدَنْ
بناتِىء الْجَبْهَة مَفْسُوء القَطَنْ
قَالَ: والفَسَأُ: دُخُول الصُّلْب، والفَقَأُ: خُروج الصَّدْر.
وَيُقَال: دَنٌ وأَدْنَنٌ ودِنَّانٌ ودِنَنَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأدَنّ الْبَعِير المائل قُدُماً، وَفِي يَدَيْه قِصَر، وَهُوَ الدَّثَمُ، والدَّنَن: اسمُ بلدٍ بعَينِه، وَمِنْه قَول ابْن مقبل:
يَثْنِينَ أَعْناق أُدْمٍ يَختَلِينَ بهَا
حَبَّ الأَراك وحَبَّ الضَّال مِن دَنَنْ
وَفِي الحَدِيث: (فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعاذ فَلَا تُحْسِنها) .
قَالَ أَبُو عبيد: الدَّنْدَنة أَن يتكلّم الرجلُ بالْكلَام تَسمَع نَغْمَته وَلَا تفهمه عَنهُ لأنّه يُخفيه. والهَيْنَمَةُ نحوٌّ مِنْهَا.
وَقَالَ شمر: طَنْطَن طَنْطَنة ودَنْدَن دَنْدَنةً بِمَعْنى وَاحِد، وأَنشد:
تُدَنْدِن مِثلَ دَنْدَنَة الذُّبابِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنين والدَّنْدَنة أصواتُ النَّحْل والزَّنَابير، وأَنشد:
كَدَنْدَنَةِ النَّحْلِ فِي الخَشْرَمِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا اسود اليَبِيسُ من القِدَم فَهُوَ الدِّنْدِن، وأَنشدَ. مِثل الدِّنْدِن البَالِي:
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّنْدِن أصولُ الشّجر.
قلت: الدِّنْدِن مَا فَسَّرَهُ الأصمعيّ وَهُوَ الدَّرِين.
أَبُو تُرَاب: أَدَنّ الرّجُل بالمَكان إدْنانا وأَبَنَّ ابْناناً إِذا أَقَامَ، ومِثلُه ممَّا يعاقِب فِيهِ الدَّال وَالْبَاء، انْبَرَى وانْدَرَى بِمَعْنى وَاحِد.
ند: قَالَ ابْن المظفَّر: النَّدُّ ضَرْبٌ من

(14/50)


الدُّخْنَةِ.
وروَى أَبُو يَعْلَى عَن الأصمعيِّ عَن أبي عَمْرو بن العَلاء.
وَيُقَال للعنْبرِ: النَّدّ، وللبَقَّم: العَنْدَمُ ولِلْمِسك: العتيقُ.
وَيُقَال: نَدَّ البعيرُ يَنِدّ نُدوداً إِذا شَرَد.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَلَيْكُمْ يَوْمَ} {التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ} (غَافِر: 32، 33) القُرَّاء على تَخْفيف الدَّال من التَّنادِ؛ وقرأَ الضّحاك وحدَه: (يومَ التَّنادِّ) بتَشْديد الدَّال.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: هُوَ من نَدَّ الْبَعِير نِداداً أَي شَرَد. قَالَ: وَقد يكون التَّنادِ بتَخْفِيف الدَّال من نَدَّ فليَّنوا تَشْدِيد الدَّال وجَعلوا إِحْدَى الدالين يَاء، ثمَّ حَذَفوا الْيَاء، كَمَا قَالُوا: دِيوان ودِيباج ودِينار وقِيراط. وَالْأَصْل دِوّان ودِبّاج وقِرّاط ودِنّار. والدليلُ على ذَلِك جمعُهم إيّاها على دَوَاوِين وقَرَارِيط ودَبابِيج ودَنانير، قَالَ: وَالدَّلِيل على صحّة قِرَاءَة من قَرَأَ (التّنادّ) بتَشْديد الدَّال قولُه: {التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ} .
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نَدَّدْتُ بالرجلِ تَنْدِيداً، وسمَّعْتُ بِهِ تسميعاً إِذا أسمعتَه القبيحَ وشتمتَه.
شمِر عَن الْأَخْفَش فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا} (الْبَقَرَة: 165) . قَالَ: النِّدّ الضِّدّ والشِّبْه. قَالَ: وَقَوله: {قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ} (الزمر: 8) أَي أضْداداً وأَشْبَاهاً، وفلانٌ نِدّ فلَان، ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه أَي مِثْلُه وشِبهُه، وأنشدَ للَبيد:
كَيْلا يكونُ السَّنْدَرِيّ نَدِيدَتِي
وأجْعَلُ أَقْواماً عُمُوماً عَمَاعِما
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للرجل إِذا خالفَكَ فأَرَدْتَ وَجْهاً تذهَبُ فِيهِ ونازعك فِي ضدِّه: فلانٌ نِدِّي ونَدِيدِي للّذي يُرِيد خلاف الْوَجْه الَّذِي تُرِيدُ وَهُوَ يستقِلّ من ذَلِك بِمثل مَا تَسْتَقِلُّ بِهِ.
وَقَالَ حسّان:
أتَهْجُوه ولستَ لَهُ بِنِدَ
فَشَرُّكما لخيرِكما الفِداءُ
أَي لستَ لَهُ بمِثْلٍ فِي شَيْء من مَعَانِيه.
وَيُقَال: نادَدْتُ فلَانا أَي خالَفْتُه، والتَّنْدِيدُ: رفْعُ الصَّوتِ، وَقَالَ طرفَة:
لِهجْسٍ خَفِيَ أَو لصَوْتٍ مُنَدَّدِ
والصَّوتُ المندَّد المُبَالِغُ فِي النداء. وَيُقَال: ذهب الْقَوْم ينادِيدَ وأَنادِيدَ إِذا تفَرقُوا فِي كلّ وَجه.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: فُلَانَة نِدُّ فُلَانَة، وخَتَنُ فلانةَ وتِرْبُها، وَلَا يُقَال: فلانةُ نِدُّ فُلانٍ وَلَا خَتَنُ فلَان، فَتُشَبِّهُها بِهِ.
قَالَ: وَأما قولُه:
قَضَى على النَّاس أمرا لَا نِدَادَ لَهُ
عَنْهُم وَقد أَخَذَ الميثاقَ واعْتَقَدَا

(14/51)


فَمَعْنَاه أَنه لَا يَندُّ عَنْهُم وَلَا يَذهب.

(بَاب الدَّال وَالْفَاء)
(د ف)
دف، فد: (مستعملة) .
(دف) : قَالَ اللَّيْث: الدَّفّ والدَّفّة: الجَنْب لكلّ شَيْء، وَأنْشد فِي الدَّفّة:
ووَانِيَةٍ زَجَرْتُ على وَجَاها
قَرِيح الدَّفّتين من البِطانِ
قَالَ: ودَفّتا الطَّبْل. اللّتان على رَأسه، ودَفّتَا المُصْحَفِ ضِمَامَتاه من جانبيه.
وَفِي حَدِيث عمرَ أَنه قَالَ لمَالِك بنِ أوْس: أَنه قد دفّت علينا من قَوْمك دافَّةٌ وَقد أَمَرْنَا لَهُم بِرَضْخ فاقسِمه فيهم.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّافّة: القومُ يَسِيرُونَ جمَاعَة سيراً لَيْسَ بالشَّديد، يُقَال: هم يَدِفُّون دَفيفاً.
وَمِنْه الحَدِيث الآخَر أنّ أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله هَل فِي الجنَّة إِبل؟ فَقَالَ: (نعم إنَّ فِيهَا النَّجائب تَدِفّ بِرُكْبانها) ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: خُذْ مَا دَفَّ لَك واسْتَدَفّ، أَي مَا تَهَيَّأ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دفَّ على وَجه الأَرْض وزَفَّ بِمَعْنى وَاحِد، ونادَى منادِي خَالِد بن الْوَلِيد فِي بعض غَزَوَاته: أَلا مَن كَانَ مَعَه أسيرٌ فليُدافِّه. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو والأمويّ قَوْله: فيلدافِّه، يَعْنِي ليُجْهِز عَلَيْهِ، يُقَال: دافَفْتُ الرجلَ دِفافاً ومُدافَّةً، وَهُوَ إجهازك عَلَيْهِ، قَالَ رُؤبة:
لمَّا رَآنِي أُرْعِشتْ أَطْرَافي
كَانَ مَعَ الشَّيْبِ من الدِّفافِ
وَكَانَ الأصمعيّ يَقُول: تَدافَّ القومُ إِذا ركبَ بعضُهم بَعْضًا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ من هَذَا. قَالَ: وَفِيه لُغَة أُخْرَى فليدَافِهِ بتَخْفِيف الْفَاء من دافَيْتُه، وَهِي لغةٌ لجهينَة.
وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: أَنه أُتِي بأسير فَقَالَ: (أَدْفُوه) ، يُرِيد الدِّفْءَ من البَرْدِ، فَقَتَلُوه فَوَاداه رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لغةٌ ثَالِثَة بِالذَّالِ فليذافِّه، يُقَال: ذفَفْتُ عَلَيْهِ تَذْفيفاً إِذا أجهزتَ عَلَيْهِ، وَمِنْه حديثُ عَلِيّ: لَا يُذَفَّفُ على جريح، والدُّفّ: الّذي يُضرَبُ بِهِ، يُقَال لَهُ: دَفٌّ أَيْضا، وَأما الدَّف بِمَعْنى الجَنْب فَهُوَ بالفَتْح لَا غير، وَجمعه دُفُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّفيف أَن يَدُفّ الطائرُ على وَجه الأَرْض يحرِّك جناحيه، ورِجلاه بالأَرْض وَهُوَ يطير، ثمَّ يستقلُّ، وَقَالَ رؤبة:
والنسرُ قد يَركُض وَهُوَ دافِ
فخفّف وكسَرَ على كَسرةِ دافِفٍ، وحَذَف إِحْدَى الفاءين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: دُفوف الأَرْض أسنادُها، وَهِي دَفادِفُها، الْوَاحِدَة دَفْدَفة، وَدَفّ

(14/52)


َ العُقاب يَدُف: إِذا دَنا من الأَرْض فِي طَيَرانه، والدَّفيف: العَدْو أَيْضا.
فد: فِي حَدِيث النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إنَّ الجفاءَ والقسوةَ من الفدَّادِين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ مخفّفة وَاحِدهَا فَدَّان مشدّدة، وَهِي الْبَقر الّتي يُحرَث بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: لَيْسَ الفَدادِين من هَذَا فِي شَيْء، وَلَا كَانَت الْعَرَب تعرفها، إنَّما هَذِه للرُّوم وأهلِ الشَّام، وَإِنَّمَا افتُتحت الشَّام بعد النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكنهُمْ الفَدَّادونَ بتَشْديد الدَّال واحدُهم فَدَّاد.
وَقَالَ الأصمعيّ: وهم الَّذين تَعْلُو أصواتُهم فِي حروثِهم وأموالِهم ومَواشيهم وَمَا يعالجون بهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَحْمَر. يُقَال مِنْهُ: فَدَّ الرجلُ يَفِدُّ فَدِيداً. إِذا اشتَدَّ صوتُه. وَأنْشد:
أُنْبئْتُ أَخْوَالي بَني يَزيدُ
ظُلماً علينا لهمُ فَدِيدُ
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول غير ذَلِك كَأَنَّهُ قَالَ: الفدادون المكثِرون من الْإِبِل الَّذين يملك أحدهم المئتين من الْإِبِل إِلَى الْألف يُقَال لَهُ: فَدَّاد إِذا بلغ ذَلِك. وهم مَعَ هَذَا: جُفاةٌ أهلُ خُيَلاء.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَول أبي عُبَيْدَة هُوَ الصَّوَاب عِنْدِي. وَمِنْه الحَدِيث الآخر إنَّ الأَرْض إِذا دُفن فِيهَا الإنسانُ قَالَت لَهُ: مَشَيْتَ على ظَهرِي فَدَّاداً ذَا مالٍ كثير وذَا خُيَلاء، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَدَّدَ الرجلُ: مَشَى على وَجه الأَرْض كِبَراً وبَطَراً. وَفَدَّدَ إِذا صاحَ فِي بَيْعه وشرائه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: (الجَفاء والقسْوة فِي الفَدّادين) ، هم الجَمَّالُونَ والرُّعْيان والبَقّارون والحَمّارون. وفَدْفَدَ: إِذا عَدَا هَارِباً من عَدُوّ أَو سَبُع.
قَالَ اللَّيْث: الفديدُ صوتٌ كالخفيف، وَقد فَدَّ يَفِدّ فَديداً، وَمِنْه الفَدْفَد.
وَقَالَ النَّابِغَة:
أوَابِدُ كالسّلام إِذا استمرَّت
فَلَيْسَ يَرُدُّ فَدْفَدَهَا التَّظَنِّي
وفَلاةٌ فَدْفَد لَا شيءَ فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الفَدْفَد الْمَكَان الْمُرْتَفع فِيهِ صَلابةٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلَّبن الثَّخين فُدَفِدٌ.

(بَاب الدَّال وَالْبَاء)
(د ب)
دب (ديدبون) ، بُد: (مستعملة) .
دب ديدبون: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّيْدَبون: اللَّهْو، والدَّيْدَبان: الطَّلِيعة وَهُوَ الشَّيِّفَةُ قلتُ: أَصله ديذَبان، فَغَيَّرُوا

(14/53)


الحركةَ وَقَالُوا دَيْدَبان وَجعلُوا الذَّال دَالا. لمّا أُعرب.
قَالَ ابْن المظفَّر: دَبّ النَّمْل يَدب دَبيباً أَي مَشَى على هِينتيه، وَلم يُسْرع ودب الشَّرَاب فِي شَاربه دبيباً؛ ودب الْقَوْم إِلَى الْعَدو دبيباً، أَي مَشَوْا على هِينتهم لم يسرعوا قَالَ: والدَّبْدَبة العُجْرُوفُ من النَّمْل، وَذَلِكَ أنَّهُ أَوْسَع خَطْواً وأَعجَل نَقْلاً، والدَّبّابة آلَة تُتَّخَذ فِي الحُروب يَدخُل فِيهَا الرِّجَال ثمَّ تدْفَع فِي أصلِ حصْن فينقبونَهُ وهم فِي جَوْف الدّبّابة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّبَّة الكَثيب بِفَتْح الدَّال.
قَالَ: ودُبَّةُ الرجلِ طريقتُه من خيرٍ أَو شرّ بالضمّ.
وَقَالَ ابْن عبّاس: اتَّبِعوا دُبّة قُرَيْش وَلَا تُفارقوا الْجَمَاعَة، والدَّبَّة: الْموضع الكثيرُ الرّمل يُضرَبُ مَثلاً لِلْأَمْرِ الشَّديد، وَقَع فلانٌ فِي دَبّةٍ من الرّمل، لِأَن الجملَ إِذا وَقع فِيهِ تَعِب، ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّة والدَّببُ الزّغب على الْوَجْه وَأنْشد:
قَشْر النِّسَاء دَبَبَ الْعَرُوس
والدَّبيب: الزَّحف على الْوَجْه. وَأنْشد:
تِرْعِيبَةٌ فِي دَمٍ أَو بَيْضةٌ جُعِلَتْ
فِي دَبَّةٍ من دِبابِ الرَّمل مِهيار
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: دَبّ إِذا اخْتَبَأَ، ودَبّ إِذا مَشَى من قَوْلهم: أكْذَبُ مَنْ دَبّ ودَرَجَ، فدَبّ مَشَى، ودَرَج ماتَ وانْقَرَض عَقِبُه وَقَالَ رؤبة:
إِذا تَزَابَى مِشيَةً أَزَائِبا
سمعتَ من أَصواتِها دبَادِبا
قَالَ: تَزَابَى مَشَى مشيَةً فِيهَا بُطْءٌ. قَالَ: والدَّبادِب صَوت كأَنَّهُ دُبْ دُبْ، وَهُوَ حكايةُ الصّوت. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: الدُّبادِب والجُباجِب الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة، وأنشدَ:
إيّاكِ أَنْ تَستَبدِلي قَرِدَ القَفَا
حَزَابِيَةً وَهَيَّبَاناً جُبَاجِبَا
وَمعنى قَوْلهم: فلانٌ أَكَذَب مَنْ دَبَّ ودَرَج، أَي أكذَبُ الْأَحْيَاء والأموات.
وَفِي الحَدِيث: لَا يَدخُل الجنَّة دَيْبُوبٌ وَلَا قَلاّع، الدَّيْبُوب الَّذِي يَدِب بالنميمة بَين الْقَوْم، وَهُوَ كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يَدخُل الْجنَّة قَتاتٌ) .
وَيُقَال: رَجَل دبُوب ودَيْبُوب الَّذِي يجمع بَين الرِّجَال والنساءِ، سُمِّي دَيْبُوباً لأنَّهُ يَدِبُّ بَينهم ويَستخفِي.
قَالَ أَبُو عَمْرو: دَبدَبَ الرجلُ إِذا جَلّب، ودَرْدَب إِذا ضَرَبَ بالطَّبل.
أَبُو عبيد: أَرض مَدَبة كَثِيرَة الدِّبَبَةِ، وَاحِدهَا دُبّ وَالْأُنْثَى دُبَّة.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه: لَيْتَ شِعْري أيَّتُكن صاحبةُ الْجمل الأدْبَبِ تنبحَها كِلابُ الحَوْأَبِ) قَالُوا: أَرَادَ

(14/54)


بالأدْبب الأدَبِّ فأظهر التَّضْعِيف، وَهُوَ الكثيرُ الوَبَر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: جملٌ أدَبّ كثير الدَّبَبِ، وَقد دَبَّ يَدِب دَبَباً، قَالَ: والدَّبَبُ: الشَّعْر الّذي على وَجه الْمَرْأَة.
قلتُ: والخَلْصاء: رَمْلٌ يُقَال لَهُ الدَّبَّابُ، وبحِذائه دُحْلانُ كَثِيرَة، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يذكرهُ:
كَأَن هِنْداً ثَناياها وبَهْجَتَها
لمّا التَقَيْنَا على أَدْحَالِ دَبَّابِ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ} (النُّور: 45) الدَّابةُ اسمٌ لكلّ حَيَوَان مميِّز وغيرِه، فلمّا كَانَ لِما يَعقل ولِما لَا يَعقل قَالَ: فمِنْهم، وَلَو كَانَ لِما لَا يعقِل قِيلَ فَمِنْهَا أَو فمنهنّ، وتَصْغِيرُ الدَّابَّة دُويبَة، الْيَاء سَاكِنة، وفيهَا إشمامٌ من الْكسر، وَكَذَلِكَ كلُّ يَاء التصغير إِذا جَاءَ بعدَها حرفٌ مُثقَّلٌ فِي كل شَيْء، والمِدَبُّ: موضعُ دَبِيب النّمل وغيرِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِدْبَبُ الجَملَ الّذي يمشي دَبَادِب، والدَّبُوب: النَّاقة السَّمينة، وجمعُها دُبُبٌ، والدُّباب مَشْيُها.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: يُقَال للضَّبُع: دَبابِ، يُرِيدُونَ دِبِّي كَمَا يُقَال: نَزالِ وحَذَارِ، وَدُبّ فِي بني شيْباب، دُبّ بن مُرة بن ذُهْل بن شَيبَان.
بُد: قَالَ اللَّيْث: البُدُّ: بيتٌ فِيهِ صَنَمٌ وتصاويرُ. وَيُقَال: البُدُّ هُوَ الصَّنَم نَفسه، وَهُوَ إِعْرَاب: بُتْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأنْشد:
لقد عَلِمَتْ تَكاكرة ابْن تِيرِي
غَداةَ البُدِّ أنِّي هِبْرِزِيُّ
وَيُقَال: ليسَ لهَذَا الْأَمر بُدٌّ أَي لَا محَالة.
عَمْرو عَن أَبِيه: البُدُّ: الفِراق، يُقَال: لَا بُدَّ الْيَوْم مِنْ قَضَاء حَاجَتي: أَي لَا فِراق، وَمِنْه قَول أم سَلمَة: أيِّديهم تَمْرَةً تَمرة: أَي فَرِّقي فيهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَبْدَدتُهم العَطَاء إِذا لم تجمعْ بَين اثْنَيْنِ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف صيّاداً، فرّق سهامَه فِي حُمر الوَحش:
فأَبَدَّهَن حُتُوفَهن فهاربٌ
بذِمائِه أَو بَارك مُتَجَعْجِعُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: الإبْدَادُ فِي الهِبة أَن يُعطي وَاحِدًا وَاحِدًا، والقِرانُ أَن تُعطِيَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَقَالَ رجل من الْعَرَب: إِن لي صِرْمة أُبِدُّ مِنْهَا وأَقْرُنُ.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه: البَدُّ التَّعبُ، وَهُوَ بِدُّه وبَدِيداهُ أَي مِثلُه، قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَدادُ والعِدَادُ: المُناهَدَةُ قَالَ: وبَدَّدَ إِذا تَعِب، وبَدَّد إِذا أخرج نَهْدَه، والبَديدُ التَّطْهِيرُ يُقَال: مَا أَنْت بِبَدِيدٍ لي فتكلمني، والبِدَّان المثْلان.

(14/55)


أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: أَبِدَّ هَذَا الجَزوز فِي الحيّ فأعطِ كلَّ إِنْسَان بُدَّتَهُ أَي نَصِيبَه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البُدَّة: القِسْم. وَأنْشد:
فمَنَحتْ بُدّتَها رَفِيقًا جامِحاً
والنارُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ بأُوارِها
أيْ أطَعمتْه بعضَها: أيْ قِطعة مِنْهَا، قَالَ: والبِدَادُ أَن تبِدّ المالَ القومَ فتَقْسِمه بَينهم، وَقد أَبْدَدْتهم المَال وَالطَّعَام، وَالِاسْم البُدّةُ والبِدادُ، والبُدَدُ جمع البُدَّةِ، والبُدُدُ جمع البِدادِ؛ وَقَالَ: جَاءَت الْخَيل بَدَادِ بدادِ إِذا جَاءَت مُتَبَدِّدة، وَقَالَ ذَلِك أَبُو زيد وَأنْشد:
كُنَّا ثَمَانِيَة وَكَانُوا جَحْفلاً
لجباً فشُلُّوا بالرِّماح بَدَادِ
أَي متبددين.
وَقَالَ الأصمعيّ: العربُ تَقول: لَو كَانَ البَدَاد لما أطاقونا. قَالَ: والبَدَاد: البِرازُ تَقول: لَوْ بارَزُونا رجل لرجلٍ. قَالَ: فَإِذا طرحوا الْألف وَاللَّام خَفَضُوا، فَقَالُوا: يَا قوم بَدَادِ بَدَادِ مرَّتَيْنِ أَي، لِيأخذْ كلُّ رجلٍ رَجُلاً، وَقد تبادَّ القومُ إِذا أخذُوا أقرانَهم. وَيُقَال: لَقُوا قَوْماً أبدادَهم، ولَقِيَهم قومٌ أَبْدَادُهم، أَي أعدادُهم لكل رجلٍ رجلٌ.
وَيُقَال: لقَي فلانٌ وفلانٌ فلَانا فابتدَّاه بِالضَّرْبِ، أَي أخَذاه مِن ناحِيَتَيْه، والسَّبُعَانِ يَبْتَدَّان الرجلَ، والرضيعان التَّوْأَمان يبتدَّان أمَّهما، يرضع هَذَا من ثَدْيٍ وَهَذَا من ثَدْيٍ، وَيُقَال: لَو أنَّهُما لَقِياه بخَلاءٍ فابتدَّاه لما أطاقاهُ، وَيُقَال: لما أطاقه أحدُهما، وَهِي المُبادَّة. وَلَا يُقَال: ابتدَّها ابْنهَا وَلَكِن ابتدها ابْناها، وَيُقَال: إِن رَضَاعَها لَا يَقع مِنْهُمَا موقعاً فأَبِدَّهما تِلْكَ النَّعْجةَ الْأُخْرَى، فَيُقَال: قد أبْدَدْتهما.
غَيره: تَبَدَّدَ الْقَوْم: إِذا تفَرقُوا، وَذهب الْقَوْم بَدَادِ بَدَادِ، وَجَاءَت الْخَيل بَدَادِ بَدَادِ أَي وَاحِدًا وَاحِدًا، واستَبَدّ فلَان بِرَأْيهِ إِذا تفرَّدَ بِهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: البِدَادان فِي القَتَب بِمَنْزِلَة الكرِّ فِي الرَّحْلِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: البِدَادُ بِطَانَةٌ تُحْشَى وتُجْعَل تَحت القَتَبِ وِقايةً للبعير أَلاَّ يصيبَ ظهرَه القَتَبُ، وَمن الشق الآخر مثله، وهما مُحيطان مَعَ القتب، والجَدَياتُ من الرَّحل شِبْهُ الْصَدَغَةِ يُبطَّن بِهِ أعالي الظَّلِفاتِ إِلَى وَسَط الحِنْوِ.
قلت: البِدَادان فِي القتب شِبْهُ مِخْلاتَيْنِ تُحشيان وتُشدَّان بالخيوط إِلَى ظَلِفات القَتَب وأَحْنَائه. وَيُقَال لَهَا: الأبِدَّة وَاحِدهَا بِدٌّ، وللاثنين بِدَّان فَإِذا شُدَّتْ إِلَى القَتَب فَهي مَعَ القتب حِداجَةٌ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: البِدادُ لِبْدٌ يُشدُّ مَبْدُوداً على الدَّابة الدَّبِرَة، تَقول: بُدَّ عَن دَبَرِها أَي

(14/56)


شُقَّ.
قَالَ: وفَلاةٌ بَدْبَدٌ لَا أَحَد فِيهَا.
أَبُو عبيد: رجل أبدّ وامرأةٌ بَدَّاء عَظِيمَة الخَلْق وَأنْشد:
بَدَّاء تَمشي مِشيَةَ الأبَدِّ
وَيُقَال: هُوَ العريض مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ، وَقَالَ اللَّيْث: برذون أبدّ، وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ تبَاعد عَن جَنْبَيْهِ، وَهُوَ البدد، قَالَ: والحائِل أبدّ أبدّاً، وَقَالَ أَبُو زيد فِي بعير أبدّ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَتلَ. وَقَالَ أَبُو مَالك: الأَبدُّ الواسِعُ الصَّدر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي فَخْذَيه بَدَد أَي طول مُفرِط. وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: البَدَد تباعدُ مَا بَين الفَخِذين فِي النَّاس من كَثْرة لحمهما، وَفِي ذَوَات الْأَرْبَع فِي الْيَدَيْنِ، وَيُقَال للْمُصَلِّي أَبِدَّ ضَبْعَيْك، وإبدادُهما تفريجُهما فِي السُّجود، وَيُقَال: أَبَدَّ فلانٌ يدَه إِذا مدَّها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيّ: قَالَ: قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَ دُرَيْدُ بن الصّمة قد بَرِص بادَّاهُ مِن كَثرة رُكوب الخَيلِ إِعْرَاء، وبادَّاه مَا يَلِي السَّرْج مِن فَخِذيه.
وَقَالَ القُتَيْبَي: يُقَال لذَلِك الْموضع من الفَرَس: بادٌّ، والبَدَّاء المرأةُ كَثِيرَة لَحْم الفَخِذين.
ورَوَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: أَنه قَالَ: قيل لامرأةٍ من الْعَرَب: عَلاَم تمْنَعِين زوجَك القِضَّةَ؟ فَقَالَت: كذَبَ وَالله إِنِّي لأطأْطِىءُ لَهُ الوسادَ، وأُرْخي لَهُ الْبَادَّ، تُرِيدُ أَنَّهَا لَا تضمّ فخذيها، وَقَالَ الراجز:
جاريةٌ يَبُدُّها أَجَمُّها
قد سمَّنتْها بالسَّوِيق أُمُّها
وَالرجل إِذا رأى مَا يَسْتَنْكِره فأَدام النظرَ إِلَيْهِ يُقال: أَبَدَّهُ بَصَرُه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا لَك بِهَذَا بُدٌّ، وَمَا لَك بِهِ بِدَّةٌ، أَي مَا لَك بِهِ طاقةٌ وَلَا يَدَان.
الْكسَائي: ذهب الْقَوْم عَباديدَ إِذا تفَرقُوا. وَقَالَ الْفراء: يَبَادِيدَ إِذا تفَرقُوا وَأنْشد:
يَرَونَنِي خَارِجا طيرٌ يَبَادِيدُ
وَيُقَال: أَبَدَّ فلانٌ نظرَه إِذا مَدّه، وأبددتُه بَصرِي وأبددتُ يَدي إِلَى الأَرْض فأَخذتُ مِنْهَا شَيْئا، أَي مَدَدْتُها.
عَمْرو عَن أَبيه: البديدة التَّفَرُّقُ.

(بَاب الدَّال وَالْمِيم)
(د م)
مد، دم: (مستعملة) .
دم: قَالَ اللَّيْث: الدَّمُّ الفِعْل من الدِّمامِ وَهُوَ كل دَوَاءٍ يُلْطَخ على ظَاهر العَيْن. وأَنشد:
تَجْلُو بقادمَتيْ حمامةِ أَيْكَةٍ
بَرَداً تُعَلُّ لِثاتُهُ بِدِمامِ
يَعْنِي النَّؤُور قد طُلِيَتْ بِهِ حَتّى رَسَخَ.

(14/57)


وَيُقَال للشَّيْء السمين كَأَنَّمَا دُمَّ بالشحم: دَمّاً، وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
كأنَّهُ من دَمِ الأَجْوَافِ مَدْمُوم
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَمَّ الرجلُ فلَانا إِذا عَذَّبه عذَابا مَا، ودُمَّ الشيءُ إِذا طُلِيَ. سَلمَة عَن الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ} (الشَّمْس: 14) ، قَالَ: دَمْدَم أَرْجَفَ، وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله: {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ} أَي غضب، قَالَ: وَتَكون الدَّمْدَمةُ الْكَلَام الَّذِي يُزْعج الرجلَ إِلَّا أَن أكْثر الْمُفَسّرين قَالُوا فِي دَمْدَم عَلَيْهِم أَي أطْبَق عَلَيْهِم العذابَ، يُقَال: دَمْدَمتُ على الشَّيْء أَي أطبقتُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ القَبْرَ وَمَا أشبهه، لذَلِك يَقُول: ناقةٌ مَدمُومة أَي قد أُلْبِسها الشحمُ فإِذا كَرَّرْتَ الإطباقَ، دَمْدَمت عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدمدم مَا يبس من الْكلأ قلت: هُوَ الدِّنْدِنُ، قَالَ: والدُّمادِمُ هُوَ شَيْء يشبه القَطِران يسيل من السَلَم والسَّمُرِ أحمرُ الْوَاحِد دُمَدِمٌ وَهُوَ حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يَعْني شَجَرَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الخرقاء: تَقول للشَّيْء يُدفن: قد دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ أَي سَوَّيْتُ عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الدُّوَدِمُ شِبْهُ الدَّم يخرج من السَّمُرة وَهُوَ الحَذَال، يُقَال: قد حَاضَتْ السَّمُرة إِذا خرج ذَلِك مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عَمْرو: الدِمْدِم أصُول الصِّلِّبان المُحِيل، فِي لُغَة بني أَسد، وَهُوَ فِي لُغَة بني تَمِيم الدِّنْدِنُ.
اللحياني: ورَجُلٌ دَميم وَقوم دِمام وَامْرَأَة دَمِيمة من نسْوَة دمائِم ودِمام، وَمَا كَانَ دميماً وَلَقَد دمَّ وَهُوَ يَدِمُّ دَمامة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: دَمَّ يَدِمُّ دَمامةً. قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: دَمَمْتَ بَعْدي تَدِم دَمامة.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للرجل إِذا طَحَن القومَ فأهلكهم: قد دَمَّهم يَدُمُّهم دَمّاً.
وَيُقَال لليربوع إِذا سَدَّفَا حُجْرِه بِنبيثَتِهِ: قد دَمَّه يَدُمُّه دَمّاً، وَاسم الجُحْر الدَّمَّاءُ مَمْدُود والدُّمَّاءُ والدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ.
وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا طَلَتْ مَا حول عينهَا بِصَبْرٍ أَو زعفران: قد دَمَّتْ عينهَا تَدُمُّها دَمّا، ودُمَّ البعيرُ دَمّاً إِذا كَثُر شحمُه ولَحمُه حَتَّى لَا يجدِ اللاَّمس مَسَّ حجْم عَظْمٍ فِيهِ.
وَيُقَال لِلْقِدر إِذا طُلِيتْ بالدّم أَو بالطِّحال بعد الجَبْر: قد دُمَّت دَمّاً، وَهِي بُرْمةٌ مَدْمُومة، ودَمِيمٌ ودَمِيمةٌ، وَيُقَال: دَمَمْتُ ظَهْره بآجُرَّة أَدُمُّه دَمّاً، أَي ضربتُ ظَهْره، ودَمَمْتُ الْبَيْت أَدُمُّه دَمّاً أَي طَيّنْتَه، جَصَّصْتَه، ودَمَمْتُ رأسَه إِذا ضَربتَه فَشَجَجتَه.

(14/58)


قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: لم أسمع أحدا يُثَقِّل الدَّمَ، وَيُقَال مِنْهُ: قد دُمِّيَ الرجل وأُدْمِيَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدّميمُ بِالدَّال فِي قَدِّه، والذّميم فِي أخلاقه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَسَاءَ فلَان وأَدَمّ أَي أقبح، الفِعْل اللَّازِم دَمّ يَدِم وَقد قيل: دَمَمْتَ يَا فلَان تَدُمّ وَلَيْسَ فِي المضاعف مثله.
ابْن الأعرابيّ: الدّمّ نَبَات والدُّمُّ القُدورُ المطْلِيَّةِ والدِّم القُوليِّة. وَقَالَ: دَمْدَم إِذا عَذَّب عذَابا تَاما، ومَدْمَدَ إِذا هَرَب.
مد: قَالَ اللَّيْث: المَدُّ كثرةُ الماءِ أَيَّام المُدُودِ، يُقَال: مَدّ النهرُ، وامْتَدّ الحبلُ، وَهَكَذَا تَقول الْعَرَب.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: المَدُّ مَدُّ النهرِ، والمَد الحَبْلُ، والمَدّ أَن يَمُدّ الرجلُ الرجلَ فِي غَيِّه.
وَيُقَال: وَادِي كَذَا يَمُد فِي نهر كَذَا، أَي يزِيد فِيهِ، وَيُقَال مِنْه: قَلّ مَاء رَكِيّتِنا فمَدّتْها رَكِيّةٌ أُخْرَى، فَهِيَ تَمُدّها مدّاً وَأنْشد:
سَيْلٌ أتِيٌّ مَدّهُ أَتِيُّ
وَقَالَ الأصمعيّ: امْتَد النهرُ، ومَدَّ إِذا امْتلأ، ومَدّه نهرٌ آخر، ومددتُ الحبلَ وامْتَد.
قَالَ: والإمْداد: أَن يُرْسِلَ الرجلُ للرجل بمَدَدٍ، يُقَال: أَمْدَدْنا فلَانا بجيشٍ.
قَالَ جلّ وعزّ: {هَاذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِءَالا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - فٍ} (آل عمرَان: 125) .
وَقَالَ فِي المَال: { ((أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 55) . هَكَذَا رُوِيَ نُمِدهم بِضَم النُّون.
وَقَالَ: {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} (الْإِسْرَاء: 6) . قَالَ: يكون مِداداً كالمِدَادِ الَّذِي يُكتب بِهِ، والشيءُ إِذا مَد الشيءَ فَكَانَ زِيَادَة فِيهِ فَهُوَ يَمُدُّه، يَقُول: دِجْلةُ تَمُدُّ بِئَارَنا وأنهارَنا، وَالله يَمُدُّنا بهَا، وَتقول: قد أَمْدَدتُك بِأَلف فَمُدّ. وَلَا يُقاسُ على هَذَا كلُّ مَا وَرَدَ.
الأصمعيّ: أَمَد الجُرْحُ يَمُدُّ إمْداداً وأَمْدَدْتُ الدَّوَاة إمْداداً.
وَقَالَ أَبُو زيد: مَدَدْتُ الْإِبِل أَمُدها مَدّاً، وَالِاسْم المَدِيدُ، وَهُوَ أَن يَسقيها الماءَ بالبَزْر أَو الدَّقِيق أَو السِّمسم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: مَدَدت الدواة، وأمْدَدتُها جعلتُ فِيهَا مَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: مَد النهرُ جرى فِيهِ، ومَدَدْنا القومَ صِرنا لَهُم مَدَداً، وأَمْدَدْناهم، بغيرنا؛ وأمَد الجُرْحُ، وَأَمْدَدْتُ الرجلَ مُدةً وَأَمْدَدْت الدوَاة إِذا جعلت فِيهَا مِداداً.
وَقَالَ اللَّيْث: المَدَدُ مَا أمْددتَ بِهِ قومَك فِي حَرْب أَو غير ذَلِك من طَعَام أَو أَعوان، والمادةُ كلُّ شَيْء يكون مداداً

(14/59)


لغيره، وَيُقَال: دَعْ فِي الضَّرع مادَّةَ اللّبن، فالمتروكُ فِي الضَّرع هُوَ الدَّاعِيةُ، وَمَا اجْتمع إِلَيْهِ فَهُوَ المادّة، والأعرابُ مادةُ الْإِسْلَام، والمِدَادُ مَا يُكتبُ بِهِ، يُقَال: مُدَّني يَا غلامُ أَي أَعْطِنِي مَدّة من الدَّواة، وَإِن قلت: امْدُدني مُدة كَانَ جَائِزا، وخُرِّج على مجْرى المَدَد بهَا وَالزِّيَادَة، والمديدُ شعير يُجَشُّ ثمَّ يُبلُّ فيضفرُ البعيرَ والمدّة الْغَايَة، يُقَال لهَذِهِ الْأمة مُدَّةٌ أَي غَايَة من بَقَائِهَا، ويُقال: أمدّ الله فِي عمرك، أَي جعل لعمرك مُدةً طَوِيلَة، والمُدُّ مكيال معلومٌ وَهُوَ ربع الصاعِ، ولُعبة للصبيان تسمى مداد قيْس.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مُدٌّ وثلاثةُ أَمداد ومِددٌ ومدادٌ كَثِيرَة، والتَّمدُّدُ كتهدُّدِ السِّقاء، وَكَذَلِكَ كل شَيْء تبقى فِيهِ سَعةُ المدِّ، وَيُقَال: امتدّ بهم السيْر أَي طَال.
وَقَوله سُبْحَانَ الله: مداد كَلِمَاته أَي عَدَدَها وَكَثْرَتهَا، والأمدَّة المِساكُ فِي حافتي الثَّوْب إِذا ابتُدىء فِي عَمله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مدْمد أَي هربَ، قَالَ: والمددُ العَساكر الَّتِي تلْحق بالمغازي فِي سَبِيل الله، ويُقال: جَاءَ هَذَا على مدادٍ وَاحِد أَي على مِثَال وَاحِد.
وَقَالَ جَندل:
لم أقْو فيهنّ وَلم أساند
على مدادٍ ورَوِيٍ وَاحِد
والإمدّان مياهُ السِّباخ.
وَقَالَ أَبُو الطّمحَان:
فأَصبحن قد أقْهيْن عنِّي كَمَا أَبتْ
حِياض الإمدَّان الظِّباءُ القوامحُ
وَقَالَ أَبُو زيد: الأمدان المَاء الْملح الشَّديد الملوحة، وَفُلَان يُمادُّ فلَانا، أَي يُماطله ويجاذبُه وَيُقَال: مددتُ الأَرْض مدّاً إِذا زِدْت فِيهَا تُرَابا أَو سماداً من غَيرهَا، ليَكُون أعمر لَهَا وَأكْثر ريعاً لزرعها.
وَقَالَ شمر: كل شَيْء امْتَلَأَ وارتفع فقد مدّ وأمددتُه أَنا، ومدّ النهارُ: إِذا ارْتَفع.
وَقَالَ يُونُس: مَا كَانَ من الْخَيْر فَإنَّك تَقول: أَمددتُه، وَمَا كَانَ من الشَّرّ، فَهُوَ مددتُهُ، ومدَّ النهرُ النَّهر إِذا جرى فِيهِ.
وَمَدَدْنَا الْقَوْم صرنا لَهُم مدَدا وأمددناهم بغيرنا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الإمدَّانُ الماءُ المالح الشديدُ الملوحة.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/60)