غريب الحديث للخطابي حديث أبي ذر حندب بْنِ جُنَادَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ
حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ قَعْنَبَ قَالَ: أَتَيْتُهُ
فَقُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ وَأَدْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ...
...
حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ جُنْدَبِ بْنِ جُنَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ نُعَيْمَ
بْنَ قَعْنَبَ قَالَ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنِّي كُنْتُ وَأَدْتُ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ثُمَّ عَاجَ
رَأْسَهُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَأَمَرَهَا بِطَعَامٍ فَجَاءَتْ
بِثَرِيدَةٍ كَأَنَّهَا قَطَاةٌ فَقَالَ كُلْ وَلا أَهُولَنَّكَ
فَإِنِّي صَائِمٌ فَجَعَلَ يُهَذِّبُ الرُّكُوعَ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن المكي أنبأنا الصائغ أخبرنا سعيد بن منصور
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي
السَّلِيلِ / عَنْ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبَ. [105]
قوله عاج رأسه إلى المرأة أي التفت إليها. يُقَالُ عجت الناقة إذا
عطفتها بزمامها أعوجها قَالَ نصيب:
فعاجوا فاثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب2
ويقال ناقة عاج بغير هاء أي منقادة مطواع ومن هذا قولهم ما أعوج بكلام
فلان أي ما ألتفت إليه قَالَ يعقوب هكذا يقول بنو أسد يأخذونه من عجت
الناقة. قال وغيرهم يقولون ما أعيج من كلامه بشيء أي ما أعبأ به.
قَالَ أَبُو عمر يقال عجت إلى فلان فما عجت بشيء أي ما انتفعت منه
بشيء.
وَقَوْلُهُ يهذب الركوع أي يتابع الركوع في سرعة يُقَالُ أهذب
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده "5/150" في حديث طويل.
2 شعر نصيب "59" من قصيدة يمدح فيها سليمان بن عيد الملك وسبق في الجزء
الأول لوحة "252".
(2/273)
الرجل في سيرة وأهرب وألهب بمعنى واحد
ويقال أهذب الظليم إذا جفل قَالَ امرؤ القيس:
فللزجر ألهوب وللساق درة ... وللسوط منه وقع أخرج مهذب1
ويقال أهذب الفرس في جريه والطائر في طيرانه والمتكلم في خطبته بمعنى
أسرع.
__________
1 الديوان "387" دار المعارف بالقاهرة زفي ط "الجزائر" "143" برواية:
فللساق ألهوب وللسوط درة ... وللزجر منه وقع أهوج منعب
وجاء في الشرح: الألهوب: شدة جري الفرس والدرة: الدفعة, والأخرج:
الظليم, والإهذاب: الإسراع في الطيران والعدو.
(2/274)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَالِهِ فَقَالَ: فِرْقٌ لَنَا
وَذَوْدٌ قِيلَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّمَا سَأَلْتُكَ عَنْ صَامِتِ
الْمَالِ قَالَ: مَا أَصْبَحَ لا أَمْسَى وَمَا أَمْسَى لا أَصْبَحَ1.
يَرْوِيهِ مِسْلِمُ بن إبراهيم أخبرنا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ
يَزِيدَ بن عبد الله بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ مُطَرَّفٍ.
الفرق القطعة من الغنم قَالَ الشاعر:
كأني إذ أتيتهم بفرقي ... أتيتهم بأثقل من نضاد2
ونضاد جبل يُقَالُ فرق من الطير وفريق وفرقة وفرق من الناس كذلك.
وَقَالَ أعرابي لصبيان رآهم هؤلاء فرق سوء.
والذود من الإبل ما دون العشرة اسم جماعة لا واحد لها من لفظه كالإبل
ويجمع على الأذواد قَالَ الشاعر:
يا صاحبي ألا لاحيَّ بالوادي ... إلا عبيد وآم بين أذواد3
وَقَوْلُهُ ما أصبح لا أمسى يريد لم يمس وقد تقع لا في ماضي الفعل
بمعنى لم كقوله:
وأي عَبْد لك لا ألما4
__________
1 الفائق "فرق" "3/111" والنهاية "فرق" "3/440".
2 معجم ما استعجم "نضاد" "4/1311" برواية "لفرقي" ولم يعز والفرق:
القطعة من الغنم ونضاد: جبل.
3 اللسان والتاج "أما" وعزي للسليك.
4 اللسان والتاج "لمم" رجز لأبي خراش الهذلي وجاء قبل:
لاهم هذ خامس إن تما ... أتمه الله وقد أتما
إِن تَغْفِر اللَّهُمَّ تَغفِرْ جَمَّا ... وأَيُّ عَبْدٍ لك لا
أَلمَّا
(2/275)
أي لم يلم بذنب ولم يقارف1 إثما وَقَالَ
آخر:
زنا عَلَى أبيهِ ثُمَّ قَتلَهْ ... فأَيُّ فعل سيىء لا فعله2
وتقع لم بمعنى لا كقولك ما شاء اللَّه كان وما لم يشأ لم يكن أي ما لا
يشاء لا يكون.
يريد أَبُو ذر أنه لا يدخر صامتا ولا يمسكه تمام يوم أو ليلة إنما
يصطرف منه ما ينفقه لوقته.
__________
1 س: "ولم يقارب" والمثبت من ح, ".
2 البيت الأول في اللسان "زنى" وفيه: زنى عليه: ضيق وجاء في مادة "زنأ"
وعزي للعفيف العبدي قال: وأصله زنأ بالهمز, قال ابن كميت: إنما ترك
همزه ضرورة والبيتان في شرح شواهد المغني "212 – 213" ضمن أربعة ألبيات
قالها في الحارث بن أبي شمر الغساني الأعرج: وقال ابن الشجري في آماله:
يروى بتخفيف النون في زنى وتشديدها, فمن خففها فمعناه زنى بامرأة, ومن
رآه مشددا فأصله زنأ مهموزا ومعناه ضيق عليه وهذا القول أوجه وسبق هذا
الرجز في الجزء الأول لوحة "193".
(2/276)
[106] وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ / فِي
حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ أُحِبُّ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ
وَأُحِبُّ الْغَثْرَاءَ1
حَدَّثَنِيهُ محمد بن سعدويه أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا الحسين بن حريث
أخبرنا الفضل بن موسى أنبأنا حُمَيْدٌ النَّحْوِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ
عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ.
قَالَ الأصمعي: الغثراء من الناس الغوغاء وَقَالَ أَبُو زيد هم الكثير
المختلطون وَقَالَ بعض أهل اللغة إنما سميت العامة الغثراء لغلبة الجهل
عليها يُقَالُ رجل أغثر إذا كان جاهلا وامرأة غثراء وفي فلان غثارة ولم
يرد أَبُو ذر بالغثراء هاهنا الغوغاء والجهال وإنما أراد بها عامة
الناس ودهماءهم وأراد بالمحبة المناصحة لهم والشفقة عليهم ويقال إنهم
إنما سموا
__________
1الفائق "غثر" "3/54" والتهاية "3/343".
(2/276)
الغثراء لكثرتهم ووفور عددهم. يُقَالُ: شاة
غثراء إذا كانت كثيرة الصوف وكساء أغثر إذا غلظ صوفه وكثر زئبره.
أَخْبَرَنِي أَبُو عمر أنبأنا ثعلب عن ابن الأعرابي قَالَ هم الغثراء
والبغثاء والبرشاء.
(2/277)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ لَحِبيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ: يُوَاقفكُمْ
عَدُوُّكُمْ حَلَبَ شَاةٍ نَثُورٍ قَالَ أي وَاللَّهِ وَأَرْبَعُ
عُزُزٍ1 فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ غَلَلْتُمْ وَاللَّهِ. وفِي رِوَايَةٍ
أُخْرَى حَلَبَ شَاةٍ فَتُوحٍ2.
يَرْوِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ حبيب بن عبيد الرحبي
عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ. النثور الواسعة الإحليل وسميت نثورا
لغزارتها وسهولة خروج اللبن من إحليلها كأنها تنثره نثرا ويقال امرأة
نثور إذا كانت كثيرة الولد.
قَالَ أَبُو زيد والفتوح الواسعة الإحليل وهي الثرور أيضا ويقال فتحت
الشاة وأفتحت قَالَ والحصور الضيقة الإحليل وقد حصرت وأحصرت والعزز جمع
عزوز وهى البكئة التي تجهد في الحلب يُقَالُ عزت الشاة وأعزت وتعززت.
__________
1 ح: "عزوز".
2 الفائق "حلب" "1/309" والنهاية "حلب" "1/423".
3 أخرجه النسائي في الصوم "4/219" الجزء المرفوع فقط وذكره السيوطي في
الجامع الكبير "2/644" بنحوه وعزاه لابن جرير.
(2/283)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ وَقَرَّبَ أَصْحَابُهُ
السُّفْرَةَ وَدَعَوْهُ إِلَيْهَا فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَلَمَّا
فَرَغُوا جَعَلَ يَنْقُدُ شَيْئًا مِنْ طَعَامِهِمْ فَقَالُوا: أَلَمْ
تَقُلْ إِنَّكَ صَائِمٌ فَقَالَ صَدَقْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى
الله عليه يَقُولُ: "مَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ
فَقَدْ تَمَّ له صوم الشهر" 1.
حدثنيه عبد العزيز بن محمد أنبأنا ابن الجنيد أخبرنا عبد الوارث عن ابن
المبارك أنبأنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ
رَجُلٍ ذَكَرَهُ هَكَذَا قال عبد العزيز يَنْقُدُ بِالدَّالِ وَقَالَ
غَيْرُهُ يَنْقُرُ
__________
1 أخرجه النسائي في الصوم "4/219" الجزء المرفوع فقط وذكره السيوطي في
الجامع الكبير "2/644" بنحوه وعزاه لابن جرير.
(2/283)
[109] إما ينقد فله معنيان / أحدهما أن
يرمق الشيء ببصره يُقَالُ نقد الرجل بعينه إلى الشيء ينقد نقودا وهو أن
يديم النظر إليه اختلاسا كي لا يفطن له يريد أَنَّهُ كان يرمق طعامهم
ويراعيه كأنه يريد أن يتناوله سرا والمعنى الآخر أن يكون من قولك نقدت
الشيء بإصبعي أنقده ونقد الطائر الحب ينقده إذا كان يلقطه واحدا واحدا
ومن هذا نقد الدراهم. وَقَالَ أَبُو الدرداء إن نقدت الناس نقدوك وإن
تركتهم لم يتركوك يريد عبتهم واغتبتهم.
فأما النفر في الطعام فإنما يكون بمعنى التخير منه كأنه ينقره بإصبعه
يستطرف منه يُقَالُ نقر الرجل في الطعام إذا تعلل بالشيء بعد الشيء
منه.
وحدثونا عَنِ الكديمي حدثنا الأصمعي قَالَ مررت بأعلى الخريبة فنظرت
إلى أعرابي يسأل فأخذت بيده فأتيت به المنزل فقدمت إليه الطعام فجعل
ينقره فقلت له ألا تستوفي الأكل فجثا على ركبتيه ثم قَالَ:
إني على ما كان من هزال1 وقله اللحم على أوصالي أجثو على الركبة وأعظم
اللقمة فإن يكن صاحبي كريما فسره اللَّه وإن كان لئيما فأعضه اللَّه
بكيت.
والنقر أيضا بمعنى العيب قَالَ ابن السكيت نقرت الرجل أنقره نقرا إذا
عبته قَالَ وقالت امرأة لزوجها مر بي على بني نظري ولا تمر بي على بنات
نقرى أي مر بي على الرجال الذين ينظرون إلى ولا تمر بي على النساء
اللواتي يعبن كل من مر بهن.
__________
1 ح: "هزالى".
(2/284)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ خَرَجَ فِي لقاح رسول الله وَكَانَتْ تَرْعَى
الْبَيْضَاءَ فَأَجْدَبَ مَا هُنَاكَ فَقَرَّبُوهَا إِلَى الْغَابَةِ
تُصِيبُ مِنْ أَثْلِهَا وَطَرْفَائِهَا وَتَعْدُو فِي الشَّجَرِ قَالَ
أَبُو ذَرٍّ فَإِنِّي لَفِي مَنْزِلِي وَاللِّقَاحُ قَدْ رُوِّحَتْ
وَعُطِّنَتْ وَحُلِبَتْ عَتْمَتُهَا وَنِمْنَا فَلَمَّا كَانَ فِي
اللَّيْلِ أَحْدَقَ بِنَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فِي أَرْبَعِينَ
فَارِسًا وَاسْتَاقُوا اللِّقَاحَ وَذَكَرَ حَدِيثًا فِيه طُولٍ قَالَ
وَكَانَ رَسُولُ الله قال لي "إي أخاف عليك من هَذَهِ الضَّاحِيَةِ
أَنْ يَغِيرَ عَلَيْكَ عيينة" 1
رويه الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ.
اللقاح جمع لقحة وهي التي نتجت حديثا فهي لقحة ولقوح شهرين أو ثلاثة ثم
هي لبون بعد ذلك.
وَقَوْلُهُ تعدو في الشجر معناه تقيم وترعى ويقال للإبل المقيمة في
الخلة العوادي والخلة من النبات ما لا ملوحة فيه يُقَالُ إبِلٌ
عادِيَةٌ وعَوَادٍ.
وَقَالَ ابن الأعرابي يُقَالُ للخلة العدوة فإذا رعتها الإبل فهي عواد
فإذا كانت الإبل مقيمة في الحمض وهو من النبات ما فيه ملوحة قيل إبل
أوارك وقد أدركت تارك إذا قامت في الحمض قال كثير:
وإن الَّذِي ينوي من المال أهلها ... أوارك لما تأتلف وعوادي2
وَقَوْلُهُ روحت أي رُدَّت من العشي
وعطنت أي أنيخت في مباركها وأصل العطن مناخ الإبل حول البئر ثم صار كل
منزل لها يسمى
__________
1 أخرحه الواقدي في المغازي "2/538" في حديث طويل وفي الفائق "لقح"
"3/328".
2 سبق تخريجه في هذا الجزء لوحة "102".
(2/285)
[110] عطنا / وورد النهي عَنِ الصلاة في
أعطان الإبل يريد مباركها حيث كانت ورخص في الصلاة في مرابض الغنم وذلك
لأن الإبل قد يسرع إليها النفار فالمُصَلى في أعطانها وبالقرب منها على
وجل أن تفسد صلاته وهذا المعنى مأمون على الغنم فلذلك لم تكره الصلاة
في مرابضها وزعم بعض أهل العلم أن المعنى في ذلك أن الإبل إنما تناخ في
السهولة وتؤوي إلى الدماث وأنها إذا بولت1 لم تبن آثار النجاسة منها
لأن الدماث تنشفها فنهى عَنِ الصلاة فيها لئلا يكون على نجاسة وأما
الغنم فإن مرابضها إنما تكون في منون الأرض والأماكن الصلبة فلا تخفي
آثار أبوالها ولا يعجز المصلى أن يتوقاها قَالَ ولم ترد الرخصة في
أحدهما والتغليظ في الآخر. لأن بينهما فرقا في النجاسة والطهارة لأن
الأمة2 في تنجيس بول ما يؤكل لحمه وتطهيره على قولين إما قائل بتطهيره
أو بتنجيسه وإما قائل بفرق بين نوع ونوع ومنه في حكم الطهارة والنجاسة
فلا نعلمه.
وفيه قول ثالث ذهب إليه بعض الفقهاء قَالَ الأعطان في هذا الحديث إنما
أريد بها المواضع التي تحط الرحال وتوضع عَنِ الإبل الحمولة فيها قَالَ
وإنما كرهت الصلاة في تلك البقعة لأن الناس في الأسفار إنما ينزلون بين
ظهراني الإبل وبالقرب من مناخها فلا تكاد تخلو تلك البقعة من آثار
النجاسة لأن براز القوم إنما يكون في الغالب بالقرب منها.
وَقَوْلُهُ: حلبت عتمتها فإن أصل العتمة ظلمة الليل. يُقَالُ عتم الليل
إذا أظلم وقد أعتم الناس إذا دخلوا في ظلمة الليل وكان يحلبون
__________
1 ط: "بالت".
2 ط: الأصل".
(2/286)
الإبل في ذلك الوقت ويسمون تلك الحلبة
العتمة وكانوا يؤخرونها إلى ذلك الوقت ليحضر الغائب ويطرق الضيف فيسقي
اللبن.
والضاحية الناحية البارزة التي لا ستر دونها ولا حائل.
(2/287)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ تَرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَمَا طَائِرٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا عِنْدَنَا مِنْهُ
عِلْمٌ1.
يَرْوِيهِ سُفْيَانُ عَنْ فِطْرٍ2 عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي
ذَرٍّ
معناه أَنَّهُ قد استوفي بيان الشريعة حتى لم يغادر منه شيئا مشكلا
وبين لهم أحكام الطير وما يحل ويحرم وكيف يذبح الطير ويذكى وما الذي
يدى إذا أصابه المحرم مما لا يغدى منها إلى ما أشبه هذا من أمرها ولم
يرد أن في الطير علما سوى هذا علمه إياهم ورخص لهم أن يتعاطوا زجر
الطير الَّذِي كان أهل الجاهلية يعدونه علما ويظنونه حقا بل أبطله وزجر
عنه
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده "5/153, 162" بلفظ "تركنا محمدا صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه
علما, وابن سعد في طبقاته "2/354" عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ
منذر الثوري عن أبي ذر.
2 التقريب "2/114" فطر بن خليفة المخزومي صدوق رمي بالتشيع: مات سنة
150 هـ.
(2/287)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ تَرَكَ أَتَانَيْنِ وعفوا1.
أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا الدوري2 أخبرنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ
بِإِسْنَادٍ لَهُ.
العفو الجحش قَالَ الفراء وفيه ثلاث لغات وهو العفو والعفو والعفا
وأنشد:
بضرب يزيل الهام عَنْ سكناته ... وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق3
قَالَ الأصمعي: العفو الذكر من الحمار والأنثى عفوة قَالَ والجحش من
حين تضعه أمه إلى أن يفصل من الرضاع قَالَ فإذا استكمل الحول فهو تولب
والهنبر الجحش أيضا ويقال للأتان أم الهنبر.
__________
1 أخرجه ابن معين في تاريخه "3/251" رقم "1177" وابن سعد في طبقاته
"4/231".
2 ح: العباس بن محمد الدوري.
3 اللسان والتاج "عفا" وعزي لأبي الطمحان بن شرقي.
(2/274)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ التَّاجِرَ فَاجِرٌ1.
حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بن هاشم أخبرنا عبد الله بن الصقر أخبرنا هناد
بن السري أخبرنا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عبد الله بْنِ
مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْفَارِسِ الأَبْلَقِ عَنْ
أَبِي ذَرٍّ.
التاجر عندهم الخمار اسم يخصونه من بين التجار قَالَ الشاعر:
وتاجر فاجر جاء الإله به ... كأن عثنونه أذناب أجمال2
وَقَالَ الأسود بن يعفر:
ولقد أروح على التجار مرجلا ... مذلا بمالي لينا أجيادي3
فإن كان هو المراد فمن البين أَنَّهُ محل للفجور وموضع له وفيه وجه آخر
وهو أشبه بمعنى الحديث وهو أن يكون أراد بالتاجر كل من تجر في مال
__________
1 ذكره السيوطي في الجامع الكبير "2/648" وعزاه لابن النجار بزيادة في
آخره وفجور: أن يزين سلعته مما ليس فيها.
2 الكامل للمبرد "2/181" وعزي لقيس بن عاصم. قال المبرد: قال ذلك لأن
ذنب البعير يضرب إلى الصهبة وفيه استواء وهو يشبه اللحية.
3 اللسان والتاج "تجر" وعزي للأسود ين يعقر, وفي المفضليات "218" وأصل
المذل القلق, أي يقلق بماله حتى ينفقه والأجياد جمع جيد, وهو العنق
وإنما أتى به مجموعا إرادة لجيده وما حوله ولين الجيد كناية عن الشباب.
وفي اللسان: أنه أراد ميل عنقه من السكر.
(2/277)
وتصرف في بيع وشراء وإنما جعله فاجرا لأن
البيع والشراء مظنة للفجور لكثرة ما يجري في البيوع من الأيمان الكاذبة
ولما يقع فيها من الغبن والتدليس ولما يشوبها ويدخلها من الربا الَّذِي
لا يتحاشاه كثير من التجار بل لا يشعرون به ولا يفطنون لموضعه لدقة
علمه ولطف مسلكه.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا يُفْتِي
وَيُسْتَفْتَى ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا شَاءَ أَمْ أَبَى. وقِيلَ
لِلْحَسَنِ أَنُصَلِّي خَلْفَ الصَّيْرَفِّيِّ فَقَالَ ذَاكَ
الْفَاسِقُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ تَاجِرٍ
بِعَيْنِهِ فَاجِرٌ وَلا أَنَّ التِّجَارَةَ فُجُورٌ وَلَكِنَّ هَذِهِ
الصِّفَةَ لَمَّا كَثُرَ وُجُودُهَا فِي التُّجَّارِ أُضِيفَتْ إِلَى
جَمَاعَتِهِمْ وَصَارَتْ سِمَةً لِعَامَّتِهِمْ وَهَذَا كَقَوْلِهِ
أَكْثَرُ مُنَافِقِي هَذِهِ الأُمَّةِ قُرَّاؤُهَا1.
لم يرد بهذا أن القراءة نفاق وأن القارىء منافق وإنما أراد أن الرياء
في القراء كثير والإخلاص فيهم قليل والرياء من صفة المنافقين قَالَ
اللَّه تعالى: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا
قَلِيلاً} 2.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسَدِ أخبرنا الدبري عن عبد
الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ شَيْخًا [107]
يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الدرداء وأظنه شهر ابن حَوْشَبَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه: "الزَّرْعُ أَمَانَةٌ / وَالتَّاجِرُ
فَاجِرٌ" 3. فَجَعَلَ الأَمَانَةَ فِي الزَّرْعِ لِسَلامَتِهِ مِنْ
هَذِهِ الآفَاتِ وَجَعَلَ الْفُجُورَ فِي التِّجَارَةِ. لِمَا يُعْرَضُ
فِيهَا مِنَ الأسباب التي ذكرناها
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده "2/175" من حديث عَبْد اللَّه بن عمرو وفي
"4/151 – 155" من حديث عقبة بن عامر.
2 سورة النساء: "142".
3 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/459".
(2/278)
وأصل الفجور الميل والعدول وإنما قيل للكذب
الفجور وللكاذب الفاجر لميله عَنِ الصدق وعدوله عنه ومنه قول مطرف
المعاذر مفاجر يريد أن العذر يشوبه الكذب.
وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الأَعْرَابِيِّ فِي عمر. حدثناه ابن الزيبقي
أخبرنا إبراهيم بن فهد أخبرنا موسى بن إسماعيل أخبرنا جرير أخبرنا
يَعْلِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَتَى أَعْرَابِيُّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ يَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ إِنَّ أَهْلِي بَعِيدٌ
وَإِنِّي عَلَى نَاقَةٍ دَبْرَاءَ عَجْفَاءَ نَقْبَاءَ وَسَأَلَهُ أَنْ
يَحْمِلَهُ عَلَى بَعِيرٍ فَظَنَّ أَنَّهُ كَذِبَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ
فَانْطَلَقَ الأَعْرَابِيُّ فَحَمَلَ بَعِيرَهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ
الْبَطْحَاءَ فَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ يَمْشِي خَلْفَ بَعِيرِهِ:
أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ
مَا إِنْ بِهَا مِنْ نَقْبٍ وَلا دَبَرْ
اغْفِرْ لَه اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ1
وَعُمَرُ مُقْبِلٌ مِنْ أَعْلَى الْوَادِي يَمْشِي فَجَعَلَ إِذَا
قَالَ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ قَالَ اللَّهُمَّ
صَدَقَ حَتَّى الْتَقَيَا فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَقَالَ ضَعْ عَنْ
رَاحِلَتِكَ فَوَضَعَ فَإِذَا هِيَ نَقْبَةٌ عَجْفَاءُ دَبْرَةٌ
فَانْطَلَق فَحَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ وَزَوَّدَهُ وَكَسَاهُ وَخَلَّى
عَنْهُ2. يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إِنْ كَانَ فَجَرَ أَيْ مَالَ عَنِ
الصِّدْقِ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
حدثناه الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا أسد3 بن موسى أخبرنا شعبة بن يزيد
بن
__________
1 الرجز في اللسان والتاج "فجر" برواية "ما مسها من نقب ولا دبر".
2 ذكره المتقي في كنز العمال "12/646" عن محمد بن سيرين وعزاه للحارث,
وذكره أيضا في "12/650" عن أبي كبشة وعزاه للحاكم في الكنى, والطبري في
تاريخه "4/203" عن الشعبي.
3 س: أسد بن سليمان "تحريف" والمثبت من ط, ح والتقريب "1/63" وفيه وهو
... =
(2/279)
خُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ
عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَوْسَطَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ سَمِعَ
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه عَامًا
أَوَّلَ مَقَامِي هَذَا فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ
مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ
فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ" 1. ألا تراه جعل
الفجور في حيز الكذب كما جعل البر في حيز الصدق يريد بذلك تأويل قوله
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}
2.
ومما يدل على صحة ما اخترناه من القول الآخر في تأويل حديث أبي ذر حديث
قيس بن أبي غرزة حَدَّثَنَاهُ ابن الأعرابي فيما أحسب أخبرنا ابن أبي
ميسرة أخبرنا الحميدي أخبرنا سفيان أخبرنا جامع بن أبي راشد وعبد الملك
بْنُ أَعْيَنَ3 وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ
أَبِي وَائِلٍ يَقُولُ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي غُرَزَةَ يَقُولُ:
كُنَّا نُسَمَّى السَّمَاسِرَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ
السَّلامُ فَأَتَانَا وَنَحْنُ بِالْبَقِيعِ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ
أَحْسَنُ مِنْهُ فَقَالَ: يامعشر التُّجَّارِ فَاسْتَمَعْنَا إِلَيْهِ
فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ وَالْكَذِبُ
فشوبوه بالصدقة" 4.
__________
= أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن داود الأموي أسد
السنة مات سنة 212 وله ثمانون سنة.
1 أخرجه أحمد في مسنده "1/11" بلفظ: "عليكم بالصدق والبر فإنهما في
الجنة وإياكم والكذب والفجور فإنهما في النار".
2 سورة الانفطار:"14".
3 في التقريب "1/517" "عبد الملك بن أعين الكوفي مولى بني شيبان صدوق
شيعي مات بعد المائة.
4 أخرجه الحميدي في مسنده "1/208" بلفظ "فاجتمعنا إليه" بدل "فاستمعنا
إليه" والترمذي في البيوع "3/505" وأبو داود في البيوع "3/242"
والنسائي في الإيمان "7/14" والبيوع أيضا "7/247" وابن ماجة في
التجارات "2/725" وأحمد في مسنده "4/6, 280" والحاكم في مستدركه "2/5".
(2/280)
والسماسرة واحدهم سمسار ويقال له: السفسير
أيضا والسمسرة عندهم بمعنى البيع والشراء وأنشد أَبُو زيد لبعض
الأعراب:
قد أمرتني زوجتي بالسمسرة ... فكان ما ربحت وسط العيثره
وفي الزحام إن وضعت عشره1
ويقال أَنَّهُ دخيل في كلام العرب. والسمسار عند العامة هو الَّذِي
يتولى البيع والشراء لغيره وقد جاء في شعر الأعشى ما يشبه هذا المعنى
وهو قوله:
فعشنا زمانا وما بيننا ... رسول يحدث أخبارها
/ وأصبحت لا أستطيع الجوا ... ب سوى أن أراجع سمسارها2 [108]
جعل السفير بينهما سمسارا
__________
1 ط: "العثيرة" بدل "العثيرة, والبيتان الثاني والثالث في اللسان "وضع"
دون عزو.
2 الديوان "90" برواية "لا أستطيع الكلام".
(2/281)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّ خُفَافَ بْنَ إِيمَاءَ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ
رَجُلا يُصِيبُ الطَّرِيقَ وَكَانَ شُجَاعًا يَنْفَرِدُ وَحْدَهُ
وَيَغِيرُ عَلَى الصِّرْمِ فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ ثُمَّ إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى قَذَفَ الإِسْلامَ فِي قلبه فسمع بالنبي فَخَرَجَ
إِلَى مَكَّةَ فَأَسْلَمَ1.
يَرْوِيهِ الواقدي أخبرنا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ
شِبْلٍ عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ2 بْنِ رَحْضَةَ الْغَفَّارِيِّ.
قَالَ: وحدثني أَبُو معشر أَنَّهُ لما خرج إلى مكة أخذ شيئا من البهش
__________
1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "4/222" وابن الجوزي في صفة الصفوة "1/585".
2 التقريب "1/224" خفاف بضم أوله وفائين ابن إيماء بكسر الهمزة بعدها
تحتانية ساكنة الغفاري صحابي مات في خلافة عمر رضي الله عنه.
(2/281)
فتزوده إلى مكة1. الصرم النفر ينزلون
بأهلهم على الماء يُقَالُ هم أهل صرم وتجمع على الأصرام وأما الصرمة
بالهاء فالقطعة من الإبل يُقَالُ هي نحو الثلاثين من العدد يُقَالُ رجل
مصرم إذا كان صاحب صرمة.
وعماية الصبح بقية ظلمة الليل قبل أن يسفر قَالَ الراعي:
حتى إذا نطق العصفور وانكشفت ... عماية الليل عنه وهو معتمد2
ويقال: فلان في عماية من أمره كما يُقَالُ في عمى3 من أمره ويقال لبقية
ظلمة الليل بعد الفجر غبش فأما الغلس فبعيد ذلك.
وأخبرني عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَوْنَكَ بُسْتِي4 أخبرنا ابن
الجنيد حدثنا محمد بن قوامة المروزي أخبرنا النضر بن شميل أنبأنا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يُصَلِّي
الصُّبْحَ وَنِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ لا
يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَبَشِ"5. قَالَ ذو الرمة:
كأن من الديباج جلدة وجهه ... إذا أسفرت أغباش ليل يماطله6
__________
1 أخرحه ابن سعد في طبقاته "4/223" وفي النهاية "بهش" "1/167" البهش:
المقل الرطب.
2 الديوان "165".
3 ح: "في عماء".
4 ساقطة من ح.
5 أخرجه البخاري في مواضع منها مواقيت الصلاة "1/143" ومسلم في المساجد
ومواضع الصلاة "1/446" والترمذي في الصلاة "1/287" وأبو داود في الصلاة
"1/115" والنسائي في المواقيت "1/271" وأحمد في مسنده "6/179, 248,
258" كلهم بلفظ: "الغلس" بدل: "الغبش".
6 الدبوان "471" برواية "جلدة رأسه".
(2/282)
|