غريب الحديث للخطابي

حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه
حديث جابر أنه قال: "ماجزر عند الماء وضفير البحر فكله".
...
حديث جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا جَزَرَ عَنْهُ الْمَاءُ وَضَفِيرُ الْبَحْرِ فَكُلْهُ1.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.
ضفير البحر شطه وأكثر ما يُقَالُ الضفيرة بالهاء يُقَالُ ضفيرة الوادي وهي الجانب الَّذِي علاه الماء فبطحة فأما الجانب الَّذِي يلي جبلا أو جرفا فإنما يُقَالُ له: السيف وكذلك ما داناه من الساحل يُقَالُ له: السيف والضفيرة المسناة أيضا.
__________
1 أخرحه أبو داود في الأطعمة "3/358" مرفوعا عن جابر بلفظ: "ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطأ فلا تأكلوه" ثم أشار إلى أنه في بعض الطرق موقوف على جابر, وأخرجه ابن ماجة مرفوعا في كتاب الصيد "2/1082".

(2/383)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّمَا شَفَاعَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَوْبَقَ نَفْسَهُ وَأَغْلَقَ ظَهْرَهُ1.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النجاد أخبرنا هلال بن العلاء الرقي أخبرنا ابن نفيل أخبرنا زُهَيْرٌ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ.
قوله: أغلق ظهره الأصل فيه أن يدبر ظهر البعير حتى ينغل باطنه
__________
1 ذكره صاحب كنز العمال "14/631" بلفظ "وأثقل ظهره" بدل "أغلق ظهره" وعزاه للبيهقي في البعث وابن عساكر في تاريحه وذكره العجلوني في كشف الخفاء "2/15" بلفظه في حديث الشفاعة وذكره ابن كثير في النهاية في الفتن "2/203" بلفظ "لمن أوثق نفسه وأغلق ظهره" وعزاه للبيهقي.

(2/383)


فلا يكاد يبرأ يُقَالُ غلق ظهر البعير غلقا وأغلقه صاحبه إذا أثقل حمله حتى يصيبه ذلك شبه الذنوب التي أثقلت ظهره بذلك.
وَقَالَ بعض أهل اللغة أصل هذا لن يعمد صاحب الإبل إلى البعير الَّذِي أمأت1 به إبله فينزع سناسن من فقرته ويعقر سنامه لئلا يركب كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية وهو شبيه بالحامي الَّذِي كانوا يحمون ظهره ويحرمون ركوبة قَالَ والغلق الظهر من الإبل ما لا يركب ظهره لكثره ندوبه وسيلانها.
وَقَوْلُهُ: أوبق نفسه أي أهلكها ومن هذا قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} 2 أي يهلكهن يُقَالُ3: وبق الرجل يبق إذا هلك قَالَ الشاعر:
أستغفر اللَّه ذنبا لست محصيه ... من عثرة أن يؤاخذني بما أبق
__________
1 القاموس "مأى" أمأت به إبله: بلغت به المائة.
2 سورة الشورى: "34".
3 د: "قال الكسائي: يقال: وبق الرجلالخ".

(2/384)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ إِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مجببة جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} 1 الآيَةَ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ2.
حَدَّثَنَاهُ3 إِبْرَاهِيمُ بْنُ فراس أخبرنا موسى بن هارون أخبرنا أبي أخبرنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ أخبرنا أَبِي سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنِ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ المنكدر عن جابر.
__________
1 سورة البقرة: "223".
2 أخرجه مسلم في النكاح "2/1059" والبيهقي في السنن الكيرى "7/195" والطبري في تفسيره "2/397" بدون الجملة الأخير.
3 ط: "أحمد بن فراس".

(2/384)


التجبية أن يأتيها من خلفها وأصلها1 من قولك جبى الرجل إذا أكب على وجهه والصمام يريد2 به الفرج وإنما هو الشيء الَّذِي يسد به الفرجة ومنه صمام القارورة إلا أنهم ربما سموا الشيء باسم غيره إذا جاوره وقاربه كتسميتهم المطر سماء وذلك لأنه من السماء ينزل وتسميتهم الكلأ غيثا لأنه بالمطر ينبت.
وقد يروى سماما بالسين وسمام الإبرة وسمها واحد.
أخبرنا عبد الرحمن بن أسد3 أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق أنبأنا مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ أَرَادُوا أَنْ يَأْتُوا النِّسَاءَ في أدبارهن وفروجهن فأنكرن ذَلِكَ فَجِئْنَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ سِمَامًا وَاحِدًا" 4.
يُرِيدُ أَنَّهُ لا يَعْدُو الْفَرْجَ الَّذِي هُوَ المأتى.
__________
1 د, ح, ط: "وأصله".
2 د, ح: "يراد به".
3 د: "عبد الرحمن بن راشد".
4 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/443" عن صفية بنت شيبة ولم يذكر أم سلمة وأخرجه الترمذي في تفسيره "5/215" عن حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة مختصرا برواية: "صماما" ثم قال: ويروى "في سمام واحد" وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "4/230 – 231" والبيهقي في السنن الكبرى "7/195" وكلاهما بلفظ "صماما" والطبري في تفسيره "2/396" بلفظ "صماما واحدا".

(2/385)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ فَأَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَكُنْتُ فِي أَوَّلِ الْعَسْكَرِ إِذْ عَارَضَنَا رَجُلٌ شَرْجَبٌ فِي حَدِيثِ طَوِيلٍ ذكره1.
يرويه سعد بن عبد الحميد بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الفضل عن القاسم بن عبد الرحمن الأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله.
الشرجب الطويل من الرجال قَالَ العجير:
فقام فأدني من وسادي وساده ... طوي البطن ممشوق الذراعين شرجب2
__________
1 الفائق "شرجب" "2/239" والنهاية "شرجب" "2/456".
2 الفائق "شرجب" "2/239".

(2/386)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: سِرْتُ مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُزَاةٍ1 فَقَامَ فَصَلَّى وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةً فَذَهَبْتُ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبٌ فَنَكَسْتُهَا وَخَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا لا تسقط2.
أخبرناه عن ابن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا يحيى بن الفضل السجستاني أخبرنا حاتم بن إسماعيل حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ جابر.
ذباذب الثوب: أهدابه وسميت ذباذب لتذبذبها وهو أن تجيء وتذهب.
قَالَ أَبُو عمرو: أطراف الثياب يُقَالُ لها الذعاليب واحدها ذعلوب،
__________
1 د: "في غزوة".
2 أخرجه مسلم في الزهد "4/2305" وأبو داود في الصلاة "1/171" والفائق: ذبذب" "2/6".

(2/386)


وهي الذناذن أيضا واحدها ذنذن مثل ذنذن الشجر سواء وأسافل القميص يُقَالُ لها1 الذلاذل واحدها ذلذل قَالَ الشاعر:
إذا خرج الفتيان للغزو شمرت ... عَنِ الساق يوم الروع منه ذلاذله
وَقَوْلُهُ: تواقصت عليها أي أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط وهو أن يحني عليها عنقه2 كأنه يحكي خلقة الأوقص وهو الَّذِي قصرت عنقه كأنه رد في جوف صدره.
وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عَلَيْهِ وسلم نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ / وَقَالَ لَهُ: "إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا [144] فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ على حقويك" 3.
__________
1 د: "يقال له الذلاذل".
2 سقط من ح.
3 د, ح, ط, "حقوك".

(2/387)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي قِصَّةِ خَيْبَرٍ لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى حِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ أَقَمْنَا عَلَيْهِ يَوْمَيْنِ نُقَاتِلُهُمْ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ خَرَجَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ الرَّقْلُ فِي يَدِهِ حَرْبَةٌ وَخَرَجَتْ عَادِيَتُهُ مَعَهُ وَأَمْطَرُوا عَلَيْنَا1 النَّبْلَ فَكَأَنَّ نَبْلَهُمْ رِجْلُ جَرَادٍ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ2.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه.
__________
1 ط: "وأمطروا عليه النبل".
2 أخرجه الواقدي في مغازي "2/662 – 663" وفيه "الدقل" بدل "الرقل". و"مثل الجراد" بدل "رجل جراد".

(2/387)


الرقل: النخل الطوال واحدتها رقلة شبهه في طوله بالنخلة.
ويقال أرقلت الشجرة إذاعظمت وطالت.
وَقَوْلُهُ: خرجت عاديته يريد أصحابه وأعوانه والعادية خيل تعدو للغارة أي تشد وتقبل ويقال للرجالة أيضا عادية ومن هذا عدوة اللص وأنشدني أَبُو عُمَر أنشدنا ثعلب عَن ابن الأعرابي لسليك.
يا صاحبي ألا لا حي بالوادي ... إلا عبيد وآم بين أذواد
أتنظران قليلا ريث غفلتهم ... أم تعدوان فإن الريحإ للعادي1
والريح: القوة والغلبة قَالَ اللَّه تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} 2.
ورجل3 جراد: جماعة من الجراد.
__________
1 في اللسان والتاج "أما" البيت الأول وعزي للسليك وفي مادة "روح" البيت الثاني وعزي لسليك أو تأبط شرا. قال ابن بري: قيل الشعر لأعشى فهم من قصيدة أزلها:
يا دارك بين غبارات وأكباد ... أقوت ومر عليها عهد آباد
جرت عليها رياح الصيف أذيلها ... وصوب المزن فيها بعد إصعاد
2 سورة لأنفال: "46".
3 في القاموس "رجل" الرجل: القطعة العظيمة من الجراد "ج" أرجال.

(2/388)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ: ذَكَرَ مَبْعَثَ سَرِيَّةٍ كَانَ فِيهَا وَأَنَّهُمْ أَرْمَلُوا مِنَ الزَّادِ قَالَ فَبَيَّنَّا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ إِذَا رَأَيْنَا سَوَادًا فَلَمَّا غَشَيْنَاهُ إِذَا دَابَّةٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنَ الأَرْضِ فَأَنَاخَ عَلَيْهِ الْعَسْكَرُ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً يَأْكُلُونَ مِنْهَا ما شاءوا حتى ارتعفوا1.
__________
1أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "9/252" بلفظه غير أنه قال: أزمنا الزاد, وهو تصحيف. وكذالك قال: "حتى أربعوا" بدل "حتى أرتعفوا" وقال: رواه مسلم وقد راجعت صحبح مسلم فرأيت أنه يسوق السند ولم يذكر الألفاظ انظر "3/1537".
وأخرجه النسائي في الصيد "7/207" والدارمي في 2/91, وكلاهما بألفاظ أخرى.

(2/388)


من حديث أبي أسامة حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ.
حَدَّثَنِيهُ الثقة من أصحابنا أخبرنا ابن زيرك عَنْ أَبِي الْبُخْتُرِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
الارتعاف بمعنى السبق والتقدم يُقَالُ: رعف الفرس إذا سبق يرعف بفتح العين ومن الرعاف يرعف بضمها يريد أنهم أكلوا منها حتى ثابت إليهم أنفسهم وقويت أبدانهم فصاروا يتسارعون على أقدامهم أو يتسابقون شدا على أرجلهم أو نحو هذا من الكلام وفي هذا الحرف1 عندي نظر وقد جاء في رواية أخرى: "فأكلوا منها حتى سمنوا"2.
__________
1 ح: "وفي هذا الكلام".
2 أخرجه مسلم في الصيد "3/1535" بلفظ "حتى سمنا".
وفي النهاية "رعف" "2/235" ارتعفوا أي أقدامهم فركبوها وتقدموا.

(2/389)