غريب الحديث للخطابي 5- فهرس اللغة:
الجزء الأول
رقم اللوحة
* تقضقصوا: أي تفرَّقوا، وأصله تقضَّضوا، من القضِّ، وهو كَسْر الشيءِ
وتَفرِيقُ أجزائه. ومن مذهبهم إدخالُ الحرف بين الحَرْفَين من جِنْسٍ
واحد؛ كراهة اجتماعهما، وأكثره في المضعف. 27
* العين قد تُبَدل همزةً لقرب مخارجهما، وكذلك الهمزة تبدل عينًا،
فالأول مثل الأُثكول والإثكال لغتان في العثكول والعثكال، والثاني كقول
الشاعر:
فَما أُبالي إذا ما كُنتِ جارَتنا ... علَّا يُجاوِرَنا إلاك ديار
يريد: ألا 47
* الخاء والعين أختان في قرب المخرج، نام رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى
سَمِعْتُ غَطِيطَهُ، أو خطيطه. 57
* ذهب بعض أهل اللغة إلى مجاز تَغْليبِ أحدِ الاسمين على الآخر،
كقولهم: العصران للغداة والعشي،
والأسودان للتَّمرْ والماء، وسِيرَةُ العُمَريْن، يريدون أبا بكر
وعُمَر, وهو عند أصحاب المعاني عَلَى حقيقة الاسم,
والوضع في كل واحد منهما كالبَرْدَين، والجَديدَيْن، وما أشْبَهَهُما
من مثنى الأسماء. 61
* الفاء تُبدَل من الثّاء في لغة كثير من العرب، كقولهم: جَدَث وجَدَف،
وثُوم وفُوم. 63
* الحاء والهاء أُختان في قُربِ المَخْرج، وقد يَتَعاقَبَان في مواضع,
كقولهم: مَدَح ومَدَه، وفَرِح وفَرِه, وكذلك
الهاء والهمزة يتعاقبان أيضًا، كقولهم: هَراق الماءَ وأَراقه،
وهِبْرِيَةُ الرأس وإبريته، وإياك وهياك.
(3/615)
رقم اللوحة
* يجري الإبدال في الحروف المتقاربة في مخارجها من اللسان, كالصقر،
والسقر، والزقر. وقد قرئ: الصِّراط، والسراط، والزراط. 139
* "أراك لقًّا بقًّا". قوله: بَقًّا إتْبَاع؛ ليزْدَوجَ بِهِ الكلام،
كقولهم: شيْطَانٌ لَيْطانٌ، وعَطشانُ نَطْشَان، وجائع نائع. 154
* ليْسَ في الكلام نُونٌ تُشْبهُ نُونَ الاثنين إلا جَاءَتْ مَكْسُورةً
غير نون شتان وأخواتها، ويشبه أن تكون شتانَ مصْدرًا ونُونُها
مَفْتُوحةٌ في الأحْوال كُلّها، وكذلك وشكانَ، وسَرْعَان، وبطآن. 154
* قد تُبْدَلُ المِيمُ باءً لِقُرب مخارجهما, كقولهم: سمَّد رأسَه
وسبَّده، وأمرٌ لازم ولازب. 164
* قولهم: "النَّقد عند الحافرة", معناه النقد عن السبق؛ وذلك أنّ
الفَرَسَ إذَا سبق أخذ الرهن, والحافرَةُ: الأرضُ، والأَصْلُ فيها:
مَحفُورَةٌ، فصُرِفَتْ عَنْ مَفْعُولَةٍ إلى فاعلة، كما قِيلَ: ماء
دافِقٌ: أي مَدْفُوقٌ وسِرٌّ كاتمٌ: أي مَكْتُومٌ. 175
* تقحم الألف قبل واو العطف في بعض الأحوال، كقوله تعالى:
{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} والمعنى:
"ويزيدون"، وكقول الرسول عليه السلام: "فَاعْلِفْ بَعِيرًا، أَوْ
أَشْبِعْ نَفْسًا" لم يُرِدْ أَحَدَ الأَمْرَيْن دُونَ الآخر؛
لأنّ الحاجة إليهما واحدةٌ، وإنّما هُوَ اعْلِفْ بعيرًا، وَأَشْبِعْ
نفسًا، وكقول النابغة:
ألا ليْتَما هذا الحَمام لنا ... إلى حَمامتنا، أَوْ نِصْفَه فقَدِ
يريد: ونصفه. 176
* العَرَبُ تأتي بلَفْظ الجماعة والمعنى واحد، كقول الشاعر:
وطابَ ألبَانُ اللِّقاح وَبَرَد
أراد بالألبان اللبن، ولذلك قال: وبرد.
وقد تأتي العَربُ بلفْظ الواحِد تُرِيدُ بِهِ الاثْنَين, كقوله:
إِذَا رأيْتَ أنجُمًا منَ الأسَدْ ... جَبْهتَهُ أو الخراة والكتد
أراد الخراتين.
(3/616)
رقم اللوحة
وتأتي بالواحد في معنى الجميع كقوله تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ
الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} , فالإنسان هنا في معنى الجَمِيع؛ لأنّه قد
استَثْنى منه جَماعةً بقوله: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} , فمُحَال أن
يَسْتَثني جماعةً من واحد. 240، 241
* "أفعل" ينصرف في الكلام عَلَى وجوهٍ: يُقالُ: أَفعَلْتُ الشيء بمعنى
عَرَّضته للفعل، كقولك: أَقتَلْتُ الرِّجُلَ إذَا عرَّضْتَهُ للقتل،
ويكون أفعلتُ بمعنى أصابني ذَلِكَ، كقولك: أقحَطْتُ من القَحْط،
وأسنتُّ من السَّنة. ويكون أفعل بمعنى حانَ ذَلِكَ منه، كما قِيلَ:
أَركبَ المُهْرُ، وأقْطفَتِ الثَّمرةُ. ويكون أَفعلْت الشيء بمعنى
وَجَدْتُه كذلك، كقولك: أحْمَدْتُ الرَجُلَ، إذَا وجَدْتَهُ مَحمودًا،
وأبخلته, إذا وجدته بخيلا. 264
(3/617)
الجزء الثاني
* قَالَ الفَرَّاءُ: العَرَبُ إذا ذَكَرَت نَكِرَةً، ثُمَّ
أَعَادَتْهَا بِنَكِرَةٍ مِثْلَهَا صَارَتَا اثْنَتَيْنِ، كَقَوْلَكَ:
"إذا كَسَبْتَ دِرْهَمًا
فَأَنْفِق دِرْهَمًا"، فَالثَّانِي غَيْرُ الأَوَّل، وإذا أَعَادَتْهَا
بِمَعْرِفة فَهِي هِي كَقَوْلِكَ: "إذا كَسبْتَ دِرْهَمًا فَأَنْفِق
الدِرْهَم", فَالثَّاني هُوَ الأَوَّل قَال: ومِن هَذَا قَوْلُ بَعْض
الصَّحَابةِ: "لَنْ يَغْلِب عُسْرٌ يُسْرَيْن" وقَالَ بَعْضُ
المُتَأَخِّرِين: هُمَا سَوَاءٌ لا فرق بينهما. 27
* تبدل الهمزة هاء, كقوله: "هيمنوا": أي أمنوا، أبدلت الهمزة هاء،
وكقولهم: أرقت الماء وهرقته، وإبرية وهبرية. 35
* تبدل الميم الأولى من "أمّا" ياء، كقولهم: "أيما" بمعنى "أما"، قَالَ
عمر بن أبي ربيعة:
(3/617)
رقم اللوحة
رأت رجلا أيْمَا إذا الشمس عارضت ... فيضحى وأيما بالعشي فيخصرُ 35
*تبدل الثاء فاء في بعض الكلمات كقولهم: ثُوم وفُوم، وجدث وجدف، وثوب
ثرقبي وفرقبي. 36
* الدال تبدل طاءًا؛ لقرب مخرجهما، قال أعرابي لرجل: "ما أبعط طارك"،
يريد: ما أبعد دارك، ونثط ونثد. 38
* وقد تبدل الباء ميمًا، وكذلك تبدل الميم باء؛ وذلك لقرب مخرجيهما،
كقولهم: سمَّد رأسه وسبَّده، ولازم ولازب، وما اسمك وباسمك، والموماة
والبوباة. 43، 46
* العرب تحقق الهمزة وتبدلها وتُلَيِّنها، فالتحقيق أن تقول: قرأت
وخبأت، والإبدال أن تقول: قريت وخبيت، وماليت مبدلة من مالأت، والتليين
أن تقول: قرات وخبات. 58
* ثلاثة أحرف تركت العرب الهمز فيها وأصله الهمز، البرية للخلق، من برأ
اللَّه الخلق، والبنا أصله من البناء، والخابية أصلها من خبأت الشيء.
58
* "لبيك"، أصله من لب الرجل بالمكان وألب به، ثم قالوا: لبَّيت، كما
قالوا: تظنيت من الظن، وأصله تظننت، وتسريت سُرِّيَّة، وأصله تسررت من
السِّرِّ، وهو النكاح. قَالَ الأحمر: وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يجمعوا
في الكلمة بين ثلاث راءات ونونات، فأبدلوا من الأخيرة ياء. 87
* قال ابن مسعود: "أعْلِ عَنِّج" قوله: عنج، إنما هو عني، أبدل الياء
جيما, وهو لغة لبعضهم، وأنشدوا في ذلك:
يا رب إن كنت قبلت حجتج ... فلا يزال راكب يأتيك بِج
فأما الذين من لغتهم أن يجعلوا الياء الثقيلة جيما أعجمية, فهم قوم من
ربيعة، وأنشدوا لهم:
المطمعون اللحم بالعشجِّ ... وبالغداة فلق البَرْنِجِّ 96
(3/618)
رقم اللوحة
* فأما من يجعل كاف المخاطبة جيما فهم قبائل من اليمن، سأل رجل منهم
بعض الفقهاء عَنْ مسألة فَقَالَ له: "أصلحج اللَّه، ما تقول في كذا؟ "
يريد: أصلحك اللَّه، وعلى هذا روي حديث عائشة: "إيذني له، فإنه
عَمُّج": أي عَمُّك. 96
* فأما الذين من لغتهم أن يجعلوا كاف خطاب المؤنث شينا فهم بكر،
وتُسَمَّى هذه كشكشة, وبها قرأ من قرأ منهم: {إن الله اصطفاش وطهرش} .
97
*الكلمات ذوات التضعيف إذا كثر استعمالها حذفوا أحد الحرفين في لغة
لهم؛ طلبا للخفة, كقولهم: مَسِتْها، يريدون: مَسَسْتها، وأحَسْت
يريدون: أحْسَسْت، وشبهوه بالإدغام وليس بإدغام، إلا أَنَّهُ بعلة
الإدغام، وذلك أنهم نحوا بالإدغام التخفيف، لأن حروف التضعيف مما يثقل
تكراره على اللسان. 155
* حروف الصفات تتعاقب ويبدل بعضها مكان بعض، كقوله عز وجل: {مَنْ
أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} يريد مع اللَّه، وكقوله: {وَلا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} : أي مع أموالكم. 166
* قَالَ الفراء: العرب تزيد الميم في نواقص الأسماء، مثل: ابن، وفم،
فتقول: ابنم. ويزيدونه أيضا في الكلمة، إذا أسقطوا من أولها شيئا مثل:
زرقم، وستهم، وسدقم، من الأزرق والأسته، والأشدق. قَالَ غيره: وقد يكون
هذا على وجوه: جاء على فُعلم بالضم نحو ستهم، وزرقم، وفسحم، وهو الواسع
الصدر، من الفسح. وعلى فَعلم بالفتح، نحو شدقم، وشجعم، وهو الشجاع.
وعلى فِعلم بالكسر. نحو دِقعم، وهو التراب وأصله الدقعاء، ودِلقم، وهي
الناقة المتكسرة الأسنان، والأصل: اندلقت أسنانها: أي خرجت وسقطت،
وأنشد سيبويه:
ليست بكرواء ولكن خِذْلِمُ ... ولا برسحاء ولكن سُتْهُمُ
الكرواء: الدقيقة الساقين، والخِذلم: الخدلة "الممتلئة". 171، 172
(3/619)
رقم اللوحة
* تأخير حرف العلة، أو الهمزة، أو غيرها في بعض كلمات نطقت بها العرب،
كقوله: بِلِطًى جمع لِيْطَة، وهي القطعة تقشرها من وجه الأرض, وكان
القياس أن يقول: بِلِيَط، إلا أَنَّهُ قدم الطاء على مذهبهم في تأخير
حرف العلة، كقولهم في جمع القَوْس: قِسِىّ، وفي جمع الدلْو: دُلِيّ.
ومن هذا الباب قولهم: طامَن، ثم قالوا: اطمأن، فأخروا الهمزة وقدموا
الميم، ومثل هذا في كلامهم كثير. 187
*الإتباع في كلامهم على ضربين: أحدهما أن يُقَالُ بغير واو، كما
يُقَالُ: حسن بسن، وحارٌّ بارٌّ، وكثير بثير، وضال ثال. والوجه الآخر
أن يفصل بين الكلمتين بواو، كقولهم: جوعا له ونوعا، وقُبحًا له
وشُقحًا، وما له عافطة ولا نافطة، وما له حُمٌّ ولا رُمٌّ: أي ما له
شيء. 215
(3/620)
الجزء الثالث
رقم اللوحة
*تترك العرب الإعراب؛ لتتوخى به ازدواج الكلام، كقوله: لبّى يديك، وكان
حقه أن يقول: يداك؛ لتأتلف الكلمتان وتزدوجا "انظر الحديث". وكقولهم:
"إنه ليأتينا بالغدايا والعشايا"، وإنما تجمع على الغدوات، فسلكوا بها
مسلك العشية؛ لتزدوج الكملتان.
وقالوا: "حياك الله وبياك"، وإنما هو بواك، فحولوها عن الواو إلى
الياء، ومثلُ هذا في كلامهم كثير. 218
(3/620)
|