غريب الحديث للقاسم بن سلام حصص
حوص وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث ابْن عمر أَنه أَتَتْهُ امْرَأَة
فَقَالَت: إِن ابْنَتي عُرَيِّسٌ وَقد تَمَعَّطَ شَعْرُها فأمروني أَن
أُرَجِّلها بِالْخمرِ فَقَالَ: إِن فعلتِ ذَلِك فَألْقى الله فِي
رَأسهَا الحاصّة.
(4/270)
قَوْله: الحاصَّة يَعْنِي مَا تَحُصّ
شَعْرَها تَحْلُقة كُله فتذهب بِهِ قَالَ أَبُو قيس بن الأسلت:
(السَّرِيع)
قد حَصَّتِ البَيْضَةُ رَأْسِي فَمَا ... أطَعم نوما غير تَهْجَاع
وَمِنْه يُقَال: بَين بني فلَان رَحِمٌ حاصّة أَي قد قطعوها وَحَصَوْها
لَا يَتَواصلون عَلَيْهَا وَأما حَدِيث عَليّ رَحْمَة الله عَلَيْهِ
أَنه اشْترى قَمِيصًا فَقطع مَا فَضَل عَن أَصَابِعه ثمَّ قَالَ لرجل:
حُصْهُ فإنّ هَذَا من غير الأول هَذَا من الحَوص أَي من الْخياطَة وَقد
حَاص يَحُوص. وَقَوله: حُصْه أَي اكففه يَعْنِي كفّ الثَّوْب] .
قفز وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عبد الله [بن عمر -] أَنه كره للمحرمة / النقاب والقفازين. 133
/ ب
(4/271)
[قَالَ أَبُو عبيد -] أما القُفّازان
فَإِنَّهُمَا شَيْء يُعمل لِلْيَدَيْنِ يحشى بِقطن وَيكون لَهُ أزرار
تُزَرّ على الساعدين من الْبرد تلبسه النِّسَاء وَالنَّاس على سَبِيل
الرُّخْصَة فِيهِ لِأَن الْإِحْرَام إِنَّمَا هُوَ فِي الرَّأْس
وَالْوَجْه.
طفف [وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث ابْن عمر حِين ذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبّق
الْخَيل قَالَ: كنت فَارِسًا يَوْمئِذٍ فسبقت النَّاس فطَفَّفَ بِي
الْفرس مَسْجِد بني زُرَيق - قَالَ: حَدثنَا ابْن علية عَن أَيُّوب عَن
نَافِع عَن ابْن عمر. قَوْله: طفف بِي مَسْجِد بني زُرَيْق يَعْنِي أَن
الْفرس وثب بِهِ حَتَّى كَاد يُسَاوِي الْمَسْجِد وَمن هَذَا قيل:
إِنَاء طَفّان وَهُوَ الَّذِي
(4/272)
قد قَرُب أَن يمتلئ فيساوي أَعلَى
الْمِكْيَال وَلِهَذَا سمي التطفيف فِي الْكَيْل قَوْله تَعَالَى:
{وَيْلٌ لَلْمُطَفّفِيْنَ} ويروى عَن سلمَان أَنه قَالَ: الصَّلَاة
مكيال فَمن وفى وُفي لَهُ وَمن طفف فقد سَمِعْتُمْ مَا قَالَ الله عز
وَجل فِي المطففين -] .
قنزع طير بن وَقَالَ [أَبُو عبيد -]
: فِي حَدِيث عبد الله [بن عمر -] أَنه سُئِلَ عَن رجل أهلّ بعُمْرة
وَقد لبّدَ وَهُوَ يُرِيد الحجّ فَقَالَ: خُذ من قنازع رَأسك أَو
مِمَّا يشرف مِنْهُ.
(4/273)
قَوْله: قنازع رَأسك يَعْنِي مَا ارْتَفع
وَطَالَ وَلِهَذَا سميت قنازع النِّسَاء [وَهَذَا شَبيه بحَديثه الآخر
حِين قَالَ: خُذ مَا تطايَر من شَعرك يَعْنِي مَا طَال مِنْهُ يُقَال:
قد طَال الشّعْر وطار بِمَعْنى] .
أَحَادِيث عبد الله عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ
ضنك وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عبد اللَّه بْن عَمْرو [بْن الْعَاصِ -] أَنه
(4/274)
عَطَسَ عِنْده رجل فشمّته رجل ثمَّ عطس
فَشَمَّته ثمَّ عطس فَأَرَادَ أَن يُشَمِّتَه قَالَ [لَهُ -] عبد الله
[بن عَمْرو -] : دَعْه فَإِنَّهُ مَضْنُوْكٌ. [قَالَ أَبُو زيد -]
[قَوْله: مضنوك -] المضنوك: المزكوم وَالِاسْم مِنْهُ الضُّنَاك
[وَفِيه لُغَتَانِ أَيْضا يُقَال: رجل مَضْؤُود ومَمْلُوء وَالِاسْم
مِنْهُمَا: الضُّؤْدة والمُلاْة قالهما اليزيدي] [على
(4/275)
مِثَال فُعْلة بجزم الْعين -] [وَيُقَال
مِنْهُ: اَضْأَده الله وأزْكَمَهُ الله وأملأه كلهَا بِالْألف فَإِذا
وصفوا صَاحبه قَالُوا على مِثَال مفعول: مَزْكُوم ومَضْؤُوْد
ومَمْلُوْء وَكَانَ الْقيَاس أَن يكون على مِثَال مُفْعَل مثل:
أزْكَمَه الله فَهُوَ مُزْكَم. وَكَذَلِكَ مَحْمُوم ومَسْلُول يُقَال:
أحمّه الله وأسلّه الله فَإِذا لم يذكرُوا الله عز وَجل قَالُوا: حُمّ
الرجل وسُلَّ وزُكِمَ وضُئِدَ ومُلِئ كلّه بِغَيْر ألف ثمَّ بني مفعول
على هَذَا] .
كنر كوب غبر عرطب [وأَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَن الله تبَارك وَتَعَالَى أنزل الحقّ
ليُذْهِب بِهِ الْبَاطِل وَيبْطل بِهِ اللَّعِب والزَّفن والزَّمّارات
والمَزَاهر والكِنّارات قَالَ حَدَّثَنِيهِ أَبُو النَّضر عَن عبد
الْعَزِيز بن عبد الله ابْن أبي سَلمَة عَن هِلَال بن أبي هِلَال عَن
عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَمْرو.
(4/276)
قَوْله: المَزَاهر وَاحِدهَا: مِزْهَر
وَهُوَ الْعود الَّذِي يضْرب بِهِ (وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع فِي
النسْوَة اللَّاتِي ذكرن أَزوَاجهنَّ فَقَالَت وَاحِدَة مِنْهُنَّ قد
ذكرت زَوجهَا وَإِبِله فَقَالَت: إِذا سمعن صَوت المزهر أيقنّ
أَنَّهُنَّ هوالك يَعْنِي أنّه ينزل بِهِ الضيفان فينحر لَهُم ويسقيهم
ويأتيهم باللهو قَالَ الْأَعْشَى يمدح رجلا الْخَفِيف: ... جَالس حوله
الندامى فَمَا ين ... فك يُؤْتى بمِزْهَرٍ مَجْدُوفِ
فَهَذَا المزهر لَا يخْتَلف فِيهِ) . وَأما الكنّارات فإنّها يخْتَلف
فِيهَا فَيُقَال: إِنَّهَا العيدان أَيْضا وَيُقَال: هِيَ
(4/277)
الدفوف وَهُوَ فِي حَدِيث مَرْفُوع قَالَ:
حدّثنَاهُ يزِيد عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن
عبد الله بن عَمْرو قَالَ: نهى رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم عَن الخَمْر والمَيْسر والكُوبة والغُبَيراء وكل مُسكر وَذكر
فِيهِ الكنّارات أَيْضا. فَأَما الكنّارات فَمَا ذكرنَا. وَأما الكُوبة
فإنّ مُحَمَّد بن كثير أَخْبرنِي أَن الكُوبة النَّرْد فِي كَلَام أهل
الْيمن وَقَالَ غَيره: الطبل. وَقَالَ ابْن كثير: لَا أعرف الغبيراء
وَقَالَ غَيره: الغبيراء: السُّكُرْكَةُ وَهُوَ شراب يعْمل من الذُرّة
والسُكُرْكَة بالحبشية وَهُوَ شرابهم. (وَأما الحَدِيث الآخر: إِن الله
يغْفر لكل
(4/278)
مذنب إِلَّا لصَاحب عَرْطَبَةٍ أَو كُوبة.
فقد قيل فِي العَرْطَبة: إِنَّهَا الْعود أَيْضا وَأما الكُوبة فَمَا
ذكرنَا فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَسمَاء فِي الْعود وَالِاسْم الرَّابِع
البربط وَلَا أعلم مِنْهَا اسْما عَرَبيا إِلَّا المِزْهَر وَحده) ] .
ضمن وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عبد الله [بن عَمْرو -] أَنه قَالَ: من اكْتَتَبَ ضَمِنًا بَعثه
الله ضَمِنًا يَوْم الْقِيَامَة. [قَالَ أَبُو عَمْرو والأحمر
وَغَيرهمَا: قَوْله: ضَمِنًا -] الضَمِن الَّذِي بِهِ الزمانة فِي
جَسَده من بلَاء أَو كَسْر أَو غَيره وأَنْشدني الْأَحْمَر:
[المنسرح]
مَا خِلْتُني زِلْتُ بَعْدَكُمْ ضَمِناً ... أَشْكُو إِلَيْكُم
حُمُوَّةَ الألَمِ
[حُمُوَّةَ من الحَامي -] [وَالِاسْم من هَذَا الضمن وَالضَّمان
وَقَالَ
(4/279)
عَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ وَكَانَ قد
أَصَابَهُ بعض ذَلِك فِي نَفسه فَقَالَ:
(الطَّوِيل)
إِلَيْك إِلَه الخَلْق أرفع رغبتي ... عِياذا وخَوْفا أَن تُطِيْلُ
ضَمانيا
فالضَمان هُوَ الدَّاء. قَالَ أَبُو عبيد: وَمعنى الحَدِيث أَن
يَكْتَتِبَ الرجل أنّ بِهِ زمانة وَلَيْسَت بِهِ اعتلالا بذلك ليتخلّف
عَن الْغَزْو] .
رسع وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عبد الله [بن عَمْرو -] أَنه بَكَى حَتَّى رَسِعَتْ عينه
يَعْنِي فَسدتْ وتغيرت وَفِيه لُغَتَانِ: يُقَال:
(4/280)
قد رسع الرجل ورسع [وَيُقَال: رجل مُرَسِّع
-] [ومُرَسِّعة وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس: (المتقارب)
أيا هنْد لَا تَنْكحي بُوهة ... عَلَيْهِ عقيقته أحسَبا
مُرَسِّعَةً وسْط أَرْبَاعه ... بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أرنَبا
لِيَجْعَل فِي رِجْله كَعْبَهَا ... حِذارَ المنيّة أَن يَعْطَبا
والمُرَسِّعة: الْفَاسِدَة عينه والبوهة: الأحمق والعقيقة: الشّعْر
الَّذِي يُولد بِهِ الصَّبِي وَهُوَ عَلَيْهِ والأحسب: الَّذِي فِي
شعره حمرَة وَبَيَاض -] .
ثنى وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عبد الله [بن عَمْرو -] من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تُوضَع
الأخيار وترفع الأشرار وَأَن تقْرَأ المَثْناة على رُؤْس النَّاس لَا
تُغَيّر قيل: وَمَا المَثناة قَالَ: مَا استُكْتِبَ من غير كتاب الله
عزّ وجلّ.
(4/281)
[قَالَ أَبُو عبيد: فَسَأَلت رجلا من أهل
الْعلم بالكتب الأُوَل قد عرفهَا وَقرأَهَا عَن المَثْناة فَقَالَ: إِن
الْأَحْبَار والرهبان من بني إِسْرَائِيل بعد مُوسَى وضعُوا كتابا
فيهمَا بَينهم على مَا أَرَادوا من غير كتاب الله تبَارك وَتَعَالَى
فسَمَّوه الْمُثَنَّاة كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنهم أحلّوا فِيهِ مَا شاؤا
وحرموا فِيهِ مَا شاؤا على خلاف كتاب الله تبَارك وَتَعَالَى فَبِهَذَا
عرفت تَأْوِيل حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنه إِنَّمَا كره
الْأَخْذ عَن أهل الْكتب لذَلِك الْمَعْنى وَقد كَانَت عِنْده كتب
وَقعت إِلَيْهِ يَوْم اليرموك فأظنّه قَالَ هَذَا لمعرفته بِمَا فِيهَا
وَلم يُرد النَّهْي عَن حَدِيث رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ
وَسلم وسنّته وَكَيف ينْهَى عَن ذَلِك وَهُوَ من أَكثر الصَّحَابَة
حَدِيثا عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن
عَمْرو حِين سُئِلَ عَن الصَّدَقَة فَقَالَ: إِنَّهَا شرّ مَال إنّما
هِيَ مالَ الكسحان والعُوْران قَالَ حدّثنَاهُ عَليّ ابْن عَاصِم عَن
الْأَخْضَر بن عجلَان عَن فلَان عَن عبد الله بن عَمْرو.
(4/282)
قَوْله: الكُسْحان واحدهم أكْسَح وَهُوَ
المُقْعَد وَيُقَال مِنْهُ: كسح كَسِحَ يَكْسَحُ كَسَحاً قَالَ
الْأَعْشَى يذكر قوما سَكِرُوا: (الرمل)
بَين مَخْذول كَرِيم جَدُّه ... وخَذولِ الرِجْل من غير كَسَحْ
يَقُول: إِنَّمَا خذله السكر لَيْسَ من كسح بِهِ. وَمعنى الحَدِيث أَنه
كره الصَّدَقَة إِلَّا لأهل الزمانة كالحديث الآخر: لَا تحل الصَّدَقَة
لغنيٍّ وَلَا لذِي مرَّة سَوِيٍ -] .
غدف وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي
حَدِيث عَبْد اللَّه [بْن عَمْرو -] لنَفس الْمُؤمن أَشد ارتكاضا من
الْخَطِيئَة من العصفور حِين يُغْدَف بِهِ.
(4/283)
[قَوْله: يُغْدَفُ بِهِ -] الإغداف:
الْإِرْسَال للثوب والستر وَنَحْوه قَالَ عنترة: [الْكَامِل]
إِن تُغدِفي دوني القناع فإنني ... طَب بأخْذِ الفارِسِ المستلئِم
[يَقُول: إِن ترسلي قِناعكِ وتحتجبي مني فَإِنِّي كَذَلِك -] .
وَقَوله: حِين يغدف بِهِ يَعْنِي [حِين -] ترسل عَلَيْهِ الشَّبَكة أَو
الحبالة أَو مَا يُنْصَبُ لَهُ.
قنطر سلا بصر [وَقَالَ أَبُو عبيد:
فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو يُوشك بَنُو قَنْطُورَاء أَن يخرجوكم من
أَرض الْبَصْرَة فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة: ثمَّ مَه
ثمَّ نعود قَالَ: نعم وتكون لكم سلوة من عَيْش.
(4/284)
بَنو قنطوراء: التّرْك. وقَوْله: سَلْوَة
من عَيْش يَعْنِي النِّعْمَة وَقَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت:
(الْبَسِيط)
يَا سَلْوَةَ العَيْشِ لَوْ دَام النَّعِيْمُ لَنا ... وَمَنْ يَعِشْ
يَلْقَ رَوْعَاتٍ واحَزَاناَ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْبَصْرَة فِي غير هَذَا حِجَارَة لَيست بصلبة
والكذان مثله.
بصر قَالَ أَبُو عبيد: وَأما عبد
الله بن عَمْرو فإنّما أَرَادَ بِلَاد الْبَصْرَة نَفسهَا.
مسح وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عبد الله بن عَمْرو أَنه قَالَ: لَا تُمْسَحُ الأرضُ إِلَّا مَرَّةً
وَتركهَا خير من مائَة نَاقَة كلهَا أسودُ المُقْلة. ويروى عَن حَاتِم
بن أبي صَغِيرَة عَن عَمْرو بن دِينَار يسْندهُ إِلَى أبي ذَر أنّه
قَالَ مثل ذَلِك لعياش بن أبي ربيعَة. وفسّره بَعضهم قَالَ: إنّما
ذَلِك لِأَن التُّرَاب والحصى يَسْتَبِق إِلَى
(4/285)
وَجه الرجل إِذا سجد يَقُول: فَدَعْ مَا
سبق مِنْهُ إِلَى وَجهك.
بن قَالَ أَبُو عبيد: فَلهَذَا كره تَسْوِيَة الْحَصَى] .
أَحَادِيث عمرَان الحُصين
هود [وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عمرَان بن الْحصين أنّه أوصى عِنْد مَوته: إِذا مت فخرجتم بِي
فَأَسْرعُوا الْمَشْي وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوّد الْيَهُود
وَالنَّصَارَى قَالَ: حدّثنَاهُ ابْن علية عَن سَلمَة بْن عَلْقَمَة
عَن الْحسن عَن عمرَان بن الْحصين. قَوْله: لَا تُهَوِّدُوا التَهْويد:
الْمَشْي الروَيْدُ مثل الدَبيب وَنَحْوه وَكَذَلِكَ التهويد فِي
الْمنطق هُوَ السَّاكِن قَالَ الرَّاعِي يصف نَاقَة:
(4/286)
(الطَّوِيل)
وَخُوْدٌ من اللائي يُسَمِّعْنَ بالضُّحَى ... قَريضَ الرُّدَافَي
بالغِنَاء المُهَوِّدِ
أَرَادَ النَّاقة قَالَ: وخود. قَالَ أَبُو عبيد: ونرى أَن أَصله من
الهَوادة] . وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث عمرَان بن الْحصين أَن فِي
المَعاريض عَن الْكَذِب لَمَنْدُوَحةً. قَوْله: مَنْدُوْحَة يَعْنِي
سَعَة وفُسْحة
ندح ندح عرض قَالَ أَبُو عبيد:
وَمِنْه قيل للرجل إِذا عظم بَطْنه واتسع: قد انداح بَطْنه واندحى
لُغَتَانِ فَأَرَادَ أَن فِي المعاريض مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الرجل عَن
الِاضْطِرَار إِلَى الْكَذِب. والمعاريض أَن يُرِيد الرجلُ أَن
يتَكَلَّم الرجلُ بالْكلَام الَّذِي إِن صرح بِهِ كَانَ كذبا فيعارضه
بِكَلَام آخر يُوَافق ذَلِك الْكَلَام فِي اللَّفْظ وَيُخَالِفهُ فِي
الْمَعْنى فيتوهم السَّامع أنّه أَرَادَ ذَلِك وَهَذَا كثير فِي
الحَدِيث. [وَمِنْه حَدِيث إِبْرَاهِيم أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ:
إِنِّي اعترضت
(4/287)
على دَابَّة وَأَنَّهَا نفقت وَلست أعطي
عطائي إِلَّا أَن أَحْلف أَنما هِيَ الدَّابَّة الَّتِي اعترضت
عَلَيْهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم: اذْهَبْ فَخذ دَابَّة فاعترِضْ
عَلَيْهَا بجسدك ثمَّ احلِفْ عَلَيْهَا أَنَّهَا هِيَ الدَّابَّة
الَّتِي اعترضت عَلَيْهَا وَأَنت تَعْنِي اعتراضك بجسدك قَالَ
حدّثنَاهُ أَبُو الْمُنْذر الْكُوفِي عَن قيس بن الرّبيع عَن
الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم.
فتا بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن جَذَعَةٌ أحبّ إليّ من هَرَمة الله أَحَق
بالفتاءِ وَالْكَرم قَالَ: حدّثنَاهُ ابْن علية عَن أَيُّوب عَن ابْن
سِيرِين عَن عمرَان. قَوْله: بالفَتاءِ مَمْدُود وَهُوَ مصدر الفَتِيّ
السِنّ. يُقَال: بَين الفتاء وَقَالَ الشَّاعِر: (الوافر)
(4/288)
إِذا بَلَغَ الْفَتى مِائَتَيْنِ عَاما ...
فقد ذهب اللذاذُة والفَتاءُ
ويروى: فقد أودى فقصر الْفَتى فِي أول الْبَيْت لِأَنَّهُ أَرَادَ
الشابّ من الرِّجَال وَهَذَا لَا يكون أبدا إِلَّا مَقْصُورا وَقَالَ
الله تبَارك وَتَعَالَى: {قَاُلْوا سَمِعْنَا فَتًى يَّذْكُرُهْم
يُقَاُل لَه إبِراهِيْمُ} وَقَالَ: {وإذْ قَاَل مُوْسى لِفَتاهُ}
وَيُقَال: فَتِى بَيِّنُ الفَتاء وَفَتّىِ بَيِّنُ الفُتُوَّة.
حَدِيث عبد الله مُغَفَّل رَضِي الله عَنهُ
رجم وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عبد الله بن مُغفل فِي وصيّته: لَا تُرَجِّموا قَبْرِي - حدّثنَاهُ
إِسْحَاق بن عِيسَى عَن أبي الْأَشْهب عَن بكر بن عبد الله عَن عبد
الله بن مُغفل.
(4/289)
والمحدثون يَقُولُونَ: لَا تَرْجُموا
قَبْرِي قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا هُوَ لَا تُرَجِّموا يَقُول:
لَا تجْعَلُوا عَلَيْهِ الرَّجَمَ وَهِي الرِّجام يَعْنِي الْحِجَارَة
وَكَانُوا يجعلونها على الْقُبُور وَكَذَلِكَ هِيَ إِلَى الْيَوْم
حَيْثُ لَا يُوجد التُّرَاب قَالَ كَعْب بن زُهَيْر: (الطَّوِيل)
أَنا ابْن الَّذِي لم يُخْزِنِي فِي حياتِه ... وَلم اُخْزه حَتَّى
تَغَيَّبَ فِي الرجَمْ
رمس جمهر بن قَالَ أَبُو عبيد: وَقد
تأوّله بَعضهم على النِّيَاحَة وَالْقَوْل السيء فِيهِ من قَول أبي
إِبْرَاهِيم لإِبْرَاهِيم: لارْجُمَنّكَ يَعْنِي لأقولنّ فِيك مَا تكره
وَإِنَّمَا أَرَادَ ابْن مُغفل تَسْوِيَة الْقَبْر بِالْأَرْضِ وَأَن
لَا يكون مُسَنَّمًا مرتفعا وَكَذَلِكَ حَدِيث الضَّحَّاك حدّثنَاهُ
هشيم عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك أَنه قَالَ فِي وَصيته: وارْمُسُوا
قَبْرِي رَمْسًا. وَأما حَدِيث مُوسَى بن طَلْحَة
(4/290)
أَنه شهد دفن رجل فَقَالَ: جَمْهِرُوا
قَبْرَه جَمْهَرةً فَهُوَ غير ذَلِك إِنَّمَا أَرَادَ أَن يجمع
عَلَيْهِ التُّرَاب جمعا وَلَا يُطَيّن وَلَا يُصلح وَالْأَصْل من
هَذَا جَمَاهِير الرمل وَاحِدهَا جُمْهُور وجَمْهرة قَالَ
الْأَصْمَعِي: الْجُمْهُور الرملة المشرفة على مَا حولهَا وَهِي
المجتمعة قَالَ ذُو الرمة: (الطَّوِيل)
خَلِيلَيّ عُوجا من صُدُور الرواحِل ... بجمهور حُزْوَى فابكيا فِي
المنازلِ
حَدِيث سَلمَة الْأَكْوَع رَحمَه الله
ضحا بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: غزوت هوَازن مَعَ رَسُول اللَّه
صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم فَبينا نَحن نتضحى إِذْ أقبل رجل على جمل
أَحْمَر قَالَ حدّثنَاهُ أَبُو النَّضر عَن عِكْرِمَة بن عمار عَن
إِيَاس بن
(4/291)
سَلمَة عَن أَبِيه. قَوْله نَتَضَحّى
يُرِيد نَتَغَدَّى وَاسم ذَلِك الْغَدَاء الضَّحَاءُ وَإِنَّمَا سمي
بذلك لِأَنَّهُ يُؤْكَل فِي الضحاء وَقَالَ ذُو الرمة: (الطَّوِيل)
تَرَى الثَورَ يَمْشِي رَاجِعاً مِن ضَحائِه ... بهَا مثلَ مَشْيِ
الهْبِرِزِيّ المُسَرْولِ
والضَحاء: ارْتِفَاع الشَّمْس الْأَعْلَى وَهُوَ مَمْدُود مُذَكّر
والضُّحى مُؤَنّثَة مَقْصُورَة وَهِي حِين تشرق الشَّمْس.
أَحَادِيث مُعَاوِيَة أبي سُفْيَان رَحمَه الله
قشا ليا وَقَالَ أَبُو عبيد فِي
حَدِيث مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه دخل عَلَيْهِ
(4/292)
وَهُوَ يَأْكُل لياءً مُقَشًّى قَالَ
حَدَّثَنِيهِ الْوَاقِدِيّ بِإِسْنَاد لَهُ لَا أحفظه. قَالَ الْفراء:
المُقَشَّى هُوَ المُقَشَّر يُقَال مِنْهُ: قد قَشَوُت العُوْدَ
وَغَيره إِذا قَشَرْتَه فَهُوَ مَقْشُوٌ وقَشَّيْتُه فَهُوَ مُقَشىًّ.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: واللياء شَيْء يُؤْكَل مثل الحِمَّص أَو نَحْوِه
وَهُوَ شَدِيد الْبيَاض يُقَال للْمَرْأَة إِذا وصفت بالبياض:
كَأَنَّهَا اللياء.
(4/293)
شأز
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث مُعَاوِيَة أَنه دخل على خَاله أبي
هَاشم ابْن عتبَة وَقد طُعن فَبكى فَقَالَ: مَا يبكيك يَا خَال أوجع
يُشْئِزُكَ أم على الدُّنْيَا قَالَ: حدّثنَاهُ الْأَبَّار عَن
مَنْصُور عَن أبي وَائِل عَن سُبْرَة بن سهم عَن مُعَاوِيَة. قَوْله:
يشئزك يَعْنِي يقلقك يُقَال: قد شَئِزْتُ إِذا قَلِقْتَ وَلم تقر
وأشأزَني غَيْرِي قَالَ ذُو الرمة: (الْبَسِيط)
فبَات يُشْئزُه ثَأدٌ ويُسْهُرُه ... تَذاؤُبُ الرّيح والوَسْوَاسُ
والهِضَب
هَضْبَة وهِضَبٌ مثل بَدْرةٍ وَبدر وبضعَة وبِضَعٍ. وَقَالَ أَبُو
عبيد: فِي حَدِيث مُعَاوِيَة أَنه قدم من الشَّام فَمر
(4/294)
بِالْمَدِينَةِ فَلم تلقه الْأَنْصَار
فَسَأَلَهُمْ عَن ذَلِك فَقَالُوا: لم يكن لنا ظهر. قَالَ: فَمَا فعلتْ
نَواضِحُكم قَالُوا: حَرَثْناها يَوْم بَدْرِ.
حرث بن قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي
هَزَلْناها يُقَال: حرثت الدَّابَّة وأَحْرَثْتُها لُغَتَانِ.
حَدِيث عبد الله عَامر رَحمَه الله
خبط وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
عبد الله بن عَامر حِين مرض مَرضه
(4/295)
الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَدخل عَلَيْهِ
أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيهِمْ ابْن عمر
فَقَالَ: مَا ترَوْنَ فِي حَالي قَالُوا: مَا نشك لَك فِي النجَاة قد
كنت تقري الضَّيْف وتُعْطي المُخْتَبِط قَالَ حدّثنَاهُ يزِيد عَن
عَمْرو بن مَيْمُون بن مهْرَان.
بن قَالَ أَبُو عبيد: يعنيب المتختبط الرجل الَّذِي يسْأَله من غير
معرفَة كَانَت بَينهمَا وَلَا يَد سلفت مِنْهُ إِلَيْهِ وَلَا قرَابَة
-] .
حَدِيث قيس عَاصِم [رَحمَه الله -]
خَمش غول غور حجن العب أَبُو عبيد: فِي حَدِيث قيس بن عَاصِم حِين أوصى
بنيه عِنْد
(4/296)
مَوته فَقَالَ: انْظُرُوا هَذَا الْحَيّ من
بَكْر بن وَائِل فَلَا تُعلِموهم مَكَان قَبْرِي فَإِنَّهُ قد كَانَت
بَيْننَا وَبينهمْ خماشات فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنِّي كنت أغاولهم.
[قَوْله -] الخُماشات [يَعْنِي -] الْجِنَايَات والجراحات [وَقَالَ ذُو
الرمّة يصف الْحمار والأتن: (الطَّوِيل)
رَباعٍ لَهَا مُذْ أورَقَ العُود عِنْده ... خُماشات ذحْل مَا يُراد
امتثالها -]
[يُقَال للْحَاكِم: أمِثْلْني مِنْهُ وأقصني وأقدني -] .
(4/297)
وَقَوله: فَإِنِّي كنت أُغَاوِلُهم فنرى
أَن الْمَحْفُوظ أُغاورهم وَهُوَ من الغارات أَن يُغيرُوا عَلَيْهِ
ويغير عَلَيْهِم فَإِن كَانَ الْمَحْفُوظ أغاوِلُهم فَإِن المغاولة
الْمُبَادرَة [وَمِنْه حَدِيث عمار بن يَاسر أَنه صلى صَلَاة أسْرع
فِيهَا فَقَالَ: إِنِّي كنت أغاول حَاجَة لي. وَأما قَوْله فِي وَصيته:
وَعَلَيْكُم بِالْمَالِ واحْتِجَانِه فَإِن الاحتجان ضَمّك الشَّيْء
إِلَى نَفسك وإمساكك إِيَّاه وَهُوَ مَأْخُوذ من المحجن والمحجن
الْعَصَا المعوّجة الَّتِي تجتذب بهَا الْإِنْسَان الشَّيْء إِلَى
نَفسه -] .
(4/298)
حَدِيث الْأَشَج رَحمَه الله
بسر ثجر عقر بن وَقَالَ أَبُو عبيد:
فِي حَدِيث الأشجّ الْعَبْدي أَنه قَالَ لِبَنِيهِ أَو غَيرهم:
(4/299)
لَا تَبْسُرُوا وَلَا تَثْجُرُوا وَلَا
تُعاقِروا فَتْسُكُروا يرْوى عَن عمرَان ابْن جدير. قَوْله: لَا
تَبْسُرُوا يَقُول: لَا تخلطوا البُسْرَ بِالتَّمْرِ فتنبذوهما
جَمِيعًا يُقَال مِنْهُ: بَسَرْتُه أبْسُرُه بَسْراً. وَقَوله: لَا
تَثْجُرُوا يَقُول: لَا تَخلِطوا ثَجير البُسْر أَيْضا مَعَ التَّمْر
وثَجِيره أَن يُنبذ البُسْر وَحده ثمَّ يُؤْخَذ ثفله فَيلقى مَعَ
التَّمْر. فكره هَذَا أَيْضا مَخَافَة الخليطين. وَقَوله: لَا
تُعاقِرُوا يَقُول: لَا تُدْمِنوا فتسكروا ونرى أصل المُعَاقَرة من
عُقْر الْحَوْض وَهُوَ أَصله عِنْد مقَام الشاربة فَيَقُول: لَا تلزموه
كلزوم الشاربة أعقار الْحِيَاض.
(4/300)
حَدِيث سَمُرَة جُنْدُب رَحمَه الله
بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب حِين أَتَى رجل
عنين فَكتب فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَة فَكتب أَن: اشْتَرِ لَهُ جَارِيَة
من بَيت المَال وأدْخِلْها مَعَه لَيْلَة ثمَّ سَلْها عَنهُ فَفعل
سمرةُ فلمّا أصبح قَالَ: مَا صنعت قَالَ: فعلت حَتَّى حَصْحَصَ فِيهِ
فَسَأَلَ الْجَارِيَة فَقَالَت: لم يَصْنَع شَيْئا فَقَالَ خَلِّ
سَبِيلهَا يَا مُحَصْحِصُ حَدَّثَنِيهِ يزِيد عَن عُيَيْنَة بن عبد
الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن سَمُرَة. قَوْله: حَصْحَصَ فِيهِ
الحَصْحَصَة: الْحَرَكَة فِي الشَّيْء حَتَّى يستمكن حصص ويستقر فِيهِ
يُقَال: حصحصت التُّرَاب وَغَيره إِذا حركته وفحصته يَمِينا وَشمَالًا
قَالَ حميد بن ثَوْر يصف بَعِيرًا قد أثقل حمله فَهُوَ يَتَحَرَّك تَحت
الْحمل عِنْد النهوض فَقَالَ: (الطَّوِيل)
(4/301)
وحَصْحَصَ فِي صُمِّ الحَصى ثَفناته ...
ورامَ القيامَ سَاعَة ثمَّ صَّمما
الثفنات كل شَيْء ولي الأَرْض من الْبَعِير إِذا برك وَهِي الركبتان
والفخذان والكركرة وَلِهَذَا كَانَ يُقَال لعبد الله بن وهب رَئِيس
الْخَوَارِج فِي زمن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: ذُو الثَّفِنات لِأَن
مساجده كَانَت قد دبرت من طول الصَّلَاة مثل ثَفِناتِ البَعير.
حَدِيث عبد الله الزبير رَحمَه الله
لَهَا بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث عبد الله بن الزبير أَنه
كَانَ إِذا سمع
(4/302)
صَوت الرَّعْد لَهِيَ من حَدِيثه قَالَ:
سُبْحَانَ من يُّسَبِّح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته
قَالَ: حدّثنَاهُ ابْن مهْدي عَن مَالك بن أنس عَن عَامر ابْن عبد الله
بن الزبير عَن أَبِيه. قَالَ الْأَصْمَعِي وَالْكسَائِيّ: قَوْله:
لَهِيَ من حَدِيثه يَقُول: تَركه وَأعْرض عَنهُ وكلّ شَيْء تركته فقد
لَهِيتَ عَنهُ وأنشدني الْكسَائي: (الْخَفِيف)
اِلْهَ مِنْهَا فقد أَصَابَك مِنْهَا
وَكَذَلِكَ قَول الْحسن حِين سُئِلَ عَن الرجل يجد البلل فَقَالَ:
الْهَ عَنهُ فَقَالَ لَهُ حميد الطَّوِيل وَهُوَ الَّذِي سَأَلَهُ:
إِنَّه أَكثر من ذَلِك فَقَالَ:
(4/303)
أتَستدره لَا أَبَا لَك إِلْهَ عَنهُ
قَالَ: حدّثنَاهُ هشيم عَن حميد عَن الْحسن وَكَانَ هشيم يَقُول: أُلْه
عَنهُ كَأَنَّهُ يذهب بِهِ إِلَى اللَّهو وَلَيْسَ هَذَا بِموضع
اللَّهْو إِنَّمَا مَعْنَاهُ: دَعه. وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال: الْهَ
مِنْهُ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اله مِنْهُ وَعنهُ.
حَدِيث مجَالد مَسْعُود أخي مجاشع رَحمَه الله
قزل شفن بن وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي
حَدِيث مجَالد بن مَسْعُود أَنه نظر إِلَى الْأسود ابْن سُريع وَكَانَ
يقصّ فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فَرفع النَّاس أَيْديهم فَأَتَاهُم مجَالد
وَكَانَ فِيهِ قَزَل فأوسعوا لَهُ فَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا جِئْت
لأجالسكم وَإِن كُنْتُم جلساء صِدْق وَلَكِنِّي رأيتكم صَنَعْتُم
شَيْئا فشَفَن الناسُ إِلَيْكُم فإياكم وَمَا أنكر الْمُسلمُونَ قَالَ:
حدّثنَاهُ ابْن علية عَن يُونُس عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الْأسود يقص
فِي نَاحيَة الْمَسْجِد ثمَّ ذكر الحَدِيث. قَالَ الْأَصْمَعِي:
القَزَل هُوَ أَسْوَأ العرج وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ أشدّ العرج.
(4/304)
وَأما قَوْله: فَشَفَن النَّاس إِلَيْكُم
فَإِن الشَّفن أَن يرفع الْإِنْسَان طرفه نَاظرا إِلَى الشَّيْء
كالمتعجب مِنْهُ أَو كالكاره لَهُ قَالَ الْقطَامِي يذكر الْإِبِل:
(الْكَامِل)
وَإِذا شَفَنَّ إِلَى الطَّرِيق رأينَهُ ... لَهِقًا كشاكَلِة الحِصان
الأبْلَقِ
(وَفِيه لُغَة أُخْرَى قَالَهَا الْكسَائي وَأَبُو عَمْرو: شنف مثل جبذ
وجذب وَقَالَ ابْن مقبل: [الْبَسِيط]
وقَرَّبوا كلَّ صِهْمِيمِ مناكِبُه ... إِذا تَداكأ مِنْهُ دَفْعُه
شَنَفا
الصهميم الَّذِي لَا يرغو) .
حَدِيث عُثْمَان أبي الْعَاصِ رَحمَه الله 7
غيض الدَّارِيّ وَقَالَ أَبُو عبيد:
فِي حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ لدِرْهَمٌ يُنْفِقهُ
(4/305)
أحدكُم من جَهْده خَيرٌ من عشرَة آلافٍ
يُنْفقُها أحدُنا غَيْضًا من فَيضٍ قَالَ: حدّثنَاهُ ابْن علية عَن
يُونُس عَن الْحسن عَن عُثْمَان. قَوْله: غَيضًا من فَيضٍ يَقُول: إِن
أَمْوَالنَا كَثِيرَة فَهِيَ بِمَنْزِلَة المَاء الَّذِي يفِيض من
كثرته فَيُؤْخَذ مِنْهُ حَتَّى يَغيضَ ذَلِك الفيضُ والإناءُ ممتلئ على
حَاله وَإِن أحدكُم إِنَّمَا يتَصَدَّق من قوته ويؤثر على نَفسه فقليله
أفضل من كثيرنا.
حَدِيث تَمِيم رَحمَه الله
شطط وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث
تَمِيم الدَّارِيّ حِين كَلمه الرجل فِي كَثْرَة
(4/306)
الْعِبَادَة فَقَالَ تَمِيم: أرأيتَ إِن
كنتُ أَنا مُؤمنا قويًّا وَأَنت مُؤمن ضَعِيف أفتحمل قوّتي على ضعفك
وَلَا تَسْتَطِيع فتنبتّ أَو أرأيتَ إِن كنتُ أَنا مُؤمنا ضَعِيفا
وَأَنت مُؤمن قويٌّ إِنَّك لشاطِّي حَتَّى أحْملَ قوَّتكَ على ضعْفي
فَلَا أَسْتَطِيع فأنْبَتّ وَلَكِن خُذْ من نَفْسك لدِينكَ وَمن دينك
لنَفسك حَتَّى يَسْتَقِيم بك الْأَمر على عبادةٍ تُطِيْقُها هَذَا من
حَدِيث ابْن علية وَابْن الْمُبَارك فَأَما ابْن علية فَرَوَاهُ عَن
الْجريرِي عَن رَجُل عَن تَمِيم وَأما ابْن الْمُبَارك فَرَوَاهُ عَن
الْجريرِي عَن أبي الْعَلَاء عَن تَمِيم وَكَانَ عبد الله بن
الْمُبَارك يَقُول: إِنَّك نشاطي فِيمَا بَلغنِي عَنهُ وَلَا نرَاهُ
مَحْفُوظًا عَن ابْن الْمُبَارك وَلَيْسَ لَهُ معنى إِنَّمَا
الْمَحْفُوظ عندنَا مَا قَالَ ابْن علية: أإنك لشاطي.
شطط بن قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله:
إِنَّك لشاطِّي أَي إِنَّك لجائرٌ عليّ حِين تحمل قوتك على ضعْفي وهُوَ
من الشطط والْجور فِي الحُكم يَقُول: إِن كنت أَنْت قَوِيا فِي
الْعَمَل وَأَنا ضَعِيف أَتُرِيدُ أَن تحمل قوتك على ضعْفي حَتَّى
أتكلف مثل عَمَلك فَهَذَا جَوْرٌ مِنْك عليّ وقَالَ الله تبَارك
وَتَعَالَى:
(4/307)
{فَاْحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ
تُشْطِطْ} وَفِيه لُغَتَانِ: شَطَطْتُ وَأَشْطَطْتُ إِذا جَار فِي
الحكم وأَشْطّ إشطاطا وشططا وَهُوَ رجل شاط.
حَدِيث الْبَراء عَازِب رَحمَه الله
أَلا أم وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِي
السُّجود على أَلْيَتَي الكَفِّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن
سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول
ذَلِك. قَوْله: أَلْيَةُ الكفِّ يَعْنِي أصل الْإِبْهَام وَمَا تَحت
ذَلِك من أَسْفَل الرَّاحَة مَا غلظ مِنْهَا.
(4/308)
|