الأصول في النحو

باب المذكر والمؤنث
مدخل
...
باب المذكر والمؤنث
التأنيث يكون على ضربين: بعلامة وغير علامة؛ فعلامة التأنيث في الأسماء تكون على لفظين: فأحد اللفظين التاء, تبدل منها في الوقف هاء في الواحدة, والآخر الألف, أما الهاء فتأتي على سبعة أضرب.
الأول: دخولها على نعت يجري على فعله وذلك قولك: في قائمٍ ومفطرٍ وكريم ومنطلقٍ إذا أردت تأنيث قائمة وقاعدة ومفطرة وما لم يُسم فهذا بابه, وجميع هذا نعت لا محالة, وهو مأخوذ من الفعل.
الثاني: دخولها فرقًا بين الاسم المذكر والمؤنث الحقيقي الذي لأُنثاهُ ذكر, وذلك قولهم: امرؤٌ وامرأةٌ ومرءٌ ومرأةٌ, ويقولون: رجَلٌ وللأُنثى رَجُلةٌ, قال الشاعر:
وَلَمْ يُبالوا حُرْمةَ الرَّجُلَة1
والثالث: دخولها فرقًا بين الجنس والواحد منه, نحو قولك: تَمْرٌ وتَمرةٌ،
__________
1 هذا عجز بيت وصدره:
خرقوا جيب فتاتهم ... ولم يبالوا حرمة الرجلة
ويروى: فرقوا مكان "خرقوا" وأراد بجيبها هنها. والشاهد فيه "التاء" للفرق بين جنس المذكر والمؤنث, ولم يعرف قائل هذا الشاهد.
وانظر: الكامل 159, وشروح سقط الزند 3/ 1211, وأمالي ابن يعيش 5/ 98.

(2/407)


وبُسرٌ وبُسرةٌ، وشعير وشعيرةٌ وبقَر وبقَرةٌ, فحق هذا إذا أخرجوا منه الهاء أن يجوز فيه التأنيث والتذكير, فتقول: هو التَّمرُ وهو البُسرُ وهو العنب وكذلك ما كان في منهاجه, ولك أن تقول: هي التمرُ وهي الشعيرُ, وكذلك ما كان مثلها قال الله عز وجل: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} 1 فالتذكير على معنى الجمع والتأنيث على معنى الجماعة, ومن هذا الباب جَرادٌ وجرادةٌ، وإنما هو واحد من الجنس, ليس جرادٌ بذكرِ جَرادةٍ.
واعلم: أن هذا الباب مؤنثه لا يكون له مذكر من لفظه؛ لأنه لو كان كذلك لالتبس الواحد المذكر بالجمع, وجملتها أنها مخلوقات على هيئة واحدة, فأما حَيّةٌ فإنما منعهم أن يقولوا في الجنس: "حَيٌّ" لأنه في الأصل نعت حَي يقع لكل مذكر من الحيوان ثم تنفصل أجناسها لضروب.
الرابع: ما دخلته الهاء وهو مفرد لا هو من جنس ولا له ذَكرٌ, وذلك: بلدة ومدينة وقرية وغُرفة.
الخامس: ما تدخله الهاء من النعوت لغير فرق بين المذكر والمؤنث فيه, وهو نعت للمذكر للمبالغة وذلك: عَلاّمةٌ ونَسابةٌ وراويةٌ, فجميع ما كانت فيه الهاء من أي باب كان, فغير ممتنع جمعه من الألف والتاء لحيوان أو غيره, لمذكر أو مؤنث, قَلتْ أو كثرتْ.
السادس: الهاء التي تلحق الجمع الذي على حد مفَاعِلَ, وبابه ينقسم إلى ثلاث أنحاء, فمن ذلك ما يراد به النَّسبُ نحو الأَشاعثةِ والمهالبةِ والمناذرةِ والثاني: أن يكون من الأعجمية المعربة نحو الجَواربةِ والمَوازجةِ والسيابجةِ والبرابرةِ. وهذا خاصة يجتمع فيه النسب والعجمة فأنث في حذف الهاء من هذا والذي قبله بالخيار.
الثالث: أن تقع الهاء في الجمع عوضًا من "ياء" محذوفة فلا بد منها أو
__________
1 الحاقة: 7.

(2/408)


من الياء وذلك في جمع جحجاجٍ، جَحاجيج, وفي جمع زنديق, زَناديق وفي فرزان, فرازين, فإن حذفت الياء قلت: فَرازنةٌ وزَنادقةٌ وجحاجحَةٌ, وليس هذا كعَساقلةٍ وصيَاقلةٍ لأنك حذفت من هذا شيئًا لا يجتمع هو والهاء, ولو اجتمعا لم يكن مُعاقبًا ولا عوضًا. وإنما قلت: إن باب الهاء في الجمع للنسب والعجمة لمناسبة العجمة أن تناسب الهاء, ألا ترى أن الاسم تمنعه الهاء من الانصراف كما تمنعه العجمة فيما جاوز الثلاثة, وإن الهاء كياء النسب تقول: بطةٌ وبَط وتَمرةٌ وتَمرٌ, فلا يكون بين الواحد والجمع إلا الهاء, وكذلك تقول: "زنجي وزنجٌ, وسندي وسندٌ, وروميٌّ ورومٌ, ويهوديٌّ ويهودٌ" فلا يكون بين الجمع والواحد إلا الياء المشددة, وكذلك التصغير إنما يصغر ما قبل الياء المشددة التي للنسبة, تأتي بها في أي وزن كان, وكذلك تفعل بالهاء تقول في تصغير تَميمي: تُميميٌّ, وفي تصغير جمزي: جُمَيزيٌّ, وتقول في عنترةَ: عُنيتريٌّ, فالاسم على ما كان عليه.
السابع: ما دخلت عليه الهاء وهو واحد من جنس إلا أنه للمذكر والأنثى, وذلك نحو حمامةٍ, ودجاجةٍ، وبطةٍ، وبقرةٍ، واقع على الذكر والأنثى، ألا ترى قول جرير:
لمَّا تَذَكَّرتُ بِالدَّيْرَيْنِ أَرَّقَنِي ... صَوْتُ الدَّجَاجِ وقَرْعٌ بالنَّواقِيسِ1
إنما يريد: زُقاء الديوكِ.
__________
1 الشاهد فيه: صوت الدجاج، وإنما يريد: زقاء الديوك.
وقيل: إنه أراد ديرًا واحدًا هو دير الوليد بالشام، وقد صرح ياقوت أنه أراد ديرين: دير فطرس ودير بطرس بظاهر دمشق. وانظر: الكامل 61, والحيوان للجاحظ 2/ 342, والعقد الفريد 5/ 388، والمسلسل في غريب لغة العرب 240, والديوان 148.

(2/409)


باب التأنيث بالألف:
هذه الألف تجيء على ضربين: ألف مقصورة وألف ممدودة, والألف المقصورة تجيء على ضربين: فضرب لا يشك في ألفهِ أنها ألف تأنيث، وضرب يلبس فيحتاج إلى دليل.
الأول: ما جاء على فُعْلَى فهو أبدًا للتأنيث, لا يكون هذا البناء لغيره, وذلك نحو: حُبْلى وأُنثى وخُنْثى ودُنْيا؛ لأنه ليس في الكلام اسم على مثال "جَعْفَر" فهذا ممتنع من الإلحاق.
الثاني منه: ما جاء على وزن الأصول، وبابه أن ينظر: هل يجوز إدخال الهاء عليه, فإن دخلت فإنه ليس بألف تأنيث؛ لأن التأنيث لا يدخل على التأنيث, وإن امتنعت فهي للتأنيث, فأما الذي لا تدخل عليه الهاء فَسكرى وغضْبى ونحوهما مما بني الذكر منه على فَعْلانَ نحو سَكْرانَ وغَضبانَ وكذلك جمعه نحو: سَكارى في أن الألف للتأنيث, ومن ذلك: مَرْضَى وهَلْكَى ومُوتى, فأما ما تدخله الهاء فنحو عَلْقَاةٍ وأرطأَةٍ, وقد ذكرته فيما ينصرف وما لا ينصرف.
الضرب الثاني من ألف التأنيث: هو الألف الممدودة:
وهي تجيء على ضربين: منه ما يكون صفة للمؤنث ولمذكره لفظ منه على غير بنائه, ومنه ما يجيء اسمًا وليس له مذكر اشتق له من لفظه, فالضرب

(2/410)


الأول يجيء على فَعْلاء، نحو حَمْراءَ، وخَضْراءَ, وسوداءَ, وبيضاءَ, وعوراءَ, والمذكر من جميع ذا على "أَفعلَ" نحو أَحمرَ وأخضرَ وأَعورَ, وجميع ما جاء على هذا اللفظ مفتوح الأول فألفه للتأنيث. وأما ما جاء اسمًا لواحد ولجميع، فالواحد نحو صَحْراءَ وطَرْفاءَ وقَعْساءَ وحلفاء وخنفساء وقرفصاء, وأما ما جاء لجمع فنحو: الحكماء، والأصدقاء، والأخمساء، وأما بطحاء وأبطحُ فأصله صفة وإن كان قد غلب عليه حتى صار اسمًا, مثل أَبرق وبَرقاءَ وإنما هو اختلاط بياض البقعة بسوادها يقال: جبَلٌ أَبرق، وأما قوباء1 وخُششَاء فهو ملحق بفسطاط وقرطاطَ، وكذلك: علباء2, وحرباءُ3، وقِيقاء4، وزيزاءُ5 مذكرات ملحقات بسرداح6، ومداتُهن منقلبات، وما كان على هذا الوزن مضموم الأول أو مفتوحًا فليست ألفه للتأنيث.
الضرب الثاني: من القسمة الأولى من المؤنث:
وهو ما أُنث بغير علامة من هذه العلامات, وهذا النوع يجيء على ثلاثة أضرب: منه ما صيغ للمؤنث ووضع له وجعل لمذكره اسم يخصه أيضًا فغير عن حرف التأنيث, واسم يلزم التأنيث وإن لم تكن له علامة ولا صيغة تخصه ولكن بفعله وبالحديث عنه تأنيثه, واسم يذكر ويؤنث.
الأول: قولك: أَتانٌ، وحمارٌ، وعَناقٌ7، ورخلٌ8، وجملٌ, وناقةٌ، صار
__________
1 قوباء: بثر يظهر على الجلد.
2 علباء: عرق في العنق.
3 حرباء: فكر أم حبين.
4 قيقاء: المكان المرتفع المنقاد المحدودب.
5 زيراء: وهو الغليظ من الأرض.
6 سرداح: الضخم من كل شيء.
7 عناق: الأنثى من أولاد المعز. وانظر حياة الحيوان 2/ 129، والعناق: دويبة طويلة الظهر.
8 رخل: ذكر المعز.

(2/411)


هذا المؤنث بمخالفته المذكر معرفًا معروفًا "بذي" عن العلامة، ومن قال رجل وامرأة وهو المستعمل الكثير فهو من ذلك, وكذلك حَجَرٌ.
الثاني: ما كان تأنيثه بغير علامة ولا صيغة وكان لازمًا, أما الثلاثي فنعرفه بتصغيره, وذلك أنه ليس شيءٌ من ذوات الثلاثة كان مؤنثًا إلا وتصغيره يرد الهاء فيه؛ لأنه أصل للمؤنث, وذلك قولك في بَغْل: بُغَيلَةٌ وفي ساقٍ: سُويقةٌ وفي عَين: عيينةٌ وأما قولهم في: حَرْبٍ حُرَيْبٌ وفي فَرَسٍ فُرَيسٌ فإن حربًا إنما هو في الأصل مصدر سمي به, وأما فرس فإنه يقع للمذكر والأنثى فإن أردت الأنثى خاصة لم تقل إلا فُرَيسة, فإن كان الاسم رباعيا لم تدخله الهاء في التصغير وذلك نحو مَقْربٍ وأرنب, وكل اسم يقع على الجمع لا واحد له من لفظه إذا كان من غير الآدميين فهو مؤنث, وذلك نحو إبلٍ وغنمٍ تقول في تصغير [غنمٍ] : غُنَيمةٌ وفي إبلٍ: أُبَيلَةٌ ولا واحد من لفظه, وكذلك خَيلٌ هو بمنزلة هندٍ ودعدٍ وشمسٍ فتصغر ذلك فتقول: غُنَيمةٌ وخُيَيلَةٌ, فإن كان شَيءٌ من ذلك من الناس فهو مذكر ولك أن تحمله على التأنيث.
الثالث: وهو ما يذكر ويؤنث:
فمن ذلك الجموع, لك أن تذكر إذا أردت الجمع وتؤنث إذا أردت الجماعة, فأما قومٌ فيقولون في تصغيره: قوَيمٌ، وفي بَقَرٍ: بُقَيرٌ, وفي رَهْطٍ: رُهَيطٌ؛ لأنك تقول في ذلك "هم" ولا يكون ذلك لغير الناس، فإن قلت فقد أقول: جاءتِ الرجالُ و {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} 1 وما أشبه ذلك, فإنما تريد: جاءتْ جماعةُ الرجالِ، وكذبت جماعة قوم نوح, كقول الله تعالى: {وَاسْأَلِ
__________
1 الحج: 42 وسورة ص: 12 والقمر: 9، وانظر شرح الشافية 2/ 159-160 والشعراء: 105.

(2/412)


الْقَرْيَة} 1، إنما هو أهل القرية، وأهل العيرِ, فما كان من هذا فأنت في تأنيثه مخير ألا ترى إلى قول الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} 2 فهذا على لفظ الجنس. وقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} 3 على معنى الجماعة, وتقول: هذه حصًى كبيرةٌ وحصًى كثيرةٌ, وكذلك كل ما كان ليس بين جمعه وواحده إلا الهاء, قال الأعشى:
فإنْ تُبْصِرِيني وَلِي لِمَّةٌ ... فإنَّ الحَوَادِثَ أَودَى بِهَا4
لأن الحوادث جمع حَدثٍ, والحدثُ مصدر والمصدر واحدهُ وجمعه يؤولان إلى معنى واحد, وكذلك قول عامر بن حريم الطائي:
فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ... ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إبقَالها5
لأن أرضًا ومكانًا سواءٌ, ولو قال على هذا: "إنَّ زينبَ قامَ" لم يجز لأن
__________
1 يوسف: 82, وانظر الكتاب 1/ 108 و2/ 25.
2 القمر: 20.
3 الحاقة: 7، وانظر أمالي الشجري 831، والبحر المحيط 1/ 83, وشرح الكافية للرضي 2/ 152.
4 من شواهد سيبويه 1/ 239 على حذف التاء من "أودت" ضرورة، ودعاه إلى حذفها أن القافية مردفة بالألف، وسوغ له حذفها أن تأنيث الحوادث غير حقيقي، وهي في معنى الحدثان. ومعنى فأودى بها: ذهب ببهجتها وحسنها, واللمة: الشعرة تلم بالمنكب، وتبدلها: تغيرها من السواد إلى البياض. ورواية الديوان:
فإن تعهديني ولي لمة ... فإن الحوادث ...
وانظر: معاني القرآن 1/ 128, وأمالي ابن الشجري 1/ 227, والإنصاف 410, والغيث المنسجم 2/ 446, وابن يعيش 5/ 95 و9/ 6 والمسلسل في غريب لغة العرب 250, والديوان 171.
5 من شواهد الكتاب 1/ 240 على حذف التاء من "أبقلت" لأن الأرض بمعنى المكان، فكأنه قال: ولا مكان أبقل إبقالها.
وصف أرضًا مخصبة لكثرة ما نزل بها من الغيث, والودق: المطر، والمزنة: السحابة، ويروى: أبقلت إبقالها, بتخفيف الهمزة ولا ضرورة فيه على هذا.
وانظر: الخصائص 2/ 411, والكامل 405, ومعاني القرآن 1/ 127, والخزانة 1/ 21.

(2/413)


تأنيث هذا تأنيث حقيقي, فمهما اعتوره من الاسم فخبرت عنه بذلك, فإنّ الخبر عنه لا عن الاسم.
واعلم: أن من التأنيث والتذكير ما لا يعلم ما قصد به, كما أنه يأتيك من الأسماء ما لا يعرف لأي شيء هو, تقول: فِهْرٌ فهي مؤنثةٌ وتصغيرها فُهَيرَةٌ وتقول: قَتبٌ لحشوةِ البَطنِ وهو المعى وتصغيره قُتَيبَةٌ, وبذلك سمي الرجل قُتَيبَة وكذلك: طريقٌ وطرقٌ وطريقين جُرن وجُرنات وأوطبُ وأواطبُ والشيء قد يكون على لفظ واحد مذكر ومؤنث فمن ذلك: اللسان يقال: هو وهي والطريقُ مثله والسبيلُ مثلهُ, وأما قولهم: أرضٌ فكان حقه أن يكون الواحدُ أرضة والجمع أرضا, لو كان ينفصل بعضها من بعض كتمرةٍ من تَمرٍ, ولكن لما كانت نَمطًَا واحدًا وقع على جميعها اسم واحد كما قال الله عز وجل: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 1، وقال: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} 2، فإذا اختلفت أجناسها بالخلقة أو انفصل بعضها من بعض بما يعرض من حزنٍ وبَحرٍ وجَبلٍ قيلَ: أرضون كما تقول في التَمرِ: تمرانِ تريد ضربين, فكان حق أرض أن تكون فيها الهاء لولا ما ذكرنا وإنما قالوا: أرضونَ والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصًا كمشيةٍ وثُبةٍ وقُلةٍ, وكليةٌ لا بد أنها كانت هاءً في الأصل؛ فلذلك جاءت الواو والنون عوضًا. وطاغوت فيها اختلاف؛ فقوم يقولون: هو أحد مؤنث, وقال قوم: بلْ هو اسم للجماعة, قال الله تعالى: {الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} 3 فهذا قول, قال محمد بن يزيد: والأصوب عندي والله أعلم أنه جماعة, وهو كل ما عُبد من دون الله من إنسٍ وجِن وغيره, ومن حَجرٍ وخَشبٍ وما سوى ذلك, قال الله عز وجل:
__________
1 يوسف: 101.
2 الطلاق: 12.
3 الزمر: 17.

(2/414)


{أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَات} 1 فهذا مبين لا شك فيه ولا مدافعة له, وقولهم: إنه يكون واحدة لم يدفعوا به أن يكونوا الجماعة, وادعاؤهم أنه واحدة مؤنثة تحتاج إلى نعت, والعنكبوت مؤنثة, قال الله جل اسمه: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} 2، والسّماء تكون واحدة مؤنثة بالبنية, على وزن عناقٍ3 وأتانٍ, وكل ما أُنث وتأنيثه غير حقيقي، والحقيقي: المؤنثُ الذي له ذكر, فإذا ألبس عليك فرده إلى التذكير فهو الأصل, قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى} 4 لأن الوعظ والموعظة واحد, وأما حائض وطامثٌ ومُفْصلٌ فهو مذكر وصف به مؤنث.
__________
1 البقرة: 257.
2 العنكبوت: 41.
3 عناق: الأنثى من ولد الضأن.
4 البقرة: 275, وهي قراءة الجمهور. وقد قرأ أبي بن كعب والحسن البصري على الأصل: "ممن جاءته موعظة" انظر البحر المحيط.

(2/415)