توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك

فصل لو:
على ثلاثة أضرب: شرطية، ومصدرية، وللتمني.
فالشرطية: هي المذكورة في هذا الفصل، وهي قسمان: امتناعية وهي للتعليق في الماضي، وبمعنى إن، وهي للتعليق في المستقبل، وسيأتي الكلام على القسمين.
وأما المصدرية: فلم يذكرها الجمهور، وممن ذكرها أبو علي والفراء، ومن المتأخرين التبريزي وأبو البقاء وتبعهم المصنف، وعلامتها: أن يصلح في موضعها أن كقوله تعالى: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} 1 ومن أنكر كونها مصدرية تأول الآية ونحوها على حذف مفعول يود وجواب لو؛ أي: يود أحدهم طول العمر لو يعمر ألف سنة لسر بذلك.
وأما التي للتمني: فذكرها كثير من النحويين، وجعل الزمخشري لو في قوله تعالى: {لَوْ يُعَمَّرُ} للتمني، وهو حكاية لودادتهم ولا إشكال، فإن لو قد ترد في مقام التمني؛ ولذلك ينصب الفعل بعد الفاء في جوابها كما ينصب في جواب ليت كقوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ} 2، ولكن هل هي قسم برأسه أو راجعة إلى أحد القسمين السابقين، في ذلك خلاف، نص ابن الصائغ وابن هشام الخضراوي على أنها قسم برأسه، فلا تجاب بجواب الامتناعية، وذكر غيرهما أنها الامتناعية أشربت معنى التمني. قيل: وهو الصحيح، وقد جاء جوابها باللام بعد جوابها بالفاء في قوله3:
__________
1 من الآية 96 من سورة البقرة.
2 من الآية 102 من سورة الشعراء.
3 قائلهما: مهلهل بن ربيعة واسمه امرؤ القيس، وهما من الوافر.
اللغة: "زير" الزير -بكسر الزاي- من يكثر زيارة النساء "الشعثمين" أراد شعثما وشعيبا ابني معاوية بن عمرو، وقال القالي: الشعثمان موضع معروف "كليب" أخوه "بالذنائب" الباء بمعنى في، وهو ثلاث هضبات بنجد فيها قبر كليب.
الإعراب: "فلو" الفاء للعطف ولو للشرط "نبش" ماض مبني للمجهول "المقابر" نائب فاعل "عن كليب" جار ومجرور متعلق بالفعل "فيخبر" بالنصب جواب لو بتقدير أن =

(3/1295)


فلو نُبِشَ المقابرُ عن كلَيْب ... فيُخْبَرَ بالذنائب أيُّ زِيرِ
بيوم الشَّعْثَمَيْنِ لقَرَّ عينا ... وكيف لقاءُ مَنْ تحت القبورِ؟
وذهب المصنف إلى أنها مصدرية أغنت عن التمني، بكونها لا تقع غالبا إلا بعد مفهم تمن، قال في التسهيل بعد ذكر المصدرية: وتغني عن التمني، فينصب بعدها الفعل مقرونا بالفاء.
وقال في شرحه: أشرت إلى نحو قول الشاعر1:
سَرَينا إليهم في جموع كأنها ... جبالُ شَرَوْرَى لو تُعانُ فتَنْهدا
قال: فلك في "تنهدا" أن تقول: نصب لأنه جواب تمن إنشائي كجواب ليت؛ لأن الأصل وددنا لو تعان، فحذف فعل التمني لدلالة لو عليه، فأشبهت ليت في الإشعار بمعنى التمني دون لفظه، فكان لها جواب كجواب ليت، وهذا عندي هو المختار، ولك أن تقول: ليس هذا من باب الجواب بالفاء، بل من باب العطف على المصدر؛ لأن لو والفعل في تأويل مصدر. انتهى.
ونص على أن لو في قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} مصدرية. واعتذر عن الجمع بينها وبين أن المصدرية بوجهين:
أحدهما: أن التقدير: لو ثبت أن. والآخر: أن يكون من باب التوكيد.
__________
= "بالذنائب" الباء بمعنى في أي: فيها "أي زير" أي: مبتدأ وزير مضاف إليه وخبره محذوف والتقدير: أي: زير أنا، ويجوز أن يكون أنا مبتدأ وأي زير مقدما خبره "بيوم الشعثمين" جار ومجرور ومضاف إليه في محل نصب حال من أنا المحذوف "لقر" جواب لو بعد جواب آخر بالفاء، وهي جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى كليب "عينا" تمييز "كيف" للاستفهام، ولكنه أخرج مخرج التعجب ومحله الرفع على أنه خبر مقدم "لقاء" مبتدأ مؤخر "من" موصولة مضافة إلى لقاء "تحت القبور" جملة محذوفة الصدر تقديره: من هو تحت القبور، فهو مبتدأ وتحت ظرف خبره والقبور مضاف إليه، والجملة صلة الموصول.
الشاهد: قوله: "لقر" حيث إن جواب لو قد جاء باللام بعد جوابها وهو فيخبر.
مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 597/ 3، وابن هشام في المغني 267/ 1.
1 مضى شرح هذا البيت في باب إعراب الفعل.

(3/1296)


وقد بسطت الكلام على هذه المسألة في غير هذا الكتاب، والغرض هنا شرح النظم، فقوله:
لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ في مُضِيٍّ ... .......................
هذا هو القسم الأول من قسمي الشرطية، وهي الامتناعية. يعني: أن لو الامتناعية حرف يدل على تعليق فعل بفعل فيما مضى، فيلزم من تقدير حصول شرطها حصول جوابها، ويلزم كون شرطها محكوما بامتناعه؛ إذ لو قُدر حصوله لكان الجواب كذلك، ولم تكن للتعليق في المعنى، بل للإيجاب، فتخرج عن معناها.
وأما جوابها فلا يلزم كونه ممتنعا على كل تقدير؛ لأنه قد يكون ثابتا مع امتناع الشرط، كقوله: "نعم المرءُ صهيبٌ لو لم يخفِ الله لم يَعْصِهِ"1. ولكن الأكثر أن يكون ممتنعا، فلذلك كان قولهم: لو حرف امتناع لامتناع عبارة ظاهرها الفساد؛ لأنها تقتضي كون الجواب ممتنعا في كل موضع، وليس كذلك.
والحاصل: أن لو تدل على امتناع شرطها، وعلى كونه مستلزما لجوابها، ولا يتعرض لامتناع الجواب في نفس الأمر ولا لثبوته، قال في شرح الكافية: العبارة الجيدة في لو أن يقال: حرف يدل على امتناع تالٍ يلزم لثبوته ثبوت تاليه، فقيام زيد من قولك: "لو قام زيد لقام عمرو" محكوم بانتفائه فيما مضى، وكونه مستلزما ثبوته لثبوت قيام عمرو، وهل لعمرو قيام آخر غير اللازم عن قيام زيد أو ليس له؟ لا يتعرض لذلك، بل الأكثر كون الأول والثاني غير واقعين.
وقال في التسهيل: لو حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه. وفي بعض النسخ: لو حرف يقتضي نفي ما يلزم لثبوته ثبوت غيره، وعباراته الثلاث بمعنى واحد، قال ابن المصنف: ولا شك أن ما قاله -يعني ما قاله أبوه- في تفسير لو أحسن وأدل على معنى لو، غير أن ما قالوه عندي تفسير صحيح وافٍ بشرح معنى لو، وهو الذي قصده سيبويه من قوله: لما كان سيقع لوقوع غيره.
__________
1 هو من كلام عمر وجعله من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم، وإنما الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم- ما رواه أبو نعيم في الحلية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في سالم مولى أبي حذيفة أنه شديد الحب لله، لو كان لا يخاف الله ما عصاه. صبان 25/ 4.

(3/1297)


يعني: أنها تقتضي فعلا ماضيا كان يتوقع ثبوته لثبوت غيره والمتوقع غير واقع، فكأنه قال: لو تقتضي فعلا امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته، وهو نحو مما قاله غيره، فلنرجع إلى بيان صحته، فنقول: قولهم لم تدل على امتناع الثاني لامتناع الأول يستقيم على وجهين:
الأول: أن يكون المراد أن جواب لو ممتنع لامتناع الشرط غير ثابت لثبوت غيره بناء منهم على مفهوم الشرط في حكم اللغة لا في حكم العقل.
والثاني: أن يكون المراد أن جواب لو ممتنع لامتناع شرطه، وقد يكون ثابتا لثبوت غيره؛ لأنها إذا كانت تقتضي نفي تاليها أو استلزامه لتاليه فقد دلت على امتناع الثاني لامتناع الأول؛ لأنه متى انتفى شيء انتفى مساويه في اللزوم مع احتمال أن يكون ثابتا لثبوت آخر. انتهى مختصرا.
وهذا الوجه الثاني هو الذي قرره في شرح الألفية.
................. ويقل ... إيلاؤُه مُستقبَلا لَكِنْ قُبِلْ
أي: يقل إيلاء لو فعلا مستقبل المعنى، وما كان من حقها أن يليها، لكن قيل: لورود السماع به كقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} 1.
وقد ذكر ابن عصفور وغيره من النحويين أن لو "قد"2 ترد بمعنى أن، وتعقب ذلك ابن الحاجب على ابن عصفور وقال وقال: هذا خطأ. قال الشارح: وعندي أن لولا تكون لغير الشرط في الماضي، وما تمسكوا به من نحو قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} وقول الشاعر3:
ولو أن ليلى الأخيلية سلَّمتْ
__________
1 من الآية 9 من سورة النساء.
2 ب، ج.
3 قائله: توبة بن الحمير -بضم الحاء فتح الميم وتشديد الياء- وهو من الطويل.
وتمامه:
عليَّ ودوني جندل وصفائحُ =

(3/1298)


لا حجة فيه لصحة حمله على المعنى.
ثم نبه بقوله:
وَهْيَ في الاختصاصِ بالفعلِ كإِنْ ... ...............................
على أن لولا يليها إلا فعل أو معمول فعل مضمر يفسره فعل ظاهر بعد الاسم، كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة"1، وقال ابن عصفور: لا يليها فعل مضمر، إلا في الضرورة، كقوله2:
__________
= وبعده:
لسلمت تسليم البشاشة أو زَقا ... إليا صَدى من جانب القبر صائحُ
اللغة: "جندل" -بفتحتين بينهما سكون- أي حجر "صفائح" هي الحجارة العراض التي تكون على القبور "البشاشة" طلاقة الوجه "زقا" صاح "الصدى" ذكر البوم.
المعنى: يريد أن ليلى لو سلمت عليه بعد موته وقد حجبته عنها الجنادل والأحجار العريضة، لسلم عليها وأجابها تسليم ذوي البشاشة، أو لناب عنه في تحيتها صدى يصيح من جانب القبر.
الإعراب: "لو" حرف امتناع "أن" حرف توكيد ونصب "ليلى" اسم أن "الأخيلية" نعت لليلى "سلمت" فعل ماض والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه والجملة في محل رفع خبر أن، وأن ومعمولها في تأويل مصدر: إما فاعل لفعل محذوف، والتقدير: لو ثبت تسليم ليلى، وإما أن يكون المصدر مبتدأ والخبر محذوف والتقدير: ولو تسليم ليلى حاصل، مثلا، على أية حال فهذه الجملة هي جملة الشرط "عليَّ" جار ومجرور متعلق بسلمت "ودوني" الواو للحال ودوني ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم وياء المتكلم مضاف إليه "جندل" مبتدأ مؤخر "وصفائح" عطف عليه، والجملة في محل نصب حال.
الشاهد: وقوع الفعل المستقبل في معناه بعد "لو" وهذا قليل.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 600/ 3، وابن عقيل 288/ 2، وابن الناظم، والسيوطي ص119، وفي الهمع 64/ 2، وابن هشام في المغني 261/ 1.
1 الضمير المنصوب يعود إلى كلمة أبي عبيدة، وذلك أن عمر -رضي الله عنه- لما توجه في زمن خلافته بالجيش إلى الشام بلغه أثناء الطريق أنه وقع بها وباء فأجمع رأيه على الرجوع بعد أن أشار به جمع من الصحابة، فقال أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله تعالى؟ فقال له عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله. وجواب لو محذوف أي: لعددتها.
2 قائله: أبو الغطمش الضبي، وهو من الطويل.
وعجزه:
عَتبتُ ولكن ما على الموت مَعتَبُ
اللغة: "أخلاي" جمع خليل، وهو الصديق "الحمام" الموت "معتب" مصدر ميمي بمعنى العتاب، من عتب عليه. =

(3/1299)


أخلايَ لو غيرُ الحِمَامِ أصابكُم ... ............................
أو نادر، كقول حاتم: "لو ذاتُ سِوارِ لطَمتْني"1.
والظاهر أن ذلك لا يختص بالضرورة والنادر، بل يكون في فصيح الكلام، كقوله تعالى: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} 2 حذف الفعل فانفصل الضمير.
ثم نبه على ما تنفرد به لو من مباشرة أن، فقال:
...................... ... لكِنَّ لو أنَّ بها قد تَقْتَرِنْ
وهو كثير، كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} 3 واختلف في موضع أن بعد لو، فذهب سيبويه إلى أنها في موضع رفع بالابتداء، وشبه شذوذ ذلك بانتصاب غدوة بعد لدن.
وذهب الكوفيون والمبرد والزجاج وجماعة إلى أنها فاعل يثبت مقدرا، وهو أقيس؛ إبقاء للاختصاص، وقوله في شرح الكافية: وزعم الزمخشري أن بين لو وأن ثبت مقدرا، قد يوهم انفراده بذلك.
فإن قلت: إذا جعلت مبتدأ فما الخبر؟
__________
= المعنى: لو أصابكم أحد غير الموت لسخطت عليه ووجدت، وكان لي معه شأن آخر، ولكن الذي أصابكم الموت، ولا عتاب عليه ولا سخط؛ لأنه قدر لا مفر منه.
الإعراب: "أخلاي" منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل الياء والياء مضافة إليه "لو" شرطية غير جازمة "غير" مبتدأ خبره بعده أو فاعل لفعل محذوف يفسره أصابكم "الحمام" مضاف إليه "أصابكم" فعل ومفعول والفاعل ضمير "عتبت" فعل وفاعل والجملة جواب لو "ولكن" عطف واستدراك "ما" نافية "على الدهر" جار ومجرور خبر مقدم "معتب" مبتدأ مؤخر.
الشاهد: وقوع الاسم وهو "غير" بعد "لو" الشرطية، وذلك قليل.
مواضعه: ذكره الأشموني 601/ 3، وابن هشام 420/ 3، وابن الناظم.
1 قاله حين لطمته جارية، وسبب اللطمة أن صاحبة المنزل أمرته أن يفصد ناقة لها لتأكل دمها فنحرها، فقيل له في ذلك فقال: هذا فصدي، فلطمته الجارية فقال: لو ذات سوار لطمتني، وذات السوار الحرة؛ لأن الإماء لا تلبس السوار، وجواب لو محذوف: لهان.
2 من الآية 100 من سورة الإسراء.
3 من الآية 5 من سورة الحجرات.

(3/1300)


قلت: قال ابن هشام الخضراوي: مذهب سيبويه والبصريين أن الخبر محذوف، وقال غيره: مذهب سيبويه أنها لا تحتاج إلى خبر؛ لانتظام المخبر عنه والخبر بعد أن.
فإن قلت: هل يفهم من قوله: "لكن لو" موافقة سيبويه؟
قلت: ظاهره موافقته في جعلها مبتدأ؛ إذ لو كان الفعل مقدرا لكان الاختصاص باقيا، ولم يكن حاجة إلى الاستدراك. ويحتمل أن يكون استدراك للتنبيه على أنها تنفرد بمباشرة أن لا غير، فيحتمل المذهبين.
فإن قلت: ظاهر كلامه أن لولا يليها غير ما ذكر، وقد ذكر في غير هذا الموضع أنها قد وليها مبتدأ وخبر في قول الشاعر1:
لو بغير الماء حَلْقي شَرِقٌ ... .......................
قلت: إنما ساغ ذلك في الضرورة، ولقلته لم يذكره هنا، وقد تأول ابن خروف البيت على إضمار "كان" الشانية، وتأوله الفارسي على أن حلقى فاعل فعل مقدر يفسره شرق، وشرق خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو شرق، وفيه تكلف.
__________
1 قائله: هو عدي بن زيد التميمي، وهو من الوافر.
وعجزه:
كنت كالغصان بالماء اعتصاري
اللغة: "شرق" بفتح الشين وكسر الراء "كالغصان" فعلان من الغصة وهو الذي غص أي: شرق، والمراد: بغير الماء "اعتصاري" نجاتي وملجئي. قال أبو عبيدة: الاعتصار: الملجأ.
المعنى: لو شرقت بغير الماء أسغت شرقي بالماء، فإن غصصت بالماء فبمَ أسيغه؟
الإعراب: "لو" للشرط "حلقي" مبتدأ "شرق" خبره "بغير الماء" متعلق به "كنت" كان فعل ماض ناقص والتاء اسمه، وهي جواب لو "كالغصان" جار ومجرور في محل نصب خبر كان "اعتصاري" مبتدأ والياء مضاف إليه "بالماء" جار ومجرور خبر مقدم.
الشاهد: قوله: "لو بغير الماء" وذلك لأن شرط لو أن تكون مختصة بالفعل، وليس هاهنا كذلك.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 601/ 3، وابن الناظم، وذكره السيوطي في الهمع 66/ 2، وابن هشام في المغني 267/ 1، وسيبويه 462/ 1.

(3/1301)


تنبيه:
قال في شرح الكافية: وقد حمل الزمخشري ادعاءه إضمار ثبت بين لو وأن على التزام كون الخبر فعلا، ومنعه أن يكون اسما، ولو كان بمعنى فعل نحو: "لو أن زيد حاضر" وما منعه شائع ذائع في كلام العرب، كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} 1 وكقول الراجز2:
لو أن حيا مُدركُ الفلاح ... .......................
قلت: وقد نُقل ذلك عن السيرافي، وأقول: الذي ينبغي أن يحمل عليه كلام الزمخشري أن يمنع كون خبرها اسما مشتقا، ويلتزم الفعل حينئذ؛ لإمكان صوغه قضاء لحق طلبها بالفعل، وأما إذا كان الاسم جامدا فيجوز لتعذر صوغ الفعل منه كما فعل الشيخ أبو عمرو.
ألا ترى قوله في المفصل، لو قلت: "لو أن زيدا حاضر لأكرمته" لم يجز؟
ولم يتعرض لغير المشتق، وإذا حمل على هذا لم يرد عليه قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} .
ولا نحو3:
ولو أنها عصفورة.......... ... ..........................
__________
1 من الآية 27 من سورة لقمان.
2 قائله: هو لبيد بن عامر العامري، وهو من الرجز.
وعجزه:
أدركه مُلاعبُ الرماح
اللغة: "الفلاح" النجاة والفوز والبقاء "ملاعب الرماح" أراد به أبا براء عامر بن مالك الذي يقال له: ملاعب الأسنة، وإنما قال لبيد: ملاعب الرماح؛ لضرورة القافية.
الإعراب: "لو" للشرط "أن" حرف توكيد ونصب "حيا" اسم أن "مدرك" خبر أن مرفوع بالضمة "الفلاح" مضاف إليه "أدركه" فعل ماض والهاء مفعول والضمير يرجع إلى الفلاح "ملاعب" فاعل أدرك مرفوع بالضمة الظاهرة "الرماح" مضاف إليه وجملة أدرك وقعت جوابا للو.
الشاهد: قوله: "مدرك الفلاح" حيث وقع خبرا لأن الواقعة بعد لو وهو اسم.
مواضعه: ذكره الأشموني 603/ 2، والسيوطي ص119، وابن هشام في المغني 270/ 1.
3 قائله: هو العوام بن شوذب، وهو من الطويل.
وتمامه:
................ لحسبتها ... مُسومة تدعو عُبيدا وأزْنَما =

(3/1302)


وإنما يرد عليه نحو: لو أن حيا مدركُ الفَلاحِ.
وله أن يجيب بأنه نادر.
وإِنْ مضارعٌ تلاها صُرِفَا ... إلى المضيِّ نَحْوُ لو يَفِي كَفَى
"يعني أن المضارع إذا وقع بعد لو صرف معناه إلى المضي. فمعنى لو يفي كفى: لو وفا كفى"1، ومثله2:
لو يسمعونَ كما سمعتُ حديثَها ... خَرُّوا لعزة رُكعا وسُجُودا
__________
= اللغة: "لحسبتها" لظننتها "مسومة" معلمة "عبيدا" -بضم العين- بطن من الأوس "أزنما" بطن من بني يربوع، إليهم تنسب الإبل الأزتمية.
الإعراب: "ولو" للعطف والشرط "أنها" أن حرف توكيد ونصب والهاء اسمها "عصفورة" خبر أن مرفوع بالضمة الظاهرة، والضمير يرجع إلى الأسودة التي ترى من بعيد "لحسبتها" فعل ماض والتاء فاعل والهاء مفعول أول لحسبت "مسومة" مفعول ثانٍ والجملة وقعت جوابا للو "تدعو" جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على الحال من الضمير المنصوب "عبيدا" مفعول به "وأزنما" عطف على عبيدا، والألف للإشباع لأجل القافية.
الشاهد: قوله: "عصفورة" حيث وقع خبرا لأن الواقعة بعد لو وهو اسم جامد.
مواضعه: ذكره الأشموني 603/ 3، وابن هشام في المغني 27/ 1.
1 أ، ج.
2 قائله: هو كثير عزة، هو من الكامل.
اللغة: "خروا" من الخرور وهو السقوط "عزة" اسم محبوبته "ركعا" -بضم الراء- جمع راكع "سجودا" بضم السين جمع ساجد.
الإعراب: "لو" حرف امتناع "يسمعون" فعل مضارع وواو الجماعة فاعل والنون علامة الرفع والجملة شرط لولا محل لها "كما" الكاف جارة وما مصدرية "سمعت" فعل وفاعل وما وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف والجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف أي: سماعا مثل سماعي "حديثها" تنازعه الفعلان قبله، وكل منهما يطلبه مفعولا وها مضاف إليه "خروا" فعل ماض وواو الجماعة فاعل، والجملة جواب لولا محل لها من الإعراب "لعزة" جار ومجرور متعلق بقوله: خروا "ركعا" حال من الواو في خروا "وسجودا" معطوف عليه.
الشاهد: قوله: "لو يسمعون" حيث وقع الفعل المضارع بعد "لو" فصرفت معناه إلى المضي، فهو في قوة قولك: "لو سمعوا".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 603/ 3، وابن الناظم، وابن عقيل 291/ 2، والمكودي ص151.

(3/1303)


تنبيهان:
الأول: "لو" الصارفة إلى المضي هي الامتناعية.
وأما التي بمعنى إن فتصرف الماضي إلى المستقبل، فإذا وقع بعدها مضارع فهو مستقبل المعنى، كقوله1:
لا يُلْفِكَ الرَّاجُوك إلا مُظهِرا ... خُلُقَ الكرام ولو تكونُ عَدِيمَا
الثاني: لا يكون جواب لو إلا فعلا ماضيا مثبتا أو منفيا بما أو مضارعا مجزوما بلم.
والأكثر في الماضي المثبت اقترانه باللام، وقد تحذف كقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} 2 وقد تصحب المنفي بما، كقول الشاعر3:
كذبتُ وبيت الله لو كنتَ صادقا ... لما سَبَقتْنِي بالبكاءِ حمائمُ
وإن ورد ما ظاهره خلاف ذلك جعل الجواب محذوفا.
__________
1 قائله: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
اللغة: "لا يلفك" لا يجدك من ألفى يلفي إذا وجد "الكرام" جمع كريم "العديم" المعدوم وهو الذي لا يملك شيئا.
المعنى: يمدح به الشاعر شخصا يقول: لا يجدك أحد من السائلين إلا وأنت مظهر لهم خلقا كريما مثل أخلاق الكرماء ولو كنت لا تملك شيئا.
الإعراب: "لا يلفك" لا ناهية يلفي فعل مضارع والكاف مفعول أول "الراجوك" فاعل "مظهرا" مفعول ثان "خلق " مفعول لمظهرا "الكرام" مضاف إليه "لو" حرف شرط "تكون" فعل مضارع ناقص واسمها ضمير مستتر "عديما" خبر تكون.
الشاهد: قوله: "لو تكون" فإن لو شرط في المستقبل مع أنه لم يجزم؛ لأن لو بمعنى إن لا يجزم ولكن إذا دخل على الماضي يصرفه للمستقبل، وإذا وقع بعده مضارع فهو مستقبل المعنى.
مواضعه: ذكره الأشموني 600/ 3، وابن هشام في المغني 261/ 1.
2 من الآية 70 من سورة الواقعة.
3 قائله: هو مجنون بني عامر -وعن أبي عمرو الشيباني أن المجنون كان ذات ليلة جالسا مع أصحاب له من بني عمه، وهو واله يتلظى ويتململ وهم يعظونه حتى هتفت حمامة من سرحة كانت بإزائهم فوثب قائما وقال أبياتا فيها هذا البيت- وهو من الطويل.
اللغة: "كنت صادقا"، ويروى: "لو كنت عاشقا" "حمائم" جمع حمامة.
الإعراب: "كذبت" فعل ماض والتاء فاعل -أراد كذبت في دعواي عشق ليلى- "وبيت الله" قسم "لو" للشرط "كنت" فعل ماض ناقص والتاء اسمها "صادقا" خبر كان، والجملة وقعت فعل الشرط "لما سبقتني" فعل ماض والياء مفعول "بالبكاء" جار ومجرور متعلق بالفعل "حمائم" فاعل سبقتني، وجملة سبقتني وقعت جواب الشرط.
الشاهد: قوله: "لما سبقتني" فإنه جواب لو، وقد صحب اللام فيه حرف النفي.

(3/1304)


فصل أمَّا ولَوْلا ولَوْمَا:
أمَّا كمهما يكُ من شيء وَفَا ... لتِلْوِ تلوها وُجُوبا ألِفَا
أما حرف بسيط فيه معنى الشرط يؤول بمعنى: مهما يك من شيء؛ لأنه قائم مقام أداة الشرط وفعل الشرط، ولا بد بعده من جملة هي جواب له، فالأصل في قولك: "أما زيد فمنطلق" مهما يكن من شيء فزيد منطلق، فحذف فعل الشرط وأداته، وأقيمت أما مقامهما، وكان الأصل أن يقال: أما زيد منطلق، فتجعل الفاء في صدر الجواب، وإنما أخرت لضرب من إصلاح اللفظ. وإلى هذا أشار بقوله:
............. وفا ... لتلو تلوها.......
تنبيهات:
الأول: يؤخذ من قوله: "لتلو تلوها" أنه لا يجوز أن يتقدم الفاء أكثر من اسم واحد، فلو قلت: "أما زيد طعامه فلا تأكل" لم يجز، كما نص عليه غيره.
الثاني: لا يفصل بين "أما" والفاء بجملة تامة، إلا إن كان دعاء، بشرط أن يتقدم الجملة فاصل نحو: "أما اليوم رحمك الله فالأمر كذا".
الثالث: قول الشارح: يفصلون بين أما والفاء بجزء من الجواب، فإن كان الجواب شرطيا فصل بجملة الشرط، وإن كان غير شرطي فصل بمبتدأ أو خبر أو معمول فعل أو شبهه أو معمول مفسر به يقتضي ظاهره أنه لا يفصل بغير ذلك، وليس كذلك، بل قد يفصل بالظرف والمجرور والحال والمفعول له معمولا لأما أو لفعل الشرط المحذوف.
الرابع: ما ذكر من قوله: "أما كمهما يك" لا يعني به أن معنى أما كمعنى مهما وشرطها؛ لأن أما حرف فكيف يصح أن تكون بمعنى اسم وفعل؟ وإنما المراد أن موضعها صالح لهما، وهي قائمة "مقامهما"1؛ لتضمنها "معنى الشرط"2.
__________
1 ب، ج، وفي أ "مقامها".
2 أ، ب وفي ج "معنى حرف الشرط".

(3/1305)


الخامس: تقديرها بمهما كما ذكر قول الجمهور. وقال بعض النحويين: إذا قلت: "أما زيد فمنطلق" فالأصل إن أردت معرفة حال زيد فزيد منطلق، حذفت أداء الشرط وأنيبت أما مناب ذلك.
السادس: قال في التسهيل: أما حرف تفصيل، وكذا قال كثير من النحويين، ولم يذكروا لها غير هذا المعنى، وقال بعضهم: "وقد ترد حيث لا تفصل نحو: "أما زيد فمنطلق" وقال بعضهم"1: وهي حرف إخبار مضمن معنى الشرط. وقوله "وجوبا" يعني: في غير ما سيذكر في قوله:
وحَذْفُ ذي الفا قّلَّ في نَثْرٍ إذَا ... لم يكُ قَوْلٌ معها قد نُبِذَا
يعني: أن حذف هذه الفاء في النثر قليل وكثير.
فالكثير: أن تحذف مع قول استغنى عنه بمحكيه كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} 2 أي: فيقال لهم: أكفرتم.
والقليل: أن تحذف لا مع قول نحو ما خرجه البخاري من نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "أما بعد، ما بالُ جالٍ".
قد فهم من قوله: في نثر، أنها تحذف للضرورة كقوله3:
__________
1 ب، ج.
2 من الآية 106 من سورة آل عمران.
3 قائله: هو الحارث بن خالد المخزومي يهجو به بني أسيد، وهو من الطويل.
وعجزه:
ولكن سَيْرا في عِرَاضِ المواكبِ
اللغة: "عراض" جمع عُرض -بالضم- وهو الناحية والشق "المواكب" جمع موكب، وهو الجماعة من الناس ركبانا أو مشاة، وقيل: هم الراكبون على الإبل والخيل للزينة خاصة.
المعنى: يصف الشاعر بني أسيد بالجبن والضعف، وأنهم لا يقدرون على القتال ومنازلة الشجعان، ولكنهم يسيرون في جانب المواكب للزينة لا غير.
الإعراب: "أما" شرطية نائبة عن مهما وفعل الشرط "القتال" مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة "لا" نافية للجنس "قتال" اسم لا "لديكم" ظرف متعلق بمحذوف خبر لا، والضمير مضاف إليه وجملة لا واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ "ولكن" الواو حرف عطف لكن حرف استدراك ونصب واسمها ضمير مخاطبين محذوف "سيرا" مفعول مطلق لفعل محذوف تقع جملته خبرا للكن، وتقدير الكلام: ولكنكم تسيرون سيرا، وقيل: إن =

(3/1306)


فأما القتالُ لا قتالَ لديكُمُ ... ........................
والحاصل أن حذفها على ثلاثة أضرب كثير، ونادر، وضرورة.
تنبيه:
لم ينبه في الكافية والتسهيل على ندور حذفها في النثر دون قول، فهو من زيادات الألفية:
لولا ولوما يلزمان الابتدا ... إذا امتناعا بوجود عَقَدَا
للولا ولوما حالان:
أحدهما: يختصان فيه بالأسماء، وذلك إذا دلا على امتناع شيء لوجود غيره. "وقد"1 يقال أيضا: لوجوب غيره، وهذا معنى قوله: "إذا امتناعا بوجود عقدا" أي: إذا ربطا امتناع شيء بوجود غيره، وفهم من قوله: "يلزمان الابتدا" فائدتان:
الأولى: أنهما لا يليهما الفعل.
والثانية: أن الاسم بعدهما مرفوع بالابتداء، وتقدم الكلام على خبره في باب الابتداء.
فإن قلت: فقد ولي لولا الفعل في قوله2:
__________
= "سيرا" هو اسم للكن وخبرها هو المحذوف، وتقدير الكلام على هذا: ولكن لكم سيرا "في" حرف جر "عراض" مجرور بفي، والجار والمجرور متعلق بسير، وعراض مضاف و"المواكب" مضاف إليه مجرور بالكسرة.
الشاهد: قوله: "لا قتال لديكم" حيث حذف الفاء من جواب "أما" مع أن الكلام ليس على تضمن قول محذوف، وذلك ضرورة.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 605/ 3، وابن هشام 425/ 3، وابن عقيل 292/ 2، وابن الناظم، والمكودي ص151، وذكره السيوطي في الهمع 671/ 2، وابن هشام في المغني 56/ 1.
1 أ.
2 قائله: هو أبو ذؤيب الهذلي، وهو من الطويل.
وصدره:
ألا زعَمتْ أسماءُ أن لا أحبُّها
الإعراب: "ألا" أداء استفتاح "زعمت" فعل ماض والتاء للتأنيث "أسماء" فاعل "أن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن "لا" نافية "أحبها" فعل مضارع والفاعل ضمير =

(3/1307)


........................... ... فقلت بلى لولا يُنازعني شُغْلي
قلت: يُؤول على وجهين:
أحدهما: أن لولا مؤولة بلو وليست مركبة، بل لو على حالها ولا نافية للماضي.
والآخر: أن تكون المختصة بالابتداء وإن مقدرة بعدها وموضعها رفع بالابتداء.
وثاني الحالين: يختصان فيه بالأفعال، وذلك إذا دلا على التحضيض "ويشاركهما في ذلك الأحرف المذكورة في قوله"1:
وبهما التحضيضَ مِزْ وَهَلا ... ألَّا، ألا وأولِيَنْها الفِعْلا
المشهور أن حروف التحضيض أربعة وهي: لولا، ولوما، وهلا وألا -بالتشديد- وأما ألَا -بالتخفيف- فهي حرف عرض، وذكره لها مع حروف التحضيض يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يريد "به"2 أنها تكون للتحضيض بمعنى هلَّا في بعض المواضع لا مطلقا؛ لأنه ذكر في غير هذا الموضع أنها تكون للعرض.
والثاني: أن يكون ذكرها مع أدوات التحضيض لمشاركتها لهن في الاختصاص بالفعل "وقرب معناها من معناهن، وإن لم تكن موضوعة لمعناهن". ويؤيده قوله في شرح الكافية وألحق بحروف التحضيض في الاختصاص بالفعل3: "ألا تزورنا" ثم قال:
__________
= والهاء مفعوله والجملة في محل رفع خبر أن "فقلت" فعل وفاعل "بلى" حرف جواب "لولا" حرف امتناع لوجود "ينازعني" فعل مضارع والنون للوقاية والياء مفعول به "شغلي" فاعل والياء مضاف إليه.
الشاهد: قوله: "لولا ينازعني" حيث ولي لولا الفعل.
مواضعه: ذكره ابن هشام في مغني اللبيب 276/ 2.
1 أ، ج.
2 أ.
3 أ.

(3/1308)


وقَدْ يليها اسْمٌ بفِعْلٍ مُضْمَرِ ... عُلِّقَ أو بظاهرٍ مُؤخَّرِ
مثال الأول: "هلَّا زيدًا تضربه" فزيدًا علق بفعل مضمر، بمعنى أنه معمول للفعل المضمر.
ومثال الثاني: "هلَّا زيدًا تضربُ" فزيدًا علق بفعل ظاهر مؤخر، بمعنى أنه معمول للفعل الذي بعده؛ لأنه مفرغ له.
فإن قلت: ظاهر كلامه أن حروف التحضيض لا يليها إلا فعل أو معمول فعل مضمر أو فعل مؤخر.
تنبيه:
قال في شرح الكافية: وربما ولي حرف التحضيض مبتدأ وخبر كقول الشاعر1:
...................... ... فهلَّا نفسُ ليلى شفيعُهَا
قال: والأجود أن ينوي بعدها "كان" الشأنية.
__________
1 قائله: هو قيس بن الملوح، وقيل: للصمة بن عبيد الله القشيري، وهو من الطويل.
وصدره:
ونُبئْتُ لَيْلى أرسَلت بشفاعَة ... إليَّ.......................
اللغة: "نبئت" -بالبناء للمجهول- أُخبرت "أرسلت بشفاعة" الشفاعة هو التوسل ابتغاء الخير، والذي يكون منه التوسل يسمى الشفيع، والذي أراده من الشفاعة هو الأمر الذي حمله رسولها، فلذلك عدي
الفعل بالباء.
الإعراب: "نبئت" نبئ فعل ماض ينصب ثلاثة مفاعيل مبني للمجهول مبني على فتح مقدر على آخره لا محل له من الإعراب وتاء المتكلم نائب فاعله وهو المفعول الأول "ليلى" مفعول ثان "أرسلت" فعل ماض والتاء للتأنيث وفاعله ضمير مستتر فيه يعود على ليلى، وجملة الفعل وفاعله في محل نصب مفعول ثالث لنبئ "بشفاعة" جار ومجرور متعلق بأرسل "إليَّ" جار ومجرور متعلق بأرسل "فهلا" الفاء حرف دال على السببية وهلا حرف تحضيض "نفس" مبتدأ مرفوع بالضمة "ليلى" مضاف إليه "شفيعها" خبر المبتدأ، وهو مضاف والضمير مضاف إليه، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب خبر لكان المحذوفة مع اسمها، واسمها المحذوف ضمير شأن، والتقدير: فهلا كان هو -الحال والشأن- نفس ليلى شفيعها.
الشاهد: قوله: "فلا نفس ليلى" فإن قوله: "نفس ليلى" مبتدأ وشفيعها خبر، وهذه الجملة في محل نصب خبر لكان المضمرة مع اسمها.
مواضعه: ذكره الأشموني 610/ 3، وابن هشام في باب الإضافة، وابن الناظم.

(3/1309)


قلت: وعلى هذا "الوجه"1 خرجه ابن طاهر، وخرجه بعضه على جعل ما بعدها فاعلا بفعل مقدر تقديره: فهلا شفعت نفس ليلى، وشفيعها خبر مبتدأ محذوف، أي: هي شفيعها، وفيه تكلف.
__________
1 ب، ج.

(3/1310)