شرح شذور الذهب للجوجري ص: باب
المرفوعات عشرة.
ش: لما ذكر فيما سبق الإعراب ومحالَّه1 إجمالا أخذ يذكرها تفصيلا.
وبدأ بالمرفوعات لكون المرفوعات عمدة الكلام، كالفاعل والمبتدأ والخبر،
والمنصوب في الأصل فضلة، وإن وقع النصب في بعض العُمَد تشبيها له
بالفضلات، كاسم (إن) وخبر (كان) ونحوه، والفضلة مؤخرة عن 2 العمدة.
والمجرورات في الأصل منصوبة المحل، فهي أحط رتبة من المنصوبات في اللفظ
والمحل فأخرت عنها.
ص: أحدها الفاعل، وهو ما قُدّم الفعل أو شِبْهُه عليه، وأسند إليه على
جهة قيامه به أو وقوعه منه، كعَلِمَ زيدٌ3 ومات بكرٌ وضَرَبَ عمرٌو و
{مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} 4.
ش: بدأ من المرفوعات 5 بالفاعل.
قال 6: لأن عامله لفظي وعامل المبتدأ معنوي، ولأن رفعه للفرق
__________
1 في (أ) و (ب) : ومحله. والمثبت من (ج) .
2 من قوله: العمد تشبيها. إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
3 في (ج) : كقام، دون ذكر الفاعل.
4 من الآية 28 من سورة فاطر. ومن الآية 69 من سورة النحل.
5 في (أ) و (ب) : وبدأ بالمرفوعات بالفاعل. والمثبت من (ج) .
6 أي ابن هشام في شرح الشذور ص 158.
(1/330)
بينه وبين المفعول.
وقال غيره من المحققين 1: ينبغي أن يعلَّل تقديمه بكون الرفع في الأصل
له وغيره محمول عليه 2.
وقد ذكر المصنف 3 مثل ذلك في تقديم المفعول.
وحدّه بقوله: (ما) إلى آخره، فقوله: (ما) 4 أي اسم، فهو كالجنس.
وقوله: (قُدِّم الفعل) إلى آخره كالفصل.
فخرج بقيد تقديم الفعل أو شبهه عليه المبتدأ في نحو زيدٌ قام، وزيدٌ
قائم، لأنه وإن أسند الفعل أو شبهه فيهما5 إلى (زيد) لكنه لم يقدم عليه
فهو مبتدأ لا فاعل.
وقوله: (وأُسند) أي الفعل أو شبهه، (إليه) أي إلى الفاعل.
فخرج المفعول من نحو ضربت زيدا، وأنا ضارب زيدا، لأنه صدق أنه قُدِّم
عليه فعل أو شبهه، لكن لم يسند الفعل 6 أو شبهه إليه.
وقوله: (على جهة قيامه به أو وقوعه منه) [فيه احتراز عن المفعول
__________
1 هو الرضي في شرح الكافية 1/71.
2 اختلف العلماء في أصل المرفوعات، فقيل: الفاعل، وهو قول الخليل،
وقيل: المبتدأ، وهو منسوب لسيبويه، وقيل: كلاهما أصل، واختاره الرضيّ.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/70 وهمع الهوامع 1/93.
3 شرح شذور الذهب ص 213.
4 [إلى آخره، فقوله: (ما) ] ساقطة من (ج) .
5 في (أ) و (ب) : عليه فيهما.
6 في (ج) : الفاعل، وهو تحريف.
(1/331)
الذي لم يُسمَّ فاعله فإنه على جهة وقوعه
عليه] 1 لا على جهة قيامه به، أو وقوعه منه. وفيه أيضا تنويع للفاعل
إلى نوعين:
نوع يكون المسند وشبهه قائما به، كعَلِم زيد، ومات بكر، ومنه
{مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} 2.
ونوع يكون المسند وشبهه واقعا منه، كضرب عمرو، ومنه زيدٌ ضاربٌ أبوه
عمرا.
والمراد بشبه الفعل 25/أاسم الفاعل والصفة المشبهة به والمصدر واسمه
وأفعل التفضيل ونحو ذلك مما يعمل عمل الفعل3.
فإن قيل: يدخل في هذا الحد المبتدأُ في نحو قولك: (قائم زيد) 4 لأن
المسند قُدِّم عليه فالجواب هو5 مؤخر تقديرا، وتقديمه كَلاَ تقديم.
ص: الثاني نائبه 6، وهو ما حذف فاعله وأقيم هو مقامه، وغُيّر عامله إلى
طريقة (فُعِلَ) أو (يُفْعَل) أو (مفعول) .
ش: الثاني من المرفوعات نائب الفاعل، ولهذا جعله تِلْوَه في
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) ، وأثبته من (ج) .
2 من الآية 28 من سورة فاطر ومن الآية 69 من سورة النحل.
3 ينظر الارتشاف 2/180 وشرح اللمحة البدرية 1/299-302.
4 في (أ) و (ب) : زيد قام، وهو خطأ صوابه من (ج) .
5 أي المسند، وهو قائم، لأن الأصل زيد قائم.
6 سقطت من (أ) . وهي في (ب) و (ج) وشذور الذهب.
(1/332)
الترتيب. وهو الذي يعبر عنه بالمفعول الذي
لم يسم فاعله.
واستحسن المصنف 1 العبارة الأولى 2 على الثانية لوجهين:
الأول: أنه قد يكون غير مفعول، من ظرف أو مصدر أو مجرور.
الثاني صدق الثانية 3 على (دينارا) من قولك: أعطي زيد دينارا، وهو ليس
بنائب4. انتهى
وكلا الوجهين مما ينازع 5 فيه، وذلك لأن المفعول الذي لم يسمّ فاعله
صار عَلَمًا بالغلبة في عُرفهم على ما يقوم مقام الفاعل من مفعول أو
غيره بحيث لو أطلق على ما يقوم مقام الفاعل من مفعول أو غيره 6 فهم منه
ذلك ولا يخرج عنه شيء، ولا يدخل فيه غيره، فليتأمل.
وحدّه بقوله: (وهو ما..) إلى آخره، فقوله: (ما) كالجنس.
وقوله: حذف [فاعله] 7 يخرج المفعول الذي ذُكر فاعله، كضربت
__________
1 في شرح شذور الذهب ص 159.
2 في (أ) و (ب) : واستحسن الأولى.
وهي عبارة (النائب عن الفاعل) وأول من أطلق هذه العبارة ابن مالك، قال
الخضري في حاشيته على شرح ابن عقيل 1/167 (وهي أولى وأخصر من قول
الجمهور) وينظر التسهيل ص 77 والتصريح 1/286.
3 أي العبارة الثانية. وفي (ج) : صدق النيابة وهو تحريف.
4 عبارة ابن هشام في شرح الشذور ص 159: أن المنصوب في قولك: أعطي زيد
دينارا، يصدق عليه أنه مفعول الذي لم يسم فاعله، وليس مقصودا لهم.
5 في (أ) و (ب) : تنوزع. والمثبت من (ج) .
6 من قوله: (على ما يقوم.) إلى هنا ساقط من (ج) .
7 ساقطة من (أ) و (ب) ، وأثبتها من (ج) .
(1/333)
زيدا.
وقوله: (وأقيم هو مقامه) يخرج ما حذف فاعله ولم يقم مقامه، ك (درهما)
من قولك: أعطي زيدٌ درهماً، فإنه حذف فاعله لكنه لم يقم مقامه.
ومقتضى قوله: (وغيّر عامله) إلى آخره أنه تتميم للحد.
والظاهر تمامه1 بدونه، فإن الغرض بيان ماهية النائب، وهو حاصل بدون ذلك
وتغيير الفعل إنما هو شرط لإنابته، وليس لنا ما ينوب عن الفاعل بعد
حذفه مع عدم2 تغيير الفعل له حتى يحترز عنه، فإذاً لا حاجة إليه لا
للإدخال ولا للإخراج، إلا أنه حسن3 لأن النائب لا يكون فعله إلا كذلك،
ففيه مزيد إيضاح.
إذا علمت ذلك فحذف الفاعل قد يكون للجهل به، كسُرق المتاعُ، أو لغرض
لفظي، كتصحيح4 النظم، أو معنوي وهو كثير ومنه الخوف عليه وتعظيمه
وتحقيره5.
والتغيير الحاصل في الفعل بعد حذف الفاعل يكون في الماضي بضم أوله وكسر
ما قبل آخره ليدخل في ذلك الثلاثي المجرد والمزيد، والرباعي
__________
1 في (أ) و (ب) : تتميه. والمثبت من (ج) .
2 ساقطة من (أ) و (ب) وأثبتها من (ج) .
3 ساقط من (ج) .
4 في (ج) : كصحيح وهو تحريف، ومثال تصحيح النظم قول الشاعر:
عُلقتها عرضاً وعُلِّقت رجلاً غيري وعُلِّق أخرى ذلك الرجل.
5 وهناك بواعث أخرى لحذف الفاعل، تنظر في الارتشاف لأبي حيان 2/184
وهمع الهوامع 1/161.
(1/334)
المجرد والمزيد فيه، نحو فُعِل ك (ضُرب)
وأُفعِل ك (أُخرِج) وافتُعل ك (اقتُدر) واستُفعِل ك (استُخرِج) وفُعِل
ك (عُلم) وفُوعِل ك (قُوتِل) ونحو فُعلِل ك (دُحرِج) وتُفُعلِل ك
(تُدُحْرِج) 1.
ويكون في المضارع بضم أوله 2 وفتح ما قبل آخره، فيدخل فيه ما كان من
الثلاثي المجرد، ك (يُضرَب) والمزيد ك (يُقتَدَر) و (يُستخرَج)
والرباعي المجرد ك (يُدحرَج) والمزيد ك (يُتدحرَج) 3 وأمثال ذلك.
وأشار إلى نوعي التغيير المذكور بقوله: (إلى طريقة (فُعِل) أو (يُفعَل)
فكأنه قال: إن كان ماضيا فضُمّ أوله واكسر ما قبل آخره، ك (فُعل) وإن
كان مضارعا فضُمّ أوله وافتح ما قبل آخره، ك (يُفعل) .
وخصّ الثلاثي بالذكر لكونه أصلاً.
وقوله: (أو مفعول) يبيّن به أن رافع النائب، كما يكون فعلا، كذلك يكون
شبه الفعل، ك (مفعول) 4.
ولفظ مفعول في قوله: (أو مفعول) معطوف على (فُعِل) 5 [أي] 6
__________
1 في (ج) : ويُفَعْلَلُ كيُدحْرجُ، وهذا مثال للمضارع ولم يأت الكلام
عليه بعد.
2 في (أ) و (ب) : بكسر أوله. وهو وهم. والمثبت من (ج) .
3 قوله: والمزيد كيتدحرج، ساقط من (ج) .
4 نحو أمضروب الزيدان.
5 في قول المصنف: وغير عامله إلى طريقة فعل أو يفعل أو مفعول.
6 زيادة لإكمال العبارة.
(1/335)
يغيّر شبه الفعل1 الذي هو العامل في النائب
إلى طريقة مفعول ليعمَّ ذلك ما كان من الثلاثي المجرَّد ك (مفعول) وما
كان من المزيد، ك (مُستخرَج) ، وما كان من الربا عي 2 ك (مُدَحْرَج) 3
أو المزيد ك (مُتَدَحْرَج به) . والله أعلم.
ص: وهو المفعول به، نحو {وَقُضِيَ الأَمْر} 4 فإن فقد فالمصدر نحو
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 5 {فَمَنْ عُفِيَ
لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} 6 أو الظرف نحو (صِيْمَ رمضانُ) و (جُلِسَ
أمامُكَ) والمجرور نحو {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} 7 ومنه {لا
يُؤْخَذْ مِنْهَا} 8.
ش: أي النائب عن الفاعل بالأصالة هو المفعول به 25/ب نحو {وَقُضِيَ
الأَمْرُ} 9 فإن أصله قضى اللهُ الأمر، فأنيب المفعول الذي هو (الأمر)
عن الفاعل بعد حذفه في رفعه بعد أن [كان منصوبا، وعمديّته بعد أن كان
فضلة، واستحقاق الاتصال بالفعل بعد أن كان 10] حقه الانفصال منه،
__________
1 من قوله: كمفعول إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) بسبب انتقال النظر.
2 المجرد.
3 في (ج) : (كمدرج) وهو تحريف ظاهر.
4 من الآية 210 من سورة البقرة و44 من سورة هود.
5 الآية 13 من سورة الحاقة.
6 من الآية 178 من سورة البقرة.
7 من الآية 7 من سورة الفاتحة.
8 من الآية 70 من سورة الأنعام.
9 من الآية 210 من سورة البقرة و44 من سورة هود.
10 ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب) . وأثبته من (ج) .
(1/336)
وتأنيث الفعل له 1.
فإن فُقد المفعول به أُنيب عن الفاعل أحد هذه المذكورات، أعني المصدر
المختص2. نحو {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 3 إذْ
المصدر فيها مختصُّ4. ونحو {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} 5
لأن تقديره كما قال المصنف 6: فمن عُفي له عفوٌ ما 7 من جهة أخيه.
أو ظرف الزمان، نحو صِيْم رمضانُ، أو المكان، كجُلس أمامُك، والجار
والمجرور، ومثّل له بقوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوب} 8 ف (عليهم) هو
النائب
__________
1 إذا كان النائب عن الفاعل مؤنثا. تنظر أحكام نائب الفاعل في أوضح
المسالك 1/373 وشرح قطر الندى ص 188.
وقول الشارح: (وتأنيث الفعل له) غير دقيق، لأن الفعل لا يوصف بتذكير
ولا بتأنيث، لأنهما من خواص الأسماء، وإنما تلحق الفعل علامة تأنيث
الفاعل.
2 المصدر المختص هو المفيد معنى زائدا على معناه المبهم وهو الحدث
المجرد، ليكون في الإسناد إليه فائدة، ويكون ذلك بتقييده بوصف أو إضافة
أو عدد، ويشترط كذلك أن يكون متصرفا أي لا يلازم النصب على المصدرية كـ
(مَعَاذ) و (سبحان) .
تنظر حاشية الصبان على شرح الأشموني 2/64.
3 الآية 13 من سورة الحاقة.
4 أي مختص بالوصف، وهو قوله: (واحدة) .
5 من الآية 178 من سورة البقرة.
6 شرح شذور الذهب لابن هشام ص 160.
7 في (أ) و (ب) : (عفواً من جهة أخيه) وهو خطأ، صوابه من (ج) وشرح
الشذور.
8 من الآية 7 من سورة الفاتحة.
(1/337)
عن الفاعل. وقوله: ومنه {لاَ يُؤْخَذْ
مِنْهَا} في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ
مِنْهَا} 1 ف (منها) نائب عن الفاعل مرفوع ب (يؤخذ) . وإنما قال الشيخ:
(ومنه) لأن هذا الإعراب خلاف المتبادر إلى الفهم من ظاهر الآية، إذْ
ظاهرها يقتضي أن النائب ضمير مستتر2 في (يُؤخذ) .
وهو أيضا صحيح إن أُوِّل (يُوْخذ) ب (يُقبل) 3 ولأجل هذا4 عدل المصنف
عنه 5.
تنبيهات:
الأول قوله: (فإن فُقِد) صريح في أنه لا ينوب بعض الأشياء مع وجود
المفعول به، وهو مذهب جمهور البصريين6.
ومذهب الأخفش7.
__________
1 من الآية 70 من سورة الأنعام، وهذه الآية لم ترد في (ج) .
2 في (ج) : أن يكون النائب ضميراً مستتراً.
3 وهذا الإعراب هو الذي صححه العلماء. ينظر البحر المحيط 4/156 وحاشية
العدوي على الشذور 1/171.
4 أي لأجل التأويل.
5 ينظر شرح شذور الذهب لابن هشام ص 162.
6 ينظر المقتضب 4/51 وشرح الكافية للرضي 1/84 والتصريح 1/290 وشرح
الأشموني 2/67.
7 هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة، الأخفش الأوسط مولى بني مجاشع، قرأ
النحو على سيبويه وكان أسنّ منه واتّصل بالكسائي وأدّب أولاده، وقرأ له
كتاب سيبويه. وأخذ عنه العلم المازني والجرمي والسجستاني والرياشي
وغيرهم، وله من المؤلفات معاني القرآن والأوسط والمقاييس والقوافي
والعروض وغيرها واختلف في سنة وفاته، والأرجح أنها سنة 215 هـ. تنظر
ترجمته في مراتب النحويين ص 111 وطبقات النحويين ص 72 وإنباه الرواة
2/36 ومعجم الأدباء 1/244 وبغية الوعاة 1/590. وينظر مذهبه هذا في شرح
الكافية الشافية لابن مالك 2/609 وارتشاف الضرب 2/194 والتصريح 1/290.
(1/338)
والكوفيين 1 جواز ذلك مطلقا.
ونُقل عن الأخفش2 أيضا أنه إنما يجوز ذلك إذا تقدم النائب.
ورجح ابن مالك3 مذهب الكوفيين، قال: لورود السماع بذلك، كقراءة أبي
جعفر4 {لِيُجْزَيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} 5، وغير
__________
1 في (ج) : الكوفيون، وهو خطأ. وينظر مذهبهم في شرح الكافية للرضي 1/84
وهمع الهوامع 1/162.
2 نقل هذا القول عن الأخفش ابن جني في الخصائص 1/397 فقال: (وأجاز أبو
الحسن: ضُرِب الضربُ الشديد زيدا ودُفع الدفعُ الذي تعرف إلى محمد
دينارا وقُتِل القتلُ يوم الجمعة أخاك ونحو هذه من المسائل، ثم قال: هو
جائز في القياس، وإن لم يرد به الاستعمال وينظر ارتشاف الضرب 2/194.
3 في شرح التسهيل [الورقة 86/ أ] وشرح الكافية الشافية 2/609 وذكر على
ذلك أربعة شواهد ترجح مذهبهم.
4 هو يزيد بن القعقاع المخزومي المدني، يكنّى بأبي جعفر، أحد القراء
العشرة، تابعي مشهور، عرض القرآن على ابن عباس وأبي هريرة، وروى عنه
نافع وغيره، مات سنة 130 هـ. تنظر ترجمته في معرفة القراء الكبار
للذهبي 1/72 وغاية النهاية في طبقات القراء 2/382.
5 من الآية 14 من سورة الجاثية. وقراءة أبي جعفر هذه في المبسوط في
القراءات العشر لابن مهران ص 339 والنشر 2/372 وإتحاف فضلاء البشر ص
390.
(1/339)
ذلك1.
الثاني ظاهر 2 قوله: (فالمصدر أو الظرف أو المجرور) أنه لا أوّلية لشيء
منها على غيره 3.
وقال بعضهم 4: المجرور أولى.
ونُقل عن الشيخ أبي حيان 5 أوّلية ظرف المكان 6.
الثالث استغنى بما ذكره من أمثلة هذه الأشياء عن ذكر شروطها، فيشترط في
كل من المصدر والظرف الاختصاص والتصرف، وأن يكون ملفوظا به.
__________
1 شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 187 وشرح التسهيل [ق 86/ أ] مع تصرف
يسير في العبارة.
2 ساقطة من (ج) .
3 هذا مذهب البصريين. ينظر المقتضب 4/51 وأسرار العربية ص 95.
4 هو ابن معط. تنظر (الفصول الخمسون) ص 177 وشرح ألفية ابن معط لابن
القواس 1/622.
5 هو محمد بن يوسف بن علي، أثير الدين، أبو حيان، الأندلسي، نحوي عصره
ولغويه ومفسره، تعلم على ابن الصائغ وابن النحاس وجماعة، برع في الحديث
والتفسير والعربية والقراءات، وأخذ عنه أكابر عصره كابن أم قاسم وابن
عقيل والسمين الحلبي وناظر الجيش، وترك مصنفات كثيرة منها البحر المحيط
والتذييل والتكميل وارتشاف الضرب والمبدع. وقد توفي سنة 745 هـ. تنظر
الدرر الكامنة 4/302 وبغية الوعاة 1/280 وشذرات الذهب 6/145 والأعلام
7/152.
6 نص على ذلك في الارتشاف 2/194 حيث قال: (واخترت ظرف المكان) .
(1/340)
وفي المجرور ألاَّ يلزم الحرف الجار طريقة
واحدة1 في الاستعمال ك (مُذ) و (رُبَّ) والكاف، وما خُصّ بقَسَم أو
استثناء 2.
فلا ينوب شيء من ذلك، كما لا تنوب الظروف غير المتصرفة 3.
ص: ولا يحذفان، بل يستتران.
ش: لما فرغ من ذكر حد الفاعل ونائبه شرع يبين أحكاما اشتركا فيها.
فالأول [منها] 4 أنه لا يجوز حذف واحد منهما لأنهما عمدتان، والعُمَد
لا يجوز حذفها.
وخالف في هذا الحكم5بعض النحويين6 فجوّز حذفهما، متمسكا في الفاعل
بظواهر وردت، وقياسا لنائبه عليه.
فممّا تمسّك به في حذف الفاعل قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يَزْني
الزاني حينَ يَزْني وهو مؤمنٌ ولا يَشْرَبُ الخمرَ حينَ يشربُها وهو
مؤمن"7
__________
1 في (ج) : (وجهاً واحداً) .
2 أحرف القَسَم هي الواو والباء والتاء، وأحرف الاستثناء هي (عدا) و
(خلا) و (حاشا) . ينظر توضيح المقاصد 2/29.
3 ينظر شرح الكافية الشافية 2/608 وتوضيح المقاصد 2/29.
4 ساقطة من (أ) و (ب) . وأثبتها من (ج) .
5 في (ج) : الكلام. والمقصود بالحكم حذف الفاعل أو نائبه.
6 هو الكسائي وتبعه السهيلي وابن مضاء، ينظر همع الهوامع 1/160.
7 الحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة في كتاب المظالم 3/178 ومسلم في
كتاب الإيمان 1/76 وأبو داود في السنن 4/221.
(1/341)
فإن (يشرب) لا يصح أن يجعل فاعله ضميراً
يعود على (الزاني) المتقدم ذكره لفساد المعنى، إذ يصير الحديث (لا يشرب
الزاني الخمر حين يشربها وهو مؤمن) 1 وليس ذلك مرادا، بل المراد أن
الشارب للخمر لا يباشر شربها وهو مؤمن، كما أن الزاني لا يباشر الزِّنى
وهو مؤمن.
وجعل الجمهور2 فاعل (يَشْرب) ضميرا مستترا فيه عائدا على الشارب
المفهوم من الشُّرب، مثل {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 3 أي
العدل المفهوم من (اعدلوا) 4 وإلى هذا 5 يشير قول المصنف: (بل يستتران)
.
ص: ويحذف عاملهما جوازا، نحو زيد 6 لمن قال: من قام؟ أو من ضُرب؟.
ووجوبا نحو {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا
وَحُقَّتْ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} 7.
ش: الحكم الثاني مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن عاملهما قد يحذف
لقرينة تدل عليه،26/أوذلك على قسمين، جائز وواجب.
فالجائز كأن يقع جوابا لسؤال، نحو هل قرأ أحد؟ وهل قام أحدٌ؟ وهل
__________
1 من قوله: فإن يشرب إلى هنا ساقط من (ج) .
2 ينظر التصريح 1/272 وهمع الهوامع 1/160.
3 من الآية 8 من سورة المائدة.
4 فالضمير (هو) يعود على (العدل) المفهوم من فعل الأمر (اعدلوا) .
5 في (ج) ولهذا.
6 ساقطة من (ج) .
7 الآيات من 1 إلى 3 من سورة الانشقاق.
(1/342)
ضُرب أحد؟ فتقول: (زيد) أي قرأ زيد وقام
زيد وضُرِب زيد.
وقوله: (نحو (زيد) لمن قال: من قام؟ أو من ضُرب) ذكره مثالا 1 لما حذف
عامله منهما ف (زيد) في جواب من قام؟ فاعل أي قام زيد2، وفي جواب (من
ضُرب) ؟ نائب عن الفاعل أي ضُرب زيد. وكذا مثِّل ابنُ الحاجب 3.
والظاهر في مثل هذا المثال أنّ (زيدا) مبتدأ لا فاعل، والتقدير زيد
القائم وزيد المضروب، ليطابق السؤال الجواب، إذ السؤال جملة اسمية
فليكن الجواب كذلك 4 فالأنسب حينئذ أن يقدر السؤال بنحو هل قرأ أحد5
ليطابقه في الجواب قرأ زيد، فتكونان فعليتين، كما قررنا.
والواجب ما فسّره فعل أسند إلى ضمير الفاعل أو نائبه، مثال الأول
{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} 6.
ف (انشقت) مفسر للفعل المحذوف، والتقدير إذا انشقت السماءُ انشقت،
ومثال الثاني {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} 7 والتقدير إذا مُدّت الأرضُ
مُدّت8، ولا
__________
1 في (أ) : مثلا ذكره. والمثبت من (ب) و (ج) .
2 سقط من (ج) قوله: أي قام زيد.
3 في الكافية ص 69. وقد تقدمت ترجمة ابن الحاجب في ص 217.
4 ينظر شرح الكافية للرضي 1/76.
5 في (ج) : أن تقدر السؤال هل قرأ أحد.
6 الآية امن سورة الانشقاق.
7 الآية 3 من سورة الانشقاق.
8 هذا مذهب البصريين، وأجاز الأخفش والكوفيون رفعه على الابتداء وما
بعده الخبر.
(1/343)
يجوز فيهما إظهار هذا العامل لامتناع
اجتماع العوض والمعوض منه.
ص: ولا يكونان جملة، ونحو {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا
بِهِمْ} 1 فعلى إضمار التبيين. ونحو {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ
حَقّ} 2 فعلى الإسناد اللفظي) .
ش: الحكم الثالث مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن كلاّ منهما لا يكون
جملة، [بل مفردا 3.
فإن جاء ما ظاهره أن الفاعل أو نائبه فيه جملة [فمؤول] 4، فمن الأول5]
قوله تعالى: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} 6 فإن ظاهره
أن جملة7 {كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} فاعل (تَبَيَّنَ) . وتأويله من
وجهين:
الأول أن الفاعل ضمير يعود على مصدر مفهوم من الفعل المذكور، وتقديره:
وتبين لكم هو أي التبيين. وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (على إضمار
التبيين) . الثاني أنه ضمير يعود على معلوم من سياق الكلام، أي
__________
1 من الآية 45 من سورة إبراهيم.
2 من الآية 32 من سورة الجاثية.
3 هذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون وقوع الجملة فاعلا. ينظر معاني
القرآن للفراء 2/333 ومغني اللبيب ص 524.
4 زيادة لا يتم المعنى إلا بها.
5 ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) .
6 من الآية 45 من سورة إبراهيم.
7 في (أ) و (ب) : فإن ظاهره جملة. والمثبت من (ج) .
(1/344)
تبين لكم هو أي حالهم1. ومما يوهم أن
الجملة نائبة فيه عن الفاعل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ
اللهِ حَقّ} 2. فإن ظاهره أن جملة {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقّ} نائبة عن
الفاعل3. وجوابه أنه ليس من الإسناد المعنوي الذي الكلام فيه، وإنما هو
من الإسناد اللفظي، والإسناد اللفظي يجيئ في جميع الألفاظ 4
ص: (ويؤنث فعلهما لتأنيثهما، وجوبا في نحو (الشمسُ طَلَعتْ) وقامت هند
أو الهندان أو الهندات.
وجوازاً راجحا في نحو (طَلَعتْ الشمسُ) ومنه (قامتْ الرجالُ أو النساءُ
أو الهنودُ وحضرت القاضيَ إمرأةٌ، ومثل قامت النساء (نعمت المرأةُ هند)
ومرجوحا في نحو ما قام إلا هند. وقيل: ضرورة) .
ش: الحكم الرابع مما اشتركا فيه تأنيث الفعل بتاء التأنيث الساكنة في
آخر الماضي، وبتاء المضارعة في أول المضارع، لأجل تأنيثهما.
وهو إما أن يكون واجبا أو جائزا راجحا أو مرجوحا.
القسم الأول الواجب، وهو في مسألتين 5:
__________
1 ينظر في ذلك التبيان للعكبري 2/773 وشرح الكافية الشافية 2/600.
2 من الآية 32 من سورة الجاثية.
3 كذا في (ج) وفي (أ) ر (ب) : (نائب عن فاعل قيل) .
4 قال ابن هشام في المغني ص 525: "وقولهم: (الجملة لا تكون فاعلا ولا
نائبا عنه جوابه أن التي يراد بها لفظها يحكم لها بحكم المفردات". وعلى
ذلك فالمعنى في الآية: وإذا قيل لهم هذا القول. ومعنى كونه يجري في
جميع الألفاظ، أنه يكون في الاسم والفعل والحرف والجملة.
5 ينظر في ذلك شرح الكافية للرضى 2/169 وتوضيح المقاصد 2/9.
(1/345)
الأولى أن يكون الفاعل أو نائبه ضميراً
مؤنثا، سواء كان تأنيث 1 مفسره2 حقيقيا، نحو هندٌ قامت أو تقوم، وهند
ضُربت أو تُضرب.
أو 3 مجازيا، نحو الشمس طَلَعتْ أو تَطْلُعُ، وأُطْلِعتْ أو تُطْلَع،
وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (في نحو الشمس طلعت) .
الثانية أن يكون حقيقي التأنيث متصلا بالفعل، نحو قامتْ هند أو تَقومُ
هند، وضُربتْ هند أو تُضرَب هند. وإلى هذا أشار بقوله: (وقامت هند) .
والتزمت التاء في فعل المثنى والمجموع المؤنث الذي واحده حقيقي
التأنيث، نحو قامت الهندانِ والهنداتُ لسلامة نظم واحده، وهو ما أشار
إليه المصنف رحمه الله حيث مثَّل للمسألة الثانية من مسألتي وجوب
التأنيث4، بقوله: (قامت هندٌ أو الهندانِ أو الهنداتُ) .
القسم الثاني الراجح التأنيث، وهو أيضا 26/ب في مسألتين:
المسألة الأولى أن يكون الفاعل 5 مجازي التأنيث، نحو طلعت الشمسُ [أو
تطلع الشمسُ] 6 وأُطلِعت الشمسُ أو تُطلَع الشمسُ.
وإلى هذه المسألة أشار بقوله: (في نحو طَلَعت الشمسُ) .
ومن هذا الصيغة الدالة على الجمع، سواء كانت صيغة جمع تكسير
__________
1 في (أ) و (ب) : (تأنيثه) . والمثبت من (ج) .
2 المراد به الاسم المتقدم على الفعل.
3 كذا في النسخ، والأولى (أم) .
4 من قوله: (المصنف رحمه الله.) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و
(ج) .
5 في (أ) و (ب) : الفعل، وهو خطأ، صوابه من (ج) .
6 ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) . وأثبته من (ج) .
(1/346)
للمذكر كالرجال أو المؤنث كالهنود، أو اسم
جمع كالنساء، أو اسم جنس ك (لَبِن) 1 أو جمع تصحيح لم يسلم فيه بناء
الواحد، ك (سنون) 2.
فإنه يجوز تأنيث الفعل باعتبار الجماعة وتذكيره باعتبار الجمع 3.
وأما جمع المذكر السالم فيه بناء الواحد 4 فيتعين فيه التذكير، لأجل
سلامة نظم الواحد فيه، ولذلك قال 5 الشيخ: (ومنه) إلى آخره، وسكت عنه
6.
المسألة الثانية7 أن يكون منفصلا من فعله بفاصل غير (إلاّ) فإنه لا يجب
فيه تأنيث الفعل، وإن كان حقيقي التأنيث.
وأشار المصنف إلى هذه المسألة بقوله: (حَضَرت القاضيَ امرأةٌ) فيجوز
ترك التأنيث 8 فيه للفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول الذي هو
__________
(لَبِن) اسم جنس جمعي واحده (لَبِنة) وهي من المواد التي تبنى بها
البيوت. ينظر معناها في اللسان 13/375 (لبن) .
2 في (ج) : (بنون) ، والمعنى أنه لما جُمع تغير فيه بناء المفرد بحركة
أو حذف، فـ (بنون) جمع (ابن) وقد حذفت منه الواو عند الجمع، لأن أصل
المفرد (بنو) ومثله (سنون) . ينظر التصريح1/280.
3 وهذا باتفاق البصريين والكوفيين، ينظر الارتشاف 1/353 والهمع 2/171.
4 أي الذي لم يتغير فيه بناء الواحد بعد جمعه، مثل: (مسلمون) و
(قائمون) .
5 ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .
6 أي سكت عن بيان حكم جمع المذكر السالم فيه بناء الواحد للعلم به، وفي
(أ) و (ب) : (سكت عليه) .
7 في (ج) : (الثالثة) وهو تصحيف، لأن المسائل ثنتان لا ثلاث كما ذكر
سابقا.
8 في (أ) و (ب) : التاء، والمراد تاء التأنيث.
(1/347)
(القاضي) 1.
وقوله: (ومثل قامت النساء نعمت المرأة هند) [أي أن فاعل (نعم) وإن كان
حقيقي التأنيث، ك (نِعْمَتِ المرأةُ هند) ] 2 وفي معناه [فاعل (بئس) ]
ك (بِئْسَت المرأةُ هند) يُعطى حكم جمع التكسير، وما أُلحق به في سقوط
التاء وثبوتها مع فعله.
فتقول: [نعمَ المرأةُ هند، و] نِعْمَت المرأةُ هند، وبئست المرأة هند،
وبئس المرأة هند. وإن كان الفاعل حقيقي التأنيث، لأن الجنس مقصود بفاعل
(نعم) و (بئس) على سبيل المبالغة في المدح والذم.
القسم الثالث المرجوح التأنيث، وهو أن يكون الفاعل مفصولا من فعله ب
(إلاّ) نحو ما قام إلا هند، لأنه مع الفصل ب (إلا) يكون الفعل مسندا في
المعنى إلى مذكر3، فحمل على المعنى غالبا، وترك التأنيث.
وقد يؤنث قليلا، نظرا إلى اللفظ، نحو ما قامت إلا هند.
وقيل 4: إن التأنيث لا يجوز، وإن ورد منه في 5 كلام العرب شيء6
__________
1 قال في التصريح 1/279: "وإنما لم يجب التأنيث مع الفصل لأن الفعل بعد
عن الفاعل المؤنث وضعفت العناية به وصار الفصل كالعوض من تاء التأنيث
". وينظر أيضا شرح الأشموني 2/52.
2 ما بين المعقوفين في هذا الموضع وما بعده ساقط من (أ) و (ب) . وأثبته
من (ج) .
3 لأن التقدير: ما قام أحد إلا هند.
4 هذا قول الأخفش، حيث أوجب التذكير، لأن ما بعد إلا ليس هو الفاعل في
الحقيقة وإنما هو بدل منه. ينظر التصريح 1/279.
5 في (أ) و (ب) : (من) بدل (في) .
6 ساقط من (ج)
(1/348)
1 حُمل على الضرورة. والله أعلم.
ص: ولا تلحقه علامة تثنية2 ولا جمع، وشذّ نحو (أكلوني البراغيثُ) .
ش: الحكم الخامس مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن الفعل المسند إلى واحد
منهما لا تلحقه علامة تثنية إن كان مثنى، نحو ضَرَبَ الزيدانِ عمرًا،
وضُرب الزيدانِ، ولا علامة جمع إن كان مجموعا، نحو قام الزيدون وقام
الرجال وضُرب الزيدون وضُرب 3 الرجال، ونحو قامت الهندات.
ومن العرب4 من يلحق بالفعل مع الاثنين ألفا ومع الجمع المذكر واواً ومع
جمع المؤنث نوناً.
فمما جاء من ذلك مما اتصلت به الألف قوله:
38- أُلفيتا عيناك عند القفا 5 ... ... ... ... ... ...
__________
1 ساقطة من (ج) .
2 في (ج) : تأنيث، وهو تحريف.
3 زيادة من (ج) .
4 وهم قبائل أزدشنوءة وبني الحارث بن كعب وجماعة من طيء.
ينظر الارتشاف 1/354 وشرح الأشموني 2/48.
5 صدر البيت من السريع، وهو لعمر بن ملقط الطائي، من شعراء الجاهلية
وعجزه:
. . ..... .... ..... .... ... ... أولى فأولى لك ذا واقية
ألفيتا أي وجدتا، وفي (أ) و (ب) : (ألفيا) وهو خطأ، أولى: كلمة تهديد.
وقد ورد البيت في نوادر أبي زيد ص 268 والأمالي الشجرية 1/132 وشرح
المفصل 3/88 والارتشاف 2/26 والمغني ص 485 وتخليص الشواهد ص 474
والعيني 2/458 والتصريح 1/275 والخزانة 9/21.
والشاهد فيه إلحاق ألف التثنية بالفعل المبني للمجهول مع وجود نائب
الفاعل بعده. وخرَّجه على أنه لغة لبعض العرب.
(1/349)
ومما اتصلت به الواو قولهم: "أكلوني
البراغيث"1.
وقوله2:
39- يلومونني في اشتراء النخي
__________
...
__________
ل أهلي3.. ..
ومما اتصلت به النون قوله:
40- نتج الربيع محاسنا ... ألقحنها غُرّ السحائب 4
__________
1 معناه: اعتدت البراغيثُ عليّ، وقائل هذا القول هو أبو عمرو الهذلى،
وقد أورده سيبويه في الكتاب 1/19 وأبو عبيدة في مجاز القرآن 2/34.
2 في (أ) و (ب) : (قولهم) في هذا الموضع والذي بعده، والمثبت من (ج) .
3 جزء من بيت من المتقارب، وهو بتمامه:
يلومونني في اشتراء النخيـ ...
__________
ل أهلي فكلهم يعذل
وهو لأحيحة بن الجلاح من قصيدة في ديوانه ص 71.
ونسب لأمية بن أبي الصلت وهو في ملحق ديوانه ص 554، ورجح جامع ديوانه
أن البيت ليس له وإنما هو لأحيحة. وفي الديوان (قومي) بدل (أهلي) ورُوي
(أَلْوَمُ) والصواب (يعذل) لأن القصيدة لامية في الديوانين. والبيت في
معاني القرآن للفراء 1/316 والأمالي الشجريه 1/133 وشرح المفصل 3/87
وارتشاف الضرب 2/26 ومغني اللبيب 478 والعيني 2/460 والتصريح 1/276
وهمع الهوامع /160 وشرح الأشموني 2/47 والدرر اللوا مع 2/ 283.
والشاهد إلحاق الفعل (يلوم) علامة الجمع والإتيان بالفاعل ظاهرا بعده.
4 البيت من مجزوء الكامل، وهو لأبي فراس الحمداني، وهو ممن لا يحتج
بشعره لتأخر زمانه. ولم أجد هذا البيت في ديوانه.
وقد ورد البيت في شرح شذور الذهب لابن هشام ص 178 والعيني ص
2/460والتصريح 1/276 وهمع الهوامع 1/160. وأورده الشارح مثالا على
إلحاق نون النسوة بالفعل (ألقح) مع كونه مسندا إلى الاسم الظاهر بعده،
وهو (غرّ السحائب) .
(1/350)
واختلف النحويون في ذلك ونحوه، فمن قائل:
إن هذه اللواحق حروف دالة على تثنية الفاعل وجمعه، كما ألحقت تاء
التأنيث دالة على ثأنيثه1.
ومن قائل: إنها ضمائر2 وإنها الفاعل، والمرفوع بعدها إما مبتدأ مؤخر
وإما بدل 3منها.
وهذا الثاني ضعيف، لأن أئمة اللغة والنحو نقلوا أن اتصال هذه الأحرف
بهذه الأفعال لغة لقوم معينين من العرب، وهم طيء وغيرهم4.
وتقديم الخبر أو الإبدال من الضمائر شائع عند الجميع5، وإن أدى إلى
الإضمار قبل الذكر.
27/أفإن قيل: فلم كان الفصيح الدلالة على تأنيث الفاعل وعدم
__________
1 هذا قول سيبويه وجمهور البصريين. ينظر الكتاب 2/40- هارون وشرح
الكافية الشافية 2/581.
2 لم أجد من نسب هذا القول إلى قائل معين. ينظر همع الهوامع 1/160.
3 في النسخ (بدلا) بالنصب، والصواب ما أثبته.
4 وممن نقل ذلك سيبويه وأبو عبيده وغيرهما. ينظر الكتاب 1/19- هاررن
ومجاز القرآن 2/ 34.
5 أي جائز عند جميع العرب، وفي (ج) : وتقديم الخبر أو الإبدال من
الضمير سائغ قبل الجميع.
(1/351)
الدلالة على تثنيته وجمعه، وما الفرق؟
فالجواب أن تثنية الفاعل وجمعه يُعْلمان من لفظه، وتأنيثه قد لا يعلم
من لفظه، بأن يكون مقدر التأنيث1.
تنبيه:
يؤخذ من قوله: (وشذّ..) إلى آخره أن هذه اللواحق للأفعال على هذه
اللغة2 حروف دلُّوا بها على التثنية والجمع، إذْ لو كانت ضمائر، وكانت
الظواهر بعدها أبدالا أو مبتدآت لما صحّ الحكم على ذلك بالشذوذ
والخروج3 عن غالب اللغات، لما تقدم من أن تقديم الخبر على المبتدأ أو
الإبدال لا يختصمان بأحد4 والله أعلم
ص: الثالث المبتدأ، وهو المجرد عن العوامل اللفظية مخبرا عنه أو وصفا
رافعا5 لمكتفى به.
ش: الثالث من المرفوعات المبتدأ، وهو قسمان:
مبتدأ له خبر، وهو الأكثر، ومبتدأ ليس له خبر ألبتة6، وإنما تم به
__________
1 كما في هند وسعاد.
2 وهي لغة (أكلوني البراغيث) .
3 في (أ) و (ب) : (للخروج) . والمثبت من (ج) .
4 في (أ) و (ب) : (لايختصان بواحد) والمثبت من (ص) . والمراد لايختصان
بلغة قوم عن آخرين بل يجوز تقديم الخبر على المبتدأ والإبدال منه عند
جميع العرب.
5 في (ج) : (أو وصف رافع) .
(ألبتة) همزتها همزة قطع، وأصلها المصدر (بتا) زيدت عليها (أل) وأنثت.
قال في تاج العروس 1/534: " (لا أفعله ألبتة) بقطع الهمزة كما في
نسختنا وضبط في (الصحاح) بوصلها". ثم ذكر فيها خلافا. وأن بعضهم جعلها
همزة وصل.
(1/352)
وبفاعله مبتدأ على ما سنبين.
ولأجل كونه قسمين أتى المصنف في حدّه له ب (أو) الدالة على التقسيم
فيه، وكأن حدّه هذا في قوة حدّين، فكأنه قال: القسم الأول هو المجرد..
إلى آخره والقسم الثاني هو الوصف.. إلى آخره.
فقوله: (المجرد عن العوامل اللفظية) أي النواسخ للابتداء التي هي إن
وكان وكاد وظن وما وأخوات كلٍّ منها، وغير النواسخ1، وسنوضح ذلك عند
شرح الأمثلة.
وقوله: (مخبرا عنه) يخرج الأسماء التي لا تركب2، فإنه يصدق عليها أنها
مجردة عن العوامل اللفظية، فبذكر الإخبار خرجت.
وقوله: (أو وصفاً) إلى آخره إشارة3 إلى القسم الثاني، يعني أن المبتدأ
يكون مجردا عن العوامل اللفظية، وهو وصف رافع لمكتفى به.
والمراد بالوصف اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة4.
__________
1 مثل الحروف الزائدة الداخلة على المبتدأ، نحو (بحسبك درهم) وسيذكر
الشارح ذلك في ص 362.
2 في (ج) : لم تركب. والمراد بها الأعداد المسرودة، نحو (واحد) (اثنان)
وكذلك الأسماء قبل تركيبها في الجمل، مثل (زيد) ، (عمرو) ونحو ذلك.
ينظر شرح الكافية للرضي 1 / 76.
3 في (ج) : أشار.
4 ويدخل في ذلك المنسوب، نحو (أقرشي أبواك) لأنه في منزلة الصفة. ينظر
التصريح على التوضيح 1/56
(1/353)
وب (مرفوع) الظاهر1، كقولك: أقائم الزيدان،
أو الضمير، كقولك [بعد ذكر الزيدين2] : أقائم هما3.
وب (المُكتفى به) فاعله الذي تمت به معه الفائدة.
واحترز به عما لا يكتفى به، كقولك: أقائم أبواه زيد، فإن المرفوع
بالوصف في هذا المثال4، وهو (أبواه) غير مكتفى به5، فلايكون مبتدأ، بل
(زيد) هو المبتدأ والوصف خبره.
ص: (فالأول كزيد قائم {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} 6 و {هَلْ مِنْ
خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} 7. والثاني: وشرطه تقدّم نفي أو استفهام، نحو
(أقائم الزيدان) و (ما مضروبٌ العمَران) .
ش: ذكر في هذا الكلام أمثلة قسمي المبتدأ، فمثَّل للقسم الأول بثلاثة
أمثلة: الأول (زيد قائم) وهو مثال الاسم الصريح.
__________
1 أي ويخرج بقوله: مرفوع الاسم الظاهر. ولم ترد هذه الكلمة في المتن.
2 زيادة من (ج)
3 هذا قول البصريين، ومنع الكوفيون الضمير مع الوصف إلا بالمطابقة،
نحو: أقائمان أنتما. ينظر همع الهوامع 1/ 94.
4 في (أ) و (ب) : في هذا الوصف. والمثبت من (ج) .
5 وذلك لأنه يشتمل على ضمير، وهذا الضمير يحتاج إلى مفسر.
6 من الآية 184 من سورة البقرة، والتقدير (صومكم خيرلكم) .
7 من الآية 3 من سورة فاطر، فـ (من) صلة للتأكيد و (خالق) مبتدأ مرفوع
بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر و (غير) فاعل سد
مسد الخبر.
(1/354)
والثاني {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} 1
وهو مثال لما هو غير صريح، بل مؤول به لأن {وَأَنْ تَصُومُوا} في تأويل
صيامكم خير لكم2.
والمبتدأ في المثالين مجرد من العوامل اللفظية.
والثالث: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} 3 وهو مثال لما هو بمنزلة
المجرد من العوامل اللفظية، وإن لم يكن في اللفظ مجردا منها4، لأن وجود
الحرف الزائد، وهو (مِنْ) 5 في المثال المذكور كَلا وجودٍ.
وقوله: (والثاني نحو أقائم) إلى آخره، ذكر له مثالين، وفصل بجملة
اعتراضية6 أفاد بها شرط المبتدأ في القسم الثاني، وهو أن يتقدمه نفي
إما بحرف، نحو ما مضروب العُمران، وهو مثال المصنف، أو بفعل نحو ليس
قائمٌ البكران7، أو باسم، نحو غيرُ قائمٍ الزيدان8.
أو استفهام إما بحرف، نحو أقائم الزيدان؟ وهو ما مثَّل به المصنف،
__________
1 من الآية 184 من سورة البقرة.
2 قوله: (خير لكم) ساقط من (ج) .
3 من الآية 3 من سورة فاطر.
4 ساقطة من (ج) .
5 ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) . وينبغي أن تسمى (مِن) هنا صلة
للتأكيد ولاتكون زائدة لأن كلام الله منزه عن ذلك. ينظر شرح قواعد
الإعراب للكافيجي ص 520.
6 هي قوله: (وشرطه تقدم نفي أو استفهام) .
7 البكران هنا فاعل سد مسد خبر (ليس) ينظر التصريح 1/157.
8 في (ج) : (زيد) .
(1/355)
أو باسم نحو كيف قائمٌ الزيدان؟ 1.
تنبيهات:
الأول: جعلهم نحو {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} 27/ب من المبتدأ،
وقولهم: إنه بمنزلة المجرد يدل على أن المراد بالعوامل اللفظية أعم من
النواسخ كما قدمنا وهو الظاهر كما قال بعض المحققين2، خلافا لمن قصره
على النواسخ3.
وتصريح المصنف بأنه من القسم الأول من قسمي المبتدأ هو أحد الوجهين في
إعرابه وعليه4 فالخبر إما (غير الله) وإما محذوف أي لكم أو للأشياء، و
(غير) صفة5.
وثانيهما أنه من القسم الثاني6، و (غير الله) هو فاعله سد مسد الخبر7.
والله أعلم.
الثاني: احترز باللفظية عن العامل المعنوي، وهو الابتداء الذي هو
__________
1 في (أ) و (ب) : أقائم العمران وهو خطأ لأن الأستفهام فيه بحرف لا
باسم والمثبت من (ج) .
2 هو الرضي في شرح الكافية 1/86.
3 وممن قصره على ذلك الزمخشري وابن يعيش وابن الحاجب. ينظر شرح المفصل
لابن يعيش 1/83 وشرح الكافية للرضي 1/86.
4 قوله: (وعليه) ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
5 تنظر الأوجه في إعراب الآية في التبيان للعكبري 2/1073 والبحر
المحيط7/ 300.
6 من قسمي المبتدأ، وهو الذي له مرفوع يغني عن الخبر.
7 منع هذا الوجه أبو حيان، قال: لأن الوصف كالفعل والفعل لا تدخل عليه
(مِن) ينظر البحر المحيط 7/300. وقوله: (سد مسد الخبر) ساقط من (ج) .
(1/356)
التجرد للإسناد، فإن الصحيح أنه العامل في
المبتدأ1.
الثالث: قوله: (أو وصفاً) صريح في أنه لا خبر له ألبتة، كما قدمنا،
لأنه جعله في مقابلة المخبر عنه.
وإنما كان هذا النوع من المبتدأ لا خبر له أصلا، لأنه في المعنى كالفعل
والفعل لا خبر له.
وإنما قلنا: إنه في المعنى كالفعل لأنه قصد به ما يقصد بالفعل إذا قيل:
أيقوم الزيدان.
الرابع جزمه باشتراط تقدم النفي أو الاستفهام هو مذهب جمهور البصريين2.
ومذهب الأخفش والكوفيين3 أنه لايشترط ذلك، واستدلوا عليه بما لا تقوم
به الحجة4. والله أعلم.
__________
1 هذا قول البصربين، وقال الكوفيون: العامل في المبتدأ هو الخبر لأنهما
ترافعا وهناك أقوال أخرى. ينظر الكتاب 1/24 والإنصاف 1/44 وشرح المفصل
لابن يعيش الحلبي 1/84 والتصريح1/159.
2 ينظر الكتاب 2/127- هارون والارتشاف 2/26 والأشموني 1/190- 192.
3 ينظر مذهبهم في شرح الكافية للرضي 1/87 وتوضيح المقاصد 1/269
والتصريح على التوضيح 1/157.
4 من ذلك قول الشاعر:
خبيرٌ بنولهب فلا تَكُ ملغيا مقالة لهبي إذا الطير مَرَّتِ
ولا حجة لهم فيه لجواز كون الوصف خبرا مقدما، وإنما صح الإخبار به عن
الجمع لأنه على وزن (فَعِيل) وهو كالمصدر يصلح للمفرد والمثنى والجمع،
فهو على حدّ {والملائكةُ بعدَ ذَلك ظَهيرٌ} . ينظر التصريح 1/157.
(1/357)
ص: ولا يبتدأ بنكرة إلا إن عمّت، نحو ما
رجل في الدار، أو خصّت، نحو رجل صالح جاءني، وعليهما، {وَلَعَبْدٌ
مُؤْمِن} 1.
ش: لما فرغ من الكلام على تعريف المبتدأ أخذ يذكر ما هو كالشرط له
فقال: إنه لا يكون نكرة غير مفيدة. وذلك لأن الغرض من الإخبار الإفادة
وإذا كان المبتدأ نكرة غير معلومة امتنع الحكم عليها، لعدم2 الفائدة في
الإخبار عنها.
وقد يفيد الإخبار عن النكرة فيصح الابتداء بها حينئذ، وذلك في 3 مواضع
متعددة ضابطها حصول الفائدة، كما علمت. إلا أن النحويين حاولوا تفصيل
تلك4 المواضع وتعيينها، فأوردوا لذلك صُورا5.
وذكر بعضهم6 أن ما أوردوه من ذلك يرجع إلى شيئين لاغير، وهما التعميم
والتخصيص، وظاهر كلام المصنف في المتن اعتماد ذلك لقوله: (إلا إن عمّت
أو خصّت) وفي الشرح7 تضعيفه لتعبيره فيه ب (زعم) .
__________
1 من الآية 221 من سورة البقرة.
2 في (أ) و (ب) : بعدم، والمثبت من (ج) .
3 ساقطة من (أ) و (ب) وأثبتها من (ج) .
4 في (أ) : ذلك وهو خطأ، صوابه من (ب) و (ج) .
5 وسموها مسوغات الابتداء، بالنكرة، وأوصلها بعضهم إلى أكثر من ثلاثين
موضعا. ينظر حاشية الخضري على ابن عقيل 1/100.
6 هو أبوحيان الأندلسي، ذكر ذلك في أرجوزة له في النحو.
ينظر الأشباه والنظائر للسيوطي 3/98.
7 أي شرح شذور الذهب لابن هشام حيث قال فيه ص 182: "وزعم بعضهم أنها
ترجع إلى الخصوص والعموم".
(1/358)
ومَثَّل للعموم بقوله: (ما رجلٌ في الدار)
لأن النكرة في سياق النفي تعمّ1 ومَثَّل للخصوص ب (رجل صالح جاءني) لأن
الوصف يخصص الموصوف النكرة، فتحصل به فائدة2، ليست للرجل الذي لم يوصف.
وقوله: وعليهما {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ} 3 أي أن الابتداء في هذه
الآية ب (عبد) سوغه التخصيص بالوصف ب (مؤمن) والتعميم في كل عبد مؤمن،
لأن الغرض المستفاد منه الحكم بخيرية كل فرد من أفراد المؤمنين، أي [أن
كل] 4 عبد اتصف بالإيمان فهو خير من مشرك. وهذا بخلاف قولك: رجل صالح
جاءني، فإن الغرض المستفاد منه الحكم بمجيئ شخص مّا موصوف5 بالصلاح،
فلاعموم فيه.
وقال في شرح الزوائد: (قوله: وعليهما أي وعلى انحصار المسوِّغات في
التخصيص والتعميم، ورجوع الصّور كلها إليهما صح الابتداء بالنكرة في
الآية، لما في ذلك من التخصيص بالوصف) 6. انتهى
وبعد أن علمت7 ما قررناه لا يخفى عليك ما
__________
1 أي تفيد العموم.
2 في (أ) : فيحصل فائدة، والمثبت من (ب) و (ج) .
3 من الآية 221 من سورة البقرة.
4 مابين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
5 في (ج) : الحكم على شخص مّا هو موصوف.
6 شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي، [ق 36/ب، 37/ أ] .
7 في (ج) : (عرفت) .
(1/359)
فيه1. والله أعلم.
ص: الرابع الخبر، وهو ما تحصل به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المذكور
ولا يكون زمانا والمبتدأ اسم ذات ونحو (الليلةَ الهلالُ) مؤول.
ش: 28/ألما فرغ من المبتدأ طفق يبين خبره، وهو رابع المرفوعات. وحدّه
بقوله: (ما تحصل به الفائدة) إلى آخره.
فما تحصل به الفائدة كالجنس، يدخل فيه مع الخبر الفاعل بقسميه، أي
مرفوع الفعل ومرفوع الوصف.
وقوله: (مع مبتدأ) كالفصل يخرج مرفوع الفعل، فإنه ليس مع المبتدأ.
وقوله: (غير الوصف) يخرج مرفوع الوصف2، فإنه ليس3 بخبر، وإن كان مع
مبتدأ ذلك المبتدأ هو الوصف، بل هو فاعل الوصف المذكور4.
وقوله: (ولايكون) إلى آخره يبين به أن الخبر يمتنع أن يكون اسم زمان في
صورة واحدة، وهي5 أن يكون المبتدأ اسم ذات، كزيد وعمرو، فلا
__________
1 هذا رد على كلام البرماوي السابق، وهو حق. لأن البرماوي صاحب شرح
الزوائد جعل المسوغ في الآية هو الوصف فقط والصحيح أن مراد ابن هشام،
كما ذكر الشارح أن المسوغ في الآية إما التعميم في قوله: (عبد مؤمن) أو
التخصيص بالوصف وهناك مسوغ ثالث في الآية وهو دخول لام الابتداء على
المبتدأ.
2 مثل أقائم المحمدان، ينظر التصريح 1/ 160.
3 من قوله: (مع المبتدأ) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
وأثبته من (ج) .
4 سقط من (ج) قوله: الوصف المذكور.
5 في (أ) : وهو، والمثبت من (ج) .
(1/360)
يقال: زيد اليوم ولا عمرو غدا1، بخلاف ما
إذا كان اسم معنى ك (الصوم اليومَ2 والسفر غداً) فلا يمتنع، وهذا بخلاف
اسم المكان فإنه يخبر به عن الذات، نحو زيد أمامك، وعن المعنى نحو
العلم عندك.
وقوله: (نحو الهلال الليلة3 متأوّل) يشير إلى أنه إذا ورد من كلامهم ما
ظاهره أنه أخبر فيه عن الذات باسم الزمان، نحو (الهلال الليلة) 4، وقول
امرئ القيس5: (اليومَ خمرٌ وغدًا أمرٌ) 6 يؤوَّل.
وتأويله أن يُقدَّر اسم معنى مضافا إلى اسم الذات، ويكون ذلك المقدَّر
هو المبتدأ في الحقيقة، كرؤية الهلال الليلة وشرب الخمر اليوم. فيرجع
إلى الإخبار عن اسم المعنى بالتأويل، هذا مذهب البصريين7.
وذهب ابن مالك8 تبعا لطائفة 9 إلى أن نحو (الهلال الليلة) لا
__________
1 وذلك لعدم الفائدة في الإخبار بالزمان عن الذوات، لأن نسبتها إلى
جميع الأزمنة على السواء راجع التصريح 1/167.
2 من قوله: ولا عمرو غدا، إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ج) .
3 كذا في النسخ، والذي في الشذور (الليلة الهلال) كما سبق ذكره.
4 في (أ) : نحو الليلة والمثبت من (ج) .
5 هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث، حامل لواء الشعر في الجاهلية، وصاحب
إحدى المعلقات السبع المشهورة. تنظر ترجمته في الشعر والشعراء1/111.
6 قال هذا الكلام حين سمع بمقتل أبيه، وكان يشرب الخمر، ثم صار هذا
القول مثلا. ينظر مجمع الأمثال 2/417.
7 ينظر الأصول لابن السراج 1/63 والارتشاف 2/55 والهمع 1/99.
8 ينظر تسهيل الفوائد ص 49 وشرح عمدة الحافظ ص 164.
9 منهم ابن الطراوة، ينظر التصريح 1/168.
(1/361)
يقدر فيه مضاف لأن الهلال يشبه اسم المعنى
من جهة أنه يحدث في وقت دون آخر، فيجوز الإخبار عنه نفسه بالزمان.
تنبيه:
أفهم كلامه حيث اقتصر على منع هذه الصورة فقط صحة الإخبار بما عدا ذلك،
فيجوز أن يكون الخبر مفردا جامدا، ك (هذا زيد) ومشتقا ك (زيد قائم)
وشبيها1 بالمشتق، ك (زيد أسد) أي شجاع، وأن يكون جملة اسمية2 ك (زيد
أبوه قائم) وفعلية، ك (زيد قام أبوه) وجارًّا ومجرورًا، ك (زيد في
الدار) وظرف مكان، ك (زيد أمامك) في اسم الذات، و (العلم عندك) في اسم
المعنى وظرف الزمان إذا كان المبتدأ اسم معنى، نحو (الرحيل غدا) .
ص: الخامس اسم كان وأخواتها، [وهي] 3 أمسى وأصبح وأضحى وظلّ وبات وصار
وليس مطلقا، وتالية لنفي أو شبهه زالَ ماضي يَزَالُ، وبرح وفتِئَ
وانفكّ، وصلة ل (ما) الوقتية، نحو {مَا دُمْتُ حَيًّا} 4.
ش: خامس المرفوعات ما رفعته (كان) وأخواتها، تشبيها بالفاعل، ويسمى
اسمها، ونسبة الرفع إلى هذه الأفعال هو مذهب
__________
1 في (ج) : وشبيه، وهو خطأ.
2 من قوله: (كزيد أسد) إلى هنا ساقط من (أ) . وأثبته من (ج) .
3 ساقطة من (أ) . وهي ثابتة في (ج) والشذورص 12.
4 من الآية 31 من سورة مريم.
(1/362)
البصريين1.
وأما الكوفيون2 فإنهم لا يجعلون لهذه الأفعال عملا إلا في الخبر، لأن
الاسم لم يتغير عما كان عليه. ويدل للبصرية أمران:
الأول: أن كل فعل يرفع وقد ينصب وقد لا ينصب، وأما أنه ينصب ولا يرفع
فلا.
والثاني: اتصاله بها إذا كان ضميرا، نحو {كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}
3 والضمير بالاستقراء لا يتصل إلا بعامله.
وهذه الثلاثة عشر4 ثلاثة أقسام:
قسم يعمل هذا العمل من غير شرط، وإليه أشار بقوله: (مطلقا) وهو
الثمانية الأول منها.
وقسم لا يعمله إلا بشرط أن يتقدمه نفي أو نهي أو دعاء، وإليه أشار
بقوله: (وتالية لنفي أو شبهه) فأراد بشبهه النهي والدعاء.
وهي الأربعة التالية للثمانية المذكورة (زال) ماضي (يَزَال) لا ماضي
(يَزُول) ولا ماضي (يُزِيل) 5 فإنهما فعلان تامان. والأول منهما
__________
1 ينظر الكتاب 2/148- هارون والجمل للزجاجي ص 41 وشرح الكافية الشافية
1/380 وتوضيح المقاصد 1/295.
2 ينظر مذهبهم في الارتشاف 2/72 والهمع 1/ 111.
3 من الآية 76 من سورة الزخرف.
4 أخوات (كان) كثيرة جدا، حتى قال الرضي 2/290: "والظاهر أنها غير
محصورة".
5 يقال: زال يزيل من باب ضرب يضرب بمعنى ميّز يميّز تقول: زِل ضأنك من
معزك أي ميز بعضها من بعض، ومصدره الزّيل. ينظر التصريح 1/185.
(1/363)
قاصر1 28/ب والثاني متعد إلى واحد.
و (بَرِحَ) و (فَتِىءَ) و (انْفَكَّ) .
فالنفي، [نحو] 2 {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} 3 والنهي نحو قول
الشاعر:
41- صَاحِ شمِّرْ ولا تَزَلْ ذاكر المو ...
ت4...................................
والدعاء، [نحو] 5:
2-......................................... ... ولازالَ مُنْهلاً
بَجَرْعَائِكَ القَطْرُ6
__________
1 وهو (زال يزول) من باب نصر ينصر، بمعنى انتقل ينتقل، تقول: زل عن
مكانك أي انتقل عنه، التصريح 1/185.
2 ساقطة من (أ) في هذا الموضع والذي بعده.
3 من الآية 118 من سورة هود.
4 صدر بيت من الخفيف، ولم أعثر على قائله، وتتمّته:
... فنسيانه ضلال مبين ...
وقد ورد في توضيح المقاصد 1/296 والعيني 2/14 والتصريح 1/185 وشرح
الأشموني 1/228.
والشاهد فيه تقدم النهي على الفعل الناقص، ولذلك عمل عمل (كان) .
5 ساقطة من (أ) .
6 عجز بيت من الطويل، وهو لذي الرمة غيلان بن عقبة، وصدره:
ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى ...
........................................
ينظر ديوان ذي الرمة 1/559.وهو من شواهد الإنصاف 1/62 والأمالي الشجرية
2/151 وشرح الألفية لابن الناظم ص 129 وتوضيح المقاصد 1/296 والعيني
2/6 والتصريح 1/185 وشرح الأشموني 1/228 والهمع 1/111.
والشاهد إعمال (زال) عمل (كان) لسبقها بـ (لا) الدالة على الدعاء.
(1/364)
والقسم الثالث: ما يعمل هذا العمل بشرط
تقدم (ما) المصدرية الظرفية، وإليه أشار بقوله: (وصلة لما الوقتية
(دام) نحو {مَا دُمْتُ حَيًّا} 1) أي مدة دوامي حيا.
وسميت (ما) هذه مصدرية لكون (ما) 2تقدر بالمصدر، وهو الدوام. وظرفية
لأنها تقدر بالظرف، وهو المدة.
تنبيه:
لم يصرح المصنف في (ما) الداخلة على (دام) 3باعتبار كونها مصدرية ولعله
أحال على المثال، ورأى أن الوقتية يلزمها أن تكون مصدرية. والله أعلم.
ص: ويجب حذف (كان) وحدها بعد (أمّا) في نحو أمّا أنت ذا نفر.
ش: لما كانت (كان) هي أم الباب اختصت عن أخواتها بأمور:
منها وجوب حذفها وحدها، أي مع بقاء اسمها وخبرها4.
__________
1 من الآية 31 من سورة مريم.
2 في (ج) : لأنها. والمراد لكون (ما) وما بعدها يقدران بالمصدر.
3 في (أ) : الداخلة على ما، وهو خطأ صوابه من (ج) .
4 مثل قولك: (أما أنت منطلقا انطلقت) راجع أوضح المسالك 1/187.
(1/365)
وهذا هو مذهب الجمهور1، خلافا للمبرد2،
فإنه جوَّز ذكرها3.
وذلك4 في نحو:
43- ... أمّا أنت ذا نفر5 ... ...................................
وأصله (افتخرت [عليّ] 6 لأن كنت ذا نفر) ثم قدمت العلة على
__________
1 ونص عليه سيبويه في الكتاب 1/294 هارون فقال: "و (أما) لا يذكر بعدها
الفعل المضمر، لأنه من المضمر المتروك إظهاره"
ينظر شرح المفصل 2/ 99 وارتشاف الضرب 2/ 99 وهمع الهوامع 1/ 122.
2 تقدمت ترجمته في ص 254.
3 أجاز المبرد ذلك في نقده لكتاب سيبويه. ينظر الانتصار لابن ولاّد ص
98 وحاشية الشيخ عضيمة على المقتضب 4/ 34. وقد نسب هذا القول للمبرد
أيضا الرضي في شرح الكافية 1/253 والسيوطي في الهمع 1/122.
4 أي وجوب حذف (كان) وحدها.
5 جزء بيت من البسيط، وهو للعباس بن مرداس، يخاطب به خفاف بن ندبة، وهو
بتمامه: أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضَّبُعُ
نفر: جماعة، الضبُع: السنة الشديدة. ينظر ديوانه ص 106.
والبيت من شواهد سيبويه 1/293 وشرح المفصل 2/99 والمقرب 1/259 وشرح
الكافية الشافية 1/418 وشرح الألفية لابن الناظم ص 143 والعيني 2/55
والتصريح 1/195 وهمع الهوامع 1/122 وشرح الأشموني 1/244 وشرح شواهد
المغني 1/173.
والشاهد فيه حذف (كان) بعد (أما) للتعويض منها بـ (ما) ولا يجمع بين
العوض والمعوض منه.
6 زيادة من (ج) .
(1/366)
المعلول، لإفادة الاختصاص1، وقيل: لأن كنت
ذا نفر افتخرت، ثم حذفت (كان) للاختصار فانفصل الضمير فصار (لأَن أنت
ذا نفر) ثم حذف لام العلة للاختصار2 أيضا، وقيل: (أن أنت ذا نفر) ثم
زيدت (ما) للتعويض من (كان) المحذوفة وأدغمت فيها النون لما بينهما من
التقارب، فصار (أمَّا أنت ذانفر) 3.
فإن قيل: قوله4 تحذف (كان) بعد (أمَّا) لا يصح، لأن (ما) كما علمت إنما
زيدت للتعويض من (كان) المحذوفة، والإدغام مرتب على زيادتها، فلم توجد
(أمَّا) إلا بعد حذف (كان) فكيف يصح أن يقال: تحذف بعد (أمَّا) .
فالجواب: المراد أنه إذا وجد هذا التركيب وجب الحكم على (كان) بأنها
محذوفة وأن موضعها بعد (أمَّا) أي بعد (أَنْ) المدغمة في (ما) قبل
(أنت) فتأمّل.
فإن قيل: ظاهر قوله: (في نحو أمّا أنت ذا نفر) أن حذفها مختص بضمير
المخاطب، وأنه لا يكون مع ضمير المتكلم ولا مع الظاهر، فلا يقال: أمَّا
أنا ذاهبا وأمَّا زيد قائما.
__________
1 في (ج) الانحصار.
2 في (ج) قدم حذف لام العلة على حذف (كان) ولم يأت فيه بقوله فانفصل
الضمير فصار لأن أنت ذا نفر.
3 ينظر تفصيل ذلك في التصريح 1/195 وشرح الأشموني 1/244.
4 ساقطة من (ج) .
(1/367)
فالجواب أنه إنما خصّ ضمير المخاطب بالذكر
لكونه لم يسمع من العرب حذفها إلا معه، وأما مع غيره فهو1 مقيس. وقد
مثل سيبويه في الكتاب ب (أمَّا زيد ذاهبا) 2.
فإن قيل: لِم كان الحذف هنا واجبا، وفيما سوى ذلك3 جائزا؟
فالجواب لأنهم عوضوا منها4 هنا (ما) وهم لايجمعون بين العوض والمعوض
[منه] 5.
ص: ويجوز حذفها مع اسمها بعد (إنْ) و (لو) الشرطيتين.
ش: ومن الأمور التي اختصت بها (كان) جواز حذفها مع اسمها وإبقاء خبرها،
وذلك كثير بعد (إنْ) و (لو) الشرطيتين قليل بعد غيرهما.
مثال (إن) قولك: سِرْ مسرعا إن راكبا وإن ماشيا، وقولهم: "الناس مجزيون
بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر"6.
__________
1 في (ج) : فإنه.
2 الكتاب 1/293ـ هارون، وقال فيه: "ومن ذلك قول العرب: أما أنت منطلقا
انطلقت معك، وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه" ثم ذكر البيت السابق.
3 في (ج) : فيما سيأتي.
4 أي من كان المحذوفة.
5 ساقطة من (أ) و (ب) . وأثبتها من (ج) .
6 ذكر ابن هشام في شرح الشذور ص 187 أن هذا من قول الرسول صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم أجده في كتب السنة، وإنما هو قول
منقول عن العرب، وقد ورد في الكتاب 1/258- هارون والمفصّل ص 72
(1/368)
44- لا يَأْمَن الدهرَ ذو بغي ولو مَلِكًا
... جنودُه ضاق عنها السهلُ والجبلُ1
ومثال حذفها بدون (إنْ) و (لو) قوله:
45- مِن لدُ شَوْلاً2 ... ......................................
قدره سيبويه3: من لد أنْ كانتْ شولا
__________
1 البيت من البسيط، وينسب للّعين المنقري، وهو من شواهد شرح الألفية
لابن الناظم ص 141 وتوضيح المقاصد 1/308 ومغني اللبيب ص 354 والمساعد
لابن عقيل 1/271 والعيني 2/50 والتصربح 1/193 وهمع الهوامع 1/121 وشرح
الأشموني 1/242. والشاهد فيه حذف (كان) مع اسمها بعد أداة الشرط (لو) .
2 جزء بيت من مشطور الرجز، وهو أيضا كلام يجري مجرى المثل، وهو:
من لد شولا فإلى إتلائها ...
...........................................
لَدُ: أي لدن حذفت نونه لكثرة الاستعمال، الشول اسم جمع للإبل التي جفت
ضروعها وقيل: هو مصدر شالت الناقة بذيلها أي رفعته.
ينظر اللسان 11/374 (شول) والإتلاء أن تصير الناقة متلية أي يتلوها
ولدها.
والبيت من شواهد سيبويه المجهولة، لكن نسبه النحاس للعجاج، وهو غير
موجود في ديوانه.
ينظر الكتاب 1/264 وإعراب القرآن للنحاس 1/357 وشرح المفصل 4/101 وشرح
ابن الناظم ص 142 وتوضيح المقاصد 1/309 وشفاء العليل 1/324 والعيني
2/51 والتصريح 1/194 والهمع 1/122 وشرح الأشموني 1/243.
والشاهد حذف (كان) بعد (لدن) على تقدير سيبويه، وذلك قليل.
3 الكتاب 1/265- هارون.
(1/370)
وظاهر كلام المصنف في الشرح1 تقييد جواز
حذفها مع اسمها ب (إن) و (لو) فإنه قال: " وشرطه أن يتقدمها إنْ ولو".
وقد عرفت2 أنه لا يمتنع حذفهما بعد غير3 (إنْ) و (لو) لكنه قليل.
تتمَّة4:
تحذف (كان) مع خبرها ويبقى اسمها، وهو ضعيف، كما تقدم.
وتحذف مع اسمها وخبرها، وذلك بعد (إما) 5 في قوله: (افعل هذا إمّا لا)
6 أي إن كنت لا تفعل غيره، ف (ما) عوض من (كان) و (لا) هي النافية
للخبر المحذوف.
ص: وحذف نون مضارعها المجزوم إلا قبل ساكن أو ضمير متصل.
ش: ومن الأمور التي اختصت بها (كان) أن نون مضارعها يجوز حذفها، ولكن
بشروط:
__________
1 شرح شذور الذهب لابن هشام ص 187.
2 في (ج) : علمت.
3 ساقطة من (أ) وهي ثابتة في (ب) و (ج) وهو الصواب.
4 في (ج) : (تتممة) وهو تحريف لأن الإدغام هنا واجب.
5 في (أ) و (ب) : بعد إن، والمثبت من (ج) .
6 هذا أسلوب عربي حذفت فيه (كان) مع معموليها، وقد ذكره سيبويه في
الكتاب 1/294 وينظر التصريح 1/195 وهمع الهوامع 1/122.
(1/371)
أحدها أن يكون المضارع مجزوما، فلا تحذف من
المرفوع والمنصوب.
ثانيها أن يكون جزمه بالسكون، لا بالحذف، فلا تحذف مما جزم بحذف
الآخر1.
ثالثها: ألاّ يتصل آخرها بضمير نصب، فلا تحذف من نحو "إِنْ يَكُنْهُ
فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيهِ" 2
رابعها: ألا تتصل بساكن، فلا تحذف من نحو {لَمْ يَكُنِ اللهُ
لِيَغْفِرَ لَهُمْ} 3.
وخالف في هذا الشرط يونس4، متمسكا بنحو قوله:
__________
1 أي بحذف النون وذلك إذا اتصلت به ألف اثنين أو واو جماعة أو ياء
مخاطبة، نحو لم تكونوا.
2 هذا جزء من حديث قاله الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر
بن الخطاب في شأن ابن صياد الذي ظهر في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وظنوا أنه الدجال فهمّ عمر بقتله فقال صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن يكنْه فلنْ تُسلَّط عليه وإلاَّ يكُنْه فلا خير
لك في قتله" أخرجه البخاري 2/117 ومسلم 4/2244
3 من الآيتين 137 و168 من سورة النساء.
4 هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي، مولاهم، من كبار العلماء
المتقدمين، أخذ النحو عن أبي عمرو وحماد بن سلمة وسمع من العرب، وهو من
شيوخ سيبويه، وسمع منه أيضا الكسائي والفراء، له مذاهب في النحو تفرد
بها، وله من المؤلفات اللغات والأمثال ومعاني القرآن والنوادر، توفي
سنة 182 هـ. ينظر مراتب النحوبين ص 44 وطبقات النحويين ص 51 ومعجم
الأدباء20/64 وبغية الوعاة 2/365.
وينظر قوله هذا في شرح التسهيل لابن مالك [ق 60/ أ] والتصريح 1/196.
(1/372)
46- فإن لم تَكُ المِرآةُ أبدت وَسَامةً
... فقد أبدت المرآةُ جَبْهَةَ ضَيْغَمِ1
فحذفت مع اتصال2 آخرها بساكن، وحمله الجماعة على الضرورة3.
قال ابن مالك رحمه الله: "وبقوله أقول، لأنه ليس بضرورة، إذ كان يمكنه
أن يقول: فإن تكن4 المرآة أخفت وسامة"5.
قلت: وفيه نظر، لأن المرآة لا تتصف بإخفاء شيء، فلا يصح أن يراد هذا.
والله أعلم.
تنبيهان:
الأول: لا فرق في هذا الحكم بين (كان) 6 الناقصة والتامة، ومن الحذف في
التامة قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} 7.
__________
1 البيت من الطويل، وقائله الخنجر بن صخر الأسدي. الوسامة: الجمال،
الضيغم: الأسد. والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/423 وتوضيح
المقاصد 1/311وشفاء العليل للسلسيلي 1/326 والعيني 2/63 والتصريح 1/196
والهمع 1/122 وشرح الأشموني 1/245. والشاهد فيه حذف نون (تكن) مع اتصال
آخرها بساكن، وهذا على رأي يونس ووافقه ابن مالك.
2 في (أ) : فحذف مع الاتصال. والمثبت من (ب) و (ج) .
3 ينظر التصريح 1/196 وهمع الهوامع 1/122.
4 في (أ) و (ب) : فإن لم تكن، وهوخطأ صوابه من (ج) وشرح التسهيل.
5 شرح التسهيل لابن مالك [ق 60/أ] وينظر شرح الكافية الشافية 1/423.
6 ساقطة من (ج) .
7 من الآية 40 من سورة النساء، وهذا على قراءة الرفع في (حسنة) على أن
(كان) تامة، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي جعفر.
ينظر السبعة لابن مجاهد ص 332 والنشر 2/249 والإتحاف 190.
(1/373)
الثاني: أطلق المصنف في المتن والشرح1
الجزم، ولم يقيده بالسكون ولابد منه، لكنه ترك القيد لأن الجزم بالسكون
هو الأصل، فهو المتبادر عند الإطلاق.
ص: السادس اسم أفعال المقاربة، وهي كاد وكَرَب وأوشك لدنو الخبر، وعسى
واخلولق وحَرَى، لترجّيه، وطفِق وعَلَق وأنشأ وأخذ وجعل وهَبْ
وهَلْهَلَ2 للشروع فيه.
ش: الباب السادس من المرفوعات اسم هذه الأفعال.
وتسميتها أفعال المقاربة مجاز من باب تسمية الشيء باسم جزئه3 تغليبا
كتسميتهم الكلام كلمة، وذلك لأنها ثلاثة أقسام:
قسم يدل على قرب الخبر، وهي الثلاتة الأول4، وقسم يدل على ترجّي الخبر5
وهي الثلاثة التي تليه6، وقسم يدل على الشروع فيه، وهو7 بقية الأفعال
المذكورة، وكلها مشتركة في رفع الاسم ونصب
__________
1 شرح شذور الذهب ص 188.
2 في (أ) : هيلل. وهو تحريف.
3 أي تسمية الكل باسم الجزء. ينظر التصريح 1/203.
4 وهي كاد وكرَبَ وأوشك.
5 ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
6 أي تلي هذا القسم وهي عسى وحرى واخلولق.
7 في (ج) : وهي.
(1/374)
الخبر، ك (كان) .
وإنما جُعِل لها باب على انفرادها لِمَا اشْتُرط في خبرها زيادة على
خبر (كان) كما سيأتي بيانه في المنصوبات إن شاء الله تعالى.
ص: السابع اسم ما حمل على (ليس) وهي أربعة (لات) في لغة الجميع ولا
تعمل إلا في الحين بكثرة، أو الساعة أو الأوان بقلة، ولا يجمع بين
جزأيها والأكثر كون المحذوف اسمها، نحو {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} 1.
ش: السابع من المرفوعات اسم هذه الأحرف الأربعة التي حُمِلت على (ليس)
فعملت عملها، وإنما حملت عليها لمشابهتها لها في نفي الحال غالبا.
فمنها (لات) وأصلها (لا) ثم زيدت التاء لتأنيث اللفظ والمبالغة في
معناه2.
قال في التوضيح: "وعملها إجماع من العرب"3. وهو معنى قوله هنا: (في لغة
الجميع) . ويشترط له شرطان:
الأول أن يكون 29/ب معمولاها اسمي زمان، وذكر المصنف
__________
1 من الآية 3 من سورة ص.
2 هذا قول الجمهور، وهناك أقوال أخرى، منها قول ابن أبي الربيع أن
أصلها (ليس) أبدلت السين تاء.
ينظر الملخص لابن أبي الربيع 1/273 وارتشاف الضرب 2/111 والهمع 1/126.
3 أوضح المسالك بتحقيق الشيخ النجار 1/276.
ولم ترد هذه الجملة في تحقيق الشيخ محي الدين ـ رحمه الله ـ لأوضح
المسالك.
(1/375)
أن1 الأكثر أن يكون ذلك الزمان لفظ الحين،
ويقل كونه الساعة والأوان.
وهذا منه كالتوسط في المسألة، فإن سيبويه2 رحمه الله نص على أنها لا
تعمل إلا في الحين.
فأخذ بعضهم3 بظاهره، وقصر عملها على لفظ الحين.
وقال بعضهم4: المراد أسماء الزمان مطلقا، وهو ظاهر عبارة ابن مالك في
التسهيل5حيث قال: "وتختص بالحين أو مرادفه".
الثاني من الشرطين ألا يجتمع جزآها، أي اسمها وخبرها في الكلام، بل يجب
حذف أحدهما.
ويكثر حذف اسمها وإبقاء خبرها، نحو قوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ}
6 [بنصب (حين) ] 7 أي ليس الحين حين مناص.
__________
1 ساقطة من (ج) .
2 قال سيبويه ـ رحمه الله ـ: "لاتكون (لات) إلا مع الحين". ينظر الكتاب
1/57.
3 هذا قول ابن عصفور وابن أبي الربيع. ينظر المقرب 1/105 والملخص لابن
أبي الربيع 1/ 272 والارتشاف 2/111.
4 منهم الفارسي وابن مالك. ينظر شرح الكافية الشافية 1/443 وارتشاف
الضرب2/111.
5 تسهيل الفوائد ص 57.
6 من الآية 3 من سورة ص.
7 زيادة من (ج) وهذه قراءة جمهور القراء، ومنهم أصحاب القراءات الأربع
عشرة وذلك على جعل (حين) خبرا للات واسمها محذوف، أي ولات الحينُ حينَ
مناص.
(1/376)
ويقل عكسه، وعليه قُرئ {وَلاتَ حِينُ
مَنَاصٍ} برفع حين1.
ص: وما ولا النافيتان في لغة أهل الحجاز، و (إنْ) النافية في لغة أهل
العالية، وشرط إعمالهن نفي الخبر وتأخيره، والاّ يليهنّ معموله وليس
ظرفاً ولا مجروراً، وتنكير معمولي (لا) ، وألاّ يقترن اسم (ما) بإن
الزائدة نحو {مَا هَذَا بَشَراً} 2 و (لا وَزَرٌ مما قضى اللهُ
وَاقِيا) و (إنْ ذلك نافعَكَ ولاضَارّك) .
ش: ذكر في هذا الكلام بقية الأحرف العاملة عمل (ليس) ، وهي ثلاثة (ما)
و (لا) النافيتان في لغة الحجازيين3. و (إنْ) النافية أيضا في لغة أهل
العالية4.
__________
1 وهي قراءة أبي السمال وعيسى بن عمر، على أن (حين) اسم لات والخبر
محذوف.
ينظر مختصر في شواذ القراءات ص 129 والبحر المحيط 7/383.
2 من الآية 31 من سورة يوسف. وقد جاءت في (ب) كذا ما هذا إلا بشرا، وهو
خطأ ظاهر وتحريف في الآية.
3 تنظر لغتهم في الكتاب 1/57- هارون ومعاني القرآن للفراء2/42 ومجالس
ثعلب 2/596 وشرح المفصل لابن يعيش 2/116.
4 أي عالية الحجاز، قال الأزهري: عالية الحجاز أعلاها بلدا وأشرفها
موضعا وهي بلاد واسعة. تهذيب اللغة 3/187 وينظر معجم البلدان 4/71.
وقد اختلف العلماء في إعمال (إنْ) عمل (ليس) فأجاز ذلك الكسائي وأكثر
الكوفيين وابن السراج والفارسي وابن جني وابن مالك، ومنع ذلك سيبويه
والفراء.
قال المبرد في المقتضب 2/362: "وكان سيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر
لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبره. ثم قال: وغيره يجيز نصب الخبر على
التشبيه بليس، كما فعل ذلك في (ما) وهذا هو القول".
وينظر ارتشاف الضرب 2/109 ومغني اللبيب ص 35 والتصريح 1/201.
(1/377)
ولما اشتركت هذه الثلاثة1 في بعض الشروط
واختص بعضها ببعض أخذ يذكر2 الشروط المشتركة أولاً، ثم ذكر الشروط
المختصة.
فأما الشروط المشتركة فهي ثلاثة:
الأول نفي خبرهن، فلو انتقض النفي بإلا امتنع إعمالهن3، نحو {وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ} 4 ولا5 رجلٌ إلا قائمٌ، وإنْ ذلك إلاّ
نَافِعٌ لك.
الثاني تأخر أخبارهن عن أسمائهن، كما مثل به، فلو تقدمت أخبارهن امتنع
العمل.
الشرط الثالث ألاّ يليهن معمول أخبارهن [بألاَّ يتقدم على أسمائهن وذلك
لضعفهنّ في العمل، فلا يُتصرف في معمول أخبارهنّ] 6 بالتقديم.
اللهم إلا أن يكون معمول أخبارهن ظرفا أو مجرورا، فإنه يجوز أن
يَلِيهِنّ، ويتقدم على أسمائهنّ، لأنهم توسعوا في الظروف والمجرورات ما
لم يتوسعوا في غيرها7.
__________
1 في (أ) و (ب) : الشروط بدل الثلاثة وهو خطأ صوابه من (ج) .
2 في (ج) : ببعض آخر، ذكر.
3 لأن ما بعد (إلاّ) مثبت، وهي لا تعمل في المثبت فلا بدّ من نفي
خبرها.
4 من الآية 144 من سورة آل عمران.
5 في (ج) : (ما) وقد سبق التمثيل لها.
6 ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
7 تنظر هذه الشروط في الإيضاح العضدي ص 146 والتصريح 1/196.
(1/378)
وأما المختص من الشروط فمنه أنه يشترط1 في
(لا) خاصة أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، فلا تعمل في معرفة، فلا يقال:
(لا زيد قائما) إلا قليلا كقوله:
47-.... .... لا الدارُ داراً ... ولا الجيرانُ جيرانًا2
ويشترط في (ما) خاصة ألا يقترن اسمها بإنْ الزائدة.
فإن اقترن بها امتنع عملها، نحو قول الشاعر:
48- بني غدانة مَا إنْ أنتم ذهبٌ ... ولا صريفٌ ولكن أنتم الخزفُ3
وقد روي (ذهبا) بالنصب4، وأُوِّلَ على أنّ (إنْ) نافية مؤكدة ل (ما) لا
زائدة5.
__________
1 في (ج) : من الشروط شرط.
2 عجز بيت من البسيط، ولم أجد له نسبة إلى قائله، وصدره:
أنكرتها بعد أعوام مضين لها. ... ............................... .
وقد ورد البيت في ارتشاف الضرب 2/110 وشرح شذور الذهب ص 197.
والشاهد فيه وقوع اسم (لا) معرفة، وذلك قليل.
3 البيت من البسيط، ولم يعرف قائله وقد اقتصر في (أ) و (ج) على صدر
البيت.
بنو غدانة: حي من يربوع، الصريف: الفضة.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/431 وتخليص الشواهد ص 277 ومغني
اللبيب ص 38 والعيني 2/91 والتصريح 1/196 وهمع الهوامع 1/123 والأشموني
1/247 وخزانة الأدب 4/119.
والشاهد فيه إلغاء عمل (ما) لاقتران اسمها بإنْ الزائدة.
4 هذه رواية الجوهري في الصحاح 4/1385.
5 ينظر التصريح 1/197 وهمع الهوامع 1/123.
(1/379)
وقوله: (نحو) إلى آخره ذكر ثلاثة أمثلة
للثلاثة الأحرف مستجمعة للشرائط مثالا ل (ما) وهو1 قوله تعالى: {مَا
هَذَا بَشَرًا} 2 ف (هذا) اسمها و (بشرا) خبرها ومثله {مَا هُنَّ
أُمَّهَاتِهِمْ} 3.
ومثالا ل (لا) وهو قول الشاعر:
49- ... .................. ... ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقِيا4
ومثله الشطر السابق عليه، وهو قوله:
49- تعزَّ فلاَ شيءٌ على الأرض باقيا ...
....................................
ف (شيء) و (وَزَر) اسمان و (باقيا) و (واقيا) خبران.
ومثالا ل (إن) وهو قوله: (إنْ ذلك نافِعَكَ) 5 ومثله القراءة الشاذة6
__________
1 في (ج) : مثال (ما) قوله.
2 من الآية 31 من سورة يوسف.
3 من الآية 2 من سورة المجادلة.
4 عجز بيت من الطويل، وهو مجهول القائل، وسيذكر الشارح صدره.
وهو من شواهد شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 216 وشرح الألفية لابن
الناظم ص 150 والمغني ص 315 والعيني 2/102 والتصريح 1/199 وشرح
الأشموني 1/235.والشاهد فيه إعمال (لا) عمل (ليس) حيث رفعت (وزر) اسما
لها ونصبت (واقيا) على أنه خبرها.
5 هذا قول محكي عن أهل العالية وهو (إن ذلك نَافعك ولا ضَارَّك) ينظر
الهمع 1/124.
6 وهي قراءة سعيد بن جبير، ينظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص 48
والمحتسب 1/270 والبحر المحيط 4/444.
(1/380)
{إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ
اللهِ عِبَاداً أَمْثَالُكُمْ} 1.
ف (ذلك) و (الذين) اسمان، و (نافعك) و (عبادا) خبران2.
ص: الثامن خبر (إنّ) وأخواتها (أَنَّ) و (لكنَّ) و (كَأَنَّ) و (ليتَ)
و (لعلَّ) نحو {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} 3.
ش: الباب الثامن من المرفوعات خبر هذه الأحرف الستة التي تدخل على
المبتدأ، فتنصبه ويسمى اسمها4، وعلى الخبر فترفعه، ويسمَّى خبرها5،
وهذا طريقة البصريين6 من أنها عاملة في الجزأين.
وطريقة الكوفيين7 30/أأنها ليست عاملة في الخبر، أي بل هو باق على
رفعه، وقد تقدم نظير ذلك في (كان) وأخواتها8.
__________
1 من الآية 194 من سورة الأعراف.
2 ومن ذلك قول الشاعر:
إن هو مستوليا على أحد ... إلاعلى أضعف المجانين
ينظر أوضح المسالك 1/208 وشرح الأشموني 1/255
3 من الآية 15 من سورة طه، وفي (أ) : (لآتية) وهي من الآية 85 من سورة
الحجر.
4 قوله: فتنصبه ويسمى اسمها ساقط من (ج) ، وصورة العبارة فيها: (تدخل
على المبتدأ أي بل وعلى الخبر) .
5 وسبب عمل هذه الأحرف أنها أشبهت الفعل، ووجه الشبه بينهما من خمسة
أوجه ذكرها ابن الأنباري في أسرار العربية ص 148.
6 ينظر مذهبهم في المقتضب 4/109 والإيضاح العضدي 150 والتصريح 1/210.
7 ينظر مذهبهم في أسرار العربية ص 150 وشرح الكافية للرضي 1/110
وارتشاف الضرب 2/128 والجنى الداني ص 393.
8 سبق ذلك في ص 365.
(1/381)
فالأول (إنَّ) بالكسر والتشديد، والثاني
أَنَّ1 بالفتح والتشديد.
ومعناهما التوكيد للنسبة ونفي الشك والإنكار عنها كقوله تعالى: {إِنَّ
السَّاعَةَ آتِيَةٌ} 2، وكقولك: إنّ زيدًا3 قائم.
فإن قولك: زيد قائم بدونها4 يتطرق إلى النسبة في مثله شك وإنكار من
السامع، فإذا جئت ب (إنَّ) أو (أنَّ) فقد أكدت تلك النسبة وصيرتها5،
بحيث لا يليق معها شك أو إنكار لها6.
والثالث (لكنّ) 7 وهو للاستدراك، نحو زيد شجاع لكنه بخيل، وللتوكيد نحو
لو جاءني لأكرمته لكنه لم يجئ.
والرابع (كأنّ) ومعناه التشبيه المؤكد8، لتركيبه من الكاف المفيدة
للتشبيه و (أَنَّ) المفيدة للتوكيد9.
والخامس (ليت) ومعناه التمني10، وهو طلب ما لا طمع فيه،
__________
1 سقطت كلمة (أن) من (ج) .
2 من الآية 15 من سورة طه.
3 في (ج) : زيد وهو خطأ.
4 ساقطة من (ج) .
5 في (ج) : وصدقها وهو تصحيف.
6 ينظر معنى (إنّ) و (أنّ) في الجنى الداني 393 و402 ومغني اللبيب 55
و59.
7 ينظر معاني (لكن) في الجنى الداني 615 ومغني اللبيب 383
8 في (ج) : (المركب) .
9 كذا في (ب) و (ج) وفي (أ) التأكيد، وينظر في معناها الجنى الداني ص
568 والمغني ص 252 وهمع الهوامع 1/133.
10 في (ج) : ليت للتمني.
(1/382)
كقولك: ليت الشبابَ يعودُ، أو ما فيه بعد،
كقول مَنْ لا يرجو مالا 1: ليت لي مالا فأحج منه.
والسادس (لعل) ومعناه التوقع، ولا يكون إلا في الممكن، وهو الترجي في
المحبوب والإشفاق في المكروه2.
ص: ولا يجوز تقديمه مطلقا، ولا توسطه إلا إن كان ظرفا أو مجرورا نحو
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} 3 {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً} 4.
ش: هاتان مسألتان مختصتان5 بخبر هذه الأحرف.
المسألة الأولى: أنه لا يجوز تقديم خبرها عليها مطلقا، أي سواء كان
ظرفا أو مجرورا أو غيرهما، فلا يقال: قائم إن زيدا ولا في الدار إن
زيدا.
وسبب ذلك ضعف هذه الأحرف عن تقديم معموليها، وإن كانت عاملة عمل
الأفعال، أي رافعة وناصبة، لكونها لم تَقْو قوتها6.
المسألة الثانية: أنه لا يجوز توسط خبرها بينها وبين اسمها، لضعفها
أيضا، إلا أن يكون الخبر ظرفا أو مجرورا فيجوز، لأجل التوسع في الظروف
__________
1 أي منقطع الرجاء من المال. ينظر التصريح 1/212.
2 مثال الترجي في المحبوب قولك: لعل الحبيبَ قادم، ومثال الإشفاق في
المكروه قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} يراجع التصريح
1/213.
3 من الآية 26 من سورة النازعات.
4 من الآية 12 من سورة المزمل.
5 في (ج) : متعلقتان.
6 لأنها فرع عن الأفعال في العمل والفرع أحط رتبة من الأصل. ينظر همع
الهوامع1/135.
(1/383)
والمجرورات كما تقدم، فلا يقال: إنّ قائمٌ
زيدًا، ويجوز إنّ في الدار زيدًا وإنّ عندك عمرًا1 ومثله {إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَعِبْرَةً} 2 و {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً} 3.
وقد يجب ذلك4 لعارض، نحو إنّ في الدار صاحبَها، لئلا يعود الضمير على
متأخر لفظا ورتبة 5.
ص: وتكسر (إن) في الابتداء وفي أول الصلة والصفة والجملة الحالية
والمضاف إليها ما يختص بالجمل، والمحكية بالقول وجواب القَسَم والمخبر
بها عن اسم عين، وقيل اللام المعلقة.
ش: ذكر في هذا الكلام المواضع التي يجب كسر همزة (إنّ) 6 فيها وضابط
ذلك أنه لا يجوز7 أن يسد المصدر مسدّها ومسدّ معموليها وذكر المصنف من
صور هذا الضابط تسعة 8:
الأولى: أن تقع (إن) في الابتداء، إما حقيقية، نحو {إنّا
__________
1 في (ج) : وإن في الدار عمرًا.
2 من الآية 26 من سورة النازعات.
3 من الآية 12 من سورة المزمل.
4 أي تقدّم خبرها على اسمها.
5 وهو لا يجوز عند الجمهور. ينظر التصريح 1/214.
(إنَّ) المكسورة هي الأصل عند الجمهور، ولذلك لم يذكر سيبويه (أَنّ)
المفتوحة مع هذه الأحرف. وعند غيرهم كلاهما أصل. ينظر التصريح 1/214
والهمع 1/132.
7 في (أ) : (أنْ لا يجوز) .
8 كذا في النسخ (تسعة) بالتاء والمعدود هنا مؤنث فالأولى (تسعا) .
(1/384)
أَنْزَلْنَاهُ} 1 أو حكمها، نحو {أَلا
إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} 2:
الثانية: أن تقع في ابتداء الصلة، نحو جاء الذي إنه فاضل، لأن الصلة لا
تكون إلا جملة. بخلاف الواقعة في أثناء الصلة، نحو [جاء3] الذي عندي
أنه فاضل؛ لأنها هي ومعمولاها حينئذ في تأويل المصدر، أي عندي فضله.
الثالثة: أن تقع في ابتداء الصفة، نحو جاءني رجلٌ إنه فاضلٌ 4 بخلاف
الواقعة في أثناء جملة الصفة، نحو جاء رجل عندي أنه فاضل.
الرابعة: أن تقع في أول الجملة الحالية، سواء اقترنت بالواو، كجاء زيد
وإنه راكب، أو لم تقترن بها، نحو {إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ
الطَّعَام} 5.
بخلاف الواقعة في أثنائها، كجاء زيد وعندي أنه ماش 6.
__________
1 من الآية 2 من سورة يوسف وكذلك من الآية امن سورة القدر.
2 من الآية 62 من سورة يونس.
3 زيادة من (ج) .
4 فقوله: (إنه فاضل) في محل رفع صفة لرجل. ولا يجوز الفتح لأنه يؤدي
إلى وصف أسماء الأعيان بالمصادر وهي لا توصف بها إلا بتأويل. التصريح
1/216.
5 من الآية 20 من سورة الفرقان، وأول الآية {وَمَا أَرْسَلْنَا
قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} فجملة {إِنَّهُمْ
لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} في محل نصب حال من المرسلين، والتقدير وما
أرسلنا قبلك من المرسلين إلا آكلين للطعام. وسبب وجوب الكسر في أول
جملة الحال، أن المفتوحة تؤول مع صلتها بمصدر معرفة، والحال يجب أن
تكون نكرة. ينظر التصريح 1/216.
ولكن قال صاحب التصريح: إنما كسرت في هذه الآية لأجل اللام لا لوقوعها
حالا.
6 في (أ) و (ب) : (مايس) ولا معنى لها والمثبت من (ج) .
(1/385)
الخامسة: أن تقع في أول الجملة المضاف
إليها ما يختص بالجُمل، ك (إذْ) و (حيثُ) نحو جلست إذْ إن زيدًا جالس.
فإن وقعت في أثناء هذه الجملة فُتِحت، نحو جلست حيث 30/ب اعتقادي أنك
جالس1.
وقوله: والصفة والمضاف إليها وما بينهما مجرورات بالعطف على الصلة
فيستفاد تقييد كسر (إن) لوقوعها في أول كل 2 منها.
السادسة: أن تقع محكية بالقول3، نحو {وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُم} 4.
فإن ذُكرتْ بعد القول للتعليل فُتحت، لأنها حينئذ غير محكية، نحو
(أَخصُّك بالقول أنك وَليٌّ) أي لأنك. وعن هذه احترز بقوله: (والمحكية)
.
السابعة: أن تقع جوابا لقَسَم، سواء كان مع اللام، نحو {وَالْعَصْرِ
إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} 5: أو بدون اللام نحو {حم
وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ} 6.
فإن قيل: أطلق المصنف وجوب الكسر في جواب القسم، وقد ذكر في
__________
1 لأنها حينئذ جزء جملة، فتؤول مع صلتها بمصدر والتقدير: إعتقادي
جلوسك.
2 في (أ) و (ب) : (في أول كلمة منها) والمثبت من (ج) .
3 لأن المحكي بالقول لا يكون إلا جملة أو ما يؤدي معناها.
4 من الآية 12 من سورة المائدة.
5 الآيتان 1و2 من سورة العصر.
6 الآيات 1و2و3 من سورة الدخان.
(1/386)
توضيح الألفية1 أنه يجوز الوجهان بعد فعل
القسم، حيث لا لام، نحو قوله:
50- أو تحلفي بربِّكِ العَلِيِّ ... أنِّي أَبُو ذَيَّا لِكِ
الصَّبِيِّ 2
وهو ينافيه.
فالجواب لا منافاة لأن من فتح3 جعلها مجرورة ب (على) أي على أني4
فإطلاقه صحيح.
الثامنة: أن تقع خبرا عن اسم عين، نحو زيد إنه فاضل5. بخلاف اسم
المعنى، لأن الواقعة خبرا عنه فيها تفصيل ستعلمه 6، إن شاء الله
تعالى7.
التاسعة: أن تقع قبل لام معلّقة للفعل 8، نحو {وَاللهُ يَعْلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُ
__________
1 أوضح المسالك 1/244.
2 البيتان من مشطور الرجز، وينسبان لرؤبة بن العجاج.
ذيا لك: تصغير (ذلك) على غير القياس.
ينظر ملحقات ديوانه ص 188 وهما في معاني القرآن للفراء2/70 وشرح عمدة
الحافظ ص 231 وشرح الألفية لابن الناظم ص 166 وتوضيح المقاصد 1/340
وشفاء العليل 1/362 والعيني 2/232 والتصريح 1/219 وشرح الأشموني 1/276.
والشاهد جواز فتح همزة (إن) وكسرها بعد فعل القسم إذا لم يقترن جوابه
باللام.
3 أي فتح همزة (إن) وأجاز ذلك الكوفيون والبغداديون. ينظر التصريح
1/219.
4 فلم تقع في أول جملة القسم بل في أثنائها.
5 لأن المصدر لا يخبر به عن أسماء الذوات إلا بتأويل.
6 سيذكر في مواضع وجوب فتح همزة (إن) ينظر ص 402.
7 كلمة (تعالى) زيادة من (ج) .
8 التعليق هو إبطال عمل أفعال القلوب في اللفظ وتعمل في المحل.
(1/387)
وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ
لَكَاذِبُونَ} 1.
ص: وتكسر أو تفتح بعد (إذا) الفجائية والفاء الجزائية، وفي نحو أول
قولي إني أحمد الله.
ش: ذكر أن (إن) يجوز فيها الوجهان أي الكسر والفتح في ثلاث مسائل.
وضابطها أن يصح اعتبار أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها واعتبار
عدمه، كما أن ضابط وجوب الفتح أن يتعين اعتبار مسد المصدر مسدها ومسد
معموليها كما سيتبين لك 2.
المسألة الأولى: أن تقع بعد (إذا) الفجائية، كقولك: (خرجت فإذا إنَّ
زيدًا واقف) فيجوز فتح (إن) وكسرها.
فالفتح على التأويل بمصدر مرفوع بالابتداء والخبر محذوف، أي فإذا وقوفه
حاصل، والكسر على عدم التأويل، أي فإذا هو واقف.
قال ابن مالك 3: والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير 4.
المسألة الثانية: أن تقع فاء الجزاء، نحو قوله تعالى: {فَأَنَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ} 5
__________
1 من الآية 1 من سورة المنافقون، وجملة {إنك لرسوله} في محل نصب سدت
مسد مفعولي (يعلم) .
2 في (ب) و (ج) : (كما سيبين) .
3 شرح التسهيل [الورقة 68/أ] .
4 أي تقدير الخبر.
5 من الآية 54 من سورة الأنعام، وفي (أ) و (ب) : بعد قوله: (من عمل)
ولم تكمل الآية كما في (ج) .
(1/388)
بعد قوله: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً
بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ} .
وقد قرىء بالوجهين1 فالكسر2 على جعل ما بعد الفاء جملة تامة.
والفتح على التقدير بمصدر هو خبر مبتدأ محذوف تقديره فجزاؤه الغفران
والرحمة، أو مبتدأ خبره محذوف أي فالغفران والرحمة جزاؤه.
قال ابن أم قاسم: (والكسر أحسن في القياس) 3.
المسألة الثالثة: نحو (قولي: إني أحمد الله) مما وقعت فيه خبرا عن قول
ومخبر عنها بقول، وقائل4 القولين واحد.
فيجوز الكسر على معنى أول قولٍ أفتتح به هذا المفتتح بأني 5. فلا يصدق
على حَمْد بغير هذا اللفظ.
والفتح على تقدير أول قولي حَمْدُ الله، فيصدق على أي قول تضمن حمداً.
فلو لم تقع خبرا عن قول نحو (عملي6 أني أحمد الله)
__________
1 أي بالكسر والفتح وهما متواترتان، فقد قرأ بالكسر ابن كثير وأبو عمرو
ونافع وحمزة والكسائي وقرأ بالفتح عاصم وابن عامر ويعقوب.
تنظر السبعة لابن مجاهد 258 والتذكرة لابن غلبون 2/399 والنشر 2/258.
2 في (أ) : (بالكسر) والمثبت من (ب) و (ج) .
3 توضيح المقاصد والمسالك 1/342، وقد تقدمت ترجمة ابن أم قاسم في ص 197
وفي (أ) و (ب) (ابن قاسم) والمثبت من (ج) .
4 كذا في (ب) و (ج) وفي (أ) : (وفاعل) .
5 كذا قدره الشارح، وهو غير مناسب، لأنه قدر دخول الحرف عليها وذلك
يوجب فتحها. والتقدير المناسب لها هو (مقولي إني أحمد الله) ينظر
التصريح 1/219.
6) في (ج) : (علمي) وهو تحريف، ينظر التصريح 1/219.
(1/389)
فُتحت1 أو لم يخبر عنها بقول، نحو قولي:
إني مؤمن، وجب الكسر 2 أو اختلف القائل، نحو قولي إنّ زيدا يحمد الله،
كسرت 3 أيضا.
ص: وتفتح في الباقي.
ش: لما ذكر مواضع الكسر ومواضع جواز الوجهين ذكر أنّ [أنّ] 4 تُفتح في
الباقي أي وجوبا، كما اقتضاه كلام المتن، وصرح به في الشرح5.
يعني أنه يتعين فتح (أنَّ) فيما عدا ما ذكره من مواضع وجوب الكسر
ومواضع جواز الوجهين.
وهذا يشكل بذكرهم6 جواز الوجهين في مواضع أخر 7 غير هذه الثلاثة التي
ذكرها المصنف، كأن تقع في موضع التعليل، نحو قوله تعالى: 31/أ {إِنَّا
كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} 8
فالكسر على أنه تعليل
__________
1 لأنها خبر عن اسم معنى غير قول والتقدير عملي حمد الله، ولا يجوز
الكسر لعدم وجود العائد على المبتدأ.
2 ولا يجوز الفتح لأن الإيمان لا يخبر به عن القول.
3 في (ج) : (كسر) أي حرف الهمزة وجوبا، ولا يصح الفتح لفساد المعنى، إذ
لا يصح أن يقال: قولي حمدُ زيدٍ الله. راجع التصريح 1/220.
4 زيادة أوجبها المقام
5 شرح شذور الذهب ص 206.
6 قوله: (وهذا يشكل بذكرهم) ساقط من (أ) فقط.
7 تنظر بقية مواضع جواز الوجهين في أوضح المسالك 1/242 والأشموني
1/278.
8 من الآية 28من سورة الطور، وفي قوله:"إنه " قراءتان متواترتان الأولى
كسر الهمزة وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة
والثانية فتح الهمزة وهي قراءة نافع المدني والكسائي. ينظر السبعة 613
والنشر 2/378.
(1/390)
مستأنف، والفتح على تقدير لام العلة، أي
لأنه.
وكالواقعة بعد (حتّى) أو بعد أمّا1 أو بعد (لا جرم) 2 أو بعد فعل3
قَسَم لا لام بعده4 أو بعد واو مسبوقة بمفرد صَلُح5 للعطف عليه، نحو
{إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ
فِيهَا} 6.
قال بعضهم7، بعد أن حكى ما في8 شرح الشذور9 من10 الاقتصار على الثلاثة
المواضع11 المذكورة، وما في التوضيح12 من كون
__________
1 في (ب) و (ج) : (ما) وهو خطأ.
2 في (أ) : (لام جزم) وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج) .
3 كلمة (فعل) ساقطة من (ب) و (ج) .
4 تنظر أمثلة ذلك في التصريح 1/220، 221.
5 في (أ) : (صالحة) والمثبت من (ب) و (ج) .
6 الآيتان 118 و119 من سورة طه، وفي قوله: (وأنك) قراءتان متواترتان
قرأ الجمهور بفتح الهمزة، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم بالكسر.
ينظر السبعة ص 424 والإتحاف ص 308.
7 هو حفيد ابن هشام في حاشيته على التوضيح. ينظر [الورقة 26/ أ] .
8 كلمة (في) ساقطة من (ج) .
9 شرح شذور الذهب ص 207، 208 وفي (ب) : (ما في الشرح) .
10 في (ج) : (على) .
11 في (أ) : ثلاثة مواضع) وفي (ب) و (ج) : (الثلاثة مواضع) وهذا لا
يجوز بإجماع البصريين والكوفيين، نص على ذلك ابن عصفور في شرح الجمل
2/37 فالصواب ما أثبته.
12 أوضح المسالك 1/242.
(1/391)
مواضع الوجهين تسعة: " والظاهر أن المذكور
في شرح الشذور هو الوجه، لأن حكم هذه المسائل الثلاثة1 غير معلوم2 من
وجوب الكسر ولا من وجوب الفتح3 وما ذكر فيه جواز الوجهين غير هذه
الثلاثة فحكمه معلوم إما4 من وجوب الكسر وإما من وجوب الفتح"5 انتهى.
وفيه نظر، لأن كل واحد من المواضع التسعة التي ذكر فيها جواز الوجهين
لا يخرج بوجه الكسر فيه عن المذكور في مواضع الكسر كما أنه لا يخرج
بوجه الفتح فيه عن المذكور في مواضع6 الفتح، فتأمّل.
إذا علمت ذلك فمما يتعين فتح (أَنَّ) فيه أن تقع فاعلة أو مفعولة أو
نائبة عن الفاعل أو خبرا عن اسم معنى7 أو مبتدأة أو مجرورة بالحرف أو
الإضافة أو بدلا أو معطوفة. لتعين مسد المصدر مسدها ومسد معموليها، في8
__________
1 في حاشية الحفيد (المسائل الثلاث) ، وقد سقطت كلمة (الثلاثة) من (ج)
.
2 في (ب) و (ج) : (معلومة) بالتاء.
3 ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
4 من قوله: (وما ذكر فيه) إلى هنا ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب) .
5 قوله: (وإما) إلى آخره ساقط من (ج) .
6 من قوله: (الكسر كما أنه) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
7 بشرط أن يكون هذا الاسم غير قول ولا صادق عليه خبر (إن) نحو (اعتقادي
أنك فاضل) أي اعتقادي فضلك، ولا يجوز الكسر لعدم الرابط. وهذا هو
التفصيل الذي وعد به الشارح فيما سبق ولم يأت به، وينظر التصريح 1/217.
8 في (ب) و (ج) : (إلى هذه المواضع) وتنظر مواضع وجوب الفتح في ارتشاف
الضرب 2/139 والتصريح 1/216.
(1/392)
هذه المواضع. ولا يجوز الكسر في شيء منها
لما علمت1.
الأمثلة {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} 2 {وَلا تَخَافُونَ
أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} 3 {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ
اسْتَمَعَ} 4، (اعتقادي أنه فاضل) 5 {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ
الْمُسَبِّحِينَ} 6 {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ} 7 {مِثْلَ
مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 8 {وَإِذْ
__________
1 لتعين مسد المصدر مسدها ومسد معموليها، وذلك ينافي الكسر.
2 من الآية 5 من سورة العنكبوت، وهذه مثال وقوعها مع معموليها فاعلا،
والتقدير (إنزالنا) .
3 من الآية 81 من سورة الأنعام، وهذه مثال وقوعها مع معموليها مفعولا
بها، والتقدير (إشراككم) .
4 من الآية امن سورة الجن، وهذه مثال وقوعها نائبة عن الفاعل، والتقدير
(استماع) .
5 هذا مثال وقوعها مع معموليها خبرا عن اسم معنى، والتقدير (اعتقادي
فضله) .
6 الآية 143 من سورة الصافات، وهي مثال وقوعها مع معموليها مبتدأ عند
سيبويه، والتقدير فلولا كونه من المسبحين، وجعلها الكوفيون هنا فاعلا،
والتقدير (فلولا ثبت كونه من المسبحين) . فالأولى أن يمثل لوقوعها مع
معموليها مبتدأ بقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ}
أي رؤيتك. ينظر في ذلك التصريح1/216.
7 من الآية 62 من سورة الحج، وهذه مثال لوقوعها مجرورة بالحرف، لأن
المجرور بالحرف لا يكون إلا مفردا. وقد وردت هذه الآية في (أ) كذا:
(ذلك بأنه) ، وهو تحريف.
8 من الآية 23 من سورة الذاريات، وهذه مثال وقوعها مع معموليها مجرورة
بالإضافة والتقدير (مثل نطقكم) ويشترط في المضاف هنا ألا يكون ظرفا،
فإنه يجب معه الكسر.
(1/393)
يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ
أَنَّهَا لَكُمْ} 1 {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ
عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} 2.
ص: التاسع خبر (لا) التي لنفي الجنس، نحو لا رجلَ أفضلُ من زيد، ويجب
تنكيره كالاسم، وتأخيره، ولوظرفا، ويكثر حذفه إن عُلم، وتميم لا تذكره
حينئذ.
ش: التاسع من المرفوعات خبر (لا) التي لنفي الجنس، لأنه تقدم3 أنها
تعمل عمل (إن) إذا كانت نافية للجنس4 على سبيل التنصيص.
فإذا كانت غير نافية5 فلا عمل لها.
وإذا كانت نافية للوحدة أو للجنس لا على سبيل التنصيص عملت عمل (ليس) .
مثال المستجمعة6 للشرائط (لا رجلَ أفضلُ من زيد) .
__________
1 من الآية 7 من سورة الأنفال، وهي مثال وقوعها مع معموليها بدلا، لأن
(أنها لكم) بدل اشتمال من (إحدى) والتقدير (كونها لكم) .
2 من الآية 47 من سورة البقرة، وهي مثال وقوعها مع معموليها معطوفة،
والتقدير (اذكروا نعمتي وتفضيلي) .
3 تقدم ذلك في ص 246.
4 في (أ) : (إذا كانت نافية للوحدة أو للجنس) . والمثبت من (ب) و (ج) .
5 بأن كانت زائدة. ينظر التصريح 1/235.
6 في (أ) : (المستعملة) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج) .
(1/394)
وقوله: (ويجب تنكيره) إلى آخره ذكر فيه
ثلاثة أحكام1 تتعلق بخبر (لا) 2.
الحكم الأول: أنه يجب تنكيره كما يجب تنكير اسمها لما قدَّمنا من أنها
لا تعمل إلا في النكرات مطلقا.
الحكم الثاني: أنه يجب تأخيره عن الاسم، لضعفها في العمل فضعفت3 عن
تقدم أخبارها.
وإنما قلنا: إنها ضعيفة في العمل لأنها حرف مشترك، أي يدخل على الأسماء
وعلى الأفعال، والقاعدة أن الحروف التي ليست مختصة لا تعمل. لكنها عملت
على غير القياس الرفعَ تارة4 والنصبَ أخرى5، كما تقدم.
فلا يجوز أن يتقدم خبرها على اسمها، ولو كان خبرها ظرفا أو مجرورا.
الحكم الثالث: أنه يكثر حذفه6 إن عُلم، لأنه حَذْفٌ لدليل.
بخلاف7 ما إذا جُهل، فإنه يجب ذكره عند جميع العرب8، لأنه
__________
1 كلمة (أحكام) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
2 تنظر أحكام (لا) التي لنفي الجنس في التصريح 1/236، 246، والهمع
1/144.
3 في (ب) : (تضعفت) ، وفي (ج) : (ضعفت) .
4 إذا كانت بمعنى (ليس) .
5 إذا كانت نافية للجنس نصًّا.
6 أي خبر (لا) النافية للجنس.
7 سقطت كلمة (بخلاف) من (أ) وفي (ج) : (بخلافه) والمثبت من (ب) .
8 ينظر شرح الكافية الشافية 1/357 وشرح الكافية للرضي 1/112.
(1/395)
حذف لغير دليل.
وسواء في ذلك الظرف وغيره على الصحيح1، خلافا لمن فصّل2.
ومثال الحذف قوله تعالى: {قَالُوا لا ضَيْرَ} 3.
وما ذكر من جواز ذكره إن عُلِم هو مذهب الحجازيين4.
ومذهب التميميين والطائيين5 وجوب حذفه حينئذ6، استغناء عن ذكره بالعلم
به7. وهذا معنى قوله: (وتميم لا تذكره) .
ص: العاشر المضارع إذا تجرد عن ناصب وجازم.
ش: العاشر من المرفوعات الفعل المضارع المجرد من الناصب
__________
1 في (أ) : (في الصحيح) . وهذا قول الشلوبين والأندلسي وابن مالك.
2 أي فصّل ففرق بين الظرف وغيره فأجاز ذكر الخبر إذا كان ظرفا ومنع
ذكره إن كان غير ظرف. والذي فصّل هذا التفصيل هو الجزولي في المقدمة
الجزولية ص 220 حيث قال: "ولا يلفظ بخبرها بنو تميم إلا أن يكون
ظرفا".وقد رد عليه العلماء ينظر شرح الكافية الشافية 1/357 والأشباه
والنظائر للسيوطي 2/235.
3 من الآية 50 من سورة الشعراء، وخبر (لا) محذوف تقديره (لا ضير علينا)
.
4 يقصد لغة الحجازيين ينظر الكتاب- 2/276- هارون وشرح المفصل لابن يعيش
1/105 وشرح الكافية الشافية 1/535.
5 في (ب) و (ج) : (ومذهب التميميين والظاهر) . وينظر شرح المفصل لابن
يعيش 1/105 وشرح الكافية الشافية 1/357 وشرح الألفية لابن الناظم ص 194
والبحر المحيط 5/227.
6 أي إذا علم.
7 في (ب) و (ج) : (للعلم به) .
(1/396)
والجازم، الآتي بيانهما. وقد اختلف 31/ب في
رافعه1.
فذهب البصريون2 إلى أنه حلوله محل الاسم.
وذهب الكوفيون3 إلى أنه تجرده من الناصب والجازم.
وذهب ثعلب4 إلى أنه مضارعته للاسم.
وذهب الكسائي5 إلى أنه حرف المضارعة.
ورجح ابن مالك رحمه الله تعالى مذهب الكوفيين6، قال7: (لسلامته مما يرد
على مذهب البصريين من النقض، وبيانه إما أن8 يريدوا بمحل الاسم محلا هو
للاسم9 بالأصالة، وإن مَنَعَ الاستعمال منه أو10
__________
1 هذه المسألة من المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين، ينظر
الإنصاف 2/551والتصريح 2/ 229 والهمع 1/ 164.
2 ينظر الكتاب 3/ 11- هارون والإنصاف 2/551 وشرح المفصل 7/12.
3 ومنهم الفراء، ينظر الإنصاف 2/551 وشرح الكافية الشافية 3/1519 وشرح
الرضي 2/231.
4 لم أجده في مجالس ثعلب، وقد نسبه له العلماء، ينظر الهمع 1/164.
5 ينظر شرح المفصل لابن يعيش 7/12 وشرح الكافية للرضي 2/231.
6 في شرح الكافية الشافية 3/1519 وشرح التسهيل [216/أ] .
7 شرح التسهيل [الورقة 216/أ] وقد تصرف الشارح في العبارة تقديما
وتأخيرا، وزيادة ونقصا، لكنه حافظ على المعنى المقصود، وينظر شرح
الألفية لابن الناظم ص 664.
8 في (ج) : (إما أنهم أن) ولا شك أن كلمة (أنهم) لا موضع لها هنا.
9 في (ب) و (ج) : الاسم.
10 في (ب) و (ج) : (أوما) وهو تحريف.
(1/397)
يريدوا محلا هو للاسم1 مطلقا.
فإن أرادوا الأول انتقض ب (لو) وأدوات التحضيض، فإنه يرتفع بعدها مع
أنه ليس للاسم بالأصالة.
وإن أرادوا الثاني انتقض ب (إنْ) الشرطية، فإنه لا يرفع بعدها، مع أن
الاسم يقع بعدها في الجملة، نحو {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجَارَكَ} 2 انتهى3.
فإن قال قائل4: إن ما ذكره الكوفيون باطل أيضا، لأن التجرد أمر عَدَمي
والرفع وجودي، والعَدَمي لا يُعَلَّل به الوجودي.
أجيب5 بأنا لا نُسَلَّم ذلك، بل يجوز تعليل الأمور الوضعية بالأعدام.
سلّمنا6 أنه لا يجوز، فلا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عَدَمي،
لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أوّل أحواله، مخلصا عن لفظ يقتضي
تغييره،
__________
1 في (ب) و (ج) : الاسم.
2 من الآية 6 من سورة التوبة، وفي (ب) و (ج) : اقتصر من الآية على
قوله: (وإن أحد) .
3 أي كلام ابن مالك في شرح التسهيل [216/ أ] .
4 هذا اعتراض على قول الكوفيين، وقد اعترض به عليهم العلامة ابن يعيش
في شرح المفصل 2/12.
5 أجاب بذلك ابن الناظم في شرح الألفية ص 665، وفي (أ) : (وأجيب)
بالواو، وفي (ب) لم يذكر هذه الكلمة وترك لها فراغا بقدرها.
6 كان المفروض أن يقول: (فإن سلمنا) لكن لعله سار على طريقة الجدليين،
وهي كذلك.
(1/398)
واستعمال الشيء والمجيء به على صفة ما ليس
عدميا1.
وقد يكون الفعل المضارع مجزوما بجازم مقدر، فيُظن أنه مجزوم مع تجرده،
كقوله:
51- محمدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ ... إِذَا مَا خِفْتَ مِن
شَيءٍ تَبَالاَ2
أي لتفد3.
وقد تحذف الضمة4 لضرورة الشعر، فيسكّن5 ويصير على صورة
__________
1 ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 665.
2 البيت من الوافر، وقد اختلف في قائله.
فنسبه الرضي لحسان بن ثابت ونسبه ابن هشام لأبي طالب وقيل: هو للأعشى،
ولم أجده في ديوان واحد منهم، وفي (أ) ذكر الشطر الأول من البيت فقط.
التبال: أي العاقبة.
والبيت من شواهد سيبويه (3/8 هارون) والمقتضب 2/132 والإنصاف 2/530
وشرح المفصل لابن يعيش 7/35 والمقرب 1/272 وشرح الكافية للرضي 2/268
وشرح الشذور ص 211 والمغني ص 297 والهمع 2/55 وشرح الأشموني 4/5
والخزانة 9/11.
والشاهد فيه (تفد) حيث إنه مجزوم بحرف مقدر، وأصله (لتفد) .
3 هذا تقدير سيبويه والكوفيين على اعتبار أنه مجزوم بجازم مقدر، وقيل:
إنه مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للضرورة. ينظر الكتاب 3/8
وأسرار العربية ص 321.
4 في (ب) و (ج) : (يحذف بضمة) وهو تحريف.
5 في (ب) و (ج) : (فيستكثر) ولا معنى لها هنا.
(1/399)
المجزوم المجرد، كقول امرىء القيس:
52- فاليومَ أشربْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إثمًا من الله ولا وَاغِل1
والله أعلم 2.
__________
1 البيت من السريع، وهو من قصيدة طويلة قالها امرؤ القيس حين أدرك ثأر
أبيه. وفي (أ) لم يأت إلا بالشطر الأول فقط.
غير مستحقب: غير حامل لإثم، واغل: أصله الداخل في الشيء والمراد هنا
الآثم.
وما ذكره الشارح هو رواية سيبويه والنحويين. ورواية الديوان المحقق
(فاليوم فاشْربْ) ولا شاهد فيها. ينظر ديوان امرىء القيس ص 258.
والبيت من شواهد سيبويه 4/204 وشرح المفصل 1/48 وضرائر الشعر ص 94
والمقرب 2/204 والارتشاف 3/293 وشرح اللمحة البدرية 2/334 وشرح الشذور
ص 212 والتصريح 1/88 والخزانة 8/350.
والشاهد حذف ضمة المضارع المرفوع وتسكينه لضرورة الشعر.
2 زيادة من (ج) و (ب) .
(1/400)
|