شرح قطر الندى وبل الصدى

تَعْرِيف الْكَلَام
ش لما فرغت من ذكر عَلَامَات الْحَرْف وَبَيَان مَا اخْتلف فِيهِ مِنْهُ ذكرت حكمه وَأَنه مَبْنِيّ لاحظ لشَيْء من كَلِمَاته فِي الْإِعْرَاب ص وَالْكَلَام لفظ مُفِيد ش لما أنهيت القَوْل فِي الْكَلِمَة وأقسامها الثَّلَاثَة شرعت فِي تَفْسِير الْكَلَام فَذكرت أَنه عبارَة عَن اللَّفْظ الْمُفِيد ونعني بِاللَّفْظِ الصَّوْت الْمُشْتَمل على بعض الْحُرُوف أَو مَا هُوَ فِي قُوَّة ذَلِك فَالْأول نَحْو رجل وَفرس وَالثَّانِي كالضمير الْمُسْتَتر فِي نَحْو اضْرِب واذهب الْمقدرَة بِقَوْلِك أَنْت ونعني بالمفيد

(1/43)


مَا يَصح الإكتفاء بِهِ فنحو قَامَ زيد كَلَام لِأَنَّهُ لفظ يَصح الِاكْتِفَاء بِهِ وَإِذا كتبت زيد قَائِم مثلا فَلَيْسَ بِكَلَام لِأَنَّهُ وَإِن صَحَّ الِاكْتِفَاء بِهِ لكنه لَيْسَ بِلَفْظ وَكَذَلِكَ إِذا أَشرت إِلَى أحد بِالْقيامِ أَو الْقعُود فَلَيْسَ بِكَلَام لِأَنَّهُ لَيْسَ لَيْسَ بِلَفْظ ص وَأَقل ائتلافه من أسمين كزيد قَائِم أَو فعل وَاسم كقام زيد ش صور تأليف الْكَلَام سِتّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يتألف إِمَّا من اسْمَيْنِ أَو من فعل وَاسم أَو من جملتين أَو من فعل واسمين أَو من فعل وَثَلَاثَة أَسمَاء أَو من فعل وَأَرْبَعَة أَسمَاء أما ائتلافه من اسْمَيْنِ فَلهُ أَربع صور إِحْدَاهمَا أَن يَكُونَا مُبْتَدأ وخبرا نَحْو زيد قَائِم وَالثَّانيَِة أَن يَكُونَا مُبْتَدأ وفاعلا سد مسد الْخَبَر نَحْو أقائم الزيدان وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَنَّهُ فى قُوَّة قَوْلك أيقوم الزيدان وَذَلِكَ كَلَام تَامّ لَا حَاجَة لَهُ إِلَى شَيْء فَكَذَلِك هَذَا الثَّالِثَة أَن يكون مُبْتَدأ ونائبا عَن فَاعل سد مسد الْخَبَر نَحْو أمضروب الزيدان الرَّابِعَة أَن يَكُونَا اسْم فعل وفاعله نَحْو هَيْهَات العقيق فهيهات اسْم فعل وَهُوَ بِمَعْنى بعد والعقيق فَاعل بِهِ وَأما ائتلافه من فعل وَاسم فَلهُ صُورَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن يكون الِاسْم فَاعِلا نَحْو قَامَ زيد وَالثَّانيَِة أَن يكون الِاسْم نَائِبا عَن الْفَاعِل نَحْو ضرب زيد وَأما ائتلافه من الجملتين فَلهُ صُورَتَانِ ايضا إِحْدَاهمَا جملَة الشَّرْط وَالْجَزَاء نَحْو إِن قَامَ زيد قُمْت وَالثَّانيَِة جملتا الْقسم وَجَوَابه نَحْو أَحْلف بِاللَّه لزيد قَائِم وَأما ائتلافه من فعل واسمين فنحو كَانَ زيد قَائِما وَأما ائتلافه من فعل وَثَلَاثَة أَسمَاء فنحو علمت زيدا فَاضلا وَأما ائتلافه من فعل وَأَرْبَعَة أَسمَاء فنحو أعلمت زيدا عمروا فَاضلا فَهَذِهِ صور التَّأْلِيف وَأَقل ائتلافه من أسمين أَو فعل وَاسم كَمَا ذكرت

(1/44)


وَمَا صرحت بِهِ من أَن ذَلِك هُوَ أقل مَا يتألف مِنْهُ الْكَلَام هُوَ مُرَاد النَّحْوِيين وَعبارَة بَعضهم توهم أَنه لَا يكون إِلَّا من اسْمَيْنِ أَو من فعل وَاسم
أَنْوَاع الْإِعْرَاب
ص فصل أَنْوَاع الْإِعْرَاب أَرْبَعَة رفع وَنصب فى اسْم وَفعل نَحْو زيد يقوم وَإِن زيدا لن يقوم وجر فى اسْم نَحْو بزيد وَجزم فى فعل نَحْو لم يقم فيرفع بضمة وَينصب بفتحة ويجر بكسرة ويجزم بِحَذْف حَرَكَة ش الْإِعْرَاب أثر ظَاهر أَو مُقَدّر يجلبه الْعَامِل فى آخر الْكَلِمَة فَالظَّاهِر كالذى فى آخر زيد فى قَوْلك جَاءَ زيد وَرَأَيْت زيدا ومررت بزيد والمقدر كالذى فى آخر الْفَتى فى قَوْلك جَاءَ الْفَتى وَرَأَيْت الْفَتى ومررت بالفتى فَإنَّك تقدر الضمة فى الأول والفتحة فى الثَّانِي والكسرة فى الثَّالِث لتعذر الْحَرَكَة فِيهَا وَذَلِكَ الْمُقدر هُوَ الْإِعْرَاب وَالْإِعْرَاب جنس تَحْتَهُ أَرْبَعَة أَنْوَاع الرّفْع وَالنّصب والجر والجزم وَهَذِه الانواع الْأَرْبَعَة تَنْقَسِم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام قسم يشْتَرك فِيهِ الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وَهُوَ الرّفْع وَالنّصب تَقول زيد يقوم وَإِن زيدا لن يقوم وَقسم يخْتَص بِهِ الْأَسْمَاء هُوَ الْجَرّ تَقول مَرَرْت بزيد وَقسم يخْتَص بِهِ الْأَفْعَال وَهُوَ الْجَزْم تَقول لم يقم ولهذه الْأَنْوَاع الاربعة عَلَامَات تدل عَلَيْهَا وَهِي ضَرْبَان عَلَامَات أصُول وعلامات فروع فالعلامات الاصول أَرْبَعَة الضمة للرفع والفتحة للنصب والكسرة للجر وَحذف الْحَرَكَة للجزم وَقد مثلت كلهَا والعلامات الْفُرُوع منحصرة فى سَبْعَة أَبْوَاب خَمْسَة فى الْأَسْمَاء وَاثْنَتَانِ فى الْأَفْعَال وستمر بك هَذِه الابواب مفصلة بَابا بَابا

(1/45)


الأساء السِّتَّة
ص إِلَّا الْأَسْمَاء السِّتَّة وَهِي أَبوهُ وَأَخُوهُ وحموها وهنوه وفوه وَذُو مَال فَترفع بِالْوَاو وتنصب بِالْألف وتجر بِالْيَاءِ ش هَذَا هُوَ الْبَاب الأول مِمَّا خرج عَن الأَصْل وَهُوَ بَاب الْأَسْمَاء السِّتَّة المعتلة المضافة وَهِي أَبوهُ وَأَخُوهُ وحموها وهنوه وفوه وَذُو مَال فَإِنَّهَا ترفع بِالْوَاو نِيَابَة عَن الضمة وتنصب بِالْألف نِيَابَة عَن الفتحة وتجر بِالْيَاءِ نِيَابَة عَن الكسرة تَقول جَاءَنِي أَبوهُ وَرَأَيْت أَبَاهُ ومررت بِأَبِيهِ وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْبَاقِي وَشرط إِعْرَاب هَذِه الْأَسْمَاء بالحروف الْمَذْكُورَة ثَلَاثَة أُمُور أَحدهَا أَن تكون مُفْردَة فَلَو كَانَت مثناة أعربت بِالْألف رفعا وبالياء جرا ونصبا كَمَا تعرب كل تَثْنِيَة تَقول جَاءَنِي أَبَوَانِ وَرَأَيْت أبوين ومررت بابوين وَإِن كَانَت مَجْمُوعَة جمع تكسير أعربت بالحركات على الأَصْل كَقَوْلِك جَاءَنِي آباؤك وَرَأَيْت آباءك ومررت بآبائك وَإِن كَانَت مَجْمُوعَة جمع تَصْحِيح أعربت بِالْوَاو رفعا وبالياء جرا وبالياء جرا ونصبا تَقول جَاءَنِي أبون وَرَأَيْت أبين ومررت بأبين وَلم يجمع مِنْهَا هَذَا الْجمع إِلَّا الْأَب وَالْأَخ والحم الثَّانِي أَن تكون مكبرة فَلَو صغرت أعربت بالحركات نَحْو جَاءَنِي أَبِيك وَرَأَيْت أَبِيك ومررت بأبيك الثَّالِث أَن تكون مُضَافَة فَلَو كَانَت مُفْردَة غير مُضَافَة أعربت أَيْضا بالحركات

(1/46)


نَحْو هَذَا أَب وَرَأَيْت أَبَا ومررت بأب وَلِهَذَا الشَّرْط الْأَخير شَرط وَهُوَ أَن يكون الْمُضَاف إِلَيْهِ غير يَاء الْمُتَكَلّم فَإِن كَانَ يَاء الْمُتَكَلّم أعربت أَيْضا بالحركات لَكِنَّهَا تكون مقدرَة تَقول هَذَا أبي وَرَأَيْت أبي ومررت بِأبي فَيكون آخرهَا مكسورا فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة والحركات مقدرَة فِيهِ كَمَا تقدر فِي جَمِيع الْأَسْمَاء المضافة إِلَى الْيَاء نَحْو أبي وَأخي وحمي وَغُلَامِي واستغنيت عَن اشْتِرَاط هَذِه الشُّرُوط لكوني لفظت بهَا مُفْردَة مكبرة مُضَافَة إِلَى غير يَاء الْمُتَكَلّم وَإِنَّمَا قلت وحموها فأضفت الحم إِلَى ضمير الْمُؤَنَّث لأبين أَن الحم أقَارِب زوج الْمَرْأَة كأبيه وَعَمه وَابْن عَمه على أَنه رُبمَا أطلق على أقَارِب الزَّوْجَة والهن قيل اسْم يكنى بِهِ عَن أَسمَاء الْأَجْنَاس كَرجل وَفرس وَغير ذَلِك وَقيل عَمَّا يستقبح التَّصْرِيح بِهِ وَقيل عَن الْفرج خَاصَّة ص والأفصح اسْتِعْمَال الهن كغد ش إِذا اسْتعْمل الهن غير مُضَاف كَانَ بِالْإِجْمَاع منقوصا أَي مَحْذُوف اللَّام معربا بالحركات كَسَائِر أخواته تَقول هَذَا هن وَرَأَيْت هُنَا ومررت بِهن كَمَا تَقول يُعجبنِي غَد وَأَصُوم غَدا واعتكفت فِي غَد وَإِذا اسْتعْمل مُضَافا فجمهور الْعَرَب تستعمله كَذَلِك فَتَقول جَاءَ هنك وَرَأَيْت هنك ومررت بهنك كَمَا يَفْعَلُونَ فِي غدك وَبَعْضهمْ يجريه مجْرى أَب وَأَخ فيعربه بالحروف الثَّلَاثَة فَيَقُول هَذَا هنوك وَرَأَيْت هُنَاكَ

(1/47)


ومررت بهنيك وَهِي لُغَة قَليلَة ذكرهَا سِيبَوَيْهٍ وَلم يطلع عَلَيْهَا الْفراء وَلَا الزجاجي فأسقطاه من عدَّة هَذِه الْأَسْمَاء وعداها خَمْسَة
الْمثنى وَجمع الْمُذكر السَّالِم وَمَا حمل عَلَيْهِ
ص والمثنى ك الزيدان فيرفع بِالْألف وَجمع الْمُذكر السَّالِم ك الزيدون فيرفع بِالْوَاو ويجران وينصبان بِالْيَاءِ وكلا وكلتا مَعَ الضَّمِير كالمثنى وَكَذَا اثْنَان وَاثْنَتَانِ مُطلقًا وَإِن ركبا وأولو وَعِشْرُونَ وأخواته وعالمون وأهلون ووابلون وأرضون وسنون وبابه وبنون وعليان وَشبهه كالجمع ش الْبَاب الثَّانِي وَالْبَاب الثَّالِث مِمَّا خرج عَن الأَصْل الْمثنى ك الزيدان والعمران وَجمع الْمُذكر السَّالِم ك الزيدون والعمرون أما الْمثنى فَإِنَّهُ يرفع بِالْألف نِيَابَة عَن الضمة ويجر وَينصب بِالْيَاءِ نِيَابَة عَن الكسرة والفتحة تَقول جَاءَنِي الزيدان وَرَأَيْت الزيدين ومررت بالزيدين وحملوا عَلَيْهِ فِي ذَلِك أَرْبَعَة أَلْفَاظ لفظين بِشَرْط ولفظين بِغَيْر شَرط فاللفظان اللَّذَان بِشَرْط كلا وكلتا وشرطهما أَن يَكُونَا مضافين إِلَى الضَّمِير تَقول جَاءَنِي كِلَاهُمَا وَرَأَيْت كليهمَا ومررت بكليهما فَإِن كَانَا مضافين إِلَى الظَّاهِر كَانَا بِالْألف على كل حَال تَقول جَاءَنِي كلا أخويك وَرَأَيْت كلا أخويك ومررت بكلا أخويك فَيكون إعرابهما حِينَئِذٍ بحركات مقدرَة فِي الْألف لِأَنَّهُمَا مقصوران كالفتى والعصى وَكَذَا القَوْل فِي كلتا تَقول كلتاهما رفعا وكلتيهما حرا ونصبا وكلتا أختيك بِالْألف فِي الْأَحْوَال كلهَا واللفظان اللَّذَان بِغَيْر شَرط اثْنَان وَاثْنَتَانِ تَقول جَاءَنِي اثْنَان وَاثْنَتَانِ وَرَأَيْت اثْنَيْنِ واثنتين ومررت بِاثْنَيْنِ واثنتين فتعربهما

(1/48)


إِعْرَاب الْمثنى وَإِن كَانَا غير مضافين وَكَذَا تعربهما إعرابه إِذا كَانَا مضافين للضمير نَحْو أثناهم أَو للظَّاهِر نَحْو أثنا أخويك أَو كَانَا مركبين مَعَ الْعشْرَة نَحْو جَاءَنِي أثنا عشر وَرَأَيْت أثني عشر ومررت باثنى عشر وَأما جمع الْمُذكر السَّالِم فَإِنَّهُ يرفع بِالْوَاو ويجر وَينصب بِالْيَاءِ تَقول جَاءَنِي الزيدون وَرَأَيْت الزيدين ومررت بالزيدين وحملوا عَلَيْهِ فِي ذَلِك ألفاظا مِنْهَا أولو قَالَ الله تَعَالَى وَلَا ياتل أولو الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولى الْقُرْبَى فأولوا فَاعل وعلامة رَفعه الْوَاو وَأولى مفعول وعلامة نَصبه الْيَاء وَقَالَ تَعَالَى إِن فِي ذَلِك لذكرى لاولى الْأَلْبَاب فَهَذَا مجرور وعلامة جَرّه الْيَاء وَمِنْهَا عشرُون وأخواته إِلَى التسعين تَقول جَاءَنِي عشرُون وَرَأَيْت عشْرين ومررت بِعشْرين وَكَذَلِكَ تَقول فِي الْبَاقِي وَمِنْهَا أهلون قَالَ الله تَعَالَى شَغَلَتْنَا أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم إِلَى أَهْليهمْ أبدا الأول فَاعل وَالثَّانِي مفعول وَالثَّالِث مجرور وَمِنْهَا وابلون وَهُوَ جمع لوابل وَهُوَ الْمَطَر الغزير وَمِنْهَا أرضون بتحريك الرَّاء وَيجوز إسكانها فِي ضَرُورَة الشّعْر وَمِنْهَا سنُون وبابه وَهُوَ كل اسْم ثلاثي حذفت لامه وَعوض عَنْهَا هَاء

(1/49)


التَّأْنِيث وَلم يكسر وَألا ترى أَن سنة أَصْلهَا سنو أَو سنة بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْجمع بِالْألف وَالتَّاء سنوات أَو سنهات فَلَمَّا حذفوا من الْمُفْرد اللَّام وَهِي الْوَاو أَو الْهَاء وعوضوا عَنْهَا هَاء التَّأْنِيث أَرَادوا فِي جمع التكسير أَن يَجْعَلُوهُ على صُورَة جمع الْمُذكر السَّالِم أَعنِي مَخْتُومًا بِالْوَاو وَالنُّون رفعا وبالياء وَالنُّون جرا ونصبا ليَكُون ذَلِك جبرا لما فَاتَهُ من حذف اللَّام وَكَذَلِكَ القَوْل فِي نَظَائِره وَهِي عضة وعضون وَعزة وعزون وثبة وثبون وَقلة وقلون وَنَحْو ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين عَن الْيَمين وَعَن الشمَال عزين وَمِمَّا حمل على جمع الْمُذكر السَّالِم فِي الْإِعْرَاب بنُون وَكَذَلِكَ عليون وَمَا اشبهه مِمَّا سمى بِهِ من الجموع الا ترى ان عليين فِي الأَصْل جمع لعَلي فَنقل عَن ذَلِك الْمَعْنى وَسمي بِهِ أَعلَى الْجنَّة وأعرب هَذَا الْإِعْرَاب نظرا إِلَى أَصله قَالَ الله تَعَالَى كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون فعلى ذَلِك إِذا سميت رجلا ب زيدون قلت هَذَا زيدون وَرَأَيْت زيدين ومررت بزيدين فتعربه كَمَا تعربه حِين كَانَ جمعا ص وَأولَات وَجمع بِأَلف وتاء مزيدتين وَمَا سمى بِهِ مِنْهُمَا فينصب بالكسرة نَحْو خلق الله السَّمَوَات وَاصْطفى الْبَنَات ش الْبَاب الرَّابِع مِمَّا خرج عَن الأَصْل مَا جمع بِأَلف وتاء مزيدتين ك هندات وزينبات فَإِنَّهُ ينصب بالكسرة نِيَابَة عَن الفتحة تَقول رَأَيْت الهندات والزينبات قَالَ الله تَعَالَى خلق الله السَّمَوَات وأصطفى الْبَنَات فَأَما فِي الرّفْع والجر فَإِنَّهُ على الأَصْل تَقول جَاءَت الهندات فتجره بالكسرة

(1/50)


وَلَا فرق بَين أَن يكون مُسَمّى هَذَا الْجمع مؤنثا بِالْمَعْنَى ك هِنْد وهندات أَو بِالتَّاءِ ك طَلْحَة وطلحات أَو بِالتَّاءِ وَالْمعْنَى جَمِيعًا ك فَاطِمَة وفاطمات أَو بِالْألف الْمَقْصُورَة ك حُبْلَى وحبليات أَو الممدودة ك صحرآء وصحراوات أَو يكون مُسَمَّاهُ مذكرا ك إصطبل وإصطبلات وحمام وحمامات وَكَذَلِكَ لَا فرق بَين أَن يكون قد سلمت بنية واحده ك ضخمة وضخمات أَو تَغَيَّرت ك سَجْدَة وسجدات وحبلى وحبليات وصحراء وصحراوت أَلا ترى أَن الزول محرك وَسطه وَالثَّانِي قلبت أَلفه يَاء وَالثَّالِث قلبت همزته واوا وَلذَلِك عدلت عَن قَول أَكْثَرهم جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم إِلَى أَن قلت الْجمع بِالْألف وَالتَّاء لأعم جمع الْمُؤَنَّث وَجمع الْمُذكر وَمَا سلم فِيهِ الْمُفْرد وَمَا تغير وقيدت الْألف وَالتَّاء بِالزِّيَادَةِ ليخرج نَحْو بَيت وأبيات وميت وأموات فَإِن التَّاء فيهمَا أَصْلِيَّة فينصبان بالفتحة على الأَصْل تَقول سكنت أبياتا وَحَضَرت أَمْوَاتًا قَالَ الله تَعَالَى وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم وَكَذَلِكَ نَحْو قُضَاة وغزاة فَإِن التَّاء فيهمَا وَإِن كَانَت زَائِدَة إِلَّا أَن الْألف فيهمَا أَصْلِيَّة لِأَنَّهَا منقلبة عَن أصل أَلا ترى أَن الأَصْل قَضِيَّة وغزوة لِأَنَّهَا من قضيت وغزوت فَلَمَّا تحركت الْوَاو وَالْيَاء وَالْفَتْح مَا قبلهمَا قلبتا أَلفَيْنِ فَلذَلِك ينصبان بالفتحة على الأَصْل تَقول رَأَيْت قُضَاة وغزاة ص وَمَا لَا ينْصَرف فيجر بالفتحة نَحْو بِأَفْضَل مِنْهُ إِلَّا مَعَ أل نَحْو بالأفضل أَو الْإِضَافَة نَحْو بأفضلكم

(1/51)


مَا لَا ينْصَرف
ش الْبَاب الْخَامِس مِمَّا خرج عَن الأَصْل مَا لَا ينْصَرف وَهُوَ مَا فِيهِ عِلَّتَانِ فرعيتان من علل تسع أَو وَاحِدَة مِنْهَا تقوم مقَامهَا فَالْأول ك فَاطِمَة فَإِن فِيهِ التَّعْرِيف والتأنيث وهما عِلَّتَانِ فرعيتان عَن التنكير والتذكير وَالثَّانِي نَحْو مَسَاجِد ومصابيح فَإِنَّهُمَا جمعان وَالْجمع فرع عَن الْمُفْرد وصيغتهما صِيغَة مُنْتَهى الجموع وَمعنى هَذَا أَن مفاعل ومفاعيل وقفت الجموع عِنْدهمَا وانتهت إِلَيْهِمَا فَلَا تتجاوزهما فَلَا يجمعان مرّة أُخْرَى بِخِلَاف غَيرهمَا من الجموع فَإِنَّهُ قد يجمع تَقول كلب وأكلب كفلس وأفلس ثمَّ تَقول أكلب وأكالب وَلَا يجوز فِي أكالب أَن يجمع بعد وَكَذَا أعرب وأعارب فَلَا يجوز فِي أعارب أَن يجمع كَمَا يجمع أكلب على أكالب وآصال على أصائل فَكَأَن الْجمع قد تكَرر فِيهَا فَنزل لذَلِك منزلَة جمعين وَكَذَلِكَ صحراء وحبلى فَإِن فيهمَا التَّأْنِيث وَهُوَ فرع عَن التَّذْكِير وَهُوَ تَأْنِيث لَازم منزل لُزُومه منزلَة تَأْنِيث ثَان وَلِهَذَا الْبَاب مَكَان يَأْتِي شَرحه فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحكمه أَن يجر بالفتحة نِيَابَة عَن الكسرة حملُوا جرة على نَصبه كَمَا عكسوا ذَلِك فِي الْبَاب السَّابِق تَقول مَرَرْت بفاطمة ومساجد ومصابيح وصحراء فتفتحها كَمَا تفتحها إِذا قلت رَأَيْت فَاطِمَة ومساجد ومصابيح وصحراء قَالَ الله تَعَالَى وأوحينا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَقَالَ الله تَعَالَى يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل وَيسْتَثْنى من ذَلِك صُورَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن تدخل عَلَيْهِ أل وَالثَّانيَِة أَن يُضَاف فَإِنَّهُ يجر فيهمَا بالكسرة على الأَصْل فَالْأولى نَحْو وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد وَالثَّانيَِة نَحْو فِي أحسن تَقْوِيم وتمثيلي فِي الأَصْل بِقَوْلِي بأفضلكم أولى من تَمْثِيل بَعضهم بقوله مَرَرْت بعثماننا فَإِن الْإِعْلَام لَا تُضَاف حَتَّى تنكر فَإِذا صَار نَحْو عُثْمَان ذكرة زَالَ مِنْهُ أحد السبين المانعين لَهُ من الصّرْف وَهُوَ العلمية فَدخل فِي

(1/52)


بَاب مَا ينْصَرف وَلَيْسَ الْكَلَام فِيهِ بِخِلَاف أفضل فَإِن مانعه من الصّرْف الصّفة وَوزن الْفِعْل وهما موجودان فِيهِ أضفته أم لم تضفه وَكَذَلِكَ تمثيلي بالأفضل أولى من تَمْثِيل بَعضهم بقوله رَأَيْت الْوَلِيد بن اليزيد مُبَارَكًا شَدِيدا بأعباء الْخلَافَة كَاهِله

(1/53)


لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون قدر فِي يزِيد الشياع فَصَارَ نكرَة ثمَّ أَدخل عَلَيْهِ أل للتعريف فعلى هَذَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا وزن الْفِعْل خَاصَّة وَيحْتَمل أَن يكون بَاقِيا على علميته وأل زَائِدَة فِيهِ كَمَا زعم من مثل بِهِ
الْأَفْعَال الْخَمْسَة
ص والأمثلة الْخَمْسَة وَهِي تفعلان وتفلون بِالْيَاءِ وَالتَّاء فيهمَا وتفعليين فَترفع بِثُبُوت النُّون وتجزم وتنصب بحذفها نَحْو فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا ش الْبَاب السَّادِس مِمَّا خرج عَن الأَصْل الْأَمْثِلَة الْخَمْسَة

(1/54)