شرح قطر الندى وبل الصدى

الْخَامِس اسْم الْمَفْعُول
ص وَاسم الْمَفْعُول كمضروب ومكرم وَيعْمل عمل فعله وَهُوَ كاسم الْفَاعِل ش النَّوْع الْخَامِس من الْأَسْمَاء الَّتِي تعْمل عمل الْفِعْل اسْم الْمَفْعُول كمضروب ومكرم وَهُوَ كاسم الْفَاعِل فِيمَا ذكرنَا تَقول جَاءَ الْمَضْرُوب عَبده فَترفع العَبْد بمضروب على أَنه قَائِم مقَام فَاعله كَمَا تَقول جَاءَ الَّذِي ضرب عَبده وَلَا يخْتَص إِعْمَال ذَلِك بِزَمَان بِعَيْنِه لاعتماده على الْألف وَاللَّام وَتقول زيد مَضْرُوب عَبده فتعمله فِيهِ إِن أردْت بِهِ الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَلَا يجوز أَن تَقول مَضْرُوب عَبده وَأَنت تُرِيدُ الْمَاضِي خلافًا للكسائى وَلَا ان تَقول مَضْرُوب الزيدان لعدم الِاعْتِمَاد خلافًا للأخفش
السَّادِس الصّفة المشبهة
ص وَالصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي لوَاحِد وَهِي الصّفة المصوغة لغير تَفْضِيل لإِفَادَة الثُّبُوت ك حسن وظريف وطاهر وضامر وَلَا يتقدمها معمولها وَلَا يكون أَجْنَبِيّا وَيرْفَع على الفاعلية أَو الْإِبْدَال وَينصب على التَّمْيِيز أَو التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ وَالثَّانِي يتَعَيَّن فِي الْمعرفَة ويخفض بِالْإِضَافَة ش النَّوْع السَّادِس من الْأَسْمَاء العاملة عمل الْفِعْل الصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي لوَاحِد وَهِي الصّفة المصوغة لغير تَفْضِيل لإِفَادَة نِسْبَة الْحَدث إِلَى موصوفها دون افادة الْحُدُوث مِثَال ذَلِك حسن فِي قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه فَحسن صفة لِأَن الصّفة مَا دلّ على حدث وَصَاحبه وَهَذِه كَذَلِك وَهِي مصوغة لغير تَفْضِيل قطعا لِأَن الصِّفَات الدَّالَّة على التَّفْضِيل هِيَ الدَّالَّة على مُشَاركَة

(1/277)


وَزِيَادَة كافضل وَأعلم واكثر وَهَذِه لَيست كَذَلِك وَإِنَّمَا صيغت لنسنبة الْحَدث إِلَى موصوفها وَهُوَ الْحسن وَلَيْسَت مصوغة لإِفَادَة معنى الْحُدُوث واعني بذلك أَنَّهَا تفِيد ان الْحسن فِي الْمِثَال الْمَذْكُور ثَابت لوجه الرجل وَلَيْسَ بحادث متجدد وَهَذَا بِخِلَاف اسْمِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول فَإِنَّهُمَا يفيدان الْحُدُوث والتجدد أَلا ترى أَنَّك تَقول مَرَرْت بِرَجُل ضَارب عمرا فتجد ضَارِبًا مُفِيدا لحدوث الضَّرْب وتجدده وَكَذَلِكَ مَرَرْت بِرَجُل مَضْرُوب وَإِنَّمَا سميت هَذِه الصّفة مشبهة لِأَنَّهَا كَانَ أَصْلهَا أَنَّهَا لَا تنصب لكَونهَا مَأْخُوذَة من فعل قَاصِر لكَونهَا لم يقْصد بهَا الْحُدُوث فَهِيَ مباينة للْفِعْل تؤنث وتثنى وَتجمع فَتَقول حسن وحسنة وحسنان وحسنتان وحسنون وحسنات كَمَا تَقول فِي اسْم الْفَاعِل ضَارب وضاربة وضاربان وضاربتان وضاربون وضاربات وَهَذَا بِخِلَاف اسْم التَّفْضِيل كأعلم وَأكْثر فَإِنَّهُ لَا يثنى وَلَا يجمع وَلَا يؤنث أَي فِي غَالب أَحْوَاله فَلهَذَا لَا يجوز أَن يشبه باسم الْفَاعِل وَقَوْلِي المتعدى إِلَى وَاحِد اشارة إِلَى أَنَّهَا لَا تنصب إِلَّا اسْما وَاحِدًا وَلم تشبه باسم الْمَفْعُول لِأَنَّهُ لَا يدل على حدث وَصَاحبه كاسم الْفَاعِل وَلِأَن مرفوعها فَاعل كاسم الْفَاعِل ومرفوعه نَائِب فَاعل وَاعْلَم أَن الصّفة المشبهة تخَالف اسْم الْفَاعِل فِي أُمُور أَحدهَا أَنَّهَا تَارَة لَا تجْرِي على حركات الْمُضَارع وسكناته وَتارَة تجْرِي فَالْأول ك حسن وظريف أَلا ترى أَنَّهُمَا لَا يجاريان يحسن ويظرف وَالثَّانِي نَحْو طَاهِر وضامر أَلا ترى أَنَّهُمَا يجاريان يطهر ويضمر وَالْقسم الأول هُوَ الْغَالِب حَتَّى أَن كَلَام بَعضهم أَنه لَازم وَلَيْسَ كَذَلِك ونبهت على أَن عدم المجاراة هُوَ الْغَالِب بتقديمي مِثَال مَا لَا يجاري وَهَذَا بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل فَإِنَّهُ لَا يكون إِلَّا مجاريا للمضارع كضارب فَإِنَّهُ مجار ليضْرب

(1/278)


فَإِن قلت هَذَا منتقض بداخل وَيدخل فَإِن الضمة لَا تقَابل الكسرة قلت اعْتبر فِي المجاراة تقَابل حَرَكَة بحركة لَا حَرَكَة بِعَينهَا فَإِن قلت كَيفَ تصنع بقائم وَيقوم فَإِن ثَانِي قَائِم سَاكن وَثَانِي يقوم متحرك قلت الْحَرَكَة فِي ثَانِي يقوم منقولة من ثالثه وَالْأَصْل يقوم كيدخل فنقلت الضمة لعِلَّة تصريفية الثَّانِي أَنَّهَا تدل على الثُّبُوت وَاسم الْفَاعِل يدل على الْحُدُوث الثَّالِث أَن اسْم الْفَاعِل يكون للماضي وللحال وللاستقبال وَهِي لَا تكون للماضي الْمُنْقَطع وَلَا لما لم يَقع وَإِنَّمَا تكون للْحَال الدَّائِم وَهَذَا هُوَ الأَصْل فِي بَاب الصِّفَات وَهَذَا الْوَجْه نَاشِئ عَن الْوَجْه الثَّانِي وَالْأَوْجه الثَّلَاثَة مستفادة مِمَّا ذكرت من الْحَد وَمن الْأَمْثِلَة الرَّابِع أَن معمولها لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا لَا تَقول زيد وَجهه حسن بِنصب الْوَجْه وَيجوز فِي اسْم الْفَاعِل أَن تَقول زيد أَبَاهُ ضَارب وَذَلِكَ لضعف الصّفة لكَونهَا فرعا عَن فرع فَإِنَّهَا فرع عَن اسْم الْفَاعِل الَّذِي هُوَ فرع عَن الْفِعْل بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل فَإِنَّهُ قوي لكَونه فرعا عَن أصل وَهُوَ الْفِعْل الْخَامِس أَن معمولها لَا يكون أَجْنَبِيّا بل سببيا ونعني بالسيي وَاحِدًا من أُمُور ثَلَاثَة الأول أَن يكون مُتَّصِلا بضمير الْمَوْصُوف نَحْو مَرَرْت بِرَجُل حسن وَجهه الثَّانِي أَن يكون مُتَّصِلا بِمَا يقوم مقَام ضَمِيره نَحْو مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه لِأَن أل قَائِمَة مقَام الضَّمِير الْمُضَاف إِلَيْهِ الثَّالِث أَن يكون مُقَدرا مَعَه ضمير الْمَوْصُوف ك مَرَرْت بِرَجُل حسن وَجها وَجها مِنْهُ وَلَا يكون اجنبيا لَا تَقول مَرَرْت بِرَجُل حسن عمرا وَهَذَا بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل فَإِن معموله يكون سَببا ك مَرَرْت بِرَجُل ضَارب أَبَاهُ وَيكون أَجْنَبِيّا ك مَرَرْت بِرَجُل ضَارب عمرا

(1/279)


ولمعمول الصّفة المشبهة ثَلَاثَة أَحْوَال أَحدهَا الرّفْع نَحْو مَرَرْت بِرَجُل حسن وَجهه وَذَلِكَ على ضَرْبَيْنِ أَحدهَا الفاعلية وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فالصفة خَالِيَة من الضَّمِير لِأَنَّهُ لَا يكون للشَّيْء فاعلان الثَّانِي الْإِبْدَال من ضمير مستتر فِي الْوَصْف أجَاز ذلكك الْفَارِسِي وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب فَقدر فِي مفتحة ضميرا مَرْفُوعا على النِّيَابَة عَن الْفَاعِل وَقدر الْأَبْوَاب مبدلة من ذَلِك الضَّمِير بدل بعض من كل الْوَجْه الثَّانِي النصب فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون نكرَة كَقَوْلِك وَجها أَو معرفَة كَقَوْلِك الْوَجْه فَإِن كَانَ نكرَة فنصبه على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون على التَّمْيِيز وَهُوَ الْأَرْجَح وَالثَّانِي أَن يكون مَنْصُوبًا على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ فان كَانَ معرفَة تعين أَن يكون مَنْصُوبًا على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ لِأَن التَّمْيِيز لَا يكون معرفَة خلافًا للكوفيين الْوَجْه الثَّالِث الْجَرّ وَذَلِكَ بِإِضَافَة الصّفة وعَلى هَذَا الْوَجْه وَوجه النصب فَفِي الصّفة ضمير مستتر مَرْفُوع على الفاعلية وَاصل هَذِه الْأَوْجه الرّفْع وَهُوَ دونهَا فِي الْمَعْنى وَيتَفَرَّع عَنهُ النصب وَيتَفَرَّع عَن النصب الْخَفْض ص وَاسم التَّفْضِيل وَهُوَ الصّفة الدَّالَّة على الْمُشَاركَة وَالزِّيَادَة ك أكْرم وَيسْتَعْمل بِمن ومضافا لنكرة فيفرد وَيذكر وبأل فيطابق ومضافا لمعْرِفَة فَوَجْهَانِ وَلَا ينصب الْمَفْعُول مُطلقًا وَلَا يرفع فِي الْغَالِب ظَاهرا إِلَّا فِي مَسْأَلَة الْكحل
السَّابِع التَّفْضِيل
ش النَّوْع السَّابِع من الْأَسْمَاء الَّتِي تعْمل عمل الْفِعْل اسْم التَّفْضِيل وَهُوَ الصّفة الدَّالَّة على الْمُشَاركَة وَالزِّيَادَة نَحْو أفضل وَأعلم وَأكْثر

(1/280)


وَله ثَلَاث حالات حَالَة يكون فِيهَا لَازِما للإفراد والتذكير وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَن يكون بعده من جَارة للمفضول كَقَوْلِك زيد أفضل من عَمْرو والزيدان أفضل من عَمْرو والزيدان أفضل من عَمْرو والزيدون أفضل من عَمْرو وَهِنْد أفضل من عَمْرو والهندان أفضل من عَمْرو والهندات أفضل من عَمْرو وَلَا يجوز غير ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى إِذْ قَالُوا ليوسف وَأَخُوهُ أحب إِلَى أَبينَا منا وَقَالَ الله تَعَالَى قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فأفرد فِي الْآيَة الأولى مَعَ الِاثْنَيْنِ وَفِي الثَّانِيَة مَعَ الْجَمَاعَة الثَّانِيَة أَن يكون مُضَافا إِلَى نكرَة فَتَقول زيد أفضل رجل والزيدان أفضل رجلَيْنِ والزيدون أفضل رجال وَهِنْد أفضل امْرَأَة والهندان أفضل امْرَأتَيْنِ والهندات أفضل نسْوَة وَحَالَة يكون فِيهَا مطابقا لموصوفه وَذَلِكَ إِذا كَانَ بأل نَحْو زيد الأفض والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضون وَهِنْد الفضلى والهندان الفضليان والهندات الفضليات أَو الْفضل وَحَالَة يكون فِيهَا جَائِز الْوَجْهَيْنِ الْمُطَابقَة وَعدمهَا وَذَلِكَ إِذا كَانَ مُضَافا لمعْرِفَة تَقول الزيدان أفضل الْقَوْم وَإِن شِئْت قلت أفضلا الْقَوْم وَكَذَلِكَ فِي الْبَاقِي وَعدم الْمُطَابقَة أفْصح قَالَ الله تَعَالَى ولتجدنهم أحرص النَّاس وَلم يقل أحرصي بِالْيَاءِ وَقَالَ الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها فطابق وَلم يقل أكبر مجرميها وَعَن ابْن السراج انه أوجب عدم الْمُطَابقَة ورد عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة

(1/281)


على أَنه لَا ينصب الْمَفْعُول بِهِ مُطلقًا وَلِهَذَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى إِن رَبك هُوَ أعلم من يضل عَن سَبيله إِن من لَيست مَفْعُولا بِأَعْلَم لِأَنَّهُ لَا ينصب الْمَفْعُول وَلَا مُضَافا إِلَيْهِ لِأَن افْعَل بعض مَا يُضَاف إِلَيْهِ فَيكون التَّقْدِير أعلم المضلين بل هُوَ مَنْصُوب بِفعل مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ أعلم أَي يعلم من يضل وَاسم التَّفْضِيل يرفع الضَّمِير الْمُسْتَتر بِاتِّفَاق تَقول زيد أفضل من عَمْرو فَيكون فِي أفضل ضمير مستتر عَائِد على زيد وَهِي يرفع الظَّاهِر مُطلقًا أَو فِي بعتض الْمَوَاضِع فِيهِ خلاف بَين الْعَرَب فبعضهم يرفعهُ بِهِ مُطلقًا فَتَقول مَرَرْت بِرَجُل أفضل مِنْهُ أَبوهُ فتخفض أفضل بالتفحة على أَنه صفة لرجل وترفع الْأَب على الفاعلية وَهِي لُغَة قَليلَة وَأَكْثَرهم يُوجب رفع أفضل فى ذَلِك على أَنه خبر مقدم وَأَبوهُ مُبْتَدأ مُؤخر وفاعل أفضل ضمير مستتر عَائِد عَلَيْهِ وَلَا يرفع اكثرهم بأفعل الِاسْم الظَّاهِر إِلَّا فِي مَسْأَلَة الْكحل وضابطها أَن يكون فِي الْكَلَام نفي بعده اسْم جنس مَوْصُوف باسم التَّفْضِيل بعده اسْم مفضل على نَفسه باعتبارين مِثَال ذَلِك قَوْلهم مَا رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد وَقَول الشَّاعِر مَا رَأَيْت امْرَءًا أحب إِلَيْهِ الْبَذْل مِنْهُ إِلَيْك يَا بن سِنَان

(1/282)


وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان النَّفْي اسْتِفْهَام كَقَوْلِك هَل رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد أَو نهي نَحْو لَا يكن أحد أحب إِلَيْهِ الْخَيْر مِنْهُ إِلَيْك
التوابع
ص بَاب التوابيع يتبع مَا قبله فِي إعرابه خَمْسَة ش التوابع عبارَة عَن الْكَلِمَات الَّتِي لَا يَمَسهَا الْإِعْرَاب إِلَّا على سَبِيل التبع لغَيْرهَا وَهِي خَمْسَة
الأول النَّعْت
النَّعْت والتأكيد وَعطف الْبَيَان وَعطف النسق وَالْبدل وعدها الزجاجي وَغَيره أَرْبَعَة وأدرجوا عطف الْبَيَان وَعطف النسق تَحت قَوْلهم الْعَطف ص النَّعْت وَهُوَ التَّابِع الْمُشْتَقّ أَو المؤول بِهِ المباين للفظ متبوعه ش التَّابِع جنس يَشْمَل التوابع الْخَمْسَة والمشتق أَو المؤول بِهِ مخرج لبَقيَّة التوابع فَإِنَّهَا لَا تكون مُشْتَقَّة وَلَا مؤولة بِهِ أَلا ترى أَنَّك تَقول

(1/283)


فِي التوكيد جَاءَ الْقَوْم أَجْمَعُونَ وَجَاء زيد زيد وَفِي الْبَيَان وَالْبدل جَاءَ زيد أَبُو عبد الله وَفِي عطف النسق جَاءَ زيد وَعَمْرو فتجدها تَوَابِع جامدة وَكَذَلِكَ سَائِر أمثلتها وَلم يبْق إِلَّا التوكيد اللَّفْظِيّ فَإِنَّهُ قد يَجِيء مشتقا كَقَوْلِك جَاءَ زيد الْفَاضِل الْفَاضِل الأول نعت وَالثَّانِي توكيد لَفْظِي فَلهَذَا أخرجته بِقَوْلِي المباين للفظ متبوعه فَإِن قلت قد يكون التَّابِع الْمُشْتَقّ غير نعت مِثَال ذَلِك فِي الْبَيَان وَالْبدل قَوْلك قَالَ أَبُو بكر الصّديق وَقَالَ عمر الْفَارُوق وَفِي عطف النسق رَأَيْت كَاتبا وشاعرا قلت الصّديق والفروق وَإِن كَانَا مشتقين الا أَنَّهُمَا صَارا لقبين على الخليفتين رضى الله عَنْهُمَا الاعلام كزيد وَعَمْرو وشاعرا فِي الْمِثَال الْمَذْكُور نعت حذف منعوته وَذَلِكَ المنعوت هُوَ الْمَعْطُوف وَكَذَلِكَ كَاتبا لَيْسَ مَفْعُولا فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ صفة للْمَفْعُول وَالْأَصْل رَأَيْت رجلا كَاتبا ورجلا شَاعِرًا ص وَفَائِدَته تَخْصِيص أَو توضيح أَو مدح أَو ذمّ أَو ترحم أَو توكيد ش فَائِدَة النَّعْت إِمَّا تَخْصِيص نكرَة كَقَوْلِك مَرَرْت بِرَجُل كَاتب أَو توضيح معرفَة كَقَوْلِك مَرَرْت بزيد الْخياط أَو مدح نَحْو بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَو ذمّ نَحْو أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم أَو ترحم نَحْو اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبدك الْمِسْكِين أَو توكيد نَحْو قَوْله تَعَالَى تِلْكَ عشرَة كَامِلَة فَإِذا نفخ فِي الصُّور نفخة وَاحِدَة

(1/284)


ص وَيتبع منعوته فِي وَاحِد من أوجه الْإِعْرَاب وَمن التَّعْرِيف والتنكير ثمَّ إِن رفع ضميرا مستترا تبع فِي وَاحِد من التَّذْكِير والتأنيث وَوَاحِد من الْإِفْرَاد وفرعيه وَإِلَّا فَهُوَ كالفعل وَالْأَحْسَن جَاءَنِي رجل قعُود غلمانه ثمَّ قَاعد ثمَّ قَاعِدُونَ ش اعْلَم أَن للاسم بِحَسب الْإِعْرَاب ثَلَاثَة أَحْوَال رفع وَنصب وجر وبحسب الافراد وَغَيره ثَلَاثَة أَحْوَال افراد وتثنية وَجمع وبحسب التَّذْكِير والتأنيث حالتان وبحسب التنكير والتعريف حالتان فَهَذِهِ عشرَة أَحْوَال للاسم وَلَا يكون الِاسْم عَلَيْهَا كلهَا فِي وَقت وَاحِد لما فِي بَعْضهَا من التضاد أَلا ترى أَنه لَا يكون الِاسْم مَرْفُوعا مَنْصُوبًا مجرورا وَلَا مُعَرفا مُنْكرا وَلَا مُفردا مثنى مجموعا وَلَا مذكرا مؤنثا وَإِنَّمَا يجْتَمع فِيهِ مِنْهَا فِي الْوَقْت الْوَاحِد أَرْبَعَة أُمُور وَهِي من كلك قسم وَاحِد تَقول جَاءَنِي زيد فَيكون فِيهِ الافراد والتذكير والتعريف وَالرَّفْع فَإِن جِئْت مَكَانَهُ بِرَجُل فَفِيهِ التنكير بدل التَّعْرِيف وَبَقِيَّة الْأَوْجه فَإِن جِئْت مَكَانَهُ بالزيدان أَو بِالرِّجَالِ فَفِيهِ التَّثْنِيَة أَو الْجمع بدل الْإِفْرَاد وَبَقِيَّة الْأَوْجه فَإِن جِئْت مَكَانَهُ بهند فَفِيهِ التَّأْنِيث بدل التَّذْكِير وَبَقِيَّة الْأَوْجه فَإِن قلت رَأَيْت زيدا أَو مَرَرْت بزيد فَفِيهِ النصب أَو الْجَرّ بدل الرّفْع وَبَقِيَّة الْأَوْجه وَوَقع فِي عبارَة بعض المعربين أَن النَّعْت يتبع المنعوت فِي أَرْبَعَة من عشرَة ويعنون بذلك أَنه يتبعهُ فِي الْأُمُور الْأَرْبَعَة الَّتِي يكون عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا حكمه ان يتبعهُ فِي اثْنَيْنِ من خَمْسَة دَائِما وهما وَاحِد من أوجه الاعراب وَوَاحِد من التَّعْرِيف والتنكير وَلَا يجوز فِي شَيْء من النعوت أَن يُخَالف منعوته فِي الْإِعْرَاب وَلَا ان يُخَالِفهُ فِي التَّعْرِيف والتنكير فَإِن قلت هَذَا منتقض بقَوْلهمْ هَذَا جُحر ضَب خرب فوصفوا الْمَرْفُوع

(1/285)


وَهُوَ الْحجر بالمخفوض وَهُوَ خرب وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ويل لكل همزَة لُمزَة الَّذِي جمع مَالا وعدده فوصف النكرَة وَهِي كل همزَة لُمزَة بالمعرفة وَهُوَ الَّذِي وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب ذى الطول فوصف الْمعرفَة وَهُوَ اسْم الله تَعَالَى بالنكرة وَهِي شَدِيد الْعقَاب وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه نكرَة لِأَنَّهُ من بَاب الصّفة المشبهة وَلَا تكون إضافتها إِلَّا فى تَقْدِير الإنفصال إِلَّا ترى ان الْمَعْنى شَدِيد عِقَابه لَا يَنْفَكّ فِي الْمَعْنى عَن ذَلِك قلت أما قَوْلهم هَذَا جُحر ضَب خرب فَأكْثر الْعَرَب ترفع خربا وَلَا إِشْكَال فِيهِ وَمِنْهُم من يخفضه لمجاورته للمخفوض كَمَا قَالَ الشَّاعِر قد يُؤْخَذ الْجَار يجرم الْجَار

(1/286)


ومرادهم بذلك أَن يناسبوا بَين المتجاورين فِي اللَّفْظ وَإِن كَانَ الْمَعْنى على خلاف ذَلِك وعَلى هَذَا الْوَجْه فَفِي خرب ضمة مقدرَة منع من ظُهُورهَا اشْتِغَال الآخر بحركة الْمُجَاورَة وَلَيْسَ ذلم بمخرج لَهُ عَمَّا ذَكرْنَاهُ من انه تَابع لمنعوته فِي الاعراب كَمَا أَن نقُول إِن الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر مرفوعان وَلَا يمْنَع من ذَلِك قِرَاءَة الْحسن البصرى الْحَمد لله بِكَسْر الدَّال إتباعا لكسرة اللَّام وَلَا يمْنَع من ذَلِك أَيْضا قَوْلهم من الْحِكَايَة من زيدا بِالنّصب أَو من زيد بالخفض إِذا سَأَلت من قَالَ رَأَيْت زيدا أَو مَرَرْت بزيد وَأَرَدْت أَن ترْبط كلامك بِكَلَامِهِ بحكاية الاعراب وَقد تبين بِهَذَا صِحَة قَوْلنَا إِن النَّعْت لَا بُد أَن يتبع منعوته فِي إعرابه وتعريفه وتنكيره وَأما حكمه بِالنّظرِ إِلَى الْخَمْسَة الْبَاقِيَة وَهِي الْأَفْرَاد والتثنية وَالْجمع والتذكير والتأنيث فَإِنَّهُ يعْطى مِنْهَا مَا يعْطى الْفِعْل الَّذِي يحل مَحَله فِي ذَلِك الْكَلَام فَإِن كَانَ الْوَصْف رَافعا لضمير الْمَوْصُوف طابقه فِي اثْنَيْنِ مِنْهَا وكملت لَهُ حِينَئِذٍ الْمُوَافقَة فِي أَرْبَعَة من عشرَة كَمَا قَالَ المعربون تَقول مَرَرْت بِرَجُل قَائِم وبرجلين قَائِمين وبرجال قَائِمين وبامرأة قَائِمَة وبامرأتين قائمتين وبنساء قائمات كَمَا تَقول فِي الْفِعْل مَرَرْت بِرَجُل قَامَ وبرجلين قاما وبرجال قَامُوا وبامرأة قَامَت وبامرأتين قامتا وبنساء قمن وَإِن كَانَ الْوَصْف رَافعا لاسم ظَاهر فَإِن تذكيره وتأنيثه على حسب ذَلِك الِاسْم الظَّاهِر لَا على حسب المنعوت كَمَا أَن الْفِعْل الَّذِي يحل مَحَله يكون كَذَلِك تَقول مَرَرْت بِرَجُل قَائِمَة أمه فتؤنث الصّفة لتأنيث الام وَلَا تلْتَفت لكَون الْمَوْصُوف مذكرا لِأَنَّك تَقول فِي الْفِعْل قَامَت أمه وَتقول فِي عَكسه مَرَرْت بِامْرَأَة قَائِم أَبوهَا فَتذكر الصّفة لتذكر الاب وَلَا تلْتَفت لكَون الْمَوْصُوف مؤنثا لِأَنَّك تَقول فِي الْفِعْل قَامَ أَبوهَا قَالَ الله تَعَالَى رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا وَيجب إِفْرَاد الْوَصْف وَلَو كَانَ فَاعله مثنى

(1/287)


أَو مجموعا كَمَا يجب ذَلِك فِي الْفِعْل فَتَقول مَرَرْت برجللين قَائِم أبواهما وبرجال قَائِم آباؤهم كَمَا تَقول قَامَ أبواهما وَقَامَ آباؤهم وَمن قَالَ قاما أبواهما وأكلوني البراغيث ثنى الْوَصْف وَجمعه جمع السَّلامَة فَقَالَ قَائِمين آبواهما قَائِمين آباؤهم وَأَجَازَ الْجَمِيع أَن تجمع الصّفة جمع التكسير إِذا كَانَ الِاسْم الْمَرْفُوع جمعا فَتَقول مَرَرْت بِرِجَال قيام آباؤهم وبرجل قعُود غلمانه وَرَأَوا ذَلِك أحسن من الْأَفْرَاد الَّذِي هُوَ أحسن من جمع التَّصْحِيح ص وَيجوز قطع الصّفة الْمَعْلُوم موصوفها حَقِيقَة أَو ادِّعَاء رفعا بِتَقْدِير هُوَ ونصبا بِتَقْدِير اعني أَو امدح أَو اذم أَو أرْحم ش إِذا كَانَ الْمَوْصُوف مَعْلُوما بِدُونِ الصّفة جَازَ لَك س فِي الصّفة الإتباع وَالْقطع مِثَال ذَلِك فِي صفة الْمَدْح الْحَمد لله الحميد اجاز فِيهِ سِيبَوَيْهٍ الْجَرّ على الإتباع وَالنّصب بِتَقْدِير امدح وَالرَّفْع بِتَقْدِير هُوَ وَقَالَ سمعنَا بعض الْعَرَب يَقُول الْحَمد لله رب الْعَالمين بِالنّصب فَسَأَلت عَنْهَا يُونُس فَزعم انها عَرَبِيَّة اه ومثاله فِي صفة الذَّم وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب قَرَأَ الْجُمْهُور بِالرَّفْع على الِاتِّبَاع وَقَرَأَ عَاصِم بِالنّصب على الذَّم ومثاله فِي صفة الترخم مَرَرْت بزيد الْمِسْكِين يجوز فِيهِ الْخَفْض على الِاتِّبَاع وَالرَّفْع بِتَقْدِير هُوَ وَالنّصب بِتَقْدِير أرْحم ومثاله فِي صفة الايضاح مَرَرْت بزيد التَّاجِر يجوز فِيهِ الْخَفْض على الِاتِّبَاع وَالرَّفْع بِتَقْدِير هُوَ وَالنّصب بِتَقْدِير أَعنِي وَلَا فرق فِي جَوَاز الْقطع بَين ان يكون الْمَوْصُوف مَعْلُوما حَقِيقَة أَو ادِّعَاء فالاول مَشْهُور وَقد ذكرنَا امثلته وَالثَّانِي نَص عَلَيْهِ سيويه فِي كِتَابه فَقَالَ وَقد يجوز ان تَقول مَرَرْت بقومك الْكِرَام يَعْنِي بِالنّصب أَو بِالرَّفْع إِذا جعلت الْمُخَاطب كَأَنَّهُ قد عرفهم ثمَّ قَالَ نزلتهم هَذِه الْمنزلَة وَإِن كَانَ لم يعرفهُمْ اه

(1/288)


الثَّانِي التوكيد لَفْظِي ومعنوي
ص والتوكيد وَهُوَ إِمَّا لَفْظِي نَحْو أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ وَنَحْو أَتَاك أَتَاك اللاحقون احْبِسْ احْبِسْ وَنَحْو لَا لَا أبوح بحب بثنة إِنَّهَا وَلَيْسَ مِنْهُ دكا دكا وَصفا صفا ش الثَّانِي من التوابع التوكيد وَيُقَال فِيهِ ايضا التَّأْكِيد بِالْهَمْزَةِ وبإبدالها ألفا على الْقيَاس فِي نَحْو فأس وَرَأس وَهُوَ ضَرْبَان لَفْظِي ومعنوي وَالْكَلَام الْآن فِي اللَّفْظِيّ وَهُوَ إِعَادَة اللَّفْظ الأول بِعَيْنِه سَوَاء كَانَ اسْما كَقَوْلِه أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ كساع إِلَى الهيجا بِغَيْر سلَاح

(1/289)


وانتصاب أَخَاك الأول بإضمار احفظ أَو الزم أَو نَحْوهمَا وَالثَّانِي تَأْكِيد لَهُ أَو فعلا كَقَوْلِه فَأَيْنَ إِلَى أَيْن النجَاة ببغلتي أَتَاك أَتَاك اللاحقون احْبِسْ احْبِسْ

(1/290)


تَقْدِير الْبَيْت فَأَيْنَ تذْهب إِلَى أَيْن النجَاة ببغلتي فَحذف الْفِعْل الْعَامِل فِي أَيْن الأول وَكرر الْفِعْل وَالْمَفْعُول فِي قَوْله أَتَاك أَتَاك واللاحقون فَاعل بأتاك الأول وَلَا فَاعل للثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذكر للتَّأْكِيد لَا ليسند إِلَى شَيْء وَقيل إِنَّه فَاعل بهما مَعًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لما اتحدا لفظا وَمعنى نزلا منزلَة الْكَلِمَة الْوَاحِدَة وَقيل إنَّهُمَا تنَازعا قَوْله اللاحقون وَلَو كَانَ كَذَلِك لزم أَن يضمر فِي أَحدهمَا فَكَانَ يَقُول أتوك أَتَاك اللاحقون على إِعْمَال الثَّانِي وأتاك أتوك على إِعْمَال الأول وَقَوله احْبِسْ احْبِسْ تَكْرِير للجملة لِأَن الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْفِعْل فِي قُوَّة الملفوظ بِهِ أَو حرفا كَقَوْلِه لَا لَا أبوح بحب بثنة إِنَّهَا أخذت عَليّ مواثقا وعهودا

(1/291)


وَلَيْسَ من تَأْكِيد الِاسْم قَوْله تَعَالَى كلا إِذا دكت الأَرْض دكا دكا وَجَاء رَبك والمل صفا صفا خلافًا لكثير من النَّحْوِيين لِأَنَّهُ جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن مَعْنَاهُ دكا بعد دك وَأَن الدك كرر عَلَيْهَا حَتَّى صَارَت هباء منبثا وَأَن معنى صفا صفا أَنه تنزل مَلَائِكَة كل سَمَاء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن وَالْإِنْس وعَلى هَذَا فَلَيْسَ الثَّانِي فِيهِ تَأْكِيدًا للْأولِ بل المُرَاد بِهِ التكرير كَمَا يُقَال عَلمته الْحساب بَابا بَابا وَكَذَلِكَ لَيْسَ من تَأْكِيد الْجُمْلَة قَول الْمُؤَذّن الله أكبر الله أكبر خلافًا لِابْنِ جني لِأَن الثَّانِي لم يُؤْت بِهِ لتأكيد الأول بل لإنشاء تَكْبِير ثَان بِخِلَاف قَوْله قد قَامَت الصَّلَاة قد قَامَت الصَّلَاة فَإِن الْجُمْلَة الثَّانِيَة خبر ثَان جِيءَ بِهِ لتأكيد الْخَبَر الأول ص أَو معنوي وَهُوَ بِالنَّفسِ وَالْعين مؤخرة عَنْهَا إِن اجتمعتا وتجمعان على أفعل مَعَ غير الْمُفْرد وَبِكُل لغير مثنى إِن تجزأ بِنَفسِهِ أَو بعامله وبكلا وكلتا لَهُ إِن صَحَّ وُقُوع الْمُفْرد موقعه واتحد معنى الْمسند ويضفن لضمير الْمُؤَكّد وبأجمع وجمعاء وجمعهما غير مُضَافَة ش النَّوْع الثَّانِي التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ وَهُوَ بِأَلْفَاظ محصورة مِنْهَا النَّفس وَالْعين وهما لرفع الْمجَاز عَن الذَّات تَقول جَاءَ زيد

(1/292)


فَيحْتَمل مَجِيء ذَاته وَيحْتَمل مَجِيء خَبره أَو كِتَابه فَإِذا قلت نَفسه ارْتَفع الِاحْتِمَال الثَّانِي وَلَا بُد من اتصالهما بضمير عَائِد على الْمُؤَكّد وَذَلِكَ أَن تؤكد بِكُل مِنْهُمَا وَحده وَأَن تجمع بَينهمَا بِشَرْط أَن تبدأ بِالنَّفسِ تَقول جَاءَ زيد نَفسه عينه وَيمْتَنع جَاءَ زيد عينه نَفسه وَيجب إِفْرَاد النَّفس وَالْعين مَعَ الْمُفْرد وجمعهما على وزن أفعل مَعَ التَّثْنِيَة وَالْجمع تَقول جَاءَ الزيدان أَنفسهمَا أعينهما والزيدون أنفسهم أَعينهم والهندات أَنْفسهنَّ أعينهن وَمِنْهَا كل لرفع إِرَادَة الْخُصُوص بِلَفْظ الْعُمُوم تَقول جَاءَ الْقَوْم فَيحْتَمل مَجِيء جَمِيعهم وَيحْتَمل مَجِيء بَعضهم وَأَنَّك عبرت بِالْكُلِّ عَن الْبَعْض فَإِذا قلت كلهم رفعت هَذَا الِاحْتِمَال وَإِنَّمَا يُؤَكد بهَا بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون الْمُؤَكّد بهَا غير مثنى وَهُوَ الْمُفْرد وَالْجمع الثَّانِي أَن يكون متجزئا بِذَاتِهِ أَو بعامله فَالْأول كَقَوْلِه تَعَالَى فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ وَالثَّانِي كَقَوْلِك اشْتريت العَبْد كُله فَإِن العَبْد يتَجَزَّأ بِاعْتِبَار الشِّرَاء وَإِن كَانَ لَا يتَجَزَّأ بِاعْتِبَار ذَاته وَلَا يجوز جَاءَ زيد كُله لِأَنَّهُ لَا يتَجَزَّأ لَا بِذَاتِهِ وَلَا بعامله الثَّالِث أَن يتَّصل بهَا ضمير عَائِد على الْمُؤَكّد فَلَيْسَ من التَّأْكِيد قِرَاءَة بَعضهم إِنَّا كلا فِيهَا خلافًا للزمخشري والفرآء وَمِنْهَا كلا وكلتا وهما بِمَنْزِلَة كل فِي الْمَعْنى تَقول جَاءَ الزيدان فَيحْتَمل مجيئهما مَعًا وَهُوَ الظَّاهِر وَيحْتَمل مَجِيء أَحدهمَا وَأَن المُرَاد أحد الزيدين كَمَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتي عَظِيم إِن مَعْنَاهُ

(1/293)


على رجل من إِحْدَى القريتين فَإِذا قيل كِلَاهُمَا انْدفع الِاحْتِمَال وَإِنَّمَا يؤكده بهما بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون الْمُؤَكّد بهما دَالا على اثْنَتَيْنِ الثَّانِي أَن يَصح حُلُول الْوَاحِد مَحلهمَا فَلَا يجوز على الْمَذْهَب الصَّحِيح أَن يُقَال اخْتصم الزيدان كِلَاهُمَا لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل أَن يكون المُرَاد اخْتصم أحد الزيدين فَلَا حَاجَة للتَّأْكِيد الثَّالِث أَن يكون مَا أسندته إِلَيْهِمَا غير مُخْتَلف فِي الْمَعْنى فَلَا يجوز مَاتَ زيد وعاش عَمْرو كِلَاهُمَا الرَّابِع أَن يتَّصل بهما ضمير عَائِد على الْمُؤَكّد بهما وَمِنْهَا أجمع وجمعاء وجمعهما وَهُوَ أَجْمَعُونَ وَجمع وَإِنَّمَا يُؤَكد بهَا غَالِبا بعد كل فَلهَذَا استغنت عَن أَن يتَّصل بهَا ضمير يعود على الْمُؤَكّد تَقول اشْتريت العَبْد كُله أجمع وَالْأمة كلهَا جَمْعَاء وَالْعَبِيد كلهم أَجْمَعِينَ وَالْإِمَاء كُلهنَّ جمع قَالَ الله تَعَالَى فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ وَيجوز التأكد بهَا وَإِن لم يتَقَدَّم كل قَالَ الله تَعَالَى لأغوينهم أَجْمَعِينَ وَإِن جَهَنَّم لموعدهم أَجْمَعِينَ وَفِي الحَدِيث إِذا صلى الإِمَام جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ يرْوى بِالرَّفْع تَأْكِيدًا للضمير وَبِالنَّصبِ على الْحَال وَهُوَ ضَعِيف لاستلزامه تنكيرها وَهِي معرفَة بنية الْإِضَافَة وَقد فهم من قولي أجمع وجمعاء وجمعهما أَنَّهُمَا لَا يثنيان فَلَا يُقَال أجمعان وَلَا جمعاوان وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور الْبَصرِيين وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن ذَلِك لم يسمع ص وَهِي بِخِلَاف النعوت لَا يجوز أَن تتعاطف المؤكدات وَلَا أَن يتبعن نكرَة وندر

(1/294)


يَا لَيْت عدَّة حول كُله رَجَب ش ذكرت فِي هَذَا الْموضع مَسْأَلَتَيْنِ من مسَائِل بَاب النَّعْت إِحْدَاهمَا ان النعوت إِذا تَكَرَّرت فَأَنت فِيهَا مُخَيّر بَين الْمَجِيء بالْعَطْف وَتَركه فَالْأول كَقَوْلِه تَعَالَى سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى الَّذِي خلق فسوى وَالَّذِي قدر فهدى وَالَّذِي أخرج المرعى وكقول الشَّاعِر إِلَى الْملك القرم وَابْن الْهمام وَلَيْث الكتيبة فِي المزدحم

(1/295)


وَالثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير مُعْتَد أثيم الْآيَة الثَّانِيَة أَن النَّعْت كَمَا يتبع الْمعرفَة كَذَلِك يتبع النكرَة وَذكرت أَن الفاظ التوكيد مُخَالفَة للنعوت فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تتعاطف إِذا اجْتمعت لَا يُقَال جَاءَ زيد نَفسه وعينه وَلَا جَاءَ الْقَوْم كلهم وأجمعون وَعلة ذَلِك أَنَّهَا بِمَعْنى وَاحِد وَالشَّيْء لَا يعْطف على نَفسه بِخِلَاف النعوت فَإِن مَعَانِيهَا متخالفة وَكَذَلِكَ لَا يجوز فِي أَلْفَاظ التوكيد أَن تتبع نكرَة لَا يُقَال جَاءَ رجل نَفسه لِأَن الفاظ التوكيد معارف فَلَا تجْرِي على النكرات وشذ قَول الشَّاعِر لكنه شاقه أَن قيل ذَا رَجَب يَا لَيْت عدَّة حول كُله رَجَب ص

(1/296)