شرح الدرة اليتيمة

عناصر الدرس
* بيان جزم الفعل المضارع أصالة وفرعاً.
* أقسام جوازم الفعل المضارع.
* أنواع المعارف.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ذكر الناظم الباب الثالث مما يتعلق بالفعل المضارع المعرب، وسبق أنه إما أن يكون مرفوعًا، وبين أنه حيث خلا عن ناصب وجازم، وإما أن يكون منصوبًا وبوب قال: (بَابُ النَّوَاصِبِ). وختم بالحالة الثالثة وهي: الجزم. وذكرنا أن الفعل المضارع يُجزم بالسكون أصالةً، وبالحذف فرعًا، الأصل أنه يُجزم بالسكون الظاهر أو المقدر {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ} [البينة: 1] يكن هذا فعل مضارع مجزوم بلم وجزمه سكون المقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالتخلص من التقاء الساكنين، ويكون بالحذف والحذف نوعان:
- إما حذف حرف العلة.
- وإما حذف النون.
حذف حرف العلة فيما كان آخره حرفًا من حروف العلة الثلاثة.
والواو والياء جميعًا والألف ... قلنا حروف الاعتلال المختلف

هكذا قال الحريري، [وجرّ في النون] (1) وحذف النون في الأمثلة الخمسة كل فعل مضارع اتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة.
قال: (بَابُ الْجَوَازِمِ). جوازم هذا فَواعِل، قلنا: فواعل إما أن يكون جمعًا لفاعل جَازِم، وإما أن يكون جمعًا لفاعلة جازمة، إن أريد التأنيث فالكلمة يعني: أداة، وإن أريد التذكير جازم أي هذا اللفظ، إن هذا اللفظ جازم، إن قيل: إن جازم. أي: هذا اللفظ جازم على التذكير، وإن قيل: جازمةٌ. أي: هذه الأداة جازمة، إن أريد التذكير قيل هذا اللفظ، وإن أريد قيل هذا التأنيث هذه الأداة.
(بَابُ الْجَوَازِمِ)
أي: هذا باب بيان الجوازم للفعل المضارع، وهو مما يختص به الفعل المضارع المعرب دون سائر الأفعال ودون الأسماء.
قال:
وَاجْزِمْ بِلامٍ وَبِلا فِي الطَّلَبِ ... فِعْلاً فَرِيْدًا نَحْوُ لا تَسْتَرِبِ

ثم قال: (وَفِعْلُ شَرْطٍ وَجَوَابٌ جُزِمَا ** بِإِنْ)
قسم لك الفعل المضارع أو قسم لك الجازم قسمين:
- قسم يجزم فعلاً واحدًا.
- وقسم يجزم فعلين.
وقدَّم لك ما يجزم فعلاً واحدًا، وختم لك باب النواصب بالنوع الأول مما يجزم فعل واحدًا وهو ختم لكم باب النواصب الجازم الأول مما يجزم فعلاً واحدًا، وهو: الطلب. [أحسنت].
قال: (ثُمَّ مَتَى دَلَّ عَلَى الشَّرْطِ الطَّلَبْ ** فَاجْزِمْ جِوَابًا). هذا يجزم فعلاً واحدًا {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ} [الأنعام: 151] {أَتْلُ} هذا فعل مضارع واحد مجزوم، والجازم له الطلب، كونه واقعًا في جواب الطلب. إذًا الأول مما يجزم فعلاً واحدًا هو الطلب، ولذلك حصرها ابن هشام رحمه الله في خمسة، ما يجزم فعلاً واحدًا خمسة، أولها الطلب وسبق بيانه.
الثاني: قال: (وَاجْزِمْ بِلامٍ). قيدها هي وما بعدها بقوله للطلب، للطلَب هذا قيد لقوله: (وَاجْزِمْ بِلامٍ وَبِلا). فهو قيد للحرفين (وَاجْزِمْ بِلامٍ) أي: لام الطلب، وهي مسماه اللام الطلبية، وهي نوعين:
__________
(1) سبق.


- لام تسمى لام الأمر، وذلك فيما إذا كان الطلب من الأعلى إلى الأدنى، تُسمى أمر. مثاله: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ} [الطلاق: 7] ... {لِيُنفِقْ} نقول: ينفق هذا فعل مضارع مجزوم. ما الجازم له؟ دخول لام الطلب. ما نوع الطلب؟ أمرٌ، ولذلك تُسمى لام الأمر، إذًا يُنفق هذا فعل مضارع مجزوم باللام الطلبية لام الأمر، وجزمه سكون آخره على الأصل.
- يشمل النوع الثاني اللام الدعائية، وهذا فيما إذا كان الطلب من الأدنى إلى الأعلى {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] {لِيَقْضِ} يقض هذا فعل مضارع مجزوم باللام الدالة على الطلب، ما نوعه؟ دعاء، نوعه دعاء لأنه من أدنى إلى أعلى، وجزمه بماذا مجزوم؟ بحذف حرف العلة، لماذا؟
.
لأنه معتل الآخر، ليقضي آخره بالياء {لِيَقْضِ عَلَيْنَا}، {لِيَقْضِ} والكسرة هذه دليل على المحذوف، إذًا هذا هو النوع الثاني أو الأداة الثانية مما يجزم فعلاً واحدًا، (وَبِلا فِي الطَّلَبِ) لا أيضًا تكون جازمة لفعل واحد، وفي الطلب أيضًا يشمل لا النهاية ولا الدعائية، إذا كان الطلب من أعلى إلى الأدنى يسمى لا الناهية {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13]، {تُشْرِكْ} هذا فعل مضارع دخلت عليه لا الناهية فجزمته، وجزمه سكون آخره. إذًا {لَا تُشْرِكْ} هذا مثال لا الطلبية التي تفسر بالناهية لأنه طلب من أعلى إلى أسفل.
ولا الدعائية، يشمل لا الدعائية وهو فيما إذا كان الطلب من أدنى إلى أعلى {لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، {لاَ تُؤَاخِذْنَا} لا نقول: لا هذه الناهية، أليس كذلك؟ نقول: لا تفيد الدعاء. هي طلب من أدنى إلى أعلى تؤاخذ هذا فعل مضارع مجزوم، وجازمه لا الطلبية الدعائية، وعلامة جزمه سكون آخره. إذًا هذا هو النوع الثالث مما يجزم فعلاً واحدًا.
(وَاجْزِمْ بِلامٍ)، (وَاجْزِمْ) أيها النحوي بلام في الطلب سواء كانت دعائية أم أمرية، (وَبِلا فِي الطَّلَبِ) سواء كانت ناهية أم دعائية. وهذا هو النوع الثالث.
(فِعْلاً فَرِيْدًا) اجزم (فِعْلاً) هذا مفعول به، (فَرِيْدًا) هذا نعت، فريدًا فعيل بمعنى مُفْعَل يعني: مفرد فعلاً مفردًا أي واحدة، احترازًا من الأداة التي تجزم فعلين اثنين، (فِعْلاً فَرِيْدًا) هذا احترازًا من الأداة التي تجزم فعلين، لأن الجوازم على نوعين ما يجزم فعلاً واحدًا، وما يجزم فعلين، (فِعْلاً فَرِيْدًا) فعلاً هذا مفعول به لقوله: (فَرِيْدًا) نعته (نَحْوُ: لا تَسْتَرِبِ) تسترب هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، لا تستريب تشك يعني (لا تَسْتَرِبِ)، (لا) هذه ناهية دالة على الطلب والمراد به هنا ناهية، (تَسْتَرِبِ) هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وجزمه سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الروي، ... (تَسْتَرِبِ) قد يكون هذا مثال لماذا الناظم كسره؟ نقول: حركة هذا الكسرة للروي ليست حركة إعراب، إذًا (تَسْتَرِبِ) هذا مجزوم جزمه سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الروي، ولتتق الله، هذه اللام لام الأمر، ولام الأمر الأصل فيها أنها مكسورة {لِيُنفِقْ} [الطلاق: 7] وإنما تسكن بعد ثلاثة:
- بعد الواو.
- والفاء.
- وثم.


تسكن بعد الواو والفاء وثم، ولتتق الله، تتق هذا فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، وجزمه حذف حرف العلة حذف آخره والكسرة دليل على المحذوف، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديرًا أنت، ولفظ الجلالة مفعول به.
(كَذَا لَمَّا) لَمَّا كذا (لَمَّا) هذا مبتدأ مؤخر، كيف مبتدأ وهي حرف؟ المبتدأ مسند إليه، والإسناد كما سبق أنه من علامات الأسماء، ولَمَّا حرف، فكيف نقول: (كَذَا لَمَّا). (كَذَا) أي: مثل ذا السابق في كونه يجزم فعلاً فريدًا لَمَّا، لَمَّا مبتدأ مؤخر، وكذا خبر مقدم، كيف أُسند إلى لَمَّا وهي حرف، ما الجواب عندكم؟

أريد لفظها، إذًا لَمَّا هنا اسم وليست حرف، لماذا؟ لأن لَمَّا التي هي حرف التي هي في التركيب، لَمَّا يقدم زيد، يقدم لَمَّا، لَمَّا يقدم، في هذا التركيب هي حرف، إذا قيل لَمَّا حرف جزم صارت لَمَّا هنا مبتدأً لأنه أخبر عنها ولا يخبر إلا عن الأسماء، ولذلك الفعل والحرف يكونان اسمين إذا قُصِدَ لفظهما، ومتى يقصد معنى الحرف والفعل؟ إذا كانت في التركيب في جملة مفيدة، أما في غيرهما، في غير جملة مفيدة فَقُصِد لفظه، خَرَجَ فعل ماضي، خَرَجَ تقول: مبتدأ لأنه اسم، في حرف جر في اسم لماذا؟ لأنه قصد لفظه، (كَذَا لَمَّا) تجزم فعلاً واحدًا، (وَلَمْ) أيضًا تجزم فعلاً واحدًا، مَثَّلَ بلم وترك لَمَّا للعلم بها لأنها بمعنى لم ويفترقا في بعض الأمور ذكرها ابن هشام في ((قطر الندى)) فليرجع إليها من أرادها.
(وَلَمْ ** كَلَمْ يَدُمْ عُسْرٌ) كقولك: لم يدم عسر. لم حرف نفي وجزم وقلب، حرف نفي لأنها تنفي وقوع الحدث، يعني: وقوع حدث الفعل المضارع الذي دخلت عليه، لم يدم نفي للدوام، إذًا أفادت النفي، لم حرف نفي أفادت نفي مدخولها، حرف جزم لأنها جزمت الفعل المضارع، حرف قلب لأنها تقلب زمن المضارع من الحال والاستقبال إلى الماضي، إذا قيل: لم يخرج زيد. متى؟ في الزمن الماضي، والأصل في الفعل المضارع أنه يدل على الحال أو الاستقبال، أليس كذلك؟ إذًا نقول: لم حرف نفي وجزم وقلب، لم سميت حرف قلب؟ لأنها تقلب، تقلب ماذا؟ تقلب زمن الفعل المضارع من أصله وهو الحال إلى المضي، لم يخرج زيد أي: في الزمن الماضي.
(وَبِالْهَمْزِ أَلَمْ) يعني: لام هي جازمة سواء دخلت عليها الهمزة أم تجردت عنها. ليست هي حرفين كما عدَّها بعضهم، لَمْ وَأَلَمْ وَلَمَّا وأَلَمَّ، لا هي حرف واحد، لم يدم مثال لما تجردت عليه الهمزة، {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1] نشرح هذا فعل مضارع مجزوم بماذا؟ بلم، لا تقل بألم، لأن ألم كلمتان، الهمزة حرف مستقل، ولام حرف مستقل، وإنما عدَّها بعض النحاة لكونه يدل على أن الاستفهام يدخل على النفي {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}، أليس كذلك؟ إذًا لم هذه حرف نفي وجزم وقلب، {نَشْرَحْ} فعل مضارع مجزوم بلم وجزمه سكون آخره، لَمَّا يقدم زيد، لَمَّا حرف نفي وجزم وقلب، مثل لَمْ، يقدم فعل مضارع مجزوم بلَمَّا، وجزمه سكون آخره، {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} ... [عبس: 23] {لَمَّا يَقْضِ}، {يَقْضِ} هذا فعل مضارع مجزوم بلَمَّا، وجزمه حذف حرف العلة، كذلك يقال أَلَمَّا يدخل الاستفهام عليه.


إذًا ما يجزم فعلاً واحدًا من الأدوات الجازمة للفعل المضارع خمسة:
الطلب، ولام الأمر والدعاء، ولا في النهي والدعاء، ولم، ولَمَّا.
هذه الخمسة.
ثم شرع فيما يجزم فعلين اثنين، وهي إحدى عشرة أداة، قال: ... (وَفِعْلُ شَرْطٍ وَجَوَابٌ جُزِمَا ** بِإِنْ)، (وَفِعْلُ) هذا مبتدأ وهو مضاف وشرط مضاف إليه، (وَجَوَابٌ) بالرفع على أنه معطوف على فعل، (جُزِمَا) هذا مغير الصيغة، فعل ماضٍ مغير الصيغة، فُعِلَ، طُلِبَ، والألف هذه نائب فاعل، (بِإِنْ) جار ومجرور متعلق بقوله: (جُزِمَا). (بِإِنْ) أيضًا يقال فيها ما قيل في السابق، الباء حرف جر وإن حرف في الأصل وهنا أريد لفظها فهي اسم لذلك تقول: الباء حرف جر، إن اسم مجرور بالباء قصد لفظه. وَعَيْتُمْ هذه؟ إن تقول: اسم مجرور بالباء قُصِدَ لفظه وجار ومجرور متعلق بـ (جُزِمَا)، (وَفِعْلُ شَرْطٍ وَجَوَابٌ جُزِمَا ** بِإِنْ) إن وما تلته، ما عطف عليها أحد عشرة أو إحدى عشرة أداة يجزم فعلين، يُسمى الأول فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، ويختلفان ويتفقان:
- يكونان ماضيين.
- ويكونان مضارعين.
- ويكون الأول ماضيًا والثاني مضارعًا.
- ويكون الأول مضارعًا والثاني ماضيًا.
إذًا فعل الشرط وجواب الشرط قد يكونان مضارعين، إن تقم أقم. تقم هذا فعل الشرط دخلت عليه إِنْ فجزمته، أَقُمْ هذا فعل مضارع إذًا اتفقا يكون الجواب ماذا موافقًا لفعل الشرط لكونه مضارعًا.
مَنْ قَامَ قُمْتُ مَعَهُ. من قام هنا محل الإشكال الذي أريد أن أقف معه، إذا قيل: إن تجزم الفعل المضارع وهي من علامات الفعل المضارع، والمضارع مجزوم ولا يجزمه إلا ما اختص به، فكيف تدخل إن على قام؟ [نعم].
..
هنا ما يجزم فعلين لا يختص بالفعل المضارع، وإنما يختص به العمل يعني: عمله يكون الجزم فقط، وعليه إن كان الجزم وقع على ما يقبل الجزم وهو الفعل المضارع كان الجزم مضارعًا، وإن وقع الجزم على ما لا يقبل الجزم وهو الفعل الماضي كان الجزم محلاً، لأن الإعراب قد يكون ظاهرًا وقد يكون تقديرًا، كما سبق أثر ظاهر أو مقدر، وقد يكون محليًّا، والإعراب المحلي هذا خاص في الأكثر بالمبنيات، وقام هذا فعل ماضي لا يعرب.
وفعل أمر ومُضِيّ بُنِي


وعليه كيف نقول: إن قام. نقول: هنا تسلط الجزم على هذا المحل الذي يلي إن وهو فعل الشرط، بقطع النظر عن كونه مضارعًا أو ماضيًا، فإن كان مضارعًا فهو قابل للجزم فيظهر الجزم فيه، وإن كان ماضيًا هو لا يقبل الجزم لأن الجزم لا يكون للماضي، الماضي مبني لا معرب، فنقول: يقبله من جهة المحل. لأن المبنيات إعرابها محل، ولذلك يؤيد هذا إذا قلت: زيد قام أبوه. زيد قام، لو قلت: زيد قام. زيد مبتدأ قام فعل ماضٍ، فاعله ضمير مستتر، الجملة هل تقبل الإعراب؟ في الأصل لا، لكن لَمَّا أُوِّلَتْ وقبلت أن تأول بمفرد صح أن يُجعل محلها الرفع في مثل هذا التركيب، فيُقال: قام الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، والأصل الرفع أنه يكون للمفردات لا للجمل. كذلك هنا إن قام زيد، قام نقول: هذا الموضع موضع جزم، إن حل فيه الفعل المضارع ظهر فيه، وإن حل محله الفعل الماضي قبله محلاً لا لفظًا، إذًا يكونا متحدين مضارعين وماضيين، ويكون الأول ماضيًا والثاني مضارعًا، {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ} [الشورى: 20] {مَن كَانَ} من اسم شرط، وكان فعل الشرط وهو ماضٍ {نَزِدْ} هذا فعل مضارع وهو جواب الشرط، إذًا اختلفا، يكون الأول ماضيًا ويكون الثاني مضارعًا، الأول مضارع والثاني ماض هذا الجماهير على المنع، جماهير النحاة على أنه لا يجوز أن يقع فعل الشرط مضارعًا ويقع الجواب ماضيًا، لكن ورد في رواية عند مسلم «من يقم ليلة القدر غُفِرَ له». أوردها ابن عقيل في شرح ألفية ابن مالك
من يقم ليلة القدر غفر
يقم غفر، إذًا وقع في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يقم وهو فعل الشرط فعل مضارع، وغفر هذا جواب الشرط وهو فعل ماضٍ، وعليه إذا ثبت في السنة فالحمد لله. وإنما بعض النحاة لا يأخذ بمثل هذه الأحاديث لأنهم لا يستدلون بالسنة في إثبات القواعد، وهذا مختلف فيه القرآن متفق عليه، لكن السنة مختلف فيها وأكثر النحاة على أنها لا تقبل في تأسيس القواعد، وهذا بناءً على أنه يجوز الرواية بالمعنى، والصواب المرجح أنه يستدل بها ولو قيل بالرواية بالمعنى، ولذلك ابن هشام رحمه الله وابن مالك ومن قبله يكثران من الاستدلال بالكتاب والسنة، لذلك ألف الشيخ أو الدكتور رياض الخوام في إعراب شواهد ابن هشام في ((القطر)) فقط الشواهد الحديثية والقرآنية.
(وَفِعْلُ شَرْطٍ وَجَوَابٌ جُزِمَا بِإِنْ) {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7] إن حرف شرط وجزم، يجزم فعلين، الأول يسمى فعل الشرط والثاني يسمى جواب الشرط وجزاؤه، {إِن تَنصُرُوا}، ... {تَنصُرُوا} هذا فعل مضارع فعل الشرط هكذا تقول في إعرابه، فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وجزمه حذف النون، لماذا؟ لأنه من الأمثلة الخمسة {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ} الواو هذه فاعل، لفظ الجلالة مفعول به {يَنصُرْكُمْ} هذا فعل مضارع ماذا نقول؟ فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه، مجزوم بإن على الصحيح، وجزمه السكون لأنه صحيح الآخر ولم يسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطب (بِإِنْ).


{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} [الطلاق: 2] من يتق الله، من نقول: اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ في هذا التركيب، من يتق، يَتق هذا فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن، وجزمه حذف حرف العلة لأنه معتل الآخر {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل} فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم بمن وجزمه [حذف] (1) السكون، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً}، (بِإِنْ وَمَنْ وَمَا) {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} [البقرة: 197]، {وَمَا} اسم شرط مبني على السكون في محل نصب مفعول به، {تَفْعَلُواْ} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بما وجزمه حذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، والواو فاعل، {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ} يَعْلَمُ يَعْلَمْهُ، فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بما وجزمه السكون (بِإِنْ وَمَنْ وَمَا وَمَهْمَا).
مهما غركِ مني أن حبكِ قاتلي ... وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل

هذا قول امرئ القيس، مهما تأمري القلب، مهما اسم شرط مبني على السكون، تأمري القلب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، سأعطيكم قاعدة إن شاء الله في الإعراب، مهما اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، تأمري فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمهما وجزمه حذف الموجب، تأمري القلب يفعلِ فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بمهما، وجزمه يفعلِ السكون المقدر منع من ظهور اشتغال المحل بحركة الروي، (وَمَهْمَا حَيْثُمَا) تستقم يقدر لك الله حيثما تستقم (حَيْثُمَا) هذه مركبة اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، تستقم أنت.
.
تستقم فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بحيثما، وجزمه السكون أصلي، يقدر فعل.
مضارع.
أنا أريد أسمع منكم، يقدر فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحيثما وجزمه سكون آخره. (وَأَيْنَ) {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78]، {أَيْنَمَا} اسم شرط مبني على السكون في محل ... {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ} في محل نصب على الظرفية، {أَيْنَمَا تَكُونُواْ} تكونوا هذا فعل مضارع ناقص، فعل الشرط مجزوم بأينما، وجزمه حذف النون، {يُدْرِككُّمُ} هذا فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بالسكون، مجزوم بأينما وجزمه سكون آخره. (وَأَيَّانَ)
فأيان ما تعدل به الريح تنزلي
والإعراب كما سبق، (وَأَيٌّ) {أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [الإسراء:110]، {أَيًّا} هنا مفعول به، (وَمَتَى) متى أضعِ العمامة تعرفوني، متى أضعِ العمامة، أضع هذا فعل مضارع فعل شرط مجزوم بمتى وجزمه سكون مقدر على الآخر، أضعِ العمامة لأنه التقى الساكنان الأول فحذف الأول بالكسر على الأصل ومتى. (أَنَّى) فأصحبت أنى تأتها تلتزم، وإعرابه كما سبق، (وَإِذْ مَا) مَثَّلَ له بعضهم وإنك إذ ما تأتي ما أنت آمر به تلفي تأتي تلفي (وَإِذْ مَاذَا كَإِنْ حَرْفٌ أَتَى) ذا هذا اسم إشارة المشار إليه الأخير، إذ ما، حرف إذًا ليس اسمًا، حرف (ذَا كَإِنْ حَرْفٌ أَتَى) هذا فيه الإشارة إلى ما يذكره النحاة أن هذه الأحد عشر لفظًا أو الإحدى عشر أداة تنقسم من جهة اسمية والحرفية إلى أربعة أقسام:
__________
(1) سبق.


- منها ما هو حرف باتفاق، وهو: إن. إن هذا حرف باتفاق.
الثاني: ما هو مختلف فيه هل هو اسم أم حرف، والراجح أنه حرف، وهو: إذ ما.
الثالث: ما اخْتُلِفَ في اسميته وحرفيته والراجح أنه اسم، وهو: مهما. والدليل الآية {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ} [الأعراف: 132] الضمير رجع إلى مهما، والضمائر لا ترجع إلا إلى الأسماء.
الرابع: ما هو اسم باتفاق وهو: ما عدا المذكور.
إذًا هذه أربعة أقسام، ما هو حرف باتفاق وهو: إن، ما هو مختلف فيه على وجه أو حرف والصحيح أنه حرف وهو إذ ما فقط، الثالث: ما اختلف فيه أيضًا والراجح أنه اسم وهو مهما فقط، الرابع: ما هو اسم باتفاق وهو: ما عدا المذكور.
قال:
تَقُولُ إِنْ تَعْمَلْ بِعِلْمٍ تَسْتَفِدْ ... وَمَا تُقَدِّمْهُ مِنَ الْخَيْرِ تَجِدْ

(تَقُولُ إِنْ تَعْمَلْ بِعِلْمٍ تَسْتَفِدْ) هذا مثال لـ إن دخلت على فعل الشرط وجواب الشرط يعني جزمت فعلين الأول يسمى فعل الشرط، والثاني جوابه، جزمت تعمل وهو فعلها، وجزمه سكون آخره، تستفد هذا جواب الشرط مجزوم بإن وجزمه سكون آخره، (وَمَا تُقَدِّمْهُ مِنَ الْخَيْرِ تَجِدْ)، وما تقدمه [ما اسم موصول بمعنى .. ] (1) ما اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، أسماء الشرط في إعرابها قاعدة فيها أنه ينظر إلى ما بعده، تنظر فعل الشرط هل هو متعدٍّ أو لازم، وهذا ما وقفنا عليه من الصرف، ما الفرق بين المتعدِّي واللازم، إن كان الفعل لازمًا أَعْرَبْتَ الأداة أنها في محل رفع مبتدأ، إذا كان ما بعدها فعل الشرط فعلاً لازم تعرب الاسم اسم الشرط أنه في محل رفع مبتدأ، هذا إن كان ما بعدها لازم، وإن كان ما بعدها فعل متعدٍّ نظرت هل استوفى مفعوله أم لا؟ هل نصب أم لا؟ إن نصب مفعوله أعربتها أنها أيضًا في محل رفع مبتدأ، وإن لم يستوف مفعوله أعربتها في محل نصب على أنها مفعول لفعل الشرط، هذه القاعدة العامة فيها.
وَاقْرُنْ بِنَحْوِ الْفَا جَوَابًا حَيْثُ لا ... يَصْلُحُ أَنْ يُجْعَلَ شَرْطًا مُسْجَلا

(وَاقْرُنْ بِنَحْوِ الْفَا)، (نَحْوِ الْفَا) مقصود به إذا (وَاقْرُنْ بِنَحْوِ الْفَا) يعني: بما يماثل الفاء، والمراد بالفاء هنا فاء الجزاء يعني: الفاء الواقعة في جواب الشرط، إذا كان الجواب لا يصلح، إذا كانت الجملة لا تصلح أن تقع جوابًا لإن وأخواتها وجب قرنها بالفاء الواقعة في جواب الشرط، لذلك قال: (وَاقْرُنْ بِنَحْوِ الْفَا) اقرن جوابًا (حَيْثُ لا ** يَصْلُحُ) أي جواب (أَنْ يُجْعَلَ شَرْطًا مُسْجَلا) أي مطلقًا بكل حال، (كَإِنْ تُخَاصِمْ فَاتْبَعِ الْحَقَّ).
اسمية طلبية وبجامد ... وبما ولن وبقد وبالتنفيس

هذه سبعة مواضع لا تصلح أن تقع جوابًا لـ (إن) وأخواتها، نظمها الناظم في قوله:
اسمية طلبية وبجامد ... وبما ولن وبقد وبالتنفيس

كل ما وقع جواب الشرط واحدًا من هذه السبعة المواضع وجب قرنها يعني: جواب الشرط الجملة. وجب قرنها بالفاء.
__________
(1) سبق.


{وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} [الأنعام: 17]، {وَإِن يَمْسَسْكَ} وإن حرف شرط يمسسك هذا فعل شرط هو على كل شيء قدير هذه جملة اسمية مبتدأ وخبر لا تصلح أن تكون جوابًا للشرط، وجب قرنها بالفاء {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ}.
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] وقعت الفاء في جواب الشرط، لماذا؟ لكونه طلبًا اسمية طلبة وبجامد.
{إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً} [الكهف: 39] فعل عسى هذا لا يصلح أن يكون جوابًا للشرط فوجب قرنها بالفاء.
{وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 6] ما النافية.
{وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ} [آل عمران: 115] وقعت في جواب لن.
{إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ} [يوسف: 77] قد وقعت في جواب الشرط ولا تصلح أن تكون جوابًا لا بد من قرنها بالفاء.
التسويف {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ} [النساء: 74] الفاء وقعت في جواب الشرط.
أما إذا الفجائية هذه خاصة بالجملة الاسمية، يعني لا تخلف الفاء مطلقًا لا إنما أنت مخير فيما إذا وقع جملة الجواب جملة الاسمية جوابًا لأن خاصة ليست مع كل أداة، إن كانت الأداة إن ووقع الجواب جملة اسمية حينئذٍ يجوز أن تقرنها بالفاء أو بإذا الفجائية، {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: 36] {إِذَا هُمْ} هم مبتدأ، و {يَقْنَطُونَ} الجملة خبر. {وَإِن تُصِبْهُمْ} إن حرف شرط تصبهم هذا فعل الشرط {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} هذه جملة اسمية، يجوز في غير القرآن فهم بالفاء ويجوز أن تأتي بـ إذا.
إذًا هذه سبعة مواضع إذا وقعت جوابًا للشرط وجب قرنها بالفاء، ما عداها فلا.
اسمية طلبية وبجامد ... وبما ولن وبقد وبالتنفيس

(كَإِنْ تُخَاصِمْ فَاتْبَعِ الْحَقَّ) هذا مثال لأي شيء (فَاتْبَعِ)، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} إذا وقع سواء اسمية طلبية، طلبية يعني: فعل أمر
كَإِنْ تُخَاصِمْ فَاتْبَعِ الْحَقَّ وَمَنْ ... يَصْدَعْ بِحَقٍّ فَهْوَ فَرْدٌ فِي الزَّمَنْ

هذه وقعت اسمية، وهذا المثال جيد. (وَمَنْ يَصْدَعْ بِحَقٍّ فَهْوَ فَرْدٌ فِي الزَّمَنْ) فهو مبتدأ وفرد هذا خبر والجملة في محل جزم، ما وقعت فيه الجواب ما وقع الفاء في جوابه تعرب الجملة، ثم تقول: فهي في محل جزم جواب الشرط.
ثم قال: (بَابُ النَّكِرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ). الاسم ينقسم بحسب التنكير والتعريف إلى معرفة ونكرة، وأيهما الأصل؟ الأصل النكرة، الأصل في الأسماء التنكير.
والاسم ضربان فضرب نكرة ... والآخر المعرفة المشتهرة

والاسم ضربان: يعني: نوعان بحسب التنكير والتعريف
والاسم ضربان فضربٌ نكرة
نوع النكرة، والآخر المعرفة المشتهرة يعني: المشهورة عند سامعيها.
إذًا الأصل في الأسماء التنكير، والمعرفة فرعٌ عنها، ما الدليل؟ قال: باندراج كل معرفةٍ تحت النكرة من غير عكس، الأعم يشمل الأخص، أيهما يكون تحت الآخر؟ رجل أم زيد؟

فيه خلاف! أيهما يثبت تحت الآخر؟ أيهما أعم رجل أم زيد؟


هل كل زيدٍ رجل، أمر كل رجلٍ زيد؟ كل زيدٍ رجل، هذا الأصل، دعنا من الإحالات، كل زيدٍ فهو رجل هذا الأصل، وليس كل رجلٍ فهو زيد، قد يكون خالد وقد يكون محمد .. إلى آخره، إذًا الأصل التنكير لاندراج كل معرفةٍ تحتها تحت النكرة من غير عكس، أيهما أعم رجل أم الرجل؟

رجل أعم، إذًا الرجل هذا معرفة لأنه يدل على معين، ورجل هذا شاع في جنس موجود، إذًا الأصل في الأسماء التنكير والمعرفة فرع عنه. ولذلك من الأنسب أن تعد المعاني فيقال: هي ستةٌ وكذا، وكذا، ثم بعد ذلك يقال: ما عدا هذا فهو نكرة، لأن المعرفة محصورة، والمحصور يقدم على ما لا يحصر، النكرة لا تحصر والمعرفة تحصر، وما يحصر مقدم على ما لا يحصر. (وَكُلُّ قَابِلٍ) تعرف النكرة بأنها ما شاع في جنسٍ موجودٍ أو مقدر، وتعرف المعرفة بأنها ما وُضع ليستعمل في معين، عبارةٌ عما شاع يعني: انتشر في جنس أي: في أفراد الجنس الموجود كرجل، قيل: رجل هذا موضوعٌ لكل إنسانٍ من بني آدم بالغٍ عاقل، فكلما وجد فردٌ من هذا الفرد إنسان عاقل بالغ ذكر صح أن يطلق عليه رجل، فهو لفظٌ شاع انتشر في جنس موجود، أو مقدر يمثلون له بالشمس، تقول: الشمس موضوعًا لما كان كوكبًا نهاريًا ينسخ ظهوره الليل أو وجوده ظهور الليل، وهل يمنع التعدد؟ الجواب: لا. كلما وجد كوكبٌ نهاريٌ هذه صفته فيصدق عليه أنه شموس، لذلك هو واحد وإنما يجمع باعتبار أن يقال أقمار وشموس، هل يصح؟
ما يصح؟
مسموع
مسموع في لغة العرب أقمار وشموس، كم قمر؟ وكم شمس؟

واحد بالإجماع، لا خلاف، إنما جمعت أقمار وشموس باعتبار المطالع.
(وَكُلُّ قَابِلٍ لِتَعْرِيْفٍ بِأَلْ ب نَكِرَةٌ) ضابط النكرة: كل ما يقبل أل يعني: يصلح أن تدخل عليه أل، ولكن يشترط في دخول ال على مدخولها ويحكم عليها بأنها نكرة أن تفييد التعريف، يعني: تؤثر لأن الأصل في أل أن تكون معرفة، هذا الأصل، وظيفتها التعريف التعيين، إن أفاد تعريفًا في مدخولها فحينئذٍ نقول: المدخول حكمه أنه نكرة، إن دخلت ولم يؤثر التعريف فهي لا تدل على أن مدلوله نكرة، متى تدخل ولا تؤثر التعريف؟
إذًا دخلت على الأعلام.
وبعض الأعلام عليه دخل
عباس هذا علم معرفة العلم هل هو معرفة؟ نعم، العلم معرفة من المعارف سيذكره (فَعَلَمٌ كَجَعْفَرٍ) إذا قيل العباس هل المعرفة تعرف؟

لا، ما تعرف. إذًا ماذا أفادت أل هنا؟ زائدة، وإذا حكم على أل بأنها زائدة المقصود أنها لم تفد المعنى الذي وضعت له في لغة العرب، يفهم البعض أنه إذا حكم بالزائد على حرف أنه دخوله كخروجه، وهذا جهلٌ مركب، وعليه ينبني هل في القرآن زائد أم لا، وتأتي المشكلة الطويلة.
فنقول: المقصود بكون الحرف زائدًا في لغة العرب أنه لم يستعمل في ما وُضع له، وليس المقصود أنه لا يدل على معنى البتة، لا، بل كل ما زادته العرب فهو لا بد أن يكون بمعنى، ولذلك يقولون القاعدة عندهم: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى. فإذا قيل: عباس زيد عليه أل لا بد تدل أن تكون على معنى، هل المعنى الذي وضعت له أل أفادته في هذا التركيب؟ الجواب: لا. إذًا ماذا تفيد؟


قالوا: بلمح الصفة إذًا لها معنى، ما معنى لمح الصفة؟ قالوا: عباس هذا مشتقٌ من العبوس، إذا وافق الاسم مسماه لأن العلم قد يكون منقولاً، إذا وافق الاسم مسماه وأردت الإشارة إلى سامعه أن الاسم قد وافق مسماه وأردت أنك التقيت بالعباس وهو عابس وجهه فتقول: رأيت العباس هذا الأصل في لغة العرب أن تكون ال هنا في مثل هذا التركيب للمح الصفة، لا لكونها معرفة لمح الصفة لأن الأصل في عباس أنه منقول ويدل على العبوس وهو تغير الوجه، فحينئذٍ إذا أريد أو أراد المتكلم وهو على درايةٍ بلغة العرب أنه أدخل أل هذه بلمح الصفة فنقول: هنا أفادت معنى لكن لم تفد المعنى الذي وضعت له. إذًا قوله: (وَكُلُّ قَابِلٍ)، (كُلُّ) هذا مبتدأ، و (قَابِلٍ) مضاف إليه لتعريف المتعلق به (بِأَلْ) متعلقٌ بـ (تَعْرِيْفٍ) (نَكِرَةٌ) خبرٌ المبتدأ. (قَابِلٍ لِتَعْرِيْفٍ) أخرج ما قبل أل ولم تعرفه وهو الأعلام التي هي معرفةٌ في أصلها، (مَالٍ) هذا نكرة لماذا؟ لأنه يقبل أل، فتقول: المال (خَوَلْ) يعني: ما يخوله الإنسان من متاعٍ وغيره يقال الخول، رجلٌ تقول الرجل، بيت البيت، إذًا كل ما قبل أل وأفاد فيه التعريف فهو نكرة.
قال ابن مالك:
نَكِرةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا
إذا أثرت التعريف فهي نكرةٌ، أو واقعٌ موقع ما قد ذكر، هذا يمثلون له بذو، ذو التي بمعنى الصاحب، ذو إذا كانت بمعنى الصاحب وهي من الأسماء الستة، هذه نكرة هل تقبل أل؟ لا، لكنها وقعت موقع صاحب، وصاحب هل يقبل أل؟ يقبل أل، كذلك ما وقع موقع ما يقبل أل هو نكرة أيضًا.
نَكِرةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا ... أَوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا

وَكُلُّ قَابِلٍ لِتَعْرِيْفٍ بِأَلْ ... نَكِرَةٌ كَمِثْلِ مَالٍ وَخَوَلْ
وَغَيْرُهُ مَعْرِفَةٌ ........ ... ..........................

هذا عكس القضية، ولذلك ينتقد أن من ذكر النكرة أولاً ثم ذكر المعارف أن الأصل أن يعرف، وحتى ابن مالك رحمه الله انتقد.
نَكِرةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا ... أَوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا
وَغَيْرُهُ مَعْرِفَةٌ ......... ... .........................

كما قال الناظم، وغيره أي: غير نكرة معرفةٍ
....... كَهُمْ وَذِي ... وَهِنْدَ وَابْنِي وَالْغُلامِ وَالَّذِي

وغيره معرفةٌ أي: ما لا يقبل أل، أو يقبل أل ولا يؤثر فيه التعريف، إذًا قسمان: غيره معرفةٌ، غير هذا الأصل أنها لا تعرف بالمضاف إليه، لكنها في هذا التركيب نعت، غير متوغلةٌ في الإبهام لا تقبل التعريف، ولو أضيفت إلى معرفة، إلا إذا وقعت بين ضدين أو شيئين محصورين، مثل النكرة والمعرفة، غير النكرة كذا غير المعرفة كذا، هنا أفادت التعريف، لماذا؟ لأن (وَغَيْرُهُ) أي: غير النكرة تعين
..... مَعْرِفَةٌ وَكُلُّهَا ... تُحْصَرُ فِي سِتَّةٍ أَنْوَاعٍ لَهَا

إذًا هي محصورة في ستة أو سبعة،
وَهْيَ الضَّمِيْرُ كَأَنَا أَنْتَ وَهُو ... فَعَلَمٌ كَجَعْفَرٍ وَبَعْدَهُ

رتبها الناظم على حسب الأعرف، لأن الأعرف الضمير فقدمه ثم قال: (فَعَلَمٌ). الفاء التعقيب (وَبَعْدَهُ) أي: بعد العلم (اسْمُ إِشَارَةٍ)، (وَالرَّابِعُ الْمَوْصُوْلُ)، (فَمَا بِأَلْ) يعني: معطوفٌ على الرابع وهو الخامس
.....


وَالسَّادِسُ مَا ... أُضِيْفَ لِلوَاحِدِ مِمَّا قُدِّمَا

الضمير ما كُنِّيَ به على الظاهر اختصارًا، يُسمى المكني، الضمير مأخوذٌ من الضمور وهو الخفاء والاستتار، وحده ما دل على متكلمٍ كأنا، أو مخاطبٍ كأنت، أو غائب كهو، لذلك مثل الناظم قال: (وَهْيَ الضَّمِيْرُ: كَأَنَا) هذا يدل على المتكلم، وهو ضمير بارزٍ منفصل، (أَنْتَ) يدل على المخاطب (وَهُو) يدل على الغائب، (فَعَلَمٌ) إذًا عرفنا حد الضمير، وينقسم أقسام متعددة ولكن لا نستطيع أن نفصلها لأن كل نوع من هذا يحتاج إلى درس أو درسين مستقلين، لكن نعرف ونسير.
إذًا (الضَّمِيْرُ) عرفنا أنه ما دل على متكلمٍ (كَأَنَا)، أو مخاطبٍ كـ (أَنْتَ)، أو غائبٍ كـ (هُو)، (فَعَلَمٌ) المرتبة الثانية العلم (كَجَعْفَرٍ) العلم عند النحاة ما اسمٌ يعين مسماه مطلقًا.
اسمٌ يعين المسمى مطلقا ... علمه كجعفرٍ وخرنقا

ما عين مسماه مطلقًا هذا علم، لماذا مطلقًا؟ ما عين، ما هذا اسمٌ موصول بمعنى الذي يشمل النكرة والمعرفة، دخل فيه النكرة والمعرفة ما، عين مسماه أخرج النكرة لأن النكرة شاع في جنسه ليس فيها تعيين، عين مسماه [دخل] أخرج النكرة وأدخل المعارف كلها، قوله: مطلقًا أي: بلا قيدٍ، أخرج بقية المعنى، لماذا؟ لأن المعرف بأل تعريفه بقرينةٍ لفظية، المعرف بأل إذا قيل: الرجل البيت المسجد تقول: زيد مسجد هذا معرفة، لماذا عرف؟ بأل قرينة، إذًا القرينة لفظية ننطق بها أل، هذا ما عرف بأل، (اسْمُ إِشَارَةٍ) معرفٌ بقرينةٍ حسية لأنه ما وضع لمسمًى وإشارةً إليه، لا بد من يشار إلى أمر حسيّ فتقول: هذا زيد. لو نطق الإنسان وأمامه جمهور هذا زيدٌ، هل تعين؟ ما تعين، هذا صار نكرة لا بد أن يصاحبها الإشارة تقول: هذا زيد، هذا محمد، هذا خالدٌ، هذا ما .. ، أما إذا قال: هذا ما .. ونظر إلى السماء هذه ليست معرفة، لماذا؟ لأن هذا وضع لمسمًى وإشارة، لا بد من إشارة حسيّة، ولذلك عندهم أن الثاني صار موضوعًا لأمورٍ حسيّة لا ذهنية، فإذا جاء لأمرٍ ذهني لا بد من التأويل. كذلك الموصول معرفة الصلة أو بأل فهو في القرينة لفظية، كذلك ما أضيف إلى واحدٍ مما سبق أيضًا هذا معرفٌ بما أضيف إليه، بقي العلم، ما عدا هذه فتعينه بماذا؟ بنفي أل، وبنفي الصلة، وبنفي ما أضيف إليه. ولذلك قيل:
اسمٌ يعين مسماه بلا قيدٍ
أخرج ما تعين مسماه بقيد لفظي أو بقيدٍ حسيّ (فَعَلَمٌ كَجَعْفَرٍ) مثل للعلم بجعفر وهو أقسامٌ أيضًا متعددة (وَبَعْدَهُ
اسْمُ إِشَارَةٍ) اسم الإشارة ما وضع كما سبق لمسمًى وإشارة إليه. إذا أشير إلى أشير باللفظ يعني: هذا زيدٌ ولم يشر ليست من المعارف، تعتبر نكرة في المعنى. قال: (كَذَا وَذَانِ ذِي). ذا وذي وذانِ أشار إلى أن المفرد المذكر يشار إليه بـ ذا كما قال ابن مالك:
بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ ... بِذِي وَذِهْ تِي تَا على الأنثى اقتصر

(ذِي) يُشار به للمفردة المؤنثة، و (ذَا) للمفرد المذكر، ذا زيدٌ، ذي هندٌ .. إلى آخره.
(ذَانِ) المشار إليه المثنى المذكر، (تَانِ)

المثنى المؤنث.
ذَيْنِ
.
المثنى المذكر في حالة الجرِّ والنصب


وذَانِ تَانِ لِلْمُثَنَّى الْمُرْتَفِعْ ... وَفِي سِوَاهُ ذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِعْ

وذَانِ تَانِ لِلْمُثَنَّى الْمُرْتَفِعْ
وذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِعْ

بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ ... بِذِي وَذِهْ تِي تَا على الأنثى اقتصر
وذَانِ تَانِ لِلْمُثَنَّى الْمُرْتَفِعْ ... وَفِي سِوَاهُ ذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِعْ

سوى، المرتفع هو الجر والنصب، وهل ذانِ وتاني وذين وتين ملحقان بالمثنى؟
.
ذانِ وتين هل هما ملحقان بالمثنى؟

أفتوني في أمري؟

ذانِ

الصحيح أنهما وضعا للدلالة على المثنى أصالةً، ذانِ مبني على الألف وليس مرفوعًا بالألف، ذين مبني على الياء في النصب والجر، ولذلك سبق في درس الصرف أن هذين أن ذين وتين وذانِ وتانِ ليسا مثنى في الحقيقة.
(وَالرَّابِعُ الْمَوْصُوْلُ مِنْ نَحْوِ الَّذِي)، (وَالرَّابِعُ الْمَوْصُوْلُ) أي: الرابع من المعاني الاسم الموصول، الاسم الموصول وهو ما افتقر إلى صلة وعائد، صلة أي جملة أو شبه جملة، لماذا؟ لأنه عند الكثير من النحاة أن الاسم الموصول معرف بجملة الصلة، جاء الذي قام أبوه، الذي هذا اسم موصول قام أبوه جملة الصلة لا بد
وكلها يلزم بعده صلة ... على ضمير لائق مشتملة

لا بد لكل اسم موصول من جملة تبين معناه، لأن الموصولات وأسماء الإشارة من المبهمات، لا بد مما يعين ويرفع الإبهام، جاء الذي وسكت هل فهم المعنى؟ لا، هناك إبهام يحتاج إلى تفسير، فيقال: جاء الذي قام أبوه. جاء الذي أبوه قام، جاء الذي عندك، جاء الذي في الدار
وجملة أو شبهها الذي وصل
يعني جملة الصلة قد تكون جملة اسمية، وقد تكون جملة فعلية، وقد تكون شبه جملة جار مجرور أو ظرف.
يشترط في جملة الصلة أن تكون مشتملة على عائد يعني ضمير يعود على الاسم الموصول مطابق له إفرادًا وتثنية وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا، جاء الذي ضربته، ضربته هذا # ... 53.15 ضمير مطابق الذي، الذي هذا اسم موصول بمعنى اسم موصول للمفرد المذكر، إذا لا بد أن يكون العائد مفردًا مذكرًا، جاء الذي ضربته، جاءت التي ضربتها، جاء اللذان ضربتهما، جاء الذين ضربتهم، جاء اللاتي ضربتهن، لا بد أن يكون الضمير عائد على اسم الموصول مطابق له إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وإفرادًا وتذكيرًا، لذلك قيل في حد الصلة أو الاسم الموصول: ما افتقر يعني: احتاج لماذا لأنه مبهم، ما فتقر إلى صلة، والصلة قد تكون جملة، وقد تكون شبه جملة، وعائد يعني: ضمير يعود على ذات.
كما في أل عُرِّفَ. هذا هو الخامس ما عرف بأل، وظاهر كلام الناظم أن أل برمتها هي المعرفة يعني الهمزة واللام وهذا مذهب الخليل أن أل الهمزة فيها همزة قطع وكلاهما المعرفان، ولذلك اختاره ابن مالك رحمه الله أل حرف تعريف، أو اللام فقط، من أين عرفت أن ابن مالك رحمه الله قدَّم أو رجح أل لأنه قدم، قدم القول الأول وقال: أل حرف تعريف أو اللام فقط.
..... وَالسَّادِسُ مَا ... أُضِيْفَ لِلوَاحِدِ مِمَّا قُدِّمَا


ما أُضيف إلى ما قُدِّمَا، يعني: ما نكرة أضيفت إلى الضمير، ضربت غلامك، هذا أضيف إلى الضمير، ضربت غلام زيد، هذا أضيف إلى العلم، ضربت غلام هذا، أضيف إلى اسم الإشارة، ضربت غلام الذي قدم أبوه، هذا أضيف إلى الاسم الموصول، ضربت غلامه الرجل أو العالم، هذا نقول: أضيف إلى أو معرف بما أضيف إليه، وكل ما أضيف إلى العلم فهو في رتبة العلم، وما أضيف إلى اسم الإشارة هو في رتبة اسم الإشارة، والاسم الموصول في رتبة .. إلا ما أضيف إلى الضمير فإنه في رتبة العلم، ما أضيف إلى الضمير فإنه في رتبة العلا، مررت بزيد صاحبك، صاحبك لو صير صاحبك هذا أضيف إلى الضمير، أليس كذلك؟ لو قيل إنه في رتبة الضمير صارت صفة، والموصوف علم، وأيهما أعلى درجة في التعريف؟ الصفة أم الموصوف؟ الصفة، وهذا ممتنع، الصفة لا تكون أعلى تعريفًا من الموصوف، لذلك جعلت في المرتبة الثانية.
على كل حال هذا الباب يحتاج إلى تدقيق منكم ورجوع إلى الشروح، لأن كل موضوع يحتاج إلى دروس.
ونقف على هذا.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.