شرح نظم المقصود

عناصر الدرس
* شرح البسملة وإعرابها.
* أنواع مقدمات الكتب عند العلماء.
* شرح مقدمة الناظم.

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد ..
نشرع اليوم إن شاء الله في النظم نظم المقصود لأحمد بن عبد الرحيم وكان البعض طلب أنه يتقدم في الحفظ لابد من تصحيح سابق سأقرأ في كل درس إن شاء الله عشرة أبيات ونحوها، قال رحمه الله تعالى:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَقُوْلُُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ ... مُصَلِّيًا عَلَى النَِّبيْ وَالآلِ
عَبْدٌ أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ ... أَيْ أَحْمَدُ بْنُ عَابِدِ الرَّحِيْمِ
فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ ... أَبْوَابُهُ سِتٌّ كَمَا سَتُسْرَدُ
فَالعَيْنُ إِنْ تُفْتَحْ بِمَاضٍ فَاكْسِرِ ... أَوْ ضُمَّ أوْ فَافْتَحْ لَهَا فِي الغَابِرِ
وَإِنْ تُضَمَّ فَاضْمُمَنْهَا فِيْهِ ... أوْ تَنْكَسِرْ فَافْتَحْ وَكَسْرًا عِيْهِ
وَلاَمٌ اوْ عَيْنٌ بِمَا قَدْ فُتِحَا ... حَلْقِيْ سِوَى ذَا بِالشُّذُوذِ اتَّضَحَا
ثُمَّ الرُّبَاعِىُّ بِبَابٍ وَاحِدِ ... وَالْحِقْ بِهِ سِتًّا بِغَيْرِ زَائِدِ
فَوْعَلَ فَعْوَلَ كَذَاكَ فَيْعَلاَ ... فَعْيَلَ فَعْلَى وَكَذَاكَ فَعْلَلاَ

نقول: بدأ الناظم رحمه الله تعالى منظومته بالبسملة وهي قوله: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ونعلم أن هذا الكتاب ليس نثراً، وإنما هو نظم، وهل النظم يجوز فيه أن يفتتح بالبسملة؟
أولاً: أجمع العلماء على أن الشعر الذي يكون مُتضمناً للعلوم الشرعية كالمنظومات التي في العلوم بالإجماع يجوز افتتاحها بالبسملة أن يقول: بسم الله,
قَالَ مُحمَّدٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ

هذا لا خلاف فيه، ولكن الأولى في مثل هذا ألا تُنظم البسملة كما فعل الشاطبي،
بَدَأْتُ بِبِسْمِ اللهِ فِي النَّظمِ أَوَّلاً

كما فعل الحكمي أيضاً،
أَبْدَأُ بِاسْمِ اللهِ مُسْتَعِيناً


نقول: هذا خلاف الأولى، والأولى أن تُذكر البسملة أولاً نثراً، ثم بعد ذلك يشرع، فوجود البسملة قبل النظم لا إشكال فيه إذا كانت المنظومات في العلوم والآداب الشرعية، لكن نظمها أو جعلها بيتاً يُفتتح به نقول: هذا خلاف الأولى، ما عدا الشعر الذي تضمن العلوم الشرعية فهذا يتنوع الحكم بنوعية الشعر، فإن كان محرماً فالافتتاح أو البسملة محرمة، وإن كان الشعر مكروهاً كالتغزل بغير معين فالبسملة مكروهة، وماعدا ذلك فالجمهور على الجواز وإن خالف البعض، لكن جمهور العلماء على أن الشعر إذا لم يكن محرماً أو مكروهاً يجوز أن يُفتتح بالبسملة، ولكن إذا كان هذا في غير الشعر الذي تضمن العلوم الشرعية فهو جائز بالإجماع، إذاً قال: الناظم: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فبسملته هنا لا إشكال فيها، لا يُنتقد بأن الكتاب هذا شعر والشعر في الجملة مذموم، نقول: لا, الشعر هذا تضمن علوماً شرعية، وما كان متضمناً لعلومٍ شرعية فالافتتاح بل هو قد يكون داخلا في قوله - صلى الله عليه وسلم - إن صح –: «كلٌّ أمرٍ ذِي بَالٍ لا يُبدأُ فِيهِ ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَبْتَرٌ»، إن صح الحديث، نقول: افتتح الناظم رحمه الله تعالى كتابه بالبسملة, البسملة يعني قول بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِمَ افتتح بالبسملة؟ نقول لأمور:
أولاً: اقتداءً بالكتاب العزيز؛ لأن القرآن أول ما تفتح القرآن تجد {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:1 - 2]، إذاً اُفتتح الكتاب العزيز القرآن افتتح بالبسملة، فاقتداءً بهذا القرآن أن يفتتح الكتب بالبسملة، هذا أولاً، اقتداءً بالكتاب العزيز، وجه الاقتداء: أن القرآن أول ما تفتحه تقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم سورة الفاتحة.
ثانياً: تأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لسنته الفعلية، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُبسمل في رسائله ومكاتباته إلى الملوك ونحوه، «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى هِرَقَلَ عَظِيمِ الرُّومِ» ونحو ذلك، فكان يبسمل في الرسائل ونحوها.
ثالثاً على قول بعض أهل العلم من صحح الحديث: عملاً بحديث أو امتثالاً لحديث: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ - يعني ذي حال وشأن يهتم به شرعاً - لا يُبدأُ ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَبْتَرٌ»، «كلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يفتتح أو لا يُبدأُ ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَبْتَرٌ»، يعني كالأبتر، والأبتر المقصود به مقطوع الذنب، يعني ناقص البركة، فيقول العلماء: فهو وإن تم حساً إلا أنه ناقص من جهة المعنى؛ يعني قد لا يُبسمل في الكتاب وينتهي منه ويطبعه، لكن هذا من جهة الحس، أما من جهة المعنى وهو الانتفاع به والبركة مباركة هذا الكتاب ناقصة، فـ «كلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبدأُ ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَبْتَرٌ»، لكن الحديث ضعيف.


رابعاً: قال: ابن حجر رحمه الله تعالى: (وقد استقر عملُ الأئمة المصنِفين على افتتاح كتبُ العلم بالتسمية). وهذا إجماعٌ عمليٌ من العلماء، كلُ من بدأ كتاباً فإنه يفتتح بالتسمية "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وهذا أيضاً جرياً على القاعدة المطّردة عندهم أنهم يقولون في مقدمات الكتاب: أن ثَمَّ أموراً تجب وأموراً تُستحب، لابد من أمور، منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب، أربعة واجبة وأربعة مستحبة، الواجبة: البسملة هذه واحدة، الحمدلة، الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، التشهد، هذه أربعة أمور عندهم واجبةٌ، لكن ليس الوجوب الشرعي يأثم من تركه, لا، وإنما الوجوبٌ الصناعي، يعني من أراد أن يُصنف على ما جرى عليه العلماء المصنفين فلابد أن يلتزم هذه الأربعة أمور، فإن ترك واحداً منها توجه له أو عليه اللوم والعتب، أما الأربعة المستحبة فهي: أن يأتي بـ (أما بعد)، وأن يُسمي نفسه، وأن يُسمي كتابه، وبراعة الاستهلال: أن يأتي في كلامه في ديباجة خطبته بما يُشير إلى المقصود، إن كان يُؤلف في النحو فيأتي بألفاظ الرفع والخفض والنصب مثلاً في خطبته، إن كان يتكلم مثلاً عن الربا يأتي بآية التحريم الربا ونحو ذلك.
إذاً أربعة أمور واجبة وأربعة مستحبة، والمراد بالوجوب: الوجوب الصناعي، والاستحباب: الاستحباب الصناعي. إذاً أربعة أمور واجبة وجوباً صناعياً، وأربعة أمور مستحبة استحباباً صناعياً، وامتثل الناظم في الأول وبسمل وأتى بالبسملة. البسمله لها أو يأتي البحث عنها من وجوه، ولكن الذي يعنينا هنا مادام نتكلم في فن الصرف نتكلم عنها من جهة صرفية، وإن بقي وقت تكلمنا عنها من جهة المعنى والإعراب، وإن سبق شيء من الإعراب في مقدمة المُلحة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هذه من جهة اللفظ خمسة ألفاظ خمس مفردات: الباء، ولفظ اسم، ولفظ الجلالة الله، ولفظ الرحمن، ولفظ الرحيم، هذه يتعلق ببعضها فن الصرف، أما الباء فلا مجرى للصرفيين فيه، لِمَ؟ لأنه حرف، قال ابن مالك:
حَرْفٌ وَشِبْهُهُ مِنَ الصَّرْفِ بَرِيْ

إذاً الحرف لا يتعلق به مبحث الصرفيين فلا نتكلم عنه، لكن من جهة المعنى كما يذكره الشُرّاح أن الباء للاستعانة، أو للمصاحبة على وجه التبرك، أو للملابسة، والمعاني متقاربة وتُحمل على الجميع؛ إذ لا مُنافاة بين المعاني الثلاثة: المصاحبة والاستعانة والملابسة، بقي لفظ اسم، ولفظ الجلالة، والرحمن، الرحيم، أربعة ألفاظ، أما اسمٌ لفظ اسمٍ فهذا فيه نزاع بين الكوفيين والبصريين من جهة الاشتقاق، فهو عند البصريين ناقصٌ واوي، ناقص يعني لامه حرف من حروف العلة، قال النيساري:
مَا اعْتَلَّ لاَماً كَحَمَيتُ مَرْبَعَهْ ... سُمِّيَ مَنْقُوصاً كَذَا ذَا الْأَرْبَعَهْ

مَا اعْتَلَّ لاَماً كَحَمَيتُ مَرْبَعَهْ ... سُمِّيَ مَنْقُوصاً .............


إذاً المنقوص في اصطلاح الصرفيين: ما كانت لامه حرفاً من حروف العلة، وهنا عندنا اسم آخره ميم، نقول: لا، هذا فرع، والأصل وزنه: (سُمْوٌ) أو (سِموٌ)، يعني إما بكسر السين أو بضمها، وزنه (فُعْلٌ) أو (فِعْلٌ)، هذا عند البصريين ناقصٌ واوي، يعني آخره - لامه - حرفٌ من حروف العلة، وحروف العلة ثلاثة، وهنا واوي والناقص قد يكون واوياً، وقد يكون يائياً، وهنا نقصه واوي، إذاً هو واوي، ماذا حصل له؟ قالوا: كثُر استعماله (سِمْوٌ سُمْوٌ فِعْلٌ فُعْلٌ)، الافتتاح بالكسر أو الضم هذا فيه ثِقلٌ على اللسان، يعني كيف يقال كثُر استعماله فثقل ثقلاً على اللسان؟ نقول: البدء في الكلمة بالكسر أو بالضم يُسبب ثقلاً في اللسان، فأرادوا تخفيفه من جهتين، يعني من طرفين: من أوله وآخره، فعمدوا إلى آخره فإذا به واو، هذه الواو ثقيلة وهي محل ظهور الإعراب، والإعراب يكون بالحركة، إذاً اجتمع عندنا ثقلٌ على ثقل فحذفوها، حذفوا الواو، لِمَ؟ لكونها واواً وكل واو ثقيلة، أيضاً هي محلٌ للإعراب والإعراب يكون بالحركة والحركة ثقيلة، فاجتمع ثقل على ثقل، فحذفوا هذه الواو، ويُعبّر عن هذا الحذف أنه حذفٌ اعتباطي، يعني لغير علة تصريفية، فماذا صنعوا؟ أين محل الإعراب الذي هو الواو, أين يظهر الإعراب؟ نقول: نقلوا حركة الإعراب إلى ما قبل الواو وهو الميم، ولذلك نقول في حد الإعراب: أثرٌ ظاهر أو مقدرٌ يجلبهُ العاملُ في آخر الكلمة أو ما نُزّل آخر الكلمة. الذي نُزّل آخر الكلمة مثلُ اسمٌ، الميم هذه ليست آخره، وإنما هي عين الكلمة، إذاً لامُ الكلمة حُذفت للتخفيف، جُعلت الميم هي حرف الإعراب، ثم جاؤوا إلى أوله فإذا الكلمة قد بقيت على حرفيين (سِمٌ) (سُمٌ)، أليس كذلك؟ (سِمٌ) (سُمٌ) إذا أرادوا تخفيفه من أوله بحذف السين ماذا بقي؟ حرف واحد، وهذا إجحاف بالكلمة، فعدلوا عن حذف الحرف إلى حذف الحركة فسكنت السين، تعذر الابتداء بالساكن، اجْتُلِبت همزة الوصل للابتداء بالساكن، التقى ساكنان: وهما، ما هما؟ الهمزة - همزة الوصل في الأصل أنها ساكنة – والسين، نقول: حُرّك الأول وهو الهمزة، لِمَ؟ للتخلص من التقاء الساكنين، ما الأصل في التخلص من التقاء الساكنين؟ الكسر، فقيل: اسمٌ، إذاً اسمٌ على مذهب البصريين من جهة الصرف نقول: هو ناقصٌ واوي، يعني لامه حرفٌ من حروف العلة وهي واوٌ، حُذفت هذه الواو اعتباطاً.


إذا أردنا التلخيص نقول: اسمٌ على مذهب البصريين ناقصٌ واويٌ، من الأسماء المحذوفة الأعجاز، يعني عجزُها - آخرها - اللام محذوفة، ناقص يعني لامه حرف من حروف العلة، ما هو هذا الحرف؟ واو، فنقول: هو ناقص واوي، أين هذا الحرف؟ نقول: حُذف اعتباطاً لغير علة تصريفية، هل عوض عنه؟ هذا فيه خلاف، هل الهمزة في اسم هي عوض عن الواو أم لا؟ لكن نقول: الأصل أنها اجتلبت للتمكن من الابتداء بالساكن وهو السين بعد سلب حركته، فصار وزنه على مذهب البصريين (اِفْعٌ) بحذف اللام، أصلهُ: (سُمْوٌ) (سِمْوٌ)، حُذفت اللام، إذا حُذفت اللام في الميزان الصرفي - كما سيأتينا إن شاء الله الميزان الصرفي - يحذف فيه ما يُحذف في الأصل، نقول: قُل وزنه: (فُل)، أليس كذلك؟ أين العين؟ حُذفت، قُل القاف هي الفاء واللام هي اللام، وأصله: قَوَلَ يَقْوُلُ قُلْ، أين العين؟ حُذفت للتخلص من التقاء الساكنين، أصلها: قُوْلْ، التقى الساكنان: الواو واللام، فحُذفت الواو فصار قُل، كيف نقول وزنه؟ (فُل) نحذف في الوزن ما حذفناه في الأصل، كذلك (سُمْوٌ سِمْوٌ) إذا أردنا وزنه نقول: الخُلاصة بعد العمليات السابقة صار في اللفظ اسماً, إذا أردنا وزنه نقول: هو على وزن (اِفْعٌ)، حذفت اللام، وما زيد في الأصل يزاد في الوزن، ما زيد في الأصل الذي هو الهمزة اسم يزاد في الوزن، كذلك هذا سيأتينا إن شاء الله الميزان الصرفي. إذاً اسمٌ على مذهب البصريين وزنه (اِفْعٌ)، - على مذهب الكوفيين - وإتماماً لمذهب البصريين اسمٌ مأخوذٌ من السُّمُو وهو العلو وهو أرجح.


مذهب الكوفيين أن هذا اللفظ مأخوذ من الوسم، أصله (وَسْمٌ)، مثالٌ واوي، ما كانت لامه حرفاً من حروف العلة يسمى، ماذا يسمى عندهم؟ ناقصاً، الناقص عند الصرفيين: ما كانت لامه حرفاً من حروف العلة، مثل: (سِموٌ وسُموٌ) الذي معنا، المثال عند الصرفيين: ما كانت فاءه حرفاً من حروف العلة، مثل اليسار والوصال، الوصال فِعَال، اليسار فِعَال، فِعَال يسار، الفاء تُقابل بالياء، نقول: هذا مثالٌ يائيٌ، لِمَ مثال؟ لكون الفاء حرفاً من حروف العلة، ولا يكون إلا ياءً أو واواً، وصال على وزن فِعال، ما نوعه؟ نقول: هذا مثالٌ، لِمَ هو مثال؟ لكون فاءه حرفاً من حروف العلة وهو الواو، ما نوعه من المثال؟ نقول: مثالٌ واوي.


إذاً عند الكوفيين اسمٌ أصله (وَسْمٌ) مثالٌ واوي، من الأسماء المحذوفة الأوائل، يعني حُذفت فاءه اعتباطاً لغير علة تصريفية كما حُذفت من عِدة وزِنة، زنة أصلها: وزن من الوزن، حُذفت الواو اعتباطاً، عدة أصلها من الوعد حُذفت الواو اعتباطاً، كذلك اسمٌ أصلُها: (وسمٌ) حُذفت الواو اعتباطاً, (وسمٌ) لما حُذفت الواو ماذا حصل؟ السين ساكنة هل يمكن الابتداء بالساكن؟ لا, إذاً لابد من اجتلاب همزة الوصل, همزة الوصل ما سميت همزة وصل إلا لأنه يُتوصل بها، هي وسيلة وصْلة يُتوصل بها للابتداء بالساكن، همزة الوصل ساكنة والسين ساكنة التقى ساكنان، نقول: وجب تحريك همزة الوصل وتُحرك بالكسر؛ لأنه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين فقيل: اسمٌ، إذاً اتفقا في اللفظ عند البصريين والكوفيين، واختلفا من جهة الأصل، أصله عند البصريين: (سِمْوٌ) أو (سُموٌ)، وأصله عند الكوفيين: (وَسْمٌ)، إذاً اتفقا في اللفظ في الفرع، واختلفا في التعليل في الأصل، واختلفا في الوزن وزنه عند البصريين: (اِفْعٌ) بحذف اللام، وعند الكوفيين: (اِعْلٌ)؛ لأن الذي حُذف الفاء، (اِعْلٌ) الفاء أين هي؟ حذفت، والذي حُذف عند البصريين هو اللام, قلنا: الأرجح مذهب البصريين, لِمَ؟ لأنه قالوا: (أسماء) في الجمع و (أسامي)، و (سُمَيٌّ) في التصغير، وتقول: (سَمَّيتُ)، دلت هذه الألفاظ: التصغير والجمع والقاعدة: أن التصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها، فقيل: (أسماء) و (أسامي) و (سُمَيٌّ) و (سَمَّيتُ)، فدل على أنه من (سِمْوٌ) أو (سُمْوٌ)، يعني ناقصٌ واوي؛ لأنه لو كان من المثال الواوي لقيل: (أَوْسَام) و (أَوْسُم) و (وُسَيْم) في التصغير، و (وَسَمْتُ)، (وُسَيْم) في التصغير، (أَوْسَام، أَوَاسِم) في الجمع، لكن لَما قيل بالأول تَعيَّن أن يكون المحذوف هو لامَ الكلمة وهو الواو، فـ (أسماء وأسامي وسُمي وسمّيتُ)، (أسماء وأسامي وسُمي) أين الواو إذا قلنا هو ناقص واوي؟ كونه ناقصاً ظهر؛ لأنه لم يُجمع على (أوسام) ولا (أواسم) ولم يقل (وسيم)، لكن لماذا قلنا هو ناقص واوي، ولم نقل هو ناقص يائي؟ نقول: (أَسْمَاء) أصلهُ: (أَسْمَاوٌ)، وقعت الواو بعد ألف الجمع فقلبت همزة، إذاً (أَسْمَاوٌ) هو الدليل على أن (اسم) ناقص واوي, (أسماء) في اللفظ ليس فيه دليل لماذا؟ لأنه مختوم بالهمزة، والواو كما سبق إذا وقعت بعد ألف زائدة فهي مُنقلبة عن واو، (كساء) أصلها: (كِسَاوٍ) , (سماء سَمَاوٍ)؛ لأنه يُجمع على (سماوات)، من أين جاءت الواو؟ لأن مفرده (سماء)، الجمع يرد الأشياء إلى أصولها، الواو هذه من أين جاءت؟ نقول: الأصل: هي الهمزة التي في (سماء) , (أسامي) بالياء أصلها: (أَسَامِوٍ) (أَفَاعِلٍ)، (أَسَامِوٍ) وقعت الواو بعد كسرة فقلبت الواو ياءً فقيل: (أسامي) , (سُمَيٌّ) على وزن (فُعَيْل) فصّغر، قال الحريري:
تَقُولٌ فِي (فَلْسٍ): فُلَيْسٌ ....


(سِمْوٌ, سُمْوٌ) تضم الأول وتزيد ياءً ساكنة بعد ثانيها فتقول: (سُمَيْوٍ) على وزن (فُعَيْلٍ فُلَيْسٍ)، القاعدة: أنه إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياءً وأدغمت الياء في الياء، إذاً (سُمَيوٍ) اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما وهي الياء بالسكون، فقلبت الواو التي هي طرف قلبت ياءً فأدغمت الياء في الياء، فقيل: (سُمَيّ)، أيضاً الكثير مما يرجح مذهب البصريين أن حذف اللام أكثر من حذف الفاء، والقاعدة: إذا اختُلف في أمر وكان هناك ما هو أكثر وما هو أقل فحمله على الأكثر أولى من حمله على الأقل. أما من جهة المعنى عند الكوفيين فهو مأخوذ من الوسم بمعنى العلامة؛ لأن الاسم علامةٌ على مسماه.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بِسْمِ اللهِ بِسْمِ، اسم: هذا مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه، لفظ الجلالة هذا أعرف المعارف، أعرف المعارف: لفظ الجلالة الله، على الصحيح هو مشتق، اختلف النُحاة وغيرهم هل هو مشتق أم جامد؟ ومعنى أنه مشتق: هل هو دالٌ على صفة أم لا؟ إن قيل: جامد معناه يدل على ذات فقط غير متصفة بمعنى من المعاني، بخلاف بقية الأسماء, العليم العزيز الحكيم الرحمن الرحيم, أسماء الله كلها أعلامٌ وأوصاف؛ أعلام من جهة دلالتها على الذات، وأوصاف من جهة دلالتها على الصفة التي اتصفت الذات بها، فكل اسم لله كل علم لله فهو دالٌ على شيئين: بالمطابقة، عليم العليم يدل على ذات متصفة بالعلم بدلالة المطابقة، الرحيم يدل على ذات متصفة بصفة الرحمة بدلالة المطابقة، دلالته على الرحمة فقط دلالة تضمُن، دلالته على الذات فقط دلالة تضمُن، دلالته على الحياة لأنه لا يمكن أن يكون عليم إلا وهو حي دلالة التزام, فالدلالات الثلاث كما نص ابن القيم رحمه الله تعالى أنها توجد في أسماء الله كلها، لكن لفظ الجلالة الله مما اختلف فيه أهل السنة ليس أهل البدع، أهل السنة اختلفوا هل هو مشتق أم لا؟ إن قيل: مشتق فمعناه أنه دالٌ على ذات متصفة بصفة، وإن قيل: جامد فهو دالٌ على ذاتٍ فقط، إن قيل: جامد هل مدخل الصرفيين أو مبحث الصرفيين لهم مبحث في هذا اللفظ؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن الصرف: تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة ... إلى آخره، وليس عندنا ثَمََّ تغيير ولا تحويل، لو قلنا: الصحيح والصواب أن لفظ الجلالة الله مشتقٌ، يعني دالٌ على ذاتٍ وصفةٍ نقول: مشتق من أيّ شيء؟ اختلف من قال بالاشتقاق على أربعة أقوال، ثلاثة معتبرة والقول الرابع ساقط.


القول الأول: أنه مأخوذٌ أنه من إله على وزن فِعال، وفِعال يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول، وهنا بمعنى مفعول، إله من أَلَهَ يَأْلَهٌ إِلَاهاً وأُلُوْهَةً إذا عبد عبادة، إذاً فهو مألوه دالٌ على صفة الألوهية، فالله إذا قلنا مشتق من إله وإله فِعال بمعنى مفعول إذاً هو دالٌ على ذات متصفة بصفةٍ، وهذه الصفة هي الألوهية كونه معبوداً، لذلك ذكر عن ابن عباس: (الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين). إله فِعال حذفت الهمزة تخفيفاً، يعنى اعتباطاً لغير علة تصريفية، ثم عوض عنها أل التي للتعريف فقيل اَلْلَه, إله احذف الهمزة صارت (لَه)، أدخل (الْ)، اجتمع عندك لام ساكنة ولام مفتوحة، اجتمع مِثلان الأول: ساكن والثاني مفتوح، وهنا يجب الإدغام، فقيل: الله بالإدغام، فقيل: الله، ثم فخمت هذه اللام التي هي لامُ التعريف بعد فتحٍ أو ضم، ورققت بعد كسر لمناسبة الكسر، كما قال ابن الجزري:
وَفَخِّمِ اللاَمَ مِنِ اسْمِ اللهِ ... عَنْ فَتْحٍ اوْ ضَمٍّ كَعَبْدُ اللهِ

وَفَخِّمِ اللاَمَ مِنِ اسْمِ اللهِ ... عَنْ فَتْحٍ ................

(عَنْ) هنا بمعنى بعد {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق:19] يعني بعد طبق، بعد (فَتْحٍ) قال الله، ما تقول قال الله، قال الله تُفخم اللام؛ لوقوعها بعد فتح، {قَالُواْ اللَّهُمَّ} [الأنفال:32]، حُذفت الواو للتخلص من التقاء الساكنين، اللام مضمومة (قَالُوْا)، اللام مضمومة وقعت ال التي في لفظ الجلالة بعد ضم ففخمت، عَنْ فَتْحٍ اوْ ضَمٍّ كَعَبْدُ اللهِ، أما إذا وقعت بعد كسركما في البسملة هنا فإنها تُرقق بِسْمِ اللهِ، إذاً اللام هذه تُفخم إن وقعت بعد فتح أوضم، وترقق إن وقعت بعد كسر، هذا قول الجمهور، وقيل: بالتفخيم مطلقاً، وقيل: بالترقيق مطلقاً، فهي ثلاثة أقوال كما ذكرها النسفي في أول تفسيره. إذاً هذا هو القول الأول أنه مشتق من إله.
القول الثاني: أنه مشتق من الإله بأل، الإله ففعل فيه ما فعل كالأول، حُذفت الهمزة تخفيفاً اعتباطاً، وبعضهم يرى أنها حذفت بعد نقل حركتها إلى قبلها، اجتمع عندنا مثلان: ألْلَه، اللام الأولى ساكنة واللام الثانية متحركة، وهما مثلان وجب الإدغام فقيل الله، ثم فخمت بعد فتح أو ضم، ورققت بعد كسر، وهذان القولان اختر ما شئت منهما، لا إشكال فيهما.


القول الثالث: أنه مشتق من لاه يليه إذا استتر واحتجب، واعتمدوا في هذا على ما قرئ شاذاً {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ لاَهٌ وَفِي الْأَرْضِ لاَهٌ} [الزخرف:84]، الآية القراءة العامة {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ} [الزخرف:84]، وهو حجة للقول الأول، (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) [الزخرف:84]، قُرئ في الشاذ وإن كان الشاذ مما يصح أن يُعتمد عليه في اللغة، لكن في القراءة ونحوها لهم كلام فيه، {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ لاهٌ وَفِي الْأَرْضِ لاَهٌ} [الزخرف:84]، فأُدخلت أل عليه، وأجري مُجرى العلم كالعباس، فقيل الَلَّهَ، يعني فُعل فيه ما فعل في سابقيه، له أدخِل عليه أل اللام ساكنة الأولى والثانية متحركة، اجتمع مثلان أدغمت، فخمت بعد فتح أو ضم، ورققت بعد كسر، هذا القول يمكن يعتبر من جهة اللغة أيضاً.
القول الرابع وهوفاسد: أنه مأخوذ أو أصله هاء الكناية، وهذا أشبه ما يكون من طرق الصوفية ونحوها، لهُ الهاء هذا هو أصل لفظ الجلالة الله، هذا يُفهم في كتب الصرف، له أصله الهاء الكناية، ثم أدخلت عليه لام المِلك، واستدلوا بكل آية فيها لفظ {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة:255]، فأدخل عليها أل له، أدغمت اللام في اللام فقيل الله، لكن هذا القول لا أصل له.
إذاً نقول الصواب أن لفظ الجلالة مشتق، ودليل الاشتقاق يمكن أن يعتبر ما ذُكر عن ابن عباس من جهة التفسير والمعنى؛ لأنه لو كان جامداً لما دل على معنى، أيضاً قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام:3]، مع قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف:84]، يجمع هذا مع هذا فيدل على أن أصل لفظ الجلالة الله هو إله، {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف:84]، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام:3]، يعني {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} لا يُفهم منه تعدد الآلهة, لا، إنما {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ} يعني هو الذي يُعبد في السماء كما يُعبد في الأرض، ويعبد في الأرض كما يعبد في السماء، هذا هو المقصود، وليس المقصود تعدد الآلهة، {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَآءِ} {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام:3]، (وهو) هو: هذا ضمير مبتدأ، الله: خبر, في السماوات: نقول: جار ومجرور متعلق بلفظ الجلالة الله، قال السيوطي:
لاَبُدَّ لِلْجَارِ مِنَ التَّعَلُّقِ ... بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ نَحْوُ مُرْتَقِي

وهذا من فوائد علم النحو
لاَبُدَّ لِلْجَارِ مِنَ التَّعَلُّقِ ... بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ ...........

لابد حرف الجر أن يكون متعلقاً بفعل، والفعل وصف في المعنى، أو ما في معنى الفعل وهو المشتق، اسم الفاعل اسم المفعول الصفة المشبهة ... الخ، كل مشتق دل على معنى صح أن يتعلق به الجار والمجرور، فإذا قلنا: (فِي السَّمَاوَاتِ) متعلق بقوله: (اللَّه) دل على أن لفظ الجلالة مشتق، والمعنى الذي دل عليه هو الألوهية وهو كونه معبوداً.


إذاً بسم الله لفظ الجلالة كما سبق أنه مشتق، اسم هذا مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه، اسم مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه، يحتمل أن الإضافة بيانية وعليه يكون المعنى بسمٍ هو الله، فتكون الاستعانة والتبرك والملابسة بلفظ الجلالة الله، والاستعانة بالاسم استعانة بالمسمى، لا إشكال، ويحتمل أن تكون الإضافة من إضافة الاسم إلى المسمى بسم الله، يعني باسم المسمى، وعليه يكون التقدير: باسم يعني بكل اسمٍ هو لله، الأول: استعان باسمٍ واحد باسم الله، وقلنا الإضافة بيانية بسمٍ هو الله، ولا إشكال أن يكون مستعان به لفظ الجلالة؛ لأن الاستعانة بالاسم استعانة بالمسمى.
الثاني الوجه الثاني: وهو أبلغ وبه فسره الشيخ ابن السعدي في أوائل تفسيره، قال: بكل اسم هو لله، بسم الله يعني استعينُ بكل اسم هو لله سمى به نفسه أو أنزله في كتابه أو علمه أحداً من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده, أيهما أبلغ؟ الثاني أبلغ من الأول وهو أولى.
بسم الله الرحمن، الرحمن الرحيم اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم لأمرين: أولاً: تقديمه على الرحيم، ثانياً: زيادة البناء أوالمبنى تدل على زيادة المعنى؛ لأن الواضع حكيم، قال السيوطي:
وَاللُّغَةُ الرَّبُ لَهَا قَدْ وَضَعَا ... وَعَزْوُهَا لِلاصْطِلاَحِ سُمِعَا

وقال صاحب المراقي:
تَوْقِيفٌ اللُّغَاتُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ

أكثر الأصوليين على أن اللغات كلها عموماً أنها توقيفية، والواضع حكيمٌ، ولا يزيد حرفاً لغير معنى، فإذا قيل: الرحمن مشتق من رَحُمَ أو رَحِمَ، والرحيم مشتق من رَحِمَ أو رَحُمَ، وزاد الرحمن حرفاً على الرحيم، لابد أن يزيد في المعنى؛ لأن الواضع حكيم، ولا يزيد حرفاً إلا لمعنى، إذاً الرحمن أشد مبالغة من الرحيم لأمرين: أولاً: تقديمه على الرحيم، ثانياً: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى. الرحمن الرحيم بعضهم يرى أنها أمثلة مبالغة، وبعضهم يرى أنها صفات مشبهة، ويحكى الإجماع على الثاني، وإذا قيل: أنها صفة مشبهة فهي مشتقة من رَحُم، لماذا؟ ليس عندنا رحُم في اللغة، وإنما عندنا رَحِم من باب فَعِل، لكن الصفة المشبهة لا تُصاغ إلا من لازم، قال ابن مالك:
وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ لِحَاضِرِ ... كَطَاهِرِ الْقَلْبِ جَمِيلِ الظَّاهِرِ


(وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ) إذاً لا تُصاغ الصفة المشبهة إلا من الفعل اللازم، وهنا نقول: الرحمن الرحيم مشتقان من رَحِمَ بعد نقله إلى باب فعُل، لابد طبقاً للقواعد من بعد نقله إلى باب فعُل، فلما نُقِل إلى باب فعُل وهو لازم غير متعدي نقول: صح اشتقاق الصفة المشبهة من رَحِم بواسطة رَحُمَ، الرحمن الرحيم من جهة المعنى الرحمن الرحيم قلنا: الرحمن من جهة المعنى عام، لماذا؟ لأنه يشمل رحمة جميع الخلق، الرحمة متعلقها هنا عام جميع المخلوقات أي الجن والإنس، وحتى البهائم فهي مرحومة، كونها تُرزق هذه رحمة، كون الكافر يوجد بعد العدم هذه رحمة، كونه يأكل ويشرب هذه رحمة، إذاً الرحمن هذا من جهة المعنى عام، رحمة عامة تعم جميع الخلق إنساً وجناً وغيرهما كالبهائم، أما من جهة اللفظ فهو خاص؛ لأنه كلفظ الجلالة، الله لا يسمى به غيره، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65]، يعني لا أحد يسمى باسم الله، كذلك الرحمن خاصٌّ بالله، لا يجوز أن يُسمى أحدٌ من المخلوقين بلفظ الرحمن، إذاً هو عام المعنى خاص اللفظ، أما ما ذكر من تسمية مسيلمة الكذاب رحمن، قيل: إنه من باب التعنت،
سَمَوْتَ بِالْمَجْدِ يَا ابنَ الْأَكْرِمِينَ أَباً ... وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لاَزِلْتَ رَحْمَانَا

هكذا قال شاعر اليمامة يخاطب مسيلمة الكذاب كاسمه،
سَمَوْتَ بِالْمَجْدِ يَا ابنَ الْأَكْرِمِينَ أَباً ... وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لاَزِلْتَ رَحْمَانَا

فقيل: هذا من تعنتهم في كفرهم، وتعمقهم في باطلهم، وأجاب بعضهم كالبيجوري في حاشيته على السمرقنديه أن الذي يختص بالله عز وجل هو المحلى بأل، والذي ذكرمن تسمية مسيلمة الكذاب هو رحمن دون أل، والله أعلم.
أجاب بعض الأدباء على البيت السابق:
سَمَوْتَ بِالْمَجْدِ يَا ابنَ الْأَكْرِمِينَ أَباً ... وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لاَزِلْتَ رَحْمَانَا

خُصِّصْتَ بِالْمَقْتِ يَاابْنَ الْأَخْبَثِينَ أَباً ... وَأَنْتَ شَرُّ الْوَرَى لاَزِلْتَ شَيْطَانَا

قابل كل تفعيلة بتفعيلة. الرحمن الرحيم نقول: هو من جهة المعنى خاص ومن جهة اللفظ عام، عكس الرحمن، من جهة المعنى خاص؛ لأنها رحمة خاصة بالمؤمنين {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، لذلك ابن القيم يقول: جاء رحيماً بكذا ولم يأتِ رحمن بكذا، فأخذ من هذه التعدية وعدمها أن الرحمن كما يدل على أصل الصفة يدل على الصفة المتعلقة بالذات، كأن يكون أقرب ما تكون صفة ذاتية، والرحيم لما عدي بالباء فيكون أقرب ما يكون المدلول بها الصفة الفعلية، يعني ايصال الرحمة إلى متعلقها. إذاً الرحيم من جهة المعنى خاصٌ بالمؤمنين، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، وجه الاختصاص تقديم ما حقه التأخير، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، (بِالْمُؤْمِنِينَ) جار ومجرور متعلق بـ (رَحِيمًا)، (رَحِيمًا) هذا خبر (كَانَ)، وهو مشتق، قال السيوطي:
لاَبُدَّ لِلْجَارِ مِنَ التَّعَلُّقِ ... بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ ...........


إذاً هو في معنى الفعل، إذاً (بِالْمُؤْمِنِينَ) نقول: جار ومجرور متعلق بـ (رَحِيمًا)، (رَحِيمًا) عامل، و (بِالْمُؤْمِنِينَ) معمول، والقاعدة أن رتبة العامل مقدمة على رتبة المعمول، إذا خولف قدم المعمول على رتبة العامل, لابد من نكتة وفائدة، ما هي هذه الفائدة؟ نقول: إفادة الحصر, {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، يعني لا بغيرهم، من أين أخذنا لا بغيرهم - الحصر والقصر: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه، إثبات الحكم، ما هو الحكم هنا؟ الرحمة، في المذكور وهو المؤمنين، ونفيه عن ما عداه، - من أين أخذنا هذا الاختصاص أو الحصر والقصر؟ نقول: من تقديم ما حقه التأخير {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، أصلها وكان رحيماً بالمؤمنين، لما أريد الحصر ونفي الحكم عما عدا المؤمنين قُدم الجار والمجرور على عامله، كما قيل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة:5]، أصلها: نعبدك، ايش إعراب نعبدك؟ فعل وفاعل ومفعول به، هل ينفي الشركة؟ نعبدك ونعبد غيرك، هل اللفظ هذا نعبدك ينفي الشركة؟ نقول: لا, لكن لما أريد حصر العبادة في المخاطب وهو الرب جل وعلا قُدم ماحقه التأخير فقيل: {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، (إِيّاكَ نَعْبُدُ) نقول: فيه حصر وقصر، وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه، وهو العبادة، إفراد العبادة لله عز وجل ونفي العبادة عن غير الرب جل وعلا، من أين أخذناه من الآية؟ نقول: تقديم ماحقه التأخير وهو المفعول به في قوله: نعبدك الكاف، إذاً {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43] أخذنا منها أن الرحمة التي دل عليها لفظ رحيم خاصة بالمؤمنين، أما من جهة اللفظ فهو عام، يعني يجوز إطلاقها على الله، ويجوز أن تقول: جاء رجلٌ رحيم, وجاء زيدٌ الرحيم يجوز هذا، إذاً هو عام من جهة اللفظ خاصٌ من جهة المعنى، بسم الله الرحمن الرحيم.


أما من جهة الإعراب فسريعاً نعربها بسم الله الرحمن الرحيم نقول: بسم: الباء هذه أصلية، يحتمل أنها أصلية وهو الأرجح، ويحتمل أنها زائدة، إذا قلنا: زائدة، نقول: الباء حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، أليس كذلك؟ اسم، باسم: اسمِ هذا مبتدأ مرفوع بالابتداء، ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، اسمِ: مضاف، لفظ الجلالة مضاف إليه، الرحمن: نعت لله لفظ الجلالة، الرحيم: نعت بعد نعت، أوصفة بعد صفة, أين الخبر؟ محذوف، اسم الله الرحمن الرحيم مبتدأ به والخبر محذوف، لكن هذا مرجوح، والأصح أنَّ الباء: أصلية، يعني تحتاج إلى متعلق، إذا قيل: حرف جر أصلي فلابد أن تبحث عن متعلق له، إذاً بسم الله: الباء حرف جر أصلي مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، اسمِ: هذا اسم مجرور بالباء، وجره كسرة ظاهرة في آخره، والجار والمجرور متعلق بمحذوف الأصح أن يكون فعلاً خاصاً متأخراً، أن يكون فعلاً لا اسماً، خاصاً لا عاماً، متأخراً لا متقدماً، وهذه تحتاج إلى شرح، لكن ذكرتها في شرح الملحة. بسم الله إذاً جار ومجرور متعلق بمحذوف، تقدير هذا المحذوف على الصحيح أنه فعلٌ مضارع خاصٌ متأخر، تقديره بسم الله الرحمن الرحيم أنظمُ إذا كان المبسمَل له النظم، بسم الله الرحمن الرحيم أشربُ، لا تقل أشربُ بسم الله الرحمن الرحيم، أو أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، أبدأ هذا عام، لابد أن يكون خاصاً، ما هو الحدث الذي أو الفعل الذي ستتلبس به؟ فهو الذي تشتق منه الفعل المضارع، بسم الله الرحمن الرحيم آكل، بسم الله الرحمن الرحيم أخرج، بسم الله الرحمن الرحيم أنام .... الخ، ولا يصح أن يقال بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ، أو أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، إذاً يكون الجار والمجرور هنا متعلقاً بمحذوفٍ، تقديره على مذهب الكوفيين - ونرجح مذهب الكوفيين، البصريين يرون أنه اسم - أن يكون فعلاً مضارعاً خاصاً متأخراً، باسم اسم: مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه، والعامل في لفظ الجلالة هو المضاف؛ لأن الصحيح أن العامل في المضاف إليه هو المضاف، وجره كسرة ظاهرة على آخره، الرحمن الرحيم هذا يجوز فيه تسعة أوجه: وجهان ممنوعان، وستة أوجه جائزة، واحدٌ منها سُنةٌ متبعة جاءت به القراءة، والخمسة الأخرى جائزة عربياً. بسم الله الرحمنِ الرحيمِ، هذا سنة متبعة، لِمَ؟ {إِنَّهُ مِنْ سُلَيمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل:30]، نقرأ في أول الفاتحة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:1]، اختُلِف هل هي آية من الفاتحة أم لا؟. بسم الله الرحمنِ الرحيمِ, جرهما، بسم الله الرحمنُ الرحيمُ, رفعهما، بسم الله الرحمنَ الرحيمَ, نصبهما، بسم الله الرحمنِ الرحيمُ, جر الأول ورفع الثاني، بسم الله الرحمنِ الرحيمَ, جر الأول ونصب الثاني، بسم الله الرحمنُ الرحيمَ, رفع الأول ونصب الثاني، بسم الله الرحمنَ الرحيمُ, نصب الأول ورفع الثاني، بسم الله الرحمنَ الرحيمُ، هذه ستة، بقي وجهان: بسم الله الرحمنُ الرحيمِ, رفعت الأول وجررت الثاني هذا ممتنع، بسم الله الرحمنَ الرحيمِ, نصبت الأول وجررت الثاني هذا ممتنع.


إذا رفعت الأول أو نصبت الأول الذي هو الرحمن يمتنع الجر, لذلك إذا أردت ضبطها فقل:
إِنْ يُنْصَبِ الرَّحْمَنُ أَوْ يَرْتَفِعَا ... فَالْجَرُّ فِي الرَّحِيمِ قَطْعاً مُنِعَا

احفظوا هذا البيت لأنه يضبط المسألة كلها،
إِنْ يُنْصَبِ الرَّحْمَنُ أَوْ يَرْتَفِعَا ... فَالْجَرُّ فِي الرَّحِيمِ قَطْعاً مُنِعَا

هاتان مسألتان أو صورتان ممنوعتان، وما عداهما فهو جائز، إن جررت فهو نعت للفظ الجلالة، بسم الله الرحمن, الرحمنِ صفة للفظ الجلالة الله، وصفة المجرور مجرور، بسم الله الرحمنُ إذا رفعت في كل موضع إذا رفعت فهو خبر لمبتدأ محذوف وجوباً، بسم الله هو الرحمنُ، الرحيمُ هو الرحيمُ، إذاً إذا جررت فهو نعت، وإذا رفعت فهو خبر لمبتدأ محذوف وجوباً، إذا نصبت فهو مفعولٌ به لفعل محذوف وجوباً أمدح، بسم الله الرحمنَ بسم الله أمدحُ الرحمنَ، الرحمنَ هذا مفعول به لعامل محذوفٍ وجوباً تقديره أمدح، إذاً إن نصبت فهو مفعول به، وإن رفعت فهو خبر لمبتدأ محذوف، وإن جررت فهو صفة، الذي يمتنع بسم الله الرحمنُ الرحيمِ، لماذا؟ لأنك قطعت أولاً، فصلت بسم الله، لفظ الجلالةلم يصر متبوعاً لما قلت الرحمنُ قطعت الجملة، صارت الرحمنُ هو الرحمن، صار جملتان بسم الله اقرأ هو الرحمن، صار جملتان، ثم رجوع إلى من صرفت عنه عندهم ممتنع؛ لأنك لو أردت أن تعرب الرحيم بعد رفع الرحمن تعربه صفة للفظ الجلالة، وأنت قد صرفت عنه، فكيف ترجع؟! هذا ممتنع، وجوزه يونس وغيره، لكن الجمهور على المنع.
يَقُوْلُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ ... مُصَلِّيًا عَلَى النَِّبيْ وَالآلِ
عَبْدٌ أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ ... أَيْ أَحْمَدُ بْنُ عَابِدِ الرَّحِيْمِ

(يقول) هذا فعل مضارع، ماضيه: قال الأجوف، قال أجوف، ما معنى أجوف؟ الآن أخذنا في الدرس الناقص والمثال والأجوف، الناقص: ما كانت لامه حرفاً من حروف العلة - واو أو ياء -. المثال: ما كانت فاءه حرفاً من حروف العلة. ماذا بقي؟ ما كانت عينه – وسطه - حرفاً من حروف العلة نسميه أجوفاً، قال النيساري:
مُعْتَلُّ عَيْنِهِ يُسَمَّى أَجْوَفَا ... وَذَا ثَلاَثَةٍ كَطُفْتُ بِالصَّفَا

إذاً (يَقُوْلُ) نقول: ماضي قال الأجوف، أصله: قَوَل، يَقْوُلُ أصله على وزن يَفْعُلُ، حصل فيه إعلال بالنقل، على وزن يَفْعُلُ؛ لأنه من قَوَل، قَوَلَ يأتي المضارع منه على وزن يَفْعُلُ، استثقلت الضمة على الواو، والقاف ساكنة، فنقلت الضمة من الواو إلى القاف، هذا يُسمى إعلالاً بالنقل، الإعلال ثلاثة: إعلال بالنقل، وإعلال بالحذف، وإعلال بالقلب، يقْوُل يقُوْل، يصوُم، أصلها: يَفْعُلُ، يفْعُ يقْوُ، الواو مضمومة حصل إعلال بالنقل، يعني نقلنا حركة إلى موضع آخر، فقيل: يقُوْل، هذا إعلال بالنقل، إعلال بالحذف قُوْلْ، قُلْ هذا حصل إعلال بالحذف، يعني حذفنا حرفاً للتخلص من التقاء الساكنين, إعلال بالقلب قَالَ أصلُها: قَوَلَ، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت الواو ألفاً فصار قال، هذا يسمى إعلالاً بالقلب، إذاً (يَقُوْلُ) هذا ماضٍ أو مضارع قال الأجوف.
يَقُوْلُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ


(بَعْدَ) هذا ظرف مبهم لا يفهم معناه إلا إذا أُضِيف لغيره؛ جئتك بعدَ, بعدَ ماذا؟ بعدَ زيد, بعدَ العصر، بعدَ ما أخرجتني إلى آخره، يحتمل معاني متعددة، إذا أضيف تعين المعنى، إذاً هو من جهة المعنى مبهم، لا يفهم معناه إلا إذا أضيف لغيره، ويستعمل ظرفَ زمانٍ كثيراً، وظرفَ مكانٍ قليلاً، أما من جهة الإعراب فله أربعة أحوال: ثلاثة أحوالٍ يعرب، وحالٌ يُبنى؛ يُبني بعدُ ونحوه كقبل والجهات الست أسماء الجهات الست إذا حُذف المضاف إليه ونوي معناه، هذه الحالة الوحيدة التي يُبنى فيها على الضم، وما عداها إذا أضيف لفظاً، أو حُذف المضاف إليه ونوي لفظه، أو قُطع عن المضاف فإنه في هذه الثلاثة الأحوال يكون معرباً نصباً على الظرفية، أوخفضاًً بمن، وهنا قال: (نَقُوْلُ بَعْدَ حَمْدِ) أضيف في اللفظ، نقول: إذاً هو معرب، وإعرابه نصب يكون نصباً على الظرفية، إذاً (بَعْدَ) نقول منصوب على الظرفية، العامل فيه الناصب له: (يَقُوْلُ) الفعل المضارع، وبعضهم يعبر عن (بَعْدَ) هذه يقول: إنها تُستعمل للانتقال من أسلوب إلى آخر، وهذا الغالب أن يؤتى بـ (بَعْد) في الانتقال من الخطبة إلى الشروع في المقصود.
يَقُوْلُُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ

(بَعْدَ حَمْدِ) (بَعْدَ): مضاف, و (حَمْدِ): هذا مصدر حَمِدَ، مضاف إليه، والإضافة هنا لامية، يعني على معنى اللام, الإضافة قد تكون ظرفية، وقد تكون بيانية إذا قُدرت من، وقد تكون لامية، إن لم تصلح الأول ولا الثاني تعين الثالث، قال ابن مالك:
وَالثَّانِيَ اجْرُرْ وَانْوِ مِنْ أَوْ فِي إِذِا ... لَمْ يَصْلُحْ إِلاَّ ذَاكَ وَالَّلاَمَ خُذَا
لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ .............. ... ............................


إذا لم يصلح أن يكون التقدير على معنى مِنْ، إذا كان المضاف إليه كلاً بالنسبة للمضاف، أو المضاف إليه ظرفاً للمضاف، {بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ} [سبإ:33]، (اللَّيْلِ) هذا ظرف للـ (مَكْرُ)، مكرٌ في الليل، إذا لم يصلح ذا ولا ذاك تعين أن تكون الإضافة لامية، يعني على معنى اللام، وإن لم يُصرَّح بها كما سبق بيانه في موضعه, إذاً (بَعْدَ حَمْدِ) نقول: (بَعْدَ) مضافٌ، و (حَمْدِ) مضاف إليه، والإضافة لامية، (حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) (حَمْدِ) مضاف، و (ذِي) مضاف إليه، أيضاً الإضافة لامية، و (حَمْدِ) مصدر، و (ذِي الجَلاَلِ) هل هو حامد أو محمود؟ محمود, إذاً هو من إضافة المصدر إلى مفعوله، (حَمْدِ ذِي) يعني صاحب (الجَلاَلِ) صاحب العظمة، (حَمْدِ ذِي) إذاً هو من إضافة المصدر إلى مفعوله، أين الفاعل؟ ياء المتكلم محذوف، أصلها: بعد حمدي ياء المتكلم هي الفاعل, إضافة المصدر إلى فاعله، بعد حمدي ذا الجلالِ، إذاً (حَمْدِ) مضاف، و (ذِي) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء؛ لأنه من الأسماء الستة، أين الياء؟ المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين؛ لأن العبرة في الإعراب بالملفوظات لا بالمرسومات، (بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) أنت لا تنطق بالياء، إذالم تنطق بالياء ولو كان حرفَ إعراب ما تعربه، تقول: (بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) (بَعْدَ حَمْدِ) (حَمْدِ ذِي) , (ذِي) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين, (حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) (ذِي) بمعنى صاحب، و (حَمْدِ ذِي) أيضاً الإضافة لامية، (ذِي الجَلاَلِ) يعني صاحب الجلال، (الجَلاَلِ) هذا مصدر جلّ الشيءُ يَجِلُّ بالكسر إذا عظُم فهو جليل وجلال، نقول: بمعنى العظمة، يعني حمد صاحب الجلال وهو الرب جلّ وعلا؛ إذ هو عظيم في صفاته وأفعاله وأسمائه، إذاً أشار بالشطر الأول من البيت الأول إلى أنه (يَقُوْلُ)، ماذا (يَقُوْلُ)؟ أين مقول القول؟ محذوف؟!
فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ

يَقُوْلُ عَبْدٌ أَسِيرُ: فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ، {قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ} [مريم:30]، (قَالَ) لابد أن ينصب مفعولاً، لابد أن يتعدى، أين مفعوله؟ أين المقول؟ (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ)، (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) هذا هو المقول، لابد أن يكون له مقول، (يَقُوْلُ) ماذا (يَقُوْلُ)؟ (فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ) (فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ) الجملة بعد ما تُعرب تقول: في محل نصب مقول القول،
يَقُوْلُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ

إذاً بدأ الناظم بالحمد بعد أن بدأ بالبسملة، وهذا أيضاً كما سبق تأسياً بالكتاب، واقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وعملاً بحديث إن صح: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ للهِ فَهُوَ أَبْتَرٌ». ونختصر لا نقف مع الحمد ونحوه فقد ذكرتها في القواعد والملحة.


(بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) أُصَلِّي، إذاً بسمل ثم حمدل، ثم صلى، هذه كم؟ ثلاث، من الأمور المستحبة أو الواجبة؟ الواجبة، البسملة ثم الحمدلة ثم الصلاة، (مُصَلِّياً): هذا اسمُ فاعل من صلى يصلي فهو مصلي بضم الميم وكسر ما قبل آخره, (مُصَلِّياً) ما إعرابه؟ حال, أين صاحب الحال؟ لو قلت: (ذِي الجَلاَلِ)، (ذِي الجَلاَلِ) هو الرب المحمود هل هو وصف لله هو الذي يصلي؟! لا, رأيتم الإعراب كيف ينبني عليه الخلاف في المعنى؟ (مُصَلِّياً) الحال يكون لما سبق لا لما سيأتي، الضمير أين هو؟ أما قلنا: حمدي ياء المتكلم هي الفاعل، من الذي يُصلي؟ هو الحامد, أليس كذلك؟
يَقُوْلُُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ

يعني بعد حمدي, قلنا: هذا من إضافة المصدر إلى مفعوله، أين الفاعل؟ لا يمكن أن يوجد مصدر ينصب ولو في المعنى مفعولاً ولا فاعل له, يمتنع هذا، أين فاعله؟ قلنا: محذوف، يعني بعد حمدي أنا ذا الجلال، (مُصَلِّياً) هذا حالٌ من فاعل (حَمْدِ) , والحال الأصل فيها أن تكون مقارنة، يعني وقت الحمد ووقت الصلاة واحد, نقول: جاء زيدٌ راكباً؛ راكباً حالٌ من زيد، والأصل في الحال أن تكون مقارنة، يعني غير منفكة عن صاحبها، هل المجيء - مجيء زيد - منفكٌ عن ركوبه أم الركوب والمجيء معاً؟ معاً، هذا ممكن أو متعذر في المثال الذي ذكرته؟ جاء زيدٌ راكباً هذا ممكن تكون حال مقارنة، أما أن يحمد الله ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت واحد في آن واحد في جملة واحدة، نقول: هذا متعذر؛ لذلك الكثير يُحيلون هذه الحال على أنها منوية، يعني (بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) الآن أنا أحمد الله ناوياً الصلاة بعد الحمد، فتكون الحال هنا حالاً منوية، التي يعبر عنها ابن هشام الحال المقدرَّة، ولكن يرد على هذا أن الصلاة مرتب عليها الثواب، والثواب مرتب على العمل لا على النية فحسب! إذاً لا يكون مصلياً لو نوى أن يصلي، والأحسن أن يقال: أنها حالٌ مقارِنة على الأصل، ومقارَنة كل شيء بحسبه، فإذا كانت الحال هنا مقارِنة للفظ، ما نوع المقارَنة هنا؟ وقوع الثاني بعد آخر الأول، مباشرة بدون تراخي, يعني أحمد الله، بعد انتهاء الحمد أصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذاً (مُصَلِّياً) اسم فاعل من صلى يصلي فهو مصلي، إعرابها: حالٌ من فاعل (حَمْدِ) المحذوف، وهي حالٌ مقارِنة، ومقارَنة كل شيء بحسبه، وهنا المقارنة اللفظية: إيقاع الصلاة بعد الفراغ من الحمد مباشرة، ومعنى الصلاة، ما هو معنى الصلاة؟ الصلاة في اللغة: الدعاء، ولكن هنا الصلاة مقيدة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاختلف أهل العلم فيها، قال الأزهري: - معنى صلاة الله على عبده رحمته - الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين التضرع والدعاء. ولكن ابن القيم رحمه الله أبى ذلك في الثلاث المسائل كلها, قال: بل الصحيح ما ذكره أبو العالية - وعلقه البخاري -: صلاة الله على عبده ثناءه عليه في الملأ الأعلى. والمقام يحتاج إلى تفصيل ولا نريد أن نتوسع.
مُصَلِّيًا عَلَى النَِّبيْ وَالآلِ

(عَلَى النَّبيْ) جار ومجرور متعلق بقوله: (مُصَلِّياً)؛ لأنه مشتق وصف، قال السيوطي:


لاَبُدَّ لِلْجَارِ مِنَ التَّعَلُّقِ ... بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ ...........

وهنا في معنى الفعل، (عَلَى النَّبيْ) بإسكان الياء للضرورة، أصلها: النبيّ بالتشديد, (النَّبيْ) لم نتعرض له من جهة المعنى، وإنما من جهة الصيغة، بحثنا في الصرف, (النَّبيْ) إما أن يكون مشتقاً من النبوة وهي الارتفاع، أو من النبأ وهو الخبر، يحتمل وجهين: إما من النبوة وهي الارتفاع، أو من النبأ وهو الخبر، (النَّبيْ) فعيل، إن كان مأخوذاً من النبوة فاللام واو، فلامه واو، الأصلُ فيه: نبيوٌ على وزن فعيلٌ، نبيوٌ، ماذا حصل؟ اجتمع عندنا واوٌ وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءً وأدغمت الياء في الياء، - نطبق، هذه أفراد - فقيل: النبيّ، إذاً النبي إنْ كان مأخوذاً من النبوة فهو على وزن فعيل نبيوٌ، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءً فأدغمت الياء في الياء فقيل النبيّ، إن كان مأخوذاً من النبأ فهو على وزن فعيل نبيء، قُلبت الهمزة ياءً تخفيفاً، يعني سهلت الهمزة فقلبت ياءً، فاجتمع عندنا ياءان، فأدغمت الياء في الياء، وعلى كلٍ سواءٌ كان مأخوذاً من النبوة أو من النبأ فهو فعيل صالح أن يكون بمعنى اسم الفاعل وبمعنى اسم المفعول، إذا قلنا: نبيّ فعيل مأخوذ من النبوة، إن كان فعيل باسم الفاعل فهو رافعٌ، نفسره باسم الفاعل رافع لمن اتبعه، إذاً النبي مأخوذ من النبوة وهو اسم فاعل؛ لكونه رافعاً من اتبعه، وكل من اتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مرفوع على غيره, كذلك النبي إذا قلت: فعيل بمعنى مفعول فهو مرفوع الرتبة, لِمَ؟ لكونه أوحي إليه بشرع فتميز عن سائر الناس، فهو مرفوع، إذاً سواءٌ كان رافعاً غيره أو هو مرفوع الرتبة، إن كان من النبأ فهو فعيل أيضاً، يحتمل أن يكون فعيلاً بمعنى اسم الفاعل، أو فعيلاً بمعنى اسم المفعول، وعليه فإما أن يكون اسم فاعل فهو مُخِبرٌ عن الله، وإما أن يكون بمعنى اسم المفعول فهو مُخَبَرٌ عن الله بواسطة جبريل عليه السلام, واضح هذا؟ (عَلَى النَّبيْ وَالآلِ) يعني وعلى الآل، مصلياً على النبي ومصلياً على الآل؛ (الآلِ) أي أتباعه على دينه، وخاصة في مثل هذا المقام إذا لم يُذكر معه أهله أو صحابته فيُحمل الآل في مقام الدعاء على الأتباع مطلقاً، (الآلِ) يعني أتباعه على دينه، آل أصله: أَأَل على وزن فَعَلْ، واخْتُلِف في الألف الثانية الهمزة هل هي منقلبة عن هاء أو منقلبة عن واو؟ قيل: أصل آل: أَوَلَ كجَمَلَ تحركت الواو فانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً فصار آل؛ بدليل تصغيرها على أُوَيل، وقيل: آل أصله: أَهْل قلبت الهاء همزة كما تُقلب الهمزة هاءً، أريقوا هريقوا، إذاً قلبت الهاء همزة كما تقلب الهمزة هاءً، ثم قلبت الهمزة ألفاً فقيل: آل؛ بدليل تصغيرها على أُهَيل، وابن تيمية رحمه الله يُرجح الأول ويُخطئ الثاني، يقول: الصواب أن آل مشتق أو مأخوذ أو أصله أَوَلَ كجمل تحركت الواو وانفتح ما قبلها وقلبت ألفاً.
عَبْدٌ أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ

(عَبْدٌ) هذا فاعل (يَقُوْلُ)، (يَقُوْلُ) هذا فعل مضارع، أين فاعله؟ (عَبْدٌ) والمراد بالعبد هنا: عبد الإيجاد، يعني مخلوق لله،
عَبْدٌ أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ


(أَسِيْرُ) فعيل مأخوذ من الأسر وهو الشَّدُ نعت لـ (عَبْدٌ)، (أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ) هذا من إطلاق الشيء وإرادة لازمه، يعني ملازم (رَحْمَةِ الكَرِيمِ)، (أَسِيْرُ) مضاف، و (رَحْمَةِ) مضاف إليه, (رَحْمَةِ) مضاف، و (الكَرِيمِ) مضاف إليه، صحيح؟ (رَحْمَةِ الكَرِيمِ)، تعدد الإضافات هذا مختلف فيه عند البيانيين، بعضهم يأبى أن يكون أكثر من ثلاث إضافات، لكن الصواب أنه يجوز أن تتعدد الإضافات ولا يخل بالفصاحة، كما قال في الأول: يَقُوْلُُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ.
عَبْدٌ أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ

(أَسِيْرُ) مضاف، و (رَحْمَةِ) مضاف إليه، (رَحْمَةِ) مضاف، و (الكَرِيمِ) مضاف إليه، إذاً (أَسِيْرُ) فعيل بمعنى مفعول، مأخوذ من الأسر يجمع على أسرى وأُسارى بالضم، يجمع على أسرى وأسارى، والمراد به اللازم، يعني (عَبْدٌ) مأسور لـ (رَحْمَةِ الكَرِيمِ)، والرحمة صفة قائمة بالله وجل وعلا حقيقة، تقتضي التفضل والإنعام، الشُراح يفسرونها بالإنعام على مذهب الأشاعرة، لكن نقول: صفة ذاتية تقتضي، وفرقٌ بين المقتضِي والمقتضَى، (الكَرِيمِ) يعني الجواد، بعضهم فسره بالجواد كالزجاجي، وبعضهم فسره بأنه كثير الخير، وهو اسمٌ من أسماء الله تعالى.
أَيْ أَحْمَدُ بْنُ عَابِدِ الرَّحِيْمِ

(أيْ) هذا حرف تفسير، أين المفسَّر؟ (عبدٌ)، يَقُوْلُ عَبْدٌ، مَن (عَبْدٌ)؟ قال: (أَيْ أَحْمَدُ)، (أيْ) حرف تفسير مبني على السكون لا محل له من الإعراب، (أَحْمَدُ) ايش إعرابه؟ بدل؟ نعم، أو عطف بيان، والجمهور على المنع، لماذا؟ لأنه لا يُعطف من النكرة معرفة، (عَبْدٌ) نكرة، و (أَحْمَدُ) علم منقول وهو معرفة، أجازه الزمخشري وغيره، والجمهور على المنع، قال ابن مالك:
فَقَدْ يَكُونَانِ مُنَكَّرِينِ ... كَمَا يَكُونَانِ مُعَرَّفِينِ


إذاً (أَحْمَدُ) عطف بيان من (عَبْدٌ)، أو بدل، (أَحْمَدُ) هذا علم منقول من أحمد الذي هو فعل مضارع ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، (بْنُ عَابِدِ الرَّحِيْمِ) , (أَحْمَدُ بْنُ)، ايش إعراب (بْنُ)؟ صفة، وأصلها: ابن، ونحن نقول: (أَحْمَدُ بْنُ) دال مضمومة ثم الباء ساكنة ثم النون، نقول: الهمزة تسقط إذا وقعت (ابن) بين علمين وأضيف إلى علم، والأصل أنه بَنَوٌ إذا جئنا من الناحية الصرفية، بَنَوٌ على وزن فَعَلٌ، حُذفت اللام التي هي الواو اعتباطاً، وسُكّنت فاءه واجْتُلبت همزة الوصل للتمكن من الابتداء بالساكن فقيل: ابنٌ, (بْنُ) هذا صفة لـ (أَحْمَدُ)، (بْنُ) مضاف، و (عَابِدِ) هذا مضاف إليه، والألف هذه للوزن، والأصل: ابن عبد الرحيم، وهنا يغلط كثير من الناس إذا وقع بين علمين يُسقِط لفظ ابن، هنا لو قيل أحمدُ عابد الرحيم أو أحمدُ عبدُ الرحيم نقول: الثاني هذا لا إعراب له، هكذا يقول الناس: ما اسمك؟ أحمد عمر، عمر هذا كيف إعرابه؟ لا يمكن إعرابه، حينما تقول: أحمد بن عمر صار مضافاً إليه، (أَحْمَدُ بْنُ عَابِدِ الرَّحِيْمِ) (بْنُ) مضاف, و (عَابِدِ) هذا مضاف إليه، والألف هذه زيدت للوزن، وأصله: عبد، والمراد به: عبد الإيجاد، (عَابِدِ) مضاف، و (الرَّحِيْمِ) هذا مضاف إليه، هو في الأصل علم منقول، عبدُ الرحيم الأصل اسمٌ من أسماء الله كما سبق الرحمنِ الرحيمِ، ثم صار مركباً تركيباً إضافياً، ثم جُعل علماً فصار الرحيم كالجزء من المفرد.
بهذا ننتهي من المقدمة، ونشرع يوم السبت إن شاء الله في المقصود.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.