الإستيعاب في
معرفة الأصحاب [المجلد
الثالث]
[تتمة حرف العين]
باب عبد الله
(1468) عبد الله بْن أَبِي بْن خَلَف القرشي الْجُمَحِيّ،
أسلم عام الْفَتْح، وقتل يَوْم الجمل.
(1469) عبد الله بْن الأرقم بْن عبد يغوث بن وهب بن عبد
مناف بن زهرة ابن كلاب القرشي الزُّهْرِيّ،
أسلم عام الْفَتْح، وكتب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ثُمَّ لأبي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
واستكتبه أيضا عُمَر رضى الله عنه، واستعمل على بيت المال
خلافة عُمَر كلها وسنتين من خلافة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، حَتَّى استعفاه من ذَلِكَ فأعفاه.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن عبد الله ابن الزبير- أن
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ اسْتَكْتَبَ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ الأَرْقَمِ، فَكَانَ يجيب عنه الملوك، وبلغ
أَمَانَتِهِ عِنْدَهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ أَنْ
يَكْتُبَ إِلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَيَكْتُبَ،
وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُطَيِّنَهُ وَيَخْتِمَهُ وَمَا
يَقْرَؤُهُ لأَمَانَتِهِ عِنْدَهُ.
وقال ابْن إِسْحَاق: كَانَ زَيْد بْن ثَابِت يكتب الوحي،
ويكتب إِلَى الملوك أيضا، وَكَانَ إذا غاب عَبْد اللَّهِ
بْن الأرقم وزيد بْن ثَابِت، واحتاج أن يكتب إِلَى بعض
أمراء الأجناد أو الملوك أو إِلَى إنسان بقطيعة- أمر من
حضر أن يكتب لَهُ إِلَى بعض أمرائه.
وروى ابْن الْقَاسِم، عَنْ مَالِك قَالَ: بلغني أَنَّهُ
ورد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كتاب، فَقَالَ: من يجيب عني؟ فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن
الأرقم: أنا، فأجاب (ظهر الاستيعاب ج 3- م 1)
(3/865)
عَنْهُ وأتى بِهِ إِلَيْهِ، فأعجبه وأنفذه،
وَكَانَ عُمَر حاضرا، فأعجبه ذَلِكَ من عَبْد اللَّهِ ابْن
الأرقم، فلم يزل ذَلِكَ لَهُ فِي نفسه يَقُول: أصاب مَا
أراده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فلما ولى عُمَر استعمله على بيت المال.
وَرَوَى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك قَالَ: بلغني أن عُثْمَان
أجاز عَبْد اللَّهِ ابْن الأرقم- وَكَانَ لَهُ على بيت
المال- بثلاثين ألفا، فأبى أن يقبلها، هكذا قَالَ مَالِك.
وَرَوَى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ عَمْرو بْن دينار أن
عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ استعمل عَبْد اللَّهِ بْن
الأرقم على بيت المال، فأعطاه عُثْمَان ثلاثمائة درهم،
فأبى عَبْد اللَّهِ أن يأخذها، وَقَالَ: إنما عملت للَّه،
وإنما أجري على الله.
وَرَوَى أشهب، عَنْ مَالِك أن عُمَر بْن الخطاب رضى الله
عَنْهُ كَانَ يَقُول: مَا رأيت أحدا أخشى للَّه من عَبْد
اللَّهِ بْن الأرقم، قَالَ: وَقَالَ عُمَر لعبد الله بْن
الأرقم: لو كَانَ لك مثل سابقة القوم مَا قدمت عليك أحدا.
(1470) عبد الله بْن الأسود السدوسي، قَالَ قَتَادَة:
هاجر من رَبِيعَة أربعة:
بشير بْن الخصاصية، وَعَمْرو بْن ثعلب، وعبد الله بْن
أسود، والفرات بْن حيان.
حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دعا لهم
بالبركة فِي التمر. مخرج حديثه عَنْ ولده. وقيل: إنه وفد
على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني سدوس.
(1471) عَبْد اللَّهِ بن الأعور.
وقيل عَبْد اللَّهِ بْن الأطول الحرمازي [1] المازني.
قيل اسم الأعور أو الأطول عَبْد اللَّهِ، هُوَ من بني مازن
بْن عَمْرو بْن تميم، وَهُوَ الأعشي الشاعر المازني، كانت
عنده امرأة يقال لها معاذة، فخرج يمير
__________
[1] بكسر الحاء المهملة وسكون الراء وفي آخرها زاي، كما في
اللباب.
(3/866)
أهله من هجر، فهربت امرأته بعده ناشزة
عَلَيْهِ، فعاذت برجل منهم، يقال لَهُ مطرف بْن نهصل،
فجعلها خَلَف ظهره، فلما قدم الأعشى لم يجدها فِي بيته،
وأخبر أَنَّهَا نشزت، وأنها عاذت بمطرف بْن نهصل، فأتاه،
فقال له: يا بن عم، عندك امرأتي معاذة فادفعها إلي،
فَقَالَ: ليست عندي، ولو كانت عندي لم أدفعها إليك،
وَكَانَ مطرف أعز منه، فخرج حَتَّى أتى النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعاذ بِهِ، وأنشأ يَقُول [1] :
يا سيد الناس [2] وديان العرب ... أشكو [3] إليك ذربة من
الذرب
كالذئبة العسلاء في كل السرب [4] ... خرجت أبغيها الطعام
فِي رجب
فخلفتني بنزاع وحرب [5] ... أخلفت العهد ولطت بالذنب
وهن شر غالب لمن غلب
فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هن شر
غالب لمن غلب. وشكا إِلَيْهِ امرأته وما صنعت وأنها عِنْدَ
رجل منهم يقال لَهُ مطرف بْن نهصل، فكتب رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مطرف: انظر امرأة
هَذَا معاذة، فادفعها إِلَيْهِ، فأتاه بكتاب النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقرئ عَلَيْهِ،
فَقَالَ لَهَا: يَا معاذة، هَذَا كتاب النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيك، وأنا دافعك إِلَيْهِ.
فقالت: خذ لي العهد والميثاق وذمة النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا يعاقبني فيما صنعت، فأخذ
لهما ذلك، ودفعها إليه، فأنشأ يقول:
__________
[1] اللسان. مادة ذرب.
[2] في أسد الغابة: يا مالك الناس.
[3] في أسد الغابة: إني لقيت، وفي اللسان: إليك أشكو.
[4] في رواية: كالذئبة العسقل في ظل السرب.
[5] في ى: وهرب، وليس هذا الشطر في اللسان.
(3/867)
لعمرك مَا حبي معاذة بالذي ... يغيره
الواشي ولا قدم العهد
ولا سوء مَا جاءت به إذ أزالها [1] ... غواة رجالٍ إذ
ينادونها بعدي
(1472) عبد الله بْن أقرم بْن زَيْد الخزاعي،
معدود فِي أهل المدينة. رَوَى عَنْهُ ابنه عُبَيْد الله
بْن عَبْد اللَّهِ بْن أقرم.
(1473) عبد الله بْن أَبِي أمامة أسعد بْن زرارة الأنصاري.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ. وقد تقدم نسبه فِي
باب أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ أَبُو كَثِير الأَنْصَارِيّ.
(1474) عبد الله بْن أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة بْن
عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم،
أخو أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أمه عاتكة
بِنْت عبد المطلب بْن هاشم، يقال لأبيه أَبِي أُمَيَّة زاد
الركب. وزعم ابْن الكلبي أن أزواد الركب ثلاثة:
زمعة بْن الأسود بْن المطلب بْن عبد مناف، قتل يوم بدر
كافرا، ومسافر ابْن أَبِي عَمْرو بْن أُمَيَّة، وَأَبُو
أُمَيَّة بن المغيرة المخزومي، وهو أشهر هم بذلك، هكذا
قَالَ ابْن الكلبي والزبير، وقالا: إنما سموا أزواد الركب،
لأنهم كانوا إذا سافر معهم أحد كَانَ زاده عليهم.
قال مصعب والعدوي: لا تعرف قريش زاد الركب إلا أَبَا
أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة وحده، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن
أَبِي أُمَيَّة شديدا على المسلمين مخالفا مبغضا، وَهُوَ
الَّذِي قَالَ [2] : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ
لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً 17: 90 أَوْ يَكُونَ لَكَ
بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ... 17: 93 الآية. وكان شديد العداوة
لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
__________
[1] في أسد الغابة: إذ أزلها.
[2] سورة الإسراء، آية 90
(3/868)
ثُمَّ أَنَّهُ خرج مهاجرا إِلَى النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلقيه بالطريق بين
السقيا والعرج وَهُوَ يريد مكة عام الْفَتْح، فتلقاه فأعرض
عَنْهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرة،
فدخل على أخته وسألها أن تشفع لَهُ، فشفعت لَهُ أخته أم
سَلَمَة، وهي أخته لأبيه، فشفعها رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم وحسن إسلامه، وشهد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة مسلما، وشهد حنينا
والطائف، ورمي يَوْم الطائف بسهم فقتله، ومات يومئذ،
وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ المخنث فِي بيت أم سَلَمَة: يَا
عَبْد اللَّهِ، إن فتح الله عليكم الطائف غدا فأنى أدلك
على امرأة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان.
وزعم مُسْلِم بْن الْحَجَّاج أن عُرْوَة بْن الزُّبَيْر
رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فِي بيت أم سَلَمَة فِي ثوب واحد،
ملتحفا بِهِ، مخالفا بين طرفيه.
وذلك غلط، وإنما الَّذِي رَوَى عَنْهُ عُرْوَة ابنه عبد
الله بن عبد الله بن أبي أُمَيَّة.
(1475) عبد الله بْن أَبِي أُمَيَّة بْن وَهْب،
حليف بني أَسَد بْن عبد العزى بْن قصي، وَابْن أختهم، قتل
بخيبر شهيدا. ذكره الْوَاقِدِيّ، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق.
(1476) عبد الله بْن أنس،
أَبُو فاطمة الأسدي. رَوَى عَنْهُ زهرة بْن معبد، أَبُو
عُقَيْل.
(1477) عبد الله بْن أنيس [1] الجهني،
ثُمَّ الأَنْصَارِيّ، حليف بني سَلَمَة. قَالَ ابْن
إِسْحَاق: هُوَ من قضاعة حليف لبني سواد، من بني سَلَمَة.
وقال الواقدي:
__________
[1] بضم الهمزة- في التقريب.
(3/869)
هُوَ من البرك بْن وبرة أخو كلب بْن وبرة
فِي قضاعة، حليف لبني سواد من بني سَلَمَة. وَقَالَ
غيرهما: هُوَ من جهينة حليف الأنصار. وقيل: هُوَ من
الأنصار.
وَقَالَ الكلبي: عَبْد اللَّهِ بْن أنيس صاحب النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن
أنيس بْن أسعد بْن حرام بْن حَبِيب بْن مَالِك بْن غنم بْن
كعب بن تيم ابن نفاثة بْن إِيَاس بْن يربوع بْن البرك بْن
وبرة، أخي، كلب بْن وبرة، والبرك ابن وبرة دخل فِي جهينة.
قَالَ ابْن الكلبي: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن أنيس مهاجريا
أنصاريا عقبيا، وشهد أحدا وما بعدها، يكنى أَبَا يَحْيَى.
رَوَى عَنْهُ أَبُو أمامة، وجابر بْن عَبْد اللَّهِ،
وَرَوَى عَنْهُ من التابعين بسر ابن سَعِيد، وبنوه: عطية،
وَعَمْرو وضمرة، وعبد الله، بنو عَبْد اللَّهِ بْن أنيس،
وَهُوَ الَّذِي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ
ليلة القدر، وَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي
شاسع الدار، فمرني بليلة أنزل لَهَا. فَقَالَ: أنزل ليلة
ثلاث وعشرين. وتعرف تلك الليلة بليلة الجهني بالمدينة،
وَهُوَ أحد الذين كسروا آلهة بني سَلَمَة.
توفى سنة أربع وخمسين، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1478) عبد الله بْن أَبِي أوفى الأسلمي،
واسم أَبِي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث ابن أَسَد بْن
رفاعة بْن ثعلبة بْن هوازن بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن
عمرو ابن عَامِر. هُوَ أخو زَيْد بْن أَبِي أوفى، يكنى
أَبَا مُعَاوِيَة. وقيل: أَبَا إِبْرَاهِيم.
وقيل: أبا محمد. شهد الحديبيّة وخيبر وما بعد ذَلِكَ من
المشاهد، ولم يزل بالمدينة حَتَّى قبض رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تحول إِلَى
الكوفة. وَهُوَ آخر من بقي بالكوفة من أصحاب رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مات سنة سبع
وثمانين بالكوفة، وَكَانَ ابتنى بها دارا فِي أسلم،
وَكَانَ قد كف بصره، وقيل: بل مات
(3/870)
بالكوفة سنة ست وثمانين. وَذَكَرَ أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى
سَاعِدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً،
فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ
حُنَيْنٍ. فَقُلْتُ: شَهِدْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا؟ قَالَ:
نَعَمْ، وَقَبْلَ [1] ذَلِكَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، أَبُو
قَطَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كَانَ
أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ،
وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمُنَ الْمُهَاجِرِينَ يومئذ.
(1479) عبد الله ابْن بحينة [2]
وهي أمه بحينة بنت الحارث بن عبد المطلب ابن عبد مناف.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: يكنى أَبَا مُحَمَّد، وأبوه مَالِك
بْن القشب [3] الأزدي، من أزد شنوءة، كَانَ حليفا لبني
المطلب بْن عبد مناف. وله صحبة أيضا، وقد ذكرناه فِي باب
مَالِك من هَذَا الكتاب، والحمد للَّه. وقد قيل فِي
أَبِيهِ مَالِك ابْن بحينة، وَهُوَ وهم وغلط، وإنما بحينة
امرأته، وأم ابنه عَبْد اللَّهِ، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ
ابْن بحينة ناسكا فاضلا صائم الدهر، وَكَانَ ينزل بطن ريم
[4] ، على ثلاثين ميلا من المدينة. مات فِي عمل مَرَوَان
الآخر على المدينة أيام مُعَاوِيَة.
(1480) عبد الله بْن بدر الجهني،
مدني، كَانَ اسمه عبد العزى فسماه رَسُول الله صلى الله
عليه وسلم عبد الله، وَهُوَ أحد الذين حملوا راية جهينة
يَوْم الفتح، يكنى
__________
[1] في أسد الغابة: وقيل غير ذلك.
[2] بموحدة ومهملة مصغرا- كما في التقريب.
[3] بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها (التقريب) .
[4] بطن رئم- بكسر أوله وهمز ثانية وسكونه. وقيل بالياء
غير مهموزة (ياقوت)
(3/871)
أَبَا بعجة بابنه بعجة. رَوَى عَنْهُ ابنه
بعجة، لم يرو عَنْهُ غيره، وَرَوَى عَنْ بعجة يَحْيَى بْن
أَبِي كَثِير وَأَبُو حَازِم. ومات بعجة قبل الْقَاسِم بْن
مُحَمَّد، وله ابْن يقال لَهُ مُعَاوِيَة بْن بعجة، رَوَى
عنه الدّراوردى.
(1481) عبد الله بْن بديل بْن ورقاء بْن عبد العزى بْن
رَبِيعَة الخزاعي،
أسلم مع أَبِيهِ قبل الْفَتْح، وشهد حنينا والطائف،
وَكَانَ سيد خزاعة، وخزاعة عيبة رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: بل هُوَ وأخوه من مسلمة
الْفَتْح، والصحيح أَنَّهُ أسلم قبل الْفَتْح، وشهد حنينا
والطائف وتبوك- قاله الطبري وغيره وَكَانَ لَهُ قدر
وجلالة. قتل هُوَ وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن بديل بصفين،
وَكَانَ يومئذ على رجالة علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. كَانَ
من وجوه الصحابة، وَهُوَ الَّذِي صَالِح [أهل [1]] أصبهان
مع عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر، وكان على مقدمته، وذلك فِي
زمن عُثْمَان سنة تسع وعشرين من الهجرة. قال الشَّعْبِيّ،
كَانَ عبد الله ابن بديل فِي صفين عَلَيْهِ درعان وسيفان،
وَكَانَ يضرب أهل الشام ويقول:
لم يبق إلا الصبر والتوكل ... ثم التمشي فِي الرعيل الأول
مشى الجمالة [2] فِي حياض المنهل ... والله يقضي مَا يشاء
ويفعل
فلم يزل يضرب بسيفه حَتَّى انتهى إِلَى مُعَاوِيَة، فأزاله
عَنْ موقفه، وأزال أصحابه الذين كانوا معه، وَكَانَ مع
مُعَاوِيَة يومئذ عَبْد اللَّهِ بن عامر واقفا، فأقبل
__________
[1] من أسد الغابة.
[2] في ى: الجمالة، وفي أسد الغابة والإصابة: الجمال.
(3/872)
أصحاب مُعَاوِيَة على ابْن بديل يرمونه
بالحجارة حتى أثخنوه، وقتل رحمه الله.
فأقبل إِلَيْهِ مُعَاوِيَة وعبد الله بْن عَامِر معه،
فألقى عَلَيْهِ عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر عمامته غطى بها
وجهه، وترحم عَلَيْهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَة: اكشفوا عَنْ
وجهه، فَقَالَ لَهُ ابْن عَامِر:
والله لا يمثل بِهِ وفي روح، وَقَالَ مُعَاوِيَة: اكشفوا
عَنْ وجهه، فقد وهبناه لك.
ففعلوا، فَقَالَ مُعَاوِيَة: هَذَا كبش القوم ورب الكعبة،
اللَّهمّ أظفر بالأشتر، والأشعث بْن قَيْس، والله مَا مثل
هَذَا إلا كما قال الشاعر:
أخو الحرب إن عضت بِهِ الحرب عضها ... وإن شمرت يوما بِهِ
الحرب شمرا
كليث هزبرٍ كَانَ يحمي ذماره ... رمته المنايا قصدها
فتقطرا
ثم قَالَ مُعَاوِيَة، إن نساء خزاعة لو قدرت أن تقاتلني
فضلا عَنْ رجالها لفعلت.
وَحَدَّثَنَا خَلَف بْن قَاسِم، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد
الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا
يحيى بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْر بْن مزاحم،
حَدَّثَنَا عمر بْن سَعْد، حَدَّثَنَا مَالِك بْن أعين،
عَنْ زَيْد بْن وَهْب الجهني أن عَبْد اللَّهِ بْن بديل
قام يَوْم صفين فِي أصحابه، فخطب، فحمد الله وأثنى
عَلَيْهِ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ألا
إن مُعَاوِيَة أدعى مَا ليس لَهُ، ونازع الأمر أهله، ومن
ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض بِهِ الحق، وصال عليكم
بالأحزاب والأعراب، وزين لهم الضلالة، وزرع فِي قلوبهم حب
الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وأنتم- والله- على الحق، على
نور من ربكم وبرهان مبين، فقاتلوا الطغاة الجفاة،
قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ... 9:
14 وتلا الآية [1] .
__________
[1] سورة التوبة، آية 15
(3/873)
قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر
أهله، وقد قاتلتموهم مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم، فو الله مَا هم فِي هَذِهِ بأزكى ولا أتقى ولا
أبر، قوموا إِلَى عدو الله وعدوكم، رحمكم الله
(1482) عبد الله بْن بسر المازني،
من مازن بْن مَنْصُور، يكنى أَبَا بسر، وقيل:
يكنى أَبَا صَفْوَان. هُوَ أخو الصماء، مات بالشام سنة
ثمانين، وَهُوَ ابْن أربع وتسعين، وَهُوَ آخر من مات
بالشام بحمص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ الشاميون، منهم خَالِد بْن معدان، وَيَزِيد
بْن خمير، وسليم بْن عَامِر، وراشد بن سعد، وأبو الزاهرية،
ولقمان بن عامر، ومحمد ابن زِيَاد. يقال: إنه ممن صَلَّى
القبلتين.
(1483) عبد الله بْن بسر النصري،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه
عبد الواحد، وَرَوَى عَنْهُ عُمَر [1] بْن روبة.
(1484) عبد الله بْن أَبِي بَكْر الصديق رضى الله
عَنْهُمَا،
أمه وأم أَسْمَاء واحدة، امرأة من بني عَامِر بْن لؤي، سمى
[2] أَبِيهِ، شهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر الطائف مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمي بسهم، رماه بِهِ أَبُو
محجن الثقفي فيما ذكر الْوَاقِدِيّ، فدمل جرحه حَتَّى
انتقض به فمات منه [3] في أول خلافة أَبِيهِ، وذلك فِي
شوال من سنة إحدى عشرة، وَكَانَ إسلامه قديما، ولم يسمع
لَهُ بمشهد إلا شهوده الْفَتْح وحنينا والطائف، والله
أعلم.
__________
[1] في ى: عمرو، والمثبت من التقريب.
[2] لأن اسم أبى بكر عبد الله.
[3] في ى: عنه، والمثبت من أسد الغابة.
(3/874)
وَكَانَ قد ابتاع الحلة التي أرادوا دفن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بتسعة دنانير، ليكفن
فيها، فلما حضرته الوفاة قَالَ: لا تكفنوني فيها، فلو
كَانَ فيها خير كفن فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفن بعد الظهر، وصلى عَلَيْهِ أبوه،
ونزل فِي قبره عُمَر، وطلحة، وعبد الرحمن أخوه، رَضِيَ
اللَّهُ عنهم.
(1475) عبد الله بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ،
هُوَ أَبُو أسيد، وقيل أَبُو أسيد، والصواب بالفتح، رَوَى
عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلوا
الزيت وادهنوا بِهِ، وسنذكره فِي الكنى إن شاء الله تعالى.
رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيّ حديثه هَذَا، وَرَوَى عَنْهُ
حديثا آخر عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي قراءة كتب أهل الكتاب. ويقال: إن عَبْد
اللَّهِ بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ هَذَا هُوَ الَّذِي
رَوَى عَنْهُ أَبُو الطفيل. وقد قيل: إن أَبَا أسيد
الأَنْصَارِيّ هَذَا اسمه ثَابِت، خادم النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديثه مضطرب فِيهِ.
(1476) عبد الله بْن ثَابِت الأَنْصَارِيّ، أَبُو الربيع،
توفي على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وفي حياته. حديثه فِي الموطأ وغيره، وَهُوَ
الَّذِي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك
يا أَبَا الربيع. ومالك أحسن الناس سياقة لحديثه ذَلِكَ
فِي الإسناد والمتن، إلا أن ابْن جريج وإن لم يقم إسناده
فقد أتى فِيهِ بألفاظ حَسَّان غير خارجة عَنْ معنى حديث
مَالِك وزاد فِيهِ. وكفنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قميصه، وَقَالَ لجبير بْن عَتِيك
إذ نهى النساء عَنِ البكاء عَلَيْهِ:
دعهن يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ فليبكين أَبَا الربيع
مَا دام بينهن ... الحديث.
(3/875)
(1477) عبد الله بْن ثعلبة بْن خزمة بْن
أصرم بن عمرو بن عمارة [1] البلوي،
حليف لبني عوف بْن الخزرج، من الأنصار، شهد بدرا هُوَ
وأخوه بحاث بْن ثعلبة وقيل بحّات، وقيل بجاب.
(1478) عبد الله بْن ثعلبة بْن صغير [2] .
ويقال ابْن أَبِي صغير العذري. من بني عذرة، قد نسبت أباه
فِي بابه من هَذَا الكتاب، حليف لبني زهرة، يكنى أَبَا
مُحَمَّد. ولد قبل الهجرة بأربع سنين.
وتوفي سنة تسع وثمانين، وَهُوَ ابْن ثلاث وتسعين. وقيل سنة
سبع وثمانين، وَهُوَ ابْن ثلاث وثمانين. وقيل: إنه ولد بعد
الهجرة وإن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابْن
أربع سنين. وقيل سنة سبع، وإنه أتى بِهِ رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فمسخ على وجهه ورأسه زمن
الْفَتْح.
وَقَالَ سُفْيَان بْن إِبْرَاهِيم: هُوَ ابْن أخت لنا.
وقال الواقدي: مات عبد الله ابن ثعلبة بن صعير الزُّهْرِيّ
حليف لهم من بني عذرة سنة تسع وثمانين، وَهُوَ يومئذ ابْن
ثلاث وثمانين. قال أبو عمر رحمه الله: روى عنه ابن شهاب،
وعبد الحميد ابن جعفر.
(1479) عبد الله بْن ثوب [3] ، أَبُو مُسْلِم الخولاني،
غلبت عَلَيْهِ كنيته. قَالَ شرحبيل بْن مُسْلِم: أتى أَبُو
مُسْلِم الخولاني المدينة وقد قبض النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستخلف أَبُو بَكْر، وَكَانَ
فاضلا عابدا ناسكا، لَهُ فضائل مشهورة، وهو
__________
[1] في أسد الغابة: وعمارة بتشديد الميم.
[2] صعير- بمهملتين مصغرا- التقريب
[3] بضم المثلثة وفتح الواو بعدها موحدة- التقريب، وفي
هوامش الاستيعاب، في الأصل ثوب بتشديد الواو فتحرر (63) .
(3/876)
من كبار التابعين. وسنذكره فِي الكنى بأتم
من هَذَا، وإن كَانَ ليس بصاحب، لأنه لم ير النبي صلى الله
عليه وسلم إلا أَنَّهُ شرطنا فيمن كَانَ مسلما على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1480) عبد الله بْن جَابِر البياضي،
رَوَى عَنْهُ عقبة بْن أَبِي عَائِشَة فِي وضع اليمنى على
اليسرى فِي الصلاة.
(1481) عبد الله بْن جَابِر العبدي،
من عبد القيس، مذكور فِي الصحابة.
(1482) عبد الله بْن جُبَيْر الخزاعي،
يعد فِي الكوفيين. روى عنه سماك ابن حرب. وقد قيل: إن
حديثه مرسل، وعبد الله بْن جُبَيْر هَذَا هُوَ الَّذِي
يروي عن أبى الفيل.
(1483) عبد الله بْن جُبَيْر بْن النعمان بْن أُمَيَّة بْن
امرئ القيس.
وامرؤ القيس اسمه البرك بن ثعلبة بن عمرو بن عوف
الأَنْصَارِيّ، شهد العقبة، ثُمَّ شهد بدرا، وقتل يَوْم
أحد شهيدا، وَكَانَ يومئذ أميرا على الرماة، ولا أعلم لَهُ
رواية عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَهُوَ أخو خوات بْن جُبَيْر بْن النعمان لأبيه وأمه.
(1484) عبد الله بن جحش، ابن رئاب بْن يعمر بْن صبرة بْن
مُرَّةَ بن كثير ابن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي،
أمه أميمة بِنْت عبد المطلب، وَهُوَ حليف لبني عبد شمس.
وقيل: حليف لحرب بْن أُمَيَّة. أسلم- فيما ذكر
الْوَاقِدِيّ- قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وَكَانَ هُوَ وأخوه أَبُو
أَحْمَد عبد بْن جَحْش من المهاجرين الأولين ممن هاجر
الهجرتين، وأخوهما عُبَيْد الله بْن جَحْش تنصر بأرض
الحبشة، ومات بها نصرانيا، وبانت
(3/877)
منه امرأته أم حبيبة بِنْت أَبِي سُفْيَان،
فتزوجها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وأختهم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وأم حبيبة وحمنة، وسيأتي ذكر كل واحد منهم فِي
موضعه من هَذَا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وَكَانَ عَبْد اللَّهِ ممن هاجر إِلَى أرض الحبشة مع
أخويه: أبى أحمد، وعبيد الله ابن جَحْش، ثُمَّ هاجر إِلَى
المدينة، وشهد بدرا، واستشهد يَوْم أحد، يعرف بالمجدع فِي
الله، لأنه مثل بِهِ يَوْم أحد وقطع أنفه. روى مجاهد، عن
زياد ابن عِلاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أن
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَطَبَهُمْ وَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلا
لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَصْبَرُكُمْ لِلْجُوعِ
وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ.
وروى عَاصِم الأحول، عَنِ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ: أول
لواء عقده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فلعبد الله بْن جَحْش حليف لبني أُمَيَّة.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: بل لواء عُبَيْدَة بْن الْحَارِث.
وَقَالَ المدائني: بل لواء حَمْزَة.
وعبد الله بْن جَحْش هَذَا هُوَ أول من سن الخمس من
الغنيمة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل
أن يفرض الله الخمس، فأنزل الله تعالى بعد ذَلِكَ آية
الخمس، وإنما كَانَ قبل ذَلِكَ المرباع. قَالَ
الْوَاقِدِيّ، عَنْ أشياخه: كَانَ فِي الجاهلية المرباع،
فلما رجع عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش من سريته خمس مَا غنم،
وقسم سائر الغنيمة، فكان أول من خمس فِي الإسلام، ثُمَّ
أنزل الله تعالى [1] : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ
مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... 8: 41 الآية.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عن
ابن قسيط [2] ، عن إسحاق
__________
[1] سورة الأنفال، آية 41.
[2] بقاف ومهملتين مصغرا، واسمه يزيد بن عبد الله
(التقريب)
(3/878)
ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ
يَوْمَ أُحُدٍ:
أَلا تَأْتِي فَنَدْعُوا اللَّهَ، فَجَلَسُوا فِي ناحية،
فدعا سعد، وقال: يارب، إِذَا لَقِيتُ الْعَدُوَّ غَدًا
فَلَقِّنِي رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ،
أُقَاتِلُهُ فِيكَ، وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي
عَلَيْهِ الظَّفْرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ، وَآخُذَ سَلَبَهُ،
فَأَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهمّ ارْزُقْنِي غَدًا رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ،
شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي
فَيَقْتُلَنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي
وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيتُكَ قُلْتَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ،
فِيمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنُكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي
رَسُولِكَ، فَتَقُولُ: صَدَقْتَ.
قَالَ سَعْدٌ: كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
جَحْشٍ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ
النَّهَارِ وَإِنَّ أُذُنَهُ وَأَنْفَهُ مُعَلَّقَانِ
جَمِيعًا فِي خَيْطٍ.
وذكر الزُّبَيْر فِي الموفقيات أن عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش
انقطع سيفه يَوْم أحد، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجون نخلة، فصار فِي يده
سيفا، يقال إن قائمته منه، وَكَانَ يسمى العرجون، ولم يزل
يتناول حَتَّى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، ويقولون:
إنه قتله يَوْم أحد أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق
الثقفي، وَهُوَ يَوْم قتل ابْن نيف وأربعين سنة.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: دفن هُوَ وحمزة فِي قبر واحد، وولى
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركته،
فاشترى لابنه مالا بخير.
وذكر الزُّبَيْر، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن صَالِح، عَنِ
الْحَسَن بْن زَيْد أَنَّهُ قَالَ: قاتل الله ابْن هِشَام
مَا أجرأه على الله! دخلت عَلَيْهِ يوما مع أَبِي فِي
هَذِهِ الدار- يعنى دار مَرَوَان- وقد أمره هِشَام أن يفرض
للناس، فدخل عَلَيْهِ ابْن لعبد الله
(3/879)
ابن جَحْش المجدع أنفه فِي الله، فانتسب
لَهُ، وسأله الفريضة فلم يجبه بشيء، ولو كَانَ أحد يرفع
إِلَى السماء كَانَ ينبغي لَهُ أن يرفع بمكان أَبِيهِ،
ثُمَّ دخل عَلَيْهِ ابْن أَبِي بجراة وهم أهل بيت من كندة
وقفوا بمكة، فَقَالَ ابْن أَبِي بجراة: صاحبت عمّك عمارة
ابن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فِي سفره. فَقَالَ لَهُ:
لينفعنك ذَلِكَ اليوم، ففرض لَهُ ولأهل بيته.
وذكر السَّاجِيُّ فِي «كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ»
لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى،
حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأعمش، عن عمرو ابن
مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ، قَالَ: اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. روى عَنْ
عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وَرَوَى
عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، ولم يسمع منه.
(1485) عبد الله بْن الجد بْن قَيْس بْن صَخْر بْن خنساء،
من بني سَلَمَة، شهد بدرا وأحدا.
(1486) عبد الله بْن أَبِي الجدعاء التميمي،
ويقال الكناني، ويقال العبدي. رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ
بْن شقيق حديثا مرفوعا فِي الساعة.
(1487) عبد الله بْن جراد العقيلي.
روى عنه يعلى بن الأشدق، وَهُوَ عمه، ولا يعرف بغير رواية
يعلي بْن الأشدق عَنْهُ، ويعلي بْن الأشدق ليس عندهم
بالقويّ.
(1488) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القرشي الهاشمي،
يكنى أَبَا جَعْفَر. ولدته أمه أَسْمَاء بِنْت عميس بأرض
الحبشة، وَهُوَ أول مولود ولد في الإسلام بأرض
(3/880)
الحبشة، وقدم مع أَبِيهِ المدينة، وحفظ
عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عَنْهُ.
وتوفي بالمدينة سنة ثمانين، وَهُوَ ابْن تسعين سنة. وقيل:
إنه توفي سنة أربع أو خمس وثمانين، وَهُوَ ابْن ثمانين
سنة، والأول عندي أولى. وعليه أكثرهم أَنَّهُ توفى سنة
ثمانين، وصلى عَلَيْهِ أبان بْن عُثْمَان، وَهُوَ يومئذ
أمير المدينة، وذلك العام يعرف بعام الجحاف لسيل كَانَ
بمكة أجحف بالحاج، وذهب بالإبل، وعليها الحمولة.
وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر كريما، جوادا ظريفا،
خليقا عفيفا سخيا يسمى بحر الجود، ويقال: إنه لم يكن فِي
الإسلام أسخى منه، وَكَانَ لا يرى بسماع الغناء بأسا.
رَوَى أن عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر كَانَ إذا قدم على
مُعَاوِيَة أنزله داره، وأظهر لَهُ من بره وإكرامه مَا
يستحقه، فكان ذَلِكَ يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو ابن
نوفل بْن عبد مناف زوجة مُعَاوِيَة، فسمعت ليلة غناءً
عِنْدَ عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فجاءت إِلَى
مُعَاوِيَة، وقالت: هلم فاسمع مَا فِي منزل هَذَا الرجل
الَّذِي جعلته بين لحمك ودمك. قَالَ: فجاء مُعَاوِيَة فسمع
وانصرف، فلما كَانَ فِي آخر الليل سمع مُعَاوِيَة قراءة
عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، فجاء فأنبه فاختة، فَقَالَ:
اسمعي مكان مَا أسمعتني، ويقولون: إن أجواد العرب فِي
الإسلام عشرة. فأجواد أهل الحجاز عَبْد اللَّهِ بْن
جَعْفَر، وعبيد الله بْن عَبَّاس بْن عبد المطلب، وسعيد
بْن الْعَاص.
وأجود أهل الكوفة عتاب بْن ورقاء أحد بني رباح بْن يربوع،
وأسماء بن خارجة
(3/881)
ابن حصن الفزاري، وعكرمة بْن ربعي الفياض
أحد بني تيم الله بْن ثعلبة، وأجواد أهل البصرة عَمْرو بْن
عُبَيْد الله بْن مَعْمَر، وطلحة بْن عَبْد اللَّهِ بْن
خَلَف الخزاعي ثُمَّ أحد بني مليح وَهُوَ طَلْحَة الطلحات،
وعبيد الله بْن أَبِي بكرة، وأجواد أهل الشام خَالِد بْن
عُبَيْد الله بْن خَالِد بْن أَسَد بْن أَبِي الْعَاص بْن
أُمَيَّة بن عبد شمس.
وليس فِي هؤلاء كلهم أجود من عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر،
ولم يكن مُسْلِم يبلغ مبلغه فِي الجود، وعوتب فِي ذَلِكَ
فَقَالَ: إن الله عودني عادة، وعودت الناس عادة، فأنا أخاف
إن قطعتها قطعت عني.
ومدحه نصيب فأعطاه إبلا وخيلا وثيابا ودنانير ودراهم، فقيل
لَهُ: تعطى لهذا الأسود مثل هَذَا؟ فَقَالَ: إن كَانَ أسود
فشعره أبيض. ولقد استحق بما قَالَ أكثر مما نال، وهل
أعطيناه إلا مَا يبلى ويفنى، وأعطانا مدحا يروى، وثناء
يبقى.
وقد قيل: إن هَذَا الخبر إنما جرى لعبد الله بْن جَعْفَر
مع عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس الرقيات. وأخباره فِي الجود
كثيرة جدا. رَوَى عَنْهُ ابناه إِسْمَاعِيل، ومعاوية،
وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي، وَالْقَاسِم بْن
مُحَمَّد، وعروة بْن الزُّبَيْر، وسعد بْن إِبْرَاهِيم
الأكبر، والشعبي، ومورق العجلي، وعبد الله بْن شداد،
والحسن بْن سَعْد، وعباس بْن سَهْل بْن سَعْد، وغيرهم.
(1489) عبد الله بْن أَبِي الجهم بْن حذيفة بْن غانم
القرشي العدوي،
أسلم يَوْم فتح مكة، وخرج إِلَى الشام غازيا، وقتل
بأجنادين شهيدا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1890) عبد الله بْن جهيم الأَنْصَارِيّ، أَبُو جهيم،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
(3/882)
أَنَّهُ قَالَ: لو يعلم المار بين يدي
المصلي ماذا عَلَيْهِ لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن
يمر بين يديه. كناه مَالِك فِي حديثه وسماه وَكِيع وَابْن
عُيَيْنَة فِي ذَلِكَ الحديث، رَوَى عَنْهُ بسر بْن
سَعِيد. يقال: إنه ابْن أخت أَبِي بْن كَعْب.
وقد قيل: إنه ابْن أخي الحارث بن الصمة أو ابن عمه. والله
أعلم.
(1491) عبد الله بْن الْحَارِث بن جزء بن عبد الله بن
معديكرب بن عمرو ابن عسم [1] بْن عَمْرو بْن عويج بْن
عَمْرو بْن زبيد الزبيدي،
حليف أَبِي وداعة السهمي. سكن مصر، وتوفي بها بعد أن عُمَر
طويلا، وكانت وفاته بعد الثمانين.
وقيل: سنة ثمان أو سبع وثمانين. وقيل سنة خمس وثمانين. هو
ابن أخى محمية ابن جزء الزبيدي. رَوَى عَنْهُ جماعة من
المصريين منهم يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب.
(1492) عبد الله بْن الْحَارِث بْن أَبِي رَبِيعَة القرشي
الْمَخْزُومِيّ،
ذكروه فِي الصحابة، ولا يصح عندي ذكره فيهم، وحديثه عندي
مرسل. والله أعلم. حديثه عِنْدَ ابْن جريج، عَنْ عَبْد
اللَّهِ بْن أُمَيَّة، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث
بْن أَبِي رَبِيعَة، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قطع يد السارق. وأظنه هُوَ عَبْد
اللَّهِ بْن الْحَارِث، ابْن عَبْد اللَّهِ بْن عَيَّاش
بْن أَبِي رَبِيعَة الْمَخْزُومِيّ، أخو عَبْد الرَّحْمَنِ
بْن الْحَارِث، فانظر فِيهِ فإن كَانَ هُوَ فحديثه مرسل لا
شك فِيهِ.
(1493) عبد الله بْن الْحَارِث، أَبُو رفاعة العدوي.
وهو من بنى عدىّ ابن عبد مناة بن أدبن طابخة، أخي مزينة،
هُوَ مشهور بكنيته، واختلف فِي اسمه، فقيل: عَبْد اللَّهِ
بْن الْحَارِث. وقيل: تميم بْن أسيد، وقد ذكرناه فِي
الكنى. روى عنه حميد بن هلال.
__________
[1] في أسد الغابة: ابن عسم. وقيل عصم.
(3/883)
(1494) عبد الله بْن الْحَارِث بْن زَيْد
بْن صفوان بن صباح، الصّباحي الضيّى.
وصباح هُوَ ابْن طريف بْن زَيْد بْن عَمْرو بْن عَامِر بْن
رَبِيعَة بْن كَعْب بن ربيعة ابن ثعلبة بْن سَعْد بْن ضبة
بْن أد. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله.
ونسبه ابْن الكلبي، وَمُحَمَّد بْن حَبِيب. وَقَالَ
مُحَمَّد بْن حَبِيب: وصباح أيضا فِي عنزة، وفي عبد القيس،
وفي قضاعة. قَالَ أَبُو عمر: قد ذكرنا ذَلِكَ فِي كتاب
«القبائل [1] » والحمد للَّه.
(1495) عبد الله بْن الْحَارِث بْن أَبِي ضرار الخزاعي.
هُوَ أخو جويرية بِنْت الْحَارِث زوج النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قدم على النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فداء أسارى بني المصطلق،
وغيب فِي بعض الطريق ذودا كن معه، وجارية، سوداء، فكلم
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
فداء الأسارى، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم، فما جئت بِهِ؟ قَالَ: مَا جئت
بشيء. قَالَ: فأين الذود والجارية السوداء التي غيبت بموضع
كذا؟ قَالَ: أشهد أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأنك
رَسُول الله، والله مَا كَانَ معي أحد، ولا سبقني إليك
أحد، فأسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لك الهجرة حَتَّى تبلغ برك الغماد.
(1496) عبد الله بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب بْن هاشم.
كَانَ يسمى عبد شمس، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، مات بالصفراء [2] في
حياة رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فدفنه رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قميصه،
وَقَالَ لَهُ: سَعِيد أدركته السعادة. ذكره مصعب وغيره.
(1497) عبد الله بْن الْحَارِث بْن عَمْرو بْن مؤمل القرشي
العدوي.
ولد على عهد
__________
[1] وارجع إلى ذلك أيضا في اللباب- الصباحي.
[2] من ناحية المدينة.
(3/884)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وحنكه، لا صحبة لَهُ، من ولده أَبُو بَكْر [1]
محمد ابن عبد الله بن الحارث بن عمرو بن مؤمل، كَانَ يرى
رأي الخوارج، وَكَانَ قد جاء مع عَبْد اللَّهِ بْن يَحْيَى
الْكِنْدِيّ الَّذِي يقال لَهُ طالب الحق يَوْم قديد يقاتل
قومه.
(1498) عبد الله بْن الْحَارِث بْن عويمر الأَنْصَارِيّ،
روى عنه محمد بن نافع ابن عجير.
(1499) عبد الله بْن الْحَارِث بْن قَيْس بْن عدي بن سعد
بن سهم القرشي السهمي،
كذا نسبه ابْن الكلبي، وَقَالَ فِيهِ الْوَاقِدِيّ، وابن
إسحاق: ابن عدي بن سعيد ابن سهم. كَانَ من مهاجرة الحبشة،
وَكَانَ شاعرا، وَهُوَ الَّذِي يدعى المبرق لبيت قاله،
وَهُوَ:
إذا أنا لم أبرق فلا يسعني ... من الأرض بر ذو فضاء ولا
بحر
وفيها يَقُول:
وتلك قريش تجحد الله ربها ... كما جحدت عاد ومدين والحجر
وقتل عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن قَيْس يَوْم الطائف
شهيدا هُوَ وأخوه السائب ابْن الْحَارِث بْن قَيْس، كذا
قَالَ الزُّبَيْر وطائفة. وقد قيل: إنه قتل باليمامة شهيدا
هُوَ وأخوه أَبُو قيس، والله أعلم.
(1500) عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الْحَارِث بْن عبد
المطلب القرشي الهاشمي،
وأمه هند بِنْت أَبِي سُفْيَان بْن حرب بْن أُمَيَّة بْن
عبد شمس. ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم
فحنّكه،
__________
[1] في ى: من ولده أبو بكر بن محمد، والصواب من أسد
الغابة.
(3/885)
ودعا لَهُ، يكنى أَبَا مُحَمَّد، ويلقب
ببة، وإنما لقب بِهِ لأن أمه كانت ترقصه وهو طفل وتقول:
لأنكحن ببه ... جارية خدبه
مكرمة محبه
وهو الَّذِي اصطلح عَلَيْهِ أهل البصرة عِنْدَ موت يَزِيد،
فبايعوه، حَتَّى يتفق الناس على إمام. سكن البصرة، ومات
بعمان سنة أربع وثمانين. قَالَ علي بْن المديني:
رَوَى عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن نوفل بْن الْحَارِث
بْن عبد المطلب عَنْ عُمَر، وعثمان، وعلي، والعباس، وصفوان
بْن أُمَيَّة، وَابْن عَبَّاس، وأم هانئ، وكعب، وسمع منهم
كلهم. وروى عَنِ ابْن مَسْعُود ولم يسمع منه، وَكَانَ ثقة.
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: أجمعوا على أَنَّهُ ثقة فيما
رَوَى، لم يختلفوا فِيهِ. رَوَى عَنْهُ عَبْد الْمَلِكِ
بْن عُمَيْر، وَيَزِيد بْن أَبِي زِيَاد، وبنوه: عَبْد
اللَّهِ، وعبيد الله، وإسحاق.
(1501) عبد الله بْن الْحَارِث بْن هِشَام الْمَخْزُومِيّ،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم يقال [1] : إنه حديثه
مرسل، ولا صحبة لَهُ، والله أعلم إلا أَنَّهُ ولد على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1502) عبد الله بْن حارثة بْن النعمان الأَنْصَارِيّ،
لَهُ صحة ورواية. وأبوه حارثة ابن النعمان من كبار
الصحابة، وقد ذكرناه.
(1503) عبد الله بْن حَازِم.
ذكره أَبُو عَبْد اللَّهِ الحاكم فِي الصحابة الذين نزلوا
بخراسان، وَقَالَ: إنه مدفون بخراسان بنيسابور برستاق جوين
[2] .
__________
[1] في أسد الغابة: يقال إن.
[2] جوين: اسم كورة على طريق القوافل من بسطام إلى
نيسابور، تشتمل على مائة وثمانين قرية (ياقوت) .
(3/886)
(1504) عبد الله بْن حبشي [1] الخثعمي،
سكن مكة. رَوَى فِي فضائل الأعمال وفي قطع السدر. رَوَى
عَنْهُ عُبَيْد بْن عُمَيْر، وسعيد [2] بْن مُحَمَّد بْن
جُبَيْر بْن مطعم.
(1505) عبد الله بْن أَبِي حبيبة [3] الأدرع
الأَنْصَارِيّ،
من بني عبد الأشهل، لَهُ صحبة.
ويقال عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حبيبة من بني عَمْرو بْن
عوف بْن مَالِك بْن الأوس. رَوَى عَنِ النبي صلى الله عليه
وسلم أنه صلى فِي نعليه.
(1506) عبد الله بْن أَبِي حدرد الأسلمي،
يكنى أَبَا مُحَمَّد، توفي سنة إحدى وسبعين. واختلف فِي
اسم أَبِي حدرد. وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي موضعه من هَذَا
الكتاب.
(1507) عبد الله [4] بْن أَبِي حدرد الأسلمي.
يكنى أَبَا مُحَمَّد، واسم أَبِي حدرد سلامة بْن [عُمَيْر
بْن [5]] أَبِي سلامة بْن هوازن بْن أسلم. وقيل عبيد [6]
ابن عُمَيْر بْن أَبِي سلامة بْن سَعْد، من ولد عبس بْن
هوازن بْن أسلم بْن أفصى ابن حارثة بْن عُمَيْر بْن
عَامِر. أول مشاهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد الأسلمي
هَذَا الحديبية ثُمَّ خيبر وما بعدها.
مات فِي زمن مصعب بْن الزُّبَيْر، هَذَا قول خليفة. وقال
الواقدي: مات عبد الله بن أَبِي حدرد الأسلمي سنة إحدى
وسبعين، وَهُوَ يومئذ ابْن إحدى وثمانين، وكذلك قَالَ
يَحْيَى بْن عَبْد اللَّهِ بْن بكير، وإبراهيم بْن المنذر.
وَقَالَ ضمرة بْن رَبِيعَة: قتل مصعب سنة إحدى وسبعين،
وفيها مات عَبْد اللَّهِ
__________
[1] بضم المهملة وسكون الموحدة، بعدها معجمة، ثم ياء ثقيلة
(التقريب) .
[2] في أسد الغابة: ومحمد بن جبير.
[3] في أسد الغابة: واسم أبى حبيبة لأدرع.
[4] هذه الترجمة تكرير لسابقتها، وفيها توسع.
[5] من أسد الغابة.
[6] في أسد الغابة، عبد.
(3/887)
ابن أَبِي حدرد. يعد فِي أهل المدينة. قد
رَوَى عَنْهُ ابنه القعقاع وغيره، وقد أنكر بعضهم صحبته
وروايته. وَقَالَ: إن أحاديثه مرسلة، ومن قَالَ هَذَا فقد
جهل مكانه.
وقد أمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ على سراياه واحدة بعد أخرى.
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ
الأَحْمَرِ، عَنْ محمد بن إسحاق، عن زيد ابن عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عبد الله
بن أبي حدرد الأسلمي، عن أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
سَرِيَّةٍ، فَلَقِيَنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ،
فَحَيَّانَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، فَنَزَعْنَا،
وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ،
وذكر تمام الخبر، وكذلك رواه يَحْيَى بْن سَعِيد الأموي،
وَمُحَمَّد بْن سَلَمَة، عَنِ ابْن إِسْحَاق بإسناده مثله.
ورواه عَبْد اللَّهِ بْن إدريس، عَنْ مُحَمَّد بْن
إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَر ابن
الزُّبَيْر، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد الأسلمي،
قَالَ: كنت فِي سرية بعثها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إضم: واد من أودية أشجع.
وَهَذِهِ الروايات كلها تدل على صحبة عَبْد اللَّهِ بْن
أَبِي حدرد. وقد قيل: إن القعقاع بْن عَبْد اللَّهِ ابْن
أَبِي حدرد لَهُ صحبة. وأما إنكار من أنكر أن يكون لعبد
الله بْن أَبِي حدرد صحبة لروايته عَنْ أَبِيهِ فليس بشيء.
وقد رَوَى ابْن عُمَر وغيره، عَنْ أَبِيهِ، وعن النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك ليس قول من
قَالَ: إنه لم يذكر فيمن رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيّ من
الصحابة، لأنه لم يصح عَنِ الزُّهْرِيّ سماع منه، وسنذكره
فِي باب من اسم أَبِيهِ من العبادلة على السين إن شاء الله
تعالى.
(1508) عبد الله بْن حُذَافَة بْن قَيْس بْن عدي بن سعد
[1] بن سهم القرشي السهمي،
يكنى أَبَا حُذَافَة، كناه الزُّهْرِيّ، أسلم قديما، وكان
من المهاجرين الأولين،
__________
[1] في ى: سعيد.
(3/888)
هاجر إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية مع
أخيه قيس بن حذافة في قول بن إِسْحَاق والواقدي، ولم يذكره
مُوسَى، وَأَبُو معشر. وَهُوَ أخو أَبِي الأخنس بْن
حُذَافَة، وخنيس بْن حُذَافَة الَّذِي كَانَ زوج حفصة قبل
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يقال:
إنه شهد بدرا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين. رَوَى
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ
الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن حذافة ابن
قَيْسٍ السَّهْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ
فِيهِ دُعَابَةٌ.
قال أَبُو عُمَر: كَانَ عَبْد اللَّهِ بن حذافة رسول
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
كسرى بكتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يدعوه إِلَى الإسلام، فمزق كسرى الكتاب،
فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: اللَّهمّ مزق ملكه. وَقَالَ: إذا مات كسرى فلا
كسرى بعده. قَالَ الْوَاقِدِيّ: فسلط الله على كسرى ابنه
شيرويه فقتله ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى سنة سبع.
وعبد الله بْن حُذَافَة هَذَا هُوَ القائل لرسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قَالَ: سلوني عما
شئتم: من أَبِي؟ فَقَالَ: أبوك حُذَافَة بْن قَيْس. فقالت
لَهُ أمه: مَا سمعت بابن أعق منك، أمنت أن تكون أمك قارفت
مَا تقارف نساء أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس!
فَقَالَ: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت بِهِ. وكانت فِي
عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة دعابة معروفة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ
بْنُ سعد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ
اللَّيْثِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ حَلَّ
حِزَامَ راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ
أَسْفَارِهِ حَتَّى كَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقَعُ. قَالَ ابْنُ وهب:
(3/889)
فَقُلْتُ لِلَيْثٍ: لِيُضْحِكَهُ؟ قَالَ:
نَعَمْ، كَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، قَالَ اللَّيْث: وَكَانَ
قد أسره الروم في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عَنْهُ،
فأرادوه على الكفر، فعصمه الله حَتَّى أنجاه منهم.
ومات فِي خلافة عُثْمَان. قَالَ الزُّبَيْر: هكذا قَالَ
ابْن وَهْب، عَنِ اللَّيْث:
حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم
يكن لابن وَهْب علم بلسان العرب، وإنما تقول العرب لحزام
الراحلة غرضة إذا ركب بها على رحل، فإن ركب بها على جمل
فهي بطان، وإن ركب بها على فرس فهي حزام، وإن ركب بها على
رحل أنثى فهو وضين.
قال أَبُو عُمَر: شاهد ذَلِكَ مَا روي أن عمر بن الخطاب
رضى الله عنه سار فِي بعض حجاته، فلما أتى وادي محسر ضرب
فِيهِ راحلته حَتَّى قطعته وَهُوَ يرتجز [1] :
إليك تعدو قلقا وضينها ... مخالفا دين النصارى دينها
معترضا فِي بطنها جنينها ... قد ذهب الشحم الَّذِي يزينها
ومن دعابة عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة أن رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه أمره على سرية، فأمرهم أن يجمعوا حطبا
ويوقدوا نارا، فلما أوقدوها أمرهم بالقحم فيها، فأبوا،
فَقَالَ لهم: ألم يأمركم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطاعتي؟ وَقَالَ: من أطاع أميري فقد
أطاعني؟ فقالوا: مَا آمنا باللَّه واتبعنا رسوله إلا لننجو
من النار.
فصوب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فعلهم وَقَالَ: لا طاعة لمخلوق فِي معصية الخالق. قَالَ
الله تعالى [2] : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. 4: 29 وهو
حديث صحيح الإسناد مشهور.
__________
[1] اللسان- وضن.
[2] سورة النساء، آية 28.
(3/890)
قال خليفة بْن خياط: وفي سنة تسع عشرة أسرت
الروم عَبْد اللَّهِ بْن حُذَافَة السهمي. وَقَالَ ابْن
لهيعة: توفى عَبْد اللَّهِ بن حذافة السهمي بمصر، ودفن في
مقبرتها.
رَوَى عَنْهُ من المدنيين مَسْعُود بْن الحكم، وَأَبُو
سَلَمَة، وسليمان بْن سنان.
وَرَوَى عَنْهُ من الكوفيين أَبُو وائل. وَمِنْ حَدِيثِهِ
مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ
صَلَّى، فَجَهَرَ بِصَلاتِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ناج ربّك بقراءتك يا بن
حُذَافَةَ، وَلا تُسْمِعْنِي، وَأَسْمِعْ رَبَّكَ.
(1509) عبد الله ابن أم حرام، أَبُو أَبِي الأَنْصَارِيّ.
وأمه أم حرام، هي زوج عبادة بْن الصامت، يعرف بربيب عبادة،
وَكَانَ خيرا فاضلا، قد صَلَّى القبلتين مع رسول الله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن
زيد بن قيس ابن زيد بن سواد بن مالك بن غنم بْن مَالِك بْن
غنم بْن النجار. وبعضهم يَقُول فِيهِ: عَبْد اللَّهِ بْن
أَبِي ابْن أم حرام، وَهُوَ خطأ من قائله، وإنما هُوَ
أَبُو أَبِي. من حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أكرموا الخبز.
(1510) عبد الله بْن حريث البكري،
قَالَ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أي الأعمال أفضل؟ قَالَ: إسباغ الوضوء، والصلاة لوقتها.
روت عَنْهُ ابنته بهية.
(1511) عبد الله بْن حكل الأزدي، شامي.
روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عقر دار الإسلام الشام. رَوَى عَنْهُ خَالِد بْن معدان.
(1512) عبد الله بْن حكيم بْن حزام القرشي الأسدي.
صحب النبيّ صلى الله
(3/891)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وأبوه حكيم بْن
حزام، وإخوته: هشام، وخالد، ويحيى، بنو حكيم ابن حزام،
وَكَانَ إسلامهم يَوْم الْفَتْح. وقتل عَبْد اللَّهِ بْن
حكيم هَذَا يَوْم الجمل مع عَائِشَة، وَهُوَ كَانَ صاحب
لواء طَلْحَة والزبير بْن العوام يومئذ رَضِيَ اللَّهُ
عنهم.
(1513) عبد الله بْن حكيم الكناني.
من أهل اليمن، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فِي حجة
الوداع: اللَّهمّ اجعلها حجة لا رياء فيها ولا سمعة.
(1514) عبد الله بْن أَبِي الحمساء العامري،
من بني عَامِر بْن صعصعة. يعد فِي أهل البصرة. ويقال سكن
مكة. حديثه عِنْدَ عَبْد اللَّهِ بْن شقيق، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْهُ. من حديثه أَنَّهُ قَالَ: بعت بيعا من النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يبعث.
(1515) عبد الله بْن الحمير الأشجعي،
من بني دهمان، حليف لبني خنساء بن سنان من الأنصار. شهد
بدرا مع أخيه خارجة، وشهد أحدا رضى الله عنه.
(1516) عبد الله بْن حنطب الْمَخْزُومِيّ.
لَهُ صحبة، رَوَى عَنْهُ المطلب مرفوعا فِي فضائل قريش
وفضل أَبِي بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
وحديثه مضطرب الإسناد لا يثبت.
(1517) عبد الله بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر الراهب.
يقال لَهُ ابْن الغسيل، لأن أباه حَنْظَلَة غسيل الملائكة،
قد مضى ذكره فِي باب الحاء. ويقال له عبد الله ابن الراهب،
ينتسب إِلَى جده، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة بْن
الراهب، والراهب هُوَ أَبُو عَامِر، واسمه عبد عَمْرو بْن
صيفي، قد نسبناه فِي باب ابنه حَنْظَلَة الغسيل، غسيل
الملائكة. وذكرنا طرفا من خبره وخبر أَبِي عَامِر أَبِيهِ
هناك، وأما عَبْد اللَّهِ ابْن حَنْظَلَة فولد على عهد
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(3/892)
قال إِبْرَاهِيم بْن المنذر: عَبْد اللَّهِ
بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر يكنى أَبَا عَبْد
الرَّحْمَنِ توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم وهو ابن سبع، وقد رآه وَرَوَى عَنْهُ.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كَانَ خيرا فاضلا مقدما فِي
الأنصار. ومن حديثه مَا رواه إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، عَنْ
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن
حبان، قَالَ: قلت لعبيد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر:
أرأيت وضوء عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر لكل صلاة عمن أخذه؟
قَالَ: حدثته أَسْمَاء بِنْت زَيْد بْن الخطاب أن عَبْد
اللَّهِ بْن حَنْظَلَة حدثها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالوضوء عِنْدَ كل صلاة،
فلما شق عَلَيْهِ أمر بالسواك، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بْن
حَنْظَلَة يتوضأ لكل صلاة.
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: رَوَى عَنْهُ ابْن أَبِي
مليكة، وضمضم بْن جوس، وأسماء بِنْت زَيْد بْن الخطاب.
وَرَوَى عَنْهُ من الصحابة قَيْس بْن سَعْد بْن عبادة أن
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
الرجل أحق بالصلاة فِي منزله.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حدثنا قاسم
بن أصبغ، حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حدثنا عبد الله بن
عمر، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: دِرْهَمُ رِبًا
أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ زَنْيَةً.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: أحاديثه عندي مرسلة.
وقتل عَبْد اللَّهِ بْن حَنْظَلَة يَوْم الحرة سنة ثلاث
وستين، وكانت الأنصار قد بايعته يومئذ، وبايعت قريش عَبْد
اللَّهِ بْن مطيع، وَكَانَ عُثْمَان بْن محمد
(3/893)
ابْن أَبِي سُفْيَان قد أوفده إِلَى يَزِيد
بْن مُعَاوِيَة، فلما قدم على يَزِيد حباه وأعطاه، وَكَانَ
عَبْد اللَّهِ فاضلا فِي نفسه، فرأى منه مَا لا يصلح. فلم
ينتفع بما وَهْب لَهُ، فلما انصرف خلعه فِي جماعة أهل
المدينة، فبعث إِلَيْهِ مُسْلِم بْن عقبة، فكانت الحرة.
(1518) عبد الله بْن حَوَالَةَ،
نسبه الْوَاقِدِيّ فِي بني عَامِر بْن لؤي. وَقَالَ الهيثم
ابْن عدي: هُوَ من الأزد، وَهُوَ الأشهر فِي ابْن
حَوَالَةَ أَنَّهُ أزدي، ويشبه أن يكون حليفا لبني عَامِر
بْن لؤي، يكنى أَبَا حَوَالَةَ، نزل الشام. رَوَى عَنْهُ
من أهلها أَبُو إدريس الخولاني، وجبير بْن نُفَيْر، ومرثد
بْن وداعة، وغيرهم. وقدم مصر فروى عَنْهُ من أهلها
رَبِيعَة بْن لقيط التجيبي.
وتوفي بالشام سنة ثمانين. رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ
عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عُمَرَ، عن عبد الرحمن بن
جبير بن نفير، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
حَوَالَةَ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَقْرَ وَالْغِنَى
وَقِلَّةَ الشَّيْءِ، فَقَالَ: أَنَا لِكَثْرَةِ الشَّيْءِ
أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ قِلَّتِهِ، وَرَوَى فِي فضل
الشام أحاديث.
(1519) عبد الله بْن خباب بْن الأرت.
ولد فِي زمن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فسماه عَبْد اللَّهِ، وكناه أبوه أَبَا عَبْد اللَّهِ،
ذكره الخطيب.
(1520) عَبْد اللَّهِ بْن خبيب الجهني،
حليف للأنصار، مدني. رَوَى عَنْهُ ابنه مُعَاذ.
(1521) عبد الله بْن الخريت
أدرك الجاهلية، ذكره يُونُس بْن بكير عَنْ مُحَمَّد ابْن
إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي
نَجِيح، عَنْ عَبْد الله بن عبيد
(3/894)
ابن عُمَيْر، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن حريت،
وَكَانَ قد أدرك الجاهلية، قَالَ: لم يكن من فخذ إلا ولهم
ناد معلوم فِي المسجد الحرام يجلسون فِيهِ. ذكر خبرا طويلا
فِي المغازي.
(1522) عبد الله بْن خَلَف الخزاعي،
أَبُو طَلْحَة الطلحات، كَانَ كاتبا لعمر بْن الخطاب
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على ديوان البصرة، لا أعلم لَهُ
صحبة، وفي ذَلِكَ نظر.
(1523) عبد الله بْن خنيس [1] .
ويقال عَبْد الرَّحْمَنِ. وَهُوَ أصح. وقد ذكرناه فِي باب
عَبْد الرَّحْمَنِ.
(1524) عبد الله بْن الديان [2] ،
اسمه يَزِيد بْن قطن بْن زِيَاد بْن الْحَارِث بْن مَالِك
بْن رَبِيعَة بْن كَعْب، كَانَ اسمه عبد الحجر بْن الديان،
فلما وفد على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وفد بني الْحَارِث بْن كَعْب قَالَ لَهُ: من أنت؟ قَالَ:
أنا عبد الحجر. فَقَالَ: بل أنت عَبْد اللَّهِ، وكانت
ابنته عَائِشَة تحت عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس، قتل
أباها وولديها بسر بْن أرطاة، وذكر ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر
الطبري وغيره.
(1525) عَبْد الله بْن رَافِع بْن سويد بْن حرام بن الهيثم
بن ظفر الأنصاري الظفري،
شهد أحدا.
(1526) عبد الله بْن ربيع بْن قَيْس بْن عَمْرو بْن عباد
بْن الأبجر،
والأبجر هُوَ خدرة [3] بن عوف بن الحارث بن الخزرج
الأَنْصَارِيّ الخزرجي، شهد بدرا بعد أن شهد العقبة.
(1527) عبد الله بْن رَبِيعَة بْن الأغفل العامري،
من بنى عامر بن صعصعة،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: خنيش- بالنون والياء والشين
المعجمة (64)
[2] في الإصابة عبد الله بن عبد المدان، واسمه عمرو بن
الديان، وفي أسد الغابة:
ابن الديان، واسم الديان يزيد بن قطن.
[3] بضم الخاء وسكون الدال (التبصير) . (الاستيعاب ج 3- م
2)
(3/895)
وقد على النبي صلى الله عليه وسلم مع
عَامِر بْن الطفيل، وَرَوَى قصة عَامِر بتمامها، وقول
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ
أهلك عامرا. مخرج حديثه عَنْ أهل البصرة.
(1528) عبد الله بْن أَبِي رَبِيعَة بْن الْمُغِيرَة بْن
عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم القرشي
الْمَخْزُومِيّ.
أخو عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة، يكنى أَبَا عَبْد
الرَّحْمَنِ، وَكَانَ اسمه فِي الجاهلية بجيرا، فسماه رسول
الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وفيه يقول ابن الزبعري:
بجير ابْن ذي الرمحين قرب مجلسي ... وراح علينا فضله غير
عاتم [1]
واختلف فِي اسم أَبِيهِ أَبِي رَبِيعَة، فقيل: اسمه عَمْرو
بْن الْمُغِيرَة. وقيل:
بل اسمه حذيفة بْن الْمُغِيرَة. وقيل: بل اسمه كنيته،
والأكثر على أن اسم أَبِي رَبِيعَة عَمْرو بْن الْمُغِيرَة
بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم.
كَانَ عَبْد اللَّهِ من أشراف قريش فِي الجاهلية، أسلم
يَوْم الْفَتْح، وَكَانَ من أحسن قريش وجها، وَهُوَ
الَّذِي بعثته قريش مع عَمْرو بْن الْعَاص إِلَى النجاشي
فِي مطالبة أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الذين كانوا عنده بأرض الحبشة.
وَقَالَ بعض أهل العلم بالخبر والنسب: إنه الَّذِي استجار
يَوْم الْفَتْح بأم هانئ بِنْت أَبِي طالب، وَكَانَ مع
الْحَارِث بْن هِشَام، وأراد علي قتلهما، فمنعته [2] منهما
أم هانئ، ثُمَّ أتت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فأخبرته بذلك، فَقَالَ: قد أجرنا من أجرت. هو
أخو عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة لأبيه وأمه، وأمهما
أَسْمَاء بنت مخرمة من
__________
[1] في ى: غانم. والمثبت من أسد الغابة، وعتم عن الشيء:
أبطأ.
[2] في ى: فمنعت منهما (ظهر الاستيعاب ج 3- م 2)
(3/896)
بني مخزوم، قيل: من بني نهشل بْن دارم،
وأخوهما لأمهما أَبُو جهل بْن هِشَام، وَهُوَ والد عَمْرو
بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة الشاعر، ووالد
الْحَارِث بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة عامل ابْن
الزُّبَيْر على البصرة، الَّذِي سماه أهل البصرة القباع،
وَكَانَ فاضلا خلاف أخيه. ذكر الزُّبَيْر أن رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولى عَبْد
اللَّهِ ابْن أَبِي رَبِيعَة هَذَا الجند ومخاليفها، فلم
يزل واليا عليها حَتَّى قتل عمر.
وَقَالَ هُوَ وغيره: إن عُمَر ولى على اليمن- صنعاء
والجند- عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي رَبِيعَة، ثُمَّ ولى
عُثْمَان فولاه ذَلِكَ أيضا، فلما حصر عُثْمَان جاء لينصره
فسقط عَنْ راحلته بقرب مكة فمات.
يعد فِي أهل المدينة، ومخرج حديثه عنهم. من حديثه عَنِ
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما جزاء السلف الحمد
والوفاء. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ
الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: إِنَّمَا جَزَاءُ الْقَرْضِ الْحَمْدُ
وَالْوَفَاءُ. ويقولون: إنه لم يرو عَنْهُ غير ابنه
إِبْرَاهِيم.
(1529) عبد الله بْن رَبِيعَة [1] السُّلَمِيّ.
كوفي، رَوَى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي ليلى.
قَالَ الحكم: لَهُ صحبة، وغيره ينفي ذَلِكَ، ويقولون حديثه
مرسل. وذكر إِسْمَاعِيل ابْن إِسْحَاق، عَنْ علي بْن
المديني، قَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن رَبِيعَة السُّلَمِيّ
لَهُ صحبة.
قَالَ أَبُو عُمَر: لَهُ رواية عَنِ ابْن مَسْعُود. وعبيد
بْن خَالِد، ومعاذ بن جبل رضى الله عنهم.
__________
[1] في أسد الغابة: ربيعة- بضم الراء، وفتح الباء الموحدة،
وتشديد الياء تحتها نقطتان.
(3/897)
(1530) عبد الله بْن رواحة بْن ثعلبة بْن
امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بْن مَالِك الأغر
بْن ثعلبة بْن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج
الأَنْصَارِيّ الخزرجي،
يكنى أَبَا مُحَمَّد، أحد النقباء، شهد العقبة، وبدرا،
وأحدا، والخندق، والحديبية، وعمرة القضاء، والمشاهد كلها
إلا الْفَتْح وما بعده، لأنه قتل يَوْم مؤتة شهيدا. وَهُوَ
أحد الأمراء فِي غزوة مؤتة، وأحد الشعراء المحسنين الذين
كانوا يردون الأذى عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفيه وفي صاحبيه: حَسَّان، وكعب بْن مَالِك نزلت [1] :
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
وَذَكَرُوا الله كَثِيراً ... 26: 227 الآية وكانت غزوة
مؤتة التي استشهد فيها عَبْد اللَّهِ بْن رواحة فِي جمادى
من سنة ثمان بأرض الشام.
رَوَى عَنْهُ من الصحابة ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عنهم، ذكر ابْن وَهْب، عَنْ يَحْيَى بْن
سَعِيد، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن رواحة أول خارج
إِلَى الغزو وآخر قافل.
وَذَكَرَ ابْنُ إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر،
وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا تُوُدِّعَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي حِينِ خُرُوجِهِ إِلَى
مُؤْتَةَ دَعَا لَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلِمَنْ مَعَهُ أَنْ
يَرُدَّهُمُ الله سالمين، فقال ابن رواحة [2] :
لكنني أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً
ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا
أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً ...
بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا
حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي ... يَا
أَرْشَدَ اللَّهِ مَنْ فَازَ [3] وقد رشدا
__________
[1] سورة الأحزاب، آية 21
[2] الطبري: 3- 107
[3] في أسد الغابة، والطبري: من غاز.
(3/898)
وذكر عَبْد الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْن
عُيَيْنَة، قَالَ: وَقَالَ ابْن رواحة يَوْم مؤتة يخاطب
نفسه [1] :
أقسمت باللَّه لتنزلنه ... طائعة [2] أو لتكرهنه
فطالما [3] قد كنت مطمئنه ... جعفر مَا أطيب ريح الجنه
وروى هِشَام، عَنْ قَتَادَة، قَالَ: جعلوا يودعون عَبْد
اللَّهِ بْن رواحة حين توجه إِلَى مؤتة، ويقولون: ردك الله
سالما، فجعل يَقُول: لكنني أسأل الرحمن مغفرة. وذكر
الأبيات الثلاثة، فلما كان عند القتال قال:
أقسمت باللَّه لتنزلنّه ... طائعة أو لتكرهنه
ما لي أراك تكرهين الجنه ... وقبل ذا مَا كنت مطمئنه
وفي رواية ابن هشام زيادة:
إن أجلب الناس وشدوا الرنه ... هل أنت إلا نطفة فِي شنه
قال: وَقَالَ أيضا [4] :
يَا نفس إن لم تقتلي تموتي ... هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هديت
يعني صاحبيه زيدا وجعفرا، ثُمَّ قاتل حينا ثُمَّ نزل،
فأتاه ابْن عم لَهُ بعرق [5] من لحم، قَالَ: شد بهذا ظهرك،
فإنك قد لقيت في أيامك هذه
__________
[1] سيرة ابن هشام: 3- 434.
[2] في السيرة: لتنزلنّ أو لتكرهنه.
[3] في السيرة والطبري: قد طالما قد كنت.
[4] السيرة: 3- 435.
[5] العرق: العظم الّذي عليه بعض اللحم.
(3/899)
ما لقيت. فأخذه من يده فانتهس منه نهسة،
ثُمَّ سمع الحطمة فِي الناس، فَقَالَ:
وأنت فِي الدنيا! فألقاه من يده، ثُمَّ أخذ بسيفه، فتقدم
فقاتل حَتَّى قتل رحمة الله تعالى عَلَيْهِ.
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَجْرَأَ
وَلا أَسْرَعَ شِعْرًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
رَوَاحَةَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ يَوْمًا: قُلْ شِعْرًا
تَقْتَضِيهِ السَّاعَةُ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ،
فانبعث مكانه يقول:
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ أَعْرِفُهُ ...
وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنْ مَا خَانَنِي الْبَصَرُ
أَنْتَ النَّبِيُّ وَمَنْ يحرم شفاعته ... يوم الحساب لقد
أزرى به الْقَدَرُ
فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ
مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: وَأَنْتَ فَثَبَّتَكَ الله يا بن رَوَاحَةَ.
قَالَ هِشَام بْن عُرْوَة: فثبته الله عز وجل أحسن الثبات،
فقتل شهيدا، وفتحت لَهُ الجنة فدخلها. وفي رواية ابْن
هِشَام:
إني تفرست فيك الخير نافلة ... فراسةً خالفت فيك الَّذِي
نظروا
أنت النَّبِيّ ومن يحرم نوافله ... والوجه منك فقد أزرى
بِهِ القدر
وقصته مع زوجته فِي حين وقع على أمته مشهورة، رويناها من
وجوه صحاح، وذلك أَنَّهُ مشى ليلة إِلَى أمة لَهُ فنالها،
وفطنت لَهُ امرأته فلامته، فجحدها.
وكانت قد رأت جماعة لَهَا، فقالت لَهُ: إن كنت صادقا فاقرأ
القرآن فالجنب لا يقرأ القرآن، فقال:
(3/900)
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى
الكافرينا
وأن العرش فوق الماء حق ... وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة غلاظ ... ملائكة الإله مسومينا
فقالت امرأته: صدق الله، وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن
ولا تقرءوه.
وروينا من وجوه من حديث أَبِي الدرداء، قَالَ: لقد رأيتنا
مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
بعض أسفاره فِي اليوم الحار الشديد حَتَّى أن الرجل ليضع
من شدة الحر يده على رأسه، وما فِي القوم صائم إلا رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بْن
رواحة.
(1531) عبد الله بْن رئاب،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
حديثه عندي مرسل، رواه مَعْمَر، عَنْ كَثِير بْن سويد،
عَنْهُ.
(1532) عبد الله بْن زائدة بْن الأصم،
هُوَ ابْن أم مكتوم [1] القرشي العامري الأعمى. هكذا قَالَ
قَتَادَة: ابْن أم مكتوم عَبْد اللَّهِ بْن زائدة. وَقَالَ
غيره:
عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس بْن زائدة. وسنذكره فِي موضعه،
وقد تقدم ذكره فِي صدر العبادلة [2] .
(1533) عبد الله بْن الزبعري بْن قَيْس بْن عدي بْن سَعْد
بْن سهم القرشي السهمي الشاعر.
أمه عاتكة بِنْت عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن وَهْب بْن
حُذَافَة بْن جمح، كَانَ من أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى
أصحابه بلسانه ونفسه، وَكَانَ من أشعر الناس وأبلغهم.
يقولون: إنه أشعر قريش قاطبة.
__________
[1] في أسد الغابة: وهو المعروف بابن أم مكتوم.
[2] سيأتي بعد.
(3/901)
قال مُحَمَّد بْن سلام: كَانَ بمكة شعراء،
فأبدعهم شعرا عَبْد اللَّهِ بْن الزبعري.
قَالَ الزُّبَيْر: كذلك يَقُول رواة قريش، إنه كَانَ
أشعرهم فِي الجاهلية، وأما مَا سقط إلينا من شعره، وشعر
ضرار بْن الخطاب فضرار عندي أشعر منه وأقل سقطا.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: كَانَ يهاجي حَسَّان بْن
ثَابِت، وكعب بْن مَالِك، ثُمَّ أسلم عَبْد اللَّهِ
الزبعري عام الْفَتْح بعد أن هرب يَوْم الْفَتْح إِلَى
نجران، فرماه حَسَّان بْن ثابت ببيت واحد، فما زاده عليه
[1] :
لا تعد من رجلا أحلك بغضه ... نجران فِي عيش أجد أثيم [2]
فلما بلغ ذَلِكَ ابْن الزبعري قدم على رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم وحسن إسلامه،
واعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل عذره،
ثُمَّ شهد مَا بعد الْفَتْح من المشاهد.
ومن قوله بعد إسلامه للنبي عَلَيْهِ السلام معتذرا [3] :
يا رسول المليك، إن لساني ... راتق مَا فتقت إذ أنا بور
إذ أجاري [4] الشيطان فِي سنن الغي ... أنا فِي ذاك [5]
خاسر مثبور
يشهد السمع والفؤاد بما قلت ... ونفسي الشهيد وهي [6]
الخبير
إن مَا جئتنا بِهِ حق صدقٍ ... ساطع نوره مضيء منير
__________
[1] سيرة ابن هشام: 4- 38.
[2] في أسد الغابة: لئيم.
[3] سيرة ابن هشام: 4- 39.
[4] في السيرة: أبارى.
[5] في السيرة، وأسد الغابة: ومن مال ميله مثبور، ومثبور:
هالك.
[6] في أسد الغابة: فنفس الشهيد أنت النذير.
(3/902)
جئتنا باليقين والصدق والبر ... وفي الصدق
واليقين السرور
أذهب الله ضلة الجهل عنا ... وأتانا الرخاء والميسور
في أبيات لَهُ.
والبور: الضال الهالك، وَهُوَ لفظ للواحد والجمع.
وقال أيضا:
سرت الهموم بمنزل السهم ... إذ كن بين الجلد والعظم
ندما على مَا كَانَ من زللٍ ... إذ كنت فِي فتن من الإثم
حيران يعمه فِي ضلالته ... مستوردا لشرائع الظلم
عمه يزينه بنو جمحٍ ... وتوازرت فِيهِ بنو سهم
فاليوم آمن بعد قسوته ... عظمى، وآمن بعده لحمي
لمحمدٍ ولما يجيء بِهِ ... من سنة البرهان والحكم
في قصيدة لَهُ يمدح بها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وله فِي مدحه أشعار كثيرة ينسخ بها مَا قد مضى
من شعره فِي كفره، منها قوله [1] :
منع الرقاد بلابل وهموم ... والليل معتلج الرواق بهيم
مما أتاني أن أَحْمَد لامني ... فيه، فبت كأنني محموم
يا خير من حملت على أوصالها ... عيرانة [2] سرح اليدين
غشوم
إني لمعتذر إليك من التي ... أسديت إذ أنا فِي الضلال أهيم
أيام تأمرني بأغوى خطة ... سهم، وتأمرني بها مخزوم
وأمد أسباب الهوى ويقودني ... أمر الغواة وأمرهم مشئوم
__________
[1] السيرة: 4- 39.
[2] عيرانة: الناقة التي تشبه العير، وهو الحمار الوحشي في
شدته ونشاطه.
(3/903)
فاليوم آمن بالنبي مُحَمَّد ... قلبي ومخطئ
هَذِهِ محروم
مضت العداوة وانقضت أسبابها ... وأتت [1] أواصر بيننا
وحلوم
فاغفر [2] فدى لك والدي كلاهما ... وارحم فإنك راحم مرحوم
وعليك من سمة [3] المليك علامة ... نور أغر وخاتم مختوم
أعطاك بعد محبةٍ برهانه ... شرفا وبرهان الإله عظيم
(1534) عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بْن هاشم القرشي
الهاشمي،
وأمه عاتكة ابنة أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عِمْرَان بْن
مخزوم، لا عقب لَهُ، وقتل يَوْم أجنادين فِي خلافة أَبِي
بَكْر شهيدا، ووجد عنده [4] عصبة من الروم قد قتلهم، ثُمَّ
أثخنته الجراح، فمات.
ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ
عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَوَّلُ
قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الرُّومِ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بَرَزَ
بِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ
إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، فَاخْتَلَفَا ضَرَبَاتٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ
لِسَلَبِهِ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ يَدْعُوهُ إِلَى
الْبِرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الزُّبَيْرِ، فَتَشَاوَلا [5] بِالرُّمْحَيْنِ سَاعَةً،
ثُمَّ صَارَا إِلَى السَّيْفَيْنِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ
عَبْدُ اللَّهِ فَضَرَبَهُ، وَهُوَ دَارِعٌ عَلَى
عَاتِقِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فأثبته وقطع سيفه الدرع، وأسرع فِي منكبه، ثُمَّ ولى
الرومي منهزما، فهزم
__________
[1] في السيرة: ودعت.
[2] في السيرة: فاعف.
[3] في السيرة: من علم.
[4] في أسد الغابة: حوله.
[5] تشاول القوم: إذا تناول بعضهم بعضا بالرماح (اللسان-
شول) .
(3/904)
عَلَيْهِ عَمْرو بْن الْعَاص لا يبارز،
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ: إِنِّي والله مَا أجدني أصبر، فلما
اختلطت السيوف، وأخذ بعضها بعضا وجد فِي ربضة [1] من الروم
وعشرة حوله قتلى وَهُوَ مقتول بينهم، وَكَانَ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَهُ: ابْن عمي
وحبي. ومنهم من يروي أَنَّهُ كَانَ يَقُول لَهُ: ابْن أمي.
لا أحفظ لَهُ رواية عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روت عَنْهُ أختاه ضباعة، وأم الحكم
ابنتا الزُّبَيْر بْن عبد المطلب، وكانت سنه يَوْم توفي
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوا من
ثلاثين سنة.
(1535) عبد الله بْن الزُّبَيْر بْن العوام بْن خويلد بن
أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي.
يكنى أَبَا بَكْر. وَقَالَ بعضهم فِيهِ أَبُو بكير، ذكر
ذَلِكَ أَبُو أَحْمَد الحاكم الْحَافِظ فِي كتابه فِي
الكنى. والجمهور من أهل السير وأهل الأثر على أن كنيته
أَبُو بَكْر، وله كنية أخرى، أَبُو خبيب. وكان أسن ولده.
وخبيب هُوَ صاحب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ الَّذِي مات
من ضربه، إذ كَانَ عُمَر واليا على المدينة للوليد،
وَكَانَ الْوَلِيد قد أمره بضربه، فمات من أدبه ذَلِكَ،
فوداه عُمَر بعده.
قَالَ أَبُو عُمَر: كناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باسم جده أَبِي أمه أبى بكر الصديق،
وسمّاه باسمه. هاجرت أمه أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر من
مكة، وهي حامل بابنها عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر،
فولدته فِي سنة اثنتين من الهجرة بعشرين شهرا من التاريخ.
وقيل: إنه ولد فِي السنة الأولى، وَهُوَ أول مولود فِي
الإسلام من المهاجرين بالمدينة.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَسْمَاءَ
__________
[1] ربضه: جماعة (القاموس) .
(3/905)
أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا
مُتِمٌّ [1] ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ
بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ. ثُمَّ أَتَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَعَا بِتَمْرَةٍ
فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلُ
شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: ثُمَّ حَنَّكَهُ
بِالْخُبْزَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِ،
وَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ
لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَتْ: فَفَرِحُوا
بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ:
إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلا يُولَدُ لَكُمْ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
مَيْمُونٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ
الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ شُرَيْكٍ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الله ابن الزُّبَيْرِ، قَالَ:
سُمِّيتُ بِاسْمِ جَدِّي أَبِي بَكْرٍ، وَكُنِّيتُ
بِكُنْيَتِهِ. وشهد الجمل مع أَبِيهِ وخالته، وكان شهما
دكرا شرسا ذا أنفة، وكانت لَهُ لسانة وفصاحة، وَكَانَ أطلس
[2] ، لا لحية لَهُ، ولا شعر فِي وجهه.
وَقَالَ علي بْن زَيْد الجدعاني: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن
الزُّبَيْر كَثِير الصلاة، كَثِير الصيام، شديد البأس،
كريم الجدات والأمهات والخالات، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ
خلال لا تصلح معها الخلافة، لأنه كَانَ بخيلا، ضيق العطاء،
سيء الخلق، حسودا، كَثِير الخلاف، أخرج مُحَمَّد ابْن
الحنفية، ونفى عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس إِلَى الطائف.
قَالَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا زال
الزُّبَيْر يعد منا- أهل البيت- حَتَّى نشأ عَبْد اللَّهِ.
وبويع لعبد الله بْن الزُّبَيْر بالخلافة سنة أربع وستين،
هَذَا قول أَبِي معشر. وقال المدائني: بويع لَهُ بالخلافة
سنة خمس وستين، وَكَانَ
__________
[1] متم: دنا ولادها (القاموس) .
[2] الأطلس: الأسود كالحبشى.
(3/906)
قبل ذَلِكَ لا يدعى باسم الخلافة، وكانت
بيعته بعد موت مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، واجتمع على طاعته
أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وحج بالناس ثماني
حجج، وقتل رحمه الله فِي أيام عَبْد الْمَلِكِ يَوْم
الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى. وقيل جمادى
الآخرة، سنة ثلاث وسبعين، وَهُوَ ابْن ثنتين وسبعين سنة،
وصلب بعد قتله بمكة، وبدأ الْحَجَّاج بحصاره من أول ليلة
من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين، وحج بالناس الْحَجَّاج فِي
ذَلِكَ العام، ووقف بعرفة وعليه درع ومغفر، ولم يطوفوا
بالبيت فِي تلك الحجة، فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يوما
إِلَى أن قتل فِي النصف من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن
الحجاج، حدثنا يحيى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأجلح، عن هشام ابن عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلُ قَتْلِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ دَخَلَ
عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَهِيَ شَاكِيَةٌ، فَقَالَ
لَهَا: كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا أَمَهْ؟
قَالَتْ: مَا أَجِدُنِي إِلا شَاكِيَةً. فَقَالَ لَهَا:
إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً. فَقَالَتْ لَهُ:
لَعَلَّكَ تَمَنَّيْتَهُ لِي. مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ
حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ، إِمَّا إِنْ
قُتِلْتَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا ظَفَرْتَ بِعَدُوِّكَ
فَتَقَرَّ عَيْنِي.
قَالَ عُرْوَةُ: فالتفت إلي عَبْد اللَّهِ فضحك، فلما
كَانَ فِي اليوم الَّذِي قتل [1] فِيهِ دخل عليها فِي
المسجد فقالت لَهُ: يَا بني، لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها
على نفسك الذل مخافة القتل، فو الله لضربة سيف فِي عز خير
من ضربة سوط فِي المذلة. قَالَ: فخرج، وقد جعل لَهُ مصراع
عِنْدَ الكعبة، فكان تحته، فأتاه رجل من قريش، فَقَالَ
لَهُ: ألا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها! فَقَالَ عَبْد
اللَّهِ:
__________
[1] الطبري: 7- 205
(3/907)
من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه، والله لو
وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم، وهل حرمة المسجد إلا
كحرمة البيت، ثم تمثل:
ولست بمبتاع الحياة بسبةٍ ... ولا مرتق من خشية الموت سلما
قال: ثُمَّ شد عَلَيْهِ أصحاب الْحَجَّاج، فَقَالَ: أين
أهل مصر؟ فقالوا: هم هؤلاء من هَذَا الباب- لأحد أبواب
المسجد، فَقَالَ لأصحابه: كسروا أغماد سيوفكم، ولا تميلوا
عني، فإني فِي الرعيل الأول. قَالَ: ففعلوا، ثُمَّ حمل
عليهم، وحملوا معه، وَكَانَ يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه،
فقطع يده، وانهزموا، فجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب
المسجد، فجعل رجل أسود يسبه. فَقَالَ لَهُ: اصبر يَا بْن
حام. ثُمَّ حمل عَلَيْهِ فصرعه. قَالَ: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ
أهل حمص من باب بني شيبة. فَقَالَ: من هؤلاء؟ فقالوا: أهل
حمص، فشد عليهم، وجعل يضربهم حَتَّى أخرجهم من باب المسجد،
ثُمَّ انصرف، وهو يقول:
لو كَانَ قرني واحدا لكفيته ... أوردته الموت وذكيته
قال: ثُمَّ دخل عَلَيْهِ أهل الأردن من باب آخر، فَقَالَ:
من هؤلاء؟ فقيل:
أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حَتَّى أخرجهم من المسجد،
ثم انصرف، وهو يقول:
لا عهد لي بغارةٍ مثل السيل ... لا ينجلي قتامها حَتَّى
الليل
قال: فأقبل عَلَيْهِ حجر من ناحية الصفا، فضربه بين عينيه،
فنكس رأسه، وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر
الدم
(3/908)
هكذا تمثل بِهِ ابْن الزُّبَيْر. قَالَ:
وحماه موليان لَهُ، أحدهما يَقُول:
العبد يحمي ربه ويحتمي.
قَالَ: ثُمَّ اجتمعوا عَلَيْهِ، فلم يزالوا يضربونه حَتَّى
قتلوه ومولييه جميعا، ولما قتل كبر أهل الشام، فَقَالَ
عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر: المكبرون عَلَيْهِ يَوْم ولد خير
من المكبرين عَلَيْهِ يَوْم قتل.
وقال يَحْيَى بْن حرملة: دخلت مكة بعد ما قتل ابْن
الزُّبَيْر بثلاثة أيام، فإذا هُوَ مصلوب، فجاءت أمه-
امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن
لهذا الراكب أن ينزل! فَقَالَ لَهَا الْحَجَّاج: المنافق!
فقالت:
والله مَا كَانَ منافقا، ولكنه كَانَ صواما برا. قَالَ:
انصرفي، فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله مَا خرفت، ولقد
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يخرج من ثقيف
كذاب ومبير. أما الكذاب قد رأيناه، وأما المبير فأنت
المبير. قال أَبُو عُمَر: الكذاب فيما يقولون المختار بْن
أَبِي عُبَيْد الثقفي.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ
الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:
كُنْتُ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنُزُولِ ابْنِهَا
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْخَشَبَةِ،
فَدَعَتْ بِمِرْكَنٍ وَشَبِّ يَمَانٍ. وَأَمَرَتْنِي
بِغَسْلِهِ، فَكُنَّا لا نَتَنَاوَلُ عُضْوًا إِلا جَاءَ
مَعَنَا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتتناول
الْعُضْوَ الآخَرَ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ، ثُمَّ
قَامَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ قَبْلَ
ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تمتنى حتى تقرّ عيني بحثته، فَمَا
أَتَتْ عَلَيْهَا جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ.
(3/909)
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: رحل عُرْوَة
بْن الزُّبَيْر إِلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان.
فرغب إِلَيْهِ فِي إنزاله من الخشبة، فأسعفه، فأنزل، ثُمَّ
كَانَ مَا وصف ابْن أَبِي مليكة، وَقَالَ علي بْن
مُجَاهِد: قتل مع ابْن الزُّبَيْر مائتان وأربعون رجلا إن
منهم لمن سال دمه فِي جوف الكعبة.
وَرَوَى عِيسَى، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ،
قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ أَفْضَلُ مِنْ مَرَوَانَ.
وَكَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ مَرَوَانَ وَمِنَ
ابْنِهِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد،
حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن النُّعْمَانِ
بِالْقَيْرَوَانِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
مروان البغدادي بالإسكندرية، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ، قَالَ: مَكَثَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الله ابن
الزُّبَيْرِ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ حَوْلا لا يَسْأَلُ
أَحَدًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا إِلا الدُّعَاءَ لأَبِيهِ
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي
سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ،
قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ
فَأَرُونِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ قَالُوا: هَذَا
ابْنُ عُمَرَ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَكَ
أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا
قَدْ غَلَبَ عَلَيْكِ، وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لا
تُخَالِفِينَهُ- يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَتْ:
أَمَا إِنَّكَ لَوْ نَهَيْتَنِي مَا خَرَجْتُ.
(1536) عبد الله بْن زغب [1] الإيادي.
قَالَ أَبُو زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ: لَهُ صحبة.
(1537) عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بْن
أَسَد بْن عبد العزى ابْن قصي القرشي الأسدي.
أمه قريبة [2] بِنْت أَبِي أُمَيَّة أخت أم سَلَمَة أم
المؤمنين،
__________
[1] بضم الزاى المعجمة، وسكون الغين المعجمة (التقريب) .
[2] الضبط من القاموس.
(3/910)
كَانَ من أشراف قريش، وَكَانَ يأذن على
النبي صلى الله عليه وسلم، يعد في أهل المدينة.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وعروة
بْن الزُّبَيْر، فحديث أَبِي بَكْر عَنْهُ أن النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مروا أَبَا
بَكْر فليصل بالناس. وروى عَنْهُ عُرْوَة ثلاثة أحاديث:
أحدها- أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ذكر النساء فَقَالَ: يضرب أحدكم المرأة ضرب
العبد، ثُمَّ يضاجعها من آخر يومه! والثاني- أَنَّهُ ذكر
الضرطة فوعظهم فيها، فَقَالَ: لم يضحك أحدكم مما يفعل.
والثالث- أَنَّهُ ذكر ناقة صَالِح، فَقَالَ: انبعث لَهَا
رجل عزيز عارم [1] منيع فِي رهطه مثل أَبِي زمعة فِي قومه.
وربما جمع هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ
الأحاديث الثلاثة فِي حديث واحد.
وأبو زمعة هَذَا هُوَ الأسود بْن المطلب بن أسد بن عبد
العزى بن قصي، كني بابنه زمعة، وقتل زمعة بْن الأسود،
وأخوه عُقَيْل بْن الأسود يَوْم بدر كافرين، وأبوهما
الأسود، كان أحد المستهزءين الذين قَالَ الله تعالى فيهم
[2] :
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95.
ذكروا أن جبريل رمى فِي وجهه بورقة فعمي، وكانت تحت عَبْد
اللَّهِ بْن زمعة زينب بِنْت أَبِي سَلَمَة، وهي أم بنته،
وابنه يَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، قتله مسرف [3]
بْن عقبة صبرا يَوْم الحرة، وذلك أَنَّهُ أتى بِهِ مسرف
بْن عقبة أسيرا.
__________
[1] عارم: خبيث شرير (النهاية) .
[2] سورة الحجر، آية 95.
[3] هكذا في ى، وفي أسد الغابة: مسلم بن عقبة.
(م 4- الاستيعاب- ثالث)
(3/911)
فقال لَهُ: بايع على أنك خول لأمير
المؤمنين، يَعْنِي يَزِيد، يحكم فِي دمك ومالك.
فقال: أبايعه على الكتاب والسنة، وأنا ابْن عم أمير
المؤمنين، يحكم فِي دمي وأهلي ومالي، وَكَانَ صديقا ليزيد
وصفيا لَهُ، فلما قَالَ ذَلِكَ قَالَ مسرف: اضربوا عنقه،
فوثب مَرَوَان فضمه إِلَيْهِ لما كَانَ يعرف بينه وبين
يَزِيد. فقال مَرَوَان:
نعم يبايعك على مَا أحببت، وقال مسرف: والله لا أقبله
أبدا. وقال: إن تنحى عَنْهُ مَرَوَان وإلا فاقتلوهما معا،
فتركه مَرَوَان، وضربت عنق يَزِيد بن عبد الله ابن زمعة،
وقتل يومئذ إخوته فِي القتال، فيقال: إنه قتل لعبد الله
بْن زمعة يَوْم الحرة بنون. ومن ولد عَبْد اللَّهِ بْن
زمعة كَثِير بْن عَبْد اللَّهِ بْن زمعة، وَهُوَ جد أَبُو
البختري، والقاضي وَهْب بْن وَهْب بْن كَثِير بْن عَبْد
اللَّهِ بْن زمعة.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنِي أبو
البختري قال: قال لي مصعب ابن ثَابِتٍ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: وَهْبُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَبْدٍ الْكَثِيرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: فَمَا لَكَ لا
تَقُولُ كَثِيرًا؟ لَعَلَّكَ كَرِهْتَ ذَلِكَ، أَتَدْرِي
مَنْ سَمَّاهُ كَثِيرًا؟
جَدَّتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم.
(1538) عبد الله بْن زِيَاد [1] بْن عَمْرو بْن زمزمة بْن
عَمْرو البلوي، هُوَ المجذر بْن زِيَاد.
وقيل لَهُ المجذر، لأنه كَانَ مجذر الخلق، وَهُوَ الغليظ،
وغلب عَلَيْهِ وعرف بِهِ، ولذلك ذكرناه فِي باب الميم. شهد
بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يَوْم أحد
شهيدا.
(1539) عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد بْن ثعلبة بْن عَبْد
اللَّهِ بْن زيد، من بنى جشم بن الحارث ابن الخزرج
الأَنْصَارِيّ الخزرجي الحارثي،
من بني الْحَارِث بْن الخزرج، وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن
مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ: ليس فِي آبائه ثعلبة، وإنما هُوَ
عبد الله بن زيد
__________
[1] في هامش القاموس: بن زياد.
(3/912)
بن عبد ربه بن زَيْد بْن الْحَارِث، وثعلبة
بْن عبد ربه هُوَ عم عَبْد اللَّهِ، وأخو زَيْد، فأدخلوه
فِي نسبه، وذلك خطأ.
شهد العقبة، وشهد بدرا وسائر المشاهد مع رَسُول اللَّهِ
صَلَّى الله عليه وسلم، وهو الّذي أرى الأذان فِي النوم
فأمر بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بلالا على مَا رآه عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد
هَذَا، وكانت رؤياه ذَلِكَ فِي سنة إحدى بعد بناء رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده، يكنى
أَبَا مُحَمَّد، وكانت معه راية بني الْحَارِث بْن الخزرج
يَوْم الْفَتْح.
توفي بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين وَهُوَ ابْن أربع وستين،
وصلى عَلَيْهِ عُثْمَان، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيد بْن
المسيب، وعبد الرحمن بْن أَبِي ليلى، وابنه مُحَمَّد بْن
عبد الله ابن زيد.
(1540) عبد الله بْن زَيْد بْن عَاصِم بْن كَعْب بْن
عَمْرو بْن عوف بْن المبذول بْن عَمْرو بْن غنم بْن مازن
الأَنْصَارِيّ المازني،
من بني مازن بْن النجار، يعرف بابن أم عُمَارَة، ولم يشهد
بدرا، وَهُوَ الَّذِي قتل مسيلمة الكذاب فيما ذكر خليفة
ابن خياط وغيره، وَكَانَ مسيلمة، قد قتل أخاه حَبِيب بْن
زَيْد، وقطعه عضوا عضوا على مَا قد ذكرناه فِي بابه من
هَذَا الكتاب، فقضى الله أن شارك أخوه عَبْد اللَّهِ بْن
زَيْد فِي قتل مسيلمة.
قال خليفة: اشترك وحشي بْن حرب، وعبد الله بْن زَيْد فِي
قتل مسيلمة، رماه وحشي بْن حرب بالحربة، وضربه عَبْد
اللَّهِ بْن زَيْد بالسيف، فقتله، وقتل عَبْد اللَّهِ بْن
زَيْد يَوْم الحرة، وكانت الحرة سنة ثلاث وستين، وَهُوَ
صاحب
(3/913)
حديث الوضوء، روى عَنْهُ سَعِيد بْن
المسيب، وَابْن أخيه عباد بْن تميم بْن زَيْد ابن عَاصِم،
ويحيى بْن عُمَارَة بْن أَبِي حسن.
(1541) عبد الله بْن سابط بْن أَبِي حميضة [1] بن عمرو بن
وهب بن حذافة بن جمح القرشي الْجُمَحِيّ مكي.
روى عَنْهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، ومن قَالَ عَبْد
الرَّحْمَنِ ابْن سابط نسبه إِلَى جده. وإنما هُوَ عَبْد
الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن سابط، من كبار
التابعين، أكثر مَا يأتي ذكره ابْن سابط غير منسوب، أو
عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سابط إذا رَوَى عَنْهُ من رأيه أو
من غير رأيه شيء، وَأَبُو عَبْد اللَّهِ لَهُ صحبة فِي قول
من حكينا قوله.
وقد زعم بعض أهل النسب أن عَبْد اللَّهِ وعبد الرحمن ابني
سابط أخوان، لا صحبة لهما، وأنهما جميعا كانا فقيهين وقال
الزُّبَيْر وعمه مصعب: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سابط، أمه
وأم أخوته: عَبْد اللَّهِ، وربيعة، وموسى، وفراس، وعبيد
الله، وإسحاق، والحارث، أم مُوسَى بِنْت الأعور، واسمه
خَلَف بْن عَمْرو بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جمح، واسمها
تماضر.
قال: وَكَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ فقيها.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: هُوَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن
عَبْد اللَّهِ بْن سابط من كبار التابعين وفقهائهم. حدث
عَنْهُ ابْن جريج ونظراؤه، وأبوه عَبْد اللَّهِ بْن سابط
مذكور فِي الصحابة من بني جمح فِي قريش، مَعْرُوف الصحبة،
مشهور النّسب.
(1542) عَبْد اللَّهِ بْن ساعدة.
أخو عويم [2] بْن ساعدة الأنصاري. مدني. روى
__________
[1] في القاموس: أبو خميصة، بالخاء والصاد. أو هو بالضاد
المعجمة والحاء المهملة.
[2] عويم كزبير (القاموس) .
(3/914)
عَنْهُ مُسْلِم بْن جندب أن رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من كانت لَهُ
غنم فليسر بها عَنِ المدينة، فإن المدينة أقل أرض الله
مطرا.
(1543) عبد الله بْن السائب بْن أَبِي السائب.
واسم أَبِي السائب صيفي من عائذ [1] ابن عبد الله بن عمر
[2] بن مخزوم القرشي، الْمَخْزُومِيّ، القارئ، يكنى أَبَا
عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: أَبَا السائب، يعرف بالقارئ [3]
أخذ عَنْهُ أهل مكة القراءة، وعليه قرأ مُجَاهِد وغيره من
قراء أهل مكة، سكن مكة، وتوفي بها قبل قتل ابْن الزُّبَيْر
بيسير. وقيل: إنه مولى مجاهد. وقيل: إن مجاهدا مولى قَيْس
بْن السائب، وسنذكر ذَلِكَ فِي باب قَيْس إن شاء الله
تعالى.
حدثني خلف بن قاسم، وعلي بن إبراهيم، قالا: حدثنا الحسن بن
رشيق، حدثنا علي بن سَعِيد بْن بشير، حَدَّثَنَا أَحْمَد
بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْقَاسِم بْن أَبِي
بزة، قَالَ: سمعت عكرمة بْن سُلَيْمَان بْن عَامِر يَقُول:
قرأت على إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّهِ بْن قسطنطين مولى
بني الميسرة موالي الْعَاص بْن هِشَام، قَالَ لي: قرأت على
عَبْد اللَّهِ بْن كَثِير مولى بني عَلْقَمَة أَنَّهُ قرأ
على مُجَاهِد بْن جبر أَبِي الْحَجَّاج مولى عَبْد اللَّهِ
بْن السائب الْمَخْزُومِيّ. وقال هِشَام بْن مُحَمَّد
الكلبي: وَكَانَ شُرَيْك رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الجاهلية عَبْد اللَّهِ بْن السائب، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ:
كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الجاهلية
السائب بْن أَبِي السائب، وَقَالَ غيرهما: كَانَ شُرَيْك
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في الجاهلية قيس
ابن السائب. وقد جاء بذلك كله الأثر، اختلف فيه على مجاهد.
ومن حديث
__________
[1] في هامش التهذيب: كذا في الأصل، ولكن في الخلاصة عابد-
بباء موحدة.
[2] هكذا في ى، وأسد الغابة، والتهذيب. وفي الإصابة: عمرو.
[3] في أسد الغابة: القاري: من قارة قبيلة مشهورة ينسب
إليها. فتكون النسبة إليها قارى بالتشديد، وليس كذلك،
وإنما هو عبد الله من بنى مخزوم وليس من القارة، وهو
بالهمز- قاله أبو عمر.
(3/915)
عَبْد اللَّهِ بْن السائب هَذَا قَالَ:
شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بمكة، فافتتح
سورة المؤمنين، فلما أتى على ذكر مُوسَى وهارون أخذته سعلة
فركع.
(1544) عبد الله بْن السائب بْن عُبَيْد بْن عبد يزيد بن
هاشم بن عبد المطلب بْن عبد مناف.
ذكره الكلبي فيمن صحب النبي صلى الله عليه وسلم.
(1545) عبد الله بْن سبرة الجهني.
سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُول: إن الله ينهاكم عَنْ قيل وَقَالَ، وكثرة السؤال،
وإضاعة المال. وروى عَنْهُ ابنه مُسْلِم بْن عَبْد اللَّهِ
بْن سبرة. يعد فِي أهل البصرة.
(1546) عبد الله بْن سبرة الهمداني.
ويقال العبدي. من عبد القيس، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن
سَعْد.
(1547) عبد الله بْن سراقة بْن المعتمر بْن عبد الله بن
قرط بن رزاح بن عدي بْن كَعْب القرشي العدوي،
شهد بدرا هُوَ وأخوه عَمْرو بْن سراقة فِي قول ابْن
إِسْحَاق. وقال مُوسَى بْن عقبة، وَأَبُو معشر: لم يشهد
عَبْد اللَّهِ بْن سراقة بدرا، وشهد أحدا وما بعدها من
المشاهد.
(1548) عبد الله بْن سرجس [1] الْمُزْنِيّ،
ويقال الْمَخْزُومِيّ، أظنه حليفا لهم، بصري.
روى عَنْهُ عَاصِم الأحول، وقتادة، قال عَاصِم الأحول:
عَبْد اللَّهِ بْن سرجس رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكن لَهُ صحبة.
وقال أَبُو عُمَر: لا يختلفون فِي ذكره فِي الصحابة،
ويقولون: لَهُ صحبة على مذهبهم فِي اللقاء والرؤية
والسماع، وأما عَاصِم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب
إليها العلماء، وأولئك قليل.
__________
[1] بفتح المهملة، وسكون الراء، وكسر الجيم، بعدها مهملة
(التقريب) .
(3/916)
(1549) عبد الله بْن سَعْد الأزدي.
شامي، رَوَى عَنْهُ خَالِد بْن معدان مرفوعا:
إن [1] الله تعالى أعطاني فارس وأمدني بحمير.
(1550) عبد الله بْن سَعْد الأسلمي.
مزني، حَدِيثُهُ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ، عن هشام ابن
عَاصِمٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ
الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الأَرْضَ
تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لا تُطْوَى بِالنَّهَارِ.
(1551) عبد الله بْن سَعْد الأَنْصَارِي،
عم حرام بْن حكيم، حديثه عِنْدَ أهل الشام، يقال: إنه شهد
القادسية، وَكَانَ يومئذ على مقدمة الجيش، رَوَى عَنْهُ
حرام بْن حكيم، وخالد بْن معدان.
(1552) عبد الله بْن سَعْد بْن خيثمة الأَنْصَارِيّ
الأوسي.
وله ولأبيه ولجده صحبة، وقد ذكرناهما. قتل أبوه يَوْم بدر،
وقتل جده يَوْم أحد. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ
رَبَاحِ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ
حَكِيمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عبد الله ابن سَعْدِ بْنِ
خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيَّ، أَشَهِدْتَ أُحُدًا مَعَ رسول
الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: نَعَمْ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي. وقد قيل: إنه شهد
بدرا، وَعُمَر، وَرَوَى عَنْهُ.
وذكر الفاكهي، قَالَ حَدَّثَنَا يعقوب بْن حميد، قَالَ:
حَدَّثَنَا بشر بْن السري، عَنْ رباح بْن أَبِي مَعْرُوف،
عَنِ الْمُغِيرَة بْن حكيم، قَالَ: كنا مع عَبْد اللَّهِ
بْن سَعْد بْن خيثمة، فجاء رجل فطاف بالبيت، ثُمَّ صَلَّى
فِي وجه الكعبة ركعتين، ثُمَّ التزم، وذكر الخبر، قَالَ
الْمُغِيرَة: فقلت لعبد الله بْن سَعْد: أشهدت بدرا؟
قَالَ: نعم، والعقبة رديفا خَلَف أَبِي. قال أَبُو عُمَر:
هكذا قَالَ: أشهدت بدرا؟ وَابْن الْمُبَارَك أحفظ وأضبط،
والله أعلم.
__________
[1] في أسد الغابة: إن الله عز وجل أعطاني فارس ونساءهم
وأبناءهم وسلاحهم وأموالهم وأعطانى الروم وأبناءهم وسلاحهم
وأمدّنى بحمير.
(3/917)
(1553) عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن
الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر
بْن لؤي القرشي العامري،
يكنى أَبَا يَحْيَى، كذا قَالَ ابْن الكلبي فِي نسبه
حَبِيب بْن جذيمة بالتخفيف [1] . وقال مُحَمَّد بْن
حَبِيب:
حَبِيب بالتشديد، وكذا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة.
أسلم قبل الْفَتْح، وهاجر، وَكَانَ يكتب الوحي لرسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ارتد مشركا،
وصار إِلَى قريش بمكة، فَقَالَ لهم: إِنِّي كنت أصرف محمدا
حيث أريد، كَانَ يملي علي: «عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ، 2: 209
فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: نعم، كل صواب. فلما كَانَ
يَوْم الْفَتْح أمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله، وقتل عَبْد اللَّهِ بْن خطل،
ومقيس بْن حبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر عَبْد
اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي السرح إِلَى عُثْمَان،
وَكَانَ أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عُثْمَان، فغيبه
عُثْمَان حَتَّى أتى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه لَهُ، فصمت
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طويلا،
ثُمَّ قَالَ:
نعم. فلما انصرف عُثْمَان قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن حوله: مَا صمت إلا ليقوم
إِلَيْهِ بعضكم فيضرب عنقه. وقال رجل من الأنصار: فهلا
أومأت إلي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَقَالَ: إن النَّبِيّ لا
ينبغي أن يكون لَهُ خائنة الأعين. وأسلم عَبْد اللَّهِ بْن
سَعْد بْن أَبِي السرح أيام الْفَتْح، فحسن إسلامه، فلم
يظهر منه شيء ينكر عَلَيْهِ بعد ذَلِكَ، وَهُوَ أحد
النجباء العقلاء الكرماء من قريش، ثُمَّ ولاه عُثْمَان بعد
ذَلِكَ مصر فِي سنة خمس وعشرين، وفتح على يديه إفريقية
__________
[1] في أسد الغابة: حبيب- بضم الحاء المهملة وتخفيف الياء
تحتها نقطتان- قاله ابن الكلبي وابن ماكولا وغيرهما. وقال
ابن الكلبي: ثقله حسان للحاجة، وقال ابن حبيب هو بتشديد
الياء.
(3/918)
سنة سبع وعشرين، وَكَانَ فارس بني عَامِر
بْن لؤي المعدود فيهم، وَكَانَ صاحب ميمنة عَمْرو بْن
الْعَاص فِي افتتاحه وفي حروبه هناك كلها. وولى حرب مصر
لعثمان أيضا، فلما ولاه عمان، وعزل عنها عَمْرو بْن
الْعَاص جعل عَمْرو بْن الْعَاص يطعن على عُثْمَان أيضا،
ويؤلب عَلَيْهِ، ويسعى فِي إفساد أمره، فلما بلغه قتل
عُثْمَان وَكَانَ معتزلا بفلسطين قَالَ: إِنِّي إذا نكأت
قرحةً أدميتها، أو نحو هَذَا.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي،
حدثنا أبو بكر الوجيهي [1] ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ
بْنِ الْوَجِيهِ، قَالَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ
انْتُقِضَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّةُ، فَافْتَتَحَهَا عَمْرُو
بْنُ الْعَاصِ، وَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى
الذُّرِّيَةَ، فَأَمَرَ عُثْمَانُ بِرَدِّ السَّبْيِ
الَّذِينَ سُبُوا مِنَ الْقُرَى إِلَى مَوَاضِعِهِمْ
لِلْعَهْدِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ
نَقْضُهُمْ، وَعَزَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَوَلَّى
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَكَانَ
ذَلِكَ بَدْءُ الشَّرِّ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ.
وأما عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن أَبِي سرح فافتتح
إفريقية من مصر سنة سبع وعشرين، وغزا منها الأساود من أرض
النوبة سنة إحدى وثلاثين، وَهُوَ [الَّذِي [2]] هادنهم
الهدنة الباقية إِلَى اليوم، وغزا الصواري [فِي البحر [2]]
من أرض الروم سنة أربع وثلاثين، ثُمَّ قدم على عُثْمَان.
واستخلف على مصر السائب بن هشام ابن عَمْرو العامري،
فانتزى [3] عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن أَبِي حذيفة بْن عُتْبَة
بْن رَبِيعَة، فخلع السائب، وتأمر على مصر، ورجع عَبْد
اللَّهِ بْن سَعْد من وفادته، فمنعه ابْن أَبِي حذيفة من
دخول الفسطاط فمضى إِلَى عسقلان، فأقام بها حتى قتل
__________
[1] بفتح الواو وكسر الجيم وسكون الياء تحتها نقطتان وفي
آخرها الهاء (اللباب) .
[2] من أسد الغابة.
[3] في أسد الغابة: فظهر عليه محمد بن أبي حذيفة.
(3/919)
عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقيل: بل
أقام بالرملة حَتَّى مات، فارا من الفتنة، ودعا ربه
فَقَالَ: اللَّهمّ اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ
ثُمَّ صَلَّى الصبح، فقرأ فِي الركعة الأولى بأم القرآن
والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثُمَّ سلم عَنْ
يمينه، وذهب يسلم عَنْ يساره، فقبض الله روحه، ذكر ذَلِكَ
كله يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب وغيره، ولم يبايع لعلي ولا
لمعاوية، وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على مُعَاوِيَة،
وقيل: إنه توفي بإفريقية، والصحيح أَنَّهُ توفي بعسقلان
سنة ست أو سبع وثلاثين.
(1554) عبد الله بْن السعدي.
واختلف فِي اسم السعدي، فقيل: قدامة بْن وقدان وقيل عَمْرو
بن وقدان، وقد تقدم ذكره [1] ونسه في بنى لؤيّ، يكنى أَبَا
مُحَمَّد.
توفي سنة سبع وخمسين.
(1555) عبد الله بْن السعدي [2]
اختلف فِي اسم السعدي أَبِيهِ، فقيل قدامة ابْن وقدان.
وقيل عَمْرو بْن وقدان، وَهُوَ الصواب عِنْدَ أهل العلم
بنسب قريش وَهُوَ وقدان بْن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن
مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، يكنى أَبَا
مُحَمَّد، توفي سنة سبع وخمسين، وإنما قيل لأبيه السعدي،
لأنه استرضع لَهُ فِي بني سَعْد بْن بَكْر، وقد تقدم ذكره.
(1556) عبد الله بْن سَعِيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس
بْن عبد مناف،
كَانَ اسمه فِي الجاهلية الحكم، فسماه رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وأمره
أن يعلم الكتابة بالمدينة، وَكَانَ كاتبا محسنا، قتل يَوْم
بدر شهيدا. وقيل: بل قتل يوم مؤتة شهيدا. وَقَالَ أَبُو
معشر: استشهد يَوْم اليمامة رَضِيَ الله عنه.
__________
[1] سيأتي على حسب ترتيب الكتاب الجديد.
[2] هذه الترجمة هي التي تقدمت باختصار.
(3/920)
(1557) عبد الله بْن سُفْيَان الأزدي.
شامي، روى عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الصيام.
(1578) عبد الله بْن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب
القرشي الهاشمي.
واسم أَبِي سُفْيَان الْمُغِيرَة. رَوَى عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: ما قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها حقه من
قويها غير متضيع. رواه عَنْهُ سماك بْن حرب. وقد رَوَى
هَذَا الحديث عَنْ أَبِيهِ. وأي ذَلِكَ كَانَ فقد رأى
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ معه
مسلما بعد الْفَتْح.
(1559) عبد الله بن سفيان بن
عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي
المخزومي،
كان من مهاجرة الحبشة هُوَ وأخوه هبار بْن سُفْيَان.
قال ابْن إِسْحَاق: قتل عَبْد اللَّهِ بْن سُفْيَان بْن
عبد الأسد يَوْم اليرموك.
(1560) عَبْد اللَّهِ الثقفي، والد سُفْيَان بْن عَبْد
اللَّهِ الثقفي، مدني. من حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور.
روى عَنْهُ ابنه سُفْيَان.
(1561) عبد الله بْن سلام بْن الْحَارِث الإسرائيلي، ثُمَّ
الأَنْصَارِيّ،
يكنى أَبَا يُوسُف، وَهُوَ من ولد يُوسُف بْن يعقوب صَلَّى
الله عليهما، كَانَ حليفا للأنصار. يقال كَانَ حليفا
للقواقلة [1] من بني عوف بْن الخزرج، وَكَانَ اسمه فِي
الجاهلية الحصين، فلما أسلم سماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وتوفي بالمدينة
فِي خلافة مُعَاوِيَة سنة ثلاث وأربعين، وَهُوَ أحد
الأحبار، أسلم إذ قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم المدينة.
__________
[1] في القاموس: القوقل: اسم أبى بطن من الأنصار، وهم
القواقلة.
(3/921)
قال عَبْد اللَّهِ بْن سلام: خرجت فِي
جماعة من أهل المدينة لننظر إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين دخوله المدينة، فنظرت
إِلَيْهِ وتأملت وجهه، فعلمت أَنَّهُ ليس بوجه كذاب،
وَكَانَ أول شيء سمعته منه: أيها الناس، أفشوا السلام،
وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام،
تدخلوا الجنة بسلامٍ. وشهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بْن سلام بالجنة. وَرَوَى
أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
عُمَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ: إِنَّهُ
عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ. وقد ذكرنا هَذَا الخبر
بإسناده فِي باب أَبِي الدرداء، وَهُوَ حديث حسن الإسناد
صحيح، وروى ابْن وَهْب، وَأَبُو مسهر، وجماعة عَنْ مَالِك
بْن أنس، عَنْ أَبِي النَّضْر، عَنْ عَامِر بْن سَعْد بْن
أَبِي وَقَّاص، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يَقُول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من
أهل الجنة إلا لعبد الله بْن سلام. وهذا أيضا حديث ثَابِت
صحيح لا مقال فِيهِ لأحد.
وقال بعض المفسرين- فِي قول الله عز وجل [1] : وَشَهِدَ
شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ
وَاسْتَكْبَرْتُمْ- 46: 10 هو عَبْد اللَّهِ بْن سلام. وقد
قيل فِي قول الله عز وجل [2] : وَمن عِنْدَهُ عِلْمُ
الْكِتابِ- 13: 43 إنه عَبْد اللَّهِ بْن سلام. وأنكر
ذَلِكَ عكرمة والحسن، وقالا: كيف يكون ذلك والسورة مكية
وإسلام عَبْد اللَّهِ بْن سلام كَانَ بعد؟
__________
[1] سورة الأحقاف، آية 10.
[2] سورة الرعد، آية 45.
(3/922)
قَالَ أَبُو عُمَر رحمه الله: وكذلك سورة
الأحقاف مكية، فالقولان جميعا لا وجه لهما عِنْدَ
الاعتبار، إلا أن يكون فِي معنى قوله [1] : فَسْئَلِ
الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ من قَبْلِكَ. 10: 94 وقد
تكون السورة مكية، وفيها آيات مدنية، كالأنعام وغيرها.
وقال أَيُّوب، عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين، قَالَ: نبئت أن
عَبْد اللَّهِ بْن سلام قَالَ: سيكون بينكم وبين قريش
قتال، فإن أدركني القتال وليس فِي قوة فاحملوني على سرير
حَتَّى تضعوني بين الصفين.
(1562) عبد الله بْن سلامة بْن عُمَيْر الأسلمي،
هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد.
كان من وجوه أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَكَانَ ممن يؤمر [2] على السرايا، وقد تقدم
ذكره [3] . وأنكر أَبُو أَحْمَد الحاكم الْحَافِظ أن يكون
لَهُ صحبة وسماع عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَقَالَ: الصحبة والرواية لأبيه، فغلط ووهم،
والله أعلم. وقال المدائني: عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي حدرد،
يكنى أَبَا مُحَمَّد، وتوفى سنة إحدى وسبعين، وَهُوَ ابْن
إحدى وثمانين.
(1563) عبد الله بْن سَلَمَة العجلاني البلوي، ثُمَّ
الأَنْصَارِيّ،
حليف لبني عَمْرو بْن عوف، وَهُوَ عَبْد اللَّهِ بْن
سَلَمَة بْن مَالِك بْن الْحَارِث بْن عدي بْن الجد بْن
العجلان ابن ضبعة، من بلي، شهد بدرا، وقتل يَوْم أحد
شهيدا، قتله عَبْد اللَّهِ بْن الزبعري فيما ذكر ابْن
إِسْحَاق وغيره. وقال فِيهِ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، عَنِ
ابْن إِسْحَاق: عَبْد الله ابن سلمة بكسر اللام [4] ،
ولذلك ذكره الدار قطنى فِي المؤتلف والمختلف من الأسماء،
قال أَبُو عُمَر: قتل يَوْم أحد شهيدا، وحمل هُوَ والمجذّر
بن زياد على
__________
[1] سورة يونس، آية 94.
[2] في أسد الغابة: يؤمره.
[3] صفحة 887.
[4] في أسد الغابة: قال الدار قطنى وابن ماكولا: هو سلمة-
بكسر اللام.
(3/923)
ناصح واحد فِي عباءة واحدة، فعجب الناس
لهما، فنظر إليهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: ساوى بينهما عملهما. وقال مُوسَى بْن
عقبة: عَبْد اللَّهِ بْن سَلَمَة بْن مَالِك بْن الْحَارِث
بْن زَيْد من بني العجلان الأَنْصَارِيّ، شهد بدرا، ولم
يقل:
إنه من بلي حليف لهم، قصر على ذَلِكَ، وبنو العجلان
البلويون كلهم حلفاء بني عَمْرو بْن عوف.
(1564) عبد الله بْن أَبِي سليط،
كَانَ أبوه بدريا، وفي صحبة عَبْد اللَّهِ نظر، وَهُوَ
مدني، رَوَى فِي النهي عَنْ لحوم الحمر الأهلية.
(1565) عبد الله بْن سندر،
أَبُو الأسود، رَوَى عَنْهُ رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ،
وَأَبُو الْخَيْرِ الْيَزَنِيُّ، حَدِيثُهُ عِنْدَ يَزِيدَ
بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْهُ، فِي
الْقَبَائِلِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: غِفَارٌ غَفَرَ
اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ. وله حديث
آخر أن أباه كان عبد لزنباع الجذامي فخصاه وجدعه، فأنى
النَّبِيّ عَلَيْهِ السلام، وأخبره، فأغلظ لزنباع القول.
(1566) عبد الله بْن سَهْل الأَنْصَارِيّ،
ذكره ابْن إِسْحَاق، وَابْن عقبة، فيمن شهد بدرا من
الأنصار، ثُمَّ من بني عبد الأشهل، وحلفائهم. قال ابْن
هِشَام:
عَبْد اللَّهِ بْن سَهْل هَذَا هُوَ أخو زعوراء بْن عبد
الأشهل. قال: ويقال طنه من غسان حليف لبني عبد الأشهل.
وقال ابْن إِسْحَاق: قتل ابْن سَهْل هَذَا يَوْم الخندق
شهيدا، ونسبه بعضهم فَقَالَ: عَبْد اللَّهِ بن سهل بن زيد
بن عامر بن عمرو بن جشم ابن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن
مالك بن الأوس.
(1567) عبد الله بْن سَهْل الأَنْصَارِيّ الحارثي،
أخو عَبْد الرَّحْمَنِ وَابْن أخي حويصة ومحيصة، وَهُوَ
المقتول بخيبر الَّذِي ورد فِي قضيته القسامة.
(3/924)
(1568) عبد الله بْن سهيل بْن عَمْرو بْن
عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي
القرشي العامري،
يكنى أَبَا سهيل، هاجر إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية
فِي قول ابْن إِسْحَاق، وَمُحَمَّد بْن عُمَر، ثُمَّ رجع
إِلَى مكة، فأخذه أبوه وأوثقه عنده، وفتنه فِي دينه، ثُمَّ
خرج مع أَبِيهِ سهيل بْن عَمْرو يَوْم بدر، وَكَانَ يكتم
أباه إسلامه، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا
امحاز من المشركين، وهرب إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما، وشهد معه بدرا والمشاهد
كلها، وَكَانَ من فضلاء الصحابة، وَهُوَ أحد الشهود فِي
صلح الحديبية، وَهُوَ أسن من أخيه أَبِي جندل، وَهُوَ
الَّذِي أخذ الأمان لأبيه يوم الفتح، أتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَبِي
تؤمنه؟
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، هُوَ آمن
بأمان الله، فليظهر ثُمَّ قَالَ رسول الله صلى الله عليه
وسلم حوله: من رأى سهيل بْن عَمْرو فلا يشد إِلَيْهِ
النظر.
فلعمري إن سهيلا لَهُ عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإسلام،
ولقد رأى مَا كَانَ يوضع فِيهِ أَنَّهُ لم يكن بنافعه،
فخرج عَبْد اللَّهِ إِلَى أَبِيهِ فأخبره مقالة رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سهيل:
كَانَ والله برا صغيرا وكبيرا.
واستشهد عَبْد اللَّهِ بْن سهيل بْن عَمْرو يَوْم اليمامة
سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ ابْن ثمان وثلاثين سنة. قال
الْوَاقِدِيّ في تسمية من شهد بدرا مع النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
من بني مَالِك بْن حسل بْن عَامِر بْن لؤي: عَبْد اللَّهِ
بْن سهيل بْن عَمْرو، وَقَالَ فِي موضع آخر: يكنى أَبَا
سهيل.
(1569) عبد الله بْن سويد الحارثي [1] الأَنْصَارِيّ،
أحد بني حارثة، لَهُ صحبة، حديثه عِنْدَ ابْن شهاب، عَنْ
ثعلبة بْن أَبِي مَالِك- عَنْهُ. فِي العورات الثلاث.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: قال عبد الغنى: الجاري- بالجيم
(68) .
(3/925)
(1570) عبد الله بْن شبل الأَنْصَارِيّ،
رَوَى عَنْهُ أبو راشد الحبرانى [1] ، هو أخو عَبْد
الرَّحْمَنِ بْن شبل، لَهَا جميعا صحبة، ورواية، [مذكور
فيمن نزل حمص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابْن
عِيسَى: عَبْد اللَّهِ بْن شبل الأَنْصَارِيّ كَانَ أحد
النقباء، بلغني أَنَّهُ مات فِي إمارة مُعَاوِيَة [2]]
(1571) عبد الله بْن شبيل الأحمسي،
فِي صحبته نظر، قدم سنة ثمان وعشرين غازيا أذربيجان فِي
زمن عُثْمَان فأعطوه الصلح الَّذِي كَانَ صالحهم عَلَيْهِ
حذيفة.
(1572) عبد الله بْن الشخير [3] بْن عوف بْن كَعْب بْن
وقدان الحرشي [4] ثُمَّ العامري،
من الحريش، وهم بطن من بني عَامِر بْن صعصعة، لَهُ صحبة
ورواية.
يعد فِي البصريين، هُوَ والد مطرف الفقيه، وأخيه يَزِيد
أَبِي العلاء.
(1573) عبد الله بْن شداد بْن الهاد اللَّيْثِيّ العتواري،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ
من أهل العلم. روى عن عمر، وعلى، وعن أبيه شداد ابن الهاد،
وسيأتي [5] ذكر أَبِيهِ فِي موضعه من هَذَا الكتاب إن شاء
الله تعالى.
روى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن شداد هَذَا الشَّعْبِيّ،
وَإِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن سَعْد، وغيرهما.
(1574) [عبد الله بن شريح بْن هانئ بْن يَزِيد الحارثي.
قدم أبوه شريح على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فسأله عَنْ ولده لحديث ذكره أَبُو عُمَر فِي
باب أَبِيهِ [2]] .
(1575) عبد الله بْن شريك بن أنس بن رافع بن امرئ القيس بن
زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي.
شهد أحدا مع أَبِيهِ شُرَيْك بْن أنس.
__________
[1] في س: الحراني.
[2] ليس في س.
[3] بكسر الشين وتشديد الخاء المعجمتين (التقريب) .
[4] بفتح الحاء المهملة وفتح الراء، وآخره معجمة والإصابة
واللباب، وفي هوامش الاستيعاب:
قوله الحريشيّ ثم العامري غير مستقيم، وكان ينبغي أن يقول:
العامري ثم الحرشيّ (68) .
[5] سبق صفحه 695.
(3/926)
(1576) عبد الله بْن شهاب بْن عَبْد
اللَّهِ بْن الْحَارِث بْن زهرة بْن كلاب القرشي
الزُّهْرِيّ،
وَهُوَ جد ابْن شهاب الزُّهْرِيّ الفقيه.
قال الزُّبَيْر: هما أخوان، عَبْد اللَّهِ الأكبر، وعبد
الله الأصغر ابنا شهاب بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحَارِث
بْن زهرة [بْن كلاب] [1] ، كَانَ اسم عَبْد اللَّهِ بْن
شهاب الأكبر عبد الجان، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ. كان من
المهاجرين إلى إِلَى أرض الحبشة، ومات بمكة قبل الهجرة
إِلَى المدينة، وأخوه عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الأصغر، شهد
أحدا مع المشركين، ثُمَّ أسلم بعد.
[وهو جد مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بْن عَبْد
اللَّهِ بْن شهاب الفقيه] [2] قَالَ ابْن إِسْحَاق: هُوَ
الَّذِي شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه.
وَابْن قميئة جرح وجنته، وعتبة كسر رباعيته. وحكى الزبير،
عن عبد الرحمن ابن عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الْعَزِيزِ
الزُّهْرِيّ، قَالَ: مَا بلغ أحد الحلم من ولد عُتْبَة بْن
أَبِي وَقَّاص إلا بخر أو هتم، لكسر عُتْبَة رباعية رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: إن
عَبْد اللَّهِ بْن شهاب الأصغر هُوَ جد الزُّهْرِيّ من قبل
أمه، وأما جده من قبل أَبِيهِ فهو عَبْد اللَّهِ بْن شهاب
الأكبر، وإن عَبْد اللَّهِ الأصغر هُوَ الَّذِي هاجر إِلَى
أرض الحبشة، ثُمَّ قدم مكة، فمات بها قبل الهجرة.
وقد رَوَى أن ابْن شهاب قيل لَهُ: شهد جدك بدرا؟ قَالَ:
شهدها من ذَلِكَ الجانب- يَعْنِي مع المشركين، والله أعلم
أي جديه أراد.
(1577) عبد الله بْن صَفْوَان بْن أُمَيَّة الْجُمَحِيّ.
وروى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم
__________
[1] ليس في س.
[2] من س. (الاستيعاب ج 3- م 3)
(3/927)
أَنَّهُ قَالَ: ليغزون هَذَا البيت جيش
يخسف بهم بالبيداء. منهم من جعله مرسلا، ومنهم من أدخله
فِي المسند. روى عَنْهُ جماعة منهم أُمَيَّة بْن عَبْد
اللَّهِ بْن صَفْوَان.
قتل عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان فِي يَوْم واحد مع ابْن
الزُّبَيْر، سنة ثلاث وسبعين، وبعث الْحَجَّاج برأسه،
وبرأس ابْن الزُّبَيْر، ورأس عُمَارَة بْن عَمْرو بْن حزم،
إِلَى المدينة، فنصبوها، وجعلوا يقربون رأس ابْن صَفْوَان
إِلَى رأس ابْن الزُّبَيْر كأنه يساره، يلعبون [1] بذلك،
ثم بعثوا برءوسهم إِلَى عَبْد الْمَلِكِ، وصلب جثة ابْن
الزُّبَيْر على ثنية أهل المدينة عِنْدَ المقابر
(1578) عبد الله بْن صَفْوَان الخزاعي،
ذكره بعضهم فِي الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ: لَهُ صحبة، وَهُوَ عندي مجهول لا يعرف.
(1579) عبد الله بْن صَفْوَان بْن قدامة التميمي.
قدم مع أَبِيهِ صَفْوَان بْن قدامة على النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه أخوه، وَكَانَ اسمه عبد
نهم، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ [2] بْن
صَفْوَان.
(1580) عبد الله بْن ضمرة الْبَجَلِيّ.
مخرج حديثه عَنْ قوم من ولده. روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فضل جَرِير الْبَجَلِيّ
قوله صَلَّى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قول فأكرموه
من ولده صابر بْن سَالِم بْن حميد بن يزيد بن عبد الله ابن
ضمرة.
(1581) عبد الله بْن طارق بْن عَمْرو بْن مَالِك البلوي.
حليف لبني ظفر من الأنصار، شهد بدرا، وأحدا، وَهُوَ أحد
النفر الستة الذين بعثهم رسول الله صلى الله إِلَى رهط من
عضل والقارة، فِي آخر سنة ثلاث من الهجرة، ليفقهوهم
__________
[1] في أسد الغابة: يسخرون بذلك.
[2] في أسد الغابة: فسماهما عبد الله وعبد الرحمن، وكان
اسماهما عبد نهم وعبد العزى.
(ظهر الإستيعاب ج 3- م 3)
(3/928)
فِي الدين، ويعلموهم القرآن، وشرائع
الإسلام، فخرجوا معهم حَتَّى إذا كانوا بالرجيع- وَهُوَ
ماء لهذيل بناحية الحجاز- استصرخوا عليهم هذيلا، وغدروا
بهم، فقاتلوا حَتَّى قتلوا، وهم: عَاصِم بْن ثابت، ومرثد
بن أبى مرثد، وخبيب ابن عدي، وخالد بْن البكير، وزيد بْن
الدثنة، وعبد الله بْن طارق، فأما مرثد، وخالد، وعاصم
فقاتلوا حَتَّى قتلوا، وأما خبيب، وعبد الله، وزيد فلانوا
ورقوا ورغبوا فِي الحياة، فأعطوا بأيديهم، فأسروا، ثُمَّ
خرجوا بهم إِلَى مكة، حَتَّى إذا كانوا بالظهران انتزع
عَبْد اللَّهِ بْن طارق يده من القران، وأخذ سيفه، واستأخر
عَنِ القوم، فرموه بالحجارة حَتَّى قتلوه. قبره بالظهران،
وقد ذكره حَسَّان فِي شعره الّذي يرنى بِهِ أصحاب الرجيع:
عاصم بْن ثَابِت، ومرثد ابن أَبِي مرثد، ومن ذكر معهما،
فَقَالَ: [1]
وابن الدثنة وَابْن طارق [2] منهم ... وافاه ثُمَّ حمامه
المكتوب
وأول هذا الشعر:
صَلَّى الإله على الذين تتابعوا ... يوم الرجيع فأكرموا
وأثيبوا
(1582) عبد الله بْن أَبِي طَلْحَة الأنصاري،
واسم أبي طلحة زيد بن سهل، ولد عَبْد اللَّهِ على عهد
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعثت
بِهِ أمه أم سُلَيْم ابنها [3] أنس بْن مَالِك إِلَى
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه
بتمرة، ودعا لَهُ، وسماه عَبْد اللَّهِ. قال أنس بْن
مَالِك: فما كَانَ فِي الأنصار ناشى أفضل منه.
وقال علي بْن المديني: سمعت سُفْيَان بْن عُيَيْنَة
يَقُول: ولد لعبد الله بْن أَبِي طَلْحَة عشر ذكور كلهم
قراء القرآن.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: أكثر العلم وأشهرهم بِهِ
إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّهِ بن أبى طلحة
__________
[1] ديوانه: 28
[2] في الديوان: وابن لطارق وابن دثنة.
[3] هو أخو عبد الله بن أبى طلحة لأمه.
(3/929)
شيخ مَالِك رحمة الله عَلَيْهِ، وشهد عَبْد
اللَّهِ بْن أَبِي طَلْحَة مع علي رضى الله عَنْهُ صفين،
رَوَى عَنْهُ ابناه إِسْحَاق وعبد الله.
(1583) عبد الله بْن طهفة الغفاري.
يقال لَهُ ولأبيه صحبة، والأمر فِي ذَلِكَ مختلف مضطرب
جدا، وَهُوَ من أصحاب الصفة.
(1584) عبد الله بْن عَامِر البلوي،
حليف لبني ساعدة من الأنصار، شهد بدرا.
(1585) عبد الله بْن عَامِر بْن رَبِيعَة العدوي،
حليف لهم، كنيته أَبُو مُحَمَّد، واختلف فِي نسب أَبِيهِ
عَامِر بْن رَبِيعَة، فنسب إِلَى نزار، ونسب إِلَى مذحج
فِي اليمن، قد ذكرنا [1] ذَلِكَ عِنْدَ ذكرنا لَهُ فِي
بابه من كتابنا هَذَا، ولم يختلف فِي أَنَّهُ حليف للخطاب
بْن نفيل، وعبد الله بْن عَامِر هَذَا هُوَ عَبْد اللَّهِ
بْن عَامِر بْن رَبِيعَة الأكبر، صحب هُوَ وأبوه النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستشهد يَوْم الطائف
مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
(1586) عبد الله بن عَامِر بْن رَبِيعَة الأصغر،
ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. وقيل: فِي سنة ست من الهجرة وحفظ عَنْهُ وَهُوَ
صغير، وتوفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْن أربع سنين أو خمس سنين. وأمه وأم
[2] أخيه المتقدم ذكره ليلى بِنْت أَبِي حثمة [بْن غانم
[3]] بْن عبد الله بن عبيد ابن عويج بْن عدي بْن كَعْب.
وأبوهما عَامِر بْن رَبِيعَة من كبار الصحابة، حليف للخطاب
بْن نفيل. وعبد الله بْن عَامِر هَذَا هو القائل يرثى زيد
بن عمر
__________
[1] سيأتي على حسب الترتيب الجديد للكتاب.
[2] في أسد الغابة: وأمه أم أخيه.
[3] ليس في أسد الغابة.
(3/930)
ابن الخطاب، وَكَانَ قتل فِي حرب كانت بين
عدي بْن كَعْب جناها بنو أَبِي جهيم ابن أبى حذيفة وابن
مطيع:
إن عديا ليلة البقيع ... تكشفوا عَنْ رجل صريع
مقاتلٍ [1] فِي الحسب الرفيع ... أدركه شؤم بني مطيع
وقال الْبُخَارِيّ: قَالَ لنا أَبُو اليمان: حَدَّثَنَا
شعيب، عَنِ الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ
بْن عَامِر بْن رَبِيعَة- وَكَانَ من أكبر بني عدي قال
أَبُو عُمَر: نسبه إِلَى حلفه، وكذلك كانوا يفعلون. رَوَى
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ،
عَنْ زِيَادٍ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ
رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ
رَبِيعَةَ، قَالَ: جَاءَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِنَا، وَكُنْتُ أَلْعَبُ،
فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، تَعَالَ أُعْطِكَ،
فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أَرَدْتِ أَنْ
تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا.
قَالَ: أَمَا أَنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كتبت عليك كذبة.
وتوفى عبد الله بن عامر بن ربيعة سنة خمس وثمانين، يكنى
أبا محمد.
(1587) عبد الله بْن عَامِر بْن كريز بْن ربيعة بن حبيب بن
عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي القرشي العبشمي،
ابْن خال عُثْمَان بْن عَفَّان. أم عُثْمَان أروى بِنْت
كريز، وأمها وأم عَامِر بْن كريز البيضاء أم حكيم بِنْت
عبد المطلب. وأم عَبْد اللَّهِ بْن عامر ابن رَبِيعَة
دجاجة بِنْت أَسْمَاء بْن الصلت، ولد على عهد رسول الله
صلى الله عليه وَسَلَّمَ فأتى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صغير، فَقَالَ: هَذَا
شبهنا [2] ، وجعل يتفل عَلَيْهِ ويعوذه، فجعل عَبْد
اللَّهِ يتسوغ [3] ريق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم،
__________
[1] في ى: مقابل
[2] في أسد الغابة: يشبهنا.
[3] في أسد الغابة: يبتلع ريق رسول الله.
(3/931)
فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: إنه لمسقى، فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر لَهُ
الماء. قيل: لما أتي بعبد الله بْن عَامِر بْن كريز إِلَى
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لبني
عبد شمس: هَذَا أشبه بنا منه بكم، ثُمَّ تفل فِي فِيهِ،
فازدرده، فَقَالَ: أرجو أن يكون مسقيا، فَكَانَ كَمَا
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وقد أتي عبد المطلب بْن هاشم بأبيه عَامِر بْن كريز وَهُوَ
ابْن ابنته أم حكيم البيضاء، فتأمله عبد المطلب، وَقَالَ:
مَا ولدنا ولدا أحرص منه، وكانت أم حكيم البيضاء بِنْت عبد
المطلب بْن هاشم تحت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس،
فولدت لَهُ عامرا أَبَا عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر هَذَا.
وقد رَوَى عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر هَذَا عَنِ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أظنه سمع منه ولا
حفظ عَنْهُ.
ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ، عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ
بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ، قالا:
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. رواه موسى ابن
هارون الحمّال، عن معصب بإسناده سواء. قال الزُّبَيْر
وغيره: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر سخيا، كريما حليما،
مَيْمُون النقيبة، كَثِير المناقب، هُوَ افتتح خراسان،
وقتل كسرى فِي ولايته، وأحرم من نيسابور شكرا الله تعالى،
وَهُوَ الَّذِي عمل السقايات بعرفة.
قال صَالِح بْن الوجيه، وخليفة بْن خياط: وفي سنة تسع
وعشرين عزل عُثْمَان أَبَا مُوسَى الأشعري عَنِ البصرة،
وعثمان بْن أَبِي الْعَاص عَنْ فارس، وجمع ذَلِكَ كله لعبد
الله بْن عَامِر بْن كريز. وقال صَالِح: وَهُوَ ابن أربع
وعشرين سنة.
(3/932)
وقال أَبُو اليقظان: قدم ابْن عَامِر
البصرة واليا عليها، وَهُوَ ابْن أربع أو خمس وعشرين سنة،
ولم يختلفوا انه افتتح أطراف فارس كلها، وعامة خراسان
وأصبهان وحلوان وكرمان، وَهُوَ الَّذِي شق نهر البصرة، ولم
يزل واليا لعثمان على البصرة إلى أن قتل عُثْمَان رضى الله
عَنْهُ، وَكَانَ ابْن عمته، لأن أم عُثْمَان أروى بِنْت
كريز، ثُمَّ عقد لَهُ مُعَاوِيَة على البصرة، ثُمَّ عزله
عنها، وَكَانَ أحد الأجواد، أوصى إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن
الزُّبَيْر، ومات قبله بيسير، وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ
زِيَاد يرثيه:
فإن الَّذِي أعطى العراق ابْن عامرٍ ... لربي الَّذِي أرجو
لستر مفاقري
وفيه يَقُول زِيَاد الأعجم:
أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا
أخ لك مَا مودته بمزقٍ ... إذا مَا عاد فقر أخيه عادا
سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وأحسن ثُمَّ أحسن ثُمَّ عدنا ... فأحسن ثُمَّ عدت لَهُ
فعادا
مرارا مَا رجعت إله إلا ... تبسم ضاحكا وثنى الوسادا
(1588) عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بْن عبد
مناف بْن قصي القرشي الهاشمي.
يكنى أَبَا الْعَبَّاس، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين،
وَكَانَ ابْن ثلاث عشرة سنة إذ توفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم، هَذَا قول الْوَاقِدِيّ والزبير. قال
الزُّبَيْر وغيره من أهل العلم بالسير والخبر: ولد عَبْد
الله ابن الْعَبَّاس فِي الشعب قبل خروج بني هاشم منه،
وذلك قبل الهجرة بثلاث
(3/933)
سنين. وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن
عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ يَعْنِي
الْمُفَصَّلَ. هَذِهِ رواية أَبِي بشر عَنْ سَعِيد بْن
جُبَيْر. وقد رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سعيد بن
جبير، عن ابن عباس قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَأَنَا خَتِينٌ أَوْ قَالَ مَخْتُونٌ. وَلا يَصِحُّ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ
وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ عبد الله بن
أحمد بن حنبل، قال أَبِي: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وقال
الزُّبَيْرِيّ:
يروى عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابْن عَبَّاس أَنَّهُ
قَالَ فِي حجة الوداع: وكنت يومئذ قد ناهزت الحلم.
قال أَبُو عُمَر: وما قاله أهل السير والعلم بأيام الناس
عندي أصح، والله أعلم، وَهُوَ قولهم إنّه ابْن عَبَّاس
كَانَ ابْن ثلاث عشرة سنة يَوْم توفي رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومات عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بالطائف سنة ثمان وستين
فِي أيام ابْن الزُّبَيْر، وَكَانَ ابْن الزُّبَيْر قد
أخرجه من مكة إِلَى الطائف، ومات بها وَهُوَ ابْن سبعين
سنة، وقيل ابْن إحدى وسبعين سنة. وقيل: ابْن أربع وسبعين
سنة، وصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد ابْن الحنفية، وكبر عَلَيْهِ
أربعا، وَقَالَ: اليوم مات رباني هَذِهِ الأمة، وضرب على
قبره فسطاطا.
وروى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من
وجوه أَنَّهُ قَالَ لعبد الله بن عباس:
(3/934)
اللَّهمّ علمه الحكمة وتأويل القرآن، وفي
بعض الروايات: اللَّهمّ فقّهه في الدين.
علمه التأويل. وفي حديث آخر: اللَّهمّ بارك فِيهِ، وانشر
منه، واجعله من عبادك الصالحين. وفي حديث آخر اللَّهمّ زده
علما وفقها. وهي كلها أحاديث صحاح.
وقال مُجَاهِد عَنِ ابْن عَبَّاس: رأيت جبرئيل عِنْدَ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين، ودعا
لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بالحكمة مرتين.
وكان عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يحبه ويدنيه
ويقربه ويشاوره مع أجلة الصحابة. وكان عُمَر يَقُول: ابْن
عَبَّاس فتى الكهول، لَهُ لسان قئول، وقلب عقول. وروى عَنْ
مسروق عَنِ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ: نعم ترجمان
القرآن ابْن عَبَّاس، لو أدرك أسناننا مَا عاشره منا رجل.
وقال ابْن عُيَيْنَة، عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح، عَنْ
مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ: مَا سمعت فتيا أحسن من فتيا ابْن
عَبَّاس، إلا أن يَقُول قائل: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي مثل هَذَا عَنِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد. قال طاوس:
أدركت نحو خمسمائة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذاكروا ابْن عَبَّاس فخالفوه لم
يزل يقررهم حَتَّى ينتهوا إِلَى قوله. وقال يَزِيد بْن
الأصم: خرج مُعَاوِيَة حاجا، معه ابْن عَبَّاس، فكان
لمعاوية موكب، ولابن عَبَّاس موكب ممن يطلب العلم.
وَرَوَى شُرَيْكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى،
عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ:
كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ
قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ. فَإِذَا تَكَلَّمَ قُلْتُ:
أفَصْحُ النَّاسِ. وَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ
النَّاسِ.
وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. حَدَّثَنَا شَقِيقٌ
(3/935)
أَبُو وَائِلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ
عَبَّاسٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ
النُّورِ، فَجَعَلَ يَقْرَأَ وَيُفَسِّرَ، فَجَعَلْتُ
أَقُولُ: مَا رَأَيْتُ وَلا سَمِعْتُ كَلامَ رَجُلٍ
مِثْلِهِ، وَلَوْ سَمِعَتْهُ فَارِسُ، وَالرُّومُ،
وَالتُّرْكُ، لأَسْلَمَتْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْن آدم، حدثنا أبو بكر بن
عياش، عن عاصم، عَنْ شقيق مثله.
وقال عَمْرو بْن دينار: مَا رأيت مجلسا أجمع لكل خير من
مجلس ابْن عَبَّاس:
الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب، وأحسبه قَالَ:
والشعر.
وقال أَبُو الزناد، عَنْ عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ،
قَالَ: مَا رأيت أحدا كَانَ أعلم بالسنة، ولا أجل رأيا،
ولا أثقب نظرا من ابْن عَبَّاس، ولقد كَانَ عُمَر يعده
للمعضلات مع اجتهاد عُمَر ونظره للمسلمين.
وقال الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: مَا رأيت فِي مجلس ابْن
عَبَّاس باطلا قط، وما سمعت فتوى أشبه بالسنة من فتواه،
وَكَانَ أصحابه يسمونه البحر، ويسمونه الحبر.
قال عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بْن أَبِي زَيْد الهلالي:
ونحن ولدنا الْفَضْل والحبر بعده ... عنيت أَبَا
الْعَبَّاس ذا الْفَضْل والندى
وقال أَبُو عَمْرو بْن العلاء: نظر الحطيئة إِلَى ابْن
عَبَّاس فِي مجلس عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
غالبا عَلَيْهِ، فَقَالَ: من هَذَا الَّذِي برع الناس
بعلمه، ونزل عنهم بسنه، قَالُوا: عَبْد اللَّهِ بْن
عَبَّاس، فَقَالَ فِيهِ أبياتا منها:
إِنِّي وجدت بيان المرء نافلةً ... تهدى لَهُ ووجدت العىّ
كالصمم
والمرء يفنى ويبقى سائر الكلم ... وقد يلام الفتى يوما ولم
يلم
(3/936)
وفيه يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه [1] :
إذا مَا ابْن عباسٍ بدا لك وجهه ... رأيت لَهُ فِي كل
أحواله فضلا
إذا قَالَ لم يترك مقالا لقائلٍ ... بمنتظماتٍ [2] لا ترى
بينها فصلا
كفى وشفى مَا فِي النفوس فلم يدع ... لذي إربةٍ فِي القول
جدا ولا هزلا
سموت إِلَى العليا بغير مشقةٍ ... فنلت ذراها لا دنيا ولا
وغلا
خلقت خليقا للمودة والندى ... فليجا ولم تخلق كهاما ولا
جهلا
ويروى أن مُعَاوِيَة نظر إِلَى ابْن عَبَّاس يوما يتكلم،
فأتبعه بصره، وقال متمثّلا:
إذا قَالَ لم يترك مقالا لقائلٍ ... مصيبٍ ولم يثن اللسان
على هجر
يصرف بالقول اللسان إذا انتحى ... وينظر فِي أعطافه نظر
الصقر
وروى أن عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان بْن أُمَيَّة مر يوما
بدار عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بمكة، فرأى جماعة من طالبي
الفقه، ومر بدار عُبَيْد الله بْن عَبَّاس، فرأى فيها
جماعة ينتابونها للطعام، فدخل على ابْن الزُّبَيْر. فقال
لَهُ: أصبحت والله كما قال الشاعر:
فإن تصبك من الأيام قارعة ... لم نبك منك عليه دنيا ولا
دين
قال: وما ذاك يَا أعرج؟ قَالَ: هذان ابنا عَبَّاس، أحدهما
يفقه الناس والآخر يطعم الناس، فما أبقيا لك مكرمة، فدعا
عَبْد اللَّهِ بْن مطيع. وقال: انطلق إِلَى ابني عَبَّاس،
فقل لهما: يَقُول لكما أمير المؤمنين: اخرجا عني، أنتما
ومن أصغى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت. فقال
عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس لابن الزبير:
__________
[1] ديوان: 359.
[2] في الديوان: بملتقطات.
(3/937)
والله مَا يأتينا من الناس إلا رجلان: رجل
يطلب فقها، ورجل يطلب فضلا، فأي هذين تمنع؟ وَكَانَ
بالحضرة أَبُو الطفيل عَامِر بْن واثلة الكناني، فجعل
يَقُول:
لا در درّ الليالي كيف تضحكنا ... منهما خطوب أعاجيب
وتبكينا
ومثل مَا تحدث الأيام من عبرٍ ... في ابْن الزُّبَيْر عَنِ
الدنيا تسلينا
كنا نجيء ابْن عَبَّاس فيسمعنا ... فقها ونكسبنا أجرا
ويهدينا
ولا يزال عُبَيْد الله مترعةً ... جفانه مطعما ضيفا
ومسكينا
فالبر والدين والدنيا بدارهما ... ننال منها الَّذِي نبغي
إذا شينا
إن النَّبِيّ هُوَ النور الَّذِي كشطت ... به عمايات
ماضينا وباقينا
ورهطه عصمة فِي دينه لهم ... فضل علينا وحق واجب فينا
ففيم تمنعنا منهم وتمنعهم ... منّا وتؤذيهم فينا وتؤدينا
ولست بأولاهم بِهِ رحما ... يا بْن الزُّبَيْر ولا أولى
بِهِ دينا
لن يؤتي الله إنسانا ببغضهم ... في الدين عزا ولا فِي
الارض تمكينا
وكان ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قد عمي فِي
آخر عمره. وروى عَنْهُ أَنَّهُ رأى رجلا مع النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يعرفه، فسأل
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ،
فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وسلم:
أرأيته؟ قَالَ: نعم. قال: ذَلِكَ جبرئيل، أما إنك ستفقد
بصرك، فعمي بعد ذَلِكَ فِي آخر عمره، وَهُوَ القائل فِي
ذَلِكَ فيما روي عَنْهُ من وجوه:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما
نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخلٍ ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور
(3/938)
يروى أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه
علمه خرج إِلَى الناس.
ويقال: بل دخل قبره طائر أبيض وقيل: إنه بصره فِي التأويل.
وقال الزُّبَيْر: مات ابْن عَبَّاس بالطائف، فجاء طائر
أبيض، فدخل فِي نعشه حين حمل، فما رئي خارجا منه.
شهد عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس مع علي رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا الجمل وصفين والنهروان، وشهد معه الْحَسَن
والحسين وَمُحَمَّد بنوه، وعبد الله وقثم ابنا الْعَبَّاس،
وَمُحَمَّد وعبد الله وعون بنو جَعْفَر بْن أَبِي طالب.
والمغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب، وعقيل بْن
أَبِي طالب، وعبد الله بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ
بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد ابن
الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ،
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ
يَأْتُونَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الشِّعْرِ وَالأَنْسَابِ،
وَنَاسٌ يَأْتُونَ لأَيَّامِ الْحَرْبِ وَوَقَائِعَهَا،
وَنَاسٌ يَأْتُونَ لِلْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، مَا مِنْهُمْ
صِنْفٌ إِلا يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ بِمَا شاءوا.
(1589) عبد الله بْن عبد الأسد بْن هِلال بن عبد الله بن
عمرو [1] بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي
الْمَخْزُومِيّ،
أَبُو سَلَمَة زوج أم سَلَمَة قبل النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أمه برة بِنْت عبد المطلب بْن
هاشم.
قال ابْن إِسْحَاق: أسلم بعد عشرة أنفس، فكان الحادي عشر
من المسلمين، هاجر مع زوجته أم سَلَمَة إِلَى أرض الحبشة.
قال مصعب الزبيري: أول من
__________
[1] في أسد الغابة: ابن عمر
(3/939)
هاجر إِلَى أرض الحبشة أَبُو سَلَمَة بْن
عبد الأسد، ثُمَّ شهد بدرا، وَكَانَ أخا رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واخا حَمْزَة من
الرضاعة، أرضعته ثويبة مولاة أَبِي لهب، أرضعت حَمْزَة
ثُمَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ثُمَّ أَبَا سَلَمَة، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه
وسلم على المدينة حين خرج إِلَى غزوة العشيرة، وكانت فِي
السنة الثانية من الهجرة.
توفي أَبُو سَلَمَة فِي جمادى الآخرة سنة ثلاث من الهجرة،
وَهُوَ ممن غلبت عَلَيْهِ كنيته، وَكَانَ عِنْدَ وفاته
قَالَ: اللَّهمّ اخلفني فِي أهلي بخير، فأخلفه [1] رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على زوجته أم
سَلَمَة، فصارت أما للمؤمنين، وصار رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربيب بنيه: عُمَر، وسلمة،
وزينب.
(1590) عبد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ابْن سلول
الأَنْصَارِيّ،
من بني عوف ابْن الخزرج. وسلول امرأة من خزاعة هي أم أَبِي
بن مالك [بن الحارث ابن عُبَيْد [2]] بْن سَالِم بْن غنم
بْن عَمْرو [3] بْن الخزرج. وسالم بْن غنم يعرف بالحبلى،
لعظم بطنه، ولبني الحبلى شرف فِي الأنصار، وَكَانَ اسمه
الْحُبَاب، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، وَكَانَ أبوه عبد الله بن أبىّ
ابن سلول يكنى أَبَا الْحُبَاب، بابنه الْحُبَاب، وَكَانَ
رأس المنافقين، وممن تولى كبر الإفك فِي عَائِشَة، وابنه
عَبْد اللَّهِ هَذَا من فضلاء الصحابة وخيارهم، شهد بدرا
وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان أبوه عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي من أشراف الخزرج، وكانت
الخزرج قد اجتمعت
__________
[1] في أسد الغابة: خلفه.
[2] من أسد الغابة.
[3] في أسد الغابة: بن عوف.
(3/940)
على أن يتوجوه، ويسندوا أمرهم إِلَيْهِ قبل
مبعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما
جاء الله بالإسلام نفس على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النبوة، وأخذته العزة، فلم يخلص
الإسلام، وأضمر النفاق حسدا وبغيا، وَهُوَ الَّذِي قَالَ
فِي غزوة تبوك [1] : لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا
الْأَذَلَّ. 63: 8 فقال ابنه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ الذليل يَا رَسُول اللَّهِ، وأنت
العزيز، وَقَالَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: إن أذنت لي فِي قتله قتلته، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أَنَّهُ يقتل أصحابه، ولكن
بر أباك وأحسن صحبته. فلما مات سأله ابنه الصلاة عَلَيْهِ،
فنزلت [2] : «وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ
أَبَداً، وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ» . 9: 84
وسأله أن يكسوه قميصه يكفن فِيهِ، لعله يخفف عَنْهُ، ففعل.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ،
حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أُبَيٍّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ أَبُوهُ، فَقَالَ:
أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنَهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ،
وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ، وَقَالَ:
إِذَا فَرَغْتُمْ فَآذِنُونِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ
يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ، وَقَالَ: أَلَيْسَ
قَدْ نَهَى اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنَا بَيْنَ
خَيْرَتَيْنِ:
اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. 9: 80
فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل: وَلا
تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ... 9: 84 الآية. فترك
الصلاة عليهم.
__________
[1] سورة المنافقون، آية 8.
[2] سورة التوبة، آية 84.
(3/941)
قال أبو عمر: كان رسول الله صلى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يثني على عَبْد اللَّهِ ابن عَبْد
اللَّهِ بْن أَبِي هَذَا، واستشهد عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي
يَوْم اليمامة فِي خلافة أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا سنة اثنتي عشرة. وروت عَنْهُ عَائِشَة رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1591) عبد الله بْن عَبْد اللَّهِ الأعشى المازني.
قد تقدم [1] ذكره فِي باب العبادلة بأن أباه عَبْد اللَّهِ
يعرف بالأعور. ويعرف بالأطول أيضا. روى عَنْهُ معن بْن
ثعلبة، وصدقة المازني والد طيلسة بْن صدقة.
(1592) عبد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي أُمَيَّة
الْمَخْزُومِيّ،
ابْن أخي أم سَلَمَة زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره جماعة من المؤلفين، وفيه نظر.
روى عَنْهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وَمُحَمَّد بْن عَبْد
الرَّحْمَنِ بْن ثوبان. ولا تصح لَهُ صحبة عنده، لصغره،
ولكنا ذكرناه على شرطنا. روايته عَنْ أم سَلَمَة، وقد
ذكرنا أباه فِي بابه.
(1593) عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن هِلال،
أو عُبَيْد بْن هِلال، ويقال ابْن عبد هِلال [2] ، رأى
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صغير،
وحفظ عَنْهُ أَنَّهُ برك عَلَيْهِ، قَالَ: فما أنسى برد يد
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على
يافوخي، وَكَانَ يقوم الليل ويصوم النهار.
(1594) عبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيّ
الأشهلي.
له صحبة ورواية. من حديثه عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى [بنا فِي مسجد [3]] بني عبد
الأشهل، رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بن أبى حبيبة.
__________
[1] صفحة 866.
[2] في س: عبد الله بن عبد بن هلال.
[3] من أسد الغابة.
(3/942)
(1595) عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد
الرَّحْمَنِ،
أَبُو رويحة الخثعمي. مذكور فِي الكنى.
(1596) عبد الله بْن عبد المدان.
وعبد المدان اسمه عَمْرو بْن الديان، والديان اسمه يَزِيد
بْن قطن بْن زِيَاد بْن الْحَارِث بْن مَالِك بْن رَبِيعَة
بْن كَعْب بْن الْحَارِث بْن كَعْب الحارثي.
قال الطبري: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني
الْحَارِث بْن كَعْب، فَقَالَ: من أنت؟ قَالَ: أنا عبد
الحجر [1] . قَالَ: أنت عَبْد اللَّهِ، فأسلم. وكانت ابنته
عَائِشَة عِنْدَ عُبَيْد الله بْن الْعَبَّاس، وهي التي
قتل ولديها بسر ابن أرطاة.
(1597) عبد الله بْن عَبْد الْمَلِكِ.
وقيل عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك، ويقال عَبْد اللَّهِ بْن
عبد بْن مَالِك بْن عَبْد اللَّهِ بْن ثعلبة بْن غفار بْن
مليل، يعرف بأبي اللحم الغفاري.
روى عَنْهُ مولاه عُمَيْر. قيل: إنما قيل له أبي اللحم،
لأنه كان لا يأكل مَا ذبح على النصب فِي الجاهلية. وقيل:
بل قيل لَهُ ذَلِكَ لأنه كَانَ لا يأكل اللحم ويأباه. وقيل
اسم أَبِي اللحم الحويرث، وقد ذكرناه [2] . قتل أَبِي
اللحم يَوْم حنين.
(1598) عبد الله بْن عبد مناف بْن النعمان بْن سنان بْن
عُبَيْد بن عدىّ بن غنم ابن كَعْب بْن سَلَمَة
الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا، وأحدا، يكنى أَبَا يَحْيَى.
(1599) عبد الله بْن عبد.
ويقال عبد بْن عبد، أَبُو الْحَجَّاج الثمالي. ويقال:
عَبْد اللَّهِ بْن عائذ الثمالي، وثمالة فِي الأزد، يعد
فِي الشاميين.
رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ
الأَسَدِيُّ. حَدِيثَهُ عِنْدَ بقية بن الوليد، عن
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: عبد الحجر- بكسر الحاء وسكون
الجيم. وقال ابن الكلبي والطبري بفتحهما.
[2] صفحة 135.
(3/943)
أبي مريم، عن الهيثم بن مالك الطائي، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي
الْحَجَّاجِ الثُّمَالِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ الْقَبْرُ
لِلْمَيِّتِ حين يوضع فيه: ويحك يا بن آدَمَ! مَا غَرَّكَ
بِي! أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بيت الفتنة، وبيت الظلمة،
وبيت الوحدة، وبيت الدُّودِ! مَا غَرَّكَ بِي إِذْ كُنْتَ
تَمُرُّ بِي فَدَّادًا [1] ! قَالَ: فَإِنْ كَانَ
مُصْلِحًا أَجَابَ عنه مجيب القبر، فيقول: أرأيت أن كان
يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟
فَيَقُولُ الْقَبْرُ: إِنِّي إِذَنْ أَعُودُ عَلَيْهِ
خَضِرًا [2] ، وَيَعُودُ جَسَدُهُ عَلَيْهِ نُورًا،
وَيَصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. قال ابن
عائذ: فقلت: يا أبا الحجاج، ما الفداد؟ قال: الذي يقدم
رجلا ويؤخر أخرى، كمشيتك يَا بْن أخي أحيانا، وَهُوَ يتلبس
يومئذ ويتهيأ. وله حديث آخر رواه عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ
بْن أَبِي عوف الجرشي.
(1600) عبد الله بْن عبس،
ويقال: ابْن عبيس، والأكثر يقولون عبد الله ابن عبس
الأَنْصَارِيّ الخزرجي، ليس لعبد الله بْن عبس عقب، وَهُوَ
من بني عدي بْن كَعْب بْن الخزرج، شهد بدرا وما بعدها من
المشاهد مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس
هَذَا من أَبِي عبس بْن جُبَيْر، ينسب هَذَا خزرجي،
وَأَبُو عبس أوسي، إلا أنهما من الأنصار جميعا.
(1601) عبد الله بْن عبيس.
شهد بدرا، ولم ينسبوه، وقالوا: هُوَ من حلفاء بني
الْحَارِث بْن الخزرج.
(1602) عبد الله بْن عُتْبَة، أَبُو قَيْس الذكواني.
مدني، رَوَى عَنْهُ سَالِم بْن عَبْد اللَّهِ بن عمرو.
__________
[1] قيل: أراد ذا أمل كبير (النهاية) .
[2] خضرا: نعما غضة (النهاية) .
(3/944)
(1603) عبد الله بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود
الهذلي،
ابْن أخي عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، وذكره العقيلي فِي
الصحابة فغلط، وإنما هُوَ تابعي من كبار التابعين بالكوفة،
هو والد عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة
الفقيه المدني الشاعر، شيخ ابْن شهاب، استعمله عُمَر بْن
الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. روى عَنْهُ ابنه عُبَيْد
الله [1] بْن عَبْد اللَّهِ، وحميد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ
بْن عوف، وَمُحَمَّد بْن سِيرِين، وعبد الله بْن معبد
الذماري، وَرَوَى عَنْهُ ابنه حَمْزَة بْن عَبْد اللَّهِ
بْن عُتْبَة، قَالَ: أذكر أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأسي.
وذكره الْبُخَارِيّ فِي التابعين، وإنما ذكره العقيلي فِي
الصحابة لحديث حَدَّثَهُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الصَّائِغُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ جَزْءِ
بْنِ مُعَاوِيَةَ أَخِي زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله
صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ
رَجُلا، مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عرفطة، وأبو موسى الأشعري،
وعثمان بن مطعون، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمُ
الْيَوْمَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِينَا
رَسُولا، وَأَمَرَنَا أَلا نسجد لأحد إلا الله،
وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ...
وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
قال أَبُو عُمَر: ولو صح هَذَا الحديث لثبتت بِهِ هجرة
عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَة إِلَى أرض الحبشة، ولكنه وهم
وغلط، والصحيح فِيهِ أن أبا إسحاق رواه عن عبد الله ابن
عُتْبَة، عَنِ ابْن مَسْعُود قَالَ: بعثنا رَسُول الله صلى
الله عليه وسلم إلى النجاشي، ونحن نحو من ثمانين رجلا منهم
ابْن مسعود، وجعفر بن أبى طالب ... وساق
__________
[1] في أسد الغابة: ابنه عبد الله.
(3/945)
الحديث. ولعل الوهم أن يكون دخل على من
قَالَ ذَلِكَ لما فِي الحديث منهم ابْن مَسْعُود، وليس
يشكل عِنْدَ أحد من أهل هَذَا الشأن أن عَبْد اللَّهِ بْن
عُتْبَة ليس ممن أدرك الهجرة إِلَى النجاشي، ولا كَانَ
يومئذ مولودا، والله أعلم، ولكنه ولد فِي حياة النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأتى بِهِ فمسحه بيده
ودعا لَهُ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، عَنْ وَكِيع، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ وَفَضْلٌ ابْنَا عَوْنِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالا:
حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ حَمْزَةَ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ
جَدَّتِهَا، وَكَانَتْ أُمُّ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِسَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ: أَيُّ شَيْءٍ تَذْكُرُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّنِي
غُلامٌ خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ [1] أَجْلَسَنِي
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي، وَدَعَا لِي
وَلِذُرِّيَّتِي بِالْبَرَكَةِ.
(1604) عبد الله بْن عُتْبَة،
أحد بني نفيل، كَانَ فيمن أشار إِلَى فروة بْن هبيرة بلزوم
الإسلام- قاله وثيمة، عَنِ ابْن إِسْحَاق
(1605) عبد الله بْن عَتِيك الأَنْصَارِيّ.
من بني عَمْرو بْن عوف. قد تقدم [2] ذكر نسبه عِنْدَ ذكر
أخيه جَابِر بْن عَتِيك. وعبد الله هَذَا هُوَ الَّذِي قتل
أَبَا رَافِع بْن أَبِي الحقيق اليهودي بيده، وَكَانَ فِي
بصره شيء، فنزل تلك الليلة عَنْ درج أَبِي رَافِع بعد قتله
إياه، فوثب فكسرت رجله، فاحتمله أصحابه حينا، فلما وصل
إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مسح رجله، قَالَ: فكأني لم أشتكها قط،
__________
[1] علام خماسي: طوله خمسة أشبار. قال في القاموس: ولا
يقال سداسي ولا ساعي لانه إذا بلع ستة أشبار فهو رجل.
[2] صفحة 222.
(3/946)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لَهُ
وللذين توجهوا معه فِي قتل ابْن أَبِي الحقيق، إذ رآهم
مقبلين، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه على المنبر
يحطب، فلما رآهم قَالَ:
أفلحت الوجوه. واستشهد عَبْد اللَّهِ بْن عَتِيك يَوْم
اليمامة، وأظنه وأخاه شهد بدرا، ولم يختلف أن عَبْد
اللَّهِ بْن عَتِيك شهد بدرا، قَالَ ابْن الكلبي وأبوه:
إنه شهد صفين مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فإن كَانَ
هَذَا صحيحا فلم يقتل يَوْم اليمامة.
وقد قيل: إنه ليس بأخ لجابر بْن عَتِيك، وإن أخا جَابِر
هُوَ الْحَارِث، والأول أكثر، والله أعلم، لأن الرهط الذين
قتلوا ابْن أَبِي الحقيق خزرجيون، والذين قتلوا كعب بن
الأشرف أو سيون، كذا قَالَ ابْن إِسْحَاق وغيره، ولم
يختلفوا فِي ذَلِكَ، وَهُوَ يصحح قول من قَالَ: إن عَبْد
اللَّهِ بْن عَتِيك ليس من الأوس، ولا هُوَ أخو جَابِر بْن
عَتِيك، وقد نسب فِي قول خليفة عَبْد اللَّهِ ابن عتيك
هذا: عبد الله بن عتيك بْن قَيْس بْن الأسود بْن مري بْن
كَعْب بْن غنم بْن سَلَمَة بْن سَعْد بْن علي بْن أَسَد
بْن ساردة بْن زيد بن جشم بن الخزرج، مهد أحدا، وقتل يَوْم
اليمامة شهيدا، وَرَوَى عَنْ رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
(1606) عبد الله بْن عُثْمَان الأسدي،
من بني أَسَد بن خزيمة حليف لبني عوف ابن الخزرج، قتل
يَوْم اليمامة شهيدا.
(1607) عبد الله بْن عدي الأَنْصَارِيّ،
رَوَى عَنْهُ عُبَيْد الله بْن عدي بْن الخيار أَنَّهُ شهد
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجل
يستأذنه فِي قتل رجل من المنافقين، فَقَالَ لَهُ: أليس
يشهد أن لا إله إلا الله ... الحديث. كذا قَالَ مَعْمَر،
عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْد الله بْن عدي بْن الخيار،
عَنْ عبيد الله بن عدىّ الأنصاري،
(3/947)
وتابعه جماعة من أصحاب ابْن شهاب، فقالوا
فِيهِ، عَنِ ابْن شهاب، عَنْ عُبَيْد الله بْن عدي بْن
الخيار: إن رجلا من الأنصار أخبرهم ... وذكروا قصة الرجل
الَّذِي جاء يستأذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قتل رجل من المنافقين.
وقد جعل بعض الناس هَذَا وَالَّذِي قبله واحدا، وذلك غلط
خطأ، والصواب مَا ذكرنا، وباللَّه توفيقنا.
(1608) عبد الله بْن عدي بْن الحمراء القرشي الزُّهْرِيّ،
من أنفسهم. وقيل:
إنه ثقفي حليف لهم، يكني أَبَا عُمَر. وقيل أَبَا عَمْرو،
وَقَالَ الْبُخَارِيّ: عَبْد اللَّهِ بْن عدي بْن الحمراء
أَبُو عَمْرو.
قال أَبُو عُمَر: لَهُ صحبة ورواية، يعد فِي أهل الحجاز،
كَانَ ينزل فيما بين قديد [1] وعسفان [2] .
قال الطبري: هُوَ قرشي زهري من أنفسهم، وذكره فيمن روى عن
النبي صلى الله عليه وسلم من بني زهرة.
وقال غيره: ليس من أنفسهم، وذكروا أن شريقا والد الأخنس
بْن شريق اشترى عبدا، فأعتقه وأنكحه ابنته، فولدت لَهُ
عَبْد اللَّهِ، وَعُمَر، ابني عدي بْن الحمراء.
وقال إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق القاضي: عَبْد الله بن عدىّ
بن الحمراء، قرشىّ
__________
[1] قديد: اسم موضع قرب مكة (ياقوت) .
[2] عسفان: من مكة على مرحلتين.
(3/948)
زهري، هُوَ الَّذِي سمع رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحزورة [1] قوله فِي
فضل مكة، وليس هُوَ عَبْد اللَّهِ بْن عدي بْن الخيار.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله تعالى: رَوَى عَنْهُ أَبُو
سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّد بْن جُبَيْر
بْن مطعم، وَحَدِيثُهُ عند الزهري عند أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ،
قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ
بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ
لِمَكَّةَ: وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ،
وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْ أَنِّي
أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ. هذا لفظ ابْن وَهْب، عَنْ
يونس ابن زيد، بن ابْن شهاب، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو
سَلَمَة بْن عبد الرحمن أنّ عبد الله ابن عدي بْن الحمراء
أخبره أَنَّهُ سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهو
واقف ...
فذكره حرفا بحرف.
(1609) عبد الله بْن عرفطة بْن عدي بْن أُمَيَّة بْن خدارة
[2] بْن عوف بْن النجار ابن الخزرج الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا، وَكَانَ ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع جعفر ابن
أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هُوَ حليف لبني
الْحَارِث بْن الخزرج.
(1610) عبد الله بْن عكيم [3] الجهني،
يكنى أَبَا معبد، اختلف فِي سماعه من النبي صلى الله عليه
وسلم. من حديثه عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
من علق شيئا وكل
__________
[1] حزورة- بالفتح ثم السكون وفتح الواو وراء وهاء. قال
الدار قطنى: كذا صوابه والمحدثون يفتحون الزاى ويشددون
الواو، وهو تصحيف. وكانت الحزورة سوق مكة.
وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه (ياقوت) .
[2] في أسد الغابة: قاله أبو عمر، وجعله ابن مندة وأبو
نعيم من بنى خدرة، وهل الغلط إنما وقع من الكاتب والله
أعلم. وفي تاج العروس: خدارة- بالضم أخو خدرة من الأنصار،
ومنهم أبو مسعود الخدارى الصحابي- كذا ضبطه ابن عبد البر
في الاستيعاب. وابن دريد في الاشتقاق، وقال ابن إسحاق هو
جدارة بالجيم المكسورة (مادة خدر) .
[3] عكيم- بالتصغير، كما في التقريب.
(3/949)
إِلَيْهِ. وهو القائل: جاءنا كتاب رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أرض
جهينة قبل وفاته بشهر: ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا
عصب. يعد فِي الكوفيين.
روى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي ليلى وهلال
الوزّان.
(1611) عبد الله بْن عَمَّار،
رَوَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وحديثه مرسل روى
عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن يربوع.
(1612) عبد الله بن عمر بن
الخطاب بن نفيل القرشي العدوي،
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، قد بلغنا فِي نسبه عِنْدَ ذكر
أَبِيهِ. أمه وأم أخته حفصة- زينب بِنْت مظعون بْن حَبِيب
الْجُمَحِيّ، أسلم مع أَبِيهِ وَهُوَ صغير لم يبلغ الحلم.
وقد قيل: إن إسلامه كَانَ قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح.
وكان عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر ينكر ذَلِكَ.
وأصح من ذَلِكَ قولهم: إن هجرته كانت قبل هجرة أَبِيهِ،
واجتمعوا أَنَّهُ لم يشهد بدرا، واختلف فِي شهوده أحدا،
والصحيح أن أول مشاهده الخندق.
وقال الْوَاقِدِيّ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر يَوْم
بدر ممن لم يحتلم، فاستصغره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورده، وأجازه يَوْم أحد. ويروى عَنْ
نَافِع أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ردّه يوم أحد،
لانه كَانَ ابْن أربع عشرة سنة، وأجازه يوم الخندق، وَهُوَ
ابْن خمس عشرة.
وقد روي حديث نَافِع على الوجهين جميعا، وشهد الحديبية،
وَقَالَ بعض أهل السير: إنه أول من بايع يومئذ، ولا يصح،
والصحيح أن من بايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديبية تحت الشجرة بيعة الرضوان
أَبُو سنان [1] الأسدي. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَالَ: أَدْرَكَ ابْنُ عُمَرَ الْفَتْحَ، وَهُوَ ابْنُ
عِشْرِينَ سَنَةً- يَعْنِي فَتْحَ مكة.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: الصواب سنان بن أبى سنان الأسدي.
وأما أبو سنان فمات يوم بنى قريظة قبل الحديبيّة.
(3/950)
وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من أهل الورع
والعلم، وَكَانَ كَثِير الإتباع لآثار رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شديد التحري والاحتياط
والتوقي فِي فتواه، وكل مَا يأخذ بِهِ نفسه، وَكَانَ لا
يتخلف عَنِ السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ثُمَّ كَانَ بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة، وفي الفتنة،
إِلَى أن مات، ويقولون: إنه كَانَ من أعلم الصحابة بمناسك
الحج.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجه حفصة بِنْت
عُمَر: إن أخاك عَبْد اللَّهِ رجل صَالِح لو كَانَ يقوم من
الليل، فما ترك ابْن عُمَر بعدها قيام الليل.
وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لورعه قد أشكلت عَلَيْهِ حروب
علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقعد عَنْهُ، وندم على ذَلِكَ
حين حضرته الوفاة، وسنذكر ذَلِكَ فِي آخر الباب إن شاء
الله تعالى.
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ
بْنُ قُسَيْطٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ،
عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ
دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ
الْمَشَاهِدِ، فَقَالَ: كَفَفْتُ يَدِي، فَلَمْ أُقْدِمْ،
وَالْمُقَاتِلُ عَلَى الْحَقِّ أَفْضَلُ.
وقال جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ: مَا منا أحد إلا مالت بِهِ
الدنيا، ومال بها، مَا خلا عُمَر وابنه عَبْد اللَّهِ.
وقال مَيْمُون بْن مهران: ما رأيت أورع من ابْن عُمَر، ولا
أعلم من ابْن عَبَّاس. وروى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك،
قَالَ: بلغ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر ستا وثمانين سنة،
وأفتى فِي الإسلام ستين سنة، ونشر نَافِع عَنْهُ علما جما.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الدِّيلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الحميد
(3/951)
ابن صُبَيْحٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ
الْمَاجِشُونِ، عَنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَرَوَانَ
بْنَ الْحَكَمِ دَخَلَ فِي نفر على عبد الله بن عمر بعد ما
قُتِلَ عُثْمَانُ، فَعَرَضُوا عَلَيْهِ أَنْ يُبَايِعُوا
لَهُ، قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِالنَّاسِ؟ قَالَ:
تُقَاتِلُهُمْ وَنُقَاتِلُهُمْ مَعَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ
لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ إِلا أَهْلُ
فَدَكٍ مَا قَاتَلْتُهُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ
عِنْدِهِ وَمَرْوَانُ يَقُولُ:
وَالْمُلْكُ بَعْدُ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
قال أَبُو عُمَر: مات عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بمكة سنة
ثلاث وسبعين، لا يختلفون فِي ذَلِكَ، بعد قتل ابْن
الزُّبَيْر بثلاثة أشهر أو نحوها. وقيل: لستة أشهر. وكان
أوصى أن يدفن فِي الحل، فلم يقدر على ذَلِكَ من أجل
الْحَجَّاج، ودفن بذي طوى فِي مقبرة المهاجرين، وَكَانَ
الْحَجَّاج قد أمر رجلا فسم زج رمح، وزحمه فِي الطريق ووضع
الزج فِي ظهر قدمه، وذلك أن الْحَجَّاج خطب يوما وأخر
الصلاة، فَقَالَ ابْن عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ
لَهُ الْحَجَّاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك.
قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط. وقيل: إنه أخفى قوله
ذَلِكَ عَنِ الْحَجَّاج، ولم يسمعه، وَكَانَ يتقدم فِي
المواقف بعرفة وغيرها إِلَى المواضع التي كَانَ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف بها، فكان ذَلِكَ
يعز على الْحَجَّاج، فأمر الْحَجَّاج، رجلا معه حربة يقال:
إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق بِهِ ذَلِكَ
الرجل، فأمر الحربة على قدمه، وهي فِي غرز راحلته، فمرض
منها أياما، فدخل عَلَيْهِ الْحَجَّاج يعوده، فَقَالَ
لَهُ: من فعل بك يَا أَبَا الرحمن؟ فَقَالَ:
مَا تصنع بِهِ؟ قَالَ: قتلني الله إن لم أقتله. قَالَ: مَا
أراك فاعلا، أنت الَّذِي أمرت الَّذِي بخسني بالحربة.
فَقَالَ: لا تفعل يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وخرج عنه.
وروى
(3/952)
أَنَّهُ قَالَ للحجاج- إذ قَالَ لَهُ: من
فعل بك- قَالَ: أنت الَّذِي أمرت بإدخال السلاح فِي الحرم،
فلبث أياما، ثُمَّ مات، وصلى عَلَيْهِ الْحَجَّاج.
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ
الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ
إِسْحَاقَ بْنِ مَعْمَرٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الحجاج ابن رِشْدِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ
يَحْيَى بْنُ سليمان الجعفي، قال: حدثنا أسباط ابن
مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
سِيَاهٍ [1] ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا آسَى عَلَى شيء
إلا أني لم أقاتل مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْفِئَةَ
الْبَاغِيَةَ.
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا
أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ،
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سياه، عن حبيب ابن أَبِي
ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا أَجِدُنِي آسَى
عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي مِنَ الدُّنْيَا إلا أني لم أقاتل
الفئة الباغية مع عَلِيٍّ.
وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ،
وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ- حِينَ
حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ
أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئًا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ
الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وقال: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد، حَدَّثَنَا عبد الجبار
بْن الْعَبَّاس، عَنْ أَبِي العنبس، عَنْ أَبِي بَكْر بْن
أَبِي الجهم، قَالَ: سمعت ابْن عُمَر يَقُول: مَا آسى على
شيء إلا تركي قتال الفئة الباغية مع على.
__________
[1] بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة (التقريب) .
(3/953)
(1613) عبد الله بْن عَمْرو بْن بجرة [1]
بْن خَلَف بْن صداد بْن عَبْد اللَّهِ بْن قرط ابن رزاح بن
عدي بن كعب القرشي العدوي.
أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدا، ولا أعلم لَهُ
رواية، ذكره ابْن إِسْحَاق وَابْن عقبة فيمن استشهد يَوْم
اليمامة من بني عدي بْن كَعْب، وَقَالَ أَبُو معشر: هم بيت
من أهل اليمن تبناهم بجرة ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن
عدىّ.
(1614) عبد الله بْن عَمْرو الْجُمَحِيّ،
مدني، رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كَانَ يأخذ
من شاربه وظفره يَوْم الجمعة. روى عَنْهُ إِبْرَاهِيم بْن
قدامة الْجُمَحِيّ.
فِيهِ نظر.
(1615) عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب
بن غنم [بْن كَعْب [2]] بْن سَلَمَة الأَنْصَارِيّ،
يكنى أَبَا جابر، ذكره ابن إسحاق عن معبد ابن كَعْب، عَنْ
أَبِيهِ كَعْب، أَنَّهُ قَالَ فِي حديث ذكره، وأنا أنظر
إِلَى عَبْد اللَّهِ ابن عَمْرو بْن حرام، فقلت: يَا أَبَا
جَابِر.
كان نقيبا، وشهد العقبة ثُمَّ بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا،
قتله أسامة الأعور ابن عُبَيْد، وقيل: بل قتله سُفْيَان
بْن عبد شمس أَبُو أَبِي الأعور السُّلَمِيّ، وصلى
عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قبل الهزيمة، وَهُوَ أول قتيل قتل من المسلمين
يومئذ، ودفن هُوَ وَعَمْرو بْن الجموح فِي قبر واحد، كَانَ
عَمْرو بْن الجموح على أخته هند بِنْت عَمْرو بْن حرام،
هُوَ والد جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ. روى عَنْهُ ابنه
جَابِر قَالَ: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتختم فِي يمينه. وَذَكَرَ ابن عيينة.
عن ابن المتكدر، قال: سمعت جابرا يقول: جيء بأبي
__________
[1] في أسد الغابة وهوامش الاستيعاب: بجرة- بضم الباء
وسكون الجيم
[2] ليس في أسد الغابة.
(3/954)
يَوْمَ أُحُدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوُضِعَ
بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ،
فَنَهَانِي قَوْمٌ، فَسَمِعُوا صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ:
ابْنَةُ عَمْرٍو [1] أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلا تَبْكِي
[2] مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قُتِلَ أَبِي يَوْمَ
أُحُدٍ، وَجُدِعَ أَنْفُهُ، وَقُطِعَتْ أُذُنَاهُ،
فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ
أُتِيَ بِهِ قَبْرَهُ، فَدُفِنَ مَعَ اثْنَيْنِ فِي
قَبْرِهِ، فَجَعَلَتِ ابْنَتَهُ تَبْكِيهِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا
زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ حَتَّى رُفِعَ. قَالَ:
فَحَفَرَتْ لَهُ قَبْرًا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
فَحَوَّلَتْهُ إِلَيْهِ، فَمَا أَنْكَرَتْ مِنْهُ شَيْئًا،
إِلا شَعَرَاتٍ مِنْ لِحْيَتِهِ كَانَتْ مَسَّتْهَا
الأَرْضُ.
وَرَوَى طَلْحَةُ بْنُ خِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ
بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَقِيَنِي رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال: يا جابر، ما لي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا
مُهْتَمًّا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتُشْهِدَ
أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ. قَالَ: أَفَلا
أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قُلْتُ:
بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَحْيَا
أَبَاكَ، وَكَلَّمَهُ كِفَاحًا [3] ، وَمَا كَلَّمَ
أَحَدًا قَطُّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَقَالَ: يَا
عَبْدِي، تَمَنَّ أُعْطِكَ.
قَالَ: يَا رَبِّ، تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ
فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ الرَّبُّ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا
يُرْجَعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى [4] : وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ
أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169.
__________
[1] في أسد الغابة: فجعلت فاطمة بنت عمرو.
[2] في أسد الغابة: فقال رسول الله: تبكين أَوْ لا تبكيه
مَا زالت الملائكة تظله.
[3] كفاحا: مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول (النهاية) .
[4] سورة آل عمران، 169.
(3/955)
ذكره بقي بْن مخلد، قَالَ حَدَّثَنَا دحيم،
حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم، قَالَ: سمعت طَلْحَة
بْن خِرَاش يذكره. قال أَبُو عُمَر رحمه الله: مُوسَى بْن
إِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ مُوسَى بن إبراهيم ابن كَثِير بْن
بشير بْن الفاكه الأَنْصَارِيّ المدني، وطلحة بْن خِرَاش
أنصاري أيضا من ولد خِرَاش بْن الصمة، وكلاهما مدني ثقة.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، عن عبد الله بن محمد ابن عُقَيْلٍ،
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ
أَحْيَا أَبَاكَ؟ فَقَالَ لَهُ: تَمَنَّ. قَالَ:
أَتَمَنَّى أَنْ أُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ.
قَالَ: فَإِنِّي قَضَيْتُ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا
يُرْجَعُونَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ يَقُولُ: لَمَّا جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ،
وَجَاءَتْ عَمَّتِي تَبْكِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَعَلْتُ
أَبْكِي، وَجَعَلَ الْقَوْمُ يَنْهَوْنِي، وَرَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ.
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَنْهَانِي، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْكُوهُ أَوْ
لا تَبْكُوهُ، فو الله مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ
تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى دَفَنْتُمُوهُ.
(1616) عبد الله بْن عَمْرو الحضرمي، حليف بني أُمَيَّة.
قال الْوَاقِدِيّ: ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عليه
وسلم. روى عن عُمَر بْن الخطاب.
(1617) عبد الله بْن عَمْرو بْن الطفيل،
ذي النور، الأزدي، ثُمَّ الدوسي. قال الْحَسَن بْن
عُثْمَان: كَانَ من فرسان المسلمين وأهل الشدة والنجدة،
واستشهد يَوْم أجنادين سنة ثلاث عشرة.
(1618) عبد الله بْن عَمْرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن
سعيد بن سهم بن عمرو ابن هصيص [1] بْن كَعْب بْن لؤي
القرشي السهمي،
(3/956)
يكنى أَبَا مُحَمَّد. وقيل: يكنى أَبَا
عَبْد الرَّحْمَنِ. وقيل أَبُو نصير، وهي غريبة. وأما ابْن
معين فَقَالَ: كنيته أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، والأشهر
أَبُو مُحَمَّد. أمه ريطة بِنْت منبه بْن الْحَجَّاج
السهمية، ولم يفته أبوه فِي السن إلا باثنتي عشرة، ولد
لعمرو: عَبْد اللَّهِ، وَهُوَ ابْن اثنتي عشرة سنة. أسلم
قبل أَبِيهِ، وَكَانَ فاضلا حافظا عالما، قرأ الكتاب [2]
واستأذن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
أن يكتب حديثه، فأذن لَهُ، قَالَ: يا رسول الله أكتب كل
مَا أسمع منك فِي الرضا والغضب؟ قَالَ: نعم، فإني لا أقول
إلا حقا. وقال أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا كَانَ أحد أحفظ لحديث
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مني إلا
عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو، فإنه كَانَ يعي بقلبه، وأعي
بقلبي، وَكَانَ يكتب وانا لا أكتب، استأذن رَسُول اللَّهِ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم في ذَلِكَ، فأذن لَهُ.
وَرَوَى شفي [3] الأصبحي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو
بْن الْعَاص، قَالَ: حفظت عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألف مثل.
وكان يسرد الصوم، ولا ينام بالليل، فشكاه أبوه إِلَى
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال له
رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن لعينك عليك
حقا، وإن لأهلك عليك حقا، قم ونم وصم وأفطر. صم ثلاثة
أيامٍ من كل شهرٍ، فذلك صيام الدهر، فَقَالَ: إِنِّي أطيق
أكثر من ذَلِكَ، فلم يزل يراجعه فِي الصيام حَتَّى قَالَ
لَهُ: لا صوم أفضل من صوم دَاوُد، وَكَانَ يصوم يوما ويفطر
يوما. فوقف عبد الله عند ذلك، وتمادى عليه.
__________
[1] في الإصابة: هضيض، وهو خطأ.
[2] في أسد الغابة: قرأ القرآن والكتب المتقدمة.
[3] بالفاء- مصغرا- ابن ماتع بمثناة، الأصبحي.
(3/957)
ونازل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا فِي ختم القرآن، فَقَالَ: اختمه
فِي شهر، فَقَالَ: أني أطيق أفضل من ذَلِكَ، فلم يزل
يراجعه حَتَّى قَالَ: لا تقرأه فِي أقل من سبع. وبعضهم
يَقُول فِي حديثه هَذَا: أقل من خمس، والأكثر على أَنَّهُ
لم ينزل من سبع، فوقف عِنْدَ ذَلِكَ، واعتذر رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ من شهوده صفين، واقسم أَنَّهُ لم يرم فيها
برمح ولا سهم، وأنه إنما شهدها لعزمة أَبِيهِ عَلَيْهِ فِي
ذَلِكَ، وأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أطع أباك. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمرو الجوهري،
حدثنا أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ [1] بْنُ
نَاصِحٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَمْرٍو
الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عن عبد الله
بن عمرو بن العاص أنه كان يقول: ما لي ولصفين! ما لي
وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ! وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي
مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ يَقُولُ:
أَمَا وَاللَّهِ مَا ضَرَبْتُ فِيهَا بِسَيْفٍ، وَلا
طَعَنْتُ بِرُمْحٍ، وَلا رَمَيْتُ، بِسَهْمٍ، وَلَوَدِدْتُ
أَنِّي لَمْ أَحْضَرْ شَيْئًا مِنْهَا، وَأَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ،
إِلا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِهِ الرَّايَةَ
يَوْمَئِذٍ، فَنَدِمَ نَدَامَةً شَدِيدَةً عَلَى قِتَالِهِ
مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
وَيَتُوبُ إِلَيْهِ.
وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا
نَافِعُ بْنُ عَمْرٍو الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ
أَبِي مُلَيْكَةَ، إن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما
لي وقتال المسلمين وَلِصِفِّينَ، لوددت أني مت قبله بعشر
سنين، أما والله على ذلك ما رميت بسهم، ولا طعنت ترمح، ولا
ضربت بسيف ... وذكره إِلَى آخره.
واختلف فِي وقت وفاته، فَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: مات
عَبْد اللَّهِ بن عمرو
__________
[1] في س: الخطيب.
(3/958)
ابن الْعَاص ليالي الحرة، فِي ولاية يَزِيد
بْن مُعَاوِيَة، وكانت الحرة يَوْم الأربعاء لليلتين بقيتا
من ذي الحجة سنة ثلاث وستين. وقال غيره: مات بمكة سنة سبع
وستين، وَهُوَ ابْن اثنتين وسبعين سنة. وقال غيره: مات سنة
ثلاث وسبعين. وقال يَحْيَى بْن عَبْد اللَّهِ بْن بكير:
مات بأرضه بالسبع [1] من فلسطين سنة خمس وستين. وقيل: إن
عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص توفي سنة خمس وخمسين
بالطائف. وقيل: إنه مات بمصر سنة خمس وستين، وَهُوَ ابْن
اثنتين وسبعين سنة.
(1619) عبد الله بن عمرو بن
قيس بن زيد بن سواد بن مالك بن غنم ابن النجار،
أَبُو أَبِي، ابن أم حرام. وغلب عَلَيْهِ ابْن [أم [2]]
حرام، وقد تقدم [3] ذكره فِي صدر العبادلة، وَهُوَ ابْن
خالة أنس بْن مَالِك، أمه أم حرام بِنْت ملحان، وربيب [4]
عبادة بْن الصامت. عمر حَتَّى رَوَى عنه إبراهيم ابن أَبِي
عبلة [5] . يعد فِي الشاميين.
(1620) عبد الله بْن عَمْرو بْن مليل.
لَهُ صحبة.
(1621) عبد الله بْن عَمْرو بْن وقدان،
يقال لَهُ: عَبْد اللَّهِ بْن السعدي، واسم أبيه السعدي
عَمْرو بْن وقدان بْن عبد شمس بْن عبد ود بن نصر بن مالك
بن حسل ابن عَامِر بْن لؤي القرشي العامري، قيل لأبيه
السعدي، لأنه استرضع لَهُ فِي بني سَعْد بن بكر.
__________
[1] السبع- بلفظ العدد المؤنث: ناحية في فلسطين، بين بيت
المقدس والسكرك، فيه سبع أيار، سمى الموضع بذلك، وكان ملكا
لعمرو بن العاص أقام به لما اعتزل الناس.
وأكثر الناس يروى هذا بفتح الباء (ياقوت) .
[2] من أسد الغابة.
[3] صفحة 891.
[4] في أسد الغابة: أمه أم حرام بنت ملحان امرأة عبادة بن
الصامت فهو ريب عبادة.
[5] بسكون الموحدة، واسمه شمر- بكسر المعجمة ابن يقطان
الشامي (التقريب) .
(الاستيعاب ج 3 م 4)
(3/959)
توفى عبد الله بن السعدي سنة سبع وخمسين،
يكنى أَبَا مُحَمَّد.
(1622) عبد الله بْن عَمْرو بْن هِلال الْمُزْنِيّ،
والد عَلْقَمَة وبكر ابني عَبْد اللَّهِ الْمُزْنِيّ، هو
أحد البكاءين الذين نزلت فيهم [1] : وَلا عَلَى الَّذِينَ
إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا
أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ
مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ
... 9: 92 الآية. وكانوا ستة نفر، رَوَى عَنْهُ ابنه
عَلْقَمَة وَابْن بريدة، لَهُ صحبة ورواية، وَكَانَ ابنه
بَكْر من أجلة أهل البصرة، وَكَانَ يقال: الْحَسَن شيخها،
وبكر فتاها.
(1623) عبد الله بْن عَمْرو بْن وَهْب بْن ثعلبة بْن وقش
بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري،
الساعدي، قتل يوم أحد شهيدا. قال أَبُو عُمَر رحمه الله:
كل من كَانَ من بني طريف فهو من رهط سَعْد بْن مُعَاذ.
(1624) عبد بْن عُمَيْر الأشجعي،
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إذا خرج عليكم
خارج يشق عصا المسلمين ويفرق جمعهم فاقتلوه، ما أستثني
أحدا.
(1625) عبد الله بْن عُمَيْر الأَنْصَارِيّ الخطمي،
من بنى خطمة بن جشم بن مالك ابن الأوس. روى عَنْهُ عُرْوَة
بْن الزُّبَيْر، يعد فِي أهل المدينة، وَكَانَ أعمى يؤم
قومه بني خطمة، وجاهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أعمى.
(1626) عبد الله بْن عُمَيْر السدوسي،
حديثه عِنْدَ عَمْرو بْن سُفْيَان بْن عَبْد اللَّهِ بْن
عُمَيْر السدوسي، عن أبيه، عن جده.
(1627) عبد الله بن عُمَيْر بْن عدي بْن أُمَيَّة بْن
خدارة [2] بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاري،
__________
[1] سورة التوبة، آية 93.
[2] انظر الحاشية رقم 2 صفحة 949. وفي هوامش الاستيعاب:
عند ابن إسحاق والطبري فيه: جدارة بجيم مكسورة (ظهر
الاستيعاب ج 3- م
(3/960)
شهد بدرا فِي قول جميعهم، ولم يعرفه ابْن
عُمَارَة، ولا ذكره فِي كتابه فِي أنساب الأنصار.
(1628) عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة،
واسم أَبِي رَبِيعَة عَمْرو بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد
اللَّهِ بْن عَمْرو بْن مخزوم، ولد بأرض الحبشة، يكنى
أَبَا الْحَارِث، حفظ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم، وروى
عنه. وَرَوَى عَنْ عُمَر وغيره، فما رَوَى عَنِ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: دخل رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض بيوت آل
أَبِي رَبِيعَة، إما لعيادة مريض، أو لغير ذَلِكَ، فقالت
لَهُ أَسْمَاء بِنْت مخربة [1] التميمية [وكانت تكنى] أم
الجلاس، وهي أم عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَة: يَا رَسُول
اللَّهِ، ألا توصيني؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أم الجلاس، ائتي إِلَى
أختك مَا تحبين أن تأتي إليك، ثم أتي رسول الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ بصبي من ولد عَيَّاش فذكرت أم الجلاس لرسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرضا بالصبي،
فأخذه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وجعل يرقيه ويتفل عَلَيْهِ، وجعل الصبي يتفل على رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل بعض أهل
البيت ينتهر الصبي ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يكفهم عَنْ ذَلِكَ. روى عَنْهُ ابنه الْحَارِث
بْن عَبْد اللَّهِ، ونافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر
(1629) عبد الله بْن غالب اللَّيْثِيّ،
من كبار الصحابة، بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعثٍ سنة اثنتين من الهجرة.
(1630) عبد الله بْن غنام البياضي،
حديثه عِنْدَ رَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ
عَبْد اللَّهِ بْن عنبسة، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن غنام، أن
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
من قَالَ حين يصبح: اللَّهمّ مَا أصبح بي من نعمةٍ فمنك
وحدك لا شريك لك،
__________
[1] في أسد الغابة: مخرمة، والضبط من تاج العروس،
والطبقات: 8- 222.
(3/961)
لك الحمد، ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه،
ومن قَالَ ذَلِكَ حين يمشي فقد أدى شكر ليلته.
(1631) عبد الله بْن فَضَالَة اللَّيْثِيّ،
أَبُو عَائِشَة، روى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ولدت في
الجاهلية فعق أبي عني بفرس. وهو إسناد ليس بالقائم. واختلف
فِي إتيانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فروى مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن
أبي الأسود، عن عَبْد اللَّهِ فَضَالَة، أَنَّهُ أتى
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه
خَالِد الواسطي، عَنْ زُهَيْر بْن أَبِي إِسْحَاق، عَنْ
دَاوُد بْن أَبِي هند، عَنْ أَبِي حرب بْن أَبِي الأسود.
عن عَبْد اللَّهِ بْن فَضَالَة، عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ أصح
إن شاء الله تعالى، ولا يختلف فِي صحبة أَبِيهِ فَضَالَة،
وقد ذكرناه [1] في بابه، والحمد الله تعالى.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ الضَّرِيرُ
الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ مُوسَى بْنُ
عِمْرَانَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْحَدَثَانِ
اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ، قَالَ:
وُلِدْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَعَقَّ أَبِي عَنِّي
بِفَرَسٍ. قال خليفة: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن فَضَالَة
اللَّيْثِيّ على قضاء البصرة، يكنى أَبَا عَائِشَة.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: مَا رواه عَنِ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو عندهم مرسل، على
أَنَّهُ قد أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وقد رآه.
(1632) عبد الله بْن قارب الثقفي،
ويقال: عَبْد اللَّهِ بْن مأرب، والصحيح قارب.
حَدِيثُهُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَيْرَةَ، عن وهب بن
عبد الله بن قارب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
يرحم الله المحلّقين [2] ... الحديث.
__________
[1] سيذكر بعد على حسب الترتيب الجديد للكتاب.
[2] المحلقون: الذين حلقوا شعورهم في الحج أو العمرة
(النهاية) .
(3/962)
(1633) عبد الله ب أَبِي قحافة، أَبُو
بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
كان اسمه فِي الجاهلية عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى
الله عليه وسلم عَبْد اللَّهِ. هذا قول أهل النسب:
الزُّبَيْرِيّ وغيره، واسم أَبِيهِ أَبِي قحافة: عُثْمَان
بْن عامر بن عمرو ابْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة بن كعب
بن لؤي بن غالب بْن فهر القرشي التيمي. وأمه أم الخير بنت
صخر بن عامر بن كعب بن سَعْد بْن تيم بْن مُرَّةَ واسمها:
سلمى. قال مُحَمَّد بْن سلام: قلت لابن دأب: من أم أَبِي
بَكْر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: أم الخير،
هَذَا اسمها.
قال أَبُو عُمَر رحمه الله: لا يختلفون أن أَبَا بَكْر
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شهد بدرا بعد مهاجرته مع رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إِلَى
المدينة، وأنه لم يكن رفيقه من أصحابه فِي هجرته غيره،
وَهُوَ كَانَ مؤنسه فِي الغار إِلَى أن خرج معه مهاجرين.
وهو أول من أسلم من الرجال فِي قول طائفة من أهل العلم
بالسير والخبر، وأول من صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيما ذكر أولئك. وكان يقال لَهُ عتيق واختلف العلماء
فِي المعنى الَّذِي قيل لَهُ به عتيق. فقال الليث ابن
سَعْد وجماعة معه: إنما قيل لَهُ عتيق لجماله وعتاقة وجهه.
وقال مصعب الزُّبَيْرِيّ وطائفة من أهل النسب: إنما سمى
أَبُو بَكْر عتيقا لأنه لم يكن فِي نسبه شيء يعاب بِهِ.
وقال آخرون: كَانَ لَهُ أخوان، أحدهما يسمى عتيقا.
مات عتيق قبله، فسمي باسمه.
وقال آخرون: إنما سمي عتيقا لأن رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: من سره أن ينظر إلى
عتيق من النار، فلينظر إلى هذا، فسمى عتيقا بذلك.
(3/963)
وحدثنا خَلَف بْن قَاسِم، حَدَّثَنَا أَبُو
الْمَيْمُون الْبَجَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة
الدِّمَشْقِيّ، وَحَدَّثَنِي عَبْد الْوَارِثِ بْن
سُفْيَان واللفظ لَهُ، وحديثه أتم. قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ،
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ
بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ
عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: إِنِّي لَفِي بَيْتِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه بِالْفِنَاءِ،
وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمُ السِّتْرُ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو
بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ
ينظر إلى عتيق من النار، فلينظر إلى هَذَا. قَالَتْ:
وَإِنَّ اسْمَهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ لَعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بن عمرو.
وحدثني خلف بن قائم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَحْبُوبٍ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا،
حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَوْ سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ
كَانَ أَوَّلُ إِسْلامًا؟ فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قول
حسان [1] :
إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ...
فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلا
خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلُهَا [2] ...
بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلا
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمُحْمُودُ مَشْهَدُهُ [3] ...
وَأَوَّلُ النَّاسِ مِمَّنْ [4] صَدَّقَ الرُّسُلا
ويروى أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: هل قلت فِي أَبِي بكرٍ شيئا؟
قَالَ: نعم، وأنشده هذه الأبيات، وفيها بيت رابع وهي:
والثاني اثنين فِي الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ
صعّدوا الجبلا
__________
[1] ديوانه: 299
[2] في الديوان: وأرأفها.
[3] في الديوان: شيمته.
[4] في الديوان: وأول الناس طرا.
(3/964)
فسر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بذلك، فَقَالَ: أحسنت يَا حَسَّان. وقد رَوَى
فيها بيت خامس:
وَكَانَ حب رَسُول اللَّهِ قد علموا ... خير [1] البرية لم
يعدل بِهِ رجلا
وروى شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيم
النخعي. قال: أَبُو بَكْر أول من أسلم. واختلف فِي مكث
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع
أَبِي بَكْر فِي الغار، فقيل: مكثا فِيهِ ثلاثا، يروي
ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِد. وقد رَوَى فِي حديث مرسل أن
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مكثت
مع صاحبي فِي الغار بضعة عشر يوما، مَا لنا طعام إلا ثمر
البرير- يَعْنِي الأراك، وَهَذَا غير صحيح عِنْدَ أهل
العلم بالحديث، والأكثر على مَا قاله مُجَاهِد. والله
أعلم. وروى الجريري عَنْ أَبِي نَضْرَة، قَالَ: قَالَ
أَبُو بَكْر لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أنا أسلمت
قبلك.. في حديث ذكره، فلم ينكر عَلَيْهِ ومما قيل فِي
أَبِي بَكْر رَضِيَ الله عنه قول أبى الهيثم ابن التيهان
فيما ذكروا:
وإني لأرجو أن يقوم بأمرنا ... ويحفظه الصديق والمرء من
عدي
أولاك خيار الحي فهر بْن مالكٍ ... وأنصار هَذَا الدين من
كل معتدى
وقال فيه أبو محجن الثقفي:
وسميت صديقا، وكل مهاجرٍ ... سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت إلى الإسلام والله شاهد ... وكنت جليسا بالعريش
المشهر
وبالغار إذ سميت بالغار صاحبا ... وكنت رفيقا للنّبيّ
المطهّر
__________
[1] في الديوان: من البرية.
(3/965)
وسمي الصديق لبداره إِلَى تصديق رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كل مَا جاء
بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: بل قيل
لَهُ الصديق [لتصديقه لَهُ [1]] فِي خبر الإسراء. وقد
ذكرنا الخبر بذلك فِي غير هَذَا الموضع.
وكان فِي الجاهلية وجيها رئيسا من رؤساء قريش، وإليه كانت
الأشناق فِي الجاهلية، والأشناق: الديات، كَانَ إذا حمل
شيئا قالت فِيهِ قريش: صدقوه وأمضوا حمالته، وحمالة من قام
معه أَبُو بَكْر، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
وأسلم على يد أَبِي بَكْر: الزُّبَيْر، وعثمان، وطلحة،
وعبد الرحمن بْن عوف.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن هشام بن عروة، عن
أبيه، قال: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَهُ أَرْبَعُونَ
أَلْفًا أَنْفَقَهَا كُلَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَا نفعني مال مَا نفعني مال أَبِي بكرٍ» . وأعتق أَبُو
بَكْر سبعة كانوا يعذبون فِي الله، منهم: بلال، وعامر بْن
فهيرة.
وفي حديث التخيير، قال على: فكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ المخير، وَكَانَ أَبُو
بَكْر أعلمنا بِهِ.
[وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوا لي صاحبي،
فإنكم قلتم لي: كذبت، وَقَالَ لي: صدقت [2]] . وقال رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كلام
البقرة والذئب: «آمنت
__________
[1] من ش.
[2] ليس في ش.
(3/966)
بهذا أنا وَأَبُو بَكْر وَعُمَر، وما هما
ثُمَّ علما بما كانا عَلَيْهِ من اليقين والإيمان. وقال
عَمْرو بْن الْعَاص: يَا رَسُول اللَّهِ، من أحب الناس
إليك؟ قَالَ: عَائِشَة، قلت: من الرجال؟ قَالَ: أبوها.
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ
آمَنِ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو
بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ
أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ، لا
تَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلا خَوْخَةُ أَبِي
بَكْرٍ. رَوَى [سُفْيَانُ [1]] بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ
الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، عَنْ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهَا:
مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتِ الْمُشْرِكِينَ بَلَغُوا مِنْ
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كَانَ
الْمُشْرِكُونَ قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ،
فَتَذَاكَرُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يَقُولُ
فِي آلِهَتِهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ دخل
رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَقَامُوا
إِلَيْهِ، وَكَانُوا إِذَا سَأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ
صَدَّقَهُمْ، فَقَالُوا: أَلَسْتَ تَقُولُ فِي آلِهَتِنَا
كَذَا وَكَذا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَتَشَبَّثُوا بِهِ
بِأَجْمَعِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ،
فَقِيلَ لَهُ: أَدْرِكْ صَاحِبَكَ. فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ
حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ
مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ،
أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ،
وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟ قَالَ:
فَلُهُّوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ
يَضْرِبُونَهُ. قَالَتْ:
__________
[1] من ش.
(3/967)
فَرَجَعَ إِلَيْنَا، فَجَعَلَ لا يَمَسُّ
شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ [1] إِلا جَاءَ مَعَهُ وَهُوَ
يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
وروينا من وجوه، عَنْ أَبِي أمامة الباهلي، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عبسة، قَالَ: أتيت رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نازل بعكاظ،
فقلت: يَا رَسُول اللَّهِ، من اتبعك على هَذَا الأمر؟
قَالَ: حر وعبد: أَبُو بكرٍ، وبلال. قَالَ:
فأسلمت عِنْدَ ذَلِكَ.. فذكر الحديث.
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ التَّاهَرْتِيُّ [2] الْبَزَّارُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ
أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ
مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ
الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ
أَنَّ أَحَدُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا
تَحْتَ قَدَمَيْهِ.
فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ
اللَّهُ ثَالِثُهُمَا. وروينا أن رجلا من أبناء أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مجلس فِيهِ الْقَاسِم
بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصديق: والله مَا كَانَ
لرسول الله صلى الله عليه وسلم من موطن إلا وعلي معه
فِيهِ. فقال الْقَاسِم: يَا أخي، لا تحلف. قال: هلم. قال:
بلى، مَا ترده [3] . قال الله تعالى [4] : ثانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ 9: 40.
__________
[1] في ش: عذارة.
[2] في ى: الباهرى، وهو خطأ، صوابه من ش، واللباب.
[3] في ش: قال: ما لا ترده.
[4] سورة التوبة، آية 1 4
(3/968)
واستخلفه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على [أمته [1]] من بعده، بما أظهر من
الدلائل البينة على محبته فِي ذَلِكَ، وبالتعريض الَّذِي
يقوم مقام التصريح، ولم يصرح بذلك لأنه لم يؤمر فِيهِ
بشيء، وَكَانَ لا يصنع شيئا فِي دين الله إلا بوحي،
والخلافة ركن من أركان الدين. وَمِنَ الدَّلائِلِ
الْوَاضِحَةِ [2] عَلَى مَا قُلْنَا مَا حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ،
قَالا: حدثنا أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بن سلمة الخزاعي، وأخبرنا
أحمد ابن عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ
حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ بِمِصْرَ. وَحَدَّثَنَا
الطَّحَاوِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُزْنِيُّ، حَدَّثَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن محمد ابن جُبَيْرِ بْنِ
مُطْعَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَسَأَلَتْهُ عَنْ شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ
إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ
إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ، تَعْنِي الْمَوْتَ. فَقَالَ
لَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أن لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ. قال الشافعي:
فِي هَذَا الحديث دليل على أن الخليفة بعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم أَبُو بَكْر.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ.
كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلِيلٌ، فَدَعَاهُ بِلالٌ إِلَى
الصَّلاةِ، فَقَالَ لَنَا: مُرُوا مَنْ يُصَلِّي
بِالنَّاسِ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ
أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ،
فَصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَلَمَّا كَبَّرَ سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته،
__________
[1] من ش.
[2] في ش: ومن الدليل الواضح.
(3/969)
وَكَانَ مُجْهِرًا، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَيْنَ
أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ.
فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَهُ بَعْدَ أَنْ
صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلاةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ
طُولَ عِلَّتِهِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا أَيْضًا وَاضِحٌ فِي
ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ،
قال: حدثنا إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
سَعِيدٍ [1] ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ
مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، [عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ
حِرَاشٍ [2]] ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتَدُوا
باللذين مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا
بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ
عَبْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ،
وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ
أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، [قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي
أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ [3]] ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدٍ [4] عَنْ
زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ
رُجُوعُ الأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ
بِكَلامٍ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنْشَدْتُكُمُ
اللَّهَ. هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ
يُصَلِّيَ بالناس؟ قالوا: اللَّهمّ نعم.
__________
[1] في ش: سعد.
[2] من ش.
[3] من ش.
[4] في ش: ابن أبى خالد.
(3/970)
قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ
يُزِيلَهُ عَنْ مَقَامٍ أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالُوا: كُلُّنَا لا تَطِيبُ نَفْسُهُ، وَنَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ.
وَرَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ مَسْعُودٍ: اجْعَلُوا إِمَامَكُمْ خَيْرَكُمْ، فإن
رسول الله صلى الله عليه وسلم جَعَلَ إِمَامَنَا خَيْرَنَا
بَعْدَه.
وَرَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ
عُبَادَةَ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرِضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا يُنَادِي بِالصَّلاةِ
فَيَقُولُ:
مُرُوا أَبَا بَكرٍ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قُبِضَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَظَرْتُ فَإِذَا الصَّلاةُ عَلَمُ الإِسْلامِ، وَقِوَامُ
الدِّينِ، فَرَضَيْنَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدِينِنَا،
فَبَايَعْنَا أَبَا بَكْرٍ. وقد ذكرنا هَذَا الخبر وكثيرا
مثله فِي معناه عِنْدَ قول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مروا أَبَا بكرٍ فليصل بالناس،
وأوضحنا ذَلِكَ فِي التمهيد، والحمد للَّه.
وكان أَبُو بَكْر يَقُول: أنا خليفة رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك كَانَ يدعى: يَا خليفة
رَسُول اللَّهِ. وكان عُمَر يدعى خليفة أَبِي بَكْر صدرا
من خلافته حَتَّى تسمى بأمير المؤمنين لقصة سنذكرها فِي
بابه، إن شاء الله تعالى.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الله بن حكم [يعرف بابن البغوي [1]]
__________
[1] ليس في ش.
(3/971)
أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ
أَخْبَرَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ
الْجُشَمِيُّ [1] ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ
الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ
الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ
رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، قَالَ:
لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ. [قَالَ [2]] : وَلَكِنِّي
أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ وعلى بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُصَيْرٍ [3] أَبُو كُرَيْبٍ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ حَسَّانٍ الصَّيْدَلانِيُّ،
حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ
بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ
عَلِيٍّ، قَالَ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ
نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ. وَرَوَى مُحَمَّد
ابْن الحنفية، وعبد خير، وَأَبُو جحيفة، [عَنْ علي [4]]
مثله. وكان علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُول: سبق رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثنى أَبُو
بَكْر، وثلث عُمَر، ثُمَّ حفتنا [5] فتنة يعفو الله فيها
عمن يشاء. وقال عبد خير: سمعت عليا يَقُول: رحم الله أَبَا
بَكْر، كَانَ أول من جمع بين اللوحين. وروينا عَنْ عَبْد
اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طالب من وجوه أَنَّهُ
قَالَ: ولينا أَبُو بَكْر فخير خليفة، أرحمه بنا وأحناه
علينا. وقال مسروق: حب أَبِي بَكْر وَعُمَر ومعرفة فضلهما
من السنة.
__________
[1] في ش: الجمحيّ.
[2] ليس في ش.
[3] في ش: ابن بشر.
[4] من ش.
[5] في ش: خبطتنا.
(3/972)
وكان أَبُو بَكْر رجلا نحيفا أبيض خفيف
العارضين أجنأ [1] ، لا تستمسك [2] أزرته، تسترخي عَنْ
حقوبه، معروق الوجه، غائر العينين، ناتىء الجبهة، عاري
الأشاجع، هكذا وصفته ابنته عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها،
وبويع لَهُ بالخلافة فِي اليوم الَّذِي مات فِيهِ رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سقيفة بني
ساعدة، ثُمَّ بويع البيعة العامة يَوْم الثلاثاء من غد
ذَلِكَ اليوم، وتخلف عَنْ بيعته سَعْد ابن عبادة، وطائفة
من الخزرج، وفرقة من قريش، ثُمَّ بايعوه بعد غير سَعْد.
وقيل: إنه لم يتخلف عَنْ بيعته يومئذ أحد من قريش وقيل:
إنه تخلف عَنْهُ من قريش: علي، والزبير، وطلحة، وخالد بْن
سَعِيد بْن الْعَاص، ثُمَّ بايعوه بعد. وقد قيل: إن عليا
لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة، ثُمَّ لم يزل سامعا مطيعا
لَهُ يثني عَلَيْهِ ويفضله حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ،
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ،
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو قَطَنٍ، وأبو
عبادة [3] ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، واللفظ ليزيد-
قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ [4] بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ
جَحْلٍ [5] ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
لا يُفَضِّلُنِي أَحَدٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلا
جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن عمر، حدثنا أحمد بن
محمد
__________
[1] أجنأ: مشرف كاهله على صدره (القاموس) .
[2] في ى: لا يستمسك.
[3] في ش: وأبو عباد.
[4] في ش: أبو عبيد.
[5] بفتح الجيم وسكون المهملة (التقريب) .
(3/973)
ابن الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ،
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سِيرِين، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ
الصِّدِّيقُ أَبْطَأَ عَلِيٌّ عَنْ بَيْعَتِهِ، وَجَلَسَ
فِي بَيْتِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ: مَا
أَبْطَأَ بِكَ عَنِّي! أَكَرِهْتَ إِمَارَتِي؟ فَقَالَ
عَلِيٌّ: مَا كَرِهْتُ إِمَارَتَكَ، وَلَكِنِّي آلَيْتُ
أَلا أَرْتَدِي رِدَائِي إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى
أَجْمَعَ الْقُرْآنَ. قال ابن سِيرِين: فبلغني أَنَّهُ كتب
[1] على تنزيله، ولو أصيب ذَلِكَ الكتاب لوجد فِيهِ علم
كَثِير.
وذكر عَبْد الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ أَيُّوب، عَنْ
عكرمة، قَالَ: لما بويع لأبي بَكْر تخلّف على عَنْ بيعته،
وجلس فِي بيته، فلقيه عُمَر، فَقَالَ: تخلفت عَنْ بيعة
أَبِي بَكْر؟ فَقَالَ: إِنِّي آليت بيمين حين قبض رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا أرتدي
بردائي إلا إِلَى الصلاة المكتوبة حَتَّى أجمع القرآن،
فإني خشيت أن ينفلت. ثُمَّ خرج فبايعه. وقد ذكرنا جمع عليّ
القرآن في بابه أيضا من عير هذا الوجه، الحمد للَّه.
وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ
[2] ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ لأَبِي
بَكْرٍ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ إِلَى عَلِيٍّ،
فَقَالَ: غَلَبَكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرَ أَرْذَلُ بَيْتٍ
فِي قُرَيْشٍ، أَمَا وَاللَّهِ لأَمْلأَنَّهَا خَيْلا
وَرِجَالا. قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ:
مَا زِلْتَ عَدُوًّا لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، فَمَا ضَرَّ
ذَلِكَ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ شَيْئًا، وَإِنَّا رَأَيْنَا
أَبَا بَكْرٍ لَهَا أهلا، وهذا الخبر مما رواه عبد الرزاق،
عن ابن المبارك
__________
[1] في ش: كتبه.
[2] بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو (التقريب) .
(3/974)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَمْرٍو [1] الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُسَيْرٍ [2] ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ [3] بْنُ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ
ابن أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ- أَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ
كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها
ويتراجعان في أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر، فقال:
يا بنت رَسُولِ الله، مَا كَانَ مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ
أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَبِيكِ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبُّ
إِلَيْنَا بَعْدَهُ مِنْكِ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ
هَؤُلاءِ النَّفَرِ يَدْخُلُونَ عَلَيْكِ، وَلَئِنْ
بَلَغَنِي لأَفْعَلَنَّ وَلأَفْعَلَنَّ. ثُمَّ خَرَجَ
وَجَاءُوهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ: إِنَّ عُمَرَ قَدْ
جَاءَنِي وَحَلَفَ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيَفْعَلَنَّ، وَايْمُ
اللَّهِ لَيَفِيَنَّ بِهَا، فَانْظُرُوا فِي أَمْرِكُمْ،
وَلا تَرْجِعُوا إِلَيَّ. فَانْصَرَفُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا
حَتَّى بَايَعُوا لأَبِي بَكْرٍ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ لَمَّا
قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَبَّصَ بِبَيْعَتِهِ
[لأَبِي بَكْرٍ [4]] شَهْرَيْنِ، وَلَقِيَ عَلِيَّ بْنَ
أَبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَقَالَ:
يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَقَدْ طِبْتُمْ نَفْسًا عَنْ
أَمْرِكُمْ يَلِيَهُ غَيْرُكُمْ، فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ
فَلَمْ يَحْفَلْ بِهَا، وَأَمَّا عُمَرُ فَاضْطَغَنَهَا
[5] عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ
سَعِيدٍ أَمِيرًا عَلَى رَبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الشَّامِ،
وَكَانَ أَوَّلُ من استعمل عليها، فجعل عمر يقول:
__________
[1] في ش: عمر.
[2] في ش: بشر.
[3] في ش: عبيد الله.
[4] من ش.
[5] في ى: فاصطفاه.
(3/975)
أَتُؤَمِّرُهُ [1] . وَقَدْ قَالَ مَا
قَالَ، فَلَمْ يَزَلْ بِأَبِي بَكْرٍ حَتَّى عَزَلَهُ،
وَوَلَّى يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَالَ ابْن
أَبِي عزة القرشي الجمحيّ:
شكرا لمن هُوَ بالثناء خليق ... ذهب اللجاج وبويع الصديق
من بعد مَا ركضت بسعدٍ بغله [2] ... ورجا رجاءً دونه
العيوق
جاءت بِهِ الأنصار عاصب رأسه ... فأتاهم الصديق والفاروق
وأبو عُبَيْدَة والذين إليهم ... نفس المؤمل للبقاء تتوق
كنا نقول لَهَا [3] علي والرضا ... عمر، وأولاهم بتلك عتيق
فدعت قريش باسمه فأجابها ... إن المنوه باسمه الموثوق
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ
كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَجَّتْ مَكَّةُ،
فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو قُحَافَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالُوا:
قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ! قَالَ: أَمْرٌ جَلَلٌ! قَالَ: فَمَنْ وَلِيَ
بَعْدَهُ؟
قَالُوا: ابْنُكَ قَالَ: فَهَلْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ بَنُو
عَبْدِ مَنَافٍ، وَبَنُو الْمُغِيرَةِ؟
قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى
اللَّهُ، وَلا مُعْطِي لِمَا مَنَعَهُ اللَّهُ. ومكث أَبُو
بَكْر فِي خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليالٍ. وقيل:
سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
__________
[1] في ش: أتوا مرة.
[2] في ش: نعله.
[3] في س: لنا.
(3/976)
وقال ابن إسحاق: توفي أبو بكر على رأس
سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال.
وقال ابن إسحاق: توفي أبو بكر على رأس سنتين وثلاثة أشهر
واثنتي عشرة ليلة من متوفى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال غيره: وعشرة أيام.
وَقَالَ غيره أيضا: وعشرين يوما، فقام بقتال أهل الردة
وظهر من فضل رأيه فِي ذَلِكَ وشدته مع لينه مَا لم يحتسب،
فأظهر الله بِهِ دينه، وقتل على يديه وببركته كل من ارتد
عَنْ دين الله، حَتَّى ظهر أمر الله وهم كارهون.
واختلف فِي السبب الَّذِي مات منه، فذكر الْوَاقِدِيّ
أَنَّهُ اغتسل فِي يَوْم بارد فحم، ومرض خمسة عشر يوما.
قال الزُّبَيْر بْن بكار: كَانَ بِهِ طرف من السل. وروى عن
سلام بْن أَبِي مطيع أَنَّهُ سم، والله أعلم.
واختلف أيضا فِي حين وفاته، فَقَالَ ابْن إِسْحَاق: توفي
يَوْم الجمعة، لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث
عشرة. وقال غيره من أهل السير:
مات عشي يَوْم الاثنين. وقيل ليلة الثلاثاء. وقيل عشي
يَوْم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. هذا قول
أكثرهم. وأوصى أن تغسله أَسْمَاء بِنْت عميس زوجته،
فغسلته، وصلى عَلَيْهِ عُمَر بْن الخطاب، ونزل فِي قبره
عُمَر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن ابن أَبِي بَكْر ودفن ليلا
فِي بيت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عنها مع النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا يختلفون أن سنه انتهت إِلَى حين وفاته ثلاثا وستين سنة
إلا مَا لا يصح، وأنه استوفى بخلافته بعد رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وكان نقش خاتمه: نعم القادر الله، فيما ذكر
الزُّبَيْر بْن بكار، وَقَالَ غيره:
كَانَ نقش خاتمه: عبد ذليل لرب جليل.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
قَالَ: سَأَلَنِي عَبْدُ الملك بن مروان
(3/977)
فَقَالَ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ
الَّتِي تُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ:
إِنَّهُ لَمْ يَقُلْهَا، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ
عَائِشَةَ- أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَقُلْ بَيْتَ شِعْرٍ
فِي الإِسْلامِ حَتَّى مَاتَ، وَأَنَّهُ كَانَ قَدْ
حَرَّمَ الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، هُوَ وَعُثْمَانُ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1634) عبد الله بْن قرط الثمالي الأزدي،
كَانَ اسمه فِي الجاهلية شيطانا، فسماه رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ. حديثه
عِنْدَ أهل الشام. روى عَنْهُ غضيف [1] بْن الْحَارِث،
وعبد الرحمن بْن عُبَيْد، وعبيد الله بْن يَحْيَى، وولاه
أَبُو عُبَيْدَة بْن الجراح مرتين على حمص، فلم يزل عليها
حَتَّى توفي أَبُو عُبَيْدَة.
وروى عَنْهُ أيضا عَمْرو بْن قَيْس السكوني، ومسلم بْن
عَبْد اللَّهِ الأزدي.
رَوَى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عبد الله ابن
قُرْطٍ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
أَفْضَلُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ
وَيَوْمُ الْقَرِّ، قَالَ: هُوَ يَوْمٌ يَسْتَقِرُّ فِيهِ
النَّاسُ بِمِنًى.
(1635) عبد الله بْن قريط [2] الزيادي،
قدم مع خَالِد بْن الْوَلِيد فِي وفد بني الْحَارِث بْن
كَعْب، فأسلموا، وذلك فِي سنة عشر.
(1636) عبد الله بْن قَيْس بْن خَالِد [بْن خلدة [3]] بْن
الْحَارِث بْن سواد بن مالك ابن غنم بن مالك بن النجار،
شهد بدرا، وذكر مُحَمَّد بْن سَعْد، عَنْ عَبْد اللَّهِ
ابن مُحَمَّد [4] بْن عُمَارَة الأَنْصَارِيّ أَنَّهُ قتل
يَوْم أحد شهيدا، وأنكر محمد بن عمر [5]
__________
[1] بالضاد المعجمة مصغر- ويقال بالطاء المهملة (التقريب)
.
[2] في هوامش الاستيعاب: قوله ابن قريط وهم، وإنما هو عبد
الله بن قراد. وقول أبى عمر قريط تصحيف.
[3] من أسد الغابة والإصابة.
[4] في أسد الغابة: عن محمد بن عبد الله بن عمارة.
[5] يعنى الواقدي.
(3/978)
ذَلِكَ، وَقَالَ: بل عاش وشهد المشاهد مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي فِي خلافة عُثْمَان
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(1637) عَبْد الله بْن قَيْس الخزاعي.
وقيل الأسلمي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتاع
من رجل من بني غفار سهمه بخيبر ببعير. وله حديث آخر.
رَوَى عَنْهُ شريح بْن عُبَيْد.
(1638) عبد الله بْن قَيْس بْن زائدة بْن الأصم بْن هرم
بْن رواحة بن حجر [1] بن عبد ابن معيص بن عامر بن لؤي
القرشي العامري،
هُوَ ابْن أم مكتوم الأعمى، على اختلاف فِي اسمه، لأن
أكثرهم يقولون اسمه عَمْرو، وقد ذكرناه فِي باب عَمْرو [2]
مجود الذكر، وقد تقدم أيضا ذكره فِي موضعين من هَذَا
الكتاب فِي العبادلة، والحمد للَّه تعالى.
(1639) عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار [3] بْن حرب بْن
عَامِر الأشعري،
أَبُو مُوسَى، قد نسبناه فِي الكنى.
هو من ولد الأشعر بن أدد بن زيد بن كهلان، وقيل: هُوَ من
ولد الأشعر بْن سبأ أخي حمير بْن سبأ، وأمه ظبية بِنْت
وَهْب بْن عك. ذكر الْوَاقِدِيّ أن أبا موسى قدم مكة،
فحالف سعيد بن الْعَاص بْن أُمَيَّة أَبَا أحيحة، وَكَانَ
قدومه مع إخوته فِي جماعة من الأشعريين، ثُمَّ أسلم وهاجر
إِلَى أرض الحبشة. وقال ابْن إِسْحَاق: هُوَ حليف آل
عُتْبَة بْن رَبِيعَة، وذكره فيمن هاجر من حلفاء بني عبد
شمس إِلَى أرض الحبشة. وقالت طائفة من أهل العلم بالنسب
والسير:
__________
[1] في الإصابة: بن حمير بن معيص.
[2] سيأتي بعد على حسب ترتيب الكتاب الجديد.
[3] في ى: حضارة، والمثبت من أسد الغابة والتقريب. وهو
بفتح المهملة وتشديد الضاد المعجمة.
(3/979)
إن أَبَا مُوسَى لما قدم مكة، وحالف سَعِيد
بْن الْعَاص انصرف إِلَى بلاد قومه، ولم يهاجر إِلَى أرض
الحبشة، ثُمَّ قدم مع إخوته، فصادف قدومه قدوم السفينتين
من أرض الحبشة.
قال أبو عمر: الصحيح أن أَبَا مُوسَى رجع بعد قدومه مكة
ومحالفة من حالف من بني عبد شمس إِلَى بلاد قومه، فأقام
بها حَتَّى قدم مع الأشعريين نحو خمسين رجلا فِي سفينة،
فألقتهم الريح إِلَى النجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا خروج
جَعْفَر وأصحابه منها، فأتوا معهم، وقدمت السفينتان معا:
سفينة الأشعريين وسفينة جَعْفَر وأصحابه- على النبي صلى
الله عليه وسلم في حين فتح خيبر.
وقد قيل: إن الأشعريين إذ رمتهم الريح إِلَى النجاشي
أقاموا بها مدة، ثُمَّ خرجوا فِي حين خروج جَعْفَر، فلهذا
ذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر إِلَى أرض الحبشة. والله
أعلم.
ولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مخاليف اليمن: زبيد وذواتها إِلَى الساحل، وولاه عُمَر
البصرة فِي حين عزل الْمُغِيرَة عنها إِلَى صدر من حلافة
عُثْمَان، فعزله عُثْمَان عنها، وولاها عَبْد اللَّهِ بْن
عَامِر بْن كريز، فنزل أَبُو مُوسَى حينئذ بالكوفة وسكنها،
فلما دفع أهل الكوفة سعيد بن العاص ولوا أبا موسى، وكتبوا
إِلَى عُثْمَان يسألونه أن يوليه، فأقره عُثْمَان على
الكوفة إِلَى أن مات، وعزله علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عنها، فلم يزل واجدا منها على علي، حَتَّى جاء منه مَا
قَالَ حذيفة، فقد رَوَى فِيهِ لحذيفة كلام كرهت ذكره،
والله يغفر لَهُ. ثم كَانَ من أمره يَوْم الحكمين مَا
كَانَ.
ومات بالكوفة فِي داره بها. وقيل: إنه مات بمكة سنة أربع
وأربعين.
(3/980)
وقيل سنة خمسين. وقيل سنة اثنتين وخمسين
وَهُوَ ابْن ثلاث وستين، كَانَ من أحسن الناس صوتا
بالقرآن. قال فِيهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد أوتى أَبُو مُوسَى مزمارا من
مزامير آل دَاوُد. سئل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ
موضع أَبِي مُوسَى من العلم، فَقَالَ: صبغ فِي العلم صبغة.
(1640) عبد الله بْن قَيْس بْن صَخْر بْن حرام بْن
رَبِيعَة بْن عدي بْن غنم بن كعب ابن سَلَمَة
الأَنْصَارِيّ،
شهد بدرا هُوَ وأخوه معبد بْن قَيْس عِنْدَ ابْن إِسْحَاق
وعند غيره. ولم يذكره مُوسَى بْن عقبة فِي البدريين،
وأجمعوا أَنَّهُ شهد أحدا.
(1641) عبد الله بْن قَيْس بْن صرمة بْن أَبِي أنس،
استشهد يَوْم بئر معونة، قاله العذري.
(1642) عبد الله بن قيظي بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدىّ
بن مجدعة ابن حارثة الأَنْصَارِيّ،
شهد أحدا، وقتل يَوْم جسر أَبِي عُبَيْد مع أخويه: عقبة
وعباد، شهداء، رَضِيَ اللَّهُ عنهم.
(1643) عبد الله بْن كَعْب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن
عَمْرو بْن غنم بْن مازن النجار الأَنْصَارِيّ المازني،
شهد بدرا، وَكَانَ على غنائم النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ
وسلم يَوْم بدر، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله
عليه وَسَلَّمَ، وَكَانَ على خمس النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غيرها. يكنى أَبَا الْحَارِث. وقيل
يكنى أَبَا يَحْيَى. كانت وفاته بالمدينة سنة ثلاثين، وصلى
عَلَيْهِ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
وَهُوَ أخو أَبِي ليلى المازني.
(1644) عبد الله بْن كَعْب المرادي،
قتل يَوْم صفين: وَكَانَ من أصحاب علي رَضِيَ اللَّهُ
عنهم.
(1645) عبد الله بْن كليب بْن رَبِيعَة الخولاني،
كَانَ اسمه ذؤيبا، فسماه
(3/981)
رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، له
خبر عجيب، قد ذكرته فِي باب الذال [1] .
(1646) عبد الله بْن مَالِك ابْن بحينة [2] الأزدي،
أَبُو مُحَمَّد، حليف لبني المطلب. وأبوه مَالِك بْن القشب
الأزدي، من أزد شنوءة، وبحينة أمه، وهي بنت الحارث ابن
المطلب بْن عبد مناف بْن قصي. وقيل: بل أمه أزدية من أزد
شنوءة، وَهُوَ أزدي أيضا حليف لبني المطلب بْن عبد مناف.
حدثنا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد
بْن عُثْمَان بْن إِسْحَاق، حَدَّثَنَا علي بْن المديني،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مَالِك بْن القشب،
وأمه بحينة، وَهُوَ حليف لبني المطلب، وبحينة من أزد
شنوءة، وَهُوَ أيضا من الأزد.
قال أَبُو عُمَر: كَانَ منزل عَبْد اللَّهِ ابْن بحينة
بموضع يدعى بطن رئم [3] مسيرة يَوْم من المدينة.
روى عَنْهُ الأعرج، وحفص بْن عَاصِم، وابنه علي بْن عَبْد
اللَّهِ ابْن بحينة وقد قيل: إن بحينة أم أَبِيهِ مَالِك،
والأول أصح.
توفي ابْن بحينة فِي آخر خلافة مُعَاوِيَة.
(1647) عبد الله بْن مَالِك الأوسي الأَنْصَارِيّ،
من الأوس، حجازي. روى حديثه الزُّهْرِيّ فِي جلد الأمة إذا
زنت. اختلف على الزُّهْرِيّ فِيهِ اختلافا كثيرا.
__________
[1] صفحة 464 من هذا الكتاب.
[2] بحينة كجهينة- كما في القاموس.
[3] رئم- بكسر أوله وهمز ثانيه وسكونه. وقيل بالياء غير
مهموزة. وهو واد لمزينة قرب المدينة. وقيل: بطن ريم
(ياقوت) .
(3/982)
(1648) عبد الله بْن مَالِك الغافقي،
مصري، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمر: إذا
توضأت [1] وأنت جنب أكلت وشربت، ولا تقرأ ولا تصل حَتَّى
تغتسل.. حديثه عِنْدَ ابْن لهيعة، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن
سُلَيْمَان، عَنْ ثعلبة بْن أَبِي الكنود، عَنْهُ.
(1649) عبد الله بْن مَالِك،
أَبُو كاهل الأحمسي البجلي. هكذا يقول إسماعيل ابن أَبِي
خَالِد، عَنْ أخيه، عن أَبِي كاهل عَبْد اللَّهِ بْن
مَالِك، والأكثر على أن اسم أَبِي كاهل قَيْس بْن عائذ.
(1650) عبد الله بْن مبشر،
فارق هوازن حين أرادوا الرجوع عَنِ الإسلام أيام الردة،
قاله وثيمة عَنِ ابْن إِسْحَاق.
(1651) عبد الله بْن مُحَمَّد،
رجل من أهل اليمن، رَوَى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لعائشة: احتجبي من النار
ولو بشق تمرةٍ. روى عَنْهُ عَبْد اللَّهِ بْن قرط.
وعبد الله بْن قرط يعد فِي الصحابة.
(1652) عبد الله بْن محيريز،
ذكره العقيلي فِي الصحابة، فَقَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي،
قَالَ: حَدَّثَنَا فِهْرُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ
[2] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَكَانَتْ
لَهُ صُحْبَةٌ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلم قال: إذا سألتم الله فاسألوه بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ،
وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا. هكذا ذكره العقيلي في
الصحابة بهذا الحديث.
__________
[1] في أسد الغابة: وأنا جنب أكلت وشربت ولا أصلى ولا أقرأ
القرآن.
[2] مثل كتابة- كما في القاموس.
(3/983)
وهذا الحديث رواه إِسْمَاعِيل بْن علية.
وعبد الوهاب الثقفي، عَنْ أَيُّوب، عَنْ أَبِي قلابة أن
عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محيريز قَالَ: إذا سألتم الله ...
الحديث. مثله سواء من قول ابْن محيريز، وقالوا فِيهِ أيضا:
عَبْد الرَّحْمَنِ، لا عَبْد اللَّهِ.
وقد رَوَى عَنْ خَالِد الحذاء فِي هَذَا الحديث عَبْد
الرَّحْمَنِ أيضا، كما قَالَ أَيُّوب، ولا يصح عندي مَا
ذكره العقيلي فِي ذَلِكَ. وعبد الله بْن محيريز رجل مشهور
شريف من أشراف قريش، من بني جمح، سكن الشام، وكانت لَهُ
ثُمَّ جلالة فِي الدين والعلم. يروي عَنْ عبادة بْن
الصامت، وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ، وَأَبِي محذورة،
ومعاوية.
روى عَنْهُ الزُّهْرِيّ، ومكحول، وَمُحَمَّد بْن يَحْيَى
بْن حيان، فهذه منزلة ابْن محيريز وموضعه فأما أن تكون
لَهُ صحبة فلا، ولا يشكل أمره على أحد من العلماء.
رَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو
مُعَاوِيَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُوسَى، قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ ذِكْرًا خَامِلا.
وَذَكَرَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ
أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ:
كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، إِذْ أَتَانَا
ابْنُ عُمَرَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ ابْنُ مُحَيْرِيزٍ:
إِنِّي لأَعُدُّ بَقَاءَهُ أَمَانًا لأَهْلِ الأَرْضِ. قال
رجاء: والله وأنا أيضا، كنت أعد بقاء ابْن محيريز أمانا
لأهل الأرض.
ومات سَعِيد بْن المسيب، وَابْن محيريز، وإبراهيم النخعي
فِي ولاية
(3/984)
الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِكِ، وكانت
ولاية الْوَلِيد من سنة ست وثمانين إلي سنة تسعين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن زهير، حدثنا الهيثم ابن خَارِجَةَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ أَبِي عَيْلَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، قَالَ:
كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ أَمَانًا، وَإِنَّا نَرَى ابْنَ مُحَيْرِيزٍ فينا
أمانا.
(1653) عبد الله بْن محرمة بْن عبد العزى، بن أبي قيس بن
عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي،
القرشي، العامري، يكنى أَبَا مُحَمَّد فِي قول
الْوَاقِدِيّ. أمه أم نهيك بِنْت صَفْوَان، من بني مَالِك
بْن كنانة. آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بينه وبين فروة بْن عَمْرو بْن ودقة البياضي.
كَانَ من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا، وسائر المشاهد.
وقال الْوَاقِدِيّ: هاجر عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة العامري
الهجرتين جميعا، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر الهجرة
الأولى، وَقَالَ: إنه هاجر الهجرة الثانية مع رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْن
ثلاثين سنة، واستشهد يَوْم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ
ابْن إحدى وأربعين سنة. ومن ولده نوفل بْن مساحق بْن عَبْد
اللَّهِ بْن مخرمة. روى عَنْهُ أَنَّهُ دعا الله عز وجل
ألا يميته حَتَّى يرى فِي كل مفصل منه ضربة فِي سبيل الله.
فضرب يَوْم اليمامة فِي مفاصله.
واستشهد، وَكَانَ فاضلا عابدا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن محمد بن علي، قال، حدثني أبي،
قال: حدثنا عبد الله
(3/985)
ابن يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزْنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
أَتَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ صَرِيعًا
يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا
عَبْدَ اللَّهِ ابن عُمَرَ، هَلْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ؟
قَلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْعَلْ فِي هَذَا الْمِجَنِّ
مَاءً لَعَلِّي أُفْطِرُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ
الْحَوْضَ وَهُوَ مَمْلُوءٌ مَاءً فَضَرَبْتُهُ بِحَجَفَةٍ
مَعِي. ثُمَّ اغْتَرَفْتُ فِيهِ فَأَتَيْتُ بِهِ
فَوَجَدْتُهُ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. |