سير أعلام
النبلاء، ط الرسالة الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ مِنَ
التَّابِعِيْنَ
181 - مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ أَبُو عَتَّابٍ
السُّلَمِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الثَّبْتُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَتَّابٍ
السُّلَمِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَمٍ: هُوَ مِنْ
بَنِي بُهْثَةَ بنِ سُلَيْمٍ، مِنْ رَهطِ العَبَّاسِ بنِ
مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ.
قُلْتُ: يَرْوِي عَنْ: أَبِي وَائِلٍ، وَرِبْعِيِّ بنِ
حِرَاشٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، وَزَيْدِ بنِ
وَهْبٍ، وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَكُرَيْبٍ، وَأَبِي
الضُّحَى، وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ، وَأَبِي حَازِمٍ
الأَشْجَعِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَعَامِرٍ
الشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ،
وَطَبَقَتِهم.
وَمَا عَلِمتُ لَهُ رِحلَةً وَلاَ رِوَايَةً عَنْ أَحَدٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ، وَبلاَ شَكٍّ كَانَ عِنْدَه
بِالكُوْفَةِ بَقَايَا الصَّحَابَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ شَابٌّ
مِثْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَمْرِو بنِ
حُرَيْثٍ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ،
صَاحِبَ إِتقَانٍ وَتَألُّهٍ وَخَيْرٍ.
وَيَنْزِلُ فِي الرِّوَايَةِ إِلَى: الزُّهْرِيِّ،
وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ، وَيُفَضِّلُوْنَهُ عَلَى
الأَعْمَشِ.
وَقِيْلَ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ مُطْلَقاً: سُفْيَانُ،
عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
__________
(*) طبقات ابن سعد 6 / 337، طبقات خليفة 164، تاريخ خليفة
404، التاريخ الكبير 7 / 346، الجرح والتعديل 8 / 177،
حلية الأولياء 5 / 40، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 114،
115، تهذيب الكمال 1375، تذهيب التهذيب 4 / 72 / 2، تاريخ
الإسلام 5 / 305، طبقات القراء 2 / 314، خلاصة تذهيب
الكمال 388، شذرات الذهب 1 / 189.
(5/402)
حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم:
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّه -
وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ،
وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ - وَهُم مِنْ أَقْرَانِهِ -
وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَيْبَانُ
النَّحْوِيُّ، وَشَرِيْكٌ القَاضِي، وَمَعْمَرُ بنُ
رَاشِدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ، وَالفُضَيْلُ بنُ
عِيَاضٍ، وَأَسْبَاطُ بنُ نَصْرٍ، وَإِسْرَائِيْلُ،
وَجَعْفَرُ بنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، وَالحَسَنُ بنُ
صَالِحِ بنِ حَيٍّ، وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهَلٍ،
وَهُرَيْمُ بنُ سُفْيَانَ، وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ،
وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ، وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ،
وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَرْوَزِيُّ،
وَالجَرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ أَبُو وَكِيْعٍ، وَالحَكَمُ بنُ
هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ، وَسَلاَمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ،
وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ، وَمُعَلَّى بنُ
هِلاَلٍ الطَّحَّانُ، وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ،
وَأَبُو المُحَيَّاةِ يَحْيَى بنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ،
وَعَبْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَبَّارُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمٌ، وَجَرِيْرُ بنُ
عَبْدِ الحَمَيْدِ، وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ،
وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
رَوَى: شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، قَالَ: مَا كَتَبتُ
حَدِيْثاً قَطُّ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ
بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْ مَنْصُوْرٍ.
أجَازَ لَنَا ابْنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
طَبَرْزَدْ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ
الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا الصَّرِيْفِيْنِيُّ،
أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَصَّارُ،
حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، عَنْ زَائِدَةَ،
قَالَ:
قُلْتُ لِمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ: اليَوْمَ الَّذِي
أَصُومُ أَقَعُ فِي الأُمَرَاءِ؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: فَأَقعُ فِي مَنْ يَتَنَاوَلُ أَبَا بَكْرٍ
وَعُمَرَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَبِهِ: إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنِي ابْنُ زَنْجَوَيْه،
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مَهْدِيٍّ، سَمِعْتُ أَبَا
الأَحْوَصِ، قَالَ:
قَالَتْ بِنْتٌ لِجَارِ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ: يَا
أَبَةُ، أَيْنَ الخَشَبَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي سَطحِ
مَنْصُوْرٍ قَائِمَةً؟
قَالَ: يَا بُنَيَّةُ، ذَاكَ مَنْصُوْرٌ، كَانَ يَقُوْمُ
اللَّيْلَ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ:
رَأَيْت مَنْصُوْراً إِذَا قَامَ
(5/403)
فِي الصَّلاَةِ، عَقَدَ لِحْيَتَه فِي
صَدْرِهِ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
الأَجْلَحِ، قَالَ:
رَأَيْتُ مَنْصُوْراً أَحْسَنَ النَّاسِ قِيَاماً فِي
الصَّلاَةِ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
حَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ
يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَثْبَتَ مِنْ أَرْبَعَةٍ،
فَبَدَأَ بِمَنْصُوْرٍ، وَأَبِي حَصِيْنٍ، وَسَلَمَةَ بنِ
كُهَيْلٍ، وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ.
قَالَ: وَكَانَ مَنْصُوْرٌ أَثبَتَهم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ:
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
رَحِمَ اللهُ مَنْصُوْراً، كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ
بِحَدِيْثِ مَنْصُوْرٍ مِنَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَدْ رَوَى: حُصَيْنٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، وَكَانَ
حُصَيْنٌ أَسَنَّ مِنْهُ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: سُئِلَ حُصَيْنٌ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ
مَنْصُوْرٌ؟
قَالَ: إِنِّي لأَذكُرُ لَيْلَةَ زُفَّتْ أُمُّ مَنْصُوْرٍ
إِلَى أَبِيْهِ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ:
اخْتَلَفَ مَنْصُوْرٌ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مِنْ
أَعْبَدِ النَّاسِ، فَلَمَّا أَخَذَ فِي الآثَارِ، فَتَرَ.
وَبِهِ: قَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا الأَخْنَسِيُّ،
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
لَوْ رَأَيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ، وَرَبِيْعَ
بنَ أَبِي رَاشِدٍ، وَعَاصِمَ بنَ أَبِي النَّجُوْدِ فِي
الصَّلاَةِ، قَدْ وَضَعُوا لِحَاهُم عَلَى صُدُوْرِهِم،
عَرَفْتَ أَنَّهُم مِنْ أَبزَارِ الصَّلاَةِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: عَنْ يَحْيَى، وَسُئِلَ عَنْ
أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ: أَيُّهُم أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
فَقَالَ: إِذَا جَاءكَ مَنْصُوْرٌ، فَقَدْ مَلأتَ يَدَيْكَ
لاَ تُرِيْدُ غَيْرَه.
كَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ: كُنْتُ لاَ أُحَدِّثُ
الأَعْمَشَ عَنْ أَحَدٍ إِلاَّ رَدَّه، فَإِذَا قُلْتُ:
مَنْصُوْرٌ، سَكَتَ.
(5/404)
حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ
يَقُوْلُ:
قَالَ مَنْصُوْرٌ: وَدِدْتُ أَنِّي كَتَبتُ، وَأَنَّ
عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، قَدْ ذَهَبَ مِنِّي مِثْلُ
عِلْمِي.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَنْصُوْرٌ أَحْسَنُ
حَدِيْثاً عَنْ مُجَاهِدٍ مِنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
وَبِهِ: إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ
الحَمَيْدِ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ -
وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ مَنْصُوْرٍ حَدَّثَنِي مَا قَبِلتُه
مِنْهُ، وَلَقَدْ سَأَلتُه عَنْهُ، فَأَبَى أَنْ
يُحَدِّثَنِي، فَلَمَّا جَرتْ بَيْنِي وَبَيْنَه
المَعْرِفَةُ، كَانَ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَنِي - قَالَ:
حَدَّثَنَا رِبْعِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
اجْتَمَعتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيْهِم سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو،
فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَرِقَّاؤُنَا لَحِقُوا بِكَ،
فَارْدُدْهُم عَلَيْنَا.
فَغَضِبَ حَتَّى رُؤِيَ الغَضبُ فِي وَجْهِه...، وَذَكَرَ
الحَدِيْثَ (1) .
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ:
لَمَّا وَلِيَ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ القَضَاءَ،
كَانَ يَأْتِيْهِ الخَصمَانِ، فَيَقُصُّ ذَا قِصَّتَه،
وَذَا قِصَّتَه، فَيَقُوْلُ: قَدْ فَهِمتُ مَا قُلتُمَا،
وَلَسْتُ أَدْرِي مَا أَرُدُّ عَلَيْكُمَا.
فَبَلَغَ ذَلِكَ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَوِ ابْنَ
هُبَيْرَةَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ وَلاَّهُ، فَقَالَ:
هَذَا أَمرٌ لاَ يَنْفَعُ إِلاَّ مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ
بِشَهْوَةٍ.
قَالَ: يَعْنِي: فَعَزَلَهُ.
حَدَّثَنَا الأَخْنَسِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ
يَقُوْلُ:
كُنْتُ مَعَ مَنْصُوْرٍ جَالِساً فِي مَنْزِلِهِ،
فَتَصِيْحُ بِهِ أُمُّه، وَكَانَتْ فَظَّةً عَلَيْهِ،
فَتَقُوْلُ: يَا مَنْصُوْرُ، يُرِيْدُك ابْنُ هُبَيْرَةَ
عَلَى القَضَاءِ فَتَأْبَى!
وَهُوَ وَاضِعٌ لِحْيَتَه عَلَى صَدْرِهِ، مَا يَرْفَعُ
طَرْفَه إِلَيْهَا.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ مِنَ
الحَكَمِ.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف شريك وهو ابن عبد الله النخعي،
وأخرجه بنحوه أحمد 1 / 155 من طريق شريك، عن منصور، عن
ربعي، عن علي.
(5/405)
يَحْيَى القَطَّانُ: عَنِ الثَّوْرِيِّ،
قَالَ:
لَوْ رَأَيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ، لَقُلْتَ:
يَمُوْتُ السَّاعَةَ.
وَقَالَ زَائِدَةُ: امْتَنَعَ مَنْصُوْرٌ مِنَ القَضَاءِ،
فَدَخَلتُ عَلَيْهِ وَقَدْ جِيْءَ بِالقَيدِ لِيُقَيَّدَ،
فَجَاءهُ خَصمَانِ، فَقَعَدَا، فَلَمْ يَسْأَلْهُمَا،
وَلَمْ يُكَلِّمْهُمَا.
فَقِيْلَ لِيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ: لَوْ نَثَرتَ لَحْمَه
لَمْ يَلِ القَضَاءِ.
فَتَرَكَهُ.
يَحْيَى القَطَّانُ: عَنْ شُعْبَةَ:
سَأَلْتُ مَنْصُوْراً وَأَيُّوْبَ عَنِ القِرَاءةِ
-يَعْنِي: قِرَاءةَ الحَدِيْثِ- فَقَالاَ: جَيِّدَةٌ.
ابْنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ:
كَانَ مَنْصُوْرٌ إِذَا رَأَى مَعِي رُقعَةً، يَقُوْلُ:
لاَ تَكتُبْ عَنِّي.
فَأَترُكُه، وَآتِي مُغِيْرَةَ.
قَالَ العَلاَءُ بنُ سَالِمٍ: كَانَ مَنْصُوْرٌ يُصَلِّي
فِي سَطْحِه، فَلَمَّا مَاتَ، قَالَ غُلاَمٌ لأُمِّهِ: يَا
أُمَّه! الجِذعُ الَّذِي فِي سَطحِ آلِ فُلاَنٍ، لَيْسَ
أَرَاهُ!
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَيْسَ ذَاكَ بِجِذعٍ، ذَاكَ
مَنْصُوْرٌ، وَقَدْ مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ:
أَنَّ مَنْصُوْراً صَامَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَقَامَ
لَيْلَهَا، وَكَانَ يَبْكِي، فَتَقُوْلُ لَهُ أُمُّهُ: يَا
بُنَيَّ، قَتَلتَ قَتِيْلاً؟
فَيَقُوْلُ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعتُ بِنَفْسِي.
فَإِذَا كَانَ الصُّبْحُ، كَحَّلَ عَيْنَيْهِ، وَدَهَنَ
رَأْسَه، وَبرَّقَ شَفَتَيْهِ، وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ.
وَذَكَرَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ مَنْصُوْراً، فَقَالَ:
قَدْ كَانَ عَمِشَ مِنَ البُكَاءِ.
وَعَنْ مُفَضَّلٍ، قَالَ: حَبَسَ ابْنُ هُبَيْرَةَ
مَنْصُوْراً شَهراً عَلَى القَضَاءِ، يُرِيْدُهُ عَلَيْهِ،
فَأَبَى، وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَحضَرَ قَيداً لِيُقَيِّدَه
بِهِ، ثُمَّ خَلاَّهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ
مَنْصُوْرٌ أَثْبَتَ أَهْلِ الكُوْفَةِ، لاَ يَخْتَلِفُ
فِيْهِ أَحَدٌ، صَالِحٌ، مُتَعَبِّدٌ، أُكرِهَ عَلَى
القَضَاءِ، فَقَضَى شَهْرَيْنِ.
قَالَ: وَفِيْهِ
(5/406)
تَشَيُّعٌ قَلِيْلٌ، وَكَانَ قَدْ عَمِشَ
مِنَ البُكَاءِ.
قُلْتُ: تَشَيُّعُه حُبٌّ وَوَلاَءٌ فَقَطْ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الأَعْمَشُ: حَافِظٌ،
يُدَلِّسُ، وَيُخَلِّطُ، وَمَنْصُوْرٌ: أَتْقنُ مِنْهُ،
لاَ يُخَلِّطُ وَلاَ يُدَلِّسُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ: أَثْبَتُ
أَهْلِ الكُوْفَةِ: مَنْصُوْرٌ، ثُمَّ مِسْعَرٌ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ فِي (الكُنَى): أَبُو
عَتَّابٍ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ رَبِيْعَةَ، وَيُقَالُ: ابْنُ المُعْتَمِرِ بنِ
عَتَّابِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَيُقَالُ:
ابْنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَتَّابِ بنِ فَرْقَدٍ
السُّلَمِيُّ، مِنْ بُهْثَةَ بنِ سُلَيْمٍ، مِنْ رَهطِ
العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ، وَمُجَاشِعِ بنِ مَسْعُوْدٍ
السُّلَمِيَّيْنِ، وَجَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ رَبِيْعَةَ
السُّلَمِيُّ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِدَادُه فِي التَّابِعِيْنَ.
سَمِعَ: زَيْدَ بنَ وَهْبٍ، وَأَبَا وَائِلٍ شَقِيْقَ بنَ
سَلَمَةَ، وَرَوَى عَنْهُ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، إِنْ
كَانَ ذَلِكَ مَحْفُوْظاً.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَحُصَيْنُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَيُّوْبُ بنُ أَبِي تَمِيْمَةَ
السِّخْتِيَانِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ
الكَاهِلِيُّ - وَهُوَ أَحَدُ مُتَّقِي مَشَايِخِ
الكُوْفِيِّينَ وَنُسَّاكِهِم -.
مَاتَ: سَنَةَ ثِنْتَيْنِ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَهُوَ ابْنُ عَمِّ حُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَعُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ.
قَالَ: وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ أَخُوْهُ
لأُمِّهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: طَلبَ مَنْصُوْرٌ الحَدِيْثَ قَبْل
وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ (1) ، وَالأَعْمَشُ طَلَبَ بَعْدَ
الجَمَاجِمِ.
__________
(1) وقعة الجماجم بين عبد الرحمن بن الاشعث والحجاج بن
يوسف الثقفي، كان الغلب فيها للحجاج وقتل فيها عدد كثير من
القراء كانت سنة ثلاث وثمانين أو اثنتين وثمانين،
والجماجم: موضع بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها.
انظر العبر 1 / 96، ودول الإسلام 1 / 58.
(5/407)
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ
أَتْقَنُ مِنَ الأَعْمَشِ، لاَ يُخَلِّطُ وَلاَ يُدلِّسُ،
بِخِلاَفِ الأَعْمَشِ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مَنْصُوْرٌ فِي
الدِّيوَانِ، فَكَانَ إِذَا دَارَتْ نَوبَتُه، لَبِسَ
ثِيَابَه، وَذَهَبَ، فَحَرَسَ -يَعْنِي: فِي الرِّبَاطِ-.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ
زَيْدٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ صَاحِبَكُم، وَكَانَ
مِنْ هَذِهِ الخَشَبِيَّةِ، وَمَا أُرَاهُ كَانَ يَكْذِبُ.
قُلْتُ: الخَشَبِيَّةُ: هُمُ الشِّيْعَةُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: كَانَ مَنْصُوْرٌ
مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ.
وَحِكَايَةُ أَبِي بَكْرٍ البَاغَنْدِيِّ الحَافِظِ
مَشْهُوْرَةٌ، سَمِعنَاهَا فِي (مُعْجَمِ الغَسَّانِيِّ)،
أَنَّهُ كَانَ يَنتَخِبُ عَلَى شَيْخٍ، فَكَانَ يَقُوْلُ
لَهُ: كَمْ تُضجِرُنِي؟ أَنْتَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنِّي
وَأَحْفَظُ.
فَقَالَ: إِنِّي قَدْ جِئْتُ إِلَى الحَدِيْثِ، بِحَسْبِكَ
أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فَلَمْ أَسْأَلْه الدُّعَاءَ،
وَإِنَّمَا قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَيُّمَا أَثْبَتُ
فِي الحَدِيْثِ، مَنْصُوْرٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟
فَقَالَ: مَنْصُوْرٌ مَنْصُوْرٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ
بنُ جَمِيْلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ،
قَالَ:
رَأَيْتُ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ، فَقُلْتُ: مَا
فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: كِدتُ أَنْ أَلْقَى الله - تَعَالَى - بِعَمَلِ
نَبِيٍّ.
ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: صَامَ مَنْصُوْرٌ سِتِّيْنَ
سَنَةً، يَقُوْمُ لَيْلَهَا، وَيَصُوْمُ نَهَارَهَا
-رَحِمَهُ اللهُ-.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: مَاتَ مَنْصُوْرٌ
بَعْدَ مَا قَدِمَ السُّوْدَانُ -يَعْنِي: المُسَوَّدَةَ،
أَيْ: آلَ العَبَّاسِ-.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
مَاتَ مَنْصُوْرٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
نُمَيْرٍ، وَشَبَابٌ العُصْفُرِيُّ.
(5/408)
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ:
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، بَعْد السُّودَانِ
بِقَلِيْلٍ، ثُمَّ أَعَادَه فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ
وَثَلاَثِيْنَ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَمِنْ عَوَالِيْهِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُؤَيَّدٍ المِصْرِيُّ بِهَا، فِي
رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
أَنْبَأَنَا أَبُو الفَرَجِ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، وَأَبُو
غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي
مَنْزِلِنَا، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
الحَسَنِ الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ
وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: (ثَلاَثٌ مَنْ
كُنَّ فِيْهِ، فَهُوَ مُنَافِقٌ: كَذُوْبٌ إِذَا حَدَّثَ،
مُخَالِفٌ إِذَا وَعَدَ، خَائِنٌ إِذَا ائْتُمِنَ، فَمَنْ
كَانَتْ فِيْهِ خَصْلَةٌ، فَفِيْهِ خَصْلَةٌ مِنَ
النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا (1)).
وَبِهِ: قَالَ جَعْفَرٌ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
أَخْبَرَنِي مَنْصُوْرٌ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (آيَةُ المُنَافِق...)، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
قَالَ عَمْرٌو: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً تَابَعَ أَبَا
دَاوُدَ عَلَى هَذَا، وَهُوَ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: يَعْنِي: تَفَرَّدَ بِرَفْعِه.
__________
(1) إسناده صحيح وكذا سند المرفوع الذي أخرجه الطيالسي،
وأورده الهيثمي في " المجمع " 1 / 108، وقال: رواه البزار
ورجاله رجال الصحيح، وفي الباب عن أبي هريرة وأخرجه
البخاري 1 / 83 و84 في الايمان: باب علامات النفاق، ومسلم
(59) في الايمان: باب بيان خصال المنافق بلفظ " آية
المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان
" وعن عبد الله بن عمرو عند البخاري 1 / 84، ومسلم (58)
بلفظ " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة
منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان،
وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ".
(5/409)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا
هِبَةُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ
إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ،
حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ، حَدَّثَنَا
رِبْعِيُّ بنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي
طَالِبٍ، قَالَ:
أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ،
فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَلِجِ النَّارَ)
(1) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، عَالٍ.
وَإِسْنَادُهُ مُسلْسَلٌ بِحَدَّثَنَا، وَقَلَّ أَنْ
يَقَعَ مِثْلُ هَذَا، وَفِي رِجَالِه مَعَ صِدْقِهِم
خَمْسَةُ رِجَالٍ فِيْهِم مَقَالٌ، وَمَتْنُهُ مَقْطُوْعٌ
بِهِ.
وَرَوَاهُ: البَغَوِيُّ أَيْضاً فِي (الجَعْدِيَّاتِ)،
فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ،
أَنْبَأَنَا مَنْصُوْرٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو
عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
الدَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، كَيْفَ لِي أَنْ
أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنتُ وَإِذَا أَسَأتُ؟
قَالَ: (إِذَا سَمِعْتَ جِيْرَانَكَ يَقُوْلُوْنَ: قَدْ
أَحْسَنْتَ، فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا سَمِعْتَهُم
يَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَسَأْتَ، فَقَدْ أَسَأْتَ (2)).
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ مَنْصُوْرٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ
الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ،
أَنْبَأَنَا خَطِيْبُ المَوْصِلِ عَبْدُ اللهِ، وَشُهْدَةُ
الكَاتِبَةُ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ،
أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا
الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى المُتَوَلِّي، حَدَّثَنَا أَبُو
الأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ
__________
(1) وأخرجه الترمذي (2660) في العلم: باب ما جاء في تعظيم
الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طريق شريك بن
عبد الله، عن منصور، عن ربعي بن خراش عن علي بن أبي طالب،
وهو حديث متواتر.
(2) حلية الأولياء 5 / 43، ورجاله ثقات.
(5/410)
بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ : {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُوْنَ } [الذَّارِيَاتُ: 13]، قَالَ: يُحْرَقُوْنَ
عَلَيْهَا، وَيُعَذَّبُوْنَ (1).
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ بَرَكَةَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، وَأَنْبَأَنَا أَبُو
نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ
مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ
العَلاَءِ، وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ،
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ -
وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ الجَبَّارِ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،
عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَجَدَ
سَجْدَتَي السَّهْوِ بَعْد التَّسْلِيمِ، وَحَدَّثَ: أَنَّ
النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ
بَعْدَ التَّسْلِيمِ (2) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
الحَجَّارُ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
أَبُو القَاسِمِ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ، قَالَ: (لاَ تَحِلُّ
الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ) (3)
.
__________
(1) وأخرجه الطبري 26 / 194 من طريق فضيل بن عياض عن
منصور، عن مجاهد بلفظ " ينضجون بالنار " وفي تفسير مجاهد ص
617 حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز
وجل (يفتنون) يعني يحرقون، أي كما يفتن الذهب في النار.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه بنحوه البخاري 1 / 422 و423،
ومسلم (572)، وأبو داود (1020)، والنسائي 3 / 28، وابن
ماجه (1212).
(3) وأخرجه أحمد 2 / 377 و389، والنسائي 5 / 99، وابن ماجه
(1839) من طريق أبي بكر ابن عياش عن أبي حصين، عن سالم، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا
تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي " وصححه ابن حبان (806)،
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أبي داود (1634)
والترمذي (652) وأحمد 2 / 164 و192، وصححه الحاكم 1 / 407،
وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار عند أبي داود (1633)
والنسائي 5 / 99، 100 وإسناده صحيح.
(5/411)
هَذَا حَدِيْثٌ قَوِيُّ الإِسْنَادِ،
مُتَجَاذَبٌ بَيْنَ الوَقفِ وَالرَّفعِ، إِذْ قَوْلُه:
يَبْلُغُ بِهِ، مُشْعِرٌ بِرَفْعِهِ، وَتَرْكُهُ لِذِكْرِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُؤْذِنٌ
بِوَقْفِهِ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَاذَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
حُفَّاظُ الكُوْفَةِ أَرْبَعَةٌ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ،
وَمَنْصُوْرٌ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَأَبُو حَصِيْنٍ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: لَقِيْتُ سُفْيَانَ
بِمَكَّةَ، فَقَالَ: مَا خَلَّفتُ بَعْدِي بِالكُوْفَةِ
آمَنَ عَلَى الحَدِيْثِ مِنْ مَنْصُوْرٍ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ
قَوْماً قَالُوا: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ فِي الزُّهْرِيِّ
مِنْ مَالِكٍ.
قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ؟ هَؤُلاَءِ
جُهَّالٌ، مَنْصُوْرٌ إِذَا نَزَلَ إِلَى المَشَايِخِ
اضْطَرَبَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ
مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَنْصُوْرٌ نَظِيْرُ أَيُّوْبَ
عِنْدِي، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنَ الحَكَمِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: الحَكَمُ أَثْبَتُ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِذَا حَدَّثكَ عَنْ
مَنْصُوْرٍ ثِقَةٌ، فَقَدْ مَلأتَ يَدَيْكَ، لاَ تُرِيْدُ
غَيْرَه.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَ سُفْيَانُ يَوْماً
عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: هَذَا الشَّرَفُ عَلَى
الكَرَاسِي.
182 - أَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمِ بنِ حَصِيْنٍ
الأَسَدِيُّ * (ع)
وَقِيْلَ: بَدَلَ حَصِيْنٍ زَيْدُ بنُ كَثِيْرٍ،
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
__________
(*) طبقات خليفة 159، التاريخ الكبير 6 / 240، 241، الجرح
والتعديل 6 / 160، تهذيب الكمال 913، تذهيب التهذيب 3 / 30
/ 2، تاريخ الإسلام 5 / 107، تهذيب التهذيب 7 / 126، خلاصة
تذهيب الكمال 260.
(5/412)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ: هُوَ مِنْ
وَلَدِ عَبِيْدِ بنِ الأَبْرَصِ.
رَوَى عَنْ: جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ،
وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ
الخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِم مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَرَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ مُرْسَلاً.
وَعَنْ: عُمَيْرِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُجَاهِدٍ،
وَالشَّعْبِيِّ، وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، وَأَبِي
الضُّحَى، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي صَالِحٍ
السَّمَّانِ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَّانِ،
وَأَبِي وَائِلٍ الأَسَدِيِّ، وَيَحْيَى بنِ وَثَّابٍ،
وَأَبِي مَرْيَمَ الأَسَدِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
جُحَادَةَ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بنُ
مِغْوَلٍ، وَزَائِدَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَأَبُو غَسَّانَ
مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو
الأَحْوَصِ الحَنَفِيُّ - يُقَالُ: حَدِيْثاً وَاحِداً -
وَإِسْرَائِيْلُ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَجَرِيْرُ
بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ،
وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ جُشَمِ بنِ الحَارِثِ،
ثُمَّ مِنْ أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
أَرْبَعَةٌ بِالكُوْفَةِ لاَ يُخْتَلَفُ فِي حَدِيْثِهِم،
فَمَنِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِم، فَهُوَ مُخْطِئٌ، لَيْسَ هُم،
مِنْهُم أَبُو حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ.
وَرَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ
مَهْدِيٍّ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَثْبَتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ:
مَنْصُوْرٌ، وَأَبُو حَصِيْنٍ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ،
وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ.
قَالَ: وَكَانَ مَنْصُوْرٌ أَثْبَتَ أَهْلِ الكُوْفَةِ.
وَرَوَى: الحَارِثُ بنُ شُرَيْحٍ النَّقَّالُ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
لاَ تَرَى حَافِظاً يَخْتَلِفُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ.
(5/413)
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: عَنْ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، قَالَ:
الأَعْمَشُ، وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ مَوَالِي، وَأَبُو
حَصِيْنٍ مِنَ العَرَبِ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَصْنَعِ
الأَعْمَشُ مَا صَنَعَ، وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ،
صَحِيْحَ الحَدِيْثِ.
قِيْلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَصَحُّ حَدِيْثاً، هُوَ أَوْ
أَبُو إِسْحَاقَ؟
قَالَ: أَبُو حَصِيْنٍ أَصَحُّ حَدِيْثاً؛ لِقِلَّةِ
حَدِيْثِه، وَكَذَا مَنْصُوْرٌ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ
الأَعْمَشِ؛ لِقِلَّةِ حَدِيْثِه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُو
حَصِيْنٍ شَيْخاً، عَالِياً، وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ.
يُقَالُ: كَانَ قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ أَرْوَى النَّاسِ
عَنْهُ، عِنْدَهُ عَنْهُ أَرْبَعُ مائَةِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: كَانَ ثِقَةً، عُثْمَانِياً،
رَجُلاً صَالِحاً، ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ، هُوَ أَسَنُّ
مِنَ الأَعْمَشِ، وَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُمَا
مُتبَاعِداً.
وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا شَرٌّ، حَتَّى تَحَوَّلَ الأَعْمَشُ
عَنْهُ إِلَى بَنِي حَرَامٍ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ
الرِّفَاعِيُّ، سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو حَصِيْنٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَقرَأُ مِنَ
الأَعْمَشِ.
وَكَانَا فِي مَسْجِدِ بَنِي كَاهِلٍ، فَقَالَ الأَعْمَشُ
لِرَجُلٍ يَقْرَأُ عَلَيْهِ: اهْمِزِ الحُوْتَ.
فَهَمَزَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، قَرَأَ أَبُو
حَصِيْنٍ فِي الفَجْرِ: {ن}، فَقَرَأَ كَصَاحِبِ الحُؤْتِ،
فَهَمَزَ.
فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لَهُ الأَعْمَشُ: يَا أَبَا
حَصِيْنٍ، كَسَرْتَ ظَهْرَ الحُوتِ.
قَالَ: فَكَانَ مَا بَلَغَكُم؟
قَالَ: وَالَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ قَذَفَه.
فَحَلَفَ الأَعْمَشُ لَيَحُدَّنَّه، وَكَلَّمَه بَنُو
أَسَدٍ، فَأَبَى، فَقَالَ خَمْسُوْنَ مِنْهُم: وَاللهِ
لَنَشْهَدَنَّ أَنَّ أُمَّهُ كَمَا قَالَ.
فَحَلَفَ الأَعْمَشُ أَنْ لاَ يُسَاكِنَهُم، وَتَحَوَّلَ
(1) .
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ:
أَبُو حَصِيْنٍ ثِقَةٌ.
__________
(1) لا تصح هذه القصة، فإن في سندها أبا هشام الرفاعي وهو
محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي الكوفي قاضي المدائن
ليس بالقوي، وقال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه.
(5/414)
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
أَصْحَابُ الشَّعْبِيِّ: أَبُو حَصِيْنٍ، ثُمَّ
إِسْمَاعِيْلُ، ثُمَّ دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، ثُمَّ
الشَّيْبَانِيُّ وَمُطَرِّفٌ وَبَيَانٌ طَبَقَةٌ،
الشَّيْبَانِيُّ أَعْلاَهم، وَمُغِيْرَةُ كَانَ مِنْ
أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ، رَوَى عَنْهُ، فَأَجَادَ،
وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ
أَبِي السَّفَرِ طَبَقَةٌ، وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ وَأَبُو
حَيَّانَ التَّيْمِيُّ وَابْنُ أَبْجَرَ طَبَقَةٌ،
وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ فَوْقَ جَابِرٍ وَابْنِ سَالِمٍ،
وَمُجَالِدٌ فَوْقَ أَشْعَثَ، وَفَوْقَ أَجْلَحَ
الكِنْدِيِّ.
رَوَى: أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: أَبُو
حَصِيْنٍ يَسْمَعُ مِنِّي، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَروِيهِ.
يَحْيَى بنُ آدَمَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ،
سَمِعْتُ أَبَا حَصِيْنٍ، قَالَ:
مَا سَمِعْنَا بِحَدِيْثِ: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ (1))،
حَتَّى جَاءَ هَذَا مِنْ خُرَاسَانَ، فَنَعَقَ بِهِ
-يَعْنِي: أَبَا إِسْحَاقَ- فَاتَّبَعَه عَلَى ذَلِكَ
نَاسٌ.
قُلْتُ: الحَدِيْثُ ثَابِتٌ بِلاَ رَيْبٍ، وَلَكِنْ أَبُو
حَصِيْنٍ عُثْمَانِيٌّ، وَهَذَا نَادِرٌ فِي رَجُلٍ
كُوْفِيٍّ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
دَخَلتُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ وَهُوَ مُختَفٍ مِنْ بَنِي
أُمَيَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ -يَعْنِي: بَنِي
أُمَيَّةَ- يُرِيْدُوْنِي عَلَى دِيْنِي، وَاللهِ لاَ
أُعْطِيْهِم إِيَّاهُ أَبَداً.
وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ -
وَدَخَلتُ مَعَهُ المَسْجِدَ -: انْظُرْ، هَلْ تَرَى أَبَا
حَصِيْنٍ نَجلِسْ إِلَيْهِ؟
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ:
سُئِلَ الشَّعْبِيُّ لَمَّا حَضَرتْهُ الوَفَاةُ: بِمَنْ
تَأمُرُنَا؟
قَالَ: مَا أَنَا بِعَالِمٍ، وَلاَ أَترُكُ عَالِماً،
وَإِنَّ أَبَا حَصِيْنٍ رَجُلٌ صَالِحٌ.
__________
(1) ولفظه بتمامه " من كنت مولاه، فعلي مولاه " وهو حديث
صحيح ثابت كما قال المؤلف رحمه الله، فقد أخرجه الترمذي
(3713) وأحمد 4 / 370 و372 من حديث زيد بن أرقم، وسنده
صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه أحمد 4 / 281، وابن
ماجه (121) من حديث البراء، ورجال إسناد ابن ماجه، ثقات،
وأخرجه أحمد 5 / 358 من حديث بريدة بلفظ " من كنت وليه،
فعلي وليه " ورجاله ثقات.
(5/415)
رَوَى مِثْلَهَا: مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ.
وَقَالَ مِسْعَرٌ: بَعَثَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ إِلَى أَبِي
حَصِيْنٍ بِأَلْفَي دِرْهَمٍ، وَهُوَ عَائِلٌ، فَرَدَّهَا.
فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ رَدَدْتَهَا؟
قَالَ: الحَيَاءُ، وَالتَّكَرُّمُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو حَصِيْنٍ إِذَا
سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، قَالَ: لَيْسَ لِي بِهَا عِلْمٌ،
وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: سَمِعْتُ أَبَا
حَصِيْنٍ يَقُوْلُ:
إِنَّ أَحَدَهُم لَيُفْتِي فِي المَسْأَلَةِ، وَلَوْ
وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ، لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ: أَبُو حَصِيْنٍ كَانَ
يُقْرَأُ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِ الكُوْفَةِ خَمْسِيْنَ
سَنَةً.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلدٌ
ذَكَرٌ، وَكَانَتْ لَهُ بِنْتٌ، وَبِنتُ بِنْتٍ، تَزَوَّجَ
بِهَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي
حَصِيْنٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، فَأُغْمِيَ
عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ : {وَمَا
ظَلَمْنَاهُم وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِيْنَ }
[الزُّخْرُفُ: 76].
ثُمَّ أُغمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَجَعَلَ
يُرَدِّدُهَا، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَخَلِيْفَةُ: مَاتَ أَبُو
حَصِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ
التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ بُكَيْرٍ،
وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُم: سَنَةَ ثَمَانٍ
وَعِشْرِيْنَ.
وَهَذَا الصَّوَابُ.
وَقَدْ رَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ رِوَايَةً أُخْرَى شَاذَّةً: أَنَّهُ مَاتَ
سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ
التَّمِيْمِيُّ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ وَبِالبَلَدِ، عَنْ
عَبْدِ
(5/416)
المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ،
أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو
عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى
المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ بِنْتِ
السُّدِّيِّ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ،
عَنْ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- قَالَ:
مَا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الحَدَّ إِلاَّ
شَارِبَ الخَمْرِ، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَسُنَّ فِيْهِ شَيْئاً،
إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ قُلْنَاهُ نَحْنُ (1) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، عَالٍ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَة جَمِيْعاً،
عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى، فَوَافَقْنَاهم بِعُلُوِّ
دَرَجَتِه.
183 - مَخْرَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَالِبِيُّ
المَدَنِيُّ * (ع)
مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ،
وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ، وَكُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ
عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَالضَّحَّاكُ
بنُ عُثْمَانَ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قُتِلَ: يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدٍ (2) ، سَنَةَ
ثَلاَثِيْنَ، بِقُربِ مَكَّةَ فِي طَلَبِ الإِمَارَةِ،
فَقُتِلَ
__________
(1) أخرجه أبو داود (4486) وابن ماجه (2569) كلاهما في
الحدود ورجاله ثقات خلا شريك
فهو سيء الحفظ.
(*) التاريخ الكبير 8 / 15، الجرح والتعديل 8 / 363، تهذيب
الكمال 1311، تذهيب التهذيب 4 / 28 / 1، تاريخ الإسلام 5 /
162، تهذيب التهذيب 10 / 71، خلاصة تذهيب الكمال 371،
شذرات الذهب 1 / 177.
(2) كانت بين جيش عبد الله بن يحيى الكندي المتغلب على
اليمن، ثم على مكة، وبين جيش الخليفة مروان الأموي، انظر
خبرها في " تاريخ الإسلام " 5 / 38 للمؤلف.
(5/417)
يَوْمَئِذٍ نَحْوُ الثَّلاَثِ مائَةٍ فِي
صَفَرٍ، وَانْهَزَمَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ، وَقَالَتِ
امْرَأَةٌ:
مَا لِلزَّمَانِ وَمَا لِيَهْ ... أَفْنَتْ قُدَيْدُ
رِجَالِيَهْ
184 - سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الفَقِيْهُ، قَاضِي المَدِيْنَةِ،
أَبُو إِسْحَاقَ - وَيُقَالُ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ -
القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ.
رَأَى: ابْنَ عُمَرَ، وَجَابِراً.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
طَالِبٍ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ
سَهْلٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِ، وَأَبِي
عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي
عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، وَسَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ، وَحَفْصِ بنِ عَاصِمٍ، وَأَبِيْهِ؛
إِبْرَاهِيْمَ، وَعَمِّهِ؛ حُمَيْدٍ، وَخَالَيْهِ؛
إِبْرَاهِيْمَ وَعَامِرٍ ابْنَيْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ،
وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ،
وَطَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، وَطَلْحَةَ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَمَعَبْدٍ الجُهَنِيِّ، وَنَافِعِ
بنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَخَلْقٍ
سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ، يُذْكَرُ مَعَ
الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلدُهُ؛ الحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ
سَعْدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ الهَادِ،
وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَأَيُّوْبُ
السِّخْتِيَانِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ،
وَمِسْعَرٌ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ،
وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
المَاجِشُوْنِ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بنُ
__________
(*) التاريخ الكبير 4 / 51، التاريخ الصغير 1 / 324، تاريخ
الفسوي 1 / 411، 681، تاريخ الطبري 7 / 227، الجرح
والتعديل 4 / 79، تهذيب الكمال 471، تذهيب التهذيب 2 / 7 /
2، تاريخ الإسلام 5 / 77، تهذيب التهذيب 3 / 463، خلاصة
تذهيب الكمال 133، شذرات الذهب 1 / 173.
(5/418)
زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ
المَخْرَمِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَسُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثِقَةً، فَاضِلاً،
وَلِيَ قَضَاءَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَجَمَاعَةٌ:
ثِقَةٌ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
المَدِيْنِيِّ، قِيْلَ لَهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ؟
قَالَ: لَيْسَ فِيْهِ سَمَاعٌ.
ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَلْقَ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ فِي
(الصَّحِيْحَيْنِ (1)).
وَرَوَى: أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ،
قَالَ:
كَانَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ لاَ يُحَدِّثُ
بِالمَدِيْنَةِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ عَنْهُ
أَهْلُهَا، وَمَالِكٌ لَمْ يُكْتَبْ عَنْهُ، وَإِنَّمَا
سَمِعَ مِنْهُ: شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بِوَاسِطَ، وَابْنُ
عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: أَنْ أَبَاهُ سَرَدَ
الصَّوْمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ: كَانَ شُعْبَةُ إِذَا ذَكَرَ
سَعْدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي حَبِيْبِي سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، يَصُوْمُ
الدَّهْرَ، وَيَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ.
مَعْنٌ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ بَانَكَ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعْدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقْضِي فِي
المَسْجِدِ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَتَى عَزلُ سَعْدِ بنِ
إِبْرَاهِيْمَ عَنِ القَضَاءِ، كَانَ يُتَّقَى كَمَا
يُتَّقَى وَهُوَ قَاضٍ.
الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، عَنِ
ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: قَضَى سَعْدُ بنُ
__________
(1) أخرجه البخاري 9 / 495 في الاطعمة: باب القثاء، ومسلم
(2044) في الاشربة من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه قال:
سمعت عبد الله بن جعفر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
يأكل الرطب بالقثاء.
(5/419)
إِبْرَاهِيْمَ عَلَى رَجُلٍ بِرَأْيِ
رَبِيْعَةَ، فَأَخْبَرْتُه عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَى بِهِ.
فَقَالَ سَعْدٌ لِرَبِيْعَةَ: هَذَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ،
وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَيْتُ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ رَبِيْعَةُ: قَدِ اجْتَهَدتَ، وَمَضَى
حُكمُكَ.
فَقَالَ سَعْدٌ: وَاعَجَباً! أُنفِذُ قَضَاءَ سَعْدِ بنِ
أُمِّ سَعْدٍ، وَأَرُدُّ قَضَاءً قَضَى رَسُوْلُ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! بَلْ أَردُّ
قَضَاءَ سَعْدٍ، وَأُنفِذُ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَدَعَا بِكِتَابِ القَضِيَّةِ، فَشَقَّهُ، وَقَضَى
لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ.
البُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي سَهْلٌ، حَدَّثَنَا أَبُو
سَلَمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو الهَيْثَمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
حَفْصٍ، قَالَ:
كَانَ سَعْدٌ عِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ المَخْزُوْمِيِّ
أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ، فَاختَصَمَ عِنْدَه يَوْماً وَلَدٌ
لِمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ وَآخَرُ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ.
فَقَالَ ابْنُ مُحَمَّدٍ: أَنَا ابْنُ قَاتِلِ كَعْبِ بنِ
الأَشْرَفِ.
فَقَالَ الحَارِثِيُّ: أَمَا وَاللهِ مَا قُتِلَ إِلاَّ
غَدراً.
فَانْتَظَرَ سَعْدٌ أَنْ يُغَيِّرَهَا الأَمِيْرُ، فَلَمْ
يَفْعَلْ حَتَّى قَامَا، فَلَمَّا اسْتُقْضِيَ سَعْدٌ،
قَالَ: أُعطِي اللهَ عَهداً لَئِنْ أُفْلِتَ الحَارِثِيُّ
مِنْكَ يَقُوْلُ لِمَوْلاَهُ: لأُوْجِعَنَّكَ.
قَالَ شُعْبَةُ: فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ، ثُمَّ
جِئْتُ بِهِ سَعْداً، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ،
شَقَّ القَمِيْصَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ القَائِلُ:
إِنَّمَا قُتِلَ ابْنُ الأَشْرَفِ غَدراً.
ثُمَّ ضَرَبَه خَمْسِيْنَ وَمائَةَ سَوْطٍ، وَحَلَقَ
رَأْسَه وَلِحْيَتَه، وَقَالَ: وَاللهِ لأُقَوِّمَنَّكَ
بِالضَّربِ مَا كَانَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانٌ (1) .
وَرَوَى: يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخلَ نَاسٌ مِنَ القُرَّاءِ يَعُودُوْنَهُ، مِنْهُمُ
ابْنُ هُرْمُزَ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءمَةِ،
فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا ابْنِ هُرْمُزَ، فَقَالَ لَهُ
سَعْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ؟
فَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنِّي بِقَائِلَةٍ غَداً تَقُوْلُ:
وَاسْعدَاهُ لِلْحَقِّ، وَلاَ سَعْدُ.
قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ ذَاكَ، مَا أَخَذَنِي فِي
اللهِ لَوْمَةُ لاَئمٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَحَبُّ خَلْقِه
إِلَيَّ -يَعْنِي: القُرْآنَ-.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ
سَعْدٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَخَلِيْفَةُ،
وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ.
__________
(1) التاريخ الكبير 4 / 51، 52. والزيادات منه.
(5/420)
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ أَبِي يَحتَبِي، فَمَا يَحُلُّ حَبْوَتَه حَتَّى
يَقْرَأَ القُرْآنَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ سَعْدٌ
لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَيَكُوْنُ مَوْلِدُه فِي حَيَاةِ عَائِشَةَ أُمِّ
المُؤْمِنِيْنَ.
185 - عُمَيْرُ بنُ هَانِىء العَبْسِيُّ الدَّارَانِيُّ
أَبُو الوَلِيْدِ * (ع)
الإِمَامُ، أَبُو الوَلِيْدِ.
سَمِعَ: مُعَاوِيَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ،
وَطَائِفَةً.
وَحَدِيْثُه عَنْ مُعَاوِيَةَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو
بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالأَوْزَاعِيُّ،
وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَقَدْ نَابَ عَنِ الحَجَّاجِ بِالكُوْفَةِ، ثُمَّ وَلِيَ
الخَرَاجَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قِيْلَ: لَحِقَ ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: كَانَ يَضْحَكُ، ثُمَّ يَقُوْلُ:
بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: إِنِّي
لأَستَجِمُّ؛ لِيَكُوْنَ أَنْشَطَ لِي فِي الحَقِّ.
فَقُلْتُ: أَرَاكَ لاَ تَفْتُرُ عَنِ الذِّكرِ، فَكَم
تُسَبِّحُ؟
قَالَ: مائَةَ أَلفٍ، إِلاَّ أَنْ تُخطِئَ الأَصَابِعُ.
وَرَوَى عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ
عَبْدَ المَلِكِ وَجَّهَه بِكُتُبٍ إِلَى الحَجَّاجِ
وَهُوَ يُحَاصِرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: هُوَ مُقِلٌّ، وَقَدْ كَرِهَ ظُلمَ الحَجَّاجِ
وَفَارَقَه، وَقَالَ: كَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَيَّ
__________
(*) تاريخ خليفة 294، التاريخ الكبير 6 / 535، التاريخ
الصغير 1 / 265، الجرح والتعديل 6 / 378، الكامل لابن
الأثير 5 / 123، تهذيب الكمال 1062، تذهيب التهذيب 117،
تهذيب التهذيب 8 / 149، خلاصة تذهيب الكمال 297، شذرات
الذهب 1 / 173.
(5/421)
فِي رَجُلٍ أَحَدُّه حَدَدْتُه، وَإِذَا
كَتَبَ فِيْمَنْ أَقتُلُه، لَمْ أَقْتُلْه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ عُمَيْرٌ صَبْراً،
بِدَارَيَّا، أَيَّامَ فِتْنَةِ الوَلِيْدِ؛ لأَنَّهُ
كَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قَتْلِه - يَعْنِي: وَقَامَ
بِبَيْعَةِ النَّاقِصِ -.
قَالَ: فَقَتَلَه ابْنُ مُرَّةَ، وَسَمطَ رَأْسه حلقه،
وَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ بنَ مُحَمَّدٍ سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: إِنِّي
لأُبغِضُه.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ قَدَرِيّاً.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: كَانَ عُمَيْرٌ أَبغَضَ
إِلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِنَ النَّارِ.
قَالَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ بَيْعَةِ النَّاقِصِ:
سَارِعُوا إِلَى هَذِهِ البَيْعَةِ، فَإِنَّمَا هُمَا
هِجْرَتَانِ: هِجْرَةٌ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه،
وَهِجْرَةٌ إِلَى يَزِيْدَ بنِ الوَلِيْدِ.
186 - حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الهُذَيْلِ
السُّلَمِيُّ * (1) (ع)
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الهُذَيْلِ
السُّلَمِيُّ، الكُوْفِيُّ، ابْنُ عَمِّ مَنْصُوْرٍ.
وُلِدَ: فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، فِي حُدُوْدِ سَنَةِ
ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَارَةَ بنِ رُوَيْبَةَ الصَّحَابِيِّ،
وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ.
وَعَنْ: أَبِي وَائِلٍ، وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ، وَعَمْرِو
بنِ مَيْمُوْنٍ، وَعِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ، وَهِلاَلِ بنِ
يِسَافٍ، وَمُرَّةَ بنِ شَرَاحِيْلَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي قَتَادَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَسَالِمِ بنِ
أَبِي الجَعْدِ، وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، وَأَبِي
ظَبْيَانَ حُصَيْنِ بنِ جُنْدَبٍ، وَالشَّعْبِيِّ،
وَعِرَاكٍ الغِفَارِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ
حُذَيْفَةَ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَخَلْقٍ
كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَشُعْبَةُ،
وَزَائِدَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ،
وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ، وَأَبُو عَوَانَةَ،
وَهُشَيْمٌ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ،
__________
(*) طبقات ابن سعد 6 / 338، طبقات خليفة 160، 164، التاريخ
الكبير 3 / 7، 8، الجرح والتعديل 3 / 193، تهذيب الكمال
302، تذهيب التهذيب 160، تاريخ الإسلام 5 / 237، تذكرة
الحفاظ 1 / 143، ميزان الاعتدال 1 / 551، العبر 1 / 183،
تهذيب التهذيب 2 / 381، خلاصة تذهيب الكمال 86، شذرات
الذهب 1 / 193.
(1) سقط من الأصل الذي اعتمدناه من قوله: ومضى حكمك في
الصفحة 420 إلى هنا، واستدركناه من مصورة المجمع العلمي
العربي بدمشق.
(5/422)
وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَلِيُّ بنُ
عَاصِمٍ، وَعِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
عَيَّاشٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
رَوَى: أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الثِّقَةُ، المَأمُوْنُ،
مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ
فِي الحَدِيْثِ، سَكَنَ بَلَدَ المُبَارَكِ بِأَخَرَةٍ،
وَالوَاسِطِيُّوْنَ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: حُصَيْنٌ
حُجَّةٌ؟
قَالَ: إِيْ وَاللهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ: وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ سَاءَ حِفْظُه.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: تَغَيَّرَ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: طَلَبتُ الحَدِيْثَ
وَحُصَيْنٌ حَيٌّ، كَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ
نَسِيَ.
وَعَنْ يَزِيْدَ، قَالَ: اخْتلَطَ حُصَيْنٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُ: لَمْ
يَختَلِطْ.
قُلْتُ: احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ، وَهُوَ
أَقْوَى مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَمِنْ
سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَمَا هُوَ بِدُوْنِ أَبِي إِسْحَاقَ،
وَالعَجَبُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، وَمِنَ
العُقَيْلِيِّ، وَابْنِ عَدِيٍّ، كَيْفَ تَسَرَّعُوا إِلَى
ذِكرِ حُصَيْنٍ فِي كُتُبِ الجَرحِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَتَى عَلَيْهِ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ
سَنَةً، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنَ الأَعْمَشِ، وَقَرِيْباً
مِنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ عُرسَ وَالِدِ مَنْصُوْرِ
بنِ المُعْتَمِرِ عَلَى أُمِّ مَنْصُوْرٍ.
رَوَى: عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ:
جَاءنَا قَتْلُ الحُسَيْنِ، فَمَكَثنَا
(5/423)
ثَلاَثاً، كَأَنَّ وُجُوهَنَا طُلِيَتْ
بِرَمَادٍ.
قُلْتُ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟
قَالَ: رَجُلٌ مُتَأَهِّلٌ.
قَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَةٍ.
187 - وَمِمَّنِ اسْمُهُ: حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
*
هُوَ: ابْنُ عَمْرِو بنِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ
الأَنْصَارِيُّ، الأَشْهَلِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ
الأَزْرَقُ، وَابْنُه؛ مُحَمَّدُ بنُ حُصَيْنٍ.
رَوَى لَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَهُوَ مُقِلٌّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ،
بِالمَدِيْنَةِ.
188 - وَمِنْهُم
: حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُعْفِيُّ
الكُوْفِيُّ **
يَرْوِي عَنْهُ: طُعْمَةُ بنُ غَيْلاَنَ.
189 - و
َ حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَارِثِيُّ
الكُوْفِيُّ ***
عَنِ: الشَّعْبِيِّ.
وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَغَيْرُه.
190 - و
َ حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيُّ
الكُوْفِيُّ ****
عَنِ: الشَّعْبِيِّ أَيْضاً.
وَعَنْهُ: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا
وَاثِلَةُ بنُ كَرَّازٍ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَبُو
عَلِيٍّ الرَّحَبِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلْحَةَ،
أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ
__________
(*) التاريخ الكبير 3 / 8، الجرح والتعديل 3 / 193، تهذيب
الكمال 302، تذهيب التهذيب 1 / 161 / 1، تهذيب التهذيب 2 /
380، خلاصة تذهيب الكمال 85.
(* *) تهذيب التهذيب 302، تذهيب التهذيب 1 / 161 / 1،
تهذيب التهذيب 2 / 383.
(* * *) التاريخ الكبير 3 / 8، الجرح والتعديل 3 / 193، ت
838، تهذيب الكمال 302، تذهيب التهذيب 1 / 161 / 1، تهذيب
التهذيب 2 / 383، خلاصة تذهيب الكمال 86.
(* * * *) التاريخ الكبير 3 / 8، الجرح والتعديل 3 / 194 ت
840، تهذيب الكمال 302، تذهيب التهذيب 1 / 161 / 2، تهذيب
التهذيب 3 / 383.
(5/424)
المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ
جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا
حُصَيْنٌ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كُنَّا نَقُوْلُ: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ.
فَقَالَ: (لاَ تَقُوْلُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ،
فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُوْلُوا:
التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ
وَبَرَكَاتُهُ...)، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1) .
191 - القَسْرِيُّ أَبُو الهَيْثَمِ خَالِدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ بنِ يَزِيْدَ * (د)
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو الهَيْثَمِ خَالِدُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَسَدِ بنِ كُرْزٍ
البَجَلِيُّ، القَسْرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، أَمِيْرُ
العِرَاقَيْنِ لِهِشَامٍ، وَوَلِيَ قَبْلَ ذَلِكَ مَكَّةَ
لِلْوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ لِسُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْهُ: سَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
أَوْسَطَ البَجَلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ،
وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ.
وَقَلَّمَا رَوَى.
لَهُ حَدِيْثٌ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ)، وَفِي (سُنَنِ
أَبِي دَاوُدَ) حَدِيْثٌ رَوَاهُ عَنْ جَدِّهِ يَزِيْدَ،
وَلَهُ صُحْبَةٌ.
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه البخاري 11 / 12 في الاستئذان: باب
السلام اسم من أسماء الله تعالى، ومسلم (402) في الصلاة:
باب التشهد في الصلاة، وأبو داود (968)، والنسائي 2 / 240،
والترمذي (289) وابن ماجه (899) من طرق عن أبي وائل شقيق
بن سلمة، عن ابن مسعود قال: كنا إذا صلينا مع النبي صلى
الله عليه وسلم، قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام
على جبريل، السلام على ميكائيل السلام على فلان، فلما
انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، أقبل علينا بوجهه، فقال:
" إن الله هو السلام، فإذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل:
التحيات لله، والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين، فإنه إذا قال ذلك، أصاب كل عبد صالح في السماء
والارض، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، ثم يتخير بعد من الكلام ما شاء ".
(*) التاريخ الكبير 3 / 158، الجرح والتعديل 3 / 340،
الاغاني 22 / 5، 29، ابن الأثير 5 / 124 و276 وما بعدها،
وفيات الأعيان 2 / 226، 231، تهذيب الكمال 362، تذهيب
التهذيب 1 / 189 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 64، البداية
والنهاية 10 / 17، 22، ابن خلدون 3 / 105، تهذيب التهذيب 3
/ 101، خلاصة تذهيب الكمال 101، شذرات الذهب 1 / 169،
الطبري 7 / 254 وما بعدها، تهذيب ابن عساكر 5 / 70 - 83.
(5/425)
وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، مُعَظَّماً،
عَالِيَ الرُّتبَةِ، مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ، لَكِنَّهُ
فِيْهِ نُصبٌ مَعْرُوْفٌ، وَلَهُ دَارٌ كَبِيْرَةٌ فِي
مُربَّعَةِ القَزِّ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ صَارَتْ تُعْرَفُ
بِدَارِ الشَّرِيْفِ اليَزِيْدِيِّ، وَإِلَيْهِ يُنسَبُ
الحَمَّامُ الَّذِي مُقَابِلَ قَنْطَرَةِ سِنَانٍ،
بِنَاحِيَةِ بَابِ تُوْمَا.
قَالَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: قِيْلَ لِسَيَّارٍ: تَروِي
عَنْ مِثْلِ خَالِدٍ؟
فَقَالَ: إِنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: عَزَلَ الوَلِيْدُ عَنْ
مَكَّةَ نَافِعَ بنَ عَلْقَمَةَ بِخَالِدٍ القَسْرِيِّ
سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَلَمْ يَزَلْ وَالِيْهَا
إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ، فَوَلاَّهُ هِشَامُ بنُ
عَبْدِ المَلِكِ العِرَاقَ مُدَّةً، إِلَى أَنْ عَزَلَه
سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ
الثَّقَفِيِّ.
رَوَى: العُتْبِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ:
خَطَبَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِوَاسِطَ، فَقَالَ:
إِنَّ أَكرَمَ النَّاسِ مَنْ أَعْطَى مَنْ لاَ يَرجُوْهُ،
وَأَعْظَمَ النَّاسِ عَفْواً مَنْ عَفَا عَنْ قُدرَةٍ،
وَأَوصَلَ النَّاسِ مَنْ وَصَلَ عَنْ قَطِيْعَةٍ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
يَزِيْدَ الرِّفَاعِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ
عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ خَالِداً القَسْرِيَّ حِيْنَ أَتَى
بِالمُغِيْرَةِ بنِ سَعِيْدٍ وَأَصْحَابِه، وَكَانَ
يُرِيهِم أَنَّهُ يُحْيِى المَوْتَى، فَقَتَلَ خَالِدٌ
وَاحِداً مِنْهُم، ثُمَّ قَالَ لِلْمُغِيْرَةِ: أَحْيِهِ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُحْيِي المَوْتَى.
قَالَ: لَتُحْيِيَنَّه، أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ.
ثُمَّ أَمَرَ بِطنٍّ مِنْ قَصَبٍ، فَأَضْرَمُوْهُ،
وَقَالَ: اعْتَنِقْه.
فَأَبَى، فَعَدَا رَجُلٌ مِنْ أَتبَاعِه، فَاعْتَنَقَه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرَأَيْتُ النَّارَ تَأْكُلُه وَهُوَ
يُشِيْرَ بِالسَّبَّابَةِ.
فَقَالَ خَالِدٌ: هَذَا -وَاللهِ- أَحَقُّ بِالرِّئَاسَةِ
مِنْكَ.
ثُمَّ قَتَلَهُ، وَقَتَلَ أَصْحَابَه.
قُلْتُ: كَانَ رَافِضِيّاً، خَبِيْثاً، كَذَّاباً،
سَاحِراً، ادَّعَى النُّبُوَةَ، وَفَضَّلَ عَلِيّاً عَلَى
الأَنْبِيَاءِ، وَكَانَ مُجَسِّماً، سُقتُ أَخْبَارَه فِي
(مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ) (1) .
__________
(1) 4 / 160، 162.
(5/426)
وَكَانَ خَالِدٌ عَلَى هِنَاتِه يَرْجِعُ
إِلَى إِسْلاَمٍ.
وَقَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهَمُ فِي
دِيْنِه، بَنَى لأُمِّهِ كَنِيْسَةً تَتَعَبَّدُ فِيْهَا،
وَفِيْهِ يَقُوْلُ الفَرَزْدَقُ:
أَلاَ قَبَّحَ الرَّحْمَنُ ظَهْرَ مَطِيَّةٍ ... أَتَتْنَا
تَهَادَى مِنْ دِمَشْقَ بِخَالِدِ
وَكَيْفَ يَؤُمُّ النَّاسَ مَنْ كَانَ أُمُّهُ ...
تَدِيْنُ بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِوَاحِدِ
بَنَى بِيْعَةً فِيْهَا الصَّلِيْبُ لأُمِّهِ ...
وَيَهْدِمُ مِنْ بُغْضٍ مَنَارَ المَسَاجِدِ
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: حَرَّمَ القَسْرِيُّ الغِنَاءَ،
فَأَتَاهُ حُنَيْنٌ فِي أَصْحَابِ المظَالِمِ مُلتَحِفاً
عَلَى عُودٍ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، شَيْخٌ
ذُوْ عِيَالٍ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ، حُلْتَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهَا.
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
فَأَخرَجَ عُودَه، وَغَنَّى:
أَيُّهَا الشَّامِتُ المُعَيِّرُ بِالشَّيْ ... ـبِ
أَقِلَّنَّ بِالشَّبَابِ افْتِخَارَا
قَدْ لَبِسْتُ الشَّبَابَ قَبْلَكَ حِيْناً ... فَوَجَدْتُ
الشَّبَابَ ثَوْباً مُعَارَا
فَبَكَى خَالِدٌ، وَقَالَ: صَدَقَ وَاللهِ، عُدْ، وَلاَ
تُجَالِسْ شَابّاً وَلاَ مُعَربِداً.
الأَصْمَعِيُّ: عَنِ ابْنِ نُوْحٍ: سَمِعْتُ خَالِداً
يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ:
إِنِّي لأُطعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةً وَثَلاَثِيْنَ
أَلفاً مِنَ الأَعرَابِ تَمراً وَسَوِيْقاً.
الأَصْمَعِيُّ: أَنَّ أَعْرَابِيّاً قَالَ لِخَالِدٍ
القَسْرِيِّ:
أَصْلَحَكَ اللهُ، لَمْ أَصُنْ وَجْهِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ،
فَصُنْهُ عَنِ الرَّدِّ، وَضَعْنِي مِنْ مَعْرُوْفِكَ
حَيْثُ وَضَعتُكَ مِنْ رَجَائِي، فَوَصَلَهُ.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَأمُرُ الأَمِيْرُ لِي بِمِلْءِ
جِرَابِي دَقِيْقاً؟
قَالَ: امْلَؤُوْهُ لَهُ دَرَاهِمَ.
فَقِيْلَ لِلأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: سَأَلْتُ الأَمِيْرَ
مَا أَشْتَهِي، فَأَمَرَ لِي بِمَا يَشْتَهِي.
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ
الحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ شَمِرٍ
الخَوْلاَنِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ مَوْلَى
خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
إِنِّي لأَسِيْرُ بَيْنَ
(5/427)
يَدَيْ خَالِدٍ بِالكُوْفَةِ، وَمَعَهُ
الوُجُوْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَصْلَحَ
اللهُ الأَمِيْرَ.
فَوَقَفَ، وَكَانَ كَرِيْماً، فَقَالَ: مَا لَكَ؟
قَالَ: تَأمُرُ بِضَربِ عُنُقِي؟
قَالَ: لِمَ؟ قَطَعتَ طَرِيْقاً؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَنَزَعتَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَعَلاَمَ أَضرِبُ عُنُقَكَ؟
قَالَ: الفَقْرُ وَالحَاجَةُ.
قَالَ: تَمَنَّ؟
قَالَ: ثَلاَثِيْنَ أَلفاً.
فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِه، فَقَالَ: هَلْ عَلِمتُم
تَاجِراً رَبِحَ الغَدَاةَ مَا رَبِحْتُ؟ نَوَيْتُ لَهُ
مائَةَ أَلفٍ، فَتَمَنَّى ثَلاَثِيْنَ أَلفاً.
ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِهَا.
وَقِيْلَ: كَانَ خَالِدٌ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَدْعُو
بِالبِدَرِ، وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ
وَدَائِعُ لاَ بُدَّ مِنْ تَفرِيقِهَا.
وَقِيْلَ: أَنْشَدَهُ أَعْرَابِيٌّ:
أَخَالِدُ بَيْنَ الحَمْدِ وَالأَجْرِ حَاجَتِي ...
فَأَيُّهُمَا يَأْتِي فَأَنْتَ عِمَادُ
أَخَالِدُ إِنِّي لَمْ أَزُرْكَ لِحَاجَةٍ ... سِوَى
أَنَّنِي عَافٍ وَأَنْتَ جَوَادُ
فَقَالَ: سَلْ.
قَالَ: مائَةَ أَلفٍ.
قَالَ: أَسرَفْتَ يَا أَعْرَابِيُّ.
قَالَ: فَأَحُطُّ لِلأَمِيْرِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: قَدْ حَطَطتُكَ تِسْعِيْنَ أَلفاً.
فَتَعَجَّبَ مِنْهُ، فَقَالَ: سَأَلتُكَ عَلَى قَدْرِكَ،
وَحَطَطْتُكَ عَلَى قَدْرِي، وَمَا أَسْتَأهِلُه فِي
نَفْسِي.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ تَغْلِبُنِي، يَا غُلاَمُ،
أَعْطِه مائَةَ أَلفٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَنْشَدَهُ أَعْرَابِيٌّ فِي
مَجْلِسِ الشُّعَرَاءِ:
تَعَرَّضْتَ لِي بِالجُوْدِ حَتَّى نَعَشْتَنِي ...
وَأَعْطَيْتَنِي حَتَّى ظَنَنْتُكَ تَلْعَبُ
فَأَنْتَ النَّدَى وَابْنُ النَّدَى وَأَخُو النَّدَى ...
حَلِيْفُ النَّدَى مَا لِلنَّدَى عَنْكَ مَذْهَبُ
فَأَعْطَاهُ مائَةَ أَلفٍ.
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَبِيْبٍ، نَحْوَهَا،
وَزَادَ: فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ آخَرُ، فَقَالَ:
قَدْ كَانَ آدَمُ قَبْلُ حِيْنَ وَفَاتِهِ ... أَوْصَاكَ
وَهُوَ يَجُوْدُ بِالحَوْبَاءِ
(5/428)
بِبَنِيْهِ أَنْ تَرْعَاهُمُ فَرَعَيْتَهُم
... فَكَفَيْتَ (1) آدَمَ عَيْلَةَ الأَبْنَاءِ
فَتَمَنَّى أَنْ يُعْطِيَه عِشْرِيْنَ أَلفاً، فَأَعْطَاهُ
أَرْبَعِيْنَ أَلفاً، وَأَنْ يُضرَبَ خَمْسِيْنَ جَلدَةً،
وَأَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ لاَ يُحسِنُ
قِيْمَةَ الشِّعْرِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يَحتَجِبُ الأَمِيْرُ عَنِ النَّاسِ
إِلاَّ لِثَلاَثٍ: لِعَيٍّ، أَوْ لِبُخلٍ، أَوِ اشْتِمَالٍ
عَلَى سُوءةٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ
يَقُوْلُ: خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ رَجُلُ
سُوءٍ، يَقعُ فِي عَلِيٍّ.
وَقَالَ فَضْلُ بنُ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ القَسْرِيَّ
يَقُوْلُ فِي عَلِيٍّ مَا لاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: خُبِّرتُ أَنَّ القَسْرِيَّ ذَمَّ
زَمْزَمَ، وَقَالَ:
يُقَالُ: إِنَّ زَمْزَمَ لاَ تُنْزَحُ وَلاَ تُذَمُّ،
بَلَى -وَاللهِ- إِنَّهَا تُنْزَحُ وَتُذَمُّ، وَلَكِنْ
هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ سَاقَ لَكُم قَنَاةً
بِمَكَّةَ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: سَاقَ خَالِدٌ مَاءً
إِلَى مَكَّةَ، فَنَصَبَ طِسْتاً إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ،
وَقَالَ: قَدْ جِئْتُكم بِمَاءِ العَاذِبَةِ لاَ تُشبِهُ
أُمَّ الخَنَافِسِ -يَعْنِي: زَمْزَمَ-.
فَسَمِعتُ عُمَرَ بنَ قَيْسٍ يَقُوْلُ: لَمَّا أَخَذَ
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ وَطَلْقَ
بنَ حَبِيْبٍ، خَطَبَ، فَقَالَ:
كَأَنَّكُم أَنْكَرتُم مَا صَنَعتُ، وَاللهِ لَوْ كَتَبَ
إِلَيَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، لَنَقَضتُهَا حَجَراً
حَجَراً -يَعْنِي: الكَعْبَةَ-.
الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ شَبِيْبَ بنَ شَيْبَةَ، يَقُوْلُ:
كَانَ سَبَبُ عَزلِ خَالِدٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لَهُ:
إِنَّ غُلاَمَكَ المَجُوْسِيَّ أَكْرَهَنِي عَلَى
الفُجُورِ، وَغَصَبَنِي نَفْسِي.
قَالَ: كَيْفَ وَجَدْتِ قُلْفَتَه؟
فَكَتَبَ بِذَلِكَ حَسَّانٌ النَّبْطِيُّ إِلَى هِشَامٍ،
فَعَزَلَهُ.
وَكَانَ خَطَبَ يَوْماً، فَقَالَ: تَسُومُونَنِي أَنْ
أَقِيدَ مِنْ قَائِدٍ لِي، وَلَئِنْ أَقَدتُ مِنْهُ،
أَقَدتُ مِنْ نَفْسِي، وَلَئِنْ أَقَدتُ مِنْ نَفْسِي،
لَقَدْ أَقَادَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ نَفْسِهِ،
وَلَئِنْ أَقَادَ، لَقَدْ أَقَادَ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ
نَفْسِهِ، وَلَئِنْ أَقَادَ، لَيَقِيدَنَّ هَاه هَاه،
__________
(1) في الأصل: " فكيف " وهو خطأ.
(5/429)
وَيُوْمِئ بِيَدِهِ إِلَى فَوْقُ (1) .
عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الحِمْيَرِيِّ، قَالَ: أَرَادَ
الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الحَجَّ، فَاتَّعَدَ فِتْيَةٌ
أَنْ يَفتِكُوا بِهِ فِي طَرِيْقِهِ، وَسَأَلُوا خَالِداً
القَسْرِيَّ الدُّخُولَ مَعَهُم، فَأَبَى.
ثُمَّ أَتَى خَالِدٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ، دَعِ الحَجَّ.
قَالَ: وَمَنْ تَخَافُ، سَمِّهِم؟
قَالَ: قَدْ نَصَحتُكَ، وَلَنْ أُسَمِّيَهُم.
قَالَ: إِذاً أَبعَثُ بِكَ إِلَى عَدُوِّكَ يُوْسُفَ بنِ
عُمَرَ.
قَالَ: وَإِنْ.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، فَعَذَّبَه حَتَّى قَتَلَهُ.
ابْنُ خَلِّكَانَ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ هِشَامٌ عَزلَ
خَالِدٍ عَنِ العِرَاقِ، وَعِنْدَهُ رَسُوْلُ يُوْسُفَ بنِ
عُمَرَ مِنَ اليَمَنِ، قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ
تَعَدَّى طَوْرَه، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ.
ثُمَّ أَمَرَ بِتَخرِيقِ ثِيَابِه، وَضَرَبَهُ أَسْوَاطاً،
وَقَالَ: امضِ إِلَى صَاحِبِكَ، فَعَلَ الله بِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِسَالِمٍ كَاتِبِه، وَقَالَ: اكْتُبْ إِلَى
يُوْسُفَ: سِرْ إِلَى العِرَاقِ وَالِياً سِرّاً،
وَاشْفِنِي مِنِ ابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعُمَّالِه.
ثُمَّ أَمْسَكَ الكِتَابَ بِيَدِهِ، وَجَعَلَه فِي طَيِّ
كِتَابٍ آخَرَ، وَلَمْ يَشعُرِ الرَّسُوْلُ، فَقَدِمَ
اليَمَنَ، فَقَالَ يُوْسُفُ: مَا وَرَاءكَ؟
قَالَ: الشَّرُّ، ضَرَبنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ،
وَخَرَّقَ ثِيَابِي، وَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْكَ، بَلْ إِلَى
صَاحِبِ دِيْوَانِكَ.
فَفَضَّ الكِتَابَ، وَقَرَأَهُ، ثُمَّ وَجَدَ الكِتَابَ
الصَّغِيْرَ، فَاسْتَخلَفَ عَلَى اليَمَنِ ابْنَه
الصَّلْتَ، وَسَارَ إِلَى العِرَاقِ، وَجَاءتِ العُيُوْنُ
إِلَى خَالِدٍ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَائِبُه طَارِقٌ:
ائْذَنْ لِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَضمَنَ
لَهُ مَالِي السَّنَةَ مائَةَ أَلفِ أَلفٍ، وَآتِيَكَ
بِعَهْدِكَ.
قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الأَمْوَالُ؟
قَالَ: أَتَحَمَّلُ أَنَا وَسَعِيْدُ بنُ رَاشِدٍ
أَرْبَعِيْنَ أَلفَ أَلفٍ، وَأَبَانٌ وَالزَّيْنَبِيُّ
عِشْرِيْنَ أَلفَ أَلفٍ، وَيُفَرَّقُ البَاقِي عَلَى
بَاقِي العُمَّالِ.
فَقَالَ: إِنِّي إِذاً
__________
(1) وقد أورد ابن كثير في " البداية: 10 / 20، 21، نحوا من
هذا، ثم قال: والذي يظهر أن هذا لا يصح عنه فإنه كان قائما
في إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد بن درهم
وغيره من أهل الالحاد، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا
تصح، لان صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع، ومغالاة في أهل
البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع، وقد
اغتر به شيخنا الذهبي، فمدحه بالحفظ وغيره.
(5/430)
لَلَئِيمٌ أُسَوِّغُهُم شَيْئاً، ثُمَّ
أَرجِعُ فِيْهِ.
قَالَ: إِنَّمَا نَقِيكَ، وَنَقِي أَنْفُسَنَا بِبَعْضِ
أَمْوَالِنَا، وَتَبقَى النِّعْمَةُ عَلَيْنَا.
فَأَبَى، فَوَدَّعَه طَارِقٌ، وَوَافَى يُوْسُفَ، فَمَاتَ
طَارِقٌ فِي العَذَابِ، وَلَقِيَ خَالِدٌ كُلَّ بَلاَءٍ،
وَمَاتَ فِي العَذَابِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُمَّالِه بَعْدَ
أَن اسْتَخرَجَ مِنْهُم يُوْسُفُ تِسْعِيْنَ أَلفَ أَلفِ
دِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَاماً حَقَدَ عَلَى خَالِدٍ بِكَثْرَةِ
أَمْوَالِه وَأَملاَكِه، وَلأَنَّهُ كَانَ يُطلِقُ
لِسَانَه فِي هِشَامٍ، وَكَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: أَن سِرْ
إِلَيْهِ فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً.
فَقَدِمَ الكُوْفَةَ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً،
فَبَاتَ بِقُربِ الكُوْفَةِ وَقَدْ خَتَنَ وَالِيْهَا
طَارِقٌ وَلَدَهُ، فَأَهْدَوْا لِطَارِقٍ أَلفَ عَتِيْقٍ،
وَأَلْفَ وَصِيْفٍ، وَأَلفَ جَارِيَةٍ، سِوَى الأَمْوَالِ
وَالثِّيَابِ، فَأَتَى رَجُل طَارِقاً، فَقَالَ:
إِنِّي رَأَيْتُ قَوْماً أَنْكَرتُهم، وَزَعُمُوا أَنَّهُم
سُفَّارٌ، وَصَارَ يُوْسُفُ إِلَى دُورِ بَنِي ثَقِيْفٍ،
فَأَمَرَ رَجُلاً، فَجَمَعَ لَهُ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ
مِنْ مُضَرَ، وَدَخَلَ المَسْجِدَ الفَجْرَ، فَأَمَرَ
المُؤَذِّنَ بِالإِقَامَةِ، فَقَالَ: لاَ، حَتَّى يَأْتِيَ
الإِمَامُ.
فَانْتَهَرَه، وَأَقَامَ، وَصَلَّى، وَقَرَأَ : {إِذَا
وَقَعَت }، وَ* {سَأَلَ سَائِلٌ }، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى
خَالِدٍ وَأَصْحَابِه، فَأُخِذُوا، وَصَادَرَهُم.
قَالَ أَشْرَسُ الأَسَدِيُّ: أَتَى كِتَابُ هِشَامٍ
يُوْسُفَ، فَكَتَمْنَا، وَقَالَ: أُرِيْدُ العُمْرَةَ.
فَخَرَجَ وَأَنَا مَعَهُ، فَمَا كَلَّمَ أَحَداً مِنَّا
بِكَلِمَةٍ، حَتَّى أَتَى العُذَيْبَ، فَقَالَ: مَا هِيَ
بِأَيَّامِ عُمْرَةٍ.
وَسَكَتَ حَتَّى أَتَى الحِيْرَةَ، ثُمَّ اسْتَلقَى عَلَى
ظَهْرِهِ، وَقَالَ:
فَمَا لَبَّثَتْنَا العِيسُ أَنْ قَذَفَتْ بِنَا ... نَوَى
غُرْبَةٍ وَالعَهْدُ غَيْرُ قَدِيْمِ
ثُمَّ دَخَلَ الكُوْفَةَ، فَصَلَّى الفَجْرَ، وَكَانَ
فَصِيْحاً، طَيِّبَ الصَّوْتِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ كَتَبَ إِلَى
يُوْسُفَ: لَئِنْ شَاكَتْ خَالِداً شَوكَةٌ لأَقتُلَنَّكَ.
فَأَتَى خَالِدٌ الشَّامَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا يَغْزُو
الصَّوَائِفَ حَتَّى مَاتَ هِشَامٌ.
وَقِيْلَ: بَلْ عَذَّبَه يُوْسُفُ يَوْماً وَاحِداً،
وَسَجَنَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهراً، ثُمَّ
(5/431)
أُطْلِقَ، فَقَدِمَ الشَّامَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
وَنَقَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ: أَنَّ يُوْسُفَ عَصَرَهُ
حَتَّى كَسَرَ قَدَمَيْهِ وَسَاقَيْهِ، ثُمَّ عَصَرَهُ
عَلَى صُلبِه، فَلَمَّا انْقَصَفَ، مَاتَ، وَهُوَ فِي
ذَلِكَ لاَ يَتَأَوَّهُ وَلاَ يَنطِقُ، وَهَذَا لَمْ
يَصِحَّ، فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى الشَّامِ، وَبَقِيَ بِهَا،
حَتَّى قَتَلَهُ الوَلِيْدُ الفَاسِقُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: لَبِثَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
فِي العَذَابِ يَوْماً، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى صَدْرِهِ
المُضرسَةُ، فَقُتِلَ مِنَ اللَّيْلِ، فِي المُحَرَّمِ،
سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ - فِي قَوْلِ
الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ - فَأَقْبَلَ عَامِرُ بنُ سَهْلَةَ
الأَشْعَرِيُّ، فَعَقَرَ فَرَسَه عَلَى قَبْرِهِ،
فَضَرَبَهُ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ سَبْعَ مائَةِ سَوْطٍ.
وَقَالَ فِيْهِ أَبُو الأَشْعَثِ العَبْسِيُّ:
أَلاَ إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيّاً وَمَيِّتاً ...
أَسِيْرُ ثَقِيْفٍ عِنْدَهُم فِي السَّلاَسِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْمَرْتُمُ السِّجْنَ خَالِداً ...
وَأَوْطَأْتُمُوْهُ وَطْأَةَ المُتَثَاقِلِ
فَإِنْ سَجَنُوا القَسْرِيَّ لاَ يَسْجُنُوا اسْمَهُ ...
وَلاَ يَسْجُنُوا مَعْرُوْفَهُ فِي القَبَائِلِ
لَقَدْ كَانَ نَهَّاضاً بِكُلِّ مُلِمَّةٍ ... وَمُعْطِي
اللُّهَى غَمْراً كَثِيْرَ النَّوَافِلِ
قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
شَهِدتُ خَالِداً القَسْرِيَّ فِي يَوْم أَضْحَى يَقُوْلُ:
ضَحُّوا تَقبَّلَ اللهُ مِنْكُم، فَإِنِّي مُضَحٍّ
بِالجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ، زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ
يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، وَلَمْ يُكَلِّمْ
مُوْسَى تَكلِيماً، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ
الجَعْدُ عُلُوّاً كَبِيْراً.
ثُمَّ نَزَلَ، فَذَبَحَه (1) .
قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، هِيَ، وَقَتْلُهُ
مُغِيْرَةَ الكَذَّابَ.
__________
(1) عبد الرحمن بن محمد وأبوه لا يعرفان، وأخرجه البخاري
في " أفعال العباد " ص 69.
(5/432)
192 - الجَعْدُ بنُ دِرْهَمٍ *
مُؤَدِّبُ مَرْوَانَ الحِمَارِ (1) .
هُوَ أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ بِأَنَّ اللهَ مَا اتَّخَذَ
إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، وَلاَ كَلَّمَ مُوْسَى، وَأَنَّ
ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ عَلَى اللهِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ زِندِيقاً.
وَقَدْ قَالَ لَهُ وَهْبٌ: إِنِّي لأَظُنُّكَ مِنَ
الهَالِكِيْنَ، لَوْ لَمْ يُخْبِرْنَا اللهُ أَنَّ لَهُ
يَداً، وَأَنَّ لَهُ عَيْناً مَا قُلْنَا ذَلِكَ.
ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ الجَعْدُ أَنْ صُلِبَ.
193 - سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى الدِّمَشْقِيُّ الأَشْدَقُ
* (4)
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، مُفْتِي دِمَشْقَ، أَبُو أَيُّوْبَ
- وَيُقَالُ: أَبُو هِشَامٍ، وَأَبُو الرَّبِيْعِ -
الدِّمَشْقِيُّ، الأَشْدَقُ، مَوْلَى آلِ مُعَاوِيَةَ بنِ
أَبِي سُفْيَانَ.
__________
(*) اللباب 1 / 230، تاريخ الإسلام 4 / 238، ميزان
الاعتدال 1 / 399، البداية 9 / 350، 360، لسان الميزان 2 /
105، النجوم الزاهرة 1 / 322، تاريخ الخميس 2 / 322، تاج
العروس 2 / 321.
(1) قال ابن كثير في " البداية " 10 / 19: كان الجعد بن
درهم من أهل الشام وهو مؤدب مروان الحمار، ولهذا يقال له:
مروان الجعدي، فنسب إليه، وهو شيخ الجهم بن صفوان الذي
تنسب إليه الطائفة الجهمية الذين يقولون: إن الله في كل
مكان بذاته تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وكان الجعد
بن درهم قد تلقى هذا المذهب الخبيث عن رجل يقال له أبان بن
سمعان، وأخذه أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الاعصم، عن
خاله لبيد بن الاعصم اليهودي.
قلت: ولم يذكر ابن كثير سنده في هذا الخبر حتى ننظر فيه،
ويغلب على الظن أنه افتعله أعداء الجعد ولم يحكموه لأن
أفكاره التي طرحها في العقيدة مناقضة كل المناقضة لما عليه
اليهود، فهو ينكر بعض الصفات القديمة القائمة بذات الله
ويؤولها لينزه الله تعالى عن سمات الحدوث، ويقول بخلق
القرآن وأن الله لم يكلم موسى بكلام قديم بل بكلام حادث
بينما اليهود المعروف عنهم الاغراق في التجسيم والتشبيه،
ويرى بعض الباحثين المعاصرين أن قتل الجعد كان لسبب سياسي
لا لآرائه في العقيدة، ويعلل ذلك بأن خلفاء بني أمية
وولاتهم كانوا أبعد الناس عن قتل المسلمين في مسائل تمت
إلى العقيدة.
(* *) طبقات خليفة 312، التاريخ الكبير 4 / 38، الجرح
والتعديل 4 / 141، حلية الأولياء 6 / 87، 88، تهذيب
الكمال: 550، تذهيب التهذيب 2 / 56 / 2، تاريخ الإسلام 4 /
254، ميزان الاعتدال 2 / 425، 426، تهذيب التهذيب 4 / 226،
خلاصة تهذيب الكمال 155، شذرات الذهب 1 / 156، تهذيب ابن
عساكر 6 / 286.
(5/433)
يَرْوِي عَنْ: جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَأَبِي أُمَامَةَ، وَمَالِكِ بنِ يَخَامِرَ، وَأَبِي
سَيَّارَةَ المُتَعِيِّ، وَوَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ،
وَغَالِبُه مُرْسَلٌ.
وَيَرْوِي عَنْ: كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ - فَلَعَلَّهُ
أَدْركَهُ -.
وَعَنْ: طَاوُوْسٍ، وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، وَكُرَيْبٍ،
وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ،
وَنَافِعٍ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَابْنِ
شِهَابٍ، وَنُصَيْرٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ،
وَرَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بنُ وَاقِدٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلُ، وَالأَوْزَاعِيُّ،
وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبُو مُعَيْدٍ
حَفْصُ بنُ غَيْلاَنَ، وَابْنُ لَهِيْعَةَ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَمَسَرَّةُ بنُ
مَعْبَدٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ،
وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ سُلَيْمَانُ
بنُ مُوْسَى أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ مَكْحُوْلٍ،
وَلَوْ قِيْلَ لِي: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟ لأَخَذتُ
بِيَدِ سُلَيْمَانَ.
وَكَانَ عَطَاءٌ إِذَا جَاءَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى،
يَقُوْلُ: كُفُّوا عَنِ المَسْأَلَةِ، فَقَدْ جَاءكُم مَنْ
يَكفِيْكُمُ المَسْأَلَةَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَسْأَلَةً مِنْكَ
بَعْدَ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ سَعِيْدٌ: قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى: حُسْنُ
المَسْأَلَةِ نِصْفُ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لاَ نَعْلَمُ مَكْحُوْلاً خَلَّفَ
بِالشَّامِ مِثْلَ يَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ، إِلاَّ مَا
ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
وَقَالَ مُطْعِمُ بنُ المِقْدَامِ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بنَ
أَبِي رَبَاحٍ يَقُوْلُ:
سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: ابْنُ جُرَيْجٍ،
وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ العِرَاقِ: الحَجَّاجُ بنُ
أَرْطَاةَ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الشَّامِ:
سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى.
(5/434)
وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ:
إِنَّ مَكْحُوْلاً يَأْتِيْنَا، وَسُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى
- وَايْمُ اللهِ - أَحْفَظُ الرَّجُلَيْنِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ
لَهِيْعَةَ يَقُوْلُ: مَا لَقِيْتُ مِثْلَهُ -يَعْنِي:
سُلَيْمَانَ بنَ مُوْسَى-.
فَقُلْتُ لَهُ: وَلاَ الأَعْرَجُ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ: عَاشَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى
بَعْدَ مَكْحُوْلٍ سَنَتَيْنِ، فَكُنَّا نَجلِسُ إِلَيْهِ
بَعْدَ مَكْحُوْلٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ فِي
بَابٍ مِنَ العِلْمِ، فَلاَ يَقْطَعُهُ حَتَّى يَفْرُغَ
مِنْهُ، ثُمَّ يَأْخُذَ فِي بَابٍ غَيْرِه.
فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً: يَا أَبَا الرَّبِيْعِ، جَزَاكَ
اللهُ عَنَّا خَيْراً، فَإِنَّكَ تُحَدِّثُنَا بِمَا
نُرِيْدُ وَمَا لاَ نَعقِلُه.
فَلَوْ بَقِيَ لَنَا، لَكفَانَا النَّاسَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَعْلَى أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ
سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى، وَمَعَهُ يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ
بنِ جَابِرٍ.
قَالَ دُحَيْمٌ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: عَنْ يَحْيَى:
سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ
مُرْسَلاً، وَعَنْ جَابِرٍ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يُدْرِكْ سُلَيْمَانُ
كَثِيْرَ بنَ مُرَّةَ، وَلاَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ
غَنْمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ: سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى مَا حَالُه فِي
الزُّهْرِيِّ؟
قَالَ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَفِي
حَدِيْثِهِ بَعْضُ الاضْطِرَابِ، وَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً
مِنْ أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ أَفْقَهَ مِنْهُ، وَلاَ
أَثْبَتَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَيْضاً: أَخْتَارُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ
الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُوْلٍ لِلْفِقْهِ سُلَيْمَانَ بنَ
مُوْسَى.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: عِنْدَه مَنَاكِيْرُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَحَدُ الفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ
بِالقَوِيِّ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ مَرَّةً: فِي حَدِيْثِهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فَقِيْهٌ، رَاوٍ، حَدَّثَ
عَنْهُ الثِّقَاتُ، وَهُوَ أَحَدُ العُلَمَاءِ.
رَوَى أَحَادِيْثَ يَنْفَرِدُ بِهَا، لاَ يَروِيهَا
غَيْرُه، وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ، صَدُوْقٌ.
(5/435)
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ
مُوْسَى بِصَحِيْفَةٍ حَفِظهَا، فَأَعْجَبَه ذَلِكَ.
فَقَالَ لَهُ مَكْحُوْلٌ: أَتَعجَبُ؟! مَا سَمِعْتُ
شَيْئاً فَاسْتَودعتُه صَدْرِي إِلاَّ وَجَدْتُه حِيْنَ
أُرِيْدُه.
وَقَالَ عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِيَحْيَى:
حَدِيْثُ: (لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ (1)) يَرْوِيْهِ
ابْنُ جُرَيْجٍ؟
فَقَالَ: لاَ يَصِحُّ فِي هَذَا شَيْءٌ إِلاَّ حَدِيْثُ
سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
حَدِيْثُ: (أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُوْمُ) (2)، وَ:
(لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ) أَحَادِيْثُ يُشبِهُ
بَعْضُهَا بَعْضاً، وَأَنَا أَذهَبُ إِلَيْهَا.
قُلْتُ: رَوَى الثِّقَاتُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ
وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ،
وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنِ
اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ
لَهُ (3)).
وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، نَحْوَه،
وَلَفظُه: (لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ
عَدْلٍ).
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَاهُ مَعَ سُلَيْمَانَ:
يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ،
__________
(1) حديث صحيح بطرقه وشواهده.
أخرجه أحمد 4 / 394 و413 و418، والترمذي (1101) و(1102)،
وأبو داود (2085) والبيهقي 7 / 107 من حديث أبي موسى
الأشعري، وصححه ابن حبان (1243) و(1244) و(1245) والحاكم 2
/ 169، وأطال في تخريج طرقه، وقد اختلف في وصله وإرساله،
قال الحاكم: وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم: عائشة وأم سلمة، وزينب بنت جحش، قال: وفي الباب
عن علي، وابن عباس، ومعاذ، وعبد الله بن عمر، وأبي ذر
الغفاري، والمقداد بن الأسود، وعبد الله بن مسعود، وجابر،
وأبي هريرة، وعمران بن الحصين، وعبد الله بن عمرو، والمسور
بن مخرمة، وأنس بن مالك.
(2) حديث صحيح بلا ريب روي من حديث شداد بن أوس، ومن حديث
رافع بن خديج، ومن حديث ثوبان، لكنه منسوخ انظر " شرح
السنة " 6 / 302، 303، بتحقيقنا.
(3) أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه
(1879) من حديث عائشة، وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان
(1248) والحاكم 2 / 168، وقط بسط الكلام عليه البيهقي في "
السنن " 7 / 105، 107، والحافظ في " التخليص " 3 / 156.
(5/436)
وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَقُرَّةُ بنُ
حَيْوَئِيْلَ، وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى، وَسُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ.
وَكُلُّهَا طُرُقٌ غَرِيْبَةٌ، سِوَى حَجَّاجٍ،
وَطَرِيْقُه مَشْهُوْرٌ.
قُلْتُ: وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ زَمَّارَةَ الرَّاعِي،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ (1) .
وَرَوَى: ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوْعاً: (المَضْمَضَةُ
وَالاسْتِنْشَاقُ مِنَ الوُضُوْءِ الَّذِي لاَ بُدَّ
مِنْهُ (2)).
قَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيْفَةُ،
وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَلَهُ شَيْءٌ فِي (مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ).
194 - يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي مَالِكٍ
الهَمْدَانِيُّ * (د، س، ق)
هُوَ العَلاَّمَةُ، قَاضِي دِمَشْقَ، يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي مَالِكٍ هَانِئ الهَمْدَانِيُّ،
الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ.
وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي أَيُّوْبَ.
وَرَوَى عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، وَأَنَسِ بنِ
مَالِكٍ، وَجُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، وَابْنِ المُسَيِّبِ،
وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ
يَسَارٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ خَالِدٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيْدُ
بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ،
وَعَمْرُو بنُ وَاقِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) أخرجه أبو داود (4924) في الأدب: باب كراهية الغناء
والزمر، من طريق سليمان بن موسى، عن نافع قال: سمع ابن عمر
مزمارا، قال: فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال
لي: يا نافع هل تسمع شيئا ؟ فقلت: لا، قال: فرفع اصبعيه من
أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل
هذا فصنع مثل هذا.
وسنده صحيح.
(2) أخرجه البيهقي 1 / 52 من طريق عصام بن يوسف عن عبد
الله بن المبارك، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن
الزهري، عن عروة عن عائشة.
وعصام بن يوسف هو البلخي، قال ابن عدي: روى أحاديث لا
يتابع عليها، وقال الدارقطني ص 36: تفرد به عصام، ووهم
فيه، والصواب عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى مرسلا.
(*) طبقات خليفة 311، التاريخ الكبير 8 / 347، الجرح
والتعديل 9 / 277، تهذيب الكمال 1537، تذهيب التهذيب 4 /
178 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 187، تهذيب التهذيب 11 / 345،
خلاصة تذهيب الكمال 433.
(5/437)
وَثَّقَهُ: أَبُو حَاتِمٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: رَأَى أَنَساً.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: قَضَى لِهِشَامِ بنِ عَبْدِ
المَلِكِ.
قُلْتُ: كَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ مَعَ مَكْحُوْلٍ، وَقَدْ
نَدَبَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ لِيُفقِّهَ بَنِي
نُمَيْرٍ، وَيُقرِئَهم.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ: كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ
-يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ بَلِيْغاً فِي تَرَسُّلِه-.
قُلْتُ: لَمَّا اسْتُخْلفَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ،
عَزَلَهُ بِالحَارِثِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمْ يَكُنْ
عِنْدَنَا أَعْلَمُ بِالقَضَاءِ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي
مَالِكٍ، لاَ مَكْحُوْلٌ، وَلاَ غَيْرُه.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ
ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
195 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرِ بنِ سُوَيْدِ بنِ
حَارِثَةَ القُرَشِيُّ * (ع)
وَيُقَالُ: اللَّخْمِيُّ، أَبُو عَمْرٍو - وَيُقَالُ:
أَبُو عُمَرَ - الكُوْفِيُّ، الحَافِظُ، وَيُعْرَفُ:
بِالقِبْطِيِّ.
رَأَى: عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَبَا مُوْسَى
الأَشْعَرِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جُنْدُبٍ البَجَلِيِّ، وَجَابِرِ بنِ
سَمُرَةَ، وَجَبْرِ بنِ عَتِيْكٍ، وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ،
وَعَطِيَّةَ القُرَظِيِّ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ،
وَأُمِّ عَطِيَّةَ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
البَجَلِيِّ - إِنْ صَحَّ - وَحُصَيْنِ بن قَبِيْصَةَ -
أَوِ ابْنِ عُقْبَةَ - وَإِيَادِ بنِ لَقِيْطٍ،
وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ - وَلَمْ يُدْرِكْهُ - وَحُصَيْنِ
بنِ أَبِي الحُرِّ، وَزَيْدِ بنِ عُقْبَةَ، وَرِبْعِيِّ
بنِ حِرَاشٍ،
__________
(*) طبقات خليفة 163، التاريخ الكبير 5 / 426، التاريخ
الصغير 2 / 39، الجرح والتعديل 5 / 360، تهذيب الكمال 860،
تذهيب التهذيب 2 / 252 / 1، تاريخ الإسلام 5 / 271، ميزان
الاعتدال 2 / 660، 661، تهذيب التهذيب 6 / 411، خلاصة
تذهيب الكمال 245.
(5/438)
وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَزَعَةَ بنِ
يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ،
وَوَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيْرَةِ، وَمُوْسَى بنِ طَلْحَةَ،
وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى، وَأَبِي الأَحْوَصِ
الجُشَمِيِّ، وَخَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ
التَّابِعِيْنَ، وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً، وَصَارَ
مُسْنِدَ أَهْلِ الكُوْفَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمِسْعَرٌ،
وَهُشَيْمٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَإِسْرَائِيْلُ،
وَزَائِدَةُ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ
بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ
الحَمَيْدِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعُبَيْدَةُ بنُ
حُمَيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاِءِ: شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ،
وَذَلِكَ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) مَقْرُوْناً بِآخَرَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ
حَدِيْثٍ.
رَوَى: المَيْمُوْنِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ
سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ: وَاللهِ
إِنِّي لأُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ، فَمَا أَدَعُ مِنْهُ
حَرْفاً وَاحِداً.
قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، لَيْسَ
بِحَافِظٍ، تَغَيَّرَ حِفْظُه قَبْلَ مَوْتِه.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ، قَالَ: مُخَلِّطُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ: سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ
جِدّاً، مَعَ قِلَّةِ رِوَايَتِه، مَا أَرَى لَهُ خَمْسَ
مائَةِ حَدِيْثٍ، وَقَدْ غَلِطَ فِي كَثِيْرٍ مِنْهَا.
وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ
ضَعَّفَه جِدّاً.
وَرَوَى: صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ أَصلَحُ حَدِيْثاً مِنْ عَبْدِ
المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ
يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الحُفَّاظُ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ، عَنْ أَبِي
بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ أَبَا
(5/439)
إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: خُذُوا العِلْمَ مِنْ
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: يُقَالُ لَهُ: ابْنُ
القِبْطَةِ، كَانَ عَلَى قَضَاءِ الكُوْفَةِ، وَهُوَ
صَالِحُ الحَدِيْثِ، رَوَى أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ،
وَهُوَ ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ سُفْيَانُ يَعجَبُ مِنْ تَحَفُّظِ عَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ صَالِحٌ: فَقُلْتُ لأَبِي: هُوَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ
عُمَيْرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَذَكَرتُ هَذَا لأَبِي،
فَقَالَ: هَذَا وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ المَلِكِ
بنُ أَبِي سَلْمَانَ، عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ لَمْ
يُوْصَفْ بِالحِفظِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ
مِنْ أَفصَحِ النَّاسِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ المَلِكِ
بنِ عُمَيْرٍ القِبْطِيِّ، قَالَ:
أَمَّا عَبْدُ المَلِكِ، فَأَنَا، وَأَمَّا القِبْطِيُّ،
فَكَانَ فَرَسٌ لَنَا سَابِقٌ.
وَرُوِيَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، سَمِعْتُ
عَبْدَ المَلِكِ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ:
هَذِهِ السَّنَةُ تُوُفِّيَ لِي مائَةٌ وَثَلاَثُ
سِنِيْنَ.
رَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ، قَالَ: مَاتَ عَبْدُ المَلِكِ
بنُ عُمَيْرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ
نَحْوِهَا.
زَادَ غَيْرُه: فِي ذِي الحِجَّةِ مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ،
أَنْبَأَنَا نَضْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِلٍ،
وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي
العَلاَءِ المَصِّيْصِيُّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ سَهْلِ
بنِ الصَّبَّاحِ بِبَلَدٍ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ
وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي
بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
(5/440)
قَالَ: (لاَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ
يَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الصَّحِيْحِ: (لاَ يَقْضِيَنَّ
حَكَمٌ).
رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالكِبَارُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمَيْرٍ.
أَخْرَجَهُ: الأَئِمَّةُ مِنْ حَدِيْثِهِ فِي كُتُبِهِم.
196 - مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ أَبُو المُغِيْرَةِ
الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم* (ع)
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، شَيْخُ وَاسِطَ عِلْماً
وَعَمَلاً، أَبُو المُغِيْرَةِ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم،
الوَاسِطِيُّ.
وُلِدَ: فِي حَيَاةِ ابْنِ عُمَرَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي العَالِيَةِ،
وَالحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ،
وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيْبِ بنِ مُهَاجِرٍ،
وَقَتَادَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، وَعَطَاءٍ،
وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَأَبُو
عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، سَرِيْعَ
القِرَاءةِ، يُرِيْدُ أَنْ يَتَرَسَّلَ، فَلاَ
يَسْتَطِيْعُ، وَكَانَ يَخْتِمُ فِي الضُّحَى.
وَكَانَ قَدْ تَحَوَّلَ، فَنَزَلَ المُبَارَكَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ مَنْصُوْرُ بنُ
زَاذَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّه فِي صَلاَةِ الضُّحَى،
وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ مِنَ الأُوْلَى إِلَى
العَصْرِ، وَيَخْتِمُ فِي اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ،
وَيُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّه (2) .
__________
(1) أخرجه البخاري 13 / 120، 121 في الاحكام: باب هل يقضي
القاضي أو يفتي وهو غضبان، ومسلم (1717) في الاقضية: باب
كراهة قضاء القاضي وهو غضبان، والشافعي 2 / 232، والترمذي
(1334) وأبو داود (3589) والنسائي 8 / 237، 238.
(*) طبقات خليفة 325، التاريخ الكبير 7 / 346، الجرح
والتعديل 8 / 172، حلية الأولياء 3 / 57، تهذيب الكمال
1373، تذهيب التهذيب 4 / 71 / 1، تاريخ الإسلام 5 / 303،
تهذيب التهذيب 10 / 306، خلاصة تذهيب الكمال 387، شذرات
الذهب 1 / 181.
(2) تقدم غير مرة أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في
قيام الليل كما علمه القرآن " نصفه أو انقص منه قليلا أو
زد عليه "، وأنه لم يأذن في قراءة القرآن في أقل من ثلاث،
وهديه صلى الله عليه وسلم هو الواجب الاتباع.
(5/441)
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
كَانَ يَخْتِمُ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ
مَرَّتَيْنِ، وَالثَّالِثَةُ إِلَى الطَّوَاسِيْنَ (1) ،
وَكَانَ يَبُلُّ عِمَامَتَه مِنْ دُمُوْعِ عَيْنَيْهِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ عُمَرَ الوَاسِطِيُّ: كَانَ الحَسَنُ
يَقعُدُ مَعَ أَصْحَابِه، فَلاَ يَقُوْمُ حَتَّى يَخْتِمَ
مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ.
قَالَ هُشَيْمٌ: كَانَ مَنْصُوْرٌ لَوْ قِيْلَ لَهُ: إِنَّ
مَلَكَ المَوْتِ عَلَى البَابِ، مَا كَانَ عِنْدَه
زِيَادَةٌ فِي العَمَلِ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ طُلُوْعِ
الشَّمْسِ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ العَصْرَ، ثُمَّ يُسَبِّحُ
إِلَى المَغْرِبِ.
وَرَوَى: خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ: الهَمُّ
وَالحُزْنُ يَزِيْدُ فِي الحَسَنَاتِ، وَالأَشَرُ
وَالبَطَرُ يَزِيْدُ فِي السَّيِّئَاتِ.
قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ: ذَكَرَ عَبَّادُ بنُ
العَوَّامِ، أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ مَنْصُوْرِ بنِ
زَاذَانَ، قَالَ:
فَرَأَيْتُ النَّصَارَى عَلَى حِدَةٍ، وَالمَجُوْسَ عَلَى
حِدَةٍ، وَاليَهُوْدَ عَلَى حِدَةٍ، وَقَدْ أَخَذَ خَالِي
بِيَدِي مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ.
شُعْبَةُ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ مَنْصُوْرِ بنِ زَاذَانَ فِيْمَا
بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعشَاءِ، فَقَرَأَ القُرْآنَ،
وَبلَغَ فِي الثَّانِيَةِ إِلَى النَّحْلِ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: قَبْرُهُ بِوَاسِطَ ظَاهِرٌ، يُزَارُ.
197 - يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ * بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ
بنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ
أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ وَخُرَاسَانَ لِهِشَامٍ، ثُمَّ
أَقَرَّهُ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ.
وَكَانَ شَهْماً، كَافِياً، سَائِساً، مَهِيْباً،
جَبَّاراً، عَسُوفاً، جَوَاداً، مِعْطَاءً.
__________
(1) هذا غير معقول، ولا إخاله يصح.
(*) الطبري 7 / 148، 166، 260، وغيرها وفيات الأعيان 7 /
101، 112، تاريخ الإسلام 5 / 191، مرآة الجنان 1 / 267،
التنبيه والاشراف 281، شذرات الذهب 1 / 172، الكامل 5 /
219، 225، 269، 295، 297.
(5/442)
نَقَلَ المَدَائِنِيُّ: أَنَّ سِمَاطَه
بِالعِرَاقِ كَانَ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مائَةِ مَائِدَةٍ،
كُلُّهَا شِوَاءٌ، وَقَدْ كَانَ وَلِيَ اليَمَنَ، وَضَرَبَ
وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى أَثخَنَه.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمَّا هَلَكَ الحَجَّاجُ، أُخِذَ
يُوْسُفُ هَذَا فِي آلِ الحَجَّاجِ لِيُعَذَّبَ، فَقَالَ:
أَخرِجُونِي أَسْأَلْ.
فَدُفِعَ إِلَى الحَارِثِ الجَهْضَمِيِّ، وَكَانَ
مُغَفَّلاً، فَأَتَى دَاراً لَهَا بَابَانِ، فَقَالَ:
دَعنِي أَدخُلْ إِلَى عَمَّتِي أَسْأَلَهَا.
فَدَخَلَ، وَهَرَبَ مِنَ البَابِ الآخَرِ، وَذَلِكَ فِي
خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ شَبَابٌ: وَلِيَ يُوْسُفُ اليَمَنَ سَنَةَ سِتٍّ
وَمائَةٍ، فَمَا زَالَ عَلَيْهَا حَتَّى جَاءهُ
التَّقْلِيْدُ بِوِلاَيَةِ العِرَاقِ، فَاسْتَخلَفَ
ابْنَهُ الصَّلْتَ، وَسَارَ.
قَالَ اللَّيْثُ: نُزِعَ عَنِ العِرَاقِ خَالِدٌ
القَسْرِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِيُوْسُفَ،
وَكَانَ يُضرَبُ بِحُمْقِه وَتِيْهِهِ المَثَلُ، فَكَانَ
يُقَالُ: أَحْمَقُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيْفٍ.
وَحَجَمَه إِنْسَانٌ مَرَّةً، فَهَابَه وَأَرْعَدَ،
فَقَالَ يُوْسُفُ: قُلْ لِهَذَا البَائِسِ: لاَ تَخَفْ،
وَمَا رَضِيَ أَنْ يُخَاطِبَه.
وَقَدْ هَمَّ الوَلِيْدُ بِعَزْلِهِ، فَبَادَرَ، وَقَدَّمَ
لَهُ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً، وَبَذَلَ فِي خَالِدٍ
القَسْرِيِّ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ،
فَأُخرِجَ، وَسُلِّمَ إِلَيْهِ العِرَاقُ، فَأَهْلَكَه
تَحْتَ العَذَابِ وَالمُصَادَرَةِ، وَأَخَذَ مِنْهُ وَمِنْ
أَعْوَانِه تِسْعِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ.
وَاقْتَصَّ يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مِنْ
يُوْسُفَ، وَقَتَلَهُ نَائِبُه، ثُمَّ قُتِلَ يَزِيْدُ،
إِذْ تَملَّكَ مَرْوَانُ الحِمَارُ.
قَالَ أَبُو الصَّيْدَاءِ: أَنَا شَهِدتُ هَذَا الخَبِيْثَ
يُوْسُفَ ضَرَبَ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ.
وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: بَعَثَ يَزِيْدُ بنُ خَالِدٍ
مَوْلاَهُ أَبَا الأَسَدِ، فَدَخَلَ السِّجْنَ، فَضَربَ
عُنُقَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَةٍ، وَعَاشَ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّيْنَ
(5/443)
سَنَةً. وَقِيْلَ: رَمَوْهُ قَتِيْلاً،
فَشَدَّ الصِّبْيَانُ فِي رِجْلِهِ حَبلاً، وَجَرُّوْهُ
فِي أَزِقَّةِ دِمَشْقَ.
وَكَانَ دَمِيْمَ الجُثَّةِ، لَهُ لِحْيَةٌ عَظِيْمَةٌ -
نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ البَغْيِ وَعَوَاقِبِه -.
198 - دَاوُدُ بنُ عَلِيِّ* ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ
اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الهَاشِمِيُّ
عَمُّ السَّفَّاحِ، الأَمِيْرُ، أَبُو سُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ.
وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشَرِيْكٌ،
وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَقَيْسُ بنُ
الرَّبِيْعِ.
لَهُ حَدِيْثٌ طَوِيْلٌ فِي الدُّعَاءِ (1) .
تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَيْسٌ،
وَمَا هُوَ بِحُجَّةٍ.
وَالخَبَرُ يُعَدُّ مُنْكَراً، وَلَمْ يُقَحِّمْ أُوْلُوِ
النَّقْدِ عَلَى تَلْيِينِ هَذَا الضَّربِ لِدَوْلَتِهِم.
وَكَانَ دَاوُدُ ذَا بَأْسٍ، وَسَطوَةٍ، وَهَيْبَةٍ،
وَجَبَرُوتٍ، وَبَلاَغَةٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَرَى القَدَرَ.
وَلَمَّا قَامَ السَّفَّاحُ يَوْمَ بُوْيِعَ يَخطُبُ،
حُصِرَ، فَقَامَ دُوْنَه عَمُّه هَذَا فَأَبْلَغَ، وَقَالَ
فَأَوْجزَ، وَبَسَطَ آمَالَ النَّاسِ.
__________
(*) المحبر 33، الجرح والتعديل 3 / 418، العقد الفريد 4 /
100، 101، تهذيب الكمال 391، تذهيب التهذيب 1 / 206 / 2،
تاريخ الإسلام 5 / 242، ميزان الاعتدال 2 / 13، العقد
الثمين 4 / 349، 354، تهذيب التهذيب 3 / 194، خلاصة تذهيب
الكمال 110، شذرات الذهب 1 / 191، تهذيب ابن عساكر 5 /
206.
(1) أخرجه الترمذي (3419) في الدعوات من طريق عبد الله بن
محمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثني
أبي، حدثني ابن أبي ليلى عن داود بن علي، هو ابن عبد الله
بن عباس عن أبيه، عن جده ابن عباس قال: سمعت نبي الله صلى
الله عليه وسلم يقول ليلة حين فرغ من صلاته: " اللهم إني
أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلم
بها شعثي، وتصلح بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها
عملي وتلهمني بها رشدي وترد بها ألفتي، وتعصمني بها من كل
سوء.
" وهو حديث طويل ضعيف، والد محمد بن عمران لم يوثقه غير
ابن حبان وأبوه سيئ الحفظ، وداود ابن علي ذكره ابن حبان في
الثقات، وقال: يخطئ وقال ابن معين: أرجو أنه لا يكذب، وقال
ابن عدي: وعندي أنه لا بأس بروايته عن أبيه، عن جده.
(5/444)
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ
ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، بَعدَ أَنْ أَقَامَ
المَوْسِمَ، وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
199 - أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بنُ ذَكْوَانَ
القُرَشِيُّ المَدَنِيُّ * (ع)
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، المُفْتِي، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، المَدَنِيُّ،
وَيُلَقَّبُ: بِأَبِي الزِّنَادِ.
وَأَبُوْهُ مَوْلَى رَمْلَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بنِ
رَبِيْعَةَ؛ زَوْجَةِ الخَلِيْفَةِ عُثْمَانَ.
وَقِيْلَ: مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ بنِ
عَفَّانَ.
وَقِيْلَ: مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ذَكْوَانَ كَانَ أَخَا أَبِي لُؤْلُؤَةَ
قَاتِلِ عُمَرَ.
قَالَهُ: أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
صَالِحٍ.
قُلْتُ: مَوْلِدُه فِي نَحْوِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ،
فِي حَيَاةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ
بنِ سَهْلٍ، وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ، وَعُرْوَةَ، وَابْنِ
المُسَيِّبِ، وَخَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَعُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ،
وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ
الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ - وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْهُ، ثَبْتٌ
فِيْهِ - وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَمُرَقِّعِ بنِ
صَيْفِيٍّ، وَمُجَالِدِ بنِ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
حَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ،
وَسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِدَّةٍ.
وَشَهِدَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ
جِنَازَةً، وَأَرْسَلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ مِنْ
عُلَمَاءِ الإِسْلاَمِ، وَمِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُوْسَى
بنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ - مَعَ
__________
(*) طبقات خليفة 259، التاريخ الكبير 5 / 83، التاريخ
الصغير 2 / 27، الجرح والتعديل 5 / 49، تهذيب الكمال 679،
تذهيب التهذيب 2 / 142 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 265، ميزان
الاعتدال 2 / 418، 420، تهذيب التهذيب 5 / 203، خلاصة
تذهيب الكمال 196، شذرات الذهب 1 / 182، تهذيب ابن عساكر 7
/ 279، 280.
(5/445)
تَقَدُّمِهِ - وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ،
وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بُخْتٍ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ،
وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ،
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَزَائِدَةُ، وَشُعَيْبُ بنُ
أَبِي حَمْزَةَ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الحِزَامِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِلاَلٍ، وَسُفْيَانُ
بنُ عُيَيْنَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ حَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ
حَنْبَلٍ، قَالَ:
كَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي أَبَا الزِّنَادِ أَمِيْرَ
المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فَوْقَ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَفَوْقَ سُهَيْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَخْبَرَنِي
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَعْلَمُ
مِنْ رَبِيْعَةَ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ
يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، حَجَّةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ
بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ أَعْلَمَ
مِنِ: ابْنِ شِهَابٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَبُكَيْرٍ
الأَشَجِّ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: أَبُو الزِّنَادِ لَقِيَ
ابْنَ عُمَرَ، وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، سَمِعَ مِنْ
أَنَسٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، صَالِحُ
الحَدِيْثِ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَهُوَ مِمَّنْ تَقُوْمُ
بِهِ الحُجَّةُ إِذَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ كُلِّهَا:
مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَصحُّ أَسَانِيْدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَبُو الزِّنَادِ،
عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ اللَّيْثُ: عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيْدٍ:
دَخَلَ أَبُو الزِّنَادِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ الأَتبَاعِ
-يَعْنِي: طَلَبَةَ العِلْمِ- مِثْلُ مَا مَعَ
السُّلْطَانِ، فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ فَرِيْضَةٍ، وَمِنْ
(5/446)
سَائِلٍ عَنِ الحِسَابِ، وَمِنْ سَائِلٍ
عَنِ الشِّعرِ، وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الحَدِيْثِ، وَمِنْ
سَائِلٍ عَنْ مُعضِلَةٍ.
وَرَوَى: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ
سَعْدٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ وَخَلْفَه ثَلاَثُ مائَةِ
تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَشِعْرٍ وَصُنُوفٍ، ثُمَّ
لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَه، وَأَقْبَلُوا عَلَى
رَبِيْعَةَ.
وَكَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: شِبْرٌ مِنْ حُظوَةٍ، خَيْرٌ
مِنْ بَاعٍ مِنْ عِلْمٍ.
وَنَقَلَ: أَبُو يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، قَالَ:
قَدِمتُ المَدِيْنَةَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ،
وَرَأَيْتُ رَبِيْعَةَ، فَإِذَا النَّاسُ عَلَى
رَبِيْعَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهُ الرَّجُلَيْنِ،
فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَفْقَهُ أَهْلِ بَلَدِكَ،
وَالعَمَلُ عَلَى رَبِيْعَةَ؟
فَقَالَ: وَيْحَكَ! كَفٌّ مِنْ حَظٍّ، خَيْرٌ مِنْ جِرَابٍ
مِنْ عِلْمٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ
عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيْهَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ،
وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ، وَكَانَ كَاتِباً
لِخَالِدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحَارِثِ بنِ الحَكَمِ
بِالمَدِيْنَةِ، وَكَانَ كَاتِباً لِعَبْدِ الحَمَيْدِ بنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، وَفَدَ
عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بِحسَابِ دِيْوَانِ
المَدِيْنَةِ، فَجَالَسَ هِشَاماً مَعَ ابْنِ شِهَابٍ.
فَسَأَلَ هِشَامٌ ابْنَ شِهَابٍ: فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ
عُثْمَانُ يُخْرِجُ العَطَاءَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ؟
قَالَ: لاَ أَدْرِي.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ
لاَ يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ وُجِدَ عِلْمُهُ عِنْدَه.
فَسَأَلَنِي هِشَامٌ، فَقُلْتُ: فِي المُحَرَّمِ.
فَقَالَ هِشَامٌ لابْنِ شِهَابٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ، هَذَا
عِلْمٌ أَفَدتُه اليَوْمَ.
فَقَالَ: مَجْلِسُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَهْلٌ أَنْ
يُفَادَ فِيْهِ العِلْمُ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِياً لِرَبِيْعَةَ
الرَّأْيِ، وَكَانَا فَقِيْهَيِ البَلَدِ فِي
زَمَانِهِمَا.
وَكَانَ المَاجِشُوْنُ يَعْقُوْبُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ
يُعِيْنُ رَبِيْعَةَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ.
وَكَانَ المَاجِشُوْنُ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ الغِنَاءَ مِنْ
أَهْلِ المُرُوْءةِ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: مَثَلِي وَمَثَلُ ذِئْبٍ، كَانَ
يُلِحُّ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ، فَيَأْكُلُ
(5/447)
صِبْيَانَهُم وَدَوَاجِنَهُم،
فَاجْتَمَعُوا لَهُ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِه، فَهَرَبَ
مِنْهُم، فَتَقَطَّعُوا عَنْهُ إِلاَّ صَاحِبَ فَخَّارٍ،
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَوَقَفَ لَهُ الذِّئْبُ، وَقَالَ:
هَؤُلاَءِ عَذَرتُهُم، أَرَأَيْتُكَ أَنْتَ مَا لِي
وَلَكَ؟! وَاللهِ مَا كَسَرْتُ لَكَ فَخَّارَةً قَطُّ.
ثُمَّ قَالَ: مَا لِي وَلِلْمَاجِشُوْنِ، وَالله مَا
كَسَرْتُ لَهُ كَبَراً وَلاَ بَرْبَطاً (1) .
رَوَى: الأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ الفُقَهَاءُ بِالمَدِيْنَةِ يَأْتُوْنَ عُمَرَ بنَ
عَبْدِ العَزِيْزِ، خَلاَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ،
فَإِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ كَانَ يَرْضَى أَنْ
يَكُوْنَ بَيْنَهُمَا رَسُوْلٌ، وَأَنَا كُنْتُ
الرَّسُوْلَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: وَلَّى عُمَرُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ أَبَا الزِّنَادِ بَيْتَ مَالِ
الكُوْفَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: قِيْلَ لأَبِي
الزِّنَادِ: لِمَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ تُدنِيكَ
مِنَ الدُّنْيَا؟
فَقَالَ: إِنَّهَا - وَإِنْ أَدْنَتْنِي مِنْهَا - فَقَدْ
صَانَتْنِي عَنْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ
ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، فَصِيْحاً، بَصِيْراً
بِالعَرَبِيَّةِ، عَالِماً، عَاقِلاً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: هُوَ
كَانَ سَبَبَ جَلدِ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ، ثُمَّ وَلِيَ
بَعْدَ ذَلِكَ المَدِيْنَةَ فُلاَنٌ التَّيْمِيُّ،
فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ، فَطَيَّنَ عَلَيْهِ
بَيْتاً، فَشَفَعَ فِيْهِ رَبِيْعَةُ.
قُلْتُ: تَؤُولُ الشَّحنَاءُ بَيْنَ القُرَنَاءِ إِلَى
أَعْظَمَ مِنْ هَذَا.
وَلَمَّا رَأَى رَبِيْعَةُ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ يَهلِكُ
بِسَبَبِه، مَا وَسِعَه السُّكُوْتُ، فَأَخْرَجُوا أَبَا
الزِّنَادِ، وَقَدْ عَايَنَ المَوْتَ وَذَبُلَ، وَمَالَتْ
عُنُقُه - نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ -.
__________
(1) الكبر: طبل له وجه واحد، والبربط: العود أعجمي ليس من
ملاهي العرب، أعربته حين سمعت به.
(5/448)
وَرَوَى: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ
رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
أَمَّا أَبُو الزِّنَادِ، فَلَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ
رَضِيٍّ.
قُلْتُ: انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ أَبَا
الزِّنَادِ ثِقَةٌ رَضِيٌّ.
وَقِيْلَ: كَانَ مَالِكٌ لاَ يَرضَى أَبَا الزِّنَادِ،
وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ أَكْثَرَ مَالِكٌ عَنْهُ فِي
(مُوَطَّئِهِ).
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِلثَّوْرِيِّ: جَالَستَ
أَبَا الزِّنَادِ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالمَدِيْنَةِ أَمِيْراً غَيْرَه.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَلَسْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ
بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو
الزِّنَادِ.
فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصَىً، فَحَصَبنِي بِهِ.
وَكُنْتُ أَسْأَلُ أَبَا الزِّنَادِ، وَكَانَ حَسَنَ
الخُلُقِ.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَبِيْعَةَ، فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ
أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَأَسْأَلَ يَحْيَى بنَ
سَعِيْدٍ، وَأَسْأَلَ أَبَا الزِّنَادِ.
فَقَالَ: هَذَا يَحْيَى، وَأَمَّا أَبُو الزِّنَادِ،
فَلَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ مَالِكٌ:
كَانَ أَبُو الزِّنَادِ كَاتِباً لِهَؤُلاَءِ -يَعْنِي:
بَنِي أُمَيَّةَ- وَكَانَ لاَ يَرضَاهُ -يَعْنِي:
لِذَلِكَ-.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَبُو الزِّنَادِ كَمَا قَالَ
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، وَلَمْ أُوْرِدْ
لَهُ حَدِيْثاً؛ لأَنَّ كُلَّهَا مُسْتقِيْمَةٌ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ
عَبْدِ اللهِ بنِ ذَكْوَانَ:
حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ
بنُ مِسْكِيْنٍ، وَابْنُ أَبِي الغَمْرِ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكاً
عَمَّنْ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ الَّذِي قَالُوا: (إِنَّ
اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ (1))، فَأَنْكَر
ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيْداً، وَنَهَى أَنْ يَتَحَدَّثَ
بِهِ أَحَدٌ.
فَقِيْلَ: إِنَّ نَاساً
__________
(1) أخرجه أحمد 2 / 244، والآجري في " الشريعة " 341
والبيهقي في " الأسماء والصفات " =
(5/449)
مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَتَحَدَّثُوْنَ
بِهِ.
قَالَ: مَنْ هُم؟
قِيْلَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ.
فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ ابْنُ عَجْلاَنَ هَذِهِ
الأَشْيَاءَ، وَلَمْ يَكُنْ عَالِماً، وَلَمْ يَزَلْ أَبُو
الزِّنَادِ عَامِلاً لِهَؤُلاَءِ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ
صَاحِبَ عُمَّالٍ يَتْبَعُهُم.
قُلْتُ: الخَبَرُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَجْلاَنَ،
بَلْ وَلاَ أَبُو الزِّنَادِ، فَقَدْ رَوَاهُ: شُعَيْبُ
بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ.
وَرَوَاهُ: قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ المَرَاغِيِّ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ، وَأَبِي
يُوْنُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ: مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ.
وَصحَّ أَيْضاً مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ.
وَقَدْ قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهُوَيْه عَالِمُ
خُرَاسَانَ: صَحَّ هَذَا عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَهَذَا الصَّحِيْحُ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابَيْ
(البُخَارِيِّ) وَ(مُسْلِمٍ).
فَنُؤْمِنُ بِهِ، وَنُفَوِّضُ، وَنُسِلِّمُ، وَلاَ نَخُوضُ
فِيْمَا لاَ يَعْنِيْنَا، مَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ اللهَ
لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو الزِّنَادِ فَجْأَةً فِي
مُغتَسَلِه، لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلتْ
مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً،
فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَطَائِفَةٌ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ،
وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ،
__________
= 290 من طريق سفيان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي
هريرة..وأخرجه أحمد 2 / 323 من طريق المغيرة بن عبد
الرحمن، عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن
أبي هريرة..وأخرجه أحمد 2 / 251 و434، وابن خزيمة 36 عن
طريق يحيى، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة..وأخرجه
البخاري 11 / 2، 6، ومسلم (2841)، وأحمد 2 / 315، وابن
خزيمة: 39، 40 من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي
هريرة..وأخرجه مسلم (2612) (115) وأحمد 2 / 463، و519،
وابن خزيمة: 37 من طريق قتادة، عن أبي أيوب المراغي، عن
أبي هريرة وحديث ابن عمر أخرجه الآجري: 135، والبيهقي 219،
وابن خزيمة: 38 من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن
عطاء، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ " لا تقبحوا الوجه، فإن ابن
آدم خلق على صورة الرحمن " وقد أعل هذه الرواية ابن خزيمة
بتدليس الأعمش وكذا حبيب، وبمخالفة الثوري الأعمش في
إرساله.
(5/450)
وَغَيْرُهُم: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ القُرَشِيِّ،
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ
رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ،
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ: (قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: إِذَا هَمَّ عَبْدِي
بِحَسَنَةٍ، فَاكْتُبُوْهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا،
فَاكْتُبُوْهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنْ هَمَّ
بِسَيِّئَةٍ، فَلاَ تَكْتُبُوْهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا،
فَاكْتُبُوْهَا مِثْلَهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا،
فَاكْتُبُوْهَا حَسَنَةً) (1) .
200 - يَعْلَى بنُ حَكِيْمٍ الثَّقَفِيُّ * (خَ، م، د، س،
ق)
مَكِّيٌّ، ثِقَةٌ، نَزَلَ البَصْرَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُوْسٍ،
وَمُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ،
وَعِكْرِمَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: قَتَادَةُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَجَرِيْرُ بنُ
حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
ذَكْوَانَ، وَغَيْرُهُم.
وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَثَّقَهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: مَاتَ بِالشَّامِ، وَتَرَكَ
أُمَّه، فَكَانَتْ تَأْتِي أَيُّوْبَ.
قَالَ: فَأَتَاهَا أَيُّوْبُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، يَقعُدُ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (128) في الايمان: باب إذا
هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب، والترمذي
(3073) في التفسير من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد،
عن الاعرج به.
(*) التاريخ الكبير 8 / 417، التاريخ الصغير 1 / 308،
الجرح والتعديل 9 / 303، تهذيب الكمال 1555، تذهيب التهذيب
4 / 188 / 1، تاريخ الإسلام 5 / 191، طبقات القراء 2 /
391، تهذيب التهذيب 11 / 401، خلاصة تذهيب الكمال 437.
(5/451)
عَلَى بَابِهَا، وَتَأْتِيْهِ،
فَتَجْتَمِعُ (1) .
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: بَعَثَ يَعْلَى مِنَ
الشَّامِ بِصَحِيْفَةٍ ضَخْمَةٍ فِيْهَا مَسَائِلُ،
فَقَالَ: سَلْ عَنْهَا قَتَادَةُ.
فَسأَلتُهُ، فَقَالَ: يَشُقُّ عَلَيَّ، فَسَلْ سَعِيْدَ
بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ.
فَفَعَلتُ، ثُمَّ عَرضْتُهَا عَلَى قَتَادَةَ، فَمَا
غَيَّرَ إِلاَ شَيْئَيْنِ.
201 - يَعْلَى بنُ عَطَاءٍ الطَّائِفِيُّ * (م، 4)
نَزلَ وَاسِطَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَوْسِ بنِ أَبِي أَوْسٍ، وَعُمَارَةَ بنِ
حَدِيْدٍ، وَوَكِيْعِ بنِ عُدُسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَالثَّوْرِيُّ،
وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ
العَاصِ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
202 - مَطَرٌ الوَرَّاقُ أَبُو رَجَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ *
(م، 4)
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، الصَّادِقُ، أَبُو رَجَاءٍ بنُ
طَهْمَانَ الخُرَاسَانِيُّ، نَزِيلُ البَصْرَةِ، مَوْلَى
عِلْبَاءَ بنِ أَحْمَرَ اليَشْكُرِيِّ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ، وَكَانَ يَكْتُبُ
المَصَاحِفَ، وَيُتقِنُ ذَلِكَ.
___________
(1) النص في " تهذيب الكمال " لشيخ المؤلف: وجاء نعي يعلى
بن حكيم من الشام إلى أمه، ولم يكن له هاهنا أحد غيرها،
وكان أيوب يأتيها ثلاثة أيام بالغداة والعشي، فيقعد وتقعد
معه، قال: فلم يزل يصلها حتى ماتت.
(*) التاريخ الكبير 8 / 415، الجرح والتعديل 9 / 302،
تهذيب الكمال 1555، تذهيب التهذيب 4 / 188، تاريخ الإسلام
5 / 20، تهذيب التهذيب 11 / 404، خلاصة تذهيب الكمال 438.
(* *) طبقات خليفة 215، تاريخ خليفة 389، التاريخ الكبير 7
/ 400، 401، الجرح والتعديل
8 / 287، حلية الأولياء 3 / 75، تهذيب الكمال 1331، تذهيب
التهذيب 4 / 43 / 1، تاريخ الإسلام 5 / 164، تهذيب التهذيب
10 / 167، خلاصة تذهيب الكمال 378.
(5/452)
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ،
وَالحَسَنِ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَعِكْرِمَةَ، وَشَهْرِ
بنِ حَوْشَبٍ، وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَالحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،
وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ
الصَّمَدِ العَمِّيٌّ، وَآخَرُوْنَ.
وَغَيْرُه أَتقَنُ لِلرِّوَايَةِ مِنْهُ، وَلاَ يَنحَطُّ
حَدِيْثُه عَنْ رُتبَةِ الحَسَنِ.
وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَالِحٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ فِي عَطَاءٍ
ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قَالَ الخَلِيْلُ بنُ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ: سَمِعْتُ
عَمِّي عِيْسَى يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَطَرٍ الوَرَّاقِ فِي فِقْهِهِ
وَزُهْدِهِ.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: رَحِمَ اللهُ مَطَراً
الوَرَّاقَ، إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الجَنَّةَ.
وَعَنْ شَيْبَةَ بِنْتِ الأَسْوَدِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ
مَطَراً الوَرَّاقَ، وَهُوَ يَقُصُّ.
يُقَالُ: تُوُفِّيَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ سَنَةَ تِسْعٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ضَعِيْفٌ.
وَكَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يُشَبِّهُ مَطَراً بِابْنِ
أَبِي لَيْلَى فِي سُوءِ الحِفظِ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُثْمَانُ بنُ دِحْيَةَ اللُّغَوِيُّ:
لاَ يُسَاوِي دَسْتَجَةَ (1) بَقْلٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: فِيْهِ ضَعفٌ فِي
الحَدِيْثِ.
وَعَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، قَالَ:
لَمَّا خَلقَ اللهُ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، جَعَلَ دَوَاءَ
المَرَّةِ المشِيَ، وَدَوَاءَ الدَّمِ الحِجَامَةَ،
وَدَوَاءَ البَلْغَمِ الحَمَّامَ.
__________
(1) الدستجة: الحزمة، والكلمة معربة.
(5/453)
203 - صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ المَدَنِيُّ
المُؤَدِّبُ * (ع)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ -
وَيُقَالُ: أَبُو الحَارِثِ - المَدَنِيُّ، المُؤَدِّبُ،
مُؤَدِّبُ وَلَدِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
يُقَالَ: مَوْلَى بَنِي غِفَارٍ.
وَيُقَالُ: مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ.
وَيُقَالُ: مَوْلَى آلِ مُعَيْقِيْبٍ الدَّوْسِيِّ.
رَأَى: عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ
عُمَرَ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: إِنَّهُ سَمِعَ
مِنْهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ،
وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ،
وَنَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ
مُحَمَّدٍ، وَابْنِ شِهَابٍ - رَفِيْقِهِ -.
وَيَنْزِلُ إِلَى: ابْنِ عَجْلاَنَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ
مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ
مِنْهُ - وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ - وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ
- وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ
جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ، وَمَالِكٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ
بِلاَلٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ،
وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ،
وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ مَوْلَى امْرَأَةٍ
مِنْ دَوْسٍ، وَكَانَ عَالِماً، ضَمَّه عُمَرُ بنُ عَبْدِ
العَزِيْزِ إِلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ أَمِيْرٌ -يَعْنِي:
بِالمَدِيْنَةِ-.
قَالَ: فَكَانَ يَأْخُذُ عَنْهُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ
الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَضَمَّهُ إِلَى ابْنِهِ
عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الوَلِيْدِ.
وَكَانَ صَالِحٌ جَامِعاً مِنَ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ
وَالمُرُوْءةِ.
__________
(*) طبقات خليفة 263، التاريخ الكبير 4 / 288، الجرح
والتعديل 4 / 410، تهذيب الكمال 600، تذهيب التهذيب 2 / 88
/ 1، تاريخ الإسلام 6 / 82، تذكرة الحفاظ 1 / 148، 149،
ميزان الاعتدال 2 / 299، تهذيب التهذيب 4 / 399، طبقات
الحفاظ 63، خلاصة تذهيب الكمال 171، شذرات الذهب 1 / 208.
(5/454)
قَالَ حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ: سُئِلَ
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ،
فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ صَالِحٍ:
أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، قَدْ رَأَى صَالِحَ بنَ
عُمَرَ.
وَرَوَى: إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: لَيْسَ بِهِ
بَأْسٌ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ يَحْيَى، قَالَ:
مَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بنُ العَبَّاسِ، قَالَ:
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ
الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ مِنْ مَالِكٍ، ثُمَّ صَالِحِ بنِ
كَيْسَانَ، ثُمَّ مَعْمَرٍ، ثُمَّ يُوْنُسَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ: صَالِحٌ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ أَسَنَّ مِنَ
الزُّهْرِيِّ، رَأَى ابْنَ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُقَيْلٍ؛ لأَنَّهُ
حِجَازِيٌّ، وَهُوَ أَسَنُّ.
رَأَى ابْنَ عُمَرَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، يُعَدُّ فِي
التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ خِرَاشٍ، وَغَيْرُهُمَا:
ثِقَةٌ.
رَوَى: مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ:
اجْتَمَعتُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ، وَنَحْنُ نَطلُبُ
العِلْمَ، فَاجْتَمَعنَا عَلَى أَنْ نَكْتُبَ السُّنَنَ،
فَكتَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ سَمِعْنَا عَنِ النَّبِيِّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ: نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِه.
فَقُلْتُ: لَيْسَ بِسُنَّةٍ.
فَقَالَ: بَلْ هُوَ سُنَّةٌ.
فَكَتَبَ، وَلَمْ أَكْتُبْ، فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ.
الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُ حَدِيْثَ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ
فِي نُزُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- الأَبْطَحَ، -يَعْنِي: عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى
أَبِي قَتَادَةَ- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ.
قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ صَالِحٌ.
فَقَالَ لَنَا عَمْرٌو: اذْهَبُوا، فَسَلُوْهُ عَنْ هَذَا
الحَدِيْثِ.
فَذَهَبنَا إِلَيْهِ، فَسَأَلْنَاهُ.
يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ،
قَالَ: كَانَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ
(5/455)
مُؤَدِّبَ ابْنِ شِهَابٍ، فَرُبَّمَا
ذَكَرَ صَالِحٌ الشَّيْءَ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ ابْنُ
شِهَابٍ، فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ، وَحَدَّثَنَا
فُلاَنٌ بِخِلاَفِ مَا قَالَ.
فَيَقُوْلُ لَهُ صَالِحٌ: تُكَلِّمُنِي وَأَنَا أَقَمْتُ
أَوَدَ لِسَانِكَ.
عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ
بنَ سَعْدٍ:
جِئْتُ صَالِحَ بنَ كَيْسَانَ فِي مَنْزِلِهِ، وَهُوَ
يَكسِرُ لِهِرَّةٍ لَهُ يُطعِمُهَا، ثُمَّ يَفُتُّ
لِحَمَامَاتٍ لَهُ أَوْ لِحَمَامٍ يُطعِمُه.
وَهِمَ الحَاكِمُ وَهْمَيْنِ فِي قَوْلَةٍ، فَقَالَ:
مَاتَ زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَهُوَ ابْنُ
ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ وَهُوَ ابْنُ
مائَةٍ وَنَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ
جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ تَلْمَذَ بَعْدُ
لِلزُّهْرِيِّ، وَتَلَقَّنَ عَنْهُ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ
تِسْعِيْنَ سَنَةً، ابْتَدَأَ بِالعِلْمِ وَهُوَ ابْنُ
سَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَالجَوَابُ: أَنَّ زَيْداً مَاتَ كَهْلاً مِنْ أَبْنَاءِ
أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرَ.
وَصَالِحٌ عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، مَا
بَلَغَ التِّسْعِيْنَ، وَلَوْ عَاشَ كَمَا زَعَمَ أَبُو
عَبْدِ اللهِ لَعُدَّ فِي شَبَابِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ
مَدَنِيٌّ، وَلَكَانَ ابْنَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً
وَقْتَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- وَلَوْ طَلَبَ العِلْمَ - كَمَا قَالَ
الحَاكِمُ - وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً، لَكَانَ قَدْ
عَاشَ بَعْدَهَا نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَسَمِعَ
مِنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَائِشَةَ، فَتَلاَشَى
مَا زَعَمَه.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ بَعْدَ
الأَرْبَعِيْنَ وَالمائَةِ، وَقَبلَ مَخرَجِ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
204 - زِيَادُ بنُ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ *
(م، ت، ق)
هُوَ الفَقِيْهُ، الرَّبَّانِيُّ، زِيَادُ بنُ أَبِي
زِيَادٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي
__________
(*) طبقات ابن سعد 5 / 305، تاريخ الفسوى 1 / 667، الجرح
والتعديل 3 / 532، تهذيب الكمال 443، تذهيب التهذيب 1 /
243 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 72، تهذيب التهذيب 3 / 367،
خلاصة تذهيب الكمال 124.
(5/456)
رَبِيْعَةَ، مِنْ مَشَايِخِ وَقْتِه
بِدِمَشْقَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ، وَذُرِّيَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي بَحْرِيَّةَ
عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ، وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ
مُطْعِمٍ، وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ -
وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ
بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمَالِكُ بنُ
أَنَسٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ عَبداً صَالِحاً، قَانِتاً للهِ.
قَالَ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ: كَانَ مَمْلُوْكاً، فَدَخَلَ
يَوْماً عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَكَانَ
يُكرِمُه.
وَقَالَ الفَرَزْدَقُ وَقَصَدَ بِهَذَا:
يَا أَيُّهَا القَارِئُ المُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا
زَمَانُكَ، إِنِّي قَدْ مَضَى زَمَنِي
وَكَانَ مُتَعَبِّداً، مُنعَزِلاً، وَلَهُ دَرَاهِمُ
يُعَالجُ لَهُ فِيْهَا، وَفِيْهِ عُجمَةٌ، وَكَانَ
يَلْبَسُ الصُّوْفَ، وَيَهجُرُ اللَّحْمَ (1) .
رَوَى: يَحْيَى الوُحَاظِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بنِ
عَرَبِيٍّ، قَالَ:
بَيْنَمَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَتَغَدَّى، إِذْ
بَصُرَ بِزِيَادٍ، فَطَلَبَه، ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُ،
وَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، هَذَا زِيَادٌ، فَاخرُجِي،
فَسَلِّمِي، هَذَا زِيَادٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوْفٍ،
وَعُمَرُ قَدْ وَلِيَ أَمرَ الأُمَّةِ.
وَبَكَى، فَقَالَتْ: يَا زِيَادُ! هَذَا أَمرُنَا
وَأَمرُهُ، مَا فَرِحنَا بِهِ، وَلاَ قَرَّتْ أَعْيُنُنَا
مُنْذُ وَلِيَ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ يَمُرُّ، فَرُبَّمَا
أَفزَعَنِي حِسُّه، فَيَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ،
فَيَقُوْلُ: عَلَيْكَ بِالجِدِّ، فَإِنْ كَانَ مَا
يَقُوْلُ هَؤُلاَءِ
__________
(1) إن كان يفعل ذلك، لان نفسه تعافه كما يقع لبعض الناس،
فلا محذور فيه، وأما إذا كان يفعل ذلك تزهدا، فغير جائز،
لان النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الزهاد كان يلبس غير
الصوف، ويأكل اللحم، ويعجبه منه الذراع، ويهدى إليه
فيقبله، ولنا فيه أسوة حسنة، وهديه أكمل الهدي وأحسنه.
(5/457)
مِنَ الرُّخَصِ حَقّاً، لَمْ يَضُرَّكَ،
وَإِلاَّ كُنْتَ قَدْ أَخَذتَ بِالحَذَرِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ قَدْ أَعَانَهُ النَّاسُ عَلَى
فِكَاكِ رَقبَتِه، وَتَسَارَعُوا فِي ذَلِكَ، فَفَضَلَ
مَالٌ كَثِيْرٌ، فَرَدَّهُ زِيَادٌ إِلَيْهِم بِالحُصَصِ،
وَكَتَبَهُم عِنْدَه، فَمَا زَالَ يَدْعُو لَهُم حَتَّى
مَاتَ.
قُلْتُ: لَهُ فِي الكُتُبِ ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ.
قُلْتُ: اسْمُ أَبِيْهِ: مَيْسَرَةُ.
205 - سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ المَدَنِيُّ * (م، 4، خَ
مَقْرُوْناً)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، الصَّادِقُ، أَبُو
يَزِيْدَ المَدَنِيُّ، مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ
الأَحْمَسِ الغَطَفَانِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ؛ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ
السَّمَّانِ، وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ
الزُّرَقِيِّ، وَعَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ اللَّيْثِيِّ،
وَأَبِي الحُبَابِ سَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ
الحَاجِبِ، وَالحَارِثِ بنِ مُخَلَّدٍ الأَنْصَارِيِّ،
وَصَفْوَانَ بنِ أَبِي يَزِيْدَ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ،
وَابْنِ شِهَابٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَقرَانِه: كَالأَعْمَشِ، وَسُمَيٍّ،
وَرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ.
وَمَا عَلِمتُ لَهُ شَيْئاً عَنْ أَحَدٍ مِنَ
الصَّحَابَةِ، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ
التَّابِعِيْنَ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَرَبِيْعَةُ،
وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ - وَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ -
وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَعُبَيْدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ،
وَالحَمَّادَانِ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ - وَمَاتَ
قَبْلَه بِدَهْرٍ - وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي
حَازِمٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ،
وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ،
وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ،
وَأَنَسُ
__________
(*) طبقات خليفة 266، التاريخ الكبير 4 / 104، تاريخ
الفسوي 1 / 423، الجرح والتعديل 4 / 246، تهذيب الكمال
561، تذهيب التهذيب 2 / 62 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 261،
تذكرة الحفاظ 1 / 137، تهذيب التهذيب 4 / 263، خلاصة تذهيب
الكمال 158، شذرات الذهب 1 / 208.
(5/458)
بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، وَخَلْقٌ
كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ، لَكِنَّهُ مَرِضَ
مَرضَةً غَيَّرَتْ مِنْ حِفْظِه.
حَكَى التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ،
قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ سُهَيْلَ بنَ أَبِي صَالِحٍ ثَبْتاً
فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَصْلَحَ حَدِيْثَهُ!
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ،
عَنْ سُهَيْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، فَقَالَ:
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قَالَ: وَمَا صَنَعَ شَيْئاً، سُهَيْلٌ أَثْبَتُ
عِنْدَهُم.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سُهَيْلٌ، وَالعَلاَءُ بنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِيْثُهُمَا قَرِيْبٌ مِنَ
السَّوَاءِ، وَلَيْسَ حَدِيْثُهُمَا بِحُجَّةٍ.
رَوَاهُ: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: سُهَيْلٌ وَأَخُوْهُ
عَبَّادٌ ثِقَتَانِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ:
سُهَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ العَلاَءُ؟
فَقَالَ: سُهَيْلٌ أَثْبَتُ وَأَشهَرُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ، وَلاَ
يُحْتَجُّ بِهِ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ العَلاَءِ،
وَمِنْ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلِسُهَيْلٍ نَسْخٌ، رَوَى عَنْهُ
الأَئِمَّةُ، وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ، لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سُمَيٌّ خَيْرٌ مِنْهُ.
قُلْتُ: سُمَيٌّ مِنْ رِجَالِ (الصَّحِيْحِيْنِ)،
بِخِلاَفِ سُهَيْلٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ مَرَّةً: ثِقَةٌ، وَأَخوَاهُ
عَبَّادٌ وَصَالِحٌ.
وَمِنْ غَرَائِبِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ: حَدِيْثُ: (مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فِي
(5/459)
أَوَّلِ ضَرْبَةٍ (1))، وَحَدِيْثُ:
(فَرْخُ الزِّنَى لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ (2)).
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ
الدَّارَقُطْنِيَّ: لِمَ تَرَكَ البُخَارِيُّ سُهَيْلاً
فِي (الصَّحِيْحِ)؟
فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ لَهُ فِيْهِ عُذراً، فَقَدْ كَانَ
النَّسَائِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ لِسُهَيْلٍ،
قَالَ:
سُهَيْلٌ -وَاللهِ- خَيْرٌ مِنْ أَبِي اليَمَانِ،
وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَ(كِتَابُ
البُخَارِيِّ) مِنْ هَؤُلاَءِ مَلآنُ، وَخَرَّجَ
لِفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَلاَ أَعْرِفُ لَهُ وَجْهاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَاتَ أَخٌ لِسُهَيْلٍ،
فَوَجَدَ عَلَيْهِ، فَنَسِيَ كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ
مَعِيْنٍ، قَالَ: لَمْ يَزَلْ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ
يَتَّقُوْنَ حَدِيْثَه.
وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ، وَمَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَالِكاً إِنَّمَا أَخَذَ عَنْهُ قَبْلَ
التَّغَيُّرِ.
قَالَ الحَاكِمُ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ كَثِيْراً،
وَأَكْثَرُهَا فِي الشَّوَاهِدِ.
وَيُقَالُ: ظَهَرَ لِسُهَيْلٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِ مائَةِ
حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ
القَزْوِيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ،
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا
__________
(1) أخرجه مسلم (2240) في السلام، وأبو داود (5263)،
والترمذي (1482)، وابن ماجه (3228) وأحمد 2 / 355 من طرق
عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " من قتل وزغة في أول ضربة، فله
كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية، فله كذا وكذا
حسنة لدون الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا
وكذا حسنة لدون الثانية " وفي رواية " من قتل وزغا في أول
ضربة كتبت له مئة حسنة.
" وفي رواية " في أول ضربه سبعين حسنة ".
(2) أخرجه ابن عدي في " الكامل " 189 / 2 من طريق حمزة بن
داود، عن محمد بن زنبور، عن عبد العزيز بن أبي حازم عن
سهيل بن أبي صالح السمان عن أبيه عن أبي هريرة.
وحمزة بن داود ليس بشيء، ومحمد بن زنبور مختلف فيه، وقد
عده ابن الجوزي في الموضوعات.
(5/460)
أَبُو زُرْعَةَ، أَنْبَأَنَا مَكِّيُّ بنُ
مَنْصُوْرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ،
أَنْبَأَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قَضَى بِاليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ (1) .
وَبِهِ: قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: فَذَكَرتُ ذَلِكَ
لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ:
أَخْبَرَنِي رَبِيْعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، أَنَّنِي
حَدَّثتُه إِيَّاهُ وَلاَ أَحْفَظُهُ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: وَقَدْ كَانَ أَصَابَ
سُهَيْلاً عِلَّةٌ أَضَرَّتْ بِبَعْضِ حِفْظِه، وَنَسِيَ
بَعْضَ حَدِيْثِه، فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُ
بِهِ، عَنْ رَبِيْعَةَ، عَنْهُ، عَنْ أَبِيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ،
حَدَّثَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ
اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ
النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً،
حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: (الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ بَاباً، أَوْ
بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ بَاباً، أَفْضَلُهَا: لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ
الطَّرِيْقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مِنَ العَوَالِي.
أَخْرَجَهُ: الأَئِمَّة السِّتَّةُ (2) فِي كُتُبِهِم،
مِنْ حَدِيْثِ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَابْنِ
عَجْلاَنَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ
__________
(1) أخرجه الشافعي 2 / 235، والترمذي (1343) وأبو داود
(3610)، وابن ماجه (2369)، وسنده حسن وله شاهد من حديث ابن
عباس أخرجه الشافعي 2 / 234، ومسلم (1712) والعمل على هذا
عند بعض أهل العلم جوزوا القضاء للمدعي بالشاهد الواحد مع
اليمين في الاموال، وهو قول أجلة الصحابة، وأكثر التابعين،
منهم أبو سلمة، وبه قال فقهاء الانصار، وإليه ذهب مالك
والشافعي وأحمد وإسحاق.
(2) أخرجه البخاري 1 / 48، 49 في الايمان: باب أمور
الايمان، ومسلم (35) في الايمان: باب بيان عدد شعب
الايمان، وأبو داود (4676) والترمذي (2617) والنسائي 8 /
110، وابن ماجه (57).
(5/461)
بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ،
نَحْوَه.
206 - سُمَيٌّ المَدَنِيُّ * (ع)
الحَافِظُ، الحُجَّةُ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ؛ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ الفَقِيْهِ،
وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ،
وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَجْلاَنَ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ، وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ، وَسُفْيَانُ بنُ
عُيَيْنَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ.
قُتِلَ: يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدٍ (1) ، فِي سَنَةِ
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْث بِالمَدِيْنَةِ -رَحِمَهُ
اللهُ-.
207 - عَبْدُ الحَمِيْدِ ** بنُ يَحْيَى بنِ سَعْدٍ
الأَنْبَارِيُّ أَبُو يَحْيَى
العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، أَبُو يَحْيَى الكَاتِبُ،
تِلْمِيْذُ سَالِمٍ مَوْلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
سَكنَ الرَّقَّةَ، وَكَتَبَ التَّرَسُّلَ لِمَرْوَانَ
الحِمَارِ، وَلَهُ عَقِبٌ.
__________
(*) طبقات خليفة 261، الجرح والتعديل 4 / 315، تهذيب
الكمال 554، تذهيب التهذيب 2 / 59 / 1، تاريخ الإسلام 5 /
260، تهذيب التهذيب 4 / 238، خلاصة تذهيب الكمال 156،
شذرات الذهب 1 / 181.
(1) قد تقدم في صفحة (417) أنها كانت بين جيش عبد الله بن
يحيى الكندي وبين جيش الخليفة مروان الأموي.
(* *) البيان والتبيين 3 / 9، الصناعتين 69، صبح الاعشى 10
/ 195، عيون الاخبار 1 / 26، الوزراء والكتاب 72، 83، مروج
الذهب 3 / 263، ثمار القلوب 196، الفهرست لابن النديم 131،
الشريشي 2 / 253، تاريخ الإسلام 5 / 270، أمراء البيان 38،
98.
(5/462)
أَخَذَ عَنْهُ: خَالِدُ بنُ بَرْمَكٍ،
وَغَيْرُه.
وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي، وَمَجْمُوْعُ رَسَائِلِه
نَحْوٌ مِنْ مائَةِ كُرَّاسٍ.
وَيُقَالُ: افْتُتِحَ التَّرَسُّلُ بِعَبْدِ الحَمَيْدِ،
وَخُتِمَ بِابْنِ العَمِيْدِ.
وَسَارَ مُنْهزِماً فِي خِدمَةِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا
قُتِلَ مَخدُوْمُه بِبُوْصِيْرَ، أُسِرَ هَذَا.
فَقِيْلَ: حَمَوْا لَهُ طِسْتاً، ثُمَّ وَضَعُوْهُ عَلَى
دِمَاغِه، فَتَلِفَ.
وَمِنْ تَلاَمِذَتِه: وَزِيْرُ المَهْدِيِّ يَعْقُوْبُ بنُ
دَاوُدَ.
وَيُرْوَى عَنْ: مُهْزِمِ بنِ خَالِدٍ، قَالَ:
قَالَ لِي عَبْدُ الحَمِيْدِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ
يَجُوْدَ خَطُّكَ، فَأَطِلْ جُلْفَةَ قَلَمِكَ،
وَأَسْمِنْهَا، وَحَرِّفْ قِطَّتَكَ، وَأَيْمِنْهَا.
قُتِلَ: فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
وَمائَةٍ.
208 - عَبْدُ المَلِكِ * بنُ مَرْوَانَ ابْنِ فَاتِحِ
الأَنْدَلُسِ مُوْسَى بنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ
الأَمِيْرُ، كَانَ فَصِيْحاً، خَطِيْباً، مُفَوَّهاً،
عَادِلاً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَلِي مِصْرَ لِمَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ، فَأَحْسَنَ
السِّيْرَةَ، وَلَمَّا زَالتِ الدَّوْلَةُ
المَرْوَانِيَّةُ، وَدَخَلَ صَالِحُ بنُ عَلِيٍّ مِصْرَ،
أَكرَمَ عَبْدَ المَلِكِ هَذَا؛ لِمَا رَأَى مِنْ
نَجَابَتِه.
وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى العِرَاقِ، فَكَانَ بِهَا أَحَدَ
القُوَّادِ الكِبَارِ.
ثُمَّ وَلاَّهُ المَنْصُوْرُ إِقْلِيْمَ فَارِسٍ سَنَةَ
بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
209 - نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ أَبُو اللَّيْثِ المَرْوَزِيُّ
**
صَاحِبُ خُرَاسَانَ، الأَمِيْر، أَبُو اللَّيْثِ
المَرْوَزِيُّ، نَائِبُ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ.
__________
(*) الولاة والقضاة 93، 98، تاريخ الإسلام 5 / 272، النجوم
الزاهرة 1 / 324.
(* *) تاريخ خليفة 383، و388، المحبر 255، الجرح والتعديل
8 / 469، ابن الأثير 5 / 148، تاريخ الإسلام 5 / 308،
خزانة الأدب 1 / 326.
(5/463)
حَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَأَبِي
الزُّبَيْرِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ - فِيْمَا قِيْلَ -
وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ.
خَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ،
وَحَارَبَه، فَعَجِزَ عَنْهُ نَصْرٌ، وَاسْتَصْرَخَ
بِمَرْوَانَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَبَعُدَ عَنْ نَجْدَتِه،
وَاشْتَغَلَ باخْتِلاَلِ أَمرِ أَذْرَبِيْجَانَ
وَالجَزِيْرَةِ، فَتَقَهقَرَ نَصْرٌ، وَجَاءهُ المَوْتُ
عَلَى حَاجَةٍ، فَتُوُفِّيَ بِسَاوَةَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ وَلِي إِمْرَةَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِيْنَ،
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ سُؤدُداً وَكَفَاءةً.
210 - وَاصِلُ بنُ عَطَاءٍ أَبُو حُذَيْفَةَ
المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُم *
البَلِيْغُ، الأَفْوَهُ، أَبُو حُذَيْفَةَ المَخْزُوْمِيُّ
مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ، الغَزَّالُ.
وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي ضَبَّةَ.
مَوْلِدُه: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، بِالمَدِيْنَةِ.
وَكَانَ يَلثَغُ بِالرَّاءِ غَيْناً، فَلاِقْتِدَارِهِ
عَلَى اللُّغَةِ وَتَوَسُّعِهِ يَتَجَنَّبُ الوُقُوْعَ فِي
لَفظَةِ فِيْهَا رَاءٌ (1) ، كَمَا قِيْلَ:
وَخَالَفَ الرَّاءَ حَتَّى احْتَالَ لِلشِّعْرِ (2) ...
وَهُوَ وَعَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ رَأْسَا الاعْتِزَالِ،
طَرَدَهُ الحَسَنُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَمَّا قَالَ:
الفَاسِقُ لاَ مُؤْمِنٌ وَلاَ كَافِرٌ.
فَانضَمَّ إِلَيْهِ عَمْرٌو، وَاعْتَزَلاَ حَلْقَةَ
الحَسَنِ، فَسُمُّوا
__________
(*) أمالي المرتضى 1 / 163، معجم الأدباء 19 / 243، وفيات
الأعيان 6 / 7، 11، تاريخ الإسلام 5 / 310، ميزان الاعتدال
4 / 329، مرآة الجنان 1 / 274، لسان الميزان 6 / 214،
الفرق بين الفرق 117، النجوم الزاهرة 1 / 313، شذرات الذهب
1 / 182.
(1) انظر خطبته التي جانب فيها الراء في " نوادر المخطوطات
" ص 134، 135.
(2) عجز بيت صدره: ويجعل البر قمحا في تصرفه وبعده: ولم
يطق مطرا والقول يعجله * فعاذ بالغيث إشفاقا على المطر
أوردهما الجاحظ في البيان والتبيين ولم ينسبهما.
(5/464)
المُعْتَزِلَة (1) ، قَالَ شَاعِرٌ:
وَجَعَلْتَ وَصْلِي الرَّاءَ لَمْ تَلْفِظْ بِهِ ...
وَقَطَعْتَنِي حَتَّى كَأَنَّكَ وَاصِلُ
وَقِيْلَ: لِوَاصِلٍ تَصَانِيْفُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُجِيْزُ التِّلاَوَةَ بِالمَعْنَى،
وَهَذَا جَهْلٌ.
قِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: عُرِفَ بِالغَزَّالِ؛ لِتَرْدَادِهِ إِلَى
سُوْقِ الغَزْلِ؛ لِيَتَصدَّقَ عَلَى النِّسوَةِ
الفَقِيْرَاتِ.
جَالَسَ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ ابْنِ
الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ لاَزمَ الحَسَنَ، وَكَانَ صَمُوتاً،
طَوِيْلَ الرَّقَبَةِ جِدّاً.
وَلَهُ مُؤَلَّفٌ فِي التَّوْحِيْدِ، وَكِتَاب
(المَنْزِلَةُ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ).
211 - أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ
إِيَاسٍ اليَشْكُرِيُّ * (ع)
البَصْرِيُّ، ثُمَّ الوَاسِطِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ
وَالحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ،
وَحُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيِّ،
وَمُجَاهِدٍ، وَطَاوُوْسٍ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ،
وَأَبِي الضُّحَى، وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَنَافِعٍ
العُمَرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى عَنْ: عَبَّادِ بنِ شُرَحْبِيْلَ اليَشْكُرِيِّ،
وَلَهُ صُحْبَةٌ.
__________
(1) وقال أبو الحسين الملطي المتوفى سنة 377 ه في " رد
الاهواء والبدع " وهو أقدم مصدر يبين وجه تلقيبهم
بالمعتزلة: وهم سموا أنفسهم معتزلة، وذلك عندما بايع الحسن
بن علي عليه السلام معاوية وسلم إليه الامر، اعتزلوا الحسن
ومعاوية وجميع الناس - وكانوا من أصحاب علي - ولزموا
منازلهم ومساجدهم، وقالوا: نشتغل بالعلم والعبادة، فسموا
بذلك معتزلة، وذكر المسعودي أن تسميتهم معتزلة لقولهم
باعتزال الفاسق عن منزلتي المؤمن والكافر.
وراجع " الملل والنحل " للشهرستاني 1 / 30 و" الفرق بين
الفرق " ص 15، و" التبصير في الدين " للاسفراييني ص 64،
65.
(*) طبقات خليفة 325، التاريخ الكبير 2 / 186، التاريخ
الصغير 1 / 320، الجرح والتعديل 2 / 473، تهذيب الكمال
207، تذهيب التهذيب 1 / 106 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 54،
تهذيب التهذيب 2 / 83، خلاصة تذهيب الكمال 64.
(5/465)
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَشُعْبَةُ،
وَأَبُو عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو بِشْرٍ أَحَبُّ
إِلَيْنَا مِنَ المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو، وَأَوْثَقُ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ
حَدِيْثَ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ: لَمْ
يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً.
وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْضاً: أَحَادِيْثُ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ
حَبِيْبِ بنِ سَالِمٍ ضَعِيْفَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ
بَأْسَ بِهِ.
قَالَ نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: كَانَ أَبُو بِشْرٍ سَاجِداً
خَلْفَ المَقَامِ حِيْنَ مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ
وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ،
وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ
وَمائَةٍ.
212 - حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ أَبُو بَكْرٍ المُحَارِبِيُّ
مَوْلاَهُم * (ع)
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ المُحَارِبِيُّ
مَوْلاَهُم، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَسَعِيْدِ
بنِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي كَبْشَةَ السَّلُوْلِيِّ،
وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
أَبِي عَائِشَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ
بنُ غَيْلاَنَ، وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ
__________
(*) التاريخ الكبير 3 / 33، تاريخ الفسوي 2 / 293، الجرح
والتعديل 3 / 236، حلية الأولياء 6 / 70، 79، تهذيب الكمال
252، تذهيب التهذيب 1 / 130 / 2، تاريخ الإسلام 5 / 60،
تهذيب التهذيب 2 / 251، خلاصة تذهيب الكمال 76، تهذيب ابن
عساكر 4 / 144، 146.
(5/466)
بنُ مُطَرِّفٍ.
وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الوَلِيْدَ بنَ
مُسْلِمٍ رَوَى عَنْهُ، أَنَّى يَكُوْنَ ذَلِكَ؟!
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْثَرَ
عَمَلاً فِي الخَيْرِ مِنْ حَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ.
وَقِيْلَ: كَانَ حَسَّانٌ مِنْ أَهْلِ بَيْرُوْتَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ
مَعِيْنٍ.
وَقَدْ رُمِيَ بِالقَدَرِ.
قَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: عَنْ
سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ذَلِكَ، فَبَلَغَ
الأَوْزَاعِيَّ كَلاَمُ سَعِيْدٍ فِيْهِ، فَقَالَ:
مَا أَغَرَّ سَعِيْداً بِاللهِ، مَا أَدْرَكتُ أَحَداً
أَشَدَّ اجْتِهَاداً، وَلاَ أَعمَلَ مِنْ حَسَّانِ بنِ
عَطِيَّةَ.
ضَمْرَةُ: عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعَ
يُوْنُسَ بنَ سَيْفٍ، يَقُوْلُ:
مَا بَقِيَ مِنَ القَدَرِيَّةِ إِلاَّ كَبْشَانِ:
أَحَدُهُمَا حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ.
وَرَوَى: عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ...، وَذَكَرَ شَيْئاً مِنْ مَنَاقِبِ
حَسَانٍ.
الوَلِيْدُ بنُ مِزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ
يَقُوْلُ:
كَانَ لِحسَّانٍ غَنَمٌ، فَسَمِعَ مَا جَاءَ فِي
المَنَائِحِ (1) ، فَتَرَكَهَا.
فَقُلْتُ: كَيْفَ الَّذِي سَمِعَ؟
قَالَ: يَوْمٌ لَهُ، وَيَوْمٌ لِجَارِهِ.
وَرَوَى: عَبْدُ المَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ
الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ:
كَانَ حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ،
يَذْكُرُ اللهَ -تَعَالَى- فِي المَسْجِدِ حَتَّى تَغِيبَ
الشَّمْسُ.
__________
(1) المنائح: جمع منيحة: العطية، قال أبو عبيد: المنيحة
عند العرب على وجهين أحدهما: أن يعطي الرجل صاحبه صلة،
فتكون له، والآخر أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بحلبها
ووبرها زمنا ثم يردها، وأخرج البخاري في " صحيحه " 5 / 179
في الهبة: باب فضل المنيحة من حديث أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة،
والشاة الصفي تغدو بإناء، وتروح بإناء " وأخرج البخاري 5 /
180 أيضا من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز، ما من
عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعدها إلا أدخله
الله بها الجنة "، وأخرج مسلم (1020) من حديث أبي هريرة
مرفوعا " من منح منيحة، غدت بصدقة، وراحت بصدقة، صبوحها
وغبوقها ".
(5/467)
وَمِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَعُوْذُ بِكَ أَنْ أَتَعَزَّزَ بِشَيْءٍ مِنْ
مَعْصِيَتِكَ، وَأَنْ أَتَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا
يَشِيْنُنِي عِنْدَكَ.
بَقِيَ حسَانٌ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ
وَمائَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ قَدَرِيّاً.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ رَجَعَ، وَتَابَ.
213 - يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَمْرٍو
الأَنْصَارِيُّ * (ع)
وَقِيْلَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ،
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُجَوِّدُ، عَالِمُ
المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ، وَشَيْخُ عَالِمِ
المَدِيْنَةِ، وَتِلْمِيْذُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ،
أَبُو سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ،
النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، القَاضِي.
مَوْلِدُه: قَبْلَ السَّبْعِيْنَ، زَمَنَ ابْنِ
الزُّبَيْرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَالسَّائِبِ بنِ
يَزِيْدَ، وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَسَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيِّ بنِ
الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
ثَوْبَانَ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي
سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ بنِ
حُنَيْنٍ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَابْنِ شِهَابٍ،
وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ الفَقِيْهِ، وَبَشِيْرِ بنِ
يَسَارٍ، وَسَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ الإِخْوَةِ،
وَالأَعْرَجِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ،
وَحَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي
عَيَّاشٍ، وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، وَعَبَّادِ بنِ
تَمِيْمٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَابْنُ
أَبِي ذِئْبٍ، وَشُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ
بنُ المَاجِشُوْنِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَحَمَّادُ
بنُ سَلَمَةَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَحَمَّادُ
__________
(*) طبقات خليفة 270، التاريخ الكبير 8 / 275، 276، تاريخ
الفسوي 1 / 648، الجرح والتعديل 9 / 147، 148، 149، تهذيب
الأسماء واللغات 2 / 153، 154، تهذيب الكمال 1499، تذهيب
التهذيب 4 / 156 / 2، تاريخ الإسلام 6 / 149، تهذيب
التهذيب 11 / 221، طبقات الحفاظ 57، خلاصة تذهيب الكمال
424، شذرات الذهب 1 / 212.
(5/468)
بنُ زَيْدٍ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
الفَزَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَابْنُ
المُبَارَكِ، وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ، وَابْنُ
عُلَيَّةَ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ،
وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ
الثَّقَفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَيَزِيْدُ بنُ
هَارُوْنَ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ العُمَرِيُّ، وَخَلْقٌ
سِوَاهُم.
وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ: (الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)،
وَعَنْهُ اشْتُهِرَ، حَتَّى يُقَالَ: رَوَاهُ عَنْهُ
نَحْوُ المائَتَيْنِ، وَوَقَعَ عَالِياً لأَصْحَابِ ابْنِ
طَبَرْزَدْ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ
بنُ أَبِي السَّفَرِ:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ
سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ
سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
كَانَتْ حَبِيْبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ إِحْدَى عَمَّاتِي.
وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ
عَمْرِو بنِ سَهْلٍ.
قُلْتُ: حَبِيْبَةُ هَذِهِ هِيَ القَائِلَةُ: لاَ أَنَا
وَلاَ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ.
وَأَمَّا قَيْسُ بنُ عَمْرٍو فَصَحَابِيٌّ؛ لَهُ فِي
(السُّنَنِ) فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ (1) .
__________
(1) أخرجه أبو داود (1267) في الصلاة: باب من فاتته سنة
الصبح متى يقضيها، والترمذي (422) في الصلاة: باب فيمن
تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، وابن
ماجه (1154) في إقامة الصلاة: باب ما جاء فيمن فاتته
الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما، وأحمد 5 / 447،
والحاكم 1 / 275 من طريق عبد الله بن نمير، عن سعد بن
سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن جده قيس بن عمرو قال: خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقيمت الصلاة، فصليت معه
الصبح، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدني أصلي،
فقال: " مهلا يا قيس أصلاتان معا ؟ " قلت: يا رسول الله
إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: " فلا إذن " ورجاله
ثقات، إلا أن محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس، لكن للحديث
طريق متصل صحيح أخرجه الحاكم (1 / 274، 275) وعنه البيهقي
2 / 483 من طريق الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى،
حدثنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه عن جده، قال
الحاكم: قيس بن قهد صحابي، والطريق إليه صحيح على شرطهما،
ووافقه الذهبي على تصحيحه وصححه ابن خزيمة (1116).
(5/469)
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ قَاضِي حَرَمِ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَمُفْتِيْهَا فِي عَصرِه، يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ
قَيْسِ بنِ قهدِ بنِ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الحَارِثِ
بنِ يَزِيْدَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ
النَّجَّارِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ فِي (الطَّبَقَاتِ): يَحْيَى بنُ
سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدِ بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ
بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ أَبُو سَعِيْدٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي (الكُنَى): يَحْيَى بنُ
سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ الحَارِثِ
بنِ زَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: ابْنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ
قهدٍ، وَلَمْ يَصِحَّ أَخُو سَعْدٍ وَعَبْدِ رَبِّهِ
وَسَعِيْدٍ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ جَدَّه هُوَ قَيْسُ بنُ
عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ: أَحْمَدُ، وَابْنُ
مَعِيْنٍ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ: جَدُّه قَيْسُ بنُ قهدِ بن قَيْسٍ.
فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: غَلِطَ مُصْعَبٌ،
وَقَيْسُ بنُ قهدٍ هُوَ جَدُّ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ
الغَفَّارِ بنِ القَاسِمِ الأَنْصَارِيِّ، الكُوْفِيِّ.
قَالَ: وَكِلاَهمَا لَهُ صُحْبَةٌ.
ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: (خَيْرُ دُوْرِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي
النَّجَّارِ (1)).
رَأَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ.
قَالَهُ: الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ قَالَ:
سَمِعَ: أَنَساً، وَالسَّائِبَ، وَأَبَا أُمَامَةَ،
وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَيُوْسُفَ
بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ.
وَسَمِعَ: ابْنَ المُسَيِّبِ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ
الفُقَهَاءِ السَّبعَةِ، وَجَالَسَهُم.
رَوَى عَنْهُ مِنَ التَّابِعِيْنَ أَرْبَعَةٌ: هِشَامُ بنُ
عُرْوَةَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَأَيُّوْبُ
السِّخْتِيَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ.
__________
(1) أخرجه البخاري 7 / 88 في المناقب: باب فضل دور
الانصار، ومسلم (2511) في فضائل الصحابة: باب خير دور
الأنصار، من حديث أبي أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " خير دور الانصار بنو النجار ".
(5/470)
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ:
حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ
قَيْسِ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، قَالَ:
يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ
النَّجَّارِيُّ تُوُفِّيَ بِالهَاشِمِيَّةِ، وَكَانَ
قَاضِياً بِهَا لأَبِي جَعْفَرٍ، سَنَة ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ.
عَارِمٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ،
قَالَ:
حَدَّثَنِي العَدْلُ، الرِّضَى، الأَمِيْنُ عَلَى مَا
يَغِيبُ عَلَيْهِ، أَبُو سَعِيْدٍ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ.
قُلْتُ: عَامَّةُ النَّاسِ كَنَّوْهُ هَكَذَا.
وَرَوَى: أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةٌ، عَنِ ابْنِ
المَدِيْنِيِّ، قَالَ: كُنْيَتُه أَبُو نَصْرٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ قَدْ سَاءتْ حَالَتُه، وَأَصَابَه ضَيْقٌ
شَدِيْدٌ، وَرَكِبَه الدَّيْنُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَاكَ،
إِذْ جَاءهُ كِتَابُ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ
يَسْتَقْضِيهِ، فَوَكَلَنِي بِأَهْلِهِ، وَقَالَ لِي:
وَاللهِ مَا خَرَجتُ وَأَنَا أَجهَلُ شَيْئاً.
فَلَمَّا قَدِمَ العِرَاقَ، كَتَبَ إِلَيَّ: قُلْتُ لَكَ
ذَاكَ القَوْلَ، وَإِنَّهُ -وَاللهِ- لأَوَّلُ خَصمَيْنِ
جَلَسَا بَيْنَ يَدَيَّ، فَاقَتَصَّا شَيْئاً، وَالله مَا
سَمِعْتُه قَطُّ، فَإِذَا جَاءكَ كِتَابِي هَذَا، فَسَلْ
رَبِيْعَةَ بنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاكتُبْ
إِلَيَّ مَا يَقُوْلُ، وَلاَ تُعْلِمْهُ.
هَذِهِ حِكَايَةُ مُنْكَرَةٌ، فَإِنَّ رَبِيْعَةَ كَانَ
قَدْ مَاتَ.
رَوَاهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ،
عَنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ مِنْ وَلَدِ
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَزَادَ فِيْهَا:
فَلَمَّا خَرَجتُ إِلَى العِرَاقِ، شَيَّعتُه، فَكَانَ
أَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَه جِنَازَةٌ، فَتَغَيَّرَ وَجْهِي،
فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَغَيَّرْتَ؟
فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لاَ طَيْرَ إِلاَّ طَيْرُكَ.
فَقَالَ: وَاللهِ لَئِنْ صَدقَ طَيرُكَ، لَيُنْعَشَنَّ
أَمْرِي.
فَمَضَى، فَمَا أَقَامَ إِلاَّ شَهْرَيْنِ حَتَّى قَضَى
دَيْنَه، وَأَصَابَ خَيْراً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ الطَّالَقَانِيُّ: سَمِعْتُ
أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَثْبَتُ النَّاسِ.
(5/471)
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قَدِمَ
أَيُّوْبُ مِنَ المَدِيْنَةِ، فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ
أَفْقَهُ مَنْ خَلَّفتَ بِهَا؟
قَالَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ.
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ
بنِ عُمَرَ، قَالَ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُحَدِّثنَا، فَيَسُحُّ
عَلَيْنَا مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ، إِذَا طَلعَ رَبِيْعَةُ،
فَقَطَعَ حَدِيْثَه إِجْلاَلاً لِرَبِيْعَةَ وَإِعْظَاماً
(1) .
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
أَدْرَكتُ مِنَ الحُفَّاظِ ثَلاَثَةً: إِسْمَاعِيْلَ بنَ
أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ،
وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ.
قُلْتُ: فَالأَعْمَشُ؟
فَأَبَى أَنْ يَجْعَلَه مَعَهُم.
مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ
زُرَيْعٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا قَدِمَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ،
نَزَلَ عَلَى عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الحَمَيْدِ،
وَكَانَ يَحْيَى لاَ يُملِي، فَكُنَّا نَدْخُلُ عَلَيْهِ،
وَمَعَنَا ابْنُ عُلَيَّة، وَجَمَاعَةٌ، فَنَحفَظُ،
فَإِذَا خَرَجنَا، كَتبَ هَذَا مَا حَفِظَ، وَهَذَا مَا
حَفِظَ، فَتَرَكتُ لِذَلِكَ حَدِيْثَه، وَقُلْتُ: لاَ
آخُذُ دِيْنِي عَنْكُم.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ، أَنَّ
سُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ:
خَرَجَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ فِي
مِيْرَاثٍ لَهُ، فَطَلَبَ لَهُ رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَرِيْدَ، فَرَكِبَه إِلَى
إِفْرِيْقِيَةَ، فَقَدِمَ بِذَلِكَ المِيْرَاثِ، وَهُوَ
خَمْسُ مائَةِ دِيْنَارٍ.
فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ، وَأَتَاهُ
رَبِيْعَةُ أَغلَقَ البَابَ عَلَيْهِمَا، وَدَعَا
بِمِنْطَقَتِه، فَصَيَّرَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِيْعَةَ،
وَقَالَ:
يَا أَبَا عُثْمَانَ، وَاللهِ مَا غَيَّبْتُ مِنْهَا
دِيْنَاراً إِلاَّ مَا أَنْفَقنَاهُ فِي الطَّرِيْقِ.
ثُمَّ عَدَّ مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً،
فَدَفَعهَا إِلَى رَبِيْعَةَ، وَأَخَذَ هُوَ مِثْلَهَا
قَاسَمَه.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ
سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَجَلَّ عِنْدَ
أَهْلِ المَدِيْنَةِ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا
جَرِيْرٌ:
سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، فَقُلْتُ:
__________
(1) الخبر في " المعرفة والتاريخ " 1 / 648، وفيه: فإذا
طلع ربيعة، قطع حديثه إجلالا لربيعة وإعظاما.
(5/472)
أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكتَ مِنَ
الأَئِمَّةِ؟ مَا كَانَ قَوْلُهم فِي أَبِي بَكْرٍ،
وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ؟
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَشُكُّ
فِي تَفْضِيْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى عَلِيٍّ،
إِنَّمَا كَانَ الاخْتِلاَفُ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا
وُهَيْبٌ، قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَلَمْ أَلقَ بِهَا أَحَداً إِلاَّ
وَأَنْتَ تَعْرِفُ وَتُنكِرُ، غَيْرَ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، وَمَالِكٍ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ
الزَّاهِدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ،
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ حَفْصٍ حَدَّثَهُم، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو
عِيْسَى، وَغَيْرُهُ:
أَنَّ قَوْماً كَانَتْ بَيْنَهُم وَبَيْنَ المُسَيِّبِ بنِ
زُهَيْرٍ خُصُومَةٌ، فَارتَفَعُوا إِلَى يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَحْيَى أَنْ
يَحضُرَ.
فَأَتَوهُ بِكِتَابِ يَحْيَى، فَانْتَهَرَهُم، وَأَبَى،
فَجَاؤُوا إِلَى يَحْيَى، فَقَامَ مُغضَباً يُرِيْدُ
المُسَيِّبَ، فَوَافَقَه قَدْ رَكِبَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ
نَحْو المائَتَيْنِ مِنَ الخَشَّابَةِ، فَلَمَّا رَأَوُا
القَاضِي، أَفْرَجُوا لَهُ، فَأَتَى المُسَيِّبَ، فَأَخَذَ
بِحمَائِلِ سَيْفِهِ، وَرَمَى بِهِ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ
بَركَ عَلَيْهِ يَخْنِقُه.
قَالَ: فَمَا خَلَّصَ حَمَائِلَ السَّيْفِ مِنْ يَدِهِ
إِلاَّ أَبُو جَعْفَرٍ بِنَفْسِهِ.
قُلْتُ: هَكَذَا فَلْيَكُنِ الحَاكِمُ، وَمَتَى خَافَ
الحَاكِمُ مِنَ العَزلِ لَمْ يُفلِحْ، وَفِي ثُبُوتِ
هَذِهِ الحِكَايَةِ نَظَرٌ.
الحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ: حَدَّثَنَا
جَرِيْرٌ، قَالَ:
سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، وَمَا رَأَيْتُ شَيْخاً
أَنْبَلَ مِنْهُ...، فَذَكَرَ تَفْضِيْلَ الشَّيْخَيْنِ،
وَقَدْ مَرَّ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
يَقُوْلُ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
وَقَالَ يَحْيَى: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ
الخِيَارِ يَقُوْلُ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ
سَلِّمْنَا، وَسَلِّمِ المُؤْمِنِيْنَ مِنَّا.
ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ، قَالَ: أَهْلُ العِلْمِ أَهْلُ
(5/473)
وَسْعَةٍ، وَمَا بَرِحَ المُفْتُوْنَ
يَخْتَلِفُوْنَ، فَيُحَلِّلُ هَذَا، وَيُحَرِّمُ هَذَا،
وَإِنَّ المَسْأَلَةَ لَتَرِدُ عَلَى أَحَدِهِم
كَالجَبَلِ، فَإِذَا فَتَحَ لَهَا بَابَهَا، قَالَ: مَا
أَهْوَنَ هَذِهِ.
يَعْقُوْبُ بنُ كَاسِبٍ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَهْلِ
العِلْمِ، قَالَ:
سَمِعْتُ صَائِحاً يَصِيْحُ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ
أَيَّامَ مَرْوَانَ: لاَ يُفْتِي الحَاجَّ فِي المَسْجِدِ
إِلاَّ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ
عُمَرَ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
قُلْتُ لِسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنِ
ابْنِ عُمَرَ؟
فَقَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً، نَعَمْ أَكْثَرُ مِنْ مائَةِ
مَرَّةٍ.
وَبِهِ: عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
لأَنْ أَكُوْنَ كَتَبتُ كُلَّ مَا أَسْمَعُ، أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ لِي مِثْلُ مَا لِي.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الحَنَفِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ
هَارُوْنَ يَقُوْلُ:
حَفِظتُ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ ثَلاَثَةَ آلاَفِ
حَدِيْثٍ، فَمَرِضتُ مَرضَةً، فَنَسِيتُ نِصْفَهَا،
فَقَالَ فَتَىً مِنَ القَوْمِ: رُوَيْداً، لَيتكَ مَرِضتَ
الثَّانِيَةَ، فَنَسِيتَهَا كُلَّهَا، فَنَستَرِيْحُ
مِنْكَ.
رَوَاهَا: الحَاكِمُ، وَلاَ أَعْرِفُ الحَنَفِيَّ.
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يُقَدِّمُ يَحْيَى
بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ عَلَى الزُّهْرِيِّ؛
لِكَوْنِهِ رَآهُ وَلَمْ يَرَ الزُّهْرِيَّ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ
رَجُلاً صَالِحاً، فَقِيْهاً، ثِقَةً.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ حَافِظاً.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مُحَدِّثُو الحِجَازِ: ابْنُ
شِهَابٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ.
وَرَوَى: أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ،
قَالَ: صَحِبتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ إِلَى الشَّامِ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، قَالَ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ خَفِيْفَ
(5/474)
الحَالِ، فَاسْتَقضَاهُ المَنْصُوْرُ،
فَلَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ،
فَقَالَ: مَنْ كَانَتْ نَفْسُهُ وَاحِدَةً، لَمْ
يُغَيِّرْهُ المَالُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: قَالَ يَزِيْدُ بنُ
هَارُوْنَ:
قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: كَمْ تَحفَظُ؟
قَالَ: سِتَّ مائَةٍ، سَبْعَ مائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا يُوَضِّحُ لَكَ ضَعفَ القَوْلِ المَارِّ
عَنْ يَزِيْدَ، وَلاَ كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عِنْدَه
ثَلاَثَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ قَطُّ.
وَعَنْ يَحْيَى القَطَّانِ، قَالَ: هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى
الزُّهْرِيِّ؛ لأَنَّ الزُّهْرِيَّ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ،
وَيَحْيَى لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَقَالَ: لَهُ نَحْوٌ
مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ، فَكَأَنَّهُ عَنَى
(المُسْنَدَ) مِنْ حَدِيْثِهِ، أَوِ الَّذِي اشْتُهِرَ
لَهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ
يَقُوْلُ:
لَيْسَ لأَحَدٍ عِنْدِي كِتَابٌ، وَلَوْ كَانَ، لَسَرَّنِي
أَنْ يَكُوْنَ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِالهَاشِمِيَّةِ، بِقُربِ الكُوْفَةِ،
وَلَهُ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، سَنَة ثَلاَثٍ
وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ
فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ،
أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ،
أَنْبَأَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ
بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ
عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيْدٍ
الرُّعَيْنِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ،
أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بنَ عَامِرٍ يَذْكُرُ:
أَنَّ أُخْتَه نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى البَيْتِ
حَافِيَةً، غَيْرَ مُختَمِرةٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ
لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَالَ: (مُرْ أُخْتَكَ، فَلْتَرْكَبْ، وَلْتَخْتَمِرْ،
وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (1)).
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، فَرْدٌ.
__________
(1) أخرجه ابو داود (3299) في الايمان والنذور، والترمذي
(1544) وأخرجه البخاري 5 / 68 في جزاء الصيد، ومسلم (1644)
من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر
الجهني قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية،
فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: " لتمش ولتركب ".
(5/475)
وَاسْمُ أَبِي سَعِيْدٍ: جُعْثُلُ بنُ
هَاعَانَ، قَاضِي إِفْرِيْقِيَةَ.
مَاتَ: سنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
مَحَلُّه الصِّدْقُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ سِوَى عُبَيْدِ
اللهِ بنِ زَحْرٍ، وَفِيْهِ لِيْنٌ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مَخْلَدِ بنِ خَالِدٍ
الشَّعِيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ
بِهَذَا.
وَأَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ
غَيْلاَنَ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ سُفِيَانَ، عَنْ يَحْيَى
بنِ سَعِيْدٍ.
وَحَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
وَوَقَعَ لَنَا عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ، وَهَذَا
الحَدِيْثُ مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَفَادَ يَحْيَى فِي
رَحلتِهِ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ.
عَارِمٌ: عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ:
قِيْلَ لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: سَمِعْتَ أَبَاكَ يَقُوْلُ
كَذَا وَكَذَا؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ حَدَّثنِي العَدْلُ، الرِّضَى،
الأَمِيْنُ، عِدْلُ نَفْسِي عِنْدِي يَحْيَى بن سَعِيْدٍ،
أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي.
قَالَ النَّسَائِيُّ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: ثِقَةٌ،
ثَبْتٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ قَاضِياً عَلَى الحِيْرَةِ،
وَثَمَّ لَقِيَهُ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، فَرَوَى عَنْهُ
مائَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ القَطَّانُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ،
وَعِدَّةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَابْنُ بُكَيْرٍ،
وَالفَلاَّسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: طُرُقِ حَدِيْثِ
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ
بنِ الخَطَّابِ:
عنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ).
رَوَاهُ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عُيَيْنَةَ الهِلاَلِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي
يَحْيَى المَدَنِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صِرْمَةَ
المَدَنِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَنَاحٍ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ زَكَرِيَّا المُعَلِّمُ الضَّرِيْرُ،
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اليَسَعِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
عَبْدِ الحَمَيْدِ
(5/476)
الحِمْصِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ
إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَمِّعٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ
عُلَيَّةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ القَاسِمِ أَبُو العَتَاهِيَةِ - فِيْمَا قِيْلَ -
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا الخُلْقَانِيُّ،
وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ زَيْدِ بنِ
ثَابِتٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زِيَادٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ
بنُ ثَابِتِ بنِ مُجَمِّعٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ الرَّبِيْعِ
العَطَّارُ، وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ،
وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَسِيْدُ بنُ القَاسِمِ
الكَتَّانِيُّ، وَأَبْرَدُ بنُ الأَشْرَسِ، وَأَبُو
الرَّبِيْعِ أَشْعَثُ بنُ سَعِيْدٍ السَّمَّانُ،
وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَسَدُ بنُ عَمْرٍو،
وَأُسَامَةُ بنُ حَفْصٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ وَاقِدٍ -
كُوْفِيٌّ - وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ، وَأَبْيَضُ بنُ
أَبَانٍ.
وَبَحْرُ بنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ، وَبَكْرُ بنُ عَمْرٍو
المَعَافِرِيُّ، وَبَشِيْرُ بنُ زِيَادٍ الجَزَرِيُّ.
وَتَوْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ العَنْبَرِيِّ بنِ أَبِي
الأَسَدِ، وَتَلِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الكُوْفِيُّ.
وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، وَثَابِتُ بنُ كَثِيْرٍ.
وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، وَجَرِيْرُ
بنُ حَازِمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ،
وَجُنَادَةُ بنُ سَلْمٍ، وَجَارِيَةُ بنُ هَرِمٍ
الهُنَائِيُّ، وَجُمَيْعُ بنُ ثُوْبٍ الشَّامِيُّ.
وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ،
وَحَمَّادُ بنُ زَيْدِ بنِ عُمَرَ - كُوْفِيٌّ -
وَحَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ أَبُو أُسَامَةَ، وَحَمَّادٌ
أَخُو شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادُ بنُ عَبْدِ
المَلِكِ الخَوْلاَنِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ يَحْيَى
الأَبَحُّ، وَحَمَّادُ بنُ شَيْبَةَ، وَحَمَّادُ بنُ
يُوْنُسَ، وَحَمَّادُ بنُ نَجِيْحٍ، وَالحَسَنُ بنُ
صَالِحٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ أَخُو أَبِي بَكْرٍ،
وَالحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ،
وَحُسَيْنُ بنُ عُلْوَانَ، وَحُرٌّ الحَذَّاءُ، وَحُدَيْجُ
بنُ مُعَاوِيَةَ، وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ، وَحَمْزَةُ
الزَّيَّاتُ، وَحَسَّانُ بنُ غَيْلاَنَ، وَحَفْصُ بنُ
غِيَاثٍ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ القَنَّادُ، وَحَفْصُ بنُ
سُلَيْمَانَ القَارِئُ، وَحَكِيْمُ بنُ نَافِعٍ
الرَّقِّيُّ، وَالحَارِثُ بنُ عُمَيْرٍ، وَحُمَيْدُ بنُ
زِيَادٍ أَبُو صَخْرٍ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ.
وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ، وَخَالِدُ بنُ
حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَخَالِدُ بنُ سَلَمَةَ
الجُهَنِيُّ، وَخَالِدُ بنُ القَاسِمِ المَدَائِنِيُّ -
وَلَمْ يَصِحَّ - وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ،
وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَخَلِيْفَةُ بنُ غَالِبٍ -
بَصْرِيٌّ - وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَخَطَّابُ بنُ
أَبِي خَيْرَةَ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُرَّةَ، وَخُصَيْبُ بنُ
(5/477)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَازِمُ بنُ
الحَارِثِ أَبُو عِصْمَةَ، وَالخُصَيْبُ بنُ جَحْدَرٍ،
وَالخُصَيْبُ بنُ عُقْبَةَ الوَابِشِيُّ.
وَدَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، وَدَاوُدُ
بنُ الزِّبْرِقَانِ، وَدَاوُدُ بنُ بَكْرِ بنِ أَبِي
الفُرَاتِ، وَدَاوُدُ بنُ جُشَمٍ.
وَذُؤَادُ بنُ عُلْبَةَ.
وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَرَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ،
وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَالرَّبِيْعُ بنُ حَبِيْبٍ -
كُوْفِيٌّ - وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، وَرَجَاءُ بنُ
صَبِيْحٍ.
وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ،
وَزَيْدُ بنُ بَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَزَيْدُ بنُ عَلِيٍّ،
وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَزِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ،
وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي
العَتِيْكِ - كُوْفِيٌّ - وَزَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ،
وَزُفَرُ الفَقِيْهُ، وَزَائِدَةُ.
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ،
وَسُفْيَانُ بنُ عُمَرَ الحَضْرَمِيُّ - كُوْفِيٌّ -
وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ أَبُو خَالِدٍ
الأَحْمَرُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَسُلَيْمَانُ
الأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو دَاوُدَ
النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الكَعْبِيُّ،
وَسُلَيْمَانُ بنُ خُثَيْمٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المَرْزُبَانِ
أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ، وَسَعِيْدُ بنُ مَسْلمَةَ
الأُمَوِيُّ، وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ، وَسَعِيْدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ الثَّقَفِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ
اللهِ الأَوْدِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ رَجَاءٍ، وَسَلاَّمٌ
أَبُو المُنْذِرِ القَارِئُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ
بنُ سُلَيْمٍ، وَسَابِقٌ البَرْبَرِيُّ، وَسُوَيْدُ بنُ
عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَيْفُ بنُ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيُّ،
وَسَيْفُ بنُ عُمَرَ، وَسَعَّادُ بنُ سُلَيْمَانَ
التَّمِيْمِيُّ، وَسِنَانُ بنُ هَارُوْنَ.
وَشُعْبَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ،
وَشُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ، وَشَرْقِيُّ بنُ قُطَامِيٍّ،
وَشُجَاعُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَشَقِيْقُ بنُ عَبْدِ اللهِ.
وَصَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، وَصَالِحُ
بنُ يَحْيَى، وَصَالِحُ بنُ جَبَلَةَ، وَصَالِحُ بنُ
قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ.
وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ.
وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ اليَامِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ
زَيْدٍ.
وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو أُوَيْسٍ، وَعَبْدُ
اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ زِيَادِ بنِ سَمْعَانَ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
وَاقِدٍ الهَرَوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَرَّادَةَ،
وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ القَدَّاحُ، وَعَبْدُ اللهِ
بنُ
(5/478)
حُسَيْنِ بنِ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
سُفْيَانَ الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ بُدَيْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدٍ
الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحِ بنِ
مُوْسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ المُحَارِبِيُّ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
زِيَادٍ أَبُو خَالِدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
العَرْزَمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ
سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو
الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الكِنْدِيُّ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ
الحُصَيْنِ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ القَاسِمِ، وَعَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ
مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي
بَكْرٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زُرَارَةَ،
وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ
عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ
السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ،
وَعَبْدُ رَبِّهِ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَعَبْدَةُ
بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، وَعَبَّادُ بنُ
العَوَّامِ، وَعَبَّادُ بنُ صُهَيْبٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ
الفَرَّاءُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدَةُ
بنُ أَبِي بَرْزَةَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ
عُبَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ،
وَعُمَرُ بنُ يَزِيْدَ، وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعُمَرُ
بنُ عَلِيِّ بنِ مُقَدَّمٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ
الحَمَيْدِ الطَّائِيُّ، وَعُمَرُ بنُ هَارُوْنَ، وَعُمَرُ
بنُ مَرْوَانَ الجَلاَّبُ، وَعُمَرُ بنُ وَجِيْهٍ،
وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدُ
المُنْعِمِ بنُ نُعَيْمٍ، وَعَامِرُ بنُ خِدَاشٍ، وَعَبْدُ
الجَبَّارِ بنُ سُلَيْمَانَ - أَوِ ابْنُ عُثْمَانَ -
وَعِمْرَانُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَعَمْرُو بنُ هَاشِمٍ،
وَعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ الثَّقَفِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ
مَنْصُوْرٍ، وَعَدِيُّ بنُ الفَضْلِ، وَعِيْسَى بنُ
شُعَيْبٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ
بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بنُ
سَعِيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ،
وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ العُمَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ
هَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ
بنُ هَاشِمِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَعَلِيُّ بنُ صَالِحٍ،
وَعِيْسَى بنُ ثَوْبَانَ، وَعِيْسَى بنُ زَيْدِ بنِ
عَلِيٍّ، وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ، وَعَمْرُو بنُ
الحَارِثِ الفَقِيْهُ،
(5/479)
وَعَمْرُو بنُ جُمَيْعٍ، وَعَمْرُو بنُ
أَبِي قَيْسٍ، وَعُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ، وَعُثْمَانُ بنُ
مُخَارِقٍ، وَعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعِصْمَةُ بنُ
مُحَمَّدٍ الزُّرَقِيُّ، وَعَائِذُ بنُ حَبِيْبٍ،
وَعَمَّارُ بنُ رُزَيْقٍ، وَعَمَّارُ بنُ سَيْفٍ،
وَعَطَاءُ بنُ جَبَلَةَ، وَعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بنِ
أَبِي خَيْرَةَ.
وَغَسَّانُ بنُ غَيْلاَنَ، وَغِيَاثُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.
وَفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، وَفَرَحُ بنُ فَضَالَةَ،
وَفُلَيْحُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ،
وَفَضَالَةُ بنُ نُوْحٍ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ.
وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ
العُمَرِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ
الحَكَمِ، وَقُرَيْبٌ الأَصْمَعِيُّ.
وَكِنَانَةُ بنُ جَبَلَةَ، وَكَثِيْرُ بنُ زِيَادٍ أَبُو
سَهْلٍ.
وَاللَّيْثُ، وَابْنُ عَجْلاَنَ.
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدٍ اللَّيْثِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ وَرْدٍ العِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عُمَرَ القَارِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي
كَثِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مُغِيْثٍ البَجَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
سَعِيْدٍ المَدَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ أَبُو
سَعِيْدٍ المُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ
رَجَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ دِيْنَارٍ الطَّاحِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَنْصَارِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ،
وَمُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ العِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ
زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَازِمٍ أَبُو
مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
أَبِي ذِئْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ الأَسَدِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ
بنُ عِصْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ
عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ،
وَمَالِكٌ، وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَرْوَانُ بنُ
سَالِمٍ، وَمَعْمَرٌ، وَمَنْدَلٌ، وَمُفَضَّلُ بنُ
يُوْنُسَ، وَمَسْلَمَةُ بنُ عُلَيٍّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ
يَسِيْرٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الأَسْوَدِ، وَمُصَادُ بنُ
عُقْبَةَ، وَمِسْكِيْنٌ أَبُو فَاطِمَةَ الطَّاحِيُّ،
وَالمُسَيِّبُ بنُ شَرِيْكٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى،
وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ،
وَمُغَلِّسُ بنُ زِيَادٍ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ،
وَمِسْعَرٌ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.
وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَنُوْحُ بنُ المُخْتَارِ،
وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ
أَبُو حَنِيْفَةَ، وَنَصْرُ بنُ بَابٍ، وَنَصْرُ بنُ
طَرِيْفٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ، وَوُهَيْبٌ،
وَهَمَّامٌ، وَهُشَيْمٌ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ،
وَهِشَامُ بنُ عَبْدِ
(5/480)
الكَرِيْمِ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ،
وَهِشَامُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَهَارُوْنُ بنُ
عَنْتَرَةَ، وَهَاشِمُ بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ،
وَهُرَيْمُ بنُ سُفْيَانَ، وَهَبَّارُ بنُ عُقَيْلٍ،
وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَهِشَامُ بنُ زَيْدٍ.
وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
النَّوْفَلِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ عَمْرٍو، وَيَزِيْدُ بنُ
أَبِي حَفْصٍ - كُوْفِيٌّ - وَيُوْنُسُ بنُ رَاشِدٍ،
وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَيَحْيَى بنُ
سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ،
وَأَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بنُ المُتَوَكِّلِ، وَأَبُو
المِقْدَامِ يَحْيَى بنُ ثَعْلَبَةَ، وَيَحْيَى بنُ
أَيُّوْبَ المِصْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ العَلاَءِ
الرَّازِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ،
وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَجْلَحِ، وَيَحْيَى بنُ
المُهَلَّبِ أَبُو كُدَيْنَةَ، وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ،
وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ
أَبِي سَبْرَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ،
وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ
بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا
سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ
البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيُّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ
عُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ، كَشَفَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الثَّوْبَ عَنْ
وَجْهِهِ، وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ بَكَى
بُكَاءً طَوِيْلاً، فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى السَّرِيْرِ،
قَالَ: (طُوْبَاكَ يَا عُثْمَانُ، لَمْ تَلْبَسْكَ
الدُّنْيَا، وَلَمْ تَلْبَسْهَا).
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ هَذَا المَعْرُوْفُ
بِالمُحْرِمِ: ضَعَّفُوهُ (1) .
__________
(1) في ميزان المؤلف: ضعفه ابن معين، وقال البخاري: منكر
الحديث، وقال النسائي: متروك وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه
يكتب حديثه، لكن تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن
مظعون ثابت، فقد أخرجه الترمذي (989) وأبو داود (3163) من
حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن
مظعون وهو ميت وهو يبكي.
وقال الترمذي: حسن صحيح، وله شاهد من حديث معاذ بن ربيعة
أورده الهيثمي في المجمع.
(5/481)
214 - أَخُوْه
ُ: عَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ * (ع)
يَرْوِي عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَأَبِي
سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرَةَ،
وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ - أَحَدُ
شُيُوْخِهِ - وَشُعْبَةُ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ،
وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ حَيَّ الفُؤَادِ،
وَقَّاداً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
215 - أَخُوْهُمَا
: سَعْدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ **(م، 4)
أَحَدُ الثِّقَاتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَالسَّائِبِ بنِ
يَزِيْدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَابْنُ المُبَارَكِ،
وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ فِيْهِ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
بِعَوْنِهِ تَعَالَى وَتَوْفِيْقِهِ تَمَّ الجُزْءُ
الخَامِسُ مِنْ (سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ).
وَيَلِيْهِ الجُزْءُ السَّادِسُ، وَأَوَّلُهُ: تَرْجَمَةُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ.
المُجَلَّدُ السَّادِسُ
__________
(*) التاريخ الكبير 6 / 76، الجرح والتعديل 6 / 41، تهذيب
الكمال: 771، تذهيب التهذيب 2 / 202 1، تهذيب التهذيب 6 /
126، خلاصة تذهيب الكمال: 223.
(* *) التاريخ الكبير 4 / 56، الجرح والتعديل 4 / 84،
تهذيب الكمال 473، تذهيب التهذيب 2 / 8، تاريخ الإسلام 6 /
68، 69، ميزان الاعتدال 2 / 120، تهذيب التهذيب 3 / 470،
خلاصة تذهيب الكمال 134.
(5/482)
|