محض الصواب في
فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الباب السبعون:
كلامه في أصول الدين
...
الباب السبعون: في كلامه في أصول الدين
قال الإمام اللالكائي1: "سياق ما جاء في قوله الله عزوجل:
{الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وأن الله
على عرشه في السماء، قال: وهو قول عمر، وابن مسعود، وأحمد
بن حنبل". وذكر جماعة من العلماء2.
وقال الإمام الدارمي3: "فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصاحباه: أبو بكر وعمر، وخيار أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى بني إسرائيل قد خالفوا الجهمية"4.
وعن أبي يزيد / [110 / ب] المدني5 قال: "لقيت امرأة عمرابن
الخطّاب يقال لها: خولة بنت ثعلبة6، فقال عمر: "هذه امرأة
سمع الله شكواها من فوق سبع سموات"، رواه الدارمي في الردّ
على المريسي7.
__________
1 الإمام الحافظ هبة الله بن الحسن الطبري الشافعي
اللالكائي، صنف كتاباً في السنة، توفي سنة ثمان عشرة وأربع
مئة. (تاريخ بغداد14/70، سير أعلام النبلاء17/419).
2 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 2/388.
3 عمثان بن سعيد التميمي الدارمي السجستاني، أحد أئمة
الحديث، صنف: (المسند)، وكتاباً في: (الردّ على بشر
المريسي)، وكتاباً في: (الردّ على الجهمية)، توفي سنة
ثمانين ومئتين. (طبقات الحنابلة 1/221، سير أعلام النبلاء
13/319).
4 الدارمي: الردّ على المريسي ص 106.
5 في الأصل: (المزني)، وهو تصحيف. وهو نزيل البصرة. وروى
عن ابن عباس، روى عنه أيوب، وجرير بن حازم، وسلام بن
مسكين، ومقبول من الرابعة. (الجرح والتعديل 9/458، التقريب
ص 685).
6 خولة بنت ثعلبة الأنصارية الخزرجية، صحابية، وهي التي
ظاهر منها زوجها، فنزلت فيها سورة المجادلة. (التقريب ص
746).
7 الدارمي: الردّ على المريسي ص 47، والردّ على الجهمية ص
45، وابن أبي حاتم: تفسير ابن كثير 8/60، 61، والبيهقي:
الأسماء والصفات ص 420، والذهبي: العلوّ ص 63، عن جرير بن
حازم عن أبي يزيد عن عمر، وهو ضعيف لانقطاعه بين أبي يزيد
وعمر.
قال ابن كثير: "هذا منقطع بين أبي يزيد وعمر بن الخطاب،
وقد روى من غير هذا الوجه". وقال الذهبي: "هذا إسناد صالح
فيه انقطاع، أبو يزيد لم يلحق عمر".
قلت: يعني: إسناد الدارمي.
(3/775)
وفي لفظ: أن امرأة مرت بعمر فاستوقفته،
فوقف يحدّثها، فقال له رجل: "يا أمير المؤمنين، حبست الناس
على هذه العجوز؟". فقال: "ويلك، أتدري من هي؟". هذه امرأة
سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة التي أنزل
الله فيها: {قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ
فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]، ذكره الذهبي عن الدارمي1.
وفي لفظ: أن عمر خرج ومعه الناس، فمر بعجوز فاستوقفته،
فجعل يحدّثها وتحدّثه، فقال له رجل: "يا أمير المؤمنين،
حبست الناس على هذه العجوز؟". فذكره وفيه: أن عمر قال:
"فوالله لو أنها وقفت إلى الليل ما فارقتها إلا إلى
الصلاة2 ثم أرجع إليها"3.
وعن قتادة قال: "خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي،
فإذا امرأة برزت على ظهر الطريق، فسلم عليها عمر بن
الخطّاب فردّت السلام، وقالت: أيهاً عمر، عهدتك وأنت تسمى
عميراً في سوق عكاظ تذعر الصبيان بعصاك، فلم تذهب الأيام
حتى سُمِّيت عمر، ولم تذهب الأيام
__________
1 الذهبي: العلوّ للعلي الغفار ص 63، عن أبي يزيد المدني
عن عمر. وقد مرّ تخريجه.
2 مطموس في الأصل، سوى (الصـ).
3 الدارمي: الردّ على الجهمية ص 45، وابن أبي حاتم كما في
تفسير ابن كثير 8/60، 61، عن أبي يزيد عن عمر، وقد مرّ
تخريجه. وعلقه ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1830، 1831،
بقوله: "وروينا من وجوه عن عمر بن الخطاب)، ثم ذكر الأثر.
وعنه ابن قدامة في صفة العلوّ ص 102، 103.
(3/776)
حتى سُمِّيت أمير المؤمنين، فاتَّقِ الله
في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن1
خاف الموت خشي الفوت".
فقال الجارود: "أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين"،
فقال عمر: "دعها أما تعرف هذه؟ هذه هي خولة بنت ثعلبة التي
سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر أحقّ أن يسمع
لها"2.
وعن قيس3 قال: "لما قدم عمر الشام استقبل الناس وهو على
بعيره، فقالوا: "يا أمير المؤمنين لو ركبت برذوناً يلقاك
عظماء الناس، ووجوههم"، فقال عمر: "ألا أراكم ههنا والأمر
من ههنا". وأشار بيده إلى السماء"4.
وروى الدارمي عن عبد الرحمن بن غنْم، قال: قال عمر بن
الخطّاب: "ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه"5.
وأخرجه أبو نعيم6 ولفظه: "ويل لديان من في الأرض من ديان
من في السماء يوم يلقونه، إلا من أمر بالعدل، وقضى بالحقّ،
ولم يقض على هوى،
__________
1 مطموس في الأصل، سوى (ومـ).
2 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/773، 774، وابن عبد البر:
الاستيعاب 4/1831، وابن قدامة: صفة العلوّ ص 103، وابن
حجر: الإصابة 8/69، وهو ضعيف لانقطاعه بين قتادة وعمر بن
الخطاب، وفيه أيضاً: خليد بن دعلج ضعيف. (التقريب رقم:
1740)، وقال ابن حجر في الإصابة: "خليد بن دعلج ضعيف سيّء
الحفظ".
3 ابن أبي حازم.
4 ابن أبي شيبة: المصنف 13/40، وإسناده صحيح، ومن طريقه
أبو نعيم: الحلية 1/47 والذهبي: العلوّ ص 62، وقال:
"إسناده كالشمس". وقال الألباني: "وهو إسناد صحيح على
الشيخين". (مختصر العلوّ ص 103).
5 الدارمي: الرّدّ على المريسي ص 104، وإسناده صحيح.
وقد سبق تخريجه ص 808.
6 أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني.
(3/777)
وقرابة، ولا على رغب ولا على رهب، وجعل
كتاب الله مرآة بين عينيه"1.
وروى الدارمي عن سالم بن عبد الله بن عمر: أن كعباً2 قال
لعمر: "ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء، قال عمر: "إلا
من حاسب نفسه". قال كعب: "إلا من حاسب نفسه، فكبر عمر، ثم
خرّ ساجداً"3.
__________
1 سمويه في فوائده كما في العلوّ للذهبي ص 63، وعنه
الذهبي: في العلوّ ص 63، قال الألباني: "ورواه المصنف -
يعني: الذهبي - بإسناد عنه، وأخرجه الدارمي مختصراً،
وإسنادهما صحيح، ورجاله ثقات إن كان سعيد بن عبد العزيز
التنوخي حدّث به قبل اختلاطه، وهذا هو الراجح عندي؛ لأن
الراوي له عنه أبو مسهر، مع أنه هو الذي أخبرنا باختلاطه،
فغالب الظن أنه لا يروي عنه في حالته هذه، لاسيما وهو معظم
له". (مختصر العلوّ ص 103).
2 الأخبار.
3 الدارمي: الردّ على المريسي ص 104، والردّ على الجهمية ص
49، 50، والذهبي: العلوّ ص 62، وفي إسناده عبد الله بن
صالح صدوق كثير الغلط، لكن تابعه عبد الله ابن بكير عند
الخرائطي في فضيلة الشكر 68، فيه يصح.
(3/778)
الباب الحادي
والسبعون: من روى عنه
...
الباب الحادي والسبعون: في ذكر من روى عنه
قال الذهبي: "روى عنه أولاده: أم المؤمنين حفصة، وعبد
الله، وعاصم، ومولاه أسلم، وعليّ، وعثمان، وابن عباس،
والمسور بن مخرمة، وعدي بن حاتم، وعبد الرحمن بن عوف،
وعلقمة بن وقاص، وعلقمة بن قيس، ومسروق، ومالك بن أوس بن
الحدثان، وقيس بن أبي حازم، وأنس ابن مالك، والسائب بن
يزيد، وسعيد بن المسيب، وسويد بن غفلة، وطارق بن شهاب،
وعبيد بن عمير، وأبو الأسود الدِّيلي1، وأبو عبد الرحمن
السلمي2، وأبو عثمان النهدي، وخلق كثير من الصحابة وكبار
التابعين"3.
وقال شراح العمدة: "روى عن عمر بن الخطّاب أبو بكر وباقي
العشرة، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وابن عباس، وابن
الزبير، وأنس بن مالك، وعلقمة بن4 وقاص الليثي، ومالك بن
أوس بن الحدثان، وغيرهم من الصحابة والتابعين"5.
__________
1 ظالم بن عمرو الديلي، ويقال: الدُّولي، البصري، ثقة
فاضل، مخضرم، توفي سنة تسع وستين. (التقريب ص 619).
2 عبد الله بن حبيب السلمي، الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته،
ولأبيه صحبة، ثقة، ثبت، توفي بعد السبعين. (التقريب ص
299).
3 الذهبي: التذهيب ق 177 / أ.
4 في الأصل: (ابن أبي).
5 لم أجده.
(3/779)
الباب الثاني
والسبعون: مقالة من فضله على أبي بكر وردها
...
الباب الثاني والسبعون: في ذكر مقالة مَن فضَّله على أبي
بكر وردّها
قال مَعْمَر بن راشد: "لو قال رجل عمر أفضل من أبي بكر ما
عنَّفتُه".
قال عبد الرزاق1: "فذكرت ذلك لوكيع2 فأعجبه"3.
وفي الصحيح عن زيد بن أسلم حدّثه عن أبيه قال: "سألني ابن
عمر عن بعض شأنه - يعني: عمر - فأخبرته، فقال: "ما رأيت
أحداً قطّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبض
كان أجدّ وأجودَ4 حتى انتهى من عمر ابن الخطّاب"56.
قالوا: "وقد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره من القوّة في
أمر [الله]7 والسداد، والحرص على الخير، والخروج من
المظالم، والعفاف، والقيام بأمور الناس، ونحو ذلك رضي الله
عنه".
فصل: في ردّ ذلك
قال ابن عبد البرّ: "يدلّ على أنّ أبا بكر أفضل من عمر
سبقه
__________
1 عبد الرزاق بن هَمَّام الحميري، مولاهم، ثقة حافظ مصنف
شهير عَمي في آخر عمره، فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة،
توفي سنة إحدى عشرة ومئتين. (التقريب ص354).
2 وكيع بن الجراح الرّؤاسي.
3 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1150.
4 أجد: في الأمور، وأجود: في الأموال. (فتح الباري 7/49).
5 قال الحافظ ابن حجر: "وهو محمول على وقت مخصوص، وهو مدة
خلافته ليخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر". (فتح
الباري 7/49).
6 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3484.
7 سقط من الأصل.
(3/780)
إلى الإسلام"1.
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رأيت في
المنام أني وزنت بأمتي فرجحت، ثم وزن أبو بكر فرجح، ثم وزن
عمر فرجح" 2.
وقد قال عمر: "ما سابقت أبا بكر إلى خير قط إلا سبقني
إليه"3.
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر: "كُنَّا في زَمَن النبي صلى
الله عليه وسلم لا نعدِلُ بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم
عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل
بينهم"4.
وفي رواية: "كنا نُخير بين الناس في زمن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فَنُخيِّرُ أبا بكر، ثم عمر بن الخطّاب، ثم
عثمان بن عفان - رضي الله عنهم -"5.
وروى أبو الحسن بن السكري في "فوائده"، عن سعيد بن المسيب
أن عم ر قال: "ما سابقت أبا بكر إلى خير قطّ إلا سبقني
إليه"6.
وفي (عوالي) أبي محمّد عبد الله بن محمّد بن حيان7 عن عبد
خير قال:
__________
1 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1150.
2 أحمد: المسند 7/232، 233، وإسناده صحيح، والهيثمي: مجمع
الزوائد 9/58، وقال: (رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات".
وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 5469.
3 أحمد: المسند 1/270، بأطول، وإسناده صحيح.
4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1352، رقم: 3494.
5 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1337، رقم: 3455،
وقد سبق تخريجه ص: 282.
6 أحمد: المسند1/229، 230، بأطول، وإسناده صحيح. والترمذي:
السنن1/315، بأخصر، والحديث وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه
لأحاديث المسند، رقم: 175، والألباني في صحيح سنن الترمذي
1/55.
7 أبو الشيخ الأصبهاني.
(3/781)
سمعت عليّاً وهو يقول: "ألا أنبئكم بأفضل
هذه الأمة بعد نبيّها صلى الله عليه وسلم؟ أبو بكر، ثم
عمر، وإن شئت أن أسمي الثالث لفعلت"1.
وهو في (عوالي) أبي الشيخ2 بلفظه عن عبد خير.
وهو في مسند الإمام أحمد: "خير هذه الأمة بعد نبيّها أبو
بكر، ثم عمر"3.
وفي رواية: "ثم أحدثنا بعدهما أحداثاً يقضي الله فيها"4.
وفي رواية: "ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيّها: أبو
بكر، ثم خيرها بعد أبي بكر عمر: ثم يجعل الله الخير حيث
أحبّ"5.
__________
1 أبو محمّد عبد الله بن حيان: جزء فيه أحاديث أبي محمّد ص
122، وهو ضعيف لأجل أبيض بن أبان، ذكر البخاري في التاريخ
الكبير 2/60، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وابن أبي
حاتم في الجرح والتعديل ونقل عن أبيه أنه قال: "ليس
بالقوي". وقد سبق تخريجه ص 284.
2 أبو محمّد بن عبد الله بن حيان، هو أبو الشيخ، فلعل
المؤلّف أراد كتاباً آخر. فسهى. فذكر عوالي أبي الشيخ
السابق ذكره.
3 أحمد: المسند 4/225، وإسناده صحيح. وقد سبق تخريجه ص:
279-283.
4 سبق تخريجه ص 281.
5 القطيعي: زياداته على فضائل الصحابة لأحمد 1/147، إسناده
صحيح لغيره، فيه هشيم بن بشر، مدلس، لم يصرح بالسماع، لكن
تابعه عليه خالد بن عبد الله الطحان. وهو ثقة. مسند أحمد
1/115.
(3/782)
|