محض الصواب في
فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الباب الثامن
والتسعون: أنه لم يبل في قبره
...
الباب الثامن والتسعون: في ذكر أنّه لم يبل في قبره
قال الله عزوجل: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي
سَبِيلِ الله أَمْوَات بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ
تَشْعُرُونَ} [البقرة: 154]، وقال: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ
أَحْيَاءٌ عَنْدَ رَبِّهِم يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].
وقد اختلف العلماء فيمن قتل مظلوماً هل هو كمن قتل في سبيل
الله أم لا؟.
فإحدى الروايتين عن أحمد: أنه كمن قتل في سبيل الله في
معركة الكفار في جميع أحكامه من الشهادة1 وغيرها2.
وفي الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه: لما سقط عليهم الحائط
في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم
قدمٌ، ففزعوا وظنُّوا أنّها قدم النبي صلى الله عليه وسلم
فما وجدوا أحداً يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: "لا والله،
ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلاّ قدم عمر
رضي الله عنه"3.
وذكره ابن الجوزي عن هشام بن عروة ولفظه: "لما سقط عنهم -
يعني: قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، رضي
الله عنهما - في زمن الوليد ابن عبد الملك. فذكره"4.
وذلك لأنه قتلَ شهيداً، وغالب الشهداء لا تأكلهم الأرض.
__________
1 في الأصل: (الشهداه)، وهو تحريف.
2 ابن قدامة: المغني 3/475، 486، المرداوي: الإنصاف 2/503.
3 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/476، رقم: 1326.
4 ابن الجوزي: مناقب ص 232، بدون إسناد. وسبق ص 1003.
(3/950)
وقد ورد في ذلك أشياء، منها: قصة عبد الله
بن الثّامر1 لما حفر بعض أهل نجران خرب لبعض شأنه، فوجده
جالساً في رأسه شجّه2 يسيل منها الدم، وهو واضع يده عليها،
فإذا أخرت يده تثعب3 الدم وإذا تركت يده ردّها فوضعها
عليها، فكتبوا في ذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتب إليه:
ردّوا التراب كما كان واتركوه على حاله"4.
وأخبرني بعض شيوخنا عن حفَّارٍ كان بالصّاليحة5 قال لي:
"من عدة ستين سنة أرى في قبر ميتا عليه كفنه كما هو".
وأخبرني جماعة: أنه حفر في الكهف الذي بالصالحية في مكان
فوجد جماعة موتى على هيأتهم لم يتغيّروا، بثيابهم، على
هيئة العرب. فبعض أصحابنا يظن أنهم ممن قتل بالشام من
الصحابة. / [141 / أ].
__________
1 انظر: قصّته في ابن هشام: السيرة النبوية 1/71.
2 الشجّ: كسر الرأس. (لسان العرب 2/304).
3 ثعب: جرى وسال. (لسان العرب 1/236).
4 ابن هشام 1/75، ابن كثير: التفسير 8/391.
5 الصالحية: قرية كبيرة ذات أسواق وجامع في لحف جبل قاسيون
من غوطة دمشق وفيها قبور جماعة من الصالحين، وأكثر أهلها
ناقلة البيت المقدسي على مذهب أحمد ابن حنبل. (معجم
البلدان 3/390).
(3/951)
الباب التاسع
والتسعون: رؤيته في النوم
...
الباب التاسع والتسعون: في رؤيته في النّوم
في مسند الإمام أحمد أن عثمان رضي الله عنه قال: إني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، ورأيت أبا بكر
وعمر - رضي الله عنهما - وإنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر
عندنا القابلة"1.
قال بعض علماء التعبير: "من رأى واحداً من الصحابة أو
جميعهم أحياء دلّت رؤياه على قوّة الدين وأهله، وأن صاحب
الرؤيا ينال عزّاً وشرفاً، ويعلو2 أمره. فإن رأى كأنه صار
واحداً منهم نالته شدائد، ورزق الظفر، فإن رآهم مراراً
ضاقت معيشته.
قال بعضهم: "ومن رأى عمر رضي الله عنه أكرم بالصلابة في
الدين والعدل في الأفعال والأقوال، وحسن السيرة فيمن تحت
يده".
وقال - أظن ابن سيرين -: "من رآه في أرض بها جدب3 أو قحط،
مطرت مطرَ جُودٍ، وكان بها بركات وفتوحات، لما كان على
يديه وفي أيامه، وإن كانوا على أثر هلاك إمامهم، أقام الله
لهم من يقوم بعد مقامه، وإن كانوا
__________
1 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 1/388، وأبو عرب:
المحن ص 64، وأبو يعلى كما في المقصد العلي في زوائد أبي
يعلى الموصلي ق 164 / أ، وابن الأثير: أسد الغابة 3/490،
وابن عساكر: تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ص 393، جميعهم عن
مسلم أبي سعيد سكت عنه البخاري، ووثقه ابن حبان. (التاريخ
الكبي 7/262، الثقت 5/394). قال الهيثمي: مجمع الزوائد
7/232: "رواه عبد الله وأبو يعلى في الكبير، ورجالهما
ثقات". وصحّح إسناده أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند،
رقم: 526.
2 في الأصل: (ويعلوا).
3 في الأصل: (جذب)، وهو تصحيف.
(3/952)
في جورٍ رزقوا العدل، فإن رآه ضربه بدرته
أو توعده بعقوبة فلينزع عما هو عليه، وربما نزل به ذلك من
قاضي وقته أو سلطان بلده، وأما من لبس ثوبه أو عادت1 صفته
أعطه2 من حاله ما يليق من زيادة مناه وقد يموت شهيداً أو
مقتولاً. والله أعلم".
__________
1 هكذا في الأصل.
2 هكذا في الأصل، ولعلها: (أعطي)، أو (أعطاه).
(3/953)
|