مناقب الأسد
الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تلقين الذكر:
قلت: وللشيخ شهاب الدين السهروردي رحمه الله طريق أخرى في
تلقين الذكر وهي أنه تلقنه من عمه وشيخه أبي النجيب عبد
القاهر المذكور وهو من الشيخ أحمد الغزالي أخي الشيخ أبي
حامد الغزالي وهو من شيخ أبي بكر النساج وهو من الشيخ
الكركاني وهو من الشيخ أبي عثمان سعيد بن سلام المغربي وهو
من الشيخ علي الكاتب وهو من الشيخ أبي علي الروذباري وهو
من سيد الطائفة الجنيد وهو من خاله سري السقطي وهو من
معروف الكرخي، ولمعروف طريقتان إحادهما عن داود الطائي كما
تقدم والثانية عن مولاه الإمام أبي الحسن علي بن موسى
الرضي عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه
محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبي الحسين عن أبيه
أمير المؤمنين علي المرتضى عليه من الله الرضا فانتهت إليه
رضوان الله تعالى عليه جميع الفضائل من أنواع العلوم وجميع
المحاسن وكرم الشمائل من الحديث والقرآن والفقه والقضاء
والتصوف والشجاعة والولاية والكرم والزهد والورع وحسن
الخلق والعقل والتقوى وإصابة الرأي فلذلك أجمعت القلوب
السليمة على محبته والفطرة السليمة على سلوك طريقته فكان
حبه علامة السعادة والإيمان وبغضه محصن الشقاء والنفاق
والخذلان كما تقدم في الأحاديث الصحيحة وظهر بالأدلة
الصريحة ولكن علامة صدق المحبة طاعة المحبوب وحب من يحبه
الحبيب لأن المحب لمن يحب مطيع فلا شك عند كل عاقل منصف
موفق أن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه كان إخلاصه
ومحبته في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في الغاية
القصوى والمرتبة العليا لما علم من فضلهم وتحقق من منزلتهم
(1/87)
بما سبق لهم من فضل السوابق وكمال المناقب
اللواحق وبما شاهده من محبة النبي صلى الله عليه وسلم
إياهم ورضاه عنهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
أخبرنا الشيخ الأصيل الرحلة أبو عبد الله محمد بن أحمد
المقدسي في آخرين إجازة إن لم يكن سماعا أنا علي بن أحمد
الحنبلي أنا عمر بن محمد بن طبرزد أنا هبة الله بن الحصين
أنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان أنا أبو
بكر عبد الله الشافعي ثنا حمزة ين أحمد بن عبد الله بن
مروان المروزي ثنا داود بن الحسين العسكري ثنا بشر بن داود
عن ابن شابور عن علي بن عاصم عن حميد عن أنس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: إن على حوضي أربعة أركان فأول
ركن منها في يد [أبي بكر] والركن الثاني في يد عمر والركن
الثالث في يد عثمان والركن الرابع في يد علي فمن أحب أبا
بكر وأبغض عمر لم يسقه أبو بكر ومن أحب عمر وأبغض أبو بكر
لم يسقه عمر ومن أحب عثمان وأبغض عليا لم يسقه عثمان ومن
أحب عليا وأبغض عثمان لم يسقه علي ومن أحسن القول في أبي
بكر فقد أقام الدين ومن أحسن القول في عمر فقد أوضح السبيل
ومن أحسن القول في عثمان فقد استنار بنور الله تعالى، ومن
أحسن القول في علي فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام
لها، ومن أحسن القول في أصحابي فهو مؤمن.
حديث غريب رويناه في الغَيلانيات ورواه الحافظ أبو موسى
المديني في كتابه الحجة وقال: رواه أبو عبد الله محمد بن
عبد الله الصفار عن أبي عبد الله العمري عن بشر بن داود
القرشي عن مسعود بن شابور عن علي بن عاصم.
(1/88)
وروي عن عبد الله بن جابر بن قيس الكوفي عن
حميد عن أنس وروي من حديث عكرمة عن ابن عباس.
أنبأنا غير واحد من الشيوخ منهم القاضي أبو عبد الله محمد
بن موسى بن سليمان الأنصاري عن علي بن أحمد المقدسي أنا
أبو المكارم اللبان في كتابه أنا أبو علي الحداد أنا أبو
نعيم الحافظ أنا أبو محمد بن حيان الحافظ أنا أبو يعلى
سمعت عبد الصمد بن يزيد قال سمعت فضيل بن عياض يقول من أحب
أبا بكر وعمر فقد أحب عليا ومن لم يحب أبا بكر وعمر فهو
متهم عندنا فأرجو أن يكون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي
الله عنهم إخوانا على سرر متقابلين.
وبه إلى أبي محمد الحافظ ثنا محمد بن سليمان حدثني محمد بن
زياد الزيادي حدثني سفيان بن عيينة قال سمعناهم يقولون وهو
على ما قالوا السنة بتمامها عشر خصال من ترك واحدة منها قد
ترك من السنة ما لا ينبغي أن يترك الإيمان بالقدر وتقديم
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي الخلفاء الراشدين المهديين رضي
الله عنهم وساق باقي العشر ثم قال سفيان ما أدركنا أحدا من
فقهائنا إلا وهو على هذا الرأي وسمعناهم لا يخبرون إلا
بذلك عمن أدركوا قال فهذه السنة المعروفة المجتمع عليها
قلت ولله در القائل من نظم المؤلف:
أشهد بالله وآياته ... شهادة أرجو بها عتقي
أن أبا بكر ومن بعده ... ثلاثة أئمة الصدق
أربعة بعد النبيين هم ... بغير شك أفضل الخلق
من لم يكن مذهبه هكذا ... فإنه زاغ عن الحق
(1/89)
وهذا آخر ما تيسر جمعه وروايته من أسنى
مناقب أمير المؤمنين الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه على يد مؤلفه محمد بن محمد بن محمد الجزري عفا
الله عنه.
هذا ما شاهده ونقله كما هو من أول الكتاب إلى هنا محمد بن
الحسين بن علي البدراني من خط سيدنا وشيخنا شيخ الإسلام
والقراء والمحدثين الإمام الحافظ العالم العلامة الحبر
الفهامة أبي الخير شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن
الجزري الدمشقي الشافعي رضي الله عنه وأرضاه.
(1/90)
|