الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء

خلد الْوَاسِطِيُّ

نَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هرون يَقُول قَالَ لى خلد الْوَاسِطِيُّ انْظُرْ فِي كَلامِ أَبِي حَنِيفَةَ لِتَتَفَقَّهَ فَإِنَّهُ قَدِ احْتِيجَ إِلَيْكَ أَوْ قَالَ إِلَيْهِ وروى عَنهُ خلد الْوَاسِطِيُّ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً
الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ

نَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا جَعْفَرُ بن ادريس المقرى قَالَ نَا الْحسن بن مُحَمَّد بن هرون قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ نَا حَاتِمُ بْنُ آدَمَ قَالَ قُلْتُ لِلْفَضْلِ بْنِ مُوسَى السِّينَانِيِّ مَا تَقُولُ فِي هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَقَعُونَ فِي أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ جَاءَهُمْ بِمَا يَعْقِلُونَهُ وَبِمَا لَا يَعْقِلُونَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُمْ شَيْئًا فَحَسَدُوهُ
عِيسَى بْنُ يُونُسَ

وَقَالَ نَا جَعْفَرُ بْنُ إِدْرِيسَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الطَّرَسُوسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُونِيَّ قَالَ قَالَ عِيسَى بن يُونُس لاتتكلمن

(1/136)


فِي أَبِي حَنِيفَةَ بِسُوءٍ وَلا تُصَدِّقَنَّ أَحَدًا يسئ الْقَوْلَ فِيهِ فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَلا أَوْرَعَ مِنْهُ وَلا أَفْقَهَ مِنْهُ
وَمِمَّنْ انْتهى الينا ثَنَاؤُهُ على أَبى حنيفَة ومدحه لَهُ عبد الحميد بن يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَالنَّضْرُ بْنُ مُحَمَّد وَيُونُس بن أَبى اسحاق واسرائيل ابْن يُونُس وَزفر بن الْهُذيْل وَعُثْمَان البتى وَجَرِير بن عبد الحميد وابو مقَاتل حَفْص بن مُسلم وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَسَلْمُ بْنُ سَالِمٍ وَيَحْيَى بن آدم وَيزِيد ابْن هرون وَابْنُ أَبِي رِزْمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ وَشَدَّاد بن حَكِيم وخارجة ابْن مُصعب وَخلف بن ايوب وَأَبُو عبد الرحمن المقرى وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَالْحَكَمُ بْنُ هِشَام وَيزِيد ابْن زُرَيْع وعبد الله بن دَاوُد الحربى وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ بن وزائدة قدامَة وَيحيى بن معِين وَمَالك ابْن مغول وَأَبُو بكر بن عَيَّاش وابو خلد الأَحْمَرُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وعبد الله بن مُوسَى وَمُحَمّد بن جَابر الاصمعى وشقيق البلخى وعَلى ابْن عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنُ نَصْرٍ كُلُّ هَؤُلاءِ أَثَنَوْا عَلَيْهِ وَمَدَحُوهُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الْمَكِّيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي فَضَائِلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَخْبَارِهِ حَدَّثَنَا بِهِ حَكَمُ بْنُ مُنْذر رَحِمَهُ اللَّهُ
بَابٌ جَامِعٍ فِي فَضَائِلِ أَبِي حنيفَة وأخباره

أَنا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ

(1/137)


زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ أَنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ أَنا الرَّبِيعُ بْنُ عَاصِمٍ مَوْلًى لِفَزَارَةَ قَالَ أَرْسَلَنِي يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ فَقَدِمْتُ بِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ فَأَرَادَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَأَبى فَضَرَبَهُ أَسْوَاطًا عِشْرِينَ ونا عبد الوارث قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ ابى شيخ قَالَ نَا عبد الله ابْن صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ بِالشَّامِ لِلْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ الثَّقَفِيِّ أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ أَمَانَةً وَأَرَادَهُ سُلْطَانٌ عَلَى أَنْ يَتَوَلَّى مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ أَوْ يَضْرِبَ ظَهْرَهُ فَاخْتَارَ عَذَابَهُمْ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَصِفُ أَبَا حَنِيفَةَ بِمِثْلِ مَا وَصَفْتَهُ قَالَ هُوَ وَاللَّهِ كَمَا قُلْتُ لَكَ ونا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بن عباد قَالَ نَا مُحَمَّد بن عبد العزيز بْنِ أَبِي رِزْمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ كُنَّا نَخْتَلِف فى المسئلة فَنَأْتِي أَبَا حَنِيفَةَ فَكَأَنَّمَا يُخْرِجُهَا مِنْ كُمِّهِ فيدفعها الينا ونا عبد الوارث ابْن سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ ناأحمد بن زُهَيْر قَالَ أَنا سُلَيْمَان ابْن أَبِي شَيْخٍ قَالَ نَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ لَمَّا أَخَذَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الأَمَانَ مِنْ ابى جَعْفَر بعث بِهِ إِلَى الْكُوفَة يعرضه عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَقَالا هُوَ جيد موكد ونا عبد الوارث نَا قَاسِمٌ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ أَنِّي الْعَلاءُ بْنُ عُصَيْمٍ قَالَ قُلْتُ لِوَكِيعِ بْنِ الْجراح لقد اخترأت حِين قلت الايمان يزِيد وَينْقص وَلَقَد إجترأت أَبُو حَنِيفَةَ حِينَ قَالَ الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلا عمل ونا عبد الوارث بن سُفْيَان

(1/138)


قَالَ نَا قَاسِمٌ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ نى حَمْزَة بن الْمُغيرَة وَتوفى فى سنة ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ تِسْعُونَ أَوْ نَحْوُهَا قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ فِي شَهْرِ رَمَضَان الْقيام فَكَانَ أَبُو حنيفَة يجِئ ويجئ بِأُمِّهِ مَعَه وَكَانَ موضعا بَعِيدًا جِدًّا وَكَانَ ابْنُ ذَرٍّ يُصَلِّي إِلَى قُرْبِ السَّحَرِ قَالَ وَأنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شيخ قَالَ نَا سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَاضِيَ الْكُوفَةِ فَسَعَى إِلَيْهِ سَاعٍ بِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ إِنَّ عِنْدَهُ وَدَائِعَ قَدْ شَغَلَهَا فَإِنْ أَخَذْتُهُ بِهَا فَضَحْتُهُ فَأَرَسَلَ إِلَيْهِ إِنَّ عِنْدَكَ أَمْوالا وَوَدائِعَ لأَيْتَامٍ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فِيهَا فَأَمَرَ أَبُو حَنِيفَةَ بِصُنْدُوقٍ فَفُتِحَ ثُمَّ أُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَمِنْ وَدَائِعِهِمْ ثمَّ قَالَ للرسول قل لصالحبك هَذَا مَا عِنْدِي عَلَى حَالِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ نَحْمِلَهُ إِلَيْهِ حَمَلْنَاهُ فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُولُ بذلك امسك عَنهُ وَلم يعرض لَهُ قَالَ وَنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ أَنِّي بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ قَالَ قِيلَ لأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ حَلْقَةٌ يَنْظُرُونَ فِي الْفِقْهِ قَالَ لَهُمْ رَأْسٌ قَالُوا لَا قَالَ لَا يَفْقَهُ هَؤُلاءِ أَبَدًا وَذَكَرَ الدُّولابِيُّ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ني ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ قَالَ نى خلد بْنُ صُبَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ كُنَّا نَخْتَلِف فى المسئلة فَيَأْتِي أَبُو حَنِيفَةَ فَنَسْأَلُهُ فَكَأَنَّمَا يُخْرِجُهَا مِنْ كُمِّهِ فَيَدْفَعُهَا إِلَيْنَا قَالَ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِتَفْسِيرِ الْحَدِيثِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بن ابى ملك يَقُول سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول كَأَن ابا حَنِيفَةَ لَا يَرَى أَنْ يَرْوِيَ مِنَ الْحَدِيثِ إِلا مَا حَفِظَهُ عَنِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ وَسمعت ابا عبد الله مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّاد بن ابى

(1/139)


سلمَان فِي حَلْقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ رَأْيٌ لَا نُجْبِرُ أَحَدًا عَلَيْهِ وَلا نَقُولُ يَجِبُ على اُحْدُ قبُوله بكراهية فَمن كَانَ عِنْده شئ أحسن مِنْهُ فليأت بِهِ حَدثنَا عبد الوارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ نَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلاتِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلأَبِي حَنِيفَةَ نَا حكم ابْن مُنْذِرٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا أَبُو دَاوُدَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَيْسَارَانِيُّ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرِو بن خلد قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ أَمَانِ الْعَبْدِ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَا يُقَاتِلُ فَأَمَانُهُ بَاطِلٌ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَن الفضيل بن يزِيد الرَّقَاشِيِّ قَالَ كُنَّا نُحَاصِرُ الْعَدُوَّ فَرُمِيَ إِلَيْهِمْ بِسَهْمٍ فِيهِ أَمَانٌ فَقَالُوا قَدْ أَمَّنْتُمُونَا فَقُلْنَا إِنَّمَا هُوَ عَبْدٌ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا نَعْرِفُ مِنْكُمُ الْعَبْدَ مِنَ الْحُرِّ فَكَتَبْنَا بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ أَجِيزُوا أَمَانَ الْعَبْدِ فَسَكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ ثُمَّ غِبْتُ عَنِ الْكُوفَةِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ قَدِمْتُهَا فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمَانِ الْعَبْدِ فَأَجَابَنِي بِحَدِيثِ عَاصِمٍ وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِمَا سَمِعَ وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَانُهُ جَائِزٌ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ نَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَارِضُ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ اسمعيل الصَّائِغُ قَالَ نَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ قِيلَ لأَبِي حَنِيفَةَ الْمُحْرِمُ لَا يَجِدُ الإِزَارَ يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ قَالَ لَا وَلَكِنْ يَلَبْسُ الإِزَارَ قِيلَ لَهُ لَيْسَ لَهُ إِزَارٌ قَالَ يَبِيعُ السَّرَاوِيلَ وَيَشْتَرِي بِهَا إِزَارًا قِيلَ لَهُ فَإِنَّ

(1/140)


النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطَبَ وَقَالَ (الْمُحْرِمُ يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ) فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا عِنْدِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شئ فَأفْتى بِهِ وينتهى كل امرى إِلَى مَا سَمِعَ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ السَّرَاوِيلَ) فَنَنْتَهِي إِلَى مَا سَمِعْنَا قِيلَ لَهُ أَتُخَالِفُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ اكرمنا الله وَبِه استنقذنا ونا عبد الوارث قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ وني حَجَرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ مَا رَأَى النَّاسُ أَكْرَمَ مُجَالَسَةً مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلا أَشَدَّ إِكْرَامًا لأَصْحَابِهِ مِنْهُ نَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ الرَّازِيُّ يُمَارِي أَهْلَ الْكُوفَةِ وَيُفَضِّلُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَهَجَاهُ رجل من اهل الْكُوفَة ولقبه شرشير وَقَالَ كلب فى جَهَنَّم يُسمى شرشير فَقَالَ
(عِنْدِي مَسَائِلُ لَا شرشِيرَ يُحْسِنُهَا ... إِنْ سِيلَ عَنْهَا وَلا أَصْحَابُ شرشِيرِ)
(وَلَيْسَ يَعْرِفُ هَذَا الدّين نعلمهُ ... الاحنيفية كوفية الدورى)
(ولاتسألن مدينيا فتحرجه ... الا عَن اليم وَالْمَثْنَاةِ وَالزِّيرِ)
قَالَ سُلَيْمَانُ قَالَ لِي أَبُو سَعِيدٍ فَكَتَبْتُ إِلَى أَهْلِ الَمْدِينَةِ إِنَّكُمْ قَدْ هَجَيْتُمْ بِكَذَا فَأَجِيبُوا فَأَجَابَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الَمْدِينَةِ فَقَالَ
(لَقَدْ عَجِبْتُ لِغَاوٍ سَاقَهُ قَدَرٌ ... وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا مَا حَمَّ مَقْدُورُ)
(قَالَ الْمَدِينَة ارْض لَا تكون بهَا ... الا الْغناء والا اليم وَالزِّيرُ)
(لَقَدْ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ بِهَا ... قَبْرُ الرَّسُولِ وَخَيْرُ النَّاسِ مَقْبُورُ)

(1/141)


قَالَ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ ني عَمْرُو بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَطَّارُ قَالَ كُنْتُ بِالْكُوفَةِ أُجَالِسُ أَبَا حَنِيفَةَ فَتَزَوَّجَ زُفَرُ بْنُ الْهُذيْل فحضره أَبُو حنيفَة فَقَالَ لَهُ تَكَلَّمْ فَخَطَبَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ هَذَا زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَمٌ مِنْ أَعْلامِهِمْ فِي حَسَبِهِ وَشَرَفِهِ وَعِلْمِهِ فَقَالَ بَعْضُ قَوْمِهِ مَا يَسُرُّنَا أَنَّ غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ خَطَبَ حِينَ ذَكَرَ خِصَالَهُ وَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ قَوْمِهِ وَقَالُوا لَهُ حَضَرَ بَنُو عَمِّكَ وَأَشْرَافُ قَوْمِكَ وَتَسْأَلُ أَبَا حَنِيفَةَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَوْ حَضَرَ أَبِي قَدَّمْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَيْهِ وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ عَنْبَرِيٌّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ وَنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ أَبِي قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ ضُرَيْسٍ يَقُولُ شَهِدْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ مَا تَنْقِمُ عَلَى أَبى حنيفَة قَالَ لَهُ وَمَاله قَالَ سمعته يَقُول آخذ بِكِتَاب الله فمالم أَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا لَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ولافى سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخَذْتُ بِقَوْلِ أَصْحَابِهِ آخُذُ بِقَوْلِ مَنْ شِئْتُ مِنْهُمْ وَأَدَعُ مَنْ شِئْتُ مِنْهُمْ وَلا أَخْرُجُ مِنْ قَوْلِهِمْ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِمْ وَذَكَرَ الدُّولابِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْهَاشِمِيُّ قَالَ نَا على بن الْحسن بن على بن شَقِيق أَبُو الْحسن المروزى قَالَ سَمِعت أَبَا بكر يذكر عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ شَدِيدَ الأَخْذِ لِلْعِلْمِ ذَابًّا عَنْ حَرَمِ اللَّهِ أَنْ تُسْتَحَلَّ يَأْخُذُ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُهَا الثِّقَاتُ وَبِالآخَرِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِمَا أَدْرَكَ عَلَيْهِ عُلَمَاءَ الْكُوفَةِ ثُمَّ شَنَّعَ عَلَيْهِ قَوْمٌ يَغْفِرُ الله لنا وَلَهُم نَا عبد الوارث

(1/142)


قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْر قَالَ نَا مُصعب بن عبد الله الزُّبَيْرِيُّ قَالَ نَا يَعْقُوبُ الأَنْصَارِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ قَالَ قَالَ لِي أَسَدٌ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ مِنْ أَمْثَلِهِمْ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فِي مَسْأَلَةِ طَلاقٍ فَأَجَابَهُ ثُمَّ اسْتَوَى جَالِسا فَقَالَ كَانَ هَذَا يعد قَالُوا نَعَمْ قَالَ لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ كَانَ هَذَا مِنْهُ حَتَّى أفتيه نَا عبد الوارث قَالَ نَا قَاسِمٌ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ نَا شُعْبَة عَن أَبى عون وَهُوَ عمر بن عبيد الله الثقفى قَالَ سَمِعت الْحَرْث بْنَ عَمْرٍو ابْنَ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ يَعْنِي ابْنَ جَبَلٍ أَن النبى عَلَيْهِ السَّلَام بَعَثَهُ يَعْنِي مُعَاذًا إِلَى الْيَمَن وَقَالَ لَهُ (كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عُرِضَ لَكَ قَضَاءٌ قَالَ أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ الله قَالَ أجتهد رأى لَا آلو قَالَ فَضرب النبى عَلَيْهِ السَّلَام صدروه وَقَالَ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ الله لما يرضى رَسُول الله ونا عبد الوارث قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْر قَالَ نَا يحيى ابْن معِين قَالَ نَا عبد الله بن ابى قُرَّة عَن يحيى بن ضريس قَالَ قَالَ ابو حنيفَة إِذا لم يكن فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ الله نظرت فى اقاويل اصحابه وَلَا أَخْرُجُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِمْ فَإِذَا انْتهى الامر أوجاء الامر الى ابراهيم والشعبى وَابْن سِيرِين وَالْحسن وَعَطَاء وَسَعِيد بن جُبَير وَعدد رجَالًا فقوم اجتهدوا فاجتهد كَمَا اجْتَهَدُوا قَالَ فَسَكَتَ سُفْيَانُ طَوِيلا ثُمَّ قَالَ كَلِمَات مَا بقى أحد فى الْمجْلس الاكتبهن نستمع الشَّديد من

(1/143)


الحَدِيث فنخافه ونستمع اللين فنرجو وَلَا تحاسب الاحياء وَلَا يقْضى عَلَى الأَمْوَاتِ نُسَلِّمُ مَا سَمِعْنَا وَنَكِلُ مَا لم نعلم إِلَى عَالِمِهِ وَنَتَّهِمُ رَأْيَنَا لِرَأْيِهِمْ حَدَّثَنَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الجوهرى وابو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ حِزَامٍ الْفَقِيهُ قَالا نَا الْفَضْلُ بن عبد الجبار قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ نَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إِذَا جَاءَنَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخَذْنَا بِهِ وَإِذَا جَاءَنَا عَنِ الصَّحَابَةِ تَخَيَّرْنَا وَإِذَا جَاءَنَا عَنِ التَّابِعِينَ زَاحَمْنَاهُمْ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا عبد الجبار بْنُ سَعِيدٍ الْبَرْكَانِيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هانى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ قِيلَ لِنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ مَا أَشَدَّ إِزْرَاءَهُمْ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ إِنَّمَا يُنْقَمُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ مَا حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو عِصْمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ مَا جَاءَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبِلْنَاهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنَيْنِ وَمَا جَاءَنَا عَنْ أَصْحَابِهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ اخْتَرْنَا مِنْهُ وَلَمْ نَخْرُجْ عَنْ قَوْلِهِمْ وَمَا جَاءَنَا عَنِ التَّابِعِينَ فَهُمْ رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلا تَسْمَعِ التَّشْنِيعَ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ ونا مُحَمَّد ابْن مُوسَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْبَيَاضِيُّ قَالَ نَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ السُّكَّرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخَذْنَا بِهِ وَلَمْ نَعْدُهُ وَإِذَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ تَخَيَّرْنَا وَإِنْ جَاءَ عَنِ التَّابِعِينَ زَاحَمْنَاهُمْ وَلَمْ نَخْرُجْ عَنْ أَقْوَالِهِمْ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَازِنِيُّ الْحَافِظُ قَالَ نَا عبد الصَّمد ابْن الْفَضْلِ الْبَلْخِيُّ بِبَلْخَ قَالَ سَمِعْتُ عِصَامَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ كُنَّا فِي

(1/144)


مَأْتَمٍ بِالْكُوفَةِ فَسَمِعْتُ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ يَقُولُ سَمِعت ابا حنيفَة يَقُول لايحل لِمَنْ يُفْتِي مِنْ كُتُبِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْتُ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْبَيَاضِيُّ قَالَ نَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ السُّكَّرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ أَخَذْنَا بِهِ وَإِذَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ تَخَيَّرْنَا وَإِنْ جَاءَ عَنِ التَّابِعِينَ زَاحَمْنَاهُمْ وَلَمْ نَخْرُجْ عَنْ قَوْلِهِمْ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ ذُكِرَ لِي أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى شَكَا أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ مَا أَقْضِي قَضِيَّةً إِلا خَالَفَنِي فِيهَا قَالَ مَنْ هُوَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ فَبِحَقٍّ أَمْ بِبَاطِلٍ قَالَ بِحَقٍّ قَالَ فَوَقَرَ ذَلِكَ فِي قَلْبِ أَبِي جَعْفَرٍ وَكَانَ سَبَبَ إِشْخَاصِهِ إِلَيْهِ وَنَدِمَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَى مَقَالَتِهِ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ بِهَذَا الإِسْنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ نَا أَبُو رَجَاءٍ وَكَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالصَّلاحِ بِمَكَانٍ قَالَ رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ قَالَ غَفَرَ لِي قُلْتُ وَأَبُو يُوسُفَ قَالَ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنِّي قُلْتُ فَمَا صَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ هَيْهَاتَ هُوَ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ نَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي نَبَشْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْرَجْتُ عِظَامَهُ فَاحْتَضَنْتُهَا قَالَ فَهَالَتْنِي هَذِهِ الرُّؤْيَا فَرَحَلْتُ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَتُحْيِيَنَّ سُنَّةَ نَبِيِّكَ

(1/145)


مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عباد قَالَ ذكر لِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ فِي الرُّؤْيَا إِلا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَجَعَلَ يُؤَلِّفُ عِظَامَهُ وَيُقِيمُهَا ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ وَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ نَا شُعَيْب بن ايوب قَالَ نَا عبد الحميد بْنُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالَ نَا يُوسُفُ بْنُ عُثْمَانَ الصَّبَّاغُ قَالَ قَالَ لِي رَجُلٌ رَأَيْتُ كَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَنْبُشُ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ ابْنَ سِيرِينَ وَلَمْ أُخْبِرْهُ مَنِ الرَّجُلُ قَالَ هَذَا رَجُلٌ يُحْيِي سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْحسن بن بشر قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عبد الحميد بن عبد الرحمن الحامانى يَقُولُ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ نَجْمًا سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ فَقِيلَ أَبُو حَنِيفَةَ ثُمَّ سَقَطَ آخَرُ فَقِيلَ مِسْعَرٌ ثُمَّ سَقَطَ آخَرُ فَقِيلَ سُفْيَانُ فَمَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ قَبْلَ مِسْعَرٍ ثُمَّ مسعر ثمَّ سُفْيَان قَالَ ونا ابو اسحق إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ قَالَ نَا مُوسَى ابْن هرون قَالَ نَا يحيى بن عبد الحميد الْحِمَّانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَدْ تَوَضَّأَ بِهِ غَيْرُهُ فَقَالَ نَعَمْ هُوَ طَاهِرٌ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ فَقَالَ لِي لِمَ قَالَ ذَلِكَ قُلْتُ يَقُولُ إِنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ ثُمَّ كُنْتُ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءٍ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ لأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فَرَجَعَ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جرير قَالَ نَا احْمَد بن خلد الْخَلالُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ سُئِلَ مَالِكٌ يَوْمًا عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ كَانَ رَجُلا مُقَارِبًا وَسُئِلَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَقَالَ كَانَ رَجُلا مُقَارِبًا قِيلَ فَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ لَوْ جَاءَ إِلَى أَسَاطِينِكُمْ هَذِهِ

(1/146)


يَعْنِي السَّوَارِيَ فَقَايَسَكُمْ عَلَى أَنَّهَا خَشَبٌ لَظَنَنْتُمْ أَنَّهَا خَشَبٌ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَافِظُ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الضَّبِّيُّ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ ابْن أَبِي شَيْخٍ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الحنفى عَن ابى عياد الْكُوفِيِّ قَالَ قَالَ لِي الأَعْمَشُ كَيْفَ تَرَكَ صَاحِبُكُمْ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ بَيْعُ الأَمَةِ طَلاقُهَا قُلْتُ لَهُ تَرَكَهُ لِحَدِيثِكَ الَّذِي حَدَّثْتَهُ بِهِ فَقَالَ وَأَيُّ حَدِيثٍ فَقُلْتُ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّكَ حَدَّثْتَهُ بِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ حِينَ بِيعَتْ وَأُعْتِقَتْ خُيِّرَتْ فَقَالَ الأَعْمَشُ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَفَقِيهٌ وَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الضِّرَارِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا عبد الرَّحْمَن المقرء يَقُول وَاخْتلف النَّاس عِنْده قوم فَقَالَ قَوْمٌ حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ قَوْمٌ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ فَقَالَ الْمُقْرِئُ وَيْحَكُمْ أَتَدْرُونَ مَنْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الطَّبَرِيُّ ونا عبد الله بن أَحْمد ابْن سبويه قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بن وَاقد عَن عَمه الحكم ابْن وَاقِدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يُفْتِي مِنْ اول النَّهَار الى ان يعلى النَّهَارُ فَلَمَّا خَفَّ عَنْهُ النَّاسُ دَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ لَوْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي مَجْلِسِنَا هَذَا ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِمَا مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُشْكَلَةِ لَكَفَّا عَنْ بَعْضِ الْجَوَابِ وَوَقَفَا عَنْهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ أَمَحْمُومٌ أَنْتَ يَعْنِي مُبَرْسَمًا
بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ مَا ذُمَّ بِهِ أَبُو حنيفَة وَطعن عَلَيْهِ فِيهِ

نَا عبد الوارث قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ

(1/147)


يَضْرِبُ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ الأَمْثَالَ فَيَرُدُّهُ بَلَغَهُ أَنِّي حُدِّثْتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ (البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا) فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانُوا فى سفينة فَكيف يفترقون نَا عبد الوارث قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْر نَا ابو عبد الله المعيطى قَالَ نَا ابو أُسَامَة قَالَ مرقوم على رَقَبَة فَقَالَ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَقَالُوا مِنْ عِنْدِ أَبِي حَنِيفَةَ جِئْنَا فَقَالَ يَكْفِيكُمْ مِنْ رَأْيِهِ من مامضغتم وترجعون الى اهليكم بِغَيْر ثِقَة نَا عبد الوارث نَا قَاسِمٌ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ بِمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ يَكْفِيكَ مِنْ رَأْيِهِ مَا مَضَغْتَ وَتَرْجِعُ إِلَى أَهْلِكَ بِغَيْرِ ثِقَةٍ قَالَ أَحْمَدُ بن زُهَيْر ونا مُوسَى بن اسمعيل قَالَ نَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سُئِلَ عَنِ الأَشْرِبَةِ فَمَا سُئِلَ عَنْ شئ إِلا قَالَ حَلالٌ فَسُئِلَ عَنِ السَّكَرِ فَقَالَ حَلالٌ فَقُلْتُ يَا هَؤُلاءِ إِنَّهَا زَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ فَلا تَأْخُذُوا عَنْهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ نَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ مَسْعَدَةَ بْنَ الْيَسَعِ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ قَالَ ابْنُ جريج لابي حنيفَة اجهد جهدك هَات مسئلة لَا أَرْوِي لَكَ فِيهَا شَيْئًا قَالَ وَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ سَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ فِي الْمُرْتَدَّةِ فَقَالَ أَمَّا مِنْ ثِقَةٍ فَلا قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يروي حَدِيث الْمُرْتَدَّة عَن عَاصِم الاحول قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ كَانَ أَبِي يَقْرَأُ عَلَيْنَا فِي أَصْلِ كِتَابِهِ حَدِيثَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَإِذَا مَرَّ بِالأَحَادِيثِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْنَا نَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ نَا قَاسِمٌ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا رَأَيْت احدا اجرأعلى اللَّهِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَتَاهُ

(1/148)


رجل من أهل خُرَاسَان بِمِائَة الف مسئلة فَقَالَ انى أُرِيد أَن أسئلك عَنْهَا فَقَالَ هَاتِهَا قَالَ سَمِعت سُفْيَانُ فَهَلْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا قَالَ وَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَضْرِبُ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأَمْثَالَ فَيَرُدُّهُ بِعِلْمِهِ حَدَّثْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا) فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانُوا فِي سَفِينَةٍ كَيْفَ يَفْتَرِقُونَ قَالَ سُفْيَانُ هَلْ سَمِعْتُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ اسْتَجَازُوا الطَّعْنَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ لِرَدِّهِ كَثِيرًا مِنْ أَخْبَارِ الآحَادِ الْعُدُولِ لأَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى عَرْضِهَا عَلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنَ الأَحَادِيثِ وَمَعَانِي الْقُرْآنِ فَمَا شَذَّ عَنْ ذَلِكَ رَدَّهُ وَسَمَّاهُ شَاذًّا وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا يَقُولُ الطَّاعَاتُ مِنَ الصَّلاةِ وَغَيْرِهَا لَا تُسَمَّى إِيمَانًا وَكُلُّ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يُنْكِرُونَ قَوْلَهُ وَيُبَدِّعُونَهُ بِذَلِكَ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مَحْسُودًا لِفَهْمِهِ وَفِطْنَتِهِ
وَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ ذَمِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ مَا يَقِفُ بِهِ النَّاظِرُ فِيهِ عَلَى حَالِهِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَكَفَانَا شَرَّ الْحَاسِدِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
فَمِمَّنْ طَعَنَ عَلَيْهِ وجرحه أَبُو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ فِي الضُّعَفَاءِ وَالْمَتْرُوكِينَ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْكُوفِيُّ قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ سَمِعَا سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ قِيلَ اسْتُتِيبَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْكُفْرِ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ نُعَيْمٌ عَنِ الْفَزَارِيِّ كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَجَاءَ نَعْيُ ابى حنيفَة فَقَالَ لَعنه الله كَانَ يَهْدِمُ الإِسْلامَ

(1/149)


عُرْوَةً عُرْوَةً وَمَا وُلِدَ فِي الإِسْلامِ مَوْلُودٌ أَشَرُّ مِنْهُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرحمن بْنُ أَسَدٍ الْفَقِيهُ قَالَ نَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ الرَّقِّيُّ قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا عبيد الله بن عَمْرو الرَّقِّيُّ قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ قَالَ ضُرِبَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَفَرِحَ بِذَلِكَ أَعْدَاؤُهُ وَقَالُوا اسْتَتَابَهُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ ونا أَبُو قُتَيْبَة سلم ابْن الْفَضْلِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ سَمِعت عبد الله بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ يَوْمًا وَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا عبد الرحمن إِنَّ مُعَاذًا يَرْوِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ اسْتُتِيبَ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ الله بن دَاوُد هَذِه وَاللَّهِ كَذِبٌ قَدْ كَانَ بِالْكُوفَةِ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ ابْنَا صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَهُمَا مِنَ الْوَرَعِ بِالْمَكَانِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُفْتى بحضرتهما وَلَو كَانَ من هَذَا شئ مَا رَضِيا بِهِ وَقَدْ كُنْتُ بِالْكُوفَةِ دَهْرًا فَمَا سَمِعْتُ بِهَذَا وَذَكَرَ السَّاجِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ لَهُ فى بَاب أَبى حنيفَة أَنه استتيب فى خَلْقِ الْقُرْآنِ فَتَابَ وَالسَّاجِيُّ مِمَّنْ كَانَ يُنَافِسُ أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ ابْنُ الْجَارُودِ فِي كِتَابه فى الضُّعَفَاءِ وَالْمَتْرُوكِينَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ أَبُو حَنِيفَةَ جُلُّ حَدِيثِهِ وَهْمٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْلامِهِ فَهَذَا وَمِثْلُهُ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَحْسَنَ النَّظَرَ وَالتَّأَمُّلَ مَا فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ فِي أَبِي حنيفَة نَحْو مَا ذكر سُفْيَانَ أَنُّه شَرُّ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ وَأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ بِالسَّيْفِ كَانَ أَهْوَنَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ بِالْعِرَاقِ وَبِهَا الدَّاءُ الْعُضَالُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وروى ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْ مَالِكٍ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَأَمَّا اصحاب

(1/150)


مَالك من أهل الرأى فَلَا يروون من ذَلِك شَيْئا عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نَا أَبُو السَّائِبِ قَالَ سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ يَقُولُ وَجَدْتُ أَبَا حَنِيفَةَ خَالَفَ مِائَتَيْ حَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَى عَنْ وَكِيعٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَطَاءً إِنْ كَانَ سَمِعَهُ وَذَكَرَ الساجى قَالَ نَا بنْدَار وَمُحَمّد بن المقرى قَالَا نَا معَاذ بن معَاذ العبدى قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ اسْتُتِيبَ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّتَيْنِ وَذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ نَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ قَالَ إِنَّمَا اسْتُتِيبَ أَبُو حَنِيفَةَ لأَنَّهُ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَاسْتَتَابَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ نى مُحَمَّد بن روح المداينى قَالَ ني مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ الْمُبَارك كَانَ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّكَ تَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ أَبِي حنيفَة قَالَ لَيْسَ كل مَا يَقُول النَّاسُ يُصِيبُونَ فِيهِ قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ زَمَانًا وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُهُ فَلَمَّا عَرَفْنَاهُ تَرَكْنَاهُ قَالَ وني مُحَمَّد بن ابى عبد الرحمن المقرى قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ دَعَانِي أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى الإِرْجَاءِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ أُجِبْهُ قَالَ ونا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ قُلْتُ لأَبِي حَنِيفَةَ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ان النبى عَلَيْهِ السَّلَام صَلَّى خَمْسًا قَالَ فَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ وَرَمَى بِهِ وَقَالَ إِنْ كَانَ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَإِلا فَلا تُسَاوِي صَلاتُهُ هَذِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَعِصْمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا نَا الْعَبَّاس بن عبد العظيم قَالَ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَن بشر بن الْفضل قَالَ قُلْتُ لأَبِي حَنِيفَةَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ

(1/151)


عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ (البيعان بِالْخِيَارِ مالم يفترقا الا بيع الْخِيَار) قَالَ هَذَا رِجْزٌ فَقُلْتُ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ جَارِيَةً بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَرَضَخَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَالَ هَذَا هَذَيَانٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ سَمِعَ الطحاوى ابو جَعْفَر رجلا ينشده
(إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةً بِمَا حَدَّثْتِنِي ... فَعَلَيْكِ إِثْمُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ زُفَرْ)
(الْوَاثِبِينَ عَلَى الْقِيَاسِ تَعَدِيًّا ... وَالنَّاكِبِينَ عَنِ الطَّرِيقَةِ وَالأَثَرْ)
فَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَدِدْتُ أَنَّ لِي حَسَنَاتِهِمَا وَأُجُورَهُمَا وَعَلَيَّ اثمهما
ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ فِطْنَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَنَبَاهَتِهِ وَنَبْذٍ مِنْ فِقْهِهِ وَحِذْقِهِ وَذَكَائِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ

نَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ نَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا احْمَد ابْن الْحَسَنِ الْحَافِظُ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ ثنى مُحَمَّد بن عبد الله الْفَقِيه قَالَ نَا الْحسن بن زِيَاد اللؤلؤى قَالَ كَانَتْ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ مَجْنُونَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عِمْرَانَ مَرَّ بِهَا إِنْسَانٌ فَقَالَ لَهَا شَيْئا فَقَالَت يَا ابْن الزَّانِيَيْنِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى قَائِمٌ يَسْمَعُ فَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِهَا فَأَدْخَلَهَا الْمَسْجِدَ وَهُوَ فِيهِ فَضَرَبَهَا حَدَّيْنِ حَدًّا لأَبِيهِ وَحَدًّا لأُمِّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ أَخْطَأَ فِيهَا مِنْ سِتَّةِ مَوَاضِعَ الْمَجْنُونَةُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَأَقَامَ الْحَدَّ عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَضَرَبَهَا قَائِمَةً وَالنِّسَاءُ يُضْرَبْنَ قُعوُدًا وَأَقَامَ عَلَيْهَا حَدَّيْنِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلا قَذَفَ قَوْمًا مَا كَانَ عَلَيْهِ إِلا حَدٌّ وَاحِدٌ وَضَرَبَهَا وَالأَبَوَانِ غَائِبَانِ وَلا يَكُونُ ذَلِكَ

(1/152)


إِلَّا بمحضرهما لأَنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ إِلا لِمَنْ يَطْلُبُهُ وَجَمَعَ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدَّانِ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا حَتَّى يجِف الآخَرُ ثُمَّ يُضْرَبَ الْحَدَّ الثَّانِي فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ فَشَكَاهُ فَحَجَرَ الأَمِيرُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُفْتِيَ فَهَذِهِ قِصَّةُ حَجْرِ الأَمِيرِ فِي الْفُتْيَا عَلَى ابى حنيفَة ثُمَّ وَرَدَتْ مَسَائِلُ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى فَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو حَنِيفَةَ فَأَجَابَ فِيهَا فَاسْتَحْسَنَ عِيسَى كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ وَأَذِنَ لَهُ فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَا أَبُو مُطِيعٍ قَالَ مَاتَ رَجُلٌ وَأَوْصَى إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَدِمَ أَبُو حَنِيفَةَ وَارْتَفَعَ إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلانًا مَاتَ وَأَوْصَى إِلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ أَتَحْلِفُ أَنَّ شُهُودَكَ شَهِدُوا بِحَقٍّ قَالَ لَيْسَ عَلَيَّ يَمِينٌ كُنْتُ غَائِبًا قَالَ ضلت مقايسك قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا تَقُولُ فِي أَعْمَى شُجَّ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِذَلِكَ أَعَلَى الأَعْمَى أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِحَقٍّ وَهُوَ لَمْ يَرَ فَحَكَمَ لأَبِي حَنِيفَةَ بِالْوَصِيَّةِ وَأَمْضَاهَا لَهُ نَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ نَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَا أَحْمَدُ ابْن زُهَيْرٍ قَالَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ نَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ كُنْتُ شَدِيدَ الإِزْرَاءِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَحَضَرَ الْمَوْسِمَ وَكُنْتُ حَاجًّا يَوْمَئِذٍ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ قَوْمٌ يَسْأَلُونَهُ فَوَقَفْتُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ مَنْ أَنَا فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ قَصَدْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ قَدْ أَهَمَّنِي وَأَعْجَزَنِي قَالَ مَا هُوَ قَالَ لِي وَلَدٌ لَيْسَ لِي غَيْرُهُ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ طَلَّقَ وَإِنَّ سَرِيَّتَهُ أَعْتَقَ وَقَدْ عَجِزْتُ عَنْ هَذَا فَهَل من حلَّة فَقَالَ لَهُ لِلْوَقْتِ اشْتَرِ الْجَارِيَةَ الَّتِي يَرْضَاهَا

(1/153)


هُوَ لِنَفْسِكَ ثُمَّ زَوِّجْهَا مِنْهُ فَإِنْ طَلَّقَ رَجَعَتْ مَمْلُوكَتُكَ إِلَيْكَ وَإِنْ أَعْتَقَ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُ قَالَ فَعَلِمْتُ أَنَّ الرَّجُلَ فَقِيهٌ فَمن يَوْمئِذٍ كَفَفْت عَن ذكره الابخير وَنا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ نَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَافِظُ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ نَا يَحْيَى بن عبد الله بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ كُنْتُ أَسْمَعُ بِذِكْرِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَتَمَنَّى أَنْ أَرَاهُ فَكُنْتُ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَأَيْت حَلقَة عَلَيْهَا النَّاس منقصفين فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهَا فَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ أَتَى ابا حنيفَة فَقَالَ أَنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ كَثِيرَ الْمَالِ وَإِنَّ لِي ابْنًا لَيْسَ بِالْمَحْمُودِ وَلَيْسَ لِي وَلَدٌ غَيْرُهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ سَوَاءً وَزَادَ قَالَ اللَّيْثُ فَوَاللَّهِ مَا أَعْجَبَنِي قَوْلُهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْجَبَنِي سُرْعَةُ جَوَابِهِ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ نَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَافِظُ قَالَ نَا عبد الله بن مُحَمَّد الضبى قَالَ سَمِعت على بن الْمَدِينِيِّ يَقُولُ حُدِّثْتُ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْقُوَّادِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً سِرًّا فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ جَحَدَهَا فَحَاكَمَتْهُ إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ لَهَا هَاتِ بَيِّنَةً عَلَى النِّكَاحِ فَقَالَتْ إِنَّمَا تَزَوَّجَنِي على ان الله عز وَجل الولى والشاهدان الْملكَانِ فَقَالَ لَهَا اذهبى وطردها فَأَتَت الْمَرْأَة أَبَا حَنِيفَةَ مُسْتَغِيثَةً فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهَا ارْجِعِي إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَقُولِي لَهُ إِنِّي قَدْ أَصَبْتُ بَيِّنَةً فَإِذَا هُوَ دَعَا بِه لِيُشْهِدَ عَلَيْهِ قُولِي أَصْلَحَ اللَّهُ الْقَاضِي يَقُولُ هُوَ كَافِرٌ بِالْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ذَلِكَ فَنَكَلَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِالتَّزْوِيجِ فَأَلْزَمَهُ الْمَهْرَ وَأَلْحَقَ بِهِ الْوَلَدَ نَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ احْمَد قَالَ

(1/154)


نَا جَعْفَرُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ نَا مُحَمَّدٌ قَالَ نَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ ني بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ وَلَّى بِبَيْت الْمَالِ رَجُلا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ نَظَرَ فِي حِسَابِهِ فَوَجَدَ الْمَالَ يَنْقُصُ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَخَذْتُهُ لأَنَّ لِي وَلِقَرَابَتِي فِي هَذَا الْمَالِ من النَّصِيب مِقْدَار مَا أَخَذته واكثر وَلَمْ أَتَعَدَّ فَآخُذُ مَا لَيْسَ لِي فَاشْتَدَّ ذَلِك على ابي جَعْفَر وَكره ان ينشر هَذَا الْمَذْهَبُ فِي الْعَامَّةِ عَنْ مِثْلِهِ وَكَرِهَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِالضَّغْطِ فَاسْتَشَارَ فِيهِ فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِأَبِي حَنِيفَةَ فَوَجَّهَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَأَقْدَمَهُ عَلَيْهِ وَعَرَّفَهُ مَا جَرَى فَقَالَ لَهُ اجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَسَأَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْمَالَ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّ لَهُ وَلِقَرَابَتِهِ فِي الْفَيْءِ مِقْدَارَ مَا أَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَنَّهُ على أَن يُفَرِّقُ ذَلِكَ فِي قَرَابَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْتَ مَالا بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَلَى رَجُلٍ صَار اليك مِنْهُ شئ أَلَيْسَ ذَلِكَ الَّذِي صَارَ إِلَيْكَ مِنْهُ بَيْنِي وَبَيْنك على قدر مالنا عَلَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَا وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا أَخَذْتُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شُرَكَاء وَلَيْسَ لَك أَن تخْتَص بشئ دُونَهُمْ وَعَلَيْكَ أَنْ تُخْرِجَ هَذَا الْمَالَ الَّذِي أَخَذْتَ إِلَى وَالِي الْجَمَاعَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَأْخُذُ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ النَّاظِرُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ وَرَدَّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ وَأُعْجِبَ بِذَلِكَ الْمَنْصُور وسربه قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطّوسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغَ يَقُولُ نَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَدَثَانِيُّ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ كُنَّا عِنْد ابى حنيفَة فَأَتَاهُ عبد الله

(1/155)


ابْن الْمُبَارَكِ فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ كَانَ يَطْبُخُ قِدْرًا فَوَقَعَ فِيهَا طَائِرٌ فَمَاتَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لأَصْحَابِهِ مَا تَقُولُونَ فِيهَا فَرَوَوْا لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ يُهْرَاقُ الْمَرَقُ وَيُؤْكَلُ اللَّحْمُ بَعْدَ غَسْلِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هَكَذَا نَقُولُ إِلا أَنَّ فِيهِ شَرِيطَةً إِنْ كَانَ وَقَعَ فِيهَا فِي حَالِ غَلَيَانِهَا أُلْقِيَ اللَّحْمُ وَأُرِيقَ الْمَرَقُ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِيهَا فِي حَالِ سُكُونِهَا غُسِلَ اللَّحْمُ وَأُكِلَ وَلَمْ يُؤْكَلِ الْمَرَقُ فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا قَالَ لأَنَّهُ إِذَا وَقع فِي حَالِ غَلَيَانِهَا فَقَدْ وَصَلَ مِنَ اللَّحْمِ إِلَى حَيْثُ يَصِلُ مِنْهُ الْخَلُّ وَالْمَاءُ وَإِذَا وَقع فِيهَا فِي حَالِ سُكُونِهَا وَلَمْ يَمْكُثْ لَمْ يُدَاخِلِ اللَّحْمَ وَإِذَا نَضَجَ اللَّحْمُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يدْخلهُ من ذَلِك شئ فَقَالَ ابْن الْمُبَارك رزير يَعْنِي الذَّهَبَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلاثِينَ كَأَنَّهُ نَسَبَ كَلامَ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى الذَّهَبِ قَالَ وَنا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ نَا كَامِلُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ آتَاهُ أَهْلُهُ وَمِثْلُ أَهْلِهِ قُلْتُ أَيَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَ بِالرَّجُلِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ فَقَالَ وَكَيف الْقَوْلُ فِيهِ عِنْدَكَ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أُجُورَ أَهْلِهِ وَأُجُورًا مِثْلَ أُجُورِهِمْ فَقَالَ هُوَ كَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْعَطَّار قَالَ نَا مُوسَى بن هرون الْحَمَّالُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ قَتَادَةَ قَدِمَ الْكُوفَةَ فَجَلَسَ فِي مَجْلِسٍ لَهُ وَقَالَ سَلُونِي عَنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أُجِيبَكُمْ فَقَالَ جَمَاعَةٌ لأَبِي حَنِيفَةَ قُمْ إِلَيْهِ فَسَلْهُ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ أَهْلِهِ فَتَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الاول فَدخل عَلَيْهَا وَقَالَ يَا زَانِيَة

(1/156)


تَزَوَّجْتِ وَأَنَا حَيٌّ ثُمَّ دَخَلَ زَوْجُهَا الثَّانِي فَقَالَ لَهَا تَزَوَّجْتِ يَا زَانِيَةُ وَلَكِ زَوْجٌ كَيفَ اللّعان فَقَالَ قَتَادَة قد وَقَعَ هَذَا فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ لم يَقع نستعد لَهُ فَقَالَ لَهُ قَتَادَة لَا اجيبكم فى شئ مِنْ هَذَا سَلُونِي عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنا آتِيك بِهِ} مَنْ هُوَ قَالَ قَتَادَةُ هَذَا رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَمِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ كَانَ يَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الأَعْظَمَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكَانَ سُلَيْمَانُ يَعْلَمُ ذَلِكَ الاسْمَ قَالَ لَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَيَكُونُ بِحَضْرَةِ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ قَالَ قَتَادَةُ لَا اجيبكم فى شئ مِنَ التَّفْسِيرِ سَلُونِي عَمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ قَالَ أَرْجُو قَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَهَلا قُلْتَ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ فِيمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ حِين قَالَ لَهُ {أَو لم تؤمن قَالَ بلَى} قَالَ قَتَادَةُ خُذُوا بِيَدِي وَاللَّهِ لَا دَخَلْتُ هَذَا الْبَلَدَ أَبَدًا قَالَ وَنا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ نَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ قَدِمَ قَتَادَةُ الْكُوفَةَ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ إِلا أَنَّهُ قَالَ فى آخر شئ مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ ونا مُحَمَّدُ بْنُ حِزَامٍ الْفَقِيهُ قَالَ نَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ السَّرَخْسِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ سَمِعْتُ حَكَّامَ بْنَ سَلْمٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ قِيلَ لأَبِي حَنِيفَةَ إِنَّ الْعَرْزَمِيُّ يَقُولُ سَافَرَتْ عَائِشَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي محرم فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَا يَدْرِي الْعَرْزِمُّي مَا هَذَا كَانَتْ عَائِشَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ فَكَانَتْ مِنْ كُلِّ النَّاسِ ذَاتُ مَحْرَمٍ قَالَ أَبُو يَعْقُوب ونا جَعْفَر بن ادريس المقرى قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مَاجِدٍ الْحَافِظُ قَالَ نَا اسمعيل بْنُ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي

(1/157)


حَنِيفَةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا قَوْلُكَ فِي الشُّرْبِ فِي قَدَحٍ أَوْ كَأْسٍ فِي بَعْضِ جَوَانِبِهَا فِضَّةٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ لَهُ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ اما ورد النهى عَن الشّرْب فى اناء الْفضة وَالذَّهَب فَمَا كَانَ غَيْرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلا بَأْسَ بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ يَا عُثْمَانُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ مَرَّ عَلَى نَهْرٍ وَقَدْ أَصَابَهُ عَطَشٌ وَلَيْسَ مَعَهُ إِنَاءٌ فَاغْتَرَفَ الْمَاءَ مِنَ النَّهَرِ فَشَرِبَهُ بِكَفِّهِ وَفِي إِصْبَعِهِ خَاتَمٌ فَقُلْتُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ فَهَذَا كَذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ فَمَا رَأَيْتَ أَحْضَر جَوَابًا مِنْهُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ حِزَامٍ الْفَقِيهُ قَالَ نَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ نَا شَدَّادُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ نَا زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ قَالَ اجْتَمَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي وَلِيمَةٍ لِقَوْمٍ فَأَتَوْهُمْ بِطِيبٍ فِي مُدْهُنِ فِضَّةٍ فَأَبُوا أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ لِحَالِ الْمُدْهُنِ فَأَخَذَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَلَتَهُ بِإِصْبَعِهِ وَجَعَلَهُ فِي كَفِّهِ ثُمَّ تَطَيَّبَ بِهِ وَقَالَ لَهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أُتِيَ بِخَبِيصٍ فِي جَامِ فِضَّةٍ فَقَلَبَهُ عَلَى رَغِيفٍ ثُمَّ أَكَلَهُ فَتَعَجَّبُوا مِنْ فِطْنَتِهِ وَعَقْلِهِ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عباد قَالَ نَا ابو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ نَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ قَدِمَ الضَّحَّاكُ الشَّارِي الْكُوفَةَ فَقَالَ لأَبِي حَنِيفَةَ تُبْ فَقَالَ مِمَّ أَتُوبُ قَالَ مِنْ قَوْلِكَ بِتَجْوِيزِ الْحَكَمَيْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ تَقْتُلُنِي أَوْ تُنَاظِرُنِي فَقَالَ بَلْ أُنَاظِرُكَ عَلَيْهِ قَالَ فان اخْتَلَفْنَا فى شئ مِمَّا تَنَاظَرْنَا فِيهِ فَمَنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَالَ اجْعَلْ أَنْتَ مَنْ شِئْتَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الضَّحَّاكِ اقْعُدْ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا فى مَا نَخْتَلِفُ فِيهِ إِنِ اخْتَلَفْنَا ثُمَّ قَالَ لِلضَّحَّاكِ أترضى بِهَذَا بينى وَبَيْنك قَالَ نعم

(1/158)


ب قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَأَنْتَ قَدْ جَوَّزْتَ التَّحْكِيمَ فَانْقَطَعَ الضَّحَّاكُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ سَمِعْتُ أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن حزَام الْفَقِيه يَقُول سَمِعت عبد الصمد ابْن الْفضل ببلخ يَقُول سَمِعت شَدَّاد بن حكم يَقُولُ سَمِعْتُ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ إِنِّي حَلَفْتُ عَلَى امْرَأَتِي إِنْ لَمْ تُكَلِّمْنِي حَتَّى تُصْبِحَ فَهِيَ طَالِقٌ وَنَدِمْتُ عَلَى يَمِينِي وَأَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ مِنِّي فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ اذْهَبْ إِلَيْهَا فَقُلْ لَهَا إِنَّمَا أَبُوكِ حَائِكٌ عَلَى مَا قَالُوا لِي فَإِنَّهَا سَتُكَلِّمُكَ قَالَ فَذَهَبَ إِلَيْهَا فَلَمَّا قَالَ لَهَا ذَلِكَ قَالَتْ بَلْ أَنْتَ هُوَ وَأَبُوكَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَافِظُ قَالَ نَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَقِيتُهُ بِمَرْوَ قَالَ نَا حَمْزَة ابْن عبد الله الْخُزَاعِيُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ هَرَبَ مِنْ بَيْعَةِ الْمَنْصُورُ جَمَاعَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لي فهم اسوة فَخرج مَعَ أُولَئِكَ الْفُقَهَاء فَلَمَّا دخلُوا عَلَى الْمَنْصُورِ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ صَاحِبُ حِيَلٍ فَاللَّهُ شَاهِدٌ عَلَيْكَ أَنَّكَ بَايَعْتَنِي صَادِقًا مِنْ قَلْبِكَ قَالَ اللَّهُ يَشْهَدُ عَلَيَّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَة فَقَالَ حَسبك فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ حكمت على نَفسك بيعَته حَتَّى تقوم السَّاعَة قَالَ إِنَّمَا عَنَيْتَ حَتَى تَقُومَ السَّاعَةَ مِنْ مَجْلِسِكَ إِلَى بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ حَاجَةٍ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ قَالَ ونا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ قَالَ نَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ ذَكَرَ لِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ بَعَثَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَأَتَاهُ وَعِنْدَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى فَسَأَلَهُمْ عَنْ كِتَابِ صُلْحِ الْخَوَارِجِ وَكَانَتْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ أَصْحَابِ الضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ فَقَالَتِ الْخَوَارِجُ نُرِيدُ أَنْ

(1/159)


تَكْتُبَ لَنَا صُلْحًا عَلَى أَنْ لَا نُؤْخَذَ بشئ اصبناه فى الْفِتْنَة وَلَا قبلهَا الاموال والدماء فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا يَجُوزُ لَهُمُ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لأَنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ بِهَذِهِ الأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الصُّلْح لَهُم جَائِز فى كل شئ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لِي ابْنُ هُبَيْرَةَ مَا تَقول أَنْت فَقلت اخطآ جمعا فَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَفْحَشْتَ فَقُلْ أَنْتَ فَقُلْتُ الْقَوْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ مَالٍ وَدَمٍ اصابوا مِنْ قَبْلِ إِظْهَارِ الْفِتْنَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْخُذ مِنْهُمْ وَلا يَجُوزُ لَهُمُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَأَمَّا كل شئ أَصَابُوهُ مِنْ مَالٍ وَدَمٍ فِي الْفِتْنَةِ فَالصُّلْحُ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَلا يُؤْخَذُونَ بِهِ فَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَصَبْتَ وَقُلْتَ الصَّوَابَ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ وَقَالَ اكْتُبْ يَا غُلَام مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ ونا الْعَبَّاسُ بن أَحْمد الْبَزَّار قَالَ نَا الْحَرْث بن أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ وَدِرْهَمَيْنِ لآخَرَ اخْتَلَطَتْ ثُمَّ ضَاعَ دِرْهَمَانِ مِنَ الثَّلاثَةِ لَا يعلم أيهاهى فَقَالَ الدِّرْهَم الباقى بَينهمَا اثلاثا قَالَ عَلِيٌّ فَلَقِيتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ سَأَلْتُ عَنْهَا أَحَدًا غَيْرِي قُلْتُ نَعَمْ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يُقْسَمُ الدِّرْهَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلاثًا قَالَ أَخْطَأَ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَكِنْ دِرْهَمٌ مِنَ الدِّرْهَمَيْنِ الضَّائِعَيْنِ يُحِيطُ الْعلم انه من الدرهمين وَالدِّرْهَم الباقى بعض الْمَاضِيَّيْنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ الثَّانِي مِنَ الدِّرْهَمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ الْمُنْفَرِدُ الْمُخْتَلِطُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فَالدِّرْهَمُ الَّذِي بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ فَاسْتَحْسَنْتُ ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَوَاللَّهِ لَوْ وُزِنَ عَقْلُهُ بِعُقُولِ أَهْلِ الْمِصْرِ يَعْنِي الْكُوفَةَ لَرَجَحَ بِهِمْ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ خُولِفْتَ فِي تِلْكَ المسئلة وَقُلْتُ لَهُ لَقِيتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَقَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنَّ الثَّلاثَةَ حِينَ

(1/160)


اخْتَلَطَتْ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ رَجَعَتِ الشَّرِكَةُ فِي الْكُلِّ فَصَارَ لِصَاحِبِ الدِّرْهَمِ ثُلُثُ كُلِّ دِرْهَمٍ وَلِصَاحِبِ الدِّرْهَمَيْنِ ثُلُثَا كُلِّ دِرْهَمٍ فَأَيُّ دِرْهَمٍ ذَهَبَ فَعَلَى هَذَا قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَني جَدِّي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ نَا مُحَمَّد ابْن مَلِيحِ بْنِ وَكِيعٍ قَالَ ني أَبِي قَالَ نَا الزبير بن كعيب قَالَ قَالَ لِي شَرِيكٌ كُنَّا فِي جِنَازَةِ غُلامٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَقَدْ تَبِعَهَا وُجُوهُ النَّاسِ وَأَشْرَافُهُمْ فَأَنَا إِلَى جَنْبِ ابْنِ شُبْرُمَةَ أُمَاشِيهِ إِذْ قَامَتِ الْجِنَازَةُ فَقِيلَ مَا لِلْجِنَازَةِ لايمشى بِهَا قِيلَ خَرَجَتْ أُمُّهُ وَالِهَةً عَلَيْهِ سَافِرَةً وَجْهَهَا فِي قَمِيصٍ فَحَلَفَ أَبُوهُ بِالطَّلاقِ لَتَرْجِعَنَّ وَحَلَفَتْ هِيَ بِصَدَقَةٍ مَا تَمْلِكُ لَا رَجَعَتْ حَتَّى تصلى عَلَيْهِ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مَعَ الْجِنَازَةِ ابْنُ شُبْرُمَةَ ونظراؤه فَاجْتمعُوا لذَلِك وسئلوا عَن المسئلة فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ جَوَابٌ حَاضِرٌ قَالَ فَذَهَبُوا فَدَعُوا بِأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ فِي عُرْضِ النَّاسِ فَجَاءَ مُغَطِّيًا رَأْسَهُ وَالْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ وُقُوفٌ وَالنَّاسُ فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ عَلامَ حَلَفْتِ قَالَتْ عَلَى كَذَا وَكَذَا وَقَالَ لِلزَّوْجِ بِمَ حَلَفْتَ قَالَ بِكَذَا قَالَ ضَعُوا السَّرِيرَ فَوُضِعَ وَقَالَ لِلرَّجُلِ تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَى ابْنِكَ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ ارْجِعِي فَقَدْ خَرَجْتُمَا عَنْ يَمِينِكُمَا احْمِلُوا مَيِّتَكُمْ فَاسْتَحْسَنَهَا النَّاس فَقَالَ ابْن شبْرمَة على مَا حَكَى عَنْهُ شَرِيكٌ عَجِزَتِ النِّسَاءُ أَنْ تَلِدَ مثل النُّعْمَان قَالَ ابو يَعْقُوب وَنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ نَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ دَخَلَ الْخَوَارِجُ الْكُوفَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ جُلُوس فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تتفرقوا فجاؤهم حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مَا أَنْتُمْ فَقَالَ أبوحنيفة نَحْنُ مُسْتَجِيرُونَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي يَقُولُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يسمع كَلَام الله ثمَّ أبلغه}

(1/161)


مأمنه) فَقَالَ الْخَوَارِج دعوهم واقرؤا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ وَأَبْلِغُوهُمْ مَأْمَنَهُمْ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ نَا أَبُو رَجَاء مُحَمَّد بن حَامِد المقرى قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَّامَرِّيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ فَرَاسَةً قَالَ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ يَوْمًا أَنْتَ رَجُلٌ سَتَمِيلُ إِلَى الْعِبَادَةِ فَكَانَ كَمَا قَالَ وَقَالَ لأَبِي يُوسُفَ أَنْتَ رَجُلٌ تَمِيل إِلَى الدُّنْيَا وَتَمِيلُ إِلَيْكَ فَكَانَ كَمَا قَالَ وَقَالَ لِزُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ فَذَكَرَ كَلامًا لَا أحفظه فَكَانَ كَمَا قَالَ وَسمعت أَبَا الْحَسَنِ جَعْفَرَ بْنَ مَحْبُوبِ بْنِ مُصَارِعٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ سَمِعت عبد الله بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ مَنْ طَلَبَ الرِّيَاسَةَ فِي غَيْرِ حِينِهِ لَمْ يَزَلْ فِي ذُلٍّ مَا بَقِيَ وَأَنْشَدَ ابْنُ الْمُبَارَكِ
(حُبُّ الرِّيَاسَةِ دَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهُ ... وَقَلَّمَا تَجِدُ الرَّاضِينَ بِالْقَسْمِ)
قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ الضَّبِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُول سَمِعت اخى إِسْمَاعِيل ابْن حَمَّادٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَعْيَانِي اثْنَتَانِ الشَّهَادَة على الْمَيِّت وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هِيَ وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ يَأْتِي الرَّجُلُ فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا فُلانُ ابْن فُلَانَة حَتَّى يرفعهُ إِلَى خَمْسَة آبَاء وأزيد سَمِعت مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبى ملك يَقُولُ أَخَذَ حَجَّامٌ مِنْ شَعَرِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فَكَانَ فى لحيته أَو رَأْسِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ فَقَالَ لِلْحَجَّامِ الْقُطْ هَذِهِ الشعرات الْبيض فَقَالَ الْحَجَّامُ إِنْ لَقَطْتُهَا كَثُرَتْ قَالَ فَلَوْ كَانَ تَارِكًا قِيَاسَهُ تَرَكَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا لُقِطَتْ كَثُرَتْ فَالْقُطِ السود حَتَّى تكْثر

(1/162)


بَاب مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ وماعليه أَئِمَّةُ الْجَمَاعَةِ

قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَة قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عصمَة نوح ابْن أَبِي مَرْيَمَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَقُلْتُ من أهل الْجَمَاعَة قَالَ الذى لاينظر فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلا يُكَفِّرُ أَحَدًا بُذَنَبٍ وَيُقَدِّمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَيَتَوَلَّى عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَلا يُحَرِّمُ نَبِيذَ الْجَرِّ وَيَمْسَحُ عَلى الْخُفَّيْنِ قَالَ وَنا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَان الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ نَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ ابى عبد الله قَالَ نَا دَاوُد ابْن أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَمَلَنِي أَبِي إِلَى مَجْلِسِ يَحْيَى بْنِ نَصْرٍ وَأَنَا صَغِيرٌ فَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ نَصْرٍ قَالَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُفَضِّلُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَيُحِبُّ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَكَانَ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَلا يتَكَلَّم فى الله عز وَجل بشئ وَكَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَكَانَ مِنْ أَفَقْهِ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَتْقَاهُمْ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَرَوِيُّ قَالَ نَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ نَا عبد الرحمن بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُفَضِّلُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ يَقُولُ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدُ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ سَابِقَةٍ وَأَكْثَرَ تُقًى فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ وَنا مُحَمَّدُ بن حَفْص المرزوى قَالَ نَا عبد العزيز بْنُ حَاتِمٍ قَالَ نَا خَلَفُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُ سَمِعت ابا حنيفَة يَقُول الْجَمَاعَة ان فضل أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَلا تَنْتَقِصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلا تُكَفِّرَ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ وَتُصَلِّيَ على من يَقُول لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ

(1/163)


وَخَلْفَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَتَمْسَحَ عَلى الْخُفَّيْنِ وَتُفَوِّضَ الأَمْرَ إِلَى اللَّهِ وَتَدَعَ النُّطْق فِي اللَّهِ جَلَّ جَلالُهُ قَالَ وَنا الْقَاضِي أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ نَا عبد الله بن مُحَمَّد الْفَقِيه قَالَ نَا السدى بْنُ عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ قَالَ نَا حَامِدُ بْنُ آدم قَالَ نَا بشار بن قرط قَالَ قَدِمَ الْكُوفَةَ سَبْعُونَ رَجُلا مِنَ الْقَدَرِيَّةِ فَتَكَلَّمُوا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ بِكَلامٍ فِي الْقَدَرِ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ لَقَدْ قَدِمُوا بضلال ثمَّ أَتَوْهُ فَقَالُوا نخاصمك قَالَ فِيمَا تخاصمونى قَالُوا فِي الْقَدَرِ قَالَ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ النَّاظِرَ فِي الْقَدَرِ كَالنَّاظِرِ فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ كُلَّمَا ازْدَادَ نَظَرًا ازْدَادَ حِيرَةً أَوْ قَالَ تَحَيُّرًا قَالُوا فَفِي الْقَضَاءِ وَالْعَدْلِ قَالَ فَتَكَلَّمُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ فَقَالُوا يَا أَبَا حَنِيفَةَ هَلْ يَسَعُ أَحَدًا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَجْرِيَ فِي مُلْكِ اللَّهِ مَا لَمْ يَقْضِ قَالَ لَا إِلا أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْهُ أَمْرٌ وَحْيٌ وَالآخَرُ قُدْرَةٌ فَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِمْ وَيُقَدِّرُ لَهُمُ الْكُفْرَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ بَلْ نَهَى عَنْهُ وَالأَمْرُ أَمْرَانِ أَمْرُ الْكَيْنُونَةِ إِذَا أَمَرَ شَيْئًا كَانَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ أَمْرِ الْوَحْيِ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ أَمُوَافِقٌ لإِرَادَتِهِ أَمْ مُخَالِفٌ قَالَ أَمْرُهُ مِنْ إِرَادَتِهِ وَلَيْسَ إِرَادَتُهُ مِنْ أَمْرِهِ وَتَصْدِيقُ ذَلِك قَول الله عز وَجل لابراهيم {قَالَ يَا بني إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} وَلَمْ يَقُلْ سَتَجِدُنِي صَابِرًا مِنْ غَيْرِ إِنْ شَاء اللَّهُ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ إِرَادَتِهِ ذَبْحُهُ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذين قَالُوا على الله عزوجل مَا قَالُوا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله} فَقضى الله على نَفسه ان يشْتم وان تُضَافَ إِلَيْهِ الصَّاحِبَةُ وَالْوَلَدُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ان الله

(1/164)


لَا يَقْضِي عَلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا يَقْضِي عَلَى عِبَادِهِ وَلَوْ كَانَ يَقْضِي عَلَى نَفْسِهِ لَجَرَتْ عَلَيْهِ الْقُدْرَةُ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَكْفُرَ أَحْسَنَ إِلَيْهِ أَمْ أَسَاءَ قَالَ لَا يُقَالُ أَسَاءَ وَلا ظَلَمَ إِلا لِمَنْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ وَاللَّهُ قَدْ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَقد عرف عباده مَا أَرَادَ مِنْهُمْ مِنَ الإِيمَانِ بِهِ فَقَالُوا يَا أَبَا حَنِيفَةَ أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ قَالُوا فَأَنت عندالله مُؤْمِنٌ قَالَ تَسْأَلُونِي عَنْ عِلْمِي وَعَزِيمَتِي أَوْ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ وَعَزِيمَتِهِ قَالُوا بَلْ نَسْأَلُكَ عَنْ عِلْمِكَ وَلا نَسْأَلُكَ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ قَالَ فَإِنِّي بِعِلْمِي أَعْلَمُ أَنِّي مُؤْمِنٌ وَلا أَعْزِمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عِلْمِهِ فَقَالُوا يَا أَبَا حنيفَة مَا تَقول فى من جَحَدَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ كَافِرٌ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ مُهَدِّدًا لَهُمْ وَمُوعِدًا {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} قَالُوا فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الْوَعِيدِ وَقَالَ إِنِّي لَا أُؤْمِنُ وَلا أَكْفُرُ قَالَ فقد خصمتم أَنفسكُم الا ترَوْنَ أَنى ان لَمْ أُؤْمِنْ فَأَنَا مَجْبُورٌ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ لَمْ أَكْفُرْ فَأَنَا مَجْبُورٌ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الإِيمَانِ قَالُوا يَا أَبَا حَنِيفَةَ حَتَّى مَتَى تُضِلُّ النَّاسَ قَالَ وَيْحَكُمْ إِنَّمَا يُضِلُّ النَّاسَ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ وَاللَّهُ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ قَالَ وَنا الْقَاضِي السِّمْنَانِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمٍ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُطِيعٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا مَسَحْتُ عَلَى الْخُفَّيْنِ حَتَّى صَارَ عِنْدِي مِثْلَ الشَّمْسِ فِي صِحَّتِهِ قَالَ ونا مُحَمَّدُ بْنُ حِزَامٍ الْفَقِيهُ قَالَ نَا أَبِي قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ سَمِعت الْحسن بن أَبى ملك يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَارَ عَلَى الْحلق يسلهم عَن الْقُرْآن

(1/165)


وَأَبُو حَنِيفَةَ غَائِبٌ بِمَكَّةَ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُهُ إِلا شَيْطَانًا تُصُوِّرَ فِي صُورَةِ الإِنْسِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حَلْقَتِنَا فَسَأَلَنَا عَنْهَا وَسَأَلَ بَعْضُنَا بَعْضًا وَأَمْسَكْنَا عَنِ الْجَوَابِ وَقُلْنَا لَيْسَ شَيْخُنَا حَاضِرًا وَنَكْرَهُ أَنْ نَتَقَدَّمَ بِكَلامٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْكَلامِ فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو حَنِيفَةَ تَلَقَّيْنَاهُ بِالْقَادِسِيَّةِ فَسَأَلَنَا عَنِ الأَهْلِ وَالْبَلَدِ فَأَجَبْنَاهُ ثُمَّ قُلْنَا لَهُ بَعْدَ أَنْ تَمَكَّنَّا مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَقعت مسئلة فَمَا قَوْلُكَ فِيهَا فَكَأَنَّهُ كَانَ فِي قُلُوبِنَا وأنكرنا وَجهه وَظن أَنه وَقعت مسئلة معنتة وانا قد تكلمنا فِيهَا بشئ فَقَالَ مَا هِيَ قُلْنَا كَذَا وَكَذَا فَأَمْسَكَ سَاكِتًا سَاعَةً ثُمَّ قَالَ فَمَا كَانَ جَوَابُكُمْ فِيهَا قُلْنَا لم نتكلم فِيهَا بشئ وخشينا ان نتكلم بشئ فَتُنْكِرَهُ فُسُرِّيَ عَنْهُ وَقَالَ جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا احْفَظُوا عَنِّي وَصِيَّتِي لَا تَكَلَّمُوا فِيهَا وَلا تسلوا عَنْهَا أَبَدًا انْتَهُوا إِلَى أَنَّهُ كَلامُ اللَّهِ عز وَجل بِلَا زِيَادَة حرف وَاحِد مااحسب هَذِه المسئلة تَنْتَهِي حَتَّى تُوقِعَ أَهْلَ الإِسْلامِ فِي أَمْرٍ لايقومون لَهُ ولايقعدون أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَالَ وَنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ نَا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين الْمَأْمُون فَقَالَ اسمعيل بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَهُوَ رَأْيِي وَرَأْيُ آبَائِي قَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ أَمَّا رَأْيُكَ فَنَعَمْ وَأَمَّا رَأْيُ آبَائِكَ فَلا قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا أَبُو حَامِدٍ قَالَ نَا صلح بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سُئِلَ أَبُو مُقَاتِلٍ حَفْصُ بْنُ سَلْمٍ وَأَنَا حَاضِرٌ عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ كَافِر فَقَالَ ابْنه سلم

(1/166)


يَا أَبَتِ هَلْ تُخْبِرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فى هَذَا بشئ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى هَذَا عَهْدِي بِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا وَلَوْ عَلِمْتُ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا لَمْ أَصْحَبْهُ قَالَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ إِمَامَ الدُّنْيَا فِي زَمَانِهِ فِقْهًا وَعِلْمًا وَوَرَعًا قَالَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مِحْنَةً يَعْرِفُ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنَ الْجَمَاعَةِ وَلَقَدْ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ عَلَى الدُّخُولِ فِي الدُّنْيَا لَهُمْ فَأَبَى قَالَ وَنا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بن على السمنانى قَالَ نَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ نُوحَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُول سَأَلت أَبَا حنيفَة هَلْ تَشْهَدُ لأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِوَى الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ كُلُّ مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ فِي الْجنَّة بِخَبَر صَحِيح قَالَ ونا أَبُو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ حِزَامٍ الْفَقِيهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ني مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ نَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي مُقَاتِلٍ سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ النَّاسُ عِنْدَنَا عَلَى ثَلاثَةِ مَنَازِلَ الأَنْبِيَاءُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَتِ الأَنْبِيَاءُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْمَنْزِلَةُ الأُخْرَى الْمُشْرِكُونَ نَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ من أهل النَّار والمنزلة الثَّالِثَة الْمُؤْمِنُونَ نَقِفُ عَنْهُمْ وَلا نَشْهَدُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلا مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَكِنَّا نَرْجُو لَهُمْ وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ وَنَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِم} حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا نَرْجُو لَهُمْ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ بِذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أُوجِبُ لَهُ الْجَنَّةَ وَلَوْ كَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا غَيْرَ الأَنْبِيَاءِ وَمَنْ قَالَتْ فِيهِ

(1/167)


الأَنْبِيَاءُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَنا ابو عبد الله مُحَمَّد بن حزَام الْفَقِيه قَالَ نَا عبد الله بن ابى عبد الله الْعَبْدُ الصَّالِحُ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ نَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي مُقَاتِلٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الإِيمَانُ هُوَ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّصْدِيقُ وَالإِقْرَارُ بِالإِسْلامِ قَالَ وَالنَّاسُ فِي التَّصْدِيقِ عَلَى ثَلاثِ مَنَازِلَ فَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّقَ اللَّهَ وَمَا جَاءَ مِنْهُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّقَهُ بِلِسَانِهِ وَهُوَ يُكَذِّبُهُ بِقَلْبِهِ وَمِنْهُمْ مَن يُصَدِّقُ بِقَلْبِهِ وَيُكَذِّبُ بِلِسَانِهِ فَأَمَّا مَنْ صدقه اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ النَّاسِ مُؤْمِنُونَ وَمَنْ صَدَّقَ بِلِسَانِهِ وَكَذَّبَ بِقَلْبِهِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ كَافِرًا وَعِنْدَ النَّاسِ مُؤْمِنًا لأَنَّ النَّاس لايعلمون مَا فِي قَلْبِهِ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُسَمُّوهُ مُؤْمِنًا بِمَا اظهر لَهُمْ مِنَ الإِقْرَارِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَكَلَّفُوا عِلْمَ الْقُلُوبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنًا وَعِنْدَ النَّاسِ كَافِرًا وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ يُظْهِرُ الْكُفْرَ بِلِسَانِهِ فِي حَالِ التُّقْيَةِ فَيُسَمِّيهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ كَافِرًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنٌ
بَابٌ فِي زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ وَكَثْرَةِ تِلاوَتِهِ وَعَمَلِهِ

نَا حَكَمُ بْنُ مُنْذِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ نَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَكِّيُّ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَمْرُوَيْهِ كَانَ قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجًّا قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرُوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ وَذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ أَتَذْكُرُونَ رَجُلا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا ففر عَنْهَا قَالَ وَنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى عَبْدَ الصَّمَدِ بن الْفضل يَقُول سَمِعت

(1/168)


سوار بن حكم يَوْمًا وَذَكَرَ أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْهُ نُهِيَ عَنِ الْفُتْيَا فَبَيْنَا هُوَ وَابْنَتُهُ يَأْكُلانِ تَخَلَّلَتِ ابْنَتُهُ فَخَرَجَ عَلَى خِلالِهَا صفرَة دم فَقَالَت يَا أَبَة عَلَيَّ فِي هَذَا وُضُوءٌ فَقَالَ إِنِّي نُهِيتُ عَنِ الْفُتْيَا فَحَلَفْتُ لَهُمْ فَسَلِي أَخَاكِ حَمَّادًا قَالَ ونا القاضى أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن نَافِع إِمْلاءً قَالَ نَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ السَّرَخْسِيُّ قَالَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ قِيلَ لأَبِي حَنِيفَةَ قَدْ أَمَرَ لَكَ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ قَالَ فَمَا رَضِيَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي تَوَقَّعَ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ بِالْمَالِ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ تَغَشَّى بِثَوْبِهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَجَاءَ رَسُولُ الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ بِالْمَالِ فَدَخَلَ بِهِ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ فَقَالَ مَنْ حَضَرَ مَا يُكَلِّمُنَا إِلا بِالْكَلِمَةِ بَعْدَ الْكَلِمَةِ فَقَالُ ضَعُوا الْمَالَ فِي هَذَا الْجِرَابِ فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ قَالَ ثُمَّ أَوْصَى أَبُو حَنِيفَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَتَاعِ بَيْتِهِ فَقَالَ لابْنِهِ إِذا أنامت وَدَفَنْتُمُونِي فَخُذْ هَذِهِ الْبَدْرَةَ فَاذْهَبْ بِهَا إِلَى الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ فَقُلْ لَهُ هَذِهِ وَدِيعَتُكَ الَّتِى أودعتها أَبَا حنيفَة فَلَمَّا دفناه وأخذتها وَجِئْتُ حَتَّى اسْتَأَذَنْتُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ فَقُلْتُ هَذِهِ الْوَدِيعَةُ الَّتِي كَانَتْ لَكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فَقَالَ الْحَسَنُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِيكَ لَقَدْ كَانَ شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ قَالَ ونا أَبُو الْقَاسِم احْمَد بن عبد الله الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعت عبد الله ابْن صَالِحٍ الْكُوفِيَّ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ بِالشَّامِ لِلْحَكَمِ بن هِشَام انى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرُدُّ حَدِيثًا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ أَمَانَةً وَأَرَادَهُ

(1/169)


السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ فَأَبَى وَاخْتَارَ ضَرْبَهُمْ وَحَبْسَهُمْ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَصْفُهُ بِمَا وَصَفْتَهُ فَقَالَ هُوَ وَاللَّهِ مَا قُلْتُ لَكَ قَالَ وَبَعَثَ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ إِلَيْهِ فَأَقْدَمَهُ عَلَيْهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ بَيْتَ الْمَالِ فَأَبَى فَضَرَبُه عِشْرِينَ سَوْطًا قُلْتُ لَهُ وَأَيْنَ مَاتَ قَالَ مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَكَانَ قَاضِيًا يَوْمَئِذٍ بِبَغْدَادَ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَنا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَزَّازُ قَالَ نَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَبُو شيبَة قَالَ نَا بشر بن عبد الرحمن الْوَشَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ يَقُولُ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْهَرُ بِالْكَلامِ أَيَّامَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ جِهَارًا شَدِيدًا قَالَ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ أَوْ تُوضَعُ الْحِبَالُ فِي أَعْنَاقِنَا فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ جَاءَ كِتَابُ ابى حَفْص إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى أَنِ احْمِلْ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى بَغْدَادَ قَالَ فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ رَاكِبًا عَلَى بَغْلَةٍ وَقَدْ صَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ مسيح قَالَ فَحمل إِلَى بِبَغْدَاد فَعَاشَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَالَ فَيَقُولُونَ إِنَّهُ سَقَاهُ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَمَاتَ أَبُو حنيفَة وَهُوَ ابْن سبعين سنة قَالَ ونا أَبُو الْقَاسِم عبيد الله بْنُ أَحْمَدَ الْبَزَّازُ قَالَ نَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ إِنَّمَا كَانَ غَيْظُ الْمَنْصُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِفَضْلِهِ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بن عبد الله بْنِ حَسَنٍ بِالْبَصْرَةِ ذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَالأَعْمَشَ يُخَاطِبَانِهِ مِنَ الْكُوفَةِ فَكَتَبَ الْمَنْصُورُ كِتَابَيْنِ عَلَى لِسَانِهِ أَحَدُهُمَا إِلَى الأَعْمَشِ وَالآخَرُ إِلَى أَبى حنيفَة من ابراهيم بن عبد الله بن

(1/170)


حَسَنٍ وَبَعَثَ بِهِمَا مَعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَلَمَّا قَرَأَ الاعمش الْكتاب أَخَذَهُ مِنَ الرَّجُلِ وَقَرَأَهُ ثُمَّ قَامَ فَأَطْعَمَهُ الشَّاةَ وَالرَّجُلُ يَنْظُرُ فَقَالَ لَهُ مَا أَرَدْتَ بِهَذَا قَالَ قُلْ لَهُ أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَأَنْتُمْ كُلُّكُمْ لَهُ أَحْبَابٌ وَالسَّلامُ وَأما أَبُو حنيفَة فَقبل الْكتاب وَأجَاب عَنهُ فَلم يزل فِي نَفْسِ أَبِي جَعْفَرٍ حَتَّى فَعَلَ بِهِ مَا فعل وَذكر الدُّولابِيُّ ني أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ني يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ نَا عبد الله بن الْحسن عَن اسماعيل بن حَمَّاد بن أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مَرَرْتُ بِالْكُنَاسَةِ مَعَ أَبِي فى مَوضِع فَبكى فَقلت يَا أَبَة مَا يُبْكِيكَ قَالَ يَا بُنَيَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَبِي عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ عَلَى أَنْ يلى الْقَضَاء وَلم يَفْعَلْ قَالَ الدُّولابِيُّ ني مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ ني حِبَّانُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حنيفَة قَالَ قَالَ ابو حنيفَة حِين ضُرِبَ لِيَلِيَ الْقَضَاءَ مَا أَصَابَنِي فِي ضَرْبِي شئ كَانَ أَشد على من غم والدى قَالَ وَنا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ نَا يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ نَا عبد الله بن الْحسن عَن بشر ابْن الْوَلِيدِ قَالَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَشْخَصَ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَيْهِ وَأَرَادَهُ عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ فَأَبَى فَحَلَفَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ ليفعلن فَحلف ابو حنيفَة لَا يَفْعَلَ فَقَالَ الرَّبِيعُ لأَبِي حَنِيفَةَ أَلا تَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْلِفُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَقْدَرُ مِنِّي عَلَى كَفَّارَةِ أَيْمَانِهِ فَأبى ان يلى فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ فَمَاتَ فِي السِّجْنِ وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَمَّتْ أَخْبَارُ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلِيهَا أَخْبَارُ أَصْحَابِهِ

(1/171)